وقبل ان ننتهي من حديث السيدة سكينة ، لا بد لنا من الاشارة إلى بعض الأقوال من كتّاب سامحهم الله وهداهم .
  يقول الدكتور زكي مبارك في كتابه ( حب ابن أبي ربيعة ، وشعره ـ ص ـ 181 ... ) (1) .
  ( لا يغضب قوم إن ذكرنا انها كانت ( يعني سكينة ) في عفافها نزقة طائشة ، تؤثر الخفة على الوقار ، وتهوى ان يخلد حسنها في قصائد الشعراء ... وما اظن هذه السيدة سلمت في صلتها بابن ابي ربيعة من متورع يرميها على طهرها بالخلاعة والمجون ) .
  إلى آخر ما هنالك من المفتريات التي لم يعفّ قلم الدكتور زكي مبارك عنها .
  اقول وبمنتهى الأسف ، لم يكن من المنتظر ان يأتي ( في الزمن الأخير ) بعد الأصبهاني ، امثال الدكتور زكي مبارك فيجعل من السيدة الجليلة ، حفيدة الرسول ، الزاهدة الورعة جليسة للشاعر الماجن المستهتر عمر بن ابي ربيعة .
  ثم يجرد قلمه فيصف السيدة سكينة بأوصاف لا تتصف بها امثالها من جليلات القدر ، والمكانة المرموقة .
  وبعدها يجعل من دار سكينة بنت الحسين مرتعاً للمجون وملاذاً للشعراء ، إن الدكتور زكي مبارك لم يستند لدليل على أقواله ، بل راح يكتب عن خيال ، وكأنه في حفلة ساهرة ... لعله يظن أنه حين يكتب تصدًّق اقواله ... لماذا ؟ ... لأنه دكتور ، وعلى

********************************************************************************
(1) حب ابن ربيعة وشعره ـ الدكتور زكي المبارك .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 327 ـ

  هذا سقطت كتابته وأقواله عن الموضوعية ـ وكان من جراء أقواله السخيفة ، نرى أن كل من قرأ كتابته وتخيلاته بخصوص السيدة سكينة قد انتقده ، لأن الكاتب قبل أن يكتب يجب عليه أن يعي ما يقول ، ويعرضه على عقله ، ويتثبت من صحة الرواية وثقة الراوي .
  وتقول الدكتورة بنت الشاطئ ، أيضاً : ( لكن المأساة أن اكثرنا قد صدقوا كل ما قال عمر ، وصدقوا اولئك القصاصين الذين راحوا ينسجون الحكايات حول هذه القصيدة او تلك من غزلياته ، وهي قصص لا شك في أنها اخترعت بأجرة ، كما قال الدكتور طه حسين بحق ) .
  ثم تقول : ( على حين اخذ الدكتور زكي مبارك كل هاتيك الأخبار والقصص والمغامرات اخذاً لمَّا ، وصدقها غير مرتاب فيها ولا متظنن ) (1) .

********************************************************************************
(1) تراجم بيت النبوة ـ الدكتورة بنت الشاطئ ـ ص ـ 929 .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 328 ـ

جهاد المرأة المسلمة ووضعها الاجتماعي
  لقد انتزعت المرأة المسلمة المؤمنة ، المزيد من المنزلة الاجتماعية بمساهمتها في جميع المجالات السياسية والثقافية ونافست الرجال في شتى الميادين .
  شقت طريقها بفضل الاسلام وتعاليمه ، وأنارت حياتها بنور العلم والإيمان ، فأصبحت داعية للقرآن ، راوية للحديث ، سابقة إلى الإجادة في ضروب الشعر ، خطيبة تأخذ بأعنه النفوس ، محافظة على نشاطها الاجتماعي الذي بعثه فيها الدين الإسلامي العظيم .
  ففي الصراع الدامي بين امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ومعاوية بن ابي سفيان في صفين ، ظهرت كثيرات من النساء اللواتي أبلين بلاء حسناً في نصرة الحق ... أهل بيت الرسول .
  وأكثر من ذلك كله فإنهن على جانب من الشجاعة وحرية الرأي ، لا يعرفن المواربة ولا التملق ، ولا يخفن إلا الله سبحانه ، وتتجلى جرأة المرأة الأدبية عندما تحضر المعارك الحربية وتلقي الخطب المثيرة ، تنشد الأشعار الحماسية التي تدفع المقاتلين على الاستبسال .
  وعلى سبيل المثال لا بد من ذكر بعض النساء اللواتي جاهدن في سبيل الحق منهن سودة بنت عمارة رحمها الله ، لقد كان ثاقبة الرأي في السياسة ، نافذة البصيرة في الزعامة ، تمثل قومها في الخطوب ، وتنوب عنهم في المحافل على الرغم

