--------------------------- (1) تكملة يقتضيها السياق . (2) ح ( 1 : 191 ) : ( نحيى ما أحيا القرآن ونميت ما أماته ) . (3) عبد الله بن قيس ، هو أبو موسى الأشعري . (4) في الأصل : ( أنهم ) وأثبت ما في ح . واقعة صفين _ 480 _
وعلى الأمة عهد الله وميثاقه على التمام ، والوفاء بما في هذا الكتاب ، وهم يد على من أراد فيه إلحادا وظلما ، أو حاول له نقضا ، وشهد بما في الكتاب من أصحاب علي (1) عبد الله بن عباس ، والأشعث بن قيس ، والأشتر مالك بن الحارث ، وسعيد بن قيس الهمداني ، والحصين والطفيل ابنا الحارث بن المطلب ، وأبو أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري (2) ، وخباب بن الأرت ، وسهل بن حنيف ، وأبو اليسر بن عمرو الأنصاري (3) ، ورفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري ، وعوف بن الحارث بن المطلب القرشي ، وبريدة الأسلمي (4) ، وعقبة بن عامر الجهني ، ورافع بن خديج الأنصاري ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، والحسن والحسين ابنا علي ، وعبد الله بن جعفر الهاشمي ، والنعمان بن عجلان الأنصاري ، وحجر بن عدي الكندي ، وورقاء بن مالك بن كعب الهمداني ، وربيعة بن شرحبيل ، وأبو صفرة ابن يزيد ، والحارث بن مالك الهمداني ، وحجر بن يزيد ، وعقبة بن حجية ، ( إلى هنا السقط ) ، ومن أصحاب معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، وأبو الأعور بن سفيان السلمي (5) ، وبسر بن أرطاة القرشي ، ومعاوية بن خديج الكندي ، والمخارق بن الحارث الحميري ، ورعبل بن عمرو السكسكي ، وعبد الرحمن ابن خالد المخزومي ، وحمزة بن مالك الهمداني ، وسبيع بن يزيد الهمداني ، ويزيد بن الحر الثقفي ، ومسروق بن حرملة العكي (6) ، ونمير بن يزيد الحميري ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعلقمة بن يزيد الكلبي ، وخالد ابن المعرض السكسكي ، وعلقمة بن يزيد الجرمي ، وعبد الله بن عامر القرشي ، ومروان بن الحكم ، والوليد بن عقبة القرشي ، وعتبة بن أبي سفيان ، ومحمد بن أبي سفيان ، ومحمد بن عمرو بن العاص ، ويزيد بن عمر الجذامي ، وعمار ابن الأحوص الكلبي ، ومسعدة بن عمرو التجيبي ، والحارث بن زياد القيني ، وعاصم بن المنتشر الجذامي ، وعبد الرحمن بن ذي الكلاع الحميري ، والقباح بن جلهمة الحميري (7) ، وثمامة بن حوشب ، وعلقمة بن حكيم ، وحمزة بن مالك ، وإن بيننا على ما في هذه الصحيفة عهد الله وميثاقه ،
وكتب عمر يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين .
--------------------------- (1) ح ( 1 : 192 ) : ( وشهد فيه من أصحاب علي عشرة ، ومن أصحاب معاوية عشرة ) ، وقد فصل الطبري في ( 6 : 130 ) فذكر هؤلاء العشرة وهؤلاء العشرة ، لكن ما في الأصل هنا يربى على هذا العدد كثيرا . (2) هو أبو أسيد ، بهيئة التصغير ، مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي ، وكان معه راية بني ساعدة يوم الفتح ، اختلف في وفاته ما بين سنة ثلاثين إلى ثمانين ، انظر الإصابة 7622 ، وفي الأصل : ( ربيعة بن مالك ) تحريف . (3) هو أبو اليسر ، بفتحتين ، الأنصاري ، واسمه كعب بن عمرو بن عباد ، شهد بدرا والمشاهد ، وهو الذي أسر العباس ، ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين ، الإصابة ( 7 : 218 ) ، وفي الأصل : ( أبو اليسير ) تحريف . (4) هو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلمي ، ينتمي إلى أسلم بن أفصي ، مات سنة ثلاث وستين ، الإصابة 629 ، وفي الأصل : ( السلمي ) تحريف . (5) هو أبو الأعور عمرو بن سفيان بن عبد شمس ، وهو ممن قدم مصر مع مروان سنة خمس وستين ، انظر الإصابة 5846 . (6) ذكره ابن حجر في الإصابة 7938 ولم يعرف اسم والده . (7) لم أعثر له على ترجمة ، والمعروف في أعلامهم مما يقاربه ( القباع ) . واقعة صفين _ 481 _
قال نصر : وفي كتاب عمر بن سعد : ( هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ) ، فقال معاوية : بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته ، وقال عمرو : اكتب اسمه واسم أبيه ، إنما هو أميركم ، وأما أميرنا فلا ، فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه ، فقال الأحنف : لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك ، فإني أتخوف إن محوتها ألا ترجع إليك أبدا ، لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا ، فأبى مليا من النهار أن يمحوها ، ثم إن الأشعث بن قيس جاء فقال : امح هذا الإسم ، فقال علي : لا إله إلا الله والله أكبر ، سنة بسنة ، أما والله لعلى يدي دار هذا يوم الحديبية ، حين كتبت الكتاب عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وسهيل بن عمرو ، فقال سهيل : لا أجيبك إلى كتاب تسمى ( فيه ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولو أعلم أنك رسول الله لم أقاتلك ، إني إذا ظلمتك إن منعتك أن تطوف ببيت الله وأنت رسول الله ، ولكن اكتب : ( محمد بن عبد الله ) أجبك ، فقال محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يا علي إني لرسول الله ، وإني لمحمد بن عبد الله ، ولن يمحو عني الرسالة كتابي إليهم من محمد بن عبد الله ، فاكتب : محمد بن عبد الله ) ، فراجعني المشركون في هذا (1) إلى مدة ، فاليوم أكتبها إلى أبنائهم كما كتبها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى آبائهم سنة ومثلا ، فقال عمرو بن العاص : سبحان الله ، ومثل هذا شبهتنا بالكفار ونحن مؤمنون ؟ فقال له علي : يا ابن النابغة ، ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا ، وهل تشبه إلا أمك التي وضعت بك (2) ، فقام عمرو فقال : والله لا يجمع بيني وبينك مجلس أبدا بعد هذا اليوم ، فقال علي : والله إني لأرجو أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك ، قال : وجاءت عصابة قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم فقالوا : يا أمير المؤمنين مرنا بما شئت ، فقال لهم ابن حنيف : أيها الناس اتهموا رأيكم فوالله لقد كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي صالح عليه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، نصر ، عن عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن بريدة الأسلمي (3) ـ يعني ابن سفيان ـ عن محمد بن كعب القرظي ، عن علقمة بن قيس النخعي قال : لما كتب علي الصلح يوم صالح معاوية فدعا الأشتر ليكتب ، قال قائل : أكتب بينك وبين معاوية ، فقال (4) : إني والله لأنا كتبت الكتاب بيدي يوم الحديبية ، وكتبت ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، فقال سهيل : لا أرضى ، اكتب ( باسمك اللهم ) فكتب : ( هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو ) ، فقال . لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، قال علي : فغضبت فقلت : بلى والله إنه لرسول الله وإن رغم أنفك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( اكتب ما يأمرك ، إن لك مثلها ، ستعطيها وأنت مضطهد ) ،
نصر ، عن عمر بن سعد قال : حدثني أبو إسحاق الشيباني قال : قرأت كتاب الصلح عند سعيد بن أبي بردة ، في صحيفة صفراء عليها خاتمان خاتم من أسفلها وخاتم من أعلاها ، في خاتم علي : ( محمد رسول الله ) وفي خاتم معاوية : ( محمد رسول الله ) ، فقيل لعلي حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام : أتقر أنهم مؤمنون مسلمون ؟ فقال علي : ما أقر لمعاوية ولا لأصحابه أنهم مؤمنون ولا مسلمون ، ولكن يكتب معاوية ما شاء ، ويقر بما شاء لنفسه وأصحابه ، ويسمى نفسه وأصحابه ما شاء ، فكتبوا : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، قاضى علي بن أبي طالب على أهل العراق ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين ، وقاضي معاوية بن أبي سفيان على أهل الشام ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين : إنا ننزل عند حكم الله وكتابه ، والا يجمع بيننا إلا إياه ، وأن كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته إلى خاتمته : نحيى ما أحيا القرآن ، ونميت ما أمات القرآن .
