الفهرس العام

    (38) باب الاعتقاد في الظالمين

      وقد فوض الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أمر دينه ، فقال : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (1) وقد فوض ذلك إلى الأئمة ـ عليهم السلام ـ.
      وعلامة المفوضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم (2) مشايخ قم وعلماءهم إلى القول بالتقصير.
      وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي (3) بالعبادة مع تدينهم (4) بترك الصلاة وجميع الفرائض ، ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى ، ودعوى اتباع الجن (5) لهم ، وأن الولي إذا خلص وعرف مذهبهم فهو عندهم أفضل من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ.
      ومن علاماتهم أيضا دعوى علم الكيمياء ولا يعلمون منه (6) إلا الدغل وتنفيق الشبه والرصاص على المسلمين (7).

    ---------------------------
    (1) الحشر 59 : 7.
    (2) في جميع النسخ زيادة : إلى ، وهي في غير محلها.
    (3) في بعض النسخ : التحلي.
    (4) أثبتناها من ج ، وفي النسخ : دينهم.
    (5) في بعض النسخ : ( ودعوى انطباع الحق ) مكان ( ودعوى اتباع الجن ).
    (6) في ر زيادة : شيئا.
    (7) راجع البحار 25 / 342.

    الاعتقادات _ 102 _

    (38) باب الاعتقاد في الظالمين

      قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : اعتقادنا فيهم أنهم ملعونون ، والبراءة منهم واجبة.
      قال الله تعالى : ( وما للظالمين من أنصار ) (1).
      وقال الله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ) (2).
      قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : إن سبيل الله في هذا الموضع علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ .
      والأئمة في كتاب الله تعالى إمامان (3) : إمام هدى (4) ، وإمام ضلالة.
      قال الله تعالى : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) (5).
      وقال الله تعالى : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ) (6).

    ---------------------------
    (1) البقرة 2 : 270.
    (2) هود 11 : 18 ـ 19.
    (3) العبارة في م ، ج : علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ والأئمة ، وفي كتاب الله تعالى إمامان.
    (4) أثبتناها من ج ، وهامش ر ، وبحار الأنوار 27 : 60 ، وفي النسخ : عدل.
    (5) الأنبياء 21 : 73.
    (6) القصص 28 : 41 ، 42.

    الاعتقادات _ 103 _

      ولما نزلت هذه الآية ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) (1).
      قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي ، فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي ).
      ومن تولى ظالما فهو ظالم.
      قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ) (2).
      وقال تعالى : ( ومن يتولهم منكن فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) (3).
      وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) (4).
      وقال تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) (5).
      وقال تعالى : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) (6).
      والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، فمن ادعى الإمامة وليس بإمام فهو ظالم ملعون ، ومن وضع الإمامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون.

    ---------------------------
    (1) الأنفال 8 : 25.
    (2) التوبة 9 : 23.
    (3) المائدة 5 : 51.
    (4) الممتحنة 60 : 13.
    (5) المجادلة 58 : 22.
    (6) هود 11 : 113.

    الاعتقادات _ 104 _

      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسله : ( من جحد عليا إمامته بعدي فقد جحد نبوتي ، ومن جحد نبوتي فقد جحد الله ربوبيته ) (1).
      وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ـ عليه السلام ـ : ( يا علي ، أنت المظلوم بعدي ، من ظلمك فقد ظلمني ، ومن أنصفك فقد أنصفني ، ومن جحدك فقد جحدني ، ومن والاك فقد والاني ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أطاعك فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني ).
      واعتقدنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده ـ عليهم السلام ـ أنه بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء (2).
      واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين (3) وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم (4).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا ) (5).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( الأئمة من بعدي اثنا عشر ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ) (6).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( من شك في كفر أعدائنا الظالمين لنا فهو كافر ).

    ---------------------------
    (1) نحوه رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 372 باب معنى وفاء العباد ح 1 .
    (2) العبارة في م : من جحد جميع الأنبياء ، وفي س : من جحد نبوة الأنبياء ، وفي م زيادة ، وأنكر نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
    (3) في م ، ق زيادة : وجحد.
    (4) العبارة في م : إنه بمنزلة من أنكر بجميع ( كذا ) الأنبياء.
    (5) الهداية : 7.
    (6) كمال الدين 1 : 258 ح 3.

