الصفحة الثّانية من النُّسخة (أ)

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 27 _


الصفحة الأخيرة من النُّسخة (أ)

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 28 _


الصفحة الأولى من النُّسخة (ب)

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 29 _


الصفحة الثانية من النُّسخة (ب)

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 30 _


الصفحة الأخيرة من النُّسخة (ب) ، وعليها ختمُ تملُّكٍ

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _31 _

شكر وتقدير

  ممّا لابدّ منه للعاقل، وما ينبغي أن يترشّح عن الكامل، شكرُ المنعم، ومَن أولى بك اللَّهُمّ بالشكر، إذْ مبتدأُ الشُّكرِ ومنتهاه لكَ وحدَكَ، فلَكَ اللَّهُمّ الشُّكرُ بجميع محامدك كلِّها، على جميع نعمِكَ كلِّها ...
  وللمخلوقينَ مرتبةُ شكرٍ ارتبطت بشكرِ الخالقِ، فعرفاناً بالجميل، وامتناناً على الجزيل الذي ترشَّح عن الدكتور نزار المنصوري، نتقدّم بالشُّكر الوافر له، إذ إنّ هذه المخطوطة من رواشحِ تتبّعِه، ونوامي تطلّعِه، في كشف الأستار، وإطلاع النظّار على ما في البصرة الفيحاء من الآثار، وغوامض الأسرار، فلَهُ منّا الشُّكر والثّناء على ما أولاه، والشُّكر موصولٌ إلى مركزِ تراث البصرة ، لإعارته النُّسخة الثانية من المخطوطة أوّلاً، ولمراجعتِهِ الكِتاب، وضبطِ مشكَلِه، وتتبّعه، والتنويه ببعض الملاحِظ العلميّةِ، ثمَّ إخراجِهِ بهيأتِهِ الجميلة هذه، ثانياً، ولتقصِّيه شأنَ التُراث البصريّ وإحياءِ كنوزِهِ، ثالثاً، فجزاهم اللهُ خيرَ جزاءِ العَامِلِينَ، والحمدُ للهِ وحْدَه.

الباحثان

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _32 _

الفَصلُ الثَّاني : تحقيقُ المخطوُطةِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

  أَحمدُكَ اللَهُمَ لتواترِ نَعمائِكَ، وأَشكرُكَ اللَهُمَ لتظاهرِ آلائِكَ، وأُصلَي على حبيبِكَ أفْضَلِ أنبيائِكَ وآلِهِ خُلَفَائِهِ أَصْفِيَائِكَ .
  أَمَا بعدُ، فيقولُ الجّاني الرّاجِي عفوَ ربِّهِ العَفُوّ،ِ والرِّضَا، أَحوَجُ خَلِيْقَتِهِ إلَيهِ، المُشْتَهِرُ بالمُهَذَبِ، أَحمدُ بنُ عَبدِ الرِّضَا، وَفَقَهُ اللهُ لِطَاعَاتِهِ قَبلَ انْقِضَاءِ عُمرِهِ وأوقَاتِه، هَذِهِ المُقْنِعَةُ الأنِيسَةُ والمُغْنِيةُ النّفيِسَةُ (1) التي على حقيقةِ هَذا العِلمِ الشريفِ احتَوَتْ، وعلى سائرِ أُصُولِهِ وفُصُولِهِ انطَوَتْ، خَطَرَتْ بالبَالِ الأسيرِ حالَ ألمٍ غَيرِ يَسِير، راجِياً بها الغُفرانَ مِنَ الغَفَارِ، ليومٍ تَشْخَصُ فيهِ سائرُ الأبصارِ، وتمتازُ الأبرارُ مِنَ الفُجَارِ، مُرَتَبةً على اثني عَشر (2) مِنْهَاجَاً (3) ، وخاتمةً، وما توفِيقِي إلا باللهِ .

---------------------------
(1) وذكر الصّدر، حسن هادي في كتابه نهاية الدِّراية : ص 316 ، 317 اسم الكتاب (كتاب المناهج) ، وذكر بعض الأحاديث الموضوعة في ص 30 من المخطوط .
(2) أحصيتُها (20 منهاجاً) ، وليس (12 منهاجاً) .
ولا يُعلمُ السّبب في هذا الاضطراب في ضبطِ عددِ المناهجِ لدى المصنِّف (قدس سره) ، ولعلّ المصنِّف رسَمَ عدداً لها ثمَ ارتأى أن يُفرِدَ بعضها بمنهجٍ مستقلٍّ، خصوصاً تلك التي تجمعُها وحدةٌ موضوعيّة كالمنهج : 15 و 16 و 17 و 18 و 19 ، أو لعلّه قرّرَ جعلها اثني عشر ، ثمّ أفاضَ في كتابِهِ فأورد مناهجَ أُخَر، وسها عما ما ذكره في المقدِّمة، واللهُ أعلم (الناشر) .ّّ
(3) في النسخة (ب) : مَنْهَجَاً .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 33 _

  مَنْهَج [1] :
  عِلْمُ الدِّرايةِ (1) : عِلمٌ يُبحَثُ فِيهِ عَن مَتْنِ الحَديثِ، وكيفِيَةِ تحمُّلِهِ، وَآدابِ نَقْلِهِ، وَطُرُقِهِ مِنْ صَحِيْحِهَا وَعَلِيْلِهَا (2)، والحَدِيثُ (3) : كلامٌ يحكِي قَولَ المعْصُومِ، أوْ فِعْلَهُ، أوْ تقريرَهُ، وَإطلاقُهُ عَلى مَا وَرَدَ عَن غيرِ المعصومِ مجازٌ، وَيرِدُ عَلى عَكْسِهِ النقَضُ بالمسمُوعِ مِن معصومٍ غير محكيٍّ عَن مَعصومٍ آخَرَ، والأولْى انضمامُ القَولِ إلى التعريفِ بأَنْ يُقَالَ : إنَه قولُ المعصوم، أو حكايةُ قولِهِ، أو فعلُهُ، أو تقريرُهُ، ويَرِدُ عليهِ انتقاضُ عكسِهِ بالحديثِ المنقولِ بالمعنى فقط، وطرده بكثيرٍ مِن عباراتِ الفقهاءِ في كُتُبِ الفروعِ، ويمكنُ الجوابُ عن الأوَل : بإمكانِ إرادةِ العُمومِ بالحكايةِ، وعنِ الثّاني : بإمكانِ اعتبارِ الحيثيّةِ فيها .
  والخبَر (4) تارةً يُطلَقُ على ما يُقابلُ الإنشاء، وأخرى ما ورد عن غيِر المعصومِ، من الصّحابيّ والتّابعيِّ ونحوِهما، وثالثاً : ما يُرادفُ الحديثَ، وهو الأكثرُ، وتعريفُه حينئذٍ بكلامٍ يكون لنسبتِهِ خارجٌ في أحدِ الأزمنةِ الثلاثةِ، ولا يخفى أنَ هذا التّعريفَ إنّما ينطبقُ على الخبرِ المقابلِ الإنشاءَ ، لانتقاضِ (5) طردِهِ بنحو : زيدٌ إنسانٌ، وعكسه بنحوِ قولِه (ص) : (صلّوا كما رأيتُمُوني أُصلي) (6)، وربّما يجاب عن الأوّلِ بالإضافة إلى التّعريف قولُنا : (يحكي إلخ) ، وعن الثّاني بجعلِ قولِ الرّاوي : (قالَ النّبيُّ صىلى اللهُ عليهِ وآلِه) ، جزءاً مِن الحديث .
  والأثرُ : أعمُّ منهما مُطلقاً، وقيل : ما يُرادِفُ الخبرَ، وهو أعمُّ منهما .

