فيما بعد الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق الخليج العربي الذي يمثل مصر بحري بالاضافة الى ذلك وقوعها على الخليج بواسطة شط العرب وسيطرتها على الطرق البرية الذاهبة والقادمة وبصورة خاصة طرق الحج الى مكة (1) .
وبسبب هذا التوسع التجاري فقد ادى الى تغيرات اجتماعية واقتصادية متميزة ، كما لم يقتصر دور البصرة كمدينة مستوردة بل قامت للتصدير مهم لتصدير لكثرة مواردها الزراعية كما هو معروف ان البصرة مشهورة بالتمور بالاضافة الى شهرتها بصناعة الانسجة وبخزها وبزها (2) ، كما وصف ابن حوقل من ان البصرة اشتهرت بالتجارة مع اقطار الارض (3) .
  وسبب موضع البصرة في اقليم زراعي كذلك توفر مصادر المياه ووقوع المدينة على حافة الصحراء ووقوعها بين اقليم فارس الذي يعد اقليماً منتجاً واقليما مكة والمدينة المستهلكان فقد برزت اهميتها التجارية مما جعلها تمثل مركزاً اقتصادياً هاماً كما ازدادت مساحتها الى فرسخين ( ما يقارب 36 ميلاً مربعاً ) (4) .

*************************************************
(1) ينظر : الاصطخري : المسالك والممالك ص 27 ، ابن رستة : الاعلاق النفيسة ص 182 ، المقدسي ، احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم ص 108 ، و 251 ، ياقوت : المعجم مجلد 1 : 65 .
(2) ينظر : د . صالح العلي : مجلة الابحاث : الانسجة في القرنين الاول والثاني للهجرة ، مجلد (4) السنة الرابعة عشر 1961 ـ ص 585 ـ 586 ، تصدرها الجامعة الاميركية في بيروت ، كذلك : عبد العزيز الدوري : تاريخ العراق الاقتصادي بيروت 1974 ، ص 134 .
(3) ابن حوقل : ابو القاسم محمد البغدادي الموصلي ، المسالك والممالك ، بريل 1872 ، ص 161 .
(4) سوسة : احمد ، وادي الفرات ومشروع سدة الهندية ، بغداد مطبعة المعارف 1945 ، جـ 2 : 214 ـ 215 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 51 ـ

ومن بين العوامل التي ساعدت على نمو التجارة هو موقع العراق الجغرافي جعله جسراً بين ايران والهند واواسط آسيا والصين من جانب والجزيرة العربية والشام ومصر من جانب آخر (1) ويمتاز موقع البصرة بقربه من البحر على اطراف البر والريف جعلها تتصف بمؤهلات تجارية ذات اهمية حلت محل الابلة الميناء القديم (2) ، وان موقع المدينة كان له تأثير من الناحية السياسية والثقافية والتجارية والادارية على المناطق الجنوبية من العراق والتي تشمل المناطق الواقعة على سواحل الخليج ومنطقة عربستان (3) .

*************************************************
(1) الجاحظ : البخلاء : تحقيق طه الحاجري ، القاهرة 1958 ، ص 39 ، التنوخي : المحسن بن علي بن محمد بن ابي الفهم : الفرج بعد الشدة ، القاهرة 1955 ، جـ 2 : 11 ، الدوري ، تاريخ العراق الاقتصادي : 119 .
(2) الراوي : ثابت اسماعيل : العراق في العصر الاموي ، الطبعة الاولى 1965 ، جـ 1 : 105 .
(3) Al ـ Khattab : op . cit . p . 32 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 52 ـ

الفصل الثالث
اسم مدينة البصرة

  تعددت آراء المؤرخين والباحثين واللغويين من العرب وغيرهم في التفسيرات التي احتوت آراءهم عن الاصل الذي انحدر منه اسم البصرة ، فمنهم من قال انها منحدرة عن الاصل العربي ، وقال البعض الآخر انها مشتقة من اللغة الفارسية في حين يذهب بعضهم بأنها مشتقة من الارامية .
  والذين ذهبوا الى اصل التسمية عربي ، وذلك لغنى قواميس اللغة العربية في مفرداته بكلة بصر وبصرة (1) ، كما استندوا في رأيهم على تأثير العرب بالطبيعة منذ العصر الجاهلي فقد وصفوها اصدق وصف (2) ، حيث كثر ذلك في اشعارهم التي وصفوا فيها كل ما يقع عليه نظرهم في صحراء الجزيرة والاماكن التي ذهبوا اليها ، وقد تجلى ذلك بشكل واضح ابان الفتوحات العربية الاسلامية ، حيث خرج جند العرب المحررين الى ناطق العراق والشام ومصر وبلاد فارس ، اذا اطلق العرب على العجم اسم الحمراء لا حمراء وجوههم كما سموا الفرس الذين نزلوا الكوفة زمن سعد بن ابي وقاص بـ ( حمراء ديلم ) نسبة الى نقيب لهم يدعى ديلم (3) .
  كما اعتقد بعض الباحثين في نسبة اسم البصرة الى الاصل العربي ، على ما جاء في قول ابن السهل والرمال لما اطل عل تلك البقاع قال انها ارض ذات بصرة

*************************************************
(1) العميد : طاهر مظفر ، ( نشأة مدينة البصرة ) ، مجلة كلية الاداب ، العدد 22 لسنة 1978 ، ص 247 .
(2) القيسي : نوري حمودي : الطبيعة في الشعر الجاهلي ، بيروت دار الارشاد ( 1970 ) ، ص 235 ـ 305 .
(3) البلاذري : الفتوح : ص 279 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 53 ـ

اي ذات حجارة رخوة طيبة (1) ، كما قيل انها سميت بهذا الاسم لانها اقيمت على ارض كثيرة الحصى الصغار فاعتمدوا على هذا في بقولهم ان البصرة عربية الاسم والمنشأ (2) .
  واشار اللغويين العرب الى عدة تفسيرات في نسبة اسم البصرة الى الاصل ( العربي ، منها : قال ابن الانباري : البصرة في كلام العرب الارض الغليظة .
  وقال قطرب : البصرة الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع حوافر الدواب ، وقال غيره : البصرة حجارة رخوة فيها بياض ، وقال ابن الاعرابي ، البصرة حجارة صلاب : وانما سميت بصرة لغلظها وشدتها ، كما نقول ثوب ذو بصر اذا كان شديد جيداً ، قال : ورأيت تلك الحجارة في اعلى المربد بيضاء صلاباً ، وذكر الشرقي بن القطامي : ان المسلمين حين وافوا مكان البصرة للنزول بها نظروا اليها من بعيد وابصروا الحصى عليها فقالوا : ان هذه ارض بصرة ، يعنون خصبة ، فسميت بذلك .
  وذكر اهل المغاربة : ان البصرة تعني الطين العلك ، وقيل : الارض الطيبة الحمراء ، وذكر احمد بن محمد الهمداني حكاية بن محمد بن شرحبيل بن حسنة انه قال : ( انما سميت البصرة لان فيها حجارة سوداء صلبة وهي البصرة ) .
  وقال قوم : البصرا والبصر الكذان ، وهي الحجارة التي ليست بصلبه سميت بها البصرة ، كانت ببقعتها عند اختطاطها .

