المبحثُ الثالثُُ : منهجُيهُ في توثيقِ الأخبار


  اتّبع عمر بن شبَة منهجاً متميّزاً في استقاء المعلومات حرص من خلاله على توثيق صحّة الأخبار التي نقلها، وعلى النحو الآتي :

  أوّلاً : السَّنَدُ الجمعيُّ

  حرص عمر بن شبَة على إيراد أكثر من راوٍ واحد للرّواية الواحدة، وهو ما يُعرف بالسَنَد الجمعيّ ، زيادةً في توثيق الخبر وتوكيد مصداقيّتِهِ، ففي إحدى الروايات أدلى عمر ابن شبَة، قائلاً : (حدّثنا أبو عبيدة وأبو الحسن المدائنيّ وغيرهما) (1) ، وفي روايةٍ أخرى ورد قوله : (حدّثني أبو الحسن المدائنيّ ومخلّد بن يحيى بن حاضر) (2) ، ونقل روايةً جاء فيها قوله : (حدّثني أبو داحة وعبد الملك بنُ شيبان) (3) .
  وبشأن الرواية الخاصّة بشهادةِ الشهود في قضيّة المغيرة مع أم جميل، فقد نقل الرواية عن أكثر من موردٍ واحدٍ لتوكيد مصداقيّة ما ورد في الرواية، فقد أكّد أبو الفرج الأصفهانيّّ الذي نقل عن عمر بن شبَة، قائلاً : (حدّثنا عمر بن شبَة فرواه عن جماعةٍ من رجاله بحكايات متفرّقة) ،ثمّ يبدأ أبو الفرج الأصفهانيّّ في إيراد سند الرُواة الذي

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 179 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 5، ص 9 .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 14 ، ص 373 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 126 ـ

  اعتمدهم عمر بن شبَة في نقل تلك الرّواية، بقوله : (وقال عمر بن شبَة : حدّثني أبو بكر العليميّ، قال : أخرنا هشام عن عُيينة بن عبد الرحّمن بن جوشن، عن أبيه عن أبي بكرة) ، وفي سندٍ آخر ذكر (وحدّثنا عَمْرو بن عاصم، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن يزيد عن عبد الرحّمن بن أبي بكرة) ، وسندٍ ثالثٍ (قال أبو زيد عمر بن شبَة : حدّثنا عليّ بن محمّد بن حبّاب بن موسى عن مجالد عن الشعبيّ، قال : وحدّثنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ، قال : حدّثنا عون عن قسامة بن زهير) ، وأورد سنداً رابعاً للرّواية (قال أبو زيد عمر بن شبَة : قال الواقديّ : حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن أبي بكرة عن أبيه عن مالك بن أوس بن الحدثان) ، وسندٌ آخرُ ورد فيه (قال : وحدّثني محمّد بن الجهم عن عليّ بن أبي هاشم عن إسماعيل بن أبي بَجيلة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ابن مالك) (1) .
  وفي سبب توليّ كعب بن سور قضاء البصرة أدلى عبد الرحمن بن قدامة قائلاً : (روى ذلك عمر بن شبَة في كتاب قضاة البصرة -يقصد أخبار البصرة- من وجوهٍ هذا أحدُهما) (2) .
  وعن أحداث وقعة الجمل جاء ذكر عمر بن شبَة بسندٍ جيّدٍ ... وذكر بسند له آخر) (3) ، وضمن وفادة أهل البصرة إلى المهديّ في أمر عزل القاضي خالد بن طليق ، ذكر عمر بن شبَة النُمَيرْيّ قائلاً : (سمعتُ محمّد بن عبد الله الأنصاريّ، وخلاّد بن يزيد وعبد الرحمن بن عثمان بن الربيع يحدث عن أبيه، ومحمّد بن عبد الله بن حمَاد، ومن لا أحصي يخبُرون خبر خالد بن طليق وخبر الوفد ...) (4) .

