دراسة في الجغرافية التاريخية الملخص كان هدف الدراسة معرفة التغيرات الطبيعية والسياسية والتبعية الدولية لشط العرب، تناول البحث نبذه مختصرة عن التاريخ الطبيعي لشط العرب. إذ تعرضت الحافات الجنوبية لدلتا شط العرب لتغيرات مستمرة لعوامل عدة أهمها الهبوط الأرضي والترسيب مما أدى إلى تغيير السلوك الجيومورفولوجي للعديد من الأنهار كتغيير مجرى شط العرب والأجزاء السفلى لنهري دجلة والفرات، كما تناول البحث الأهمية الاستراتيجية والتجارية لهذا النهر فضلا عن تناول النزاعات الحدودية بين الدولة العثمانية (العراق حاليا) وبلاد فارس (إيران حاليا) إذ بدأت الصراعات بين هاتين الدولتين الكبيرتين نظرًا لأهميته الاستراتيجية البالغة لكلتا الدولتين ، ومن خلال صفحات البحث تم بيان صحة فرضية البحث وما زال اسم شط العرب (SHATT AL ARAB) مثبتا في جميع الخرائط الاجنبية والعربية البحرية الادميرالية التي تعتبر المرجع الأساس في توثيق الملامح الجغرافية والمسالك الملاحية في المحيطات والبحار والأنهار .
المقدمة شط العرب هو نهر يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات في قضاء القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد . وينحدر جنوبا إلى مصبه في الخليج بطول يقارب من 204 كم، ولكنه بعد تغيير مجرى نهر الفرات بعد أن كان يلتقي بدجلة عند مدينة القرنة وأصبح داخلا في هور الحمار ومنه تجري مياهه عن طريق جدول كرمة علي، لذا فالقسم الواقع بين القرنة وكرمة علي يعد جزءا من دجلة لذلك تقلص طوله ليصل إلى حوالي 195 كم، ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو، التي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق. ويتباين عرضه من مكان إلى أخر و بصورة عامة يزداد اتساعًا باقترابنا من المصب . ففي منطقة القرنة يبلغ معدل عرض الشط حوالي 250 مترًا وفي المعقل 300 متر ، وفي منطقة العشار حوالي 400 متر ويبلغ عرضه 800 متر جنوب مدينة المحمرة ، وعند مدينة الفاو يبلغ عرض النهر حوالي 1600 متر ، 2500 م قرب منطقة المصب، أما أعماقه فتراوحت بين 9 _ 18 م سابقا و 4 _ 12 م في الوقت الحالي ، يسميه الفرس نهر أروندرود و يلفظ أرفندرود، ويقع على جانبه الإيراني مدينتا خرم شهر (المحمرة) سابقا وعبادان . يمر هذا النهر في الجزء الجنوبي من العراق ووفقا للدراسات الجيولوجية للمنطقة يعد حوض شط العرب منطقة غير مكتملة التكوين الجيولوجي إذ إن الترسبات التي كونها نهر الكارون والأودية النهرية من الجهة الغربية منه تسببت في نشوء سد في الخليج العربي يعوق مياه الرافدين من الوصول إليه بسهولة، مما جعل مياهه تسري إلى المنخفضات المجاورة لتتجمع ثانية وتنزل تدريجيا نحو الخليج مكونة نهر شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات في مدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد ، تناول البحث نبذه مختصرة عن التاريخ الطبيعي لشط العرب، كما تناول البحث الأهمية الستراتيجية والتجارية والتطور التاريخي لمشكلة الحدود لشط العرب.
هدف الدراسة : 1 ـ معرفة التغيرات الطبيعية والسياسية لشط العرب على مر التاريخ. فرضية الدراسة : يؤسس البحث على الفرضية الآتية (إن عائدية وتسمية شط العرب في ضوء الوثائق التاريخية والمعطيات الجغرافية الطبيعية والبشرية يعود للعراق على مر التاريخ على الرغم من المطالبات والادعاءات للجارة إيران) . مشكلة الدراسة : في ضوء فرضية الدراسة يسعى البحث إلى الإجابة عن الاسئلة التالية : 1 ـ هل للعوامل الطبيعية أثر في تغيير مجرى شط العرب ؟ 2 ـ ما الأهمية التجارية والاستراتيجية لشط العرب ؟ 3 ـ هل كان لهذه الأهمية أثر في نشوب النزاعات بين الدولتين المتشاطئتين ؟ 4 ـ ما انعكاس هذه النزاعات على العلاقات بين الدولتين المتشاطئتين ؟ منهجية البحث : اعتمدت الدراسة على المنهج الجغرافي التاريخي الوصفي والتحليلي لمتغيرات شط العرب عبر التاريخ والمنهج التحليلي الاستنتاجي فيما يخص دراسة معظم القضايا والمواقف السياسية بين البلدين الذي اعتمد على تحليل البيانات لبعض الدوائر الرسمية والكتب والمصادر العربية والفارسية والبحوث والدراسات المتعلقة بموضوع الدراسة إلى جانب استقراء الأبعاد المستقبلية . حدود الدراسة : تتمثل منطقة الدراسة بالمياه الاقليمية والأراضي المجاورة من الجهة الغربية والشرقية لشط العرب .