---------------------------
(1) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 4 ، الصّدر ، حسن ، نهاية الدِّراية : ص 79 .
(2) في (أ) : عليِّها، والمثبَت من (ب) .
(3) العامليُّ، بهاء الدّين ، الحبل المتين : ص 4 ، الصّدر ، حسن ، نهاية الدِّراية : ص 80 .
(4) العامليُّ، بهاء الدّين ، مشرق الشَمسين : ص 269 ، الصّدر ، حسن ، نهاية الدِّراية : ص 83 .
(5) في (أ) و (ب) : الانتقاض، والصحيح ما ثبّتناه .
(6) الشافعي، كتاب المسند : ص 55 ، البيهقي، السُّنن الكبرى : ص 345 ، الطوسيُّ ، الخلاف : ج 1، ص 314 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 34_
  والسُّنَّةُ (1) : طريقةُ النّبيِّ (ص) قولًا أو فعلًا أو تقريراً، أصالةً منه أو نيابةً عنه، وهي أعمُّ من الحديث، ونحوِهِ ، لصدْقِهَا على ذلكَ كلِّه، واختصاصِهِ بالقولِ لا غير، إذْ لا يُطلَق نفسُ الفِعلِ والتّقريرِ على غيرِها .
  والحديثُ القدسيُّ (2) : ما يحكي كلامَه تعالى، ولم يتَحد بشيءٍ منه، كقولِهِ تعالى : (يحزنُ عبدِي المؤمنُ إذا قر تتُ عليه وذلك أقربُ له منِّي، ويفرحُ عبدِي المؤمنُ إذا وسَّعتُ عليه وذلكَ أبعدُ له منِّي) ، وجوازُ مسِّهِ، وتغييرُ لفظِهِ، وعدمُ الإعجازِ فيه، هي الفارقةُ بينَه وبينَ القرآنِ المجيدِ .
  [ومتنُ] (3) الحديثِ (4) : لفظُه الذي يتقوَّمُ به معناه .
  وسندُهُ : طريقُ المتنِ، أعني الجملةَ مِن رُواتِهِ، وقيل : هو الإخبارُ عن طريقِهِ، وليس بشيءٍ .
  وإسنادُهُ : رفعُهُ إلى قائلِهِ مِن معصومٍ وغيرِهِ .

---------------------------
(1) العامليُّ ، حسين بن عبد الصّمد ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 88 .
(2) العامليُّ ، بهاء الدّين ، الحبل المتين : ص 4 .
(3) ساقطة من (أ) ، والمثبَت من (ب) .
(4) الكلينيُّ، الكافي : ج 2 ، ص 141، ابن شعبة الحرّانيُّ، تحف العقول : ص 513 ، وزاد فيه (يحزن عبدي المؤمنُ أن أصرِفَ عنه الدُّنيا وذلكَ أحبُّ مايكون إليَّ، وأقربُ مايكون منِّي .... ) .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 35 _

  مَنْهَج [2] : ما استُنبِطَ معناه من عدّةِ أخبارٍ تشتركُ في معناه فمتواتَرٌ معنىً؛ كوجوبِ الصّلاةِ اليوميّةِ، أو بلغتْ سلسلةُ رواتِهِ إلى المعصومِ حدَاً يؤمَنُ معهُ تواطُئُهم على الكَذِبِ في جميعِ الطّبقاتِ، فمتواتَرٌ لفظاً ، كحديث : (مَن كَذَبَ عَليَّ متعمِّداً فليتبوَّء مَقعدَه مِنَ النّار) (1) .
  ـ كما قيل ـ ويُرسَمُ بأنَّه خبرُ جماعةٍ يُفيدُ بنفسِهِ القَطْع بصدقِه، والأوَلُ في أخبارِنا كثيرٌ جدّاً بخلافِ الثّاني، وإلا فخبرُ آحادٍ، وهو ما لا يُفيدُ بنفسِهِ إلا ظنّاً، فإنْ علِمَ سلسلتَهُ بأجمعِها فَمُسْنَدٌ (2) ، أو سَقَطَ مِن أوَّلهِ.ا واحدٌ فصاعداً فمُعلَّقٌ (3)، أو مِن آخرِها كذلك، أو جميعاً، فمُرسَلٌ (4)، وهو وما قبلَهُ مِن الصّحيحِ مع العِلْمِ بوثاقةِ المحذوفِ، أو مِن وسطِها واحدٌ فمنقَطِعٌ (5) ، أو أكثر فمعضِلٌ (6) ، أو نقله أكثر مِن ثلاثةٍ في كلِّ مرتبةٍ فمستفِيضٌ (7) ،

---------------------------
(1) مسلم، الصّحيح : ج 1، ص 8 (مع تغيير بالألفاظ) ، الضحّاك، الآحاد والمثاني : ج 5، ص 343 (مع تغييرٍ بالألفاظ) ، و ص 152 ، السيوطي، الجامع الصغير : ج 1، ص 26، الكلينيّ، الكافي : ج 1، ص 62، المفيد، الاعتقادات : ص 118، المجلسي، بحار الأنوار : ج 2 ، ص 229 .
(2) ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصّلاح : ص 15، 16، العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 4 ، قلعجي، محمّد، معجم لغة الفقهاء : ص 429 .
(3) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 4، غفاري، علي أكبر، دراسات في علم الدّراية : ص 38، 39 .
(4) الغزّاي، المستصفى : ص 134، الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث : ص 25، العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 4 .
(5) الشافعيُّ، كتاب الاعلام : ج 6، ص 112، الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرِّواية : ص 38، العجلوني، كشف الخفاء : ج 1، ص 417 .
(6) الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث : ص 36، الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرّواية : ص 37، ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصّلاح : ص 49 ، العامليُّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 108 .
(7) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين، ص 5، الداماد، الرّواشح السّماوية : ص 119 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _36 _

  أو انفردَ بها واحدٌ في أحدِها فغَرِيبٌ (1)، أو شَاعَ نَقْلُهُ مُطلقاً أو عند المحدِّثيَن خاصّةً فمشهورٌ (2) ، أو رُوِيَ بلفظِ (عن) مكرَّرةً فمُعَنْعَنٌ (3) ، أو طُوِيَ فيهِ ذكرُ المعصومِ فمُضْمَرٌ (4) ، أو اشتركَ كلُّه أو بعضُهُ بأَمرٍ خاصٍّ كالاسمِ والأولويّةِ والفَصَاحةِ، ونحوِ ذلكَ، فمسَلْسَلٌ (5) ، أو أُدرِجَ به كلامُ بعضِ الرّواة فيُظنُّ أنَه منه فمُدْرَجٌ (6) ، أو خالَفَ المشهورَ فشاذٌّ (7) ، أو يشتبه تصحيفاً فمُصحَّفٌ (8) ، وهو إمَا في الرَاوي، كبريد ويزيد وجرير وحريز، أو في المتنِ، كحديثِ : (مَن صامَ رمضانَ وأتبعَهُ سِتَّاً مِن شوّال) (9) فإنَه صُحّفَ بالشّينِ المُعجَمةِ، أو في المعنى كما نُقِلَ عَن أبي موسى بن المثنّى الغزوي (10) أنَه قال : (نحنُ قومٌ لنا شرفٌ، نحنُ مِن عَنْزَة (11) صىلى إلينا رسولُ اللهِ (ص) ) وذلك أنَه رُويَ أنَه (ص) صىلى إلى عَنْزةٍ، وهي عصاةٌ في رأسِها حديدةٌ نُصِبَتْ بينَ يَدَيه فتوهَمَ أنَهُ (ص) صىلى إلى قبيلتِهم