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 329 ـ

  مما عرف عن قومها ( بني همدان ) من نبل السلوك وبأس عند اللقاء . حتى قال فيهم الإمام علي ( عليه السلام ) :
ولو كنت بواباً على باب جنة      لـقلت  لهمدان ادخلوا iiبسلام

  سودة بنت عمارة بن الاشتر الهمدانية :
  جاء في بلاغات النساء : استأذنت سودة بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية على معاوية بن أبي سفيان ، فأذن لها ، فلما دخلت عليه قال :
  هيه يا بنت الأشتر ؟ ألست القائلة يوم صفين :
شمَّر كفعل ابيك يا ابن iiعمارة      يـوم  الطعان وملتقى iiالأقران
وانصر علياً والحسين ورهطه      واقـصد  لـهند وابنها iiبهوان
إن الإمـام أخـو النبي iiمحمد      عـلم الـهدى ومنارة iiالإيمان
فـقد الجيوش وسر أمام iiلوائه      قـدماً بـأبيض صارم iiوسنان

  قالت : اي فوالله ما مثلي من رغب عن الحق ، او اعتذر بالكذب .
  قال لها : فما حملك على ذلك ؟ قالت : حب علي ( عليه السلام ) ، واتباع الحق ، قال : والله ما أرى عليك من أثر علي شيئاً .
  قالت : انشدك الله يا أمير ، وإعادة ما مضى ، وتذكار ما قد نسي ، قال : هيهات ما مثل مقام أخيك ينسى ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 330 ـ

  قالت : صدق فوك ، لم يكن اخي ذميم المقام ، ولا خفي المكان كان والله كقول الخنساء :
وان صخراً لتأتم الهداة به      كـأنه  علم في رأسه iiنار

  قالت : صدقت لقد كان كذلك ، فقالت : مات الرأس ، وبتر الذنب وبالله اسألك يا أمير المؤمنين إعفائي مما استعفيت منه ، قال : قد فعلت فما حاجتك ؟ قال : إنك أصبحت للناس سيداً ، ولأمرهم متقلداً ، والله سائلك من أمرنا ، وما افترض عليك من حقنا ، ولا يزال يقدم علينا من ينوه بعزك ، ويبطش بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة ، هذا بسر بن ارطاة ، قدم علينا من قبلك فقتل رجالي وأخذ مالي ، ولو لا الطاعة لكان فينا عز ومنعة ، فإما عزلته عنا فشكرناك ، وإما لا فعرفناك .
  فقال معاوية : أتهدديني بقومك ؟ لقد هممت أن احملك على قتب أشرس ، فأردك إليه ، ينفذ فيك حكمه ، فأطرقت تبكي ثم أنشأت تقول :
صلى  الإله على جسم iiتضمنه      قـبر فأصبح فيه العدل iiمدفونا
قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً      فصار  بالحق والإيمان iiمقرونا

  قال لها : ومن ذلك ؟ قالت : علي بن ابي طالب عليه السلام ، قال : وما صنع حتى صار عندك كذلك ؟ قالت : قدمت عليه في رجل ولاه صدقاتنا ، فكان بيني وبينه وما بين الغث والسمين ، فأتيت علياً عليه السلام ، لأشكوا إليه ما صنع ، فوجدته قائماً يصلي ، فلما نظر إلي انفتل من صلاته ، ثم قال برقة وتعطف : إلك حاجة ؟ فأخبرته الخبر ، فبكى ثم قال : اللهم إنك أنت الشاهد

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 331 ـ

  عليَّ وعليهم ، إني لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقك ، ثم أخرج من جيبه قطعة كهيئة طرف الجراب ، فكتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ( قد جاءتكم بيّنة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ) .
  إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام .
  فأخذته منه والله ما ختمه بطين ، ولا خزمه بخزام ، فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف والعدل عليها ، فقالت : إليَّ خاصة أم لقومي ؟ قال : وما أنت وغيرك ؟ قالت : هي والله الفحشاء واللؤم ... إن لم يكن عدلاً شاملاً وإلا فأنا كسائر قومي .
  قال : هيهات لمظكم ابن أبي طالب الجرأة وغركم قوله :(1)
فلو كنت بواباً على باب جنة      لـقلت  لهمدان أدخلي iiبسلام

