البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة
( 247 هـ / 861 م )

دراسة في احوالها السياسية والادارية


البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 2 ـ


الإهداء
ـ الى والدي . . . حباً واكراماً . . .
ـ الى اخوتي . . . وفاءً وتقديراً . . .
                                                                                                           اهدي جهدي المتواضع
                                                                                                                   ابو طالب

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 3 ـ


شكر وتقدير

   بالحب المخلص الذي لا حدود له ، وبالوفاء اتقدم الى استاذي الفاضل الدكتور (( ابراهيم جدوع محسن )) الذي اخذ بيدي وانار لي طريقي بقلبه الابوي ، المضئ .
   فقد بذل في توجيهي جهداً ، سخياً ، وفي رعايتي سماحة علمية بكامل عطائها ، فأدى تواصله العلمي معي الى اخراج هذه الرسالة .
   كما اشكر بالامتنان كله رئاسة قسم التاريخ ، وفي مقدمتها الدكتور فائق حاكم عيسى رئيس القسم الذي لم يبخل بجهده ولم يقتصد في عون ، فله مني كل التقدير لما ابداه من مساعدة سهلت من مهمة البحث .
وحسبي ان انال توجيهات استاذي الدكتور ياسين محمد ، والدكتور هشام جيخور الربيعي ، واحضى بملاحضاتهم السديدة ، واكون مديناً لهم في ذلك .
   كما اشكر اساتذتي في السنة التحضيرية ، الدكتور نزار عزيز والاستاذ المساعد صفاء المبارك لما قدموه من مساعدة جليلة خلال تلك السنة .
كما اشكر الدكتورة سهيلة مرعي مرزوق ، والسيد علي غانم جثير على مساعدتهم لي في اعداد الرسالة ، والدكتور جبار عودة بدن لتقويمه الرسالة لغوياً .
ويطيب لي ان اشكر الاساتذة الافاضل في كلية الاداب لتزويدهم اياي بالارشادات والتوجيهات وتوفير بعض المصادر وارشادهم اياي ، ومنهم الدكتور رعد زهراوي والدكتورة رباب جبار السوداني والدكتورة سلمى عبد الحميد الهاشمي والسيد جواد منشد التدريسي في كلية الآداب .
ومن الوفاء ان اسجل شكري الى كل الايدي الطيبة التي اسهمت في بحثي واخص بالذكر منهم امناء مكتبتي كلية التربية وكلية الآداب ، وموظفي المكتبة المركزية وبلأخص وحدة تراث البصرة لما ابدوه من تسهيلات ساعدت في اتمام البحث في مراحل فصوله كافة .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 4 ـ

المقدمة
مضامين البحث وتحليل المصادر

  ظهرت العديد من الدراسات عن تاريخ البصرة ، وذلك لما لهذه المدينة من اهمية ، فهي المدينة الاولى التي مصرت خارج الجزيرة العربية عام ( 14 هـ / 635 م ) ، لذا اهتم المؤرخون بدراسة احوالها العامة في اطار شامل ، فضلاً عن ظهور دراسات اخرى تتعلق ببحث مدة محددة من تاريخها(1) .
  والدراسة الحالية جاءت مكملة لما ابداه هؤلاء المؤرخون وهي تهتم ببحث اوضاع البصرة السياسية والادارية منذ بدء العصر العباسي حتى سنة ( 147 هـ / 861 م ) ، وتعد هذه الحقبة من المراحل التي مرت على البصرة في ادوارها التاريخية وذلك لكونها تبوءت مركز الصدارة بين الامصار الاخرى ، بفضل موقعها الجغرافي المطل على العالم الخارجي والذي ازدادت اهميته بعد انتقال مركز الخلافة الى بغداد ، واعتمادها على

**************************************************************
(1) عن تاريخ البصرة ينظر : العلي ، صالح احمد ، التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في القرن الاول الهجري ، ط2 ، بيروت ، 1953م . الساعدي ، كاظم جواد ، تاريخ البصرة ، مطبعة القضاء ، النجف ، 1959 . باشا اعيان ، عبد القادر ، موسوعة تاريخ البصرة ، ج1 ، بغداد ، 1988 . السوداني ، رباب جبار ، جبهة البصرة ( 11 ـ 14 ) ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة البصرة ، 1989 . موسوعة البصرة الحضارية ( الموسوعة التاريخية ) عدد من المؤرخين ، جامعة البصرة ، مطبعة التعليم العالي ، 1989 م .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 5 ـ

البصرة في السيطرة على المراكز الهامة ، خاصة الطرق البحرية بين البصرة وجنوب شرق آسيا .
  من هذا المنطلق جاء الاهتمام بدراسة هذه الموضوع لا سيما وان رسالة علمية اكاديمية مستقلة في موضوع بحثنا لم تعد لحد الآن، لذا فقد توكلت على العلي القدير وكتبت في هذا الموضوع ، الذي حاولت ان اوفق في كتابته واعطائه ما يستحق من الاهمية .
  ولاشك ان دراسة شاملة من هذا النوع ليس من اليسير تحقيقها في بحث واحد يشملها جميعاً ، عن البصرة في العصر العباسي الاول( 132 ـ 147 هـ / 749 ـ 861 ) خاصة ان المعلومات عنها كثيرة ومتفرقة من جانب وشحيحة من جانب آخر مع تعدد مصادرها وتنوعها .
  يتكون البحث من مقدمة واربعة فصول وخاتمة .
تناول في الفصل الاول موقف البصرة من الثورة العباسية ومحاولة العباسيين استمالة البصريين الى جانبهم عن طريق ارسال ابي جعفر المنصور اليها والذي عمل جاهداً للتقرب من علماء البصرة وفقهائها ، كما بينت ايضاً اهم الاحداث التي عاشتها البصرة منذ بدء الثورة العباسية والتي اسفرت عن معارك حامية بين مؤيد ومعارض لهم في هذه المدينة .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 6 ـ

