الفهرس العام



    (16) باب الاعتقاد في الموت
    (17) باب الاعتقاد في المسألة في القبر
    (18) باب الاعتقاد في الرجعة
    (19) باب الاعتقاد في البعث بعد الموت
    (20) باب الاعتقاد في الحوض
    (21) باب الاعتقاد في الشفاعة
    (22) باب الاعتقاد في الوعد والوعيد
    (23) باب الاعتقاد فيما يكتب على العبد
    (24) باب الاعتقاد في العدل
    (25) باب الاعتقاد في الأعراف
    (26) باب الاعتقاد في الصراط
    (27) باب الاعتقاد في العقبات التي على طريق المحشر
    (28) باب الاعتقاد في الحساب والميزان

    (50)   وقد سلم فيها (1) عيسى على نفسه فقال ( والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ) (2) والاعتقاد في الروح أنه ليس من جنس البدن ، وأنه خلق آخر ، لقوله تعالى : ( ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) (3).
      واعتقدنا في الأنبياء والرسل والأئمة ـ عليهم السلام ـ إن فيهم خمسة أرواح : روح القدس ، وروح الإيمان ، وروح القوة ، وروح الشهوة ، وروح المدرج.
      وفي الكافرين والبهائم ثلاثة أرواح : روح القوة ، روح الشهوة ، وروح المدرج.
      وأما قوله تعالى : ( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) (4) فإنه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله والأئمة ـ عليهم السلام ـ (5) ومع الملائكة ، وهو من الملكوت.
      وأنا أصنف في هذا المعنى كتابا أشرح فيه معاني هذه الجمل إن شاء الله تعالى.

    ---------------------------
    (1) أثبتناها م ، ج.
    (2) مريم 19 : 33.
    (3) المؤمنون 23 : 14.
    (4) الاسراء 17 : 85.
    (5) والأئمة ـ عليهم السلام ـ ، ليست في ق ، س ، وقد أثبتت في هامش م ، ر مذيلة بإشارة غير واضحة إن كانت تعني بدلا عن الملائكة أو إضافة إليها ، مع ملاحظة أن أحاديث الباب في الكافي 1 : 215 ، والمنقول عن كتابنا في بحار الأنوار 61 : 79 ، أثبتا الأئمة فقط.

    الاعتقادات _ 51 _

    (16) باب الاعتقاد في الموت

      قيل لأمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ صف لنا الموت ؟.
      فقال ـ عليه السلام ـ : ( على الخبير سقطتم ) ، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه :
      إما بشارة بنعيم الأبد ، وإما بشارة بعذاب الأبد ، وإما بتحزين (1) وتهويل وأمر مبهم (2) لا يدري من أي الفرق هو.
      أما ولينا والمطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد.
      وأما عدونا والمخالف لأمرنا ، فهو المبشر بعذاب الأبد.
      وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله ، فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول حاله (3) يأتيه الخبر مبهما مخوفا (4) ثم لن يسويه الله بأعدائنا ، ويخرجه من النار بشفاعتنا.
      فاعلموا (5) وأطعيوا ولا تتكلوا (6) ولا تستصغروا عقوبة الله ، فإن من

    ---------------------------
    (1) في ق : بتخويف.
    (2) ( وأمر مبهم ) أثبتناها من م.
    (3) ( لا يدري ما يؤول حاله ) أثبتناها من م.
    (4) العبارة في النسخ مضطربة ، فهي ما بين : ( الخير / الخبر ، مبهما / منهما ) ولكنها تتفق في : ( محرفا ) وما أثبتناه من ج ومعاني الأخبار.
    (5) في هامش س : ( فاعقلوا ) وفي بعض النسخ : ( فاعتملوا ).
    (6) في ر : ( تتكلموا ) ، وتقرأ في بقية النسخ : ( تنكلوا ).

    الاعتقادات _ 52 _

      المسرفين من لا يلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة (1).
      وسئل الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ ، ما الموت الذي جهلوه ؟
      فقال ـ عليه السلام : ( أعظم سرور يرد على المؤمنين إذ نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد ، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد ) (2).
      ولما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السلام ـ : نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم ، لأنهم إذا اشتد بهم الأمر تغيرت ألوانهم ، وارتعدت فرائصهم ، ووجلت قلوبهم ، ووجبت جنوبهم. وكان الحسين ـ عليه السلام ـ وبعض من معه من خواصه (3) تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم.
      فقال بعضهم لبعض : أنظروا إليه لا يبالي بالموت.
      فقال لهم الحسين ـ عليه السلام ـ : ( صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضر (4) إلى الجنان الواسعة والنعم (5) الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ، وهؤلاء أعداؤكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب أليم : إن أبي حدثني عن رسول الله : إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
      والموت جسر (6) هؤلاء إلى جناتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت ) (7).

