مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة

الدكتور مضر خليل العمر


المقدمة
  مدينة البصرة من أولى المدن التي بنيت في العصر الإسلامي وقد نمت هذه المدينة بفترة وجيزة وأخذت موقعاً بارزاً في الحياة الثقافية في الحضارة العربية الإسلامية وأصبحت لها مدارسها الفكرية واللغوية وأصبح لها طابعها الحضاري الخاص ، وبقيت البصرة متميزة في العصور ورغم كل الظروف ، وقد تميزت في الفترات العصيبة مثلما تميزت في عصور الازدهار والرخاء ، إنها حقاً مدينة من نمط خاص .
  وفي العصر الحديث ، أيضا تميزت مدينة البصرة ، تميزت عن مدن العراق بكونها ميناءه الرئيسي ومركزه الاقتصادي الجنوبي وثاني مدنه من حيث عدد السكان ، والعكس هذا على التركيب الداخلي للمدينة والواقع السكني فيها ، ففي الجانب السكني نرى التباين الكبير بين القصور الفارهة والأكواخ المزرية ، وبين الاثنين نجد سلسلة واسعة من المباني المتنوعة في الحجم والمستوى العمراني والمعماري ، وبعض قصور البصرة مشهورة بشناشيلها ( شبابيك خشبية بارزة ) مما دعا الدولة لشراء عدد منها وترميمها للحفاظ عليها كمورث معماري له شخصيته وطابعه الخاص ، أما بالنسبة للأكواخ فقد عملت الدولة العراقية ومنذ ستينات هذا القرن على توزيع الأراضي أما مجاناً أو بأسعار رمزية على الوافدين إلى البصرة وإسكانهم في منازل أفضل حالاً حلت محل الصرائف والأكواخ .
  أن دراسة الواقع السكني لمدينة مثل البصرة أمر غير سهل ويحتاج إلى جهد كبير ووقت كاف لذا سنعتمد في هذا البحث عرض جوانب من المواقع من خلال مؤشرات توفرت لدينا ولفترة ما قابل الحرب المفروضة على قطرنا الحبيب ، وباعتماد الإحصائيات الرسمية المنشورة والمتوفرة فقط فأننا لا نتوقع أن تكون صورة الواقع السكنيكاملة ولا واضحة إلا أنها تسلط بعض الضوء على جوانب من هذا الواقع وتشير إلى جوانب معينة منه .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 2 ـ

الواقع السكني في الخمسينيات
  يشير التقرير الأول لحظة تنمية مدينة البصرة والصادر عن وزارة البلديات ( 1957 ) PASRAH DEVELOPMENT PLAN إلى أن عدد منازلهــا ( 28104 ) منزلاً ثلثها تقريباً ( 32.3% ) مبني بالطابوق وحوالي نصفها ( 49.5% ) عبارة عن صرائف بناها المهاجرون إلى البصرة قصد العمل في مينائها وفي مكابس التمور والمرافق والقطاعات الاقتصادية الأخرى المتوفرة والنشطة في مدينة البصرة ، إضافة إلى هذا ، هناك ( 4772 ) منزلاً ( 17 % ) مبني بالطين وفقط ( 146 ) منزلاً مبني بالحجارة .
  ولإرتفاع عدد الصرائف في البصرة فقد ارتفعت نسبة المنازل المكونة من غرفة واحدة ( 13.3 % ) ، وبلغت الكثافـة السكنــية في هذا النوع من المـنازل ( 4.3 ) شخص للغرفة الواحدة ، وتسكنها ( 8600 ) عائلة HOUSEHOLDS ، وفي ذات الوقت ولإرتفاع عدد الأكواخ والمنازل المبنية من الطين والتي غالباً ما تكون من غرفتين فقد ارتفعت نسبة المنازل المكونة من غرفتين ( 35 % ) ويسكنها أيضاً ( 35 % ) من مجموع العوائل في مدين البصرة ، وقد كان معدل عدد الأشخاص للغرفة الواحدة لهذا النوع من المنازل ( 2.8 ) شخص / غرفة أما المنازل المكونة من خمس غرف فأكثر فقد بلغت نسبتها ( 7.8 % ) ويسكنها ( 8.4 % ) من مجموع العوائل في مدينة البصرة .
  وتشير إحصائيات عام 1957 إلى أن ( 31.5 % ) من مجموع العوائل في مدينة البصرة تسكن منازل مكونة من غرفــة واحدة ، وفي حين كانت هذه النسبــة ( 32.5 % ) لمجموع العوائل في محافظة ( لواء ) البصرة ، وحوالي خمس عوائل مدينة البصرة ( 19.9 % ) تسكن في منازل تضم غرفتين وأكثر من ربع العوائل البصرية ( التي تسكن في مدينة البصرة ) ( 25.7 % ) تسكن منازل مكونة من خمس غرف فأكثر ، وإذا نظرنا إلى جانب آخر من هذه الإحصائيات لوجدنا أن ( 43.5 % )