  لقد كانت السيدة سودة تتمتع بمزايا عظيمة من قوة الحجة على الدعوى وعمق الاحساس بالقضية الملقاة إليها ، مع قدر كاف من حسن التعبير ودقة التصوير .
  ومن أبرز الصفات للوعي الاجتماعي عند المرأة في صدر الإسلام هو ذلك الصمود الذي لا تفلّه الغلبة وذلك الثبات الذي لا تزعزعه الحوادث والكوارث ، والصبر مع الإيمان الذي لا ينفذ عند استبطاء النصر ، ولا يتلاشى عند مجابهة الأعداء .

********************************************************************************
(1) اعلام النساء لعمر رضا كحالة ـ بلاغات النساء لابن طيفور ـ والعقد الفريد لابن عبد ربه الاندلسي .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 332 ـ

الزرقاء بنت عدي
  هذه المرأة من المسلمات الأول اللواتي لا يعرفن التملق والحيل والخداع ، كانت من ربات الفصاحة والبلاغة والعقل والرأي ، ناصرت علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) يوم صفين (1) ولما تم الأمر لمعاوية قال لأصحابه : ايكم يحفظ كلام الزرقاء ؟ فقال القوم : كلنا نحفظه يا امير المؤمنين ، قال : فما تشيرون عليَّ فيها ؟ قالوا : نشير عليك بقتلها .
  قال بئس ما اشرتم عليَّ به ... ايحسن بمثلي ان يتحدث الناس اني قتلت امرأة بعدما ملكت ، ثم دعا كاتبه ، فكتب الى عامله بالكوفة ان اوفد اليَّ الزرقاء بنت عدي .
  فلما قدمت على معاوية قال لها : مرحباً واهلاً ، هل تعلمين لما بعثت اليك ؟ قالت : سبحان الله أنى لي بعلم ما لم أعلم ، وهل يعلم ما في القلوب إلا الله ، قال : بعثت اليك ان اسألك ؟ ( الست راكبة الجمل الأحمر يوم ( صفين ) بين الصفين ، توقدين الحرب

********************************************************************************
(1) صفين : موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 333 ـ

  وتحرضين على القتال ، فما حملك على ذلك ) .
  قالت : يا أمير المؤمنين انه قد مات الرأس ، وبتر الذنب ، والدهر ذو غير ومن تفكر أبصر والأمر يحدث بعده الأمر .
  قال لها : صدقت ، فهل تحفظين كلامك يوم صفين ؟ فقالت : ما أحفظه ، قال : ولكنني أحفظه لله أبوك لقد سمعتك تقولين : ( أيها الناس أنكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم وجارت بكم عن المحجة فيالها من فتنة عمياء صماء تسمع لنا عقها ، ولا تسلس لقائدها ، ان المصباح لا يضيء في الشمس ، وأن الكواكب لا تنير مع القمر ، وأن البغل لا يسبق الفرس ، وأن الزف لا يوازن الحجر ولا يقطع الحديد إلا الحديد .
  إلا من استرشدنا أرشدناه ، ومن استخبرنا أخبرناه ، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها .
  فصبراً يا معشر المهاجرين والأنصار ، فكأن قد اندمل شعب الشتات ، والتأمت كلمة العدل ، وغلب الحق باطله ، فلا يعجلن أحد فيقول كيف العدل وأنّى ؟ ليقضي الله أمراً كان مفعولاً .
  ( إلا أن خضاب النساء الحناء ، وخضاب الرجال الدماء والصبر خير عواقب الأمور ، أيهاً إلى الحرب قدماً غير ناكصين ولا متشاكسين فهذا يوم له ما بعده .
  ثم قال معاوية : والله يا زرقاء لقد شركت علياً في كل دم سفكه فقالت : أحسن الله بشارتك يا أمير ، وأدام سلامتك مثلك من بشر بخير وسر جليسه .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 334 ـ

  قال لها : وقد سرك ذلك ؟ قالت : نعم ، والله لقد سرني قولك فأني لي بتصديق الفعل .
  فقال معاوية : والله لوفاؤكم له بعد موته ، أعجب الي من حبكم له في حياته ، أذكري حاجتك ، قالت : يا أمير أني قد آليت على نفسي ان لا أسأل أميراً أعنت عليه شيئاً (1) .