--------------------------- (1) في الأصل : ( في عهد ) . (2) هذه العبارة بعينها في الطبري ( 6 : 29 ) . (3) هذا غير بريدة الأسلمي ، المترجم في ص 507 ، وقد ترجم لبريدة بن سفيان ، في تهذيب التهذيب . (4) أي علي ( عليه السلام ) . واقعة صفين _ 482 _
فما وجد الحكمان في كتاب الله بيننا وبينكم فإنهما يتبعانه ، وما لم يجداه في كتاب الله أخذا بالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة ، والحكمان عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص ، وأخذنا عليهما عهد الله وميثاقه ليقضيا بما وجدا في كتاب الله ، فإن لم يجدا في كتاب الله فالسنة الجامعة غير المفرقة ، وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين ـ مما هما عليه من أمر الناس بما يرضيان به من العهد والميثاق والثقة من الناس ـ أنهما آمنان على أموالهما وأهليهما ، والأمة لهما أنصار على الذي يقضيان به عليهما (1) ، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيها عهد الله أنا على ما في هذه الصحيفة ، ولنقومن عليه ، وإنا عليه لأنصار ، وإنها قد وجبت القضية بين المؤمنين بالأمن والإستقامة ووضع السلاح ، أينما ساروا ، على أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأرضيهم ، وشاهدهم وغائبهم وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه ليحكمان بين الأمة بالحق ، ولا يردانها في فرقة ولا بحرب حتى يقضيا ، وأجل القضية إلى شهر رمضان فإن أحبا أن يعجلا عجلا ، وإن توفى واحد من الحكمين فإن أمير شيعته يختار مكانه رجلا لا يألو عن المعدلة والقسط ، وإن ميعاد قضائهما الذي يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الشام وأهل الكوفة ، فإن رضيا مكانا غيره فحيث رضيا لا يحضرهما فيه إلا من أرادا ، وأن يأخذ الحكمان من شاءا من الشهود ثم يكتبوا شهادتهم على ما في الصحيفة ، ونحن براء من حكم بغير ما أنزل الله ، اللهم إنا نستعينك على من ترك ما في هذه الصحيفة ، وأراد فيها إلحادا وظلما ، وشهد علي ما في الصحيفة عبد الله بن عباس ، والأشعث ابن قيس ، وسعيد بن قيس ، و ورقاء بن سمى (2) ، وعبد الله بن الطفيل ، وحجر ابن يزيد ، وعبد الله بن جمل ، وعقبة بن جارية ، ويزيد بن حجية ، وأبو الأعور السلمي ، وحبيب بن مسلمة ، والمخارق بن الحارث ، وزمل بن عمرو (3) ، وحمزة ابن مالك ، وعبد الرحمن بن خالد ، وسبيع بن يزيد (4) وعلقمة بن مرثد ، وعتبة ابن أبي سفيان ، ويزيد بن الحر ، وكتب عميرة يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين ، واتعد الحكمان أذرح (5) ، وأن يجيء على بأربعمائة من أصحابه ، ويجيء معاوية بأربعمائة من أصحابه فيشهدون الحكومة ، نصر ، عن عمر بن سعد ، قال أبو جناب (6) ، عن عمارة بن ربيعة الجرمي قال : لما كتبت الصحيفة دعى لها الأشتر فقال : لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال إن كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة .
--------------------------- (1) في الأصل : ( عليه ) . (2) الطبري ( 6 : 30 ) : ( ووفاء بن سمى ) . (3) زمل ، بالكسر ، بن عمرو بن عنز العذري ، عقد له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لواء ، وشهد بهذا اللواء صفين مع معاوية ، وقتل بمرج راهط مع مروان سنة أربع وستين ، انظر الإصابة 2810 ، وفي الأصل : ( زامل ) تحريف ، صوابه في الإصابة والطبري . (4) في الأصل : ( سمع بن زيد ) وأثبت ما في الطبري ( 6 : 30 ) . (5) أذرح ، بضم الراء : بلد في أطراف الشام مجاور لأرض الحجاز . (6) هو أبو جناب الكلبي ، كما في الطبري ( 6 : 30 ) وفي الأصل ( أبو خباب ) . واقعة صفين _ 483 _
أو لست على بينة من ربي ، ويقين من ضلالة عدوي ؟ ! أو لستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور ؟ ! فقال له رجل من الناس : إنك والله رأيت ظفرا ولا خورا ، هلم فأشهد على نفسك ، وأقرر بما كتب في هذه الصحيفة فإنه لا رغبة بك عن الناس ، قال : بلى والله ، إن بي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة ، ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء رجال ما أنت بخير منهم عندي ولا أحرم دما . فقال عمار بن ربيعة : فنظرت إلى ذلك الرجل وكأنما قصع على أنفه الحمم (1) ، وهو الأشعث بن قيس ، ثم قال : ولكن قد رضيت بما صنع علي أمير المؤمنين ، ودخلت فيما دخل فيه ، وخرجت مما خرج منه ، فإنه لا يدخل إلا في هدى وصواب ، نصر ، عن عمر ، عن أبي جناب ، عن إسماعيل بن سميع (2) ، عن شقيق بن سلمة (3) وغيره ، أن الأشعث خرج في الناس بذلك الكتاب يقرؤه على الناس ، ويعرضه عليهم ويمر به على صفوف أهل الشام وراياتهم فرضوا بذلك ، ثم مر به على صفوف أهل العراق وراياتهم يعرضه عليهم حتى مر برايات عنزة وكان مع علي من عنزة بصفين أربعة آلاف مجفف (4) ـ فلما مربهم الأشعث فقرأه عليهم قال فتيان منهم : لا حكم إلا لله ، ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما ( فقاتلا ) حتى قتلا على باب رواق معاوية ، وهما أول من حكم (5) واسماهما معدان وجعد ، أخوان ، ثم مر بها على مراد فقال صالح بن شقيق وكان من رؤسائهم :
--------------------------- (1) القصع : الضرب والدلك ، والحمم : الرماد والفحم وكل ما احترق من النار ، واحدته حمة ، وفي ح ( 1 : 192 ) : ( الحميم ) ، وما أثبت من الأصل يطابق ما في الطبري . (2) ح : ( شفيع ) . (3) ح : ( سفيان بن سلمة ) . (4) المجفف : لابس التجفاف ، وأصله ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقية الجراحة . (5) في اللسان : ( والخوارج يسمون المحكمة ، لإنكارهم أمر الحكمين وقولهم لا حكم إلا لله ) . (6) ح ( 1 : 192 ) : ( رايات تميم ) . (7) النبذ ، بالفتح : الشئ القليل ، وجمعه أنباذ . (8) في الأصل وح ( 1 : 193 ) : ( لا ) . واقعة صفين _ 484 _
إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه ، أن يقتلوا أو يدخلوا في حكمنا عليهم (1) ، وقد كانت منازلة حين رضينا بالحكمين ، فرجعنا وتبنا ، فارجع أنت يا علي كما رجعنا ، وتب إلى الله كما تبنا ، وإلا برئنا منك ، فقال علي : ويحكم ، أبعد الرضا ( والميثاق ) العهد نرجع ، أو ليس الله الله تعالى قال : أوفوا بالعقود (2) ، وقال : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) ، فأبى على أن يرجع ، وأبت الخوارج إلا تضليل التحكيم والطعن فيه ، وبرئت من علي ( عليه السلام ) ، وبرئ منهم ، وقام خطيب أهل الشام حمل بن مالك بين الصفين فقال : أنشدكم الله يا أهل العراق إلا أخبرتمونا لم فارقتمونا ؟ قالوا : فارقناكم لأن الله ( عز وجل ) أحل البراءة ممن حكم بغير ما أنزل الله ، فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله ، وقد أحل عداوته وأحل دمه إن لم يرجع إلى التوبة ويبؤ بالدين (3) ، وزعمتم أنتم خلاف حكم الله فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله وقد أمر الله بعداوته ، وحرمتم دمه وقد أمر الله بسفكه ، فعاديناكم لأنكم حرمتم ما أحل الله ، وحللتم ما حرم الله ، وعطلتم أحكام الله واتبعتم هواكم بغير هدى من الله ، قال الشامي حمل بن مالك (4) : قتلتم أخانا وخليفتنا ونحن غيب عنه ، بعد أن استتبتموه فتاب ، فعجلتم عليه فقتلتموه ، فنذكركم الله لما أنصفتم الغائب (5) المتهم لكم ، فإن قتله لو كان عن ملأ من الناس ومشورة كما كانت إمرته ، لم يحل لنا الطلب بدمه ، وإن أطيب التوبة والخير في العاقبة أن يعرف من لا حجة له الحجة عليه وذلك أقطع للبغي ، وأقرب للمناصحة ، وقد رضينا أن تعرضوا ذنوبه على كتاب الله أولها وآخرها ، فإن أحل الكتاب دمه برئنا منه وممن تولاه ومن يطلب دمه ، وكنتم قد أجرتم في أول يوم وآخره ، وإن كان كتاب الله يمنع دمه ويحرمه تبتم إلى الله ربكم ، وأعطيتم الحق من أنفسكم في سفك دم بغير حله بعقل أو قود ، أو براءة ممن فعل ذلك وهو ظالم ، ونحن قوم نقرأ القرآن وليس يخفى علينا منه شئ ، فأفهمونا الأمر الذي استحللتم عليه دماءنا ، قالوا : نعم ، قد بعثنا منا رجلا ومنكم رجلا يقرآن القرآن كله ويتدارسان ما فيه ، وينزلان عند حكمه علينا وعليكم ، وإنا قد بعثنا منا من هو عندنا مثل أنفسنا ، وجعلنا لهما أن ينتهيا إليه ، وأن يكون أمرهما على تؤدة ، ونسأل عما يجتمعان عليه وما يتفرقان عنه ، فإنما فارقناكم في تفسيره ولم نفارقكم في تنزيله ، ونحن وأنتم نشهد أنه من عند الله ، فإنما نريد أن نسأل عنه مما تفسرون ، مما جهلنا (6) نحن تفسيره ، فنسأل عنه أهل العلم (7) منا ومنكم ، فأعطيناكم على هذا الأمر ما سألتم من شأن الحكمين ، وإنما بعثا ليحكما بكتاب الله ، يحييان ما أحيا الكتاب ويميتان ما أمات الكتاب ، فأما ما لم يجدا في الكتاب فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة ، ولم يبعثا ليحكما بغير الكتاب ، ولو أرادا اللبس على أمة محمد لبرئت منهما الذمة (8) وليس لهما على أمة محمد حكم ، فلما سمع المسلمون قولهم علموا أن على كل مخاصم إنصاف خصيمه وقبول الحق منه وإن كان قد منعه فقاتل عليه ، لأنهم إلى الحق دعوا أول يوم ، وبه عملوا يقينا غير شك ، ومن الباطل استعتبوا ، وعلى عماية قتلوا من قتلوا ، ونظر القوم في أمرهم ، وشاوروا قائدهم ، وقالوا :
