نظم الري في محافظة البصرة

المقدمة
  غالباً ما يشير الأدب الجغرافي إلى تشابه نظم الري في السهل الرسوبي ، إلا انه في الواقع تمارس فيه نظم ري مختلفة نتيجة التباين النسبي بين تربة ونوعية موارده المائية وثقافة الفلاحين الزراعية .
يتجلى اختلاف نظم الري بصورة واضحة جداً في محافظة البصرة التي تحتل الطرف الجنوبي من هذا السهل ، حيث يمكن تمييز أربع أنظمة للري فيها ، يقوم هذا الاختلاف على أساس التباين بين نوعية الترب والموارد المائية وثقافة الفلاح الزراعية ، تمارس هذه النظم في أربعة أقاليم مميزة هي : الإقليم الغربي ، إقليم دجلة الجنوبي ، إقليم الاهوار ، إقليم شط العرب ، ( لاحظ شكل 1 ) .
  يتناول البحث كل نظام ري على انفراد متمثلاً في مزرعة نموذجية تتوفر فيها معدلات العناصر المؤثرة في الري والناتجة عنه ، وفي كل نظام سيناقش البحث العناصر التالية : الموارد المائية ، نظام التوزيع ، المحاصيل ، الاستهلاك المائي النظري ن متطلبات الغسل النظرية ، التجهيز المائي الفعلي ثم نتائج ممارسة كل نظام على كفاءة الري وإنتاج المحاصيل وملوحة التربة .
  إن ممارسة الري في هذه المحافظة نتيجة لعدم كفاية الأمطار الساقطة عليها لقيام الزراعة ، حيث تعد محافظة البصرة من المناطق الجافة مناخياً على أساس إن كمية الأمطار السنوية لا تزيد على 140 ملم في محطة البصرة و 113 ملم في محطة الشعيبة . في حين إن متوسط التبخر السنوي تبلغ حوالي 2053 ملم و 3679 ملم في المحطتين على التوالي . هذه الكميات تشكل 15 مرة و 32 مرة بقدر كمية الأمطار السنوية في المحطتين أعلاه على التوالي ، لذا فأن ممارسة الري أمر لابد منه لقيام الزراعة في المحافظة .

اولاً : نظام الري في الإقليم الغربي
  يمارس هذا النظام في المنخفضات الزراعية الرئيسة في الإقليم الغربي من المحافظة أو ما يسمى بصحراء الزبير ، وهذه المنخفضات هي : منخفض سفوان النجمي ، البرجسية ، جويبدة ، ( لاحظ شكل 1 ) .


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 3 ـ

   يسود في هذا الإقليم الترب الرملية ـ المزيجية Loam ـ Sandy التي يبلغ معدل ملوحتها (Ec) حوالي 3.4 مْ ملموز / سنتمتر ، أما مناخه فحار وجاف حيث يبلغ معدل الحرارة السنوي 24 مْ ومعدل مجموع الأمطار السنوية 113 ملم ومعدل التبخر السنوي 3679 ملم ، لذا تعتمد الزراعة كلياً على الري من المياه الباطنية لعدم وجود موارد مائية سطحية .

1 ـ الموارد المائية
  تعد المياه الباطنية في هذا الإقليم المورد المائي الرئيس لقيام الزراعة . تتغذى هذه المياه من الأمطار بالدرجة الأولى ومن المياه الباطنية المنحدر إليها خلال الطبقات الجيولوجية من هضبة نجد .
   للأمطار تأثير كبير على مناسب ونوعية المياه الباطنية في هذا الإقليم حيث تزداد كمياتها وتتحسن نوعيتها في نهاية موسم الأمطار مباشرة ولا سيما في المنخفضات الزراعية ، تتركز مياه الأمطار في طبقة الدبدبة الرملية الحصوية التي تمتد من سطح الأرض ولعشرات الأمتار .
   تنحدر المياه الباطنية في حركتها مع انحدار سطح الأرض نحو الشمال والشرق والجهات المنخفضة ، لذا يكون عمقها قليلاً في المنخفضات وكبيراً في الجهات المرتفعة الأخرى ، يبلغ عمقها في منخفض سفوان بين 10 ـ 16 م وفي النجمي بين 15 ـ 20 م وفي البرجسية ـ جويبده بين 15 ـ 25 م أما في الجهات الأخرى فيصل عمقها إلى 172 م و 198 م كما في منطقتي خضر الماي وخور جلاوة على التوالي .
   يبلغ معدل ملوحة هذه المياه في المنخفضات حوالي 6.8 ملموز / سنتمتر وطبقاً لمعيار U . S . D . A لعام 1954 تعد هذه المياه عالية الملوحة بإفراط Excessively High وان هذا النوع من المياه يجب إن لا تستخدم في الزراعة . تستخرج هذه المياه بوساطة المضخات من الآبار اليدوية .

2 ـ نظام التوزيع
  يتألف نظام التوزيع في المزرعة النموذجية التي تبلغ مساحتها 8160 مْ أو 3.66 دونم من بئر ، حوض المياه ( البرجة ) ، مضخة ماصة طاردة ، أنابيب ، القناة الرئيسة ، ( الكيوم ) ، نقاط التوزيع ، القنوات الثانوية ، القنوات الفرعية ( المشاعيب ) . تثبت المضخة فوق البئر ، الذي يبلغ قطره حوالي 2 م وعمقه حوالي

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 4 ـ

20 م ، يتصل بالمضخة أنبوبان الأول ينتهي بقاع البئر وقطره 12 سنتمتر والثاني ينتهي بحوض الماء وقطره 9 سنتمتر ، تتكون البرجة من حوض مبطن بالاسمنت يبلغ حجمه 5.1 م3 ويقع بجانب البئر على ارتفاع 1.5 م فوق سطح المزرعة كي يسمح للمياه من الانسياب خلال فتحة ( 20 × 30 سنتمتر ) موجودة في أسفله نحو القناة الرئيسة أما الكيوم فهي قناة تحفر على تل طولي من الأتربة تتصل بالبركة ( البرجة ) من جانب وتنتهي في القناة الثانوية الأخيرة .
   تتدرج هذه القناة بالانحدار حيث تكون عالية عند البرجة 1.40 م فوق سطح المزرعة وتنحدر إلى ارتفاع 20 سنتمتر تحت سطح المزرعة كي يسهل جريان المياه فيها .
   غالباً ما تبطن هذه القناة ولاسيما قسمها القريب من البركة بالاسمنت أو بقطع من البلاستيك كي يمنع عملية تعرية المياه للقناة ، يبلغ طول الكيوم حوالي 180 م ويتكون من جزأين الأول وطوله 110 م أما الجزء الثاني فطوله 70 م وهو اقل ارتفاعاً من الجزء الأول ويشكل في الوقت ذاته القناة الثانوية الثالثة ( لاحظ شكل 2 ) ، يبلغ معدل عمق وعرض الجزء الأول 35 سنتمتراً و 60 سنتمتراً على التوالي وبذلك يبلغ حجمه الكلي حوالي 16.5 م3 ، أما الجزء الثاني فيبلغ معدل عمقه وعرضه 20 و 40 سنتمتر على التوالي وبذلك يبلغ حجمه 5.6 م3 .
   توجد في المزرعة النموذجية ثلاث قنوات ثانوية تتفرع بصورة متعامدة من الكيوم ، يبلغ معدل المسافة بين الواحدة والأخرى 42 م وتحفر بواسطة المحراث الآلي ثم تسوى قيعانها بواسطة المسحاة والأيدي ، يبلغ طول كل قناة ثانوية70 م ومعدل عمقها وعرضها 20 و 35 سنتمتر وبذلك يبلغ حجمها حوالي 4.9 م3 .
  تتألف المزرعة النموذجية من 200 مشعاب وهذا العدد يحدده الطاقة الإنتاجية للبشر من المياه حيث إذا زيد العدد إلى أكثر من ذلك يتطلب سحب مياه أكثر وهذا الأمر يؤدي إلى تملح المياه في فترة اقصر وبكلمة أخرى تنفذ المياه الأكثر عذوبة في فترة قصيرة وتظهر فيما بعد المياه الأكثر ملوحة والتي تؤثر على الإنتاج سلبياً لذا نجد إن جميع المزارع في هذا الإقليم تتألف من 200 مشعاب ، تتوزع المشاعيب بصورة متعامدة من القنوات الثانوية ، حيث تتفرع 70 مشعاب من كل قناة ثانوية ، 35 مشعاب من كل جانب ، يبلغ طول المشعاب 20 م ومعدل عمقه وعرضه 20 ، 30 سنتمتر على التوالي وبذلك يبلغ معدل حجمه 1.2 م3 .


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 6 ـ

  أن قنوات الإرواء الآنفة الذكر تتصف بأنها قنوات مفتوحة وتحفر في التربة الرملية وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الضائعات المائية نتيجة الترشيح والتبخر والغور العميق ، إن زيادة الضائعات المائية تؤدي إلى تقليل سرعة وصرف مياه الري في المقاطع الأخيرة من القنوات ، إلا إن رخص تكاليف إنشائها من جهة وتعود الفلاح على تركها بعد موسم زراعي واحد من جهة ثانية ، تعد عوامل رئيسة في أنشاء تلك القنوات التي تسبب هدراً كبيراً للمياه في ذلك الإقليم الجاف .
  أما نقاط التوزيع فتنشأ عند نقاط اتصال المشاعيب بالقنوات الثانوية وفائدتها لتحويل مياه الري حيث الحاجة إليها ، تتألف نقطة التوزيع من أربعة فتحات ، اثنان منها على القناة الثانوية والاثنان الأخرى تستخدم لمرور المياه إلى المشاعيب الواقعة على جانبي القناة الثانوية ، غالباً ما تبطن هذه النقاط بالاسمنت لمنع التعرية المائية لحافاتها ، يتم تحويل المياه من فتحة إلى أخرى بواسطة غلق الفتحات الأخرى بقطعة من نسيج الجوت ( الكواني ) وهذه القطع لا تشكل حواجز مانعة لمرور اوتسرب جزء من المياه من جوانبها ، لذا تسبب هذه النقاط زيادة الضائعات المائية أيضا .

