ولما تولى الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) الخلافة سنة 35 هـ / 655 م ، أعلنت خراسان تمردها على الحكم العربي مستغلةً الإضطرابات التي حصلت بعد توليه الخلافة ، مما إضطره إلى إرسال جعده بن هبيرة المخزومي لإعادة تثبيت الحكم العربي فيها (1) ، إلا أن جعده لم يتمكن من تهدئة الأوضاع في خراسان ، فبعث إليها الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) خليد بن قره التميمي الذي لم يتمكن هو الآخر من السيطرة على الأوضاع في خراسان ، التي إستمرت في تمردها حتى مقتل الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) (2) .

 **************************************************************
(1) إبن الكلبي : جمهرة النسب ص 93 ، خليفة : التاريخ ص 199 ، البلاذري : الفتوح ص 399 .اليعقوبي : البلدان ص 294 ، الطبري : التاريخ 5 / 64 .
(2) خليفة : التاريخ ص 199 ، الطبري : التاريخ 5 / 64 .

جبهة البصرة   ـ 118 ـ

الفصل الخامس


(1) عناصر سكان البصرة وتنظيمها الإجتماعي :

( أ ) القبائل العربية

   نظمت البصرة إجتماعياً ومنذ السنوات الإولى لتأسيسها على أساس قبلي ، حيث كان للقبائل العربية التي نزلتها في باديء الأمر والقبائل التي هاجرت اليها فيما بعد على أثر التطورات العسكرية السريعة التي شهدتها منطقة البصرة أثر كبير في إضفاء الصبغة القبلية على هذا التنظيم .
   وإذا ما حاولنا إلقاء نظرة على أهم القبائل التي إستوطنت البصرة منذ بداية تأسيسها والتي كانت تشكل الغالبية العظمى لسكانها فسوف نلاحظ كثرة قبيلة تميم تليها قبيلة بكر بن وائل ، ولعل هذا متوقع أمام كثرة قبيلتي تميم وبكر بن وائل في بادية البصرة قبل بدء حركات التحرير العربي الإسلامي لهذه المنطقة بالقياس إلى القبائل العربية الأخرى التي هاجرت المنطقة فيما بعد ، حيث كانت منطقة البصرة لا تبعد كثيراً عن منظقة نفوذ هاتين القبيلتين قبل الإسلام (1) ، وإن إستيطان هاتين القبيلتين وقدومها إلى البصرة يكاد يكون في زمن متقدم حيث إنضمت كل منهما تحت قيادة سويد بن قطبة إلى جيش عتبة بن غزوان بعد وصوله إلى منطقة البصرة (2) .
   وتعد قبيلة تميم من أكبر القبائل العربية في البصرة من حيث العدد والعدة والثروة (3) ، حيث أشار الحازمي إلى أن عدداً من عشائرها قد سكنت كلها أو عامتها البصرة ، دون غيرها من الأمصار وهذه العشائر هي الحبطي الحرمازي وحنظلة بن مالك والدارمي وبنو رياح وبنو سعد وسلميط والعنبري والفداني ومازن ومجاشع بن دارم والهجيمي والطفاويون (4) .

 **************************************************************
(1) ناجي حسن : القبائل العربية ص 99 .
(2) البلاذري : الفتوح ص 336 .
(3) ناجي حسن : القبائل العربية ص 94 .
(4) الحازمي : عجاله المبتدى ص 46 ، 48 ، 51 ، 58 ، 67 ، 73 ، 85 ، 95 ، 98 .

جبهة البصرة   ـ 119 ـ

   ومما زاد في إعداد قبيلة تميم وقوة نفوذها في البصرة هو إستمرار هجرة عشائرها إلى البصرة حيث أشار الطبري إلى هجرة طوائف بنو العم (1) ، الذين كانوا يسكنون الأحواز قبل بدء حركات التحرير العربي الإسلامي ، إلى البصرة وإستقرارهم فيها زمن ولاية أبو موسى الأشعري بعد تحريره لإقليم الأحواز سنة 20 هـ / 640 م ، حيث أصبحت لهم خطة خاصة بهم ضمن خمس بني تميم (2) .
   كذلك أشار إبن دريد إلى قدوم عشيرة عبد الله بن دارم من بني تميم مع قبيلة عبد القيس إلى البصرة في أوآخر عهد الخليفة عمر بن الخطاب الذين كانوا يسكنون منطقة هجر في البحرين فسموا بذلك الهجريين (3) .
   وكان لمحالفة الأعاجم من الأساورة والزط والسيابجة لقبيلة تميم حينما أسكنهم أبو موسى الأشعري البصرة بعد تحرير الأحواز سنة 20 هـ / 640 م ، أثراً كبيراً في زيادة أعدادها وقوة نفوذها حيث حالف الأساورة بني سعد من تميم بينما حالف الزد والسيابجة بني حنظلة من تميم (4) .
   وبذلك أصبحت بنو تميم تشكل العمود الفقري لسكان البصرة حيث لعبت دوراً بارزاً في حياة البصرة السياسية والإجتماعية (5) ، وتشعرنا كثرة التقلبات السياسية التي ابدتها عشائر بنو تميم في زمن الخليفة على بن بي طالب ( ع ) والتي مال قسم منها إلى جانبه والقسم الآخر إلى جانب عائشة وطلحة والزبير بينما كان أهواء بعضهم مع معاوية بن أبي سفيان (6) ، إلى كثرة هذه القبيلة حيث بلغ عدد مقاتليها في زمن الخليفة علي ( ع ) عشرة الآف مقاتل (7) دون النساء والأطفال والشيوخ ، كما أن مراسلة معاوية بن ابي سفيان لبني تميم وإرساله عبد الله بن الحضرمي في نهاية خلافة الخليفة علي ( ع ) لإستمالة قبيلة تميم إلى جابنه

 **************************************************************
(1) بنو العم : هم ولد العمي ، وهو مرة بن مالك بم حنظلة بن مالك بن زيد بن مناه بن تميم . أنظر الطبري : التاريخ 4 / 73 .
(2) أنظر الطبري : التاريخ 4 / 74 ، ناجي : دراسات ص 138 .
(3) إبن دريد : الإشتقاق ص 234 .
(4) البلاذري : الفتوح ص 367 .
(5) عبد الجبار ناجي : التنظيم العسكري لجيش صاحب الزنج، المؤرخ العربي ، ع 7 ، لعام 1978 م ، 136 .
(6) ناجي حسن : القبائل العربية ص 97 .
(7) الطبري : التاريخ 5 / 79 .

جبهة البصرة   ـ 120 ـ

لدليل آخر على كثرة قبيلة تميم وقوة مركزها في مدينة البصرة (1) .
   ولقد بقيت قبيلة تميم في البصرة أيام الأمويين أول القبائل عدداً ، فبينما يذكر أبو عبيدة أن عدد مقاتليها بلغ عشرين ألف مقاتل أيام يزيد بن معاوية (2) ، يذهب المبرد إلى جعل عدد قبيلة بكل حاضرتها وباديتها وحلفاؤها من الأساورة والزط والسيابجة ستين ألف أيام يزيد بن معاوية (3) .
   وتلي قبيلة تميم في العدد والنفوذ قبيلة بكر بن وائل حيث غدت ثاني اكبر قبيلة إستقرت في البصرة بعد تمصيرها ، ويذكر الحازمي أن من عشائر بكر بن وائل والتي إستقرت عامتها البصرة دون غيرها من الأمصار هي عشيرة ذهل ، ورقاش ، وزمان وسدوس وشبيان (4) .
   ويبدو أن لقبيلة بكر بن وائل بعشائرها مكانة لا تقل عن مكانة قبيلة تميم في البصرة وخاصة في ولاية أبي موسى الأشعري ومما يؤكد ذلك رواية إبن أعثم التي ذكر فيها أن أبا موسى الأشعري دعى برجل من بكر بن وائل يدعى همام بن متمم فولاه على أهل البصرة قبل أن يتوجه بقواته لفتح أصبهان (5) ، ومن خلال هذه الرواية نستطيع أن أن نتبين أن قبيلة بكر بن وائل بعشائرها كانت تشكل نسبة عالية من سكان البصرة وإلا فإن أبا موسى الأشعري لا يقدم على تولية رجل من قبيلة بكر بن وائل ما لم تكن لقبيلته الأرجحية بين القبائل العربية الأخرى في البصرة خلال تلك الفترة ، ومما يدلل على ذلك مكانة قبيلة بكر بن وقوة مركزها في البصرة ، أنها عندما إنضمت إلى جانب الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) في معركة الجمل قيل عنها أنه من كانت معه عبد القيس وبكر بن وائل كانت له الغلبة (6) .
   ويعد بيت مسمع من بكر بن وائل أحد البيوتات الأربعة المشهورة في البصرة بالإضافة إلى بيت بني المهلب وبيت بني مسلم بن عمرو الباهلي من قيس وبيت آل الجارود من عبد القيس (7) ،

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 5 / 110 ـ 111 .
(2) البلاذري : أنساب الأشراف ج 4 ق 2 ص 111 .
(3) المبرد : محمد بن يزيد ، الكامل في الأدب ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاته مطبعة نهضة مصر ، القاهرة ـ 1956 م ، 1 / 142 .
(4) الحازمي عجالة المبتدى ص 63 ، 66 ، 68 ، 72 ، 79 .
(5) إبن أعثم : الفتوح 2 / 69 .
(6) الطبري : التاريخ 4 / 501 .
(7) إبن الفقيه : البلدان ص 190 .

جبهة البصرة   ـ 121 ـ

وكانت رئاسة بكر بن وائل في زمن الخليفة عمر بن الخطاب لمجزأة بن ثور ثم لخالد بن المعمر ، وفي زمن الخليفة عثمان بن عفان لشقيق بن مجزأة بن ثور ثم إلى حضين بن المنذر في زمن الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) (1) .
   أما قبيلة أهل العالية فقد كانت إحدى القبائل الرئيسية التي إستوطنت البصرة وشكلت خمساً كبيراً من أخماسها (2) ، حيث كان بعض أفرادها من أقدم مقاتلة البصرة الذين إشتركوا في جيش عتبة بن غزوان أثناء قدومه إلى البصرة سنة 14 هـ / 635 م (3) .
   ومن الملاحظ على أهل العالية أنهم لم يكونوا ينتمون إلى قبيلة واحدة وإنما شكلوا إتحاداً لمجموعة من العشائر الحجازية المتباينة التي كانت تستوطن عالية الحجاز قبل نزوحها إلى البصرة وهم بنو عامر وغني وباهل وعكل ويتم وضبه وغطفان وهوازن ومحارب بنو سليم وطوائف من بني أسد (4) .
وقد أوضح الدكتور العلي بدراسته عن خطط البصرة بإن خمس العالية كانوا يتكون من إحدى وعشرين عشيرة (5) ، هذا مما جعل مساهمة أهل العالية تبدوا واضحة في الأحداث السياسية التي شهدتها مدينة البصرة وخاصةً في معركة الجمل حيث إنظم بعض من عشائرها كبني سليم وهوازن والأعجاز بقيادة مجاشع بن مسعود السلمي ، وبنو عامر بقيادة زفر بن الحارث ، وبنو غطفان بقيادة أعصر بن النعمان الباهلي وبنو ناجيه بقيادة الخريت بن راشد ، وبنو ضبه بقيادة المجاب بن راشد إلى جانب عائشة وطلحة والزبير في حربهم ضد الخليفة علي بن ابي طالب ( ع ) (6) ، وكانت أكثر هذه العشائر مساندة لعائشة هي عشيرة بني ضبه ، حتى يقال أن أربعين منهم قد قطعت أيديهم على خطام جملها ، وكانت عائشة تقول ( ما زال جملي معتدلاً حتى فقدت أصوات بني ضبه ) حيث كانوا يطوفون بجملها ويقولون (7) :

 **************************************************************
(1) الجاحظ : البيان والتبين 3 / 108 .
(2) إبن الكلبي : جمهرة النسب ص 335 .
(3) أنظر العلي : التنظيمات ص 26 . (4) أنظر إبن الكلبي : جمهرة النسب ص 335 ، ياقوت : معجم البلدان 4 / 71 ، ناجي حسن : القبائل العربية ص 99 .
(5) العلي : التنظيمات ، الملحق الثاني ص 287 ـ 289 .
(6) الطبري : التاريخ 4 / 504 ، 505 ، 518 .
(7) الطبري : التاريخ 4 / 518 .