--------------------------- (1) ح : ( تحت حكمنا عليهم ) . (2) من الآية الأولى في سورة المائدة ، وفي الأصل : ( بالعهود ) تحريف . (3) يبوء : يقر ويعترف ، وفي الأصل : ( ويبوء بالدين ) . (4) في الأصل : ( حمزة بن مالك ) . (5) لما ، هنا ، بمعنى إلا ، كما في قول الله : ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) . (6) في الأصل : ( ما جعلنا ) . (7) في الأصل : ( السلم ) . (8) في الأصل : ( فبرئت منهما الذمة ) . واقعة صفين _ 485 _
قد قبلنا من عثمان بن عفان حين دعى إلى الله والتوبة من بغيه وظلمه ، وقد كان منا عنه كف حين أعطانا أنه تائب حتى جرى علينا حكمه بعد تعريفه ذنوبه ، فلما لم يتم التوبة وخالف بفعله عن توبته قلنا اعتزلنا ونولي أمير المؤمنين رجلا يكفيك ويكفينا ، فإنه لا يحل لنا أن نولي أمر المؤمنين رجلا نتهمه في دمائنا وأموالنا ، فأبى ذلك وأصر ، فلما أن رأينا ذلك منه قتلناه ومن تولاه بعد قتلنا إياه ، وهم يعرضون كتاب الله بيننا وبينهم ، ويسألونا حجتنا عليهم ، وإنما هم صادقون أو كاذبون في نيتهم ، وليس لنا عذر في إنصافهم والموادعة والكف عنهم حتى يرجعوا بتوبة أو مناصحة بعد أن نقررهم ونعرفهم ظلمهم وبغيهم ، أو يصروا فيغلبنا عليهم ما غلبنا على قائدهم فنقتلهم ، فإنما نطلب الحجة بعد العذر ، ولا عذر إلا ببينة ، ولا بينة إلا بقرآن أو سنة (1) ، وهم خلطاء في الدين ، ومقرون بالكتاب والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ليسوا بمنزلة أحد ممن حارب المسلمين ، أهل بغى أمر الله أن يقاتلوا حتى يفيئوا من بغيهم إلى أمر الله ، وبرئوا ببغيهم من الإيمان ، قال الله (عز وجل ) على لسان نبيه داود : ( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ) ، هؤلاء منافقون ، لأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف وقتالهم عليه ، ولا تباعهم ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ، بذلك تفنى حسناتهم ، وذلك أنه كانت لهم حسنات لم تنفعهم حين عاداهم ، فقبل أمير المؤمنين مناصفتهم في المنازعة عند الحكمين بالدين بأن يحكم بكتاب الله ويرد المحق والمبطل إلى أمره ، و ما (2) يرضى به ، وفيما نزل بهم أمر ليس فيه قرآن يعرفونه فالسنة الجامعة العادلة غير المفرقة ، فلم يكن يسع أحدا من الفريقين ترك كتاب الله والسنة بعد قول الله عزوجل في صفة عدوه ومن يرغب عن كتابه وهو مقر بتنزيله ، حامل لميثاقه : ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ) ، وقال الله تعالى يعيرهم بذلك : ( أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ) ، وما أولئك بالمؤمنين ، إنهم لو كانوا مؤمنين رضوا بكتابي ورسولي ، ثم أنزل : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) ، يعني أنهم أصابوا حقائق الإيمان والصلح ، فلم يسع عليا أمير المؤمنين إلا الكف بعد توكيدهم الميثاق ، وضربهم الأجل ، والرضا بأن يحكم بينهم رجلان بكتاب الله ـ فيما تنازع فيه عباد الله ـ بما أنزل الله وسنة رسوله ، ليبلغ الشاهد الغائب منهم سبيل المحق من المبطل ، ألا يغير بمؤمن غائب برضا غوى (3) أو عم (4) غير مهتد ، فيسمى أمير المؤمنين من كل باسمه حتى يقره الكتاب (5) على منزلته ، قال : فنادت الخوارج أيضا في كل ناحية : لا حكم إلا الله ، لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله ، قد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا معنا في حكمنا عليهم ، وقد كانت منا خطيئة وزلة حين رضينا بالحكمين ، وقد تبنا إلى ربنا ورجعنا عن ذلك ، فارجع كما رجعنا ، وإلا فنحن منك براء ، فقال علي : ويحكم ، بعد الرضا والعهد والميثاق أرجع ؟ أو ليس الله يقول : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها
وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) ، فبرئوا من علي وشهدوا عليه بالشرك ، وبرئ علي منهم .
--------------------------- (1) في الأصل : ( وسنة ) . (2) ليست في الأصل . (3) كذا وردت هذه العبارة . (4) في الأصل : ( عمى ) . (5) في الأصل : ( يفرده الكتاب ) . واقعة صفين _ 486 _
نصر ، عن عمر بن سعد قال : حدثني أبو عبد الله يزيد الأودي أن رجلا منهم كان يقال له عمرو بن أوس ، قاتل مع علي يوم صفين وأسره معاوية في أسرى كثيرة ، فقال له عمرو بن العاص : اقتلهم ، قال عمرو بن أوس لمعاوية : إنك خالي فلا تقتلني ، فقامت إليه بنو أود (1) فقالوا : هب لنا أخانا ، فقال : دعوه فلعمري لئن كان صادقا ليستغنين عن شفاعتكم ، وإن كان كاذبا فإن شفاعتكم لمن ورائه ، فقال له معاوية : من أين أنا خالك ؟ فما بيننا وبين أود من مصاهرة ، فقال : فإذا أخبرتك فعرفت فهو أماني عندك ؟ قال : نعم ، قال : ألست تعلم أن أم حبيبة (2) ابنة أبي سفيان زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هي أم المؤمنين ؟ قال : بلى ، قال : فأنا ابنها وأنت أخوها ، فأنت خالي ، فقال معاوية : ما له لله أبوه ، ما كان (3) في هؤلاء الأسرى أحد يفصن لها غيره ، وقال : خلوا سبيله ، نصر ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن الشعبي قال : أسر علي أسرى يوم صفين ، فخلى سبيلهم فأتوا معاوية ، وقد كان عمرو بن العاص يقول لأسرى أسرهم معاوية : اقتلهم ، فما شعروا إلا بأسراهم قد خلى سبيلهم علي فقال معاوية : يا عمرو ، لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الأمر ، ألا تراه (4) قد خلى سبيل أسرانا ، فأمر بتخلية من في يديه من أسرى علي ، وكان علي إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله ، إلا أن يكون قد قتل أحدا من أصحابه فيقتله به ، فإذا خلى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله ، وكان علي لا يجهز على الجرحى (5) ولا علي من أدبر بصفين ، لمكان معاوية ، نصر ، عن عمر بن سعد ، عن الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة (6) قال : أتى سليمان بن صرد عليا أمير المؤمنين بعد الصحيفة ، ووجهه مضروب بالسيف ، فلما نظر إليه علي قال : ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) ، فأنت ممن ينتظر وممن لم يبدل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أما لو وجدت أعوانا ما كتبت هذه الصحيفة أبدا ، أما والله لقد مشيت في الناس ليعودوا إلى أمرهم الأول فما وجدت أحدا عنده خير إلا قليلا ، وقام إلى علي محرز بن جريش (7) بن ضليع فقال : يا أمير المؤمنين ، ما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل ، فو الله إني لأخاف أن يورث ذلا ، فقال علي : أبعد أن كتبناه ننقضه (8) ، إن هذا لا يحل ، وكان محرز يدعى ( مخضخضا ) وذاك أنه أخذ عنزة بصفين (9) ، وأخذ معه إداوة من ماء ، فإذا وجد رجلا من أصحاب علي جريحا سقاه من الماء ، وإذا وجد رجلا من أصحاب معاوية خضخضه بالعنزة حتى يقتله .
