واقعة صفين _ 14 _
ثـرنا إلـيهم عـند ذلـك بالقنا وبكل أبيض كالعقيقة صاد (1) ii في مرج مرينا (2) ألم تسمع بنا نـبغي الإمـام بـه وفيه نعادي لـو لا مـقام عشيرتي وطعانهم وجـلادهم بـالمرج أي iiجـلاد لأتـاك أشـتر مذحج لا iiينثني بالجيش ذا حنق عليك وآد  (3) |
نصر : عبد الله بن كردم بن مرثد ، قال : لما قدم علي ( عليه السلام ) حشر أهل السواد ، فلما اجتمعوا أذن لهم ، فلما رأى كثرتهم قال : إني لا أطيق كلامكم ، ولا أفقه عنكم ، فأسندوا أمركم إلى أرضاكم في أنفسكم ، وأعمه نصيحة لكم ، قالوا : نرسا ، ما رضى فقد رضيناه ، وما سخط فقد سخطناه ، فتقدم فجلس إليه فقال : أخبرني عن ملوك فارس كم كانوا ؟ قال : كانت ملوكهم في هذه المملكة الآخرة اثنين وثلاثين ملكا
(4) ، قال : فكيف كانت سيرتهم ؟ قال : ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة
(5) ، حتى ملكنا كسرى بن هرمز ، فاستأثر بالمال والأعمال ، وخالف أولينا ، وأخرب الذي للناس ، وعمر الذي له ، واستخف بالناس ، فأوغر نفوس فارس ، حتى ثاروا عليه فقتلوه ، فأرملت نساؤه ويتم أولاده ، فقال : يا نرسا ، إن الله ( عز وجل ) خلق الخلق بالحق ، ولا يرضى من أحد إلا بالحق ، وفي سلطان الله تذكرة مما خول الله ، وإنها لا تقوم مملكة إلا بتدبير ، ولا بد من إمارة ، ولا يزال أمرنا متماسكا ما لم يشتم آخرنا أولنا ، فإذا خالف آخرنا أولنا وأفسدوا ، هلكوا وأهلكوا .
---------------------------
(1) العقيقة : البرق إذا رأيته في وسط السحاب كأنه سيف مسلول .
(2) شدد راء ( مرينا ) للشعر ، وأصلها التخفيف كما في القاموس ، ومرينا : فوم من أهل الحيرة من العباد ، قال الجواليقي : ( وليس مرينا بكلمة عربية ) ، وأنشد لامرئ القيس : فلو في يوم معركة أصيبوا ، ولكن في ديار بني مرينا .
(3) الآد والأيد : القوة .
(4) جعلهم المسعودي في التنبيه والإشراف 87 ـ 90 ثلاثين ملكا ، وهم الساسانيون .
(5) عظم الأمر بالضم والفتح : معظمه .
واقعة صفين _ 15 _
ثم أمر عليهم أمراءهم . ثم إن عليا ( عليه السلام ) بعث إلى العمال في الآفاق ، وكان أهم الوجوه إليه الشام ، نصر ، عن محمد بن عبيد الله القرشي ، عن الجرجاني قال : لما بويع علي وكتب إلى العمال في الآفاق كتب إلى جرير بن عبد الله البجلي ، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان
(1) ، فكتب إليه مع زحر بن قيس الجعفي
(2) : ( أما بعد فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ، وإني أخبرك عن نبأ
(3) من سرنا إليه من جموع طلحة والزبير ، عند نكثهم بيعتهم
(4) ، وما صنعوا بعاملي عثمان بن حنيف
(5) ، إني هبطت من المدينة بالمهاجرين والأنصار ، حتى إذا كنت بالعذيب بعثت إلى أهل الكوفة بالحسن بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعمار بن ياسر ، وقيس بن سعد بن عبادة ، فاستنفروهم .
جرير بن عبد الله لا تردد الهدى وبـايع عـلينا إنني لك iiناصح فإن عليا خير من وطئ iiالحصى سوى أحمد والموت غاد iiورائح |
---------------------------
(1) همدان ، كذا وردت في الأصل وفي ح ( 1 : 246 ) ، وهما لغتان في همذان ، ولغة الإهمال هي الفارسية ، وبالإعجام معربة ، انظر معجم استينجاس 1509 .
(2) زحر ، بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة ، وهو زحر بن قيس الكوفي الجعفي ، أحد أصحاب علي بن أبي طالب ، أنزله المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة ، روي عنه عامر الشعبي ، وحصين بن عبد الرحمن ، انظر تاريخ بغداد 4605 ، ح : ( زجر ) محرف .
(3) ح : ( عن أنباء ) .
(4) ح : ( بيعتي ) .
(5) حنيف ، بهيئة التصغير ، وعثمان بن حنيف صحابي أنصاري ، شهد أحدا ، وكان علي استعمله على البصرة قبل أن يقدم عليها فغلبه عليها طلحة والزبير ، ومات في خلافة معاوية ، الاصابة 5427 .
واقعة صفين _ 16 _
فأجابوا ، فسرت بهم حتى نزلت بظهر البصرة فأعذرت في الدعاء ، وأقلت العثرة ، وناشدتهم عقد سبيعتهم (1) فأبوا إلا قتالي ، فاستعنت بالله عليهم ، فقتل من قتل وولوا مدبرين إلى مصرهم ، فسألوني ما كنت دعوتهم إليه قبل اللقاء ، فقبلت العافية ، ورفعت السيف ، واستعملت عليهم عبد الله بن عباس ، وسرت إلى الكوفة ، وقد بعثت إليكم زحر (2) بن قيس ، فاسأل (3) عما بدا لك ) ، قال : فلما قرأ جرير الكتاب قام فقال : أيها الناس ، هذا كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وهو المأمون على الدين والدنيا ، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما نحمد الله عليه ، وقد بايعه السابقون الأولون (4) من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ، ولو جعل هذا الأمر شورى بين المسلمين كان أحقهم بها ، ألا وإن البقاء في الجماعة ، والفناء في الفرقة ، وعلى (5) حاملكم على الحق ما استقمتم ، فإن ملتم أقام ميلكم ، فقال الناس : سمعا وطاعة ، رضينا رضينا ، فأجاب جرير وكتب جواب كتابه بالطاعة ، وكان مع علي رجل من طيئ ، ابن أخت لجرير ، فحمل زحر بن قيس شعرا له إلى خاله جرير ، وهو :
---------------------------
(1) ح : (عهد بيعتهم ) .
(2) في الأصل وح : زجر ( بالجيم ) ، محرفة .
(3) في ح : ( فاسأله ) ، وفي الإمامة والسياسة ( 1 : 78 ) : ( فاسأله عنا وعنهم ) .