    الاعتقادات _ 105 _

      وقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : ( ما زلت مظلوما منذ ولدتني أمي ، حتى إن عقيلا كان يصيبه الرمد فيقول : لا تذروني حتى تذروا عليا ، فيذروني وما بي رمد ).
      واعتقادنا فيمن قاتل عليا ـ عليه السلام ـ قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قاتل عليا فقد قاتلني ، ومن حارب عليا فقد حاربني ، ومن حاربني فقد حارب الله ).
      وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ : ( أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ) (1).
      وأما فاطمة صلوات الله عليها فاعتقادنا فيها أنها سيدة نساء العالمين من الأولين والأخيرين ، وأن الله يغضب لغضبها ، ويرضى لرضاها (2) ، وأنها خرجت من الدنيا ساخطة على ظالميها وغاصبيها ومانعي إرثها (3).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن فاطمة بضعة مني ، من آذاها فقد آذاني ، ومن غاظها فقد غاظني (4) ، ومن سرها فقد سرني ) (5).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن فاطمة بضعة مني ، وهي روحي التي بين جنبي ، يسوؤني ما ساءها ، ويسرني ما سرها ) (6).
      واعتقادنا في البراءة أنها واجبة من الأوثان الأربعة ومن الأنداد الأربعة (7)

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ 2 : 59 ح 223 ، والطوسي في أماليه 1 : 345.
    (2) في م ، ر : زيادة : ( وإن الله فطمها وفطم من أحبها من النار ).
    (3) العبارة في م ، ر ، ج : ومن نفى إرثها من أبيها.
    (4) في ر زيادة : ومن عصاها فقد عصاني.
    (5 ، 6) راجع : أمالي الصدوق : 393 ، معاني الأخبار : 302 عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ 2 : 26 ، أمالي الطوسي 2 : 41.
    (7) العبارة في م ، ر : الأوثان الأربعة : يغوث ويعوق ونسر وهبل ، والأنداد الأربعة ( وفي البحار 7 : 603 والإناث الأربع ) اللات والعزى ومناة والشعرى ، وممن عبدهم.

    الاعتقادات _ 106_

      ومن جميع أشياعهم وأتباعهم ، وأنهم شر خلق الله.
      ولا يتم الاقرار بالله وبرسوله (1) وبالأئمة إلا بالبراءة من أعدائهم.
      واعتقادنا في قتلة (2) الأنبياء وقتلة الأئمة أنهم كفار مشركون مخلدون في أسفل درك من النار.
      ومن اعتقد فيهم غير ما ذكرناه فليس عندنا من دين الله في شيء (3).

    ---------------------------
    (1) في ق ، س : وبرسله.
    (2) في م : قاتل ، وكذا التي بعدها.
    (3) في ق ، ر زيادة : والله أعلم.

    الاعتقادات _ 107 _

    (39) باب الاعتقاد في التقية

      قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : اعتقادنا في التقية أنها واجبة ، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة (1).
      وقيل للصادق ـ عليه السلام ـ : يا ابن رسول الله ، إنا نرى في المسجد رجلا يعلن بسب أعدائكم ويسميهم ، فقال : ( ما له ـ لعنه الله ـ يعرض بنا ).
      وقال الله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) (2).
      قال الصادق ـ عليه السلام ـ في تفسير هذه الآية : ( لا تسبوهم فإنهم (3) يسبون عليكم ) (4).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( من سب ولي الله فقد سب الله ).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : ( من سبك ـ يا علي ـ فقد سبني ، ومن سبني فقد

    ---------------------------
    (1) العبارة في م : كان كمن ترك الصلاة.
    (2) الأنعام 6 : 108.
    (3) أثبتناها من ر ، وهامش م ، وفي بعض النسخ : فلانهم فيسبوا عليكم.
    (4) في م زيادة : فلما نزلت الآية ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لا تسبوا عليا ، فإن ذاته ممسوس بذات الله ).

    الاعتقادات _ 108 _

      سب الله تعالى (1).
      والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم ـ عليه السلام ـ ، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله ودين الإمامية (2) وخالف الله ورسوله والأئمة.
      وسئل الصادق عن قول الله عزوجل : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) قال : ( أعلمكم بالتقية ) (3).
      وقد أطلق الله تبارك وتعالى إظهار موالاة الكافرين في حال التقية.
      وقال تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ) (4).
      وقال : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) (5).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( إني لأسمع الرجل في المسجد وهو يشتمني ، فأستتر منه بالسارية كي لا يراني ) (6).

