الادرع البهزى من سلم وبناه بالقصب (1) ، اما الرأي الاخير فيقول بني من قبل نافع بن الحارث بن كلدة (2) ، وقد بني بالقصب وكان في بادىء الامر غير ثابت فكانوا اذا غزوا نزعوا ذلك القصب وعزموه ووضعوه حتى اذا ارجعوا من الغزو واعادوا بناءه من جديد (3) . بقي المسجد مبنياً بالقصب الذي يعتبر اول عمارة شيدة في البصرة في بداية تأسيسها الى ان وقع الحريق في البصرة والكوفة ، فقد بعث القائد سعد نفر الى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنونه في البناء باللبن فأذن لهم الخليفة وكتب الخليفة عمر الى عتبة واهل البصرة يأذن لهم البناء باللبن (4) . وذكر الجاحظ : لما اراد القائد عتبة بن غزوان البناء باللبن كتب لهم الخليفة عمر : ( قد كنت اكره لكم ذلك فأذا فعلتم فعرضوا الحيطان ورفعوا السمك وقاربوا بين الخشب الا ان القائد عتبة توفي قبل ان ينفذ وصية الخليفة عمر في بناء المسجد ) (5) . وعندما تولى ابا موسى الاشعري البصرة (17 هـ ـ 29 هـ ) ( 638 ـ 650 م ) فأن اول عمل قام به عند وصوله المدينة شروعه بتغير هيكل منشأته الدينية والادارية والمدنية ، اذ نزع القصب وبنى المسجد باللبن والطين وسقفه بالعشب (6) ، ************************************************* (1) ابن خياط : تاريخ ، جـ 1 : 98 ، ابن قتيبة : المعارف جـ 2 : 275 . (2) البلاذري : الفتوح : ص 483 . (3) البلاذري : الفتوح ص 484 ، زكي : نفس المصدر : ص 25 ، العدوي : حسين مولوي : الادارة العربية ، ترجمة ابراهيم العدوي ، ( مطبعة الاداب ، القاهرة 1958 ) ص 255 ، بلات : شارل : الجاحظ في البصرة وبغداد وسامراء ترجمة ابراهيم الكيلاني 1961 ، ص 30 . (4) الطبري : التاريخ جـ 1 : 488 ، ابن الاثير جـ 2 : 528 ـ 529 . (5) الجاحظ : البيان والتبيين جـ 2 : 226 . (6) البلاذري : الفتوح ـ ص 347 .
ويبدوا ان المسجد كان صغيراً مما حدا بأبي موسى ان بوسعه وكان اول من جعل لكل قبيلة محلة ثم امر الناس بالبناء (1) وغرست النخيل لاول مرة وكان ابو بكرة اول من فرسها (2) ، وفتحت الاراضي التي ليست من اراضي الخراج للافراد يزرعونها ، بموافقة الخليفة عمر (3) ، ويبدوا ان الرغبة في حيازة الارض وزراعتها كانت من القوة بحيث اضطر الخليفة الى ان يكتب لاهل البصرة فابلغه انهم قد اتخذوا الضياع وعمروا الارضين فحذروا اياهم ( لا تنكهو وجه الارض فأن شحمتها فيه ) (4) . ونتيجة للتنقيبات الاثرية التي قامت بها المؤسسة العامة للآثار فقد تم كشف بقايا جدران من اللبن تعود لطبقة قديمة ( شكل رقم 1 ) والزاوية الشمالية الغربية للجامع القديم ويمكن ملاحظة التباليط للجامع المتراكمة ( شكل رقم 2 ) والزاوية الجنوبية الشرقية وهي التي تقع تحت البرج القائم يبدوا في الصورة جزء من بقايا اسس المسجد ( شكل 3 ) وجزء من اس الجدار الغربي للجامع ، القديم وهذا الجزء واقع في منتصف الضلع تقريباً ( شكل 4 ) وبقايا الجدار الشرقي للجامع القديم في الزاوية الشمالية الشرقية ( شكل رقم 5 ) . كما قامت المؤسسة في الموسم الاول عام 1964 بالتنقيب في الموقع نفسه وتم اظهار بقايا اسس الجدار الشرقي المجامع الاسفل ( شكل 6 ) كما توضحت بعض التبانات الخارجية الملاصقة للجدار الغربي والتي بلغ عددها اربعة عشر تباناً ( شكل 7 ) وفي التنقيبات نفسها ظهرت الزاوية الشمالية الغربية ************************************************* (1) البلاذري : الفتوح ص 347 . (2) ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان ص 188 . (3) البلاذري : الفتوح ص 490 . (4) الجاحظ : البيان والتبيين جـ 2 : ص 226 .
للجامع ( شكل 8 ) وبقايا الجدار الشرقي للمسجد السفلي تعلوه تباليط للجامع العلوي المتأخر ( شكل 9 ) . وبفعل التنقيبات نلاحظ ان الصحن الوسطي للجامع القديم تعرض الى تخريبات واضافات مختلفة ترجع الى عصور متأخرة ( شكل 10 ) وتم العثور على احد اسس الاعمدة في بيت الصلاة للجامع القديم ( شكل 11 ) . وفي الموسم نفسه توضحت لبعثة التنقيب الزخارف التي كانت تزين الركن الجنوبي الشرقي لجامع الجمعة في البصرة ( شكل 12 ) . في ولاية زياد للبصرة عام 45 هـ عظمت الدولة الاموية نتيجة التوسع بالفتوحات وازدادات اهمية مدينة البصرة وكثر سكانها لذلك وسع زياد المسجد وبناه بالاجر والجص وسقفه بالسياج (1) . كانت التغيرات التي قام بها زياد على المسجد تتفق من تفكيره الاجتماعي وميله الى التطور ، حيث قال : لا ينبغي لإمام ان يتخطى الناس فحول دار الامارة من منطقة الدهناء الى قبلة المسجد ، كذلك حول المنبر الى صدره (2) ، وهكذا اصبح الامير يخرج من الدار الى الباب الذي في حائط القبلة حتى لا يتخطى رقاب الناس ، اضافة الى ان هذا الاجراء يوفر الحماية من الناحية الامنية والحفاظ على حياة الوالي . جعل زياد في مقدمة المسجد خمسة صفوف من الاعمدة وكان قد اتى ************************************************* (1) الجاحظ : البيان والتبيين : جـ 2 : 226 . (2) البلاذري : الفتوح : 484 ، ابن الفقيه : البلدان : 188 ، ياقوت : المعجم مجلد 1 : 64 ، القلقشندي : صبح الاعشى : جـ 1 : 427 .