*************************************************
(1) الشرقي : علي : ( البصرة ) ، مجلة الاعتدال ، العدد السادس لسنة 1934 ، مطبعة النجف من ص 241 ـ 242 .
(2) الدجيلي ، عبد الكريم ، ( تاريخ البصرة ) ، مجلة المعلم الجديد ، الجزء الثالث لسنة 1947 ، ص 63 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 54 ـ

  وقال الازهري : البصر الحجارة الى البياض ، بالكسر فأذا جاؤوا بالهاء قالوا : البصرة (1) .
  ويؤيد الباحث انستاس الكرملي ما قاله المغاربة من ان معنى البصرة هي الطين الملك او الارض الطيبة الحمراء ، والتي يمكن ملاحظتها عند انحسار المياه ، وعليه يكون معنى البصرة الارض العلك الطيبة الحمراء كالغرين التي انحسر عنها ماء شط العرب (2) .
  ما تقدم من اقول اللغويين نلاحظ ان كلمة البصرة قد دلت بشكل عام على معنيين متضاديين ، اولهما الارض الغليضة الصلبة ، وثانيهما الارض الرخوة التي فيها بياض ، وعلى هذا فأن كلمة البصرة من الكلمات المتضادة .
  والذين يرجحون اشتقاق الكلمة من اللغة الفارسية يتحمل انهم استندوا في قولهم على ما جاء في رواية حمزة بن حسن الاصبهاني التي اوردها ياقوت (3) ، حيث يقول : ( سمعت موبذ بن اسوهشت ، يقول : البصرة تعريب بس راه ، لانها كانت ذات طرق كثيرة انشعبت منها الى اماكن مختلفة ) ، وتم ترجمة كلمة ( بس راه ) الى (بس ) ( بمعنى كثير ) ( راه ) بمعنى طريق والأصل رآها اي طرق فخذفت علامة الجمع (4) ، كما استندوا في قولهم على ما جاء من اشارات

*************************************************
(1) ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 430 .
(2) انستاس : الكرملي : مجلة لغة العرب ( 1913 ـ 1914 ) ص 435 ـ 436 .
(3) ياقوت : المعجم : مجلد (1) : 430 .
(4) التنوخي : محمد : المعجم الذهبي : الطبعة الاولى ، بيروت 1969 ، ص 292 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 55 ـ

في المصادر التاريخية التي تشير الى تعرض منطقة البصرة للغزوا الفارسي هي الفترة التي سبقت الفتح الاسلامي للمنطقة .
  ويبدوا ان اشتقاق اسم البصرة من اللغة الفارسية أمر لا يمكن الاعتماد عليه ، لذلك لعدم وجود ادل تأريخية ولغوية عدا رواية الاصبهاني تثبت ذلك .
  ويرى بعض الباحثين ان اسم البصرة منحدر من بعض المفردات الارامية وذلك بأستنادهم على كلمة ( بصر ياثا ) ، مما جعلهم يعتقدون كون كلمة البصرة آرامية (1) ، وذلك بعد ترجمة الكلمة التي جاءت الى اللغة الكلدانية بمعنى ( بصر ) اي الجزء الضعيف وبصرياً بصربي بمعنى الاقنية ، وبيت صربي ، وباصربي معناها ( محل الاكواخ ) ، ويستمر في القول . . . فليس من الغريب ان سمع المحررون العرب كلة تقرب من لفظة كلمة بصرة فأستسافوها .
  ويرى احد الباحثين بأنه ليس من الغريب ان تكون البصرة تكبيراً لأسم القرية الارامية التي عرفت قبل الفتح الاسلامي بأسم البصيرة ، كما اشار اليها ياقوت ، هذا مع العلم ان اللغة الارامية كانت قبل الميلاد من القرون الاولى من المسيحية لغة التجارة والسياسة والتدوين في جميع البلاد الواقعة شمال جزيرة العرب والعراق وبلاد الشام ، ويرجح الباحث ، من ان يكون اسم البصرة الذي اطلقه العرب الفاتحون على مدينتهم الجديدة مأخوذاً من هذا الاسم مختلفين كل الأختلاف في معناها وتسميتها (2) .

*************************************************
(1) سركيس : يعقوب ، ( البصرة وهل اصل الكلمة ارامي ) مجلة سومر مجلد (4) ، جـ 1 لسنة 1948 ، ص 136 ـ 141 .
(2) غالي : ابراهيم امين : سيناء المصرية عبر التاريخ ص 126 ، القاهرة 1976 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 56 ـ

  ونحن نميل الى ترجيع ما ذهب اليه بعض اللغويين والباحثين من ان الاصل الذي انحدرت منه كلمة البصرة عربي ، ودليلنا فيما نذهب اليه ، هو من مشاهدتنا لطبيعة الارض التي اقيمت عليها المدينة القديمة ( منطقة الزبير حالياً ) فأن ارضها حصباء تميل الى البياض والرخاوة ، ومما يعزز ذلك رواية الشرقي بن القطامي التي سبق ذكرها في هذا الفصل .
  اما فيما يتعلق بأهم التسميات التي عرفت بها منطقة البصرة فهناك من يعتقد بأن اسم المدينة قبل الفتح الاسلامي لها كان وهشتاباذا اردشير (*) ، وقبلها يريدوتس

*************************************************
(*) وهشتاباذا اردشير : محتمل ان اصل كلمة وهشتاباذا هي بهشت اباد ، حيث تعني كلمة ( بهشت ) باللغة الفارسية ( الفردوس ) اما اردشير فهي نسبة الى أحد ملوك الفرس .
( ينظر : التونجي : المصدر السابق : ص 27 ، ص 126 ) .
(**) ديريدوتس : كلمة يونانية تتألف من ( ديرا ) اي باب و ( ايداتوس ) اي مياه كما جاء في كتب الصرف والقواميس الاغريقية فأن اسم ماء بالمفرد الاغريقي هو (ايدور ) وبما ان تصريف هذا الاسم هو نادر فيصبح بالجمع ( ايدتور ) وتعريبه المياه فتكون كملة ديريدوتس بالعربية ( باب المياه ) اي باب البحر او القادم من البحر الى البر تكون باب البحر ويحتمل انها تعني نهري دجلة والفرات .
الكاتب : محمد طارق ، شط العرب وشط البصرة والتاريخ : ( البصرة 1971 ، ص 16 ) نقلاً عن العلامة الفاضل المطران جبرائيل كني رئيس اسقافة البصرة على الكلدان .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 57 ـ

وقبلها تردن (*) ، وقبلها تردم (**) (1) .
  وجاء في تاج العروس ان البصرة بلد معروف كانت تسمى في القديم تدمر والمؤتفكة (***) ، الا اننا نرى ان لفظة تدمر التي وردت في هذا النص هي مقلوبة من كلمة تردم او ترد او طريدون (****) .