  وكما تضمن الفصل ايظاً اهمية البصرة في عهد الخلافة العباسية ، وفيها اوضحت الازدهار الاقتصادي الذي عم البصرة خلال هذه الحقبة ، وتطرقت ايضاً الى اسهامات البصريين وجهودهم في المحافظة على السلطة المركزية ، ودورهم الفعال في التصدي للحركات الانفصالية التي ظهرت ايام بني العباس .
  اما في الفصل الثاني فقد خصص لبحث الحركات السياسية ونشاطاتها في البصرة خلال فترة موضوع البحث ، حيث تعرضت البصرة لعدة محاولات انفصالية انتهت بالفشل وسيادة نفوذ الخلافة وانصارها في البصرة ، كما بينت الاسباب الرئيسية التي كانت وراء تلك الحركات للبصرة مقراً لها .
  اما في الفصل الثالث فقد خص لدراسة الاوضاع الادارية في البصرة خلال حقبة موضوع البحث ، وفيه بينت ان للبصرة نظام اداري متكامل عند بداية تسلم العباسيين السلطة فتطرقت الى اهم المناطق الادارية في البصرة ، واهم التطورات التي حضيت بها خلال هذه الحقبة ، وبينت ايضاً التوسع الاداري للبصرة والذي شمل عدة مناطق كالبحرين وعمان والاحواز وكور دجلة ومهرجان نقدي وغيرها من المناطق في فترة الاستقرار السياسي ، كما تناول البحث اهم المؤسسات الادارية في البصرة وهم الولاية واعضاء مؤسسة القضاء ونظام الشرطة وديوان البريد والحجابة والنظر في المظالم ودور السك في البصرة ، فتطرقت عند الحديث عن كل مؤسسة عن تنظيماتها وواجباته واعمالها والطرق المتبعة فيها .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 7 ـ
  اما في الفصل الرابع فأشرت الى العلاقات القائمة في البصرة بين كل من اعضاء المؤسسة الادارية وبين الخلافة والعامة ، فأشار البحث الى ان الخلافة العباسية قد ساست امور البصرة بسياسة حكيمة حازمة حين عينت على مدينة البصرة ولاة من الاسر العباسية ، وآخرين من كبار انصار الدعوة العباسية ، وعدد من القادة الذين حملوا لواء ثورتهم ، وذلك استرضاءً لهم وتقديراً لخدمتهم ، والحد من تمركزهم وسط الدولة .
  كما تطرقت الى علاقة الولاة بالعامة ودورهم في خدمة الناس والمحافظة على امنهم وسلامتهم ، فذكرت ما للولاة من مواقف مع العامة تستحق كل ثناء وتقدير منهم ، كما بين البحث ايضاً دور القضاة في البصرة وجدارتهم في تحقيق العدالة والامان بين الناس ، متعونين مع السلطة المركزية لغرض تحقيق هذا الهدف ، فضلاً عن مواقف القضاة الكثيرة مع العامة التي اظهرت روح العدالة والتعاون القائم .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 8 ـ
بينهم وهي بلا شك تستحق من اي باحث الاشادة اليها .
   لقد تطلب بحثنا هذا الاستعانة بمجموعة من المصادر التاريخية تمثلت في مصادر التاريخ العام ولعل اهمها : ـ
1 ـ كتاب التاريخ : لخليفة بن خياط ( ت 240 هـ / 854 م ) ، واهم مايمتاز ابن الخياط تركيزه على الروايات المهمة تاركاً سواها ، فانفرد بذكر تفاصيل واسعة عن ولاة الاقاليم والعمال والقضاة وقادة الشرطة وغيرهم في نهاية كل خليفة ، مما له الاثر في معرفة الاحوال السياسية والادارية للبصرة ، في هذه الحقبة ، ونظراً لقدم المؤرخ ومعاصرته الاحداث التاريخية ، فلا يمكن للباحث الاستغناء عن كتابه .
2 ـ كتاب انساب الاشراف : للبلاذري ، ( ت 279 هـ / 892 م ) ، واهم جزء تم الاستفادة منه هو القسم الثالث من هذا الكتاب من تحقيق الدكتور عبد العزيز الدوري ، بيروت ، 1978 ، وقد انفرد هذا الجزء بالعباسيين ، فأغنى موضوع البحث بمعلومات قيمة عن ولاة البصرة العباسيين وغيرهم ، واهم الاحداث السياسية التي مرت في عهدهم ، فضلاً عن استخدامي الجزء الثاني من الكتاب من تحقيق الشيخ مجمد باقر المحمودي ، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 1974 . والذي افاد البحث بمعلومات قيمة عن الحركات السياسية التي ظهرت في البصرة .
3 ـ كتاب التاريخ : لليعقوبي ، ( ت 292 هـ / 905 م ) ، ووصف اليعقوبي بأنه كان رحالة ومؤرخاً وجغرافياً وقد استفدت من تاريخه بمعلوماته القيمة عن دور البصرة في الدعوة العباسية واثرها فيها ، كما امدنا بمعلومات مهمة عن الاحداث

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 9 ـ
السياسية في هذه المدينة من حركات وفتن وتناولها اليعقوبي بشكل عام فضلاً عن ما اورده من معلومات غنية افادت البصرة في مجال الادارة .
4 ـ تاريخ الرسل والملوك : للطبري ( ت 310 هـ /923 م ) ، يعد من المصادر المهمة في التاريخ الاسلامي ، وهو مرتب حسب نظام الحوليات ، فكان يورد اسماء الولاة والقضاة في البصرة بعد نهاية كل سنة ، وهو كتاب شامل قدم لنا مادة تأريخية مفصلة استفدنا منها فيما يخص مساندة البصرة للدعوة العباسية واسهام البصريين في قمع الحركات المناهضة للسلطة المركزية كما امدني بمعلومات قيمة عن الحركات التي تعرضت لها البصرة وادق تفاصيلها .
5 ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر : للمسعودي ( ت 346 هـ / 957 م ) ، وقد رتب المسعودي كتابه حسب الخلفاء فهو يذكر الخليفة ثم يذكر سيره واخباره ، فأفاد البحث بمعلومات قيمة في المجال السياسي والاداري للبصرة اثناء تطرقه في الحديث عن الخلفاء العباسيين .
6 ـ كتاب اخبار العباس وولده : لمؤلف مجهول .
يعد من اهم المصادر التي تناولت الفترة العباسية المبكرة ، وقد قدم لنا معلومات فريدة تضعه في منزلة خاصة بين مؤرخي الدعوة العباسية ، فأفاد البحث في توضيح موقف البصرة من الثورة العباسية ، واعطاء معلومات قيمة عن بعض ولاة البصرة العباسيين ، فضلاً عن معلومات واسعة عن حركة الزندقة في البصرة .
7 ـ العيون والحدائق في اخبار الحقائق : لمؤلف مجهول .
وهو كتاب رتب على نظام الحوليات ، ويتضمن معلومات مفيدة

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 10 ـ

افادت البحث ولا سيما الحركات فاورد لنا اخبار واسعة عن الحركات التي ظهرت في البصرة ، عن بعض المعلومات الادارية اثناء حديثه في جوانب السياسة .

ومن المصادر المحلية

1 ـ تاريخ الموصل : البلاذري ( ت 334 هـ / 945 م ) .
وهو كتاب رتب حسب الحوليات ابتداء من سنة ( 101 ـ 224 هـ ) ويعد هذا الكتاب من المصادر المهمة ، وفيه اخبار كثيرة عن الموصل ، لكنه لم يقتصر عليها بل تناول ايضاً عدة مناطق من ضمنها البصرة فاستفدت منه في اظهار موقف البصرة من حركة ابراهيم بن عبد الله فضلاً عن معلوماته الغنية عن اسهامات البصريين في التصدي للحركات المعارضة للسلطة المركزية وغيرها من المعلومات القيمة .
2 ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ( ت 463 هـ / 1070 م ) يعد من المصادر المهمة فقد اورد تراجم غنية للشخصيات التاريخية فافاد البحث بمعلومات قيمة عن تراجم الولاة والقضاة في البصرة .

