دمشق ( سنة 360 هـ )

   قال الذهبي في تاريخ الإسلام : ... وفي صفر أعلن المؤذّنون بدمشق ( حيّ على خير العمل ) بأمر جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعزّ بالله ، ولم يجسر أحد على مخالفته ، وفي جمادى الآخرة أمرهم بذلك في الإقامة فتألم الناس لذلك فهلك لِعامِهِ والله أعلم (1) .
   وفي ( سير أعلام النبلاء ) : ... وفي سنة ستين تملّك بنو عبيد مصر والشام وأذنوا بدمشق بـ ( حيّ على خير العمل ) وغلت البلاد بالرفض شرقاً وغرباً وخفيت السنة قليلاً (2) .
   ثمّ قال في ( ج 16 : 467 ) : ... وقطعت الخطبة العباسية وألبس الخطباء البياض وأذنوا بـ ( حيّ على خير العمل ) .
   وقال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) : ... استقرّت يد الفاطميين على دمشق في سنة 360 ، وأذّن فيها وفي نواحيها بـ ( حيّ على خير العمل ) أكثر من مائة سنة ، وكتب لعنة الشيخين على أبواب الجوامع بها وأبواب المساجد .
   وفي مصر خطب جوهر لمولاه وقطع خطبة بني العبّاس ، وذكر في خطبته الأئمّة الاثني عشر وأمر فأذّن بـ ( حيّ على خير العمل ) (3) .
   وقال بعد ذلك : وفيها أذن بدمشق وسائر الشام بـ ( حيّ على خير العمل ) ، قال ابن عساكر في ترجمة جعفر بن فلاح نائب دمشق : وهو أوّل من تأمّر بها عن الفاطميين :

(1) تاريخ الإسلام : 48 حوادث 351 ـ 380هـ .
(2) سير أعلام النبلاء 15 : 116 ، تاريخ الخلفاء : 402 .
(3) البداية والنهاية 11 : 284 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 377 ـ
   أخبرنا أبو محمّد الأكفاني ، قال : قال أبو بكر أحمد بن محمّد بن شرام : وفي يوم الخميس لخمس خَلَونَ من صفر من سنة 360 أعلن المؤذّنون في الجامع بدمشق وسائر مآذن البلد وسائر المساجد بحيّ على خير العمل بعد حيّ على الفلاح ، أمرهم بذلك جعفر بن فلاح ولم يقدروا على مخالفته ، ولا وجدوا من المسارعة إلى طاعته بُدّاً .
   وفي يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة أُمر المؤذّنون أن يُثنّوا الأذان والتكبير في الاقامة مَثْنى مَثْنى ، وأن يقولوا في الإقامة ( حيّ على خير العمل ) ، فاستعظم الناس ذلك وصبروا على حكم الله (1) .
   وجاء في ( النجوم الزاهرة ) : ... وهي السـنة الثانـية لولاية جوهر ... على مصر وهي سنة 360 ، وفيها عمل الرافضـة المآتـم ببغـداد في يوم عاشـوراء على العـادة في كلّ سـنة من النَّـوح واللطـم والبكـاء ، وتعليق المُسـوح ، وغلق الأسـواق ، وعملوا العيد والفرح يوم الغـدير وهو يـوم ثامن عشـر من ذي الحجّة .
   وفي صفر أعلن المؤذّنون بـ ( حيّ على خير العمل ) بأمر القائد جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعزّ الفاطمي ، ولم يجسر أحد على مخالفته ، ثمّ في جمادى الآخرة أمرهم ابن فلاح المذكور بذلك في الإقامة فتألم الناس (2) .
   وقال أيضاً : ... وفيها ( أي سنة 360 ) قتل جعفر بن فلاح وهو أوّل أمير ولي دمشق لبني عبيد المغربي ، والعجب أن القرمطي أبا محمّد الحسن بن أحمد لمّا

(1) البداية والنهاية 11 : 287 ، وكلام ابن كثير يشير إلى عمل أهل السنة والجماعة بالتقية لو احسوا الضرورة لذلك ، كما يفعله اليوم الخط السلفي واتباع الطالبان ، فلا يرتضي أحد منهم أن يُنسَب إلى ابن لادن خوفاً من القتل والسجن !
(2) النجوم الزاهرة 4 : 57 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 378 ـ
  قتله بكى عليه ورثاه لأنهما يجمع بينهما التشيّع (1) .
   وقد كتب المقريزي عن المعزّ لدين الله : أنه لمّا دخل مصر أمر في رمضان سنة اثنين وستّين وثلاثمائة فكتب على سائر الأماكن بمدينة مصر : ( خير الناس بعد رسول الله أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ) (2) .

حلب ( سنة 367 هـ )

   جاء في زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن أبي ب بابن العديم المتوفّى سنة 660 : ... وانهزم ( بكجور ) إلى القلعة فاستعصى بها وذلك في رجب سنة خمس وستّين وثلاثمائة ، ثمّ أقام سعد الدولة يحاصر القلعة مدة حتّى نفذ ما فيها من القوت ، فسلمها ( بكجور ) في شهر ربيع الآخر من سنة سبع وستين وثلاثمائة .
   وولى سعد الدولة بكجور حمص وجندها ، وكان تقرير أمر بكجور بين سعد الدولة وبينه على يد أبي الحسن عليّ بن الحسين بن المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم .
   واستقرّ أمر سعد الدولة بحلب ، وجدّد الحلبيّون عمارة المسجد الجامع بحلب ، وزادوا في عمارة الأسوار في سنة سبع وستين ، وغيَّر سعدٌ الأذانَ بحلب وزاد فيه : ( حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر ) ، وقيل : أنه فعل ذلك في سنة تسع وستين وثلاثمائة ، وقيل : سنة ثمان وخمسين ، وسير سعد الدولة في سنة سبع وستين وثلاثمائة الشريف أبا الحسن إسماعيل بن

(1) النجوم الزاهرة 4 : 57 .
(2) المواعظ والاعتبار 2 : 340 ـ 341 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 379 ـ
  الناصر الحسني يهنّئ عضد الدولة بدخوله مدينة السلام (1) .
   وقال أبو الفداء في ( اليواقيت والضرب في تاريخ حلب ) : ... وأقام سعد الدولة يحاصر القلعة مدّة حتّى نفذ ما فيها من القوت ، فسلّمها بكجور إليه في شهر ربيع الآخر سنة 367 ، وولى سعد الدولة بكجور حمص وجندها .
   وكان تقرير أمر بكجور بين سعد الدولة وبينه على يد أبي الحسن عليّ بن الحسين المغربي الكاتب والد الوزير أبي القاسم .
   واستقرّ أمر سعد الدولة بحلب ، وجدّد الحلبيّون عمارة المسجد الجامع بحلب ، وزادوا في عمارة الأسوار في سنة 367 وغيّر سعد الدولة الأذان بحلب وزاد فيه ( حيّ على خير العمل ) ، محمّد وعليّ خير البشر ، وقيل أنّه فعل ذلك في سنة 369 وقيل سنة 58 (2) .

