كان يسمى في الجاهلية الأجانة وتسمية العرب في الإسلام خزاز ( يستعمل البلاذري كلمة الجزيرة بدلاً من خزاز وكلمة الجزارة تشابه كثيراً لفظة الكزارة وهي المحلة الموجودة حالياً في العشار ) وهو مقدار ثلاثة فراسخ من البصرة ومنه يبتديء النهر الذي يعرف اليوم بنهر الأجانة فلما أمر عمر أبا موسى بحفر نهر إبتدأ بحفر نهر الاجانة ففأره ثلاثة فراسخ حتى بلغ به البصرة وكان طول نهر الأبلة أربعة فراسخ ثم إنطم منه شيء على قدر فرسخ من البصرة وكان زياد بن ابيه والياً على الديوان وبيت المال من قبل عبد الله بن عامر بن كريز وعبد الله يومئذ على البصرة من قبل عثمان فأشار إبن عامر أن ينفذ نهر الأبلة من حيث إنطم حتى يبلغ البصرة ويصله بنهر الأجانة فدافع بذلك إلى أن شخص إبن عامر إلى خراسان وأستخلف زياداً على حفر أبي موسى على حاله فحفر نهر الابلة من حيث أنطم حتى وصله بالاجانة عند البصرة وولى ذلك إبن أخيه عبد الرحمن بن أبي بكرة فلما فتح عبد الرحمن الماء جعل يركض بفرسه والماء يكاد يسبقه حتى إلتقى فصار نهراً مخرجه من فم نهر الأجانه ومنتهاه إلى الأبلة وهكذا إلى الآن على ذلك ، وقدم إبن عامر من خراسان فغضب على زياد وقال إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني فتباعد بينهما لسببه ما بين أولادهما قال يونس بن حبيب فأنا أدركت مابين آل زياد وآل عامر تباعداً وفي كتاب البصرة لإبن يحيى الساجي نهر الجوبرة من أنهار البصرة القديمة وكان ماء دجلة ينتهي إلى فوهة الجوبرة فيستنقع فيه الماء مثل البركة الواسعة فكان أهل البصرة يدنون منه احياناً ويغسلون ثيابهم وكانت فيه أجاجين وأنقرة وخرف وآلات القصار فلذلك سمي نهر الأجانة قال أبو اليقظان كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ قال المدايني نزل البصرة على عين ماء لا ماء الأجانة وإليه ينتهي خليج الأبلة حتى كلم الاحنف عمر فكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحفر لهم نهراً فأحفر من الأجانة من الموضع الذي يقال له آبكن ( أي مستودع الماء باللغة الفارسية ) وكان قد حفره الماء فحفر أبو موسى وعبره إلى البصرة فلما إستغنى الناس عنه طموه من البصرة إلى بثق الحيري ورسمه قائم الى اليوم فكانوا يستقون قبل ذلك

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 40 ـ

مائهم من الابلة وكان يذهب رسولهم إذا قام المتهدجون من الليل فيأتي بالماء من الغد صلاة العصر . . ) .

تيراب
   بالراء وأخره باء موحدة قال ابو يحيى زكريا الساجي ومن خطه نقلته كتب زياد بن ابيه إلى عثمان يستأذن في حفر نهر الابلة ووصفه له وعرفه إحتياج أهل البصرة أليه فأن له فترك نهر أبي موسى وهو الأجانة على حالة وإحتفر من دجلة إلى مسناة البصرة ثم قاده مع المسناة إلى التيراب فيض البصرة ) .

شط عثمان
   موضع بالبصرة كان سباخاً ومواتاً فأحياها عثمان بن ابي العاص الثقفي وكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن عامر بن كريز وهو والي البصرة من قبله أن أقطع عثمان بن ابي العاص الثقفي ما كتب له بالشط وكان نسخة الكتاب ( بسم الله الرحمن الرحيم ) هذا كتاب عبد الله عثمان أمير المؤمنين لعثمان بن ابي العاص إني أعطيتك الشط امن ذهب إلى الأبلة من البصرة والمقابلة والقرية التي كان الأشعري عمل فيها وأعطيتك ما كان الأشعري عمل من ذلك براح ذلك الاشط أجمة وسبخة فيما بين الخرارة إلى دير جابيل إلى القبرين اللذين على الشط المقابلين للأبلة وأعطيتك ما عملت من ذلك أنت وبنوك أن واحداً تعطيه شيئاً من ذلك من إخوتك فأعتمله عن عطيتك وأمرت عبد الله بن عامر أن لا يمنعكم شيئاً أخذتموه ترون أنكم تستطيعون عمله من ذلك فما كان فيه بعد ما عملتم وإخترتم من فضل ترونكم ما عملتموه فليس لكم أن تتحولوا دونه لمن اراد أمير المؤمنين أن يعمل فيه حجة له وأعطيتك ذلك عوضاً عن أرضك التي أخذت منك بالمدينة التي إشتراها لك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وما كان فيما سميت فضل على تلك الأرضين فأنها عطية أعطيتك إياها أنعزلتك عن العمل وقد كتبت إلى عبد الله بن عامر أن يعينك في عملك ويحسن لك العون فإعمل بإسم الله وعونه وإمسك ) .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 41 ـ

شهد المغيرة بن الأخفش والحارث بن الحكم بن أبي العاص وفلان بن أبي فاطمة وكتب تاريخه لثمان بقين من جمادي الآخرى سنة 29 ) .
  ولعلاقة الموضوع كما سنبين فيما بعد أورد فيما يلي إحدى الروايات التي كتبها ياقوت الحموي في معجم البلدان حول تأسيس البصرة وذلك لإهميتها :

البصرة
   البصرة ـ وهما بصرتان العظمى بالعراق وأخرى بالمغرب وأنا أبدأ أولاً بالعظمى التي بالعراق وأما البصرتان فالكوفة والبصرة ، قال المنجمون البصرة طولها أربع وسبعون درجة وعرضها إحدى وثلاثون درجة وهي في الإقليم الثالث ، قال إبن الأنباري البصرة في كلام العرب الأرض الغليظة ، وقال قطرب البصرة الأرض الغليظة فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب ، قال ويقال بصرة للأرض الغليظة وقال غيره البصرة حجارة رخوة فيها بياض وقال ابن الاعرابي البصرة حجارة صلاب ، قال وإنما سميت بصرة لغلظها وشدتها ، كما تقول ثوب ذو بصر وسقاء ذو بصر أذا كان شديداً جيداً ، قال ورأيت في تلك الحجارة في اعلى المربد بيضاً صلاباً وذكر الشرقي إبن القطامي إن المسلمين حين وافوا مكان البصرة للنزول بها نظروا إليها من بعيد وأبصروا الحصا عليها فقالوا إن هذه أرض بصرة يعنون حصبة فسميت بذلك وذكر بعض المغاربة أن البصرة الطين العلك ، وقيل الأرض الطيبة الحمراء ، وذكر أحمد بن محمد الهمذاني حكاية عن محمد بن شرحبيل بن حسنة أنه قال إنما سميت البصرة لإن فيها حجارة سوداء صلبة وهي البصرة وأنشد لخفاف بن ندية :
إن كنت جلمود بصر لا أويسه      أوقد  عـليه وأحـميه iiفينصدع
   وقال الطرماح بن حكيم :
مـولفة  تـهوى جميعاً كما iiهوى      من التيق فوق البصرة المتطحطح

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 42 ـ

   وهذان البيتان يدلان على الصلابة لا الرخاوة ، وقال حمزة بن الحسين الأصبهاني سمعت موبذ بن اسوهشت يقول البصرة تعريب بس راه (1) لإنها كانت ذات طرق كثيرة إنشعبت منها إلى أماكن مختلفة ، وقال قوم البصر والبصر ( والأولى بضم الباء والراء والثانية بفتح الباء وضم الراء ) الكذان وهي الحجارة التي ليست بصلبة سميت بها البصرة كانت بقعتها عند إختطاطها واحدة بصرة وبصرة وقال الأزهري لبصر ( بكسر الباء وسكون الصاد ) الحجارة على البياض بالكسر فإذا جاءوا بالهاء بصرة وأنشد بيت خفاف ـ إن كنت جلمود بصر ، وأما النسب إليها فقال بعض أهل اللغة إنما قيل في النسب إليها بصري بكسر الباء لإسقاط الهاء فوجب كسر الباء في البصري ، مما غير في النسب كما قيل في النسب إلى اليمين يمان وإلى تهامة تهام وإلى الري رازي وما أشبه ذلك من المغير ، وأما فتحها وتمصيرها فقد روي أهل الأثر عن نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي وغيره أن عمر بن الخطاب أراد أن يتخذ للمسلمين مصراً وكان المسلمون قد غزوا من قبل البحرين توج ونوبند جان وطاسان فلما فتحوها كتبوا إليه إنا وجدنا بطاسان مكاناً لا بأس به فكتب إليهم أن بيني وبينكم دجلة لا حاجة في شيء بيني وبينه دجلة أن تتخذوه مصراً ثم قدم عليه ورجل من بني سدوس يقال له ثابت فقال امير المؤمنين إني مررت بمكان دون دجلة فيه قصر وفيه مسالح للعجم يقال له الخريبة ويسمى أيضاً البصيرة بينه وبين دجلة أربعة فراسخ له خليج بحري فيه الماء إلى أجمة قصب ، فأعجب ذلك عمر وكانت قد جاءته أخبار الفتوح من ناحية الحيرة وكان حسن سويد بن قطبه الذهلي وبعضهم يقول قطبة بن قتادة يغير في ناحية الخريبة من البصرة على العجم كما كان المثنى بن حارث يغير بناحة الحيرة ، فلما قدم خالد بن الوليد البصرة من اليمامة والبحرين مجتازاً الى الكوفة بالحيرة سنة إثني عشرة أعانه عن حرب هنالك ، وخلف سويداً ويقال أن خالداً لم يرحل من البصرة حتى فتح الخريبة وكانت مسلحة للاعاجم وقتل وسبى وخلف بها رجلاً من بني سعد بن بكر بن هوازن يقال شريح بن عامر ، ويقال أنه أتى