*************************************************
(*) تردن : كلمة ارامية مركبة من ( ترعا ) اي باب وفي حالة الجزم بالارامية تكون ( ترع و ( د ) للاضافة وعدن اي عدن او فردوتس عدن حذف حرف عدن حذف حرف ( ع ) من الكلمة الاولى ومن بداية الثانية فأصبحت تردن اي باب عدن ، ( الكاتب : المصدر السابق ، ص 16 ) .
(**) تردم : كلمة ارامية تتألف من ( ترعا ) اي باب و ( د ) حرف الاضافة و ( يم ) اي البحر بمعنى باب البحر وان بعض القبائل الارامية كانت تحذف حرف العين من الاسماء عند اضافتها مثل اربيل واصلها ( ارع بيل ) اي ارض الاله بيل او ارع ايل من الآلهة الاربعة .
الكاتب : المصدر السابق : ص 16 .
(1) الكاتب : المصدر السابق : ص 15 .
(***) المؤتفكة : لانها ائتفكت بأهلها اي انقلبت في اول الدهر .
انظر : الزبيدي ، محمد مرتضى : تاج العروس بن جواهر القاموس ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، لا . ت ، المجلد الثاني : ص 48 ـ 49 ، مادة بصرة .
(****) طريدون : تقع أخرية طريدون على مقربة البصرة ، ( ينظر : تافرنيه : العراق في القرن السابع عشر ـ نقله الى العربية بشير فرنسيس وكوركيس عواد ، مطبعة المعارف 1944 ، محلق رقم ( 20 ) ص 154 .
واختلف الباحثون في تحديد موقع طريدون فقد ذهب العلامة رولنصن نقلاً عن ابيدنوس واسابيوس الى ان نبوخذ نصر كان قد أنشأ هذه المدينة ، ينظر :
Rawlinson : G :
The Five great Monarchies of the Ancicnt Eastern world .
Vol . lll . p . 290 London 1895 . »»»

تخطيط مدينة البصرة   ـ 58 ـ
ويبدوا من النصوص التاريخية ان تسميات اخرى اطلقت على مدينة البصرة منها البصيرة ، وهي تصغير لكلمة البصرة (1) ، كما عرفت بأسم قبة الاسلام (2) ، وسميت كذلك بـ ( خزانة العرب ) (3) ، كما سميت بالسبخة والخريبة ، والرعناء (5) .

*************************************************
»»» كما ذكر العلامة ان طريدون تسمى ديريدوتس Diridotis حيث حدد موقعها على ساحل الخليج العربي وعلى بعد قليل من غربي مصب الفرات ووصفها بقوله : ( كانت لها مسناة او سد يحميها من المد العالي الذي يندفع من المحيد الهندي ) ، وذهب الرحالة حسني Chesney ان طريدون يمكن ان تكون في جبل سنام وهو تل عظيم قريب من نهر ابا ( Pallacopas ) المعروف بكري سعد ، وهذه البقعة تقع على نحو 23 ميل من جنوب غربي البصرة وعلى 13 أو 14 ميل من غرب الزبير :
Chesney ـ R . A : The expcdition of the survey of the Euphrates and Tigris . Vol . ll p . 355 London 1350 .
في حين يذكر بلني Pliny في تأريخه الطبيعي بقوله انك اذا سرت شمالاً بطريق الماء من المقطعات الفرثيه انتهيت الى قرية بأسم طريدون .
Pliny ـ A . T . E : The Natural History of Pliny , Translated by John Bostock and H . Ritey Chapter 32
اما اميانس مرشليس المؤرخ الروماني فقد عد طريدون مدينة آشورية اي انه يقصد بذلك انها مدينة بابلية : ينظر :
Lane . w . H : Babyl onan broblems . p . 274 ـ 279 London 1923
(1) ياقوت : المعجم ، مجلد 1 : 430 مادة بصرة .
(2) دائرة المعارف : مجلد 5 ، ص 455 ، مادة بصرة ، البستاني : عبد الله البستان : طبعة بيروت 1927 ـ المجلد الاول : 152 ، الدمشقي : شمس الدين ابن عبد الله محمد بن طالب الانصاري : نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، المطبعة الاكاديمية 1865 م ، ص 186 ، الدجيلي : عبد الكريم مجلة المعلم الجديد سنة 1974 ، ص 63 ، الجزء الثالث .
(3) الشرقي : علي : ( البصرة ) : مجلة الاعتدال : العدد السادس لسنة 1934 ، ص 242 ، وكذلك البستاني : ص 152 .
(4) الشيخلي : محمد رؤوف طه : تاريخ البصرة القديمة وضواحيها سنة 14 للهجرة وما بعدها ، ص 5 ، ( الطبعة الاولى 1972 ) ، العباسي : عبد القادر باشا اعيان : ( البصرة في ادوارها التاريخية ، مطبعة دار البصري ( بغداد 1961 م ) ص 14 .
(5) الرعناء : لاختلاف هوائها في النهار الواحد وهي مؤنت الارعن ينظر :
( انستاس الكرملي : مجلة لغة العرب ، جـ 10 ، لسنة 1927 ص 61 ـ 611 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 59 ـ

الفصل الرابع
اسم انهار مدينة البصرة

  لعبت الموارد المائية المتمثلة بالانهار دوراً بارزاً في حياة المدن العراقية حيث روعي عند تمصيرها ان تكون قريبة من مصادر المياه كما ظهر جلياً في نمو وتطور مدينة البصرة ، وكذلك الحال لمعظم المدن العربية الاسلامية التي اقيمت فيما بعد .
  ولهذه الاهمية فقد طلب الخليفة عمر بن الخطاب من القائد عتبة بن غزوان ان يختار للمسلمين موضعاً قريباً من المشارب والمرعى وعلى هذا الاساس فقد قامت مدينة البصرة على مقربة من شط العرب واخترقت المدينة العديدة من الانهار ، الا اننا لا نستطيع تتبع هذه الانهار بسبب اندثار العديد منها ، كما ان بعض من اسمائها قد تغير بمرور الزمن الى درجة تجعل من الصعوبة تحديد مواقعها بصورة صحيحة ، ومع ذلك فان البعض الآخر بقي محتفظاً بأسمه .
  اشتهرت البصرة بكثرة انهارها المتفرقة من شط العرب ، حتى انه لم يتمكن احد من حصر تلك الانهار (1) ، التي تتفرع منها جداول عديدة اخرى تسمى عند