(4) ح : ( الناس الأولون ) .
(5) ح : ( وإن عليا ) .
واقعة صفين _ 17 _
ودع عـنـك قـول الـناكثين فـإنما اك ، أبـا عـمرو ، كـلاب iiنـوابح بـايـعـه إن بـايـعته iiبـنـصيحة ولا يـك معها في ضميرك قادح (1) فـإنك إن تـطلب بـه الـدين iiتعطه وإن تـطـلب الـدنيا فـبيعك iiرابـح وإن قـلت عـثمان بـن عـفان iiحقه عـلـى عـظيم والـشكور iiمـناصح فـحـق عـلـى إذ ولـيـك كـحقه وشكرك ما أوليت في الناس صالح (2) وإن قـلت لا نـرضى عـليا iiإمـامنا فـدع عـنك بـحرا ضل فيه iiالسوائح أبــى الله إلا أنــه خـير iiدهـره وأفـضل مـن ضـمت عليه iiالأباطح |
ثم قام زحر بن قيس خطيبا
(3) ، فكان مما حفظ من كلامه أن قال : ( الحمد لله الذي اختار الحمد لنفسه وتولاه دون خلقه ، لا شريك له في الحمد ، ولا نظير له في المجد ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائم الدائم ، إله السماء والأرض ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالنور الواضح
(4) والحق الناطق ، داعياً إلى الخير ، وقائدا إلى الهدى » ، ثم قال : ( أيها الناس ، إن عليا قد كتب إليكم كتابا لا يقال بعده إلا رجيع من القول ، ولكن لا بد من رد الكلام ، إن الناس بايعوا عليا بالمدينة من غير محاباة له بيعتهم ، لعلمه بكتاب الله وسنن الحق ، وإن طلحة والزبير نقضا بيعته علي غير حدث ، وألبا عليه الناس ، ثم لم يرضيا حتى نصبا له الحرب ، وأخرجا أم المؤمنين ، فلقيهما فأعذر في الدعاء ، وأحسن في البقية ، وحمل الناس على ما يعرفون ، هذا عيان ما غاب عنكم ، ولئن سألتم الزيادة زدناكم ، ولا قوة إلا بالله ، وقال جرير في ذلك :
---------------------------
(1) القادح ، بالتاف : أصله الاكل يقع في الشجر والأسنان ، والمراد به الغش والدخل ، وفي اللسان : ( قدح في ساق أخيه : غشه وعمل في شيء يكرهه ) ، وفي الأصل : ( فادح ) بالفاء ، وهو الحمل الثقيل والنازلة تنزل بالمرء ، والوجه ما أثبت من ح .
(2) وليه ، كرضيه : صار وليا له ، وسكن الياء للشعر .
(3) كذا في الأصل ، وفي ح : ( قال نصر : ثم إن جرير قام في أهل همدان خطيبا ) ، وعقب ابن أبي الحديد على هذه الخطبة والشعر الذي بعدها بقوله : ( قال نصر : فسر الناس بخطبة جرير وشعره ) ، انظر ح ( 1 : 247 ) ، وقد مضت خطبة لجرير في الصفحة السابقة فيصح ما هنا إن كان قد أشار إلى تلك الخطبة .
(4) في الأصل : ( بالحق الواضح ) وأثبت ما في ح .
واقعة صفين _ 18 _
تـانـا كـتاب عـلي iiفـلم نـرد الكتاب ، بأرض iiالعجم ولـم نـعص ما فيه لما أتى ولـما نـذم (1) ولـما iiنـلم نـحـن ولاة عـلى iiثـغرها نـضيم العزيز ونحمي الذمم نـساقيهم الـموت عند iiاللقاء بـكأس الـمنايا ونشفي القرم طـحـناهم طـحنة iiبـالقنا وضـرب سيوف تطير iiاللمم مـضينا يـقينا عـلى iiديننا وديـن الـنبي مـجلى iiالظلم أمـيـن الإلــه iiوبـرهانه وعـدل الـبرية iiوالـمعتصم رسـول الـمليك ، ومن بعده خـلـيفتنا الـقائم iiالـمدعم عـليا عـنيت وصي iiالنبي نـجالد عـنه غـواة iiالأمـم له الفضل والسبق والمكرمات وبيت النبوة لا يهتضم (2) |
وقال رجل
(3) :
لعمر أبيك والأنباء تنمى لقد جلى بخطبته iiجرير |
---------------------------
(1) في الأصل : ( ولما نضام ) ، صوابه من ح .
(2) بعد هذا في ح ، كما سبق : ( قال نصر : فسر الناس بخطبة جرير وشعره ) .
(3) ح : ( وقال ابن الازور القسري في جرير يمدحه بذلك ) .
واقعة صفين _ 19 _
وقال مقالة جدعت iiرجالا من الحيين خطبهم iiكبير بدا بك قبل أمته على ومخك إن رددت الحق رير (1) أتاك بأمره زحر بن قيس وزحر بالتي حدثت خبير فكنت بما أتاك به iiسميعا وكدت إليه من فرح iiتطير فأنت بما سعدت به iiولي وأنت لما تعد له نصير (2) ii ونعم المرء أنت له وزير ونعم المرء أنت له أمير فأحرزت الثواب ، ورب حاد حدا بالركب ليس له iiبعير ليهنك ما سبقت به iiرجالا من العلياء والفضل الكبير (3) ii |
وقال النهدي في ذلك :
أتـانـا بـالـنبا زحـر بـن قـيس عظيم الخطب من جعف بن سعد (4) تـخـيره أبــو حـسـن عـلـي ولــم يــك زنـده فـيها iiبـصلد رمــى أعـراض حـاجته iiبـقول أخــوذ لـلـقلوب بــلا iiتـعـد فـسر الـحي مـن يـمن iiوأرضـى ذوي الـعلياء مـن سـلفى معد (5) |
---------------------------
(1) مخ رير : ذائب فاسد من الهزال ، يقال مخ رار ، ورير بالكسر ، ورير بالفتح ، وفي الأصل : ( يزير ) وفي ح : ( وتفخر إن رددت الحق زير ) كلاهما محرف ، والصواب ما أثبت .
(2) في الأصل : ( بصير ) بالباء ، صوابه من ح .
(3) تقرأ بالرفع عطفا على : ( ما سبقت ) ، وبالجر عطفا على ( العلياء ) ، وفي القراءة الأخيرة إقواء .
(4) جعف ، أراد ( جعفي ) وحقها أن تنتهي في الرسم بالياء ، لكن كذا وردت في الأصل ، وجعفي ، بتشديد الياء ، هم بنو سعد العشيرة بن مذحج ، حي من اليمن .
