--------------------------- (1) قدى الشبر ، بكسر القاف والقصر ، أي قدره ، كأنه مقلوب من قيد ، بالكسر ، يقال قدى رمح وقد رمح وقاد رمح ، وأنشد : (2) تقطر : سقط صريعا ، وهذا البيت لم يرو في الديوان . (3) هذه الكلمة ليست في ح . (4) في الأصل : ( يقاتلوا ) صوابه في ح ( 1 : 485 ) . (5) في الأصل : ( ولن يقاتلونا ) وأثبت ما في ح . (6) ح ( 1 : 485 ) : ( إذا لوليكم ) والعبارتان متقاربتان . (7) يعني سعيد بن العاص ، والوليد بن عقبة ، أما سعيد فكان واليا لعثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة ، وولاه معاوية المدينة وتوفى سنة 53 ، وأما الوليد بن عقبة بن أبي معيط فكان أخا عثمان لأمه ، وولاه الكوفة ثم عزله عنها وجلده لشربه الخمر ، وكان ممن يحرض معاوية على قتال علي ، انظر ما سبق في ص 52 ـ 54 . واقعة صفين _ 241 _
وعبد الله بن عامر (1) السفيه ، يحدث (2) أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ، ويأخذ مال الله ويقول : هذا لي ولا إثم علي فيه ، كأنما أعطى تراثه من أبيه ، وإنما هو مال الله أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا ، قاتلوا ، عباد الله ، القوم الظالمين ، الحاكمين بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم في جهادهم لومة لائم ، إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا دينكم ودنيا كم ، وهم من قد عرفتم وجربتم ، والله ما أرادوا إلى هذا إلا شرا (3) ، ( وأستغفر الله العظيم لي ولكم ) ، فقاتلهم عبد الله بن بديل في الميمنة حتى انتهى إلى معاوية مع الذين بايعوه على الموت ، فأقبلوا إلى معاوية فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل في الميمنة ، وبعث معاوية إلى حبيب بن مسلمة في الميسرة ، فحمل بمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم ، وكشف أهل العراق ميلا من قبل الميمنة ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة من القراء ، واستند بعضهم إلى بعض ، وانجفل الناس عليهم (4) ، فأمر على سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان مع علي من أهل المدينة ، فاستقبلتهم جموع أهل الشام في خيل عظيمة ، فحملوا عليهم وألحقوهم بالميمنة .
--------------------------- (1) هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، ابن خال عثمان ابن عفان ، ولاه عثمان البصرة ثم وليها لمعاوية ، وكان قد فتح خراسان في أيام عثمان ، فأحرم من نيسابور وقدم عليه ، فلامه على ما صنع وقال : ( غررت بنسكك ) ، الإصابة 6175 والمعارف 139 ـ 140 . (2) في الأصل : ( الذي يحدث ) وكلمة : ( الذي ) مقحمة . (3) ح ( 1 : 485 ) : ( ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلا شرا ) . (4) انجفلوا عليهم : ذهبوا مسرعين نحوهم ، وفي الحديث : ( لما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المدينة انجفل الناس قبله ) ، أي ذهبوا مسرعين نحوه ، وفي الأصل : ( انحفل ) صوابه بالجيم ، الميسرة ، فأنصرف عنه مضر من الميسرة ، وثبت ربيعة . واقعة صفين _ 242 _
وكانت الميمنة متصلة إلى موقف علي في القلب في أهل اليمن ، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى علي ؛ فانصرف علي يمشي نحو نصر : عن عمر بن سعد ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب قال : مر علي يومئذ ومعه بنوه نحو الميسرة ( ومعه ربيعة وحدها ) وإني لأرى النبل بين عاتقه ومنكبيه ، وما من بنيه أحد إلا يقيه بنفسه ، فيكره علي ذلك ، فيتقدم (1) عليه فيحول بينه وبين أهل الشام ، ويأخذ بيده إذا فعل ذلك فيلقيه بين يديه ، أو من ورائه ، فبصر به أحمر ـ مولى أبي سفيان ، أو عثمان ، أو بعض بني أمية ـ فقال علي : ورب الكعبة قتلني الله إن لم أقتلك أو تقتلني ! فأقبل نحوه ، فخرج إليه كيسان مولى علي ، فاختلفا ضربتين ، فقتله مولى بني أمية وخالط عليا ليضربه بالسيف ، فانتهزه علي (2) فتقع يده في حبيب درعه (3) فجذبه ثم حمله على عاتقه ، فكأني أنظر إلى رجليه تختلفان على عنق علي ، ثم ضرب به الأرض فكسر منكبه وعضده ، وشد ابنا علي عليه : الحسين ومحمد ، فضرباه بأسيافهما حتى برد (4) ، فكأني أنظر إلى علي قائما وشبلاه يضربان الرجل ، حتى إذا أتيا عليه (5) أقبلا إلى أبيهما والحسن معه قائم ، قال : يا بني ، ما منعك أن تفعل كما فعل أخواك ؟ قال : كفياني يا أمير المؤمنين ، ثم إن أهل الشام دنوا منه ـ والله ما يزيده قربهم منه ( ودنوهم إليه ) سرعة في مشية (6) ـ فقال له الحسن : ما ضرك لو سعيت حتى تنتهى إلى هؤلاء الذين صبروا لعدوك من أصحابك ؟ ـ ( قال : يعني ربيعة الميسرة ) ـ قال : يا بني ( إن ) لأبيك يوما لن يعدوه ، ولا يبطئ به عنه السعي ، ولا يعجل به إليه المشي ، إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه .
--------------------------- (1) في الأصل : ( فيقدم ) وأثبت ما في ح ( 1 : 486 ) . (2) انتهزه ، بالزاي : بادر إليه وأسرع ، قال : وانتهز الحق إذا الحق وضح . (3) أي يد علي ، في الأصل : ( فوقع يده ) وأثبت ما في ح . (4) برد : مات . (5) في الأصل : ( قتلاه ») وأثبت ما في ح . (6) في الأصل : ( إلا سرعة في مشيه ) والوجه حذف ( لا ) كما في ح ، وهو ما يقتضيه السياق . واقعة صفين _ 243 _
الذين صبروا لعدوك من أصحابك ؟ ـ ( قال : يعني ربيعة الميسرة ) ـ قال : يا بني ( إن ) لأبيك يوما لن يعدوه ، ولا يبطئ به عنه السعي ، ولا يعجل به إليه المشي ، إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه ، نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي إسحاق ، قال : خرج علي يوم صفين وفي يده عنزة (1) ، فمر على سعيد بن قيس الهمداني ، فقال له سعيد : أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك ؟ فقال له علي : ( إنه ليس من أحد إلا عليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب ، أو يخر عليه حائط ، أو تصيبه آفة ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه ) ، نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج ، عن مولى الأشتر قال : لما انهزمت ميمنة أهل العراق أقبل علي يركض نحو الميسرة يستثيب الناس (2) ويستوقفهم ويأمرهم بالرجوع نحو الفزع ، حتى مر بالأشتر فقال له : يا مالك ، قال : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : ائت ( هؤلاء ) القوم فقل لهم : أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم ؟ فمضى الأشتر فاستقبل الناس منهزمين فقال لهم هؤلاء الكلمات التي أمره علي بهن (3) وقال : أيها الناس ، أنا مالك بن الحارث ـ ( يكررها ـ فلم يلو أحد منهم عليه ) ، ثم ظن أنه بالأشتر أعرف في الناس فقال : أيها الناس ، أنا الأشتر ، إلى أيها الناس .
--------------------------- (1) العنزة ، بالتحريك : رميح بين العصا والرمح في أسفله زج . (2) يستثيب الناس : يسترجعهم ؛ ثاب : رجع ، وفي الأصل : ( يستئيب ) وفي ح : ( يستتب ) ووجههما ما أثبت . (3) ح : ( فقال لهم الكلمات ) وفي الطبري ( 6 : 11 ) : ( هذه الكلمات التي قالها له علي ) . واقعة صفين _ 244 _
فأقبلت إليه طائفة وذهبت عنه طائفة فقال : عضضتم بهن أبيكم ، ما أقبح ( والله ) ما قاتلتم اليوم (1) يأيها الناس ، غضوا الأبصار ، وعضوا على النواجذ ، واستقبلوا القوم بهامكم ، ثم شدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، حنقا على عدوهم ، وقد وطنوا على الموت أنفسهم ، كي لا يسبقوا بثأر ، إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم ، ليطفئوا السنة ، ويحيوا البدعة ، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة ، فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم ؛ فإن الفرار فيه سلب العز ، والغلبة على الفيء ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة ، وسخط الله وأليم عقابه ،
ثم قال : أيها الناس ، أخلصوا إلى مذحجا ، فاجتمعت إليه مذحج ، فقال لهم : عضضتم بصم الجندل ! والله ما أرضيتم اليوم ربكم ، ولا نصحتم له في عدوه ، فكيف بذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات ، وفتيان الصباح (2) ، وفرسان الطراد ، وحتوف الأقران ، ومذحج الطعان (3) ، الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ، ولا يعرفون في موطن من المواطن بخسف وأنتم أحد أهل مصركم (4) ، وأعد حي في قومكم (5) وما تفعلوا في في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم ، فاتقوا مأثور الحديث في غد (6) واصدقوا
عدوكم اللقاء ؛ فإن الله مع الصابرين .