*************************************************
(1) ذكر السيد ابراهيم فصيح بن صيغة الله الحيدري البغدادي في كتابه ( المجد في بيان احوال بغداد والبصرة ونجد ، ص 309 ) عن انهار البصرة الموجودة في هذا العصر الكبار ( كذا ) المحصورة العدد والصغار التي لا يحصى عددها يجري فيها الماء من شط يقال له شط العرب وهو مجمع دجلة والفرات فالانهار الكبار لا تزال مملوءة من ماء الا العشار انه يخلو من الماء حالة الجزر واما الصغار فهي خالية اثناء الجزر فأذا حصل المد امتلأ الصغار وازدادت الكبار التي تجري فيها السفن وجميع الانهار الكبار خارجة من شط العرب وبعض الصغار من الكبار .
وذكر في صفحة 320 : اما الانهر والجداول المتفرقة من تلك الانهر المذكورة فتبلع اكثر من عشرة الاف نهراً ( كذا ) الا اننا لا نؤيد هذا القول لان في مدينة صغيرة لا يوجد هذا العدد من الانهار .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 60 ـ

البصريين ( شاخة ) (*) .
   ان الذي شجع القادة المسلمين على شق الانهار وممارسة الزراعة هو توفر الايدي الرخيصة وسهولة استملاك الاراضي بعد زراعتها (1) ، كما نرى ذلك عن القائد عتبة بن غزوان عندما نزل مدينة البصرة سنة 14 هجرية حيث اخذ يشق القنوات من شط العرب الذي كان يحرف بدجلة العوراء (**) ، بشكل دقيق ومستمر مستقلاً حدوث التيارات المد والجزر .
   ونظراً لاهمية انهار مدينة البصرة في دراستنا عن تخطيط هذه المدينة أثرنا بحث الانهار معتمدين على المصادر التاريخية وما تناقلته الاخبار وعلى المعاجم البلدانية والجغرافية .
   ومما يجدر ذكره في هذا المقام ان ما قيل من ان عدد انهار البصرة في ايام بلال بن بردة قد بلغت الاف (2) .

*************************************************
(*) شاخة : هي الفرع او الغصن .
انظر : احمد نوري الانصاري ، النصرة في اخبار البصرة ، الطبعة الثانية 1976 م ، ص 94 ، هامش رقم (4) تحقيق : الدكتور يوسف عز الدين .
(1) السامر : فيصل ، ثورة الزنج ( بغداد 1954 ) ص 21 .
(**) كان شط العرب يسمى دجلة العوراء وسمي كذلك بسبب تغيير مجرى دجلة المشابه للحالي سنة 628 م ، نتيجة فيضان كبير الى مجرى غرب مجراه الاصلي ، ومدينة البصرة القديمة التي ظل كما هو تغذية الاهوار بالمياه ، لذا سمي بدجلة العوراء طيلة القرون الاربعة الاولى للهجرة ، ( راجع : محمد طارق : شط العرب وشط البصرة والتاريخ ص 23 ) ، وأول اشارة الى شط العرب وردت في كتاب سفر نامه لناصر خسرو الذي وصل المدينة سنة 443 هـ ( 1051 م ) .
(2) الاصطخري : المسالك والممالك ص 57 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 61 ـ

   ان هذا القول الذي تناقله المؤرخون لا يدل الا على كثرة انهار البصرة في ذلك الزمان ولكن نعتقد ان هذا العدد لا يمثل الحقيقة قدر ما يدلنا على كثرة هذه الانهار : فليس المعقول ان تفهم مساحة البصرة هذا العدد الضخم ولكن قد يعبر لنا هذا العدد من كثرة الغدران والجداول ولا سيما في ايام المد والامطار الغزيرة .
  ويذكر ان بشرقيها مياه الانهار منفرشة وهي نيف على ثمانية الاف نهر وهي في مستوى من الارض لا جبال فيها (1) ، والبصرة على فيض (*) ، منها وهذه الانهار تصب فيه والمد والجزر يلحق بها وانهار البصرة هي :

1 ـ الابلة
   من انهار البصرة الشهيرة ، ويبلغ طوله اربعة فراسخ ما بين البصرة والابلة (2) .

*************************************************
(1) الحميري : محمد بن عبد المنعم الروض المعطار في خبر الاقطار ، تحقيق د . احسان عباس ـ لبنان 1975 ، ص 105 .
(*) ذكر اللغويون والجغرافيون العرب عن فيض البصرة ، ويصف ابن سرابيون بأن انهار منطقة البصرة تصب في الفيض الذي يصب في دجلة العوراء عند عبادان ، ( سهراب : عجائب الاقاليم السبعة ص 136 ) ، وكانت آنذاك على ساحل البحر وانه كان نهراً كبيراً متصلاً بمعقل ويمتد الى البصرة ثم ينحرف جنوباً ويسير موازياً لدجلة العوراء مكوناً مبزلاً للقنوات وكانت عليه عند البصرة مسناة بقربها المقبرة ، وان الفيض لا يأخذ ماءه مباشرة من دجلة بل يأخذ من احدى الترع الآخذة من دجلة ويمكن اعتبار هذا النهر هو استمراراً لنهر الابلة ، ( ابن رستة : الاعلاق النفيسة ، ص 94 ، ياقوت : المعجم جـ 2 : 65 ، العلي : خطط البصرة ص 82 ) .
(2) البلاذري : الفتوح ص 497 ، الاصطخري : الاقاليم ص 46 ، الاصطخري : مسالك الممالك ص 81 ، ابن حوقل : محمد بن علي : صورة الارض ( بيروت لا . ت ) ص 212 ، ناصر خسرو : سفر نامه ص 150 ، ياقوت : معجم »»»

تخطيط مدينة البصرة   ـ 62 ـ

وقدر الادريسي بأثنى عشر ميلاً (1) .
   حفر هذا النهر في خلافة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بعد تمصير البصرة ، أما سبب حفره فيذكر المؤرخون بأن الاحنف بن قيس (*) زار الخليفة عمر بن الخطاب ووصف له احتاج اهل البصرة الى الماء العذب (2) ، فأمر الخليفة بحفر نهر لهم فسمي بهذا الاسم .

