وقال له : اتّقِ الله ولا تؤثرنّ على تقوى الله شيئاً، فإنَ في تقواه عوضاً، وقِ عرضَك مِن أن تدنسَه، وإذا أعطيتَ عهداً ففِ به، ولا تبيعنَ كثيراً بقليلٍ، ولا تخُرِجنّ منك أمراً حتّى تبرمَه، فإذا خرج فلا يُردنّ عليك، وإذا لقيتَ عدوَك فكُن أكثرَ من معك، وقاسمْه على كتابِ اللهِ، ولا تُطمِعنّ أحداً في غير حقه، ولا تؤيسَنّ أحداً مِن حقٍ له، ثمَ ودَعَه) (1) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثنا عليّ، قال : حدّثنا مسلمة، قال : سار عبيد الله إلى خراسان في آخر سنة 53 هـ ، وهو ابن 25 سنة من الشام، وقدم إلى خراسان أسلم بن زرعة الكلابيّ، فخرج معه من الشام الجعد بن قيس النُميَرْيّ يرجز بين يديه بمرثيّة زياد، يقولُ فيها :
  وحدّثني عمر مرّةً أخرى في كتابه الذي سماّه كتاب (أخبار أهل البصرة)، فقال : حدّثني أبو الحسن المدائنيّ، قال : لما عقد معاوية لعبيد الله بن زياد على خراسان خرج وعليه عمامة - وكان وضيئاً- والجَعد بن قيس يُنشده مرثيّة زياد :
أبـقِ عـليَ عاذلي من iiاللّومْ      فـيما أُزيلت نعمتي قبل iiاليومْ
قـد ذهب الكريمُ والظلُ الدَوْمْ      والـنَعَمُ الـمؤثَلُ الدَثرُ iiالحَوْمْ
والـماشياتُ مـشيةً بعد النومْ      لـيتَ  الـجيادَ كلَها مع iiالقومْ
سُـقِينَ سـمَ ساعةٍ قبل iiاليومْ      لأربعٍ مَضين من شهرِ الصّومْ
  ومنها :
يومُ  الثلاثاء الذي كان iiمَضى      يومٌ قضى فيه المليكُ ما قَضى
وفـاةَ بـرّ مـاجدٍ جَلد القوى      حـرَ بِـهِ نوالُ جعدٍ iiوالتظَى


*************************************************
(1) الطريّ، تاريخ: ج 4، ص 220 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 252 ـ

كان زياد جبلاً صعبَ الذّرى      شهماً  إذا شئتُم نقيصاتٍ أبَى
لا يُـبعِد اللهُ زيـاداً إذْ iiثوى
  وبكى عبيد الله يومئذٍ حتى سقطت عمامتُه عن رأسه، قال : وقدم عبيد الله خراسان ثمَ قطع النّهر إلى جبال بُخارى (1) على الإبل، فكان هو أوّل مَن قطع إليهم جبال بُخارى في جندٍ، ففتح رامثين (2) ونصف بَيْكَند (3) - وهما مِن بُخارى - فمِن ثَمَ أصاب البُخاريّة) (4) .

خبرُ جلب الترك البخارية الى البصرة (54 هـ / 673 م)

  (قال عليّ (5) ، أخبرنا الحسن بن رشيد عن عمه، قال : لقي عُبيد الله بن زياد الترك ببُخارى ومع ملِكهم امرأته قبج خاتون، فلماّ هزمهم اللهُ أعجلوها عن لبس خُفَيها، فلبِست أحدهما وبقي الآخر، فأصابَه المسلمونَ، فقُوّم الجورب بمائتي ألف درهمٍ.
  قال : وحدّثني محمّد بن حفص، عن عبيد الله بن زياد بن معمر، عن عبادة بن حصن، قال : ما رأيتُ أحداً أشدَ بأساً من عبيد الله بن زياد، لقِيَنا زحفٌ من الترك بخراسان، فرأيتُهُ يقاتلُ فيحمل عليهم، فيَطعن فيهم ويغيبُ عنّا، ثمَ يرفعُ رايتَهُ تقطرُ دماً.

*************************************************
(1) بُخارى : من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلِّها، كانت قاعدة ملك السامانيّة، بينها وبن مرو اثنتا عشرة مرحلة . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 2، ص 280 .
(2) رامثين : قرية ببُخارى . ياقوت الحمويّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 383 .
(3) بَيْكَند : بلدةٌ كبيرةٌ بين بخارى وجيحون على مراحل من بُخارى . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 2، ص 418 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 220 _ 221 .
(5) الروايةُ هنا هي في الأصلِ تكملةٌ للرواية السابقة (حدّثني عمر قال حدّثنا علي ...) ، أي استكمال للخبر السابق .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 253 ـ

  قال عليّ : وأخبرنا مسلمة أنّ البخاريّة الذينَ قدِم بهم عبيدُ الله بن زياد البصرة ألفان، كلُهم جيّد الرمي بالنّشّاب.
  قال مسلمة : كانَ زحفُ الترُك ببُخارى أيّام عبيدِ الله بن زياد من زحوف خراسان التي تُعَدُ، قال : وأخبرنا الهذليّ، قال : كانَ زُحوف خراسانَ خمسةً، أربعةٌ لقَيَها الأحنف ابن قيس، الذي لقِيَه بن قُوهستان (1) وأبرشهر، والزُحوف الثلاثة التي لقِيَها بالمرغاب (2) ، والزّحف الخامس زَحف قارِن (3) ، فضَه عبد الله بنُ خازم) (4) (5) .

خبرُ ولاية عبيد الله بن زياد على البصرة (55 هـ / 674 م)

  (حدّثني عمر، قال : حدّثنا الوليد بن هشام وعلي بن محمّد - واختلفا في بعض الحديث - قالا : خطب عبد الله بن عَمْرو بن غيلان على منبر البصرة، فحصبَه رجلٌ من بني ضبّة - قال عمر : قال أبو الحسن : يُدعى جبير بن الضحّاك أحد بني ضرِار - فأمر به فقُطِعت (6) يدُه، فقال :

*************************************************
(1) قوهستان : تعريب كوهستان، ومعناه موضع الجبال ، أنّ كُوه يعني الجبل بالفارسيّة، وهي الجبال التي بين هراة ونيسايور . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 7، ص 103 .
(2) المرغاب : قرية من قرى هراة . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 8، ص 249 .
(3) قارِن : ذكر أنها مرتبة عسكريّة قياديّة عند الفرس. ينظر : أبو حنيفة الدينوريّ، الأخبار الطوال (تحقيق : عبد المنعم عامر، ط 1، دار إحياء الكتاب العربي، القاهرة - 1960 ) : ص 60 .
(4) عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت، أبو صالح السلميّ، أصلُه من البصرة، شجاع مشهور استعمله عبد الله بن عامر على خراسان أيّام عثمان، ثمّ ثار به أهل خراسان فقتلوه سنة 87 هـ . ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 28 ، ص 6 ، 9 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 221 _ 222 .
(6) إنّ عقوبة قطع اليد من العقوبات التي حُددت من يرتكب جريمة السرّقة، أمّا الجنايات الأُخَر التي ليست من الجرائم التي عقوبتُها القِصاص، أو الحدود فينبغي أن تكونَ عقوبتها تعزيريّة على وفق ما يرتأيه الحاكم، على أن لا يتمَ التجاوز في فرض العقوبات التعزيريّة حتى تبلغ القصاص،

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 254 ـ

السّمعُ والطاعةُ والتّسليمْ      خـيرٌ وأعفى لبني تميمْ
  فأتتْه بنو ضَبّة، فقالوا : إنّ صاحبَنا جنَى ما جنَى على نفسِهِ، وقد بالغ الأمير في عقوبتِهِ، ونحنُ لا نأمَنُ أن يبلُغَ خبرُه أميرَ المؤمنينَ فيأتي من قبله عقوبةٌ تخصُ أو تعمُ، فإنْ رأى الأمير أن يكتبَ لنا كتاباً يخرج به أحدُنا إلى أمير المؤمنينَ يخبرُه أنّه قطعَه على شُبهة، وأمر لم يضِحْ، فكتب لهم بعد ذلك إلى معاوية فأمسكُوا الكتابَ حتّى بلَغ رأس السّنة - وقال أبو الحسن : لم يزد على ستة أشهر - فوجّه إلى معاوية ووافاه الضّبّيونَ، فقالوا : يا أمير المؤمنين إنّه قطع صاحبنا ظلماً، وهذا كتابُهُ إليك، وقرأ الكتاب، فقال : أمّا القَود مِن عمالّي فلا يصِحّ ولا سبيلَ إليه، ولكن إن شئتم ودَيتُ صاحبَكم، قالوا : فَدِه، فَوَدَاه من بيت المال، وعزل عبد الله، وقال لهم : اختاروا مَن تحبُونَ أن أُوليّ بلدَكم، قالوا : يتخيرُّ لنا أميرُ المؤمنينَ، وقد علم رأي أهلِ البصرةِ في ابن عامر، فقال : هل لكم في ابنِ عامر ؟ فهو مَن قد عرفتُم في شرفِهِ وعفافِهِ وطهارتِهِ، قالوا : أمير المؤمنين أعلم، فجعل يردّد ذلك عليهم ليسبرَُهم (1) ، ثمَ قال : قد ولّيتُ عليكم ابنَ أخي عبيد الله بن زياد البصرة.
  قالَ عمر : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : عَزَلَ معاويةُ عبدَ الله بن عَمرو وولىّ عبيدَ الله بن زياد البصرة في سنة خمسٍ وخمسينَ، وولىّ عبيد الله أسلم بن زُرعة خراسان، فلم يغزُ ولم يفتح بها شيئاً، وولىّ شرَُطَه عبد الله بن حصن، والقضاء زُرارة بن أوفى ثمّ