3 ـ المحاصيل
  تعد الطماطة المحصول الرئيسي الذي يزرع في هذا الإقليم ، إضافة إلى محاصيل أخرى كالبصل والثوم الذي يزرع بين نباتات الطماطة ، يعزى سبب زراعة الطماطة كمحصول رئيس إلى أنها تنضج في هذا الإقليم في وقت مبكر تكون الأسواق خالية منها لذا تحضى بأسعار عالية نسبياً .
  ان نمو محصول الطماطة من فترة اللانبات إلى النضج يمر بأربع مراحل لكل منها وقت نسبي يتطلب خلاله المحصول لكمية معينة من الري ، وهذه المراحل طبقاً لتصنيف منظمة الغذاء والزراعة الدولية F . A . O ( 1975 ) ، كما يلي :

(أ) المرحلة الأولية
   بعد انجاز نظام التوزيع تحفر على جوانب المشاعيب حفر صغيرة يبلغ معدل عمقها وعرضها 30 ـ 20 سنتمتر على التوالي ومعدل المسافة بين واحدة وأخرى 50 سنتمتر وبذلك يبلغ عدد هذه الحفر على جانبي كل مشعاب 80 حفرة ومجموعها في المزرعة النموذجية حوالي 16000 حفرة ، تملأ هذه الحفر بمزيج من الترب والسماد

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 7 ـ

العضوي ، وتمثل المنطقة التي تنمو فيها جذور الطماطة ، بما أن قابلية التربة الرملية في هذا الإقليم على الاحتفاظ بالرطوبة قليل كما أن محتواها من المواد العضوية قليل أيضا لذا يضاف السماد العضوي منذ البداية لزيادة قابلية تربة الجذور للاحتفاظ بالرطوبة ، وتوفير المواد الغذائية فيها في الوقت ذاته .
   توضع في كل حفرة حوالي 20 بذرة طماطة منذ منتصف شهر تموز ومنذ ذلك الحين تروى المزرعة ثلاث مرات في اليوم حتى يصل ارتفاع البادرات إلى 15 سنتمتر في نهاية هذه المرحلة في منتصف شهر آب ، تستغرق هذه المرحلة حوالي 30 يوماً وفي نهايتها يخفف او يقلل عدد البادرات 2 ـ 3 نبتة وهي الأكثر حيوية .

(ب) مرحلة التطور
   تستغرق هذه المرحلة حوالي 49 يوماً في منتصف شهر آب إلى نهاية شهر أيلول وخلالها يروى المحصول ثلاث مرات في اليوم .

(جـ) مرحلة منتصف الموسم
   يروى خلالها المحصول مرتين في اليوم ولمدة 61 يوماً في بداية تشرين الأول إلى نهاية تشرين الثاني ، خلال هذه المرحلة تصبح المزرعة خضراء وتميل بعض الأوراق في أسفل سيقان المحصول إلى الاصفرار ، تتفتح خلال هذه المرحلة أزهار الثمار التي تأخذ بالنمو المستمر .

(د) المرحلة الأخيرة
   تستمر هذه المرحلة حوالي أربعة أشهر ، يروى خلالها المحصول مرة واحدة في اليوم ، تبدأ الثمار بالنضج خلال هذه المرحلة ، يغطى المحصول بالأغطية البلاستيكية في بعض ليالي كانون الثاني وشباط تجنباً للتلف الذي يمكن أن يلحق بالمحصول من جراء انخفاض درجات الحرارة .

4 ـ الاستهلاك المائي النظري
  محطة الأنواء الجوية في الشعيبة هي المحطة الوحيدة في هذا الإقليم وتقتصر إحصاءاتها المناخية على الأمطار والحرارة وطول النهار . لذا اعتمدت على معادلة بلني ـ كردل Blany _ criddle لتقدير الاستهلاك المائي النظري للمزرعة النموذجية ، حيث تعتمد هذه المعادلة على الإحصاءات أعلاه ، طبقاً لهذه المعادلة ومعامل محصول الطماطة ( 0.68 ) يتضح أن الاستهلاك المائي للمزرعة النموذجية

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 8 ـ

خلال موسم النمو يبلغ حوالي 8304 م³ يتباين المعدل الشهري للاستهلاك المائي النظري تبعاً لاختلاف درجات الحرارة وطول فترة النهار حيث تصل في كانون الأول حوالي 96 ملم بينما ترتفع في شهر آب إلى 2.260 ملم .

5 ـ متطلبات الغسل النظرية
  في ضوء معادلة ثورن وباترسون Thorne and Peterson ( 1954 ) تبين أن متطلبات غسل التربة للمزرعة النموذجية تبلغ 205% لوصول رطوبة التربة إلى السعة الحقلية وبقاء ملوحتها عند 4.3 ملموز / سنتمتر ، طبقاً لذلك تبلغ متطلبات غسل تربة المزرعة النموذجية خلال موسم النمو حوالي 16940 م³ ، وبذلك تبلغ كمية المياه النظرية المطلوبة للمزرعة النموذجية لتغطية الاستهلاك المائي ومتطلبات الغسل خلال موسم النمو حوالي 25244 م³ .

6 ـ التجهيز المائي
  لقد أجرى الباحث قياسات لكمية المياه المنتجة من المضخة في وحدات زمنية معينة ولكمية تصريف المياه في نقاط مختلفة على قنوات الإرواء أخذاً بالحسبان عدد الريات في كل مرحلة من مراحل النمو وعدد ساعات كل رية .
   تبين أن كمية المياه المستخدمة فعلاً لري محصول الطماطة في المزرعة النموذجية خلال المرحلتين الأولى والثانية بلغت 77750 م³ وفي المرحلة الثالثة 20303 م³ وخلال المرحلة الرابعة 48037 م³ ، لذا فأن مجموع كمية المياه المستخدمة لري المزرعة النموذجية خلال موسم النمو تبلغ حوالي 149484 م³ .

7 ـ الضائعات المائية
  عند حساب كمية تصريف المياه في المضخة وفي القنوات الرئيسة والثانوية والفرعية ، تبين أن كمية تصريف المياه تقل كلما ابتعدنا عن المضخة وبكلمة أخرى تزداد كمية الضائعات المائية باتجاه المشعاب الأخير في المزرعة .
   نتيجة لسرعة مغاض الماء وسرعة النفاذية وزيادة الترشيح والغور العميق إضافة إلى التبخر الشديد والتسرب من وعلى المزرعة . تبلغ مجموع الضائعات المائية بالنقل خلال موسم النمو 33713 م³ والضائعات المائية الحقلية 49135 م³ وبذلك يبلغ مجموع الضائعات المائية من

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 9 ـ

المزرعة النموذجية خلال موسم النمو حوالي 82848 م³ وهذه الكمية تعادل 8ر4 مرات بقدر متطلبات الغسل الانفة الذكر ، وحوالي 55.4% من مجموع مياه الري المستخدمة في المزرعة النموذجية خلال موسم النمو .
  أما تقييم نظام الري الانف الذكر فيمكن توضيحه في ضوء المعايير التالية :

(أ) كفاءة مياه الري
  يعد من أهم عناصر تقييم نظم الري ويتم حسابها في ضوء كمية المياه المستخدمة فعلاً والضائعات المائية الكلية ، عند تطبيق ذلك على ممارسات الري في المزرعة النموذجية في هذا الإقليم طول موسم النمو يتضح أن نسبة كفاءة مياه الري تبلغ حوالي 44.5% وهي نسبة واطئة بل اقل من الحد الأدنى للتقدير النظري العام لكفاءة مياه الري بالقنوات المعد من قبل ال ( F . A . O 1972 ) والذي يتراوح بين 55% ـ 70% يمكن أن تعزى قلة كفاءة مياه الري في هذا الإقليم إلى ارتفاع حجم الضائعات المائية الناتجة عن نوعية التربة ومياه الري والتبخر وضعف كفاءة الفلاح الزراعية .

(ب) إنتاج المحاصيل
  يعكس هذا المعيار تأثير تضافر العوامل الطبيعية والبشرية في الزراعة لاسيما أنتاج محصول الطماطة ، لقد جرى مسح عشوائي على إنتاج النبتة الواحدة من الطماطة وفي مزارع عديدة مختلفة المواقع ، فتبين أن معدل إنتاجها يبلغ حوالي 2 كغم ، وبما أن المزرعة النموذجية تضم 16000 نبتة لذا فأن معدل إنتاجها يقدر بحوالي 3200 كغم ، أن معدل إنتاج النبتة في هذا الإقليم أعلى مما عليه في إقليم الاهوار مثلاً الذي يبلغ فيه معدل إنتاج النبتة حوالي 1.35 كغم ، بكلمة أخرى يبلغ معدل إنتاج الدونم من الطماطة في هذا الإقليم حوالي 8743 كغم وفي الاهوار 2877 كغم ، نظراً للمردود المادي العالي الذي يحصل عليه المزارع من الإنتاج لذا نجد أن عدد المزروع في هذا الإقليم في تزايد مستمر حيث كان عددها 300 مزرعة عام 1975 أصبح 1420 مزرعة في عام 1984 .

(ج) ملوحة التربة
  جمع وحلل 12 نموذجاً من ترب في مزارع مزروعة لمدة سنة واحدة أي موسم واحد وتبين أن معدل ملوحتها ارتفع إلى 4.19

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 10 ـ

ملموز / سنتمتر بعد أن كان 4.3 ملموز / سنتمتر قبل الزراعة ، يعزى ذلك إلى ممارسة الري المفرط واستخدام مياه عالية الملوحة جداً تحت ظروف التبخر الشديد .
  مما تقدم يتضح أن ممارسة نظام الري بالقنوات المتبع في منخفضات الإقليم الغربي من المحافظة يدر إنتاجا عالياً من محصول الطماطة وبالتالي مردوداً مادياً كبيراً إلى المزارعين ، إلا أن ذلك على حساب تدمير الموارد الطبيعية المستخدمة المتمثلة بالمياه الباطنية والتربة حيث يؤدي إتباع هذا النظام من الري إلى زيادة ملوحة التربة وفي الوقت ذاته إلى ضياع وتملح كميات كبيرة من المياه الباطنية التي تعتبر المورد المائي الرئيس في هذا الإقليم ، لذا عمدت الدولة أخيرا إلى تشجيع الفلاحين على ممارسة نظام للري يقلل من الضائعات المائية ويحافظ على نوعية التربة والمياه .
   أثبتت التجارب أن نظام الري بالتنقيط افضل الأنظمة التي يمكن أن تتبع في هذا المجال ، وفعلاً اثبت نجاحه واخذ عدد المزارع التي تستخدمه بالتزايد المستمر حتى وصل إلى 600 مزرعة في نهاية عام 1986 .