--------------------------- (1) وسيأتي في ص 252 قوله : ( والله ما أحسنتم اليوم القراع ) ، في ح : ( ما فعلتم ) . (2) فتيان الصباح : فتيان الغارة ، وكانوا يسمون يوم الغارة يوم الصباح . (3) في المعارف 49 والعمدة ( 2 : 156 ) : ( كان يقال : مازن غسان أرباب الملوك ، وحمير أرباب العرب ، وكندة كندة الملك ، ومذحج مذحج الطعان ، وهمدان أحلاس الخيل ) . (4) ح : ( وأنتم سادة مصركم ) . (5) أعد : أكثر عددا ، وفي الحديث : ( يخرج جيش من المشرق آدى شيء وأعده ) أي أكثره استعدادا وعددا ، وفي ح : ( وأعز حي ) من العزة ، وما أثبت من الأصل يوافق ما في الطبري . (6) مأثور الحديث : ما يؤثر ويروى ويخبر الناس به بعضهم بعضا ، وفي الأصل : ( وأبقوا مآثر الحديث في غد ) صوابه في ح والطبري . واقعة صفين _ 245 _
والذي نفس مالك بيده ما من هؤلاء ـ وأشار بيده إلى أهل الشام ـ رجل علي مثل جناح بعوضة من دين الله ، والله ما أحسنتم اليوم القراع ، اجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي ، عليكم بهذا السواد الأعظم ، فإن الله لو ( قد ) فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر (1) السيل مقدمه ، قالوا : خذ بنا حيث أحببت ، فصمد بهم نحو عظمهم مما نحو الميمنة ، وأخذ يزحف إليهم الأشتر ويردهم ، ويستقبله شباب من همدان (2) وكانوا ثماني مائة مقاتل يومئذ وقد انهزموا آخر الناس ، وكانوا قد صبروا في ميمنة علي ( عليه السلام ) حتى أصيب منهم ثمانون ومائة رجل ، وقتل منهم أحد عشر رئيسا ، كلما قتل منهم رجل أخذ الراية آخر ، فكان أولهم كريب بن شريح ، وشرحبيل بن شريح ، ومرثد بن شريح ، وهبيرة بن شريح ، ثم يريم بن شريح (3) ، ثم شمر بن شريح (4) ، قتل هؤلاء الإخوة الستة جميعا ، ثم أخذ الراية سفيان بن زيد ، ثم عبد بن زياد ، ثم كرب بن زيد (5) فقتل هؤلاء الإخوة الثلاثة جميعا ، ثم أخذ الراية عمير بن بشر (6) ، والحارث بن بشر ، فقتلا ، ثم أخذ الراية وهب بن كريب (7) أبو القلوص ، فأراد أن يستقبل فقال له رجل من قومه :
--------------------------- (1) هذه من الطبري . (2) في الأصل : ( واستقبله سنام من همدان ) ، ح ( 1 : 487 ) : ( واستقبله أشباههم من همدان ) ، وأثبت ما في الطبري . (3) في الأصل : ( بريم ) صوابه من الطبري ، وفي ح : ( هريم ) . (4) التكملة من ح والطبري ، لكن في الطبري : ( سمير ) . (5) الطبري : ( كريب بن زيد ) وفي ح : ( سفيان بن زيد ، ثم كرب بن زيد ، ثم عبد الله بن زيد ) . (6) في الأصل : ( عميرة بن بشر ) وأثبت ما في ح ، وفي الطبري : ( عمير بن بشير ) . (7) في الأصل : ( وهيب ) وأثبت ما في ح والطبري . واقعة صفين _ 246 _
انصرف ( يرحمك الله ) بهذه الراية ترحها الله (1) من راية ، فقد قتل أشراف قومك حولها ، فلا تقتل نفسك ولا من بقي ممن معك ، فانصرفوا وهم يقولون : ليت لنا عديدا من العرب يحالفوننا ثم نستقدم نحن وهم ، فلا ننصرف حتى نقتل أو نظهر (2) ، فمروا بالأشتر وهم يقولون هذا القول ، فقال لهم الأشتر : إلى ، أنا أحالفكم وأعاقدكم على أن لا نرجع أبدا حتى نظهر أو نهلك (3) فوقفوا معه ( على هذه النية والعزيمة ) ، ففي هذا القول قال كعب ابن جعيل (4) : ، وهمدان زرق تبتغي من تحالف (5) ، وزحف الأشتر نحو الميمنة ، وثاب إليه أناس تراجعوا من أهل البصيرة والحياء والوفاء (6) ، فأخذ لا يصمد لكتيبة إلا كشفها ، ولا لجمع إلا حازه ورده (7) ، فإنه لكذلك إذ مر بزياد بن النضر يحمل إلى العسكر فقال : من هذا ؟ قيل : ( زياد بن النضر ، استلحم عبد الله بن بديل (8) ) وهو وأصحابه في الميمنة ، فتقدم زياد فرفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع ) ، ثم لميمكثوا إلا كلا شئ حتى مروا بيزيد بن قيس محمولا إلى العسكر ، فقال الأشتر : من هذا ؟ قالوا : يزيد بن قيس ، لما صرع زياد بن النضر رفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع ، فقال الأشتر : هذا والله الصبر الجميل ، والفعل الكريم ، ألا يستحيي الرجل أن ينصرف لم يقتل ولم يقتل ولم يشف به على القتل ؟ .
--------------------------- (1) ترحها الله ، دعاء عليها بالترح ، وهو الحزن والهم ، وفي اللسان : ( ترحه الأمر تتريحا : أي أحزنه ) ، وهذه الكلمة ليست في الطبري وفي ح : ( نزحها الله ) تحريف . (2) الظهور : الظفر ، ظهر عليه ظهورا وأظهره الله عليه ح : ( حتى نظفر أو نقتل ) الطبري : ( حتى تقتل أو نظفر ) . (3) ح والطبري : ( حتى نظفر أو نهلك ) . (4) في الأصل : ( في هذا القول فقال كعب بن جعيل ) وأثبت ما في الطبري ، وفي ح : ( فهذا معنى قول كعب بن جعيل ) . (5) المراد بالزرق زرق العيون ، والعرب يتهاجون بذلك ، ويعدونه من اللؤم ، انظر الحيوان ( 3 : 175 و 5 : 330 ـ 331 ) . (6) ح : ( أهل الصبر والوفاء والحياء ) . (7) في الأصل وح : ( جازه ) صوابه بالحاء كما في الطبري ، انظر ما سبق ص 234 . (8) استلحم ، بالبناء للمفعول : احتوشه العدو في القتال ، وهذه التكملة من الطبري ( 6 : 12 ) ، والكلام في ح محرف مبتور . واقعة صفين _ 247 _
نصر ، عن عمر ، عن الحر بن الصياح (1) النخعي (2) أن الأشتر كان يومئذ يقاتل على فرس له ، في يده صفيحة ( له ) يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا ؛ فإذا رفعها كاد يغشي البصر (3) شعاعها ، ويضرب بسيفه قدما وهو يقول : ، الغمرات ثم ينجلينا (4) .
--------------------------- (1) الحر ، بضم الحاء المهملة وتشديد الراء ، بن الصياح ، كشداد ، النخعي الكوفي ، ثقة من الثالثة ، وروى عن ابن عمر وأنس وعبد الرحمن بن الأخنس ، وعنه شعبة والثوري وأبو خيثمة وعمرو بن قيس الملائي ، انظر تهذيب التهذيب والمشتبه 310 ، وفي الأصل : ( الحر بن الصباح ) وأثبت ما في التهذيب والمشتبه مطابقا ما في الطبري ، وفي ح : ( الحارث ابن الصباح ) وهو رجل شيعي آخر ذكره ابن حجر في لسان الميزان ( 6 : 153 ) وقال إنه تابعي روى عن علي . (2) هذه التكملة من الطبري ، وهي تعين أنه ( الحر بن الصياح النخعي ) . (3) يغشى البصر : يذهب به ، وفي كتاب الله : ( فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ، وقد وردت هكذا بالغين المعجمة في الأصل وح والطبري ، وهم يقولون كثيرا في نحو هذا المقام : ( يعشى ) بالعين المهملة ، والعشا : ضعف الإبصار . (4) هو للأغلب العجلي ، كما في أمثال الميداني ، في الأصل : ( غمرات ) وفي أمثال الميداني : ( غمرات ثم ينجلين ) ويروى : ( الغمرات ثم ينجلين ) ، وهذا الأخير هو الوجه في الإنشاد ، ففي جمهرة العسكري 150 عند الكلام على المثل : هو من قول الراجز : واقعة صفين _ 248 _
قال : فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي ، والأشتر مقنع في الحديد ، فلم
الغمرات ثم ينجلين ، عنا وينزلن بآخرين شدائد يتبعهن لين وانظر مقاييس اللغة ( غمر ) ، يعرفه ، فدنا منه وقال له : جزاك الله منذ اليوم عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وجماعة المسلمين خيرا ، فعرفه الأشتر فقال : يا ابن جمهان ، أمثلك يتخلف اليوم عن مثلى موطني هذا الذي أنا فيه ؟ فتأمله ابن جمهان فعرفه ، وكان الأشتر من أعظم الرجال وأطوله (1) ، إلا أن في لحمه خفة قليلة ـ قال : جعلت فدك ، لا والله ما علمت مكانك حتى الساعة ، ولا أفارقك حتى أموت ، قال : ورآه (2) منقذ وحمير ابنا قيس الناعطيان (3) فقال منقذ لحمير : ما في العرب رجل مثل هذا إن كان ما أرى من قتاله على نيته ، فقال له حمير : وهل النية إلا ما ترى ؟ قال : إني أخاف أن يكون يحاول ملكا ، نصر ، عن عمر (4) ، عن فضيل بن خديج ، عن مولي الأشتر قال : لما اجتمع إلى الأشتر عظم من كان انهزم من الميمنة حرضهم فقال لهم : ( عضوا على النواجذ من الأضراس ، واستقبلوا القوم بهامكم ، فإن الفرار من الزحف فيه سلب العز ، والغلبة علي الفيء ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة (5) ، ثم حمل عليهم حتى كشفهم فألحقهم بصفوف معاوية (6) بين صلاة العصر والمغرب ، نصر ، عن عمر ، عن محمد بن إسحاق ، أن عمرو بن حمية الكلبي خرج يوم صفين وهو مع معاوية يدعو للبراز .