*************************************************
أو الحدود ؛ لذا يعتبر عبد الله بن عمر بن غيلان من ولاة بني أمية الذين جاوزوا في فرض العقوبات بما لا يتلاءم مع نوع الجريمة . للمزيد عن التجاوزات في فرض وتنفيذ العقوبات أيّام الحكم الأموي ينظر : بعيد، سامي جودة : تجاوزات السلطة في فرض وتنفيذ العقوبات (أطروحة دكتوراه، جامعة البصرة - كليّة الآداب – 2012) .
(1) السبّر : يشمل الحزر والتجربة والاختبار، واستخراج كُنْهِ الأمر . ينظر : الزبيديّ، تاج العروس : ج 6، ص 490 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 255 ـ

  عزلَه، وولىّ القضاء ابن أُذينة العبديّ(1) ) (2) .
خبرُ ولاية سعيد بن عثمان (3) على خراسان (65 هـ / 675 م)

  (حدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ، قال : أخبرني محمّد بن حفص، قال : سأل (4) سعيد ابن عثمان معاوية أن يستعملَه على خراسان، فقال : إنَ بها عبيد الله بن زياد، فقال : أما لقد اصطنعك أبي ورفاك حتى بلغت باصطناعه المدَى الذي لا يجُارى إليه ولا يُسامى، فما شكرتَ بلاءَه ولا جازيته بآلائِهِ، وقدَمت عليَ هذا - يعني يزيد بن معاوية - وبايعت له، ووالله لأنَا خيرٌ منه أباً وأمّاً ونفساً، قال : فقال معاوية : أمّا بلاءُ أبيك فقد يحقّ عليّ

*************************************************
(1) ابنُ أذينة : هو عبد الرحمن بن أذينة العبديّ، كان على قضاء البصرة أيّام عبد الملك بن مروان، توفي سنة 95 هـ أو قبلها . ينظر : وكيع، أخبار القضاة : ج 1،ص 306 ، ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علماء الأمصار : ص 154 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 222 _ 223 .
(3) سعيدُ بن عثمان بن عفّان، وُصف بأنّه شيطانُ قريش ولسانها، أمّه فاطمة بنت الوليد المخزوميّة، شارك في الجمل، ووقع في الأسر، فعفا عنه الإمامُ علي (ع) ، فبايع والتزم الطاعة، فلم يشارك في صِفيّن، وعندما علم بمبايعة معاوية لولده يزيد ولاية العهد اعرض وطالب بالخلافة لنفسه، فعهد إليه معاوية خراسان، ثمّ عزله بعد سنةٍ واحدةٍ فقط، ثمَ دبّر إليه مؤامرةً فقُتل سنة 60 هـ بيد الغلمان، إلا أنّ ذلك تمَ بتحريضٍ من معاوية . ينظر : الهاشميّ، سلمى عبد الحميد : آل عثمان بن عفّان وموقفهم من الحكم الأمويّ (مطبعة دار الكتب، جامعة البصرة - 2012 ) : ص 13 ، 27 ، 31 ، 56 ، 69 _ 79 .
(4) ورد في روايةٍ أخرى أنّ معاوية كان هو من عهِد ولاية خراسان لسعيد بن عثمان بعد اعراضه على إسناد ولاية العهد ليزيد دونه، فكانت ولاية خراسان نوعاً من المراضاة، فوافق سعيد بعد أن فشِل في الحصول على الخلافة . ينظر : ابن حبيب، أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهليّة والإسلام (مطبوع في كتاب نوادر المخطوطات، تحقيق عبد السلام محمّد هارون، دار الجيل، بيروت - 1991 ) : ج 6، ص 183 ، البلاذريّ، أنساب : ج 6، ص 247 ، ابن قتيبة الدينوريّ، الإمامة والسياسة (تحقيق : علي شيري، منشورات الريف الرضي، بيروت - 1990 ) : ج 1 ، ص 214 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 256 ـ

  الجزاء به، وقد كان من شكري لذلك إنيّ طلبتُ بدمِهِ حتى تكشّفت الأمور، ولست بلائمٍ لنفسي في التشمير، وأمّا فضل أبيك على أبيه فأبوك واللهِ خيرٌ منّي وأقرب برسول الله (ص) ، وأمّا فضلُ أمك على أمه فما يُنكر، امرأةٌ مِن قريش خيرٌ مِن امرأةٍ من كَلْب (1) ، وأمّا فضلُك عليه فو الله ما أحبُ أنّ الغُوطة (2) دُحِسَت ليزيد رجالاً مثلَك، فقال له يزيد : يا أمير المؤمنين، ابنُ عمك وأنتَ أحقُ مَن نظر في أمره، وقد عتب عليك لي فأعتبه، قال : فولاّه معاوية حرب خراسان، وولىّ إسحاق بن طلحة خراجها، وكان إسحاق ابن خالة معاوية، وأمّه أمّ أبان ابنة عتبة بن ربيعة، فلماّ صار بالرّيّ (3) مات إسحاق بن طلحة، فوليَ سعيدٌ خراج خراسان وحربها) (4) .
  (حدّثني عمر، قال : قال حدّثني عليّ، قال : أخبرنا مسلمة، قال : خرج سعيد إلى خراسان وخرج معه أوس بن ثعلبة (5) التّيميّ صاحب قصر أوس، وطلحة بن

*************************************************
(1) يقصد بها ميسون بنت بجدل الكلبيّ زوجة معاوية، وهي أمّ ولده يزيد، كان أبوها زعيم قبيلة كَلْب النصرانيّة، ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 70 ، ص 130 .
(2) الغُوطة : هي الكُورة التي منها دمشق، يحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها، ولا سيمَا من شمالها، ومياهها خارجة من تلك الجبال، وتمدّ في الغوطة عدّة أنهر تسقي بساتينها، والغوطة كلُها أشجار وأنهار متّصلة، وهي بالإجماع أنزه بلاد الله وأحسنها منظراً، وهي إحدى جنان الأرض الأربع، وهي : الصُغد، والأُبُلة، وشعب بوّان، والغُوطة أجلُها، ينظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان : ج 6، ص 401 .
(3) مدينةٌ مشهورةٌ، قصبة بلاد الجبال، بينها وبين نيسابور 160 فرسخاً، كانت مدينةً عظيمةً خرب أكثرها سنة 617 هـ على يد التتر . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 457 _ 458 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 226 _ 227 .
(5) أوس بن ثعلبة بن زفر بن الحارث التيميّ، تيم الرّباب، وكان شاعراً، خرج إلى خراسان مع سعيد ابن عثمان فوقعَ بينه وبين طلحة الطلْحات معارضة هناك، فخرج من خراسان هارباً إلى معاوية . ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 9، ص 405 _ 406 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 257 ـ

  عبد الله (1) بن خلف الخزاعيّ، والمهلّب بن أبي صفرة، وربيعة بن عسل أحد بني عَمْرو بن يربوع، قال : وكانَ قومٌ من الأعراب يقطعون الطريق على الحاج ببطن فَلْج (2) ، فقيل لسعِيد : إنَ ههنا قوماً يقطعونَ الطريق على الحاج ويخُيفون السّبيل فلو أخرجتهم معك ! قال : فأخرج قوماً من بني تميم منهم مالك بن الرّيب (3) المازنيّ في فتيان كانوا معه، وفيهم يقول الراجز :
اللهُ  أنـجاكَ مـن القصيمِ      ومِـن أبـي حَردبةَ iiالأثيمِ
ومِـن غُوَيثٍ فاتح iiالعُكُومِ      ومالكٍ وسيفه المسمومِ (4)

خبرُ الشاعر ابن المفرغ (1) وعبيد الله بن زياد

  (أخبرني محمّدُ بن الحسن بن دريد، قال : حدّثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن

*************************************************
(1) طلحة بن عبد الله بن خلف بن أسعد الخزاعيّّ، المعروف بطلحة الطلْحات البصريّ، أبو المطرّف، وقيل أبو محمّد، أحد الأجواد المشهورين، وكان مع عائشة يوم الجمل، تولّى سجستان سنة 63 هـ فأقام بها حتى وفاته نحو سنة 65 هـ . ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 5، ص 16 _ 17 ، الزركلي، الأعلام : ج 3، ص 229 .
(2) فَلْج : وادٍ بين البصرة وحمى ضريّة، من منازل عدي بن جندب بن العنبر عَمْرو بن تميم، من طريق مكّة . ينظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان : ج 6، ص 442 .
(3) مالك بن الرّيب بن حوط بن خرط بن حسل من بني مازن بن مالك بن عَمْرو بن تميم، شاعرٌ فاتكٌ لصٌ، ومنشؤه في بادية بني تميم بالبصرة، ويُعدُ من شعراء الإسلام في العصر الأمويّ . ينظر : أبو الفرج الأصفهانيّّ، الأغاني : ج 22 ، ص 288 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4 ، 227 .
(5) ابن مفرغ، هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ، ولقب جدُه مفرغاً ، لأنّه راهن على سقاء لبنٍ أن يشربَه كلَه، فشرِبه كلَه حتى فرَغَه، فلقب مفرغاً، ويكنى أبا عثمان، قيل إنّه من حميِْرَ، وقيل إنّه حليف قريش، ثمّ حليف آل خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة، وقيل كان مفرّغ عبداً للضحّاك بن عبد عوف الهلاليّ، فأنعم عليه، كان شاعراً غزِلاً محسناً . ينظر : أبو الفرج الأصفهانيّّ، الأغاني : ج 18 ، ص 262 _ 263 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 258 ـ

  مسلمة بن محارب، وأخبرني الجوهريُ، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، وأخبرنا محمّد بن العبّاس اليزيديّ، قال : قرأتُ على محمّد بن الحسن بن دريد عن ابن الأعرابيّ، وأخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان، قال : حدّثنا أحمد بن الهيثم، قال : حدّثنا العمريّ عن لقيط ابن بكر، قالوا جميعاً :
  لمّا ولي سعيد بن عثمان بن عفّان خراسان استصحب يزيد بن ربيعة بن مفرغ، واجتهدَ به أن يصحبَه، فأبى عليه، وصحِب عبّاد بن زياد (1) ، فقال له سعيد بن عثمان : أما إذْ أبيت أن تصحبني وآثرت عبّاداً فاحفَظ ما أُوصيك به، إنّ عبّاداً رجلٌ لئيمٌ فإيّاكَ والدّالَةَ عليه وإن دعاك إليها من نفسِه، فإنهّا خُدعةٌ منهُ لكَ عَن نفسِكَ، وأقلِل زيارتَه فإنَه طَرِفٌ ملولٌ، ولا تُفاخرْه وإنْ فاخرَك، فإنَه لا يحتملُ لك ما كنتُ أحتملُه . ثمّ دعا سعيدٌ بمالٍ فدفعَه إلى ابن مُفرغ وقال : استعن به على سفرك، فإن صلح لك مكانك من عبّاد فمكانك عندي ممهّدٌ فائتني، ثمّ سار سعيدٌ إلى خراسان وخلّف ابن مُفرغ عنه، وخرج مع عبّاد.
  قال ابنُ دريدٍ في خبره عن مسلمة بن محارب : فلماّ بلغَ عبيدَ الله بنَ زياد صحبةُ ابن مُفرغ أخاه عبّاداً شقَ عليه، فلماّ سار أخوه عبّاد شيَعَهُ وشيَعَ النّاس معه، وجعلُوا يودّعونه ويودّع الخارجونَ مع عبّاد عبيد الله بن زياد، فلماّ أراد عبيدُ الله أن يودعَ أخاه دعا ابن مُفرغ، فقال له : إنّك سألت عبّاداً أن تصحَبَه وأجابَك إلى ذلك، وقد شقَ عليّ، فقال له ابن مُفرغ : ولِمَ أصلحك اللهُ ؟
  قال : أنَ الشاعرَ لا يُقنعُه من النّاس ما يُقنعُ بعضَهم من بعضٍ ، أنّه يظنُ فيجعلُ الظنَ يقيناً، ولا يعذرُ في موضع العُذر، وإنَ عبّاداً يقدُم على أرضِ حربٍ فيشتغلُ

*************************************************
(1) عبّاد بن زياد أخو عبيد الله بن زياد، يكنى أبا حرب، كان والي سجستان سنة 53 هـ، ومات سنة 100 هـ ، ابن حَجَر العسقلاني، تقريب التهذيب : ج 1، ص 466 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 259 ـ

  بحروبِه وإخراجه عنك، فلا تعذره أنتَ وتُكسِبُنا شرَاً وعاراً.
  فقال له : لستُ كما ظنَ الأمير، وإنّ معروفِه عندي لشكراً كثيراً، وإنَ عندي - إن أغفل أمري – عذراً ممهَداً، قال : لا، ولكن تضمنُ لي إنْ أبطأ عنك ما تحبُه ألاّ تعجلَ عليه حتى تكتبَ إليَ، قال : نعم، قال امضِ إذاً على الطائر الميمون، قال : فقدِم عبّاد خراسان، واشتغل بحربِه وإخراجه، فاستبطأه ابنُ مُفرغ، ولم يكتب إلى عبيد الله بن زياد يشكوه ، كما ضمن له ولكنّه بسط لسانه فذمَه وهجاه، وكان عبّاد عظيمَ اللحية كأنها جوالق (1) فسار يزيد بن مُفرغ يوماً مع عبّاد فدخلت الرّيح فنفشتها، فضحِك ابن مُفرغ وقال لرجلٍ من لخم كان إلى جنبه قولَه :
ألا ليتَ اللحى كانت حشيشاً      فـنعلفها  خـيولَ iiالمسلمِينا
  فسعى به اللّخميُ إلى عبّاد، فغضب من ذلك غضباً شديداً، وقال : لا يجمُل بي عقوبتَه في هذه السّاعة مع الصّحبةِ لي، وما أؤخرُها إلاّ لأشفيَ نفسي منه، لأنّه كان يقوم فيشتمُ أبي في عدّة مواطن، وبلغ الخبر ابن مُفرغ، فقال : إنيّ لأجد ريحَ الموت من عبّاد، ثمَ دخل عليه، فقال له أيهّا الأمير، إنيّ كنتُ مع سعيد بن عثمان، وقد بلغك رأيه فيّ، ورأيت جميل أثره عليَ، وإنيّ اخترتك عليه فلم أحظَ منك بطائلٍ، وأريد أن تأذنَ لي في الرجوع فلا حاجة لي في صحبتِك، فقال له : أمّا اختيارُك إيّاي فإنيّ اخترتُك كما اخترتني واستصحبتك حين سألتني، وقد أعجلتني عن بلوغ محبّتي فيك، وقد طلبت الإذنَ لترجع إلى قومِك فتفضحني فيهم، وأنت على الإذنِ قادرٌ بعد أن أقضي حقَك، فأقام . وبلغ عبّاداً أنّه يسبُه ويذكره وينال من عرضه، وأجرى عبّاد الخيل فجاء سابقاً، فقال ابن مُفرغ :

*************************************************
(1) الجوالق، والجمع الجواليق، وعاءٌ من الأوعية معروفٌ، معرّب، ابن منظور، لسان العرب : ج 10 ، ص 36 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 260 ـ

(سَبَق عبَادٌ وصلَت لحِْيَتُه) (1)

  وطلب عليه العِلَل، ودسَ إلى قوم كان لهم عليه دَينٌ، فأمرهم أن يقدموه إليه، ففعلوا، فحبسَه وأضرّ به، فبعثَ إليه أنْ بِعني الأراكة وبُرداً، وكانت الأراكةُ قَيْنةٌ لابن مفرغ، وبُردٌ غلامُه، ربّاهما وكان شديدَ الظن بهما، فبعثَ إليه ابن مُفرغ معَ الرسول : أيبيعُ المرءُ نفسَه أو وَلَدَه ؟ فأضرَ به عبّاد حتى أخذهما منه، هذه رواية مسلمة، وأمّا لقيط وعمر بن شبَة فإنهما ذكرا أنّه باعهما عليه، فاشتراهما رجلٌ من أهلِ خراسان) (2) .
  (وقال عمر بن شبَة في خبره : جمع عبّاد بن زياد كلَ شيءٍ هجاه به ابن مُفرغ وكتب به إلى أخيه عبيد الله، وهو يومئذٍ وافدٌ على معاوية، فكان فيما كتب إليه قوله :
إذا أودى معاويةُ بن iiحربٍ      فبشر شعبَ قعبك بانصداعِ
فـأشهدُ  أنَ أمَك لم iiتُباشر      أبـا سفيان واضعَة iiالقناعِ
ولـكن كان أمراً فيه iiلبسٌ      عـلى وجلٍ شديدٍ iiوارتياعِ
  وقوله :
ألا  أبـلِغ مـعاويةَ بن iiحربٍ      مـغلغلةً  مـن الرّجل iiاليماني
أ تـغضبُ أن يُقالَ أبوك iiعفٌ      وتـرضى أن يُقالَ أبوكَ زاني
فـأشهدُ  أنَ رحـمَْك من iiزيادٍ      كرحم الفيل من ولد الأتانِ (3)