    ---------------------------
    (1) راجع عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ 2 : 67 ح 308 ، أمالي الصدوق : 87 ح 2.
    وفي م زيادة ومن سب الله كبه الله على منخريه يوم القيامة.
    (2) في ق ، ر : الأئمة.
    (3) رواه مسندا الطوسي في أماليه 2 : 273 ، والآية الكريمة في سروة الحجرات 49 : 13. وفي ق ، ر : ( أعلمكم ).
    (4) آل عمران 3 : 28.
    (5) الممتحنة 60 : 8 ـ 9.
    (6) رواه مسندا البرقي في المحاسن : 260 كتاب مصابيح الظلم ح ، 314.

    الاعتقادات _ 109 _

      وقال ـ عليه السلام ـ : ( خالطوا الناس بالبرانية ، وخالفوهم بالجوانية ، ما دامت الإمرة صبيانية ) (1).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( الرياء مع المؤمن شرك ، ومع المنافق في داره عبادة ) (2).
      قال علي ـ عليه السلام ـ : ( من صلى معهم في الصف الأول ، فكأنما صلى مع رسول الله في الصف الأول ) (3).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( عودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وصلوا في مساجدهم ) (4).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( كونوا لنا زينا ، ولا تكونوا علينا شينا ) (5).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ، ولم يبغضنا إليهم ) (6).
      وذكر القصاصون عند الصادق ، فقال ـ عليه السلام ـ : ( لعنهم الله يشنعون علينا ).
      وسئل ـ عليه السلام ـ عن القصاص ، أيحل الاستماع لهم ؟ فقال : ( لا ).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس ) (7).
      وسئل الصادق ـ عليه السلام ـ عن قول عزوجل : ( الشعراء يتبعهم الغاوون ) (8) قال :

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا الكليني في الكافي 2 : 175 باب التقية ح 20.
    (2) الهداية : 10.
    (3) الفقيه 1 : 250 باب الجماعة وفضلها ح 1126.
    (4 و 5 و 6) راجع : الكافي 2 : 174 ح 1 ، أمالي الطوسي 2 : 55 ، فضائل الشيعة : 102 ح 39.
    (7) رواه مسندا المصنف في عيون أخبار الرضا 1 : 304 ح 63 ، الكليني في الكافي 6 : 434 ح 24.
    (8) الشعراء 26 : 224.

    الاعتقادات _ 110 _

      ( هم القصاص ).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أتى ذا بدعة فوقره فقد سعى في هدم الاسلام ) (1).
      واعتقادنا فيمن خالفنا في شيء (2) من أمور الدين كاعتقادنا فيمن خالفنا في جميع أمور الدين.

    (40) باب الاعتقاد في آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم
    (3)
      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في آباء النبي (4) أنهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله ، وأن أبا طالب كان مسلما ، وأمه آمنة بنت وهب كانت مسلمة.
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لن آدم ).
      وروي أن عبد المطلب كان حجة وأبا طالب كان وصيه (5).

    ---------------------------
    (1) الفقيه 3 : 375 باب معرفة الكبائر ح 1771.
    (2) في ر ، ح زيادة : واحد.
    (3 و 4) في ر زيادة : وعلي ـ عليه السلام.
    (5) ق ، س : وروي أن عبد المطلب كانت حجة أبا طالب ووصيه ، وفي ر : إن عبد الله كانت حجة ... وما أثبتناه من ج وبحار الأنوار 15 : 117.

    الاعتقادات _ 111 _

    (41) باب الاعتقاد في العلوية

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في العلوية أنهم (1) آل رسول الله ، وأن مودتهم واجبة ، لأنها أجر النبوة (2).
      قال عزوجل : ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (3).
      والصدقة عليهم محرمة ، لأنها أوساخ (4) أيدي الناس وطهارة لهم ، إلا صدقتهم لإمائهم وعبيدهم ، وصدقة بعضهم على بعض.
      وأما الزكاة فإنها تحل لهم اليوم (5) عوضا عن الخمس ، لأنهم قد منعوا منه.
      واعتقادنا في المسيء منهم أن عليه ضعف العقاب ، وفي المحسن منهم أن له ضعف الثواب.
      وبعضهم أكفاء بعض ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين نظر إلى بنين وبنات علي وجعفر ابني ( أبي ) طالب : ( بناتنا كبنينا ، وبنونا كبناتنا ) (6).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( من خالف دين الله ، وتولى أعداء الله ، أو عادى أولياء الله ، فالبراءة منه واجبة ، كائنا من كان ، من أي قبيلة كان ).