*************************************************
(1) الأغاني : ج 16 ، ص 104 - 105 .
(2) الشرح الكبير : ج 8 ، ص 136 .
(3) ابن حَجَر العسقلاني ، فتح الباري : ج 13 ، ص 47 .
(4) وكيع، أخبار القضاة : ج 2 ، ص 28 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 128 ـ

  ثانياً : إيرادُ أكثر من رواية للخبر الواحد

  مثلا كان عمر بن شبَة يذكر الرّواية الواحدة نقلاً عن أكثر من راوٍ واحدٍ لتوثيق صحّة الخبر، فإنَه كان ينقلُ أكثر من روايةٍ واحدةٍ للخبر الواحد، لتبيان أوجه الختلاف وللدلالة على أمانتِهِ وموضوعيّتِهِ، وعدم تعصّبِهِ جهةٍ ما، أو لجاهٍ معينٍّ، وعرضه للحقائق من مختلف وجهات النّظر، ففي سبب هروب القاضي إياس من البصرة ذكر عمر بن شبَة قائلاً : (وقد اختلف أبو عبيدة وأبو الحسن في سببِ ذلك) (1) ، ويبدأ بنقل رواية أبي عبيدة بتفاصيلها (2) ، وبعدها ينقل رواية المدائنيّ، بقوله : (وأمّا المدائنيّ فذكر) (3) ، وتتضمّن تفاصيل فيها اختلاف عن رواية أبي عبيدة.
  وبشأن خروج ابن عبّاس من البصرة أورد عمر بن شبَة روايتين، واحدة عن أبي عبيدة بقوله : (زعم أبو عبيدة) ، التي أكّد فيها أنَ ابن عبّاس لم يبرح من البصرة حتى قُتلَ الإمامُ عليٌ (ع) وأنّه شهد الصُلح بن الإمام الحسن ومعاوية، ثمَ عاد إلى البصرة، ثمَ أورد روايةً ثانيةً حول الموضوع نفسه عن المدائنيّ، وهي خلاف رواية أبي عبيدة، ورد فيها قول عمر بن شبَة (ذكرت ذلك لأبي الحسن فأنكره، وزعم أنّ عليّاً قُتل وابن عبّاس بمكّة، وأنّ الذي شهِد الصُلح بين الحسن ومعاوية عبيد الله بن عبّاس) (4) .
  وفي تحديد تاريخ استشهاد الإمام عليٍ (ع) أورد ثلاث روايات مختلفة عن المدائنيّ، الأولى ورد فيها أنّ الإمام عليّاً (ع) استشهد يوم الجمعة لإحدى عشرة، وقيل لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان عام ( 40 هـ - 660 م) ، وقيل في شهر ربيع الآخر عام

*************************************************
(1) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 437 .
(2) المزيّ، المصدر نفسه : ج 3، ص 347 - 348 .
(3) المزيّ، المصدر نفسه : ج 3، ص 438.
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 109 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 129 ـ