*************************************************
(1)
سبَقَ عبّادٌ وصلّت iiلحيتُه      وكان خرّازاً تجودُ قربتُه
.
ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 26 ، ص 232 ، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة : ج 16 ، ص 196 .
(2) أبو الفرج الأصفهانيّّ، الأغاني : ج 18 ، ص 264 _ 267 .
(3) الأتان ربٌ من البراذين، وهو بين البرذون والمقرف من الخيل . ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 4، ص 433 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 261 ـ

وأشـهدُ  أنـهّا ولدت زياداً      وصخرٌ من سُميَة غيرُ داني
  فدخل عبيد الله بن زياد على معاوية، فانشده هذه الأشعار، واستأذنه في قتلِه فلَم يأذن له، وقال : أدّبه أدباً وجيعاً مُنكلاً ولا تتجاوز ذلك إلى القتل ...) (1) .
  (فحدّثني أبو زيد، قال : لما هجا ابن مُفرغ عبّاداً فارقه مقبلاً إلى البصرة، وعبيد الله يومئذٍ وافدٌ على معاوية، فكتب عبّاد إلى عبيد الله ببعض ما هجاه به، فلماّ قرأ عبيد الله الشطر دخل على معاوية، فأنشده إيّاه واستأذنه في قتل ابن مُفرغ فأبى عليه أن يقتلَه وقال : أدّبه ولا تبلغ به القتل، وقدم ابن مُفرغ البصرة فاستجار بالأحنفِ بن قيس، فقال : إنّا لا نجير على ابن سُميّة فإن شئت كفيتُك شعراء بني تميم، قال : ذاك ما لا أبالي أنْ أُكفاه، فأتى خالد بن عبد الله (2) فوعده، وأتى أميّة (3) فوعده، ثمَ أتى عمر بن عبيد الله ابن معمر (4) فوعده، ثمَ أتى المنذر بن الجارود (5) فأجاره، وأدخله داره، وكانت بحريّة

*************************************************
(1) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 18 ، ص 274 _ 275 .
(2) خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، كان مع مصعب بن الزبير في العراق، ثمَ لحق بعبد الملك، وشهد معه قتل مصعب، وولاّه البصرة، ثمَ عزله، توفيّ بدمشق . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 16 ، ص 122 .
(3) أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، ولاّه عبد الملك خراسان، توفي في طاعون الفتيان سنة 86 وقيل 87 هـ ، ينظر : ابن سعد، الطبقات : ج 5، ص 478 ، ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علماء الأمصار : ص 147 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 9، ص 294 _ 295 .
(4) عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان، أبو حفص التيميّ، ولي فتوحاً كثيرة، وولي البصرة لعبد الله بن الزبير، قدم دمشق وافداً على عبد الملك، ومات فيها سنة 82 هـ . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 45 ، ص 486 ، الذهبيّ، تاريخ : ج 6، ص 161 _ 163 .
(5) المنذر بن الجارود بن عَمْرو بن حنش، ويقال الجارود بن المعلى، ويقال اسم الجارود مطرف، كان مِن أصحابِ الإمامِ عليٍ (ع) وولي اصطخر من قبله، وفد على معاوية، وولاّه عبيد الله بن زياد ثغرَ الهند، فمات هناك سنة 61 أو 62 هـ ، وقيل : قُتل في ولاية الحجّاج، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 60 ، ص 281 ، 285 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 262 ـ

  بنت المنذر عند عبيد الله، فلماّ قدم عبيد الله البصرة أُخبرِ بمكان ابن مُفرغ، فأخذوا ابن مُفرغ فلم يشعر المنذر وهو عند عبيد الله إلاّ بابن مُفرغ قد أُقيم على رأسه، فقام إلى عبيد الله وقال أيها الأمير إنيّ قد أجرتُه، قال : واللهِ يا منذر ليمدحنّك وأباك ويهجوي أنا وأبي، ثمَ تجيرُه عليَ، فأمر به فسُقي دواءً، ثمّ حمُل على حمارٍ عليه إكافٌ (1) ، فجعل يُطاف به وهو يسلحُ في ثيابِه، فيُمَرُ به في الأسواق، فمرّ به فارسيّ فرآه فسأل عنه، فقال : أين چيست، ففهمها ابن مُفرغ، فقال :
آب اسْـت ونبيذ iiاست      وعصارات زبيب اسْت
سـمية روسـييد iiاسْت
  ثمَ هجا المنذر بن الجارود :
تـركتُ  قـريشاً أن أُجاورَ فيهمُ      وجاورتُ عبد القيس أهل المُشَقَرِ
أُنـاسٌ  أجـارُونا فكان iiجوارُهم      أعاصيرَ  من فَسْو العِراق iiالمبذرِ
فـأصبح  جارِي من جُذَيمَة نائماً      ولا يـمنعُ الجيران غيرُ iiالمشمرِ
  وقال لعبيد الله :
يغسلُ الماءَ ما صنعت وقولي      راسخٌ منك في العظام البَوالي
  ثمَ حمله عبيد الله إلى عبّاد بسجستان (2) ، فكلّمت اليمانيّة فيه بالشام معاوية، فأرسل رسولاً إلى عبّاد، فحمل ابن مُفرغ من عنده حتى قدِم على معاوية، فقال في طريقِه :
عَـدَسْ مـا لـعبّادٍ عليك إمارةٌ      نـجوتِ  وهـذا تحملينَ iiطليقُ
لعمري لقد نجّاك من هُوّةِ الردى      إمـامٌ  وحـبلٌ لـلأنام iiوثـيقُ

*************************************************
(1) إكافٌ : هو القَتَب، أو السرج . ينظر : الفراهيديّ، العين : ج 3، ص 301 .
(2) سجستان : ناحيةٌ كبيرةٌ، وولايةٌ واسعةٌ جنوبي هراة، بينها وبين هراة عشرة أيّام، ثمانون فرسخاً، ينظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان : ج 5، ص 23 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 263 ـ

سأشكرُ ما أوليتَ من حسن iiنعمةٍ      ومثلي بشُكر المنعِمِينَ حقيقُ (1)
  فلماّ دخل على معاوية بكى، وقال : يا أمير المؤمنين، ركب منّي ما لم يُركب من مسلمٍ على غير حَدَثٍ في الإسلام، ولا خَلْعٍ مِن طاعةٍ، فقال له معاوية : ألستَ القائل :
ألا  أبـلِغ معاويةَ بن iiحربٍ      مـغلغلةً من الرجال iiاليمّاني
أ تغضبُ أن يُقالَ أبوكَ iiعَفٌ      وترضى أن يُقالَ أبوكَ زاني
  وذكرَ الأبيات كما ذكرناها، فقال ابن مُفرغ : لا والذي عظّم حقَك، ورفعَ قدرك يا أمير المؤمنينَ، ما قلتُها قطُ، لقد بلغني أنّ عبد الرحمن بن الحكم (2) قالها وأنسبَها إليّ، قال : أفلستَ القائل :
شهدتُ بأنَ أمَك لم تُباشر      أبا  سفيان واضعَة القِناع
ولكن كان أمراً فيه iiلبسٌ      على وجَلٍ شديدٍ iiوارتياعِ
  أولستَ القائل :
إنّ زيــاداً ونـافـعاً iiوأبـا      بكرةَ عندي من أعجبِ العَجبِ
هـمُ رجـالٌ ثـلاثةٌ iiخُـلِقُوا      في رحْمِ أُنثى وكلُهم لأبِ ii(3)
ذا  قـرشيٌ كـما يـقولُ iiوذا      مـولىً وهـذا بزعمِهِ iiعَربي


*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 235 _ 236 .
(2) عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو مطرف، وقيل أبو حرب، أو أبو الحارث، أخو مروان بن الحكم، سكن دمشق، وكان شاعراً . ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 34 ، ص 311 .
(3) ظاهرُ هذا البيت خلُوُه من الهجاء، أنّه يقتضي كون الثلاثة لأم واحدةٍ وأبٍ، على حين رواية صاحب الأغاني جاءت موافقةً الهجاءَ الذي قصدَه ابنُ مُفرغ، إذْ جاء :
إنَ  رجـالاً ثـلاثةً iiخُلِقُوا      في رَحْم أُنثى ما كلُهُم لأبِ
ينظر : أبو الفرج، الأغاني : 18 / 199 (الناشر) .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 264 ـ