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 288 باب معنى الموت ح 2.
    (2) المصدر السابق ، ح 3.
    (3) في جميع النسخ والبحار ومعاني الأخبار : خصائصه ، وما أثبتناه من ج.
    (4) في م : والضراء.
    (5) في م ، س : والنعيم ، وفي ر : والنعمة.
    (6) في ق : حشر ، وكذا التبي بعدها.
    (7) رواه المصنف في معاني الأخبار : 288 باب معنى الموت ح 3.

    الاعتقادات _ 53 _

      وقيل لعلي بن الحسين : ما الموت ؟
      فقال ـ عليه السلام ـ : ( للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة ، وفك قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح ، وأوطأ المراكب ، وآنس المنازل.
      وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال (1) بأوسخ الثياب وأخشنها ، وأوحش (2) المنازل ، وأعظم العذاب ).
      وقيل لمحمد بن علي ـ عليه السلام ـ : ما الموت ؟
      فقال : ( هو النوم الذي يأتيكم في كل ليلة ، إلا أنه طويل مدته (3) لا ينتبه (4) منه إلا يوم القيامة.
       فمنهم من رأى في منامه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره ، ومنهم من رأى في نومه من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره ، فكيف حال من فرح في الموت (5) ووجل فيه ! هذا هو الموت فاستعدوا له ) (6).
      وقيل للصادق ـ عليه السلام ـ : صف لنا الموت ؟
      فقال : ( هو للمؤمنين كأطيب ريح يشمه فينعس (7) لطيبه فينقطع (8) التعب والألم كله عنه. وللكافر كلسع الأفاعي وكلدغ العقارب وأشد ).
      قيل : فإن قوما يقولون (9) هو أشد من نشر بالمناشير ، وقرض بالمقاريض ،

    ---------------------------
    (1) في م : والاستقبال.
    (2) في ر ، وهامش م : أضيق.
    (3) في م ، ر : المدة
    (4) في س : ينتبه.
    (5) في ر : النوم.
    (6) رواه المصنف في معاني الأخبار : 289 باب معنى الموت ح 5 مع اختلاف في بعض الجمل.
    (7) أثبتناها من ق وهامش م ، وفي النسخ : ( فينعش ).
    (8) أثبتناها من ر ، وفي النسخ : ( فيقطع ).
    (9) في ق ، س ، ر زيادة : إنه.

    الاعتقادات _ 54 _

      ورضخ بالحجارة ، وتدوير قطب الأرحية في الأحداق ؟
      فقال : ( كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين ، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذلك الذي هو أشد من هذا ( إلا من عذاب الآخرة فإنه أشد ) من عذاب الدنيا ).
      قيل : فما لنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفئ ، وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين من يكون أيضا كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟
      قال ـ عليه السلام ـ : ( ما كان من راحة هناك للمؤمنين فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شدة فهو تمحيصه من ذنوبه ، ليرد إلى الآخرة نقيا (1) نظيفا مستحقا لثواب الله ليس له مانع دونه.
      وما كان من سهولة هناك على الكافرين فليوفى (2) أجر حسناته في الدنيا ، ليرد الآخرة وليس له إلا ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عقاب الله عند نفاد حسناته ، ذلكم بأن الله عدل لا يجوز ) (3).
      ودخل موس بن جعفر ـ عليه السلام ـ على رجل قد غرق في سكرات الموت وهو لا يجيب داعيا ، فقالوا له : يا بن رسول الله ، وددنا لو عرفنا كيف حال صاحبنا ، وكيف يموت ؟ فقال : ( إن الموت هو المصفاة : يصفي المؤمنين من ذنوبهم ، فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر عليهم ، ويصفي الكافرين من حسناتهم ، فتكون آخر لذة أو نعمة أو رحمة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم ، أما صاحبكم

    ---------------------------
    (1) في ق : تقيا.
    (2) في م ، س : فليتوفى.
    (3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 287 باب معنى الموت ح 1 ، وعلل الشرائع : 298 ح 2 ، ومنهما ما أثبتناه بين المعقوفين.