--------------------------- (1) في الأصل وح : ( وأطولهم ) وأثبت ما في الطبري ، وانظر التنبيه السادس من ص 241 . (2) في الأصل : ( ورأى ) وفي ح : ( رأى الأشتر يومئذ منقذا وحميرا ابنا قيس ) تحريف ، صوابه من الطبري . (3) بنو ناعط : قبيلة في اليمن ، انظر الاشتقاق 251 ، وفي الأصل : (البعطبان ) ح ( 1 : 488 ) : ( اليقظيان ) والأشبه ما أثبت من الطبري . (4) ح : ( عمرو ) . (5) الخطبة في تاريخ الطبري ( 6 : 12 ) مسهبة . (6) ح : ( بمضارب معاوية ) . واقعة صفين _ 249 _
نصر ، عن عمر (1) ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى موقفها ومصافها وكشف من بإزائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم ، أقبل حتى انته إليهم فقال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ، يحوزكم (2) الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام ، وأنتم لهاميم العرب ، والسنام الأعظم ، وعمار الليل بتلاوة القرآن ، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون (3) ، فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم ، وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره ، وكنتم فيما أرى من الهالكين ، ولقد هون علي بعض وجدي ، وشفي بعض أحاح نفسي (4) أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم ، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، تحوزونهم بالسيوف ليركب أولهم آخرهم ؛ كالإبل المطردة الهيم (5) ، فالآن فاصبروا ، أنزلت عليكم السكينة ، وثبتكم الله باليقين ، وليعلم المنهزم أنه مسخط لربه ، وموبق نفسه ؛ وفي الفرار موجدة الله عليه ، والذل اللازم له ، والعار الباقي ، واعتصار الفيء من يده (6) ، وفساد العيش ، وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ، ولا يرضى ربه ، فموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها (7) والإقرار عليها .
--------------------------- (1) ح ( 1 : 488 ) : ( عمرو ) . (2) يحوزكم : ينحيكم عن مراكزكم ، في الأصل : ( وتحززكم ) صوابه في ح والطبري ( 6 : 14 ) ، وانظر ما مضى ص 234 . (3) في الأصل : ( إذا ضل ) وأثبت ما في ح والطبري . (4) الأحاح ، بالضم : اشتداد الحزن والغيظ ، وفي الأصل : ( حاج ) صوابه في الطبري ، وفي ح : ( لاعج ) . (5) الهيم : العطاش ، في الأصل وح : ( المطرودة ) وأثبت ما في الطبري . (6) كلمة : ( له ) من ح ، وباقي التكملة من الطبري . (7) الطبري : ( بالتأنيس لها ) . واقعة صفين _ 250 _
نصر ، عن عمر قال : حدثنا أبو علقمة الخثعمي ، أن عبد الله بن حنش الخثعمي رأس خثعم مع معاوية ، أرسل إلي أبي كعب رأس خثعم مع علي : أن لو شئت لتواقفنا فلم نقتتل ، فإن ظهر صاحبك كنا معكم ، وإن ظهر صاحبنا كنتم معنا ولم يقتل بعضنا بعضا ، فأبي أبو كعب ذلك ، فلما التقت خثعم وخثعم وزحف الناس بعضهم إلي بعض ، قال رأس خثعم الشام لقومه : يا معشر خثعم ، قد عرضنا (1) على قومنا من أهل العراق الموادعة صلة لأرحامهم ، وحفظا لحقهم ، فأبوا إلا قتالنا ، فقد بدءونا بالقطيعة فكفوا أيديكم عنهم حفظا لحقهم أبدا ما كفوا عنكم ؛ فإذا قاتلوكم فقاتلوهم ، فخرج رجل من أصحابه فقال : إنهم قد ردوا عليك رأيك وأقبلوا يقاتلونك ، ثم برز فنادى : رجل لرجل يا أهل العراق ، فغضب رأس خثعم من أهل الشام ، فقال : اللهم قيض له وهب بن مسعود ـ رجلا من خثعم من أهل الكوفة ، وقد كانوا يعرفونه في الجاهلية ، لم يبارزه رجل قط إلا قتله ـ فخرج إليه وهب بن مسعود فحمل على الشامي فقتله ، ثم اضطربوا ( ساعة ) فاقتتلوا أشد القتال ، وأخذ أبو كعب يقول لأصحابه : يا معشر خثعم : خدموا (2) ، وأخذ صاحب الشام يقول : يا أبا كعب ، الكل قومك فأنصف ! فاشتد قتالهم ، فحمل شمر بن عبد الله الخثعمي من أهل الشام على أبي كعب رأس خثعم الكوفة فطعنه ، فقتله ، ثم انصرف يبكي ويقول : رحمك الله يا أبا كعب ، لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس بي رحما منهم وأحب إلى نفسا منهم ، ولكن والله ما أدرى ما أقول ، ولا أري (3) الشيطان إلا قد فتننا ، ولا أرى قريشا إلا قد لعبت بنا ، ووثب كعب بن أبي كعب إلى راية أبيه فأخذها ، ففقئت عينه وصرع ، ثم أخذها شريح بن مالك فقاتل القوم تحتها ، حتى صرع منهم حول رايتهم ثمانون رجلا ، وأصيب من خثعم الشام نحو منهم ، ثم إن شريح بن مالك ردها بعد ذلك إلى كعب بن أبي كعب .
--------------------------- (1) في الأصل : ( عرضت ) ، وأثبت ما في ح . (2) فسره ابن أبي الحديد في ( 1 : 489 ) بقوله : ( أي اضربوا موضع الخدمة وهي الخلخال ، يعني اضربوهم في سوقهم ) . (3) في الأصل : ( أدري ) ، صوابه في ح . واقعة صفين _ 251 _
نصر ، عن عمرو (1) ، عن عبد السلام بن عبد الله بن جابر (2) ، أن راية بجيلة في صفين كانت في أحمس مع أبي شداد ـ وهو قيس بن مكشوح بن هلال بن الحارث بن عمرو بن عامر (3) بن علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار . فقالت له بجيلة : خذ رايتنا ، فقال : غيري خير لكم مني ، قالوا : ما نريد غيرك ، قال : فوالله لئن أعطيتمونيها لا أنتهى (4) بكم دون صاحب الترس المذهب ـ قال : وعلى رأس معاوية رجل قائم معه ترس مذهب ، يستره من الشمس ـ قالوا : اصنع ما شئت ، فأخذها ثم زحف وهو يقول :
--------------------------- (1) في الأصل : ( عمر ) ، وأثبت ما في ح . (2) هو عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي ، كما في الطبري ، ذكره في لسان الميزان ( 4 : 13 ) وقال : إنه روي عن أبيه ، وذكر في ترجمة أبيه أنه لم يرو عنه إلا ابنه ، انظر ( 3 : 265 ) ، وفي الأصل : ( عبد السلام بن عبد الله عن جابر ) وكلمة ( عن ) محرفة . (3) في ح : ( بن عمرو بن عوف بن عامر ) ، وما أثبت من الأصل يطابق ما في الإصابة 7307 ، وفي تاريخ الطبري : ( بن عمرو بن جابر ) . (4) في الأصل : ( لانتهى ) صوابه في ح . واقعة صفين _ 252 _
--------------------------- (1) في الأصل : ( نعيم بن سهيل بن الثعلبة ) وأثبت ما في الطبري مع هذه التكملة ، وفي ح ( 1 : 489 ) : ( نعيم بن شهد بن التغلبية ) . (2) في الأصل : ( الثعلبة ) وفي ح : ( الثعلبية ) وأثبت ما في الطبري . (3) في الأصل : ( ما قدر ) وأثبت ما في ح والطبري . (4) ح : ( ترى أشياخ العرب قد أجالتهم أمورهم ) . (5) في الأصل وح : ( أودعه ) وأثبت ما في الطبري . (6) ح : ( عمرو ) . واقعة صفين _ 253 _
عن أبي زهير العبسي ، عن النضر بن صالح أن راية غطفان العراق كانت مع عياش بن شريك بن حارثة بن جندب (1) بن زيد بن خلف بن رواحة ، قال : فخرج رجل من آل ذي الكلاع يسأل المبارزة فبرز إليه قائد بن بكير العبسي ، فبارزه فشد عليه الكلاعي فأوهطه (2) ، فخرج إليه عياش بن شريك أبو سليم فقال لقومه : أنا مبارز الرجل ، فإن أصيب فرأسكم الأسود بن حبيب بن جمانة (3) بن قيس بن زهير ، فإن قتل فرأسكم هرم بن شتير (4) بن عمرو بن جندب ، فإن قتل فرأسكم عبد الله بن ضرار من بني حنظلة بن رواحة ، ثم مشى نحو الكلاعي فلحقه هرم بن شتير فأخذ بظهره فقال : ليمسك رحم (5) ، لا تبرز لهذا الطوال ! قال : هبلتك الهبول (6) ، وهل هو إلا الموت ، قال : وهل يفر إلا منه ؟ ! قال : وهل منه بد ؟ قال : والله لأفتلنه أو ليلحقني (7) بقائد بن بكير ، فبرز له ومعه حجفة له من جلود الإبل ، فدنا منه فنظر عياش بن شريك فإذا الحديد عليه مفرغ لا يرى منه عورة (8) إلا مثل شرائك النعل من عنقه بين بيضته ودرعه ، فضربه الكلاعي فقطع حجفته إلا نحوا من شبر ، ويضر به عياش على ذلك الموضع (9) فقطع نخاعه ، وخرج ابن الكلاعي ثائرا بأبيه ، فقتله بكير بن وائل .