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 3 ـ

من مجموع العوائل البصرية تسكن منازل مبنية بالآجر في وقت انها فقط ( 23.5 % ) من مجموع العوائل في محافظة البصرة ، وهذا مؤشر جيد على المستوى العمراني لمنازل مدينة البصرة وتؤكد هذه الحقيقة نسبة المنازل المبنية من اللبن ( الطين ) في مدينة البصرة حيث تشكل 7.5 % من مجموع هذا النوع من المنازل في المحافظة ، هذه الجوانب من الواقع السكني في مدينة البصرة عامي 1956 ـ 1957 ، في وقت كانت الهجرة إليها في أوجها وكان الوضع الاقتصادي للبلد وبصورة عامة ليس بالوضع الذي يعتد به .

الواقع السكني خلال السبعينات
  أما خطة تنمية مدينة البصرة لعام 1974 فقد أشارت إلى أن نسبة الصرائف في المدينة لعام 1973 قد انخفضت لتصل إلى ( 29.2 % ) وارتفعت نسبة المنازل ذات الطابع الغربي المنفصل ذات الساحة الداخلية فقد كان عددها ( 223 ـ 9.3 % ) ، وبلغ عدد المنازل الشرقية المتصلة مع بعضها TRADITINAL TERRACE ( 292 ـ 12.1 % ) وقد سجلت المنازل المتوسطة التي جمعت بين الطابع الغربي والشرقي MODERN TERRACE أعلى نسبة ( 34.1 % ) بين أنواع المنازل في مدينة البصرة .
  وبإعادة النظر في هذه الأرقام بحثاً عن نوعية أشغال هذه المنازل فقد وجدنا أن ( 58.6 % ) من المنازل ذات الطابع الغربي يسكنها أصحابها ، وأكثر من ربعها ( 27.3 % ) مؤجر من القطاع الخاص ، أما المنازل البصرية الكبيرة فأن ( 38.1 % ) منها يسكنها أصحابها و ( 44.5 % ) منها مؤجر من قبل القطاع الخاص ، وان ( 67.7 % ) من مجموع المنازل المؤجرة من مديرية الأوقاف هي من هذا النوع من المنازل ، أما الصرائف فأن ( 46.1 % ) منها يسكنها أصحابها و ( 33.8 % ) منها أراضيها فقط هي المؤجرة و ( 12.9 % ) منها مؤجرة أرضاً وبناء من القطاع الخاص .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 4 ـ