جبهة البصرة   ـ 122 ـ

نحن بنو ضبه أصحاب iiالجمل      نـنازل الموت إذا الموت نزل
والموت أشهى عندنا من العسل      ننعي إبن عفان بإطراف iiالأسل
ردو عـلينا شـيخنا ثـم iiبجل
   بقيت قبائل تميم وبكر بن وائل تليها عشائر أهل العالية تشكل الغالبية العظمى لسكان البصرة حتى أواخر خلافة عمر بن الخطاب حيث يذكر البلاذري أن الأساورة لما دخلوا الإسلام بعد تحرير إقليم تالأحواز سنة 20 هـ / 640 م ، واتوا البصرة نزلها في تميم وتركوا بكر بن وائل ، ويضيف ولم يكن يومئذ الأزد في البصرة ولا عبد شمس (1) .
   ويظهر أن قبيلتي عبد القيس والأزد قد نزلتا البصرة في أواخر عهد الخليفة عمر بن الخطاب بعد نزولهما من البحرين (2) ، ولكن إزداد تقدمهم إلى البصرة وبشكل ملحوظ أيام الخليفة عثمان بن عفان وذلك في ولاية عبد الله بن عامر عندما إتسعت جبهة البصرة وأصبحت مسؤلة عن العمليات العسكرية لإقليم فارس بعد أن ضمت لها البحرين والمناطق الشرقية من الجزيرة العربية ، وأصبح عثمان بن أبي العاص الذي كان يقود مقاتله كل من قبيلتي عبد القيس والأزد من قاعدتهم في البحرين ضد إقليم فارس (3) ، يشارط في العمليات العسطرية لهذا الإقليم تحت قيادة عبد الله بن عامر (4) ، بعد أن هاجر إلى البصرة وإستقر بها (5) .
   ولعل هذا ما دفع بالأزد وعبد القيس الذين كانوا معه في البحرين أن ينتقلوا إلى البصرة ويستقرا بها نهائياً (6) ، ويبدو أن أعداد الأزد وعبد القيس في البصرة كان قليلاً بالقياس إلى قبيلتي تميم وبكر بن وائل لذا لم يظهر لهم دوراً كبيراً في فتوح المناطق الشرقية كتميم وبكر بن وائل (7) .

 **************************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 336 ـ 367 ، ومن الملاحظ أن عبد شمس التي وردت في النص يراد بها في الأصل عبد القيس ، وربما يعود هذا التحريف إلى الناسخ .
(2) ناجي حسن : القبائل العربية ص 97 ـ 100 .
(3) الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(4) الطبري : التاريخ 4 / 265 .
(5) إبن رسته : الأعلاق ص 206 . (6) العلي : التنظيمات ص 30 .
(7) جودة : العرب والأرض ص 162 .

جبهة البصرة   ـ 123 ـ

   ولكن هذه لا ينفي أن يكون لهاتين القبيلتين تأثيرهما الفعال في الأحداث السياسية التي مرت بها البصرة وخاصةً زمن الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) حيث لعبت كل منهما دوراً فعالاً في معركة الجمل والأحداث التي تلتها ، فقد إنضمت قبيلة عبد القيس إلى جانب الإمام علي ( ع ) تحت رئاسة عمرو بن مرجوم العبدي (1)، بينما إنضمت الأزد إلى جانب عائشة وطلحة والزبير ، وقد دافعت الأزد عن عائشة دفاعاً مستميتاً حتى قيل أن عدد قتلاها يوم معركة الجمل بلغ ألفي قتيل (2) ، وقيل أربعة الآف قتيل (3) .
   ومما يشعرنا بكثرة ردافة الأزد وزيادة أعدادها في البصرة بعد معركة الجمل ، هو نزول اناس من الأزد في دور لبني عجل كانوا قد تحولوا إلى الكوفة بعد الإنتهاء من هذه المعركة (4) ، ولعل لجوء زياد بن أبيه إلى الأزد وطلب حمايته ونقله لبيت مال البصرة إلى مسجد الحدان في خطة الأزد عندما هوجم من قبل عبد الله بن الحظرمي الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان لإستمالة أهل البصرة إلى جانبه في أوآخر خلافة الخليفة علي بن ابي طالب ( ع ) (5) ، لدليل آخر على مكانة الأزد وكثرة أعدادها في البصرة ، لذا يتعذر قبول رواية أبو عبيدة والتي يذكر فيها أن نزول الأزد في البصرة للمرة الأولى كان في نهاية فترة معاوية بن ابي سفيان (6) ، ولعله قصد بذلك حصول هجرة واسعة للأزد إلى البصرة خلال هذه الفترة .
   وكان لنزول هذه القبائل في مدينة البصرة أثراً كبيراً في تخطيط المدينة وفقاً للنظام القبلي حيث قسمت إلى خمسة أخماس يمثل كل خمس منها قبيلة أو مجموعة من العشائر و البطون ، ولعله من المفيد الإشارة إلى أن نظام تقسيم مدينة البصرة إلى أخماس وحسب القبائل كان موجوداً منذ ولاية أبو موسى الأشعري ، حيث قسمها هذا الوالي إلى نظام الأخماس لإعتبارات تتعلق بسهولة توزيع العطاء والأرزاق وجمع المقاتلين العرب (7) ، وليس كما تشير إليه الروايات التاريخية إلى أن هذا التقسيم قد تم خلال ولاية زياد بن أبيه (8) ، وأن خروج قبائل البصرة

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 4 / 501 .
(2) الطبري : التاريخ 4 / 539 .
(3) إبن أعثم : الفتوح 2 / 342 .
(4) البلاذري : أنساب الأشراف ج 4 ق 1 ص 187 .
(5) الطبري : التاريخ 5 / 110 ـ 111 .
(6) الطبري : التاريخ 5 / 516 .
(7) ناجي : دراسات ص 138 .
(8) الخوارزمي : أبو عبد الله محمد بن أحمد ، مفاتح العلوم ، المطبعة المنيرية ، مصر ـ 1923 م ، ص 73 .

جبهة البصرة   ـ 124 ـ

وحسب نظام الأخماس أيام الخليفة علي بن ابي طالب ( ع ) إلى منطقة النخيلة الواقعة على مقربة من الكوفة ، مساندة بذلك الخليفة علي ( ع ) في حربه ضد معاوية قبل وقوع معركة صفين (1) ، لدليل على تنظيم قبائل البصرة إلى أخماس قبل ولاية زياد بن أبيه .
   ولم يخلق نزول هذه القبائل في البصرة مشكلة كما في الكوفة ، وذلك لإنهم كانوا في البداية من تميم وبكر بن وائل وأهل العالية ، وحتى بعد نزوح قبيلتي عبد القيس والأزد وإستقرارهما في المدينة بقي الوضع كما هو عليه بعيد عن التعقيد الموجود في الكوفة نتيجة إلى نزول مختلف القبائل الشمالية والجنوبية فيها عند إختطاطها ، هذا بالإضافة إلى قلة عد أهل البصرة في بدية تأسيسها قد ساعد على تسهيل عملية النزول(2).
   فقد تم نزول قبيلة تميم في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة حيث إمتدت خططها من طرف الجبانة في جنوب المربد حتى المسجد الجامع ، أما قبيلة بكر بن وائل فقد إمتدت خططها من شمال وشمال شرقي المسجد الجامع حتى الجهة الشمالية الغربية إلى الشمال من المربد ، أما أهل العالية فقد سكنوا في أطراف المسجد الجامع وإمتدت خططهم إلى الجنوب الشرقي منه ، وقد سكنت قبيلة عبد القيس في الأطراف الشمالية الشرقية من البصرة بالقرب من نهر المعقل ودار الرزق ، أما قبيلة الأزد فقد نزلت في الاطراف الجنوبية الغربية من البصرة بعيداً عن المسجد الجامع حيث كانت خطط أهل العالية تفصلهم عنه (3) .

( ب ) الأعاجم
   إستوطن في البصرة بجانب القبائل العربية عدد من الأعاجم ، الذين أطلق عليهم إسم الموالي ، وهم ينقسمون إلى قسمين ، القسم الأول وهم من موالي العتاقة الذين حرروا من عبوديتهم بإسلامهم ، حيث كان هؤلاء في الاساس أسرى الحروب التي خاضتها القوات العربية الإسلامية في بلاد فارس ، ثم إتنقوا الإسلام فأعتقهم أسيادهم العرب فأصبحوا موالي لهم (4) .

 **************************************************************
(1) نصر بن مزاحم : واقعة صفين ص 117 .
(2) جوده : العرب والأرض ص 163 .
(3) أنظر العلي : خطط البصرة ، مجلة سومر ص 291 ، 293 ، 299 ، 300، 301 ، 388 ، 389 ، وخطط البصرة ومنطقتها 82 ، 89 ، 93 ، 96 ، 97 .
(4) ولها وزن : يوليوس ، الدولة العربية وسقوطها ، ترجمة د . يوسف العش ، مطبعة الجامعة السورية ، دمشق ـ 1956 م ، ص 224 ، العلي : التنظيمات ص 50 .

جبهة البصرة   ـ 125 ـ

   وبتحرير هؤلاء الاعاجم من العبودية يصبحون أعضاء في قبائل أسيادهم ويتمتعون بحرية كبيرة في ممارسة حياتهم وإختيار الأعمال التي تتناسب مع قابلياتهم ، لكنهم في نفس الوقت ملزمين بالقتال إلى جانب أسيادهم والقبيلة التي ينتسبون إليها إذا ما وقعت الحرب (1) .
   أما القسم الثاني من الموالي فهم الموالي الأحرار الذين لم يتعرضوا إلى سبي أو إسترقاق ، جاؤا إلى البصرة وإستوطنوها بمحض إختيارهم وتحالفوا مع بعض قباءلها واضعين أنفسهم تحت حمايتها ومعلنين طاعتهم وولاءهم لها ، وقد كان أغلب هؤلاء الموالي من رجال الاعمال واصحاب الصنائع الذين جاؤا الى البصرة للقيام بالاعمال التجارية (2) .
   وقد سكن البصرة بالإضافة إلى هؤلاء الموالي عدد من المقاتلين الفرس بعد أن إستسلموا للقوات البصرية وتعاهدوا معها على القتال في صفوفها ، ومن أهم هؤلاء المقاتلة وأكثرهم عدداً هم الأساورة الذين كانوا في الأصل قوة عسكرية فارسية قاتلوا القوات العربية في إقليم الأحواز ، إنضموا إلى القائد العربي أبي موسى الأشعري عندما كان يقوم بالعمليات التحررية لإقليم الأحواز ، بعد أن يئسوا من جدوى مقاومتهم للقوات العربية الإسلامية ، ففاوضوا أبو موسى الأشعري على الدخول في الإسلام على أن تكون لهم نفس حقوق العرب في العطاء والإقامة فإجيبوا إلى طلبهم ونزلوا البصرة وحالفوا بني سعد من قبيلة تميم وأصبحوا موالي لهم (3) .
   وقد بلغ عدد هؤلاء الأساورة عند بداية نزولهم البصرة الفين وخمسمائة ، ولكن عددهم أخذ بالإزدياد على أثر إنضمام عدد من المقاتلين الفرس الهاربين إليهم ، بالإضافة إلى عدد من الأصفهانيين ، وديالمة الكوفة (4) .
  ومن بين القوات الفارسية الأخرى التي نزلت البصرة هم الزط والسيابجة ، واصل هؤلاء الأقوام من السند كما يظهر من روايات البلاذري والطبري ، وقد سباهم الفرس من معارك سابقة وأسكنوهم في المنالطق القريبة من سواحل الخليج العربي ثم إستخدموهم بعد ذلك في

 **************************************************************
(1) العلي : التنظيمات ص 50 ، الزبيدي : الحياة الإجتماعية ص 74 .
(2) العلي : التنظيمات ص 67 ـ 68 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 366 ـ 367 ، الطبري : التاريخ 4 / 90 .
(4) أنظر البلاذري : الفتوح ص 279 ، 359 ، 367 .

جبهة البصرة   ـ 126 ـ

قواتهم (1) ، ولما سمع الزط والسيابجة بالإمتيازات التي حصل عليها الأساورة بعد إسلامهم وإنضمامهم إلى القوات العربية الإسلامية ، أعلنوا إسلامهم وإنضموا إلى القوات العربية ، فأنزلهم أبو موسى الأشعري البصرة مع الأساورة (2) ، وبنزولهم البصرة تحالفوا هؤلاء الأعاجم مع بني حنظلة من قبيلة تميم ، وقد أوكل إليهم فيما بعد مهمة حراسة بيت مال البصرة ودار إمارتها بجانب القوات العربية (3) ، كذلك نزل البصرة عدد من الأحباش الذين يقال عنهم بإن الخليفة عمر بن الخطاب هو الذي نقلهم إلى البصرة (4) .
   ومن الملاحظ على سكنى هؤلاء الأعاجم في البصرة انهم كانوا في الغالب يسكنون ضمن خطط القبائل التي ينتمون إليها (5) ، ولكن هذا لا يمنع من أنه كان لهم في البصرة بعض الخطط والمحلات والسكك الخاصة بهم مثل خطة الأساورة القريبة من نهر الأساورة ومحلة السيابجة التي تقع في خطة بني سليم ودرب حبشي الذي يسكنه الأحباش الواقع في خطة هذيل ، كما كان هناك للموالي سكة خاصة بهم تعرف بسكة الموالي (6) .