ومن كتب الانساب والتراجم

1 ـ كتاب الطبقات الكبرى ، لأبن سعد ( ت 230 هـ / 884 م ) من كتب التراجم الهامة ، خصص الجزء السابع منه لأهم الشخصيات البصرية ، فأفادنا بموضوع البحث بتراجم بعض الفقهاء والاشراف والقضاة من اهالي البصرة فأغنى البحث بمعلومات قيمة عنهم .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 11 ـ

2 ـ اخبار القضاة : لوكيع ( 306 هـ / 918 م ) ، من الكتب القيمة التي امدتنا بمعلومات جداً واسعة عن القضاة واحوالهم الاجتماعية والاقتصادية ، فضلاً عن انسابهم وطرق تعيينهم والذي افادني من اجزاءه الثلاث هو الجزء الثاني الذي خصص لقضاة البصرة ، فأغنى البحث بمعلومات قيمة عن مؤسسة القضاة في هذه المدينة .
3 ـ جمهرة انساب العرب : لأبن حزم الاندلسي ، ( ت 456 هـ / 1063 م ) ، وهو من المصادر المهمة التي افاد البحث بمعلوماته القيمة عن انساب الاسر العباسية في البصرة ، فضلاً عن انساب الشخصيات الاخرى ممن تولت القضاء والشرطة وغيرها .
4 ـ كتاب وفيات الاعيان : وانباء ابناء الزمان : لأبن خلكان ، ( ت 681 هـ / 1282 م ) ، وهو كتاب تراجم مهم يحتوي على معلومات قيمة عن كل والي وقاضي عاش بالبصرة ، فضلاً عن ترجمة للعديد من الشخصيات الادبية والفقهية والسياسية وقد رتب حسب الحروف الهجائية .
  كما افاد البحث العديد من المصادر الادبية وهي كثيرة ومتنوعة ، وعلى الرغم من ان مادتها ادبية الا انها تحتوي معلومات قيمة لدراسة التاريخ خلال هذه الحقبة .
1 ـ مؤلفات الجاحظ : ( ت 255 هـ / 868 م ) ، ومنها البيان والتبيين ، الحيوان ، رسائل الجاحظ ، وقد افاد البحث بمعلومات قيمة عن الحركات السياسية والنظام الاداري في البصرة .
2 ـ مؤلفات ابن قتيبة الدينوري : ( ت 276 هـ / 889 م ) ، فعلى الرغم من كونه اديباً اكثر منه مؤرخاً ، فأن مؤلفات مثل

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 12 ـ

المعارف ، عيون الاخبار ، لا تخلوا من الاخبار السياسية في ثناياها خصوصاً عند ذكر الخلفاء والولاة وغيرهم .
3 ـ كتاب الكامل : في اللغة والادب ، للمبرد ( ت 285 هـ / 898 م ) ، وفيه معلومات قيمة عن الشخصيات التي عاشت في البصرة من معتزلة وفقهاء وشعراء وولاة وقضاة ، اسهم الدرس في ذكرهم اثناء حديثه عن الشخصيات الادبية .
4 ـ اشعار اولاد الخلفاء : للمولى ، ( ت 335 هـ / 946 م ) وهو من الكتب الادبية القية والذي افاد البحث بمعلوماته الكثيرة عن الولاة في البصرة ، والشعراء الذين اتهموا بالزندقة والاحداث السياسية والادارية التي عاصرت هؤلاء .
5 ـ كتاب العقد الفريد : لأبن عبد ربه ، ( ت 328 هـ / 966 م ) امدنا هذا الكتاب بمعلومات قيمة عن ولاة البصرة واعمالهم في البصرة .
6 ـ الاغاني : لأبي الفرج الاصفهاني ، ( ت 356 هـ / 966 م ) وهو من الكتب الادبية المهمة ، التي ذكرت لنا معلومات سياسية وادارية عن تاريخ البصرة من خلال سردها لأدب الشعراء الذين كانوا على التصاق مع القضاة والولاة في البصرة ، فضلاً عن انه امد البحث بمعلومات قيمة عن طبيعة الحركات التي ظهرت في البصرة كحركة الزندقة وحركة ابراهيم بن عبد الله وغيرها .

اما كتب البلدانيات

   وهي من المصادر القيمة التي امدتنا بمعلومات كثيرة عن مواقع المدن والاهمية التي اكتسبتها كل مدينة خلال هذه الحقبة ، بالاضافة الى انها امدتنا بمعلومات تاريخية قيمة اثناء تطرق هذه المصادر للناحية الجغرافية .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 13 ـ

ومن هذه الكتب الأعلاق النفسية : لأبن رسته ( ت 290 هـ / 902 م ) ومسالك الممالك : لأبن خردادية ( 300 هـ / 912 م ) ، وكتاب احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم : للمقدسي ( ت 375 هـ / 975 م ) الا ان اهم مصدر جغرافي امدنا بمعلومات قيمة اغنت البحث هو كتاب معجم البلدان : لياقوت الحموي ( ت 626 هـ / 1228 م ) ، يعد هذا الكتاب من اهم الكتب الجغرافية اهمية لما يحمله في طياته من معلومات جغرافية غزيرة عن مواطن المدن والاقاليم وحدودها ، فأفاد البحث باعطائه معلومات كافية عن مناطق البصرة ومواقعها واسواقها فضلاً عن معلوماته التاريخية عن البصرة والتي يذكرها عند تحديد كل منطقة جغرافية .
  ولابد من الاشارة الى انني قد استفدت من بعض المراجع الحديثة التي اغنت الرسالة في بعض جوانبها منها : ـ
( خطط البصرة ) لصالح احمد العلي ، فعلى الرغم من قيمة الكتاب العلمية وجهود مؤلفه الواضحة ، فأنه يختلف عن موضوع بحثنا اسلوباً ومنهجاً ، فالكتاب يتحدث عن خطط البصرة ومنطقتها في العهود الاسلامية الاولى ، لذا ركز المؤلف اهتمامه على منطقة البصرة ، ونواحيها الزراعية ومعالم هذه المدينة وتأسيسها وخططها واهم عشائرها ، ثم يقسم هذه المعالم الى قسمين شمالية وجنوبية ، وبعد ذلك تناول اهم الانهار في البصرة ، وعلى الرغم من ذلك فان هذا الكتاب افاد البحث في بيان اهم التطورات الادارية للبصرة خلال هذه الحقبة .
   والكتاب الآخر هو ( موسوعة البصرة الحضارية ) وهو المؤلف الاكثر شمولاً بدراسة البصرة في النواحي السياسية ، وقد تناولت هذه الموسوعة البصرة في مراحل العصور كافة والى عام 1988 م ، وبالنسبة لما يخص موضوع الرسالة فقد كتب الدكتور صلاح البدري بحثاً عن البصرة في العصر العباسي الاول ، تطرق فيه البصرة بشكل سريع ومبسط ، وربما جاء ذلك بسبب تحديد الموضوع في