نظام الري بالتنقيط
  يتألف هذا النظام من مضخة ومرشحة وشبكة من الأنابيب البلاستيكية المرنة مهمتها إيصال المياه من المضخة إلى مواضع نباتات الطماطة في الحقل .
  تحفر خدود بشكل حرف ( 7 ) على سطح المزرعة ، يبلغ معدل عمقها 10 سنتمتر وطول الخد 50 متر كي توضع فيها أنابيب التنقيط ، كما تحفر داخل هذه الخدود حفر صغيرة يبلغ معدل عمقها وعرضها 30 ، 20 سنتمتر على التوالي ، تملأ بمزيج من التربة والمواد العضوية كي تزرع فيها بذور الطماطة ، تبلغ المسافة بين حفرة وأخرى 50 سنتمتر.
   أن كمية المواد العضوية المستخدمة في كل حفرة تعادل 50 % فقط من الكمية المستخدمة في حفر نظام الري بالقنوات السابقة الذكر ، يعزى ذلك إلى أن عملية غسل هذه المواد بطريقة الري بالتنقيط اقل بكثير مما عليه في نظام القنوات ، تقطر المياه على هذه الحفر بواسطة قطارات مؤلفة من أنابيب بلاستيكية حلزونية ، طول الواحدة منها 15 سنتمتر وقطره 2 ملم وهذه الأنابيب تتفرع عند مواضع النباتات ( كل 50 سنتمتر ) من أنابيب بلاستيكية فرعية ، قطر الواحد منها 2 سنتمتر ، هذه الأنابيب بدورها تتفرع من أنابيب ثانوية بلاستيكية أوسع قطر ،

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 11 ـ

حيث يبلغ قطر كل منها 3 سنتمتر وتتفرع من الأنبوب الرئيس الذي يأتي من جهاز السيطرة المؤلف من المضخة والمرشحة .
  تحتوي المزرعة النموذجية 80 أنبوب بلاستيكي فرعي ، طول الواحد 50 م ، يزرع على كل أنبوب 100 نبتة طماطة وبذلك يبلغ عدد نباتات الطماطة في المزرعة 8000 نبتة ، قاس الباحث كمية تصريف القطارة الواحدة من المياه فوجد أنها حوالي 0.00006 م³ / دقيقة ، تروى النباتات لمدة خمس دقائق في اليوم خلال مراحل النمو الثلاث الأولى أي من شهر آب إلى نهاية شهر تشرين الثاني ، ثم لمدة ثلاث ساعات في اليوم خلال مرحلة النمو الأخيرة في شهر كانون الأول حتى نهاية شهر آذار ، يبلغ معدل كمية المياه التي تسقى بها كل نبتة طماطة خلال موسم النمو حوالي 4.45 م³ وهذا يعادل 47.8% من كمية المياه التي تروى بها نبتة الطماطة في نظام القنوات السابق الذكر ، هكذا فأن نظام الري بالتنقيط يدخر حوالي 52.2% من كمية المياه المستخدمة للري في نظام القنوات .
   كما أن هذا النظام لا يؤدي إلى ارتفاع ملوحة تربة المزرعة كلها بل بقع صغيرة منها وهي مواضع النباتات الموجودة تحت القطارات فقط والتي تشكل حوالي 32 % من مساحة المزرعة البالغة 6000 م² ، يعزى قلة مياه الري المستخدمة إلى قلة الضائعات المائية نتيجة إلى إرواء بقع صغيرة من المزرعة .
  يحتاج هذا النظام من الري إلى قوة ضغط واطئة لكي تدفع المياه في الأنابيب ، لا تزيد على 1 ضغط جوي ، يؤدي ارتفاع ملوحة المياه المستخدمة مع التبخر الشديد وقلة تصريف المياه من القطارات إلى تراكم الأملاح عند فتحة القطارة وبالتالي انسدادها خلال فترة 2 ـ 3 أسابيع ، لذا يتطلب الأمر إزالة هذه الأملاح باستمرار كي تسمح للمياه بالنزول من القطارة إلى النباتات.
   يبلغ معدل إنتاج النبتة حوالي 1.5 كغم من الطماطة وهي اقل مما عليه في نظام الري بالقنوات ، يعزى معظم المزارعين ذلك إلى انسداد القطارات بالأملاح في كثير من الأحيان ولا سيما في الأشهر الحارة الأمر الذي يؤثر سلبياً على نمو محصول الطماطة وإنتاجه .
  جمع وحلل ثلاثة نماذج من ترب مواضع النباتات في المزرعة عند نهاية الموسم الزراعي فوجد أن ملوحتها ارتفعت إلى 9.2 ملموز / سنتمتر بعد أن كانت 4.3 ملموز / سنتمتر ، يعزى ذلك إلى التبخر الشديد واستخدام المياه العالية

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 12 ـ

الملوحة إضافة إلى أن التربة تكون رطبة باستمرار نتيجة الري البطيء المتكرر بالتنقيط .
  يتطلب إعادة زراعة المزرعة إلى تغيير موضع الأنابيب فقط وبعد عدة سنوات إلى غسل التربة لإزالة الأملاح المترسبة على سطحها .

ثانياً : إقليم دجلة الجنوبي
   تنحصر الأراضي الزراعية في هذا الإقليم على جانبي الجزء الجنوبي من نهر دجلة لمسافات تتراوح بين 1 ـ 5 كم ، ( لاحظ شكل 1 ) يمارس في هذا الإقليم نظام الري بالقنوات والأحواض .
   تتصف تربه بأنها غرينية ـ طينية مزيجة ذات مغاض بطيء إلى متوسط ، يبلغ معدل ملوحتها حوالي 18.6 ملموز / سنتمتر ، كما يتصف الإقليم بارتفاع درجة حرارته حيث يصل معدلها السنوي 24 م· ومعدل أمطاره السنوية 140 ملم بينما يبلغ معدل مجموع التبخر السنوي 2053 ملم أي ما يعادل 14 مرة بقدر الأمطار السنوية ، تم اختيار مزرعة نموذجية لدراستها كما هو الحال في الإقليم الغربي .

1 ـ الموارد المائية
  أن كمية الأمطار السنوية قليلة وغير كافية لقيام الزراعة ، كما أن أهميتها كمورد مائي محدود جداً ، لذا تقوم الزراعة على الري من مياه دجلة والفروع المتصلة به من اهوار الحويزة والقرنة ، يبلغ متوسط تصريف نهر دجلة عند الحد الشمالي لهذا الإقليم ـ محطة شمال الكسارة ـ حوالي 24 م³/ ث ، يزداد باتجاه الجنوب حتى يصل في منطقة القرنة إلى 207 م³ / ث ويعزى ذلك لزيادة عدد الجداول التي تصب فيه والقادمة من اهوار الحويزة والقرنة ، يبلغ منسوب مياه النهر في شمال الكسارة 2.60 م وعند القرنة 1.30 م ، يتباين منسوب المياه في النهر حسب كمية التصريف ، فأعلى منسوب يصل في شمال الكسارة في شهر مايس 3.52 م وفي القرنة في شهر مايس وحزيران وتموز 1.92 و 1.97 و 1.92م على التوالي ، أن منسوب مياه دجلة في هذا الإقليم أوطأ من منسوب الأراضي المجاورة في جميع أشهر السنة لذا لابد من رفع المياه بالواسطة لري الأراضي الزراعية .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 13 ـ

  يبلغ معدل ملوحة مياه نهر دجلة 0.825 ملموز / سنتمتر في شمال الكسارة ويزداد إلى1.158 ملموز / سنتمتر في محطة القرنة ، تعزى هذه الزيادة إلى زيادة المياه المالحة التي تصرف إلى النهر من الاهوار المجاورة ، تعد هذه المياه متوسطة الملوحة أو من الصنف الثالث من حيث صلاحيتها للري وذلك طبقاً لمعيار U . S . D . A . ( 1954 ) ، وهذا النوع من المياه يمكن أن يستخدم في الترب ذات النفاذية الجيدة أو المتوسطة بشرط توفر الغسل والصرف الملائم ، كما يجب زراعة المحاصيل ذات المقاومة المتوسطة للملوحة .

2 ـ نظام التوزيع
  يتألف نظام التوزيع في المزرعة النموذجية ، التي تبلغ مساحتها 10 دونم 2500 م² ـ من القناة المغذية ( المشراب ) ، حوض خزن الماء ( الحوض ) ، المضخة ، أنابيب ، حوض الماء ( البرجة ) ، أنابيب مدفونة ، قناة رئيسة ، قنوات ثانوية ، قنوات فرعية ( البابي ) ، أحواض ، يستخدم هذا النظام لنقل المياه من نهر دجلة إلى مواضع النباتات ، يختلف نظام التوزيع نسبياً بين الصيف والشتاء وذلك تبعاً لاختلاف نوعية المحاصيل المزروعة ، حيث يزداد عدد الأحواض وتتسع مساحتها في فصل الشتاء لزراعة محاصيل الحبوب في حين يقل عددها وتصغر في الموسم الزراعي الصيفي للتركيز على زراعة الخضروات التي تزرع على حافات القنوات .
  تحفر القناة المغذية بصورة متعامدة على ساحل النهر بين أدنى منسوب للمياه من جهة وبين حوض خزن المياه من جهة ثانية ( لاحظ شكل 3 ) ، يتراوح طولها بين 10 ـ 300 م وعرضها بين 50 ـ 70 سنتمتر وعمقها يجب أن يكون أعمق بـ 30 سنتمتراً من أوطأ منسوب للمياه في النهر كي يسمح بجريان المياه فيها نحو حوض الخزن وعموماً يبلغ معدل عمقها بين 50 ـ 120 سنتمتر ، أما الحوض فيحفر عند نهاية القناة المغذية ، يبلغ حجمه 7.8 م³ وقاعدته تكون أوطأ من مستوى قاع المشراب بمقدار متر كي يمكن خزن المياه فيه لتغذية المضخة ، أن الحوض والقناة الانفة الذكر ترابية ومفتوحة وتنظف باستمرار من الترسبات التي قد تؤثر على حركة أو خزن المياه .
   أن التراب الناتج من حفر الحوض يكدّس عند جانبه بشكل كومة ترابية مرتفعة توضع فوقها المضخة لتجنبها طغيان مياه النهر عند ارتفاع مناسبه ، تتصل بالمضخة أنبوبين قطر كل منهما 10 سنتمتر وطول الأول 3 متر