--------------------------- (1) في الأصل : ( بن جارية بن جنيدب ) وأثبت ما في ح . (2) أوهطه : صرعه صرعة لا يقوم منها . (3) في الأصل : ( الأسعد بن حبيب بن حمامة ) وأثبت ما في ح . (4) في الأصل : ( هرم بن شبير ) وأثبت ما في ح . (5) الرحم : القرابة ، كأنه يتوسل إليه بحق القرابة ، ح : ( لتمسك ) بالتاء . (6) في اللسان : ( وفي حديث علي : هبلتهم الهبول ، أي ثكلتهم الثكول ، وهي بفتح الهاء من النساء التي لا يبقى لها ولد ) . (7) في الأصل : ( ليقتلني أو ليلحقن ) صوابه في ح ( 1 : 489 ) . (8) ح : ( لا يبين من نحره ) . (9) أي في الموضع الذي كانا فيه ، وفي الأصل : ( وضربه عياش على ذلك المكان ) . واقعة صفين _ 254 _
نصر ، قال : عمر ، حدثني أبو الصلت التيمي أن زياد بن خصفة بارزه فقتله ،
نصر : عمر ، عن الصلت بن زهير النهدي أن راية بني نهد بن زيد أخذها مسروق بن الهيثم بن سلمة ، فقتل وأخذ الراية صخر بن سمى فارتث (1) ثم أخذها علي بن عمير فقاتل حتى ارتث ، ثم أخذها عبد الله بن كعب فقتل ، ثم رجع إليهم سلمة بن خذيم (2) بن جرثومة وكان يحرض الناس ، فوجد عبد الله بن كعب قد قتل ، فأخذ رايته فارتث وصرع ، فأخذها عبد الله بن عمرو بن كبشة (3) فارتث ، ثم أخذها أبو مسبح (4) بن عمرو الجهني فقتل ، ثم أخذها عبد الله بن النزال فقتل ، ثم أخذها ابن أخيه عبد الرحمن بن زهير فقتل ، ثم أخذها مولاه مخارق فقتل ، حتى صارت إلى عبد الرحمن بن مخنف الأزدي (5) ، ( قال نصر : فحدثنا عمر ، وقال : حدثنا الصلت بن زهير قال : حدثني عبد الرحمن بن مخنف ) قال : صرع يزيد بن المغفل إلى جنبي فقتلت صاحبه وقمت على رأسه (6) ، وقتل أبو زبيب بن عروة فقتلت صاحبه ، وجاءني سفيان بن عوف فقال : أقتلتم (7) يا معشر الأزد يزيد بن المغفل ؟ فقلت له : ( إي والله إنه لهذا الذي تراني قائما على رأسه ، قال :
--------------------------- (1) ارتث ، على ما لم يسم فاعله : ضرب في الحرب فأثخن وحمل وبه رمق ثم مات من بعد . (2) خذيم ، بالذال المعجمة كما في ح ، وفي الأصل : ( خديم ) تحريف . (3) ح : ( كنيسة ) تحريف . (4) في الأصل : ( أبو مسيح ) صوابه بالباء الموحدة ، ح : ( أبو سنخ ) . (5) في الأصل : ( ثم أخذها مولاه مخارق فقتل ثم أخذها ابن أخيه عبد الرحمن بن مخنف الأزدي ) ورددت الكلام إلى نصابه وتمامه من ح . (6) الكلام بعدها إلى كلمة ( صاحبه ) ساقط من ح . (7) في الأصل : ( أفيكم ) وأثبت ما في ح . واقعة صفين _ 255 _
ومن أنت حياك الله ؟ قلت : أنا عبد الرحمن بن مخنف ، فقال : الشريف الكريم ، حياك الله ومرحبا بك يا ابن عم ، أفلا تدفعه إلى فأنا عمه سفيان بن عوف بن المغفل ؟ فقلت : مرحبا بك ، أما الآن فنحن أحق به منك ، ولسنا بدافعيه إليك ، وأماما عدا ذلك فلعمري أنت عمه ووارثه (1) ، نصر قال : قال عمر ، عن الحارث بن حصيرة عن أشياخ من النمر من الأزد (2) أن مخنف بن سليم لما ندب أزد العراق إلى أزد الشام حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن من الخطب الجليل والبلاء العظيم أنا صرفنا إلى قومنا وصرفوا إلينا ، فوالله ما هي إلا أيدينا نقطعها بأيدينا (3) ، وما هي إلا أجنحتنا نحذفها بأسيافنا ، فإن نحن لم نفعل لم نناصح صاحبنا ، ولم نواس جماعتنا ، وإن نحن فعلنا فعزنا أبحنا (4) ، ونارنا أخمدنا ، فقال جندب بن زهير : ( والله لو كنا آباءهم ولدناهم أو كنا أبناءهم ولدونا ، ثم خرجوا من جماعتنا وطعنوا على إمامنا ، وآزروا الضالمين والحاكمين بغير الحق ، على أهل ملتنا ودمتنا (5) ، ما افترقنا بعد أن اجتمعنا (6) حتى يرجعوا عما هم عليه ، ويدخلوا فيما ندعوهم إليه ، أو تكثر القتلى بيننا وبينهم ) ، فقال مخنف : (أعز بك الله في التيه (7) ، أما والله ما علمتك صغيرا و لا كبيرا إلا مشؤوما ، والله ما ميلنا الرأي بين أمرين قط (8) وأيهما ندع ، في الجاهلية ولا بعد ما أسلمنا ، إلا اخترت أعسرهما وأنكدهما ، أيهما نأتي وأيهما ندع ، في الجاهلية ولا بعد ما أسلمنا ، إلا اخترت أعسرهما وأنكدهما .
--------------------------- (1) في الأصل : ( وأما بعد ذلك فأنت عمه وأحق به ) وأثبت ما في ح ( 1 : 490 ) . (2) هم بنو النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن الأزد ، انظر مختلف القبائل ومؤتلفها ص 19 ، وفي الأصل : ( أشياخ النمر ) وفي ح : ( أشياخ الأزد ) وأثبته كاملا من الطبري ( 6 : 15 ) . (3) التكملة من ح والطبري . (4) ح : ( آلمنا ) . (5) ح : ( وديننا ) . (6) في الأصل : ( إذا اجتمعنا ) وأثبت ما في ح . (7) هذه الجملة ساقطة من ح ، وهي في أصلها : ( اغر الله بك في النية ) وفي الطبري : ( أعز الله بك النية ) ، ورأيت صوابهما فيما أثبت ، الإعزاب : الإبعاد ، والتيه : الضلال . (8) التمييل : الترجيح ، في الأصل : ( في أمرين قط ) وأثبت ما في ح ، وفي اللسان : واقعة صفين _ 256 _
اللهم فأن نعافي أحب إلينا من أن نبتلى (1) ، فأعط كل رجل منا ما سألك ، فقال أبو بردة بن عوف : اللهم احكم بيننا بما هو أرضى لك ، يا قوم إنكم سترون ما يصنع الناس ، وإن لنا الأسوة (2) بما اجتمعت عليه الجماعة إن كنا على حق وإن يكونوا (3) صادقين ؛ فإن أسوة في الشر ، والله ، ما علمنا ضرر في المحيا والممات (4) ، وتقدم جندب بن زهير فبارز رأس أزد الشام ، فقتله الشامي ، وقتل من رهط عبد الله بن ناجد عجلا وسعيدا ابني عبد الله (5) ، وقتل مع مخنف من رهطه عبد الله بن ناجد ، (و ) خالد بن ناجد (6) ، وعمرو وعامر ابنا عريف ، وعبد الله بن الحجاج ، وجندب بن زهير ، وأبو زينب بن عوف ، وخرج عبد الله ابن أبي الحصين ( الأزدي ) في القراء الذين كانوا مع عمار بن ياسر فاصيب معه ، وقد كان مخنف قال له : نحن أحوج إليك من عمار ، فأبي عليه ، فأصيب مع عمار ، نصر : عمر ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أشياخ النمر (7) أن عتبة (
تقول العرب : إني لأميل بين ذينك الأمرين وأمايل بينهما أيهما آتى ) وفي ح : ( والله ما دفعنا في الرأي ) تحريف .