بها من جبل الاهواز (1) ، والذي تولى امرها وقطعها الحجاج بن عتيك الثقفي كما بنى زياد منارة المسجد بالحجارة ، وهو اول من عمل المقصورة (2) ، وتمتاز ارضية المسجد بانها متربة ، قال : بعض الناس يقولون : ان زياد رأى الناس ينفضون ايديهم اذا تربت وهم في الصلاة ، فقال لا أمن ان يظن الناس على طول الايام ان نفض الايدي في الصلاة سنة (3) ، فأمر بفرش المسجد بالحصى ، ويحتمل انه فكر بفرش ارضية المسجد لكي تصبح نظيفة وغير متربة ، حيث كان الجانب الشمالي من المسجد منزوياً بسبب وجود دار نافع بن الحارث الذي ابي والده بيعها (4) وبقي المسجد على هذه الحالة طيلة حكم زياد . وفي امارة زياد اظهرت التنقيبات اسس الجدار الغربي لجامع زياد وقد تبين في اسس هذا الجدار ثلاثة او اربع مداميك في بعض الاماكن بينما في البعض الآخر منها لم يبق مداميك ( شكل 13 ، 14 ) وتم كشف اسس قاعدة احد الاعمدة الواقعة في المجتبة الغريبة لاجامع السفلي ( شكل 15 ) واسس قاعدة عمود في المجتبة الشرقية للجامع القديم ( شكل 16 ) وجزء من الجدار الشرقي للجامع القديم ثم بقايا الاعمدة الواقعة في الرواق الغربي للجامع ( شكل 17 ) . ************************************************* (1) البلاذري : الفتوح ص 485 ، القلقشندي : صبح الاعشى : جـ 1 : 427 بلا . ت الجاحظ : ص 32 . وكذلك Greswell ـ op cit p . 12 .
(2) البلاذري : الفتوح : ص 485 ، البلاذري : انساب الاشراف جـ 4 : 109 ـ ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 643 . (3) البلاذري : الفتوح : ص 486 ، ياقوت : المعجم مجلد 1 : 642 ، بلا . ت الجاحظ : ص 32 . (4) البلاذري : الفتوح : ص 485 ، 489 ، الثعالبي : عبد الملك بن محمد : التمثيل والمحاضرة : القاهرة 1961 ، ص 40 بلا . ت : الجاحظ : ص 32 .
وباشرت الهيئة بالتنقيب عام 1966 ، وتوضحت لها بقايا اعمدة الجامع ( شكل 18 ) والمجنية الشرقية ، والتي تظهر اعمال الصيانة واضحة هناك ( شكل 19 ) كما توضحت الزاوية الجنوبية الشرقية ( شكل 20 ) حيث نلاحظ اسس الجامع القديم وبقايا اعمدة الجامع المتأخر ( شكل 21 ) . لقد تطور اسلوب البناء عن العرب في القرن الاول الهجري عما كان عليه في المراحل التأريخية السابقة ، فقد استعملوا القصب في بداية الامر ثم اللبن والطين ، وبعد ذلك استعملوا الاجر والجص والساج لتمثل خطوة متقدمة في بناء مسجد البصرة خاصة ، الامر الذي يدل على تقبل العرب لكل ما هو جديد ، وقابلتهم على التطور والاستفادة مما تحمله الظروف الجديدة من فرص حياة أكثر طمأنينة ، وقد ساعد على هذا التطور توفر المواد البنائية في منطقة البصرة ، والتي استخدمت في البناء . وعندما تولى عبد الله بن زياد ولاية البصرة ( عام 53 هـ ) قرر ان يهدم دار نافع بن الحارث عند غياب صاحبها ولما خرج عبد الله بن نافع الى قصره في البطيحة امر ان يهدم ما يسوي به تربيع المسجد ، ولما عاد عبد الله بن نافع غضب لذلك ولكن عبيد الله بن زياد ارضاه باعطائه عن كل ذراع خمسة اذرع وفتح له في الحائط خوخه ( باب صغيرة ) الى المسجد (1) . ونظراً لزيادة مكان مدينة البصرة وما شملها من توسع على عهد زياد فقد بنى سبعة مساجد منها مسجد الاساورةّ ، ومسجد عدي ، ومسجد بني مجاشع ، ومسجد حدان ************************************************* (1) البلاذري : الفتوح : ص 485 ، ياقوت : المعجم ، مجلد (1) : 642 ، الشيخلي تاريخ البصرة ص 19 ـ 20 .
، وكان زياد لا يسمح لاحد ان يبني بقرب المسجد الجامع مسجداً (1) . والمعروف عن المساجد انها تشيد في مركز المدينة او انه يعتبر المركز الرئيسي ( النواة ) للمدينة ، لذا يمكننا ان نحدد موقع المسجد في منتصف المدينة . وفي عام 1972 قام قسم التاريخ ـ بجامعة البصرة بالتنقيبات في موضع المسجد الجامع (2) وتركز التنقيبات في موضع المسجد ( الشمال الشرقي للمأذنة ) التي لا تزال باقية ، ويبدوا ان البناء الكامل يبلغ طوله 185 م ، وعرضه 140 م ، كما قدر ارتفاع الجدران المتساقطة حوالي 8 ـ 10 م ، كما اظهرت هذه التنقيبات الاجزاء العليا من بداية المأذنة الرئيسية ، ويمتاز الوجه الداخلي للجدارن الشرقية بانها فقدت بشكل كبير وذلك لقلع بعض الناس الاجر واستعماله في بناء بيوتهم بمنطقة الزبير واثناء التنقيبات تم اظهار بعض الاجزاء السفلية لبعض الجدان ومنها مزين بفجوات ( كوى ) تنتهي بشكل نصف عمود والتي شكلت في الاعلى اقواس مدببة كما تم اظهار جزء من الجدار الشرقي وطوله 2.5 م x 2 م كما وجدت بعض الاجزاء المزينة بزخارف نباتية وهندسية منفذة على قطع الاجر في الاجزاء العليا من المأذنة وبوابتها ، وكذلك شريط زخرفي كتابي بالخط الكوفي ، كما تم العثور على ثلاث قطع اجريه منقوشة بكتابات كوفية ويحتمل انها تساقطت من المأذنة ، وكل هذه الاجزاء المعمارية والزخرفية تساعدنا في تحديد تاريخ هذه الاجزاء واعطاءنا فكرة جيدة وواضحة عن العمارة الاسلامية (3) . ************************************************* (1) البلاذري : انساب الاشراف جـ 4 : ق 201 طبعة القدس 1936 ، ابن الفقيه : البلدان ، ص 191 ، بلا . ت : الجاحظ : ص 32 ، زكي ، الحياة الادبية : ص 44 . (2) اشرف على هذه التنقيبات الدكتور خالد الاعظمي . (3)lRAQ : Excavations in irag . 1972 ـ 1973 . Vol . 35 ـ p . 191 ـ 192 .