 ************************************************
(1) كلمة ( بسى ) الباء تعني كلمة ( بسيار ) بكسر الباء الفارسية ومعناها الكثير و ( راء ) كلمة فارسية بمعنى الطريق .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 43 ـ

نهر المرأة ففتح القصر صلحاً وكان الواقدي ينكر أن خالداً مر بالبصرة ويقول أنه حين فرغ من أمر اليمامة والبحرين قدم المدينة ثم سار منها إلى العراق على طريق فيد والثعلبية والله أعلم ، ولما بلغ عمر بن الخطاب حُسن سويد بن قطبة وما يصنع بالبصرة رأي أن يوليها رجلاً من قبله فولاها عتبة بن غزوان بن حابر بن وهيب بن نسيب أحد بني مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن حليف بن نوفل بن عبد مناف وكان من المهاجرين الأولين أقبل في أربعين رجلاً منهم نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي وأبو بكرة وزياد بن أبيه (1) وآخت لهم وقال له عمر أن الحيرة قد فتحت فأت أنت ناحية البصرة وإشغل من هناك من أهل فارس والأحواز وميسان عن إمداد إخوانهم فاتاها عتبة وإنظم إليه سويد بن قطبة فيمن معه من بكر إبن وايل وتميم ، قال نافع بن الحارث فلما أبصرت الدبادبة خرجوا هراباً وجينا القصر فنزلناه ، فقال عتبة إرتادوا لنا شيئاً نأكله قال فدخلنا الأجمة فإذا زنبيلان في أحدهما تمر وفي الآخر أرز بقشرة فجذبناهما حتى أدنيناهما من القصر وأخرجنا ما فيهما فقال عتبة هذا سم أعده لكم العدو ويعني الأرز ، فلا تقربنه ، فأخرجنا التمر ـ وجعلنا نأكل منه فإننا لكذلك فأذا بفرس قد قطع قياده وأتى ذلك الأرز يأكل منه فلقد رأتنا نسعى بشفارنا تريد ذبحه قبل ان يموت فقال صاحبه أمسكوا عنه أحرسه الليلة فإن أحسست بموته ذبحته فلما أصبحنا إذا الفرس يروث لا بأس عليه فقالت أختي اني سمعت أبي يقول أن السم لا يضر أذا نصبح فأخذت من الأرز توقد من تحته ثم نادت ألا أنه يتفصى من حبيبة حمراء ثم قالت قد جعلت تكون بيضاء فما زالت تطبخه حتى إنماط قشره فألقيناه في الجفنه فقال عتبة إذكروا إسم الله عليه وكلوه فأكلوا منه فإذا هو طيب ، قال فجعلنا بعد تميط عنه قشره ونطبخه فلقد رأيتني بعد ذلك وأنا أعده لولدي ثم قال أنا إلتأمنا فبلغنا ستماية رجل وست نسوة

 ************************************************
(1) هؤلاء الثلاثة إخوة لأمهم سمية وأختهم أزدة بنت الحارث بن كلدة زوجة عتبة بن غزوان ، وكانت سمية أم زياد وقد وهبها أبو الخير ( وقيل أبو الجبر ) بن عمر الكندي للحارث بن كلدة وكان طبيباً يعالجه فولدت له على فراشه نافعاً ثم ولدت أبا بكرة فأنكر لونه ، وقيل له أن جاريتك بغي ، فإنتفى من ابي بكرة ومن نافع ، وزوجها عبيداً ، عبداً لابنته فولدت على فراشه زياداً ، وقيل أن النوشجان كان قد جذم فعالجه الاطباء الفرس فلم يصنعوا شيئاً فقيل له أن بالطائف متطبب العرب ، فحمل إليه هدايا وحمل سمية فداواه فبرأ فوهبها له مع هدايا وكانت سمية من اهل زندرود ، وكانت البغايا في الجاهلية لهنّ رايات يعرفن بها ، وكان أكثر الناس يكرهون أماءهم على البغاء والخروج إلى تلك الرايات فيقال أن أبا سفيان خرج يوماً وهو ثمل إلى تلك الرايات فقال لصاحبة الراية : هل عندك من بغي ؟ فقالت ما عندي إلا سمية ، قال : هاتها على نتن إبطيها ، فوقع بها ، فولدت له زياداً على فراش عبيد .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 44 ـ

إحداهن أختي وأمد عمر عتبة بهرثمة بن عفرجة وكان بالبحرين فشهد بعض هذه الحروب ثم سار إلى الموصل قال وبني المسلمون بالبصرة سبعة دساكر إثنتان بالخريبة وإثنتان بالزابوقة وثلاث في موضع دار الأزد اليوم وفي غير هذه الرواية أنهم بنوها بلبن في الخريبة إثنتان وفي الازد اثنتان وفي الزابوقة واحدة وفي بني تميم أثنتان ففرق أصحابه فيها ونزل هو الخريبة ، قال نافع ولما بلغ ستماية قلنا ألا نسير إلى الأبلة فإنها مدينة حصينة فسرنا إليها ومعنا العنز ( بفتح العين والنون وضم الزاء ) وهي جمع عنزه وهي أطول من العصا وأقصر من الرمح وفي رأسها زج وسيوفنا وجعلنا للنساء رايات على قصب وأمرناهن أن يثرن التراب وراءنا حين يرون أنا قد دنونا من المدينة ، فلما دنونا منها صففنا أصحابنا قال وفيهم دبادبتهم وقد اعدوا السفن في دجلة فخرجوا إلينا في الحديد مسومين لا نرى منهم إلا الحدق قال فوالله ما خرج أحدهم حتى رجع بعضهم إلى بعض قتلاً وكان الأكثر قد قتل بعضهم بعضاً ونزلوا السفن وعبروا إلى الجانب الآخر وإنتهى ألينا النساء وقد فتح الله علينا ودخلنا المدينة وحوينا متاعهم وأموالهم وسألناهم ما الذي هزمكم من غير قتال فقالوا عرفتنا الدبادبة أن كميناً لكم قد ظهر وعلى رهجه يريدون النساء في اثارهن التراب وذكر البلاذري لما دخل المسلمون الابلة وجدوا خبر الحواري فقالوا هذا الذي كانوا يقولون إنه يسمن فلما أكلوا منه جعلوا ينظرون إلى سواعدهم ويقولون ما نرى سمناً وقال عوانه بن الحكم كانت مع عتبة بن غزوان لما قدم البصرة زوجته ازده بنت الحارثبن كلدة ونافع بن وأبو بكرة وزياد فلما قاتل أهل مدينة الفرات جعلت إمرأته أزده تحرض المؤمنين على القتال وهي تقول إن يهزموكم يولجوا فينا الغلف ففتح الله على المسلمين تلك المدينة وأصابوا غنايم كثيرة ولم يكن فيهم أحد يحسب ويكتب إلا زياد فولاه قسم ذلك الغنم وجعل له في كل يوم درهمين وهو غلام في رأسه ذوابة ثم أن عتبة كتب الى عمر يستأذنه في تمصير البصرة وقال أنه لابد للمسلمين من منزل إذا أشتا شتوا فيه وإذا رجعوا من غزوهم لجأوا إليه فكتب إليه عمر أن أرتد لهم منزلاً قريباً من المراعي والماء وأكتب ألي بصفته فكتب الى عمر أني قد وجدت أرضاً كثيرة القضة ( بفتح القاف وفتح وتشديد الضاد ) في طرف البر إلى الريف ودونها مناقع فيها ماء وفيها قصباء والقضة

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 45 ـ

من المضاعف والحجارة المجتمعة المتشققة وقيل أرض قضة ذات حصى ، وأما القضة بالكسر والتخفيف ففي كتاب العين أنها أرض منخفضة ترابها رمل وقال الأزهري الأرض التي ترابها رمل يقال لها قضة بكسر القاف وتشديد الضاد وأما القضة بالتخفيف فهو شجر من شجر الحمص ويجمع على قضين وليس من المضاعف وقد يجمع على القضى مثل البرى وقال أبو نصر الجواهري القضة بكسر القاف والتشديد الحصى الصغار والقضة أيضاً ارض ذات حصى قال ولما وصلت الرسالة إلى عمر قال هذه أرض بصرة قريبة من المشارب والمرعى والمحتطب ، فكتب إليه أن أنزلها فنزلها وبني مسجدها من قصب وبنى دار أمارتها دون المسجد في الرحبة التي يقال لها رحبة بني هاشم وكانت تسمى الدهناء وفيها السجن والديوان وحمام الامراء بعد ذلك لقربها من الماء فكانوا إذا غزوا نزعوا ذلك القصب ثم حزموه ووضعوه حتى يعودوا من الغزو فيعيدوا بناءها كما كان وقال الأصمعي لما نزل عتبة بن غزوان الخريبة ولد بها عبد الرحمن بن ابي بكرة وهو اول مولود ولد في البصرة فنحر أبوه جزوراً أشبع منها اهل البصرة وكان تمصير اهل البصرة في سنة أربع عشرة قبل الكوفة بستة أشهر وكان أبو بكرة أول من غرس النخل بالبصرة (1) وقال هذه ارض نخل ثم غرس الناس بعده ، وقال أبو المنذر أول دار بنيت بالبصرة دار نافع بن حارث ثم دار معقل بن يسار المزني وقد روي من غير هذا الوجه أن الله عز وجل لما اظفر سعد بن ابي قاص بإرض الحيرة وما قاربها كتب إليه عمر بن الخطاب أن إبعث عتبة بن غزوان إلى ارض الهند فإنه أرض من الإسلام مكاناً وقد شهد بدراً وكانت الأبلة يومئذ تسمى أرض الهند فلينزلها ويجعلها قيرواناً للمسلمين ولايجعل بيني وبينهم بحراً فخرج عتبة من الحيرة في ثمانماية رجل حتى نزل موضع البصرة فلما إفتتح الابلة خرب قيروانه وضرب للمسلمين بأخبيتهم وكانت خيمة عتبة من أكسية ورماه عمر بالرجال فلما كثروا بني رهط منهم فيها سبعة دساكر من لبن منها في الخريبة إثنتان وفي الزابوقة واحدة وفي بني تميم إثنتان وكان سعد بن ابي وقاص يكاتب عتبة بأمره ونهيه فأنف عتبة من ذلك وإستأذن عمر فب الشخوص إليه فأستخلف مجاشع بن مسعود السلمي على جنده وكان عتبة قد سيره في جيش