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 14 ـ

تلك الموسوعة مما ادى به الى المرور بتلك الاحداث بشكل مبسط ورغم ذلك فأنه افاد البحث بأعطاءه لمحة عن الاوضاع في البصرة خلال هذه الحقبة .
  ومن الكتب الحديثة ايضاً التي افادت البحث كتاب ( سياسة المنصور ابي جعفر الداخلية والخارجية ) ، د . حسن فاضل زعين العاني والذي اشار فيه الى اهم حركتين ظهرتا في البصرة وهما حركة ابراهيم بن عبد الله عام ( 145 هـ / 762 م ) ، وحركة عبد الله بن علي عام ( 137 هـ / 754 م ) ، ورغم ان المؤلف قد اجاد في تناول تلك الحركتين ، الا ان متطلبات البحث استوجبت اظهارها مرة اخرى ، ومحاولة الكشف عن الجديد منها .
   هذا بالنسبة الى اهم المراجع الحديثة التي افدت البحث اما بالنسبة لبقية المؤلفات الحديثة فقد استفدت منها ببعض جوانب البحث وهي ( تاريخ الشعوب الاسلامية ) البروكلمان و ( فجر الاسلام ) لأحمد امين ، وكتاب ( عبد الله بن المقفع ) للخراساني و ( صالح عبد القدوس ) للخطيب ، وكتاب ( الشعوبية ) للسامرائي ، ( الخليج العربي ) و ( العباسيون الاوائل ) لفاروق عمر فوزي ، وكتاب ( تحفة الاعيان ) للسالمي ، و ( البحرين درة الخليج ) لمحمود بهجت سنان .
   فضلاً عن استخدامي المراجع التي افادت البحث فيما يتعلق في النظام الاداري وهي ( النظم الاسلامية ) لعبد العزيز الدوري و ( النظم الاسلامية ) لصبحي الصالح و ( الادارة الاسلامية في عز العرب ) لمحمد كرد علي و ( العقلية العربية ) لجهادية القرغولي ، وايضاً استخدامي لبعض الدوريات والبحوث والرسائل الجامعية التي اوردتها في قائمة المصادر والمراجع .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 15 ـ


البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 16 ـ

اولاً : موقف البصرة من الثورة العباسية

  كانت البصرة بعيدة عن سير التنظيم العباسي السري ، وذلك بسبب استبعاد رئيس التنظيم العباسي محمد بن علي البصرة عن محور التنظيم ، فقد اعتقد ان البصرة غير مهيئة لبث الدعوة العباسية فيها حين اراد توجيه دعاته الى الامصار(1) .
  لكن يظهر ان النجاح الذي حققه العباسيون في المشرق(*) شجع محمد بن علي على نشر هذه الدعوة في البصرة عندما وجه ( ابنه ابا جعفر الى البصرة ليزور من بها ويدعوا الى الرضا من آل محمد )(2) ، وهي دعوة واضحة لأهالي البصرة للأنظمام اليهم ، لذا قدم المنصور الى البصرة في الخلفاء ايام بني امية ، وعمل على اقامة علاقات وطيدة مع علماء البصرة وفقهائها(3) ، مثل ابي عمرو بن العلاء(**) ، والخليل بن احمد الفراهيدي(***) ، فضلاً عن

**************************************************************
(1) مجهول ، اخبار الدولة العباسية ، ( تح د . عبد العزيز الدوري ود . عبد الجبار المطلبي ، دار الطليعة للطباعة والنشر ، دار صادر ، بيروت ، 1971 ) ، ص 209 . ياقوت شهاب الدين ابي عبد الله الحموي ، معجم البلدان ، دار صادر ، بيروت ، 1955 ، ج2 ص 307 .
(*) مزيد من الاطلاع عن مسيرة الدعوة العباسية ينظر ، الطبري ، ابي جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الرسل والملوك ، تح محمد ابو الفضل ابراهيم ، دار المعارف ، ط8 ، القاهرة ، 1968 ، ج7 ص 109 . مجهول ، اخبار الدولة العباسية ص 161 فما بعد .
(2) البلاذري ، احمد بن يحيى ، انساب الاشراف ، ( تح د . عبد العزيز الدوري ، المطبعة الكاثولوكية ، بيروت ، 1978 ) ، ق3 ص 183 .
(3) الماوردي ، ابي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي ، نصيحة الملوك ، ( تح محمد جاسم الحديثي ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1986 ) ، ص 136 . ابن حجة الحموي ، تقي الدين ابو بكر بن علي بن محمد ، ثمرات الاوراق مذيل مع كتاب المستطرق في كل فن مستظرف ، لشهاب الدين الابشيهي ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، 1986 ، ص 126 . جومرد ، عبد الجبار ، داهية العرب ابو جعفر المنصور ، منشورات طار الطليعة ، ط1 ، بيروت ، 1963 ، ص 64 ـ 65 .
(**) ابو عمر بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن حصين التميمي المازني البصري ، احد القراء السبعة ، من اشهر المفسرين للقرآن الكريم ، واكثرهم معرفة بالادب والشعر ، اختلف المؤرخين في سنة وفاته فقيل في سنة 154 هـ و 156 و 159 هـ في الكوفة ، انظر : ـ ابن خلكان ، ابي العباس شمس الدين احمد بن محمد بن ابي بكر ، وفيات الاعيان ، ( تح د . احسان عباس ، دار العلم بيروت ، لبنان ، 1972 ) ، ج3 ص 466 ، 169 .
(***) ابو عبد الرحمن الخليل بن احمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي ، كان اماماً في علم النحو ، وهو الذي استنبط علم العروض ، وله مؤلفات عدة منها كتاب ( العين ) في اللغة وكتاب ( العروض ) ، وكتاب ( الشواهد ) ، وكتاب ( النفط والشكل ) ، ولد في سنة 100 هـ ، وتوفي في سنة 145 هـ . انظر : ابن خلكان بالمصدر السابق ، ج2 ص 244 ـ 245 ـ 248 .


البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 17 ـ

تردده المستمر على حلقة ازهر السمان(*) ، ومجالسته علماء المعتزلة(**) كواصل بن عطاء(***) ، وعمرو بن عبيد(****) ـ الذي كان المنصور يبالغ في اكرامــه(1) ، وقد اقام علاقات طيبة اتضحت بعدما تولى المنصور الخلافة بصورة اظهرت احترامه وتقديره لهم(*****) .