7 ـ دار الامارة لم تكشف التنقيبات الاثرية التي اجريت في مدينة البصرة عن دار الامارة التي شيدت في بداية التأسيس ، الا اننا نجد بعض الاشارات في المصادر التأريخية التي نشير الى دار الامارة كانت في بداية الامر مبنية بالقصب في الرحبة التي يقال لها رحبة بني هاشم والتي كانت تعرف بأسم الدهناء ، والقريبة من المسجد (1) ، ويحتمل انها كانت في شرقي المسجد الجامع لكننا لم نجد تحديد موضعها بالضبط بالمراجع التأريخية والادبية ، وكان لا بد للامير اذا جاء للصلاة بالناس تخطاهم الى القبلة على حاجز ، فخرج عبد الله بن عامر ذات يوم من دار الامارة يريد القبلة وعليه جبة خز دكناء فجعل الاعراب يقولون على الامير جلد دب . وفي ولاية زياد للبصرة دار الامارة من الدهناء الى قبلة المسجد حيث كان الإمام يخرج من الدار في الباب الذي فيه حائط القبلة ، وجعل زياد حين بنى المسجد ودار الأمارة يطوف فيها وينظر الى البناء ثم يقول لمن معه من اهل البصرة اترون خللاً فيقولون ما نعلم بناء احكم منه ، فقال بلى هذه الاساطين التي على كل واحدة منها اربعة عقود ولو كانت اغلظ من سائر الاساطين (2) ، نستنتج من قول زياد هذا على ان بناء دار الامارة كان كاملاً . وفي ولاية الحجاج في البصرة امر بازالة دار الامارة وتهديمها وبنيت عامة الدور من طينها ولبنها وابوابها وبقيت البصرة بدون دار امارة الى زمن سليمان بن عبد الملك الذي استعمل صالح بن عبد الرحمن على اخراج العراق واعيد بناء ************************************************* (1) ياقوت : المعجم مجلد 1 : 433. (2) البلاذري : الفتوح : ص 484 ، ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 433 .
بالاجر والجص على اساسها كما رفع سمكها (1) . وفي خلافة عمر بن عبد العزيز ولي عدي بن أرطأة الفزاري البصرة الذي اراد ان يبني فوقها غرفاً فكتب اليه الخليفة عمر بن عبد العزيز : ( هبلتك امك يا ابن ام عدي ايعجز عنك منزل وسع زياداً وآل زياد وامسك عدي اتمام تلك الغرف فلما ولي سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس البصرة لابن العباس امير المؤمنين بنى على ما كان عدي رفعه والذي بناه بالطين ، الا انه تحول الى المربد (2) . وفي زمن الرشيد هدمت دار الامارة وادخلت ارضها في قبلة المسجد ، فلم يبق للولاة في البصرة دار امارة منذ ذلك التاريخ . 8 ـ الزابوقة للزابوقة اهمية كبيرة في تاريخ مدينة البصرة والتي ذكرها ياقوت بأنه كان فيها عند مجيء المسلمين دسكرتان (3) ، ولا نعرف عنهما معلومات دقيقة ، اذ ان المراجع العربية لم تشر اليهما ، وقد اقام المسلمون فيهما بعض الابنية ، مما يجعلنا نعتقد بانها وكانت على مسافة من المسجد الجامع . ويروي الطبري (4) : عندما اصبح علي بن ابي طالب ( ع ) خليفة للمسلمين عين عثمان بن حنيف اميراً للبصرة ، في الوقت نفسه جائت عائشة وطلحة والزبير بأتخاذ البصرة قاعدة لهم وانطلاق ثورتهم منها ضد علي ( ع ) ، ونزلاً بالناس في الزابوقة قبل معركة الجمل في موضع قرية الارزاق (5) . ************************************************* (1) نفس المصدر السابق ، ص 486 ، ياقوت : نفس المصدر والصفحة . (2 ) البلاذري : نفس المصدر والصفحة . (3) البلاذري : الفتوح : ص 476 : ياقوت المعجم : مجلد (1) : 431 . (4) الطبري : جـ 3 حوادث سنة 36 هـ ، ص 462 ـ 463 . (5) الطبري : جـ 3 حوادث سنة 36 هـ ، ص 516 .
ويشير ياقوت بأن الزابوقة موضع قريب من البصرة ، كانت فيه واقعة الجمل اول النهار (1) . اذ اصبح هناك اختلاف في النصوص ح ول المكان الذي حدثت فيه معركة الجمل فهي اما حدثت في الزابوقة كما يشير ياقوت او يقربها على رأي الطبري . وفي رواية لعمر بن شبه يذكر فيها ان موقعة الجمل وقعت عند موضع قصر عبيد الله بن زياد (2) ، ، كما يروي سيف ان عائشة نزلت في مسجد الحدان في الازد (3) ، والناس في الزابوقة (4) ، ويفهم من هذا ان عشيرة الحدان الازدية كانت قرب الزابوقة . ومن ابرز الاماكن في الزابوقة ، ما يعرف بدار الرزق او مدينة الرزق (5) ، ولهذا البناء اهمية كبرى في المدينة ، اذ كانت بناية كبيرة لها بعض الابنية الملحقة ، وقد بناه زياد ربما في فترة نيابة عن عبد الله بن عامر على البصرة سنة 31 هـ (6) ، او انه جددها في زمن معاوية ، وينقل ياقوت من الساجي ان مدينة الرزق كانت في الاصل مسلحة للاعاجم بالبصرة قبل ان يختطها المسلمون (7) . ويصف المدائني مدينة الرزق اثناء حديثه عن معركة المثنى بن مخربة اذ قال : خرج المثنى بن مخربة مع قومه ثم ات مدينة الرزق فعسكر فيها ، وكان والي البصرة ( القباع ) وقد وجه اليهم عباد بن الحصين صاحب شرطته وقيس بن الهيثم ************************************************* (1) ياقوت : المعجم ، مجلد 3 : 125 . (2) الطبري : التناريخ جـ 3 : حوادث سنة 36 هـ ، ص 513 . (3) المصدر السابق : نفسه ، ص 515 . (4) المصدر السابق نفسه ، ص 517 . (5) نفس المصدر والصفحة . (6) ياقوت : المعجم : مجلد 3 : 41 .