---------------------------
(1) الألباني، ضعيف، سنن الترمذي : ص 569 .
(2) العامليُّ، بهاء الدّين ، الحبل المتين : ص 5 ، قلعجي، معجم لغة الفقهاء : ص 266، أبو حبيب، سعدي، القاموس الفقهي : ص 81 .
(3) ابن حجر، مقدّمة فتح الباري : ص 10، ابن الصّلاح، المقدّمة : ص 54 ، 55، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12، ص 567 .
(4) العامليُّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 101 .
(5) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرِّواية : ص 320 ، العامليُّ ، بهاء الدّين ، الحبل المتين : ص 5 .
(6) الخطيب البغدادي ، الكفاية في علم الرِّواية : ص 251 ، العامليُّ ، بهاء الدّين ، الحبل المتين : ص 5 .
(7) العامليّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5 .
(8) العامليّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5 ، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 304 .
(9) أحمد بن حنبل، المسند : ج 5 ، ص 417، مسلم ، الصّحيح : ج 3، ص 169، النووي ، المجموع : ج 6، ص 378 ، العامليّ ، حسين بن عبد الصّمد ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 119 .
(10) هو أبو موسى محمّد بن المثنّى العنزيُّ البصريُّ الزّمن، مشهورٌ باسمه وكنيته، روى عن سفيان بن عيينة، روى عنه جماعة، منهم، عمر بن إبراهيم البغداديّ (ت 259 هـ) . ينظر : المزِّي، تهذيب الكمال : ج 34، ص 333، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12، ص 124، 125 .
(11) ورد في (أ) و (ب) : عشرة، و الصّحيح ما ثبّتناه ، لأنّه ما يقتضيه السِّياق .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 37 _

  بني عَنزة (1) ، أو قلَت الواسطةُ فيه معَ اتِّصالِهِ، فَعَالٍ ، لبُعدِهِ عن الخطأ ، لأنَ ما قَرُبَ إلى المعصومِ أعلى ممّا بَعُدَ عنه، وكذا ما قَرُبَ مِن أئمّةِ الحديثِ فهُو أعلى ممّا بَعُدَ عنهم، أو زادَ على غيرِهِ ممّا هو مرويٌّ بمعناه بالإسناد أو المتن، فمَزيدٌ، أو تُلُقِّيَ بالقبولِ والعملِ بمضمونِهِ وإنْ ضَعُفَ، فمقبولٌ، كحديثِ عُمر بن حنظلة (2) في المتخصامين، أو تضادَ في المعنى معَ آخَرَ، فمختلِفٌ (3) ظاهراً أو باطناً، أو اشتملَ على أسبابٍ خفيَةٍ غيِر ظاهرةٍ قادحةٍ فيه سنداً ومتناً، فمُعلَّلٌ (4)، أو دلَ على رَفْعِ حُكمٍ شرعيّ سابقٍ عليه، فناسِخٌ (5) ، أو رُفِعَ حكمُه الشر شَرعَيُّ بدليلٍ شرعيّ متأخّرٍ عنه، فمَنْسُوخٌ (6) ، ومِن طُرُقِ معرفتِهما : النصَّ والإجماعُ والتّاريخُ، أو اختَلَفَ [راويه] (7) في روايتهِ بأنْ يرويَهُ مرَةً هكذا، أو مرَةً بخلافه، فمضطَرِبٌ (8) ، ويقعُ في السَندَ بأنْ يرويَه تارةً عن أبيه عن جدِّهِ مثلًا، وتارةً عن جدِّهِ بلا واسطةٍ، وتارةً عن غيرِهما، وفي المتنِ كخَرب رِب اعتبارِ الدَمِ عندَ اشتباهِهِ بالقُرْحَةِ، حيثُ رواهُ

---------------------------
(1) ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 170، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 305 ، 306، العامليّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار : ص 120، وذكر الداماد في الرَواشح السماوية (أبا موسى هو الأشعري، وليس العنزي، وإنَ (العَنْزَة) هي حربةٌ أطولُ من العصا وأقصرُ من الرُّمح) : ص 140، 141 .
(2) هو عمر بن حنظلة العجليُّ البكريُّ الكوفيُّ، ثِقةٌ عند البعض، يكنى أبا صخر، من أصحاب الباقر .، ولم يُذكر في كتب الرِّجال لا بجرحٍ ولا بتعديل . ينظر : الطوسي، الرِّجال : ص 252، حسن بن زين الدّين، منتقى الجمان : ج 1، ص 19، التفرشي، نقد الرِّجال : ج 3، ص 353 .
(3) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5، غفاري ، علي أكبر ، دراسات في علم الدّراية : ص 47 .
(4) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 293 .
(5) ابن حزم ، المحلى : ج 4 ، ص 3 ، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 307 .
(6) الثعالبي ، تفسير الثعالبي : ج 1 ، ص2 92 ، 293، الصّدر ، حسن ، نهاية الدِّراية : ص 307 .
(7) ورد في (أ) و (ب) : رواية، والصّحيح ما ثبّتناه ، لأنّه ما يقتضيه السِّياق .
(8) ابن الصَلاح، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 73 ، العامليُّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار : ص 112، الداماد، الرَواشح السماوية : ص 190، الصّدر، حسن، نهاية : ص 224، قلعجي، محمّد، نّمعجم لغة الفقهاء : ص 435 ، أبو حبيب، سعدي، القاموس الفقهي : ص 81 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 38 _

  في الكافي والشّيخ في التّهذيب (1) ، وأكثرُ نسخِه (بأنَّ الخارجَ مِن الجانبِ الأيمنِ يكونُ حيضاً) ، وفي بعضِ نُسَخِهِ الأخرى بالعكس، أو أَوْهمَ السَماع ممّن لم يسمع منه، أو تفرّدَ بإيرادِ ما لم يشتهر بلقائه، فمدلَّسٌ (2) ، لعدم تصريحه بهِ أو وَرَدَ بطريقٍ يُروى بغيره سهواً، أو للرّواج أو الكساد، فمقلوبٌ (3)، أو اختُلِقَ ووُضِعَ لمعنىً لمصلحةٍ، فموضوعٌ (4)، وإنْ وافق الرَاوي في اسمِهِ، واسمُ أبيه ـ آخرُ ـ لفظاً، فمتَّفِقٌ (5) ومتفرِّقٌ، أو خطَاً فقط، فمختَلِفٌ ومؤتَلِفٌ (6)، أو في اسمِهِ فقط والأبوان مؤتلِفانِ، فمتشابِهٌ (7)، أو المرويُّ عنهُ في السِّنِّ، أو الأخذِ عن الشَيخِ، فرِوايةُ الأقرانِ (8)، أو حصولُ تقدُّمٍ عليه في أحدِهما، فراويةُ الأكابرِ عَن الأصاغرِ (9) ، ثمَ سلسلةُ السَندِ إماميُّونَ ممدوحونَ بالتّوثيق في كلِّ طبقةٍ، فصحيحٌ (10) ـ وإنْ اعتراه شذوذٌ ـ أو إماميُّونَ ممدوحونَ بدونه، كُلا أو بعضاً مع

---------------------------
(1) الكلينيّ ، الكافي : ج 3 ، ص 94 ، 95 ، الطوسي ، التهذيب : ج 1، ص 385 ، 386، العامليُّ، حسين بن عبد الصّمد ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 112، 113، الدّاماد ، الرَواشح السّماوية : ص 191 .
(2) ابن حزم ، الإحكام : ج 1، ص 126، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 200 .
(3) العامليُّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 304 .
(4) ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 79 .
(5) الخطيب، البغدادي، الكفاية في علم الرِّواية : ص 41، ابن حجر، مقدّمة فتح الباري : ص 7، الحسني، هاشم معروف، دراسات في الحديث والمحدِّثين : ص 116 .
(6) الصّدر، حسن، نهاية : ص 166، غفاري، علي أكبر، دراسات في علم الدِّراية : ص 47 .
(7) الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 330 .
(8) الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 330، 331 .
(9) الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث : ص 215، ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 182، العامليّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 115، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 71 .
(10) الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث : ص 62، ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصَلاح، ص 15، العامليّ، حسين بن عبد الصّمد، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ص 116، العامليّ، بهاء الدّين، الحبل المتين : ص 5، ومشرق الشَمسين : ص 272، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 71 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 39 _