--------------------------- (1) ح : ( أن تعافينا أحب إلى من أن تبتلينا ) . (2) في الأصل : ( وإن كنا الاسوة ) صوابه في الطبري ، وكلام أبي بردة لم يرد في مظنه من ح . (3) التكملة من الطبري . (4) في الأصل : ( وإن كنا الأسوة ) صوابه في الطبري . (5) الطبري : ( وقتل من رهطه عجل وسعد ابنا عبد الله من بني ثعلبة ) . (6) في الأصل : ( من رهط عبد الله بن ناجد بن خالد بن ناجد ) ، وصواب العبارة من الطبري ، وفي الطبري : ( عبد الله وخالد ابنا ناجد ) . (7) انظر ما سبق ص 262 . واقعة صفين _ 257 _
بن جويرية (1) قال يوم صفين : ( ألا إن مرعى الدنيا قد أصبح هشيما (2) ، وأصبح زرعها حصيدا ، وجديدها سملا ، وحلوها مر المذاق ، ألا وإنى أنبئكم نبأ امرئ صادق ، إنى سئمت الدنيا ، وعزفت نفسي عنها ، وقد كنت أتمنى الشهادة ، وأتعرض لها في كل حين (3) ، فأبى الله إلا أن يبلغني هذا اليوم ، ألا وإنى متعرض ساعتي هذه لها ، وقد طمعت ألا أحرمها ، فما تنتظرون عباد الله من جهاد أعداء الله ؟ أخوف الموت القادم عليكم ، الذاهب بأنفسكم لا محالة ، أو من ضربة كف أو جبين بالسيف ؟ ! أتستبدلون الدنيا بالنظر إلى وجه الله ( عز وجل ) ، أو مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار القزار ، ما هذا بالرأى السديد ) ، ثم قال : ( يا إخوتاه ، إنى قد بعت هذه الدار بالدار التى أمامها ، وهذا وجهى إليه ، لا يبرح الله وجوهكم (4) ولا يقطع الله أرحامكم ) ، فتبعه إخوته عبيد الله وعوف ومالك وقالوا (5) : ( لا نطلب رزق الدنيا بعدك ، قبح الله العيش بعدك ، اللهم إنا نحتسب أنفسنا عندك ) ، فاستقدموا ( جميعا ) فقاتلوا حتى قتلوا ، نصر : عمر ، حدثنى رجل من آل الصلت بن خارجة ، أن تميما لما ذهبت لتنهزم ( ذلك اليوم ) ناداهم مالك بن حرى النهشلي (6) : ( ضاع الضراب اليوم والذى أنا له وسائر القوم عبد ، يا بنى تميم ) .
--------------------------- (1) ح ( 1 : 490 ) : ( عقبة بن خوبة ) وفي الطبري : ( عقبة بن حديد النمري ) . (2) في الأصل : ( أصبح شجرها هشيما ) والوجه حذف ( شجرها ) كما في ح والطبري . (3) وكذا في ح ، لكن في الطبري : ( في كل جيش وغارة ) . (4) البرح : الشدة والأذى . (5) في الأصل : ( فتبعه أخواه عبيد الله وعوف ابنا مالك وقالا ) والوجه ما أثبت من الطبري . (6) في الأصل : ( مالك بن مر النهشلي ) صوابه في ح ( 1 : 490 ) ، وقد ذكره ابن حجر في أثناء ترجمته لأخيه نهشل بن حرى 8878 . واقعة صفين _ 258 _
قالوا : ألا ترى الناس قد انهزموا ؟ قال لهم : أفرارا واعتذارا ؟ ! (1) ( ثم نادى بالأحساب ، فجعل يكررها ، فقالت له بنو تميم : أفتنادى بنداء الجاهلية ؟ ! إن ذا لا يحل ، قال : فالفرار ويلكم أقبح ، إن لم تقاتلوا على الدين واليقين فقاتلوا على الأحساب ، ثم أقبل يقاتل ويرتجز وهو يقول :
--------------------------- (1) في الأصل : ( أفرار واعتذار ) وأثبت ما في ح . (2) يقول : إن تميم بن مر أخلفت عنك ، وهم تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر ، والإخلاف : التخلف ، قال الأسود بن يعفر ( اللسان 10 : 443 ) : بيض مساميح في الشتاء وإن ، أخلف نجم عن نوئه وبلوا . (3) خام يخيم خيما وخيمانا وخيوما وخيومة وخيمومة وخياما : نكص وجبن . (4) هو نهشل بن حرى بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، وهو من الشعراء المخضرمين ، انظر الإصابة والخزانة ( 1 : 151 ) ، وحرى ، بفتح الحاء وتشديد الراء المكسورة كالمنسوب إلى الحر أو الحرة ، وفي الأصل : ( نهشل بن مر ) صوابه في ح . (5) ح : ( تؤرق ) أي الحمامة . (6) الأنواح : جمع نوح ، بالفتح ، للنسوة النائحات ، والسحرة ، بالضم : السحر ، وقيل هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر ، وفي الأصل : ( بشجوة ) صوابه في ح . واقعة صفين _ 259 _
(1) الإمة ، بالكسر : النعمة ، وفي الأصل : ( فلا يرجعون ) ، والمنشئات : النوق اللواقح ، أنشأت الناقة فهى منشئ : لقحت ، والغلام : الطار الشارب ، والكهل ، أو من حين يولد إلى أن يشب ، وهذا البيت وتاليه لم يرويا في ح ، وفي الأصل : ( ولا جار إلا المنشآت علاما ) . (2) الأدم : جمع آدم وأدماء ، وهى الإبل الخالصة البياض ، رحل البعير ، كمنع : حط عليه الرحل . (3) السنة : الوجه ، وفي الأصل : ( شبيه ) صوابه في ح ( 1 : 491 ) ، وفي ح : ( بكى ) في هذا البيت وتاليه على الأمر . (4) نسبه إلى الأضياف ، والرسل ، بالكسر : اللبن . (5) المربعة : ذات الربع ، بضم ففتح ، وهو ما ولد من الإبل في الربيع ، والمذكور في المعاجم : ( مربع ) بدون تاء ، و ( مرباع ) ، تزجى : تسوق ، وفي الأصل : ( يرجى ) صوابه في ح . (6) التر : القطع والإبانة ، ح : ( صلتا ) . واقعة صفين _ 260 _
--------------------------- (1) الرقد ، بالفتح : النوم كالرقاد والرقود ، وفي ح : ( رفد الناس ) بالفاء ، وهو بالكسر : الصلة والعطاء ، وبالفتح ، المصدر ، من غاب : أي من غاب وقعد عن بر الأضياف ، ومثله قول متمم بن نويرة في المفضلية 67 : وفي الأصل : ( من غار ) صوابه ما أثبت ، وفي ح : ( وأشبعت منهم من نام ) وهى رواية مصنوعة فيما أرى . (2) النكس ، بالكسر : المقصر عن غاية النجدة والكرم ، والطبع ، بفتح فكسر : الدنيء الخلق الدنس . (3) التبل ، بالفتح : الثأر والذحل ، وفي الأصل : ( ومدرك النيل ) و : ( بنيل ) صوابهما ما أثبت من ح ( 1 : 491 ) . (4) الطيرة : المرة من الطيران ، ح : ( طربته ) والطربة المرة من الطرب ، والطرب يقال في السرور والحزن معا ، وفي الأصل : ( قد أثبتت ) صوابه في ح ، وفي اللسان : ( أثبته السقم ، إذا لم يفارقه ) . (5) سبقت ترجمته في 145 ، وعقيصا لقب لدينار ، والبصريون يوجبون الإضافة في مثل هذا ، والكوفيون يجيزون الإتباع والقطع إلى النصب وإلى الرفع ، الأشموني ( 1 : 143 ـ 144 ) . (6) أذرح ، بضم الراء وفي آخرة حاء مهملة : اسم بلد في أطراف الشام ، وفي الأصل : ( باددخ ) وفي ح : ( بأدرج ) صوابهما ما أثبت . واقعة صفين _ 261 _
هل رأى أحد منكم شمر بن ذى الجوشن ؟ فقال عبد الله بن كبار النهدي ، وسعيد بن خازم السلولى (1) : نحن رأيناه ، قال : فهل رأيتما ضربة بوجهه ؟ قالا : نعم ، قال : أنا والله ضربته تلك الضربة بصفين ، نصر : عمر ، عن الصلت بن زهير (2) النهدي ، عن مسلم قال : خرج أدهم بن محرز من أصحاب معاوية بصفين إلى شمر بن ذى الجوشن فاختلفا ضربتين ، فضربه أدهم على جبينه فأسرع فيه السيف حتى خالط العظم ، وضربه شمر فلم يصنع سيفه شيئا ، فرجع إلى عسكره فشرب من الماء وأخذ رمحا ، ثم أقبل وهو يقول :
--------------------------- (1) ح : ( سعيد بن حازم البلوى ) . (2) في الأصل : ( عمر بن الصلت بن زهير ) . (3) في الطبري ( 6 : 16 ) : ( إن لم اصب ) . (4) الطبري : ( أو ضربة تحت القنا والوغى ) . (5) ح : ( إلى دينه ) . واقعة صفين _ 262 _