********************************************************************************
(1) بلاغات النساء لابن طيفور ـ العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي ـ اعلام النساء .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 335 ـ

بكارة الهلالية
  لنقف أيها القارئ الكريم ، ونلقي نظرة خاطفة على بكارة الهلالية تلك المرأة المؤمنة ، التي كانت تحمل بين جنبيها قلباً حافظاً ، وإيماناً راسخاً وعقيدة ثابتة .
  كانت من النساء المسلمات المؤمنات ، الموصوفات بالشجاعة والاقدام والفصاحة ، والشعر والنثر والخطابة .
  حضرت حرب صفين وكان من أنصار الحق وبجانب الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
  دخلت على معاوية بن أبي سفيان بعد ان كبرت سنها ودق عظمها ، ومعها خادمان لها وهي متكئة عليهما وبيدها عكاز ، وكان عنده مروان بن الحكم ، وعمرو بن العاص ، فابتدأ مروان فقال : أما تعرف هذه يا أمير المؤمنين ؟ فقال : ومن هي ؟
  قال : هي التي كانت تعين علينا يوم صفين ، وهي القائلة :
يا زيد دونك فاستثر من دارنا      سيفاً  حساماً في التراب iiدفينا
قـد  كنت أدخره ليوم iiكريهة      فـاليوم أبرزه الزمان مصونا

  فقال عمرو بن العاص ، وهي القائلة :
أترى ابن هند للخلافة مالكاً      هيهات  ذاك وما أراد iiبعيد

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 336 ـ

منتك نفسك في الخلاء ضلالة      اغـراك عمرو للشقاء iiوسعيد
فـارجع بانكد طائر iiبنحوسها      لاقـت عـلياً أسـعد iiوسعود

  فقال سعيد : يا أمير المؤمنين وهي القائلة :
قد كنت آمل ان أموت ولا أرى      فـوق الـمنابر من أمية iiخاطبا
فالله  أخـر مـدَّتي iiفـتطاولت      حتى  رأيت من الزمان iiعجائبا
فـي  كل يوم لا يزال iiخطيبهم      وسـط الجموع لآل أحمد iiعائبا

  ثم سكت القوم فقالت بكارة : نبحتني كلابك يا معاوية ... واعتورتني ،فقصر محجتي وكثر عجبي ، وعشي بصري ، أنا والله قائلة ماقالوا : لا أدفع ذلك بتكذيب ، فامض لشأنك ، فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين علي .
  فقال معاوية : لا يضعك شيء ، فاذكري حاجتك ؟ قالت : الآن ... فلا ... (1) .

********************************************************************************
(1) العقد الفريد لابن عبد ربه الاندلسي ـ بلاغات النساء لابن طيفور ـ اعلام النساء لعمر رضا كحالة .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 337 ـ

أم الخير بنت الحريش البارقية
  سيدة جليلة ، لا تقل شجاعة واقداماً عن اللواتي ناصرن الحق ، وحرية الرأي هي أم الخير بنت الحريش ، مثال المرأة المسلمة المؤمنة الصالحة ، وهي من ربات الفصاحة والبلاغة .
  وقد ذكر أهل التاريخ ان معاوية بن أبي سفيان كتب الى واليه بالكوفة : ان أوفد عليّ أم الخير بنت الحريش .
  فلما ورد الكتاب ركب الوالي اليها وأبلغها ، فقالت له : أما أنا فغير راغبة عن طاعة ولا معتلة بكذب : ولما قدمت على معاوية ، انزلها مع الحرم ثلاثة أيام ، ثم أذن لها في اليوم الرابع وجمع الناس .
  فدخلت عليه فقال : بحسن نيتي ظفرت بكم وأعنت عليكم .
  قالت : مه ... يا هذا لك والله من دحض المقال ما تردى عاقبته .
  قال : ليس لهذا أردناك .
  قالت : إنما أجري في ميدانك ، إذا أجريت شيئاً فاسأل عما بدا لك .
  قال : كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر ؟
المرأة في ظل الإسلام (22)