  (40 هـ - 660 م) (1) ، ولا شكَ في أنّ إيراد أكثر من روايةٍ واحدةٍ للحدث الواحد هي محاولةٌ لعرض الأخبار كما هي متداولة آنذاك، لاستبعاد تهمة التعصُب، أو الميول، أو غير ذلك.
  وفي مقدار المدّة التي استمرّ بها سمُرة بن جندب على ولاية البصرة بعد وفاة زياد، ففي روايةٍ نقلها عن المدائنيّ بأنّ سمُرة حكم ( 18 ) شهراً، ورواية أخرى نقلها عن جعفر بن سليمان الضبُعيّ جاء فيها أنّ مدّة ولاية سمُرة كانت ستّة أشهرٍ فقط (2) .
  أمّا بالنسبة إلى موقف عمر بن شبَة أو رأيه من الاختلافات الواردة في الروايات، فإنَ ضياع كتاب أخبار البصرة جعل من الصّعب أن نقفَ على موقفٍ واضحٍ، أو رأيٍ محدّدٍ إزاء هذه الرّواية أو تلك، سواء كان في الترجيح لواحدة منها أم نقد وتفنيد أحدهما، إذْ إنَ ما توافر بين أيدينا مجرّد نصوصٍ من روايات الكتاب الضائع، فهي في الأغلب نصوص مقتطعة ومبتورة عن الأصل الكامل للروايات، لذا لا يمكن من خلالها الوقوف على رأي عمر بن شبَة إزاءها.
  وكلُ ما يمكن قوله هو مجرّد استنتاج بأنّ عمر بن شبَة ربمّا استعمل منهجاً نقديّاً تحليليّاً، إذْ إنَ اهتمامه في عرض الرّوايات المتضاربة، أو المختلفة، أو نقلها من أكثر من مصدرٍ واحدٍ، دليلٌ على أنّه كان يُبدي رأيه بالترجيح، أو التعليق، أو الرد والتفنيد.

  ثالثاً : توثيقُ الأخبار غير المسندة

  استعمل عمر بن شبَة منهجاً متميّزاً قلمّا نجده عند غيره من المؤرّخين، ويمكن القول إنّه يُعَدّ من روّاد ذلك المنهج المتميّز، ففي الوقت الذي أبدى عمر بن شبَة تساهلاً

*************************************************
(1) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 110 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 217 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 130 ـ

  في إيراد سند معلوماته ومصادره، نجده يستعمل صيغاً وألفاظاً لتوثيق صحّة الأخبار التي ينقلها، وتأكيد ثقة ومصداقيّة الرّواة، وإن لم يشُر إلى أسمائهم، كقوله على سبيل المثال : (سمعتُ غر واحدٍ من علائنا، منهم خاّد بن يزيد يذكرون) (1) ، وهنا لم يحدّد عمر بن شبَة أسماء العلماء الذين سمع منهم الخبر، سوى الإشارة إلى واحدٍ منهم، وربّما قصد اختصار سند رواته، فأشار إلى أكثرهم شهرةً وثقةً، وبذلك يكون قد دلَ على وثوق وصحّة الخبر المنقول.
  والأمر نفسه قد أورده عمر بن شبَة في روايةٍ عن إياس حينما كان في واسط، قال : (حدّثني غير واحدٍ من أهل واسط، منهم إسماعيل بن إبراهيم بن هود ...) (2) ، وهنا أشار بنقل الرّواية عن أكثر من راوٍ واحدٍ، إلاّ إنّه لم يحدّد أسماءهم واكتفى بالتأكيد على أنهّم من أهل واسط، على اعتبار أنّ الحدث وقع في واسط، وهذا نوع من التوثيق لصحّة الرواية، ومن جهةٍ أخرى اكتفى بذكر اسم واحدٍ من علماء واسط لشهرته (3) ، وهذا أيضاً للدلالة على توثيق الخبر.
  ومن الروايات التي تساهل في مصدرها، قوله : (وحدّثني محدثٌ أصدقه ذهب اسمُه عنّي) (4) ، فهنا المسألة واضحة، إذْ أشار عمر بن شبَة إلى أنّ سبب عدم ذكره اسمَ المحدث، هو نسيانُ اسمِه بالضبط، إلا أنّه في الوقت نفسِه أكَد ثقتَه وصدقَه.
  ومن ألفاظ التساهل قوله : (وحدّثني مَن لا أُحصي من علمائنا) (5) ، وصيغة التوثيق

*************************************************
(1) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 429 .
(2) المزيّ، المصدر نفسه : ج 3، ص 431 .
(3) هو إسماعيل بن إبراهيم بن هود الضرير أبو إبراهيم الرابطيّ. ينظر، ابن حَجَر العسقلاني، لسان الميزان : ج 1، ص 391 .
(4) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 271 .
(5) المزيّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 280 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 131 ـ