النمو السكاني لمنطقة البصرة
   إذا ما حاولنا تحديد عدد سكان البصرة خلال السنوات الأولى من بداية تأسيسها فإنه من الصعب علينا إعطاء رقم يحدد عدد سكانها خلال هذه الفترة ، فليس لدينا معلومات دقيقة عنه ، ولكن يمكننا من بعض الأشارات التي وردت في المصادر التاريخية أن نتبين هذا العدد ولو بصورة تقريبية ، حيث أشارت المصادر إلى نزول عتبة بن غزوان إلى منطقة البصرة سنة 14 هـ / 635 م ، مع عدد من المقاتلة العرب ولكن المصادر إختلفت في تحديد عدد هؤلاء المقاتلة ، فبينما يذكر الشعبي أن عتبة بن غزوان خرج المدينة في ثلاثمائة

 **************************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 367 ـ 368 ، الطبري : التاريخ 3 / 304 . وأنظر أيضاً فراند : جبرائيلي ، دائرة المعارف الإسلامية ( مادة الزط ) ، 10 / 349 ـ 351 ، فيران : جابريل ، دائرة المعارف الإسلامية ( مادة السيابجة ) ، 22 / 400 ـ 403 .
(2) البلاذري : الفتوح ص 367 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 369 .
(4) ياقوت : معجم البلدان 2 / 213 .
(5) العلي : التنظيمات ص 65 .
(6) أنظر البلاذري : الفتوح ص 353 ، الطبري : التاريخ 6 / 67 ، ياقوت : معجم البلدان 2 / 213 .

جبهة البصرة   ـ 127 ـ

مقاتل (1) ، يذهب نافع بن الحارث إلى جعلهم ستمائة مقاتل (2) ، بينما يزيدهم أبن سعد وإبن إسحق والواقدي إلى ثمانيمائة مقاتل (3) .
   ويبدو أن عدد قوات عتبة بن غزوان أثناء مغادرته المدينة المنورة لا تزيد على الثلاثمائة مقاتل ثم أخذت بالتزايد في الطريق وبعد وصوله المنطقة حتى أصبح عددها يقدب بثمانمائة مقاتل ، وهذا ما تؤكده رواية الشعبي التي يذكر فيها أن عتبة بن غزوان أقبل إلى البصرة بثلاثمائة مقاتل وبضعة عشر رجلاً ، وإنظم إليه من الأعراب وأهل البوادي ما يقدر بمائتي رجل فأصبح عدد قواته خمسمائة مقاتل عند قدومه البصرة (4) ، وقد إزدادت قوات عتبة بن غزوان بعد وصوله إلى المنطقة على أثر إنضمام سويد بن قطبة بقواته إلى جيش عتبة بن غزوان ويوضح البلاذري ذلك بقوله ( وإنظم إليه سويد بن قطبة ومن معه من بكر بن وائل وتميم ) (5) ، ولعل هذا ما دفع إبن سعد وإبن إسحق والواقدي إلى جعلهم ثمانمائة مقاتل .
   ولكن عدد سكان البصرة أخذ بالأزدياد على أثر تحرير مدينة الأبلة ، لكثرة ما غنمه العرب المسلمون من غنائم حيث إنثالت عليهم الدنيا فأخذوا يهيلون الذهب والفضة وعند سماع الناس بذلك رغبوا فيها (6) ، فأقبل عدد من سكان أطراف المدينة من البدو والأعراب وفي مقدمة من اتى البصرة عند سماعهم ذلك أعاريب بني تميم (7) .
   وعلى أثر توسع العمليات العسكرية في منطقة البصرة وخاصة بعد تحرير مدينة الأبلة ، أقبل الخليفة عمر بن الخطاب على إرسال المدد المتواصل إلى عتبة بن غزوان المائة والخمسون ونحو ذلك ممداً له (8) ، وبالتأكيد فإن هذه القوات المرسلة من قبل الخليفة عمر بالإضافة إلى الأعراب الذين توافدوا إلى البصرة قد ساهموا في زيادة عدد سكانها وبشكل ملحوظ ، ولعل

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 3 / 591 .
(2) ياقوت : معجم البلدان 1 / 431 .
(3) إبن سعد : الطبقات 7 / 6 ، البلاذري : الفتوح ص 337 ، إبن الفقيه : البلدان ص 188 .
(4) الطبري : التاريخ 3 / 591 . (5) البلاذري : الفتوح ص 336 .
(6) إبن سعد : الطبقات 7 / 7 ، الدينوري : الأخبار الطوال ص 117 ، الطبري : التاريخ 3 / 595 .
(7) إبن الفقيه : البلدان ص 188 .
(8) إبن سعد : الطبقات 7 / 6 ، البلاذري : الفتوح ص 337 ، 345 ، العلي : التنظيمات ص 26 .

جبهة البصرة   ـ 128 ـ

رواية سيف تشعرنا بهذه الزيادة عندما يذكر إرسال عتبة بن غزوان لإثني عشر ألف مقاتل بقيادة أبي سره بن أبي رهم بناءاً على أوامر الخليفة عمر بن الخطاب لإنقاذ جيش العلاء بن الحضرمي الذي حوصر في إقليم فارس (1) ، ومهما تكن هذه الرواية مبالغ فيها إلا إنها تعطي دليلاً على زيادة عدد سكان البصرة لتوسيع العمليات العسكرية فيها .
   وقد إستمر عدد سكان البصرة بالإزدياد لإستمرار توافد الناس إليها حيث يشير البلاذري إلى أن عتبة بن غزوان عندما خرج من البصرة يريد المدينة كان الناس يسألونه عن البصرة فكان يجيبهم عن خصبها وطيب أرضها فسار إليها خلقاً كثيراً من الناس(2) ، ولعل رواية البلاذري هذه تؤكد لنا إستمرار تزايد عدد سكان البصرة في ولاية المغيرة بن شعبة الذي خلف عتبة بن غزوان في ولايته على البصرة .
   وإزداد عدد سكان البصرة زمن ولاية أبو موسى الأشعري سنة 16 ـ 29 هـ / 637 ـ 649 م ، نتيجة للتطورات العسكرية السريعة التي شهدتها المنطقة حيث تمكن جند البصرة في عهدة من تحرير إقليم الأحواز وفتح قم وقاشان وأصبهان والمساهمة مع مقاتلي جبهة البحرين في فتح أجزاء من إقليم فارس ، ومادرّته هذه العملية العسكرية من موارد مالية كثيرة ساعدت على إجتذاب أعداد جديدة من المقاتلة ، مما ساهم في إزدياد عدد سكان البصرة وبسرعة ، حيث تشير الروايات التاريخية إلى أن عدد المقاتلة الذين ساهموا مع أبي موسى الأشعري في تحرير إقليم الأحواز بلغ عشرة الآف مقاتل (3) ، بينما بلغ عدد الذين ساهموا معه في فتح إصبهان سبعة عشر ألف ألف مقاتل (4) ، مهما تكن صحة هذه الروايات فإنها دليل على إرتفاع نسبة عدد سكان البصرة زمن ولاية أبي موسى الأشعري .
   ولعل من الأسباب إزدياد عدد سكان البصرة خلال هذه الفترة هو إستيطان عدد من الأعاجم من أساورة وزط وسيابجة في البصرة بعد تحرير إقليم الأحواز (5) ، حيث بلغ عدد الأساورة ألفين وخمسمائة رجل ، بينما بلغ عدد السيابجة أربعمائة رجل (6) .

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 4 / 81 .
(2) البلاذري : الفتوح ص 338 .
(3) إبن أعثم : الفتوح 2 / 4 .
(4) إبن أعثم : الفتوح 2 / 73 .
(5) البلاذري : الفتوح ص 336 .
(6) البلاذري : الفتوح ص 336 ، العلي : خطط البصرة ومنطقتها ص 48 .

جبهة البصرة   ـ 129 ـ

   أما في ولاية عب الله بن عامر 29 ـ 35 هـ / 649 ـ 655 م ، ونتيجة إزدياد أهمية البصرة الإدارية وإتساع مهامها العسكرية حيث أصبح مقاتلي جبهة البصرة مسؤولين عن كافة الأقاليم الفارسية الواقعة شرق الخليج العربي والتي كانت حتى ذلك الوقت تقوم بها القوات العربية من قاعدتها في البحرين (1) ، التي ضمت الى البصرة بالإضافة إلى المناطق الشرقية من الجزيرة العربية قد ساعد ذلك على إزدياد هجرة قبائل عبد القيس والأزد إلى البصرة والإستقرار فيها نهائياً ، وقد ساهمت هذه الهجرة في إحداث زيادة ملحوظة في سكان مدينة البصرة وعدد مقاتليها الذي تمكن إقليم فارس وكرمان وسجستان وخراسان ، هذه الفتوحات أدت إلى إزدياد موارد البصرة وإنتشار الرخاء الإقتصادي فيها ، حيث بدأت المدينة تنمو وبسرعة الأمر الذي شجع التجار ورجال الأعمال وبعض الأعاجم الذين كان أغلبهم من رجال الأعمال والصنائع أن يستوطنوا البصرة لمزاولة إعمالهم فيها (2) .
   ولقد وردت أول إشارة عن عدد مقاتلي جبهة البصرة زمن الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) 35 ـ 40 هـ / 655 ـ 660 م ، حيث بلغ عدد المقاتلين والمسجلين في ديوان العطاء ستين ألف مقاتل (3) ، ويبدو أن هذا الرقم كان يشمل الحاميات التي ترسل لمدة مؤقتة من البصرة إلى بعض المناطق وكذلك بعض البدو الذين يسكنون أطراف البصرة ممن كان مسجل في العطاء بالرغم من أنه ليس من سكان البصرة ولابد أن هذا الر قم كان يشمل عدداً من الذين ماتوا دون ان تحذف أسمائهم ، على أن هذا الرقم لايشمل كل السكان المقيمين في البصرة فهو يغفل العبيد والأعاجم الذين إستوطنوا البصرة كما أنه لا يدخل فيه النساء والأطفال أو العرب الذين لم يسجلوا في العطاء ولكن هذا الصنف لم يكن كبيراً لحاجة الدولة إلى المقاتلين ، أما النساء والأطفال فلا بد أن عددهم كان كبيراً خاصة وأن هذه الصنف قلما يشارك في العمليات العسكرية (4) .

 **************************************************************
(1) أنظر خليفة : التاريخ ص 161 ، الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(2) العلي : التنظيمات ص 30 ـ 31 .
(3) الطبري : التاريخ 5 / 79 .
(4) العلي : التنظيمات ص 31 ـ 32 .

جبهة البصرة   ـ 130 ـ

   وقد إستمر عدد سكان البصرة بالنمو والأزدياد وذلك بسبب إستمرار هجرة رادفة القبائل العربية وبشكل خاص نحو البصرة حتى بلغ عدد سكانها في ولاية زياد إبن أبيه سبعين ألف مقاتل وعيالاتهم تسعون ألفاً ، ثم أخذ العدد بالأزدياد حتى بلغ زمن ولاية عبيد الله بن زياد ثمانون ألف مقاتل ، أما عيالاتهم مائة وأربعون ألفاً (1) ، وقد شملت هذه الأرقام المدونين في العطاء من العرب بالإضافة إلى بعض الأعاجم كالأساورة والزط والسيابجة ، ولم تشمل من لم يكن مدون في العطاء من العرب والعبيد والأعاجم ، الذين هاجروا إلى البصرة وإستقروا بها لممارسة بعض الصناعات أو للمتاجرة أو غيرها من الأعمال الأخرى ، ويذكر الدكتور العلي بإننا لا نكون بعيدين إذا ما قدرنا عدد سكان البصرة في نهاية العصر الأموي بنصف مليون نسمة (2) .

إستيطان القبائل العربية في الأقاليم المفتوحة
   يبدو أن إستيطان القبائل العربية وبشكل واسع في الأقاليم المفتوحة قد حصل في فترات متأخرة ، وذلك لعدم إستكمال فتحها حيث كان بعضها يفتح بشكل مؤقت حين يكتفي العرب بعقد الصلح مع أهالي هذه المناطق وكان غالباً ما يؤدي ذلك إلى إقدام هؤلاء الاهالي إلى نقض الصلح والتمرد بوجه الحكم العربي فيضظر العرب إلى إعادة فتحها من جديد والقضاء على تمردها ، كما حدث في الكثير من مناطق الأحواز وفارس وكرمان وسجستان وخراسان .
   ولكن مع ذلك فقد وردت إشارات في المصادر التاريخية تشير إلى إستيطان بعض الجماعات من القبائل العربية في الأقاليم المفتوحة في السنوات الاولى من فتحها ، فقد أشار البلاذري إلى أن عثمان بن أبي العاص عندما تمكن من فتح توج في إقليم فارس أسكنها بعض المقاتلين العرب من عبد القيس والأزد وتميم وبنو ناجية وإبتنى لهم فيها مسجداً (3)، وهذا يدل على أن عدد هؤلاء المقاتلة لم يكن قليلاً ، كما إنه أشار إلى ان مجاشع بن مسعود السلمي عندما تمكن من فتح إقليم كرمان وتثبيت الحكم العربي فيه أسكن بعض العرب بعد أن إقتطع لهم الأراضي ، فعمروها وإبتنوا المنازل وحفروا القنى وزرعوها ودفعو العشر عنها (4) ، إلا أن

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 5 / 204 .
(2) العلي : خطط البصرة ومنطقتها ص 48 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 338 .
(4) البلاذري : الفتوح ص 384 .