--------------------------- (1) أود ، بالفتح ، وهم من بني معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان . (2) أم حبيبة كنية لها ، واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، وقيل بل اسمها هند ، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية ، وقد تزوجها رسول الله وهي في الحبشة ، زوجه إياها سعيد بن العاص ، وأصدقها النجاشي عن رسول الله أربعمائة ، دينار ، وعمل النجاشي لذلك طعاما ، وقد دخل بها الرسول قبل إسلام أبيها ، وماتت بالمدينة سنة 44 ، انظر الإصابة ( قسم النساء ) والروض الأنف ( 2 : 368 ) ، وفي الأصل : ( أن حبيبة ) صوابه ( أن أم حبيبة ) . (3) ح ( 1 : 193 ) : ( أما كان ) . (4) في الأصل : ( ألا ترى ) . (5) أجهز على الجريح : أسرع قتله ، وفي اللسان : ( ومنه حديث علي ( عليه السلام ) : ( لا يجهز علي جريحهم ) ، وفي الأصل : ( لا يجبر ) تحريف . (6) عون بن أبي جحيفة ، بتقديم الجيم وبهيئة التصغير ، السوائي ، بضم السين ، الكوفي ، ثقة من الرابعة ، مات سنه 116 ، تقريب التهذيب . (7) ح ( 1 : 193 ) : ( محمد بن جريش ) . (8) في الأصل : أما بعد بإقحام ( ما ) ، صوابه في ح . (9) العنزة ، بالتحريك : رميح صغير . واقعة صفين _ 487 _
نصر ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن أبي الوداك قال : لما تداعى الناس إلى الصلح بعد رفع المصاحف ـ قال ـ قال علي : إنما فعلت ما فعلت لما بدا فيكم الخور والفشل ـ هما الضعف ـ فجمع سعيد بن قيس قومه ، ثم جاء في رجراجة (1) من همدان كأنها ركن حصير (2) ـ يعني جبلا باليمن ـ فيهم عبد الرحمن (3) ، غلام له ذؤابة ، فقال سعيد : هأنذا وقومي ، لا نرادك ولا نرد عليك (4) ، فمرنا بما شئت ، قال : أما لو كان هذا قبل رفع المصاحف (5) لأزلتهم عن عسكرهم أو تنفرد سالفتي قبل ذلك ، ولكن انصرفوا راشدين ، فلعمري ما كنت لأعرض قبيلة واحدة للناس ،
نصر ، عن عمر بن سعد ، عن إسحاق بن يزيد ، عن الشعبي ، أن عليا قال يوم صفين حين أقر الناس بالصلح : إن هؤلاء القوم لم يكونوا ليفيئوا إلى الحق (6) ، ولا ليجيبوا إلى كلمة السواء حتى يرموا بالمناسر تتبعها العساكر ، وحتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب ، وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، وحتى يدعوا الخيل في نواحي أرضهم وبأحناء مساربهم ومسارحهم ، وحتى تشن عليهم الغارات من كل فج ، وحتى يلقاهم قوم صدق صبر ، لا يزيدهم هلاك من هلك من قتلاهم وموتاهم في سبيل الله إلا جدا في طاعة الله ، وحرصا على لقاء الله ، ولقد كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيا على أمض الألم ، وجدا على جهاد العدو ، والاستقلال بمبارزة الأقران ، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقى صاحبه كأس المنون ، فمرة لنا من عدونا ، ومرة لعدونا منا ، فلما رآنا الله صبرا صدقا أنزل الله بعدونا الكبت ، وأنزل علينا النصر ، ولعمري لو كنا نأتي مثل الذين أتيتم ما قام الدين ولا عز الإسلام ، وايم الله لتحلبنها دما ، فاحفظوا ما أقول لكم ـ يعني الخوارج ، نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج قال : قيل لعلي لما كتبت الصحيفة إن الأشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة ، ولا يرى إلا قتال القوم ، فقال علي : بلى إن الأشتر ليرضى إذا رضيت ، وقد رضيت ورضيتم ، ولا يصلح الرجوع بعد الرضا ، ولا التبديل بعد الإقرار ، إلا أن يعصي الله ويتعدى ما في كتابه ، وأما الذي ذكرتم من تركه أمرى وما أنا عليه فليس من أولئك ، وليس أتخوفه على ذلك (7) ، وليت فيكم مثله اثنين ، بل ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوه مثل رأيه ، إذن لخفت على مؤونتكم ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم ، وأما القضية فقد استوثقنا لكم فيها ، فقد طمعت ألا تضلوا إن شاء الله رب العالمين ، وكان الكتاب في صفر ، والأجل في شهر رمضان لثمانية أشهر يلتقى الحكمان ، ثم إن الناس أقبلوا على قتلاهم يدفنونهم ، قال : وكان عمر بن الخطاب دعا حابس بن سعد الطائي فقال له : إني أريد أن أوليك قضاء حمص فكيف أنت صانع ، قال : أجتهد رأيي ، وأستشير جلسائي ، فانطلق فلم يمض إلا يسيرا حتى رجع فقال : يا أمير المؤمنين ، إني رأيت رؤيا أحببت أن أقصها عليك ، قال : هاتها .
--------------------------- (1) كلمة : ( في ) ليست في الأصل . (2) حصير : حصن باليمن من أبنية ملوكهم القدماء ، عن ياقوت ، وفي الأصل وح : ( حصين ) تحريف . (3) هو عبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، كما في ح . (4) بدلهما في ح : ( لا نرد أمرك ) . (5) بدلها في ح : ( قبل سطر الصحيفة ) أي كتابتها . (6) ح : ( لينيبوا إلى الحق ) وهما بمعنى . (7) ح : ( ولا أعرفه على ذلك ) . واقعة صفين _ 488 _
قال : رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق ومعها جمع عظيم ، وكأن القمر أقبل من المغرب ومعه جمع عظيم ، فقال له عمر : مع أيهما كنت ؟ قال : كنت مع القمر ، قال عمر : كنت مع الآية الممحوة ، فاذهب لا والله لا تعمل لي عملا ، فرده فشهد مع معاوية صفين وكانت راية طيئ (1) معه ، فقتل يومئذ فمر به عدي بن حاتم ، ومعه ابنه زيد بن عدي فرآه قتيلا فقال : يا أبه ، هذا والله خالي ، قال : نعم ، لعن الله خالك فبئس والله المصرع مصرعه ، فوقف زيد فقال : من قتل هذا الرجل ـ مرارا ـ فخرج إليه رجل من بكر بن وائل طوال يخضب ، فقال : أنا والله قتلته ، قال له : كيف صنعت به (2) ، فجعل يخبره ، فطعنه زيد بالرمح فقتله ، وذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها ، فحمل عليه عدي يسبه ويسب أمه ويقول : يا ابن المائقة ، لست على دين محمد إن لم أدفعك إليهم ، فضرب ( زيد ) فرسه فلحق بمعاوية ، فأكرمه معاوية وحمله وأدنى مجلسه ، فرفع عدي يديه فدعا عليه فقال : اللهم إن زيدا قد فارق المسلمين ، ولحق بالمحلين (3) اللهم فارمه بسهم من سهامك لا يشوى (4) ـ أو قال : لا يخطئ ـ فإن رميتك لا تنمي (5) ، لا والله لا أكلمه من رأسي (6) كلمة أبدا ، ولا يظلني وإياه سقف بيت أبدا . قال وقال زيد في قتل البكري :
--------------------------- (1) في الأصل : ( راية علي ) صوابه في ح ( 1 : 194 ) . (2) في الأصل : ( له ) وأثبت ما في ح . (3) ح : ( بالملحدين ) . (4) أشوى : رمى فأصاب الشوى ـ وهي الأطراف ـ ولم يصب المقتل . (5) الإنماء : أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت ، وفي الأصل : ( لا تمنى ) تحريف ، وهذه العبارة ليست في ح . (6) في الأصل : ( رأس ) صوابه في ح ( 1 : 194 ) . (7) ح ( 1 : 195 ) : ( مخضوب الجبين ) . (8) المغرم : ما يلزم أداؤه من حمالة وغيرها ، وفي الأصل : ( لمعدم ) صوابه في ح . (9) أراد ذهب حناني . وفي الأصل : ( أرانسع حناني ) . واقعة صفين _ 489 _
--------------------------- (1) في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص 162 : ( تناله ) ، وبعض أبيات هذه القصيدة فيه ، وهي على هذا الترتيب : 1 ، 3 ، 2 ، 30 ثم بيتان آخران ، وهما : (2) الصرفان ، بالتحريك : ضرب من التمر أخمر مثل البرني إلا أنه صلب الممضغة علك ، لواحدة صرفانة ، وفي الاصل : ( حسبت ) صوابه من اللسان ( صرف ) ، وفي حماسة ابن الشجري : ( أخلتم ) ، ونحوه قول عمران الكلي : (3) عران ، بالكسر : موضع قرب اليمامة . واقعة صفين _ 490 _
(1) في الاصل : ( أبعد عبيد الله ينوء ) ، والوزن والمعنى فاسدان . (2) أني : حان وقته ، وفي الاصل : ( إذا ما أشا ) . (3) الصدفان ، بضمتين : ناحيتا الشعب أو الوادي ، ويقال لجانبي الجبل إذا تحاذيا صدفان وصدفان ، بضمتين وبفتحتين . (4) الحبرة ، بالفتح : السرور ، وفي الاصل : ( خيره ) . (5) جيلان : قرى من وراء طبرستان في مروج بين جبال . (6) كذا ورد هذا الشطر . واقعة صفين _ 491 _