  واضحة بالإشارة إلى أنّ عددهم كبير، أي وجود نوعٍ من الإجماع على الخبر، وقوله : (فزعم المدائنيّ وغيره من رواة أهل البصرة) (1) ، فالرواية نقلها عن المدائنيّ وعددٍ آخر من الرُواة دون أن يحددَ أسماءهم، إلا أنّه حدّد أنهّم من أهل البصرة، لتوثيق صحّة الخبر، أنّه مرويٌ من أهل البصرة أنفسهم، وكذلك نقله رواية بصدد بشار بن برد، بقوله : (حدّثني جماعةٌ من أهل البصرة، منهم محمّد بن عون بن بشر، وكان يُتّهَمُ بمذهب بشّار) (2) ، فعمر بن شبَة على الرُغم من عدم ذكره أسماء أولئك الجماعة سوى اسم واحدٍ منهم، فإنَه قدَم تعريفاً بأنهّم من أهل البصرة، وهم على معرفةٍ وصِلةٍ ببشّار، واقتصر على ذكر اسم راوٍ واحدٍ منهم فقط ، أنّه أقرب لبشّار لكونه متّهماً بمذهبه، أي على شاكلته، وهنا تأتي مصداقيّة الرّواية وصحّة ما ورد فيها من معلومات.

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 5، ص 5 .
(2) أبو الفرج الأصفهانيّّ، الأغاني : ج 6، ص 245 .


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 132 ـ

المبحثُ الرابعُ : قيمةُ الكِتاب وأهميَتُهُ

  احتلّ كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة النُميَرْيّ مكانةً مهمّةً وقيمةً علميّةً كبيرةً فاق في ذلك غيره من المصنّفات المعاصرة له، التي صُنفت بعده، وتجلّت تلك المكانة والأهميّة في تميُزه بالعديد من السمّات وكالآتي :
  أولاً : يُعدُ كتاب أخبار البصرة لابن شبَة من أهم الكتب التي صُنفت في تاريخ البصرة وفي أخبار أهلها، فعلى الرُغم من أنَ كتاب ابن شبَة لم يكن أوّل كتابٍ صُنفَ في تاريخ البصرة، أي لم تكن له الرّيادة، لوجود مصنّفات أقدم منه - كما أسلفنا -، إلا إنّه كان أكثرهم شهرةً وذيوعاً وانتشاراً في أنحاء البلاد الإسلاميّة، وهذا ما أكّده ابن حوقل بالإشارة إلى وجوده في جميع الأماكن (1) ، ودعم ذلك بقول ابن حزم الأندلسي : (... ولا أعلم في تاريخ البصرة سوى كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة ...) (2) .
  ويأتي بعدهم قول ياقوت الحمويّ الذي اقتصر في ذكر ما صنف من كتب عن مدينة البصرة وفضائلها بالإشارة إلى كتاب عمر بن شبَة النُميَرْيّ والسّاجيّ فقط (3) ، بما يدلُ على أهميّة الكتاب وذيوع صيته.
  ثانياً : إنّ شهرة كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة النُميَرْيّ، وسعة انتشاره

*************************************************
(1) صورة الأرض : ص 238 .
(2) رسائل ابن حزم : ج 2، ص 176 .
(3) معجم البلدان : ج 2، ص 347 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 133 ـ

  والإشادة به جاءت لكونه أفضل الكتب التي صُنفت عن البصرة من حيث سعة معلوماته وشموليّتِها وتنوّعها، فقد وُصِف بأنّه كان كتاباً كبيراً (1) ، أو كما قيل بأنّه يقع في مجلّدات (2) ، للدلالة على كبر حجمه .
  وعند متابعة نصوص روايات الكتاب المتناثرة في بطون الكتب وجدنا أنَ الكتاب ضخمٌ وكبيرٌ، فلو كان أصل الكتاب موجوداً لكان فعلاً بمجلّداتٍ عديدة، وقد أكّدت نصوص الكتاب التي تمَ جمعها أنّه شمل حقبةً زمنيّةً طويلةً تمتدّ إلى حدود قرنين ونصف من الزمن.
  كما أنّه يحتوي معلوماتٍ متنوعةً غطّت مختلفَ أحوال البصرة جوانبها السياسيّة، العسكريّة، الإداريّة، الاجتماعيّة، الاقتصاديّة، الفكريّة، والعمرانيّة، وكما يأتي :