جبهة البصرة   ـ 131 ـ

البلاذري لا يشير إلى أي قبيلة ينتمي هؤلاء العرب الذين تم إسكانهم في كرمان ولكن من الملاحظ أنهم كانوا ينتمون إلى عشيرة بني سليم حيث أن القادة غالباًَ ما كانوا يصطحبون أبناء عشائرهم معهم أثناء عمليات الفتح وبما أن مجاشع بن مسعود ينتمي إلى عشيرة بني سليم فلا يستبعد أن يكون هؤلاء العرب من بني سليم .
   ويبدو أن بوادر الإستيطان الأولى للعرب في خراسان قد تم في زمن الخليفة عثمان بن عفان ولعل ما أقدم عليه القائد العربي عبد الله إبن عامر من تقسيم خراسان إلى أربعة أرباع ووضع عليها من يتولى إدارتها (1) لدليل على إيجاد نوع من الإستقرار بالنسبة للعرب في إقليم خراسان في هذا الوقت المبكر (2) ، إذ لابد من وجود حاميات عربية تستقر في هذه المناطق بجانب هؤلاء الأشخاص الذين يتولون إدارتها ، من أجل تثبيت الحكم العربي فيها ، لا كما تشير الروايات إلى أن أول إستيطان للعرب في خراسان قد تم في زمن زياد بن أبيه على البصرة (3) .
   ولعلها أرادت بذلك حصول هجرة واسعة للعرب إلى إقليم خراسان وما يؤكد ذلك مارواه البلاذري والمدائني إلى أن أوسع إستيطان لمجاميع كبيرة من القبائل العربية في إقليم خراسان قد تم في زمن ولاية زياد بن أبيه على البصرة عندما ولى الربيع بن زياد الحارثي سنة 51 هـ / 71 م ، إقليم خراسان فنقل معه من اهل المصريين ( البصرة والكوفة ) زهاء خمسين ألفاً بعيالاتهم وأسكنهم في خراسان (4) .
   إلا أن المدائني يورد لنا رواية أخرى بين فيها أعداد كل من أهل البصرة والكوفة الذين تم إسكانهم من قبل الربيعه بن زباد في خراسان ، فيقول إن زياد بن أبيه بعث الربيع بن زياد الحارثي إلى خراسان في خمسين الفاً من البصرة خمس وعشرين ألفاً ومن الكوفة خمس وعشرين ألفاً على أهل البصرة الربيع وعلى أهل الكوفة عبد الله بن أبي عقيل ، وعلى الجماعة الربيع بن زياد الحرثي (5) .

 **************************************************************
(1) اليعقوبي : التاريخ 2 / 144.
(2) ناجي حسن : القبائل العربية ص 173 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 400 .
(4) البلاذري : الفتوح ص 400 ، الطبري : التاريخ 5 / 286 .
(5) الطبري : التاريخ 5 / 226 .

جبهة البصرة   ـ 132 ـ

   لكن يتضح من رواية المدائني هذه أن النسبة التي حددها لكل مصر غير دقيقة وذلك لإنه يشير في رواية أخرى له أن عدد العرب الساكنين في خراسان سنة 96 هـ / 714 م ، في زمن قتيبة بن مسلم الباهلي بلغ سبعة وأربعين ألفاً ، كان أهل الكوفة يشكلون سبعة ألآف منهم أما الباقون فإنهم يمثلون أهل البصرة وكانوا مقسمين على أساس نظام الأخماس المعمول به في البصرة (1) .
   وبذلك فهو يناقض روايته التي يذكر فيها بإن أهل الكوفة كانوا يمثلون نصف الساكنين في خراسان سنة 51 هـ / 671 م ، كما ذكر الدكتور العلي أنه أدخل ضمن أعداد أهل الكوفة الحاميات التي إستوطنت أردبيل وقزوين (2) ، وبذلك يتضح لنا أن جل الساكنين العرب في خراسان هم من أهل البصرة .

( 2 ) التنظيم المالي لمدينة البصرة
   أوجدت العمليات العسكرية الواسعة التي قام بها جند البصرة ، موارد مالية ثابتة ومعينة لهذا المصر ، كانت تستحصل من أراضي البصرة والأقاليم التابعة لها لتكون المورد الرئيسي لمدخولاتها المالية ، وكانت حصيلة هذه الأموال زمن الخلفاء الراشدين توزع على المقاتلة العرب الذين إستوطنوا فيها مما يضمن لكل منهم دخلاً سنوياً من المال يؤمن له المعيشة اللأئقة من مأكل وملبس ومسكن بالإضافة إلى حاجتهم للأسلحة وغيرها من متطلبات الحياة ، حيث كانت هناك قاعدة عامة إتبعها الخلفاء الراشدون وهي أن يخصص لكل مصر واردات الأراضي التي فتحها مقاتليه (3) ، لتنفق بعد ذلك هذه الواردات في خدمة الإحتياجات العسكرية والمدنية لهذا المصر كرواتب جنده وموظفيه والنفق على المنشآت والخدمات العامة (4) ، وبعد أن يسدد المصر جميع إحتياجاته يرسل الباقي إلى بيت المال في المدينة المنورة ليصرف فيما خصص له ، وأهم هذه الواردات هي :

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 6 / 512 ، إبن الأثير : الكامل 5 / 15 .
(2) العلي : إستيطان العرب في خراسان ص 38 .
(3) العلي : التنظيمات ص 112 .
(4) حسيني : الإدارة العربية ص 114 .

جبهة البصرة   ـ 133 ـ

( 1 ) الخراج
   هو مقدار معين من المال أو الحاصلات ، يجبى من الأراضي المفتوحة عنوه أو صلحاً ، يؤخذ من المتصرف بالأرض سواء كان ذمياً أم مسلماً(1) ، ويعد الخراج من الموارد الرئيسة للدولة الإسلامية ، فقد وضعت أسسه في زمن الخليفة عمر بن الخطاب وذلك عندما رفض تقسيم أراضي السواد بين مقاتلة المحررين حينما طالبته القبائل العربية التي ساهمت بعمليات تحرير السواد بقسمة الأراضي التي حررتها (3) ، فكان قراره هذا بالغ الاهمية حيث اصبحت بموجبه الاراضي التي فتحها العرب المسلمون وكذلك ما يمكن أن يفتحوه فيما بعد فيئاً موقوفاً أي ملكاً عاماً لجميع المسلمين وإلى أجيالهم من بعدهم بدلاًَ من أن تكون هذه الأراضي ملكاً لبعض الأفراد يتداولونها ويرثونها الأبناء عن الآباء (4) ، ويتضح ذلك من قول الخليفة عمر ( فكيف بمن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بعلوجها قد إقتسمت وورثت عن الآباء وحيزت ) (5) ، وقال كذلك ( فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها وأرض الشام بعلوجها ، فما يسد به الثغور وما يكون للأرامل والذرية بهذا البلد ، وبغيرة من أرض الشام والعراق )(6) .
   ويبدو من أقوال الخليفة هذه أنه وقف ضد رغبة القبائل العربية في تقسيم الأراضي المحررة في العراق وذلك لإن خطة الخلافة كانت تقتضي بتوجيه هذه القبائل نحو التحرير ، لذا فإن تقسيم الأراضي على هذه القبائل يعني توزيعها عليها مما يؤثر ذلك على خطة الخلافة في فكرة توجيههم إلى القتال ، إضافة إلى ذلك كانت خطة الخلافة تتضمن تشجيع القبائل الأخرى على الهجرة من الجزيرة إلى الأراضي المحررة وضرورة توفير المال اللأزم لها (7) .

 **************************************************************
(1) علي : سيد أمير ، مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي ، ترجمة رياض رأفت القاهرة ـ 1938 م ، 359 ، حسن إبراهيم : النظم الإسلامية ص 195 .
(2) حسن إبراهيم : النظم الإسلامية ص 221 ، طه : عبد الواحد ذنون ، العراق في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ، ط 1، مطبعة جامعة الموصل : 1985 م ، ص 186 .
(3) أبو يوسف : الخراج ص 24 ـ 27 ، يحيى إبن آدم : الخراج ص 27 ، البلاذري : الفتوح ص 265 .
(4) الريس : محمد ضياء الدين ، الخراج في الدولة الإسلامية ، ط 1 ، مطبعة نهضة مصر ـ 1957 م ، ص 104 .
(5) أبويوسف : الخراج ص 24 .
(6) أبو يوسف : الخراج ص 25 .
(7) جودة : العرب والأرض ص 87 .

جبهة البصرة   ـ 134 ـ

   لذا أراد الخليفة عمر أن تكون الأراضي التي حررت مورداً مالياً ثابتاً للعرب المسلمين في عهده ولمن بعده لكي توفر للمقاتلة العرب الموجودين في الأمصار أو القادمين الأعطيات والأرزاق ويظهر هذا من قول الخليفة عمر للمقاتلين العرب ( أرأيتهم هذه الثغور لابد لها من رجال يلزمونها ، أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر لابد لها أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم فمن أين يعطي هؤلاء إذا قسمت الأرض والعلوج ) (1) .
   وهكذا وقف الخليفة عمر بوجه القبائل العربية التي طالبت بقسمة الأراضي المحررة ، وقرر وقفها للأمة الإسلامية (2) ، وأن تطلق بأيدي فلاحيها لهم فيها ( ملكية المنفعة ) نظير الخراج الذي يدفعونه على مساحتها (3) .
   وقد قرر الخليفة عمر بن الخطاب سنة ( 21 هـ / 641 م ) مسح أراضي السواد التي حررت ووضع الخراج عليها ، وذلك عندما عمل على إرسال عثمان بن حنيف وبعث معه حذيفة بن اليمان ، وأمرهما بمسح السواد ووضع الخراج عليها ، بنسب معلومة وحسب ما تحتمله الأرض (4) .
   كذلك كتب إلى أبي موسى الأشعري واليه على البصرة ، أن يضع على أهل البصرة من الخراج مثل ما وضع عثمان بن حنيف على أرض الكوفة ) (5) وقد قام أبو موسى الأشعري بنفس العمل في كور دجلة حينما ( إستقر كور دجلة فوجد أهلها مذعنين بالعطاعة فأمر بمساحتها ووضع الخراج عليها على قدر إحتمالها ) (6) .

 **************************************************************
(1) أبو يوسف : الخراج ص 25 .
(2) الدوري : في تنظيم الإقتصاد في صدر الإسلام ، مجلة العلوم الإجتماعية ، عدد خاص بمناسبة دخول القرن الهجري الخامس ، الكويت ـ 1981 م ، ص 77 ـ 78 .
(3) عمارة : محمد ، عمر والتشريع الإقتصادي ، مقال مستل من كتاب عمر نظرة عصرية جديدة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ـ 1978 م ، ص 49 .
(4) أبو يوسف : الخراج ص 26 ، 37 ، 38 ، 48 ، يحيى ابن آدم : الخراج ص 72 ، 73 ، أبو عبيدة الأموال ص 96 ـ 70 ، 101 ، البلاذري : الفتوح ص 269 .
(5) اليعقوبي : التاريخ 2 / 130 .
(6) البلاذري : الفتوح ص 341 .

جبهة البصرة   ـ 135 ـ

   وكان الخراج الذي فرضه الخليفة عمر على الأراضي المحررة في بادئ الأمر يدعى بخراج المساحة وذلك لإن الضريبة كانت تقدر تبعاً لمساحة الأرض القابلة للزراعة سواء زرعت أم لم تزرع ، وكانت هذه الضريبة تدفع نقداً أو عيناً وإلى ذلك أشار الشعبي ( وضع على كل جريب عامر او غامر يناله الماء قفيزاً من حنطة أو قفيزاً من شعير ودرهماً فمسحاً ـ أي عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان ـ السواد على ذلك ) (1) ، وكان هدف الخليفة عمر من ذلك هو توفير الأرزاق للمقاتلة العرب .
   ويلاحظ أنه في نهاية خلافة عمر بن الخطاب حصل تطور على ضريبة الخراج في السواد ، إذا أخذت الضريبة تفرض حسب نوع المحصول (2) ، حيث ذكر الشعبي ( أن عمر بعث إبن حنبف إلى السواد فطرز الخراج ، فوضع على جريب الشعير درهمين ، وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم ، وعلى جريب القصب ستة دراهم ، وعلى جريب النخيل ثمانية ، وعلى جريب الكروم عشرة ، وعلى جريب الزيتون إثنا عشر ) (3) .
  ولقد بقيت الضريبة تدفع نقداً وعينياً ، وذلك لحاجة المقاتلة وعيالاتهم إلى الأرزاق لكنه روعي في هذه الضريبة الأرض الغير مزروعة حيث وضع عليها خراج أقل من الأرض المزروعة وإلى ذلك أشار محمد بن إسحق حينما ذكر أن الخليفة عمر بن الخطاب وضع على كل جريب أرض غامر على قدر إحتماله مثل الذي وضع على الارض المزروعة ، وزاد على كل جريب أرض مزارع حنطة أو شعيراً قفيزاً من حنطة إلى القفيزين ورزق منه الجند ) (4) .
  وقد إستمر العمل بإستيفاء ضريبة الخراج حسب نوع المحصول طيلة الخلافة الراشدية ومما يؤيد ذلك رواية ذلك مصعب بن يزيد الأنصاري عن أبيه قال ( بعثني علي بن أبي طالب ( ع ) على ما سقي الفرات . . . وأمرني أن اضع على كل جريب زرع غليظ من البر درهماً ونصفاً وصاعاً من الطعام ، وعلى كل جريب وسط درهماً وعلى كل جريب من البر رقيق الزرع ثلثي درهم ، وعلى الشعير نصف ذلك ) (5) .