(1) في الأصل : ( من شحم الثمار ) وأثبت ما في حماسة ابن الشجري . (2) يضفو : يكثر ويطول ، وفي الأصل : ( يصفو ) ، والشبهان : ضرب من العضاه ، وفي البيت إقواء . (3) ذو صباح ، بضم الصاد : موضع ، والرام : ضرب من الشجر . (4) الشؤبوب : الدفعة من المطر ، ونفيان السيل : ما فاض من مجتمعه ، وفي الأصل : ( كقادمتي الشؤبوب ذي نفيان ) . (5) الماتح : المستقى من البئر ، وفي الأصل : ( ثوبا أنجد ) ولا وجه له ، وأثبت ما في كتاب الخيل لابي عبيدة ص 162 . (6) الوحيدان : ماءان في بلاد قيس ، والنقرة : الموضع يجتمع فيه الماء ، ورعم ، بالفتح : اسم جبل في ديار بجيلة ، بميزانه ، أي بما يوازنه ، كما فسر ياقوت في ( رعم ) ، وضدوان : جبلان ، وقد ورد البيت محرفا : وصوابه من معجم البلدان ( رعم ، ضدوان ، الوحيدان ) . (7) الدبران : نجم من منازل القمر ، وعقبته : نزول القمر به في كل شهر مرة . (8) في الأصل : ( في الشعري ) . (9) دهماء : موضع في بلاد مزينة من نواحي المدينة ، يقال له دهماء مرضوض ، حرة ، عنى بها الناقة الكريمة ، والأعيس : ما فيه أدمة من الإبل ، والأنثى عيساء ، وفي الأصل : ( أغبس ) تحريف ، وفي الأصل أيضا : ( نضاح القرى ) ولا وجه له ، أراد أنه ينضح ذفراه بالعرق ، والذفري من القفا هو الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن ، والمرج ، بالتحريك : الذي يخلى في المرعى يذهب حيث شاء . واقعة صفين _ 492 _
مقدم علي من صفين إلى الكوفة نصر ، عن عمر ، عن عبد الرحمن بن جندب قال : لما أقبل علي من صفين أقبلنا معه ، فأخذ طريقا غير طريقنا الذي أقبلنا فيه ، فقال علي : ( آئبون عائدون ، لربنا حامدون ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في المال والأهل ( قال : ثم أخذ بنا طريق البر على شاطئ الفرات حتى انتهينا إلى هيت وأخذنا علي صندودا (1) فخرج الأنماريون بنو سعيد ابن حزيم (2) واستقبلوا عليا فعرضوا عليه النزل فلم يقبل ، فبات بها ، ثم غدا وأقبلنا معه حتى جزنا النخيلة ورأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظل بيت علي وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه علي ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا عليه ، قال : فرد ردا حسنا ظننا أن قد عرفه ، فقال له علي : مالي أرى وجهك منكفتا (3) ، أمن مرض ؟ قال : نعم ، قال : فلعلك كرهته ، فقال : ما أحب أنه بغيري (4) ، قال : أليس احتسابا للخير (5) فيما أصابك منه ؟ قال : بلى ، قال : أبشر برحمة ربك وغفران ذنبك ، من أنت يا عبد الله ؟ قال : بلى ، قال : أنا صالح بن سليم ، قال : ممن أنت ؟ قال : أما الأصل فمن سلامان بن طي ، وأما الجوار والدعوة فمن بني سليم بن منصور ، قال : سبحان الله ، ما أحسن اسمك واسم أبيك ادعيائك (6) واسم من اعتزيت إليه ، هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال : لا والله ما شهدتها ، ولقد أردتها ، ولكن ما ترى بي من لحب الحمى (7) خذلني عنها قال علي : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ) ، أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام ؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك وبينهم ، وأولئك أغشاء (8) الناس ، ومنهم المكبوت الآسف لما كان من ذلك ، وأولئك نصحاء الناس لك ، فذهب لينصرف فقال : صدقت ، جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك ، فإن المرض لا أجر فيه ، ولكن لا يدع للعبد ذنبا إلا حطه ، إنما الأجر في القول باللسان ، والعمل باليد والرجل ، وإن الله عزوجل يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة عالما جما (9) من عباده الجنة ، ثم مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري ، فدنا منه وسأله فقال : ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا ؟ قال : منهم المعجب به ، ومنهم الكاره له ، والناس كما قال الله تعالى : ( ولا يزالون مختلفين ) ، فقال له : فما يقول ذوو الرأي ؟ قال : يقولون : إن عليا كان له جمع عظيم ففرقه ، وحصن حصين فهدمه ، فحتى متى يبني مثل ما قد هدم ، وحتى متى يجمع مثل ما قد فرق ، فلو أنه كان مضى بمن أطاعه إذا عصاه من عصاه ، فقاتل حتى يظهره الله أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم .
--------------------------- (1) صندوداء ، ضبطت في معجم ياقوت بفتح الصاد وسكون النون وفتح الدل ، مع المد ، وهي بلدة في الطريق ما بين الشام والعراق . (2) كذا ، وفي الطبري ( 6 : 33 ) : ( الأنصاريون بنو سعد بن حرام ) . (3) الطبري : ( منكفئا ) وهما بمعنى ، أي متغيرا . (4) في الأصل : ( يعترى ) صوابه من الطبري . (5) في الأصل : ( احتساب بالخير ) صوابه من الطبري . (6) أصل الدعى المنسوب إلى غير أبيه ، وأراد بالأدعياء الأحلاف ، من الدعوة وهي الحلف ، يقال دعوة فلان في بني فلان ، وفي الأصل : ( أعدادك ) صوابه من الطبري . (7) لحب الحمى : إنحالها الجسم ، ويقال لحب الرجل ، بالكسر ، إذا أنحله الكبر . (8 ) في الأصل : ( أغنياء الناس ) صوابه من الطبري ، وهو في مقابل النصحاء . (9) هذه التكملة من الطبري (6 : 34) . واقعة صفين _ 493 _
فقال علي : أنا هدمت أم هم هدموا ، أم أنا فرقت أم هم فرقوا (1) ؟ وأما قولهم لو أنه مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك هو الحزم فو الله ما غبى عني ذلك الرأي (2) ، وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا (3) ، طيب النفس بالموت ، ولقد هممت بالإقدام على القوم (4) ، فنظرت إلى هذين قد ابتدراني ـ يعني الحسن والحسين - ونظرت إلى هذين (5) قد استقدماني ـ يعني عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي (6) ـ فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد من هذه الأمة ، فكرهت ذلك . وأشفقت على هذين أن يهلكا ، وقد علمت (7) أن لولا مكاني لم يستقدما ـ يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر ـ (8) وايم الله لئن لقيتهم بعد يومي لألقينهم (9) وليس هما معي في عسكر ولا دار ، قال : ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف ، فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية ، فقال أمير المؤمنين : ما هذه القبور ؟ فقال له قدامة بن عجلان الأزدي : يا أمير المؤمنين ، إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك ، فأوصى أن يدفن في الظهر (10) ، وكان الناس إنما (11) يدفنون في دورهم وأفنيتهم ، فدفن الناس إلى جنبه ، فقال علي : رحم الله خبابا ، قد أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلى في جسده أحوالا ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا ، فجاء حتى وقف عليهم ثم قال : عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة ، من المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، وأنتم لنا سلف وفرط ، ونحن لكم تبع ، وبكم عما قليل لاحقون ، اللهم اغفر لنا ولهم ، وتجاوز عنا وعنهم ، ثم قال : الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا (12) ، أحياء وأمواتا ، الحمد لله الذي جعل منها خلقنا ، وفيها يعيدنا ، وعليها يحشرنا ، طوبى لمن ذكر المعاد ، وعمل للحساب ، وقنع بالكفاف ، ورضى عن الله بذلك ، ثم أقبل حتى دخل سكة الثوريين فقال : خشوا بين هذه الأبيات نصر ، عن عمر قال : حدثني عبد الله بن عاصم القائشي ، قال : لما مر علي بالثوريين ـ يعني ثور همدان ـ سمع البكاء فقال : ما هذه الأصوات ؟ قيل : هذا البكاء على من قتل بصفين ، فقال : أما إني أشهد لمن قتل منهم صابرا محتسبا بالشهادة ، ثم مر بالفائشيين فسمع الأصوات فقال مثل ذلك ، ثم مر بالشباميين فسمع رنة شديدة وصوتا مرتفعا عاليا ، فخرج إليه حرب ابن شرحبيل الشبامي :
--------------------------- (1) في الأصل : ( تفرقوا ) والوجه ما أثبت من الطبري . (2) غبى عنه : لم يفطن له ، وفي الأصل : ( ما غنى عن ذلك الرأي ) وفي الطبري : ( غبى عن رأيي ذلك ) ووجههما ما أثبت . (3) في الأصل : ( لسخى النفس بالدنيا ) صوابه من الطبري . (4) التكملة من الطبري . (5) في الأصل : ( ولو علمت ) صوابه من الطبري . (6) في الأصل : ( يعني بذلك ابنيه الحسن والحسين ) صوابه من الطبري . (7) في الأصل : ( لقيتهم ) وأثبت ما في الطبري . (8) الظهر من الأرض : ما غلظ وارتفع . (9) هذه من الطبري . (10) الكفات ، بالكسر : الموضع الذي يضم فيه الشئ يقبض ، وظهر الأرض كفات للأحياء ، وبطنها كفات للأموات ، وفي الكتاب العزيز : ( ألم نجعل الأرض كفاتا ، أحياء وأمواتا ) . (11) خشوا : ادخلوا ، خش في الشيء : دخل ، وفي الأصل : ( حشوا ) تحريف ، وكلمة ( بين ) ليست في الأصل ، وصوابه وتكملته من الطبري ، وعبارته : ( خشوا ادخلوا بين هذه الأبيات ) . (12 ) الشبامي : نسبة إلى شبام ، بالكسر ، وهم حي من همدان ، وفي الأصل : ( حارب بن شرحبيل الشامي ) تحريف . واقعة صفين _ 494 _