    ---------------------------
    (1) في ر زيادة : من.
    (2) في ح : الرسالة.
    (3) الشورى 42 : 23.
    (4) في ر ، ج زيادة : ما في .
    (5) أثبتناها من ر.
    (6) رواه مرسلا المصنف في الفقيه 3 : 249 باب الأكفاء ح 1184 ، وفي بعض النسخ : بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا.

    الاعتقادات _ 112 _

      وقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ لابنه محمد بن الحنفية : ( تواضعك في شرفك أشرف لك من شرف آبائك ).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( ولايتي لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أحب إلي من ولادتي منه ).
      وسئل الصادق ـ عليه السلام ـ عن آل محمد ، فقال : ( آل محمد من حرم على رسول الله نكاحه ) (1).
      وقال الله عزوجل : ( ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ) (2).
      وسئل الصادق ـ عليه السلام ـ عن قول الله عزوجل : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ) فقال : ( الظالم لنفسه منا من لا يعرف حق الإمام ، والمقتصد العارف بحق الإمام ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الإمام ) (3).
      وسأل إسماعيل أباه الصادق ـ عليه السلام ـ ، فقال : ما حال المذنبين منا ؟
      فقال ـ عليه السلام ـ : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) (4).
      وقال أبو جعفر الباقر ـ عليه السلام ـ في حديث طويل : ( ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب الخلق إلى الله أتقاهم له وأعملهم بطاعته ، والله ما يتقرب إلى الله عزوجل ثناؤه إلا بالطاعة ، ما معناه براءة من النار ، ولا على الله لأحد من حجة. من

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 93 باب معنى الآل ح 1.
    (2) الحديد 57 : 26.
    (3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 104 باب معنى الظالم لنفسه ح 2 ، والآية الكريمة في سورة فاطر 35 : 32.
    (4) رواه مسندا المصنف في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ 2 : 234 ح 5 ، والآية الكريمة في سورة النساء 4 : 123.

    الاعتقادات _ 113 _

      كان لله مطيعا فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، لا تنال ولايتنا إلا بالورع والعمل ) (1).
      وقال نوح ـ عليه السلام ـ : ( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) (2).
      وسئل الصادق ـ عليه السلام ـ عن قوله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) قال : ( من زعم أنه إمام وليس بإمام ) قيل : وإن كان علويا فاطميا ؟ قال : ( وإن كان علويا فاطميا ) (3).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( ليس بينكم وبين من خالفكم إلا المطمر ). قيل :
      فأي شيء المطمر ؟ قال : الذي تسمونه التر ، فمن خالفكم وجازه فابرؤوا منه وإن كان علويا فاطميا ) (4).
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ لأصحابه (5) في ابنه عبد الله : ( إنه ليس على شيء مما أنتم عليه ، وإني أبرأ منه ، بريء الله منه ).

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في أماليه : 499 المجلس الحادي والتسعين ح 3 ، والكليني في الكافي 2 : 60 باب الطاعة والتقوى ح 3.
    (2) هود 11 : 45 ـ 47.
    (3) رواه مسندا المصنف في ثواب الأعمال : 254 باب عقاب من ادعى الإمامة ح 1. والآية الكريمة في سورة الزمر 39 : 60.
    (4) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 212. وفي النسخ كافة : ( المضمر ) بدل ( المطمر ) ، و ( البراءة ) بدل ( التر ) وهو تصحيف بين ، والمطمر ـ بكسر الميم الأولى وفتح الثانية ـ الخيط الذي يقوم عليه البناء ، ويسمى التر أيضا ، مجمع البحرين 3 : 377 ، النهاية لابن الأثير 3 : 138 .
    (5) أثبتناها من ر ، ج.

    الاعتقادات _ 114 _

    (42) باب الاعتقاد في الأخبار المفسرة والمجملة

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل ، كما قال الصادق ـ عليه السلام ـ.
    (43) باب الاعتقاد في الحظر والإباحة

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في ذلك أن الأشياء كلها مطلقة حتى يرد في شيء منها نهي.