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 15 ـ

يستخدم لسحب المياه من الحوض أما الثاني فطوله بين 2 ـ 3 م يستخدم لطرد المياه من المضخة إلى البرجة ، يبلغ عمق البركة 70 ـ 150 سنتمتر وقطرها 150 سنتمتر ، يتصل في قاعدتها أنبوب معدني مدفون تحت السدة الترابية الواقية من فيضان النهر ، يبلغ طوله 15 ـ 25 م وقطره 25 سنتمتر فائدته لنقل المياه من البرجة إلى القناة الرئيسة في المزرعة والتي تقع على الجانب الآخر من السدة ( لاحظ شكل 4 ) .
  أما القناة الرئيسة فهي ترابية ومفتوحة تحفر يدوياً في منتصف المزرعة ، وتقوم بنقل مياه الري من نهاية الأنبوب المدفون إلى القنوات الثانوية والأحواض المتصلة بها ، تنحدر هذه القناة بصورة بطيئة ، بدرجة تسمح لجريان المياه فيها باعتدال يمنع في الوقت ذاته من حدوث التعرية المائية والإرساب فيها .
   يبلغ طولها بين 180 ـ 500 م وعمقها وعمقها بين 50 ـ 80 سنتمتر ومعدل عرضها بين 70 ـ 80 سنتمتر عند السطح وبين 50 ـ 70 سنتمتر عند القاعدة ، تضم المزرعة النموذجية في هذا الإقليم ست قنوات ثانوية ترابية ومفتوحة تحفر يدوياً بصورة متعامدة على القناة الرئيسة التي تغذيها . يبلغ طول كل منها 62 م وعرضها السطحي بين 70 ـ 80 سنتمتر وعند القاعدة بين 40 ـ 60 سنتمتر وعمقها بين 40 ـ 55 سنتمتر وبذلك يبلغ حجم كل منها حوالي 18 م³ ، تتفرع القنوات الفرعية أو البابي بصورة متعامدة من القنوات الثانوية وهي الأخرى ترابية ومفتوحة وتحفر يدوياً ، تضم المزرعة النموذجية 480 لبي ، كل 80 منها يتفرع من جانبي القناة الثانوية ، يبلغ طول البي 32 م وعرضه السطحي 50 ـ 70 سنتمتر وعند القاعدة 20 ـ 30 سنتمتر وعمقه 40 سنتمتر وبذلك يبلغ حجمه حوالي 5.44 م³ ، أن القنوات الترابية الانفة الذكر تكثر عند حافاتها الكتل الترابية نتيجة لضعف إدارة الفلاح من جهة ونوعية التربة الغرينية من جهة ثانية ، أن الصفات أعلاه تؤدي إلى زيادة الضائعات المائية كلما ابتعدنا عن المضخة باتجاه النهاية الأخرى للمزرعة .

3 ـ المحاصيل
  تتمثل المحاصيل الصيفية الرئيسة التي تزرع في المزرعة النموذجية بالخضروات كالطماطا والباذنجان والباميا واللوبيا والبطيخ . . . الخ .
يستغرق موسم نموها حوالي 160 يوماً ، أما الخضروات الرئيسة الشتوية فتشمل بالقرع واللهانة


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 17 ـ

جدول رقم ( 1 )
أنواع المحاصيل ومراحل نموها في المزرعة النموذجية

مجموع أيام موسم النمو المرحلة الرابعة المرحلة الثالثة المرحلة الثانية المرحلة الأولية نوع المحصول
محاصيل صيفية
( الخضروات )
محاصيل شتوية
( خضروات )
30 يوم
5 آذار ـ 13 نيسان
30 يوم
10 ت1 ـ 8 ت2
40 يوم
14 نيسان ـ 23 مايس
48 يوم
9 ت2 ـ 26 ك1
45 يوم
24 مايس ـ 6 تموز
55 يوم
27 ك1 ـ 19 شباط
45 يوم
7 تموز ـ 7 أيلول
50 يوم
24 شباط ـ 11 نيسلن

160 يوم

183 يوم


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 18 ـ

والقرنابيط والجزر والباقلاء والطماطة والبصل والثوم والخس . . . الخ ، ويبلغ موسم نموها حوالي 183 يوماً ، هذا إضافة إلى بعض محاصيل الحبوب كالقمح والشعير والذرة ، لاحظ جدول ( 1 ) .

4 ـ الاستهلاك المائي النظري
  اعتمد الباحث في تقدير الاستهلاك المائي النظري للمزرعة النموذجية على تطبيق معادلة بنمان المعدلة لتوفر الإحصاءات المناخية التي يتطلبها تطبيق هذه المعادلة من محطة الأنواء الجوية في مدينة البصرة التي تبعد حوالي 80 كم عن هذا الإقليم ، إضافة إلى استخدام معامل الخضروات 0.76 باعتبارها المحاصيل الرئيسة في الموسمين الصيفي والشتوي ، تبين ما ورد من تطبيق أعلاه أن مجموع الاستهلاك المائي النظري في المزرعة النموذجية للمحاصيل الصيفية حوالي 26798 م³ وللمحاصيل الشتوية حوالي 10003 م³ .

5 ـ متطلبات الغسل النظرية
  حسبت هذه التطبيقات وفقاً لمعادلة ثون وبارترسون للمزرعة النموذجية التي يبلغ معدل ملوحة تربتها 18.6 ملموز / سنتمتر بحوالي 1264.8 م³ خلال الموسم الصيفي و 472 م³ خلال الموسم الشتوي ، أن هذه الكميات يجب أن تضاف إلى المزرعة فوق مياه الري المطلوبة كي تنخفض ملوحة تربتها إلى 4 ملموز / سنتمتر وهو الحد المسموح به للإنتاج الأمثل .
  يتضح من أعلاه أن مجموع المياه النظرية اللازمة لري وغسل المزرعة النموذجية يبلغ 28062.8 م³ للموسم الصيفي و 10475 م³ للموسم الشتوي .

6 ـ التجهيز المائي
  اجرى الباحث قياسات لكميات المياه المستخدمة في المزرعة النموذجية ، من المضخة وعلى قنوات الإرواء في نقاط مختلفة مع الأخذ بالاعتبار عدد الريات حسب مراحل النمو وفترة الرية الواحدة خلال الموسمين الصيفي والشتوي ، تبين أن كمية المياه المستخدمة في المزرعة خلال الموسم الصيفي تبلغ حوالي 100455.3 م³

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 19 ـ

وخلال الموسم الشتوي حوالي 56387.8 م³ ، يعزى التباين في الكميتين إلى اختلاف شدة التبخر والضائعات المائية .

7 ـ الضائعات المائية
  تفقد من مياه الري المستخدمة في المزرعة كميات كبيرة ، بواسطة التبخر ، التسرب ، الترشح ، الغور العميق ، على ضوء حساب كميات المياه الجارية في نقاط مختلفة من قنوات الإرواء أمكن تقدير هذه الضائعات بحوالي 72072.5 م ³ خلال الموسم الصيفي و 45813.2 م³ خلال الموسم الشتوي ، أن هذه الكميات تعادل حوالي 71 % و 81 % من المياه الكلية المستخدمة في المزرعة خلال الموسمين وعلى التوالي ، أما تقييم نظام الري الآنف الذكر فيمكن توضيحه على ضوء المعايير التالية :

(أ) كفاءة مياه الري
   عند حساب كفاءة مياه الري في المزرعة النموذجية على ضوء الكمية الكلية للمياه المستخدمة في الري والضائعات المائية يتبين أنها تبلغ خلال الموسم الصيفي 28 % وخلال الموسم الشتوي 22 % ، أن هذه النسب تعتبر واطئة جداً ، بالمقارنة مع تقدير منظمة الغذاء والزراعة الدولية F . A . O 1972 الذي يتراوح بين 55 ـ 70 % في نظام القنوات و 60 ـ 80 % في نظام الأحواض .

(ب) إنتاج المحاصيل
   أن معدل إنتاج الوحدة المساحية من الخضروات في هذا الإقليم اقل مما عليه في الأقاليم الأخرى من المحافظة ، فمثلاً يبلغ معدل الإنتاج من الطماطة في هذا الإقليم 1600 كغم / دونم في حين يبلغ 8743 كغم / دونم في الإقليم الغربي و 2877 كغم / دونم في إقليم الاهوار ، يعزى هذا الانخفاض إلى استخدام الري المفرط وانعدام وجود الصرف الاصطناعي ورداءة الصرف الطبيعي كل ذلك يؤدي إلى ارتفاع ملوحة التربة التي تؤثر بدورها على كمية الإنتاج .

(ج) ملوحة التربة
   جمعت وحللت ثلاثة نماذج للتربة من مواقع مختلفة من هذا الإقليم عام 1977 فوجد أن معدل ملوحتها 11.0 ملموز / سنتمتر ، ثم جمعت وحللت ثلاثة نماذج في نفس المواقع السابقة عام

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 20 ـ

1982 أي بعد مرور خمس سنوات ، فوجد أن معدل ملوحتها ارتفع إلى 18.6 ملموز / سنتمتر ، علماً أن نفس ظروف الري والصرف السابقة الذكر سائدة في هذا الإقليم ، لذا يمكن أن تعزي ارتفاع ملوحة التربة إلى رداءة أو عدم ملائمة نظام الري السائد ، حيث يؤدي بمرور الوقت إلى ارتفاع ملوحة التربة إلى الحد الذي يؤثر في كمية الإنتاج واخيراً يؤدي إلى إهمالها زراعياً .
   تدل على هذه الحقيقة الإحصاءات الزراعية التي تشير إلى أن مساحة الأراضي الزراعية في هذا الإقليم كانت في عام 1971 حوالي 15200 دونم انكمشت إلى 7582 دونم أي نصف المساحة السابقة في عام 1981 .
   أن هذا الانكماش في مساحة الأراضي الزراعية يعزى إلى عوامل طبيعية وبشرية عديدة يأتي في مقدمتها نظام الري السائد في هذا الإقليم .

ثالثاً : إقليم الاهوار
  يحتل هذا الإقليم الجزء الشرقي في هور الحمار والجزء الأخير من نهر الفرات ، تمارس الزراعة هنا على كتوف نهر الفرات والأجزاء المرتفعة من هور الحمار في الجهات الشمالية والغربية والتي تظهر فوق سطح المياه خلال مواسم الصيهود ، يمارس في تلك الجهات نظام الري بالحفر Ditches Irrigation يشبه هذا الإقليم من حيث الحرارة والمطر ما هو سائد في إقليم دجلة الجنوبي باستثناء الرطوبة النسبية التي من المتوقع أن تكون عالية لأتساع المسطحات المائية من جهة وكثافة الغطاء النباتي من جهة ثانية ، ينمو في هذا الإقليم نباتات مائية مختلفة ، أهمها القصب الذي ينمو في الجهات العميقة والبردي في الجهات الضحلة ، تتصف ترب الإقليم بملوحتها العالية31.3 ملموز / سنتمتر إضافة إلى تغدقها ، ( لاحظ شكل 1 ) .