(5) يعني ربيعة ومضر ابني نزار بن عدنان .
واقعة صفين _ 20 _
ولـم يـك قـبله فـينا iiخـطيب مـضى قـبلى ولا أرجـوه بعدي مـتى يـشهد فـنحن بـه كـثير وإن غاب ابن قيس غاب جدي (1) ولـيس بـموحشي أمـر إذا iiمـا دنـا مـني وإن أفـردت iiوحـدي لــه دنـيا يـعاش بـها iiوديـن وفـي الـهيجا كـذي شبلين iiورد |
قال : ثم أقبل جرير سائرا من ثغر همدان
(2) حتى ورد على علي عليه السلام بالكوفة ، فبايعه ودخل فيما دخل فيه الناس ، من طاعة علي ، واللزوم لأمره ، ثم بعث إلى الأشعث بن قيس الكندي ، نصر : محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني قال : لما بويع علي وكتب إلى العمال ، كتب إلى الأشعث بن قيس مع زياد بن مرحب الهمداني ، والأشعث على أذربيجان عامل لعثمان ، وقد كان عمرو بن عثمان تزوج ابنة الأشعث بن قيس قبل ذلك ، فكتب إليه علي : ( أما بعد ، فلولا هنات كن فيك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس ، ولعل أمرك يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله ثم إنه كان من بيعة الناس إياي ما قد بلغك ، وكان طلحة والزبير ممن بايعاني ثم نقضا بيعتي على غير حدث وأخرجا أم المؤمنين وسارا إلى البصرة ، فسرت إليهما فالتقينا ، فدعوتهم إلى أن يرجعوا فيما خرجوا منه فأبوا ، فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقية ، وإن عملك ليس لك بطعمة ، ولكنه أمانة ، وفي يديك مال من مال الله ، وأنت من خزان الله عليه حتى تسلمه إلى ، ولعلي ألا أكون شر ولاتك لك إن استقمت .
---------------------------
(1) الجد ، ها هنا : الحظ .
(2) كذا وردت بإهمال الدال ، كما هو أصلها الفارسي ، انظر التنبيه 1 ص 15 .
واقعة صفين _ 21 _
ولا قوة إلا بالله فلما قرأ الكتاب قام زياد بن مرحب
(1) فحمد الله وأثني عليه ثم قال : ( أيها الناس ، إن من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير ، إن أمر عثمان لا ينفع فيه العيان ، ولا يشفي منه الخبر ، غير أن من سمع به ليس كمن عاينه ، إن الناس بايعوا عليا راضين به ، وأن طلحة والزبير نقضا بيعته على غير حدث ، ثم أذنا بحرب فأخرجا أم المؤمنين ، فسار إليهما فلم يقاتلهم وفي نفسه منهم حاجة ، فأورثه
الله الأرض وجعل له عاقبة المتقين ) ، ثم قام الأشعث بن قيس ، فحمد الله وأثني عليه ثم قال :
( أيها الناس إن أمير المؤمنين عثمان ولاني أذربيجان ، فهلك وهي في يدي ، وقد بايع الناس علياً ، وطاعتنا له كطاعة من كان قبله ، وقد كان من أمره وأمر طلحة والزبير ما قد بلغكم ، وعلي المأمون علي ما غاب عنا وعنكم من ذلك الأمر ) .
فلما أتى منزله دعا أصحابه فقال : إن كتاب علي قد أوحشني ، وهو آخذ بمال أذربيجان
(2) ، وأنا لاحق بمعاوية ، فقال القوم : الموت خير لك من ذلك ، أتدع مصرك وجماعة قومك وتكون ذنبا لأهل الشام ؟ ! فاستحيا فسار حتى قدم على علي ، فقال السكوني ـ وقد خاف أن يلحق بمعاوية :
إني أعيذك بالذي هو مالك بـمعاذة الآبـاء iiوالأجداد |
---------------------------
(1) في الإمامة والسياسة 1 : 79 : ( زياد بن كعب ) .
(2) في الإمامة والسياسة : ( وهو آخذي بمال أذربيجان ) .
واقعة صفين _ 22 _
مـما يـظن بـك الرجال ، iiوإنما سـاموك خـطة مـعشر iiأوغـاد إن اذربـيـجان الـتـي iiمـزقتها لـيست لـجدك فاشنها ببلاد (1) كـانـت بـلاد خـليفة ولا كـها وقـضاء ربـك رائـح أو iiغـاد فـدع الـبلاد فـليس فـيها iiمطمع ضربت عليك الأرض بالأسداد (2) فـادفع بـمالك دون نـفسك iiإنـنا فـــادوك بـالأمـوال iiوالأولاد أنـت الـذي تثني الخناصر iiدونه وبـكبش كـندة يـستهل iiالـوادي ومـعصب بـالتاج مـفرق iiرأسه مـلـك لـعمرك راسـخ iiالأوتـاد وأطـع زيـادا إنـه لـك iiناصح لا شـك فـي قـول النصيح iiزياد وانـظـر عـليا إنـه لـك جـنة تـرشد ويـهدك للسعادة هاد (3) |
---------------------------
(1) اشنها ، أراد اشنأها ثم حذف الهمزة وعامله معاملة المعتل ، والشناءة والشنآن : البغض .
(2) أي سد عليه الطريق فعميت مذاهبه ، وواحد الأسداد سد .
(3) في الأصل : ( يرشد ويهديك للسعادة ) محرف .
واقعة صفين _ 23 _
ومما كتب به إلى الأشعث :
أبـلغ الأشـعث الـمعصب iiبالتاج غـلاما حـتى عـلاه القتير (1) يـا ابـن آل المرار من قبل iiالأم وقـيس أبـوه غـيث iiمـطير (2) قـد يـصيب الـضعيف مـا iiأمر الله ويـخطي الـمدرب iiالـنحرير قـد أتـى قـبلك الرسول iiجريرا فـتـلـقاه بـالـسرور iiجـريـر وله الفضل في الجهاد وفي الهج رة والـديـن ، كــل ذاك iiكـثـير إن يـكن حـظك الـذى أنت iiفيه فـحقير مـن الـحظوظ صـغير يـا ابن ذي التاج والمبجل من iiكن دة ، تـرضى بـأن يـقال أمير ii؟ أذربـيـجان حـسـرة iiفـذرنـها وابـغـين الـذي إلـيه iiتـصير واقـبل الـيوم مـا يـقول iiعـلي لـيـس فـيـما يـقوله iiتـخيير واقـبل الـبيعة الـتي لـيس للنا س سـواها مـن أمـرهم iiقطمير عـمرك الـيوم قـد تـركت iiعليا هـل لـه فـي الذي كرهت iiنظير |
---------------------------
(1) القتير : الشيب ، أو أول ما يظهر منه . يقول : كان ملكا من صباه إلى مشيبه .
