ثمَ (43) حقّ مَنْ هو أكبر منك ، ثمَ (44) حقّ مَنْ هو أصغر منك ، ثمَ (45) حقّ سائلك ، ثمَ (47) حقّ مَنْ سألتَهُ ، ثمَ (47) حقّ مَنْ جرى لك على يَدَيْه مساءة بقولٍ أو فعل ، عن تعمّدٍ منه أو غير تعمّد ثمَ (48) حقّ من جرى على يديه مسرّة من قول أو فعل (36) ثمَ (49) حقّ أهل ملّتك عامّة ، ثمَ (50) حقّ أهل ذمّتك ، ثم (1) الحقوق الجارية بقَدَر عِلَل الأحْوال وتصرف الأسْباب .
  فطوبى لِمَنْ أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ، ووفّقهُ لذلك وسدّده (2) .
(1) ـ (أ) ـ حقّ الله (3) فأمّا حقّ الله الأكبر عليك ـ فأنْ تعبدَهُ لا تُشرِكَ به شيئاً ، فإذا فعلتَ ذلك بإخْلاصٍ جَعَل لك على نفسه أنْ يكفيَكَ أمرَ الدنيا والاَخرة ( ويحفظَ لك ما تحب منها ) .
(ب) ـ حقوق الأعضاء (4) وأمّا حقّ نفسك (5) عليك : أنْ تستعملَها (6) في طاعة الله : ( فتؤدّي إلى لِسانك حقّه ، وإلى سمعك حقّه ، وإلى بصرك حقّه ، وإلى يدك حقّها ، وإلى رجلك حقّها ، وإلى بطنك حقّه ، وإلى فرجك حقّه ، وتستعينَ بالله على ذلك ) .

---------------------------
(1) هذا الحقّ مذكور في المتن في النصّين ، لكنه لم يذكر هنا في مقدمة الصدوق في الخصال .
(2) كذا جائت كلمة ( ثمّ) هنا في الروايات والنسخ كلّها وأظنها مصحفة عن ( هي ) إشارة إلى جميع الحقوق المذكورة في (ز) ويؤيد هذا ، أن الرسالة ـ في كل نسخها ـ تنتهي عند ذكر ( حقّ أهل الذمة ) ولم يذكر فيها عن حقوق اُخرى أيّ شيء ، فليلاحظ .
(3) هذه المقدمة لم يوردها الصدوق في الفقيه ولا الامالي ، وإنّما اوردها في الخصال كما في التحف .
(4) أضفنا ما بين المعقوفين لتوحيد النسق مع العناوين التالية المثبتة في أصل التحف .
(5) إعتبر كثير من الذين طبعوا رسالة الحقوق في عصرنا ( حقّ النفس ) حقّاً منفصلاً وأعطوه رقماً مستقّلاً ، فأدّى بهم ذلك إلى زيادة عدد الحقوق إلى (51) بينما هي ( خمسون ) قطعاً كما عرفت في المقدّمة ، مع أنّ هذا هو عنوان جامع لما تحته من ( حقوق الأعضاء ) كما سجّلنا فلاحظ ، وهي معدودة في تحف العقول المطبوع مستقلاً بينما لم يورد ( حقّ الحجّ ) الاَتي برقم (11) وسيأتي أنّ من الضروري إيراده .
(6) في نسخة : تستوفيها .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 187 _

(2) وأمّا حقّ اللسان :
  فإكرامه عن الخَنى .
  وتعويده على الخير والبرّ بالناس ، وحسن القول فيهم .
  وحمله على الأدَب.
  وإجمامُه إلاّ لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا .
  وإعفاؤهُ عن الفضول الشنيعة ، القليلة الفائدة التي لايؤمَنُ ضررُها مع قِلّة فائدتها (1) .
  ويُعَدّ شاهدَ العقل ، والدليل عليه ، وتزين العاقل بعقله حسنُ سيرته في لسانه ، ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ) (2) .
(3) وأمّا حقّ السمع :   فتنزيهُهُ عن أنْ تجعلَه طريقاً إلى قلبك إلاّ لفوهةٍ كريمة تُحدِث في قلبك خيراً ، أو تكسب خلقاً كريماً ، فإنّه باب الكلام إلى القلب ، يؤدّي إليه ضروبَ المعاني على ما فيها من خيرٍ أو شرٍ ، ولا قوة إلاّ بالله (3) .

---------------------------
(1) في روايات الصدوق : وترك الفضول التي لا فائدة فيها .
(2) روى الكليني بسنده عن إبراهيم بن مهزم الأسدي عن أبي حمزة ( الثمالي ) عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : إنّ لسان بني آدم يُشْرف على جميع جوارحه ، فيقول : كيف أصبحتم ? فيقولون : بخيرٍ ، إنْ تركتَنا ، ويقولون : اللهَ ، اللهَ فينا ، ويُناشدونه ويقولون : إنّما نثاب ( بك ) ونعاقب بك ، الكافي ( 2 : 115 )كتاب الإيمان والكفر ، باب الصمت وحفظ اللسان ، ورواه في الاختصاص المنسوب إلى المفيد ( ص 230 ) وما بين المعقوفات منه .
(3) في الصدوق : فتنزيهه عن سماع الغِيْبَة ، وسماع مالا يحلّ سماعه .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 188 _

(4) وأمّا حقّ بصرك :
  فغضّهُ عمّا لايحلّ لك .
  وترك إبتذاله إلاّ لموضع عِبْرةٍ تستقبلُ بها بَصَراً ، أو تستفيد بها عِلماً ، فإنّ البَصَر بابُ الإعتبار )(1) .
(5) وأمّا حقّ يدك :
  فأنْ لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك ( فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الاَجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل ) .
  ولا تقبضها عمّا إفترضَ اللهُ عليها ، ولكن توقّرها : بقَبْضها عن كثير ممّا يحلّ لها ، وبسطها إلى كثيرٍ ممّا ليس عليها ، فإذا هيَ قد عُقِلَتْ وشُرفَتْ في العاجل وَجَبَ لها حُسْنُ الثواب من الله في الاَجل ) (2) .
(6) وأمّا حقّ رِجْلِك (3) :
  أنْ لاتمشيَ بها إلى ما لايحلّ لك ، ( فبها تقف على الصراط ، فانظر أن لاتَزِلّ بك فتردى في النار ) ولاتجعلَها مطيّتَك في الطريق المستخفّة بأهلها فيها ، فإنّها حاملتُك وسالكة بك مسلك الدين ، والسبق لك ، ولاقوّة إلاّ بالله .
(7) وأمّا حقّ بطنك :
  فأنْ لاتجعلَه وعاءً ( لقليل من ) الحرام( ولا لكثير ) .
  وأنْ تقتصِدَ له في الحلال ، ولا تُخرجه من حدّ التقوية إلى حدّ التهوين ، وذهاب المروة .
  وضبطه إذا هَمَ ، بالجوع والعطش (4) .
  ( ولاتزيد على الشَبَع ) فإنّ الشَبَع المنتهي بصاحبه إلى التخم مَكْسَلة ومَثبَطة ومَقْطَعة عن كلّ برّ وكرم ، وإنّ الريّ المنتهي بصاحبه إلى السُكر مَسْخَفة ومَجْهَلة ومَذْهَبة للمروءة ) .