ملتان ـ الهند ( قبل سنة 380 هـ )

   قال المقدسي المتوفّى ( 380هـ ) في كتابه ( أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم ) ضمن حديثه عن إقليم السند :    الملتان تكون مثل المنصورة غير أنّها أعمرة ليست بكثيرة الثمار غير أنّها رخيصة الأسعار ، الخبز ثلاثون منّاً بدرهم ، والفانيد ثلاثة أمنان بدرهم ، حسنة تُشاكل دور سيراف من خشب الساج طبقات ، ليس عندهم زنا ولا شرب خمر ، ومن ظفروا به يفعل ذلك قتلوه ، أو حدّوه ، ولا يكذبون في بيع ، ولايبخسون في كيل ، ولا يخسرون في وزن ، يحبّون الغرباء ، وأكثرهم عرب ،

(1) زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن العديم المتوفّى 660هـ 1 : 159 ـ 160 ، تحقيق سامي الدهان ، طـ المعهد الفرنسي .
(2) اليواقيت والضرب لإسماعيل أبي الفداء : 134 ، تحقيق محمد جمال وفالح بكور .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 380 ـ
  شربهم من نهر غزير ، والخير بها كثير ، والتجارات حسنه ، والنعم ظاهرة ، والسلاطين عادلة ، لا ترى في الأسواق متجملة ، ولا أحد يحدّثها علانية ... إلى ان يقول :
   وأهل الملتان شيعة يحيعلون في الأذان ويُثنّون في الإقامة ، ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة وليس به مالكية ولا معتزلة ، ولاعمل للحنابلة ، إنّهم على طريقة مستقيمة ، ومذاهب محمودة ، وصلاح وعفّة ، قد أراحهم الله من الغلوّ والعصبيّة والهرج والفتنة (1) .

مصر ( سنة 393 هـ )

   شرح ابن خلدون حال الحاكم بأمر الله العبيدي الذي ولي الخلافة ( 386 ـ 411 ) فقال : ... وأمّا مذهبه في الرافضة فمعروف ، ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك ، فكان يأذن في صلاة التراويح ثمّ ينهى عنها ، وكان يرى بعلم النجوم ويُؤثِره .
   ويُنقل عنه أنه منع النساء من التصرف في الأسواق ، ومنع من أكل الملوخيا ، ورفع إليه أن جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السنّة في التراويح بالرجم ، وفي الجنائز ، فكتب في ذلك سجلاً قُرئ على المنبر بمصر كان فيه : أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين يتلو عليكم من كتاب الله المبين ( لا إكراه في الدّين ) ...
   إلى أن يقول : يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون ، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون ، صلاة الخمس للدين بها جاءهم فيها يصلون ، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ، ولا هم عنها

(1) احسن التقاسم ومعرفة الاقاليم : 480 وفيه ( يهوعلون ) ويبدو أنّه تصحيف : يحوعلون أو يحيعلون ، ومعناه قولهم ( حيّ على خير العمل ) في الأذان .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 381 ـ
  يُدَفعون ، يخمّس في التكبير على الجنائز المخمّسون ، ولا يمنع من التكبير عليها المربّعون ، يؤذن بـ ( حيّ على خير العمل ) المؤذّنون ، ولا يؤذى من بها لا يؤذنون ... ولا يؤذن من بها لا يؤذنون ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كتب في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة (1) .
   وقال ابن الأثير في الكامل عن سبب قتله ( ... وقيل كان سبب قتله أنّ أهل مصر كانوا يكرهونه لما يظهر منه من سوء أفعاله ، فكانوا يكتبون إليه الرِّقاع فيها سَبّه ، ـ إلى أن يقول ـ : منها أنه أمر في صدر خلافته بسبّ الصحابة رضي الله عنهم ، وأن تكتب على حيطان الجوامع والأسواق ، وكتب إلى سائر عماله بذلك ، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة .
   ثمّّ أمر في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة بترك صلاة التراويح ، فاجتمع الناس بالجامع العتيق ، وصلّى بهم [ إماماً ] جميع رمضان ، فأخذه وقتله ، ولم يصلِّ أحد التراويح إلى سنة ثمان وأربعمائة ، فرجع عن ذلك وأمر بإقامتها على العادة .
   وبنى الجامع براشدة ، وأخرج إلى الجوامع والمساجد من الآلات والمصاحف ، والستور والحصر ما لم ير الناس مثله ، وحمل أهل الذمة على الإسلام ، أو المسير إلى مأمنهم ، أو لبس الغيار ، فأسلم الكثير منهم ، ثمّ كان الرجل منهم بعد ذلك يلقاه فيقول له : إني أريد العود إلى ديني ، فيأذن له ، ومنع النساء من الخروج من بيوتهن ... (2) وممّا يجب التنويه به هنا هو أن الحكام ـ بوصفهم حكّاماً ـ قد يتخذون بعض المواقف لمصلحة ، وقد تتدخل السياسة في بعض تصرفاتهم ، ولا

(1) تاريخ ابن خلدون 4 : 60 ـ 61 .
(2) الكامل في التاريخ 7 : 305 حوادث سنة 411 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 382 ـ
  أستثني الفاطميين من العباسيين أو العكس ، فهم بشر كغيرهم لهم ميولاتهم ونزعاتهم ، ولا يمكن النجاة من ذلك إلاّ بالإمام المعصوم .
   بل الذي ذكرناه أو نذكره ما هو إلاّ بيان لامتداد النهجين ، وإن استُغلّ من قبل الحكام في بعض الحالات .