(2) أبوه ، على الالتفات ، ولو لم يلتفت لقال : ( أبوك ) .
واقعة صفين _ 24 _
ومما قيل على لسان الأشعث :
أتـانا الـرسول رسـول iiعلي فـسـر بـمـقدمه الـمسلمونا رسـول الـوصي وصي النبي له الفضل والسبق في iiالمؤمنينا بـما نـصح الله iiوالـمصطفى رسـول الإلـه الـنبي الأمينا يـجاهد فـي الله ، لا iiيـنثني جميع الطغاة مع الجاحدينا (1) وزيــر الـنبي وذو iiصـهره وسـيف الـمنية في iiالظالمينا وكـم بـطل مـاجد قـد iiأذاق مـنية حـتف ، مـن iiالكافرينا وكـم فـارس كان سال iiالنزال فآب إلى النار في الآئبينا (2) فــذاك عـلى إمـام iiالـهدى وغيث البرية والمقحمينا (3) وكـان إذا مـا دعـا iiلـلنزال كليث عرين يزين العرينا (4) |
---------------------------
(1) جاهد العدو : قاتله ، وفي الكتاب : ( جاهد الكفار والمنافقين ) .
(2) سال : مخفف سأل ، قال حسان ( انظر ديوانه 67 والكامل 288 ليبسك ) :
(3) المقحمون : الذين أصابتهم السنة والجدب ، فأخرجتهم من البادية وأقحمتهم الحضر ، وفي الأصل : ( المفخمينا ) محرفة .
(4) في الأصل : ( بن ليث العرينا ) وهو تحريف .
واقعة صفين _ 25 _
سـالت هذيل رسول الله iiفاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب أجـاب الـسؤال بنصح iiونصر وخـالص ود عـلى iiالـعالمينا فـمـا زال ذلـك مـن iiشـأنه فـفـاز وربـي مـع الـفائزينا |
ومما قيل على لسان الأشعث أيضا :
أتانا الرسول رسول iiالوصي عـلي الـمهذب مـن iiهاشم رسـول الوصي وصي iiالنبي وخـير الـبرية مـن قـائم وزيـر الـنبي وذو iiصـهره وخـير الـبرية فـي iiالعالم له الفضل والسبق بالصالحات لـهدى النبي به يأتمى (1) ii مـحمدا اعـني رسول iiالإله وغـيـث الـبرية iiوالـخاتم أجـبنا عـليا بـفضل iiلـه وطـاعة نـصح لـه دائـم فـقـيه حـليم لـه iiصـولة كـليث عـرين بـها iiسـائم حـلـيم عـفيف وذو iiنـجدة بـعيد مـن الـغدر iiوالـماثم |
وأنه قدم على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بعد قدومه الكوفة ، الأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة ، وحارثة بن بدر ، وزيد بن جبلة ، وأعين بن ضبيعة ، وعظيم الناس بنو تميم ، وكان فيهم أشراف ، ولم يقدم هؤلاء على عشيرة من أهل الكوفة ، فقام الأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة ، وحارثة بن بدر ، فتكلم الأحنف فقال : ( يا أمير المؤمنين ، إنه إن تك سعد لم تنصرك يوم الجمل فإنها لم تنصر عليك . وقد عجبوا أمس ممن نصرك وعجبوا اليوم ممن خذلك ، لأنهم شكوا في طلحة والزبير ، ولم يشكوا في معاوية ، وعشيرتنا بالبصرة ، فلو بعثنا إليهم فقدموا إلينا فقاتلنا بهم العدو وانتصفنا بهم ، وأدركوا اليوم ما فاتهم أمس ! ) .
---------------------------
(1) يأتمي ، أراد يأتمم أي يأتم ، فقلب إحدى الميمين ياء ، وكذلك يفعلون ، كما قالوا في التظنن التظني ، وفي التنصص التقصي . وفي الأصل : ( يأتم ) محرفة .
واقعة صفين _ 26 _
قال علي لجارية بن قدامة ـ وكان رجل تميم بعد الأحنف : ما تقول يا جارية ؟ قال : ( أقول هذا جمع حشره الله لك بالتقوى ، ولم تستكره فيه شاخصا ، ولم تشخص فيه مقيما ، والله لو لا ما حضرك فيه من الله لغمك سياسته ، وليس (1) كل من كان معك نافعك ، ورب مقيم خير من شاخص ، ومصراك خير لك ، وأنت أعلم ) ، فكأنه ( بقوله ) : ( كان معك ) ربما كره إشخاص قومه عن البصرة (2) ، وكان حارثة بن بدر أسد الناس رأيا عند الأحنف (3) ، وكان شاعر بني تميم وفارسهم ، فقال علي : ما تقول يا حارثة ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنا نشوب الرجاء بالمخافة ، والله لوددت أن أمواتنا (4) رجعوا إلينا فاستعنا بهم على عدونا ، ولسنا نلقى القوم بأكثر من عددهم ، وليس لك إلا من كان معك ، وإن لنا في قومنا عددا لا نلقى بهم عدوا أعدى من معاوية ، ولا نسد بهم ثغرا أشد من الشام ، وليس بالبصرة بطانة نرصدهم لها ، ولا عدو نعدهم له ،
ووافق الأحنف في رأيه ، فقال علي للأحنف : اكتب إلى قومك ، فكتب الأحنف إلى بني سعد :
---------------------------
(1) في الأصل : ( وليس كل من كان معك ) والتكملة من الإمامة والسياسة لابن تتيبة 1 : 75 ، وقد سقطت منها كلمة ( ليس ) .
(2) في الأصل : ( فكأنه كان معك وربما كره . . . الخ ) ، والوجه فيما أثبت .
(3) أسد ، من سداد الرأى ، وهو استتامته وصحته ، وفي الأصل : ( أشد ) بالمعجمة ، تحريف .
(4) في الأصل : ( أمراءنا ) وصوابه من الإمامة والسياسة .