  في أشعارٍ قلتَها في زيادٍ وبنيه، هجوتهَم، أُغرب فلا عفا اللهُ عنك، قد عفوتُ عن جُرمِك، ولو صحِبتَ زياداً لم يكن شيئاً ممّا كان، إذهب فاسكُن أيَ أرضٍ أحببت، فاختارَ الموصل) (1)
  قال عمر بن شبَة في خبره : (... فاختار الموصلَ، فنزلها، ثمَ ارتاحَ إلى البصرة، فقدِمها، فدخل على عبيد الله بن زياد، واعتذر إليه، وسألَه الصّفْحَ والأمَانَ، فآمَنه وأقامَ بها مدّةً، ثمّ دخل عليه بعد أن آمنه، فقال : أصلَح اللهُ الأمير، إنيّ قد ظننت أنّ نفسك تطيب لي بخير أبداً، وفي أعداءٌ لا آمن سعيهم بالباطل، وقد رأيتُ أن أتباعدَ، فقال له : إلى أينَ شئت، فقال : كرمان (2) ، فكتبَ له إلى شريك بن الأعور - وهو عليها - بجائزةٍ وقطيعةٍ وكسوةٍ، فشخَص فأقام بها حتى هرب عبيد الله من البصرة، فعَادَ إليها، هذه روايةُ عمر بن شبَة) (3) .

خبرُ الخوارج، وقتل عروة بن الأديّة (4) (57 هـ / 676 م)

  (حدّثني عمر، قال : حدّثني زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثني أبي، قال : حدّثني عيسى بن عاصم الأسديّ : أنَ ابن زياد خرج في رهانٍ له،

*************************************************
(1) ابن عبد البر النُميَرْيّ الاستيعاب : ج 2، ص 527 _ 528 ، وينظر : النويريّ : نهايةُ الإرَب في فنون الأدب (مطبعة كوستاتسوماس، القاهرة - د. ت) : ج 20 ، ص 306 .
(2) كرمان : ولايةٌ مشهورةٌ، وناحيةٌ كبيرةٌ معمورةٌ، ذات بلادٍ وقرى ومدن واسعة، بين فارس ومكران وسجستان وخراسان، فشرقيها مكران، وشمالها مفازة خراسان، وجنوبيها بحر فارس . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 7، ص 132 .
(3) أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 18 ، ص 279 _ 280 .
(4) عروة بن أديّة أحد بني ربيعة بن حنظلة التميميّ، يقال : إنَه أوّل مَن حكم حضر حرب النهروان، ونجا فيها فيمن نجا، وكان من رؤوساء الخوارج، وهو أخو مرداس بن أديّة، ذُكر أنّه سبَ معاوية سبّاً قبيحاً، فأمسكَ به عبيد الله بن زياد، فضربَ عنقه . ينظر : ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة : ج 5، ص 85 ، الذهبيّ، ميزان الاعتدال : ج 3، ص 63 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 265 ـ

  فلماّ جلس ينتظر الخيل اجتمع الناس، وفيهم عروةُ بن أديّة، أخو أبي بلال، فأقبل على ابن زياد، فقال : خمسٌ كنَ في الأمم قبلنا فقد صرنَ فينا : {أَتَبْنُونَ بِكُلِ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَارِين} (1) ، وخصلتين أُخريين لم يحفظْهما جرير، فلماّ قال ذلك ظنّ ابنُ زيادٍ أنّه لم يجترئ على ذلك إلاّ ومعه جماعةٌ من أصحابه، فقام وركِب وتركَ رهانَه، فقيل لعروةَ : ما صنعتَ، تعلَمَنْ والله ليقتلنَك، قال : فتوارَى فطلبَه ابنُ زياد، فأتى الكوفة، فأخذ بها، فقدِم به على ابن زيادٍ، فأمر به فقُطِعت يدُه ورجلاه، ثمّ دعا به، فقال : كيف ترى ؟ قال : أرى أنّك أفسدت دنياي وأفسدتَ آخرتَك، فقتله، وأرسل إلى ابنتِه فقتلَها، وأمّا مرداس بن أديّة فإنَه خرج بالأهواز، وقد كان ابن زياد قبل ذلك حبسه) (2) .
  (فيما حدّثني عمر، قال : حدّثني خلاّد بن يزيد الباهليّ، قال : حبس ابن زياد فيمَن حبس ابن مرداس أديّة، فكان السجّان يرى عبادته واجتهاده، وكان يأذن له في اللّيل فينصرف، فإذا طلع الفجر أتاه، حتى يدخل السجن، وكان صديق مرداس يُسامر ابن زياد، فذكر ابن زياد الخوارج ليلةً فعزم على قتلِهِم إذا أصبح، فانطلق صديق مرداس إلى منزل مرداس فأخبرهم، وقال : أرسلوا إلى أبي بلال في السجن فليعهد فإنَه مقتول، فسمِع ذلك مرداس، وبلغ الخبرُ صاحبَ السجن فبات بليلةٍ سوداء إشفاقاً من أن يعلمَ الخبر مرداس فلا يرجع، فلماّ كان الوقت الذي يرجع فيه إذا به قد طلع، فقال له السَجان : هل بلغك ما عزم عليه الأمر، قال : نعم، قال : ثمّ غدوت، قال : نعم، ولم يكن جزاؤك مع إحسانك أن تعاقَب بسببي، وأصبح عبيد الله فجعل يقتل الخوارج، ثمَ دعا بمرداس، فلماّ حضر وثب السَجان وكان ظِئراً (3) لعبيد الله، فأخذه بقدمه، ثمَ قال : هبْ

*************************************************
(1) سورة الشعراء، الآيات 128 _ 130 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 231 .
(3) ظِئر : ولد المرضعة له من النّاس والإبل الذكر والأنثى على حدٍ سواء، وظِئر إبراهيم النبي (ع) هو

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 266 ـ

  لي هذا، وقصَ عليه قصّته، فوهبَه له وأطلقه) (1) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثنا زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثنا أبي، قال : حدّثني يونس بن عبيد، قال : خرج مرداس أبو بلال وهو من بني ربيعة ابن حنظلة في أربعين رجلاً إلى الأهواز، فبعث إليهم ابن زياد جيشاً عليهم ابنُ حصن التميميّ، فقتلوا في أصحابه وهزموه، فقال رجل من بني تيم الله بن ثعلبة :
أ  ألـفَا مؤمنٍ منكم iiزعمتُم      ويقتُلُهم  بآسَك (2) iiأربَعونا
كذبتُم ليس ذاك كما iiزعمتُم      ولـكنّ الـخوارج مؤمنونا
هـي الفئةُ القليلة قد iiعلمتُم      على الفئة الكثيرة يُنصرونا
  قال عمر : البيت الأخر ليس في الحديث، أنشدنيه خلاّد بن يزيد الباهليّ) (3) .

أخبارُ الاحنف بن قيس التميمي

علاقته بعبيد الله بن زياد
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ : وفد عبيد الله بن زياد في أهل العراق إلى معاوية، فقال له : إئذن لوفدِك على منازلهم وشرفهم، فأذِن لهم، ودخل الأحنفُ في آخرهم، وكان سيّئ المنزلة من عبيد الله، فلماّ نظر إليه معاوية رحّب به، وأجلسه على سريره، ثمَ تكلّم القومُ فأحسنوا الثناء على عبيد الله، والأحنف ساكتٌ، فقال مالَكَ : يا أبا بحْر لا

*************************************************
زوج مرضعته . ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 4، ص 514 _ 515 .
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 231 _ 232 .
(2) آسك : بلد من نواحي الأهواز، قرب أرجان، ذُكر أنّ أبا بلال مرداس بن أدية أحد زعماء الخوارج، فارق البصرة وخرج في أربعين من الخوارج، ونزل آسك . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 1، ص 54 .
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 232 _ 233 .