  وفيما يخص المنازل الحديثة المتصلة مع بعضها فأكثر من نصفها ( 57.5 % ) يقطنه مالكوها ، وحوالي ثلثها مؤجر من القطاع الخاص ( 33.3 % ) ، ويمثل هذا النوع من المنازل ( 48.1 % ) من مجموع المنازل المؤجرة من القطاع الخاص و ( 19.4 % ) من تلك المؤجرة من دائرة الأوقاف و ( 41.5 % ) من مجموع المنازل التي يسكنها أصحابها .
  وعند مقارنة نسب أشغال المنازل في مدينة البصرة مع نظيراتها لمحافظة البصرة ومدينة بغداد الكبرى ولمعدل القطر نجد أن نسبة أشغال المساكن من مالكيها في البصرة منخفضة ( 27.7 % ) قياساً إلى المعدل العام ( معدل الملكية للقطر 62.5 % ) وللنسبة في مدينة بغداد الكبرى ( 65.8 % ) ، ولعل مرد هذه النسبة المنخفضة لملكية المنازل في مدينة البصرة إلى استمرار جذبها للمهاجرين للعمل فيها ولمنع الدولة لإنشاء الصرائف وكذلك لتأسيس جامعة فيها مما جعل الطلب على السكن وخاصة المؤجر منه عالياً جداً ومن مختلف الأوساط الاجتماعية والاقتصادية مما جعل نسبة المنازل المؤجرة في المدينة يصل إلى ( 55.7 % ) في وقت كان معدلها للقطر ( 13.2 % ) ونسبتها في بغداد ( 32.7 % ) .
  وعند النظر إلى الكثافة السكنية كمؤشر عن الواقع السكني وعلى مختلف طرق حساب هذه الكثافة فقد وجدنا أن الواقع السكني في مدينة البصرة أفضل نسبياً مما هو عليه في القطر ، إلا أن معدل عدد الغرف في المنزل الواحد اكبر في البصرة ، وهذا ما يؤيد الإشارة السابقة إلى حجم المنازل البصرية ذات الطابع الشرقي العربي الخاص وسعتها الدالة على المستوى الاقتصادي لساكنيها الأصليين ، وتبرز هذه الحالة أيضا في بغداد لكونها العاصمة .
  تشير خطة تنمية مدينة البصرة إلى انه في عام 1973 ( 91.02 % ) من مجموع العوائل في مدينة البصرة تتمتع بوجود حنفيات للماء في منازلهم ، و ( 9ر72 % ) تتوفر في منازلهم المرافق الصحية من نوع FLUSH WC ، و ( 75.6 % ) منهم يستخدمون حمامات منزلية و ( 76.6 % ) منهم يعتمدون الكهرباء لإنارة منازلهم ، و ( 23.3 % ) منهم تتوفر في منازلهم حدائق فقط ، وعند مقارنة نسبة توفر هذه الخدمات الأساسية في المنازل البصرية مع معدلات القطر نجد أن مدينة البصرة في وضع جيد جداً ، ويوضح هذا جدول رقم ( 2 ) والذي بين أن نسبة وجود الحمام في المنزل البصري تساوي ( 3.86 ) اضعاف معدل القطر ونسبة توفر المرافق الصحية ( 1.67 ) ضعف المعدل للقطر ،

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 5 ـ

ونسبة توفر القوة الكهربائية في منازل في مدينة البصرة قد تعدت ضعفي معدل القطر ( 2.21 ) ، كذلك الحال بالنسبة إلى وجود حنفية ماء داخل المنزل ( 2.45 ) ، وهذا انعكاس للتطور الاقتصادي والحضاري لمدينة البصرة وتطورها العمراني وارتفاع مستوى الخدمات الأساسية في منازلها .

جدول رقم ( 2 )
النسبة المئوية لتوفر المرافق الأساسية في المنازل ، 1973
المرافق مدينة البصرة محافظة البصرة بغداد العراق
حمام 39.4 22.0 30.7 10.2
مراحيض 55.9 63.6 67.7 33.4
كهرباء 37.4 20.0 50.4 16.9
حنفية ماء 50.9 27.0 54.8 20.8

المصدر : خطة تنمية مدينة البصرة ، 1974 .