    الاعتقادات _ 55 _

      فقد نخل من الذنوب نخلا (1) وصفي من الآثام تصفية ، وخلص حتى نقى كما ينقى ثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في (2) دارنا دار الأبد ) (3).
      ومرض رجل من أصحاب الرضا ـ عليه السلام ـ فعاده ، فقال : ( كيف تجدك ؟ ) فقالت : لقيت الموت بعدك ، يريد به ما لقي من شدة مرضه.
      فقال : ( كيف لقيته ؟ ) فقال : أليما شديدا.
      فقال : ( ما لقيته ، ولكن لقيت ما ينذرك به ، ويعرفك بعض حاله. إنما الناس رجلان : مستريح بالموت ، ومستراح منه (4) فجدد الإيمان بالله (5) وبالولاية تكن مستريحا ) ، ففعل الرجل ذلك (6) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
      وقيل لمحمد بن علي بن موسى ـ عليهم ـ : ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت ؟.
      فقال : ( لأنهم جهلوه فكرهوه ، ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله حقا لأحبوه ، ولعلموا أن الآخرة خير لهم من الدنيا ).
      ثم قال : ( يا عبد الله ، ما بال الصبي والمجنون يمتنع من الدواء المنقي لبدنه والنافي للألم عنه ؟ ) ، فقال : لجهلهم بنفع الدواء.
      فقال : ( والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، إن من قد استعد للموت حق الاستعداد فهو (7) أنفع لهم من هذا الدواء لهذا المتعالج ، أما إنهم لو علموا ما

    ---------------------------
    (1) العبارة في م : ( فقد خلي منا الذنوب تخلية ) وليس في ق ، س : ( نخلا ).
    (2) في م ، ق : ( وفي ).
    (3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 289 باب معنى الموت ح 6.
    (4) أثبتناها من هامش ر ، وفي النسخ : ( به ).
    (5) في ج ، وهامش ر زيادة : وبالنبوة
    (6) رواه مسندا المنصف في معاني الأخبار : 289 باب معنى الموت ح 7.
    (7) أثبتناها من ج ، وهامش ر ، وفي النسخ : ( إنه ).

    الاعتقادات _ 56 _

      يؤدي إليه الموت من النعم ، لاستدعوه وأحبوه أشد مما يستدعي العاقل الحازم الدواء ، لدفع الآفات واجتلاب السلامات (1).
      ودخل علي بن محمد ـ عليهما السلام ـ على مريض من أصحابه وهو يبكي ويجزع من الموت ، فقال له : ( يا عبد الله ، تخاف من الموت لأنك لا تعرفه ، أرأيتك إذا اتسخت ثيابك وتقذرت ، وتأذيت بما عليك من الوسخ والقذرة ، وأصابك قروح وجرب ، وعلمت أن الغسل في حمام يزيل عنك ذلك كله ، أما تريد أن تدخله فتغسل فيزول (2) ذلك عنك ، أو ما تكره أن لا تدخله فيبقى ذلك عليك ؟ قال : بلى يا ابن رسول الله.
      قال : ( فذلك الموت هو ذلك الحمام ، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيئاتك ، فإذا أنت وردت عليه وجاوزته ، فقد نجوت من كل غم وهم وأذى ووصلت إلى سرور وفرح ). فسكن الرجل ونشط واستسلم وغمض عين نفسه ومضى لسبيله (3).
      وسئل الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ عن الموت ، ما هو ؟ فقال : ( هو التصديق بما لا يكون ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن الصادق ـ عليه السلام ـ أنه قال : إن المؤمن إذا مات لم يكن ميتا ، وإن الكافر هو الميت ، إن الله عزوجل يقول : ( يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) يعني المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن (4).

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 290 باب معنى الموت ح 8.
    (2) ليست في ق ، س.
    (3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 290 باب معنى الموت ح 9.
    (4) رواه المصنف في معاني الأخبار : 290 باب معنى الموت ح 9 ، والآية الكريمة من سورة يونس 10 : 31.