---------------------------
(1) في الصدوق ـ بدل ما بين القوسين ـ : وتعتبر بالنظر به .
(2) مابين القوسين ليس في روايات الصدوق .
(3) في أكثر النسخ ( رجليك ) مع تثنية الضمائر العائدة إليها في الفقرة الاُولى ، وقد أفردنا الجميع لوروده في نسخ أخرى ، كما أنّه الأنسب بسائر الفِقَر .
(4) في نسخة التحف : والظمأ .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 189 _

(8) وأما حقّ فرجك :
  ( فحفظه ممّا لايحلّ لك ( أنْ تُحْصِنَه عن الزنا ، وتحفظه من أنْ يُنْظَر إليه ) .
  والاستعانة عليه بغضّ البَصَر ، فإنّه من أعون الأعوان ، وكثرة ذكر الموت ، والتهدّد لنفسك بالله والتخويف لها به ، وبالله العصمة والتأييد ، ولاحول ولاقوّة إلاّ به ) .
(ج) ـ ثمَ حقوق الأفعال (1):
(9) فأمّا حقّ الصلاة :
  فأن تعلم أنّها وفادة إلى الله ، وأنّك قائم بها بَيْنَ يدي الله ، فإذا علمتَ ذلك كنتَ خليقاً أنْ تقومَ فيها مقامَ العبد ، الذليل ( الحقير ) ، الراغب ، الراهب ، الخائف ، الراجي، المسكين ، المتضرّع ، المُعَظم مَنْ قامَ بَيْنَ يديه بالسُكونِ والإطْراق (2) ( وخشوع الأطراف ، ولين الجناح ، وحسن المناجاة له في نفسه ، والطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك ، وإستهلكتها ذنوبك ) .
  وتُقْبل عليها بقلبك ، وتقيمها بحدودها وحقوقها ) ولا قوّة إلاّ بالله .
(10) وحقّ الحجّ :
  أنْ تعلم أنَه وفادة إلى ربّك ، وفِرار إليه من ذنوبك ، وفيه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك (3) .
(11) وأمّا حقّ الصوم :
  فأنْ تعلم أنّه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ، ليسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقتَ سِتْرَ الله عليك ، وهكذا جاء في الحديث : ( الصوم جُنَة من النار ) فإنْ سكنتْ أطرافك في حجبتها رجوتَ أن تكون محجوباً ، وإن أنتَ تركتها تضطرب في حجابها ، وترفع جنبات الحجاب فتطّلعَ إلى ما ليس لها ، بالنظرة الداعية للشهوة ، والقوّة الخارجة عن حدّ التُقْية لله ، لم تأمن أنْ تخرق الحجابَ وتخرجَ منه ، ولاقوة إلاّ بالله ) .

---------------------------
(1) هذا العنوان لم يرد في الصدوق .
(2) في الصدوق : والوقار ، بدل ( والإطراق ) .
(3) حقّ الحجّ هذا لم يرد في تحف العقول ، ووجوده ضروري ، كما شرحنا في المقدمة .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 190 _

(12) وأمّا حقّ الصدقة :
  فأنْ تعلم أنّها ذخرك عند ربك ، ووديعتك التي لاتحتاج إلى الإشهاد ( عليها ) ( فإذا علمتَ ذلك ) كنتَ بما إستودعتَه سِرّاً أوثق ( منك ) بما إستودعته علانيةً ( وكنتَ جديراً أنْ تكون أسررت إليه أمراً أعلنته ، وكانَ الأمر بينك وبينه فيها سراً على كلّ حال ، ولم تستظهر عليه في ما إستودعته منها بإشهاد الأسماع والأبصار عليه بها كأنّك أوثق في نفسك لا كأنّك لا تثقّ به في تأدية وديعتك إليك .
  ( وتعلم أنّها تدفع البلايا والأسقام عنك في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الاَخرة ) ، ثمّ لم تمتَنَ بها على أحدٍ ، لأنّها لك ، فإذا امتننتَ بها لم تأمن أنْ تكون بها مثل تهجين حالك منها إلى مَنْ مننت بها عليه ، لأنّ في ذلك دليلاً على أنك لم تُرِد نفسك بها ، ولو أردتَ نفسك بها لم تمتَنَ بها على أحدٍ ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .
13 ـ وأمّا حقّ الهَدْي :
  فان تُخلِصَ بها الإرادة إلى ربّك ، والتعرض لرحمته وقبوله ، ولا تريد عيون الناظرين دونه ، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلّفاً ولا متصَنّعاً ، وكنت إنّما تقصد ألى الله (1) .
(14)أما حقّ عامّة الأفعَال : (2)
  واعلم أنَ الله يُراد باليسير ، ولا يُراد بالعسير ، كما أراد بخلقه التَيْسير ولم يُرد بهم التَعْسير ، وكذلك التذلّل أولى بك من التَدَهْقُن ، لأَنّ الكُلفة والمؤونة في المتدهْقِنين ، فأمّا التذلل والتمسْكن فلا كُلْفة فيهما ، ولا مؤونة عليهما ، لأنّهما الخِلقة ، وهما موجودان في الطبيعة ، ولا قوّة إلاّ بالله .

---------------------------
(1) في الصدوق : وحق الهدي : أنْ تُريد به الله( عزّ وجلّ ) ، ولا تُريد خلقه ، ولا تُريد به إلاّ التعرّض لرحمة الله ( عزّ وجلّ ) ونجاة روحك يومَ تلقاهُ .
(2) هذا العنوان من وضعنا ، وقد أوضحنا أنّ عدّ هذا الحقّ ضروريّ ، لقوله في مقدّمة الرسالة بعد حق الهدي : ( ولأفعالك عليك حقّاً ) وقد شرحنا ذلك في المقدّمة ، وذكرنا أنّ المؤلّفين لم يرقّموا هذا الحقّ ، وهو ساقط من روايات الصدوق بالكليّة .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 191 _

(د) ـ ( ثمّ حقوق الأئمّة ) (1) :
(15) فأمّا حقّ سائسك بالسُلطان :
  فأنْ تعلم أنّك جُعِلتَ له فِتنةً ، وأنّه مُبتلىً فيك بما جعله الله له عليك من السُلطان ، وأنْ تُخلص له في النصيحة ، وأنْ لا تماحكه ، وقد بُسِطَتْ يدُه عليك ، فتكونَ سبب هلاك نفسك وهلاكه .
  وتذلَل وتلطّف لإعطائه من الرضا ما يكفّه عنك ولايضرّ بدينك ، وتستعين عليه في ذلك بالله ، ولاتعازّه ، ولاتعانده ، فإنّك إنْ فعلتَ ذلك عقَقْتَه ، وعقَقْتَ نفسك ، فعرّضْتها لمكروهه ، وعرّضْتَهُ للهلكة فيك ، وكنت خليقاً أن تكون مُعينا له عليه نفسك (2) وشريكاً له في ما أتى إليك ( من سوءٍ ) ، ولاقوّة إلاّ بالله .
(16) وأمّا حقّ سائسك بالعلم :
  فالتعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الإستماع إليه ، والإقبال عليه .
  والمعونة له على نفسك في ما لا غنى بك عنه من العلم ، بأنْ تفرّغ له عقلك ، وتحضره فهمك ، وتزكي له قلبك ، وتجلي له بصرك : بترك اللّذات ، ونقص الشهوات ، ( وأنْ تعلم أنّك ـ في ما ألقى إليك ـ رسولُه إلى من لَقِيَك من أهل الجهل ، فلزِمَك حسنُ التأدية عنه إليهم ، ولا تخُنْهُ في تأدية رسالته ، والقيام بها عنه إذا تقلّدتها ) وأن لا ترفع عليه صوتك .
  وأن لاتجيبَ أحداً يسأله عن شي حتّى يكونَ هو الذي يُجيب ، ولاتحدّثَ في مجلسه أحداً .
  ولا تغتابَ عنده أحداً ، وأن تدفعَ عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأنْ تستر عيوبه ، وتُظهر مناقبه ، ولا تُجالس له عدوّاً ، ولا تُعادي له وليّاً .
  فإذا فعلتَ ذلك شهدتْ ملائكةُ الله ( عزّ وجلّ ) بأنّك قصدتَهُ وتعلّمتَ علمه لله ( عزّ وجلّ ) اسمه ، لا للناس (3) ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله .

---------------------------
(1) العنوان الأصلي لم يرد في الصدوق ، وكذا جميع العناوين الأصلية التالية .
(2) في الصدوق بدل ما بين القوسين قوله : وأنّ عليك أنْ لاتتعرّض لسخطه ، فتُلقي بيدك إلى التهلكة ، وتكون شريكاً له في ما يأتي إليك من سوءٍ .
(3) ما بين المعقوفين ورد في الصدوق ، واكثر المذكورات من حقوق المعلّم مذكور في حديث مسند إلى أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، لاحظ آداب المتعلمين( ص 74 ـ 77 ) الفقرة، (21) .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 192 _

(17) وأمّا حقّ سائسك بالمِلْك :
  فنحو من سائسك بالسلطان ، إلاّ أنّ هذا يملك مالا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته في ما دَقَ وجلّ منك إلاّ أنْ تخرجَك من وجوب حقّ الله ، فإنْ حقّ الله يحول بينك وبين حقّه وحقوق الخلق ، فإذا قضيته رجعتَ إلى حقّه فتشاغلت به ، ولا قوّة إلاّ بالله (1) (هـ) ـ ثم حقوق الرعيّة :
(18) فأمّا حقّ رعيّتك بالسُلطان :
  ( فأنْ تعلمَ أنّك إنّما اسْترعيتَهم بفضل قوّتك عليهم ، فإنّه إنّما أحلّهم محلّ الرعيّة لك ضعفهم ، وذلّهم ، فما أولى مَنْ كفاكَهُ ضعفُهُ وذلّه ـ حتّى صيّره لك رعيّةً ، وصيّر حكمك عليه نافذاً ، لا يمتنع عنك بعزّةٍ ولا قوّةٍ ، ولا يستنصر في ما تعاظمه منك إلاّ بالله ـ بالرحمة و الحياطة والأناة )(2) ، ( فيجب أنْ تعدِلَ فيهم ، وتكونَ لهم كالوالد الرحيم ) ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ) ( وما أولاك ، إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزّة والقوّة التي قهرت بها ـ أنْ تكون لله شاكراً ( وتشكر الله عزّوجل على ما آتاك من القوّة عليهم ) ومَنْ شكر الله أعطاه في ما أنعم عليه ، ولاقوّة إلاّ بالله ) .
(19) وأمّا حقّ رعيّتك بالعلم :
  فأن تعلم أنّ الله قد جعلك قيّماً لهم في ما آتاك من العلم، وولاّك (3) من خزانة الحكمة .
  فإنْ أحسنْت في ( تعليم الناس ) ( ما ولاّك الله من ذلك ، ( ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم] وقمتَ لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده ، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجةٍ أخرج له من الأموال التي في يديه ( زادك الله من فضله ) كنت راشداً ، وكنتَ لذلك آملاً معتقداً ، وإلاّ (4) كنتَ له خائناً ، ولخلقه ظالماً ، ولسلبه وغِره متعرّضاً ) .
  كان حقّاً على الله ( عزّ وجلّ ) أنْ يسلبَك العلم ، وبهاءهُ ، ويُسقطَ من القلوب محلّك ) .

---------------------------
(1) في الصدوق بدل هذا الحقّ : فأن تطيعه ، ولاتعصيه ، إلاّ في ما يسخط الله ( عزّ وجلّ ) ، فإنّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق .
(2) في الصدوق : فأن تعلم أنّهم صاروا رعيتّك لضعفهم وقوّتك .
(3) في الصدوق : وفتح لك ، بدلّ ( وولاك) .
(4) في الصدوق : وإن أنت منعت الناس علمك ، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 193 _

(20) وأمّا حقّ رعيّتك بالملك : (1)
  وأمّا حقّ رعيتك بملك النكاح (2).
  فأنْ تعلم أنّ الله جعلها لك سَكَناً ( ومستراحاً ) واُنْسَاً ( وواقيةً ) .
  وكذلك كلّ واحد منكما يجب أنْ يحمد الله على صاحبه ) ويعلم أنّ ذلك نعمة منه عليه ( ووجب أنْ يُحسن صحبة نعمة الله) .
  فتكرمها وترفق بها .   وإن كان حقّك عليها أوجب(3)( وطاعتك لها ألزم في ما أحببتَ وكرهتَ ، مالم تكن معصيةً ) فإنّ لها ( عليك ) حقّ الرحمة والمؤانسة ) أنْ ترحمها ، لأنّها أسيرك ) .
  وتطعمها ، وتسقيها ، وتكسوها .   فإذا جهلتْ عفوت عنها وموضع السكون إليها قضاءُ اللذة التي لابدّ من قضائها ، وذلك عظيم ، ولاقوّة إلاّ بالله ) .
  وأما حقّ رعيّتك بِمْلك اليمين(4) :
   ـ فأن تعلم أنّه ـ خلقُ ربّك ( وإبن أبيك واُمّك ) ولحمك ودمك ، وأنك تملِكُهُ ، لا أنْتَ صنعتَه دونَ الله ، ولا خلقتَ له سمعاً ولا بصراً ، ولا أجريتَ له رزقاً (5) ، ولكنّ الله كفاك ذلك ، ثمّ سخّره لك ، وائتمَنَك عليه ، وإستودَعَك إيّاه ( لتحفظه فيه ، وتسير فيه بسيرته ، فتطعمه ممّا تأكل ، وتلبسه ممّا تلبس ، ولا تكلّفه ما لا يُطيق ) (6) .

---------------------------
(1) هذا العنوان منّا لتوحيد النسق ، ولكنّ المؤلّفين جعلوا ما تحته حقّين : حق الزوجة ، وحقّ ملك اليمين ، وهو سهو كما شرحنا في المقدّمة .
(2) في الصدوق : وأما حقّ الزوجة.
(3) في تحف العقول : أغلظ ، بدل : أوجب .
(4) في الصدوق : وأما حق مملوكك .
(5) في بعض نسخ الصدوق : لم تملكه لأنك صنعته دون الله ! ولاخلقت شيئاً من جوارحه ، ولاأخرجت له رزقاً .
(6) بدل ما بين القوسين في الصدوق : ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن إليك .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 194 _

  فإنّ كرهته ( خرجت إلى الله منه و ) إستبدلت به ، ولم تعذّب خلق الله ( عزّ وجلّ ) ، ولاقوّة إلاّ بالله .
(و) ـ وأمّا حقّ الرحم :
(21) فحقّ اُمّك :
  أنْ تعلم أنّها حملتْك حيث لا يحمل أحد أحداً ، وأطعمتْك من ثمرة قلبها ما لا يُطعم أحد أحداً ، وأنّها وَقَتْك ( بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها ) ( وجميع جوارحها ( مُستَبْشِرةً بذلك فَرِحةً ، موابلةً محتَملةً لما فيه مكروهها وألَمِها وثقلها وغَمّها ، حَتّى دفعتها عنك يدُ القدرة ، وأخرجتك إلى الأرض .
  فرضيت أن تشبعَ ، وتجوع هي (1) ، وتكسوك وتعرى ، وتَرويك وتظمأ ، وتُظِلّك وتضحى ، وتُنْعِمك ببؤسها ، وتلذّذك بالنوم بأرَقها ، ( وكأنَ بطنُها لك وعاءً ، وحِجْرها لك حواءً ، وثديُها لك سقاءً ، ونفسُها لك وقاءً ) تباشِر حَرّ الدنيا وبردها لك ودونك .
  ( فتشكرها على قدر ذلك ) : ( فإنّك لاتطيق شكرها ) ( ولاتقدر عليه ) إلاّ بعون الله وتوفيقه .
(22) وأمّا حقّ أبيك :
  فتعلم أنّه أصْلُك ، ( وأنّك فرعُه ) وأنّك لولاه لم تكن ، فمهما رايتَ في نفسك مما يُعْجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه .
  فأحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوّة إلاّ بالله .
(23) وأمّا حقّ ولدك :
  فتعلم أنّه منك ، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه .
  وأنّك مسؤول عمّا ولّيتَهُ من حُسْن الأدب ، والدلالة على ربّه ، والمعونة له على طاعته ( فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب ) .
  فاعمل في أمره عمل ( مَنْ يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإسائة إليه ) ( المتزيّن بِحُسْن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذِر إلى ربّه في ما بينك وبينه بحسن القيام عليه ، والأخذ له منه ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .

---------------------------
(1) في الصدوق : ولم تبال ظأن تجوع وتطعمك ـ وهكذا إلى آخر الفقرة ، بإختلاف يسير .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 195 _

(24) وأما حقّ أخيك :
  فأنْ تعلم أنّه يدك التي تبسطها ، وظهرك الذي تلتجىء إليه ، وعزّك الذي تعتمد عليه ، وقوّتك التي تصول بها(1) .
  فلا تتّخذه سلاحاً على معصية الله .
  ولا عُدَة للظلم لخلق الله (2).
  ولا تدع نصرته على ( نفسه ، ومعونته على) عدوّه ( والحؤول بينَهُ وبين شياطينه ) و ( تأدية ) النصيحة إليه ، ( والإقبال عليه في الله ) .
  فإن إنقاد لربّه وأحسن الإجابة له ،(3) وإلاّ فليكن الله ُ آثر عندك وأكرم عليك منه ) ، ولا قوّة إلاّ بالله .
(ز) ـ حقوق الاَخرين :
(25) وأمّا حقّ المنْعِم عليك بالولاء :
  فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذُلّ الرِقّ ووحشته إلى عزّ الحرّيّة واُنسها ، وأطلقك من أسْر الملكة ، وفكّ عنك قيد (4) العبوديّة ( وأوجدك رائحة العزّ ) وأخرجك من سجن القَهْر(5)( ودفع عنك العُسر ، وبسط لك لسانَ الإنصاف ، وأباحك الدنيا كلّها ) فملّكَكَ نفسَك ، ( وحلّ أسْركَ ) وفرّغَكَ لعبادة ربّك ( واحتملَ بذلك التقصير في ماله ) .
  فتعلم أنّه أوْلى الخلق بك ( بعد اُولي رحمك ) في حياتك وموتك ، وأحقّ الخلق بنصرك (6) ( ومعونتك ، ومكانفتك في ذات الله ، فلا تُؤْثِر عليه نفسك ) ما إحتاج إليك .

---------------------------
(1) في الصدوق : فأنْ تعلم أنّه يدك وعزّك وقوّتك .
(2) في تحف العقول : بحقّ الله .
(3) في الصدوق : فإنْ أطاع الله تعالى .
(4) في التحف : حلق ، بدل قيد .
(5) في الصدوق : من السجن .
(6) في الصدوق : وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ما إحتاج إليه منك .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 196 _

(26) وأما حقّ مولاك الجارية عليه نعمتُك :
  فأنْ تعلم أنّ الله جعلك حاميةً عليه ، وواقيةً ، وناصراً ، ومعقلاً ، وجعله لك وسيلة وسبباً بينك وبينه ، فبالحريّ أنْ يحجبك عن النار ، فيكون ذلك ثوابك منه في الاَجل .
  ويحكم لك بِميراثه في العاجل ـ إذا لم يكن له رَحِم ـ مكافأةً لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقّه بعد إنْفاق مالك ، فإن لم تقم بحقّه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ، ولا قوّة إلاّ بالله (1) .
(27) وأما حقّ ذي المعروف عليك :
  فأنْ تشكره .
  وتذكر معروفه .
  وتنشر له(2) المقالة الحسنة .   وتُخلص له الدعاء في ما بينك وبين الله سبحانه ، فإنك إذا فعلتَ ذلك كنتَ قد شكرتَه سرّاً وعلانيةً .
  ثمّ إن أمكنك مكافأته بالفعل (3) كافأته ( وإلاّ كنتَ مُرْصِداً له موطناً نفسك عليها ) .
(28) وأمّا حقّ المؤذّن :
  فأنْ تعلم أنّه مذكّرك بربّك ، وداعيك إلى حظّك ، وأفضل أعوانك على قضاءالفريضة التي إفترضها الله عليك .
  فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك .
  ( وانْ كنتَ في بيتك مهتّماً لذلك ، لم تكن لله في أمره متّهِماً ، وعلمت أنّه نعمة من الله عليك ، لاشكَ فيها ، فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .

---------------------------
(1) في الصدوق : فأن تعلم أنّ الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجاباً لك من النار ، وأنّ ثوابك في العاجل ميراثه ، إذا لم يكن له رحم ، مكافأة بما أنفقت من مالك وفي الاَجل الجنة .
(2) في الصدوق : وتكسبه ، بدل وتنشر له .
(3) في الصدوق : يوماً ، بدل ( بالفعل ) .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 197 _

(29) وأمّا حقّ إمامك في صلاتك :
  فأن تعلم أنّه قد تقلّد السفارة في ما بينك وبين الله، والوفادة إلى ربك .
  وتكلّمَ عنك ولم تتكلّمْ عنه .
  ودعا لك ولم تدعُ له .
  ( وطُلِبَ فيك ولم تُطْلَب فيه ) .
  وكفاك همّ(1) المقام بين يدي الله ( والمسألة له فيك ، ولم تكفه ذلك ) فإن كان في ( وإن كان آثماً لم ( وإنْ كان تماماً كنت شركه ) شيءٍ من ذلك تقصير(2) كان به دونك تكن شريكه فيه ) .
  ولم يكن له عليك فضل ، فوقى نفسَك بنفسه ، و ( وقى ) صلاتك بصلاته ، ذلك ،( قدر ) ـ فتشكر له على ، ( ولا حول ولاقوّة إلاّ بالله ) .
(30) وأمّا حقّ الجليس :
  فأن تُلين له ( كنفك ، وتطيّب له ) جانبك ـ وتنصفه في مجاراة اللفظ .
  ولا تُغرق في نزع اللحظ إذا لحظت .
  وتقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت ) .
  وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار ، وإن كان الجالس إليك كان بالخيار ، ولا تقوم إلاّ بإذنه(3) وتنسى زلاّضته وتحفظ خيراته ولاتُسْمعه إلاّ خيراً ، ( ولاقوّة إلاّ بالله ).

---------------------------
(1) في الصدوق : هول .
(2) في الصدوق : نقص .
(3) في الصدوق ، إختلاف في ألفاظ هذه الفقرة ، والمعنى واحد .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 198 _

(31) وأمّا حقّ الجار :
  فحفظه غائباً ، وإكرامه شاهداً .
  ونصرته ( ومعونته في الحالين جميعاً )، ( إذا كان مظلوماً ).
  ولا تتّبع له عورةً ( ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها ، فإن عرفتها منه ـ من غير إرادةٍ منك ولا تكلفٍ ـ كنت لما علمتَ حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لو بحثت الأسنّة عنه ضميراً لم تتّصل إليه لانطوائه عليه )(1) ، ( وإن علمت انه يقبل نصيحتك نصحتَه في ما بينك وبينه ) .
  لا تستمع عليه من حيث لا يعلم .
  ولا تسلّمه عند شديدة .
  ولا تحسده عند نعمة ) .
  وتُقيل عثرته ، وتغفر زلّته (2)( ولا تدّخر حلمك عنه ) إذا جهل عليك .
  ولا تخرج أن تكون سلماً له ، تردّ عنه لسان الشتيمة ، وتُبطل فيه كَيْد حامل النصيحة ) (3) .
   وتعاشره معاشرةً كريمة .
  ( ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(32) وأمّا حقّ الصاحب :
  فأن تصحبه بالفضل ( ما وجدت إليه سبيلاً ) وإلاّفلا أقلّ من الإنصاف (4) .