  1 ـ المعلوماتُ في الجانبين السياسيّ والعسكريّ

  احتوى الكتاب أخباراً غايةً في الأهميّة عن أبرز الأحداث السياسيّة والعمليّات العسكريّة التي شهدتها مدينة البصرة على وجه الخصوص، فضلاً عن المعلومات الأُخَر العامّة التي ألقت بظلالها وأثرها على البصرة، إذْ تضمّن الكتاب أخباراً عن فتوح مدينة البصرة والمناطق المجاورة لها، التي تقع ضمن أعمال فتوح جبهة البصرة، كالأهواز وفارس وتستر وخراسان وغيرها (3) ، وفيه معلومات مفصّلة عن أهم وقائع معركة الجمل سنة ( 36 هـ - 656 م) (4) ، وبصدد ثورات ومعارك

*************************************************
(1) الذهبيّ، سير أعلام : ج 12 ، ص 371 .
(2) ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 2، ص 347 .
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 90 ، 92 ، ابن حجر العسقلاني ، الاصابة : ج 5 ، ص 397 ، ج 6 ، ص 220 ، ج 7 ، ص 327 ، ج 8 ، ص 210 .
(4) الطبريّ، تاريخ: ج 3، ص 485 ، 492 ، 513 - 514 ، 517 ، 521 ، 522 ، 527 ، 532 ، 547 ،


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 134 ـ

  اخوارج (1) ، وأثر أحداث معركتي صِفّين ( 37 هـ - 657 م) ، والنهروان (38 هـ - 658 م) (2) في البصرة، ووثوب حمران بن أبان، ودخول بسر بن أرطأة البصرة (3) ، ودور أهل البصرة في واقعتي كربلاء ( 61 هـ - 680 م) ، والحَرّة ( 63 هـ - 682 م) (4) ، وأثر موت يزيد بن معاوية على الوضع العام في البصرة، وطرد واليها عبيد الله بن زياد (5) ، وخضوع البصرة لسيطرة ابن الزّبير (6) ، ومشاركة أهل البصرة في ثورة إبراهيم بن عبد الله الحسنيّ سنة ( 145 هـ - 762 م) (7) ، وعن خروج الزنج في العصرين الاموي والعباسي (8) ، وغيرها من الوقائع والأحداث.

  2 ـ المعلوماتُ في الجانب الإداريّ

  قدَم عمر بن شبَة معلومات مفصّلة ووافية عن أهمّ الوظائف الإداريّة في البصرة وأخبار ولاتها، وأهمّ عماّلها وكُتّابها وقضاتها، ومن تولىّ الخراج والشرََطة، وغيرها

*************************************************
ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 8، ص 415 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 10 ، ص 35 ، فتح الباري : ج 3، ص 206 ، ج 8، ص 71 ، 425 ، ج 13 ، ص 46 ، 47 .
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 130 ، 172 ، 176 ، 177 ، 231 - 232 ، 476 ، أبو الفرج الاصفهاني ، الأغاني : ج 6، ص 151 ، 158 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 93 ، ابن كثر، البداية والنهاية : ج 7، ص 351 .
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 127 ، 128 .
(4) أبو مخنف، مقتل الإمام الحسن (ع) : ص 28 - 29 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 287 - 288 ، 289 - 290 ، 292 ، 293 ، 402 - 403 .
(6) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 407 ، 558 ، ج 5 ص 3 ، 4 ، 9 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 253 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 58 ، ص 218 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 4، ص 212 ، الإصابة : ج 3، ص 202 .
(7) الطبريّ، تاريخ : ج 6، ص 241 ، 245 ، الأزديّ، تاريخ الموصل : ص 180 ، أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل : ص 211 - 222 .
(8) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 57 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 135 ـ