 ************************************************
(1) النخيل كان موجوداً في العراق قبل مجيء الإسلام والمقصود هو أن أبا بكرة أول من غرس النخيل في موقع مدينة البصرة القديمة .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 46 ـ

إلى فرات البصرة ليفتحها فأمر المغيرة بن شعبة أن يقيم مقامه إلى ان يرجع قال ولما أراد عتبة الإنصراف إلى المدينة خطب الناس وقال كلاماً في آخره وستحرثون الأرض من بعدي قال الحسن فلقد جربناهم فوجدنا له الفضل عليهم قال وشكى عتبة إلى عمر تسلط سعد عليه فقال له وما عليك إذا قررت بالإمارة لرجل من قريش له صحبة وشرف فإمتنع من الرجوع فأبى عمر إلا رده فسقط عن راحلته في الطريق فمات وذلك في سنة ستة عشرة قال ولما سار عتبة عن البصرة بلغ المغيرة أن دهقان ميسان وذلك في سنة ستة عشر قال ولما سار عتبة عن البصرة بلغ المغيرة ان دهقان ميسان كفر ورجع عن الإسلام وأقبل نحو البصرة وكان عتبة قد غزاها وفتحها فسار إليه المغيرة فلقيه بالمنعرج فهزمه وقتله ، وكتب المغيرة إلى عمر بالفتح منه فدعا عمر عتبة وقال له ألم تعلمني إنك إستخلفت مجاشعاً قال نعم قال فإن المغيرة كتب إلي بكذا فقال إن مجاشعاً كان غايباً فأمرت المغيرة بالصلوة إلى أن يرجع مجاشع فقال عمر لعمري أن أهل المدر الأولى ان يستعملوا من اهل الوبر ، يعني بإهل المدن المغيرة لانه من اهل الطايف وهي مدينة وبأهل الوبر مجاشعاً لأنه من اهل البادبة وأقر المغيرة على البصرة فلما كان مع أم جميلة وشهادة القوم عليه بالزنا كما ذكرناه في كتاب المبدأ والمال من جمعنا إستعمل عمر على البصرة أبا موسى الأشعري أرسله إليها وأمره بإنفاذ المغيرة أليه وقيل كان ابا موسى بالبصرة فكاتبه عمر بولايتها وذلك في سنة ست عشرة وفي سنة سبع عشرة وولى أبو موسى الجامع بحاله وحيطانه قصب فبناه أبو موسى باللبن وكذلك دار الإمارة وكان المنبر في وسطه وكان الإمام إذا جاء للصلوة بالناس تخطى رقابهم إلى القبلة ، فخرج عبد الله بن عامر بن كريز وهو امير لعثمان على البصرة ذات يوم من دار الإمارة يريد القبلة وعليه جبه خزدكناء فجعل الأعراب يقولون على الأمير جلد دب ، فلما إستعمل معاوية زياداً على البصرة قال زياد لا ينبغي للأمير أن يتخطى رقاب الناس فحول دار الإمارة من الدهناء إلى قبل المسجد وحول المنبر إلى صدره فكان الإمام يخرج من الدار من الباب الذي في حايط القبلة إلى القبلة ولا يتخطى أحداً وزاد في حايط المسجد زيادات كثيرة وبنى دار الإمارة باللبن وبنى المسجد بالجص وسقفه بالساج فلما فرغ من بناءه جعل يطوف وينظر إليه ومعه وجوه البصرة فلم يعب من الأدقة الاساطين قال وكم بوت منها قط صدع ولا ميل ولا عيب وفيه يقول حارثة بن بدر الغداني :

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 47 ـ

بـنى زيـاد لـذكر الله iiمـصنعه      بالصخر والجص لم يخلط من الطين
لـولا  تـعاون أيـدي الرافعين iiله      إذا  ظـنـناه أعـمال iiالـشياطين
   وجاء بسواريه من الأحواز وكان قد ولى بناءه الحجاج بن عتيك الثقفي فظهرت له أموال وحال لم تكن قبل ففيه قيل يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة وقيل أن أرض المسجد كانت تربة فكانوا إذا فرغوا من الصلوة نفضوا ايديهم من التراب فلما رأى زياد ذلك قال لا آمن أن يظن الناس على طول الايام أن نفض اليد في الصلوة سنة ، فأمر بجمع الحصى وألقاه في المسجد الجامع ووظف ذلك على الناس فإشتد الموكلون بذلك على الناس وأروهم حصى إنتقوه فقالوا أيتونا على قدره وألوانه وإرتشوا على ذلك يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة فذهبت مثلاً .
   وكان جانب الجامع الشمالي منزوياً لأنه كان دار لنافع بن الحارث أخي زياد فأبى أن يبيعها فلم يزل على تلك الحال حتى ولى معاوية عبيد الله بن زياد على البصرة فقال عبيد الله بن زياد إذا شخص عبد الله بن نافع إلى أقصى ضيعة فاعلمني فشخص إلى قصر الابيض فبعث فهدم الدار وأخذ في بناء الحايط الذي يستوي به ترابيع المسجد وقدم عبد الله بن نافع فضج فقال له إني أثمن لك وأعطيك مكان كل ذراع خمسة أذرع وأدع لك خوخة حايطك إلى المسجد وأخرى في غرفتك فرضى فلم يزل الخوختان في حايطه حتى زاد المهدي فيه ما زاد فدخلت الدار كلها في المسجد وقد امر بذلك الرشيد ولما قدم الحجاج خبر ان زياداً بنى دار الإمارة فأراد أن يذهب ذكر زياد منها أريد أن أبنيها بالآجر فهدمها فقيل له إنما غرضك أن تذهب ذكر زياد منها فما حاجتك أن تعظم النفقة وليس يزول ذكره عنها فتركها مهدومة فلم يكن للأمراء دار ينزلونها حتى قام سليمان بن عبد الملك فإستعمل صالح بن عبد الرحمن على خراج العراقيين فقال له صالح أنه ليس بالبصرة دار إمارة وخبره خبر الحجاج فقال له سليمان أعدها فأعادها بالجص والآجر على أساسها الذي كان ورفع سمكها فلما أعاد أبوابها عليه قصرت فلما مات سليمان وقام عمر بن العزيز أستعمل عدي بن أرطأة على البصرة فبني فوقها غرفاً فبلغ ذلك عمر فكتب إليه هبلتك أمك يا أبن عم عدي أتعجز

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 48 ـ

عنك مساكن وسعت زياداً وإبنه فأمسك عدي عن بناءها فلما قدم سليمان بن علي البصرة عاملاً للسفاح أنشأ فوق البناء الذي كان لعدي بناء بالطين ثم تحول إلى المربد (1) فلما ولي الرشيد منهما وأدخلها في قبلة المسجد الجامع فلم يبق للأمراء بالبصرة دار إمارة وقال يزيد الرشك قست البصرة في ولاية خالد بن عبد الله القسري فوجدت طولها فرسخين وعرضها فرسخين إلا دانق وعن الوليد بن هشام أخبرني أبي عن أبيه وكان يوسف بن عمر قد ولاه ديوان جند البصرة قال نظرت في جماعة مقاتلة العرب بالبصرة أيام زياد فوجدتهم ثمانين الفاً ووجدت عيالاتهم ماية الف وعشرين ألف عيل ووجدت مقاتلة الكوفة ستين ألفاً وعيالاتهم ثمانين ألفاً .

   ويستمر ياقوت في معجم البلدان فيكتب عن المد والجزر فيقول :
  ( وقال الجاحظ بالبصرة ثلاث أعجوبات ليست في غيرها من البلدان منها أن عدد المد والجزر في جميع الدهر شيء واحد فيقبل عند حاجتهم إليه ويرتد عند إستغناءهم عنه ثم لا يبطيء عنها إلا بقدر هضمها وإستمراءها وجماحها وإستراحتها لا يقتلها عطشاً ولا غرقاً ولا يغبها ظمأ ولا عطشاً يجيء على حساب معلوم وتدبير منظوم وحدود ثابتة وعادة قايمة يزيدها القمر في إمتلاءه كما يزيدها في نقصانه فلا يخفي على أهل العلات يتخلفون ومتى يذهبون ويرجعون بعد أن يعرفوا موضع القمر وكم مضى من الشهر فهي آية وإعجوبة ومفخر وأحدوثة لا يخافون المحل ولا يخشون الحطمة قلت أنا كلام الجاحظ هذا لا يفهمه إلا من شاهد الجزر والمد وقد شاهدته في ثمان سفرات لي إلى البصرة ثم إلى كيش ذاهباً وراجعاً ويحتاج إلى بيان يعرفه من لم يشاهده وهو أن دجلة والفرات يختلطان قرب البصرة ويصيران نهراً عظيماً يجري من ناحية الشمال الى ناحية الجنوب فهذا وبسمونه جزراً ثم يرجع من الجنوب الى الشمال ويسمونه مداً يفعل ذلك في كل يوم وليلة مرتين فإذا جزر نقص نقصاناً كثيراً بيناً بحيث لو قيس لكان الذي نقص ما يبقي وأكثر وليست زيادته متناسبة بل يزيد في أول كل شهر ووسطه أكثر من سايره

 ************************************************
(1) المربد ( بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء وسكون الدال ) : محبس الإبل وما شاكلها والمربد قضاء وراء البيوت يرتفق به والمربد للتمر هو كالبيدر للحنطة .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 49 ـ

وذاك أنه إذا إنتهى في أول الشهر إلى غايته في الزيادة وسقى المواضع العالية والأراضي القاصية أخذ يمد كل يوم وليلة أنقص من اليوم الذي قبله ينتهي غاية نقص زيادته في آخر يوم من الاسبوع الاول من الشهر ثم يمد في كل يوم أكثر من مده في اليوم الذي قبله حتى ينتهي غاية زيادة مده في نصف الشهر ثم يأخذ في النقص إلى آخر الأسبوع ثم في الزيادة في آخر الشهر هكذا أبداً لا يختلف ولا يخل بهذا القانون ولا يتغير عن هذا الإستمرار . . . ألخ ) .