اليمامة ( سنة 394 هـ )

   ذكر ناصر خسرو المروزي الملقّب بحجّة المتوفّى سنة 450هـ في رحلته وعند حديثه عن أحوال مدينة اليمامة : ... وأمراؤها علويّون منذ القديم ، ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم ... ومذهبهم الزيديّة ، ويقولون في الإقامة ( محمّد وعليّ خير البشر وحيّ على خير العمل ) (1) .

المدينة / مصر ( سنة 400 هـ )

   جاء في ( النجوم الزاهرة ) : أنّ الحاكم بأمر الله العبيدي أرسل إلى مدينة الرسول إلى دار جعفر الصادق مَن فتحها وأخذ منها ما كان فيها من مصحف وسرير والآت ، وكان الذي فتحها ختكين العضدي الداعي ، وحمل معه رسوم الأشراف ، وعاد إلى مصر بما وجد في الدار .
   وخرج معه من شيوخ العلوية جماعة ، فلمّا وصلوا إلى الحاكم أطلق لهم نفقات قليلة وردّ عليهم السرير وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحقّ به ، فانصرفوا داعين عليه ، وشاع فعله في الأمور التي خرق العادات فيها ودعي عليه في أعقاب الصلوات ، وظوهر بذلك فأشفق فخاف ، وأمر بعمارة دار العلم وفرشها ، ونقل إليها الكتب العظيمة وأسكنها من شيوخ السنّة شيخين يُعرف أحدهما بأبي بكر الأنطاكي ، وخلع

(1) سفر نامه ناصر خسرو : 122 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 383 ـ
  عليهما وقرّبهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته ، وجمع الفقهاء والمحدثين إليها وأمر أن يقرأَ بها فضائل الصحابة ، ورفع عنهم الاعتراض في ذلك ، وأطلق صلاة التراويح والضحى ، وغيَّر الأذان وجعل مكان ( حيّ على خير العمل ) ( الصلاة خير من النوم ) ، وركب بنفسه إلى جامع عمرو بن العاص وصلّى فيه الضحى ، وأظهر الميل إلى مذهب مالك والقول به .. وأقام على ذلك ثلاث سنين ، وفعل ما لم يفعله أحد .
   ثمّ بدا له بعد ذلك فقتل الفقيه أبا بكر الانطاكي والشيخ الآخر وخَلقاً كثيراً من أهل السنّة ، لا لأمر يقتضي ذلك ، وفَعَلَ ذلك كلّه في يوم واحد ، وأغلق دار العلم ، ومنع من جميع ما كان فعله (1) .
   وقال المقريزي في ( المواعظ والاعتبار ) : ... وفي صفر سنة أربعمائة شُهِر جماعة بعد أن ضربوا بسبب بيع الفقاع والملوخيا (2) والدلينس والترمس ، وفي تاسع عشر شهر شوّال أمر الحاكم بأمر الله برفع ما كان يؤخذ من الخمس والزكاة والفطرة والنجوى ، وأبطل قراءة مجالس الحكمة في القصر ، وأمر بردّ التثويب في الأذان ، وأذّن للناس في صلاة الضحى وصلاة التراويح ، وأمر

(1) النجوم الزاهرة 4 : 222 ـ 223 .
(2) لانه كان قد قرئ في سنة 395 سِجِلٌ فيه منع الناس من تناول الملوخيا أكلة معاوية ابن أبي سفيان المفضَّلة ومنعهم من أكل البقلة المسماة بالجرجير المنسوبة إلى عائشة ومن المتوكّلية المنسوبة إلى المتوكّل ، والمنع من عجين الخبز بالرِّجل ، والمنع من أكل الدلينس ، وكان في هذا الكتاب أيضاً : المنع من عمل الفقاع وبيعه في الأسواق ، لما يؤثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من كراهية شرب الفقاع ، وضرب في الطرقات والأسواق بالجرس ونودي أن لا يدخل أحد الحمام إلاّ بمئزر ، ولا تكشف امراة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرج ، ولا يباع شيء من السمك بغير قشر ولا يصطاده أحد من الصيادين ، ( المواعظ والاعتبار 2 : 341 ) .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 384 ـ
  المؤذّنين بأسرهم في الأذان بأن لا يقولوا ( حيّ على خير العمل ) ، وأن يقولوا في الأذان للفجر : ( الصلاة خير من النوم ) ، ثمّ أمر في ثاني عشر من ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة بإعادة قول ( حيّ على خير العمل ) في الأذان وقطع التثويب وترك قولهم ( الصلاة خير من النوم ) ، ومنع من صلاة الضحى وصلاة التراويح ، وفتح باب الدعوة ، وأعيدت قراءة المجالس بالقصر على ما كانت ، وكان بين المنع من ذلك والأذان فيه خمسة أشهر .
   وضُرب في جمادى من هذه السنة جماعة وشُهروا بسبب بيع الملوخيا والسمك الذي لا قشر له وشرب المسكرات وتتبّع السكارى فضيّق عليهم (1) .
   وفي السادس والعشرين منه [ من المحرم سنة 401هـ ] قرئ بجامع مصر سجلّ يتضمن النهي عن معارضة الحاكم فيما يفعله وترك الخوض فيما لا يعني ، وإعادة ( حيّ على خير العمل ) إلى الأذان وإسقاط ( الصلاة خير من النوم ) والنهي عن صلاة التراويح والضحى ... (2) .

بغداد ( سنة 441 ـ 442 هـ )

   ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة : ... وفيها مُنع أهل الكرخ من النَّوح ، وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء ، فلم يقبلوا وفعلوا ذلك ، فجرى بينهم وبين السنيّة فتنة عظيمة قُتل فيها وجرح كثير من الناس ، ولم ينفصل الشرّ بينهم حتّى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم فكفّوا حينئذ .
   ثمّ شرع أهل الكرخ في بناء سور على الكرخ ، فلمّا رآهم السنيّة من القلاّئين