  ويواضح جدول رقم ( 3 ) النسبة المئوية لتوفر هذه الخدمات في المنازل بحسب أنواعها ، نلحظ هنا أن الماء متوفر داخل المنازل وبنسبة عالية ، وحتى في الصرائف ( 71.2 % ) ، ويعني هذا أن صرائف البصرة لم تصل فيها الحالة السكنية إلى المستوى الذي وصلت إليه مدن الصفيح SHAVTY TOWNS ( مدن المهاجرين في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا ) ، وتؤكد الإحصاءات المتوفرة والواردة في جدول رقم ( 3 ) هذه الحقيقة حيث أن نسبة غير قليلة من الصرائف مزودة رسمياً بالقوة الكهربائية ( 29.8 % ) وان ( 40.1 % ) منها فيها ما يمكن استخدامه كحمام ثابت FIXED BATH ، و ( 84.8 % ) منها تتوفر فيها مرافق صحية داخلية .
   وبصورة عامة ، إذا كان هذا حال الصرائف فأن حال بقية المنازل أفضل بكثير ، وهذا يغنينا عن الإطالة في مناقشة الأرقام الواردة في الجدول المذكور في أعلاه ، أن توفر الماء والكهرباء في معظم المنازل في مدينة البصرة إنما هو انعكاس وتنفيذ لسياسة الثورة في توفير الخدمات الأساسية لجميع المواطنين في المدينة والريف .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 6 ـ

  وان ارتفاع نسبة توفر المرافق الصحية ( المراحيض والحمام ) في المنازل مؤشر إلى المستوى الحضاري والاقتصادي للــساكنين ، وكما لاحظنا من جدول رقم ( 3 ) فأن هذه النسب مرتفعة جداً وفي مختلف أنواع المنازل في مدينة البصرة .
  لقد وفر إحصاء عام 1977 معلومات قيمة عن المدن العراقية ، بلغ عدد الساكنين في المنزل الواحد في مدينة البصرة عام 1977 كان ( 7.69 ) شخص / منزل وان معدل حجم الأسرة كان ( 6.81 ) شخص وكانت نسبة العوائل إلى المنازل ( 1 .129 ) عائلة / منزل .
  مدينة البصرة عام 1977 كان ( 7.69 ) شخص / منزل وان معدل حجم الأسرة كان ( 6.81 ) شخص وكانت نسبة العوائل إلى المنازل ( 1.129 ) عائلة / منزل .
  ولما كانت هذه النسب للمدينة برمتها فبالتأكيد سنجد تبايناً بين المناطق السكنية المختلفة ، فمثــلاً وصلت نسبـة العوائل إلى المـنازل في دور نفط الجنوب إلى ( 0.81 ) عائلة / منزل وفي دور الضباط ( 0.87 ) ، وفي وقت ارتفعت هذه النسبة إلى ( 3 ) عائلة / منزل في الرواسـة و ( 2.52 ) في محلة البجاري و ( 2.18 ) عائلة / منزل في الداكير وذات الشيء نجده في معدل عدد الساكنين في المنزل الواحد ، ففي دور نفط الجنوب كانت هذه النسبة ( 3.66 ) وفي دور الضباط ( 5.3 ) شخص / منزل ، بينما وصلت هذه النسبة في محلة البجاري إلى ( 16.87 ) وفي الداكير ( 13.85 ) وفي الرواسة ( 13.37 ) شخص / منزل ، بعبارة أخرى ، وكما هو الحال في جميع المدن في الدول المتقدمة والنامية ، فأن الكثافة السكنية ومعدل عدد الساكنين يتباين بين المناطق السكنية بحسب موقعها المكاني من مركز المدينة وموقعها ( الاشتقاقي )يف سلم التركيب الاجتماعي ـ الاقتصادي للمدينة SOCIO ـ ECONOMIC STRUCTURE ، ولا تشذ مدينة البصرة عن هذه القاعدة ، ومعروف أيضاً انه كلما اتسعت المدينة ونمت اقتصادياً تنوع التركيب الاجتماعي الاقتصادي فيها وأصبح التوزيع الجغرافي لهذا التركيب أكثر وضوحاً وفي الجانبين الاشتقاقي والمكاني في ذات الوقت .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 7 ـ

جدول رقم ( 3 )
التسهيلات المتوفرة في المنازل حسب أنواعها ، 1973
ـ ماء
%
مراحيض
%
حمام
%
كهرباء
%
غربي منفصل 99.4 331 98.8 329 97.1 330 97.9 326
شرقي كبير 8.97 218 74.4 166 84.3 188 91.9 205
شرقي متصل 100.0 252 79.9 286 87.3 255 99.0 289
غربي متصل 99.5 830 84.7 706 89.3 745 94.8 791
صريفة 71.2 501 84.8 245 40.1 282 29.8 210
شقة 100.0 17 100.0 17 94.1 16 100.0 17

