أخبرنا أبو أحمد عن الجوهريّ، عن أبي زيد، عن الحسن بن عثمان، عن أبي عبيدة، قال : أوّل مَن قضى بين أهل البصرة أبو مريم الحنفيّ لعتبة بن غزوان عند قدومه البصرة سنة أربع عشرة، فلم يزل قاضياً حتى مات عتبة في سنة خمس عشرة، ووُلي المغيرة ابن شعبة (1) ، فأقرّه حتى عُزل، فلم يقضِ بعده إلا يسيراً، حتى شكى إلى عمر ضعفه فعزله) (2) . ************************************************* حقّي عندك ؟ قال : لا، قال : لا ضير إذاً، وقالوا أوّل مَن قضى بالبصرة سليمان بن ربيعة، وقتل بالغجر من أرض الترك في خلافة عثمان، وعظامه عند أهلها يستسقون بها، قال ابن جمانة :
* البيتُ حسب هذه الرِواية مشتملٌ على إقواءٍ عروضيٍ، وحسب رواية البلاذري (ت 279 هـ) في فتوح البلدان : 1 / 241 ، نشر وتحقيق وفهرسة : الدكتور صلاح الدّين المنجد، مكتبة النهضة المصريّة 1956 م ، ورواية الحمويّ في معجم البلدان : 2 / 244 ، تقديم : محمّد عبد الرحّمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي 2008 م، هكذا :
(2) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 285 - 286 .
أخبارُ الوالي المغيرة بن شعبة - خبر(1) المغيرة مع أمِ جميل : (حدّثني عمر بن شبَة عن عليّ بن محمّد، عن قتادة، قال : كان المغيرة بن شعبة - وهو أمير البصرة - يختلفُ إلى امرأةٍ من ثقيف يُقال لها الرّقطاء، فلقيَه أبو بكرة يوماً، فقال له : أينَ تريد ؟ قال : أذكرُ (2) آلَ فلان، فأخذ بتلابيبه (3) ، وقال : إنَ الأمير يُزار ولا يزور، وكانت المرأةُ التي يأتيها جارةً لأبي بكرة، فقال : فبينا أبو بكرة في غرفةٍ له مع أخيه نافع وزياد ورجلٍ آخر يُقال له شبل بن معبد (4) ، وكانت غرفةُ جارتِه تلك محاذيةً غرفة أبي بكرة، فضربت الرّيحُ بابَ غرفةِ المرأةِ ففتحتْهُ، فنظر القومُ فإذا هم بالمغيرة ينكحُها، فقال أبو بكرة : هذه بليّة قد ابتُليتُم بها فانظُروا، فنظرُوا حتّى أثبتُوا، فنزل أبو بكرة فجلس حتّى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة، فقال له أبو بكرة : إنّه قد كان من أمرك ما قد علمتَ فاعتزِلْنا، فذهبَ المغيرةُ وجاء ليصلي بالنّاس الظهر، فمنعه أبو بكرة، وقال : لا واللهِ لا تصلي بنا وقد فعلتَ ما فعلتَ، فقال النّاس : دعوه فليُصليَ إنّه الأمير، واكتبُوا إلى عمر . فكتبُوا إليه، فورد كتابُه أن يقدُموا عليه جميعاً، المغيرة والشّهود، فبعث عمر بأبي موسى وعزم عليه ألا يضعَ كتابَه من يده حتّى يرحلَ المغيرة، فقال : إنيّ رأيتُ أبا موسى ************************************************* (1) ذكر عمر بن شبَة فضيحة المغيرة مع أم جميل بالتفصيل، ومن وجوهٍ مختلفةٍ، ومن عدّة مصادر . (2) عند أبي الفرج الأصفهاني (أزور آل فلان) . ينظر : الأغاني، ج 16 ، ص 104 . (3) تلابيبه : يقال أخذ بتلابيبه إذا أجمعت ثيابه عند نحره وصدره ثمّ جررته، وكذلك إذا جعلت في عنقه حبلاً أو ثوباً وأمسكته به، واللُبة موضع الذّبح. ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 1 ، ص 734 . (4) شبل بن معبد بن عبيد بن الحارث بن عَمْرو بن علي، وهو أخو أبي بكرة لأمه، وهم أربعةُ أخوة لأم ولدٍ اسمها سميّة، وهم الذين شهدوا على المغيرة بالزنا . ينظر ابن الأثر : أُسد الغابة (دار الكتاب العربي، بيروت - د . ت) : ج 2، ص 385 .