  توثيق الباقي، فحَسَنٌ (1) ، أو مسكوتٌ عن مدحِهِم وذمّهم كذلك فقوِيٌ، أو غيِر إماميِّين كُلا لًا أو بعضاً مع توثيق الجميع، فموثَّقٌ وقويٌ أيضاً، وما سوى هذه الأربعةِ فضعيفٌ مقبولٌ، إنْ اشتهر العملُ بمضمونِهِ، وإلا فغرُ مقبولٍ، وقد يُطلقُ الضَعيفُ على القويِّ بمعنيَيه، وقد ينتظمُ المُرسَلُ في الصَحيحِ كمراسيلِ محمّدِ بن أبي عُمير (2) ـ وإن روى عن غيرِ ثقةٍ ـ ، لأنَه قد ذكروا (3) أنَه لا يُرسِلُ إلَا عن ثِقةٍ ، لأنَه لا يَروي إلَا عن ثقةٍ، فروايتُهُ أحياناً عن غيرِ ثِقةٍ لا يقدحُ في ذلك مُطلقاً كما تُوُهِّم، وهذا كلُّه على الاصطلاحِ الجديدِ من المتأخّرين ـ رِضوانُ اللهِ عليهم ـ إذْ لم يكن ذلك معروفاً بين المتقدّمينَ ـ قدّس اللهُ أرواحَهم ـ بل كان المُتعارفُ بينهم إطلاقَ الصَحيحِ على كلّ حديثٍ اعتضدَ بما يقتضي الاعتماد عليهِ، أو اقترنَ بما يُوجِبُ الوثوقَ بهِ والعملَ بمضمونِهِ وإنْ كانَ ضعيفاً، والضَعيفُ بخلافهِ وإنْ كانَ صحيحاً، وسيأتي الكلامُ عن ذلكَ إنْ شاء اللهُ تعالى .

---------------------------
(1) ابن الصّلاح، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 33، الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 171 .
(2) واسمُ أبي عمير زياد بن عيسى، يكنى أبا أحمد ، مولى الأزد، من مواي المهلَب بن أبي صفرة، بغداديُّ الأصل والمقام، سمِعَ من الإمام الكاظم (ع) وحدَث عنه، وروى عن الإمام الرِّضا (ع) أيضاً، ثِقةٌ، ناسِكٌ، عابدٌ، ورِعٌ، ذكره الجاحظ في كتابه فخر قحطان على عدنان، له أربعةٌ وتسعون كتاباً، منها : كتاب النوادر، الرّد على أهل القدر والجبر، كتاب البداء، مات سنة (217 هـ) . تنظر ترجمته : النّجاشي، الرِّجال : ص 326، 327، الطوسي، الفهرست : ص 218، 219، الحليُّ، خلاصة الأقوال : ص 239، التفرشي، نقد الرِّجال : ج 4، ص 106 .
(3) الذاكرُ هو الشيخُ الطوسيُّ، يُنظر : عدّة الأصول، تحقيق : محمّد رضا الأنصاري القمّي : 1 / 145 (الناشر) .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 40 _

  مَنْهَج [3] : [المتواتَرات] (1) قطعيَةُ الصّدقِ والقبولِ في العِلمِ والعَمَل، والمنازِعُ مُكابِرٌ، والآحادُ ظنيَتُهما فيهما، وقد عَمِلَ بها المتأخّرونَ ـ رِضوانُ اللهِ عليهم ـ وردَها السَيِّدُ المرتضى (2)، وابنُ زهرة (3)، وابنُ البّراج (4)، وابنُ إدريس (5)، بل أكثرُ المُتقدِّمين ـ قدَس اللهُ أرواحَهم ـ ولعلَ العملَ أحسنُ، ومعَ القرينةِ المفيدةِ للقَطْعِ بذلكَ فكالمتواتَراتِ، والمنازِعُ مكابرٌ، كمدَعي القَطْعِ مَعَ عَدَمِها، قال الشّيخُ (6) : إنَ غير المتواتَر إنْ اعتضد بقرينةٍ أُلحقَ بالمتواتَرِ في إيجاب العِلمِ ووجوبِ العَمَلِ، وإلا فنسمّيهِ خبرَ آحادٍ، نُجيزُ

---------------------------
(1) في (أ) : المتواتَر، والمثبَت من (ب) .
(2) ويلقّبُ بعلمِ الُهدى، واسمُه أبو القاسم عليُّ بنُ الحسين بنِ موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الكاظم (ع) ، متكلِّمٌ، متحدِّثٌ، فقيهٌ، شاعرٌ، أديبٌ، نقيبُ العلويّين، له كتبٌ كثيرةٌ، منها : كتاب تفسير سورة الحمد وقطعة من سورة البقرة، مات سنة (436 هـ) . تنظر ترجمته : النِّجاشيّ، الرِّجال : ص 270، الطوسيّ، الفهرست : ص 64، ابن داود، الرِّجال : ص 137، التفرشي، نقد الرِّجال : ج 3، ص 254 .
(3) هو حمزة بن علي بن زهرة، أبو المكارم، عالٌم، فقيهٌ، ثِقةٌ، محدِّثٌ جليلٌ، له كتبٌ، منها : غنية النزوع، وكتاب قبس الأنوار . تنظر ترجمته : الحيل يل، إيضاح الاشتباه : ص 168، الحرّ العامليّ، أمل الآمِل : ج 2، ص 105، البروجرديّ، طرائف المقال : ج 1، ص 114، الخوئيّ، معجم رجال الحديث : ج 7، ص 287 .
(4) ابن البرَاج، هو عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرَاج، فقيهٌ، قاضي طرابلس، له كتب منها : المهذَب، المعتمَد، الرَوضة، وله الكامل في الفقه . تنظر ترجمتُه : منتجب الدّين، الفهرست : ص 74، 75، الأردبيلي، جامع الرّواة : ج 1، ص 460، الحرُّ العامليّ، أمل الآمِل : ج 2، ص 162 .
(5) هو محمّد بن إدريس الحنظلي، يكنى أبا حاتم، له كتاب . تنظر ترجمتُهُ : الطوسي، الفهرست : ص 225، الأردبيلي، جامع الرّواة : ج 2، ص 65 .
(6) هو الشيخ الطوسيُّ، والقرائن المشار إليها هي :
1 ـ موافقة الكتاب .
2 ـ موافقة السُّنّة .
3 ـ موافقة إجماع الطائفة .
4 ـ موافقة الأصول العقليّة، وهذه الطريقة اتّبعها الشيخ الطوسي فاختصّ بها، مع المزايا التي بسببها صحّ الأخذ بها، ولولاها لامتنع ذلك . ينظر : الصّدر، حسن، نهاية الدِّراية : ص 281 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 41 _

  العَمَل بهِ تارةً، ونمنعُه أخرى، على تفصيلٍ ذكره في الاستبصار (1)، والصّحاحُ لا شُبهةَ في وجوبِ العَمَلِ بها، والحِسَانُ (2) كالصِّحَاحِ عند قومٍ، وعند آخرينَ بشرطِ الإخبارِ (3) باشتهارِ عَمَلِ الأصحابِ بها، كالموثَقاتِ وغيرها، وأمَا الضِّعافُ فقد شاع عملُ الأصحابِ بها في السُّنن، وإنْ اشتدَ ضعفُها إلى النّهايةِ، إذْ العملُ عندنا ليس بها في الحقيقةِ، بل بالحسَنةِ المشهورةِ المتلقَاةِ بالقبولِ، المرويَةِ عن الإمامِ أبي عبد الله جعفرِ بن محمّدٍ الصّادق (ع) وهي : (مَن سمِع شيئاً مِنَ الثّوابِ على شيءٍ فَصَنَعَهُ كَانَ لهُ أجرُهُ، وإن لم يكنْ على ما بلَغَهُ) (4) ، وقد تأيَدت بعدّةِ أخبارٍ، منها ما رواهُ الشّيخُ الجليلُ في الكافي عن محمّد بن يحيى (5)، عن محمّد بن الحُسَيِن (6)، عن محمّد بن سِنان (7) ،