**************************************************************
(*) ازهر بن سعد السمان ، ويكنى ابا بكر ، مولى الباهلة ، وكان ثقة ، توفي وهو ابن اربعة وتسعين سنة ، انظر : ابن سعد ، محمد منيع البصري ، الطبقات الكبرى ، دار بيروت للطباعة والنشر ، بيروت ، 1978 ، ج 7 ص 294 .
(**) وهم جماعة واصل بن عطاء سموا بالمعتزلة لأعتزالهم حلقة الحسن البصري في جامع البصرة ، وتجمعهم في احدى زواياه ، وكان سبب اعتزالهم وهو اختلافهم في الحكم على مرتكبي الكبائر هل هو مؤمن ام كافر مطلق ، ورأى واصل بن عطاء انه ذو ( المنزلة بين المنزلتين ) ، وقد اعتزل مع رفاقه القوم ، فقال عنه الحسن البصري اعتزل عنا واصل ، فسمي هو واصحابه بالمعتزلة ، انظر : البغدادي ، ابي منصور عبد القادر بن طاهر ، الفرق بين الفرق ، ( تح محمد زاهد بن الحسن الكوثري ، القاهرة د . ت ، 1948 ) ، ص18 . الشهرستاني ، ابي الفتح محمد بن عبد الكريم ، الملل والنحل ، ( تح ، محمد سيد كيلاني ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، ط2 ، بيروت ، لبنان ، 1975 ) ، ج1 ص48 .
(***) واصل بن عطاء ، الغزال ابو خديجة ، من موالي بني صنبة او بني مخزوم ، رأس المعتزلة ، سمي بالغزال لكثرة جلوسه في سوق الغزاليين ، لمعرفة النساء المتعففات وتكون صدقته اليهن ، ولد بالمدينة سنة ثمانين ، ونشأ بالبصرة ، توفي في عام ( 131 هـ / 748 م ) ، له العديد من المؤلفات منها ( اصناف المرجئة ) و ( التوبة ) و ( المنزلة بين المنزلتين ) و ( ومعاني القرآن ) و ( خطب في التوحيد والعدل ) و ( الدعوة ) وغيرها ، انظر ابن المرتضى ، احمد بن يحيى ، طبقات المعتزلة ، تح سوسنة ريفلد ـ فلذر ، المطبعة الكاثوليكية ، ( د . ت ) ، بيروت ، لبنان ، 1961 ، ص28 . ابن خلكان المصدر السابق ، ج6 ، ص6_11 . المقريزي ، تقي الدين ابي العباس احمد بن علي ، الخطط ، مكتبة المثنى ، ( د . ت ) ، بغداد ، 1970 ، ج2 ص345 .
(****) عمرو بن عبيد ، من باب تميم بالولاء ، ابو عثمان البصري شيخ المعتزلة في عصره ، ومفتيها ، احد الزهاد المشهورين ، اشتهر بعلمه وزهده ، وله اخبار مع المنصور ، وفيه قال المنصور ( كلهم طالب صيد ، غير عمرو بن عبيد ، له رسائل وخطب وكتب ( التفسير ) و ( الرد على القدرية ) ، توفي بمران قرب مكة في عام ( 144 هـ / 761 م ) ، انظر : البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص231 ـ 232 . الهمداني ، القاضي عبد الجبار بن احمد ، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ، ( تح فؤاد السيد ، الدار التونسية للنشر ، تونس ، 1974 ، ص 242 ـ 250 ابن المرتضى ، المصدر السابق ، ص 35 ـ 40 . الزركلي ، خير الدين ، الاعلام ، ط3 ، بيروت ، 1970 ، ص 252 .
(1) ابن المرتضى ، المصدر السابق ، ص 40 .
(*****) في عام ( 144 هـ / 762 م ) عندما ذهب المنصور لأداء مناسك الحج اخبر ( ان عمرو بن عبيد حاج فدعاه واستدناه واكرمه وسأله عن يعضة فوعضه ) ، انظر : البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص231 ، كما سعى ازهر السمان عدة مرات للقاء الخليفة المنصور طالباً حاجته منه ، فأكرمه الخليفة وبذل له العطاء لما له من منزلة في نفسه ، انظر : ابن حجة الحموي ، المصدر السابق ، ج1 ص126 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 18 ـ

لكن يمكن ان يثار هنا سؤال وهو هل تمكن المنصور من تحقيق اهدافه في استمالة البصريين الى جانب الدعوة الجديدة ؟
   من الواضح ان المنصور حاول اثناء مقامه في البصرة ان يركز اهتمامة في التقرب من المعتزلة وهم فئة فعالة(*) في البصرة اتخذت جانباً دينياً وسياساً معارضاً للخلافة الاموية(1) .
   ان هذه السياسة التي انتهجها المعتزلة في موقفهم من الامويين شجع على ما يبدو العباسيين في محاولة استقطاب هذه الفئة والتقرب منها ، لما لها من مكانة كبيرة عند ابناء البصرة .
   لذلك كان المنصور على علاقة وطيدة معهم لا سيما عمرو بن عبيد الذي صحبه ( قبل توليه حال الخلافة . . . وله معه آثار معروفة واخبار مشهورة )(2) .
   فهل استطاع المنصور كسب تأييدهم لدعوته ، وهم اهم فئة لها التأثير الواسع على ابناء البصرة ؟
   في واقع الامر موقف المنصور لم يتعد دور التلميذ الذي استمر بملازمة المعتزلة واخذ العلم منهم(3) ، وبآرائهم التي

**************************************************************
(*) حركة الاعتزال لم تتبلور في فرقة معروفة الا في آونة متأخرة من العصر العباسي ، وانما قصدنا هنا تأثير فقهاء المعتزلة من اصحاب الحديث على اهالي البصرة اثناء مقدم المنصور اليهم .
(1) لمزيد من الاطلاع عن اتهامات المعتزلة للامويين ، انظر : الخياط ابو الحسين بن عبد الرحيم بن محمد بن عثمان ، الانتصار والرد على ابن الداوندي الملحد ، ( تح د . نيبرك ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت ، 1957 ) ص 74 . الهمداني ، المغنى في ابواب التوحيد والعدل ، ( تح د . عبد الحليم مجمود ، و د . سليمان دينا ، الدار المصرية للتأليف والنشر ، القاهرة ، د . ت ، ج20 ق2 ص146 . ابن ابي حديد ، شرح نهج البلاغة ، ( تح محمد ابو الفضل ابراهيم ، دار احياء الكتب العربية ، ط2 ، القاهرة ، 1965 ، ص278 .
(2) الماوردي ، نصيحة الملوك ، ص 136 .
(3) المصدر نفسه ، والصفحة .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 19 ـ