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 338 ـ

  قالت : لم أكن والله رويته من قبل ، ولا زورته بعد ، وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة ، فإن شئت ان أحدث لك مقالاً غير ذلك فعلت .
  قال : لا أشاء ذلك ، ثم التفت الى اصحابه فقال : أيكم يحفظ كلام أم الخير ؟ قال رجل من القوم : أنا أحفظه يا أمير .
  كأني بها وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية ، وهي على جمل أرمك ، وقد أحيط حولها ، وبيدها سوط منتشر الضفر وهي كالفحل يهدر في شقشقته تقول : أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم ، ان الله قد أوضح الحق ، وأبان الدليل ، ونور السبيل ، ورفع العلم ، فلم يدعكم في عمياء مبهمة ، ولا سوداء مدلهمة ، فالى اين تريدون رحمكم الله ؟ أفراراً من الزحف ، أم رغبة عن الإسلام ، أم ارتداداً عن الحق ؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) .
  ثم رفعت رأسها الى السماء وهي تقول : اللهم قد عيل الصبر وضعف اليقين ، وانتشر الرعب ، وبيدك يا رب أزمة القلوب ، فاجمع الكلمة على التقوى ، وألّف القلوب على الهدى ، ورد الحق الى أهله .
  هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل ، والوصي الوفي والصديق الأكبر .
  انها والله إحن بدرية ، وأحقاد جاهلية ، وضغائن أحدية ، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس .
  ثم قالت : ( قاتلوا أئمة الكفر انهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون ) صبراً معاشر

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 339 ـ

  المهاجرين والأنصار ، قاتلوا على بصيرة من ربكم وثبات من دينكم ، وكأني بكم غداً قد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة ، فرت من قسورة لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض ، باعوا الآخرة بالدنيا واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى وعما قليل يصبحن نادمين حتى تحل بهم الندامة ، فيطلبون الإقالة ! انه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ومن لم يسكن الجنة نزل النار .
  أيها الناس : ان الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها ، واستبطأوا مدة الآخرة ، فسعوا لها ، والله أيها الناس : لو لا ان تبطل الحقوق وتعطل الحدود ويظهر الظالمون ، وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه ، فإلى أين تريدون رحمكم الله ؟ عن ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وزوج ابنته وأبي ابنيه ، خلق من طينته ، وتفرع من نبعته وخصه بسره ، وجعله باب مدينته ، وأعلم بحبه المسلمين ، وأبان ببغضه المنافقين ، فلم يزل كذلك يؤيده الله عز وجل بمعونته ، ويمضي على سنن استقامته ، لا يعرج لراحة اللذات ، وهو مفلق الهام ومكسر الأصنام إذ صلى والناس مشركون وأطاع والناس مرتابون ، فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر ، وأفنى أهل أحد ، وفرق جمع هوازن ، فيا لها من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقاً وردة وشقاقاً ، وقد اجتهدت في القول وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فقال معاوية : يا أم الخير ما اردت بهذا إلا قتلي ، والله لو قتلتك ما حرجت في ذلك ؟ قالت : والله ما يسوءني يا ابن هند ان يجري الله ذلك على يد من يسعدني الله بشقائه .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 340 ـ

أم وهب زوجة عبد الله بن عمر الكلبي
  ان الكثيرات من النساء الصالحات ، هن افضل من الكثير من الرجال ، بعقلهن وإيمانهن وتدينهن وشجاعتهن ، وكانت الدنيا في اعينهن لا تعادل شيئاً في سبيل الله سبحانه ، والدفاع عن الكرامة والدين .
  ذكر السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه ( حديث كربلاء ) ، قال : حينما قتل عبد الله بن عمر الكلبي في واقعة كربلاء الشهيرة وكان من اصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، مشت اليه زوجته أم وهب ، وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول :
  ( هنيئاً لك الجنة ، اسأل الله الذي رزقك الجنة ان يصحبني معك ) ، فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود فشدخه وماتت مكانها ، وهي أول أمرأة قتلت من اصحاب الحسين ( عليه السلام ) .
  وقطع رستم رأسه ورمى به الى جهة اصحاب الحسين ، فأخذته امه ومسحت الدم عنه ، ثم أخذت عمود خيمة وبرزت الى الاعداء ، فردها الحسين وقال : ارجعي رحمك الله فقد وضع عنك الجهاد (1) .