المصدر : خطة تنمية مدينة البصرة ، 1974 .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 8 ـ

إتجاهات تطور الواقع السكني
  لقياس تطور الواقع السكني في مدينة البصرة اعتمدنا مؤشر الكثافة السكنية ، فوجدنا أن منازل مدينة البصرة في وضع جيد نسبياً وفي حالة تحسن مستمر ، وان المرافق الخدمية الأساسية فيها متوفرة وبنسبة عالية ، ولتكملة الصورة سنعتمد ثلاثة مؤشرات أخرى هي : البناء الجديد المضاف إلى الموجود السكني ، الترميمات والتصليحات التي تمت في الموجود السكني وإجازات البناء .

( أ ) الإضافات الجديدة
  تشير إحصاءات البناء الجديد المتوفرة إلى أن حركة الإضافة قد كانت محدودة نسبياً خلال خمسينات هذا القرن ، ونشطت في عقد الستينيات وتم إضافة ( 2682 ) وحدة سكنية عام 1966 إلى الموجود السكني في مدينة البصرة ، بعدها تقلصت نشاطات البناء عام 1969 ومن ثم تصاعدت إلى أن وصلت القمة عام 1981 ( 8172 ) ، بمعنى آخر ، أن حركة البناء في مدينة البصرة قد بقيت متصاعدة حتى في سنين الحرب المفروضة على قطرنا ، واعتماداً على تحليل العلاقة الخطية البسيطة SIMPLE LINEAR REGRESSION فقد تم تحليل البيانات المتوفرة وللفترة ( 47 ـ 1979 ) واتضح أن هناك اتجاهاً TREND واضحاً لنمو حركة البناء في مدينة البصرة وبعلاقة نمو CORRELATION COEFICIENT قيمتها (0.88 ) .
   ولتأشير أنماط النمو بحسب الفترة السياسية فقد أعيد التحليل وللفترات ( 47 ـ 1957 ، 58 ـ 1968 ، 69 ـ 1979 ) ، واتضح أن الأنماط متباينة حيث سجلت علاقات نمو ( 0.43 ، 0.91 ، 0.74 ) على التوالي ، بعبارة أدق ، لم تكن حركة البناء نشطة قبل ثورة تموز ونشطت بشكل ملحوظ بعدها لنشاط الجمعيات التعاونية والإسكانية والنقابات في الحصول على الأراضي وتوزيعها على منتسبيها وتوفر القروض المصرفية لغرض البناء .
  أما بعد ذلك فقد تمت الموازنة بين البناء الجديد والترميمات وكما سنرى لاحقاً في هذا البحث . أما بالنسبة للفترة ( 80 ـ 1986 ) فأن حركة البناء والتعمير لم تكن فيها بنفس النمط السابق وذلك بسبب الحرب المفروضة على قطرنا الحبيب ولقرب مدينة البصرة الصامدة من جبهة القتال ولتعرضها للقصف الوحشي المعادي ،

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 9 ـ

ومن نافلة القول التذكير هنا بأن من أسباب قيام هذه الحرب تعطيل عملية التنمية القومية والتعمير في القطر ، ولم تقل حركة البناء عن ألف وحدة سكنية جديدة سنوياً ، بل أن معدل الانشاءات سنوياً كان ( 3683 ) وحدة سكنية مع العلم أن معدل هذه الإضافات كان وللفترة ( 47 ـ 1957 ) ( 351 ) ، وللفترة ( 58 ـ 1968 ) ( 1569 ) ، للفترة ( 69 ـ 1979 ) ( 3722 ) وحدة سكنية سنوياً .
   وبمقارنة المعدل السنوي للإنشاءات والإضافات السكنية الجديدة لفترة ( 1969 وليومنا هذا ) نجد أن هذه الفترة هي فترة اعمار وتقدم ولم توقف عجلة التطور والانجازات لا المؤامرات ولا الحرب المفروضة ولا القصف ، أن حركة البناء في مدينة البصرة مثال حي للصمود والبطولة والإصرار الواعي النابع عن الأصالة والبطولة والشهامة ، انه إصرار على البناء والبقاء بتميز ذاتي أصيل .