شكل رقم (1) الموقع الجغرافي والفلكي لنهر شط العرب المصدر : وزارة الموارد المائية ،المديرية العامة للمساحة ، قسم إنتاج الخرائط، الوحدة الرقمية، خريطة البصرة الإدارية 2007 ، بمقياس رسم 1 / 500000 .
التغيرات الطبيعية لمجرى شط العرب تميزت الفترة ما بين بداية عصر البلايستوسين (Pliostocene) حتى الوقت الحالي بحركات أرضية خفيفة امتدادًا للحركات السابقة من إعادة التنشيط التكتوني في هذا العصر إلى تكوين صدع الفرات الذي يمتد شمال غرب وجنوب شرق وقد شغله مجرى نهر الفرات القديم في بداية عصر الهولوسين (Holocene) مع هبوط تكتوني امتد من الحوض (Geosyncline) (1) الذي كانت تشغله الأهوار حتى ساحل الخليج العربي الذي ساعد على تكوين مروحة الباطن التي تشغل قاعدتها الأراضي المنخفضة جنوب الأراضي المستصلحة وغرب خور الزبير واستمر النشاط الحركي الحديث في السهل الرسوبي خلال عصر الهولوسين (الحديث) وشملت محافظة البصرة حركات أرضية موضعية ذات نطاق محلي محدود يتباين تأثيرها على مستويات السطح من مكان إلى آخر وعلى جيومورفولوجية المنطقة من خلال رفع بعض التراكيب تحت سطحية ، الأمر الذي أدى إلى انقطاع بعض الأنهار وجفافها مثل نهر أبي الخصيب الذي كان يمر جنوب مدينة أبي الخصيب ليلتقي بنهر الفرات القديم كما أدت تلك الحركات إلى تكوين بعض المنخفضات في أقليم الدبدبة مثل منخفض البرجسية وقد كان الأثر الواضح انحدار التراكيب الصخرية باتجاه الجنوب في حركة المياه الجوفية ونقلها للأيونات الذائبة وترسيبها في منطقة الدراسة (2) . تعرضت الحافات الجنوبية لدلتا شط العرب لتغيرات مستمرة في مظهرها العام نتيجة عوامل أهمها عمليات الترسيب من الأنهار والأهوار والتغيرات في أنظمة المجاري والأنهار المحلية وتدخل الإنسان بشقه لعدة قنوات اروائية والطغيان والانحسار للبحر المتكرر عبر العصور الجيولوجية والهبوط الأرضي . إذ يحدث هبوط باستمرار مع الحركات الأرضية المحلية في دلتا دجلة والفرات بمعدل (6) ملم/ سنة (3) وعلى الرغم من حركات الرفع والهبوط في أجزاء عدة منها يكون هناك توازن بين ذلك الهبوط و الترسبات النهرية الكبيرة إلا أنها في بعض جهاتها تشهد تنشيطا تكتونيا حديثا أدى إلى ارتفاع نسبي في طوبوغرافية السطح في جهات ************************************************* (1) (1) نميرنذير مراد ،ظاهرتا السباخ والارساب الريحي في غرب شط العرب،اطروحة دكتوراه (غير منشوره) جامعة البصره ،كلية الاداب، 2002 سنة، ص 15 . (2) المصدر نفسه ، ص 15 . (3) سحر طارق عبد الكريم الملا ، جيومورفولوجية وادي شط العرب بمساعدة تقنيات التحسس النائي ،اطروحة دكتوراه (غير منشوره) ، كلية الاداب، جامعة البصرة ، 2005 سنة ،ص 4 . |