(1) المواعظ والاعتبار 2 : 342 .
(2) نهاية الارب في فنون الادب / الفن 5 / القسم 5 / الباب 12 اخبار الملوك العبيديون .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 385 ـ
  ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلاّئين ، وأخرج الطائفتان في العمارة مالاً جليلاً ، وجرت بينهما فتن كثيرة ، وبطلت الأسواق وزاد الشر حتّى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأقاموا به .
   وتقدّم الخليفة إلى أبي محمّد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكفّ الشر ، فسمع أهل الجانب الغربي ذلك فاجتمع السنة والشيعة على المنع منه ، وأذّنوا في القلاّئين وغيرها بـ ( حيّ على خير العمل ) وأذّنوا في الكرخ بـ ( الصلاة خير من النوم ) وأظهروا الترحّم على الصحابة ، فبطل عبوره (1) .
   وفي ( المنتظم ) وضمن بيان حوادث سنة 442 هـ : ... انّه ندب أبو محمّد النسوي للعبور وضبط البلد ، ثمّ اجتمع العامّة من أهلِ الكرخ والقلاّئين وباب الشعير وباب البصرة على كلمة واحدة في أنه متى عبر ابن النسوي أحرقوا أسواقهم وانصرفوا عن البلد ، فصار أهل الكرخ إلى باب نهر القلاّئين ، فصلّوا فيه وأذنوا في المشهد ( حيّ على خير العمل ) وأهل القلاّئين بالعتيقة والمسجد بالبزّازين بـ ( الصلاة خير من النوم ) واختلطوا واصطلحوا وخرجوا إلى زيارة المشهدين مشهد عليّ والحسين (2) .
   وفي ( تاريخ أبي الفداء ) : ... وقعت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة ، وعَظُم الأمر حتّى بطلت الأسواق ، وشرع أهل الكرخ في بناء سور عليهم محيطاً بالكرخ ، وشرع السنّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم في بناء سور على سوق القلائين ، وكان الأذان بأماكن الشيعة بـ ( حيّ على خير العمل ) وبأماكن السنة ( الصلاة خير من النوم ) (3) .


(1) الكامل في التاريخ 8 : 53 .
(2) المنتظم 15 : 325 .
(3) تاريخ أبي الفداء 1 : 170 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 386 ـ
   وفي ( النجوم الزاهرة ) : ... فيها كان من العجائب أنّه وقع الصلح بين أهل السنّة والرافضة وصارت كلمتهم واحدة ، وسبب ذلك : أن أبا محمّد النسوي ولي شرطة بغداد وكان فاتكاً ، فاتّفقوا على أنّه متى رحل إليهم قَتَلوه ، واجتمعوا وتحالفوا ، وأُذّن بباب البصرة ( حيّ على خير العمل ) ، وقرئ في الكرخ فضائل الصحابة ، ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش ، فعدّ ذلك من العجائب ، فإنّ الفتنة كانت قائمة والدماء تُسكب والملوك والخلفاء يعجزون عن ردّهم حتّى ولي هذا الشرطة ، فتصالحوا على هذا الأمر اليسير (1) .

بغداد ( سنة 443 هـ )

   قال ابن الأثير في ( الكامل ) : ... في هذه السنة في صفر تجدّدت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة وعظمت أضعاف ما كانت قديماً ، فكان الاتفاق الذي ذكرناه في السنة الماضية غير مأمون الانتقاض لما في الصدور من الإحن ، وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين ، وأهل القلاّئين في عمل ما بقي من باب مسعود ، ففرغ أهل الكرخ ، وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب : ( محمّد وعليّ خير البشر ) ، وأنكر السنيّة ذلك وادّعوا أنّ المكتوب : ( محمّد وعليّ خير البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر ) ، وأنكر أهلُ الكرخ الزيادةَ وقالوا : ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا ، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمّام نقيب العبّاسيّين ، ونقيب العلويّين وهو عدنان بن الرضي ، لكشف الحال وإنهائه ، فكتبا بتصديق قول الكرخيّين ، فأمر حينئذ الخليفة ونوّاب الرحيم بكفّ القتال ، فلم يقبلوا ، وانتدب ابن المذهب القاضي ، والزهيريّ ، وغيرهما من الحنابلة أصحاب

(1) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 5 : 49 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 387 ـ
  عبد الصمد بحمل العامّة على الإغراق في الفتنة ، فأمسك نوّابُ الملك الرحيم عن كفّهم غيظاً من رئيس الرؤساء لميله إلى الحنابلة ، ومنع هؤلاء السُّنّة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ ، وكان نهر عيسى قد انفتح بثقُهُ ، فعظم الأمر عليهم ، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف ، وصبّوا عليه ماء الورد ، ونادوا : الماء للسبيل ، فأغروا بهم السُّنّة .
   وتشدّد رئيس الرؤساء على الشيعة ، فمحوا : ( خير البشر ) ، وكتبوا : ( عليهما السلام ) ، فقالت السُّنّة : لا نرضى إلاّ أن يُقلع الآجرّ الذي عليه ( محمّد وعليّ ) وأن لا يؤذَّن : ( حيَّ على خير العمل ) ، وامتنع الشيعة من ذلك ، ودام القتال إلى ثالث ربيع الأوّل ، وقُتل فيه رجل هاشميّ من السنيّة ، فحمله أهله على نعش ، وطافوا به في الحربيّة ، وباب البصرة ، وسائر محالّ السُّنّة ، واستنفروا الناس للأخذ بثأره ، ثمّ دفنوه عند أحمد بن حنبل ، وقد اجتمع معهم خلق كثير أضعاف ما تقدّم .
   فلمّا رجعوا من دفنه قصدوا مشهد باب التبن فأُغلق بابه ، فنقبوا في سوره وتهدّدوا البوّاب ، فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضّة وسُتور وغير ذلك ، ونهبوا ما في الترب والدور ، وأدركهم الليل فعادوا .
   فلمّا كان الغد كثر الجمع ، فقصدوا المشهد ، وأحرقوا جميع الترب والآراج ، واحترق ضريح موسى ، وضريح ابن ابنه محمّد بن عليّ الجواد ، والقُبّتان الساج اللتان عليهما ، واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بُوَيْه ، مُعزّ الدولة ، وجلال الدولة ، ومن قبور الوزراء والرؤساء ، وقبر جعفر بن أبي جعفر المنصور ، وقبر الأمين محمّد بن الرشيد ، وقبر أمّه زبيدة ، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجرِ في الدنيا مثله .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 388 ـ
   فلمّا كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمّد بن عليّ لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل ، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر ، فجاء الحفر إلى جانبه .
   وسمع أبو تمّام نقيب العبّاسيّين وغيره من الهاشميّين السنيّة الخبرَ ، فجاؤوا ومنعوا عن ذلك ، وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيّين فنهبوه ، وقتلوا مدرّس الحنفيّة أبا سعد السَّرَخْسيّ ، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء ، وتعدّت الفتنة إلى الجانب الشرقيّ ، فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بَجّ ، والأساكفة ، وغيرهم .
   ولمّا انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دُبَيْس بن مَزيد عَظُم عليه واشتدّ وبلغ منه كلّ مبلغ ، لأنّه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلك الولاية كلّهم شيعة ، فقُطعت في أعماله خطبةُ الإمام القائم بأمر الله ، فروسل في ذلك وعُوتب ، فاعتذر بأنّ أهل ولايته شيعة ، واتّفقوا على ذلك ، فلم يمكنه أن يَشُقّ عليهم كما أنّ الخليفة لم يمكنه كفّ السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا ، وأعاد الخطبة إلى حالها (1) .
   وقد ذكر ابن الجوزي هذه الحادثة في ( المنتظم ) إلى أن يقول : ... وفي يوم الجمعة لعشر بقين من ربيع الآخر خطب بجامع براثا وأسقط ( حيّ على خير العمل ) ودق الخطيب المنبر وقد كانوا يمنعون منه ، وذكر العبّاس في خطبته (2) .