    الاعتقادات _ 57 _

      وجاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال يا رسول الله ، ما بالي لا أحب الموت ؟ قال :
      ( ألك مال؟ ) ، قال : نعم قال ( قدمته ؟ ) ، قال : لا ، قال : ( فمن ثمن لا تحب الموت ) (1).
      وقال رجل لأبي ذر ـ رحمة الله عليه ـ : ما لنا نكره الموت ؟ فقال : لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة ، فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب.
      وقيل له : كيف ترى قدومنا على الله ؟ قال : أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله ، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه.
      قيل : فيكف ترى حالنا عند الله ؟ فقال : اعرضوا أعمالكم على كتاب الله ، يقول الله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ).
      قال الرجل : فأين رحمة الله ؟ قال : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) (2).

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا في الخصال 1 : 13 باب الواحد ح 47.
    (2) النصوص المروية عن أبي ذر ـ رضوان الله عليه ـ رواها مسندة الكليني في الكافي 2 : 331 باب محاسبة العمل ح 20 ، وفي هامش م ، ر : فكالآبق يقدم على مولاه وهو منه خائف ، والآيتان على التوالي في : الانفطار 82 : 13 ، 14 ، الأعراف 7 : 56.

    الاعتقادات _ 58 _

    (17) باب الاعتقاد في المسألة في القبر

      قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق لا بد منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة.
      وأكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة ، وسوء الخلق ، والاستخفاف بالبول.
      وأشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن (1) مثل اختلاج العين أو شرطة حجام ويكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي (2) لم تكفرها الهموم والغموم والأمراض وشدة النزع عند الموت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفن فاطمة بنت أسد في قميصه بعد ما فرغ النساء من غسلها ، وحمل جنازتها على عاتقه فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها ، ثم وضعها ودخل القبر واضطجع فيه ، ثم قام فأخذها على يديه ووضعها في قبرها ، ثم انكب عليها يناجيها طويلا ويقول لها :
      ابنك ابنك ، ثم خرج وسوى عليها التراب ، ثم انكب على قبرها ، فسمعوه وهو يقول (3) : ( اللهم إني استودعتها (4) إياك ) ثم انصرف.

    ---------------------------
    (1) في هامش م ، ر زيادة : المحق.
    (2) في ج زيادة : لا .
    (3) في ج ، وهامش ر زيادة : ( لا إله إلا الله ).
    (4) أثبتناها من م ، وفي النسخ : ( أودعتها ).

    الاعتقادات _ 59 _

      فقال له المسلمون : يا رسول الله ، إنا رأيناك صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم ؟.
      فقال : ( اليوم فقدت بر أبي طالب ، إنها كانت يكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها ، وإني ذكرت يوم القيامة يوما وأن الناس يحشرون عراة ، فقالت : وا سوأتاه ، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية ، وذكرت ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك ، فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك ، وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه.
      وإنما سئلت عن ربها فقالت الله ، وسئلت عن نبيها فأجابت (1) ، وسئلت عن وليها وإمامها فارتج عليها ، فقلت لها : ابنك ، ابنك ، فقالت (2) ولدي وليي وإمامي ، فانصرفا عنها وقالا : لا سبيل لنا عليك ، نامي كما تنام العروس في خدرها ، ثم إنها ماتت موتة ثانية.
      وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى قوله : ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ) (3).

    ---------------------------
    (1) العبارة في ر : فقالت : الله ربي ، وسئلت عن نبيها فقالت محمد نبيي.
    (2) من هنا إلى نهاية الباب ليست في ق ، س.
    (3) غافر 40 : 11.

    الاعتقادات _ 60 _

    (18) باب الاعتقاد في الرجعة

      قال الشيخ ـ رحمه الله ـ اعتقادنا في الرجعة أنها حق.
      وقد قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ) (1).
      كان هؤلاء سبعين ألف (2) بيت ، وكان يقع فيهم الطاعون كل سنة ، فيخرج الأغنياء لقوتهم ، ويبقى الفقراء لضعفهم ، فيقل (3) الطاعون في الذين يخرجون ، ويكثر في الذين يقيمون ، فيقولون الذين يقيمون : لو خرجنا لم أصابنا الطاعون ، ويقول الذين خرجوا : لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
      فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شط بحر ، فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا ، فماتوا جميعا ، فكنستهم المارة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله.
      ثم مر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا ، فقال : ( لو شئت يا رب لأحييتهم فيعمروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، وعبدوك مع من يعبدك ) ، فأوحى الله

    ---------------------------
    (1) البقرة 2 : 243.
    (2) في بعض النسخ : ألف أهل البيت.
    (3) في ق ، س : يقع ، وفي م ، ر : فيدفع ، وما أثبتناه من هامش الأخيرتين.