 **************************************************************
(1) أبو يوسف : الخراج ص 38 .
(2) دينيت : دانيال ، الجزية والإسلام ، ترجمة فوزي فهيم جاد الله ، مكتبة الحياة ، مؤسسة فرانكلين ، بيروت ـ 1960 م ، ص 57 .
(3) إبن سلام : الأموال ص 97 ـ 98 .
(4) الطبري : التاريخ 2 / 152 ، 153 .
(5) البلاذري : الفتوح ص 270 ـ 271 ، قدامه : الخراج ص 368 .

جبهة البصرة   ـ 136 ـ

   أما بالنسبة إلى الأقاليم المفتوحة فقد طبق فيها العرب المسلمين في السنوات الأولى من عملية فتحها نظام خاص بالجباية ، حيث كانت الضرائب لاتفرض على أراضي الأقليم بكامله وإنما على المدن الرئيسية فيه ، ويتوقف مقدار ما يفرض على كل مدينة على ظروف فتحها وطبيعتها ، فالمدن التي إستسلمت للعرب دون قتال أو مقاومة عوملت معاملة خاصة فيها الكثير من التسامح والرفق ، أما المدن التي فتحت عنوه فكان لقواد العرب الحق المطلق في فرض أي مبلغ يشاء وأن يكون هذا المبلغ عادةً أكثر بكثير مما يفرض على المدن سواء التي فتحت عنوه أو صلحاً ضريبة إجمالية واحدة كانت تدفع نقداً ، وكانت تسمى تارةً بالجزية وتارة أخرى بالخراج (1) .
   لذلك نجد في المعاهدات المعقودة مع بعض مدن الأقاليم المفتوحة إشارة إلى ضريبة واحدة بدل الضريبتين ( الجزية والخراج ) في العراق ، والتي كان من صالح دهاقنة الفرس أن يفرضوا تلك الضريبة على الرؤوس لا على الأرض لإنهم أصحاب الملكية الواسعة (2) .
   وفيما يلي قائمة بمقادير ما فرض على بعض مدن الأقاليم المفتوحة وبالدراهم

المدينة
مقدار الضريبة
رامهرمز
80.000(3)
الأحواز
10.400.000(4)
دار بجرد
2.080.000(5)
أرجان
2.200.000(6)
سابور
3.300.000(7)

 **************************************************************
(1) فلوتن : فان ، السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية ، ترجمة د . حسن إبراهيم حسن ، محمد زكي إبراهيم ، ط 1 لسنة 1934 م ، مطبعة السعادة ، مصر ، ص 49 ، ولها وزن : الدولة العربية ص 380 .
(2) فلوتن : السيادة العربية ص 50 ، الدوري : النظم الإسلامية ص 117 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 372 .
(4 ـ 7) الذهبي : تاريخ الإسلام 2 / 21 ، 79 ، 78 .

جبهة البصرة   ـ 137 ـ

المدينة
مقدار الضريبة
زربخ
2.000.000(1)
كابل
1.000.000(2)
قهستان
600.000(3)
مرو الشاهجان
2.200.000(4)
مرو الروذ
60.000(5)
بلخ
400.000(6)
نسـا
300.000(7)
كرمان
200.000.000(8)


   ومهما تكن صحة الأرقام الواردة أعلاه ، إلا إنها تبين لنا أن الضريبة التي فرضها العرب في هذه الفترة المبكرة من الفتح كانت ضريبة إجمالية تدفعها المدن المفتوحة مرة واحدة في السنة .
   ولما كانت القاعدة العامة التي إتبعتها الخلافة وهي أن يخصص لكل مصر واردات الإقاليم التي يفتحها مقاتليه فقد واجهت البصرة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب مشكلة مالية وهي قلة وارداتها المالية قياساً إلى عدد مقاتليها (9) ، لذا قرر الخليفة عمر أن يخصص لإهل البصرة واردات بعض المناطق التي تم فتحها مع مقاتلي جبهة الكوفة أو فتحها مقاتلي جبهة الكوفة وحدهم ، كنهاوند ، واصفهان ، وماه وقسم من الأحواز كتستر وغيرها من المناطق (10) ، وقد عمد الخليفة عمر إلى إتخاذ هذا القرار لتتمكن البصرة من تسديد نفقات مقاتليها التي لم تكن وارداتها كافية لسدها (11) .
   كذلك واجهت البصرة في زمن الخليفة علي بن بي طالب ( ع ) مشكلة مالية أخرى ، وهي إمتناع بعض المناطق التي تم فتحها على يد جند البصرة عن دفع ضريبة الخراج ، مستغلة بذلك الإضطرابات التي حصلت في الدولة الإسلامية أبان خلافته .

 **************************************************************
(1 ـ 7 ) البلاذري : الفتوح ص 386 ، 389 ، 394 ، 396 ، 397 ، 398 ، 395 . (8) اليعقوبي : البلدان ص 286 .
(9) الطبري : التاريخ 4 / 161 .
(10) أنظر البلاذري : الفتوح ص 373 ، الطبري : التاريخ 4 / 141 ، 161 .
(11) العلي : التنظيمات ص 120 .

جبهة البصرة   ـ 138 ـ

  فقد حدث في عام 38 هـ / 648 م وبعد الإنتهاء من معركة النهروان أن خرج الخريت بن راشد في بعض قومه من أهل ناجية على الخليفة علي ( ع ) متبعاً في ذلك رأي الخوارج فتوجه بهم إلى الأحواز حيث إجتمع إليه هناك عدد من أهلها وعملوا على كسر الخراج(1) ، كذلك طمع أهل فارس في كسر الخراج وإخراج سهل بن حنيف عامل الخليفة علي ( ع ) عليهم (2) فإستشار الخليفة علي ( ع ) الناس فيمن يوليه أمر فارس لضبط أمورها ، فأشار عليه عبد الله بن عباس بتولية زياد بن أبيه لما يتمتع به من خبرة إدارية ومالية حيث كان وقتها نائباً عن عبد الله بن عباس على ولاية البصرة ، كما كان عبد الله بن عباس قد عينه ومنذ عام 36 هـ / 636 م على بيت مال البصرة وخراجها (3) ، إذا ماعلمنا أن زياد بن ابيه كان كاتباً على ديوان خراج البصرة منذ ولاية المغيرة بن شعبة (4) ، وبناءاً على ذلك تم إرساله إلى فارس فإستطاع زياد بما إوتي به من خبرة إدارية ومالية أن يعيد هذه البلاد إلى ما كانت عليه وأن يؤدي أهلها الخراج (5) .
   وقد إضطربت الأمور في خراسان أيضاً ، وذلك لإن ماهويه مرزبان مرو لما قدم على الخليفة علي ( ع ) وهو بالكوفة ، كتب له الخليفة علي ( ع ) وهو بالكوفة ، كتب له الخليفة علي ( ع ) عهداً يؤدي بموجبه الدهاقين والأساورة والدهشلارين الجزية إليه ، لكن أهل خراسان أعلنوا تمردهم وإمتنعوا عن دفع الجزية لهم ، مما إضطر الخليفة علي ( ع ) إلى إرسال جعدة بنت هبيرة المخزومي إلى خراسان إلا أنه لم يتمكن من إعادة النظام إليها ، وإستمرت خراسان في تمردها حتى مقتل الخليفة علي ( ع ) سنة 40 هـ / 660 م (6) .

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 5 / 113 ، 122 .
(2) الطبري : التاريخ 5 / 122 .
(3) الطبري : التاريخ 4 / 543 .
(4) أبن حبيب : ص 378 ، الجهشياري : الوزراء والكتاب ص 17 ـ 19 ـ 23 ، الثعالبي : لطائف المعارف ص 60 .
(5) الطبري : التاريخ 5 / 122 ، 137 .
(6) البلاذري : الفتوح ص 399 .

جبهة البصرة   ـ 139 ـ

( 2 ) الجزية
   هي مبلغ معين من المال يوضع على رؤوس من دخل في ذمة المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم ، وتسقط الجزية بإسلامهم ، والمصدر التشريعي لها هو القرآن الكريم ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )(1) ، والفرق بينها وبين الخراج ، هو أن الخراج وضع على الأرض لا على الرؤوس ولا يسقط بالإسلام وثبت بالإجتهاد لا بنص قرآني (2) .
  ويبدو أن الجزية تعتبر أول ضريبة فرضت على سكان المناطق المحررة في العراق إلى جانب الأرزاق ، قبل ان يفرض عليهم الخراج ، حيث ذكر سيف ( وسائر السواد ذمة وأخذوهم بخراج كسرى وكأن خراج كسرى على رؤوس الرجال بما في أيديهم من الحصة والأموال ) (3) ، كما أشار أبو عبيدة إلى ( أن عمر ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهماً ومع ذلك أرزاق ) (4) ، ومن الملاحظ على هذه الأرزاق انها كانت تفرض على اهل الريف دون أهل المدينة حيث ذكر ابو سيف ( أنما فعلوا ذلك لإن أهل الرساتيق أصحاب الأرضين والزرع ، واهل المدائن ليسوا كذلك ) (5) ، ويبدو أن هذه الأرزاق بمثابة خراج الارض المحررة خلال هذه الفترة المبكرة .
   أستمر العرب يأخذون الجزية والأرزاق من أهالي البلاد المحررة حتى عام 21 هـ / 641 ، وذلك عندما بدأ الخليفة عمر بتنظيم الضرائب وفرض الجزية والخراج كلاً على حدا على أهل السواد بما فيهم أهل البصرة ، حيث أشار أبو يوسف نقلاً عن الزهري إلى أن الخليفة عمر ( ترك الأرض وأهلها ، وضرب عليهم الجزية ، وأخذ الخراج من الأرض ) (6)، وقد أشار إلى ذلك أيضاً إبراهيم التميمي حينما قال أن الخلية عمر قرر أن يقر ( أهل السواد في أراضيهم ، وضرب على رؤوسهم الجزية ، وعلى اراضيهم الطسق ) (7) .
  وقد فرض الخليفة عمر الجزية على ثلاث درجات بحسب القدرة المالية للشخص ، حيث فرض 48 درهماً على الغني و 24 على متوسط الحال و 12 درهماً على الطبقة

 **************************************************************
(1) سورة التوبة آية 29 .
(2) الماوردي : الأحكام السلطانية ص 142 ، حسن إبراهيم : النظم الإسلامية ص 229 .
(3) الطبري : التاريخ 3 / 586 .
(4) أبو عبيدة : الأحوال ص 213 .
(5) أبو يوسف : الخراج ص 41 ،
(6) أبو يوسف : الخراج ص 28 .
(7) أبو عبيدة : الأحوال ص 81 .

جبهة البصرة   ـ 140 ـ

الدنيا (1) ، كما أنه أقصر دفعها على الاحرار البالغين دون النساء والاطفال والعبيد والرهبان ، ومنع أخذها من الأعمى والمقعد والزمن والشيخ الكبير الذي لا يستطيع أنم يعمل ، والمحتاج الذي لا يقدر على شيء (2) ، وكتب بذلك لولاته على الأمصار يأمرهم : ( أن يضربوا الجزية ولا يضربوها على النساء والأطفال ، ولا يضربوها إلا على من جرت عليه المواسي ) (3).
   وكانت الجزية تجبى نقداً ولامانع من أخذ المواد العينينة إذا تعذر ذلك (4) ، وقد روي عن الخليفة علي ( ع ) أنه كان يأخذ الجزية من صاحب البر براً ومن صاحب المال مالاً ومن صاحب الحبال حبالاً ولا يأخذ فيها خمراً ولا خنزيراً ، ولا يباع في الجزية بقرهم ولا حميرهم ولا مواشيهم (5) .
  وقد راعى الخلفاء الراشدين حالة السكان في فرض الجزية ، فقد أكد الخليفة عمر في وصيته لمن يليه في الخلافة أن يترفق بإهل ذمته ولا يكلفهم فوق طاقتهم ، كما اكد الخليفة علي ( ع ) على ذلك وأوصى ولاته أن يعاملوا السكان في الضرائب حسب طاقتهم (6) .
   ولأهمية الجزية والخراج بوصفها مورداً مالياً رئيسياً من موارد الدولة ، فقد إستعان العرب الدهاقنة الفرس في عملية جباية هذه الضرائب ولعل السبب في ذلك يعود إلى ان هؤلاء الدهاقنة كانوا مسؤولين أيام الدولة الساسانية عن جباية الضرائب من القرى والأرياف مما جعلهم على معرفة بالمناطق وسكانها (7) .