(1) الكامل في التاريخ 8 : 59 ـ 60 حوادث سنة 443 .
(2) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك 15 : 331 وتاريخ ابي الفداء 2 : 170 ـ 171 ، وتاريخ الإسلام 30 : 9 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 389 ـ
بغداد ( سنة 444 ـ 445 هـ )

   ذكر ابن الأثير عدّة حوادث في هذه السنة ، وقال : ( وفيها عُمل محضرٌ ببغداد يتضمّن القدح في نسب العلويّين أصحاب مصر ، وأنّهم كاذبون في ادّعائهم النسبَ إلى عليّ عليه السلام ، وعَزَوهم فيه إلى الدَّيصانيّة من المجوس ، والقدّاحيّة من اليهود ، وكتب فيه العلويّون ، والعبّاسيّون ، والفقهاء ، والقضاة ، والشهود ، وعُمل به عدّة نسخ ، وسُيِّر في البلاد ، وشُيّع بين الحاضر والباد ... .
   وفيها حدثت فتنة بين السُّنة والشيعة ببغداد ، وامتنع الضبط ، وانتشر العيّارون وتسلّطوا ، وجَبَوا الأسواق ، وأخذوا ما كان يأخذه أرباب الأعمال ، وكان مقدّمهم الطِّقطِقيّ والزَّيْبق ، وأعاد الشيعة الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ، وكتبوا على مساجدهم : ( محمّد وعليّ خير البشر ) ، وجرى القتال بينهم ، وعظم الشرّ (1) .
   ثمّ صدّر حوادث سنة خمس وأربعين وأربعمائة بذكر الفتنة بين السنّة والشيعة ببغداد ، فقال :
   في هذه السنة ، في المحرّم ، زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السُّنّة ، وكان ابتداؤها أواخر سنة أربع وأربعين [ وأربعمائة ] .
   فلمّا كان الآن عظم الشرّ ، واطّرحت المراقبة للسلطان ، واختلط بالفريقَيْن طوائف من الأتراك ، فلمّا اشتدّ الأمر اجتمع القوّاد واتفقوا على الركوب إلى المحالّ وإقامة السياسة بأهل الشرّ والفساد ، وأخذوا من الكرخ إنساناً علويّاً وقتلوه ، فثار نساؤه ، ونَشَرنَ شعورهنّ واستَغَثنَ ، فتَبعهنّ العامّة من أهل الكرخ ، وجرى بينهم وبين القوّاد ـ ومَن معهم من العامّة ـ قتال شديد ، وطَرَح

(1) الكامل في التاريخ 8 : 64 ، وانظر كلام ابن العماد الحنبلي في حوادث سنة 402 ( الشذرات 3 : 162 ) .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 390 ـ
  الأتراك النار في أسواق الكرخ ، فاحترق كثير منها ، وألحقتها بالأرض ، وانتقل كثير من الكرخ إلى غيرها من المحالّ .
   وندم القوّاد على ما فعلوه ، وأنكر الإمام القائم بأمر الله ذلك ، وصلح الحال ، وعاد الناس إلى الكرخ ، بعد أن استقرّت القاعدة بالديوان بكفّ الأتراك أيديهم عنهم (1) .
   وفي ( تاريخ أبي الفداء ) : ... وفي هذه السنة ( ت 444 هـ ) كانت الفتنة ببغداد بين السنة والشيعة ، واعادت الشيعة الأذان ( بحيّ على خير العمل ) ، وكتبوا على مساجدهم : ( محمّد وعليّ خير البشر ) (2) .

بغداد ( سنة 448 هـ )

   ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة : ... وفيها أمر الخليفة بأن يؤذّن بالكرخ والمشهد وغيرها : ( الصلاة خير من النوم ) ، وأن يتركوا : ( حيّ على خير العمل ) ففعلوا ما أمرهم به خوف السلطنة وقوتها (3) .
   وقال ابن الجوزي في ( المنتظم ) : ... وفي هذه السنة أقيم الأذان في المشهد بمقابر قريش ومشهد العتيقة ومساجد الكرخ بـ ( الصلاة خير من النوم ) ، وأزيل ما كانوا يستعملونه في الأذان من ( حيّ على خير العمل ) وقلع جميع ما كان على أبواب الدور والدروب من ( محمّد وعليّ خير البشر ) .
   ودخل إلى الكرخ منشدو أهل السنة من باب البصرة فأنشدوا الاشعار في