  من الوظائف، ومن خلال الكتاب يمكن إعداد قائمة بأسماء وتواريخ تولية أهمّ ولاة وقضاة البصرة.
  وضمن أخبار الولاة والعماّل والقضاة سلّط عمر بن شبَة الضوء على طبيعة الجهاز الإداريّ بالبصرة والأعمال التابعة لها، وأهمّ التنظيمات الإداريّة التي أُقرّت، فأشار إلى طرق تولية وعزل بعض الولاة (1) ، وأسباب تولية وعزل بعض القضاة (2) ، وأهمّ القضايا التي طُرحت في مجالس القضاة، وأماكن عقد جلسات القضاء (3) ، وتطرّق إلى رواتب بعض القضاة (4) ، وأهم الإجراءات التي أدخلها بعض الولاة في الجانب الإداريّ، وتنظيم الوضع الأمنيّ، كإجراءات زياد الأمنيّة (5) ، وأهمّ الإجراءات التي أدخلها بعض القضاة في تطوير عمل مؤسّسة القضاء (6) ، وخطب بعض الولاة، كخطبة زياد البتراء الشهيرة (7) ، وأورد الإشارة إلى مَن تولىّ الشَرَطة في البصرة (8) ، أو كان كاتباً

*************************************************
(1) ينظر على سبيل المثال : ابن شاذان، الإيضاح : ص 68 ، الباذريّ، أنساب الأشراف : ج 13 ، ص 366 ، وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 312 ، ج 2، ص 143 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 130 ، 164 ، 174 ، 217 ، 294 ، 557 ، 578 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 240 ، ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق : ج 27 ، ص 101 - 102 ، ابن حَجَر العسقلاني، فتح الباري : ج 13 ، ص 23 .
(2) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 312 ، ج 2، ص 7 ، 131 ، 140 - 141 ، 143 ، 157 - 158 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 285 ، 287 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 439 ، 440 ، ج 4 ، ص 407 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 7، ص 8 ، فتح الباري : ج 13 ، ص 125 . (3) وكيع، أخبار القضاة : ج 2 ، 125 ، 130 ، 158 ، 159 .
(4) وكيع، المصدر نفسه : ج 1، ص 342 ، ج 2، ص 108 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 165 - 167 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 241 ، 243 .
(6) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 125 .
(7) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 165 - 167 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 19 ، ص 187 .
(8) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 159 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 130 ، 164 ، 167 ، 168 ، 219 ، 294 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، مقاتل : ص 220 ، اليافعيّ، مرآة الجنان : ج 1، ص 342 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 10 ، ص 338 .


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 136 ـ

  أو صاحب خراج (1) ، أو مَن عمل بالحرس (2) ، فضلاً عن نقله نصوص بعض الكتب التي وجهت إلى عددٍ من ولاة البصرة وعماّلها وقضاتها، بما تتضمّنه من وصايا وأوامر، مثل كتاب عمر بن الخطاب للقاضي أبي موسى الأشعريّ (3) ، وكتاب معاوية لعبيد الله ابن زياد (4) ، والكتب التي وجّهها عمر بن عبد العزيز إلى والي البصرة (5) ، وكتاب الحجَاج لأهل البصرة (6) .