1 ـ الموارد المائية
  تعد مياه نهر الفرات والقسم الشرقي من هور الحمار إضافة إلى شبكة واسعة وكثيفة من القنوات المائية الصغيرة ، المورد المائي للزراعة في هذا الإقليم ، يبلغ تصريف نهر الفرات عند الناصرية حوالي 468.5 م³ / ث وينخفض في القرنة إلى

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 21 ـ

280 م³ / ث ويعزى ذلك إلى صرف كميات كبيرة من مياه نهر الفرات إلى هور الحمار ، يبلغ منسوب مياه النهر عند الناصرية 4.23 م ويرتفع خلال مواسم الفيضانات إلى 5.20 م و 4.92 م في شهري حزيران وتموز على التوالي ، أما أوطأ منسوب فيحدث في شهر تشرين الأول 0.36 م ، يلاحظ انه خلال مواسم الفيضانات تغطي مياه النهر على ضفافه وتخلط بمياه الهور لدرجة يصعب تمييز مجرى النهر في كثير من المواضع ، أما منسوب المياه في هور الحمار فيبلغ 0.70 م ويرتفع في مواسم الفيضانات إلى 1.20 م وخلال الصيهود يهبط إلى 0.54 م ، ولهذا التباين في مناسب المياه اثر كبير على ممارسة الزراعة في هذا الإقليم ، يبلغ معدل عمق مياه الهور 2 م على حين يبلغ غمق بعض المواضع حوالي 8 م .
  يبلغ معدل ملوحة نهر الفرات 1.710 ملموز / سنتمتر ومعدل ملوحة مياه هور الحمار 2.533 ملموز / سنتمتر وطبقاً لمعيار U . S . D . A 1954 تعد مياه نهر الفرات متوسطة الملوحة في حين تصنف مياه هور الحمار على أنها عالية الملوحة أو أنها من الصنف الرابع .

2 ـ نظام التوزيع
  تعاني ترب هذا الإقليم من عدة مشاكل ، كالملوحة والتغدق ، إضافة إلى الغمر بمياه هور الحمار خلال مواسم الفيضانات ، لذا فأن زراعتها تتطلب التخفيف من تلك المشاكل .
  كان الفلاح يمارس زراعة الرز في هذا الإقليم منذ مئات السنين ، ذلك لأن الرز المحصول الوحيد الذي يتلاءم مع ظروف الملوحة والتغدق ولاغمر السائدة في هذا الإقليم . إلا أن الفلاح ومنذ الستينات من هذا القرن اخذ يعزف عن زراعة الرز متجهاً نحو زراعة الخضروات الأكثر ربما من مردود الرز ، لاسيما الطماطة ، من اجل ذلك ابتدع نظام فريد للري والبزل في هذا الإقليم يتلاءم وظروفه الانفة الذكر ويحقق في الوقت ذاته أمله في زراعة الطماطة بعد أن عرف الإرباح الكبيرة التي يدرها هذا المحصول في الإقليم المجاور له ( الإقليم الغربي ) .
  يبلغ معدل مساحة المزرعة حوالي 5 دونم ، يتم اختيارها على جانب احد المجاري المائية . يتألف نظام التوزيع في المزرعة النموذجية من قناة رئيسة وقنوات ثانوية

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 22 ـ

فقط ، تحفر القناة الرئيسة يدوياً حول المزرعة ويتصل طرفيها بأحد المجاري المائية التي يغذيها بالمياه ، ( لاحظ شكل 5 ) ، أن فائدة القناة الرئيسة ( الداير ) لمرور مياه الري خلالها من المجرى المائي إلى القنوات الثانوية أولا ولمنع دخول الحيوانات كالجاموس والحمير والخنازير إلى المزرعة ثانياً ولمرور الزوارق الصغيرة فيها التي ينتقل بواسطتها الفلاح ثالثاً .
   يتراوح عرض هذه القناة الترابية المفتوحة بين 3 ـ 4 م وعمقها بين 2 ـ 2.5 م ، تتفرع مجموعة من القنوات الثانوية ( الكرمات ومفردها كرمة ) بصورة متعامدة على الضلع الطويل من القناة الرئيسة ، تظم المزرعة النموذجية 35 قناة ثانوية طول كل منها 20 ـ 80 م وعرضها 1 ـ 3 م ومتوسط عمقها 1.5 م وتفصل بين الواحدة والأخرى مسافة 1 ـ 3 م ، لقد لوحظ في المزارع التي تنشأ على بقع من الأراضي المرتفعة أن عمق قنواتها الثانوية يكون أكثر وعرضها يكون أضيق مما علية في قنوات المزارع التي تقام على بقع من الأراضي الواطئة .
   ففي الحالة الأولى يزاد عمق القنوات كي تتجه مياه الري نحوها أما ضيقها فيعود إلى عدم الحاجة إلى نقل كثير من الأتربة من جوانبها ووضعها فوق الكتوف ( المتون ) المحصورة بينها لأن هذه الكتوف مرتفعة أساسا ، أما في الحالة الثانية فأن القنوات أكثر ضحالة وذلك لأن الأرض منخفضة أساسا وتدخل مياه الري إلى القنوات بسهولة ، تكون كتوف هذه المزارع واطئة لذا تحتاج زراعتها إلى رفع مستواها كي تظهر فوق سطح المياه بصورة مبكرة بعد مواسم الفيضانات مباشرة لذلك تضاف عليها كميات كبيرة من الأتربة التي تؤخذ من جوانب القنوات ، ولهذا السبب تكون عريضة .
  أن هذه القنوات الترابية المفتوحة تحفر يدوياً وتنظف كل سنة من الرواسب وانهيارات جدرانها والنباتات المائية ، وعملية التطهير هذه تضيف إلى الكتوف رواسب ومواد عضوية جديدة .
  مما تجدر الإشارة إليه انه عند حفر هذه القنوات يراقب الفلاح مدى توفر مياه الري فيها خلال فترة الصيهود ( تشرين الثاني وكانون الأول ) حيث يجب أن يكون عمق المياه في القنوات خلال هذه الفترة على الأقل 50 سنتمتراً وذلك لمكانية سقي المحاصيل ، كما أن الفلاح خلال السنة الأولى من قيام المزرعة يجب أن يراقب وقت هبوط مستوى المياه وظهور الكتوف فوق مستوى المياه حيث يجب أن تظهر هذه الكتوف فوق مستوى المياه عند نهاية مواسم الفيضانات وذلك لإمكانية المباشرة بزراعتها في وقت مبكر ، أما إذا لم تظهر هذه الكتوف على الأقل في شهر تموز أو آب فيجب أن لها الأتربة لرفع مستواها كي تظهر في هذين الشهرين .


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 24 ـ

أن الكتوف المحصورة بين القنوات الثانوية تسمى بالمتون ( مفردها متن ) ، يبلغ معدل ارتفاعها بين 1 ـ 1.5 م وعرضها بين 1 ـ 3 م وتتألف المزرعة من 36 متن وهذا يعني أن نصف مساحة المزرعة تستغل في حفر القنوات ونصفها الآخر في بناء المتون الواقعة بينها ، أن بناء هذه المتون بوساطة إضافة الأتربة الناتجة عن حفر القنوات بوساطة المسحاة اليدوية تضفي على تربتها ظروف تهوية وصرف وخصوبة أفضل بكثير من تلك المبناة بصورة طبيعية .
  بعد اكتمال نظام التوزيع أعلاه تترك المزرعة كي تغمر بمياه الفيضانات خلال الفترة من آذار حتى حزيران ، حيث في نهايته يبدأ منسوب المياه بالهبوط فتظهر المتون فوق سطح المياه بعد أن غسلت بصورة طبيعية وانخفضت نسبة ملوحتها كما سنلاحظ ذلك بعد قليل ، بذلك تكون المزرعة مهيأة للزراعة حيث يباشر الفلاح بتنظيف المتون من النباتات المائية التي نمت عليها خلال موسم الفيضان ، بعدها تحفر حفر صغيرة في المسافات الوسطية على المتن أما إذا كان المتن عريض فتحفر على جانبيه بخطين وتترك المساحات الوسطية فارغة ، يبلغ معدل عمق وعرض الحفرة حوالي 15 سنتمتر لكل منها وبذلك يبلغ معدل حجم الحفرة حوالي 0.005 م³ تستخدم هذه الحفر لزراعة الطماطة وتتألف المزرعة النموذجية من 10656 حفرة .

3 ـ المحاصيل
  تعد الطماطة المحصول الرئيس في هذا الإقليم من حيث المساحة المزروعة والإنتاج ، تبدأ المرحلة الأولية لزراعة هذا المحصول في منتصف شهر حزيران إلى منتصف شهر تموز وتستمر حوالي 31 يوماً ، تغطى البادرات بأوراق البردي لتوفير الظل لها من أشعة الشمس إذ بدون ذلك تصاب البادرات في الغالب بمرض الذبول الذي يؤدي إلى هلاكها ، لوحظ أن في بعض السنوات يبقى منسوب المياه مرتفعاً وتغطى المتون حتى نهاية شهر أب ففي هذه الحالة يضطر الفلاح الى ترك المزرعة خلال ذلك العام وذلك لان الزراعة المتأخرة تؤدي إلى نضج المحصول بصورة متأخرة في وقت تكون فيه اسعار الطماطة منخفضة . كما أن في بعض السنوات تظهر المتون فوق سطح المياه خلال شهر تموز ولكن مستوى المياه في القنوات يبقى مرتفعاً مما يؤدي إلى تغدق منطقة جذور محصول الطماطة ، يعالج الفلاح هذه الحالة بإغلاق نقطتي اتصال القناة الرئيسة بالمجرى المائي ثم نصب مضخة لتحويل المياه من القناة

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 25 ـ

الرئيسة إلى المجرى المائي وبذلك يهبط منسوب المياه في القنوات الثانوية بعد 2 ـ 6 أيام .
  أما المرحلة الثانية فتبدأ في منتصف شهر تموز حتى بداية أيلول وتستغرق 55 يوماً تغطى الشتلات خلالها بأوراق سعف النخيل كي يوفر لها الظل ، تبدأ المرحلة الثالثة في منتصف أيلول إلى بداية تشرين الثاني وتستغرق حوالي 61 يوماً ، في هذه المرحلة ترفع أوراق سعف النخيل وتنظيف المتون من بعض النباتات المائية وتحفر حفرا حول كل نبتة حجم الواحدة 0.008 م± وذلك لغرض تجمع مياه الري فيها حول النباتات ، كما تحفر حفر صغيرة أخرى بين الحفر الكبيرة يوضع فيها خليط من السماد والتراب وفائدتها تزويد مناطق الجذور المجاورة لها بالمواد الغذائية بعد سكب مياه الري عليها ، أما المرحلة الأخيرة فتبدأ من بداية تشرين الثاني حتى منتصف شباط ويستغرق حوالي 100 يوم وخلالها تكون ثمار الطماطة ناضجة ، تستخدم في هذه المرحلة الأغطية البلاستيكية لحماية المحصول من انخفاض درجات الحرارة التي قد تحدث في بعض ليالي كانون الثاني وشباط .