    الاعتقادات _ 61 _

      تعالى إليه : ( أفتحب أن أحييهم لك ؟ ) ، قال : ( نعم ) ، فأحياهم الله وبعثهم معه.
      فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم.
      وقال تعالى : ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير )، (1)
      فهذا مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثم مات بأجله ، وهو عزير (2).
      وقال تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربه : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون )، (3)
      وذلك أنهم لما سمعوا كلام الله ، قالوا : لا نصدق به (4) حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى ـ عليه السلام ـ : ( يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم ؟ )، فأحياهم الله له فرجعوا إلى الدنيا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء ، وولد لهم الأولاد ، ثم ماتوا بآجالهم.
      وقال الله عزوجل لعيسى ـ عليه السلام ـ : ( وإذ تخرج الموتى بإذني ) (5).
      فجميع الموتى الذين أحياهم عيسى ـ عليه السلام ـ بإذن الله رجعوا إلى الدنيا

    ---------------------------
    (1) البقرة 2 : 259.
    (2) في ر زيادة : وروي أنه ارميا.
    (3) البقرة 2 : 56.
    (4) أثبتناها من م.
    (5) المائدة 5 : 110.

    الاعتقادات _ 62 _

      وبقوا فيها ، ثم ماتوا بآجالهم.
      وأصحاب الكهف ( لبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا ) (1).
      ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم ، وقصتهم معروفة.
      فإن قال قائل : إن الله عزوجل قال : ( وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ) (2).
      قيل له : فإنهم كانوا موتى ، وقد قال الله تعالى : ( قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) (3)، وإن قالوا كذلك فإنهم كانوا موتى ، ومثل هذا كثير.
      وقد صح أن الرجعة كانت في الأمم السالفة ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يكون في هذه الأمة مثل ما يكون في الأمم السالفة ، حذوا النعل بالنعل ، والقذة بالقذة (4).
      فيجب على هذا الأصل أن تكون في هذه الأمة رجعة.
      وقد نقل مخالفونا أنه إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم فيصلي خلفه ، ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته (5) لأن الله تعالى قال : ( إني متوفيك ورافعك إلي ) (6).
      وقال : ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) (7).
      وقال تعالى : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا ) (8).

    ---------------------------
    (1) الكهف 18 : 25.
    (2) الكهف 18 : 18.
    (3) يس 36 : 52.
    (4) رواه مرسلا المصنف في كتاب الفقيه 1 : 130 باب فرض الصلاة ح 609.
    (5) في م : الموت.
    (6) آل عمران 3 : 55.
    (7) الكهف 18 : 47.
    (8) النمل 27 : 83.

    الاعتقادات _ 63 _

      فاليوم الذي يحشر فيه الجميع (1) غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
      وقال تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) (2) يعني في الرجعة ، وذلك أنه يقول تعالى (3) : ( ليبين لهم الذي يختلفون فيه ) (4) والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة.
      وسأجرد في الرجعة كتابا أبين فيه كيفيتها والدلالة على صحة كونها إن شاء الله.
      والقول بالتناسخ باطل (5) ومن دان بالتناسخ فهو كافر ، لأن في التناسخ إبطال الجنة والنار.

    ---------------------------
    (1) في ق ، س : الجمع.
    (2) النحل 16 : 38.
    (3) في ج ، وهامش ر زيادة : بعد ذلك.
    (4) النحل 16 : 39.
    (5) العبارة في م : ونقول في التناسخ باطل.

    الاعتقادات _64 _

    (19) باب الاعتقاد في البعث بعد الموت

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق.
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا بني عبد المطلب ، إن الرائد لا يكذب أهله ، والذي بعثني بالحق نبيا ، لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا جنة أو نار.
      وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة وبعثها (1) ، قال تعالى : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) (2).

    ---------------------------
    (1) ليست في م ، والعبارة في ر : كخلق واحد وبعث نفس واحدة.
    (2) لقمان 31 : 28.

    الاعتقادات _ 65 _

    (20) باب الاعتقاد في الحوض

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الحوض أنه حق ، وأن عرضه ما بين أيلة وصنعاء ، وهو حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن فيه من الأباريق عدد نجوم السماء (1) وأن الوالي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، يسقي منه أولياءه ، ويذود عنه أعداءه ، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأنادي : يا رب ، أصحابي ، فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) (2).