فقال في ذلك همام :
--------------------------- (1) هذه الأبيات لم ترو في ح ، وفي الأصل : ( ذى جرة ) والوجه ما أثبت ، والشكيم ، في اللسان : ( يجوز أن يكون لغة في الشكيمة ) ، وأنشد : أنا ابن سيار على شكيمه ، والشكيمة : الصرامة والحزم والأنفة والانتصار من الظلم . (2) الغاوين ، كذا وردت ، والقرم ، بالفتح : السيد المعظم . (3) بشر بن عصمة المزني ، أحد الصحابة ، ترجم له في الاستيعاب والإصابة ولسان الميزان ، وفي الأصل : ( المرى ) صوابه في الطبري ومراجع ترجمته ، وهذا الخبر لم يرد في مظنه من ح . (4) هو مالك بن الجلاح بن صامت بن سدوس بن إنسان بن عتوارة ، أحد بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن ، ذكره المرزبانى في معجمه 363 ، وفي الأصل : ( مالك بن اللجلاج ) ، صوابه في الطبري ومعجم المرزبانى . (5) العقدية أمه ، غلبت عليه ، وعقد ، بالتحريك : قبيلة من بجيلة أو اليمن ، انظر الطبري والقاموس ( عقد ) . (6) في القاموس : ( موسوم فرس مالك بن الجلاح ) ، ورواية الطبري : ( من مليكى تجاوزا ) . (7) الطبري : ( الطعان تخالس ) . واقعة صفين _ 263 _
فرد عليه ابن العقدية :
--------------------------- (1) الطبري : ( كذلك والأبطال ماص وخالس ) ، وفي معجم المرزبانى : ( كذلك والأبطال ماض وجالس ) . (2) انتميا : ارتفعا في النسب ، وفي الأصل : ( فانتهبا ) تحريف ، والخبر لم يرد في في مظنه من ح ولا في الطبري . (3) أي ترك كل منهما صاحبه ، وفي الأصل : ( تشاركا ) تحريف . (4) ح : ( فهرب معاوية ودخل خباء ) . واقعة صفين _ 264 _
فنزل الرجل عن فرسه ودخل عليه ، فخرج معاوية من ( جانب ) الخباء ( الآخر ) ، وطلع الرجل في إثره ، فخرج معاوية وهو يقول (1) :
--------------------------- (1) المعروف أن البيتين التاليين هما من أبيات لقطرى بن الفجاءة المتوفى سنة 78 أو 79 ، انظر الحماسة ( 1 : 24 ) وابن خلكان ( 1 : 430 ) ، وقد كانت وفاة معاوية سنة 60 . (2) هو حاتم الطائى ، كما سبق في حواشى ص 246 . (3) ح ( 1 : 491 ) : ( حتى إذا أدخلته فرسه في صف أهل الشام ) . (4) كذا ، وفي ح : ( 1 : 491 ) : ( وصف الواصفين ) . واقعة صفين _ 265 _
نصر : قال عمر : وخرج رجل يسأل المبارزة ، من أهل الشام ، فنادى
من يبارز ؟ ـ وهو بين الصفين ـ فخرج إليه رجل من أهل العراق فاقتتلا بين الصفين قتالا شديدا ، ثم إن العراقى اعتنقه فوقعا جميعا تحت قوائم فرسيهما ، فجلس على صدره وكشف المغفر عنه يريد ذبحه ، فلما رآه عرفه فإذا هو أخوه لأبيه وأمه ، فصاح به أصحاب على : أجهز على الرجل ! فقال : إنه أخى قالوا : قاتركه ، قال : لا ، حتى يأذن لى أمير المؤمنين ، فأخبر على بذلك ، فأرسل إليه : دعه . فتركه ، ( فقام فعاد إلى صف معاوية ) ، نصر ، عن محمد بن عبيد الله (1) ، عن الجرجاني قال : كان فارس معاوية الذى يعده لكل مبارز ولكل عظيم حريث مولاه ، وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به ، فإذا قاتل (2) قال الناس : ذاك معاوية ، وإن معاوية دعاه فقال : يا حريث ، اتق عليا ، وضع رمحك حيث شئت ! فأتاه عمرو بن العاص فقال : يا حريث ، إنك والله لو كنت قرشيا (3) لأحب معاوية أن تقتل عليا ولكن كره أن يكون لك حظها ، فإن رأيت فرصة فاقحم ، وخرج على ( عليه السلام ) في هذا اليوم أمام الخيل ، وحمل عليه حريث ، قال نصر : فحدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم قال : نادى حريث مولى معاوية ( هذا اليوم ) ، وكان شديدا ذا بأس ، فقال : يا على ، هل لك في المبارزة ، فأقدم أبا حسن إذا شئت ، قأقبل على وهو يقول :
--------------------------- (1) في الأصل : ( عبد الله ) تحريف . (2) في الأصل : ( قابل ) صوابه في ح . (3) في الأصل : ( قريشا ) صوابه في ح . واقعة صفين _ 266 _
--------------------------- (1) ح ( 1 : 492 ) : ( كل العرب ) . (2) الغرير : المخدوع ، وفي الأصل : ( العزيز ) وهذا البيت وتاليه لم يرويا في ح . (3) في الأصل : ( ثم ضربه على فقتله ) وأثبت بدلها ما ورد في ح . (4) في الأصل : ( محمد بن عبد الله الجرجاني ) والوجه ما أثبت . (5) الفرافر ، بفاءين أولاهما مضمومة : الأخرق الأحمق ، وفي الأصل : ( قراقر ) بقافين ، ووجهه ما أثبت ، وهذا البيت لم يرد في ح . واقعة صفين _ 267 _
--------------------------- (1) بنو شاكر وشبام : بطنان من همدان ، انظر الاشتقاق 257 ، 250 ، وشبام ، بكسر الشين ، وأصل معناه الخشبة تعرض في فم الجدى لثلا يرتضع ، وشباما البرقع : الخيطان اللذان يشدان في القفا . (2) في الأصل : ( وكل ) والوجه ما أثبت من ح ( 1 : 492 ) . (3) الحد ، بفتح الحاء : الحدة ، وفي الأصل : ( وجد ) ووجهه في ح . (4) لسمام ، جمع سم : في الأصل ، ( يوم سمام ) صوابه في ج . واقعة صفين _ 268 _
فالتفت معاوية إلى عمرو فقال : ما ترى يا أبا عبد الله فيما ها هنا ، أبارزه ؟ فقال عمرو : لقد أنصفك الرجل ، واعلم أنه إن نكلت عنه لم تزل (1) سبة عليك وعلى عقبك ما بقى عربي فقال معاوية : يا عمرو بن العاص ، ليس مثلى يخدع عن نفسه ، والله ما بارز ابن أبى طالب رجلا قط إلا سقى الأرض من دمه ، ثم انصرف راجعا حتى انتهى إلى آخر الصفوف وعمرو معه ، ( فلما رأى على ( عليه السلام ) ذلك ضحك وعاد إلى موقفه ) وفي حديث عمر قال : قال معاوية : ويحك يا عمرو ، ما أحمقك ، أتراني أبرز إليه ودوني عك والأشعرون وجذام ؟ ! قال : وحقدها معاوية على عمرو ( باطنا ) وقال له ( ظاهرا ) : ما أظنك ( قلت ما قلته ) يا عمرو (2) إلا مازحا ، فلما جلس معاوية مجلسه مع أصحابه أقبل عمرو يمشى حتى جلس فقال معاوية :
--------------------------- (1) ح : ( لم يزل ) بالياء . (2) ح : ( أبا عبد الله ) . (3) في الأصل : ( حسب المبارز حفظه من بازى ) وأثبت ما كتب في هامش الأصل مشارا إليه بأنه كذلك في نسخة أخرى ، وقد لفق من عجز هذا البيت وصدر سابقة بيت واحد في ح فأسقط صدر هذا وعجز سابقه . (4) في الأصل : ( لبست بنا ) صوابه في ح ( 1 : 493 ) . واقعة صفين _ 269 _
فقال له عمرو : إيها أيها الرجل ، أتجبن عن خصمك وتتهم نصيحك ؟ ! وقال مجيبا له :
--------------------------- (1) ح : ( وخفت فإنها أم المخازى ) . (2) في الأصل : ( بخاذى ) تحريف ، وفي ح : ( خازى ) مع قراءة ( حدثت ) بتشديد الدال . (3) في الأصل : ( ينفذ كل بازى ) وأثبت ما في ح . (4) في الأصل : ( بن نجم ) صوابه في ح والطبري ( 6 : 16 ) . (5) هذه الكلمة ساقطة من ح ، وفي الطبري : ( الطحمى ) بتقديم الحاء ، تحريف ، والطمحى : نسبة إلى ( طمح ) ، وضبطت في القاموس ضبط نص بالتحريك ، وفي اللسان ضبط قلم بفتحتين أيضا ، وفي الاشتقاق 218 ، 317 بضم الطاء وفتح الميم ، وهي بطن من بطون كندة . (6) الطبري : ( ثغرة نحره ) وما أثبت من الأصل يطابق ما في ح ، والثغرة ، بالضم : نقرة النحر . (7) الطبري ( فإذا هو حبشي ) . واقعة صفين _ 270 _