*************************************************
»»» 5 : 316 ، شيخ الربوة : محمد ابي طالب الانصاري الصوفي الدمشقي : نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ( طبعة بطربورغ 1865 ) ، ص 178 ، النويري : احمد بن عبد الوهاب : نهاية الاريفي فنون الادب جـ 11 : 260 : ( القاهرة لا . ت ) ، الغزولي : علي بن عبد الله البهائي الدمشقي : مطالع البدور في منازل السرور ( القاهرة 1299 هـ ) جـ 1 ( : 113 ، القلقشندي : ابي العباس : صبح الاعشا : جـ 4 : 336 ( القاهرة 1970 ) .
(1) الادريسي : الشريف : تحقيق الجزيرة والعراق من نزهة المشتاق في اختراق الافاق ، تحقيق ابراهيم شوكة ، مستل من مجلة المجمع العلمي العراقي م 23 / 1977 ، الحميري ، الروض المعطار : ص 105 .
(*) الاحنف بن قيس : هو ابو بحر الضحاك بن قيس سيد فومه من تميم كان من سادات التابعيين ، اشتهر بالعقل الدهاء والحلم حتى اصبح مضرب المثل توفي سنة 67 هـ وقيل بعدها ابن خلكان : احمد بن ابراهيم : وفيات الاعيان وابناء انباء الزمان ، بيروت لا . ت . جـ 2 : 499 تحقيق احسان عباس .
(2) البلاذري : الفتوح ص 497 ، الطبري : التاريخ جـ 4 : 75 : المرزباني محمد بن عمران : نور القبس المختصر من المقتبس ( قيسبادن 1964 ) ص 172 ، ياقوت : المعجم جـ 5 : 316 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 63 ـ

   ولقد اختلفت روايات المؤرخين حول من حفر نهر الابلة فقيل ان ابا موس الاشعري هو الذي قام بحفره (1) ، في حين ذكر بعض المؤرخين ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب امر زياد بن ابيه بحفر نهر الابلة والذي تولى حفره لزياد (2) عبد الرحمن بن ابي بكرة (*) .
   اما ابن قتيبة فيذكر ، ان الذي حفر هذا النهر هو عبد الله بن عامر (**) ، اما اختلاف هذه الروايات فمن المحتل ان السبب يرجع ان الى هذا النهر حفر على مرحلتين : ان الخليفة عمر بن الخطاب امر ابا موسى الاشعري بحفر نهر الابلة فحفر ثم ردم قسم منه على مساحة فرسخ في ولاية عبد الله بن عامر في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان في الوقت نفسه كان زياد يتولى

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 497 : الجهشياري : الوزراء والكتاب ( القاهرة 1938 ) ص 19 .
(2) خليفة بن خياط : التاريخ جـ 1 : 142 ، المرزباني : نور القبس : 172 ، ابن عبد البر : الاستيعاب جـ 4 : 524 ، ياقوت : المعجم جـ 1 : 77 ، القلقشندي صبح الاعشا جـ 4 : 410 ، الزبيدي ، تاج العروس : جـ 7 : 200 .
(*) عبد الرحمن بن ابي بكرة : هو نفيع بن حارث الثقفي ابو بحر ويقال ابو حاتم البصري ، اول مولود ولد في الاسلام في مدينة البصرة بعد تمصيرها اعتبر من الثقات المشهورين ، ولاه زياد بن ابيه بيت المال ( ابن حجر : احمد بن علي : تهذيب التهذيب ، بيروت 1968 ، جـ 6 : 148 .
(3) ابن قتيبة : المعارف : ص 321 .
(**) عبد الله بن عامر : هو عبد الله بن عامر بن كريز من الصحابة ، كان جواداً شجاعاً ، ولاه الخليفة عثمان بن عفان البصرة بعد ابي موسى الاشعري سنة 29 هـ ، وضم اليه فارس بعد ذلك ، افتح خراسان وسجستان وكرمان ، وفي خلافة معاوية تولى البصرة مرة اخرى .
( انظر : ابن حجر : تهذيب التهذيب جـ 5 : 272 ) .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 64 ـ

بيت المال والديوان في مدينة البصرة ، فأمر زياد بحفره وتولى حفره لزياد عبد الرحمن بن ابي بكرة (1) .
   قيل ان نهر الابلة كان قبل حفره عبارة عن خور (*) ، طوله فرسخ ، يتجمع فيه مياه الامطار ، وتعود هذه المياه اليه اثناء المد وتنصب اليه اثناء الجزر ، وهذا الخور كان على فوهة نهر يعرف بأسم ( الجوبرة ) الذي تنتهي اليه مياه دجلة ، وعلى مسافة ثلاثة فراسخ بين هذا الخور والبصرة خور واسع يسمى بالاجانة عرف بعد ذلك في الاسلام بأسم ( الجزارة ) (**) ) ، وكان ابو موسى الاشعري هو الذي حفر نهر الاجانة بناء على امر التخليفة عمر بن الخطاب من الموضع المسمى ايكن (***) ، ولمسافة ثلاث فراسخ حتى وصل الى البصرة فأصبح طول نهر الابلة اربعة فراسخ بما في ذلك الخور الذي يبلغ طوله فرسخاً وبعد فترة من الزمن استغنى عنه الناس فطموه لمسافة فرسخ عن البصرة الى الموضع المسمى ببثق الحيرة (****) .

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 498 ، ياقوت : المعجم جـ 5 : 316 .
(*) الخور : مصب الماء في البحر ، وقيل : هو مصب المياه الجارية في البحر اذا اتسع وعرض . . . الخور عنق من البحر يدخل في الارض ، وقيل هو خليج من البحر : ابن منظور : لسان العرب جـ 4 : 263 ، مادة خور .
(**) الخزاز : في فتوح البلدان ص 497 ، وردت بلفظ الجزارة لعلها تحريف خزاز .
(***) ايكن : موضع في البصرة له ذكر في التواريخ ، ( ياقوت : المعجم ، جـ 1 : 75 ) .
(****) بثق الحيري : ينسب الى نبطي من اهل الحيرة يقال انه كان مولى لزياد بن ابيه ، ( البلاذري : الفتوح : ص 500 ) .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 65 ـ

   وفي خلافة عثمان امر زياد الذي كان يتولى الديوان وبيت المال عبد الرحمن بن ابي بكرة بحفر هذا النهر فترك الحفر الذي حفره ابو موسى الاشعري (1) ، وحفر نهر الابلة من دجلة الى مسناة البصرة (2) ، الى موضع الجبل (*) (3) .
   وقد زخرت معظم الكتب الادبية بذكر نهر الابلة ، فذكر عنه الجغرافيون والمؤرخون وتغنى به كذلك الشعراء ، وكما وصفه الجغرافيون العرب فقالوا : ( وعلى جانبي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد قد مدت على خيط واحد ووصفت بالمجالس الحسنة والمناظر الانيقة والابنية الفاخرة والعروش العجيبة والاشجار المثمرة والفواكه اللذيذة ، والرياحين الفضة المركب منها مثل الحيوان والبرك الفسيحة المرصوفة ولا تخلو من المتنزهين بغرائب الملاذ وتحف المتطرفين منحدرين ومصعدين ويتشعب فوق البصرة ومن تحتحها انهار كثيرة فمنها ما يقارب هذا النهر في الكبر ولا يدانيه في الجمال وحسن المنظر الانيق كأن نخيلها غرست في يوم واحد . . . ) (4) .