--------------------------
(1) الطوسي : ج 1، ص 3 ، 4 .
(2) ابن الصّلاح ، مقدّمة ابن الصَلاح : ص 33 ، 34، الميرزا النوري ، خاتمة المستدرك : ج 1، ص 59، 65 .
(3) هكذا في الأصل، ولعلّها : الانجبار .
(4) الكليني، الكافي : ج 2، ص 87، الحر العاملّي، الوسائل : ج 1، ص 82، الصّدر، حسن، نهاية نالدِّراية : ص 286، الصّدر، محمّد باقر، دروس في علم الأصول : ج 2، ص 155 .
(5) هو محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالكٍ الأشعريُّ، ثقةٌ، لكنّه يروي عن الضعفاء والمراسيل، استثنى ابن الوليد مايرويه عن جماعة، كقوله : عن رجلٍ، أو جماعة من أصحابنا، أو الجاموراني، أو غيره، له كتبٌ، منها : نوادر الحكم . تنظر ترجمته : ابن النديم، الفهرست : ص 116، النجاشي، الرِّجال : ص 348، الطوسيّ، الفهرست : ص 221، الحلي، خلاصةُ الأقوال : ص 247، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 335 .
(6) هو أبو جعفر محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزّيّات الهمدانيُّ، واسم أبي الخطّاب زيد، ثقةٌ، جليلُ القدر، له تصانيف، منها كتاب التوحيد، كتاب النوادر، وغيرها، روى عنه محمّد بن الحسن الصفّار، مات سنة (262 هـ) . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 334 .
(7) أبو جعفر، محمّد بن سنان الزاهريُّ، من ولد زاهر مولى عَمرو بن الحمق الخزاعيِّ، له كتب، منها كتاب الطرائف، مات سنة (220 هـ) . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 328، الطوسي، الرِّجال : ص 364 والفهرست : ص 219، ابن داود، الرِّجال : ص 174، الحلي، خلاصة الأقوال : ص 394، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 236 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _42 _

  عن عمران الزّعفرانيِّ (1)، عن محمّد بن مروان (2) ، قال : سمعتُ أبا جعفر محمّدٍ الباقر (ع) ، يقول : (مَن بلَغَهُ ثوابٌ مِنَ اللهِ على عملٍ فعمِل ذلك العمَل التماسَ ذَلِكَ الثّواب أُوتِيه، وإنْ لم يكن الحديثُ كما بلَغَهُ) (3) ، وما رواه الشّيخُ الصّدوقُ محمّدُ بنُ بابويه (4) في كتابِ ثواب الأعمال عن أبيه عليِّ بن بابويه (5) ، عن عليِّ بن موسى (6)، عن أحمد بن محمّد (7) ،

--------------------------
(1) هو عمران بن إسحاق الزعفرانيُّ الكوفيُّ، من أصحاب الصّادق (ع) ، وعدَه بعضُ العلماء مجهول الحال . تنظر ترجمته : الطوسي، اختيار معرفة الرِّجال : ج 1، ص 365، حسن بن زين الدّين، التحرير الطاووسي : ص 233، 234، البروجردي، طرائف المقال : ج 1، ص 549 .
(2) هو محمّد بن مروان بن عثمان المدني الكلبي، من أصحاب الإمام الباقر والصّادق (ع) . تنظر ترجمته : الطوسي ، الرِّجال : ص 144، التفرشي ، نقد الرِّجال : ج 4 ، ص 319 .
(3) الكليني، الكافي : ج 2، ص 87 .
(4) هو محمّد بن عليِّ بن الحُسين بن موسى بن بابويه القمِّي، أبو جعفر، نزيل الريِّ، شيخ الطائفة وفقيهها، ووجهها في خراسان، وَرَد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمِع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السِّنِّ، له كتبٌ كثيرة، منها : كتاب التوحيد، كتاب النبوّة، كتاب إثبات الوصيّة لعليٍّ (ع) كتاب ثواب الأعمال، والمقنع في الفقه، وكتاب الأوائل، وكتاب الأواخر، وغيرها كثير، تويف يف سنة 381 هـ . تُنظر ترجمته : النجاشيُّ : ص 389، الطوسيُّ، الرِّجال : 439 .
(5) هو عليُّ بن الحُسين بن موسى بن بابويه، يكنى أبا الحسن، من أجلّة المشايخ في عصره، كان فقيهاً، عالماً، ثقةً في الرِّواية، يروي عن أبي خلف العجلي والتلعكبري، روى عنه محمّد بن أحمد ابن هشام، له كتبٌ، منها : كتاب التوحيد، وكتاب الإملاء، والمنطق وغيرها، مات ببغداد سنة (329 هـ) . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 261، الطوسي، الرِّجال : ص 432، و ص 437 والفهرست : ص 157، وابن شهر آشوب، معالم العلماء : ص 100 .
(6) هو عليُّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميذاني، وقيل الكمنذاني، وكمنذان قرية من قرى مدينة قم ، يكنى أبا علي، كان مرتفعاً في القول، ضعيفاً في الحديث، ألّف كتاباً رواه عنه محمّد بن يحيى . تنظر ترجمتُهُ : النجاشي، الرِّجال : ص 406، ابن داود، الرِّجال : ص 218، الحلي، إيضاح الاشتباه : ص 215، و ص 295، والخلاصة : ص 406، حسن بن زين الدّين، منتقى الجمان : ج 1، ص 43 .
(7) أحمد بن محمّد بن خالد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن علّي البرقيّ، أبو جعفر، أصلُه كوفيٌّ، وكان جدُّه محمّد بن عليّ حبسه يوسف بن عمر بعد قتل زيدٍ (ع) ، ثمّ قتلَه، وكان خالد صغير السِّنِّ، فهرب مع أبيه عبد الرّحمن إلى بَرق روذ، وكان ثقةً في نفسه، ... ، وصنّف كتباً، منها : المحاسن، كتاب التبليغ، الرّسالة، كتاب التراحم والتعاطف، كتاب التبصرة، وغيرها . تنظر ترجمتُه : النجاشيّ، الرِّجال : ص 76، الطوسيّ، الفهرست : ص 62 (الناشر) .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 43 _

  عن عليِّ بن الحكم (1)، عن هشام (2)، عن صفوان (3) ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : (مَن بَلَغَهُ شيءٌ من الثَّوَابِ على شيءٍ مِنَ الخير فَعَمِلَهُ كانَ له أجرُ ذَلِكَ، وإنْ كانَ رسولُ اللهِ صىلى اللهُ عليهِ وآلِهِ لم يقُلْه) (4)، وما رواه أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في المحاسن (5) ، عن علي ابن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : (مَن بلَغَهُ عن النَّبيّ صىلى اللهُ عليهِ وآلِهِ شيءٌ مِنَ الثّوابِ فَعَمِلَهُ كانَ أجرُ ذلكَ له، وإنْ كانَ رسولُ اللهِ صىلى اللهُ عليهِ وآلِهِ لم يقُلْه) (6) ، وما روي عنه (ع) مِن أنَهُ قال : (مَن بلَغَهُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ فضيلةٌ فأَخَذَ بها وعَمِلَ بما فيها إيماناً للهِ ورجاءَ ثوابِهِ، أعطاهُ اللهُ تعالى ذَلِكَ وإنْ لم يكُن كَذلِك) (7) ،