اثرت فيه باديء الامر ، حتى ان اباه قد لاحظ ذلك فأنبه بعد قدومه من البصرة عندما رآه يقايس الاشياء قائلاً ( هذا من كلام مولى بني تميم يعني عمرو بن عبيد(1) ، ولم تشر المصادر الى ان المنصور استطاع جمع الاتباع العباسيين في البصرة ، وهذا على مايبدو مرده لعدة اسباب منها :
  ان لفلسفة المعتزلة وآرائها رؤية خاصة لا تتفق مع رؤية العباسيين فهم ( لم يكونوا يرون ان للعباسيين حقاً يورث في الخلافة والامامة ، لأنهم ضد الميراث والتوارث في هذا المنصب ) (2) ، كما ان المعتزلة كانوا يسعون لتنصيب احد افراد جماعتهم للخلافة ، وهو ما يتنافى مع مصلحة العباسيين وقضيتهم(3) .
   لذا كان على المنصور ان يفكر جلياً قبل الاقدام على اتخاذ اية خطوة قد تكون جريئة نوعاً ما وتهدد الدعوة كلياً فيما اذا افتضح امرها لدى الامويين خصوصاً وان البصرة كانت مركز الرواد المعتزلة التقليدي ، وعليه فقد سدت ابواب البصرة امام دعوته حينما حاول نشرها فيها ، ولعل هذا السبب هو الذي ادى الى قوة علاقته مع عمرو بن عبيد دون غيره من زعماء المعتزلة لما امتاز به هذا الاخير من موقف محايد تجاه القوى السياسية(4) .
   ان الاستنتاج الاخير يعكس ما ذهب به احد المستشرقين بأن المعتزلة في البصرة ابدوا العباسيين ودعوتهم بقوله ( انه في الفترة الاخيرة للدولة الاموية كان واصل واتباعه من المعتزلة يسعون بجدية لخدمة القضية العباسية ، وان مذهب

**************************************************************
(1) البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص183 .
(2) محمد عمارة ، المعتزلة والثورة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط1 ، بيروت ، 1977 ، ص83 .
(3) المرجع نفسه ص84 .
(4) فوزي ، فاروق عمر ، موقف المعتزلة السياسي من العباسيين ، مقال في مجلة الاقلام ، ج3 ، س5 ، 1968 ، ص63 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 20 ـ

المعتزلة الاوائل كان المذهب الكلامي الرسمي للحركة العباسية(1) ) .
  وقد بنى هذا المستشرق فرضيته على قصيدة صفوان الانصاري شاعر المعتزلة في مدح واصل بن عطاء ورفاقه .
له خلف شعب الصين في كل iiثغرة      الى سوسها الاقصى وخلف iiالبرابر
رجـال  دعـاة لايـفل iiعـزيمهم      تـهـكم جـبـار ولاكـيد iiمـاكر
اذ قـال : مروا في الشتاء iiتطوعوا      وان كان صيف لم يخف شهرنا جز
بـهجرة  اوطـان وبـذل iiوكـلفة      وشــدة اخـطار وكـد الـمسافر
فـانجح  في مسعاهم واثقب iiزندهم      واروى بـفـلج لـلمخاصم قـاهر
واوتـاد ارض الله فـي كـل iiبلدة      وموضوع  فتياها وعلم iiالتشاجر(2)
   فأعتبر نيبرك المعتزلة هم الواجهة العقائدية للعباسيين لاسيما وان القصيدة تزامنت في ظهورها مع الدعوة العباسية(3) .
   لكن الواقع التاريخي يبين ان مذهب المعتزلة كان المذهب الكلامي الرسمي للعباسيين في ايام المأمون والمعتصم والواثق ولم يكن ايام الخليفتين ابي العباس واي جعفر .
   ويظهر ان نيبرك قد اختلط عليه الامر في تفسير الواجهة الحقيقية للقصيدة في نسبها لخدمة العباسيين ، فهي في الواقع تفسر نشأة التنظيم السياسي للمعتزلة ، ونشاطهم في خدمة دعوتهم والدفاع عنها(4) ،

**************************************************************
(1) H.S.NYBERG' AL-MUTAZILA.IN THE ENCYCLOPAEDIA OF ISLAM LONDON :BRIL - LEYDEN.(1960).VOL 111.P .789 .

(2) عن هذه القصيدة انظر : الجاحظ ، ابو عثمان عمر بن بحر ، البيان والتبيين ، ( تح عبد السلام محمد هارون ، مكتبة الخانجي ط2 ، مصر ، 1960 ، ج1 ص25 .
(3) فوزي ، موقف المعتزلة السياسي من العباسيين ، ص60 .
(4) عبد الكريم بلبع ، ادب المعتزلة الى نهاية القرن الرابع الهجري ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ، ط2 ، القاهرة ، 1969 ، ص182 . محمد عمارة ، المعتزلة ومشكلة الحرية الانسانية ، المؤسسة العربيه للدراسات والنشر ، ط1 ، بيروت ، 1972 ، ص166 _ 167 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 21 ـ

   ويبدأ دور البصرة في خدمة الدعوة العباسية بعد دخول القوات العباسية العراق ، فبعد ان تمكن القائد العباسي قحطبة ابن شبيب الطائي(*) من السيطرة على المشرق توجه الى العراق ، وكاتب كلاً من سفيان بن معاوية المهلبي ، وروج بن حاتم المهلبي(**) بالبصرة لأظهار الدعوة العباسية فيها ، ودعاهم لأخراج

**************************************************************
(*) قحطبة بن شبيب الطائي ، قائد شجاع من ذوي الرأي والشأن احد النقباء الاثنى عشر الذين اختارهم محمد بن علي ممن استجاب له في خراسان ، انظر : البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص135 . الطبري ، المصدر السابق ، ج7 ص391 فما بعد .
(**) روحس حاتم بن قبيصة بن مهلب بن ابي صفرة الازدي ، من الكرماء الاجواد ولي لخمسة من الخلفاء العباسيين الاوائل تولى ولاية السند عام ( 159 هـ / 775 م ) وولاية البصرة ( 165 هـ / 781 م ) ثم ولاية افريقيا بعد وفاة اخوه والي افريقيا يزيد بن حاتم في مدينة القيروان في سنة ( 170 هـ / 786 م ) ، وبقى في ولاية افريقيا الى ان توفي عام ( 174 هـ / 770 م ) ، ودفن في قبر اخيه ، فعجب الناس من ذلك ، انظر : ابن الآبار ، ابي عبد الله بن ابي بكر القضاعي ، الحلة السيراء ، ( تح د . حسين مؤنس ، مطابع لجنة التأليف والنشر ، ط1 ، القاهرة ، 1963 ) ج2 ص358 . ابن خلكان ، المصدر السابق ، ج2 ص 305 ـ 306 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 22 ـ