4 ـ الاستهلاك المائي النظري
  اعتمد الباحث في الاستهلاك المائي النظري للمزرعة النموذجية على معادلة بنمان المعدلة والإحصاءات المناخية لمحطة الأنواء الجوية في مدينة البصرة لعدم توفرها في هذا الإقليم ، كما اخذ بالاعتبار المساحة المزروعة من المزرعة والتي تبلغ 5328 م² وهي مساحة الكتوف واستثنى من مساحة المزرعة نظام التوزيع الذي يحتل 57 % من مساحة المزرعة ، تبين من تطبيق المعادلة والاعتبارات أعلاه أن المجموع المائي النظري لمحصول الطماطة خلال موسم النمو يبلغ 4679 م³ .

5 ـ متطلبات الغسل النظرية
   عند تطبيق معادلة ثورن وبيترسون في حساب متطلبات الغسل للمزرعة النموذجية للحفاظ على منسوب ملحي في تربتها بمقدار 3 ملموز / سنتمتر ، يتبين أن هذه المتطلبات تبلغ لموسم النمو حوالي 3209 م³ ، بذلك يصبح مجموع كمية المياه

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 26 ـ

اللازمة للاستهلاك المائي والغسل للمزرعة النموذجية خلال موسم النمو يبلغ حوالي 7888 م³ .

6 ـ التجهيز المائي
  يروى محصول الطماطة خلال المرحلة الأولى والثانية والثالثة بوساطة ( الدلية ) وهي عبارة عن عصا طولها 1.5 / يربط في احد طرفيها وعاء معدني ( علبة زيت الطعام والحليب ) يبلغ حجمه 0.003 م³ ، يقوم الفلاح على جوانب المتون بغرف المياه من القنوات الثانوية بوساطة الدلية وسكبه على حفر الطماطة المجاورة ، لقد أجرى الباحث قياسات لحساب كمية مياه الري المستخدمة في المزرعة آخذاً بالاعتبار عدد الريات في الأسبوع خلال مراحل النمو الثلاث الأولى .
   تبين أن كمية مياه الري المستخدمة خلال المرحلة الأولى 3.72 م³ وفي المرحلة الثانية 1077 م³ وفي المرحلة الثالثة 850 م³ فقط ، أما في المرحلة الرابعة فلا تسقى المزرعة حيث يستمر محصول الطماطة في نموه اعتماداً على الرطوبة الجوية العالية التي تقوم بترطيب الطبقة السطحية الهشة من التربة ، إضافة إلى المياه التي تصل إلى منطقة الجذور بواسطة الحركة الجانبية لمياه القنوات داخل المتون ، مما تجدر الإشارة إليه أن الكمية النظرية المطلوبة من المياه لنمو محصول الطماطة خلال هذه المرحلة تبلغ حوالي 287 م³ ، لذا نعتقد أن الرطوبة الجوية والحركة الجانبية لمياه القنوات في المتون تغطي هذه الكمية خلال مرحلة النمو الرابعة وتؤمن في الوقت ذاته نمو ناجح في المحصول كما هو سايد في هذا القليم على هذا الاساس يمكن يقدير كمية المياه المستخدمة فعلاً لمحصول الطماطة خلال موسم النمو بحوالي 2163 م² علماً أن هذه الكمية تعادل فقط 27.4 % من كمية المياه النظرية المطلوبة للري والغسل ، في ضوء هذه الحقيقة يمكن أن نعتقد أن الكمية المتبقية والبالغة 72.6 % ( 2725 م³ ) من الكمية النظرية للمياه المطلوبة للري والغسل تعوض بواسطة الرطوبة الجوية والحركة الجانبية للمياه من القنوات .

7 ـ الضائعات المائية
  في ضوء الحقائق المذكورة في أعلاه نعتقد مبدئياً انه لا يوجد ضائعات مائية من المزرعة إلا ما يفقد بواسطة التبخر .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 27 ـ

  أما تقييم نظام الري أعلاه فيمكن توضيحه على ضوء الحقائق التالية :

(أ) كفاءة مياه الري
   يمكن الاعتقاد في ضوء انعدام أو قلة الضائعات المائية أن كفاءة مياه الري في هذا النظام عالية جداً من الناحية المبدئية حيث سنرى بعد قليل أنها منخفضة في ضوء ملوحة التربة .

(ب) إنتاج المحاصيل
  يبلغ معدل إنتاج النبتة الواحدة في المزرعة النموذجية من محصول الطماطة حوالي 1.35 كغم ، وهذا المعدل اقل مما عليه في الإقليم الغربي وإقليم دجلة الجنوبي السابقي الذكر ، يمكن أن يعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية يأتي في مقدمتها نظام الري السائد وتذبذب مناسب المياه وارتفاع درجات الحرارة . . . الخ .
   يبلغ معدل إنتاج المزرعة من الطماطة حوالي 14385 كغم ، مما تجدر الإشارة إليه أن هذا الإقليم مع الغربي يجهزان معظم أسواق العراق بالطماطة خلال فصل الشتاء ، حيث خلاله ينفرد هذين الإقليمين بالأسواق لذا تكون أسعار محاصيلها من الطماطة عالية نسبياً .

(ج) ملوحة التربة
   جمعت وحللت نموذجين من ترب المتون من مزرعتين في بداية الموسم الزراعي لتوضيح مدى كفاءة مياه الري والغسل وتأثير مياه الفيضانات في غسل المتون وتخفيض ملوحة تربها ، تبين أن ملوحة التربة في بداية الموسم الزراعي تبلغ 3.09 ملموز / سنتمتر ، ثم جمعت وحللت نموذجين من التربة في نفس الموضع السابق في نهاية الموسم فتبين أن ملوحة التربة ارتفعت إلى 6.05 ملموز / سنتمتر ، ويمكن أن نعزي ذلك إلى ضعف كفاءة الغسل من جهة والارتفاع ملوحة مياه الري نتيجة التبخر من جهة ثانية ، أخيرا وليس آخراً جمعت وحللت نموذجين من التربة من نفس المواضع السابقة وفي نهاية موسم الفيضان أي بداية الموسم الزراعي الثاني ، تبين أن ملوحة التربة انخفضت ثانية إلى نفس معدلها السابق 3.2 ملموز / سنتمتر ، يمكن أن نعزي ذلك إلى عملية الغسل الطبيعي التي تتم بواسطة مياه الفيضانات الأقل ملوحة خلال فترة أربعة شهور من شهر آذار إلى شهر حزيران .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 28 ـ

رابعاً : إقليم شط العرب
  يشمل هذا الإقليم الأراضي الواقعة على جانبي شط العرب التي تنحدر بصورة بطيئة من 2 م في الشمال إلى حوالي 0.50 م في الجنوب ، كما تنحدر أراضيه ببطيء من 2.5 م عند ضفاف شط العرب إلى اقل من متر في الأراضي المنخفضة المجاورة .
  استغل هذا الإقليم في الزراعة منذ القرن الأول الهجري حيث حفرت قنوات مختلفة الإحجام تتصل بشط العرب لتسقي بساتين النخيل التي زرعت على جوانب القنوات بواسطة الري بالحفر Ditches Irrigation .
  لظاهرة المد والجزر التي تحدث في الخليج العربي تأثير كبير على الري والصرف في هذا الإقليم . تدخل مياه المد إلى شط العرب ومن ثم إلى قنوات الإرواء مرتين في اليوم وتنسحب منها لتنصرف إلى شط العرب ثانية خلال الجزر الذي يحدث مرتين في اليوم أيضا . لذا يعتبر هذا النظام من نظم الري الفريدة في العالم ، ( لاحظ شكل 1 ) .
  يشبه هذا الإقليم من حيث الحرارة والمطر إقليم دجلة الجنوبي باستثناء الرطوبة النسبية التي من المتوقع أن تكون مرتفعة لكثافة الغطاء النباتي وقنوات الارواء . تسود في هذا الإقليم الترب الغرينية ـ الطينية المزيجية التي يبلغ معدل ملوحتها حوالي 12.2 ملموز / سنتمتر .

1 ـ الموارد المائية
  يعد شط العرب المورد المائي الرئيس للزراعة في هذا الإقليم ، يتأثر النظام المائي لشط العرب بالنظام المائي لنهري دجلة والفرات وكذلك بظاهرتي المد والجزر التي تحدث في الخليج العربي .
  يبلغ تصريف شط العرب في القرنة 487 م³ / ث ويزداد باتجاه الجنوب ليصل إلى 919 م³ / ث عند المعقل وذلك نتيجة المياه الواردة إلى الشط من الجداول السويب وكرمة علي وغميج والشافي التي تصرف مياه هور الحويزة والحمار ، يزداد تصريف النهر في الفاو حوالي 1377 م³ / ث نتيجة المياه الواردة إلى شط العرب من نهر الكارون ، يتباين التصريف من موسم إلى آخر ومن سنة إلى أخرى

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 29 ـ

وذلك حسب كمية التصريف في نهري دجلة والفرات ، يبلغ منسوب مياه شط العرب عند المعقل 1.5 م في مواسم الفيضانات و 1.9 م في مواسم الصيهود ، لظاهرتي المد والجزر تأثير كبير في تباين مناسيب مياه النهر خلال مواسم الفيضانات والصيهود حيث يبلغ المعدل العام للاختلاف بين منسوبي المد والجزر في شط العرب عند المعقل 1.43 م خلال مواسم الفيضانات و 1.93 خلال مواسم الصيهود .
  يبلغ معدل ملوحة مياه الشط إلى الجنوب من جدول السويب حوالي 1.64 ملموز / سنتمتر ويزداد باتجاه الجنوب ليصل إلى 2.031 ملموز / سنتمتر عند نهر المعقل وذلك لزيادة المياه المالحة المنصرفة إلى الشط من الاهوار .
   يرتفع معدل الملوحة في الفاو إلى أكثر من 2.947 ملموز / سنتمتر نتيجة توغل المياه المالحة من الخليج العربي نحو شط العرب ، تعد مياه الشط متوسطة الملوحة في أقسامه العليا والوسطى كما تعد عالية الملوحة في أقسامه الجنوبية وذلك وفقاً لمعيار ( 1954 ) U . S . D . A ، والمياه العالية الملوحة لا يمكن استخدامها في الري إلا في الترب ذات النفاذية الجيدة والتي يمارس فيها الغسل الجيد لإزالة الأملاح .