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 497 ـ 498 ، ابن الفقيه : مختصر كتاب البلدان : 189 ، ياقوت : المعجم : مجلد 5 : 316 .
(2) ياقوت : المعجم : مجلد 2 : 65 .
(*) الجبل : لم اجد تحديد موضع الجبل ، ويحتمل انه يقع عن اللتقاء نهر الابلة بنهر معقل .
(3) خليفة بن خياط : التاريخ جـ 1 : 142 ، ابن عبد البر : الاستيعاب جـ 2 : 524 .
(4) ابن حوقل : صورة الارض 212 ، الاصطخري : مسالك الممالك ص 81 ، الثعالبي : ابن منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل : ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ، القاهرة 1965 ص 526 ناصر خسرو : سفر نامه ص 150 ، ابو الفداء : تقويم البلدان ص 54 ، النويري : نهاية الارب جـ 11 : 260 ، الغزولي : مطالع البدور جـ 1 : 113 ، القلقشندي ، صبح الاعشا جـ 4 : 336 ، ص 410 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 66 ـ

وقد وصف هذا النهر الشاعر ابن ابي عينية (*) ، وهو يقول :
ويا  حـبذا نـهر الابـلة مـنظراً      اذا  مـد فـي ابـانه انـماء او iiجزر
ويا  حـسن تلك الجاريات اذ اغدت      مع الماء تجري مصعدات وتنحدر  (1)

وفيه يقول التنوخي (**) :
اذا نـظرت الـى الابـلة iiخـلتها      مـن جـنة الفردوس حين iiيخيل
كـم  منزل من نهرها الى iiالسرور      بـأنـه فــي غـيرها لا يـنزل
وكـأنما  تـلك الـقصور iiعرائس      والروض حلى وهي فيه ترغل  (2)

  وقد عد بعض المؤرخين هذا النهر من جنات الدنيا فقد قيل : ( اطيب نزه الدنيا الاربع هي غوطة دمشق ونهر الابلة وشعب بوان (***) ، وصفد سمرقند ) (****) (3) .

*************************************************
(*) ابن ابي عينية : هو محمد بن ابي عينة بن المهلب بن صفرة من شعراء الدولة العباسية ، سكن البصرة ، ولاه المنصور الرعي ثم عزله وحبسه بعدها ، ( ابو الفرج الاصفهاني : علي بن الحسن : الاغاني ، بيروت 1960 ، جـ 20 : 19 ) .
(1) ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 77 .
(**) التنوخي : هو القاضي ابو علي الحسن بن ابي القاسم .
(2) عن بقية ابيات القصيدة ينظر :
النويري : نهاية الارب جـ 11 : 26 ، القلقشندي : صبح الاعشا : جـ 4 : 41 .
(***) شعب بوان : بأرض فارس قرب مدينة شيراز وهي واد عميق فيه اشجار وعيون ماء ، في اسفله مضايق يتجمع فيه المياه .
( انظر : ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 503 ، ابن خلكان : وفيات الاعيان جـ 4 : 55 ) .
(****) صفد سمرقند : مدينة فيها وراء النهر ، وهي قصبة الصفد دخلها سمر بن اقريقش احد ملوك اليمن فهدمها ، فسميت سمركند اي سمر هدمها فعربها الناس الى سمرقند .
( ياقوت : المعجم مجلد 3 : 246 ، ابن خلكان : وفيات الاعيان جـ 4 : 49 ) .
(3) الثعالبي : لطائف المعارك ، القاهرة 1960 ، ص 157 ، انظر كذلك شيخ الربوة : نخبة الدهر ص 178 ، الغزولي : مطالع البدور جـ 1 : 113 ، الكعبي : فتح الله بن علوان : زاد المسافر ولهفة المقيم والحاضر ، بغداد 1924 ، ص 55 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 67 ـ

  وقد وصف الاصمعي (*) ، نهر الابلة بقوله : ( جنات الدنيا ثلاث غوطة دمشق ، ونهر سمرقند ، ونهر الابلة ) (1) .

2 ـ ابن سبره
  ينسب الى ابي سبرة الهذلي (2) ، ويقع بالقرب من نهر الغوثى (3) .
  ينسب الى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز (4) ، قام بحفره عندما قدم البصرة عاملاً على العراق ، حيث شكى له اهل البصرة ملوحة مائهم فكتب بذلك يزيد بن الوليد وحفر النهر ، ويقع هذا النهر بالقرب من نهر بثق شيرين وفي بدايته تقع ميثاق (5) .

*************************************************
(*) الاصمعي : هو ابن سعيد عبد الملك بن قريب المعروف بالاصمعي الباهلي كان صاحب لغة واماماً في الاخبار والغرائب ، ولد سنة 120 هـ وقيل 123 هـ ، توفي سنة 216 هـ وقيل 214 هـ او 215 هـ في البصرة وقيل في مرو .
(انظر ) :
ابن خلكان : وفيات الاعيان جـ 3 : 17 ، ص 155 ) .
(1) المرزباني : نور القبس 36 ، ابن عساكر : علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي : تاريخ مدينة دمشق ، تحقيق صلاح الدين المنجد جـ 2 : 169 ، دمشق 1954 ، التاريخ الكبير جـ 1 ، 252 ، مطبعة روضة الشام ( دمشق 1329 هـ ) ، الشربشي : احمد بن عبد المؤمن القيسي : شرح مقامات الحريري ، لقاهرة 1952 ، جـ 2 : 3 .
(2) البلاذري : الفتوح : 511 .
(3) العلي : خطط البصرة ص 79 .
(4) البلاذري : الفتوح ص 515 ياقوت : المعجم مجلد 4 : 830 .
(5) العلي : المصدر السابق ص 78 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 68 ـ

4 ـ ابن عمير
  ينسب الى عبد الله بن عمير بن عمرو بن مالك الليثي وكان عبد الله بن عامر اقطعة ثمانية الاف جريب فحفر عليها هذا النهر (1) .

5 ـ ابن بكرة
  ينسب الى ابي بكرة بن زياد (2) .

6 ـ ابو الخصيب
  ينسب الى ابي الخصيب مرزوق مولى ابي جعفر المنصور ، وقيل انه منسوب الى ابي الخصيب الذي كان خادماً عند هارون الرشيد حيث سكن في المحل المذكور وسمي النهر بأسمه ، وقيل ايضاً : سمي هكذا لكثرة ما فيه من خصب وبساتين (3) .