يا لله ، لقد أخطرت نفسي لعبد أسود ، قال : وخرج رجل من عك ليسأل المبارزة ، فخرج إليه قيس بن فهدان الكنانى ثم البدني (1) فما لبث العكى أن طعنه فقتله ، فقال قيس :
(1) في الأصل : ( بن فهد بن الكندى ) وأثبت ما في الطبري ، وفي ح : ( قيس ابن فهران ) . (2) في الأصل : ( ونوردها ) وأثبت ما في ح والطبري . (3) سبقت ترجمته في ص 206 ، ح : ( البكالى ) تحريف . (4) ح : ( بن فهد ) بالفاء ، وفي الطبري ( 6 : 16 ) : ( بن قرة ) . (5) في الأصل : ( قتلتموه ) وأثبت ما في ح والطبري . واقعة صفين _ 271 _
ثم خرج ابن مقيدة الحمار الأسدى ، ( وكان ذا بأس وشجاعة ) وهو مع
أهل الشام ، وكان في الناس ردف بشر بن عصمة وهو الثاني في الناس ، فنادى : ألا من مبارز ؟ فأحجم الناس عنه ، فقام المقطع العامري وكان شيخا كبيرا ، فقال له علي : اقعد إنك شيخ كبير وليس معه من رهطه أحد غيره ، ما كنت لأقدمك ، فجلس ، ثم إنه نادى ابن مقيدة الحمار : ألا من مبارز ؟ الثانية ، فقام المقطع ، فأجلسه على أيضا ، ثم نادى الثالثة : ألا من مبارز ؟ فقام المقطع فقال : يا أمير المؤمنين ، والله لا تردني ، إما أن يقتلنى فأتعجل الجنة ، وأستريح من الحياة الدنيا في الكبر والهرم ، أو أقتله فأريحك منه .
فقال له علي : ما اسمك ؟ قال : أنا المقطع ، قد كنت أدعى هشيما فأصابتني جراحة فسميت مقطعا منها ، فقال له : اخرج ( إليه ، وأقدم عليه ) ، اللهم انصره ! فحمل عليه المقطع ، فأجهش ابن مقيده الحمار ، وكان ذكيا مجربا ، فلم يجد شيئا خيرا من الهرب ، فهرب حتى مر بمضرب معاوية (1) والمقطع على أثره فجاز معاوية فناداه معاوية : لقد شمص بك العراقى (2) ، قال : لقد فعل ! ثم رجع المقطع حتى وقف في موقفه : فلما كان عام الجماعة (و ) بايع الناس معاوية سأل عن المقطع العامري حتى نزل عليه ، فدخل عليه فإذا هو شيخ كبير ، فلما رآه قال : أوه ، لولا (3) أنك في هذا الحال ما أفلتني ، قال : نشدتك الله إلا قتلتنى وأرحتني (4) من بؤس الحياة ، وأدنيتني إلى لقاء الله ، قال : إنى لا أقتلك ، وإن لى إليك لحاجة ، قال : فما حاجتك ؟ قال : جئت لا واخيك ، قال : إنا وإياكم قد افترقنا في الله ، أما أنا فأكون على حالى حتى يجمع الله بيننا في الآخرة . --------------------------- (1) المضرب ، بكسر الميم : الفسطاط العظيم . (2) في الأصل : ( شخص ) وأثبت ما في ح ، الشمص : الإعجال ؛ والتشميص : السوق والطرد العنيف . (3) في الأصل : ( لو علمت ) والوجه ما أثبت من ح . (4) في الأصل : ( إلا قتلت وأرحت ) وأثبت ما في ح . واقعة صفين _ 272 _
قال : فزوجني ابنتك ، قال : قد منعتك ما هو أهون على من ذلك ، قال : فاقبل منى صلة ، قال : فلا حاجة لى في ما قبلك فتركه فلم يقبل منه شيئا قال : فاقتتل الناس قتالا شديدا فعبت لطيئ جموع أهل الشام ، فجاءهم حمزة بن مالك الهمداني (1) فقال : من ، أنتم ، لله أبوكم ! فقال عبد الله بن خليفة الطائى (2) : نحن طى السهل وطى الجبل ، وطى الجبل الممنوع بالنحل (3) ، ونحن حماة الجبلين ، ما بين العذيب إلى العين ، طي الرماح وطى البطاح ، وفرسان الصباح ، فقال له : بخ بخ ما أحسن ثناءك على قومك ! فقال :
(1) هذه من الطبري ( 6 : 17 ) . (2) في الطبري : ( البولانى ) ، وبولان : إحدى قبائل طيء . (3) كذا ، وفي الطبري : ( الممنوع ذى النخل ) . (4) البيت لم يرو في ح ، وفي الطبري : ( ويب غيرك ) . (5) في الأصل : ( فنترك ) ، وقد روى الرجز في الطبري على الوجه التالي : (6) التكملة من الطبري ، وفيه : ( بن العسوس ) بمهملتين . واقعة صفين _ 273 _
قال : ففقئت عينه فقال : السالكيــن سبـل الجهـــال .
(1) طنت : قطعت وسقطت فكان لذلك صوت ، وفي الأصل : ( طلت ) صوابه في الطبري . (2) الحواضن : الأمهات ، وفي الأصل : ( لم تعر الحواضر ) صوابه من الطبري ، هي : أي الحرب ، وفي الطبري : ( إذا الحرب ) ، والخدام : السيقان ، واحدتها خدمة ، ومثله قوله : واقعة صفين _ 274 _رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز ، رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد ، رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت ، رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري ، رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي ، رواية الشيخ الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الانماطي ، سماع مظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت المعروف بابن المنجم ـ غفر الله له . بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الشيخ الحافظ شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ابن أحمد بن الحسن الأنماطي قال : أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه ، قال : أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن جعفر الحريري ، قال : أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن ثابت ، قال : أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد بن همام الشيباني ، قال : أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز ، قال : نصر بن مزاحم ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج أن قيس بن فهدان كان يحرض أصحابه ويقول : ( إذا شددتم فشدوا جميعا وغضوا الأبصار ، وأقلوا الكلام واللغط ، واعتوروا الأقران (1) ، ولا تؤتين من قبلكم العرب ) ، وقتل نهيك بن عزيز من بني الحارث بن عدي ، وعمرو بن يزيد من بني ذهل ، وسعد بن عمر (2) من بني بدا ، وخرج قيس بن يزيد (3) . --------------------------- (1) في الأصل : ( وأغنوا الأقران ) صوابه في الطبري ( 6 : 17 ) ، وهذا الكلام لم يرد في مظنه من ح . (2) الطبري : ( وسعيد بن عمرو ) ولم ينسبه إلى قبيلته . (3) في الأصل : ( زيد ) صوابه من الطبري . واقعة صفين _ 275 _
الكندي ـ وهو ممن فر إلى معاوية من علي ـ فخرج إليه من أصحاب علي قيس بن
عمرو بن عمير بن (1) يزيد ، أبو العمرطة ، فلما دنا منه عرفه فانصرف كل واحد منهما عن صاحبه ، نصر ، عن عمر قال : حدثني رجل عن أبي الصلت التيمي ، قال أشياخ من محارب : إنه كان رجل منهم يقال له عنتر بن عبيد بن خالد (2) ، وكان من أشجع الناس يوم صفين ، فلما رأى أصحابه منهزمين أخذ ينادي : يا معشر قيس ، أطاعة الشيطان آثر عندكم من طاعة الله ؟ ! ( ألا إن ) الفرار فيه معصية الله وسخطه ، والصبر فيه طاعة الله ورضوانه ، ( أفتختارون سخط الله على رضوانه ، ومعصيته على طاعته ) ، فإنما الراحة بعد الموت لمن مات محتسبا لنفسه ، وقال (3) :