---------------------------
(1) في الصدوق ـ بدل ما بين القوسين ـ : فإن علمت عليه سوءً سترته عليه .
(2) في الصدوق : ذنبه .
(3) كذا ، ولعلها : ( النميمة ) لأنّها أنسب بما قبلها وما بعدها سجعاً ، ولأن حامل النصيحة لاكيد له ظاهراً ، فلاحظ .
(4) في الصدوق : فان تصحبه بالتفضّل والإنصاف .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 199 _

  وأن تكرمه كما يكرمك ( ولا يسبقك في ما بينك وبينه إلى مكرمة ، فإن سبقك كافأتَهُ )(1) .
  ( وتحفظه كما يحفظك ) .
  ( وتودّه كما يودّك ) ( ولا تقصّر به عمّا يستحقّ من المودّة .
  تلزم نفسك نصيحته وحياطته .
  ومعاضدته على طاعة ربه .
  ومعونته على نفسه في ما لا يهمّ (2) به من معصية ( ربّه ) .
  ثمّ تكون (3) عليه رحمة ، ولا تكون(4) عليه عذاباً ، ولا قوّة إلاّ بالله .
(33) وأمّا حقّ الشريك :
  فإنْ غاب كفيتَه .
  وإنْ حضر ساويتَه (5) .
  ولا تعزم على حكمك دون حكمه .

---------------------------
(1) هذه الجملة مؤخرة في التحف عن الجملة التالية .
(2) في الصدوق : وتزجره عما يهمّ ، الى آخره .
(3) في الصدوق : وكن .
(4) في الصدوق : ولا تكن .
(5) في الصدوق : رعيته ، بدل ( ساويتَه ) .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 200 _

  ولا تعمل برأيكَ دونَ مُنَاظرته .
  تحفظ عليه ماله .
  وتَنْفي عنه خيانته (1) في ما عزّ أو هانَ ، فإنّه بلََنَا ) ( أنّ يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا ) .
  ولا قوّة إلاّ بالله .
(34) وأمّا حقّ المال :
  فأنْ لا تأخذَه إلاّ من حِلّه .
  ولا تُنفقه إلاّ في حلّه (2)( ولا تحرّفه عن مواضعه ، ولا تصرفه عن حقائقه ، ـ ولا تجعله ـ إذا كان من الله ـ إلاّ اليه ، وسبباً إلى الله ) .
  ولا تُؤثِر به على نفسك مَنْ لا يحمدك ( وبالحريّ أن لا يُحسن خلافته (3) في تركَتِك ، ولا يعمل فيه بطاعة ربّك ، فتكون مُعيناً له على ذلك ، أو بما أحدثَ في مالك أحسن نظراً ، فيعمل بطاعة ربّه فيذهب بالغنيمة ) .
  فاعمل فيه بطاعة ربّك ، ولا تبخل به فتبوء بالإثمِ ) وبالحسرة والندامة مع التبعة .
  ولا قوّة إلاّ بالله. (35) وأمّا حقّ الغريم الطالب لك :
  فإنْ كنتَ مُوسِراً أوفيتَه(4)( و كفيتَه وأغنيتَه ، ولم تردُدْه وتمطله ، فإنْ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( مطلُ الغنيّ ظلم ) .

---------------------------
(1) في الصدوق : ولا تخُنْهُ .
(2) في الصدوق : في وجهه .
(3) في بعض نسخ التحف ، خلافتك .
(4) في الصدوق : أعطيته .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 201 _

  وإنْ كنتَ مُعْسِراً أرضَيْتَه بحُسْن القول ( وطلبت إليه طلباً جميلاً ) وردَدْتَه عن نفسك ردّاً لطيفاً ، ( ولم تجمع عليه ذهاب ماله ، وسوء معاملته ، فإنّ ذلك لؤم .
  ولا قوّة إلاّ بالله (1) .
(36) وأمّا حقّ الخليط :
  فأن لا تغُرَه .
  ولا تغشّه .
  ولا تكذّبه .
  ولا تغفله .
  ولا تخدعه .
  ولا تعمل في انتقاصِهِ عمل العدوّ الذي لا يُبقي على صاحبه .
  وإن اطمأنَ إليك إستقصيت له على نفسك ، وعلمت : ( أنّ غبن المسترسل ربا ) .
  وتتّقي اللهَ تبارك وتعالى في أمره ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(37) وأمّا حقّ الخصم المدّعي عليك :
  فإن كانَ ما يدّعي ـ عليك حقّاً ( كنتَ شاهدَه على نفسك ) ( لم تنفسخ في حُجَته ) ( ولم تظلمه ) ( ولم تَعْمل في إبطال دعوته ) ( وأوفيته حقّه ) ( وكنْتَ خَصْم نفسك له ، والحاكم عليها ، والشاهد له بحقّه ، دون شهادة الشهود ، فإنّ ذلك حقّ الله عليك ) .

---------------------------
(1) هنا موضع ( حق الغريم الذي تطالبه ) الذي ذكر في المقدمة مع فروع الحقوق ، لكنّه لم يعنون هنا في أيّ من النصين لا في تحف العقول ، ولا في كتب الصدوق .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 202 _

  وإن كان ما يدّعيه باطلاً رَفَقْتَ به ( وردَعته (1) وناشدته بدينه ) ( ولم تأتِ في أمره غير الرفق ، ولم تُسْخط ربّك في أمره ) ( وكسرتَ حدّتَهُ بذكر الله ، وألغيتَ حشو الكلام ولُغَطَهُ الذي لايردّ عنك عادية عدوّك ، بل تبوء بإثمِه ، وبه يشحذ عليك سَيْف عداوته ، لأنّ لفظة السوء تبعث الشرّ ، والخير مَقْمَعَة للشرّ ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(38) وأمّا حقّ الخصْم المدّعى عليه :
  فإنّ كانَ ما تدّعيه حقّاً (2) أجْملتَ في مقاولته ( بمخرج الدعوى فإنّ الدعوى غلظة في سمع المدّعى عليه ) ، ( ولم تجحَدْ حقه ) .
  وقصدت قصد حجّتك بالرفق ، وأمهل المهلة ، وأبين البيان ، وألطف اللطف .
  ولم تتشاغل عن حجّتك بمنازعته بالقيل و القال ، فتذهب عنك حجّتُك ، ولا يكون لك في ذلك دَرْك) ( وإنْ كنتَ مُبْطلاً في دعواك إتّقيْتَ الله ( عزّ وجلّ ) ، وتُبْتَ إليه ، وتركتَ الدعوى ) ، ولا قوّة إلاّ بالله .
(39) وأمّا حقّ المستشير :
  فإنْ حضرك له وجه رأي ، جهدتَ له في النصيحة (3) وأشرت عليه ( بما تعلم أنّك لو كنتَ مكانه عملتَ به ) ، وذلك ليكنْ منك في رحمةٍ ، وليْنٍ ، فإنّ الليْن يؤنِسُ الوحشةَ ، وانّ الغلظ يُوحش موضع الاُنس .