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 267 ـ

  تتكلّم ؟ قال : إن تكلّمتُ خالفتُ القوم، فقال : انهضوا فقد عزلتُه عنكم، واطلُبُوا والياً ترضونَه فلم يبقَ في القومِ أحدٌ إلاّ أتى رجلاً من بني أميّةَ، أو مِن أشرافِ أهل الشام كلُهم يطلب.
  وقعد الأحنفُ في منزله فلم يأتِ أحدٌ فلبثوا أيّاماً، ثمَ بعث إليهم معاوية فجعلَهم فلماّ دخلوا عليه، قال : مَن اخترتُم ؟ فاختلفت كلمتُهم، وسمّى كلُ فريقٍ منهم رجلاً، والأحنفُ ساكتٌ، فقال له معاوية : ما لَك يا أبا بحْر لا تتكلّم، قال : إن ولّيتَ علينا أحداً من أهل بيتِك لم تعدِل بعبيدِ الله أحداً، وإن ولّيتَ من غيرهم فانظر في ذلك، قال معاوية : فإني قد أعدتُه عليكم، ثمّ أوصاه بالأحنف، وقبَح رأيه في مباعدتِه، فلماّ هاجت الفتنة لم يفِ لعُبيد الله غيرُ الأحنف) (1) .

خبرُ وفادة الاحنف بن قيس على معاوية

  (حدثنا محمّد بن سهل بن الفضل الكاتب، حدثنا أبو زيد - يعني عمر بن شبَة - قال : حدثتُ أنّ الأحنف بن قيس كان عند معاوية ليس عنده غيرُه، فغنّت جاريةٌ من جواري معاوية في جانب الدار، فأقبل على الأحنف، فقال : يا أبا بحر لا ترم حتى أعودَ إليك إني لأطلبُ خُلوةَ هذه فما أكادُ أقدر على ذلك، ثمَ قام في أثرها فكأنمّا كانت لابنة (2) قُرظة امرأة معاوية عينٌ على معاوية، فأقبلت به ملبّبته (3) ، فقلتُ لها : أكرِمي أسراكم، قالت

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 234 .
(2) فاختة بنت قرظة بن عبد عَمْرو بن نوفل القرشيّة زوج معاوية، قيل : كانَ معاويةُ يحبُها حبّاً شديداً، ينظر : ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 70 ، ص 6 ، 8 .
(3) ملببته : من لبب وتلبّب الرجل تحزّم، ولبَبه تلبيباً، جمع ثيابه عند نحره في الخصومة، ثمّ جرّه، وتلبّب تشمّر . ينظر : الزمخشري، أساسُ البلاغة (دار الفكر - 1979 ) : ج 1، ص 556 ، الفيروزآبادي، القاموس المحيط : ج 1، ص 171 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 268 ـ

  اسكُت يا قوّاد) (1) .

الاحنف وسيد بني تميم حارثة بن بدر

  (حدّثني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، قال : حدّثنا العلاء ابن الفضل بن أبي سويّة، قال : حدّثني أبي، قال : كانت في تميم حمَالتانِ (2) ، فاجتمعوا في مقبرةِ بني شيبان، فقال لهم الأحنف : لا تعجلوا حتى يحضرَ سيّدُكم، فقالوا : مَن سيّدُنا غيرُك ؟ قال : حارثةُ بن بدر، قال : وقدِم حارثةُ من الأهواز بمالٍ كثيرٍ، فبلَغَه ما قال الأحنف، فقال : أَغْرَمنِيها والله ابنُ الزّافريّة (3) ، ثمَ أتاهم كأنّه لم يعلَم فيما اجتمعُوا، فقال : فِيمَ اجتمعتُم ؟ فأخبروه، فقال : لا تلقوا فيهما أحداً فهمُا، عليَ ثمَ أتى منزلَه، فقال :
خـلتِ الديارُ فسُدْت غير iiمُسوَد      ومِنَ الشَقاء تغرّدِي بالسُؤددِ (4)
  (حدّثنا أبو شعيبٍ الحرّاني، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد المدائنيّ عن سحيم بن حفص، قال : كانت امرأةٌ من بني عامر عند الأحنف بن قيس فطلّقها، فخلَف عليها بدر بن أحمد الضَبّي، فأتاها الأحنفُ يوماً فدخل عليها فأرسل إليه بدرُ بنُ أحمد ابنه، وقال للرسول : قُل له :
لا  يشغلنَكَ عن شيءٍ هممت بهِ      إنَ الغَزال الذي ضيَعت مشغولُ

*************************************************
(1) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 70 ، ص 7 .
(2) الحمَالة بالفتح الديّة والغَرامة التي يحملُها قومٌ عن قومٍ، ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 11 ، ص 180 .
(3) ابن الزافريّة : الزافرة عشيرةُ الرجل ، لأنهّم قد يتحمّلون بعض ما ينوبه، والزَفِر من الرجال القَوي على الحمالات، يقال زفر وازدفر إذا حمل، فهر يزدفِر بالأموال في الحمالات مطيقاً له، ينظر : ابن زكريا، معجم مقاييس اللُغة (تحقيق : عبد السلام محمّد هارون، مكتبة الإعلام الإسلامي - 1404 هـ ) : ج 3، ص 15 ، ابن منظور، لسان العرب : ج 4، ص 417 .
(4) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 8، ص 417 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 269 ـ

  فقال له الأحنفُ : قُل له :
إن كـان ذا شُـغُلٍ فالله iiيـحفظُهُ      فقد لهونَا به والحبلُ موصولُ (1)

خبرُ وفاة معاوية بن أبي سفيان (60 هـ / 679 م)

  (حدثنا أبو زيد عمر بن شبَة، عن أبي نعيم، قال : مات معاوية سنة ستين وسِنُه بضعٌ وسبعونَ إلى الثمانينَ) (2) .

خبرُ كتاب يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد

  (وأمّا عيسى بن يزيد الكنانيّ فإنَه قال - فيما ذكر عمر بن شبَة، عن هارون بن مسلم، عن عليّ بن صالح، عنه - قال : لما جاء كتاب يزيد إلى عبيد الله بن زياد انتخب من أهل البصرة خمسمائة فيهم عبد الله بن الحارث (3) بن نوفل، وشريك بن الأعور - وكان شيعةً لعليٍ - فكان أوّل مَن سقط بالناس شريك، فيقال : إنَه تساقَط غَمْرَةً ومعه ناسٌ، ثمَ سقط عبد الله بن الحارث وسقط معه ناسٌ، ورجَوا أن يلويَ عليهم عبيد الله ويسبقه الحسين (ع) إلى الكوفة، فجعل لا يلتفت إلى مَن سقط، ويمضي حتى ورد القادسيّة (4) ، وسقط مِهران مولاه، فقال : أيا مِهران على هذه الحال، إن أمسكت عنك

*************************************************
(1) ابن العديم، بغية الطلب : ج 3، ص 1318 .
(2) الطبرانيّ، المعجم الكبير : ج 19 ، ص 305 .
(3) عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمّه هند بنت أبي سفيان بن حرب، نزل البصرة وابتنى بها داراً، وكان يلقّب (ببة)، اختاره أهلُ البصرة ليتولىّ أمرهم، وأقرّه على ذلك عبد الله بن الزبير، فظلَ والياً مدّة سنة، ثمّ عزلَه، فخرج إلى عمان، ومات بها. ينظر : ابن سعد، الطبقات : ج 5، ص 25 _ 26 .
(4) القادسيّة بينها وبن الكوفة خمسة عشر فرسخاً، قيل : مرّ بها إبراهيم (ع) فرأى زَهْرَها، ...، فقال : قُدست مِن أرضٍ، فسُميت القادسيّة، ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 7، ص 7 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 270 ـ

  حتى تنظر إلى القصر فلك مائة ألف، قال : لا والله ما أستطيع.
  فنزلَ عبيد الله فأخرج ثياباً مقطَعة من مقطّعات اليمن، ثمَ اعتجَر بمعجَرةٍ (1) يمانيّةٍ، فركب بغلته، ثمَ انحدَر راجلا وحده، فجعل يمرُ بالمحارس، فكلمَا نظروا إليه لم يشكّوا أنه الحسين (ع) ، فيقولون : مرحباً بك يا ابن رسول الله ! وجعل لا يكلّمهم، وخرج إليه الناس من دورهم وبُيُوتهم، وسمع بهم النّعمان بن بشير (2) فغلّق عليه وعلى خاصّته وانتهى إليه عبيد الله وهو لا يشكُ أنَهُ الحسين، ومعه الخلق يضجُون، فكلّمه النعمان، فقال : أنشدك الله إلاّ تنحَيتَ عني ! ما أنا بمُسَلّمٍ إليك أمانتي، وما لي في قتلِكَ مِن أربٍ (3) ، فجعلَ لا يكلمُه، ثمّ إنّه دنا وتدلىّ الآخر بين شرُفتين، فجعل يكلمُه، فقال : افتح لا فتحتَ، فقد طال ليلُك، فسمعها إنسانٌ خلفه، فتكفّى إلى القوم، فقال : أي قومُ، ابنُ مرجانة (4) والذي لا إلهَ غيره، فقالوا : ويَحك إنّما هو الحسين، ففتح له النعمان، فدخل، وضربوا الباب في وجوهِ النّاس، فانفضُوا، وأصبح فجلس على المنبر، فقال :
  أيهُا النّاس إنيّ لأعلمُ أنّه قد سار معي، وأظهر الطاعةَ لي مَن هو عدوّ الحسين حين ظنّ أنّ الحسينَ قد دخل البلد وغلب عليه، واللهِ ما عرفتُ منكم أحداً، ثمَ نزل . وأُخبر