7 ـ الاجانة
  بلفظ الاجانة التي تغسل فيها الثياب ، بكسر الحمزة وتشديد الجيم ، حفر هذا بناء على طلب تقدم به الاحنف بن قيس الى الخليفة عمر بن الخطاب فأمر الخليفة ابا موسى ان يحفر لهم نهراً ، فذكر ان دجلة العوراء كان لها خور والخور طريق للماء لم يحفره احد تجري اليه الامطار ويتراجع ماءوها فيه عند المد ويصب فيه الجزر وكان يحده مما يلي البصرة خور واسع كان يسمى في الجاهلية

*************************************************
(1) ياقوت : المعجم مجلد 4 : 830 .
(2) البلاذري ، الفتوح ص 504 .
(3) البلاذري : الفتوح 505 ، الاصطخري : المسالك والممالك ص 57 ، ياقوت : المعجم : مجلد 4 : 831 ، الكاتب : 65 ـ 83 ، الشيخلي : ص 30 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 69 ـ

الاجانة وتسميته في الاسلام الجزارة وهو على مقدار ثلاثة فراسخ من البصرة ومنه يبتدأ النهر الذي يعرف اليوم بنهر الاجانة ، ولما امر الخليفة ابا موسى بحفر هذا النهر ابتدأ بنهر الاجانة وجعله ثلاثة فراسخ حتى بلغ به البصرة (1) ، ويحتمل انه سمي بهذا الاسم لان ماء البصرة اجن ( مالح ) (2) .

8 ـ آزي
  نهر آزى بالعراق لناس من ثقيف بالزاء والقصر قال الساجي نهر آزي قديم بالبصرة ويتصل به نهر الاجانة (3) ، ويروي البلاذري نهر آزي صيدت فيه سمكة يقال لها آزي فسمى بها وعلى نهر آزي أرض حران التي اقطعها عثمان لبني ثقيف (4) .

9 ـ الاساورة
  نهر يقع عند دار فيل مولى زياد ويروي الساجي بأن سباه الاسواري كان على مقدمة يزد جرد الذي بعثه الى الاهواز في الوقت الذي كان فيه ابو موسى الاشعري محاصراً للسوس لما ظهر الاسلام طلب من ابي موسى الدخول الى الاسلام فكتب بذلك ابو موسى الى الخليفة عمر بن الخطاب فاجابهم الى ما التمسوا به فخرجوا حتى لحقوا بالمسلمين وشهدوا مع ابي موسى حصار تستر ، وقيل ان الاساورة (*) هم الذين حفروا هذا النهر الذي عرف بأسمهم بعد تحالفهم

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح : ص 497 ، ياقوت ، المعجم ، جـ 4 : 832 .
(2) الدجيلي ، عبد الكريم ، مجلد المعلم الجديد العدد 4 و 5 لسنة 1947 ص 62 .
(3) ياقوت : المعجم : مجلد 4 : 834 .
(4) البلاذري : الفتوح : ص 504 .
(*) الاساورة : هم فرسان الجيش الفارسي تمتعوا بمكانة اجتماعية عالية اذ اعتبروا من ضمن طبقة الاشراف في المجتمع الفارسي ، ويصفهم كريستنسن بأهم زهرة الجيش الفارسي معظمهم كان اصحاب اراضي واسعة يقمون بزراعتها في ايام السلم ، ( ايران في عهد الساسنيين ، ص 91 ) .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 70 ـ

مع بني تميم في البصرة ابان دخولهم الاسلام (1) ، وفي رواية اخرى ان عبد الله بن عامر هو الذي حفره واقطعة لهم ( الاساورة ) فنسبها اليهم (2) .

10 ـ ام حبيب
  ينسب لأم حبيب ، ويصفه البلاذري (3) ، بقوله كان عليه قصر كثير الا الابواب يسمى ( الهزارد ) اي ( الف باب ) ، ويروي المدائني : تزوج شيروية الاسواري مرجانة ام عبد الله بن زياد فبنى لها قصراً فيه ابواب كثيرة فسمي هزاردر ، وفي رواية اخرى قال قوم سمي هزاردر لان شيرويه اتخذ في قصره الف باب فقال بعضهم نزل ذلك الموضع الف أسوار في الف بيت انزلهم كسرى فقيل هزاردر .

11 ـ ام عبد الله
  ينسب لام عبد الله بن عامر بن كريز امير البصرة ايام عثمان (4) .

12 ـ الامير
  حفر المنصور ثم وهبه لابنه جعفر لذا عرف بنهر امير المؤمنين ثم قيل نهر الامير ، وتدل اوصاف هذا النهر على احتمال كونه نهر ابي الفلوس (5) .

13 ـ انسان
  نهر حفره انس بن مالك (*) في الابلة في قطعة ارض اقطعه اياها زياد بن ابيه

*************************************************
(1) ياقوت : المعجم مجلد 4 : 834 .
(2) البلاذري : الفتوح : ص 553 .
(3) البلاذري : الفتوح : ص 500 .
(4) ياقوت : المعجم مجلد 4 : 835 .
(5) الكاتب : المصدر السابق : ص 65 .
(*) انس بن مالك الانصاري الصحابي خادم الرسول ( ص ) ، روي عن الرسول ( ص ) شهد العديد من المغازي مع الرسول ( ص ) ، انتقل بعد وفاة الرسول ( ص ) الى البصرة ، وبقى فيه حتى آخر من بقي من الصحابة ، توفي وله من العمر 167 سنة ، في 91 هـ ، وقيل 93 أو 95 هـ ، ابن حجر ، تهذيب التهذيب جـ 1 : 376 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 71 ـ

فنسب الى انس (1) .

14 ـ بثق شيرين
  يقع بجانبه خور ويحتمل ان هذا هو جزء من نهر في عصر سابق لبناء البصرة الا انه انقطع عنه نتيجة تغير مشاريع الري عن التحرير الاسلامي ، ولما جاء عدي بن أرطأه وصل هذا الخور ببثق شيرين وكان مهماً للبصريين فيما يقول البلاذري ان مقاطعة بهزان استفادت من هذا الاجراء مما يدل على ان هذه المقاطعة كانت بقربه (2) ، وقيل بينه وبين نهر الدير ستة فراسخ (3) .

15 ـ برية
  يروي الطبري ان برية هو ابراهيم بن محمد بن اسماعيل وكان في البصرة ايام استيلاء صاحب الزنج عليها (4) .

16 ـ بشار
  وهو يتفرع من نهر الابلة وينسب الى بشار بن مسلم بن عمرو الباهلي اخي قتيبة بن مسلم الذي اهدى الى الحجاج فرساً سبق عليه الخيل فاقطعه سبعمائة جريب وقيل اربعمائة جريب فحفر لها نهراً نسبة اليهم (5) .