  3 ـ المعلوماتُ في الجانب الاجتماعيّ

  وفي هذا الجانب أبدع عمر بن شبَة في نقل معلوماتٍ غاية في الأهمّيّة، يُفتَقر وجودُها في المصنّفات التاريخية الأُخَر، التي غالباً ما أعطت اهتماماً للجوانب السياسيّة والعسكريّة، وأهملت الجوانب الأُخَر، ولا سيمَا الجانب الاجتماعيّ، فقد أورد عمر ابن شبَة أخباراً عن الفئات الاجتماعيّة التي قطنت البصرة من قبائل عربيّة (7) ، وأقوام أُخَر من الفرس والترك والروم، كالأساورة والبخاريّة والصقالبة (8) ، وتطرّق إلى أكثر عمليّة هجر سكّانيّ جماعيّ شهدته مدينة البصرة في أيّام معاوية، وولاية زياد بن أبيه (9) وقدم معلومات عن أوصاف بعض الملابس من دروع وجباب وأردية وعمائم وإزار

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 170 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 11 ، ص 311 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 169 .
(3) الباذريّ، أنساب الأشراف : ج 10 ، ص 290 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 219 ، 220 .
(5) البلاذريّ، أنساب : ج 8، ص 158 ، 161 ، 162 .
(6) البلاذريّ، المصدر نفسه : ج 7، ص 220 ، ج 13 ، ص 380 .
(7) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل : ص 214 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 8، ص 218 .
(8) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 186 ، 221 .
(9) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 170 .


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 137 ـ

  وقطائف (1) ، وعن أوصاف بعض الأطعمة والأشربة، ودعوات الطعام، وما يخصُ الطبّاخين (2) ، وبعض المناسبات الاجتماعيّة، كالختان، أو أعياد النوروز والمهرجان (3) .
  وخلال تناوله للقضايا التي نظر بها قضاة البصرة كشف عمر بن شبَة عن أهم المشاكل الاجتماعيّة التي كانت سائدة بالبصرة آنذاك، كمشاكل الخلافات الزوجيّة، وأمور الطلاق (4) ، والنّسب (5) ، والنّفقة والوصاية (6) ، وقضايا الميراث (7) ، وأموال الأيتام (8) ، والخلافات الناجمة عن قضايا الدَين (9) ، والسرَقات، وخيانة الأمانة (10) ، وحبس الجناة (11) ، وبعض العقوبات التعزيريّة الأُخَر (12) ، وما يتعلّق بالدّيات (13) والشهود (14) ،

*************************************************
(1) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 294 ، 339 ، ج 2 ، ص 84 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 221 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 18 ، ص 40 .
(2) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 368 ، ج 2، ص 26 ، 82 - 83 ، الأزديّ، تاريخ الموصل : ص 180 ، اليافعيّ، مرآة الجنان : ج 1، ص 343 .
(3) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 294 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 281 .
(4) وكيع، المصدر نفسه : ج 1، ص 271 ، 336 ، ج 2 ، ص 10 ، 17 ، 113 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 297 ، ابن قدامة، المغني : ج 8، ص 140 ، عبد الرحمن بن قدامة، الشرح الكبير : ج 8 ، ص 136 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 432 ، 437 ، 438 ، 490 .
(5) المزيّ، المصدر نفسه : ج 3، ص 428 ، ج 4، ص 407 .
(6) المزيّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 271 .
(7) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 300 ، 332 ، ج 2 ، ص 77 .
(8) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 130 .
(9) المصدر نفسه : ج 1، ص 290 ، 300 .
(10) البلاذريّ، أنساب الأشراف : ج 5، ص 236 ، وكيع، المصدر نفسه : ج 1، ص 329 .
(11) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 272 .
(12) البلاذريّ، أنساب : ج 5، ص 223 ، ج 8، ص 158 ، وكيع، أخبار القضاة : ج 1،ص 300 ، 329 .
(13) وكيع المصدر نفسه : ج 1، ص 335 .
(14) وكيع المصدر نفسه : ج 1، ص 330 ، 337 ، ج 2 ، ص 9 ، 83 ، 127 ، 141 ، ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة : ج 17 ، ص 231 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 437 ، ابن حَجَر العسقلاني،

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 138 ـ

  وأخبار تتعلّق بأهل الذّمّة (1) ، ووسائل النقل خال السفر (2) .