(1) الكامل في التاريخ 8 : 65 .
(2) تاريخ أبي الفداء 2 : 172 ، البداية والنهاية 12 : 68 ، العبر في خبر من غبر 3 : 205 ، تاريخ الإسلام للذهبي 30 : 9 .
(3) الكامل في التاريخ 8 : 79 ، وفي النجوم الزاهرة 5 : 59 مثله .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 391 ـ
  مدح الصحابة ، وتقدم رئيس الرؤساء إلى ابن النسوي بقتل أبي عبدالله بن الجلاب شيخ البزّازين بباب الطاق ، لِما كان يتظاهر به من الغلو في الرفض ، فقُتل وصلب على باب دكانه ، وهرب أبو جعفر الطوسي ونُهبت داره ، وتزايد الغلاء فبيع الكرّ الحنطة بمائة وثمانين ديناراً (1) .
   وفي ( البداية والنهاية ) : ... وفيها ألزم الروافض بترك الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح وبعد حيّ على الفلاح ، ( الصلاة خير من النوم ) مرتين ، وأزيل ما كان على أبواب المساجد ومساجدهم من كتابة : ( محمّد وعليّ خير البشر ) ، ودخل المنشدون ... ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة ، وذلك أنّ نوءً الرافضة اضمحلّ ، لأنّ بني بويه كانوا حكاماً وكانوا يقوونهم وينصرونهم ، فزالوا وبادوا وذهب دولتهم (2) .
   وفي ( السيرة الحلبية ) : ... وذكر بعضهم أنّ في دولة بني بويه كانت الرافضة تقول بعد الحيعلتين ( حيّ على خير العمل ) ، فلمّا كانت دولة السلجوقية منعوا المؤذنين من ذلك وأمروا أن يقولوا في أذان الصبح بدل ذلك ( الصلاة خير من النوم ) (3) .
   وفي ( النجوم الزاهرة ) : وفيها أقيم الأذان في مشهد موسى بن جعفر ومساجد الكرخ بـ ( الصلاة خير من النوم ) على رغم أنف الشيعة ، وأُزيل ما كانوا يقولونه في الأذان من ( حيّ على خير العمل ) (4) .


(1) المنتظم 16 : 7 ـ 8 .
(2) البداية والنهاية 12 : 73 .
(3) السيرة الحلبية 2 : 305 .
(4) النجوم الزاهرة 5 : 59 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 392 ـ
   ومما يجب التنبيه عليه أنّ جماعة من السنة ببغداد قد ثاروا في سنة 447 هـ وقصدوا دار الخلافة وطلبوا أن يسمح لهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فأذن لهم وزاد شرهم ، ثمّ استأذنوا في نهب دور البساسيري [ ذي الميول الشيعية الذي أجاز الأذان بالحيعلة الثالثة ] وكان غائباً في واسط فأذن لهم الخليفة .
   وهي تلك السنة التي وقعت فيها الفتنة بين الشافعية والحنابلة ببغداد وأنكرت الحنابلة على الشافعية الجهر بالبسملة والقنوت في الصبح والترجيع بالأذان (1) .
   وذكر ابن الأثير بعض حوادث هذه السنة ، فقال : ... فتبعهم من العامة الجم الغفير وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ومنعوا من الترجيع في الأذان ، والقنوت في الفجر ، ووصلوا إلى ديوان الخليفة ، ولم ينفصل حال ، وأتى الحنابلة إلى مسجدٍ بباب الشعير ، فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة فأخرج مصحفاً وقال : أزيلوها من المصحف حتّى لا أتلوها (2) .
   وهذا يشير إلى أن الخلاف الفقهي بين المسلمين لا ينحصر في الحيعلة الثالثة ولا ينحصر بالطالبيين ، فقد يذهب بعض أهل السنة إلى ذلك لثبوت شرعيتها عنده وهذا ما نريد قوله ، وهو وجود أصل متجذر للمختلف فيه بين المسلمين ، وأن الطالبيين كانوا جادّين في الحفاظ على ما تلقوه ورووه من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونهج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .


(1) تاريخ أبي الفداء 2 : 174 .
(2) الكامل في التاريخ 8 : 72 ـ 73 حوادث سنة ( 447 ) .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 393 ـ
بغداد ( سنة 450 هـ )

   قال ابن الأثير في ( الكامل في التاريخ ) : .. ثمّ إن البساسيري (1) وصل إلى بغداد يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة غلام على غاية الضر والفقر ، وكان معه أبو الحسن بن عبدالرحيم الوزير ، فنزل البساسيري بمشرعة الروايا ، ونزل قريش بن بدران وهو في مائتي فارس عند مشرعة باب البصرة ، وركب عميد العراق ومعه العسكر والعوام وأقاموا بازاء عسكر البساسيري ، وعادوا وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي صاحب مصر ، وأمر فأذن بـ ( حيّ على خير العمل ) وعقد الجسر وعبر عسكره إلى الزاهر (2) .
   وجاء في ( النجوم الزاهرة ) : ... ثمّ دخل الأمير أبو الحارث أرسلان البساسيري بغداد في ثامن ذي القعدة بالرايات المستنصرية وعليها ألقاب المستنصر هذا صاحب مصر ، فمال إلى البساسيري أهل باب الكرخ وفرحوا به لكونهم رافضة ، والبساسيري وخلفاء مصر أيضاً رافضة ، فانضموا إلى البساسيري وتشفّوا من أهل السنة وشمخت أنوف المنافقين الرافضة وأعلنوا بالأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ببغداد .
   واجتمع خلق من أهل السنة على الخليفة القائم بأمر الله العباسي وقاتلوا معه وفشت الحرب بين الفريقين في السفن أربعة أيام .
   وخطب يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ببغداد للمستنصر هذا صاحب

(1) كان البساسيري مملوكاً تركياً من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة [ البويهي ] ، تقلبت به الأمور حتّى بلغ هذا المقام المشهور ، واسمه أرسلان وكنيته أبو الحارث ، انظر : الكامل لابن الأثير 8 : 87 احداث سنة 451 .
(2) الكامل في التاريخ 8 : 83 ، وانظر : البداية والنهاية 12 : 82 ، تاريخ ابن خلدون 3 : 449 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 394 ـ
  الترجمة بجامع المنصور وأذّنوا بحيّ على خير العمل ، وعقد الجسر وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي (1) .
   وذكر ابن الجوزي في المنتظم : ... وعاود أهل الكرخ الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) وظهر فيهم السرور الكثير وحملوا راية بيضاء ونصبوها في وسط الكرخ وكتبوا عليها اسم المستنصر بالله وأقام بمكانه والقتالُ يجري في السفن بدجله .
   فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دُعي لصاحب مصر في جامع المنصور ، وزيد في الأذان ( حيّ على خير العمل ) وشرع البساسيري في إصلاح الجسر (2) .
   وفي ( نهاية الأرب في فنون الأدب ) عند ذكر استيلاء أبي الحارث البساسيري على العراق ، قال : ثمّ وصل البساسيري إلى بغداد في يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة غلام في غاية الضر والفقر ، فنزل بمشرعة دار الروايا وكان معه قريش بن بدران وهو في مائتي فارس ، فنزل مشرعة باب البصرة وركب عميد العراق ومعه العسكر والعوام وأقاموا بإزاء عسكر البساسيري وعادوا وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر العلوي صاحب مصر فأذن ( حيّ على خير العمل ) وعقد الجسر وعبر عسكره إلى الزاهر واجتمعوا فيه وخطب في الجمعة الثانية للمصري بجامع الرصافة ... (3) وفي تاريخ بغداد : ... فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دعي لصاحب مصر في الخطبة بجامع المنصور وزيد في الأذان ( حيّ على خير