    الاعتقادات _ 115 _

    (44) باب الاعتقاد في الأخبار الواردة في الطب

      قال الشيخ أبو جعفر ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطب أنها على وجوه :
      منها : ما قيل على هواء مكة والمدينة ، فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية.
      ومنها : ما أخبر به العالم ـ عليه السلام ـ على ما عرف من طبع الرسائل ولم يتعد موضعه ، إذ كان أعرف بطبعه منه.
      ومنها : ما دلسه المخالفون في الكتب لتقبيح صورة المذهب عند الناس ، ومنها : ما وقع فيه سهو من ناقله (1) ، ومنها : ما حفظ بعضه ونسي بعضه .
      وما روي في العسل أنه شفاء من كل داء (2) فهو صحيح ، ومعناه أنه شفاء من كل داء بارد ، وما روي في الاستنجاء بالماء البارد لصاحب البواسير (3) فإن ذلك إذا كان

    ---------------------------
    (1) العبارة بأكملها ليست في م ، ق ، س ، وأثبتناها من ج وبحار الأنوار 62 : 64 ، وقد تقرأ في ر ـ إ ذ كتبت في الهامش ـ : ما وقع وهم فيه وسهو من ناقله.
    (2) رواه مسندا المصنف في الخصال 2 : 623 باب حديث الأربعمائة ح 10.
    (3) المصدر السابق ص 612.

    الاعتقادات _ 116 _

      بواسيره من حرارة.
      وما روي في الباذنجان من الشفاء (1) فإنه في وقت إدراك الرطب لمن يأكل الرطب ، دون غيره من سائر الأوقات (2).
      وأما أدوية العلل الصحيحة عن الأئمة ـ عليهم السلام ـ فهي آيات القرآن وسوره والأدعية على حسب ما وردت به الآثار (3) بالأسانيد القوية والطرق الصحيحة.
      وقال الصادق ـ عليه السلام ـ : ( كان فيما مضى يسمى الطبيب : المعالج ، فقال موسى ـ عليه السلام ـ : يا رب ، ممن الداء ؟ فقال : مني يا موسى. قال : يا رب ، فممن الدواء ؟ فقال : مني. قال : فما يصنع الناس بالمعالج ؟ فقال : يطيب أنفسهم بذلك ، فسمي الطبيب لذلك (4).
      وأصل الطب التداوي.
      و كان داود ـ عليه السلام ـ تنبت في محرابه في كل يوم حشيشة ، فتقول : خذني فإني أصلح لكذا وكذا ، فرأى آخر عمره حشيشة نبتت في محرابه ، فقال لها : ما اسمك ، فقالت : أنا الخروبية (5) فقال داود ـ عليه السلام ـ : خرب المحراب ، فلم ينبت فيه شيء بعد ذلك ).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من لم تشفه ( الحمد لله ) فلا شفاه الله تعالى ) (6).

    ---------------------------
    (1) المحاسن : 525 باب الباذنجان ح 755.
    (2) في س : الآفات.
    (3) في هامش ر : الأخبار.
    (4) رواه مسندا المصنف في علل الشرائع : 525 ح 1 ، والكليني في الكافي 8 : 88 ح 52 ، وفي ق ، ر : فسمي الطبيب طبيبا لذلك.
    (5) في بعض النسخ : الخرنوبة.
    (6) نحوه رواه مسندا الكليني في الكافي 2 : 458 باب فضل القرآن ح 22.

    الاعتقادات _ 117 _

    (45) باب الاعتقاد في الحديثين المختلفين

      قال الشيخ أبو جعفر ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة ـ عليهم السلام ـ أنها موافقة لكتاب الله تبارك وتعالى ، متفقة المعاني غير مختلفة ، لأنها مأخوذة من طريق (1) الوحي عن الله تعالى ، ولو كانت من عند غير الله تعالى لكانت مختلفة. ولا يكون اختلاف ظواهر الأخبار إلا لعلل مختلفة.
      مثل ما جاء في كافرة الظهار عتق رقبة.
      وجاء في خبر آخر صيام شهرين متتابعين.
      وجاء في خبر آخر إطعام ستين مسكينا.
      وكلها صحيحة ، فالصيام لمن لم يجد العتق ، والاطعام لمن لم يستطع الصيام.
      وقد روي (2) أنه يتصدق بما يطيق ، وذلك محمول على من لم يقدر على الاطعام.
      ومنها ما يقوم كل واحد منها مقام الآخر ، مثل ما جاء في كفارة اليمين

    ---------------------------
    (1) في ق زيادة غير.
    (2) في هامش ر : قيل.