فأخذوا في سكة الموالي حتى خرجوا الى السبخة . . . ، ولمدينة الرزق اربعة ابواب باب مما يلي البصرة ، وباب الى الخلاليين ، وباب الى المسجد ، وباب الى مهب الشمال (1) . لقد وردت السبخة في هذا النص ولا ريب انها تقع في الشمال على طرف البطحة ، لان السبخة في الجزيرة كانت قد اصلحت منذ زمن زياد (2) . كما ان سكة الموالي التي كانت تقع بين السبخة والبصرة ، وان دار الرزق كانت قريبة من الكلاء ، وكما يتبين لنا في هذا النص ان دار الرزق كانت على مسافة من البصرة ولها باب متجه نحوها كما كان لها باب الى المسجد . وبالقرب من دار الرزق تقع مقبرة بن حصن كما يبدوا من قول سيف فساروا ( يقصد بهم عائشة وطلحة والزبير ) من مقبرة بن مازن فأخذوا على مسناة البصرة من قبل الجبانة حتى انتهوا الى الزابوقة ثم اتو مقبرة بني حصن (*) وهي متنحية الى دار الرزق فباتوا يتأهبون وبات الناس يسيرون اليهم واصبحوا وهم على رجل في دار الرزق (3) ) ، ويبدوا ان مقبرة بني حصن هي بين الزابوقة ودار الرزق على حد ما ذكره الطبري . ************************************************* (1) الطبري : التاريخ : جـ 4 : 15 . (2) البلاذري : الفتوح : ص 361 . (*) مقبرة بني حصن : منسوبة الى عبيد الله بن حصن احد بني ثعبلة زمن بكر ) وكان والي شرطة البصرة زمن زياد ، ( انظر ياقوت : جـ 2 : 234 . (3) الطبري : التاريخ جـ 3 : 487 .
9 ـ الابلة أ ـ موقعها يذكر الجغرافيون اليونان والرومان (1) : أن مدينة الابلة تقع عند رأس الخليج العربي على الفرات مقابل مدينة باسنيوس (*) في حين يذكر الجغرفيون العرب انها تقع على نهر دجلة ، ويحدد ياقوت : موقعها على شاطىء دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل الى مدينة البصرة (2) ، وفي مكان آخر يقول : ( وعلى اربعة فراسخ من البصرة مدينة الابلة على عبر دجلة العوراء ) (3) . ونظراً لاختلاف الجغرافيين والمؤرخيين حول تحديد موقع الابلة ، آثرنا تتبع مجرى كل من نهري دجلة والفرات وما اصاب مجراهما من تغيير قبل ان يصبا في الخليج . ************************************************* (1) Vincent . D . D . ًًًWillian : The Periplus of the erythrcan soa , Fart 2 ( London ـ 1805 ) p . 319 . Glassor : Eduard : SKizze Geschichte und Geographio Arabieens ( Borlin , 1890 ) 8 . 188 . (*) باسنيوس : مدينة يونانية بناها الاسكندر ، واعيد بنائها من قبل السلوقيين ثم حددها سباسينوس ( Spacinus ) ملك العرب المجاورين فسميت بأسمه ( Charar Spansinou ) وهي التي اليوم تعرف بالمحمرة . ( انظر : الحوراني : جورج فصلو : العرب والملاحة من المحيط الهندي ترجمة يعقوب بكر ، القاهرة 1958 ، ص 246 ، ويلسون : ارنولدت ، الخليج العربي ، ترجمة عبد القادر يوسف ( كويت ، لا . ت ) هامش 5 ، ص 111 . (2) وصف هذا النهر بالخليج وسعته وخاصة عند الفوهة ، جواد مصطفى ، الابلة ونهر العشار ، هامش 21 ، ص 162 مجلة سومر . م ، 3 . جـ 1 لسنة 1953 . (3) المعجم : مجلد (1) : ص 77 ، مجلد 3 : 183 .
واستناداً الى ما ذكره الجغرافيون والمؤرخون اليونان والرومان فأن دجلة والفرات كانا يصبان في الخليج العربي (1) ، كل على انفراد ، حيث كانت المسافة بين مصبيهما خمسة وعشرون ميلاً ونتيجة لفعل الترسبات والمواد الغرينية التي يجلبانها في سيرهما والتحكم بمياه الفرات لاغراض الري جعلت مياه الفرات لا تسير بيسر حتى تصب في الخليج دون مساعدة نهر دجلة (2) ، وقد ادى ذلك بصوة تدريجية الى التغيير في المجرى واصبح الفرات يصب في دجلة وذلك بعد اجتيازه مدينة واسط وسوادها (3) ، حيث يجتمع بالقرب من مدينة الابلة دجلة والفرات في الموقع المسمى بالمطاره (*) ، بعد خروجهما من البطائح ويكونان نهراً واحداً يسمى شط العرب الذي يصب في الخليج العربي (4) . ************************************************* (1) : فؤاد ، ( العراق وما حوله في مدونات المؤرخين البلدانيين الاقدمين ) ( بليني ) مجلة الاستاذ م 11 لسنة 1962 ـ 1963 ، ص 288 ، اما الدليل الذي يؤكد على مصبهما كل على انفراد من تلك الفترة هو ما اورد جورج روكس لمحلة سنحاريب ( 705 ـ 681 ق . م ) على العيلاميين بقوله انه اثناء وصول سنحاريب الخليج انتقل من دجلة الى الفرات . Recently Discovered Ancicnt Sites in the Hormer Distract , Sunor vol . xvl No 1 1960 Notec p . 31 (2) فؤاد جميل : بليني ، ص 288 . (3) قدامة بن جعفر : نبذ من كتاب الخراج وصنعة الكتابة ص 233 ، العمري : ابن فضل الله ، مسالك الابصار في ممالك الامصار ، جـ 1 ، القاهرة 1924 ، ص 79 . (*) المطاره : قرية في البصرة على نهر دجلة بينها وبين واسط : ( ياقوت : المشترك وضعاً والمفترق صقعاً ( كوتنجن 1846 م ) ص 399 ، وهي في موقع القرنة حالياً ، ( الكتاب : محمد طارق هامش 8 ، ص 131 . (4) شيخ الربوة : محمد ابي طالب الانصاري : نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ( بطربورغ 1865 م ، ص 97 .