*************************************************
(1) المعجَرة نوعٌ من العِمَة، والاعتجار بالعمِامة هو أن يلقيَها على رأسِه، ويردَ طرفيها على وجهِهِ، ولا يعمل منها شيئاً تحت ذَقَنِه، والمعجَرة ضربٌ من ثيابِ اليَمَن، ابن منظور، لسان العرب : ج 4 ، ص 544 .
(2) النّعمان بن بشير الخزرجيّ الأنصاريّ، يكنى أبا عبد الله، أمَه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، أوّل مولودٍ ولد للأنصار بعد الهجرة، قُتل بعد هزيمة الضحّاك بمرج راهط . ينظر : ابن قتيبة الدينوريّ، المعارف : ص 294 ، البلاذريّ، أنساب : ج 6، ص 283 .
(3) الإرْب: الحاجة المهمّة، يقال ما إربُك إلى هذا الأمر، أي ما حاجتُك إليه، الفراهيديّ، العين : ج 8 ، ص 89 .
(4) ابن مرجانة : هو عبيد الله بن زياد، ومرجانة أمّه، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 37 ، ص 436 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 271 ـ

  أنّ مسلمَ بن عقيلٍ (1) قدِم قبلَه بليلةٍ، وأنّه بناحية الكوفة، فدعا مولىً لبني تميم، فأعطاه مالاً، وقال : انتحل هذا الأمر، وأعِنْهم بالمال، واقصد لهانئ (2) ومسلم وانزل عليه، فجاء هانِئاً فأخبره أنّه شيعةٌ، وأنّ معه مالاً، وقدم شريك بن الأعور شاكياً، فقال هانئ : مُرْ مسلماً يكنْ عندي، فإنَ عبيد الله يعودني، وقال شريك لمسلم : أ رأيتك إن أمكنتُك من عبيد الله أضاربه أنت بالسّيف ؟ قال : نعم والله.
  وجاء عبيدُ الله شريكاً يعودُه في منزل هانئ، وقد قال شريك لمسلم : إذا سمعتني أقولُ اسقُوني ماءً فاخرجْ عليه فاضربْه، وجلسَ عبيدُ الله على فراشِ شريك، وقامَ على رأسِه مِهْران، فقال : اسقُوني ماءً، فخرجت جاريةٌ بقدحٍ، فرأت مسلماً، فزالت، فقال شريك : اسقُوني ماءً، ثمَ قال الثالثة : ويلَكم تحموني الماء ! اسقُونِيه ولو كانت في نفسي، ففطنَ مِهْران، فغمز عبيد الله، فوثَبَ، فقال شريك : أيهُا الأمير أُريدُ أن أُوصيَ إليك، قال : أعود إليك، فجعل مِهران يطّرد به، وقال : أرادَ واللهِ قتلك، قال : وكيف مع إكرامي شريكاً وفي بيت هانئ، ويد أبي عنده ! فرجع فأرسل إلى أسماءَ بن خارجة (3) ومحمّد بن الأشعث (4) ، فقال : ائتياني بهانئ، فقال له : إنّهُ لا يأتي إلا بالأمانِ، قال : وما لهُ ولِلأمانِ ؟

*************************************************
(1) مسلم بن عقيل بن أبي طالب (ع) ، خرج ولد عقيل مع الإمام الحسين (ع) ، فقتل منهم تسعة نفر، وكان مسلم أشجعُهم، وكان رسول الإمام الحسين (ع) إلى أهل الكوفة، فقتله عبيد الله بن زياد . ابن قتيبة الدينوريّ، المعارف : ص 204 ، ابن داود الحليّ، رجال ابن داود (تحقيق محمّد صادق آل بحر العلوم، المطبعة الحديثة ، النجف - 1972 ) : ص 189 .
(2) هانئ بن عروة المراديّ المذحجيّ من أشراف الكوفة وأعيان الشيعة، ومن رؤسائهم، شيخ مراد وزعيمُها، أدرك النبيّ (ص) وتشرّف بصحبته، وله حين استشهاده 89 سنة . ينظر : النمازيّ الشاهروديّ، عليّ : مستدرك علم رجال الحديث (ط 1، مطبعة حيدري، طهران - 1435 هـ ) : ج 8 ، ص 138 .
(3) أسماء بن خارجة، أبو هند الأسلميّ، توفيّ بالكوفة سنة 86 هـ ، وهو ابن ثمانين سنة. ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علماء الأمصار : ص 41 .
(4) محمّد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكنديّ، يكنى أبا القاسم، أمّه أم فروة بنت أبي قحافة .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 272 ـ

  وهلْ أَحدثَ حَدَثاً ؟ انطلقا فإنْ لم يأتِ إلاّ بأمانٍ فآمناه، فأتياهُ، فدَعَوَاهُ، فقال : إنّه إنْ أخذَني قَتَلَنِي، فلَم يزالا به حتّى جاءا به وعبيد الله يخطِب يومَ الجمعة، فجلَس في المسجدِ وقد رجَلَ هانئٌ غَدِيْرَتَيْه، فلماّ صلىّ عبيدُ الله، قال : يا هانئ، فتبِعَهُ ودخلَ فسلّم، فقال عبيدُ الله : يا هانئ، أَمَا تعلَمُ أنَ أبي قدِم هذا البَلَد فلَم يترُكْ أحداً مِن هذه الشّيعة إلاّ قتلَه غيرَ أبيك، وغير حُجر (1) ، وكانَ مِن حُجر ما قد علِمت، ثمَ لم يزل يحُسِن صحبتَك، ثمَ كتب إلى أمير الكوفةِ إنَ حاجتِي قِبَلَك هانئ، قال : نعم، قال : فكان جزائي أنْ خَبّأتَ في بيتِك رجلاً ليقتُلَني، قال : ما فعلتُ .
  فأخرجَ التميميَ الذي كان عَيناً عليهم، فلماّ رآهُ هانئ علِم أنّه قد أخبرَه الخبر، فقال : أيهُا الأمير قدْ كانَ الذي بلغَك، ولن أضيعَ يدَك عني فأنتَ آمنٌ وأهلك فسرِْ حيثُ شئت، فكَبَا عبيدُ الله عندَها، ومِهْران قائمٌ على رأسِهِ في يدِهِ معكزة فقال : وا ذلاه هذا العبد الحائك يؤمّنك في سلطانك، فقال : خذه، فطرح المعكَزة، وأخذَ بضَفِيرتيَ هانئ، ثمَ أقنعَ بوجهِهِ، ثمَ أخذ عبيد الله المعكزة فضرَبَ بها وجهَ هانئ، وندر الزُجّ (2) فارتزَ في الجدار، ثمَ ضرَبَ وجهَهُ حتّى كسرَ أنفَهُ وجبينَهُ، وسمِعَ النّاس الهيْعَة، وبلَغَ الخبَرَُ مَذْحِج فأقبلوا، فأطافُوا بالدّار، وأمر عبيدُ الله بهانيء فأُلقيَ في بيتٍ، وصيَح المذحِجيُونَ، وأمر عُبيد الله مِهران أن يُدخِل عليه شرُيحاً، فخرجَ، فأدخلَه عليه، ودخلت الشرَُط معه، فقال : يا شرُيح قد ترى ما يصنعُ بي !، قال : أراكَ حيّاً، قال : وحيٌ أنا معَ ما تَرى ! أخبرِ

*************************************************
قتل سنة 67 هـ مع مصعب أيّام المختار . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 52 ، ص 125 .
(1) حُجر بن عدي بن جبلة بن عدي الكنديّ، وهو حُجر الخير، وفد على الرسول (ص) ، شهد القادسيّة، وكان من أصحاب الإمام عليٍ (ع) وشهد معه الجمل وصفيّن، قتله معاوية بمرج عَذراء سنة 53 هـ . ينظر : ابن سعد، الطبقات : ج 6، ص 217 ، 218 ، ابن قتيبة الدينوريّ، المعارف : ص 334 .
(2) الزُج : طرفُ المِرْفَق، والزُج أيضاً الحديدة التي في أسفل الرُمح . الجوهري، الصحاح (تحقيق : أحمد عيد الغفور العطّار، ط 4، دار القلم للملايين، بروت - 1987 ) : ج 1، ص 318 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 273 ـ

  قومِي أنهّم إنْ انصرفُوا قتَلَني، فخرجَ إلى عبيدِ الله، فقال : قد رأيتُهُ حيّاً ورأيتُ أثراً سيئاً، قال : وتُنكرُ أن يعاقبَ الوالي رعيَتَهُ، اُخرج إلى هؤلاء فأخبرِهم، فخرجَ وأمرَ عبيدُ الله الرّجل فخرج معه، فقال لهم شريح : ما هذه الرّعة السيّئة، الرجلُ حيٌ وقد عاتبَه سُلطانه بضربٍ لم يبلغ نفسَه، فانصرِفوا ولا تحُِلُوا بأنفسِكم ولا بصاحِبِكم، فانصرََفُوا) (1) .