********************************************************************************
(1) حديث كربلاء او مقتل الحسين ذكره السيد عبد الرزاق المقرم وغيره كثير امثال الطبري ـ وابن شهر اشوب ـ وابن الأثير وغيرهم .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 241 ـ

  فرجعت امتثالاً لأمر الحسين ( عليه السلام ) .
  وهذه هي حال المرأة الصالحة المسلمة ، التي لم تتوقف عن خوض المعارك والدفاع عن الدين والعقيدة ، ولم تعوزها الشجاعة والأقدام لو سمح لها الامام الحسين ( عليه السلام ) بالجهاد .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 342 ـ

عكرشة بنت الاطرش
  من ربات الفصاحة والبلاغة والبيان وقوة الحجة وحرية الرأي ، دخلت على معاوية فسلمت فقال لها : يا عكرشة الآن صرت امير المؤمنين ؟ ... قالت : نعم اذ لا علي حي ... قال الست صاحبة الكور المسدول والوسيط المشدود ، والمتقلدة بحمائل السيف ،وانت واقفة بين الصفين يوم ( صفين ) تقولين :
  يا ايها الناس عليكم بأنفاسكم لا يضركم من ضل اذ اهتديتم ، ان الجنة دار لا يرحل عنها من قطنها ، ولا يحزن من سكنها فابتاعوها بدار لا يدوم نعيمها ولا تنصرم همومها ، كونوا قوماً متبصرين . ان معاوية دلف اليكم بعجم العرب غلف القلوب لا يفقهون الايمان ، ولا يدرون ما الحكمة ، دعاهم بالدنيا فاجابوه واستدعاهم الى الباطل فلبوه .
  فالله الله عباد الله في دين الله ، وإياكم والتواكل فان في ذلك نقض عروة الاسلام ، واطفاء نور الإيمان ، وذهاب السنة ... واظهار الباطل ، هذه بدر الصغرى والعقبة الأخرى .
  قاتلوا يا معشر الانصار والمهاجرين على بصيرة من دينكم واصبروا على عزيمتكم ، فكأني بكم غداً وقد لقيتم أهل الشام كالحمر الناهقة والبغال الشحاجة تضفع ضغع البقر ، وتروث روث العتاق ... الخ .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 343 ـ

دارمية الحجونية
  لا يخفى ان قوة العقيدة ، وعزة النفس ، يسجلان للانسان اسمى الفضائل ، ويجعلان منه مثلاً ساميا وقدوة صالحة ، فلا تزيده مر الليالي والأيام الا رفعة واعظاماً .
  لقد سجل التاريخ على صفحاته موقف درامية الحجونية ، فسجل الصراع بين الحق والباطل وبين قوة السلاح وقوة العقيدة .
  حج معاوية بن ابي سفيان ، فسأل عن امرأة من بني كنانة ، كانت تنزل بالحجون ، يقال لها درامية الحجونية ، وكانت سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها ، فبعث اليها فجيء بها .
  فقال : ما حالك يا بنة حام ؟ فقالت : لست لحام ان عبتني ، انا امرأة من كنانة . قال صدقت ، اتدرين لم بعثت اليك .
  قالت لا يعلم الغيب الا الله ، قال : بعثت اليك لأسألك علام احببت علياً وابغضتني وواليته وعاديتني ؟ قالت : او تعفيني يا امير ، قال : لا اعفيك .
  قالت : اما اذا أبيت فاني احببت علياً على عدله في الرعية ، وقسمه بالسوية وابغضتك على قتالك من هو أولي منك بالأمر ، وطلبتك ما ليس لك بحق ، وواليت علياً على ما عقد له

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 344 ـ

  رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الولاء وحبه للمساكين واعظامه لأهل الدين.
  وعاديتك على سفك الدماء ، وجورك في القضاء ، وحكمك بالهوى .
  قال : فلذلك انتفخ بطنك وعظم ثدياك ، وربت عجيزتك .
  قالت : يا هذا بهند والله كان يضرب المثل في ذلك ـ لا ـ بي .
  قال معاوية : يا هذه اربعي ، فانا لم نقل الا خيرا ، انه اذا انتفخ بطن المرأة ثم خلق ولدها ، واذا عظم ثدياها تروي رضيعها ، واذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها ، فرجعت وسكنت .
  قال لها : يا هذه هل رأيت علياً ؟ قالت : أي والله .
  قال : كيف رأيته ! قالت : رأيته والله لم يغتنه الملك الذي فتنك ، ولم تشغله النعمة التي شغلتك ، قال : فهل سمعت كلامه ؟ قالت : نعم : والله كان يجلو القلب من العمى ، كما يجلو الزيت صدأ الطست ، قال : صدقت ، فهل لك من حاجة ؟ قالت : او تفعل اذا سألتك ؟ قال : نعم ، قالت : تعطيني مائة ناقة حمراء ، فيها فحلها وراعيها .
  قال : تصنعين بها ماذا ؟ قالت : اغذوا بالبانها الصغار ، واستحيي بها الكبار واكتسب بها المكارم ، واصلح بها بين العشائر ، قال : فان اعطيتك ذلك ، فهل احل محل علي بن ابي طالب ؟ قالت : ( ماء لا كصداء ، و مرعى ولا كالسعدان وفتى ولا