2 ـ نظام التوزيع
  انشأ الناس نظام التوزيع في هذا الإقليم منذ القرن الأول الهجري بنظام هندسي دقيق ومترابط يعتمد على استغلال ظاهرتي المد والجزر في سقي بساتين النخيل .
  يتألف نظام التوزيع من انهار وشاخات وابوات وأصابع لكل منها أبعاد معينة ، فالأنهار تتفرع من شط العرب نحو الجوانب ويبلغ عددها حوالي 635 نهراً ، منها 165 نهراً على الجانب الشرقي من شط العرب والباقي 470 نهراً على الجانب الغربي ، تصنف هذه الأنهار على أساس الطول إلى صنفين :
الأنهار الطويلة التي تتراوح أطوالها بين 4 ـ 8 كم وعرضها بين ( 5 ـ 43 ) م وعمقها 3 ـ 5 م ، والأنهار القصيرة التي تسمى الشاخات أو الشوايخ ( مفردها شاخة ) وهي اقصر من سابقتها حيث تتراوح أطوالها بين 1 ـ 4 كم وعرضها بين 3 ـ 14 م وعمقها بين 2 ـ 4 م .
   تتفرع من الأنهار والشاخات قنوات اصغر تسمى الابوات ( مفردها أبو أو أبي ) بصورة متعامدة في الغالب ، تتراوح أطوالها بين 200 ـ 700 م وعرضها بين 2 ـ 3 م ومعدل عمقها حوالي 2 م ، تتفرع من الابوات قنوات أو خفر صغيرة

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 30 ـ

تسمى الأصابع ( مفردها إصبع أو صبع ) بصورة متعامدة ، تتراوح أطوالها بين 5 ـ 12 م وعرضها 1.5 م وعمقها 1.5 ـ 2 م وتبعد الواحدة عن الأخرى بمسافات تتراوح بين 6 ـ 10 م ، ( لاحظ شكل 6 ) ، لقد حفرت هذه الشبكة من القنوات أو الحفر يدوياً منذ القرن الأول الهجري حيث كانت الأيدي العاملة وفيرة ورخيصة وقد سميت الأنهار والشاخات بأسماء محتفريها أو المناطق التي تمر بها .
   تبلغ المساحات التي تشغلها هذه القنوات في الدونم الواحد حوالي 250 م² أو ما يعادل 20.8 % من الدونم ، تتصل هذه القنوات مع بعضها البعض وأخيراً بشط العرب بنظام هندسي دقيق بحيث تمتلئ كلها في إثناء المد وتخدم الإقليم كقنوات ري أما خلال الجزر فتصرف مياه البزل إلى شط العرب فتصبح منازل في الوقت ذاته ، يمكن أن نفسر ظاهرة امتلاء القنوات بالمياه من شط العرب في أثناء المد وصرفها نحو شط العرب خلال الجزر بما يلي :
   أن الانحدار العام للقنوات يكون باتجاه شط العرب ومعدل انحدارها تتراوح بين 2 ـ 4 سنتمتر لكل 100 م وبكلمة أخرى أن انحدار هذه القنوات يكون معاكساً لاتجاه الانحدار العام لسطح الأرض الذي ينحدر من ضفاف شط العرب نحو الذنائب ، لذا يكون عمق هذه القنوات قرب ضفاف الشط أعمق مما عليه في الذنائب وذلك كي تسهل عملية صرف مياه البزل نحو شط العرب ، على ضوء ذلك يمكن القول أن القنوات تملأ بمياه شط العرب في أثناء المد وفقاً لقاعدة الأواني المستطرقة وتصرف مياه البزل إلى الشط في أثناء الجزر بتأثير الجاذبية الأرضية حيث تكون قيعان القنوات عند الذنائب أعلى من قيعانها عند ضفاف شط العرب ، ( لاحظ شكل 7 ) ، لوحظ أن في بعض مناطق هذا الإقليم توضع أنابيب مدفونة ( اردبة ) تحت التربة تصل بين الأصابع والأبواب ، تغلق هذه الأنابيب بقطع من الخرق وتفتح بإزالتها ، يقوم الفلاح بغلق الاردبة في حالتين ، الأول في بداية كل موجة مد تدخل إلى الابوات وذلك لأنها تدفع مياه الصرف المالحة في مقدمتها فغلق الاردبة يمنع دخول هذه المياه المالحة إلى أصابع مزرعته ، أما الحالة الثانية ، عندما لا يرغب الفلاح في ري نخيل مزرعته وخاصة في فصل الشتاء .
  أن حفر هذه الشبكة الكثيفة من الحفر أو القنوات أدت إلى تقطيع الأراضي الزراعية إلى بقع صغيرة تبلغ مساحة كل منها بين 50 ـ 150 م2 ، تتصل هذه القطع مع بعضها بواسطة ممرات ضيقة تنحصر بين القنوات هذا الأمر يؤدي إلى صعوبة استخدام الماكنة الزراعية كالمحراث الآلي والملقحات مثلاً لذا يضطر


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 33 ـ

المزارعين إلى الحراثة اليدوية العالية الأجور والقليلة الكفاءة ، كما تتم النخيل ( التلقيح ، التركيس ، المكافحة ، الجني . . . الخ ) يدوياً ، إضافة إلى أن هذه القنوات الترابية تتطلب التطهير المستمر نتيجة تراكم الرواسب والانهيارات الجانبية ونمو النباتات الطبيعية ، وإلا يؤدي الأمر إلى صعوبة حركة مياه الري والبزل فيها وأخيراً يؤدي إهمالها إلى طمرها وهلاك النخيل الموجود على جوانبها وهذا ما يحدث باستمرار في الأراضي المهملة .

3 ـ المحاصيل
  يعد نخيل التمور المحصول الرئيس في هذا الإقليم من حيث المساحة التي يشغلها والإنتاج ، تبلغ المساحة المزروعة بالنخيل حوالي 130000 دونم أو ما يعادل 90 % من الأراضي الزراعية في هذا الإقليم و 69.5 % من الأراضي الزراعية في محافظة البصرة ، يبلغ عدد النخيل في هذا الإقليم حوالي 6.45.000 نخلة ويشكل هذا العدد 30.6 % من مجموع نخيل العراق ، إلا أن أنتاج إقليم شط العرب من التمور يشكل 11.8 % فقط من إنتاج التمور في العراق .

4 ـ الاستهلاك المائي النظري
  مادام ري النخيل في هذا الإقليم يتم بصورة طبيعية بواسطة مياه المد فأن حساب الاستهلاك المائي النظري ليس له أهمية ، حيث تبرز أهميته عند استخدام طرائق ري أخرى كالري بالقنوات Furrows أو التنقيط Drip مثلاً ، لقد قدر الاستهلاك المائي النظري للنخيل للدونم الواحد ولطول العام بحوالي 7780 م3 ، وقد استثنيت المساحة التي تشغلها الحفر والقنوات والتي تشكل 20.8 % .

5 ـ التجهيز المائي
  أثبتت إحدى التجارب في الإقليم أن كمية المياه المستخدمة فعلاً لري النخيل في الدونم الواحد ولمدة سنة حوالي 2350 م3 ، يلاحظ أن كمية المياه التي يحتاجها النخيل خلال هذه الأشهر حوالي 47 % من مجموع المياه السنوية

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 34 ـ

التي يحتاجها هذا المحصول وتقل هذه الكمية في أشهر الشتاء ولا سيما في الفترة بين شهري تشرين الأول وآذار .
  أن التجهيز المائي للنخيل يتم بصورة طبيعية خلال فترتي المد التي تحدث مرتين في اليوم تستغرق كل مرة حوالي ست ساعات ، خلال هذه القنوات تمتلئ الأصابع المطهرة بالمياه لعمق حوالي 2 م أما الأصابع المهملة فتدخلها المياه لعمق يتراوح بين 0.30 ـ 1.0 م ، تسقى أشجار النخيل المزروعة على جوانب الأصابع بواسطة الحركة الجانبية للمياه ، تلعب سرعة واتجاه الرياح دوراً كبيراً في مناسب المياه في الأصابع حيث عندما تهب الرياح شمالية وشمالية غربية نشطة خلال فترة المد فأنها تؤدي إلى رفع مياه المد في شط العرب نحو الخليج العربي وبذلك تقل كمية المياه التي تدخل من الشط إلى القنوات كما لاتصل المياه إلى القنوات المهملة ، أما عندما تهب رياح جنوبية شرقية نشطة فأنها تدفع الرياح من الخليج العربي نحو شط العرب تزداد كمية المياه التي تدخل من الشط إلى القنوات ، أما خلال الجزر الذي يحدث مرتين في اليوم أيضا تستغرق ست ساعات فأن المياه تتصرف من شط العرب إلى الخليج العربي أي يهبط منسوبها مما يؤدي إلى انسياب المياه من القنوات نحو الشط بفعل الجاذبية الأرضية ، وهكذا تعمل هذه القنوات للري والبزل في آن واحد .
   مما تجدر الإشارة إليه أن مياه البزل تجري نحو شط العرب بصورة بطيئة لاسيما في القنوات المهملة والذنائب ولذا نلاحظ انه في نهاية فترة الجزر غالباً ما تندفع مياه البزل ثانية أما موجة المد الجديدة التي تأتي من شط العرب وهذا الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ملوحة الري ولاسيما التي تصل إلى الذنائب وفي الأراضي المهملة ، وتزداد ملوحة مياه الري خلال موسم الصيهود ويزداد تركيز الأملاح في مناطق الكتوف ، فقد وجد الباحث أنه في مواسم الفيضانات يبلغ معدل ملوحة مياه القنوات في مناطق الكتوف خلال المد 1.664 ملموز / سنتمتر في أثناء والجزر 1.664 ملموز / سنتمتر في حين ترتفع الملوحة إلى 3.446 و 3.820 ملموز / سنتمتر في أثناء المد والجزر على التوالي في مياه قنوات الذنائب . أما في مواسم الصيهود فقد وجد أنه في مناطق الكتوف تبلغ ملوحة مياه القنوات 2.343 و 2.426 ملموز / سنتمتر خلال المد والجزر على التوالي أما في الذنائب فترتفع القيم إلى 4.020 ملموز / سنتمتر خلال المد و

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 35 ـ

4.203 ملموز / سنتمتر في أثناء الجزر ، لملوحة مياه الري تأثير كبير على كمية ونوعية إنتاج النخيل .
  يمكن تقييم مياه الري الآنف الذكر في ضوء المعايير التالية :