-------------------------------
(1) هو عليُّ بن الحكم بن الزبير النخعيُّ الكوفيُّ الضرير، يكنى أبا الحسن، كان فقيهاً، ثقةً، جليل القدر، روى عنه علي بن جعفر بن الزبير، ومحمّد بن إسماعيل، وأحمد بن أبي عبد الله . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 274، الطوسي، الفهرست : ص 151 ، الحلي، الخلاصة : ص 177 .
(2) هو هشام بن سالم الجواليقيُّ الجعفيُّ الكوفيُّ، يكنى أبا محمّد، كان من سبي الجوزجان، فصار مولى بشر بن مروان، كان فقيهاً، ثقةً، له كتبٌ، منها : كتابُ الحجِّ، وكتابُ التفسير، وكتابُ المعراج، روى عنه ابنُ أبي عمير، ويروي عن محمّدِ بنِ مسلم، وزرارةَ بن أعين . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 434، الطوسي، الرِّجال : ص 318 والفهرست : ص 257، الحلي الخلاصة : ص 289، الخرساني، كفاية الأصول : ج 3 ، ص 71 .
(3) هو صفوان بن يحيى البجليُّ الكوفيُّ، يكنى أبا محمّد، كان فقيهاً، عابداً، ورعاً، ثِقةً، كانت له منزلةٌ شريفةٌ عند الإمام الرِّضا (ع) ، روى عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزّيَات، صنفّ ثلاثينَ كتاباً، منها : كتابُ الوضوء، والصّلاة، والصّوم، والحجّ، والزكاة، مات سنة (210 هـ) . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 198، الطوسيُّ، اختيار معرفة الرِّجال : ص 792، والفهرست : ص 145 .
(4) ثوابُ الأعمال : ص 132 .
(5) المحاسن : ج 1، ص 25 .
(6) الحرُّ العامليّ، الوسائل : ج 1، ص 81، المجلسيُّ، بحار الأنوار : ج 2، ص 256، وقال : (هذا الخبر من المشهورات، رواه الخاصّةُ والعامّة) .
(7) المتّقي الهندي، كنز العمال : ج 15، ص 791، الفتني، تذكرة الموضوعات : ص 28، العجلوني، كشف الخفاء : ج 2، ص 152، و ج 2، ص 236، الفيض الكاشاني، الأصول الأصيلة : ص 65 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 44 _

  ولا يثبت بها شيءٌ من الأحكامِ الخمسةِ الشر شَرعَيَةِ سوى الاستحباب ، لاستنادِه إلى هذا الحديث مع مؤيّداتِهِ ـ كما عرفت .
  وذهب بعضُ المتأخِّرينَ إلى العَملِ بجميعِ ما وردَ في الكتبِ المشهورةِ مُطلقاً، مُدَعِيَاً حصولَ العِلمِ العادي، إذْ قال : (إنَا نعلمُ عادةً أنَ الإمامَ ثِقةَ الإسلامِ محمّدَ بنَ يعقوبٍ الكلينيَ، وسيّدَنا الأجلَ المرتضى، وشيخَنا الصّدوق، ورئيسَ الطّائفة ـ قدَسَ اللهُ أرواحَهم ـ لم يفتروا في أخبارِهم بأنَ أحاديثَ كتبِنا صحيحةٌ، أو بأنها مأخوذةٌ من الأصولِ المُجمَعِ عليها، ومِن المعلوم أنَ هذا القَدر (1) من القَطع العادي كافٍ في جواز العَمَل بتلكَ الأحاديثِ) (2)، انتهى كلامُه، ولا يخفى ضعفُه، لأنَ الشّيخ (3) (رحمه الله) لم يصرّح بصحّةِ الأحاديثِ كلِّها، بل ادّعى الإجماعَ على جواز العَمَلِ بها، وأنتَ خبيرٌ بما في الإجماع الذي يدَعيه (رحمه الله) من الخَلَل البيّن، وإنَ السّيِّد (4) (رضي الله عنه) قد صرَحَ بأنَ أكثرَ كتبِنا المرويَة عن الأئمّةِ (ع) معلومةٌ مقطوعٌ في صحَتها، لا أنَه ادّعى صِحَةَ جميعِها، وإنَ محمّد ابن يعقوبٍ ـ نوّر اللهُ مرقدَه ـ لم يكن كلامُه بذلك الصريح، فلو كانَ فمِن بابِ الترغيبِ والاستدعاءِ إلى الأخذِ بما ألَفَهُ، نَعَم الصّدوقُ (رحمه الله) صرَح بذلك تصريحاً، لكنْ بناءً على ما أدّى إليه رأيُهُ، واعتقادُهُ الصّحَةَ بزعمِهِ، فلا ينهضُ حُجَةً على غيره .

-------------------------------
(1) في الأصل زيادة بعد لفظة القدر : [من القدر] ، وما ثبّتناه يوافق النّسخة (ب) ، ووجود هذه الزيادة يخلُّ بالسِّياق .
(2) الحرُّ العامليُّ ، الجواهر السَنيةّ : ص 375 ، 376 ، الفيض الكاشاني ، الأصول الأصيلة : ص 58 ، 59 .
(3) يقصدُ به الشيخ محمّد بن يعقوب الكلينيَ .
(4) يقصدُ به السيّد المرتضى علم الهدى نقيب الطالبيّين .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 45 _

  مَنْهَج [4] :

  الذي بعثَ المتأخّرينَ ـ قدّس اللهُ أرواحَهم ـ على العدول عما كان عليه القدماءُ ـ نوّر اللهُ مراقدَهم ـ ووضع ذلك الاصطلاح الجديد على ما وجَهه بعضُ الأعلامِ الفضلاءِ الكرامِ، هو أنَهُ (لمّا طالت الأزمنةُ بين مَن تأخَرَ وبين الصّدرِ السّابقِ، وآلَ الحالُ إلى اندراس بعضِ كُتُبِ الأصولِ المعتمَدةِ ، لغِلظِ حكَام الجورِ والضَلالِ، والخوفِ مِن إظهارِها وانتساخِها، وانضمَ إلى ذلك اجتماعُ ما وصلَ إليهم من كتبِ الأصولِ في الأصولِ المشهورةِ في هذا الزَمانِ، فالتبست الأحاديثُ المأخوذةُ مِنَ الأصولِ المعتمَدةِ بالمأخوذةِ مِن غيرِ المعتمَدةِ، واشتبهت المتكرّرةُ في كتبِ الأصولِ بغيرِ المتكرّرةِ، وخفي عليهم ـ قدّس اللهُ أرواحَهم ـ كثيرٌ من تلك الأمورِ التي كانت سببَ وثوقِ القُدماءِ بكثيرٍ من الأحاديث، ولم يمكنهم الجريُ على أثرِهم في تمييزِ ما يعتمدُ عليه ممّا لا يُركَنُ إليه، فاحتاجوا إلى قانونٍ تتميَز به الأحاديثُ المعترب ربةُ من غيرها، والوثوقُ بها عما ما سواها، فقرّروا لنا ـ شكر اللهُ سعيَهم ـ ذلك الاصطلاحَ الجديدَ، وقرّبوا إلينا البعيد، ووصفُوا الأحاديثَ الواردةَ في كتبهم الاستدلاليّةِ بما اقتضاه ذلك الاصطلاحُ من الصِّحّةِ والحُسنِ والتّوثيقِ) ، انتهى كلامُه، ولا يخفى أنَ هذا كلَه دعوىً مح محتمَلَةٌ مظنونةٌ غيرُ معلومةِ الثّبوت، وفيها مناقشةٌ ظاهرةٌ لطيفةُ التّعليل، لم يسعني ذكرُ شيءٍ منها مخافةَ التّطويل .
  واعلَم أنَ الأمورَ التي كانت تقتضي اعتمادَ القدماءِ ـ قدّسَ اللهُ أرواحَهم ـ عليها في إطلاقِ الصّحيح على الحديث، وسبب وثوقِهِم فيه خمسةٌ :
  أحدُها : ورودُهُ في كثيرٍ من الأصولِ الأربعمائةِ المشهورةِ المتداوَلَةِ المتّصِلَةِ بأصحابِ العِصمةِ ـ صلواتُ اللهِ عليهم .
  ثانيها : تكرّرهُ في أصلٍ منها فأكثر بطُرُقٍ مختلفةٍ وأسانيدَ معتبرةٍ .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 46 _