17 ـ بلال
  نسب الى بلال بن ابي بردة بن ابي موسى الاشعري قاضي البصرة ، يروي

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح : 503 .
(2) العلي : خطط البصرة ص 58 .
(3) سهراب : عجائب الاقاليم السبعة : ص 135 ـ 136 .
(4) الطبري : التاريخ جـ 11: 219 .
(5) البلاذري : الفتوح ص 503 ، ياقوت : المعجم مجلد 4 : 835 ، المشترك وضعاً والمفترق صقعاً : ص 425 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 72 ـ

القحذمي (1) : كان بلال بن ابي بردة الذي فتق نهر معقل في فيض البصرة واحتفر بلال نهر بلال وجعل على جانبيه حوانيت ونقل اليها السوق وجعل ذلك ليزيد بن خالد بن عبد الله القسري (*) ، ويذكر البلاذري ان نهر بلال يصل نهر معقل بالفيض (2) .

18 ـ جطي
  نهر كانت تقوم على جانبيه قرى ونخل كثير وهو من نواحي شرقي دجلة ، وبذكر الطبري ان نهر جطي في شرق دجلة وهو حيال النهر المعروف باليهودي (**)

*************************************************
(1) ياقوت : المعجم مجلد 4 : 837 ، الطبري جـ 11 : 217 ، الشيخلي : المصدر السابق ص 31 .
(*) كان خالد والياً على البصرة والكوفة سنة تسع ومائة ويقال استخلف هشام بن عبد الملك خالد بعد العراق بعد عزل هشام بن هبيرة ، ( انظر : ابن الاثير : الكامل : جـ 5 : 145 ) .
(2) البلاذري : الفتوح : 507 .
(**) لم نجد في المصادر التاريخية وحتى الادبية المعروفة اية اشارة الى تسمية هذا النهر ، ويقال بانه منسوب الى طبيب يهودي بن اقطعه هارون الرشيد هذه المقاطعة فسميت نسبة الى دينه ، الا اننا نجد اشارة في كتاب ( ابن ابي اصيبعة ، عيون الانباء في طبقات الاطباء ، منشورات دار مكتبة الحياة ص 188 ) في ذكر الطبيب جبرائيل بن بختشوع بن جورجس حيث كان هذا الطبيب مسيحياً وليس يهودياً ويحتمل ان هذا النهر يعود فعلاً لطبيب يهودي عمل في البصرة خلال القرن الثاني للهجرة فسمي نسبة اليه ( الكاتب : المصدر السابق ص 30 هامش رقم (1) ومن الاطباء المشهورين في البصرة والذي كتب عنه ابي اصيبعه في كتابه المشار اليه اعلاه الصفحة 232 هو ( ماسرجويه ) الذي كانت له حادثة من ابي نواس بشأن جارية اسمها جنان ، ولما كان الرازي يسميه ( اليهودي ) وكان طبيباً مشهوراً جداً في البصرة ، فليس بعيداً ان يكون اسم اليهودي كان منسوباً الى ( ماسرجويه ) خاصة ان وصفه من قبل الرازي بقوله ( اليهودي ) قد يحتمل ان تكون اسم الشهرة الغالبة عليه . »»»

تخطيط مدينة البصرة   ـ 73 ـ

اي انه في موقع قريب من العجيراوية الحالية (1) .

19 ـ الجوبرة
  نهر في البصرة اتصل في نهر الاجانة على حد قول ياقوت (2) ، اختلف في سبب تسميته بهذا الاسم الذي حرف من جراء الاستعمال فقد قال ابو عبيدة : ان جوبرة بفتح الجيم وتشديد الواو وفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وهاء هي برة بنت زياد بن ابيه وقيل بل هي برة بنت ابي بكرة ، وقيل هي أمرأة من ثقيف ، او نسبة الى جوبرج صيد في هذا النهر (3) ، ولا يعرف ما هو الجوبرج ، ويحتمل ان اصل كلمة الجوبرة فارسية مكونة من جو ومعناها الشعير وبرة (4) ومعناها النعجة اي الشعير النعجة .

20 ـ جعفر
  يقع بالقرب من البصرة ، وفي الجانب الشرقي منها وكان لجعفر مولى سلمه بن زياد والذي كان خارجياً (5) .

21 ـ حرب
  ينسب الى حرب بن مسلم بن زياد بن ابيه فكان قطيعة لابيه سلم وكان

*************************************************
»»» كما اشار ابن جلجل الى الطبيب ( ماسرجويه ) في كتابه طبقات الاطباء والحكماء تحقيق : فؤاد سيد ـ مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية 1955 ص 61 ، ويشير سهراب بأن نهر اليهودي يقع الى جنوب نهر الابلة باربعة فراسخ ( 24 كم ) عجائب الاقاليم السبعة ص 136 ، ويتصل به بواسطة نهر نافذ : التاريخ : جـ 9 : 609 ) .
(1) ياقوت : المعجم : مجلد 4 : 837 : الشيغلي : المصدر السابق ص 31 .
(2) ياقوت : المعجم مجلد 4 : 841.
(3) التونجي : محمد : المعجم الذهبي ص 206 .
(4) المصدر السابق : ص 111 .
(5) البلاذري : الفتوح : ص 511 .

تخطيط مدينة البصرة   ـ 74 ـ

  عبد الاعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز اذ ادعى ان الارض التي عليه كانت لابن عامر ، وخاصم فيه حرباً ، ولما توجه القضاء لعبد الاعلى اتاه حرب فقال خاصمتك في هذا النهر وقد ندمت على ذلك وانت شيخ العشيرة وسيدها وهو لك فقال عبد الاعلى بل هو لك فأنصرف حرب بالنصر فجاء عبد الاعلى مواليه فقالوا : والله ما اتاك حرب حتى توجه لك القضاء ، فقال لا والله لا رجعت له ابداً (1) .

22 ـ حميدة
  ينسب الى حميدة ام عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن كريز وهي من بني عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس (2) .

23 ـ خالدان
  نسب الى خالد بن عبد الله بن اسد بن ابي العيص بن امية (3) ، اما سبب تثنية الاسم فيرجع الى المقاطعة والنهر كانا يعرفان بنفس الاسم : حيث نلاحظ ان معظم الانهار والترع والبساتين في البصرة تثنى مثل : حمدان ، وعمران ، وبكران ، وزيادان ، وسعيدان ، وسيحان .

24 ـ دبيس
  ديبس مولى لزياد بن ابيه ، قال القحذفي : كان زياداً لما بلغ بنهر معقل قتبة التي كان يعرض فيها الجند رده الى مستقبل الجنوب حتى اخرجه الى اصحاب الصدقة بالجبل (*) فسمى ذلك المنعطف نهر ديبس لرجل قصار كان

*************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 500 ـ 501 .
(2) البلاذري : الفتوح ص 502 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 507 ، ياقوت : المعجم : مجلد 1 : 436 ، مادة بصرة .
(*) اصحاب الصدقة بالجبل : هو المكان الذي يؤخذ فيه الضريبة المفروض منها على التجارات .