فقال علي : أيغلبكم نساؤكم ، ألا تنهونهن عن هذا الصياح والرنين ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لو كانت دارا أو دارين أو ثلاثا قدرنا على ذلك ، ولكن من هذا الحي ثمانون ومائة قتيل ، فليس من دار إلا وفيها بكاء ، أما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي ، ولكن نفرح لهم ألا نفرح لهم (1) بالشهادة ؟ ! فقال علي : رحم الله قتلاكم وموتاكم ، وأقبل يمشي معه وعلي راكب ، فقال له علي : ارجع ، ووقف ثم قال له : ارجع ، فإن مشى مثلك فتنة للوالي ومذلة للمؤمنين ، ثم مضى حتى مر بالناعطيين (2) فسمع رجلا منهم يقال له عبد الرحمن بن مرثد (3) ، فقال : ما صنع علي والله شيئا ، ذهب ثم انصرف في غير شيء ، فلما نظر أمير المؤمنين أبلس (4) فقال علي : وجوه قوم ما رأوا الشام العام ، ثم قال لأصحابه : قوم فارقتهم آنفا خير من هؤلاء ، ثم قال :
--------------------------- (1) التكملة من الطبري . (2) الناعطيون ، بالنون : حي من همدان ، نسبة إلى جبل لهم يسمى ( ناعط ) ، الاشتقاق 251 ومعجم البلدان ، وفي الأصل : ( الباعطيين ) تحريف ، وهو على الصواب الذي أثبت في الطبري . (3) الطبري : ( عبد الرحمن بن يزيد ، من بني عبيد من الناعطيين ) . (4) الطبري : ( فلما نظروا إلى علي أبلسوا ) ، والإبلاس : أن تنقطع به الحجة ويسكت . (5) أحرضه : أفسده وأشفى به على الهلاك ، الطبري : ( أجرضتك ) ، أي أغصتك . (6) الطبري : ( إن تشعيت ) . (7) الطبري : ( القصر ) . (8) سبقت هذه الأبيات في ص 492 ـ 493 . (9) سبقت ترجمته في 492 ، وفي الأصل : ( أبو مجيد ) تحريف سلف نظيره ، والأبيات التالية تقدمت روايتها في ص 492 . (10) في الأصل : ( ولما ) وأرى الكلام تعقيبا على الشعر . (11) هو مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي ، توفى سنة 144 ، وفي الأصل : ( عمر بن سعد بن مجالد ) تحريف . واقعة صفين _ 495 _
قال نصر : وفي حديث محمد بن عبيدالله ، عن الجرجاني قال : لما أراد أبو موسى المسير قام شريح فأخذ بيد أبي موسى فقال : يا أبا موسى ، إنك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ، ولا يستقال فتقه (1) ، ومهما تقل شيئا لك أو عليك يثبت حقه وير صحته وإن كان باطلا (2) ، وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكها معاوية ، ولا بأس على أهل الشام إن ملكها علي ، وقد كانت منك تثبيطة أيام قدمت الكوفة ، فإن تشفعها بمثلها يكن الظن بك يقينا ، والرجاء منك يأسا ، وقال شريح في ذلك :
--------------------------- (1) ح ( 1 : 195 ) : ( ولا تستقال فتنته ) . (2) في الأصل : ( ثبت حقه ويزول باطله ) والوجه ما أثبت من ح . (3) ح ( 1 : 196 ) : ( البوائق ) . (4) ح : ( بالصواعق ) . (5) ح : ( صاحب الخطة ) . (6) من على ، بياء ساكنة : من أعلى ، وهي إحدى لغات عل . (7) التيس ، هنا : الذكر من الظباء ، والنقيف : المنقوف ، الذي يكسر ليستخرج حبه . واقعة صفين _ 496 _
وقال شريح بن هانئ : والله لقد تعجلت رجال مساءتنا في أبي موسى ، وطعنوا عليه بسوء الظن (1) وما الله عاصمه منه (2) ، إن شاء الله ، وسار مع عمرو بن العاص شرحبيل بن السمط الكندي في خيل عظيمة ، حتى إذا أمن عليه خيل أهل العراق ودعه ثم قال : يا عمرو ، إنك رجل قريش ، وإن معاوية لم يبعثك إلا ثقة بك ، وإنك لن تؤتى من عجز ولا مكيدة ، وقد عرفت أن وطأت (3) هذا الأمر لك ولصاحبك ، فكن عند ظننا بك ، ثم انصرف ، وانصرف شريح بن هانئ حين أمن أهل الشام علي أبي موسى ، وودعه هو ووجوه الناس ،
وكان آخر من ودع أبا موسى الأحنف بن قيس ، أخذ بيده ثم قال له : ( يا أبا موسى ، اعرف خطب هذا الأمر ، واعلم أن له ما بعده ، وأنك إن أضعت العراق فلا عراق ، فاتق الله فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك ، وإذا لقيت عمرا غدا فلا تبدأه بالسلام ، فإنها وإن كانت سنة إلا أنه ليس من أهلها ، ولا تعطه يدك (4) فإنها أمانة وإياك أن يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة ، ولا تلقه وحده ، واحذر أن يكلمك في بيت فيه مخدع تخبأ فيه الرجال والشهود ، ثم أراد أن يبور (5) ما في نفسه لعلي فقال له : ( فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي فخيره أن يختار أهل العراق من قريش الشام من شاءوا ، فإنهم يولونا الخيار فنختار من نريد ، وإن أبوا فليختر أهل الشام من قريش العراق من شاءوا ، فإن فعلوا كان الأمر فينا » . قال أبو موسى : قد سمعت ما قلت : ولم يتحاش لقول الأحنف ، قال : فرجع الأحنف فأتى عليا فقال : يا أمير المؤمنين ، أخرج والله أبو موسى زبدة سقائه في أول مخضه ، لا أرانا إلا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك ، فقال علي : يا أحنف ، إن الله غالب على أمره ، قال : فمن ذلك نجزع يا أمير المؤمنين ، وفشا أمر الأحنف وأبي موسى في الناس ، فجهز الشنى راكبا فتبع به أبا موسى بهذه الأبيات :
--------------------------- (1) ح : ( بأسوأ الطعن ) . (2) أي وبما الله عاصمه منه . (3) ح ( 1 : 196 ) : ( أني وطأت ) . (4) في الأصل : ( بيدك ) وأثبت ما في ح . (5) ح : ( يبلو ) ، وهما بمعنى . (6) عني أنه حية يعجز الراقون عن استخراجها بالرقي لخبثها . (7) هو قثم بن خبية ، أحد بني محارب بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس ، انظر خزانة الأدب ( 1 : 308 بولاق ) . (8) انظر ما سبق في نهاية ص 45 . واقعة صفين _ 497 _
--------------------------- (1) في الأصل : ( الأمر بالحق كله ) وأثبت ما في ح ( 1 : 197 ) . (2) الوشل : الماء القليل ، وفي الأصل : ( رهق الضحضاح ) صوابه في ح . (3) مهيم : كلمة يمانية ، معناه ما أمرك وما شأنك . (4) في الأصل : ( ما تكن هذه الأمة ) صوابه في ح . (5) في الأصل : ( ولن أشهد آخره ) والوجه ما أثبت من ح . (6) في الأصل : ( أبوه ) والصواب ما أثبت . واقعة صفين _ 498 _
فركب حتى أتى دومة الجندل فدخل على أبي موسى كأنه زائر له ، فقال : يا أبا موسى ، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء ؟ قال : أولئك خيار الناس ، خفت ظهورهم من دمائهم ، وخمصت بطونهم من أموالهم ، ثم أتى عمرا فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره هذه الدماء ؟ قال : أولئك شرار الناس ، لم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا ، فرجع المغيرة إلى معاوية فقال له : قد ذقت الرجلين ، أما عبد الله بن قيس فخالع صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد هذا الأمر ، وهواه في عبد الله بن عمر ، وأما عمرو فهو صاحبك الذي تعرف ، وقد ظن الناس أنه يرومها لنفسه ، وأنه لا يرى أنك أحق بهذا الأمر منه ، آخر الجزء الثالث عشر من أجزاء شيخنا عبد الوهاب نصر : في حديث عمرو ، قال : أقبل أبو موسى إلى عمرو فقال : يا عمرو ، هل لك في أمر هو للأمة صلاح ولصلحاء الناس رضا ؟ نولي هذا الأمر عبد الله ابن عمر بن الخطاب ، الذي لم يدخل في شئ من هذه الفتنة ولا هذه الفرقة ـ وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير قريبان يسمعان هذا الكلام ـ فقال عمرو : فأين أنت عن معاوية ؟ فأبي عليه أبو موسى ، قال : وشهدهم عبد الله بن هشام ، وعبد الرحمن بن
( الأسود بن ) عبد يغوث (1) ، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ، والمغيرة بن شعبة ، فقال عمرو ، ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما ؟ قال : بلى ، قال اشهدوا ، فما يمنعك يا أبا موسى من معاوية ولى عثمان ، وبيته في قريش ما قد علمت ؟ فإن خشيت أن يقول الناس ولى معاوية وليست له سابقة ، فإن لك بذلك حجة ، تقول : إني وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم ، والطالب بدمه ، الحسن السياسة الحسن التدبير ، وهو أخو أم حبيبة (2) أم المؤمنين زوج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد صحبه وهو أحد الصحابة ، ثم عرض له بالسلطان فقال : إن هو ولي الأمر أكرمك كرامة لم يكرمك أحد قط ( مثلها ) ، فقال أبو موسى : اتق الله يا عمرو ، أما ذكرك شرف معاوية فإن هذا الأمر ليس على الشرف يولاه أهله ، ولو كان على الشرف كان أحق الناس بهذا الأمر أبرهة بن الصباح ، إنما هو لأهل الدين والفضل ، مع أني لو كنت أعطيه أفضل قريش شرفا أعطيته علي بن أبي طالب ، وأما قولك إن معاوية ولي عثمان فوله هذا الأمر ، فإني لم أكن أوليه معاوية وأدع المهاجرين الأولين ، وأما تعريضك بالسلطان فوالله لو خرج لي من سلطانه ما وليته ، ولا كنت لأرتشي في الله ، ولكنك إن شئت أحيينا سنة عمر بن الخطاب ، نصر ، عن عمر بن سعد ، عن أبي جناب (3) أنه قال : ( والله أن لو استطعت لأحيين اسم عمر بن الخطاب ) ، فقال عمرو بن العاص : إن كنت تريد أن تبايع ابن عمر فما يمنعك من ابني وأنت تعرف فضله وصلاحه ؟ قال : إن ابنك رجل صدق ، ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة .
--------------------------- (1) هو عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري ، ولد على عهد رسول الله ، ومات أبوه في ذلك الزمان ، فلذلك عد في الصحابة ، وقال العجلي : من كبار التابعين ، الإصابة 5072 وتهذيب التهذيب ، وكلمة ( الأسود ) ساقطة من الأصل وح ، وقد سبق الاسم كاملا في ص 539 . (2) سبقت ترجمتها في ص 518 . (3) أبو جناب ، أوله جيم مفتوحة فنون خفيفة ، هو يحيى بن أبي حية الكلبي ، وشهرته بكنيته ، ضعفوه لكثرة تدليسه ، مات سنة 150 ، تهذيب التهذيب ، وفي الأصل : ( أبي خباب ) وفي ح : ( أبي حباب ) والوجه ما أثبت . واقعة صفين _ 499 _
نصر : عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال أبو موسى لعمرو : إن شئت ولينا هذا الأمر الطيب ابن الطيب عبد الله ابن عمر ، فقال عمرو : إن هذا الأمر لا يصلح له إلا رجل له ضرس (1) يأكل ويطعم ، وإن عبد الله ليس هناك . وكان في أبي موسى غفلة (2) ، فقال ابن الزبير لابن عمر : اذهب إلى عمرو بن العاص فارشه ، فقال عبد الله ابن عمر : لا والله ما أرشو عليها أبدا ما عشت ، ولكنه قال له : ويلك يا ابن العاص ، إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعدما تقارعت بالسيوف وتشاجرت بالرماح ، فلا تردهم في فتنة واتق الله ، نصر : قال عمر : عن أبي زهير العبسي ، عن النضر بن صالح قال : كنت مع شريح بن هانئ في غزوة سجستان ، فحدثني أن عليا أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص ، قال له : قل لعمرو إن لقيته : إن عليا يقول لك : إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه ، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده . والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق ، فلم تتجاهل ؟ أبأن أوتيت طمعا (3) يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوا ، فكأن والله ما أوتيت قد زال عنك فلا تكن للخائنين خصيما ، ولا للظالمين ظهيرا ، أما إني أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم هو يوم وفاتك ، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة ولم تأخذ على حكم رشوة ، قال شريح : فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال : متى كنت أقبل مشورة على أو أنيب إلى أمره وأعتد برأيه ؟ ! فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مشورته ، لقد كان من هو خير منك ، أبو بكر وعمر ، يستشيرانه ويعملان برأيه ، فقال : إن مثلي لا يكلم مثلك (4) ، فقلت : بأي أبويك ترغب عن كلامي ؟ بأبيك الوشيظ (5) ، أم بأمك النابغة ؟ فقام من مكانه ، وأقبلت رجال من قريش على معاوية فقالوا : إن عمرا قد أبطأ بهذه الحكومة ، وهو يريدها لنفسه ، فبعث إليه معاوية :
--------------------------- (1) في الأصل : ( إلا كل رجل ضرس ) صوابه في ح ( 1 : 198 ) والطبري ( 6 : 39 ) . (2) الطبري فقط : ( في ابن عمر غفلة ) . (3) كذا في الأصل وح والطبري ، وأراها : ( طعما ) . (4) في الأصل : ( إلا مثلك ) ، وكلمة ( إلا ) مقحعة . (5) الوشيظ : الخسيس ، والتابع ، والحليف ، والدخيل في القوم ليس من صميمهم ، وفي الأصل : ( الوسيط ) صوابه في ح والطبري . (6) في الأصل : ( ما لا يبلغنه ) . (7) ضالع ، أراد به المطيق القوى ، من الضلاعة وهي القوة وشدة الأضلاع ، ولم يرد هذا المشتق في المعاجم ، وفيها ( الضليع ) . واقعة صفين _ 500 _
--------------------------- (1) في الأصل : ( وكم تعدوا الأمر ) . (2) في الأصل : ( أبو خباب ) وفي ح ( 1 : 198 ) : ( أبو حباب ) صوابهما ما أثبت ، وانظر ما سبق في ص 541 . (3) ح : ( فتكلم أنت وأتكلم أنا ) ، الطبري ( 6 : 39 ) : ( فتكلم وأتكلم ) . (4) في الأصل : ( قد أعد أبا موسى يقدمه في كل شيء ) صوابه وتكملته من الطبري . (5) الطبري : ( اغتزى بذلك كله أن يقدمه ) وهي صحيحة ، ففي اللسان : اغتزاه : قصده ، وأنشد ابن الأعرابي ( اللسان 19 : 359 ) : (6) يقال : فرص الفرصة وافترصها وتفرصها ، أي أصابها . (7) في الأصل : ( لشعثها الا نبتر أمورها ) صوابه في ح . واقعة صفين _ 501 _
وإني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا من رأيتم لها أهلا ، ثم تنحى فقعد ، وقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية ( في الخلافة ) فإنه ولي عثمان والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه ، فقال له أبو موسى : مالك لا وفقك الله ، قد غدرت وفجرت ، وإنما مثلك مثل الكلب ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) إلى آخر الآية ، قال : فقال له عمرو : إنما مثلك مثل ( الحمار يحمل أسفارا ) إلى آخر الآية ، وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه بالسوط ، وحمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وقام الناس فحجزوا بينهم ، فكان شريح يقول بعد ذلك : ما ندمت على شيء ندامتي أن لا ضربته بالسيف بدل السوط ، والتمس أصحاب علي أبا موسى فركب ناقته فلحق بمكة ، فكان ابن عباس يقول : قبح الله أبا موسى ، حذرته وأمرته بالرأي فما عقل (1) ، وكان أبو موسى يقول : قد حذرني ابن عباس غدرة الفاسق ولكن اطمأننت إليه ، وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمة ، ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة ، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي ، وقال الشنى :
--------------------------- (1) وكذا في الطبري ( 6 : 40 ) وفي ح ( 1 : 199 ) : ( وهديته إلى الرأي فما عقل ) . (2) كذا ورد هذا العجز . (3) كذا . (4) في الأصل : ( معصات ) تحريف ، وفي اللسان : ( والعرب تسمى مآثر أهل الشرف والفضل مساعي ، واحدتها مسعاة ، لسعيهم فيها ، كأنها مكاسبهم وأعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم ) ، وقال عبدة بن الطبيب في المفضلية 27 : (5) في الأصل : ( عليحدة ) . (6) ح : ( عدوا مبينا ) . واقعة صفين _ 502 _
أما والله إني لأظنك أول راض بهذا الأمر يا أخا ربيعة ، فغضب كردوس فقال :
--------------------------- (1) انظر ما سبق في ص 233 س 6 ـ 7 . (2) ح ( 1 : 199 ) : ( الرضا ) . (3) انظر للأراقم ما مضى في ص 486 . (4) في الأصل : ( البقاء ) صوابه من ح . (5) في الأصل : ( بليت فكنت شيخا ) وأثبت ما في ح . (6) في الأصل : ( وقال أبا موسى إنما كان غدرا من عمرو ) وما بعد ( قال ) مقحم ، وفي الأصل أيضا ( كعب بن جعيل الثعلبي ) ، والصواب ما أثبت ، وهو كعب بن جعيل ابن قمير بن عجزة بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل ، انظر الخزانة ( 1 : 458 ـ 459 ) . (7) وكذا الرواية في معجم البلدان ( أذرح ) وفي ح : ( مناسبه ) وهما بمعنى ، وفي اللسان : ( ابن سيده : ما يعرف له مضرب عسلة ، أي أصل ولا قوم ولا أب ولا شرف ) . (8) كذا وردت هذه الكلمة غير واضحة في الأصل ، وهذه المقطوعة لم ترد في ح . واقعة صفين _ 503 _
وقال عمرو بن العاص حين خدع أبا موسى :