(1) النجوم الزاهره 5 : 6 .
(2) المنتظم 16 : 32 حوادث 450 .
(3) نهاية الارب في فنون الادب 23 : 227 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 395 ـ
  العمل ) ، وشرع البساسيري في إصلاح الجسر (1) .
   وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : ... ثمّ قدم البساسيري بغداد في سنة خمسين ومعه الرايات المصرية ، ووقع القتال بينه وبين الخليفة ، ودعي لصاحب مصر المستنصر بجامع المنصور ، وزيد في الأذان ( حيّ على خير العمل ) ، ثمّ خطب له في كلّ الجوامع إلاّ جامع الخليفة ، ودام القتال شهراً ثمّ قبض البساسيري على الخليفة في ذي الحجة وسيّره إلى غابة وحبسه بها و ... (2).

مكة / حلب ( سنة 462 هـ )

   قال ابن خلدون (3) والذهبي (4) والسيوطي (5) : إنّ محمّد بن أبي هاشم خطب بمكة للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان(6) ، وأسقط خطبة العلوي صاحب مصر وترك ( حيّ على خير العمل ) من الأذان .
   وقال ابن الأثير : ... وفيها ورد رسول صاحب مكّة محمّد بن أبي هاشم ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم بأمر الله وللسلطان بمكة وإسقاط خطبة العلوي صاحب مصر ، وترك الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعاً نفيسة وأجرى له

(1) تاريخ بغداد 9 : 401 ـ 402 ، ومثله في بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم 3 : 1352 ، والبداية والنهاية 12 : 84 .
(2) تاريخ الخلفاء 1 : 418 .
(3) تاريخ ابن خلدون 3 : 470 .
(4) سير أعلام النبلاء 15 : 190 .
(5) تاريخ الخلفاء 1 : 421 .
(6) ولي هذا خراسان بعد وفاة والده طغري بك دواد سنة 452 ، وداود كان أخ السلطان ضغرليك السلجوقي المعروف .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 396 ـ
  كلّ سنة عشرة الآف دينار (1) .
   ثمّ ذكر في حوادث سنة 463 كيفية استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب ، إلى أن قال : ... وقد وصلها نقيب النقباء أبو الفوارس طِراد بالرسالة القائمية ، والخلع ، فقال له محمود ، صاحب حلب : أسالك الخروج إلى السلطان واستعفائه لي من الحضور عنده ، فخرج نقيب النقباء ، وأخبر السلطان بأنّه قد لبس الخِلَعِ القائمية وخطب ، فقال : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون ( حيّ على خير العمل ) ؟ ولابد من الحضور ودوس بساطي فامتنع محمود من ذلك .
   فاشتد الحصار على البلد ، وغلت الأسعار ، وعظم القتال وزحف السلطان يوماً وقرب من البلد ، فوقع حجر منجنيق في فرسه ، فلما عظم الأمر على محمود خرج ليلاً ، ومعه والدته منيعة بنت وثّاب النميري ، فدخلا على السلطان وقالت له : هذا ولدي فافعل به ما تحبّ ، فتلقاهما بالجميل وخلع على محمود وأعاده إلى بلده فأنفذ إلى السلطان مالاً جزيلاً (2) .
   وخطب محمود بن صالح بحلب للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان ... فأخذت العامة حُصُرِ الجامع ، وقالوا : هذه حُصُرُ عليّ بن أبي طالب ، فليأتِ أبو بكر بحُصُرٍ يصلّي عليها الناس (3) .
   وفي ( النجوم الزاهرة ) (4) عن الشيخ شمس الدين بن قزاوغلي في المرآة قال : ... وضاقت يد أبي هاشم محمّد أمير مكّة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر ،

(1) الكامل في التاريخ 8 : 107 .
(2) الكامل في التاريخ 8 : 109 .
(3) الكامل في التاريخ 8 : 108 .
(4) في أحداث سنة 428 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 397 ـ
  فأخذ قناديل الكعبة وسقورها وصفائح الباب والميزاب ، وصادر أهل مكّة فهربوا ، وكذا فعل أمير المدينة مهنّأ وقَطَعَا الخطبة للمستنصر [ الفاطمي ] وخطبا لبني العبّاس ـ الخليفة القائم بأمر الله ـ وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السلجوقي حاكم بغداد بذلك ، وأنّهما أذّنا بمكة والمدينة الأذان المعتاد وتركا الاذان ب ـ ( حيّ على خير العمل ) ، فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكّة أبي هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار ، وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار ، وبلغ الخبر بذلك المستنصر فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيته من عظم الغلاء (1) … .
   وفي أحداث سنة 464 قال : بعث الخليفة بأمر الله الشريف أبا طالب الحسن ابن محمّد أخا طرَّاد الزينبي إلى أبي هاشم محمّد أمير مكّة بمال وخلع ، وقال له : غيِّر الأذان وأبطل ( حيّ على خير العمل ) ، فناظره أبو هاشم مناظرة طويلة وقال له : هذا أذان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فقال له أخو الشريف : ما صحَّ عنه وإنّما عبدالله بن عمر بن الخطاب روي عنه أنه أذّن به في بعض أسفاره ، وما أنت وابن عمر! فأسقطه من الأذان (2) .
   وجاء في تاريخ الخلفاء بأن الخطبة اُعيدت للعبيدي بمكة في سنة 467 (3) .