واقعة صفين _ 27 _
( أما بعد فإنه لم يبق أحد من بني تميم إلا وقد شقوا برأي سيدهم غيركم شقيت سعد بن خرشة برأي ابن يثربي ، وشقيت حنظلة برأي لحيان
(1) ، وشقيت عدي برأي زفر ومطر ، وشقيت بنو عمرو بن تميم برأي عاصم بن الدلف ، وعصمكم الله برأيي لكم حتى نلتم ما رجوتم ، وأمنتم ما خفتم ، وأصبحتم منقطعين من أهل البلاء ، لاحقين بأهل العافية ، وإني أخبركم أنا قدمنا على تميم الكوفة فأخذوا علينا بفضلهم مرتين : بمسيرهم إلينا مع علي ، وميلهم إلى المسير إلى الشام ، ثم أخمروا
(2) حتى صرنا كأنا لا نعرف إلا بهم ، فأقبلوا إلينا ولا تتكلوا عليهم ، فإن لهم أعدادنا من رؤسائهم ، وحنانا أن تلحق
(3) فلا تبطئوا ، فإن من العطاء حرمانا ، ومن النصر خذلانا ، فحرمان العطاء القلة ، وخذلان النصر الإبطاء ، ولا تقضي الحقوق إلا بالرضا ، وقد يرضي المضطر بدون الأمل ) .
وكتب معاوية بن صعصعة ، وهو ابن أخي الأحنف :
تـميم بـن مـر إن أحـنف نعمة من الله لم يخصص بها دونكم سعدا وعـم بـها من بعدكم أهل iiمصركم لـيـالي ذم الـناس كـلهم الـوفدا سـواه لقطع الحبل عن أهل iiمصره فـأمسوا جـميعا آكـلين بن رغدا وإعـظامه الـصاع الصغير وحذفه مـن الدرهم الوافي يجوز له iiالنقدا وكـان لـسعد رأيـه أمس iiعصمة فلم يخط لا الإصدار فيهم ولا الوردا |
---------------------------
(1) في الأصل : ( الحيان ) .
(2) أخمروا ، من الإخمار ، وهو الستر ، أي غلبوا عليهم ، وفي الأصل : ( ثم أحمسوا ) ، وفي الإمامة والسياسة : ( ثم انحشرنا معهم ) .
(3) كذا ، ولعلها : ( وجنانا لن نلحق ) ، جعلهم كالجن ، والجنان : جمع جان .
واقعة صفين _ 28 _
وفي هذه الأخرى له مخض iiزبدة سيخرجها عفوا فلا تعجلوا الزبدا ولا تـبطئوا عنه وعيشوا iiبرأيه ولا تـجعلوا مـما يقول لكم iiبدا ألـيس خطيب القوم في كل iiوفدة وأقـربهم قـربا وأبـعدهم iiبعدا وإن عـليا خـير حـاف iiوناعل فـلا تمنعوه اليوم جهدا ولا iiجدا يـحارب من لا يحرجون iiبحربه ومن لا يساوي دينه كله ردا (1) ومـن نـزلت فـيه ثلاثون iiآية تـسمية فيها مؤمنا مخلصا iiفردا سوى موجبات جئن فيه iiوغيرها بـها أوجـب الله الولاية iiوالودا |
فلما انتهى كتاب الأحنف وشعر معاوية بن صعصعة إلى بني سعد ساروا بجماعتهم حتى نزلوا الكوفة ، فعزت بالكوفة وكثرت ، ثم قدمت عليهم ربيعة ـ ولهم حديث ـ وابتدأ خروج جرير إلى معاوية ، نصر : عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن عامر الشعبي ، أن عليا ( عليه السلام ) حين قدم من البصرة نزع جريرا همدان ، فجاء حتى نزل الكوفة ، فأراد علي أن يبعث إلى معاوية رسولا فقال له جرير : ابعثني إلى معاوية ، فإنه لم يزل لي مستنصحا وودا
(2) ، فآتيه
(3) فأدعوه على أن يسلم لك هذا الأمر ، ويجامعك على الحق ، على أن يكون أميرا من أمرائك ، وعاملا من عمالك ، ما عمل بطاعة الله ، واتبع ما في كتاب الله ، وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك .
---------------------------
(1) الرد : الزائف من الدراهم ، وفي الأصل : ( ريدا ) ، ولا وجه له .
(2) الود ، بكسر الواو : الصديق ، كالحب بمعنى المحبوب ، والود ، بضم الواو : الصديق ، على حذف المضاف ، وجاء في اللسان : ( وفي حديث ابن عمر : إن أبا هذا كان ودا لعمر ، هو على حذف المضاف ، تقديره كان ذا ود لعمر ، أي صديقا ) .
(3) في الأصل : ( نأتيه ) ، تحريف ، وفي ح ( 1 : 247 ) : ( آتيه ) .
واقعة صفين _ 29 _
وجلهم (1) قومي وأهل بلادي ، وقد رجوت ألا يعصوني ، فقال له الأشتر : لا تبعثه ودعه ، ولا تصدقه ، فو الله إني لأظن هواه هواهم ، ونيته نيتهم ، فقال له علي : دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا ، فبعثه على ( عليه السلام ) وقال له حين أراد أن يبعثه : إن حولي من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أهل الدين والرأي من قد رأيت ، وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيك : ( إنك من خير ذي يمن (2) ) ، ايت معاوية بكتابي ، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون وإلا فانبذ إليه (3) ، وأعلمه أني لا أرضى به أميرا ، وأن العامة لا ترضى به خليفة ) ، فانطلق جرير حتى أتى الشام ونزل بمعاوية ، فدخل عليه فحمد الله وأثنى عليه وقال : ( أما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لأبن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين (4) وأهل الحجاز ، وأهل اليمن ، وأهل مصر ، وأهل العروض وعمان ، وأهل البحرين واليمامة ، فلم يبق إلا أهل هذه الحصون التي أنت فيها ، لو سال عليها سيل من أوديته غرقها ، وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل ) ، ودفع إليه كتاب علي بن أبي طالب ، وفيه :
---------------------------
(1) ح : ( فجلهم ) بالفاء .
(2) من خير ذي يمن : أي من خير اليمن ، وفي اللسان ( 20 : 349 ) : ( ويقال أتينا ذا يمن ، أي أتينا اليمن ) .
(3) النبذ : أن يكون بينه وبين قوم هدنة فيخاف منهم نقض العهد ، فيلقي إليهم أنه قد نقض ما بينه وبينهم قبل أن يفجأهم بالقتال ، ومنه قول الله : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانيذ إليهم على سواء ) .
(4) الحرمان : مكة والمدينة ، والمصران : البصرة والكوفة .
واقعة صفين _ 30 _
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أما بعد فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام
(1) ؛ لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان علي ما بويعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يرد ، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما
(2) كان ذلك لله رضا ، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاه
(3) الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا ، وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي ، وكان نقضهما كردهما ، فجاهدتهما ، على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ، فأدخل فيما دخل فيه المسلمون ، فإن أحب الأمور إلى فيك العافية ، إلا أن تتعرض للبلاء ، فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت الله
(4) عليك ، وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون ، ثم حاكم القوم إلى أحملك وإياهم على كتاب الله ، فأما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن ، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان ، واعلم أنك من الطلقاء
(5) الذين لا تحل لهم الخلافة ، ولا تعرض فيهم الشورى .