   ويقول الدكتور صالح أحمد العلي في خطط البصرة ـ ج 1 ـ 1952 مجلة سومر ـ صفحة 83 :
   ( أما المنطقة الواقعة بين البصرة وشط عثمان فإن وكيع يذكر في أخبار القضاة ) أن يحيى بن خالد إبتاع من الرشيد السباخ وبعث القص في حيازتها فقدم فسكن ( كذا ولعله سكر ) أنهار الشط وإدعى ليحيى نحواً من شطر اموال الناس وأحضر أربعة نفر شهدوا على حراسة ( كذا والظاهر أنها خرابة ) فأنقذ عمر حراسه بشهادتهم ثم احضرهم بأعيانهم في نحو من ستين فشهدوا أن آخر حقوق الناس مسناة الوحشى وهي مسناة كل الناس سنوها على عماراتهم ليحولوا بين الوحش وبين خراب ما عمروا وكانت على نحو ميل من دجلة وكانت حقوق الناس وراءها إلى نهر يدعى الحاجر ( كذا ولعله الحاجز ) وكان أبو جعفر أمر بحفره للحول بين الناس وبين الدخول في السباخ فيأخذوا اكثر من قطايعهم فكان الحاجز محفوراً من نهر الاساورة بالبصرة إلى دير خابيل ( كذا ولعله جابيل ) ، ومن هذا النص يتبين أن نهر الحاجز كان يمتد موازياً للأبلة وفي جنوبها وهو بينها وبين مسناة الوحش ويجدر ملاحظة أن هذا النص يتعلق بالعصر العباسي ) .

   ويقول ياقوت الحموي في معجم البلدان على نهر الأساورة ودير جابيل والفيض مايلي :

نهر الأساورة
   وهو الذي عند دار فيل مولى زياد قال الساجي كان سياه الاسواري على

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 50 ـ

على مقدمة يزدجر ثم بعث به إلى الأحواز لمدد أهلها فنزل الكلتانية وأبو موسى الأشعري محاصر للسوس فلما رأى ظهور الأسلام أرسل أبي موسى إنا أحسنا الدخول في دينكم على أن نقاتل عدوكم من العجم معكم وعلى أن وقع بينكم إختلاف لا نقاتل بعضكم مع بعض وعلى أنه أن قاتلنا العرب منعتمونا منهم وأعنتمونا عليهم وأن ننزل بحيث شئنا من البلدان ونكون فيمن شئنا منكم وعلى ان نلحق بشرف العطاء ويعقد لنا بذلك الأمير الذي بعثكم فكتب بذلك أبو موسى إلى عمر بن الخطاب فأجابهم إلى ما إلتمسوا فخرجوا حتى لحقوا بالمسلمين وشهدوا مع ابي موسى حصار تستر ثم فرض لهم في شرف العطاء فلما ساروا إلى البصرة وسألوا أي الأحياء أقرب نسباً إلى رسول الله ( ص ) فقيل بنو تميم فحالفوهم ثم خططت خططهم فنزلوا وحفروا نهرهم المعروف بنهر الاساورة ويقال ان عبد الله بن عامر حفره وأقطعهم فنسب إليهم ) .

دير جابيل
   ظبته هكذا من خط الساجي في تاريخ البصرة وقال أبو اليقظان كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ ) .
   قال الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك ( ج 11 ص 296 ) أن أبا أحمد الموفق أيام ثورة الزنج حاول أن يعسكر بين دير جابيل ونهر المغيرة أي ان دير جابيل موقع قرب نهر المغيرة قد تكون السبيليات الحالية .

الفيض
   ( والفيض محلة بالبصرة قرب النهر المفضى إلى البصرة . . . ) .
   ويقول الدكتور صالح أحمد العلي في مقاله خطط البصرة صفحة 81 الذي أشرنا إليه سابقاً :

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 51 ـ

  ( ويضيف أبو عبيدة أن زياداً حفر فيض البصرة بعد فراغه من إصلاح نهر الابلة من لدن دارفيل مولى زياد وحاجبه إلى موضع الجسر ، لقد تردد ذكر فيض البصرة في اخبار البصرة الاولى كما ذكره اللغويون والبصريون والجغرافيون العرب فذكر إبن شبه ان حمزة بن عبد الله بن الزبير والي البصرة ( 65 هـ) كان حمقاً فدهش من الفرق بين ما عند المد والجزر وذكر اللغويون أنه نهر البصرة كما ذكره المقدسي وإبن سرابيون ووصفاه بإنه نهر البصرة ويضيف إبن سرابيون بإن أنهار منطقة البصرة تصب في الفيض الذي يصب في دجلة العوراء عند عبادان وكانت آنذاك على ساحل البحر ، ومعنى هذا انه كان نهراً كبيراً متصلاً بمعقل ويمتد الى البصرة ثم ينحرف جنوباً ويسير موازياً لدجلة العوراء مكوناً مبزلاً للقنوات وكانت عليه عند البصرة مسناة بقربها المقبرة ولما لم يكن من بين الأنهار الآخذة من دجلة العوراء في منطقة البصرة ما يدعى بالفيض فمن الراجح اذا أن الفيض لا يأخذ ماءه مباشرةً من دجلة بل يأخذه من إحدى الترع الآخذة من دجلة ولما كان قد حفر في زمن عثمان حيث لم يكن يوصل دجلة بالبصرة سوى الابلة فالأرجح أذا أن الفيض كان إستمراراً لنهر الأبلة يأخذ نحو الجنوب محاذياً حدود البساتين لينصب في البحر كما ذكره إبن سرابيون وعلى هذا فإن دارفيل زياد ينبغي أن يكون موقعها في ملتقى الفيض بالابلة ، وأن نهر الاساورة الذي يقع عند دارفيل كان يستمد ماءه من الفيض كما أنه بعد حفر نهر بلال إتصل نهر معقل بالفيض إن هذا الإستنتاج ينسجم مع ما ذكره ناصر خسرو عن وصف انهار البصرة ) .

  أما إبن حوقل ففي كتابه صورة الارض صفحة 212 فيقول عن البصرة والأبلة ودجلة العوراء ما يلي :
  فأما مدنها فإن البصرة مدينة عظيمة ولم تكن في أيام العجم وإنما إختطها المسلمون أيام عمر بن الخطاب ، ومصرها عتبة بن غزوان فهي خطط وقبائل كلها ويحيط بغربيها البادية مقوسة وبشرقيها مياه الانهر مفترشة

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 52 ـ

وذكر بعض المؤلفين من اصحاب الأخبار أن أنهار البصرة عدة ايام بلال بن ابي بردة فزادت على مائة ألف نهر وعشرين ألف نهر تجري في أكثرها الزواريق وكنت أنكر ما ذكره من هذا العدد في ايام بلال حتى رأيت كثيراً من تلك البقاع فربما رأيت في مقدار رمية سهم عدداً من الأنهار صغاراً تجري في جميها السميريات ولكل نهر إسم ينسب به الى صاحبه الذي إحتفره أو الناحية التي يصب إليها ويفرغ ماءها فيها وأشباه ذلك من الاسامي فجوزت ان يكون ذلك كذلك في طول هذه المسافة وعرضها ولم استكثره وهي من بين سائر العراق مدينة عشرية ولها نخيل متصل من عبداسي إلى عبادان نيف وخمسين فرسخاً متصلة لا يكون الإنسان منها بمكان إلا وهو في نهر ونخيل أو يكون بحيث يراهما وهي مستواة لا جبل فيها ولا يكون بحيث يقع البصر على جبل بته وبها آثار أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) وغير موقف معروف منذ ايام الجمل وقبر طلحة بن عبيد الله في نفس المدينة وخارج المربد في البادية قبر انس بن مالك والحسن البصري وابن سيرين والمشاهير من علماء البصرة وزهادها إلى يومنا هذا ، ومن مشاهير انهاره نهر الأبلة وطوله اربعة فراسخ ما بين البصرة والابلة وعلى جانبي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد قد مدت على خيط ورصفت بالمجالس الحسنة والمناظر الانيقة والأبنية الفاخرة والعروش العجيبة والاشجار المثمرة والفواكه اللذيذة والرياحين الغضة المركب منها مثل الحيوان والبرك الفسيحة المرصوفة ولا تخلوا من المتنزهين بغرائب الملاذ وتحف المتظرفين منحدرين ومصعدين ويتشعب فوق البصرة ومن تحتها أنهار كثيرة فمنها ما يقارب هذا النهر في الكبر ولا يدانيها في الجمال وحسن المنظر الأنيق وكأن نخيلها غرست ليوم واحد وهذه الانهار الكبار كلها متخرقة بعضها على بعض وكذلك عامة أنهار البصرة حتى إذا جاءهم مد لبحر تراجع الماء في كل نهر حتى يدخل نخيلهم وحيطانهم وجميع أنهارهم من غير تكلف وإذا جزر الماء عنها وإنحط خلت منه البساتين والنخيل وبقيت أكثر الانهار خالية فراغة ويغلب على مياههم الملوحة وأكثر ما يستسقون الماء لشربهم إذا جزر الماء من آخر حد نهر معقل لانه يعذب هناك فلا يضره ماء البحر وعلى نهر معقل ابنية شريفة ومساكن حسنة عالية وقصور مشيدة وبساتين وضياع واسعة غزيرة كبيرة