    ---------------------------
    (1) في م : النجوم.
    (2) روى نحوه المصنف في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ 2 : 87 باب ما ذكر ما جاء عن الرضا ـ عليه السلام ـ من العلل ح 33 ، وفي ر زيادة : ( فأقول : سحقا ، سحقا ، لمن بدل بعدي ) ، وقال صلى الله عليه وآله : ( ليردن علي الحوض رجال ممن صحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي رؤوسهم اختلجوا ، فأقولن : أي رب ، أصحابي ، أصحابي ، فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ).

    الاعتقادات _ 66 _

    (21) باب الاعتقاد في الشفاعة

      قال الشيخ رحمه الله ـ اعتقادنا في الشفاعة أنها لمن ارتضى الله دينه من أهل الكبائر والصغائر ، فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة.
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي ) (1).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( لا شفيع أنجح من التوبة ) (2).
      والشفاعة للأنبياء والأوصياء والمؤمنين والملائكة.
      وفي المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر ، وأقل المؤمنين (3) شفاعة من يشفع لثلاثين إنسانا.
      والشفاعة لا تكون لأهل الشك والشرك ، ولا هل الكفر والجحود ، بل تكون للمذنبين من أهل التوحيد.

    ---------------------------
    (1) رواه المصنف مسندا في أماليه : 16 المجلس الثاني ح 4 ، وعيون أخبار الرضا ـ عليه السلام 1 : 136 ح 35.
    (2) رواه المصنف في كتاب الفقيه 3 : 376 باب معرفة الكبائر ح 1779.
    (3) في ر زيادة : المحقين.

    الاعتقادات _ 67 _

    (22) باب الاعتقاد في الوعد والوعيد

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ اعتقادنا في الوعد والوعيد أن من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن أوعده (1) على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ، فإن عذبه فبعدله ، وإن عفا عنه فبفضله (2) ، وما الله بظلام للعبيد.
      وقد قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) (3).

    ---------------------------
    (1) في ر زيادة : الله.
    (2) العبارة في ر : وإن عفا فهو بفضله وكرمه.
    (3) النساء 4 : 48.

    الاعتقادات _ 68 _

    (23) باب الاعتقاد فيما يكتب على العبد

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ اعتقادنا في ذلك أنه ما من عبد إلا وله (1) ملكان موكلان به يكتبان عليه (2) جميع أعماله.
      ومن هم بحسنة ولم يعملها كتب له حسنة ، فإن عملها كتب له عشر حسنات ، وإن هم بسيئة لم تكتب عليه (3) حتى يعملها ، فإن عملها (4) كتب عليه سيئة واحدة.
      والملكان يكتبان على العبد كل شيء حتى النفخ في الرماد (5).
      قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين ، كراما كاتبين ، يعلمون ما تفعلون ) (6).
      ومر أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ برجل وهو يتكلم بفضول الكلام ، فقال :
      ( يا هذا ، إنك تملي على ملكيك كتابا إلى ربك ، فتكلم بما يعنيك ، ودع ما لا

    ---------------------------
    (1) له ، ليست في ق ، س.
    (2) أثبتناها من م.
    (3) أثبتناها من م.
    (4) في ج زيادة : أجل سبع ساعات ، فإن تاب قبلها لم تكتب عليه ، وإن لم يتب.
    (5) في م : الرمال.
    (6) الانفطار 82 : 10 ـ 12.

    الاعتقادات _ 69 _

      يعنيك (1).
      وقال ـ عليه السلام ـ : ( لا يزال الرجل المسلم يكتب محسنا ما دام ساكتا ، فإذا تكلم كتب إما محسنا أو مسيئا ) (2).
      وموضع الملكين من ابن آدم الترقوتان (3) ، صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكا النهار يكتبان عمل العبد بالنهار ، وملكا الليل يكتبان عمل الليل.
    (24) باب الاعتقاد في العدل

      قال الشيخ أبو جعفر ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا أن الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل ، وعاملنا بما هو فوقه ، وهو التفضل ، وذلك أنه عزوجل يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ) (4).
      والعدل (5) هو أن يثيب على الحسنة ، ويعاقب على السيئة.
      قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يدخل الجنة رجل (6) برحمة الله عزوجل ).