قد دخل المسجد الغداة وعليه بُرنس، وها هو في جانب المسجد، فقال المغيرة : إنّه لم يأتِ زائراً ولا تاجراً. وجاء أبو موسى حتى دخل على المغيرة، ومعه صحيفةٌ على يده، فلماّ رآه، قال : أمير ؟ فأعطاه أبو موسى الكِتاب فلماّ ذهب يتحرّك عن سريره، قال له : مكانَك جهّز ثلاثاً، وقال آخرون : إنَ أبا موسى أمره أن يرحلَ من وقته، فقال المغيرة : قد علمت ما وجهت له أفلا تقدّمتَ وصلّيتَ ؟ فقال : ما أنا وأنت في هذا الأمر سواء، فقال المغيرة : إنيّ أُحبُ أنْ أقيمَ ثلاثاً لأتجهّز، فقال أبو موسى : قد عزم أميرُ المؤمنين ألاّ أضعَ عهدي من يدي إذا قرأته حتى أرحلَك إليه، قال : إن شئت شفّعتني وأبررت قسمَ أمير المؤمنين بأن تؤجلَني إلى الظهر وتُمسك الكتابَ في يدك. فلقد رُئي أبو موسى مقبلاً ومدبراً، وأنّ الكتابَ في يده معلّقٌ بخيط، فتجهّز المغيرة وبعث إلى أبي موسى بعقيلةٍ، جارية عربيّة من سبي اليمَامة من بني حنيفة، ويقال : إنهَا مولَدة الطائف، ومعها خادمٌ، وسار المغيرة حتى صلّى الظُهر، حتى قدم على عمر (1) ) . (حدّثنا عمر بن شبَة فرواه عن جماعةٍ من رجاله بحكاياتٍ متفرّقة، قال عمر بن شبَة : حدّثني أبو بكر العليميّ، قال : أخبرنا هشام عن عُيينة بن عبد الرحّمن بن جوشن، عن أبيه عن أبي بكرة، قال عمر بن شبَة : وحدّثنا عَمْرو بن عاصم، قال : حدّثنا حمَاد ابن مسلمة، عن عليّ بن يزيد، عن عبد الرحّمن بن أبي بكرة، قال أبو زيد عمر بن شبَة : وحدّثنا عليّ بن محمّد بن حبّاب بن موسى، عن مجالدٍ، عن الشَعبي، قال : وحدّثنا محمّد ابن عبد الله الأنصاريّ، قال : حدّثنا عوف بن قسامة بن زهير، قال أبو زيد عمر بن شبَة : ************************************************* (1) الجوهريّ، السقيفة وفدك : ص 92 - 93 ، وذكر أبو الفرج الأصفهاني الرّواية نفسها نقلاً عن الجوهريّ، ولكن باختصار، الأغاني : ج 16 ، ص 103 - 104 ، ووردت عند ابن أبي الحديد نقلاً عن كتاب الأغاني عن الجوهريّ، شرح نهج البلاغة : ج 12 ، ص 234. |
لَـو أنّ الـلُؤمَ يُنسبُ كان عبداً قـبيحَ الـوجه أعورَ من تـركتَ الـدينَ والإسـلامَ لما بـدت لك غدوةً ذاتُ النصيفِ وراجـعتَ الصَبا وذكرتَ عهداً من القَيْناتِ والغمز اللَطيفِ (4) | ثقيفِ
لَـو أنّ اللُؤمَ يُنسبُ كان تـركتَ الدينَ والإيمان جهلاً غـداةَ لقيتَ صاحبةَُ النصيفِ وراجعتَ الصَبا وذكرتَ لهواًً من الاحشاء والخِصر اللَطيفِ | عبداً قـبيحَ الوجه أعورَ من ثقيفِ
يـا أيهّا القاضي الحكيمُ رُشْدُهْ ألهى خليلي عن فراشي مسجدُهْ زهَـدَهُ فـي مـضجعي تعبُدُه نـهـارُه ولـيلُه مـا يـرقُدُه ولـستُ في أمرِ النساء أحمَدُه فاقضِ القضا يا كعبُ لا تردّدُه |
إنـيّ امـرءٌ أذهـلني ما قد زهّـدني فـي فرشِها وفي الحَجَل وفـي كـتابِ اللهِ تـخويفٌ جَلَلْ فـحِثَها فـي ذا على حُسنِ العمَلْ | نزل في سورةِ النُور وفي السَبعِ الطُوَلْ
إنَ أحـقَ القاضِين مَن إنَ لـها حـقَاً عليك يا بَعَل نصيبُها مِن أربعٍ لِمَن عَدَلْ فأعطِها ذاك ودَعْ عنك العِلَلْ | عقَل ثُمَ قضى بالحق جُهداً وفَصَلْ
لـم أرَ كاليومِ أخا بالعتق في معصيةِ الرَحمنِ | إخوانِ أعـجب من مكفِّر الأيمْانِ
يُـعتِقُ مـكحولاً لصون والنكثُ قد لاح عل جبينه (2) | دينِه كـفّـارةً لـلهِ عـن يـمينه
لا هُــمَ إنَ مـسلماً وأُمُـهـم قـائـمةٌ تـراهُـمُ يـأتمرونَ الـغيَ لا تـنهاهُمُ قد خُضّبت مِن عَلَقٍ لحاهُمُ (3) | دعـاهمُ يـتلو كـتابَ اللهِ لا يـخشاهُمُ