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 53 ـ

عظيمة ، وكان على ركن الابلة في دجلة بين يدي نهرها خور عظيم الخطر جسيم للسفن دائم الغرر وكانت اكثر السفن تأتي من سائر الاماكن في البحر حتى ترده فيبتلها وتغرقه بعد أن تدور على وجه الماء أياماً وكان يعرف بكرداب الابلة ( كلمة كرآب مكونة من كلمة كرد الفارسية بمعنى الدوار وآب معناها الماء بمعنى الدوار اي الدوامة ) وخورها فإحتالت له بعض نساء بني العباس بمراكب إشترتها فأكثرت منها وأوسقتها بالحجارة العظام وبلعتها ذلك المكان فإبتلعها وقد توافت على مقدار فإنسد المكان وزال الضرر في وقتنا هذا عما كان عليه وأكثر ابنيتها بالآجن وهي مدينة عظيمة جليلة خصبة بما حوته عامرة وافرة الاهل حسنة النظم .
  حتى إن من طرف نهر معقل إذا سار الإنسان على خط مستقيم إلى ناحية القبلة يكون بين السور بين طرف النهر نحو فرسخ أو أكثر قال كاتب هذه الاحرف دخلتها سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وقد خربت ولم يبق من آثارها إلا الأقل وطمست محالها فلم يبق إلا محال معلومة كالنحاسين وقساميل وهذيل والمربد وقبر طلحة وقد بقي في محله بيوت معدودة وباقي بيوتها أما خراب غير مسكونة وجامعها باقٍ في وسط الخراب كأنه سفينة في وسط بحر لجيء وسورها القديم قد خرب وبين ما قد بقي من العمارة مسافة بعيدة وكان القاضي عبد السلام الجبلي رحمه الله قد سور على ما بقي سوراً بينه وبين السور القديم دون النصف فرسخ في سنة ستة عشر وخمسمائة وسبب خرابها ظلم الولاة والجور وأيضاً في كل سنة مرة أو مرتين تشن عليهم البادية الغارات وأكثرهم خفاجة وإبتدأ خرابها منذ خرج بها البرقعي وإدعى أنه علوي وتحصن بنهر الخصيب ومحاصرة أحمد الموفق بن المتوكل وسمعت جماعة من اهل البصرة يقولون كان بها في زمن الرشيد بن المهدي أربعة آلاف نهر يجبى له في كل يوم من كل نهر مثقال ذهب ودرهم نقرة وقوصرة تمر . . وللبصرة من إستفاضة الذكر بالتجارة والمتاع والمجالب والجهاز إلى سائر اقطار الارض ما يغنى بشهرته عن اعادة ذكر فيه ولها من المدن عبادان والأبلة والمفتح والمذار في مجاري مياه دجلة وهي مدن صغار متقاربة في الكبر عامرة والأبلة أكبرها وأفسحها رقعة وهي احد حدود البصرة من جهة

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 54 ـ

نهرها ، والأبلة من بينها عامرة وبها أسواق صالحة ولها حد آخر من عمود دجلة مكان يتشعب منها النهر المعروف بنهر الأبلة وينتهي عمود دجلة إلى البحر بعبادان بعد أن يضرب إليه نهر الأبلة وفي أضعاف قراها اجام كثيرة وبطائح الماء تسير فيها يكون السفن بالمرادي لقرب قعرها كأنها كانت على قديم الأيام أرضاً مسكونة ويشبه أن يكون لما بنيت البصرة وشقت أنهارها وكثرت وإستغلق بعضها على بعض في مجاريها تراجعت المياه وغلبت على ما سفل من أرضها فصارت بطائح وأجاماً وللبصرة كتاب يعرف بكتاب البصرة ألفه عمر بن شبه قبل كتاب الكوفة ومكة يغني عن ذكر شيء من أوصافها وهذه الكتب موجودة في جميع الاماكن وأما إرتفاعها في وقتنا هذا من وجوه أموالها كلها وجباياتها من أعشارها وجماجمها ومصالحها وضمان البحر بلوازم المراكب فإنه زاد وأكثر وغلا وغزر وحضرته سنة ثمان وخمسين فكان ذلك في يد أبي الفضل الشيرازي ستة آلاف درهم ) .

   أما ناصر خسرو العلوي فيصف الابلة ونهرها والبصرة في كتابه ( سفرنامه ) فيقول :
   والأبلة التي تقع على نهر المسمى بها مدينة عامرة وقد رأيت قصورها وأسواقها ومساجدها وأربطتها وهي من الجمال بحيث لا يمكن حدها أو وصفها والمدينة الأصلية تقع على الجانب الشمالي للنهر وعلى جانبه الجنوبي يوجد من الشوارع والمساجد والأربطة والأسواق والأبنية الكبيرة مالا يوجد أحسن منه في العالم وهذا الجانب الجنوبي يسمى شق عثمان والشط الكبير الذي هو دجلة والفرات مجتمعين والمسمى شط العرب يقع شرقي الابلة والمدينة في الجنوب ويلتقي نهرا الأبلة ومعقل عند البصرة وقد ذكرت ذلك من قبل .
   والبصرة عشرون ناحية في كل منها كثير من القرى والمزارع وهي حشان ، شربه ـ بلاس ـ عقر ميسان ـ المقيم ـ نهر حرب ـ شط العرب ـ سعد ـ سام ـ الجعفرية ـ المشان ـ الصمد ـ الجونة ـ الجزيرة العظمى ـ مروت ـ الشرير ـ جزيرة العرش ـ الحميدة ـ الحويزة ـ المنفردات ، ويقال أنه كان من المتعذر في

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 55 ـ

وقت ما أن تمر سفينة من فم نهر الأبلة لعظم عمق مائة فأمرت أمرأة من أثرياء البصرة بتجهيز أربعمائة مركب وملائها كلها بنوى التمر وأغرقتها هناك بعد أحكام سدادها فإرتفع القاع وتيسر عبور السفن وفي الجملة فقد غادرنا البصرة في منتصف شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ( 20 شباط 1052 م ) فركبنا الزوارق وسرنا في نهر الأبلة ورأينا طول أربعة فراسخ في إجتيازه حدائق وأكشاكاً ومناظر لا تنقطع على شاطئيه ويتفرع من هذا النهر ترع كل منها في سعة نهر فلما بلغنا شق عثمان وهي أمام الأبلة نزلنا وأقمنا بها وفي السابع عشر من شوال (22 شباط ) ركبنا سفينة كبيرة تسمى بوصى وكان الناس الكثيرون الواقفون على الجانبين يصيحون قائلين سلمك الله يا بوصى وقد بلغنا عبادان فنزل الركاب من السفية ) .
   يقول شمس الدين أبي عبد الله بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي المعروف بإسم شيخ الربوة ( المتوقي عام 654 هـ ) في كتابه نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ما يلي عن شط العرب ( الصفحة 96 ) :
  ( قال احمد الطيني وما تقرب من أبلة البصرة موضع يعرف بمطارة ( سبق أن أشرنا إلى إحتمال كون موقعها الحالي بالقرنة ) وهو مجمع دجلة والفرات الآن إذ إنفصلا من البطائح والسيب .
  وهناك يكون نهر واحد عظيم يسمى شط العرب ينشق منه من هناك أنهار كبار تحمل السفن الكبار ثم ينشق منها أنهار صغار تحل السفن الصغار إلى أن تنشق السواقي وجميع هذه الأنهار مشتبكة بعضها ببعض وخلالها النخل والبساتين والزروع ولا تكاد يعلم للبساتين حدود بالأنهار وأكثرها لا يسلك فيها دابة بل المركب والأكلاك لا غير والجانب الغربي فيه معظم العمارة وهو أكبر من الشرقي وفيه الأنهار الكبار مثل نهر الدير ونهر المشان وغيرهما ومن مطارة أتصل العمارات والقرى والنخيل إلى عبادان وهو آخر قرية على البحر وطول ذلك أربعون فرسخاً

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 56 ـ

وأعرض مكانه في عرضه هو من آخر نهر الجويث إلى آخر نهر السبخة قريب من خمسة عشر فرسخاً وإذا جاوز نحو المكان إنفصل منه نهر المعقل وهو نهر كبير يحمل السفن الكبار وتجري إلى الغرب ثم إنعطف كصورة نصف دائرة قوساً ماراً إلى البصرة ، ويخرج منه نهر آخر وهو نهر الأبلة والأبلة خطة كبيرة ذات أبنية وقصور مشرقة وهذا النهر كالقوس أيضاً والبحر عليه كالوتر وطوله ثمانية فراسخ والأرض التي بوسط الخليج تسمى الجزيرة العظمى وتكسيرها نحو من ستين فرسخاً تجري فيها الأنهار متصلة بعضها ببعض وبالخليج المذكور وتسلك فيها المراكب غالباً وجميعها معمورة بالقرى وبالبساتين وطبقات البساتين ثلاث نخل ثم شجر ثم زرع ورياحين وظل ممدود وليس بهذه الجزيرة مكان عاطل من العمارة وتأخذ من هذا الخليج تحت البصرة منه الأنهار كما ذكرنا فإذا جاوزنا شط العرب الأبلة إنفصل منه نهر المحرزية ( سنبين فيما بعد أن هذا هو قناة الحفار أي مصب كارون في شط العرب والمحرزي موقع قرب المحمرة الحالية ) وهي مدينة ترسي المراكب من البحر المالح بها وينشق منها أنهار كما وصفنا ثم ينحدر إلى أن يصب في البحر عند عبادان عن مسجد الخضر ( موقعها الآن يسمى طرة الخضر حيث فيها مقام الخضر وهو حوالي 13 كيلو متر جنوب شرقي عبادان بحوالي منتصف المسافة بين نهر بهمنشير وشط العرب ) هناك يبحر عمان ويصب في شرقي نهر العرب ( أي شط العرب ) نهر الجزيرة ثم نهر تستر ثم الأحواز وتشق منه نهر صعصعة والجويث وغيرهما وكل هذه الانهار تمد وتجزر كل يوم وليلة مرتين فإذا مد البحر جرى الماء في شط العرب شمالاً وزاد ، وإرتفع فإمتلاءت جميع الأنهار والسواقي ومن أراد أن يسقي ارضه وبستانه فتخ وأسقى ثم سد ولا يزال كذلك إلى مضي ست ساعات ثم يقف الماء قليلاً ويجزر فيعود جريانه كما كان أولاً وينقص وتغيض الأنهار وتخلوا السواقي ولايزال كذلك إلى أكثر من ست ساعات فإن زمان الجزر أكثر من زمان المد ، ثم يقف ويعود إلى المد هكذا أبدأً ويدور المد والجزر في الأيام والليالي مثلاً ما يكون أول يوم أول ساعة وثاني يوم في ثاني ساعة أو دونها وكذلك تجزر ويكون خروج الناس إلى المستنزهات والبساتين وترددهم على الضياع وقضاء الحوائج منهم كل ذلك في المراكب وبهذه البساتين من الطير الصادح ما لم