---------------------------
(1) كذا في بعض النسخ ، والظاهر أنه الصواب وفي أكثرها ورَوّعْتَهُ والظاهر عدم صحّته ، وفي بعض النسخ : ورّعته ، فمعناه دعوته إلى الورع .
(2) في الصدوق : إن كنت محقّاً في دعواك . . . .
(3) في الصدوق : إنْ علمت له رأياً .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 203 _

  وإن لم يحضرك له رأي ، وعرفتَ له مَنْ تثقُ برأيه وترضى به لنفسك ، دَلَلْتَه عليه وأرشدته إليه(1) فكنتَ لم تألُهْ خيراً ، ولم تدّخره نصحاً ، ( ولاحول ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(40) وأما حقّ المُشير عليك :
  أنْ لا تتّهمَه في مالا يُوافقك عليه من رأيه ( إذا أشارَ عليك ، فإنّما هي الآرآء وتصرف الناس فيها وإختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار ، إذا إتّهمْتَ رأيه ، فأمّا تهمتُهُ فلا تجوزُ لك ، إذا كانَ عندكَ ممّن يَستحقّ المشاورة .
  ولا تدعْ شُكْره على ما بدا لك من إشخاص رأيه ، وحُسْن وجه مشورته ) .
  فإذا وافقك حمدتَ الله ( وقبلتَ ذلك من أخيك بالشكر والإرصاد بالمكافأة في مثلها ، إن فزع إليك ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(41) وأمّا حقّ المستنصِح :
  فإنّ حقّه أنْ تؤدّيَ إليه النصيحةَ ( على الحقّ الذي ترى له أنّه يحمل ، وتُخرج المخرجَ الذي يلين على مسامعه ، وتكلّمه من الكلام بما يُطيقه عقله ، فإنّ لكلّ عقلٍ طبقةً من الكلام يعرفه ويَجْتنيه )(2) .
  وليكن مذهبُك الرحمة ( له والرفق به ) ، ( ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(42) وأمّا حقّ الناصِح :
  فأنْ تُلين له جناحك .

---------------------------
(1) في الصدوق : وإنْ لم تعلم أرشدتَه إلى مَنْ يعلم .
(2) كذا في بعض النسخ وفي أكثرها : يجتنبه ، فلاحظ .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 204 _

  ( ثمّ تُشَرْئب (1) له قلبَك ، وتفتح له سمعَك ، حتّى تفهمَ عنه نصيحته (2) ، ثمّ تنظر فيها ) : فإنْ كانَ وُفقَ فيها للصواب (3) حمدتَ الله ( على ذلك ، وقبلتَ منه وعرفتَ له نصيحته ) .
  وإن لم يكن وُفقَ له فيها (4) رحمتَه ، ولم تتّهمْهُ ، وعلمتَ أنّه ( لم يألُك نصحاً ، إلاّ أنّه ) أخطأَ ، ( ولم تُؤاخذه بذلك ) إلاّ أنْ يكونَ ( عندك ) مستحِقّاً للتهمة ، فلا تعبأ بشيٍءٍ من أمره على ( كلّ ) حال ، ولا قوّة إلاّ بالله .
(43) وأما حقّ الكبير :
  فإنّ حقّه توقير سِنهِ .
  وإجلال إسلامه ، إذا كان من أهل الفضل في الإسلام ، بتقدمه فيه (5) .
  وترك مقابلته عند الخِصام .
  ولا تسبقه إلى طريق .

---------------------------
(1) كذا في النسخ ، ولعلّ الكلمة( تشرّف ) .
(2) في الصدوق : وتُصغي إليه بسمعك ، بدل هذه الفقرة .
(3) في الصدوق : فإن أتي الصواب .
(4) في الصدوق : وإن لم يوفّق ، وفي بعض النسخ : يوافق .
(5) في التحف لتقديمه ، وفي الصدوق : إجلاله لتقدّمه في الإسلام قبلك .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 205 _

  ولا تؤمّه في طريق (1) .
  ولا تستجهله .
  وإن جهل عليك ، تحمّلتَ ، وأكرمته بحقّ إسلامه ( وحرمته ) ( مع سِنّه ، فإنّما حقّ السِن بقدر الإسلام ) ، ولا قوّة إلاّ بالله ) .
(44) وأمّا حقّ الصغير :
  فرحمته (2) .
  ( وتثقيفُه وتعليمه ).
  والعفو عنه ، والستر عليه .
  والرفق به .
  والمعونة له .
  ( والستر على جرائر حداثته ، فإنّه سبب للتوبة ) .
  والمداراة له، وترك مماحَكته، فإنّ ذلك أدنى لرشده) (45) وأمّا حقّ السائل :
  فإعطاؤه ( على قدر حاجته ) (3) إذا تيقّنتَ صدقَهُ وقَدَرْتَ على سَدّ حاجته .
  والدعاء له في ما نَزَلَ به .

---------------------------
(1) في الصدوق ، ولا تتقدمه .
(2) أضاف الصدوق : في تعليمه .
(3) إلى هنا ينتهي ما في الصدوق من حقوق السائل .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 206 _

  والمعاونة له على طلبته .
  وإن شككتَ في صدقه ، وسبقتْ إليه التهمةُ له ، ولم تعزم على ذلك ، لم تأمَنْ أنْ يكونَ من كيد الشيطان ، أراد أنْ يصدَك عن حظّك ، ويحولَ بينك وبين التقرب إلى ربّك ، فتركتَه بستْرهِ ، وردَدْتَه ردّاً جميلاً .
  وإنْ غلبتْ نفسُك في أمره ، وأعطيتَه على ما عَرَضَ في نفسك منه ، فإنّ ذلك من عزم الاُمور .
(46) وأمّا حقّ المسؤول :
  إنْ أعطى قُبِلَ منه ( ما أعطى ) بالشُكر له ، والمعرفة لفضله .
  وَطلب وجه العُذْر في منعه (1) .
  وأحْسِنْ به الظنّ.
  واعلم أنَه إنْ مَنَعَ فمالَه مَنَعَ ، وأنْ ليس التثريبُ في ماله ، وإنْ كان ظالماً ، فإنّ الإنسان لظلوم كفّار ) .
(47) وأمّا حقّ مَنْ سَرَكَ ( اللهُ به وعلى يديه ) (2):
  فإن كانَ تعمّدها لك : حمدتَ الله أوّلاً ، ثمّ شكرتَهُ (3) على ذلك بقدره ، في موضع الجزاء .
  وكافأته على فضل الإبتداء ، وأرصدتَ له المكافأةَ .
  وإن لم يكن تعمّدها : حمدتَ الله وشكرته ، وعلمت أنّه منه ، توحّدك بها .

---------------------------
(1) في الصدوق : وان مَنَعَ فاقبل عُذره .
(2) في الصدوق : بدل ما بين القوسين : لله تعالى .
(3) في الصدوق في هذا الحق : ( أنْ تحمد الله ( عز وجّل ) أوّلاً، ثم تشكره ) فقط ، ولم يورد باقي ما هنا .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 207 _

  وأحببتَ هذا (1) إذْ كان سبباً من أسباب نِعَمِ الله عليك .
  وترجو له بعد ذلك خيراً، فإنّ أسبابَ النِعم بركة حيثُما كانَتْ، وإنْ كان لم يتعمّد .
  ولا قوّة إلاّ بالله .
(48) وأمّا حقّ مَنْ ساءَك ( القضاء على يَدَيْه ، بقولٍ أو فعلٍ ):
  فإنْ كانَ تعمّدها كان العفوُ أولى بك (2)( لما فيه له من القَمْع ، وحُسْن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق ) .
   ( وإن علمت أنّ العفوَ عنه يضر ، انتصرتَ ) فإنّ الله يقول : ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) ( إلى قوله ( لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (3) وقال عزّ وجلّ ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ) (4) هذا في العَمْد .
  فإنْ لم يكن عَمْداً ، لم تظلمه بتعمد الانتصار منه ، فتكونَ قد كافأته في تعمّد على خطأٍ .
  ورفقتَ به ، وردَدْتَه بألْطَفِ ما تقدِرُ عليه .
   ( ولا قوّة إلاّ بالله ) .