( ب ) إجازات البناء
  لم تتوفر إحصاءات عن إجازات البناء للفترة التي سبقت عام 1960 ، وبتحليل الإحصاءات للفترة ( 60 ـ 1968 ) وجدنا أن علاقة النمو كانت ضعيفة جداً ( 0.159 ) إلا أنها كانت قوية ( 0.76 ) للفترة ( 69 ـ 1979 ) ، وما الازدهار العمراني إلا احد المؤشرات المعتمدة للاستدلال على الوضع الاقتصادي والتطور الحضاري للمجتمع والدولة وقد كان معدل السنوي لأجازات البناء للفترة ( 80 ـ 1986 ) ( 3567 ) في وقت كان هذا المعدل ( 809 ) إجازة بناء سنوياً للفترة ( 60 ـ 1968 ) .

مؤشرات عن الواقع السكني في مدينة البصرة   ـ 10 ـ

( ج ) الترميمات
  لم تسر عملية الترميمات للموجود السكني في مدينة البصرة بوتيرة متصاعدة للفترة ( 47 ـ 1979 ) مما انعكس بعلاقة سالبة وضعيفة لحركة الترميمات ( ـ 0.21 ) ، بعبارة أخرى ، كانت حركة الترميمات متذبذبة لدرجة لا تشير إلى نمو متصاعد ، وبعد إعادة التحليل على أساس الفترات السياسية توضحت أنماط النمو ، حيث كانت فترة الخمسينات فترة اهتمام بالمنازل وترميمها ، ولعل مرد ذلك إلى قلة البناءات الجديدة .
   أما فترة الستينات فقد كانت فترة إنشاءات جديدة وإهمال للموجود السكني ، وفي عقد السبعينات تمت إعادة النظر في سياسة الإسكان وتم ترشيدها وذلك بالموازنة بين الإنشاءات الجديدة وترميم الموجود السكني وإدامته ورفع مستواه المعماري والخدمي ، وعكست علاقة النمو هذه الحقيقة حيث كانت بقيمة ( 0.91 ) للفترة ( 47 ـ 1957 ) وسالبة للفترة ( 58 ـ 1968 ) ( ـ 0.78 ) ، وموجبة ( 0.68 ) للفترة ( 69 ـ 1979 ) .
   ولقد كان معدل الترميمات سنوياً للفترة ( 47 ـ 1957 ) ( 1883 ) وحدة سكنية سنوياً وبمعدل ( 1214 ) وحدة سكنية سنوياً للفترة ( 58 ـ 1968 ) ، و ( 1232 ) وحدة سكنية سنوياً للفترة ( 69 ـ 1979 م ) .
   أن تقارب المعدل السنوي للفترتين الأخيرتين راجع إلى أن السنوات الأولى من الفترة الأولى كانت فيها حركة الترميمات نشطة ( 1442 عام 1958 ) ، أما في الفترة الثانية فقد كان العكس حيث تم عام 1969 ترميم ( 845 ) منزلاً فقط وارتفع هذا الرقم ليصل إلى ( 3450 ) وحدة سكنية عام 1978 م و ( 3765 ) منزلاً عام 1980 م .
  خلاصة قول الواقع السكني في مدينة المدن يبشر بخير وان أهل البصرة الصامدين مزروعون في أرضهم ومعنيون ببيئتها السكنية بصورة جليه مستفيدين من التسهيلات التي توفرها لهم الدولة .
جدول رقم ( 1 )
الكثافة السكنية في مدينة البصرة ، 1973 .
الكثافة مدينة البصرة محافظة البصرة بغداد العراق
عائلة / منزل 1.01 1.01 1.2 1.07
شخص /غرفة 2.40 2.46 2.8 2.73
شخص / منزل 5.67 5.63 7.5 6.05
شخص / عائلة 5.61 5.69 6.2 5.65
غرفة / منزل 2.36 2.29 2.7 2.22

المصدر : خطة تنمية مدينة البصرة ، 1974 .