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 57 ـ

بغيرها كثرة وذلك بسبب بعد الجبال عنها وعدم الطير الجارح ويكون زيادة الشطوط والأنهار والسواقي بالبصرة وبلادها مثل ما يكون في البلاد المصرية إذا زاد النيل ونقص في كل سنة قال وطول نهر الأبلة أربعة فراسخ والله أعلم ) .
  رغم إن رحلة إبن بطوطة كانت بعد إنتهاء العصر العباسي ( إبتدأ رحلته من طنجة يوم الخميس الثاني من رجب عام 725 هـ ) فإن زيارته للبصرة وما فيها من الوصف لإنهارها حري أن يدون وهذا نصه :
   ( فمنها مشهد طلحة بن عبد الله أحد عشرة وهو بداخل المدينة وعليه قبة وجامع وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وأهل البصرة يعظمونه تعظيماً شديداً وحق له ومنها مشهد الزبير بن العوام حواري رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإبن عمته وهو بخارج البصرة ولا قبة عليه وله مسجد ولا زاوية فيها الطعام لإبناء السبيل ومنها قبر حليمة السعدية أم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الرضاعة رضي الله عنها وإلى جانبها قبر إبنها رضيع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنها قبر أبي بكرة صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعليه قبة وعلى ستة أميال منها بقرب وادي السباع قبر أنس بن مالك خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا سبيل لزيارته إلا في جمع كثيف لكثرة السباع وعدم العمران ومنها قبر الحسن إبن أبي الحسن البصري سيد التابعين وقبر عتبة الغلام وقبر مالك بن دينار وقبر حبيب العجمي ً وقبر سهل بن بن عبد الله التستري وعلى كل قبر منها قبة مكتوب فيها إسم القبر ووفاته وذلك كله داخل السور القديم وهي اليوم بينها وبين البلد نحو ثلاثة أميال وبها سوى ذلك قبور الجم الغفير من الصحابة والتابعين والمستشهدين يوم الجمل وكان أمير البصرة حين ورودي عليها يسمى بركن الدين العجمي التوريزي أضافني فأحسن إلي والبصرة على ساحل الفرات والدجلة وبها المد والجزر كمثل ما هو بوادي سلا من بلاد المغرب وسواه والخليج المالح الخارج من بحر فارس على عشرة أميال منها ( خور الزبير ) فإذا كان المد غلب الماء المالح على العذب وإذا كان الجزر غلب الماء الحلو

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 58 ـ

على الماء فيستسقي أهل البصرة غير جيد لدورهم ولذلك يقال أن ماءهم زعاق قال إبن جزي وبسبب ذلك كان هواء البصرة والماء غير جيد وألوان أهلها مصفرة حتى ضرب بهم المثل وقال بعض الشعراء .
الله أتــرج غــداً iiبـينا      مـعبراً على حال ذي عبرة
لـما كـسا الله ثياب iiالضنا      أهل الهوى وساكني البصرة

  ثم ركبت من ساحل البصرة في صنبوق وهو القارب الصغير إلى الأبلة وبينها وبين البصرة عشرة أميال ( سبق أن بينا أن الميل العربي يساوي حوالي كيلو مترين أي أن المسافة حوالي 20 كيلو متراً ) في بساتين متصلة ونخيل مظلة عن اليمين واليسار والبياعة في ظلال الأشجار يبيعون الخيز والسمك والتمر واللبن والفواكه وفيما بين البصرة والأبلة متعبد سهل بن عبد الله التستري ( أشار إبن بطوطة بإعلاه أن قبر سهل بن عبد الله التستري يقع داخل السور القديم الذي بينها وبين البلد نحو ثلاثة أميال أي مالا يزيد عن ستة كيلو مترات ) فإذا حاذاه الناس بالسفن تراهم يشربون الماء مما يحاذيه من الوادي ويدعون عند ذلك تبركاً بهذا الوالي والنواتية يجرفون في هذه البلاد وهم قيام وكانت الأبلة مدينة عظيمة يقصدها تجار الهند وفارس فخربت وهي الآن قرية بها آثار قصور وغيرها دالة على عظمها ثم ركبنا في الخليج الخارج من بحر فارس في مركب صغير لرجل من أهل الأبلة يسمى بمغامس وذلك فيما بعد المغرب فصبحنا عبادان وهي قرية كبيرة في سبخة لا عمارة بها وفيها مساجد كثيرة ومتعبدات ورباطات للصالحين وبينها وبين الساحل ثلاثة أميال قال إبن جزي عبادان كانت بلداً فيما تقدم وهي مجدبة لا زرع بها وإنما يجلب إليها الماء أيضاً بها قليل وقد قال فيها بعض الشعراء :
مـن  مـبلغ أنـدلساً iiإنـني      حـللت  عبادان أقضي iiالثرا
أوحـش مـا أبصرت iiلكنني      قصدت فيها ذكرها في الورى
الـخـبز  فـيها يـتهادونه      وشـربة  الـماء بها iiتشترى

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 59 ـ

   وعلى ساحل البحر منها رابطة تعرف بالنسبة إلى الخضر والياس ( عليهم السلام ) وبأزاءها زاوية يسكنها أربعة من الفقراء بإولادهم يخدمون الرابطة والزاوية ويتعيشون من فتوحات الناس وكل من يمر بهم يتصدق عليهم . . . )
   لا بد لنا بهذه المرحلة العودة إلى أصل كلمتي ( دجلة ) ( والفرات ) فيقول الأستاذان الفاضلان بشير فرنسيس وكوركيس عواد في مقالهما عن أصول وأسماء الأمكنة العراقية ( سومر 1952 الجزء الثاني ـ المجلد الثامن صفحة 261 ـ 271 ) عنهما مايلي :

الفرات
   سمي البابليون هذا النهر برات pu ـ rat ـ وبراتا pu ـ rat ـ ta والعبرانيون ( فراث ) وسماه الفرس القدماء أفراتوا أما السومريون فكانوا قد سموه pu ـ ra ـ nu ـ nu أي النهر الكبير ، وفي سفر التكوين ( النهر الكبير نهر فراث ) عرفه اليونانيين euphrates ومنها إنتقل إلى اللغات الأوربية .

دجلة
   سمي البابليون والآشوريون هذا النهر ( أي دكلات ) i ـ di ـ ik ـ lat على ما جاء في كتابات المسمارية وسماه العبرانيون ( حداقل ) وبذلك ورد اسمه بالتوراة وأصل الحاء في حداقل ( هـ ) وهي ( آل ) التعريف في العبرية وسماه الفرس ( تيكرا ) أما الإسم في العربية ( دجلة ) فقد إنحدر من الإسم البابلي ) .
   أما ياقوت الحموي فيقول في معجم البلدان عن دجلة والفرات مايلي :

دجلة
   نهر بغداد لا تدخله الألف واللام قال حمزة دجلة معربة على ديلد ولها

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 60 ـ

إسمان آخران وهما أرنك روذ وكودك دريا أي البحر الصغير . . فإذا إنفصل عن عن واسط إنقسم إلى خمسة أنهر عظام تحمل السفن منها نهر ساسي ونهر الغراف ونهر دقلة ونهر جعفر ونهر ميسان ثم تجتمع هذه الأنهار أيضاً وما يضاف إليها من الفرات قرب مطارة قرية بينها وبين البصرة يوم واحد وروي عن إبن عباس أنه قال أوصى الله تعالى إلى دانيال ( عليه السلام ) وهو دانيال الأكبر أن أحفر لعبادي نهرين وإجعل مفيضهما البحر فقد أمرت الأرض أن تطيعك فأخذ خشبة وجعل يجرها في الارض والماء يتبعه وكلما مر بأرض يتيم أو أرملة أو شيخ كبير ناشدوه الله فيحيد عنهم فعواقيل دجلة والفرات من ذلك . . ودجلة العوراء إسم لدجلة البصرة علم لها . . ) .

الفرات
   بالضم ثم التخفيف وآخره تاء مثناة من فوق قال حمزة والفرات معرب عن لفظه وله إسم آخر وهو فالاذ روذ لأنه بجانب دجلة كما بجانب الفرس الجنيبة والجنيبة تسمى بالفارسية فلاذ والفرات في اصل كلام العرب أعذب المياه قال عز وجل ( هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ، وَهَذَا مِلْح أُجَاجٌ ) وقد فرت الماء يفرت فروته وهو فرات إذ عذب . . فمهما فضل من ذلك إنصب إلى دجلة ، منها ما يصب فوق واسط والبصرة فتسير دجلة والفرات نهراً واحداً عظيماً عرضه نحو الفرسخ ( كذا ) ثم يصب في بحر الهند ) .
   وتتمة لما بدأنا به من وصف لإنهر البصرة التي كانت تتفرع من دجلة العوراء ( شط العرب ) فيقول ياقوت الحموي في معجم البلدان مايلي :

نهر أبي الخصيب
  ( بالبصرة كان مولى لأبي جعفر المنصور أقطعه إياه وأسم أبي الخصيب مرزوق ) .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 61 ـ

نهر الأمير
   أيضاً بالبصرة حفره المنصور ثم وهبه لإبن جعفر فكان يقال نهرأمير المؤمنين ثم قيل نهر الأمير وتدل أوصاف النهر على إحتمال كونه نهر أبي الفلوس .