الشام ( سنة 468 هـ )

   جاء في ( مآثر الإنافة ) للقلقشندي : ... تغلّب على دمشق اتسز بن ارتق الخوارزمي المعروف بالاقسيس ، أحد أمراء السلطان ملكشاه السلجوقي [ ابن

(1) النجوم الزاهرة 5 : 23 .
(2) النجوم الزاهرة 5 : 89 .
(3) تاريخ الخلفاء 1 : 423 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 398 ـ
  ألب ارسلان ] في سنة 468 وقطع الخطبة بها للمستنصر الفاطمي وخطب للمقتدي (1) ؟ العباسي ، ومنع الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ولم يخطب بعدها بالشام لأحد من الفاطميين وبقي بها إلى ما بعد خلافة المقتدي (2) .
   وفي ( الكامل ) لابن الأثير : ... ودخلها هو [ أي الاقسيس ] وعسكره في ذي القعدة وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي ، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين ، وتغلب على أكثر الشام ، ومنع الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ، ففرح أهلها فرحاً عظيماً ، وظلم أهلها وأساء السيرة فيهم (3) .
   وفي ( البداية والنهاية ) لابن كثير ، قال : ... الاقسيس هذا هو اتسز بن اوف الخوارزمي ، ويلقب بالملك المعظم ، وهو أوّل من استعاد بلاد الشام من أيدي الفاطميين وأزال الأذان منها بـ ( حيّ على خير العمل ) بعد أن كان يؤذن به على منابر دمشق وسائر الشام مائة وست سنين ( 106 سنة ) ، وكان على أبواب الجوامع والمساجد مكتوب لعنة الصحابة رضي الله عنهم ، فأمر هذا السلطان المؤذّنين والخطباء أن يترضّوا عن الصحابة أجمعين (4) .
   وفي تاريخ الخلفاء : ... خطب للمقتدي العباسي بدمشق وأبطل الأذان

(1) ولي المقتدي 467 بعد وفاة والده القائم بالله ، ومما يجب التنبيه عليه أنّ الخطبة للعلويين أعيدت بمكة بعد وفاة القائم بالله وقطع خطبة المقتدي وكانت مدة الخطبة العباسية بمكة أربع سنين وخمسة اشهر ، ثمّ أعيدت في ذي الحجة سنة ثمان وستين وأربعمائة ( انظر : الكامل في التاريخ 8 : 121 ) .
(2) مآثر الإنافة للقلقشندي 2 : 5 .
(3) الكامل في التاريخ 8 : 122 احداث سنة 468 هـ .
(4) البداية والنهاية 12 : 120 ،127 .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 399 ـ
  بـ ( حيّ على خير العمل ) وفرح الناس بذلك (1) .
   وفي تاريخ ابن خلدون : ... وخطب فيها اتسز للمقتدي العباسي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ، وتغلّب على أكثر الشام ، ومنع من الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ، ثمّ سار سنة تسع وستين إلى مصر وحاصرها حتّى أشرف على أخذها ، ثمّ انهزم من غير قتال ، ورجع إلى دمشق وقد انتقضَ عليه أكثر الشام ، فشكر لأهل دمشق صونهم لمخلفه وأمواله ورفع عنهم خراج سنة ، وبلغه أنّ أهل القدس وثبوا بأصحابه ... (2) .

مصر ( سنة 478 هـ )

   ولي المستنصر بالله الفاطمي من سنة ( 428 ـ 487 هـ ) وهو معد أبو تميم حفيد الحاكم بأمر الله ، وقد قرب هذا بدرَ الجماليَّ لولاية اُمور الحضرة .
   قال صاحب ( النجوم الزاهرة ) : ... كان بدر الجمالي أرمني الجنس فاتكاً جباراً قتل خلقاً كثيراً من العلماء وغيرهم ، وأقام الأذان بـ ( حيّ على خير العمل ) ، وكبّر على الجنائز خمساً ، وكتب سبَّ الصحابة على الحيطان ... (3) وفي ( المنتظم ) : وفي شهر ذي القعدة قبض بدر الجمالي ـ أمير مصر ـ على ولده الأكبر وأربعة من الأمراء ... ونفى مذكِّري أهل السنة ، وحمل الناس أن يكبّروا خمساً على الجنائز ، وأن يسدلوا أيمانهم في الصلاة ، وأن يتختّموا في الأيمان ، وأن يثوّبوا (4) في صلاة الفجر ( حيّ على خير العمل ) ، وحبس أقواماً

(1) تاريخ الخلفاء 1 : 424 .
(2) تاريخ ابن خلدون 3 : 473 ـ 474 .
(3) النجوم الزاهرة 5 : 120 .
(4) وقد عبّر ابن الجوزي عن الحيعلة الثالثة بالتثويب تساهلاً منه ، لأنّها حلّت محلّ .

الأذان بين الإصالة والتحريف ـ 400 ـ
  رووا فضائل الصحابة (1) .

مصر ( سنة 524 هـ )

   ولي الحافظ لدين الله الفاطمي ( عبدالمجيد حفيد المستنصر بالله ) بعد قتل ابن عمه أبي عليّ منصور الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة .
   قال العلاّمة أبو المظفر في مرآة الزمان : ... ولما استمر الحافظ في خلافة مصر ضعف أمره مع وزيره أبي عليّ أحمد بن الأفضل أمير الجيوش ، وقويت شوكة الوزير المذكور وخطب للمنتظر المهدي ، وأسقط من الأذان ( حيّ على خير العمل ) ، ودعا الوزير المذكور لنفسه على المنابر ( بناصر إمام الحق ، هادي العصاة إلى اتّباع الحق ، مولى الأمم ، ومالك فضيلتي السيف والقلم ) فلم يزل حتّى قتل الوزير (2) .
   وقد تكلم المقريزي في ( اتعاظ الحنفاء ) عن أبي عليّ أحمد بن الأفضل ، فقال : ( وكان إمامياً متشدّداً فالتفت عليه الإمامية ولعبوا به حتّى أظهر المذهب الإمامي وتزايد الأمر فيه إلى التأذين فانفعل بهم ، وحسّنوا له الدعوة للقائم المنتظر فضرب الدراهم باسمه ونقش عليها ( الله الصمد ، الإمام محمّد ) ... إلى أن يقول : ... وكان قد أسقط منذ إقامة الجند ذكر إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية ، وأزال من الأذان قولهم فيه ( حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر ) ، وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة ، واخترع

( الصلاة خير من النوم ) .
(1) المنتظم في تاريخ الامم والملوك 16 : 242 .
(2) النجوم الزاهرة 5 : 238 .