    ---------------------------
    (1) رواه مسندا المصنف في الأمالي : 36 المجلس التاسع ح 4.
    (2) رواه مسندا المصنف في ثواب الأعمال : 212 باب ثواب الصمت ح 3 ، والخصال : 15 باب الواحد ح 53.
    (3) في ق ، س : النمرقان ، وفي بحار الأنوار 5 : 327 : الشدقان.
    (4) الأنعام 6 : 160.
    (5) من هنا إلى نهاية الباب ليس في ق ، س ، والعبارة في ر ، ج : والعدل هو أن يثيب على الحسنة الحسنة ، ويعاقب على السيئة السيئة.
    (6) في ر ، ج زيادة : ( بعمله ).

    الاعتقادات _70 _

    (25) باب الاعتقاد في الأعراف

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الأعراف أنه سور بين الجنة والنار ، عليه رجال يعرفون كلا بسيماهم (1) والرجال هم النبي وأوصياؤه ـ عليهم السلام ـ لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه.
      وعند الأعراف المرجون لأمر الله ، إما يعذبهم ، وإما يتوب عليهم.
    (26) باب الاعتقاد في الصراط

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في الصراط أنه حق ، وأنه جسر جهنم ، وأن عليه ممر جميع الخلق.
      قال تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) (2).
      والصراط في وجه آخر اسم حجج الله ، فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوزا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة (3).
      وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : ( يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط ، فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك ) (4).

    ---------------------------
    (1) إشارة إلى الآية 46 من سورة الأعراف.
    (2) مريم 19 : 71.
    (3) في م ، ر زيادة : ويوم / يوم الحسرة والندامة.
    (4) وفي م : بولايتكم وفي المطبوعة : براة.

    الاعتقادات _ 71 _

    (27) باب الاعتقاد في العقبات التي على طريق المحشر

      قال الشيخ ـ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا في ذلك أن هذه العقبات أسم كل عقبة منها على حدة اسم فرض (1) ، أو أمر ، أو نهي.
      فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها فرض ، وكان قد قصر في ذلك الفرض ، حبس عندها وطولب بحق الله فيها.
      فإن خرج منه بعمل صالح قدمه (2) أو برحمة تداركه ، نجا منها إلى عقبة أخرى. فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة ، فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها.
      فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء ، فحيي حياة لا موت فيها أبدا ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبدا ، وسكن (3) جوار الله مع أنبيائه وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده.

    ---------------------------

    (1) العبارة في م : وأما العقبات التي على طريق المحشر فاسمها على حدة اسم فرض ... وفي هامشها : اعتقادنا في ذلك أن هذه العقبات اسم كل عقبة منها اسم فرض ... ومتن ق ، س كهامش م بزيادة : اسمها ، بعد : اسم كل عقبة منها ، بينما أثبتت عبارة : فاسمها على حدة ، بعد عنوان الباب ، وما أثبتناه من ر.
    (2) في ر : قد عمله.
    (3) في ر : ويسكن في
    .

    الاعتقادات _ 72 _

      وإن حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه ، فلم ينجه عمل صالح قدمه ، ولا أدركته من الله عزوجل رحمة ، زلت قدمه عن العقبة فهوى في (1) جهنم نعوذ بالله منها.
      وهذه العقبات كلها على الصراط.
      اسم عقبة منها : الولاية ، يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده ـ عليهم السلام ـ فمن أتى بها نجا وجاز (2) ، ومن لم يأت بها بقي فهوى (3) ، وذلك قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسؤولون ) (4).
      واسم عقبة منها : المرصاد ، وذلك قوله تعالى (5)، ( إن ربك لبالمرصاد ) (6).
      ويقول تعالى : ( وعزتي وجلالي لا يجوز بي ظلم ظالم ).
      واسم عقبة منها : الرحم.
      واسم عقبة منها : الأمانة.
      واسم عقبة منها : الصلاة.
      وباسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل.

    ---------------------------
    (1) في ر ج زيادة : نار.
    (2) في م ، ق : جاوز.
    (3) في م ، س : فبقي يهوي.
    (4) الصافات 37 : 24.
    (5) في ق ، س : وهو قول الله عزوجل.
    (6) الفجر 89 : 14.