  ثالثها : ورودُهُ عَن أحدِ الجماعةِ الذينَ أجمعُوا على تصديقهم، كزُرارة (1) ومحمّد بن مسلم (2)، والفُضَيل بن يسار (3)، أو على تصحيحِ ما يصِحُّ عنهم، كصفوان بن يحيى (4)، ويونس بن عبد الرَحمن (5)، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر (6)، أو على العمل بروايتهم ،
--------------------------------
(1) هو عبد ربِّه، وزرارة لقبُه، ابن أعين بن سنسن الشيبانيُّ، يكنى أبا علي وأبا الحسن، وأعين كان عبداً روميّاً لرجلٍ من بني شيبان، علّمه القرآن ثمَ أعتقه، وكان سنسنُ راهباً في بلاد الرُّوم، فقيهاً، متكلِّماً، شاعراً، أديباً، ثقةً، له كتابُ الاستطاعة والجبر، مات سنة (150 هـ) . تنظر ترجمتُه : الذهبيّ، ميزان الاعتدال : ج 2، ص 69، العقيليُّ، الضعفاء : ج 2، ص 96، الرازي، الجرح والتعديل : ج 3، ص 603، ابن عدي، الكامل : ج 3، ص 241، الزراري، تاريخ آل زرارة : ج 1، ص 35، ابن النديم، الفهرست : ص 276، النجاشي، الرِّجال : ص 175، الطوسي، الرِّجال : ص 337، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 206، 207 .
(2) هو محمّد بن مسلم الطائفي الثقفيُّ، كوفيٌّ، ثقةٌ، ممدوحٌ، من أصحاب الإمامِ الباقرِ والصّادق (ع) ، مدحه الإمام الصّادق (ع) . تنظر ترجمتُه : الكَشي، الرِّجال : ص 147، 148 .
(3) هو الفضيل بن يسار النهديُّ الكوفيُّ، ويكنى أبا مسور وأبا القاسم، سكن البصرة، ثقةٌ جليلُ القدر، روى عن الإمام الباقر والصّادق (ع) ، مات في حياة الإمام الصّادق (ع) قبل سنة (148 هـ) ، روى عنه ربعي بن عبد الله، وجميل بن صالح . تنظر ترجمتُه : البخاري، التاريخ الكبير : ج 7، ص 122، البرقي، الرِّجال : ص 17، ابن حبّان، الثِّقات : ج 7 ، ص 315، النجاشي، الرِّجال : ص 309، الطوسي، الرِّجال : ص 269، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 318 .
(4) هو صفوان بن يحيى البجليُّ، يكنى أبا محمّد، كوفيٌّ، ثقةٌ، روى أبوه عن الإمام الصّادق (ع) ، وهو يروي عن الإمام الرِّضا (ع) ، صنّف ثلاثين كتاباً، منها : كتابُ الوضوء ، مات سنة (210 هـ) . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 198، الطوسي، الرِّجال : ص 338، 339 .
(5) هو يونس بن عبد الرَحمن، مولى عليِّ بن يقطين بن موسى، يكنى أبا محمّد، روى عن الإمام موسى بن جعفر (ع) و الإمام الرّضا (ع) ، وله كتب . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 446، ابن داود، الرِّجال : ص 207، حسن بن زين الدِّين، التحرير الطوسي : ص 620 .
(6) أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر البزنطيُّ الكوفيُّ، واسم أبي نصير زيد، يكنى أبا جعفر وأبا علي، ثقةٌ، عظيمُ المنزلةِ عند الإمام الرِّضا (ع) ، والبزنطيُّ نسبة إلى ثيابٍ تعرف بموضع بزنطة . تنظر ترجمته : الصّدوق، عيون أخبار الرِّضا : ج 2، ص 212، الطوسي، الرِّجال : ص 332 ـ 351، والفهرست : ص 291، الحلّيُّ، خلاصةُ الأقوال : ص 437، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 84 ، 85 .ّّ

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _47 _

  كعمارٍ السّاباطيِّ (1) وأضرابِهِ، على ما ذكره الشّيخ (2) .
  رابعُها : ورودُه في أحدِ الكُتُبِ المعروضةِ على أحدِ الأئمّةِ (ع) التي أثنَوا على مؤلِّفِها، ككتايب يونس بن عبد الرّحمن (3)والفضل بن شاذان (4)، المعروضَين ين على العسكريِّ (ع) ، فصحَحَهُما، واستَحْسَنَهُما، وأثنى عليهما، وكتابِ عبيد الله الحلبيِّ (5) المعروضِ على الصّادق (ع) ، فصحَحَ واستَحْسَنَ وأثنى .
  خامسُها : أخذُها مِن أحدِ الكُتُب التي شاع بينَ سلفِهم العَمَلُ والاعتمادُ عليها، سواء كان مؤلِّفها مِن الفِرقَة المُحِقَة، ككتابِ حريزِ بنِ عبدِ الله (6) ،

--------------------------------
(1) هو عمار بن موسى السّاباطيُّ، يكنى أبا الفضل وأبا اليقضان، كوفيٌّ، سكن المدائن، ثقةٌ في الرِّواية، روى عن الإمام الصّادق (ع) ، له كتابٌ يرويه مصدّق بن صدقة . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 290، الطوسي، الرِّجال : ص 251، و ص 340، والفهرست، ص 189، الحُّلي، الخلاصة : ص 382 .
(2) هو الشيخ الطوسيُّ فيما ذكره في اختصاره كتابَ الكيش يش، ينظر الكيش يِش،ِ الرجال : ص 238 رقم 431، و ص 375، رقم 705، و ص 556، رقم 1050 (الناشر) .
(3) مرّت ترجمتُهُ في الصفحة السابقة .
(4) هو الفضل بن شاذان بن خليل، أو (جبرائيل) ، الأزديُّ النيسابوريُّ، يكنى أبا محمّد، فقيهٌ، متكلِّمٌ، ثقةٌ، روى عن الإمام الرِّضا (ع) ، صنّف مائةً وثمانينَ كتاباً، أو مائةً وستّين كتاباً . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 306، الطوسي، الرِّجال : ص 360، والفهرست : ص 197، ابن شهر آشوب ، معالم العلماء : ص 125، ابن داود ، الرِّجال : ص 151، الحُّلي ، الخلاصة : ص 229 .
(5) هو عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبيُّ الكوفيُّ، مولى بني تيم الله بن ثعلبة، يكنى أبا علي، كان يتّجر هو وإخوته إلى حلب، فنُسب إليها، ثقةٌ، صنّف كتاباً وعرضه على الإمام الصّادق (ع) فصحَحَه واستحسَنَهُ، وهو أوّل كتابٍ صنّفَهُ الشّيعة . تنظر ترجمته : ابن داود، الرِّجال : ص 125، النجاشي، الرِّجال : ص 231 ، الحُّلي، الخلاصة : ص 204 .
(6) حريز بن عبد الله الأزديُّ الكوفيُّ، يكنى أبا محمّد، ونُسب إلى سجستان أيضاً ، لكثرة سفره وتجارتِهِ إليها، وكان ممّن شَهَرَ السّيف في قتال الخوارج في سجستان، ثقةٌ، روى عن الصّادق والكاظم (ع) ، له كتابُ الصّلاة، وكتابُ نوادر . قال ابنُ حجر في لسان الميزان : ج 2، ص 186 (حريز بن أبي حريز، عبد الله بن الحسين الأزديُّ الكوفيُّ، ابن قاضي سجستان، وقتل فيها) ، وتنظر ترجمته : الرازي، الجرح والتعديل : ج 3، ص 289، النجاشي، الرِّجال : ص 144، الطوسي، الرِّجال : ص 194، والفهرست : ص 118، و ص 304، الحُّلي، الخلاصة : ص 460، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 139 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _48 _

  وكُتُبِ ابني سعيد (1) ، وهي خمسونَ كتاباً على ما نقلهُ علماءُ الرِّجال، وكتابِ الرَحمة لسعيد (2) بن عبد الله (3)، وكتابِ المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقيِّ (4)، وكتابِ نوادر الحكمةِ لمحمّدِ بنِ أحمدَ بنِ يحيى بنِ عمرانَ الأشعريِّ (5)، وكتابِ النّوادر لأحمدَ بنِ محمّدِ ابنِ عيسى (6)، أو مِن غيرهم، ككتابِ حفصِ بنِ غياثٍ القاضي (7)، وكُتُبِ الحسيِن