---------------------------
(1) في الأصل : ( . . بيعتي لزمتك بالمدينة وأنت بالشام ) ، والوجه ما أثبت من ح ، ( 1 : 248 ) .
(2) ح : ( إذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما ) .
(3) في الأصل : ( ووليه ) ، وأثبت الصواب من ح .
(4) ح : ( بالله ) .
(5) الطلقاء : جمع طليق ، وهو الأسير الذي أطلق عنه إساره وخلى سبيله ، ويراد بهم الذين خلى عنهم رسول الله يوم فتح مكة وأطلقهم ولم يسترقهم .
واقعة صفين _ 31 _
وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك (1) جرير بن عبد الله ، وهو من أهل الإيمان والهجرة ، فبايع ولا قوة إلا بالله ) ، فلما قرأ الكتاب قام جرير فقال : الحمد لله المحمود بالعوائد (2) ، المأمول منه الزوائد ، المرتجى منه الثواب المستعان على النوائب ، أحمده وأستعينه في الأمور التي تخير دونها الألباب ، وتضمحل عندها الأسباب (3) ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كل شئ هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بعد الفترة ، وبعد الرسل الماضية (4) والقرون الخالية (5) ، والأبدان البالية ، والجبلة الطاغية ، فبلغ الرسالة ، ونصح الأمة ، وأدى الحق الذي استودعه الله وأمره بأدائه إلى أمته ،( صلى الله عليه وآله وسلم ) من مبتعث ومنتجب (6) ، ثم قال : أيها الناس ، إن أمر عثمان قد أعيا من شهده ، فما ظنكم بمن غاب عنه ، وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور ، وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نكثا بيعته على غير حدث ، ألا وإن هذا الدين لا يحتمل الفتن .
---------------------------
(1) كلمة : ( وإلى من قبلك ) ساقطة من ح .
(2) العوائد : جمع عائدة ، وهي المعروف ، والصلة ، والفضل .
(3) الأسباب : جمع سبب ، وهو كل ما يتوصل به إلى غيره ، وفي الأصل : ( الأرباب ) ولا وجه له ، وهذه الجملة ساقطة من ح .
(4) ح : ( بعد فترة من الرسل الماضية ) .
(5) الكلام بعد هذه الكلمة إلى : ( الطاغية ) ليس في ح .
(6) منتجب ، بالجيم : مختار ، وانظر ما سبق في ص 10 ، ح .
واقعة صفين _ 32 _
: ( من رسول ومبتعث ومنتخب ) ، ألا وإن العرب لا تحتمل السيف (1) ، وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس ، وقد بايعت العامة (2) عليا ، ولو ملكنا الله أمورنا (3) لم نختر لها غيره ، ومن خالف هذا استعتب (4) ، فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس ، فإن قلت : استعملني عثمان ثم لم يعزلني ، فإن هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين ، وكان لكل امرئ ما في يديه ، ولكن الله لم يجعل للآخر من الولاة حق الأول ، وجعل تلك أمورا موطأة ، وحقوقا ينسخ بعضها بعضا ، ( ثم قعد ) ، فقال معاوية : انظر وننظر ، واستطلع رأي أهل الشام ، فلما فرغ جرير من خطبته أمر معاوية (5) مناديا فنادى : الصلاة جامعة ، فلما اجتمع الناس صعد المنبر ثم قال : الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركانا ، والشرائع للإيمان برهانا ، يتوقد قبسه (6) في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده ، فأحلها أهل الشام (7) ، ورضيهم لها ورضيها لهم ، لما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم خلفاءه والقوام بأمره ، والذابين عن دينه وحرماته .
---------------------------
(1) ما بعد : ( الفتن ) إلى هنا ليس في ح .
(2) ح : ( الأمة ) .
(3) ح : ( ولو ملكنا الله الأمور ) .
(4) استعتب : استقال مما فرط منه .
(5) بدلها في ح : ( فمضت أيام وأمر معاوية ) .
(6) القبس : النار ، أو الشعلة منها ، وفي الأصل : ( قابسه ) صوابه من ح .
(7) أي أحل الأرض المقدسة أهل الشام ، وفي ح : ( فأحلهم أرض الشام ) ، وما في الأصل أولى وأقوى .
واقعة صفين _ 33 _
ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما ، وفي سبيل الخيرات أعلاما ، يردع الله بهم الناكثين ، ويجمع بهم ألفة المؤمنين ، والله نستعين على ما تشعب من أمر المسلمين بعد الالتئام ، وتباعد بعد القرب ، اللهم انصرنا على أقوام يوقظون نائمنا ، ويخيفون آمننا ، ويريدون هراقة دمائنا (1) ، وإخافة سبيلنا وقد يعلم الله أنا لم نرد بهم عقابا (2) ، ولا نهتك لهم حجابا ، ولا نوطئهم زلقا ، غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا ما جاوب الصدى ، وسقط الندى ، وعرف الهدى ، حملهم على خلافنا البغي والحسد ، فالله نستعين عليهم (3) ، أيها الناس ، قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وأني خليفة عثمان بن عفان عليكم (4) ، وأني لم أقم رجلا منكم على خزاية قط (5) ، وأني ولي عثمان وقد قتل مظلوما ، والله يقول : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ) ، وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان ) ، فقام أهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان (6) ، وبايعوه على ذلك ، وأوثقوا له على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره ، أو يفني الله أرواحهم (7) ، فلما أمسى معاوية وكان قد اغتم بما هو فيه ، قال نصر :
---------------------------
(1) الهراقة ، بكسر الهاء : الإراقة ، كما في نص القاموس ، وضبطت في اللسان ضبط قلم مرة بالكسر ومرة بالفتح ، والأخيرة ليست من الصواب .
(2) ح : ( لا نريد لهم عقابا ) .
(3) ح : ( حملهم على ذلك البغي والحسد فتستعين الله عليهم ) .
(4) ح : ( وأمير المؤمنين عثمان بن عفان عليكم ) .
(5) الخزاية ، بالفتح : الاستحياء ، أراد عمل ما يستحيا منه
(6) في الأصل : ( إلى دم عثمان ) وأنبت ما في ح .
(7) في الأصل : ( يغني ) ، بالغين المعجمة ، تحريف ، وفي ح : ( أو تلحق أرواحهم بالله ) .