---------------------------
(1) هذا إشارة إلى الشخص الذي سرّك .
(2) في الصدوق : أن تعفو عنه ، فقط، ثم ذكر قوله : ( وإن علمت . . . الخ ) .
(3) سورة الشوري (42) الاَية : 41 ـ 43 .
(4) سورة النحل (16) الاَية : 126 .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 208 _

(49) وأمّا حقّ أهل مِلّتك ( عامَةً ):
  فإضمار السلامة .
  ( ونشر جناح ) الرحمة ( بهم ) والرفق بمسيئهم .
  وتألّفهم ،وإستصلاحهم .
  وشكر محسنهم ( إلى نفسه ، وإليك ، فإنّ إحسانه إلى نفسه إحسان إليك ، إذا كَفَ عنك أَذاه ، وكفاك مؤونته ، وحبس عنك نفسه .
  فَعُمَهم ـ جميعاً ـ بدعوتك .
  وانصرهم ـ جميعاً ـ بنصرتك .
  وكُفَ الأذى عنهم .
  وتُحب لهم ما تُحبّ لنفسك ، وتكرهُ لهم ما تكره لنفسك .
  وأنْزِلْهُم ـ جميعاً ـ منك منازلهم : كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، ( وعجائزهم بمنزلة اُمّك )(1) .
  فَمَنْ أتاك تعاهَدْتَه بلُطفٍ ورحمةٍ .
  وصِلْ أخاك بما يجبُ للأخ على أخيه .
(50) وأمّا حقّ أهْل الذمّة :
  ( فالحكم فيهم ) أنْ تقبل منهم ما قَبل الله .
  ( وتفي بما جعل الله لهم من ذمّته وعهده ) .

---------------------------
(1) في الصدوق بدل ما هنا : وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة إخوتك ، وعجائزهم بمنزلة أمّك ، والصغار بمنزلة أولادك .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 209 _

  وتكِلَهم إليه في ما طلبوا من أنفسهم ، واُجبروا عليه .   وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك ، في ما جرى بينك وبينهم من معاملة ) .
  ( وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ) .
  ( ولاتظلمهم ما وَفَوا لله ( عز ّوجل ) بعهده ) ذمّة الله ، والوفاء بعهده وعهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حائل ، فإنّه بلغنا أنّه قال : ( مَنْ ظَلَمَ معاهَداً كنتُ خصمه ) فإتّقِ الله .
  ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله .

الخاتمة
  ( فهذه خمسون حقاً محيطاً بك ، لا تخرج منها في حال من الأحوال ، يجب عليك رعايتها ، والعمل في تأديتها ، والإستعانة بالله جلّ ثناؤه على ذلك .
  ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .
  والحمد لله ربّ العالمين ( وصلواته على خير خلقه محمّد وآله أجمعين وسلم تسليما ) (1) .

---------------------------
(1) هذه الخاتمة لم ترو في روايات الصدوق .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 210 _

الملحق الثاني
  من تقاريظ الكتاب نثراً ونظماً نشر في مجلّة ( الذكر ) الشهرية التي يعدّها الطلبة اللبنانيون في معهد الإمام ( شرف الدين في حوزة مدينة قم المقدّسة ، العدد (7) جمادى الأولى ، السنة [الاُولى( 1414 هـ ) ص ( 43 ـ 44 ) بقلم العلامة الخطيب البارع الشاعر المفلّق المرحوم الشيخ محمد رضا آل صادق مقال هذا نصّه :
  جهاد الإمام السجّاد علي بن الحسين زين العابدين سفر قيّم جديد ومما يجدر ذكره أنّ هذا الكتاب قد حظِي بالجائزة الاُولى في المباراة التي أقامتها مؤسّسة آل البيت : ببيروت . . . وينبغي أنْ نلقيَ الضوء على الكتاب والكاتب بما يرسم الصور المتوخّاة للقارىء اللبيب ، أمّا ( الكتاب) فيتناول جهاد الإمام عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) السياسيّ الذي غفلت عنه جلّ أقلام الكتّاب القُدامى والمعاصرين بل حاولتْ أنْ تجعل منه رجلاً منصرفاً عن ميادين الجهاد والسياسة إلى صوامع العبادة والزهد وما إلى ذلك . . . وقد مهدّ المؤلّف لكتابه بمقدمة ضافية وافية بيّن فيها ما دفعه إلى تأليف هذا الكتاب أوّلاً ، ثمّ بحث عن الإمامة ومستلزماتها بصورة مفصّلة ، وأعقب ذلك بحثاً عن إمامة السجّاد وآراء المذاهب الإسلاميّة في هذا الشأن ، وجعل الكتاب في خمسة فصول . . . تحدّث في الفصل الأوّل :
عن أدوار النضال في حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام) في كربلاء والأسر والمدينة .
  وتحدّث في الفصل الثاني : عن النضال الفكري والعلميّ في مجالات القرآن والحديث والعقيدة والشريعة والأحكام .
  وتحدّث في الفصل الثالث : عن النضال الإجتماعي والعملي في مجالات الأخلاق والتربية ومقاومة الفساد وما إلى ذلك .
  وتحدّث في الفصل الرابع : عن زهد الإمام وبكائه ودعائه .
  كما تحدّث في الفصل الخامس: عن مواقف الإمام السجّاد ( عليه السلام ) الحاسمة من الظالمين وأعوانهم ومواقفه المبدئيّة من الحركات المسلّحة .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 211 _

  ثمّ خلص إلى خاتمة الكتاب التي أوجز فيها نتائج البحث. ومما ورد فيها قوله : ( إنّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قد قام بأعمال سياسيّة كثيرة في سبيل الأهداف الكبيرة التي من أجلها شُرع الدين ، وهو ( عليه السلام ) ـ وإن لم يمدّ يداً إلى السلاح الحديدي ـ إلاّ أنّه إلتزم النضال بكلّ الأسلحة الاُخرى التي لا تقلّ اهميّة وخُطورة من السلاح الحديدي ، فشهر سلاح اللسان بالخطب والمواعظ ، وسلاح العلم بالتثقيف والإرشاد ، وسلاح الأخلاق بالتربية والتوجيه ، وسلاح المال بالإعانات والإنفاق ، وسلاح العدالة بالإعتاق ، وسلاح الحضارة بالعرفان ) . .
  كما أكّد المؤلّف في هذه الخاتمة : أنّ من يعرف أوليّات النضال السياسي وبديهيات التحرّك الإجتماعي وخاصةً عند المعارضة ، لَيُدرِك أنّ سيرة الإمام زين العابدين السياسية التي عرضناها في فصول هذا الكتاب ، هي مشاعل تُنير النهج للسائرين على طريق الجهاد الشائك ممن يلتقي مع الإمام في تخليد الأهداف الإلهية السامية . . وتتجلّى قيمة هذا الكتاب ـ كما ترى ـ عندما يعرف القاري أنّ المؤلّف رجع إلى ما يقرب من مئة وتسعين مصدراً ، ومرجعاً مما كتبه الفريقان من أهل السنة والشيعة حول شخصية الإمام زين العابدين وحياته وسيرته .
  كما يتبّين السرّ للقارىء بوضوح في علّة عدول الإمام السجّاد عن الكفاح المسلّح إلى الجهاد باللسان والمال والسُبُل الاُخرى حين يطّلع على أنّ الإمام قد صرّح قائلاً : ( ما بمكة والمدينة عشرون رجلاً يحبنا ) ، وأمّا الكلام عن ( مؤلّف الكتاب ) .
  فألحقّ أنّه أشهر من أنْ يُذكر فقد عرفته الأوساط العلميّة : كاتباً قديراً ، وعالِماً نِحْريراً ، له طول باعٍ وسعة إطّلاعٍ في التحقيق والرجال والفقه والاُصول ، بحيث أحسبه في غِنىً عن البيان بعد أنْ أصبحَ ممّن يُشار إليه بالبنان ، وحسبُنا أن نذكر ـ على سبيل الإستشهاد ـ أنّه سبق أنْ فاز كتابه الموسوم برسالة أبي غالب الزُراري إلى ابن إبنه في آل أعين ، وتكملتها : لإبي عبد الله الغضائري بجائزة الكتاب السنويّ في حقل تحقيق التراث بإيران قبل عامين . . فطوبى له وحسن مآب ، وأخذ الله بيديه وأيدينا جميعاً إلى ما فيه الخير والصواب . .
  وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد الصادق الوعد الأمين ، وآله الهُداة الميامين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين آمين .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 212 _