    الاعتقادات _ 118 _

      ( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) (1) فإذا ورد في كفارة اليمين ثلاثة أخبار أحدها بالإطعام وثانيها بالكسوة ، وثالثها بتحرير رقبة (2) كان ذلك عند الجهال مختلفا ، وليس بمختلف ، بل كل واحد من هذه الكفارات تقوم مقام الأخرى.
      وفي الأخبار ما ورد للتقية.
      وروي عن سليم بن قيس الهلالي أنه قال : قلت لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ :
      إني سمعت من سلمان ومقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ، ومن الأحاديث عن النبي أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم ؟.
      قال : فقال علي ـ عليه السلام ـ : ( قد سألت فافهم الجواب : إن ما في أيدي الناس : حق وباطل ، وصدق وكذب ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، وحفظ ووهم .
      وقد كذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس ، قد كثرت الكذابة علي (3) فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعد.
      وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :
      رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالاسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج (4)

    ---------------------------
    (1) المائدة 5 : 89.
    (2) العبارة : فإذا ورد ... بتحرير رقبة ، ليست في ق ، س.
    (3) العبارة في م : ( قد كثر الكذب علي ).
    (4) العبارة في ق ، س ، ر : لم يأثم ولم / لا يخرج / يجزع.

    الاعتقادات _ 119 _

      أن يكذب على رسول الله متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : هذا صحب (1) رسول الله ورآه وسمع منه ، فأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبر الله تعالى عن المنافقين بما أخبر ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال :
       ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) (2) ثم تفرقوا بعده ، فتقربوا (3) إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان ، فولوهم الأعمال ، وأكلوا بهم الدنيا ، وحملوهم على رقاب الناس ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم (4) الله، فهذا أحد الأربعة.
      ورجل آخر سمع من رسول الله (5) شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذبا ، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه ، ويقول : أنا سمعته من رسول الله (6) ، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنه وهم لرفضه .
      ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئا أمر به ، ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ، ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه أنه منسوخ لرفضوه .
      ورجل رابع لم يكذب على رسول الله ، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله ، لم يسه (7) بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع ، لم يزد ولم

    ---------------------------
    (1) في م : صاحب.
    (2) المنافقون 63 : 4.
    (3) أثبتناها من ج ، وهامش م ، وفي النسخ : فتفرقوا.
    (4) في م ، ر : عصمه.
    (5) أثبتناها من ر ، وفي النسخ : وسمع رجل آخر من رسول الله.
    (6) في م : أنا سمعت رسول الله.
    (7) في م : ينسه ، وفي ر : يتشبه به ، وفي هامشها : يشتبه به.

    الاعتقادات _ 120 _

      ينقص ، وعلم الناسخ والمنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.
      وإن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن (1) ، ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاص ، مثل القرآن ، قال الله تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (2) فاشتبه على من لم يعرف ما عني الله ورسوله ، وليس كل أصحاب رسول الله يسألونه ويستفهمونه ، لأن فيهم قوما كانوا يسألونه ولا يستفهمونه ، لأن الله تعالى نهاهم عن السؤال ، حيث يقول : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم * قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ) (3).
      فامتنعوا من السؤال حتى إن كانوا يحبون أن يجيء الأعرابي والبدوي فيسأل وهم يسمعون.
      وكنت أدخل على رسول الله في كل ليلة دخلة ، وأخلو به في كل يوم خلوة ، يجيبني عما أسأل ، وأدور به حيثما دار ، وقد علم أصحاب رسول الله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري ، وربما كان ذلك في بيتي.
      وكنت إذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي (4) وأقام نساءه ، فلم يبق غيري وغيره ، وإذا أتاني هو للخلوة وأقام من في بيتي لم يقم عنا فاطمة ولا أحد ابناي (5).

    ---------------------------
    (1) في م زيادة : كذلك.
    (2) الحشر 59 : 7.
    (3) المائدة 5 : 101 ، 102.
    (4) في م ، ر : أخلاني.
    (5) في بعض النسخ : ولا أحدا من أبنائي.