واقعة صفين _ 34 _
فحدثني محمد بن عبيد الله عن الجرجاني قال : لما جن معاوية الليل واغتم وعنده أهل بيته ، قال :
تـطاول لـيلى واعترتني iiوساوسي لات أتـى بالترهات البسابس (1) أتـانا جـرير والـحوادث iiجـمة بتلك التي فيها اجتداع المعاطس (2) أكـابـده والـسيف بـيني iiوبـينه ولـست لأثـواب الدني بلابس (3) إن الـشام أعـطت طـاعة يـمنية تـواصفها أشـياخها فـي iiالمجالس فإن يجمعوا أصدم عليا بجبهة (4) ii تـفت عـليه كـل رطـب iiويابس وإنـي لأرجـو خـير ما نال iiنائل ومـا أنـا مـن ملك العراق iiبآيس وإلا يـكونوا عـند ظني iiبنصرهم وإن يـخلفوا ظني كف عابس (5) |
نصر ، قال : حدثني محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني قال : واستحثه جرير بالبيعة ، فقال : يا جرير ، إنها ليست بخلسة ، وإنه أمر له ما بعده ، فأبلعني ريقي حتى أنظر ، ودعا ثقاته فقال له عتبة بن أبي سفيان ـ وكان نظيره ـ : اجتمعن على هذا الأمر بعمرو بن العاص ، وأثمن له بدينه فإنه من قد عرفت ، وقد اعتزل أمر عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اعتزالا إن ير فرصة
(6) .
---------------------------
(1) الترهات البسابس : الباطل ، وربما قالوا ترهات البسابس ، بالإضافة .
(2) اجتداع المعاطس : أي قطع الأنوف ، وذاك علامة الإذلال .
(3) أكابده : من قولهم كابد الأمر مكابدة وكبادا : قاساه . ح : ( أكايده ) بالمثناة التحتية ، وفي اللسان : ( وكل شيء تعالجه فأنت تكيده ) .
(4) قال ابن أبي الحديد : ( الجبهة ههنا الخيل ) ، وقال ابن منظور : ( الجبهة الخيل لا يفرد لها واحد ) .
(5) كذا ورد البيت في الأصل ، وهو ساقط من ح .
(6) ح : ( أشد اعتزالا إلا أن يثمن له دينه ) .
واقعة صفين _ 35 _
مبتدأ حديث عمرو بن العاص
نصر ، عن عمر بن سعد ومحمد بن عبيد الله قالا : كتب معاوية إلى عمرو وهو بالبيع
(1) من فلسطين : ( أما بعد فإنه كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك ، وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة
(2) ، وقدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي ، وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني . أقبل أذاكرك أمرا
(3) ) ، قال : فلما قرئ الكتاب على عمرو استشار ابنيه عبد الله ومحمدا فقال : ابني ، ما تريان ؟ فقال عبد الله : أرى أن نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبض وهو عنك راض ، والخليفتان من بعده ، وقتل عثمان وأنت عنه غائب ، فقر في منزلك فلست مجعولا خليفة ، ولا تريد أن تكون
(4) حاشية لمعاوية على دنيا قليلة ، أوشك أن تهلك فتشقى فيها
(5) ، وقال محمد : أرى أنك شيخ قريش وصاحب أمرها ، وإن تصرم هذا الأمر وأنت فيه خامل
(6) تصاغر أمرك ، فالحق بجماعة أهل الشام فكن يدا من أياديها ، واطلب بدم عثمان ، فإنك قد استنمت فيه إلى بني أمية
(7) ، فقال عمرو : أما أنت يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في ديني .
---------------------------
(1) كذا في الأصل .
(2) ح ( 1 : 136 ) : ( في نفر من أهل البصرة ) .
(3) ح : ( أذا كرك أمورا لا تعدم صلاح مغبتها إن شاء الله ) .
(4) ح : ( ولا تزيد على أن تكون حاشية ) .
(5) ح : ( أوشكتما أن تهلكا فتساويا في عقابها ) .
(6) ح : ( غافل ) .
(7) استنام : سكن ، وفي الأصل : ( استلمت ) ، وفي ح : ( فإنه سيقوم بذلك بنو أمية ) .
واقعة صفين _ 36 _
وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي ، وأنا ناظر فيه ، فلما جنة الليل رفع صوته وأهله ينظرون
(1) إليه فقال :
تـطاول لـيلى لـلهموم iiالـطوارق وخول التي تجلو وجوه العواتق (2) وإن ابـن هـند سـائلي أن iiأزوره وتـلك التي فيها بنات البوائق (3) أتـاه جـرير مـن عـلى iiبـخطة مـرت عـليه الـعيش ذات مضائق فـإن نـال مـني مـا يـؤمل iiرده وإن لـم يـنله ذل ذل المطابق (4) فـوالله مـا أدري ومـا كنت iiهكذا أكون ، ومهما قادني فهو سابقي (5) أخــادعـه إن الـخـداع iiدنـيـة أم اعـطيه من نفسي نصيحة iiوامق أو اقـعد فـي بيتي وفي ذاك iiراحة لـشيخ يخاف الموت في كل iiشارق وقـد قـال عـبد الله قـولا iiتعلقت به النفس إن لم يعتلقني عوائقي (6) وخـالـفه فـيـه أخــوه iiمـحمد وإني لصلب العود عند الحقائق (7) |
فقال عبد الله : ترحل الشيخ
(8) .
---------------------------
(1) ح : ( وأهله يسمعون ) .
(2) خول : ترخيم خولة لغير نداء ، وهي من أعلامهن ، والعانق : الشابة أول ما تدرك .
(3) البوائق : الدواهي ، جمع بائقة . ح : ( سألني أن أزوره ) .
(4) المطابق من المطابقة ، وهي المشى في القيد .
(5) ح : ( فهو سابقي ) .
(6) ح : ( تقتطعني عوائقي ) .
(7) الحقيقة : ما يحق على المرء أن يحميه .
(8) ترحل : ارتحل ، أراد أنه استعد للرحيل إلي الدار الآخرة ، ح : ( رحل الشيخ ) .