 **************************************************************
(1) أبو يوسف : الخراج ص 123 ـ 124 ، أبو عبيد : الأموال ص 56 ـ 98 ، الماوردي : الأحكام السلطانية ص 144 .
(2) أبو يوسف : الخراج ص 122 ـ 126 ، الماوردي : الأحكام السلطانية ص 144 ـ 145 .
(3) أنظر يحيى إبن آدم : الخراج ص 68 . (4) أبو يوسف : الخراج ص 122 .
(5) الصولي : أدب الكتاب ص 125 .
(6) أنظر الجاحظ : البيان والتبيين 2 / 46 ، الصولي : أدب الكتاب ص 219 .
(7) أنظر البلاذري : أنساب الأشراف ح 4 ق 2 ص 109 ، الدينوري : الأخبار الطوال ص 299 ، الطبري : التاريخ 5 / 522 ، الصولي : أدب الكتاب ص 221 .

جبهة البصرة   ـ 141 ـ

( 3 ) العشـور
   ضريبة مالية تؤخذ من الأراضي الزراعية التي يمتلكها المسلمين وتكون بمثابة صدقة ( زكاة ) عن مزروعاتها ، فيقابل العشر بذلك الخراج الذي يؤخذ من الذميين (1) ، وكانت ضريبة العشر تجبى من أربعة أنواع من الأراضي الزراعية :
( 1 )  أراضي الموات بعد إحيائها من قبل المسلمين ، فهي أرض عشر لا يجوز دفع الخرا عنها (2) .
( 2 )  الأراضي التي اسلم عليها أصحابها فهم احق بها فتكون بذلك ارض عشر (3) .
( 3 )  الأراضي التي فتحها المسلمون يمتلكونها ويدفعون العشر عن عن غلاتها ، إذا لم تترك بيد أصحابها وقفاً للمسلمين يدفعون الخراج عنها (4) .
( 4 )  الأراضي التي إمتلكها العرب المسلمين سواء بالإقطاع من الصوافي (5) ، أو بشراء الأراضي الخراجية، حيث تتحول بذلك إلى أرض عشرية (6) .

  ومن الملاحظ على منطقة البصرة أن معظم أراضيها هي أراضي عشرية ، وذلك لإن أرض البصرة عند بدء عمليات التحرير كانت أراضي موات سبخه أحياها العرب المسلمون بعد إستقرارهم فيها فأصبحت بذلك أرض عشرية (7) .
   وكانت نسبة مايدفع عن هذه الأراضي من عشر يتوقف على أساليب ري الأرض وما يبذل فيها من جهد ، فما كانت تسقى بالماء سيحاً يؤخذ عليها العشر ، أما ما تسقى بالواسطة فيؤخذ عليها نصف العشر (8) ، وقد كانت واردات عشور أراضي البصرة كبيرة جداً ، فقد ذكر إبن خرداذبة أن عشور المزروعات في البصرة بلغت ستة ملايين درهم سنوياً (9) .

 **************************************************************
(1) العلي : التنظيمات ص 124 ، الريس : الخراج ص 124 .
(2) أبو يوسف : الخراج ص 65 ، يحيى بن آدم : الخراج ص 29 ، أبو عبيد : الأموال ص 687 ، الماوردي : الاحكام السلطانية ص 172 .
(3) نفس المصادر السابقة.
(4) نفس المصادر السابقة .
(5) الصوافي : وهي الأراضي التي كانت لكسرى وأهل بيته ، وأرض من قتل في الحرب او هرب ، وأوقاف البريد ، وأوقاف بيت النار والأجسام وغيرها ، حيث إصطفاها الخليفة عمر وأصبحت ملكاً للدولة الإسلامية ، أبو يوسف : الخراج ص 57 ، البلاذري : الفتوح ص 272 .
(6) أبو يوسف : الخراج ص 58 ، أبو عبيدة : الأموال ص 687 .
(7) يحيى بن آدم : الخراج ص 29 ، الماوردي : الاحكام السلطانية ص 178 .
(8) البلاذري : الفتوح ص 82 ، 85 .
(9) إبن خرداذبة : المسالك والممالك ص 59 .

جبهة البصرة   ـ 142 ـ

( 4 ) ضريبة التجارة
  مورد آخر من موارد الدولة الإسلامية ، وهي عبارة عن مقدار من المال يفرض على الاموال التجارية الصادرة والواردة إلى الدولة الإسلامية (1) ، ويعتبر الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من أوجد هذه الضريبة في الإسلام (2) ، وذلك عندما كتب إليه أبو موسى الاشعري واليه على البصرة يعلمه بإن تجار المسلمين إذا دخلوا أرض الحرب أخذو منهم العشر ، فكتب اليه الخليفة عمر ان يأخذ من أهل الحرب العشر كما يأخذون من تجار المسلمين ، ونصف العشر من اهل الذمة ، كما امره ان يأخذ من التجار المسلمين ضريبة على تجارتهم أيضاً وهي ربع العشر (3) ، وقد حدد الخليفة عمر النصاب الذي تدفع عنه العشور ، بمائتي درهم أو عشرين مثقالاً فصاعداً ، فإن كانت قيمة ذلك أقل لم يؤخذ منه شيء (4) .
   وقد عين الخليفة عمر بن الخطاب زياد ابن حدير الأسدي أول عاشر في الدولة الإسلامية وجعله مسؤلاً عن عشور العراق (5) ، وأمره أن لا يأخذ العشور إلا مرة واحدة في السنة حتى وغن تكرر إنتقال التاجر بتجارته داخل الأراضي الإسلامية عدة مرات (6) ، وقد إشترط الخليفة عمر بالعاشر ان يكون من أهل الصلاح والدين وأن لا يتعدى على الناس ويأخذ منهم أكثر مما يجب (7) .
  أما بالنسبة لإنتقال التجارة داخل الأراضي الإسلامية فليس عليها عشور وقد أشار الماوردي إلى ذلك بقوله ( وأما أعشار الأموال المتنقلة في دار السلام من بلد إلى بلد فمحرمه ، لا يبيحها شرع ولا يسوغها إجتهاد ، ولا هي من سياسات العدل ولا قضايا النصفة ) (8) .

 **************************************************************
(1) الدجيلي : بيت المال ص 107 .
(2) أبو عبيدة : الأموال ص 317 .
(3) أبو يوسف : الخراج ص 132 ، 135 ، يحيى بن آدم : الخراج ص 169 ، أبو عبيدة : الأموال ص 709 ، 711 ، 714 .
(4) أبو يوسف : الخراج ص 133 .
(5) أبو يوسف : الخراج ص 135 ، يحيى بن آدم : الخراج ص 169 ، أبو عبيدة : الأموال ص 706 .
(6) نفس المصادر السابقة .
(7) أبو يوسف : الخراج ص 132 ، الدجيلي : بيت المال ص 108 .
(8) الماروردي : الأحكام السلطانية ص 208 .

جبهة البصرة   ـ 143 ـ

( 5 ) الغنائم
تعد الغنائم مورداً رئيسياً من موارد الدولة الإسلامية ، ولاسيما خلال الفترة الراشدية لما شهدته هذه الفترة من عمليات عسكرية واسعة درت بالكثير من الغنائم على الدولة الإسلامية (1) ، حيث كانت الدولة تإخذ خمس هذه الغنائم بينما تعوزع الأربعة أخماس الباقية على المقاتلين وبالتساوي عملاً بالآية الكريمة ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (2) .
   وكانت الغنائم تشمل اربعة اقسام ، أسرى وسبي وأرضين وأموال فأما الأسرى فهم الرجال المقاتلون من الأكفاء وأما السبي فهم النساء والأطفال ، وأما الأراضين فالمقصود بها الأرض التي أخذت عنوة ، وأما الأموال فالمقصود بها ، الغنائم المألوفة أي المنقولات التي تؤخذ من المشركين بالقتال ، من متاع وكراع وسلاح وكذلك ما أصيب من المعادن من الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص (3) .
   وتقسم الغنائم عادة بعد الإنتهاء من القتال كي لا ينشغل المقاتلة بها فتلحق بهم الهزيمة ، وكان يجوز تقسيمها في دار الحرب او في دار الأسلام بحسب ما يراه أمير الجيش ، فإذا أراد قسمتها يبدأ بأخراج خمس الدولة ثم يبدأ بإسلاب القتلى فيعطي كل قاتل سلب قتيله ، والسلب ما كان على المقتول من لباس يقيه وما كان معه من سلاح يقاتل به وما كان تحته من فرس يقاتل عليه .
   وكان يتم تقسيم الغنائم على المقاتلين على اساس الاسهم التي يفضل فيها الفارس على الراجل لفضل بلائه في ميدان القتال ، فيعطي للفارس سهمان وقيل ثلاثة أسهم وللراجل سهم واحد (5) .
وتعد معركة ذات السلاسل وما أعقبها من معارك البداية الاولى لتدفق الأموال على مقاتلة جبهة البصرة بشكل لم يشهدوه من قبل ، فقد بلغ سهم الفارس من غنائم معركة ذات السلاسل الف درهم والراجل على الثلث من ذلك (6) ، وبلغ سهم ممن شارك من جند البصرة

 **************************************************************
(1) الزبيدي : الحياة الإجتماعية ص 219 .
(2) سورة الأنفال آية 41 .
(3) الماوردي : الأحكام السلطانية ص 131 ـ 138 .
(4) نفس المصدر السابق .
(5) أبو يوسف : الخراج ص 18 ، يحيى بن آدم : الخراج ص 18 ـ 19 ، الماوردي : الاحكام السلطانية ص 140
(6) الطبري : التاريخ 3 / 350 .

جبهة البصرة   ـ 144 ـ

في معركة نهاوند للفارس ستة آلاف ، وسهم الراجل ألفين (1) ، ولأهمية الغنائم بوصفها مورداً مالياً للمقاتلة والدولة فقد إهتمت الدولة إهتماماً كبيراً بالغنائم فكانت تعين مع كل حملة عسكرية خارجة إلى ميادين القتال شخصاً يشرف على جميع الغنائم وتوزيعها على المقاتلة تحت إشراف امير الجيش يدعى ( بصاحب الأقباض )(2) .
   وتشير المصادر إلى أن الخليفة عمر بن الخطاب قد عين نافع بن الحارث جمع وقسمة غنائم معركة الابلة (3) ، وعين زياد إبن أبيه على قسمة غنائم أهل البصرة بعد تحرير مدينة الفرات ، بعد هذه المعركة أصبح شبل بن معبد البجلي هو المسؤول عن جمع وقسمة غنائم المعارك التي خاضها جند البصرة طيلة فترة خلافة عمر بن الخطاب (4) ، إلا أن المصادر تغفل بعد ذلك عن ذكر من تولى مهمة صاحب الأقباض في الحملات العسكرية اللأحقة لجند البصرة خلال خلافة عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب ( ع ) ( حيث غالباً ما تكتفي بذكر قسمة غنائم المناطق المفتوحة دون الإشارة إلى من تولى توزيع هذه الغنائم (5) .

أوجه صرف الواردات

( 1 ) العطاء

   هو عبارة عن مقدار معين من المال كانت الدولة الإسلامية تقوم بصرفه للمقاتلين لسد حاجاتهم المعيشية ، ويعد العطاء من أهم أبواب الصرف في الدولة ، فهو يعتمد على وضعها المالي ومقدار مواردها السنوية ولما كانت هذه الموارد في بداية الأمر محدودة وغير ثابتة أصبح ما يعطي للأفراد غير ثابت أيضاً (6) .

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 4 / 133 .
(2) الطبري : التاريخ 4 / 19 .
(3) الطبري : التاريخ 3 / 594 .
(4) البلاذري : الفتوح ص 388 .
(5) البلاذري : الفتوح ص 378 .
(6) العلي : العطاء في الحجاز ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، بغداد ـ 1970 م ، مج 20 ، ص3 .