ويبدوا الخليج ابتعد عن مكانه نتيجة الزيادة في ترسبات الخليج (1) ، ويرجع سبب هذا كما يقول جلاسير الى الترسبات وارتداد البحر عن الساحل الذي بلغ ارتداده في القسم الشمالي من الخليج العربي حوالي 22 متراً سنوياً (2) . وفي ضوء ما تقدم تقع الابلة في العصر الاسلامي الى الغرب من نهر دجلة (3) الذي اصبح يسمى بدجلة العوراء (4) ، وتبعد عن مدينة البصرة اربعة فراسخ ( حوالي 24 كم ) كما قرر بعض المؤرخيين الجغرافيين (5) ، وذكرها الادريسي باثني ************************************************* (1) kraners , J . H , ( Al ـ Obolla ) . Encyclopaedin lslan Vol . lll p . 269 . (2) Glasser , SKizze , op . cit p . 321 . (3) الادريسي : الشريف : تحقيق الجزيرة والعراق من نزهة المشتاق في اختراق الآفات ، تحقيق ابراهيم شوكة ، مستل من المجمع العلمي العراقي م 73 ، لسنة 1973 ، ص 30 ، الحميري : الروض المعطار في خبر الاقطار : مخطوطة في مكتبة المجمع العلمي العراقي القسم الاول برقم 778 / م ، الورقة 5 ب . (4) البلاذري : الفتوح ص 410 و 497 ، ابن رستة : الاعلاق النفيسة : ص 94 ، 95 ، الطبري : التاريخ جـ 2 : 188 ، ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان ص 189 ، ياقوت : المعجم مجلد 3 : 183 ، ابن الاثير : الكامل : جـ 1 : 283 . (5) قدامة بن جعفر : نبذ من كتاب الخراج : ص 194 ، الاصطخري : مسالك الممالك ص 81 ، الاقاليم ( كوتا 1932 ) ص 98 ، السمعاني : عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي : الانساب ( جـ 1 ، حيدر اباد 1962 ، ص 98 ، ياقوت : المعجم ، مجلد 3 : 183 ، ابن الاثير : اللباب في تهذيب الانساب : جـ 1 ، بغداد لا . ت . ص 25 ، ابن خلكان : وفيات الاعيان : ص 79 ، القلقشندي : صبح الاعشى : جـ 1 : 336 .
عشر ميلاً (1) ، ( حوالي 24 كم ) (2) ايضاً غير ان ابن بطوطة (3) حددها بعشرة اميال فقط . . ب ـ تخطيطها يذكر الجغرافيون ان لمدينة الابلة جانبين ، الشمالي هو المدينة القديمة وجنوبي هي البلدة المستحدثة في الاسلام في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان والتي تعرف بأسم شط عثمان (4) ، الا ان القزويني يضيف لنا الابلة بقوله : انها جانبين غربي وهي المدينة القديمة والجانب الشرقي وهو شط عثمان (5) ، في حين تذكر السعدي ان الابلة قسمان : الاول هو المدينة القديمة التي قد يرقى تاريخها الى زمن الاكديين (*) ، والثاني هو شط عثمان الذي استحدث في عهد الخليفة ************************************************* (1) الجزرة والعراق : ص 29 . (2) الميل = 2 كم ، والفرسخ = 6 كم : فالتر : المكاييل والاوزان الاسلامية ترجمة كامل العسلي : عمان 1970 ، ص 95 . (3) الرحلة : بيروت 1964 ص 189 . (4) المقدسي : احسن التقاسيم جـ 1 : 114 ، ناصر خسرو : سفرنامه ص 150 ، السترنج : كي : بلدان الخلافة الشرقية ص 68 بغداد 1954 م ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد . (5) آثار البلاد : ص 286 ـ 278 ، الباكوي : عبد الرشيد صالح بن نوري تلخيص الآثار وعجائب الملك القهار ( موسكو 1971 ) ص 44 . (*) اذا تصفحنا تاريخ القسم الجنوبي من العراق نجد الشعوب السامية التي هاجرت اليه واسست امبراطوريات واقامت حضارات ، وكان الاكديون اول من اسس دولة ذات شأن عظيم في العراق بزعامة سرجون في حدود سنة 2350 ق . م فأنظم القسم الجنوبي من العراق الى مملكة سرجون هذه التي اصبحت فيما بعد امبراطورية واسعة ، ( انظر : طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة جـ 1 : 121 ، ص 126 ، جـ 2 ، ص 193
الثالث (1) ، الا اننا نرى خلاف في تسمية القسمين ، فيبدوا ان التسمية التي اطلقها الجغرافيون على الجانب الشمالي للمدينة يقصد بها الشمال الغربي ، والقسم الثاني هو الجنوب الشرقي . لم نجد اشارات عن تخطيط الابلة عن الجغرافيين والمؤرخين الا البسيطة منها ، ومعظمها تخص شوراع المدينة ، ولم يذكروا شيئاً عن اسواقها ومنازلها ، اضافة الى بعض الامور التي تتعلق بهندسة كل مدينة ، كما نجد ان روبرت ادمز ، يفترض من ان المعابد والقصور تحتل المدينة ، ومنها وتتعرف الطرق العامة التي تعرف بالشوراع الرئيسية ، وعلى امتداد هذه الشوراع تقع بيوت الاغنياء وخلف هذه الشوارع تقع الاحياء السكنية الاخرى للطبقة الفقيرة وهي ذات شوارع ضيقة اشبه بالازقة كما تقع الاسواق بالقرب من الانهار ، وعند ابواب المدينة ، كما تحاط هذه المدن بالاسوار والخنادق لحمايتها من الهجمات الخارجية ، وبعد هذه الاسوار تقع القرى والاراضي الزراعية ، وبعدها تظهر الاراضي الصحراوية التي يتجول فيها الرعاة (2) . وبما ان مدينة الابلة قد جددها اليونان وسموها ابولوجوس وفق ما يذكره المؤرخون والجغرافيون فيمكن ان نطبق على هذه المدينة نفس هذا التخطيط الذي افترضه ادمز المتمثل بالمسجد الذي يحتل قلب المدينة كما هو في المعبد ************************************************* (1) السعدي : امل عبد الحسين : الابلة في العصر الاسلامي حتى 257 هـ ص 85 . (2)The origin of citics نقلا عن : حسين : عبد الرزاق عباس : نشأة المدن القديمة وتطورها ( المطبعة الفنية الحديثة 1973 ) ص 14 .