نهر القندل
   كذا ضبطه الساجي بكسر القاف وسكون النون بالبصرة وقال ارض العرب من أرض نهر الأبلة إلى غربي نهر القندل لم يعمره العجم ) ويوجد حالياً قرب كوت الزين نهر يسمى نهر الجندل وهو مقارب في التسمية لنهر القندل وأوصافه تقارب النهر القديم ، يقول البلاذري في فتوح البلدان ( القندل خور من اخوار دجلة سده سليمان بن علي وعليه قطيعة المنذر بن الزبير بن العوام وفيه نهر نعمان بن المنذر صاحب أقطعه أيام كسرى وكان هناك قصر للنعمان ) كذلك يقول البلاذري بشأن نهر القندل ( وحدثني روح بن عبد المؤمن عن عمه عن أبي هشام عن أبيه قال ) وفد أهل البصرة على إبن عمر بن عبد العزيز بواسط فسألوه حفر نهر لهم فحفر لهم نهر إبن عمر وكان الماء الذي يأتي نزراً قليلاً وكان عظم ماء البطيحة يذهب في نهر الدير فكان الناس يستعذبون من الأبلة حتى قدم سليمان بن علي البصرة وإتخذ اللمغيثة وعمل مسنياتها على البطيحة فحجز الماء عن نهر الدير وصرفه إلى نهر إبن عمر وأنفق على المغيثة ألف ألف درهم قال شكا أهل البصرة إلى سليمان ملوحة الماء وكثرة ما يأتيهم من ماء البحر فسكر القندل فعذب ماءهم قال وإشترى سليمان بن علي موضع السجن من ماله في دار إبن زياد وجعله سجناً وحفر الحوض الذي فيه الدهناء وهي رحبة بني هاشم ) .
   وقد أورد ياقوت عدداً آخر من أنهر البصرة لا نعلم موقع الكثير منها بصورة صحيحة وهي بإختصار :

نهر أبن عمير
   بالبصرة منسوب إلى عبد الله بن عمير بن عمرو بن مالك الليثي ) .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 62 ـ


نهر أزى
   بالعراق لناس من ثقيف بالزاء والقصر قال الساجي نهر أزى قديم بالبصرة وبه إتصل نهر الأجانة قال البلاذري صيدت فيه سمكة يقال لها أزى فسمي بها وعلى نهر أزى أرض حمران التي اقطعه إياها عثمان ) .

نهر أم حبيب
   بالبصرة لإم حبيب بنت زياد أقطعها فيه وكان عليه قصر كثير الأبواب يسمى الهزار در ( ألف باب ) ويضيق لذلك أبو الحسن البلاذري في فتوح البلدان ( المكتبة التجارية ص 353 ) قوله : ( وقال علي بن محمد المدائني تزوج شيروية الأسواري مرجانة أم عبيد الله بن زياد فبنى لها قصراً فيه ابواب كثيرة فسمي هزاردر وقال ابو الحسن قال قوم سمي هزاردر لإن شيروية إتخذ في قصره ألف باب وقال بعضهم نزل ذلك الموضع ألف أسوار في ألف بيت أنزلهم كسرى فقيل هزاردر ) .

نهر أم عبد الله
   بالبصرة منسوب الى أم عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في أيام عثمان .

نهر الأيسر
   كوره ورستاق بين الأحواز والبصرة .

نهر بريه
   بضم الباء الموحدة ثم فتح الراء وياء ساكنة وهاء خالصة بالبصرة وبريه حسب قول الطبري ( ج 11 ص 219 ) هو إبراهيم بن محمد بن إسماعيل وكان في البصرة أيام إستيلاء صاحب الزنج عليها .

نهر بشار
   بالبصرة ينزع من الابلة وله ذكر في الأخبار بالباء والشين معجمة منسوب

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 63 ـ

إلى بشار بن مسلم بن عمرو الباهلي أخي قتيبة بن مسلم أهدى إلى الحجاج فرساً فسبقا عليه الخيل فأقطعه سبعمائة جريب وقيل أربعمائة فحفر لها نهراً نسب إليه .

نهر جطى
   بفتح الجيم وتشديد الطاء والقصر نهر بالبصرة عليه قرى ونخيل كثير وهو من نواحي شرقي دجلة ( وقال الطبري ( ج 11 ص 277 ) إن نهر جطى في شرقي دجلة هو حيال النهر المعروف باليهودي أي أنه في موقع قريب من العجيراوية الحالية .

نهر جعفر
   نهر قرب البصرة بينها وبين مطاراً من الجانب الشرقي رأيته كان لجعفر مولى سلم بن زياد وكان خارجياً .

نهر جوبره
   ( بالبصرة وقد فسرناه في جوبرة حيث يقول وهو أسم ركب غير لكثرة الإستعمال وهو نهر معروف بالبصرة دخل في نهر الأجانة قال أبو يحيى الساجي ومن خطه نقلت وأما الجوبرة فقد إختلفوا فيها قال أبو عبيدة إن جوبرة بفتح الجيم وتشديد الواو وفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وهاء وهي برة بنت زياد ابن ابيه ولا يعرف آل زياد ذلك ويقال بل هي بنت أبي بكر وقيل برة إمرأة من ثقيف وقيل بل صيد فيه جوبرج فسمي بذلك ولا أدري ما جوبرج ( كلمة جوبرة قد تكون فارسية الأصل مكونة من كلمة ( جو ) ومعناه الشعير و ( بره ) ومعناها النعجة أي شعير النعجة ) .

نهر حرب
   بالبصرة لحرب بن سلم بن زياد بن أبيه فكان قطيعة لأبيه سلم وكان عبداً لعلي بن عبد الله بن عامر بن كريز إدعى أن الأرض التي عليه كانت لأبيه وخاصم فيها حرباً فلما توجه القضاء لعبد الأعلى أتاه حرب فقال خاصمتك في هذا النهر وقد ندمت على ذلك

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 64 ـ

وأنت شيخ العشيرة وسيدها فهو لك فقال عبد الأعلى بل هو لك فأنصرف حرب بالنهر فجاء عبد الاعلى مواليه فقالوا والله ما أتاك حرب حتى توجه لك القضاء عليه فقال لا والله لا رجعت عما جعلته له ابداً ) .

نهر حميدة
   بالبصرة نسب إلى حميدة أم عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن كريز وهي من بني عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس ) .

نهر دبا
   بضم أوله وتشديد ثانيه من نواحي البصرة فيها أنهار ونهرها الأعظم الذي يأخذ من دجلة حفره الرشيد والدباء القثاء ممدود وبالقصر الشاة تحبس في البيت للبن ، ويضيف البلاذري إلى هذا قوله نسب إلى سورجي والقرشي كان عبيد الله بن عبد الاعلى الكريزي وعبيد الله بن عمر بن الحكم الثقفي قد إختصما فيه ثم إصطلحا على أن أخذ كل واحد منهم نصفه فقيل القرشي والعربي .

نهر سعيد
   إسم نهر بالبصرة له ذكر في التواريخ .

نهر سلم
   بالبصرة و منسوب إلى سلم بن عبد الله بن أبي بكرة .

نهر شيطان
   بالبصرة ينسب إلى مولى لزياد بن ابيه .

نهر عبدان
   يفتح أوله وسكون ثانيه ثم دال مهملة وآخره نون فعلان من العبودية نهر عبدان بالبصرة في جانب الفرات ينسب إلى رجل من أهل البحرين.

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 65 ـ

نهر العلاء
   بالبصرة هو العلاء بن شريك الهذلي من أهل المدينة أهدى إلى عبد الملك شيئاً أعجبه فأقطعه ماية جريب .

نهر فيروز
   ذكره إبن الكلبي في أنهار العراق وقال هو خادم مولى ثقيف وهو بالبصرة وقيل فيروز مولى لربيعة بن كلدة الثقفي .

نهر كثير
   بالبصرة منسوب إلى كثير بن عبد الله السلمي أبي العاج عامل يوسف بن عمر الثقفي على البصرة لإنه إحتفره .

نهر المبارك
   هو إسم نهر بالبصرة إحتفره خالد بن عبد الله القسري أمير العراقين لهشام بن عبد الملك ينسب إليه أبو زكريا يحيى بن يعقوب بن مرادس بن عبد الله البقال المباركي روي عن سويد بن سعيد وغيره روي الخ. .

نهر مرة
   بالبصرة منسوب إلى مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وكانت عايشة كتبت إلى زياد تستوصله له فأقطعه هذا النهر فنسب إليه قال إبن الكلبي هو مولى عايشة وقال القحذمي نهر مرة لإبن عامر ولى حفره له مرة مولى أبي بكر الصديق فغلب على ذكره ـ وقال أبو اليقظان وغيره نسب إلى نهر مرة إلى مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كان سرياً سأل عايشة أم المؤمنين أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته إلى زياد بن أبي سفيان من عايشة أم المؤمنين فلما رأى زياد أنها قد كتبته ونسبته إلى أبي سفيان سر بذلك وأكرم مرة وألطفه وقال للناس هذا كتاب

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 66 ـ

أم المؤمنين إلي وفيه كذا عرضه ليقرأ عنوانه ثم أقطعه ماية جريب على نهر الابلة وأمر أن يحفر لها نهر فنسب إليه وكان عثمان بن مرة من سراة أهل البصرة .

نهر مرغاب
   نهر بالبصرة قال البلاذري وحفر بشير بن عبيد اللبن أبي بكرة المرغاب وسماه بإسم مرغاب مرو ( كلمة مرغاب مكونة من كلمتين فارسيتين ( مرغ ) وهو الدجاجة و ( آب ) وهو الماء فيكون ( مرغاب ) دجاج الماء أي البط ) وكانت القطيعة التي فيها المرغاب لهلال بن أحوز المازني أقطعه إياها يزيد بن عبد الملك وهي ثمانية عشر ألف جريب فحفر بشير المرغاب والسواقي والمعترضات بالتغلب وقال هذه قطيعة لي وخصمه حميري بن هلال فكتب خالد بن عبد الله القسري إلى مالك بن المنذر بن الجارود وهو على أحداث البصرة إن خل بين حميري وبين المرغاب وأرضه وذلك أن بشيراً أشخص إلى خالد وتظلم إليه فقبل قوله وكان عمرو بن يزيد الأسيدي يعلي بحميري ويعينه فقال لمالك بن المنذر ليس هذا خل إنما هو حل بين حميري وبين المرغاب وذكر عن بشير بن عبد الله بن أبي بكرة أنه قال لسالم بن قتيبة لا تخاصم فإنها تضع الشرف وتنقص المروة فقام وصالح خصماءه ، ثم رآه يخاصم فقال ماهذا يابشير تنهاني عن شيء وتفعله فقال له بشير ليس هذا ذاك هذه المرغاب ثمانية عشر ألف جريب الخصومة فيها شرف وقال الطبري ( ج 11 ص 215 ) إن نهر المرغاب أحد الأنهار المعترضة لنهر معقل .