--------------------------------
(1) وهما الحسنُ والحسيُن ابنا سعيد بن حّماد بن مهران، تشاركَا في الكُتُبِ الثلاثين المصنّفة من قبلهما، ومن هذه الكتب : كتابُ الوضوء ، كتابُ الصّلاة، كتابُ الزَكاة، كتابُ الصّوم، وغيرهما . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 58، 59، الطوسي، الرِّجال : ص 354، والفهرست : ص 104 ، الحُّلي، الخلاصة : ص 99 .
(2) هكذا في الأصل، والصّحيح سعد بن عبد الله، كما في ترجمتِه التالية، ولعلّه سهوٌ مِنَ المصنِّف .
(3) هو سعدُ بن عبد الله بن أبي خلفٍ القمِّيُّ، يكنى أبا القاسم، فقيهُ الطائفةِ وشيخُها، سافر كثيراً في طلب الحديث، التقى مع الحسن بن عرفة وأبي حاتم الرازيِّ، وغيرهما، روى عن الحكم بن مسكين، وعنه أحمد بن محمّد بن عيسى، صنّف كتباً كثيرةً، منها : كتابُ الوضوء، وغيره . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 177، الطوسي، الرِّجال : ص 399، والفهرست : ص 153 .
(4) أحمد بن أبي عبد الله بن محمّد بن خالد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن عليٍّ البرقيُّ، يكنى أبا جعفر، أصلُهُ كوفيٌّ، ثقةٌ في نفسِهِ، غير أنَه أكثر الرِّواية عن الضُّعفاء، واعتمَد المراسيل، صنّف كُتُباً كثيرةً، منها كتابُ المحاسن . تنظر ترجمته : الطوسي، الفهرست : ص 62، الحُّلي، الخلاصة : ص 63، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 263، الأردبيليُّ، جامع الرُّواة : ج 1، ص 63 .
(5) مرّت ترجمته في صفحة (50) .
(6) أحمد بن محمّد بن عيسى بن الغرّاد ، كان حياّ سنة (310 هـ) ، روى عنه أبو الفرج القناّئي، ومحمّد بن عبد الله بن عمرو . تنظر ترجمته : النجاشي ، الرِّجال : ص 336 ، التفرشي ، محمّد علي : نقد الرِّجال : ج 1، ص 169، علم الهدى ، نضد الإيضاح : ص 92، الأردبيلي ، جامع الرُّواة : ج 1 ، ص 70، و ج 2 ، ص 92 .
(7) هو جعفر بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث بن ثعلبة بن ربيعة بن عامر ابن جشم بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النّخع بن عَمْرو بن علم بن خالد بن مالك بن أدون، كوفيٌّ، وي قضاء شرقي بغداد لهارون العبّاسيِّ، ثمَ ولاه قضاء الكوفة، روى عن الإمام الصّادق والكاظم (ع) ، سمِع الأعمش، له كتابُ الحديث، ولد سنة (117 هـ) ، ومات سنة (194 هـ) ، صاحب أبي حنيفة . تنظر ترجمته : ابن سعد ، الطبقات الكبرى : ج 6 ، ص 360، خليفة بن خيّاط، طبقات خليفة : ص 29، البخاري، التاريخ الكبير : ج 2، ص 370، العجليُّ، معرفة الثِّقات : ج 1، ص 310، ابن حبّان، مشاهير علماء الأمصار : ج 1، ص 272، والثِّقات : ج 1، ص 310، النجاشي، الرِّجال : ص 134، الطوسي، الرِّجال : ص 188، والفهرست : ص 116، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 170، 171 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _ 49 _

  ابنِ عبيد الله السَّعديِّ (1)، وكتبِ عليِّ بن الحسين الطَاطريِّ (2)، وأمثالهم، وعلى هذا الاصطلاح جرى دَأْبُ المحمَدينَ الثّلاثة (3)، حتى إنَ الشّيخَ (رحمه الله) جَعَلَ في العِدّة من جملةِ القرائنِ المفيدةِ لصِحّةِ الأخبار أربعةً، أوَّلها : موافقتُها لأدلّةِ العقلِ وما اقتضاه، ثانيها : مطابقةُ الخبرِ لنصِّ الكِتاب، إمَا خصوصه، أو عمومه، أو دليله، أو فحواه، ثالثُها : موافقةُ الخبرِ للسُّنةَ المقطوعِ بها من جهةِ التّواترِ، رابعُها : كونُ الخبرِ موافقاً لما أجمعت الفِرقةُ النّاجيةُ الإماميّةُ عليه، إلى أنْ قال : فهذه القرائنُ كلُّها تدلُّ على صِحَة مضمونِ أخبارِ الآحادِ، ولا تدلُّ على صِحَّتها أنفسِها ، لجواز أنْ تكونَ مصنوعةً . انتهى كلامُه ـ أعلى اللهُ مقامَه ـ (4) ، وبذلك الاصطلاح كانوا يُعرَفونَ إلى حصولِ نوبةِ شيخِنا العلامةِ جمالِ

------------------------------
(1) هو الحسين بن عبيد الله بن سهل السّعديُّ، يكنى أبا عبد الله، طعن عليه ورمي بالغلو، واخرج من قم بسبب هذه التُّهم، فقيهٌ، صنّف كتباً منها : كتابُ التوحيد، وكتابُ التوبيخ، وكتابُ الإمامة . تنظر ترجمته : الطوسي، اختيار معرفة الرِّجال : ج 2، ص 799 ، ابن داود ، الرِّجال : ص 24، الحُّلي، الخلاصة : ص 338، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 162 .
(2) هو عليُّ بن الحسين بن محمّد الجرميُّ الطاطريُّ الكوفيُّ، يكنى أبا الحسن، فقيهٌ، ثِقةٌ، ولبيعِه الثِّياب الطّاطريّة نُسِب إليها، كان واقفيّاً، متعصّباً لمذهبِهِ، معانداً للإماميّةِ، له مصنّفاتٌ كثيرةٌ في مذهبه، منها : كتابُ المواقيت، كتابُ القبلة، كتابُ المعرفة، ومجموعُ كُتُبِهِ ثلاثين كتاباً . تنظر ترجمته : النجاشي، الرِّجال : ص 254، 255، الطوسي، الفهرست : ص 156، ابن داود، الرِّجال : ص 261 ، الحُّلي، الخلاصة : ص 363 .
(3) هم الشيخُ الكلينيُّ والشيخُ الصّدوقُ والشيخُ الطوسيُّ، وسيعرِّف بهم المصنِّف (رحمه الله) في صفحة 76 ـ 77 .
(4) الطوسي، عدّة الإصول : ج 1، ص 371، 372 .

المناهج المقنعة الانيسة والمغنية النفيسة _50 _

  الحقِّ والدِّينِ الحسنِ بنِ المطهَرِ الحليّ (1) ـ قدّسَ اللهُ روحَهُ ـ فوضَعَ ذلك الاصطلاح (الجديد، فهو أوَلُ مَن سَلَكَ ذلكَ الطّريقَ مِن علمائنا المتأخّرينَ ـ رِضوانُ اللهِ .

---------------------------------
(1) هو الحسن بن سديد الدِّين بن زين الدِّين علي بن محمّد، يكنى أبا منصور، ويلقّب بالعلالامة، فقيهٌ، عالمٌ، أُصويٌّ، أديبٌ، شاعرٌ، ثقةٌ، انتهت إليه رئاسة المذهب، له كتبٌ كثيرةٌ بلغت (110 كتاباً) منها : إرشادُ الأذهان إلى أحكام الإيمان، وإيضاح الاشتباه، وتذكرة الفقهاء، وغيرها، ولد سنة (648 هـ) ، ومات سنة (726 هـ) . تنظر ترجمته : ابن داود، الرِّجال : ص 87، ابن كثير، البداية والنهاية : ج 14، ص 43، ابن حجر، لسان الميزان، ج 2، ص 260، الحرُّ العامليُّ، أمل الآمِل : ج 2، ص 81، علم الهدى، نضد الإيضاح : ص 1 ـ 32 . .