--------------------------- (1) في الأصل : ( خداعة شيظم ) وإنما هي الخديعة ، والشيظم : الطويل الجسيم الفتى من الناس والخيل والإبل ، والسقب : ولد الناقة . (2) التلاتل : الشدائد ، والدحض : الزلق والزلل . (3) الأمض : الباطل والشك ، وحتى ، في البيت ، ابتدائية ، كما في قوله : انظر الخزانة ( 3 : 599 ) . (4) كذا ورد هذا العجز . (5) في الأصل : ( فإن لم يكن حرثا ) . (6) كذا ورد هذا العجز ، وفي معجم البلدان ( أذرح ) : ( وفي أشعري لا يحل له غدر ) وهذا العجز في هذه الرواية من بحر الطويل ، والأبيات من الكامل . (7) صبا : خرج ومال بالعداوة ، وفي الأصل : ( وسما ) وبدلها في معجم البلدان : ( عنه وأصبح ) . (8) في الأصل : ( ترك القرآن فأول ) وصوابه من معجم البلدان . واقعة صفين _ 504 _
يا علي ، أعطني سيفا يعرف الكافر من المؤمن ، أخاف أن أقتل مؤمنا فأدخل النار ، فقال لهم علي : ألستم تعلمون أن عثمان كان إماما بايعتموه على السمع والطاعة ، فعلام خذلتموه إن كان محسنا ، وكيف لم تقاتلوه إذ كان مسيئا ؟ ! فإن كان عثمان أصاب بما صنع فقد ظلمتم إذ لم تنصروا إمامكم ، وإن كان مسيئا فقد ظلمتم إذ لم تعينوا من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وقد ظلمتم إذ لم تقوموا بيننا وبين عدونا بما أمركم الله به ، فإنه قال : ( قاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله (1) ) ، فردهم ولم يعطهم شيئا ، وكان علي ( عليه السلام ) إذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يقول (2) ( اللهم العن معاوية ، وعمرا ، وأبا موسى (3) ، وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، والوليد بن عقبة ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فبلغ ذلك معاوية فكان إذا قنت (4) لعن عليا ، وابن عباس ، وقيس بن سعد ، والحسن والحسين ، وقال الراسبي ، من أهل حرورا :
--------------------------- (1) من الآية 9 في سورة الحجرات ، وقد اشتشهد بالآية مع إسقاط الفاء في أولها ، وهو جائز ، انظر حواشي الحيوان ( 4 : 57 ) . (2) في الطبري ( 6 : 40 ) : ( وكان إذا صلى الغداة يقنت ) . (3) وكذا في ح ( 1 : 200 ) لكن بدله في الطبري : ( وأبا الأعور السلمي ) . (4) وكذا في الطبزي ، لكن في ح : ( فكان إذا صلى ) . (5) انظر للكلام على نسبة هذا البيت وروايته الحيوان ( 5 : 28 ) . (6) الطرب ، هاهنا : الحزن ، والواله : كل أنثى فارقت ولدها ، وفي الأصل : ( الوالد ) تحريف . (7) أنشد : أطلب ، ولا أنشدهم : لا أدل عليهم ، وفي الأصل : ( من قال أضل ) وصوابه من اللسان ( 4 : 433 ) . واقعة صفين _ 505 _
وقال طلبة بن قيس بن عاصم المنقري :
--------------------------- (1) مالك ، هو مالك بن الحارث ، المعروف بالأشتر النخعي ، وفي الأصل : ( هالك ) . (2) في الأصل : ( ولو قيل بعدي من علي ) صوابه ما أثبت . (3) الوجه فيه : ( بن حذلم ) كما سبق في ص 169 ، 245 . (4) المقلات : التي لا يبقى لها ولد ، وفي الأصل : ( الملغاة ) تحريف . (5) الرقوب : الذي لا يبقى له ولد . ( 6 ) الإجازة هنا تقتضي أن يكون ( عديدها ) بالرفع . (7) مقارمها ، كذا وردت . (8) السرعان ، بالتحريك : أوائل القوم المستبقون إلى الأمر ، وفي الأصل : ( لها شرعاء ) والوجه ما أثبت ، وفي الأصل أيضا : ( دواعي السباع ) تحريف . (9) تستقيدها : تطلب القود فيها ، والقود ، بالتحريك : قتل النفس بالنفس ، وفي الأصل : ( يستعيدها ) محرفة . (10) الأكفال : جمع كفل ، بالكسر ، وهو الذي لا يثبت على ظهور الخيل . (11) كذا ورد هذا البيت . واقعة صفين _ 506 _
فيبدو أن في البيت تحريفا فقالوا : نعم ، قد عرفناه ، هذا أفحش شاعر ، وألام جليس (1) فقال معاوية يا أبا الطفيل ، أتعرف هؤلاء ؟ قال : ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر ، فأجابه أيمن بن (2) خريم الأسدي :
--------------------------- (1) في الأصل : ( والم جليس ) . (2) هاتان الكلمتان ساقطتان من الأصل ، وانظر 431 ، 502 ، 503 . (3) انظر ما سبق في ص 555 . (4) كذا ، ونجد في جملة من سرد من الأعلام أسماء كثير من أصحاب معاوية ، وقد تعذر التمييز الدقيق بين هؤلاء وهؤلاء لندرة تراجمهم . كما أن هذه الأسماء تضمنت بعض من قتل في غير صفين . (5) قتله علي يوم صفين ، انظر الإصابة 7483 . (6) كذا ، ولعلها : ( زرارة ) . (7) عمرو بن يثربي الضبي ، كان من رءوس ضبة في الجاهلية ثم أسلم ، وهو قاتل علباء بن الهيثم السدوسي ، وهند بن عمرو الجملي ، وزيد بن صوحان العبدي ، قتلهم يوم الجمل ، فأسره عمار بن ياسر فجاء به إلى علي ( عليه السلام ) فأمر بقتله ، ولم يقتل أسيرا غيره ، وهو القائل : انظر الإصابة 6513 والاشتقاق 246 - 247 . (8) في الأصل : ( والمجاشع بن عبد الرحمن النعماني بن حبير اليشكري ) ، والوجه ما أثبت . (9) هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة إلى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج ، انظر المعارف 48 والاشتقاق 246 واللسان ( مادة جمل ) ، قتله عمرو بن يثربي ، كما سبقت الإشارة إليه في التنبيه الثاني ، انظر الإصابة 9056 ، وفي الأصل : ( همد الحملي ) تحريف . واقعة صفين _ 507 _
ابن صوحان العبدي (1) ، ومالك بن حذيم الهمداني (2) ، وشرحبيل بن امرئ القيس الكندي ، وعلباء بن الهيثم البكري (3) ، وزيد بن هاشم المري ، وصالح بن شعيب القيني ، وبكر بن علقمة البجلي ، والصامت بن قنسلي الفوطي (4) ، وكليب بن تميم الهلالي ، وجهم الراسبي ، والمهاجر بن عتبة الأسدي ، والمستنير بن معقل الحارثي ، والأبرد بن طهرة الطهوي ، وعلباء بن المخارق الطائي ، وبواب بن زاهر (5) ، وأبو أيوب بن أزهر السلمي ، زهاء عشرة آلاف ، وأصيب يوم الوقعة العظمي أكثر من ذلك ، وأصيب فيها من أصحاب علي ما بين السبعمائة إلى الألف ، وأصيب بصفين من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا ،
وأصيب بها من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا ، وأصيب يوم النهروان على قنطرة البردان (6) من المحكمة خمسة آلاف ، وأصيب منهم ألف بالنخيلة بعد مصاب علي ، وأصيب من أصحاب علي يوم النهروان ألف وثلاثمائة ، قال : وذكر جابر عن الشعبي وأبي الطفيل ، ذكروا في عدة قتلى صفين والنهروان والنخيلة نحوا مما ذكر تميم الناجي . آخر كتاب صفين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا : --------------------------- (1) وهذا زبد قتله كذلك عمرو بن يثربي الضبي في وقعة الجمل ، اختلف في صحبته ، الإصابة 2991 . (2) هذا غير مالك بن حريم الهمداني الشاعر الجاهلي الذي ذكره المرزباني في معجمه ص 357 . (3) هو علباء بن الهيثم بن جرير السدوسي البكري ، نسبة إلى سدوس بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، استشهد في وقعة الجمل ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة عمرو بن يثربي ص 557 . (4) كذا ورد هذا الاسم . (5) المعروف في أعلامهم ( ثواب ») ، ومنه المثل : ( أطوع من ثواب ) . (6) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء ، والبردان : محلة ببغداد ، انظر معجم البلدان ، وفي الأصل : ( البودان ) تحريف . |