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 345 ـ

  كمالك (1) .
  ثم قال : أما والله لو كان علي حياً ، ما اعطاك منها شيئاً .
  قالت : لا والله ولا وبرة واحدة من مال المسلمين (2) .

********************************************************************************
(1) صداء : عين لم يكن عندهم ماء اعذب من مائها ـ والسعدان ، نبت ذو شوك ، وهو افضل مراعي الابل ولا تحسن على نبت حسنها عليه ـ ومالك : هو ابن نويرة ، وقد قال اخوه متمم هذا فيه لما قتله خالد بن الوليد .
(2) العقد الفريد لابن عبد ربه الاندلسي .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 346 ـ

ام البراء بنت صفوان بن هلال
  ما اعظم الاسلام ، وما أجل قدره ، لقد بعث في قلوب المسلمين الجرأة والاقدام ، والتفاني في سبيل الله وعدم الاكتراث بأي تهديد او وعيد ، حتى لترى المرأة المسلمة الصالحة ليثاً هصوراً ، اتخذت من الايمان والعقيدة سلاحاً ماضياً ينحط عنده كل سلاح .
  ( وأم البراء ، شاعرة ذات لسان فصيح ، ومنطق مبين ، وهي ممن دخلن على معاوية بن ابي سفيان ، فأستأذنت عليه فاذن لها ، فدخلت في ثلاثة دروع ، تسحبها ، قد كارت على رأسها كوراً ، كهئية المنسف فسلمت ثم جلست ، فقال : كيف حالك يا بنت صفوان ؟ قالت : بخير يا امير ، ضعفت بعد جلد ، وكسلت بعد نشاط .
  قال : سيان بينك اليوم وحين تقولين :
يا عمرو دونك صارماً ذا رونق      عـضب  المهزة ليس iiبالخوار
اسرج  جوادك مسرعاً iiومشمراً      لـلحرب  غـير مـعرد iiلفرار
اجـب  الامام ودب تحت لوائه      وافـر الـعدو بـصارم iiبـتار
يـا ليتني اصبحت ليس iiبعورة      فـاذب عـنه عـساكر iiالفجار

  قالت : قد كان ذلك يا امير ، ومثلك عفا والله تعالي يقول عفا الله عما سلف .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 347 ـ

  قال : هيهات اما انه لو عاد لعدت ، ولكن اخترم دونك ، فكيف قولك حين قتل ؟ قالت ، نسيته يا امير ، فقال بعض جلسائه هو والله حين تقول :
يـا لـلرجال لـعظم هول iiمصيبة      فـدحت فـليس مـصابها iiبالهازل
الـشـمس كـاسف لـفقد امـامنا      خـير  الـخلائق والامـام iiالعادل
يا خير من ركب المطي ومن مشى      فـوق الـتراب لـمحتف او ناعل
حـاشا الـنبي لـقد هددت iiقواءنا      فـالحق اصـبح خـاضعاً iiللباطل

  فقال معاوية : قاتلك الله يا بنت صفوان ، ما تركت لقائل مقالاً ، اذكري حاجتك .
  قالت : هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئاً ثم قامت فعثرت ، فقالت : تعس شأنيء علي (1) ... رحمك الله يا ام البراء ، هيهات ان تباع الضمائر الحرة ... ويسيطر القوي الغاشم على الاحرار الاوفياء اصحاب العقيدة والإيمان .
لا  تـخضعن لمخلوق على iiطمع      فـان  ذلـك وهن منك في iiالدين
واسـترزق الله مـما في iiخزائنه      فانما الأمر بين الكاف والنون (2)

********************************************************************************
(1) بلاغات النساء لابن طيفور ـ اعلام النساء عمر رضا كحالة وغيرهما .
(2) هذان البيتان من الديوان منسوب للامام علي عليه السلام .