أمر عبيد الله بن زياد وأهل البصرة بعد موت يزيد بن معاوية (64 هـ / 679 م)

  (وحدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثني موسى بن إسماعيل، قال : حدّثنا حمَاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن الحسن، قال : كتب الضحّاك بن قيس (2) إلى قيس بن الهيثم حين مات يزيد بن معاوية : سلامٌ عليك، أمّا بعدُ فإنَ يزيد بن معاوية قد مات، وأنتُم أخوانُنا، فلا تسبقونا حتّى نختارَ لأنفسِنا) (1) .
  حدّثني عمر، قال : حدّثنا زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن حمَاد، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عيينة، قال : حدّثني شهرك، قال : شهدتُ عبيد الله بن زياد حين مات يزيد ابن معاوية قام خطيباً، فحمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمَ قال :
  يا أهلَ البصرة، انسبُوني، فواللهِ لتجدُني أهاجرُ والدِي ومولِدِي فيكم، وداري، ولقد وليتُكُم وما أحصى ديوانُ مقاتلتِكُم إلاّ سبعنَ ألفَ مقاتلٍ، ولقد أحصى اليوم ديوانُ مقاتلتِكُم ثمانينَ ألفاً، وما أحصى ديوانُ عماّلكم إلا تسعينَ ألفاً، ولقد أحصى اليوم مائةً وأربعينَ ألفاً، وما تركتُ لكم ذا ظِنّةٍ أخافُهُ عليكُم إلاّ وهو في سجنِكُم هذا، وإنّ

*************************************************
(1) أبو مخنف الأزديّ، مقتل الحسن (ع) : ص 28 _ 29 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 268 _ 269 .
(2) الضحّاك بن قيس بن ثعلبة بن محارب بن فهر، استعمله معاوية على الكوفة بعد زياد، ثمّ صار بعد ذلك مع عبد الله بن الزبير، فقاتل مروان بن الحكم يوم المرج وهو على قيسٍ كلها، فقتله مروان . ينظر : ابن قتيبة الدينوريّ، المعارف : ص 412 .
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 287 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 274 ـ

  أمير المؤمنين يزيد بن معاوية قد توفيّ، وقد اختلف أهلُ الشام، وأنتم اليوم أكثر الناس عدداً، وأعرضُه فناءً، وأغناهُ عن النّاس، وأوسعُهُ بلاداً، فاختاروا لأنفسِكُم رجلاً ترضَونَه لدينِكُم وجماعتِكُم، فأنَا أوّلُ راضٍ مَن رضيتُمُوه وتابع، فإن اجتمعَ أهلُ الشام على رجلٍ ترتضَونَه دخلتُم فيما دخلَ فيه المسلمونَ، وإن كرهتُم ذلك كنتُم على جَدِيلتِكم حتى تُعطَوا حاجتَكم، فما بكُم إلى أحدٍ مِن أهل البُلدانِ حاجة، وما يستغني النّاس عنكم.
  فقامت خطباءُ أهل البصرة، فقالوا : قد سمِعنا مقالتَك أيهّا الأمير، وإنّا والله ما نعلمُ أحداً أقوى عليها منك، فهلمَ فلنبايعْك، فقال : لا حاجةَ لي في ذلك، فاختاروا لأنفسِكم، فأبَوا عليه وأبَى عليهم، حتّى كرّروا عليه ثلاثَ مرّاتٍ، فلماّ أبَوا بَسطَ يدَه فبايعوه، ثمَ انصرفُوا بعد البيعة وهم يقولون : أيظُنُ ابنُ مرجانةَ أنّا نُستقادُ له في الجماعة والفُرقة، كَذَبَ واللهِ، ثمَ وثبوا عليه) (1) .
  (حدّثني عمر، قال : زهير، قال : حدّثنا وهب، قال : وحدّثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سُمَر أنّ شقيق بن ثور ومالك بن مِسْمع وحُضين بن المنذر أتَوا عبيد الله ليلاً وهو في دار الإمارة، فبلغَ ذلك رجلاً من الحي من بني سَدُوس، قال : فانطلقتُ فلزمتُ دار الإمارة، فلبثُوا معه حتّى مضى عليه اللّيل، ثمّ خرجُوا ومعهم بغلٌ موقَرٌ مالاً، قال : فأتيتُ حُضيناً، فقلتُ : مُرْلي من هذا المال بشيءٍ، فقال : عليك ببني عمك، فأتيتُ شقيقاً فقلت : مُرْ لي من هذا المال بشيءٍ، قال : وعلى المال مولىً له يقال له أيّوب، فقال : يا أيّوب أعطِه مائةَ درهمٍ، قلت : أمّا مائةُ درهمٍ والله لا أقبلُها، فسكت عنّي ساعةً، وسارَ هنيهة، فأقبلتُ عليه، فقلتُ : مُرْ لي من هذا المال بشيءٍ، فقال : يا أبا أيّوب أعطِه مائتَي درهمٍ،

*************************************************
(1) المصدر السّابق : ص 287 _ 288 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 275 ـ

  قلتُ : لا أقبلُ واللهِ، ثمَ أمر لي بثلثمائةٍ، ثمَ أربعائةٍ، فلماّ انتهينا إلى الطُفاوة (1) ، قلتُ : مُرْ لي بشيءٍ، قال : أرأيتَ إن لم أفعل ما أنتَ صانعٌ ؟ قلتُ : انطلِقُ والله حتى إذا توسّطتُ دور الحي وضعتُ إصبعي في أُذنيََ، ثمَ صرختُ، بأعلى صوتي : يا معشرَ بكر بن وائل هذا شقيق بن ثور وحُضين بن المنذر ومالك بن المسمع، قد انطلقوا إلى ابن زياد فاختلفوا في دمائكم، قال : ما لَه فعل الله به، ويلَك أعطِهِ خمسمَائةِ درهمٍ، قال : فأخذتهُا، ثمَ صبّحتُ غادياً على مالك، قال وهب : فلم أحفظ ما أمرَ له به مالك، قال : ثمَ رأيتُ حُضيناً فدخلتُ عليه، فقال : ما صنع ابنُ عمك ؟ فأخبرتُه، وقلتُ : أعطِني مِن هذا المال، فقال : إنّا قد أخذنا هذا المال ونجونا به، فلن نخشى مِن النّاس شيئاً فلم يعطِني شيئاً) (2) .
  (قالَ أبو عبيدة : وأمّا عُمَير بن معن الكاتب، فحدّثني، قال : الذي بعثَهُ عُبيد الله حُمران مولاه ،... ثمَ ذكر نحو حديث عُمر بن شبّةَ، عن زهير بن حرب، إلى : فبايعُوه (3) عن رضى منهم ومشوَرة، ثمَ قال : فلماّ خرجُوا مِن عندِه جعلُوا يمسحُونَ أكفَهم ببابِ الدّار وحيطانِهِ ويقولونَ : ظنَ ابنُ مرجانةَ أنّا نوليه أمرَنا في الفُرقة، قال : فأقامَ عبيدُ الله أميراً غيرَ كثيرٍ حتى جَعَلَ سلطانُهُ يضعُفُ، ويأمُرُنا بالأمرِ فلا يُقضىَ، ويرى الرأيَ فيرُدُ عليه، ويأمرُ بحبسِ المخطِئ فيُحالُ بينَ أعوانِهِ وبينَهُ) (4) .
  (قال أبو جعفرٍ – الطبريّ – وأمّا عمر فحدّثني، قال حدّثني زهير بن حرب : قال

*************************************************
(1) الطُفَاوة : الطُفَاوِيُونَ منسوبُون إلى خبال بن منبه، ومنبه هو أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان ابن مضُر بن نزار بن معد بن عدنان، ومسكنُهم البَصرة، وأمُهم الطُفَاوة بنت جرم بن ربان، مِن وِلد خبال، لكنّهم منسوبونَ إلى أمهم الطُفاوة . ينظر : محسن الأمين، أعيان الشيعة : ج 5، ص 70 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 288 .
(3) يقصد بايعوا عبيد الله بن زياد، وفقاً لما جاء في رواية أبي عبيدة معمر بن المثنى على نحو حديث عمر بن شبّة . ينظر الطبري، تاريخ : ج 4، ص 389 .
(4) المصدر السابق : ص 389 _ 390 .