--------------------------- (1) تكملة يصح بها الكلام ، انظر ما سبق من 268 ، وفي الطبري ، ( أبو العمرطة بن يزيد ) . (2) الطبري : ( خنثر بن عبيدة بن خالد ) . (3) وردت هذه الكلمة بعد البيت الأول من الرجز التالي ، وموضعها هنا . (4) وألت : نجت ، وفي الأصل : ( وأبت ) صوابه في ح والطبري . (5) المعازيل : جمع معزال ، وهو الذي لا سلاح معه . (6) في الأصل : ( خمسمائة ) صوابه في الطبري . (7) في الأصل : ( فرفة ) تحريف ، صوابه في الطبري ، وفي تقريب التهذيب : ( فروة بن نوفل الأشجعي ، مختلف في صحبته ، والصواب أن الصحبة لأبيه ) ، وانظر الإصابة 7033 ، ولم يرد ذكره في معجم المرزباني المطبوع ، مع نص الإصابة على أن المرزباني ذكره في المعجم . (8) البندنيجين : بلدة في طرف النهروان من ناحية الجبل من أعمال بغداد . واقعة صفين _ 276 _
ثم إن النخع قاتلت قتالا شديدا فأصيب منهم يومئذ بكر بن هوذة ، وحنان ابن هوذة (1) ، وشعيب بن نعيم من بني بكر النخع ، وربيعة بن مالك بن وهبيل (2) ، وأبي بن قيس أخو علقمة بن قيس الفقيه (3) ، وقطعت رجل علقمة بن قيس ، فكان يقول : ما أحب أن رجلي أصح ما كانت ؛ لما أرجو بها من حسن الثواب من ربي ، ولقد كنت أحب أن أبصر في نومي أخي وبعض إخواني ، فرأيت أخي في النوم فقلت له : يا أخي ، ماذا قدمتم عليه ؟ فقال : التقينا نحن والقوم فاحتججنا عند الله ( عز وجل ) فحججناهم ، فما سررت بشئ مذ عقلت كسروري بتلك الرؤيا ، نصر ، عن عمر ، عن سويد بن حبة النضري (4) ، عن الحضين (5) بن المنذر ( الرقاشي ) قال : إن ناسا كانوا أتوا عليا قبل الوقعة في هذا اليوم ، فقالوا : إنا لا نري خالد بن المعمر السدوسي إلا قد كاتب معاوية ، وقد خشينا أن يتابعه ، فبعث إليه علي وإلى رجال من أشرافهم ، فحمد الله ربه تبارك وتعالى وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا معشر ربيعة فأنتم أنصاري ، ومجيبو دعوتي ، ومن أوثق حي في العرب في نفسي ، ولقد بلغني أن معاوية قد كاتب صاحبكم خالد بن المعمر ، وقد أتيت (6) به ، وقد جمعتكم له لأشهدكم عليه وتسمعوا أيضا مني ومنه ، ثم أقبل عليه فقال : ( يا خالد بن المعمر ، إن كان ما بلغني عنك حقا فإني أشهد الله ومن حضرني من المسلمين أنك آمن حتى تلحق بالعراق أو بالحجاز ، أو أرض لا سلطان لمعاوية فيها ، وإن كنت مكذوبا عليك فأبر صدورنا بأيمان نطمئن إليها ) .
--------------------------- (1) الطبري : ( حيان بن هوذة ) . (2) في الأصل : ( وسعير بن نعيم من بني بكر بن ربيعة ومالك بن نهشل ) ، وأثبت ما في الطبري ( 6 : 18 ) . (3) هذه التكملة من الطبري . (4) ح ( 1 : 4 5 ) : ( بن حبة البصري ) الطبري : ( بن حبة الأسدي ) . (5) هو الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي ، فارس شاعر من كبار التابعين مات على رأس المائة ، انظر المؤتلف 87 وتهذيب التهذيب والخزانة ( 2 : 89 ـ 90 ) ، وحضين ، بالضاد المعجمة وبهيئة التصغير ، وفي الأصل وح : ( الحصين ) صوابه في الطبري . (6) في الأصل : ( أوتيت به ) صوابه في ح والطبري . واقعة صفين _ 277 _
فحلف له بالله ما فعل ، وقال رجال منا كثير : والله لو نعلم أنه فعل لقتلناه ،
وقال شقيق بن ثور السدوسي (1) : ما وفق الله الله خالد بن المعمر حين نصر معاوية وأهل الشام على علي وربيعة ، فقال له زياد بن خصفة : يا أمير المؤمنين ، استوثق من ابن المعمر بالأيمان لا يغدر ، فاستوثق منه ، ثم انصرفنا فلما كان يوم الخميس انهزم الناس من الميمنة فجاءنا علي حتى انتهى إلينا ومعه بنوه ، فنادى بصوت عال جهير كغير المكترث لما فيه الناس ، وقال : لمن هذه الرايات ؟ قلنا : رايات ربيعة ، قال : بل هي رايات الله ، عصم الله أهلها وصبرهم وثبت أقدامهم ، ثم قال لي وأنا حامل راية ربيعة يومئذ : يا فتى ، ألا تدني رايتك هذه ذراعا ؟ فقلت له : نعم والله ، وعشرة أذرع (2) . ثم ملت (3) بها هكذا فأدنيتها ، فقال لي : حسبك ، مكانك ، نصر ، عن أبي عبد الرحمن قال : حدثني المثنى بن صالح ـ من بني قيس ابن ثعلبة ـ عن يحيي بن مطرف أبي الأشعث العجلي ، شهد مع علي صفين ، قال : لما نصبت الرايات اعترض على الرايات ثم انتهى إلى رايات ربيعة فقال : لمن هذه الرايات ؟ فقلت : رايات ربيعة ، قال : بل هي رايات الله .
--------------------------- (1) هذه التكملة من الطبري . (2) كذا في الأصل وح ، وهي صحيحة ، فإن الذراع قد يذكر ، وفي الطبري : (عشر أذرع ) . (3) في الأصل : ( فقلبت ) وأثبت ما في ح ( 1 : 495 ) . واقعة صفين _ 278 _
نصر ، عن عمرو بن شمر قال : أقبل الحضين (1) بن المنذر ـ وهو يومئذ غلام ـ يزحف برايته ، قال السدي : وكانت حمراء ، فأعجب عليا زحفه وثباته فقال :
(1) في الأصل : ( الحصين ) صوابه بالضاد المعجمة ، انظر ما سبق ص 287 . (2) في الأصل وح : ( حصين ) صوابه بالضاد المعجمة كما في الطبري ( 6 : 20 ) . (3) وهي أيضا رواية ح ، وفي الطبري : ( حتى يزيرها ، حياض المنايا ) . (4) الحر : الفعل الحسن الجميل ، وجاء في قول طرفة : لا يكن حبك داء داخلا ، ليس هذا منك ماوى بحر ورواية الطبري : ( لدى الموت قوما ) . (5) في الأصل : ( وحتى ينادي زبرقان بن أظلم ) ، وأثبت ما في ح ( 1 : 496 ) . واقعة صفين _ 279 _
وكرز بن نبهان وعمرو بن جحدر ، وصباحا القيني يدعــو وأسلما (1) نصر : عن عمر ، قال حدثني الصلت بن يزيد بن أبي الصلت التيمي قال : سمعت أشياخ الحي من بني تيم الله بن ثعلبة (2) يقولون : كانت راية ربيعة كوفيتها وبصريتها (3) مع خالد بن المعمر من أهل البصرة ، قال : وسمعتهم يقولون : إن خالد بن المعمر (4) وسعيد بن ثور (5) السدوسي ، اصطلحا أن يوليا راية بكر بن وائل من أهل البصرة الحضين (6) بن المنذر ، قالوا : وتنافسا في الراية قالا : هذا فتى له حسب ونجعلها له حتى نرى من رأينا ، ثم إن عليا أعطى الراية خالد بن المعمر ، راية ربيعة كلها ، قال : وضرب معاوية لحمير بسهم على ثلاث قبائل لم يكن لأهل العراق قبائل أكثر منها عددا يومئذ : على ربيعة ، وهمدان ، ومذحج ، فوقع سهم حمير على ربيعة ، فقال ذو الكلاع : قبحك الله من سهم كرهت الضراب . --------------------------- (1) ح : ( بن تيهان ) بالتاء ، و ( صباحا الليثي ) ، وقد عقب ابن أبي الحديد على هذه الأبيات بقوله : ( قلت : هكذا روى نصر بن مزاحم ، وسائر الرواة رووا له ( عليه السلام ) الأبيات الستة الأولى ، ورووا باقي الأبيات من قوله : وقد صبرت عك ، للحضين بن المنذر صاحب الراية ) . (2) هم بنو تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ، انظر المعارف ص 44 وما قبلها ، وفي الأصل : ( تميم بن ثعلبة ) صوابه في الطبري ، ومما هو جدير بالذكر أن في العرب : وهؤلاء في قحطان من ولد طيئ بن أدد ، وليس في العرب إلا تميمان : تميم بن مر القبيلة المعروفة ، وتميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر ، انظر لهذه المعارف ص 30 . (3) الطبري : ( أهل كوفتها وبصرتها ) ، انظر ( 6 : 18 ) . (4) هذة التكملة من الطبري . (5) الطبري : ( سفيان بن ثور ) ، مع إسقاط النسبة بعده . (6) في الأصل : ( الحصين ) بالمهملة ، تحريف ، انظر ما سبق في 287 . |