او الكنيسة ، ومنه تتفرع الطرق الرئيسية ، والى جانب المسجد تقام الاسواق ايضاًَ ، حيث يجتمع اصحاب الحرف والتجار (1) . كانت مدينة الابلة قبل الفتح الاسلامي ذات اهمية عسكرية فلا بد ان تقام بها اسوار وعليها ابراج وقلاع للمراقبة (2) ، وكان لها خندق من الجهة الغربية يطل على البادية ايضاً لحماية المدينة من غارات القبائل العربية (*) . ************************************************* (1) ديوميين : موريس ، غ : النظم الاسلامية ، ترجمة صالح الشماع وفيصل السامر ( بغداد ، 1952 ) ص 250 ، حسين عبد الرزاق : نشأة المدن القديمة : ص 39 . (2) ابن رسته : الاعلاق النفيسة ص 107 ، ياقوت : المعجم 2 : 293 . (*) تعرض الابلة كثير من مدن العراق لغارات متعددة كانت تقوم بها القبائل العربية لاسباب عديدة كما يقول الثعالبي في غرر اخبار الفرس وسيرهم ص 514 ، اي ان الجدب الذي كانت تتعرض له البادية المجاورة جعلهم يغيرون على السواد ليحصلوا على المواد الغذائية ويعودوا بعدها الى اراضيهم ( ابو الفرج الاصفهاني : الاغاني ، 22 : 393 ، زيدان : جرجي : تاريخ التمدن الاسلامي جـ 4 : 3240 ، يضاف الى ذلك السياسة التي اتبعها ذاك السياسة تجاه العرب القاطنين بجوارهم ، وما كانوا يلحقون بهم من الاذى والقتل ، ( ابن اعثم : الفتوح ص 89 ، محمد بن احمد الفتح : المستطرف ، القاهرة لا . ت . جـ 1 : 87 ، كذلك العامل الجغرافي حيث كانت حدود العراق مفتوحة على الصحراء وليس هناك عوارض طبيعية تحول دون هذه الغارات ، لا سيما اذ ما عرفنا بأن معظم هذه القبائل كانت بالقرب من نهر الفرات الذي يعتبر من الحد الفاصل بين البادية والمناطق الخصبة في العراق ، ( العلي : محاضرات في تاريخ العرب ، جـ 1 ، بغداد 1955 ) ص 51 ) . وكان ملوك العراق يوجهون بين فترة واخرى حملات ضد هذه القبائل ويحدثنا المؤرخون كثيراً عن هذه الحملات منذ ايام الآشوريين . Delaporte ـ L : Mesoopotania , The Babylonian and Assyrian Givilizatlon ـ London . 1925 P . 256 .
كذلك الهاشمي : جغرافية العراق ، بغداد 1936 ، ص 86 .
ويحدثنا آدم متز عن المدن التي تقام لاغراض عسكرية وتجارية في آن واحد ـ كمدينة الابلة من انها تتألف من قلعة اي المدينة الرسمية التي تكون لها اربعة ابواب ، ومن قسم تجاري يشمل على الاسواق وكل من هذه الاقسام محصناً بسور ************************************************* »»» وحملات سابور بن هرمز ( 306 ـ 379 م) مشهورة اذ عمل على خلع كتاف العرب حتى سمية بسابور ذو الاكتاف ، علاوة على قتل الالاف منهم حتى قدروا بسبعين الفاً ، ابن قتيبة المعارف ص 657 ، الدينوري : الاخبار الطوال ص 48 ، المسعودي : مروج الذهب : جـ 2 : ص 257 ، ابن الاثير : الكامل جـ 1 : 229 ، الابشيهي : المستطرف : جـ 1 : 87 ، الجزائري : زهر الربيع ص 282 . ولما كانت هذه الحملات لا تجدي نفعاً لجأ الملوك الى بناء مدن عسكرية وعقد اتفاقيات وحفر انهار وفنادق ، كما فعل نبوخذ نصر 64 ـ 516 ق . م . ببناء مدينة تريدون غربي نهر الفرات وظيفتها صد الهجمات ( ولسن : الخليج العربي : ص 280 ، لكن لجأ الفرس الى حفر خندق يمتد من هيت ثم يسير باتجاه الابلة الى كاظمة وينتهي الى الخليج العربي ( ابن رستة : الاعلاق النفيسة ص 107 ، ياقوت : المعجم جـ 2 : 392 ) ويقدر طول هذا الخندق بـ ( 900 كم ) ، ( سوسة : احمد : وادي الفرات ومشروع بحيرة الحبانية ص 31 ) بغداد ( ذ194 ) ، لقد اخلتف المصادر في الفترة التي حفر بها هذا الخندق بأبن رسته نسبة الى سابور ذو الاكتاف ( 309 ـ 379 ) العلاقة النفيسة ص 107 ، وقيل ان انوشروان ( 513 ـ 579 م ) هو الذي تولى ذلك ( ياقوت : المعجم جـ 2 : 392 ) غير ان سوسة يذكر ان هذا الخندق يرقى الى ما قبل ذلك بمدة طويلة وقد يرجعه البعض الى نبوخذ نصر وذكره بطليموس في القرن الثاني للميلاد ، ( وادي الفرات ومشروع الحيرة الحبانية ص 30 ـ 31 ويقال انه سمي بعد ذلك بنهر كرى سعدة الذي حدد حفره سعد بن ابي وقاص واكمله الحجاج بعد ذلك ( الهاشمي : خالد بن الوليد ص 81 ) ، اما اليوم فهو خندق حاف يقع غربي مدينة الكوفة ، ( الهاشمي خالد بن الوليد ، ص 81 ، حسونه : محمد احمد : اثر العوامل الجغرافية في الفتح الاسلامي ( القاهرة 1960 ص 23 ) . وقد اقام الفرس المناظر والمسالح على هذا الخندق مهمتها مراقبة الحدود وما »»»
خاص به (1) . وهناك موضع بالبصرة مرتبط ادارياً بالابلة يسمى الفهرج (2) ، ولا نعرف ماهو الفهرج ، هل هو قربة او نهر . وتقع سكة (3) ، بني سمرة (4) ، على الارجح في الابلة وهي الى جوارها لان القطيعة التي منحها الخليفة عثمان لحمران بن ابان تقع على نهر آزي ، ويقول ياقوت عن هذه القطيعة انها تقع في سكة بني سمرة (5) . وعلى بعد فرسخ ( 6 كم ) من الابلة يقع عسكر ابي جعفر المنصور (6) ، ويحدد لسترنج موضعه فوق فم نهر الابلة في الجهة الشرقية منه (7) ، وبالقرب من هذا ************************************************* »»» جاورها من المناطق لصد اية هجمات قد تقوم بها القبائل العربية الا انهم لم يجدوا نفعاً تجاه ذلك ، ولهذا اصبحت المدن القريبة منه تقوم مقام قواعد عسكرية ومنها مدينة الابلة التي اصبحت مهمتها عسكرية علاوة على المهمة التي قامت من اجلها وهي المهمة التجارية . ( اسماعيل العربي على هامش ابن سعد : الجغرافية هـ 172 ، ص 248 ) . (1) الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري : ترجمة محمد عبد الهادي ابو ريده جـ 2 ( بيروت 1967 ، ص 273 . (2) ياقوت : المعجم : جـ 4 : 281 . (3) السكة : الطريق المستوية المصطفة من النخل وبعد ذلك سميت الازقة سككها لاصطفاف الدور فيها كطريق النخل ، ( ياقوت : المعجم 3 : 231 ) . (4) بني سمرة : تنسب الى عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سمرة بن عبد شمس بن عبد مناف ، ( ياقوت : المعجم : 3 : 31 ) ، روى جده عبد الرحمن عن الرسول ( ص ) سكن البصرة وافتتح سجستان وكابل واستعمله عبد الله بن عامر على سجستان فغزا خراسان رجع بعد ذلك الى البصرة ، وتوفي فيها سنة 50 هـ ( ابن حجر : تنهذيب التهذيب : 6 : 19 ) . (5) المعجم 1 : 435 . (6) المقدسي : احسن التقاسيم : ص 135 . (7) بلدان الخلافة الشرقية : ص 68 .