واقعة صفين _ 37 _
قال : ودعا عمرو غلاما له يقال له وردان ، وكان داهيا ماردا ، فقال : ارحل يا وردان ، ثم قال : حط يا وردان ( ثم قال : ارحل يا وردان ، احطط يا وردان
(1) ، فقال له وردان : خلطت أبا عبد الله ، أما إنك إن شئت أنبأتك بما نفسك ، قال : هات ويحك ، قال : اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك ، فقلت : علي معه الآخرة في غير دنيا ، وفي الآخرة عوض الدنيا ، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة ، وليس في الدنيا عوض من الآخرة ، فأنت واقف بينهما ، قال : فإنك والله
(2) ما أخطأت ، فما ترى يا وردان ؟ قال : أرى أن تقيم في بيتك ، فإن ظهر أهل الدين عشت ( في ) عفو دينهم
(3) وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك ، قال : الآن لما شهدت العرب مسيري إلى معاوية
(4) ؟ فارتحل وهو يقول :
يــا قـاتـل الله وردانــا iiوقـدحته أبـدى لعمرك ما في النفس وردان (5) لـما تـعرضت الـدنيا عـرضت iiلها بـحرص نفسي وفي الأطباع إدهان (6) نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها ؟ (7) والـمرء يـأكل تـبنا وهـو iiغـرثان أمــا عـلـي فـدين لـيس iiيـشركه دنـيـا وذاك لــه دنـيـا وسـلطان فـاخترت مـن طـمعي دنيا على بصر ومــا مـعي بـالذي أخـتار iiبـرهان إنــي لأعـرف مـا فـيها iiوأبـصره وفــي أيـضـا لـما أهـواه iiألـوان لـكن نـفسي تـحب العيش في iiشرف ولـيس يـرضى بـذل الـعيش iiإنسان أمــر لـعـمر أبـيكم غـير iiمـشتبه والـمـرء يـعطس والـوسن iiوسـنان |
---------------------------
(1) التكملة من ح والإمامة والسياسة ( 1 : 83 ) .
(2) ح : ( قاتلك الله ) لق .
(3) العفو : الفضل ، وكلمة : ( في ) ليست في الأصل ، وهي ثابتة في ح .
(4) في الإمامة والسياسة : ( الآن حين شهرتني العرب بمسيري إلى معاوية ) .
(5) في الأصل : ( ومزحته ) ، صوابه من ح واللسان ( قدح ) ، والقدحة ، بالكسر ، من قولهم اقتدح الأمر : دبره ونظر فيه .
(6) الإدهان : المصانعة والغش واللين .
(7) في الأصل : ( يقلبها ) ، والصواب من ح .
واقعة صفين _ 38 _
فسار حتى قدم إلى معاوية وعرف حاجة معاوية إليه ، فباعده ( من نفسه ) وكايد كل واحد منهما صاحبه ، فلما دخل عليه قال : يا أبا عبد الله ، طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة أخبار ليس منها ورد ولا صدر ، قال : وما ذاك ؟ قال : ذاك أن محمد بن أبي حذيفة قد كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه ، وهو من آفات هذا الدين ، ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم إلى ليتغلب على الشام ، ومنها أن عليا نزل الكوفة متهيئا للمسير إلينا ، قال : ليس كل ما ذكرت عظيما ، أما ابن أبي حذيفة فما يتعاظمك من رجل خرج في أشباهه أن تبعث إليه خيلا تقتله أو تأتيك به ، وإن فاتك لا يضرك ، وأما قيصر فأهد له من وصفاء الروم ووصائفها ، وآنية الذهب والفضة ، وسله الموادعة ، فإنه إليها سريع ، وأما على فلا والله يا معاوية ما تسوي (1) العرب بينك وبينه في شيء من الأشياء ، وإن له في الحرب لحظا (2) ما هو لأحد من قريش ، وإنه لصاحب ما هو فيه إلا أن تظلمه ، نصر : عمر بن سعد بإسناده قال : قال معاوية لعمرو : يا أبا عبد الله ، إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى ربه وقتل الخليفة (3) ، وأظهر الفتنة ، وفرق الجماعة ، وقطع الرحم ، قال عمرو : إلى من ؟ قال : إلى جهاد علي ، قال : فقال عمرو : والله يا معاوية ما أنت وعلي بعكمي بعير (4) ، مالك هجرته ولا سابقته ، ولا صحبته ولا جهاده ، ولا فقهه وعلمه . .
---------------------------
(1) في الأصل : ( تستوي ) والوجه ما أثبت .
(2) وقد تقرأ : ( لحظا ) باللام الداخلة على : ( حظا ) ، وانظر ما سيأتي في كلام عمرو لمعاوية ص 38 س 2 .
(3) يعني عثمان بن عفان .
(4) يقال : هما كعكمي البعير ، للرجلين يتساويان في الشرف ، والعكمان : عدلان يشدان على جانبي الهودج بثوب ، وفي اللسان ( 15 : 309 ) وأمثال الميداني ( 2 : 289 ) والحيوان ( 3 : 10 ) : ( كعكمي بعير ) .
واقعة صفين _ 39 _
والله إن له مع ذلك حدا وجدا (1) ، وحظا وحظوة ، وبلاء من الله حسنا ، فما تجعل لي إن شايعنك على حربه ، وأنت تعلم ما فيه من الغرر والخطر ؟ قال : حكمك ، قال : مصر طعمة ، قال : فتلكأ عليه معاوية .
قال نصر : وفي حديث غير عمر قال : قال له معاوية : يا أبا عبد الله ، إني أكره أن يتحدث العرب عنك أنك إنما دخلت في هذا الأمر لغرض الدنيا ، قال : دعني عنك ، قال معاوية : إني لو شئت أن أمنيك وأخدعك لفعلت ، قال عمرو : لالعمر الله ، ما مثلي يخدع ، لأنا أكيس من ذلك ، قال له معاوية : ادن مني برأسك أسارك ، قال : فدنا منه عمرو يساره ، فعض معاوية أذنه وقال : هذه خدعة ، هل ترى في بيتك أحدا غيري وغيرك ؟ (2) ثم رجع إلى حديث عمر (3) ، قال : فأنشأ عمرو يقول (4) :
---------------------------
(1) الحد : الحدة والنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها ، والجد ، بفتح الجيم : الحظ ، وبالكسر : الاجتهاد ، وفي الأصل : ( وحدودا ) ولا وجه له ، وفي ح : ( ووالله إن له مع ذلك لحظا في الحرب ليس لأحد من غيره ، ولكني قد تعودت من الله تعالى إحسانا وبلاء جميلا ) .
(2) قال ابن أبي الحديد بعد هذا : ( قلت : قال شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى : قول عمرو له : دعنا عنك ، كناية عن الإلحاد بل تصريح به ، أي دع هذا الكلام الذي لا أصل له فإن اعتقاد الآخرة وأنها لا تباع بعرض الدنيا من الخرافات ، قال رحمه الله : وما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط في الإلحاد والزندقة ، وكان معاوية مثله ، ويكفي من تلاعبهما بالإسلام حديث السرار المروي ، وأن معاوية عض أذن عمرو ، أين هذا من أخلاق علي ( عليه السلام ) وشدته في ذات الله ، وهما مع ذلك يعيبانه بالدعابة ) .
(3) يعني عمر بن سعد الراوي .
(4) في الأصل : ( فأنشأ وهو يقول ) ، صوابه في ح .