    الاعتقادات _121 _

      وكنت إذا سألته أجابني ، وإذا سكت ونفدت مسائلي ابتدأني.
      فما نزلت على رسول الله آية من القرآن ، ولا شيء علمه الله تعالى من حلال أو حرام ، أو أمر أو نهي ، أو طاعة أو معصية ، أو شيء كان أو يكون ، إلا وقد علمنيه وأقرأنيه ، وأملاه علي وكتبته بخطي ، وأخبرني بتأويل ذلك وظهره وبطنه ، فحفظته ثم لم أنس منه حرفا.
      وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخبرني بذلك كله يضع يده على صدري ، ثم يقول :
      اللهم املأ قلبه علما ، وفهما ، ونورا ، وحلما ، وحكما (1) وإيمانا وعلمه ولا تجهله ، واحفظه ولا تنسه.
      فقلت له ذات يوم : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هل تتخوف علي النسيان ؟.
      فقال : يا أخي ، لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل ، وقد أخبرني الله تعالى أنه قد استجاب لي فيك (2) ولشركائك الذين يكونون بعدك.
      قلت : يا رسول الله ومن شركائي ؟
      قال : الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وبطاعتي.
      قلت : من هم يا رسول الله ؟
      قال : الذين قال الله تعالى فيهم : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (3).
      قلت : يا نبي الله ، من هم ؟

    ---------------------------
    (1) أثبتناها من م ، ر.
    (2) في ق ، ر : أجابني فيك.
    (3) النساء 4 : 59.

    الاعتقادات _ 122 _

      قال : هم الأوصياء بعدي (1) ، ولا يتفرقون حتى يردوا علي الحوض ، هادين مهديين ، لا يضرهم كيد من كادهم ، ولا خذلان من خذلهم ، هم مع القرآن ، والقرآن معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم ، بهم تنتصر أمتي وبهم يمطرون ، وبهم يدفع البلاء ، وبهم يستجاب لهم الدعاء.
      قلت : يا رسول الله ، سمهم لي.
      قال : أنت يا علي ، ثم ابني هذا ، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ، ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابنه سميك يا أخي سيد العابدين ، ثم ابنه يسمى محمدا ، باقر علمي ، وخازن وحي الله ، وسيولد في زمانك يا أخي فاقرأه مني السلام ، ثم (2) تكملة اثني عشر إماما من ولدك إلى مهدي أمة (3) محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا.
      والله إني لأعرفه ـ يا سليم ـ حيث يبايع بين الركن والمقام ، وأعرف أسماء أنصاره وقبائلهم.
      قال سليم بن قيس : ثم لقيت الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ بالمدينة بعد ما ملك معاوية ، فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما ، قالا : ( صدق ، قد حدثك أمير المؤمنين بهذا الحديث ونحن جلوس ، وقد حفظن ذلك عن رسول الله كما حدثك ، فلم يزد فيه حرفا ولم ينقص منه حرفا ).
      قال سليم بن قيس : ثم لقيت علي بن الحسين ، وعنده ابنه محمد بن علي

    ---------------------------
    (1) العبارة في م : قال ( الأوصياء الذين هم الأصفياء الأوصياء بعدي ).
    (2) في ر ، ج زيادة : ( ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي الزكي ، ثم من اسمه اسمي ، ولونه لوني ، القائم بأمر الله في آخر الزمان ، مهدي أمة محمد جده ، الذي يملأ ... ).
    (3) تقرأ في م : اسمه ، وفي ر : إنه.