العسكر الجسر الاكبر في البصرة (1) ، فيكون موضع عسكر ابو جعفر على دجلة العوراء بالقرب من نهر معقل (2) ، شمال الابلة . 10 ـ قصر انس نسب الى انس بن مالك الانصاري (*) ، ويقع شمالي المسجد ، او ما يعرف بمنطقة الطفوق ، وقد وصفه الجاحظ بأنه اشبه بالضيعة التي كانت تحيطه المزارع والبساتين (3) ويقع بالقرب من نهر عدي (4) ، ويذكر ياقوت بأنه يقع في الزاوية (5) ************************************************* (1) خليفة بن خياط : التاريخ 2 : 447 . (2) الصولي : محمد بن يحيى : اخبار الراضي بالله والمتقي لله ، القاهرة لا . ت . ص 99 عنى بشره ج هيورت . (*) انس بن مالك بن النظر بن ضمضم البخاري الخزرجي الانصاري ، ويعرف بأبو ثمامه ، او وابو حمزة ، ( الزركلي : خير الدين : الاعلام ، جـ 1 ، ص 365 ، 366 ، الطبعة الثانية ) . وهو صاحب رسول الله ( ص ) وخادمه ، روى عنه البخاري ومسلم حوالي 286 حديثاً ، مولده بالمدينة واسلم صغيراً وحزم النبي ( ص ) الى ان قيض ، ثم رحل الى دمشق ومنها الى البصرة ، فمات فيها ، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة . ( ينظر : طبقات ابن سعد : 7 : 10 ، وتهذيب ابن عساكر ، جـ 3 : 139 ، ابن الجوزي : ابو الفرج عبد الرحمن بن علي : صفة الصفوة ، تحقيق محمود فاخوري ، حلب ، دار الدعي 1969 ، جـ 1 : 298 . (3) الجاحظ : الحيوان : القاهرة ( 1938 ) ، جـ 6 : 30 ، الثعالبي : ثمار القلوب ص 418 . (4) الطبري : جـ 3 : 98 . (5) ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 911 .
التي يتردد ذكرنها في كتب التاريخ ، ويحتمل ان قصر انس في المكان الذي لا يزال يدعى حتى اليوم بخربة انس (1) . 11 ـ الزاوية يتردد ذكر الزاوية في المراجع التأريخية فيروي البلاذري انه كان بها عند مجيء المسلمين دسكرة (2) ، ويحتمل كان فيها ابنية قديمة ، ولما كان قصر انس يقع في الزاوية كما ذكرنا ذلك قبل قليل معتمدين على رواية ياقوت فأن الزاوية تقع في شمال البصرة ، وقد اتخذ فيها الحجاج مقراً له عند قتاله لعبد الرحمن بن الاشعث (3) ، كما كان يقع بين الزاوية والمسجد الجامع قصر عبيد الله بن زياد الابيض (4) ، الذي اشترى ارضه من عبد الله بن عثمان الثقفي وصرف عليه فيما يقال مليون درهم (5) والذي يمتاز بنقوشه وخزارفه المتنوعة (6) . ويذكر البلاذري (7) : ( ان قصر المسيرين كان لعبد الرحمن بن زياد ************************************************* (1) العلي : خطط البصرة ـ ص 290 . (2) الفتوح : ص 342 . (3) البلاذري : انساب الاشراف : ص 340 ـ 343 ، الطبري : جـ 2 : 164 ، اليعقوبي : التاريخ جـ 2 : 232 : المعجم 2 : 911 . (4) الاصفهاني : الاغاني جـ 17 : 131 ، اما الطبري فيقول بين الزاوية والفرضة ، جـ 1 : 175 ، انظر كذلك انساب الاشراف جـ 4 : 109 . (5) الطبري : جـ 2 : 457 . (6) الجاحظ : البيان والتبيين : جـ 3 : 193 ، ياقوت : المعجم جـ 1 : 792 ـ 793 . (7) البلاذري : الفتوح : ص 355 .
وكان الحجاج سير عيال من خرج مع عبد الرحمن الاشعث الكندي اليهم فحسبهم فيه وهو قصر في جوف قصر ، وبتلوه قصر عبد الله بن زياد والى جانبه جوسق ) . ويقول الهمداني (1) : ( وبنى عبيد الله بن زياد داره بها ، وفيها باب الى السكة التي تنفذ اصطفانوس (*) ، وباب آخر الى السكة التي تعرف بالبخارية (**) ) . 12 ـ سكة المربد يتفرع من المربد شوارع عديدة اهمها سكة المربد والتي تصل المربد بالمسجد الجامع ، ويحتمل ان هذه السكة كانت بمثابة الطريق الرئيسسي للمدينة ، ويبدوا انها كانت عربية واسعة (2) ، ومن المعروف ان المدينة التي نشأة لسكن العرب ************************************************* (1) مختصر كتاب البلدان : ص 191 . (*) اصطفانوس : احمد عمال الديوان في عهد زياد ، وسميت السكة التي سكن فيها بأسمه ، ويذكر الجاحظ فيما يبين فيه ما كان حول هذه السكة من خطط اذ نقول : ( ولم اجد اهل سكة اصطفانوس ودار جارية وباعة مربعة بني منقر يشكون ان كلباً كان في اعلى السكة ) . ( ينظر : الجاحظ : الحيوان جـ 3 : 43 ) . وكما يذكر ان عدد من الصحابة سكن منهم في هذه السكة منهم عمران بن الحصين وانس ، ( ياقوت : المعجم مجلد 1 : 277 ، ويراجع جـ 1 : ص 300 عما يخص السكة ، وابن عساكر : جـ 3 : ص 141 ) . (**) البخارية : هم اكراد اسرهم عبد الله اثناء فتحه للتركستان ، ونقلهم الى البصرة فسكنهم فيها ويقدر عدد هم بالفين حيث كانوا يأخذون العطاء : ولا بد من ان يسكنهم بالقرب من داره ، ( ياقوت : المعجم جـ 1 : 522 ) . (2) الطبري : التاريخ جـ 2 : 452 .