(أ) إنتاج المحاصيل
   يتصف عدد النخيل في هذا الإقليم بالتناقص المستمر نتيجة الظروف الطبيعية والبشرية السائدة فمثلاً كان عدد النخيل عام 1952 حوالي 13.399.772 نخلة تناقص إلى 6.545000 نخلة عام 1987 وهذا العدد يشكل فقط 48.8 % مما كان عليه العدد عام 1952 . رغم ذلك ما يزال هذا الإقليم يعتبر أكثف غابة نخيل ليس في العراق فحسب بل في العالم .
  من الطبيعي أن يرافق الإهمال المستمر للنخيل في هذا الإقليم وتناقص أعداده ، انخفاض في إنتاج التمور ، لقد توضحت تلك الظاهرة بصورة خاصة خلال العقود الثلاث الأخيرة ، فمثلاً كان إنتاج الإقليم من التمور عام 1950 حوالي 145.228 طن وهذه الكمية كانت تشكل 32.9 % من إنتاج العراق من التمور في تلك السنة ، أما في عام 1980 فقد كان إنتاجه حوالي 70460 طن وهذه الكمية كانت تشكل فقط 11.8 % من إنتاج العراق من التمور لذلك العام .
   في الواقع هناك مجموعة من العوامل الطبيعية البشرية مسؤولة عن انخفاض أعداد وإنتاج النخيل في هذا الإقليم يأتي في مقدمتها نظام الري والبزل السائد ، ويمكن إجمال تلك العوامل بما يلي :

1 ـ أن طبيعة نظام الري والبزل في وضعه الحالي غير ملائم للإنتاج التجاري للتمور ، فعلى سبيل المثال يبلغ معدل إنتاج النخلة في هذا الإقليم 12.3 كغم عام 1980 وهذا المعدل يعادل اقل من نصف معدل إنتاج النخلة في محافظة بابل التي يمارس فيها الري السطحي في القنوات والاحواض .
  لقد اجريت تجربة في هذا الاقليم عام 1966 لتوضيح تأثير كل من نظام الري والصرف السائد في الاقليم وتأثير نظام الري بالمروز furrows على انتاج التمور . خصصت مساحة تظم 90 نخلة تروى بواسطة المروز ،اوضحت التجربة بعد مرور سنة من استخدام نظامي الري اعلاه في البقعتين ان معدل الانتاج العذق الواحد في النخلة في البقعة الاولى يبلغ 10 كغم في نظام الري بالحفر الى 52 كغم في نظام الري بالمروز .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 36 ـ

2 ـ الإهمال المستمر لقنوات الري يؤدي إلى تراكم الرواسب والنباتات الطبيعية وهذا الأمر يؤدي إلى صعوبة ملئها بمياه الري أثناء المد وصعوبة صرف مياه البزل منها خلال الجزر ، أن هذه الحقائق تؤدي إلى رداءة نوعية التمور وقلة إنتاجها وضعف نمو النخيل ، واسمرار هذه الظواهر يؤدي إلى هلاك النخيل حيث تبرز هذه الحالة بوضوح في الأراضي المهملة والذنائب ، فمثلاً يبلغ عدد النخيل الذي هلك عام 1978 في هذا الإقليم حوالي 18600 نخلة وهذا العدد يشكل 2.8 % من مجموع عدد النخيل في الإقليم وحوالي 55 % من عدد النخيل الذي هلك في العراق في ذلك العام .

3 ـ ارتفاع نسبة الملوحة في مياه الري والتربة ، يبلغ معدل ملوحة مياه شط العرب 2.026 ملموز / سنتمتر خلال مواسم الفيضانات تزداد إلى 3.249 ملموز / سنتمتر خلال مواسم الصيهود الذي يكون خلاله النخيل في حاجة اكبر للمياه ، أما مواسم ملوحة التربة فيبلغ معدلها 12.2 ملموز / سنتمتر أن ارتفاع ملوحة التربة والمياه تساهم بدرجة كبيرة في انخفاض إنتاج النخيل .

(ب) ملوحة التربة
   أن ارتفاع ملوحة مياه الري والتبخر العالي يؤدي إلى زيادة ملوحة التربة ، جمعت محللة ثماني نماذج من ترب الإقليم وأوضحت أن معدل ملوحة ترب كنوف شط العرب تبلغ 7.9 ملموز / سنتمتر تزداد في الذنائب إلى 16.5 ملموز / سنتمتر ، يعزى ذلك إلى ملوحة مياه الري ورداءة الصرف كلما اتجهنا من الكتوف نحو الذنائب ، كما أوضح التحليل أن معدل ملوحة التربة في منطقة القرنة تبلغ 7.2 ملموز / سنتمتر ، ويزداد باتجاه الجنوب ليصل إلى 10.17 ملموز / سنتمتر في منطقة كرمة علي ثم يتضاعف إلى 22.0 ملموز / سنتمتر في منطقة السيبة . يعزى ذلك إلى زيادة ملوحة مياه الري بهذا الاتجاه .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 37 ـ

الخلاصة

في ضوء مناقشة نظم الري السائدة في أقاليم محافظة البصرة يمكن أن نستنتج الخصائص التالية :
1 ـ يستخدم نظام الري بالقنوات في جميع أقاليم المحافظة ولكن هذه القنوات تختلف في أبعادها ووظائفها وديمومتها من إقليم إلى آخر ، ويمكن تصنيفها إلى مجموعتين : الأولى في الإقليم الغربي وإقليم دجلة الجنوبي ، حيث تكون قنوات الري فيهما صغيرة وموسمية وتستخدم للري فقط ، أما المجموعة الثانية فتوجد في إقليم الاهوار وإقليم شط العرب وتكون قنوات الري فيهما كبيرة الحجم بشكل حفر دائمية تستخدم للري والصرف في آن واحد .
2 ـ جميع قنوات الري المستخدمة في المحافظة ترابية ومفتوحة ، تؤدي إلى زيادة الضائعات المائية بسبب التبخر والترشح والتسرب والغور العميق ، الأمر الذي ينتج عنه قلة كفاءة مياه الري المستخدمة .
3 ـ أن جميع نظم الري التي تمارس في المحافظة تؤدي إلى زيادة ملوحة التربة وبالتالي إهمال الكثير من الأراضي الزراعية وذلك لقلة كفاءة هذا النظم من جهة ورداءة الصرف الطبيعي وعدم وجود مبازل اصطناعية مخصصة لصرف الأراضي الزراعية من جهة ثانية .
4 ـ تحتل قنوات الري في إقليمي الاهوار وشط العرب مساحة كبيرة من ارض المزرعة حيث تشغل في الإقليم الأول 57 % وفي الإقليم الثاني 21 % من مساحة المزرعة .
5 ـ في إقليم الاهوار تتصف الأراضي الصالحة للزراعة بقلتها وغزارة مياه الري ولكن كلاهما لا يستخدم بصورة مناسبة ، أما في الإقليم الغربي الصحراوي فعلى العكس حيث تتصف الأراضي الزراعية بوفرتها ولكن المياه الصالحة للري نادرة ، ورغم ذلك يمارس الفلاحون الري المفرط الذي يؤدي إلى تلوث مياه الآبار والاتربة .
6 ـ أن أهم مشكلة تواجه الزراعة في إقليم الاهوار تتمثل بتذبذب مناسيب المياه وغزارة النباتات الطبيعية في حين لتباين مناسيب المياه في إقليم شط العرب أهمية كبيرة في عمليتي الري والصرف .
7 ـ يتصدر نظام الري والصرف في إقليم شط العرب العوامل التي تؤدي إلى التناقص المستمر في أعداد النخيل والانخفاض المستمر في انتاجه التمور .


نظم الري في محافظة البصرة  ـ 38 ـ

المصادر العربية

1 ـ داود جاسم الربيعي ، قضاء الزبير / دراسة في الجغرافية البشرية ، مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، البصرة / 1978 .
2 ـ دائرة استثمار المياه الجوية في الزبير ، سجلات عن نوعية المياه الجوفية ( غير منشورة ) .
3 ـ داود جاسم الربيعي ، الموارد المائية في محافظة البصرة ، ( بحث غير منشور ) .
4 ـ عبد الحسين جواد الرسيح ، تحليل العلاقات المكانية بين نمو محصول الطماطة في الاهوار ، مجلة مركز دراسات الخليج العربي ، جامعة البصرة ، 1980 .
5 ـ داود جاسم الربيعي وعبد الجليل عبد الواحد ، نظام الري والصرف في قضاء أبي الخصيب ، مجلة كلية الآداب ، عدد 17 ، جامعة البصرة 1981 .
6 ـ محمد طارق الكاتب ، شط العرب وشط البصرة والتاريخ ، البصرة 1972 .
7 ـ رئاسة المنطقة الزراعية في البصرة ، تقرير حول بساتين النخيل في البصرة ، 1980 .
8 ـ المجلس الزراعي الأعلى ، تطوير إنتاج التمور في العراق ، بغداد 1974 .
9 ـ حبيب السكوتي ، مشاكل إنتاج وتسويق التمور في العراق ، مركز بحوث النخيل والتمور نشرة رقم 5 / 75 ، بغداد ، 1975 .
10 ـ داود جاسم الربيعي ، ظاهرة الملوحة في القسم الجنوبي من العراق ، مجلة مركز دراسات الخليج العربي العدد ـ جامعة البصرة 1988 .

نظم الري في محافظة البصرة  ـ 39 ـ

المصادر الانكليزية


1 ـ Ministry of Development, Groundwatewr Resourcse of Iraq, vol.7, soutbern Desert, The Ralph and Parsons co., Baghdad, 1955 .
2 ـ Haddad, R.H.and Hawa H., Hydrology of safwan Area, Institute Ior Applied Racearch on Natural Resources, Tech. Bell. 132, Baghdad, 1979.
3 ـ Doorenbos, J.D. and Pruitt W.O., Crop water Requirement, F.A.Q. Irringation and Drainage paper No. 24, Rowe, 1975.
4 ـ Al-Robaiay, D.J. Irigation and Drainage Systems in Basrah province, IRAQ, PH.D. thesis from Geography Dept. University of Durham, U.K. 1984 .
5 ـ Minisry of Irrigation, General Establishment for studies and Design, shat AL-Arab Progect, Sstudies of salinityproblem, polservice co., Part A., Basrah, 1979.
6 ـ ...,...,..., Semi - Detailed Soil Survey, part 3-4, Polservice Co. Basrah, 1979 .
7 ـ ...,...,..., Surface water, part A, vol, polservice Co. Basrah, 1979 .