    الاعتقادات _ 123 _

      الباقر أبو جعفر ، فحدثته بما سمعت من أبيه وما سمعته من أمير المؤمنين ، فقال علي بن الحسين : ( قد أقرأني أمير المؤمنين من رسول الله وهو مريض وأنا صبي ، ثم قال أبو جعفر : ( وأقرأني جدي من رسول الله وأنا صبي ).
      قال أبان بن أبي عياش : فحدثت علي بن الحسين بهذا (1) كله عن سليم بن قيس الهلالي ، فقال : ( صدق ، وقد جاء جابر بن عبد الله الأنصاري إلى ابني محمد وهو يختلف إلى كتاب ، فقبله واقرأه السلام من رسول الله ).
      قال أبان بن أبي عياش : فحججت بعد موت علي بن الحسين ، فلقيت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين فحدثته بهذا الحديث كله عن سليم ، فاغرورقت عيناه وقال : ( صدق سليم (2) ، وقد أتى أبي بعد قتل جدي الحسين وأنا عنده ، فحدثه بهذا الحديث بعينه ، فقال له أبي : صدقت والله ـ يا سليم ـ قد حدثني بهذا الحديث أبي عن أمير المؤمنين ) (3).
      وفي كتاب الله ما يحسبه الجاهل مختلفا متناقضا وليس بمختلف ولا متناقض.
      وذلك مثل قوله تعالى : ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) (4).
      وقوله تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) (5).
      ثم يقول بعد ذلك : ( ما كان ربك نسيا ) (6).

    ---------------------------
    (1) أثبتناها من ج.
    (2) في ق ، س ، ر ، زيادة : رحمه الله.
    (3) رواه سليم في كتابه : 61 ، والمصنف في الخصال إلى قوله ـ عليه السلام ـ : ( واحفظه ولا تنسه ) 1 : 255 باب الأربعة ح 131.
    (4) الأعراف 7 : 51.
    (5) التوبة 9 : 67.
    (6) مريم 19 : 64.

    الاعتقادات _ 124 _

      ومثل قوله تعالى : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) (1).
      ومثل قوله تعالى : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ) (2).
      وقوله تعالى : ( إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ) (3).
      ثم يقول تعالى : ( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) (4).
      ويقول تعالى : ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) (5).
      ومثل قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ) (6).
      ثم يقول تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) (7).
      وقال تعالى : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) (8).
      ثم يقول : ( وكلم الله موسى تكليما ) (9).

    ---------------------------
    (1) النبأ 78 : 38.
    (2) العنكبوت 29 : 25.
    (3) ص 38 : 64.
    (4) ق 50 : 28.
    (5) يس 36 : 65.
    (6) القيامة 75 : 22 ، 23.
    (7) الأنعام 6 : 103.
    (8) الشورى 42 : 51.
    (9) النساء 4 : 164.

    الاعتقادات _ 125 _

      وقال تعالى : ( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ) (1).
      وقال تعالى : ( يا أيها النبي ) (2) و ( يا أيها الرسول ) (3).
      ومثل قوله : ( عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر في كتاب مبين ) (4).
      ثم يقول تعالى : ( ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ) (5).
      ثم يقول : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) (6).
      ومثل قوله تعالى : ( أمنتم من في السماء أن يخف بكم الأرض فإذا هي تمور ) (7).
      وقوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) (8).
      وقوله تعالى : ( وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ) (9).
      ثم يقول تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) (10).
     ويقول تعالى عزوجل : ( وهو معكم أين ما كنتم ) (11).

    ---------------------------
    (1) الأعراف : 7 : 22.
    (2) الأنفال 8 : 64 ، التوبة 9 : 73.
    (3) المائدة 5 : 41 ، 67.
    (4) سبأ 34 : 3.
    (5) آل عمران 3 : 77.
    (6) المطففين 83 : 15.
    (7) الملك : 67 : 16.
    (8) طه 20 : 5.
    (9) الأنعام 6 : 3.
    (10) المجادلة 58 : 7.
    (11) الحديد 57 : 4.

    الاعتقادات _ 126 _

      ويقول عزوجل : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (1).
      ويقول تعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ) (2).
      ومن قوله تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) (3).
      ثم يقول تعالى : ( توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) (4).
      ويقول تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) (5).
      ومثله في القرآن كثير.
      وقد سأل عنه رجل من الزنادقة أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فأخبره بوجوه اتفاق معاني هذه الآيات ، وبين له تأويلها ، وقد أخرجت الخبر في ذلك مسندا بشرحه في كتاب التوحيد (6).
      وسأجرد كتابا في ذلك بمشيئة الله وعونه إن شاء الله تعالى.
      وصلى الله على محمد وعترته الطاهرين ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير ، ألا إلى الله تصير الأمور.

    ---------------------------
    (1) ق 50 : 16.
    (2) الأنعام 6 : 158.
    (3) السجدة 32 : 11.
    (4) الأنعام 6 : 61.
    (5) الزمر 39 : 42.
    (6) التوحيد : 255.