مقاطع من نظم العلاّمة الخطيب الشاعر الباهر الشيخ سعيد المنصوري ( دام ظله )في تقريض وتاريخ صدور كتاب ( جهاد الإمام السجّاد ) في عام( 1414 هـ ) .
المقطوعة الاُولى

جـهادُ  الإمـامِ كـتاب iiلهُ      عند أهل الحِجا قيمة راجحَهْ
مـؤلّـفُهُ  رجـل iiفـاضِل      أدّلـتُهُ قـدْ أتَـتْ iiواضِحهْ
فـأكْرِمْ  بـهِ من فتىً iiعالمٍ      مـواضيعُهُ كـلّها iiنـاجِحهْ
فـقَري  عُـيوناً بني iiهاشِمٍ      بِـشِبْلٍ مـواهبُهُ iiصـالِحهْ
فـإنْ  قلتَ للنجم أرخْهُ طُل      تـجـارتُهُ  فـيكم رابـحهْ
  1414 هـ .

المقطوعة الثانية
إنّ  الـجـلالـيَ iiبـتـألـيفهِ      لـدى المباراةِ : ( جهادَ الإمامْ )
أوضَـحَ  أمراً لم يكنْ واضحا iiً      بـخيرِ اُسْـلوبٍ وخـير iiالكلام
وفـي  بـيانٍ سـاحِرٍ iiجـاذبٍ      قـد كَـسَبَ السبْق ونالَ iiالمرامْ
أبـدَعَ  فـي مـوضوعه iiخدمةً      لأهـل  بَيْت الوحْي خير iiالأنامْ
فـفيهِ  أنـوارُ الـهُدى iiأشرقَتْ      وعن  طريق الحقّ أجلى الظَلامْ
وحـينَ  قـالوا : عـلمُه iiدافِق      أرّخْتُه : ( دفق كصوب الغمامْ )
  1414 هـ .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 213 _

المقطوعة الثالثة
إقـرأ كتاباً بِيَراع iiالرضا      فيه  لنا قد خُطَتِ iiالأسطرُ
فقل : له فضل على غيره      وثُــمَ  أرّخْ( فَـيَتُذْكَرُ )
المقطوعة الرابعة
( محمّد الرضا ) قد فُزْتَ في ما      بـه  وافـيتنا فـوزاً iiعـظيما
رسـمتَ حـقيقةً لاريـبَ iiفيها      وسـفّهتَ  الـمُبْطَنَ iiوالـسقيما
فـسِفْركم( الـجهاد ) دليلُ iiخيرٍ      ونـورفي الـبلاد سرى iiعميما
( لِزين العابدين ) حوى iiدروساً      لـهـا  أطـلقتُمُ قـلماً iiسـليما
سـيأتيكم  غَـداً عـوناً iiويأتي      لـمنْ  كَـذَبواعليه غداً خصيما
فِـدى مجموعةِ الأبطال iiرُوحي      إمـاماً  كـانَ مِـقداماً iiحـليما
سِـيـاسيّاً  أبِـيّـاً iiأرْيَـحـيّاً      وإنْ نـالَ الـورى عُسْر كريما
إلـى الـعَليا بـه سلكتْ iiجدود      وآبــأ  صِـراطـاً مـستقيما
كـتبتَ بـه صحائفَ iiمحكماتٍ      فـدُمْ فـي مـا تـسجّله iiحكيما
بـذكرك  قـد أشدْتُ ولا iiاُبالي      وقـلـتُ-مسبّحاً ربّـاً iiعـليما
لـمن قـالوا : أتعرف iiللجلالي      كـتابَ هُـدىً حديثاً أو قديما ?
-يـداه لـجانب التاريخ( صدقاً      بـجـد  قـدّمَتْ دُرّاً يـتيما ii)
  1414 هـ .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 214 _

الملحق الثالث
  تقرير موجز عن المباراة الفكرية عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجّاد ( عليه السلام ) قال تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ، ( الشورى 23 ) أعلنت مؤسسة آل البيت : لإحياء التراث ـ فرع بيروت ـ مباراة كتابية عن الإمام السجاد ( عليه السلام ) ودعت السادة الكتّاب والمؤلّفين والمحقّقين للمشاركة فيها إحياءً لأمرهم : وفق بيانات وشروط علمية ، وفي المواعيد المحددة لمباراة الإمام السجّاد (7) وصل إلى المؤسسة أربعة وعشرون كتاباً من مختلف أنحاء العالم ، وهي كالاَتي :
1 ـ جهاد الإمام زين العابدين ـ السيد محمد رضا الحسيني الجلالي .
2 ـ الصحيفة السجادية خصائصها ومضامينها ـ الدكتور شلتاغ عبود .
3 ـ الإمام زين العابدين عنقود مرصع ـ الأستاذ سليمان كتّاني .
4 ـ إمامة علي بن الحسين ( عليه السلام ) دراسة وتحليل ـ الأستاذ محمود محمد كلوت .
5 ـ في رحاب سياسة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الشيخ محمود البغدادي .
6 ـ الحياة السياسية للإمام السجاد ( عليه السلام ) ـ الشيخ نوري حاتم .
7 ـ ضفة النور ـ الأستاذ عبد المجيد فرج الله .
8 ـ الإمام السجاد ( عليه السلام ) إمتداد النبوة في حركية الرسالة ـ الأستاذ نبيل علي صالح .
9 ـ الإمام علي بن الحسين من المهد إلى اللحد ـ الأستاذ عدي محمد أحمد .
10 ـ الإمام السجاد جهاد وأمجاد ـ الدكتور حسين الحاج حسن .
11 ـ ترجمة الإمام السجاد في كتاب تأريخ دمشق لابن عساكر ( تحقيق مخطوطة ) ـ الشيخ محمد باقر المحمودي .

جهاد الامام السجاد ( عليه السلام ) _ 215 _

12 ـ حياة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الشيخ ياسين محمد عمار .
13 ـ قراءة في حياة الإمام السجاد ( عليه السلام ) ـ الأخ نوري نعمة البطاط .
14 ـ وصي الرسول الرابع الإمام علي بن الحسين السجاد ( عليه السلام ) عصره وحياته ـ الشيخ أحمد علي رجب .
15 ـ هيبة الحق ّ ـ الأستاذ عبد الزهرة الركابي .
16 ـ الإمام زين العابدين في شعر القدماء والمعاصرين ـ الأستاذ إسماعيل الخفاف .
17 ـ آفاق قرآنية في فكر الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الشيخ طالب السنجري .
18 ـ ديوان الإمام السجّاد ( عليه السلام ) ـ السيد مجيب الرفيعي . 19 ـ الإمام السجاد ( عليه السلام ) قدوة العبّاد وأرباب السياسة ـ الأخ أبو صلاح المظفر .
20 ـ ومضات من حياة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الأخ محمد الحاجي .
21 ـ شرح الصحيفة السجادية للميرزا محمد بن محمد رضا المشهدي ، ( تحقيق مخطوطة ) ـ الشيخ محمد رضا آل صادق .
22 ـ في رحاب أمير العابدين وزين الساجدين ـ الدكتور عارف ثامر .
23 ـ عبرات المحبين عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الأخ صاحب الباقر .
24 ـ سيرة ومسيرة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ـ الأخ علي سعيد .