نهر مكحول
   بالبصرة وهو مكحول بن حاتم الأحمسي ومكحول وهو إبن عم شيبان صاحب مقبرة شيبان بن عبد الله الذي كان على شرطة زياد بن أبيه وكان مكحول يقول الشعر في الخيل فكانت قطيعة من عبد الملك بن مروان وقال القحذمي نهر مكحول منسوب إلى مكحول بن عبد الله السعدي .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 67 ـ

نهر نافذ
  ( بالبصرة وهو مولى لعبد الله بن عامر كان ولاه حفره فغلب عليه ) ، وقال الطبري ( ج 11 ص 293 ) أن بهبوذ ( من قواد صاحب الزنج ) إجتاز من مؤخر نهر أبي الخصيب إلى معترض يؤدي إلى نهر اليهودي ثم سلك نهر نافذ حتى خرج منه إلى نهر الابلة أي أن نهر أي أن نهر نافذ يصل بين نهر اليهودي ونهر الابلة ) .
نهر يزيد
   بالبصرة منسوب إلى يزيد بن عبد الله الحميري الأباضي ) .
   ثم يضيف ياقوت في معجم البلدان ويقول ( وإعلم أن الأنهار كثيرة لا تحصى وإنما ذكرنا منه ما لا يعرف إلا بذكر النهر من محلة أو قرية أو مدينة أو ما أشبه ذلك ) .
   يقول ابو الحسن البلاذري في ( كتابه فتوح البلدان ) عن أنهر البصرة الكثيرة ( صفحة 353 ) ونورد فيما يلي ما قاله عن هذه الأنهر والقطائع بعد حذف ما سبق أن أوردناه في المصادر الأخرى .

نهر يزيدان
   والنهر المعروف بيزيدان ـ نسب إلى يزيد بن عمر الأسيدي صاحب شرطة عدي بن ارطأة وكان رجل من اهل البصرة في زمانه .

نهر إبن عميرة
   وقالوا اقطع عبد الله بن عامر بن كريز عبد الله بن عمير بن عمرو بن مالك الليثي وهو اخوه لإمه دجاجة بنت أسماء بن الصلت السلمية ثمانية الآف جريب فحفر لها النهر الذي يعرف بنهر إبن عميرة قالوا وكان عبد الله بن عامر حفر نهر أم عبد الله دجاجة ويتولاه غيلان بن خرشة الضبي وهو النهر الذي قال حارثة بن بدر الغداني لعبد الله بن عامر وقد سايره لم ار أعظم بركة من هذا النهر يستقي منه الضعفاء من أبواب دورهم ويأتيهم منافعهم فيه إلى منازلهم وهو مغيض لمياههم ثم إنه ساير زياداً بعد ذلك في ولايته فقال ما رأيت نهراً شراً منه ينز منه

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 68 ـ

دورهم ويبغضون له في منازلهم ويغرق فيه صبيانهم وروي قوم أن غيلان ابن خرشة القائل هذا والأول اثبت .

نهر سلم
   نهر سلم نسب إلى سلم بن زياد بن سفيان .

نهر طلحتان
   نهر طلحة بن أبي نافع مولى طلحة بن عبيد الله .

نهر خيرتان
   لخيرة بنت ضمرة القشيرية إمرأة المهلب ولها مهلبان كان المهلب وهبه لها ، ويقال كان لها فنسب إلى المهلب وهي ام أبي عينيه إبنه وكان لها أيضاً عباسان وأصبحت فيما بعد إلى سليمان بن علي .

نهر جبيران
   لجبير بن حية .
نهر خلفان
  قطيعة بن عبد الله بن خلف الخزاعي أبي طلحة الطلحات .

نهر طليقان
   لآل عمران بن حصين الخزاعي من ولد خالد بن طليق بن محمد بن عمران وكان خالد ولي قضاء البصرة .

نهر درجاه جنك
   من اموال ثقيف وإنما قيل له ذلك لمنازعات كانت فيه وجنك بالفارسية صخب .

نهر إنسان
   نسب إبى أنس بن مالك في قطيعة من زياد .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 69 ـ

نهر العلاء
  نسب إلى العلاء بن شريك الهذلي أهدى إلى عبد الملك شيئاً فأعجبه فأقطعه مائة جريب .

نهر ذراع
   نسب إلى ذراع النمري من ربيعة وهو أبو هارون بن ذراع .

نهر حبيب
   نسب إلى حبيب ابن شهاب الشامي التاجر في قطيعة من زياد ويقال من عثمان .

نهر أبي بكرة
   نسب إلى ابي بكرة بن زياد .
  ( حدثني العقوي الدلال قال كانت الجزيرة بين النهرين ( الابلة والمعقل ) سبخة ( أي كما هي الآن قبل فتح شط البصرة ) فأقطعها معاوية بعض بني إخوته ، فلما قدم الفتى لينظر إليها أمر زياد بالماء فأرسل فيها فقال الفتى ـ إنما أقطعني أمير المؤمنين بطيحة لا حاجة لي فيها فإبتاعها زياد منه بمائتي ألف درهم وحفر أنهارها وأقطع منها روادان لرواد بن أبي بكرة ونهر الراء صيدت فيه سمكة تسمى الراء فسمي بها وعليه أرض حمران الذي اقطعه إياها معاوية . . ) .
   ( قال القحذمي شط عثمان إشتراه عثمان بن أبي العاص الثقفي من عثمان بن عفان بمال له بالطائف ويقال إنه إشتراه بدار له بالمدينة فزادها عثمان بن عفان في المسجد وأقطع عثمان بن أبي العاص أخاه حفص بن أبي العاص حفصان وأقطع أبا أمية بن أبي العاص أخاه أميتان وأقطع الحكم بن ابي العاصي حكمان وأقطع المغيرة مغيرتان قال فكان نهر الارحاء لإبي عمرو بن ابي العاصي الثقفي .

زيادان
   وقال المدائني أقطع زياد في شط الجموم وهي زيادان وقال لعبد الله إبن عثمان

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 70 ـ

إني لا أنفذ إلا ما عمرتم وكان يقطع الرجل القطيعة ويدعه سنتين فإن همرها وإلا أخذها منه فكانت الجموم لإبي بكرة ثم صارت لعبد الرحمن بن ابي بكرة وهناك ايضاً زيادان نسب إلى زياد مولى بني الهيثم وهو جد مؤنس بن عمران بن جميع بن يسار وجد عيسى بن عمر النحوي وحاجب بن عمر لإمهما .

أزرقان
   نسب إلى الأزرق بن مسلم مولى بني حنيفة .

محمدان
   نسب الى محمدان إلى محمد بن علي بن عثمان الحنفي .

نهر مقاتل
   نسب إلى مقاتل بن جارية بن قدامة السعدي .

نهر عميران
   نسب إلى عبد الله بن عمير الليثي .

نهر سيحان
   كان للبرامكة وهم سموه سيحان ويقول الطبري محدثاً عن سنة 185 هـ .
   ( وفيها صار الرشيد إلى البصرة منصرفه من مكة فقدمها في المحرم منها فنزل المحدثة أياماً ثم تحول إلى قصر عيسى بن جعفر بالخريبة ثم ركب في نهر سيحان الذي إحتفره يحيى بن خالد حتى نظر إليه وسكر نهر الأبلة ونهر معقل حتى إستحكم امر سيحان ثم شخص عن البصرة لإثني عشرة ليلة بقيت من المحرم . . .

حصينان
   لحصين بن أبي الحر العنبري .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 71 ـ

عبيدلان
   لعبيد الله بن ابي بكرة .
  عبيدان : لعبيد بن كعب النميري .

منقذان
   لمنقذ بن علاج السلمي .

عبد الرحمانان
   كان لإبي بكرة بن زياد فإشتراه أبو عبد الرحمن مولى هشام .

نافعان
   لنافع بن الحارث الثقفي .
أسلمان
   لإسلم بن زرعة الكلابي .

حمرانان
   لحمران بن أبان مولى عثمان ( وهو الذي أقطع عباد بن الحصين عبادان ).

قتيبان
   لقتيبة بن مسلم .

خشخشان
   لآل الخشخاش العنبري .

نهر البنات
   قال القحذمي نهر البنات ، بنات زياد أقطع كل بنت ستين جريباً وكذلك كان يقطع العامة وقال امر زياد عبد الرحمن بن تبع الحميري وكان على قطائعه نافع بن الحارث الثقفي ما مشى فمشى فإنقطع شسعه فجلس فقال حسبك فقال لو علمت لمشيت إلى الأبلة فقال دعني حتى أرمي بنعلي فرمي بها حتى بلغت الاجانة .

شط العرب وشط البصرة والتاريخ   ـ 72 ـ

سعيدان
   لآل سعيد بن عبد الرحمن بن عباد بن اسيد .

سليمانان
   قطيعة لعبيد بن قسيط صاحب الطوف أيام الحجاج فرابط بها رجل من الزهاد يقال له سليمان بن جابر فنسبت إليه .

عمران
   لعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي .

فيلان
   لفيل مولى زياد .

خالدان
  نسب إلى خالد بن عبد الله بن أسيد بن أبي العيص بن امية .

المسمارية
   قطيعة مسمار مولى زياد وله بالكوفة ضيعة .

سويدان
  كانت سويدان لعبيد الله بن أبي بكرة قطيعة مبلغها أربعمائة جريب فوهبها لسويد بن منجوف السدوسي وذلك أن سويداً مرض وعاده إبن أبي بكرة فقال له كيف تجدك قال صالحاً إن شئت قال ، قد شئت فما ذاك قال ان اعطيتني مثل الذي أعطيت إبن معمر فليس علي بأس فأعطاه سويدان فنسبت إليه .

نهر يزيد
   (غير نهر يزيد الذي اشرنا إليه فيما سبق ) حفر يزيد بن المهلب نهر يزيد في قطيعة لعبيد الله بن أبي بكرة فقال لبشير بن عبيد الله اكتب لي كتاباً بإن هذا النهر في حقي قال لا ولئن عزلت لأخاصمنك .