    الاعتقادات _ 73 _

    (28) باب الاعتقاد في الحساب والميزان

    (1)
      قال الشيخ رضي الله عنه ـ : اعتقادنا فيهما أنهما حق (2).
      منه ما يتولاه الله تعالى ، ومنه ما يتولاه حججه ، فحساب الأنبياء والرسل (3) والأئمة ـ عليهم السلام ـ يتولاه الله عزوجل ، ويتولى كل نبي حساب أوصيائه ، ويتولى الأوصياء حساب الأمم.
      والله تعالى هو الشهيد على الأنبياء والرسل ، وهم الشهداء على الأوصياء ، والأئمة شهداء على الناس (4).
      وذلك قوله عزوجل : ( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) (5).
      وقوله عزوجل : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) (6).

    ---------------------------
    (1) في ق ، وهوامش النسخ : الموازين.
    (2) العبارة في ق ، وهامش ر : اعتقادنا في الحساب أنه حق.
    (3) ليست في ق ، س وفي م غير واضحة.
    (4) العبارة في م : وهم الشهداء على الأمم.
    (5) البقرة 2 : 143.
    (6) النساء 4 : 41.

    الاعتقادات _74 _

      وقال عزوجل : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ) (1).
      والشاهد أمير المؤمنين.
      وقال عزوجل : ( إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم ) (2).
      وسئل الصادق ـ عليه السلام ـ : عن قول الله : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) قال : ( الموازين الأنبياء والأوصياء ) (3).
      ومن الخلق من يدخل الجنة بغير حساب.
      فأما السؤال فهو واقع على جميع الخلق ، لقوله تعالى : ( فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين ) (4) يعني عن الدين.
      وأما الذنب (5) فلا يسأل عنه (6) إلا من يحاسب.
      قال تعالى : ( فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان ) (7) يعني من شيعة النبي والأئمة ـ عليهم السلام ـ (8) دون غيرهم ، كما ورد في التفسير (9).
      وكل محاسب معذب ولو بطول الوقوف.
      ولا ينجو من النار ، ولا يدخل الجنة أحد بعلمه (10) ، إلا برحمة الله

    ---------------------------
    (1) هود 11 : 17.
    (2) الغاشية 88 : 25 ، 26.
    (3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار : 31 : باب معنى الموازين ح 1 ، والآية الكريمة في سورة الأنبياء 21 : 47.
    (4) الأعراف 7 : 6.
    (5) في بحار الأنوار 7 : 251 : وأما غير الدين.
    (6) أثبتناها من م.
    (7) الرحمن 55 : 39.
    (8) في ر زيادة : خاصة.
    (9) رواه مسندا المصنف في فضائل الشيعة : 76 ح 43.
    (10) في م ، س : بعلمه.

    الاعتقادات _ 75 _

      تعالى (1).
      والله تعالى يخاطب عباده من الأولين والآخرين بمجمل حساب عملهم مخاطبة واحدة ، يسمع منها كل واحد قضيته دون غيرها ، ويظن أنه المخاطب دون غيره ، ولا تشغله تعالى مخاطبة عن مخاطبة ، ويفرغ من حساب الأولين والآخرين في مقدار (2) ساعة من ساعات الدنيا.
      ويخرج الله لكل إنسان كتابا يلقاه منشورا ، ينطق عليه بجميع أعماله ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (3) فيجعله الله حسيب نفسه (4) والحاكم عليها ، بأن يقال له : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) (5).
      ويختم الله تبارك وتعالى على أفواههم (6) ، وتشهد أيديهم وأرجلهم وجميع جوارحهم بما كانوا يعملون (7) ، ( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون * وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعلمون ) (8).
      وسأجرد كيفية وقوع الحساب في كتاب حقيقة المعاد.

    ---------------------------
    (1) العبارة في ق : ولا يدخل الجنة أحدا إلا بعمله وإلا برحمة الله تعالى.
    (2) في هامش م ، ر زيادة : نصف.
    (3) في الفقرة هذه إشارة إلى الآية 13 من سورة الإسراء ، والآية 49 من سورة الكهف.
    (4) العبارة في م : فيجعل الله له محاسب نفسه ، وفي البحار 7 : 251 و س : فيجعله الله حاسب نفسه.
    (5) الاسراء 17 : 14.
    (6) في هامش ر : أفواه قوم.
    (7) في النسخ يكتمون ، وما أثبتناه من هامش م ، ر ، وبلحاظ الآية 65 من سورة يس ، والآية 20 من سورة فصلت.
    (8) فصلت 41 : 21 ، 22.