سلم بن قتيبة عامل البصرة من قبل الوالي الاموي على العراق يزيد بن هبيرة(*)(1) .
  ويذهب البلاذري(2) الى ان سفيان هو الذي كتب الى ابي سلمة الخلال لتوليته البصرة ، الا ان ذلك لا يتحقق مع اوضاع البصرة في هذه الحقبة ، لا سيما وان سيطرة الامويين كانت ما تزال قوية في البصرة ، وان يزيد بن هبيرة والي العراق ما يزال في واسط ولم يهزم بعد ، كما ان آل المهلب وهم اتباع سفيان بن معاوية قد تعرضوا لعقوبة شديدة من قبل الامويين قبل مجيء العباسيين ، وذلك لوقوفهم ضد الامويين ، الامر الذي ادى الى هروبهم من البصرة ، ومن ثم عودتهم اليها بعد طلب السماح من والي البصرة سلم بن قتيبة (3) ، لذلك وجب عليهم اخذ الحذر عن التحرك نتيجة لما تعرضوا له من مطاردات واعمال قتل ، فلم يكن في صالحهم التحرك ضد الخلافة الاموية .
   اخذ سفيان بن معاوية المهلبي بالعمل على اظهار الدعوة العباسية في البصرة عام ( 132 هـ / 749 م ) ، ويبدو ان الدعوة قد لاقت استجابة كبيرة بين صفوف البصريين ، فقد ذكر صاحب كتاب اخبار العباس (4) بأن سلم بن قتيبة حاول ان يرشي كلاً من سفيان بن معوية ، وروح بن حاتم على ان لا يستمرا بدعوتهم ، بقوله ( فبذل لهما مالاً كثيراً الا يخالفا ، فأبيا فخرج اليهما سلم ) ، وطلب سفيان بن معاوية منه تسليم دار الامارة اليه بوصفه ممثل

**************************************************************
(*) هو ابو خالد يزيد بن ابي عمر بن هبيرة بن معية بن سكين بن خديج بن مالك بن سعد بن عدي بن فزاره ، وكان والياً على قنسرين زمن الخليفة الاموي يزيد بن عبد الملك وكان مع مروان بن محمد يوم غلب على دمشق ، وجمع له ولية العراق ، فكان آخر الولاة من جمع له العراقيين ، انظر : ابن خلكان ، المصدر السابق ج6 ص313 . المرضعي ، سيد بن علي ، كتاب رغبة الامل في كتاب الكامل مطبعة النهضة ، ط1 ، القاهرة ، 1928 ، ج3 ص 73 .
(1) اليعقوبي ،احمد بن يعقوب بن واضح الكاتب ، التاريخ ، ( تح محمد صادق بحر العلوم ، منشورات المكتبة الحيدرية ، النجف 1964 ) ، ج3 ص85 . الطبري ، المصدر السابق ، ج7 ص 419 . الازدي ، ابي زكريا يزيد بن محمد بن اياس بن القاسم ، تاريخ الموصل ، ( تح د . علي حبيبة ، لجنة احياء التراث الاسلامي ، القاهرة ، 1967 ) ، ص117 .
(2) انساب الاشراف ، ق3 ص174 .
(3) المصدر نفسه ، ق3 ص 172 .
(4) مجهول ، ص 356 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 23 ـ

العباسيين في البصرة ، الا ان سلم بن قتيبة رفض الانصياع له ، طالباً منه التريث لحين وصول الانباء عن موقف يزيد بن هبيرة اذ انه لم يهزم بعد وما يزال متحصناً في واسط(1) .
الا ان الوضع ازداد تأزماً بينهما لولا تدخل كبار القوم في البصرة لحل النزاع ، اذ طالبوهم بالتريث لحين انتهاء المعركة بين الحسن بن قحطبة ، ويزيد بن هبيرة في واسط ، وهؤلاء القوم هم سلمة بن علقمة المازني(*) ، وعباد بن منصور(**) قاضي البصرة ، وعامر بن عبيدة الباهلي ، وعثمان البتي(***) ، واسماعيل المكي ، ومعاوية بن عمر الغلابي ، وقد وافق الطرفان على التريث بشرط ان يقيم سلم بن قتيبة في دار الامارة ، وسفيان بن معاوية في قبيلة الازد ، ولكن ما ان علم ابو سلمة الخلال بهذه المهادنة حتى ارسل بلج بن المثنى العبدي ، ليحل محل سفيان بن معاوية اذا امتنع عن قتال سلم ، لذلك حشد سفيان الجموع للقتال(2) .
  ولم يذكر الطبري(3) عملية المهادنة التي تمت بين سلم بن قتيبة وبين سفيان ، لكنه اعطى تفصيلاً دقيقاً عن القبائل التي انحازت بين الطرفين ، فيذكر ان اليمانية وحلفاءهم من ربيعة انضمت الى سفيان بن معاوية ، وكذلك انضم اليه الفا رجل من كلب كان يزيد بن هبيرة ارسلهم لمساندة سلم في البصرة ، اما القبائل التي انضمت الى سلم بالبصرة فهي قيس ، واحياء مضر ،

**************************************************************
(1) البلاذري ، المصدر السابق ، ق3 ص174 . الطبري ، المصدر السابق ، ج7 ص419 .
(*) سلمة بن علقمة من ولد عامر بن عبيد بن الحارث بن عمر بن كعب بن زيد بن مناة ، ويكنى ابا بشر ، كان امام مسجد في البصرة ، توفي قبل سنة ( 140 هـ / 757 م ) . ابن سعد ، المصدر السابق ، ج7 ص285 . خليفة بن خياط ، الطبقات ( تح سهيل زكار ، مطابع وزارة الثقافة ، دمشق ، 1966 ، ق1 ص527 .
(**) عباد بن منصور ، من بني سامة بن لؤي ، مات سنة اثنين وخمسين ومائة ، خليفة بن خياط ، الطبقات ، ق1 ص532 .
(***) عثمان البتي ، هو ابن سليمان بن جرموز مولى ثقيف ، يكنى ابا عون ، توفي سنة ( 151 هـ / 768 م ) . خليفة بن خياط ، الطبقات ق1 ص225 ـ 226 .
(2) خليفة بن خياط ، تاريخ ، ( تح اكرم ضياء العمري ، مطبعة النجف ، ط1 ، 1967 ) ، ج2 ص 426 ـ 427 . البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص174 ـ 175 .
(3) المصدر السابق ، ج7 ص419 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 24 ـ

ومن كان معه في البصرة من بني امية .
  بعد ان حشد كل من الطرفين قواته ، توجه سلم الى المربد واعلن عن مكافئة مقدارها خمسمائة درهم لمن يقتل احد اتباع سفيان بن معاوية ، والف درهم لمن جاء بأسير منهم ،فتمكن احد رجال بني ضبة من قتل معاوية بن سفيان ، واخذ رأسه الى سلم وانتهت المعركة بعد هزيمة سفيان وقواته(1) .
  بقى سلم بن قتيبة على ادارة البصرة ، الى ان وصلت انباء هزيمة يزيد بن هبيرة ، وانتصار الثورة العباسية ، فرحل سلم عن البصرة ، وعين من قبله عليها محمد بن جعفر الهاشمي ، الا ان الخليفة ابا العباس ارسل اسد بن عبد الله الخزاعي على البصرة فصلى بالناس ، ثم عــين بعده سفيان بن معاوية على البصرة(2) .
  ان اشارت الطبري للقبائل التي شاركت في النزاع بين الوالي الاموي على البصرة ، وسفيان بن معاوية الذي رفع السواد في البصرة للعباسيين لهو دليل على ان سكان البصرة لم يقفوا جميعاً ضد الدعوة العباسية ، ويرى ذلك شارل بلات(3) بقوله ( ان البصرة ذات السلوك السياسي الاكثر تلوناً تناهض ، وذلك بتحريض من بني تميم ـ كل سلطة ، ولم يقوموا سيطرة الامويين فحسب بل كل سيطرة ) ، وهذا يعني ان البصرة لم تؤيد الامويين وغيرها من الحركات .
  في حين يرى احد الباحثين ( ان البصرة قاومت العباسيين منذ بداية حكمهم ، ولم تنتهي الاضطرابات فيها فلقد كانت في سلوكها السياسي متلونة ، وكانت تقاوم كل سلطة مهما كانت وذلك بتحريض من بني تميم الذين كانوا يكونون غالبية الطبقة الفكرية والسياسية ، وهم الذين وضعوا النهج السياسي