جبهة البصرة   ـ 145 ـ

   وقد كانت الاموال التي ترد الدولة زمن الخليفة أبي بكر الصديق توزع على المسلمين وبالتساوي (1) ، حيث ذكر إبن ابي نجيح أن أبا بكر كان يقسم بين الناس ( بالسوية على الصغير والكبير ، والحر والمملوك ، والذكر والأنثى ) (2) ، ولقد بين الخليفة أبو بكر رأيه في التسوية بتوزيع الأموال التي ترد الدولة وعدم الأخذ بمبدأ التفضيل على السابقة بقوله ( أما ذكرتم من السوابق والقدم والفضل فما أعرفني بذلك ، وإنما ذلك شيء على الله جل ثناؤه فالإسوة فيه خير من الأثرة ) (3).
   أما في بداية عهد الخليفة عمر بن الخطاب فيبدو أن توزيع العطاء كان يتم بالتساوي بين المقاتلين (4) ، مع زيادة في عطاء أهل البلاء وقد اشار سيف في روايته إلى ذلك عندما ذكر أن الخليفة عمر بن الخطاب قرر في بداية العمليات التحررية للعراق ونتيجة إلى ما درته هذه العمليات من موارد مالية أن يتم ( القسم بالسوية وأن يعطي أهل البلاء على قدر بلائهم . . ويبدأ بإهل الفيء) (5) ، ومما يؤيد ذلك رواية داود بن أبي هند عندما ذكر : أصاب المسلمين بالأبلة من أعدائهم ستمائة درهم ، فأخذ كل رجل درهمين . . وكانوا ثلاثمائة رجل (6) .
   ولعل العمل بمبدأ التسوية في العطاء زمن الخليفة عمر لم يستمر طويلاً ، حيث إتسعت العمليات العسكرية وضمت الدولة أقاليم كبيرة وغنية وإداد عدد مقاتلة العرب المسلمين ، وظهر الخلاف في الرأي في احقية المسلمين الأوائل في المدينة ومن اسلم بعدهم ونصيب كل منهم من الأموال التي ترد المدينة ، كما ظهر الخلاف في الامصار بين المقاتلين الأوائل والروادف حول واردات البلاد (7) ، لذا قرر الخليفة عمر أن يضع اسساً جديدة للنظام المالي للدولة الإسلامية يضبط بموجبها واردات الدولة وينظم توزيعها وبشكل يتلائم مع حاجيات المجتمع الجديد ، فدون الديوان وفرض العطاء على أسس ثابتة تعتمد على الأخذ بمبدأ التفضيل في العطاء وذلك سنة 20 هـ / 640 م (8) ، حيث اصبح كل مصر من الامصار الاسلامية ومنها البصرة ديوان

 **************************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 437 .
(2) أبو يوسف : الخراج ص 42 .
(3) ن . م .
(4) نفس المصدر ص 24 .
(5) الطبري : التاريخ 3 / 616 .
(6) نفس المصدر 3 / 594 .
(7) جوده : العرب والأرض ص 193 .
(8) أبو يوسف : الخراج ص 24 ، 42 ، إبن سعد : الطبقات 3 / 296 ، البلاذري : الفتوح 436 .

جبهة البصرة   ـ 146 ـ

للجند ، وقد أمر الخليفة عمر بتنظيم هذا الديوان حسب القبائل (1) ، وأن يخصص لكل قبيلة ديوان يسجل فيه أفرادها ومن ينتسبون إليها من الموالي(2) ، ولأجل دفع القبائل العربية إلى الهجرة والإستقرار في الأمصار والمساهمة في عمليات التحرير والفتح، فقد قصر الخليفة عمر التسجيل في الديوان و العطاء على من يخرج من الجزيرة العربية ويستقر في هذه الأمصار وإلى ذلك أشار أبو عبيدة بقوله إلى أن الخليفة عمر قال : ( فمن أسرع إلى الهجرة أسرع به إلى العطاء ومن أبطىء عن الهجرة ابطىء به عن العطاء ولا يلومن رجل إلا مناح راحلته )(3) .
  وأما من بقية في المدينة فليس له نصيب في العطاء الذي فرضه الخليفة عمر بإستثناء المهاجرين والأنصار وأبنائهم في المدينة (4) .
   وقد إعتمد الخليفة عمر في توزيع العطاء اسساً إسلامية ، وكان في مقدمتها السبق في الإسلام ( فالرجل وبلاؤه في الاسلام ، والرجل وقدمه في الاسلام ، والرجل وغناؤه في الاسلام والرجل وحاجته في الأسلام ) (5) ، ولم يعتمد أسساً أخرى كالقرابة من الرسول أو الخليفة وقد صرح الخليفة عمر بذلك فقال : ( فلا ينظر رجل إلى القرابة ويعمل لما عند الله ، فإن من قصد به عمله لا يسرع به نسبه ) (6) .
   غير أن هذه القاعدة في تفضيل الناس في العطاء وحسب أسبقيتهم في الإسلام لا يمكن تطبيقها في البصرة نظراً لقلة من كان فيها من السابقين في الإسلام ، لذلك كان لابد من إتخاذ تنظيمات مالية أخرى في البصرة وغيرها من الأمصار تعتمد على اسس غير الأسبقية في الإسلام (7) ، ويوضح سيف لنا ذلك حينما يشير إلى العطاء في الكوفة اصبح يتدرج بين اهل الأيام والقادسية والروادف (8) ، فعطاء أهل الأيام وهم الذين شاركوا في المعارك التي سبقت

 **************************************************************
(1) الدوري : في التنظيم الإقتصادي ص 78 .
(2) جوده : العرب والأرض ص 190 .
(3) أبو عبيدة : الاموال ص 319 .
(4) الدوري : الإسلام وإنتشار اللغة العربية والتعريب ، مجلة المستقبل العربي ، بيروت ، 1981 م ، ع 24 ص 39 .
(5) الطبري : التاريخ 4 / 211 .
(6) إبن سعد : الطبقات 3 : 213 .
(7) العلي : التنظيمات ص 127 .
(8) الروادف : الردف ، وهو ما تبع الشيء ، وكل شيءٍ إتبع شيئاً فهو ردفه ، وإذا تتباع شيء خلف شيء فهو الترادف ، والترادف هو التتابع ، أنظر إبن منظور : لسان العرب 9 / 114 ، والمقصود هذا بالروادف ، هم الوافدون الجدد من المقاتلة العرب الذين إلتحقوا بقبائلهم بعد إستقرارها في الأمصار ، أنظر الطبري : التاريخ 4 / 279 .

جبهة البصرة   ـ 147 ـ

القادسية ثلاثة آلاف درهم وأهل القادسية ألف درهم ، ولأهل البلاء البارع فيهم الفان وخمسمائة درهم ، ثم فرض لمن بعد القادسية ألف درهم ، وبعدها فرض للروادف المثنى والثليث والربيع ما بين خمسمائة إلى ثلاثمائة إلى مائتي وخمسين درهماً ، ثم فرض لإهل هجر وعباد مائتي درهم(1) .
   كما فرض للنساء فجعل لنساء أهل الأيام ثلاثمائة درهم ، ولنساء أهل القادسية مائتي درهم ، ثم سوى في عطاء النساء بعد ذلك (2) ، وفرض لكل مولود في الإسلام مائة درهم فإذا ترعرع اصبح عطاؤه مائتي درهم ، فإذا بلغ زاده (3) .
   أما في البصرة فيبدو أن الخليفة عمر إتبع نفس الأسس التي إتبعت في تنظيم العطاء في الكوفة من حيث العموم ، فقد فرض الخليفة عمر لمن شهد تحرير الأبلة وهم ما يقارب الثلاثمائة مقاتل ألفين في العطاء ، ويوضح الطبري ذلك نقلاً عن داود بن أبي هند : فرض عمر لأهل الدرهمين من أخذ من فتح الأبلة في ألفين من العطاء وكانوا ثلاثمائة رجل (4) ، ويبدو انه لم يفرض في البصرة اعلى من هذا العطاء وبذلك تساوى ممن شهد تحرير الابلة مع اهل القادسية ، كما قرر الخليفة عمر ان يكون عطاء من اشترك من اهل البصرة في تحرير إقليم الأحواز ونهاوند الفي درهم ايضاً (5) .
   وقد سار الخليفة عثمان بن عفان على نفس الأسس التي إتبعها الخليفة عمر في توزيع العطاء ، أما في زمن الخليفة علي بن أبي طالب ( ع ) وبسبب الإعتراضات التي أبداها مقاتلة الروادف على السياسة المالية التي إتبعها عثمان بن عفان وما أوجدته هذه السياسة من فوارق في أعطيات المقاتلة وتباين في مستوياتهم المعاشية ، قرر الخليفة علي ( ع ) إتباع التسوية في فرض العطاء أسوةً بالرسول ( ص ) وأبو بكر (6) .

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 3 / 614 .
(2) نفس المصدر 3 / 615 .
(3) الطبري : التاريخ 3 / 594 .
(4) نفس المصدر السابق 4 / 75 ، 137 .
(5) أنظر الياس : عبد الوهاب خضير ، نظام العطاء الإسلامي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة الموصل ـ 1985 م ، ص 72 ـ 83 .

جبهة البصرة   ـ 148 ـ

   غالباً ما كان الخلفاء يمنحون زيادة في العطاء على النسبة المقررة لفرضه ، كما فعل الخليفة عثمان حينما زاد مائة درهم على سنة العطاء التي حددها الخليفة عمر (1) ، كذلك فعل الخليفة علي بن بي طالب ( ع ) حينما زاد مائة درهم على عطاء الجند السابق ليوم الجمل ، وزاد الحسن بن علي ( ع ) أيضاً في الاعطيات مائة درهم عند تولية الخلافة (2) .
  وكان الأفراد يأخذون بالأضافة إلى العطاء أموالاً إضافية تسمى ( المعاون ) ففي عهد الخليفة عمر كانت تصرف أموال إضافية للمقاتلين سنوياً في فصل الربيع أيام عتبة بن غزوان وسعد بن أبي وقاص حينما يخرجون إلى البادية(3) ، كما أن الخليفة عمر قرض لكل فرد درهماً في كل يوم من رمضان (4) .
   كان العطاء يدفع سنوياً في شهر محرم عند بداية السنة الهجرية منذ زمن الخليفة عمر بن الخطاب وحتى العصر الأموي (5) ، وكانت طريقة دفعه تتم بواسطة العرفاء ، حيث كان العطاء يدفع إلى أمراء الأسباع وأصحاب الرايات فيدفعونه إلى العرفاء الذين كانوا بدورهم يدفعونه إلى أهله ، بمساعدة النقباء والأمناء (6) .
   وفي مقابل حصول المقاتلة على العطاء كانت الدول تشترط عليهم الإقامة في المصر الذي يستلمون من ديوانه العطاء (7) ، وأن يلبوا دعوة الدولة حين تدعوهم في أوقات الحرب ، ومن يرفض يحرم من العطاء ومحى إسمه من الديوان (8) ، كما كان على اهل العطاء أن يجهزوا أنفسهم بلوازم القتال من أسلحة وغيرها من الأمور (9) .

 **************************************************************
(1) الطبري : التاريخ 4 / 245 .
(2) أبو الفرج الأصفهاني : مقاتل الطالبين ، مطبعة الديواني ـ بغداد ، ص 34 .
(3) الطبري : التاريخ 4 / 43 .
(4) نفس المصدر السابق 4 / 245 .
(5) الطبري : التاريخ 4 / 43 ، أبن الأثير : الكامل 5 / 568 .
(6) الطبري : التاريخ 4 / 49 .
(7) الشيباني : محمد بن الحسن ، شرح كتاب السير الكبير / تحقيق صلاح الدين منجد ، مصر ـ 1957 م ، 1 / 170 .
(8) الدينوري : الأخبار الطوال ص 272 ، الماوردي : الاحكام السلطانية ص 204 ، 206 .
(9) البلاذري : الفتوح ص 447 .

جبهة البصرة   ـ 149 ـ

( 2 ) الأرزاق
   وهي مقدار معين من المواد العينية توزع على سكان المصر شهرياً بالإضافة إلى العطاء ، وقد فرضت الأرزاق في زمن الخليفة عمر بن الخطاب عندما قرر إعطاء جريبين (1) من الحنطة شهرياً لكل فرد حيث قال ( إنا أجرينا عليكم أعطياتكم وأرزاقكم في كل شهر ) (2) ، وكان يوزع إلى جانب الحنطة الزيت والخل حيث ذكر البلاذري أن الخليفة عمر بن الخطاب قال ( إني فرضت لكل نفس مسلمة في كل شهر مدي حنطة وقسطي زيت وقسطي خل ) (3) .
   ولكي توفر الدولة أرزاق مقاتليها في الأمصار ، فقد كانت تعتمد على المواد والمحاصيل الزراعية للمناطق التي يتمركز بها المقاتلة سواء كانت حبوب أو غيرها من مواد أخرى (4) ، بالإضافة إلى ما كان العرب يفرضونه على أهالي البلاد المفتوحة من مواد عينية (5) .
   وكان توزيع الأرزاق لا يقتصر على المقاتلة فقط وإنما يشمل عامة الناس ، حتى العبيد كان لهم نصيب من الأرزاق (6) ، ولم تكن كمية الأرزاق ثابتة في كل الأحوال والظروف وإنما كانت تتغير تبعاً لتغير الأحوال السياسية والظروف الإقتصادية ، فعندما تسود البلاد الإضطرابات كان لابد وإن تقل واردات الأراضي الزراعية لإنشغال الناس بالأمور السياسية وإنصرافهم عن الزراعة مما يؤدي ذلك إلى قلة الرزق الذي يوزع على الناس وعلى العكس من ذلك فإن الرزق يزداد في أوقات الرخاء (7) ، ولم يولد توزيع الأرزاق في البصرة مشكلة خطيرة ، خاصة وإن أرض البصرة خصبة والحنطة فيها وافرة ، كما وإن العرب كانوا يمتلكون أراضي زراعية تدر عليهم محاصيل كثيرة تغنيهم عما توزعه الدولة من أرزاق (8) .