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 348 ـ

آمنة بنت الشريد
  هي زوجة عمرو بن الحمق الخزاعي ، امرأة شجاعة ذات عقل ودين عزيزة الجانب فصيحة اللسان عظيمة الشأن ، ومن ذوات الشرف والمروءة .
  لقد جاهدت عن عقيدتها ورأيها ما استطاعت ، ولا فرق بالجهاد بين اللسان والسنان .
  قتل معاوية بن ابي سفيان زوجها عمرو بن الحمق ، لأنه كان من أصحاب علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) وذلك حينما ظفر به بواسطة واليه عبد الرحمن بن الحكم ، ولما قتله بعث براسه الى معاوية ( وهو اول راس حمل في الاسلام ) ، وكان معاوية قد أخذ بالتنكيل من اصحاب علي ( عليه السلام ) : امثال : ( حجر بن عدي الكندي وأصحابه ( رضي الله عنهم ) .
  ( فلما اتى معاوية الرسول بالرأس ، بعث به الى آمنة بالسجن وقال للحرسي : احفظ ما تتكلم به حتى تؤديه الي ، واطرح الرأس في حجرها .
  ففعل هذا ، فارتاعت له ساعة ، ثم وضعت يدها على رأسها وقالت : واحزنا لصغره في دار هوان ، وضيق من ضيمه سلطان ، نغيتموه عني طويلاً ، واهديتموه الي قتيلاً ، فاهلاً وسهلاً ، بمن كنت له غير قالية ، وانا اليوم له غير ناسية ، ارجع به ايها الرسول الى معاوية وقل له ولا تطوه دونه .
  ( ايتم الله ولدك ، واوحش منك اهلك ، ولا غفر الله ذنبك ) فرجع الرسول الى معاوية فأخبره بما قالت : فارسل اليها ، فاتته وعنده نفر فيهم

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 349 ـ

  اياس بن حسل اخو مالك بن حسل وكان في شدقيه نتؤعن فيه لعظم كان في لسانه ، وثقل اذا تكلم ، فقال لها معاوية : أأنت يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني به ؟
  قالت : نعم غير نازعة عنه ولا معتذرة منه ولا منكرة له ، فلعمري اجتهدت في الدعاء ان نفع الاجتهاد ، وان الحق لمن وراء العباد ، وما بلغت شيئاً من جزائك ، وان الله بالنقمة من ورائك .
  فاعرض عنها معاوية ، فقال اياس : اقتل هذه يا امير المؤمنين ؟ فوالله ما كان زوجها احق بالقتل منها ، فالتفت اليه ، فلما رأته ناتئ الشدقين ، ثقيل اللسان ، قالت : تباً لك ويلك ، بين لحيتيك كجثمان الضفدع ثم انت تدعوه الى قتلي ، كما قتل زوجي بالأمس ، ان تريد إلّا ان تكون جباراً في الأرض وما تريد ان تكون من المصلحين ؟ فضحك معاوية ثم قال : لله درك اخرجي ثم لا اسمع بك في شيء من الشام .
  قالت : وأبي لاخرجن ، ثم لا تسمع لي في شيء من الشام فما الشام لي بحبيب ولا أعرج فيها على حميم وما هي لي بوطن ، ولا احن فيها إلى سكن ، ولقد عظم فيها ديني ، وما قرت بها عيني ، وما أنا فيها إليك بعائدة ، ولا حيث كنت بحامدة ، فاشار اليها ببنانه اخرجي ... فخرجت وهي تقول : واعجبي لمعاوية يكف عني لسانه ، ويشير إلى الخروج ببنانه ، أما والله ليعارضنه عمرو بكلام مؤيد شديد أوجع من نوافذ الحديد أو ما أنا بابنة الشريد من

المرأة في ظلّ الإسلام  ـ 350 ـ

  كلام طويل (1) .
  خرجت آمنة بنت الشريد من الشام ، بعد ما لاقت من الذل والهوان ما يعجز عنه البيان ، في زنزانة معاوية بن أبي سفيان وجلاوزته ، وذلك طيلة عامين كاملين ، وليس لها من ذنب إلا العقيدة الراسخة والإيمان القوي وحرية الرأي الذي بعثه فيها الدين الإسلامي العظيم .

********************************************************************************
(1) بلاغات النساء لابن طيفور ـ اعلام النساء عمر رضا كحالة .