المحررين يحتاجون الى شوارع عريضة لمرور خيولهم وابلهم ، ويحتمل ان عرضها كان خمسين ذراعاً ( 25 م ) كما كان الحال في شوارع الكوفة (1) . وهناك العديد من البيوت التي تقع في سكة المربد ، فعند دخل سكة المربد يقع قصر زربى مولى عبد الله بن عامر ، وكان موقع هذا القصر اصطبلا ثم صار بعد ذلك لمسلم بن عمر بن الحصين بن قتيبة (3) ، كما كان يقع مسجد بني قيس على هذه السكة (4) ، ويذكر الطبري ، ان في هذه السكة كانت الدار التي صارت لعمر بن حبيب والتي بقربها تتفرع سكة بني عامر (5) ، كما كان يقع بالقب منها دار عبد الله بن عون أرطبان ونلاحظ ان ابرز ما في هذه السكة هو باب عثمان (*) الذي ورد ذكره الاخبار (6) ، والتي عين عليها شيبان صاحب الشرطة لمطاردة الخوارج في زمن زياد (7) ، ويقع بالبقرب من باب عثمان سوق مشهورة تعرف بسوق البزازين (8) ، ولا يمكن تحديد موقع هذه السوق لعدم معرفته بالضبط . 13 ـ المربد يقع المربد في غربي البصرة ، وارضه من الكذان او من الحجارة الكلسية البيضاء الرخوة (9) ، ونظراً لموقع البصرة عند مدخل البصرة الغربي ومن جهة ************************************************* (1) الطبري : التاريخ جـ 2 : 452 . (2) اليعقوبي : البلدان ، ص 310 . (3) ابن قتيبة : عيون الاخبار : جـ 2 : 46 . (4) الطبري : التاريخ جـ 2 : 451 . (5) نفس المصدر السابق جـ 3 : 22 . (*) باب عثمان : ينسب الى عثمان بن ابي العاص صاحب شط عثمان الذي سكن البصرة زمن عثمان بعد عزله من ولاية البحرين ، ( انظر : البلاذري : الفتوح : ص 491 ) . (6) الطبري : التاريخ جـ 3 : 22 . (7) الكامل : للمبرد ص 596 . (8) المقدسي : احسن التقاسيم ص 117 . (9) الطبري : جـ 1 : 379 ، ابن الفقيه : المعارف ص 246 ، الجمهرة : جـ 1 : 259 ، ابن منظور : لسان العرب جـ 5 : 133 .
الصحراء فقد اصبحت له اهيمة كبيرة باعتباره سوق للمنتوجات الصحراوية ان صح التعبير وخاصة الابل وقد ورد ذكر سوق الابل في المربد في التاريخ او الاخبار (1) . وللمربد اهمية كبيرة من الناحية الثقافية في البصرة ، فقد اصبح مكاناً يلتقي في الشعراء والادباء واللغويون ممن يبحثون عن اللغة العربية الفصحى الخالصة (2) ، فضلاً عن اهمية السياسية بكونه مجمعاً للناس اثناء الاحداث السياسية الهامة ففيه احتشد الناس استعداداً للقتال عندما تأزمت العلاقة بين تميم والأزد وبكر وكذلك على اثر وفاة يزيد (3) ، كما جرت فيه معركة بين جيش الحجاج وابن الاشعث (4) . وفي الجانب الشرقي من المربد شيدت عدت مباني ، فمنذ زمن عثمان كان للدباغين فيه موضع يقع على يمين ( جنوب ) سكة المربد (5) ، والتي كانت تصله بالمسجد الجامع ، كما كان عنده قصر زربي (6) ، وفي شمال المربد يقع قصر ضمرة بن المغيرة بن المهلب (7) . ************************************************* (1) الطبري : التاريخ جـ 2 : 437 ، الكامل : للمربد ص 281 ، 603 ، الزمخشري : اساس البلاغة : ص 314 ، لسان العرب جـ 4 : 151 ، كما يروي ياقوت في الجزء الرابع ص 483 : ( ان المربد من اجل شورارعها وسوقه من اجل اسواقها . (2) الجاحظ : البيان والتبيين : جـ 1 : 187 ، جـ 2 : 132 ، الاغاني جـ 20 : 169 . (3) انساب الاشراف : جـ 4 : ق 1 : ص 110 ، الاغاني جـ 21 : 20 . (4) البلاذري : انساب الاشراف : جـ 4 ق : 110 ، الطبري جـ 2 : 450 ، الاغاني جـ 21 : 20 . (5) الطبري : التاريخ جـ 2 : 250 . (6) ابن قتيبة : عيون الاخبار : جـ 2 : 46 . (7) الجاحظ : المحاسن والمساوىء : ص 317 .
اما في القسم الجنوبي الغربي من المربد كان يقع الجبان (*) ، ويذكر ابن عساكر ابن سليم بن زياد قد دفن فيها (1) ، وبقربه ايضاً دفن بشر بن مروان اخو عبد الملك وواليه على البصرة قبل الحجاج ، ويشير البلاذري (2) ، ان مالك بن مسمع دفن فيها ، وانشأ عيسى بن سليمان قصره عند الجبان . ومن الجدير بالذكر ، نلاحظ ان مقابر مدينة البصرة تختلف عن مقابر مدينة الكوفة ، اذ ان لكل قبيلة في الكوفة مقربة خاصة بها تقع بالقرب من خططها ، كما كانت المقابر الكوفية تلعب دوراً هاماً وبارزاً في الحياة السياسية حيث كان افراد القبائل عندما يريدون التمرد والثورة يتخذوا منها مراكزاً للتجمع . اما بالنسبة للبصرة ، فقد ورد ذكر القليل من المقابر الخاصة واكثرها تعود لاشخاص مثل مقبرة حصين بن الزابوقة ، ومقبرة شيبان ويشير ابن سعد (3) : بأن غالبية الناس كان يدفنون موتاهم في بيوتهم او في الجبان ، اضافة الى ان كل قبيلة اتخذت مقبرة خاصة لدفن موتاها كما كان هذا المكان ( الجبان ) مقبرة بني مازن التي مر بها جيش عائشة في تقدمه من المربد الى الزابوقة (4) ، وكما دفن الفرزدق في مقابر بني تميم (5) ، وهذا يعني ان في البصرة من من المقابر الاولية : المقابر ************************************************* (*) الجبان : المقبرة الرئيسية في البصرة ( ابن سعيد : الطبقات جـ 7 : ت 1 : ص 151 ) ، ويذكر ابن منظور في لسان العرب : مجلد 13 ، ص 85 ، بانها الصحراء : وتسمى بها المقابر لانها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه وهي ما استوى من الارض في ارتفاع ، كذلك انظر : الطبري : جـ 2 : 451 ، البلاذري : لباب الاشراف جـ 4 : ق : ص 107 . (1) التهذيب : جـ 3 : 250 . (2) انساب الاشراف جـ 4 : ق 2 : ص 65 ، وهو يقول انه دفن عند دار عيسى بن سليمان . (3) الطبقات : جـ 7 : ق 1 : ص 70 . (4) الطبري : التاريخ جـ 1 : ص 52 . (5) الاصفهاني : الاغاني : جـ 19 : 46 . |