 **************************************************************
(1) الجريب : هو ما يؤخذ من ناتج مساحة من الأرض تساوي 1592 م ، أي مايعادل 22.75 كغم من القمح ، هنتس : المكاييل والأوزان ص 61 .
(2) البلاذري : الفتوح ص 447 .
(3) نفس المصدر .
(4) الطبري : التاريخ 6 / 538 .
(5) إبن أعثم : الفتوح 8 / 78 ـ 79 .
(6) البلاذري : الفتوح ص 446 ، 447 ،الطبري : التاريخ 3 / 615 .
(7) الزبيدي : الحياة الإجتماعية ص 241 .
(8) العلي : التنظيمات ص 147 .

جبهة البصرة   ـ 150 ـ

( 3 ) رواتب الموظفين
  بالإضافة ما كانت تنفقه الدولة على مقاتليها وعيالاتهم من عطاء ورزق ، فقد كانت هناك مصروفات أخرى تنفقها الدولة في الأمصار وأهم هذه المصروفات هي رواتب العمال والموظفين ، ولما كان في البصرة عدد كبير من العمال والموظفين يقومون بالاعمال الحكومية المختلفة لتسيير امور المصر ، فقد امر الخليفة عمر بن الخطاب لهؤلاء الموظفين رواتب معينة كانت تختلف عن روتب الجند بعد تدوين الدواوين وتعيين عطاء الجند ، وقد إختلفت هذه الرواتب بحسب الوظيفة التي يؤديها الشخص ، وكانت أعلى نسبة من الرواتب تعطى للولاة والقضاة والعمال (1) .
   فقد فرض الخليفة عمر بن الخطاب لمن يتولى قضاء البصرة راتباً شهرياً قدره مائة درهم مع مؤنة من الحنطة قدرت بعشرة أجربة شهرياً ، وقد إستمرت رواتب القضاة في البصرة على نحو ذلك حتى أواخر الخلافة الراشدية (2) .
   أما بالنسبة إلى رواتب ولاةالبصرة وعمالها فليس لدينا معلومات وافية عنها ، إلا أنه وإستناداً إلى ما فرضه الخليفة عمر لواليه على الكوفة عمار بن ياسر من راتباً شهرياً قدره ستمائة درهم ، وما فرضه إلى عامله على خراج الكوفة عثمان بن حنيف من راتب قدره مائة وخمسون درهماً شهرياً (3) ، فإنه يمكن القول أن الخليفة عمر قد إتبع نفس المبدأ في فرض رواتب ولاة البصرة وعمالها .
   أما بقية الموظفين وخاصة موظفين الدواوين في البصرة ، فقد كانت رواتبهم تختلف بحسب المنصب الذي يشغلونه ، فبالنسبة إلى رؤوساء الكتاب فإنهم كانو يأخذون راتباً قدره ثلاثمائة درهم شهرياً (4) ، أما صغار الموظفين من الكتاب فكانت رواتبهم تتراوح ما بين العشرين والثلاثين والأربعين درهماً شهرياً (5) ، وقد أخذت رواتب هؤلاء الموظفين من ولاه وقضاة وعمال وكتاب في التصاعد أيام الدولة الأموية كما تصاعدت رواتب الجند (6) .

 **************************************************************
(1) العلي : التنظيمات ص 143 ، الزبيدي : الحياة الإجتماعية ص 244 .
(2) البراقي : حسين بن أحمد ، تاريخ الكوفة ، ط 3 ـ 1968 م ، مطبعة النجف ، ص 213 ، 226 .
(3) نفس المصدر السابق .
(4) أنظر الجهشياري : الوزراء والكتاب ص 42 .
(5) نفس المصدر ص 113 .
(6) البراقي : تاريخ الكوفة ص 213 .

جبهة البصرة   ـ 151 ـ


الملاحق

الملحق الأول

أسماء كبار موظفي البصرة

الموالي
القاضي
صاحب الشرطة
  1 ـ عتبة بن غزوان (1) 14 هـ / 635 م   أياس بن صبيح أبو مريم الحنفي(2)
ـ
  2 ـ المغيرة بن شعبة (3) 14 ـ 16 هـ / 635 ـ 637 م   أبو مريم الحنفي (4)
ـ
  3 ـ ابو موسى الأشعري (5) 16 ـ 29 هـ / 637 / 649 م   أبو مريم الحنفي ، كعب بن سوار (6) ( قام أبو موسى الاشعري بإعمال القضاء في زمن كل من الخليفة عمر وعثمان )
ـ
  4 ـ عبد الله بن عامر (7) 29 ـ 35 هـ / 649 ـ 655 م   كعب بن سوار (8)
ـ

 **************************************************************
(1) خليفة : التاريخ ص 154 ، البلاذري : الفتوح ص 336 ، الطبري : التاريخ 3 / 597 .
(2) خليفة : التاريخ ص 154 ، وكيع : اخبار القضاة ص 269 ، الطبري : التاريخ 4 / 95 .
(3) خليفة : التاريخ ص 129 ، البلاذري : الفتوح ص 338 ، الطبري : التاريخ 3 ، 623 .
(4) وكيع : أخبار القضاة ص 270 .
(5) خليفة : التاريخ ص 154 ، البلاذري : الفتوح ص 341 ، الطبري : التاريخ 4 / 241 .
(6) إبن سعد : الطبقات 7 / 92 ، خليفة : التاريخ ص 154 ، وكيع : أخبار القضاة ص 274 ـ 283 .
الطبري : 4 / 101 ، 241 .
(7) خليفة : التاريخ ص 161 ، 178 ، الطبري : التاريخ 4 / 265 ، 421 .
(8) خليفة : التاريخ ص 179 ، وكيع : اخبار القضاة ص 281 .

جبهة البصرة   ـ 152 ـ

الوالي
القاضي
صاحب الشرطة
  5 ـ عثمان بن حنيف (1) 35 هـ / 655 م
ـ
حكيم بن جبلة العبدي (2)
  6 ـ عبد الله بن عباس (3)   أبو الأسود الدؤلي ، الضحاك(4) بن عبد الله الهلالي ، عبد الرحمن بن يزيد ، عبد الله بن فضالة الليثي
ـ
  7 ـ ابو الأسود الدؤلي (5) 38 ـ 40 هـ / 658 / 660 م
ـ
ـ


 **************************************************************
(1) خليفة : التاريخ ص 181 ، 201 ، الطبري : التاريخ 4 / 442 .
(2) إبن فلكان : وفيات الأعيان 7 / 60 .
(3) خليفة : التاريخ ص 201 ، الطبري : التاريخ 4 / 543 .
(4) خليفة : التاريخ ص 200 ، وكيع : أخبار القضاة ص 288 ، الطبري : التاريخ 5 / 93 ، 155 .
(5) خليفة : التاريخ ص 202 .

جبهة البصرة   ـ 153 ـ

الملحق الثاني

ولاة المناطق والأقاليم التابعة للبصرة

كور دجلة
ـ
ـ
الأبلة خبيئة بن كناز
كلاب بن أمية
للخليفة عمر(1)
للخليفة عمر (2)
فرات البصرة الحجاج بن عتيك الثقفي للخليفة عمر(3)
ميسان النعمان بن عدي للخليفة عمر (4)
دستميسان بجالة بن عبدة العنبري للخليفة عمر(5)


كور إقليم الأحواز
ـ
ـ
مناذر عاصم بن قيس السلمي للخليفة عمر (6)
سـرق جزء بن معاوية للخليفة عمر
سوق الاحواز سمرة بن جندب للخليفة عمر
رامهرمز أبو مريم الحنفي للخليفة عمر
جند يسابور بشر بن المحتفز للخليفة عمر


 **************************************************************
(1) إبن دريد : الإشتقاق ص 355 ، الذهبي : المشتبه ص 214 .
(2) البخاري : التاريخ الكبير ح 1 ق 1 ص 277 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 377 .
(4) إبن الكلبي : جمهرة النسب ص 107 ، 108 ، البلاذري : الفتوح ص 378 .
(5) أبو يوسف : الخراج ص 129 .
(6) أنظر البلاذري : الفتوح ص 377 ـ 378 .

جبهة البصرة   ـ 154 ـ

إقليم فارس
ـ
ـ
ـ
عثمان بن أبي العاص
هرم بن حيان اليشكري
هرم بن حيان العبدي
الخريت بن راشد
المنجاب بن راشد
الترجمان الهجيمي
عمر بن عثمان بن سعد
« للخليفة عمر وعثمان » (1)
« لعبد الله بن عامر »(2)
« لعبد الله بن عامر »
« لعبد الله بن عامر »
« لعبد الله بن عامر »
« لعبد الله بن عامر »
« لعبد الله بن عامر »(3)
إصطخر عبيد الله بن معمر « لعبد الله بن عامر »(4)
إصطخر شريك بن الأعور الحارثي « لعبد الله بن عامر » (5)
إصطخر المنذر بن الجارود « للخليفة علي ( ع ) »(6)
إقليم فارس سهيل بن حنيف « للخليفة علي ( ع ) »(7)
إقليم فارس زياد بن أبيه عبد الله بن عباس(8)
أردشيرخره مصقلة بن هبيرة الشيباني للخليفة علي ( ع )(9)


 **************************************************************
(1) خليفة : التاريخ ص 161 ، البلاذري : الفتوح ص 279 ، الدينوري : الأخبار الطوال ص 133 .
(2) الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(3) نفس المصدر السابق .
(4) خليفة : التاريخ ص 162 ، البلاذري : الفتوح ص 381 ، الطبري : التاريخ 4 / 265 .
(5) الطبري : التاريخ 4 / 301 ، إبن خلدون : التارخ 2 / 1011 .
(6) البلاذري : أنساب الأشراف 2 / 163 ، اليعقوبي : التاريخ 2 / 179 ، الذهبي : تاريخ الإسلام 2 / 211 .
(7) أنظر خليفة : التاريخ ص 192 ، اليعقوبي : التاريخ 2 / 180 ، الطبري : التاريخ 5 / 122 .
(8) نفس المصادر السابقة .
(9) اليعقوبي : التاريخ 2 / 177 ، الطبري : التاريخ 5 / 128 ـ 129 .

جبهة البصرة   ـ 155 ـ

إقليم كرمان
ـ
ـ
ـ
مجاشع بن مسعود السلمي
عاصم بن عمرو
عمران بن الفضل البرجمي
عبيد الله بن الأهثم
للخليفة عثمان (1)
للخليفة عثمان (2)
للخليفة عثمان (3)
للخليفة علي ( ع ) (4)

إقليم سجستان
ـ
ـ
ـ
الربيع بن زياد
عبد الرحمن بن سمره بن حبيب
أمير بن أحمر اليشكري
عبد الرحمن بن جزء الطائي
ربعي بن كأس العنبري
للخليفة عثمان (5)
للخليفة عثمان (6)
للخليفة عثمان (7)
للخليفة علي ( ع ) (8)
للخليفة علي ( ع ) (9)


 **************************************************************
(1) البلاذري : الفتوح ص 383 ـ 384 ، الطبري : التاريخ 4 / 301 .
(2) الطبري : التاريخ 4 / 265 .
(3) الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(4) البلاذري : أنساب الأشراف 1 / 452 .
(5) خليفة : التاريخ ص 180 ، البلاذري : الفتوح ص 386 ، اليعقوبي : البلدان ص 134 .
(6) إبن الكلبي : جمهرة النسب ص 55 ، خليفة : التاريخ ص 180 ، البلاذري : الفتوح ص 386 .
اليعقوبي : البلدان : ص 134 ، ياقوت : المقتضب 1 / 35 .
(7) خليفة : التاريخ ص 180 ، البلاذري : الفتوح ص 387 .
(8) خليفة : التاريخ ص 199 ، البلاذري : التاريخ 387 .
(9) نفس المصادر السابقة .

جبهة البصرة   ـ 156 ـ


إقليم خراسان
ـ
ـ
ـ
قيس بن الهيثم
راشد بن عمرو الجديدي
عمران بن الفضيل
عمران بن مالك الخزاعي
قيس بن الهيثم
عبد الله بن خازم
جعدة بن هبيرة الخزاعي
خليد بن قره التميمي
لعبد الله بن عامر (1)
لعبد الله بن عامر
لعبد الله بن عامر (2)
لعبد الله بن عامر (3)
للخليفة علي ( ع ) (4)
للخليفة علي ( ع ) (5)


 **************************************************************
(1) اليعقوبي : التاريخ 2 / 142 .
(2) إبن الكلبي : جمهرةالنسب ص 401 ، خليفة : التاريخ ص 179 ، البلاذري : الفتوح ص 399 .
اليعقوبي : البلدان ص 296 ، الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(3) البلاذري : الفتوح ص 399 ، الطبري : التاريخ 4 / 266 .
(4) إبن الكلبي : جمهرةالنسب ص 93 ، خليفة : التاريخ ص 199 ، البلاذري : الفتوح ص 399 ، اليعقوبي : البلدان ص 294 ، الطبري : التاريخ 5 / 64 .
(5) خليفة : التاريخ ص 199 ، الطبري : التاريخ 5 م 64 .