**************************************************************
(1) البلاذري ، انساب الاشراف ق 3 ص 175 ـ 176 . الطبري ، المصدر نفسه ج7 ص 419 ـ 420 .
(2) خليفة بن خياط ، تاريخ ، ج 2 ص 430 .
(3) بلات شارل ، الجاحض في البصرة وبغداد وسامراء ، ترجمة د . ابراهيم الكيلاني ، دار اليقضة العربية ، دمشق ، سورية ، 1961 ، ص 84 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 25 ـ

المتقلب للمدينة(1) .
  لكن قبائل تميم على الرغم من كونها اكبر القبائل واكثرها انتشاراً ، الا انها لاتمثل وجهة نظر اهالي البصرة جميعاً فمن المعلوم ان سكان البصرة تتكون من خمسة اخماس من القبائل القوية هي اهل العالية ، تميم ، بكر ، بن وائل ، وعيد القيس ، والازد(2) .
  واذا كانت قبيلة تميم قد عارضت الثورة العباسية ووقعت ضدها ، فأن قبيلة الازد ، وحلفائها من ربيعة ، وهي قبيلة بكر بن وائل المعارضة لقبيلة تميم قد وقفت الى جانب العباسيين ، مما ادى الى تعرض قبيلة الازد لعقوبة شديدة من جانب الامويين ، لكونها ساندت الدعوة العباسية ، فبعد ان استطاع سلم بن قتيبة من هزيمة سفيان ، جاء الى البصرة جابر بن توبة الكلابي ، والوليد بن عتبة الفراسي ، مع اربعة الآف مقاتل ارسلهم ابن هبيرة لمساندة سلم في البصرة ، فقام هؤلاء بعد وصولهم بالأغارة على دور آل المهلب وسائر الازد ، فقاتلهم من بقى من رجال الازد ، لكنهم هزموا فقام جابر بن توبة ، ومن معه من رجال بهدم دورهم ونهبها(3) .
  لم تستقر الاوضاع السياسية والادارية في البصرة على الرغم من استقرار الامر لصالح العباسيين فيها ، فقد عزل سفيان بن معاوية عام ( 133 هـ / 751 م ) وهو اول والي للعباسيين عليها ، واستبدل بعمر بن حفص الكلابي ، الذي عزل في نفس العام ، ثم ولى سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس في السنه نفسها (4) .
  وعلى الرغم من كون سليمان بن علي من صميم الاسرة العباسية ، وهو عم الخليفة العباسي الاول ، الا انه لم يتعرض للأمويين في البصرة ، فقد اتبع سياسة مرنة استطاع بها احتواء كافة الاطراف في البصرة ، فعندما طلب الخليفة ابو العباس منه تسليم اموال بني زياد بن ابيه بالبصرة ، كتب

**************************************************************
(1) فوزي ، العباسيون الاوائل ، ط1 بغداد 1977 ، ج1 ص67 .
(2) انظر : ملحق عشائر البصرة ، العلي ، التنظيمات ، ص 317 ـ 326 .
(3) الطبري ، المصدر السابق ، ج7 ص240 .
(4) البلاذري ، انساب الاشراف ق3 ص 176 ـ 177 .

البصرة منذ بداية العصر العباسي حتى سنة ( 247 هـ / 861 هـ )   ـ 26 ـ

سليمان بن علي الى مسلمة بن المحارب بن مسلم بن زياد ، والى غيره من الامويين بأعطائه شيئاً من اموالهم ، حتى يكف الخليفة عنه وعنهم فأعطوه ثمانمائة جريب(1) .
  وبالمقابل هناك روايات يشير بعضها الى ان سليمان بن علي قد اساء معاملة الامويين في البصرة(2) .
  الا ان هذه الروايات يشوبها شيء من المبالغة ، فهناك شخصيات في البصرة كانت تعيش في احسن الاحوال ، وتمتلك مقومات الراحة والرفاهية ومنها رواية البلاذري اذ ذكر فيها ، ( لما صار عبد الله بن علي الى سليمان رأى رجلاً على بغل اوبرذون فاره وله سرج نضيف ، ولجامة محلى ، فقال ماهذا ؟ قال له سليمان : هذا سلم بن حرب بن زياد ، او قد بقي من آل زياد من هذا ؟ فقال سليمان : نعم لم اجد اليهم سبيلاً ، منعني منهم الحق(3) ) .
  وهذا يدل على ان سليماناً لم يعرض للأمويين ، بل كان يعمل على توطيد الامان لهم ، فقد طلب سليمان من الخليفة ابي العباس اعطاء الامان لبني امية ، فوافق ابو العباس على منح بني امية الامان(4) ، فكان هذا اول امان لهم ، لم يشمل البصرة فقط بل كافة الامصار ، حتى انه وصف بأنه احن بني العباس على بني امية ، ولهذا السبب يصفه ابو مسلم بأنه كنف الامان(5) .

**************************************************************
(1) البلاذري ، انساب الاشراف ، ق3 ص91 .
(2) الاصفهاني ، الاغاني ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1986 ، ج4 ص343 . . . ابن الاثير عز الدين ابي الحسن علي بن ابي كرم ، الكامل في التاريخ ، دار صادر ، بيروت ، 1965 ، ج5 ص431 . ابن الوردي ، زين الدين بن عمر بن مظفر ، تاريخ ابن الوردي ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، 1969 ، ج 1 ص 160 ـ 161 . ابن خلدون ، عبد الرحمن بن محمد ، التاريخ ، بيروت ، 1971 ج 3 ص 132 . الفلقشندي ، احمد بن عبد الله ، مآثر الانافة في معالم الخلافة ، ( تح عبد الستار احمد فراج ، الكويت ، 1964 ) ، ج 1 ص 168 .
(3) البلاذري ، انساب الاشراف ،ق 3 ص 91 .
(4) ابن عبد ربه ، ابو عمر احمد بن محمد ، العقد الفريد ، ( تح احمد امين وآخرين ، مطبعة لجنة التأليف والبرجمة والنشر القاهرة ، 1965 ) ، ج 2 ص 152 . ابن الاثير ، الكامل ، ج 5 ص 432 .
(5) ابن عبد ربه ، المصدر نفسه ، ج 4 ص 487 .