  4 ـ المعلوماتُ في الجانب الاقتصادي

  لم يخلُ كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة من معلومات تخصُ الجانب الاقتصاديّ بالبصرة، كتناول بعض الحِرَف والمِهَن السائدة في البصرة، كمهنتي القصّار والطبّاخ.
  وعن أنواع الأراضي الزراعيّة، وزراعة التّمور (3) ، وعن الخراج (4) ، ومقدار أموال البصرة في بيت المال من خلال ذكره استيلاء بعض الولاة على الأموال فيها (5) وأشار إلى المستوى المعاشي لبعض الأثرياء بالبصرة، من خلال وصف سعة بيوتهم، أو فخامة بنائها، أو مقدار كرمهم وبذلهم الأموال (6) ، وتطرّق أيضاً إلى بعض المعلومات الاقتصاديّة، كالرّهن والإجارة والإعارة والشراكة (7) ، وإلى أموال الصّدقات، وأموال الأوقاف (8) ، وحالات الغش بالبضائع (9) والمكاييل (10) ، وعن أسواقِ البصرة (11) .

*************************************************
فتح الباري : ج 5، ص 187
(1) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 278 ، 340 - 341 .
(2) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 128 .
(3) وكيع، اخبار القضاة: ج 2، ص 117 ، 127 - 128 ، أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل : ص 222 ، ابن قدامة ، المغنيّ : ج 11 ، ص 168 ، 443 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 93 .
(5) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل : ص 216 .
(6) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 247 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 7، ص 307 .
(7) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 290 ، 330 ، 340 .
(8) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 125 ، 131 ، 159 .
(9) المصدر نفسه : ج 1، ص 300 .
(10) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 1، ص 444 .
(11) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 240 - 241 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 139 ـ

  5 ـ المعلوماتُ في الجانب العمرانيّ

  قدّم عمر بن شبَة معلومات عن بعض خِطط مدينة البصرة وأهمّ معالمها العمرانيّة، إذْ تكلّم عن بعض الدّور المهمّة في البصرة، كدار الإمارة، ودار الدّيوان، ودار أبي مروان، ودار أبي نخيلة، ودار أبي فروة، ودار محمّد بن سليمان، ودار بلال القاضي، ودار إسحاق ابن سليمان، ودار عقبة بن سلم (1) ، وعن بعض المقابر أمثال مقبرة بن حصن، ومقبرة بني يشكر، ومقبرة بني شيبان (2) ، وعن بعض المحلات والأزقّة، كمحلّة الحدّان، ومِرْبد البصرة، وزقاق الأزرق (3) ، وعن عددٍ من مساجد البصرة، كمسجد البصرة الجامع، ومسجد خلاّد بن كثير، ومسجد الحدّان، ومسجد المعادل (4) ، وعن بعض الأنهار بالبصرة، كنهر الأُبُلة، ومعقل، ونهر سليمان(5) ، وعن جسر البصرة (6) .

  6 ـ المعلوماتُ في الجانب الفكريّ

  كان للجانب الفكريّ حصّةٌ كبيرةٌ في كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة، إذْ تناول فيه أخبار كبار علماء البصرة في مجالاتٍ شتّى من العلوم، كالفقه والحديث واللُغة والأدب، فقد تكلّم عن الحسن البصريّ، وابن سيرين، وأبي عاصم النبيل، وزُفَر بن الهذيل،

*************************************************
(1) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 57 ، أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل : ص 212 ، 214 ، 221 ، ابن عساكر،تاريخ مدينة دمشق : ج 7،ص 304 ، ج 68 ، ص 211 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4 ، ص 279 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 16 ، أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 8، ص 417 .
(3) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 79 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 84 .
(4) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 118 ، الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 84 ، 176 .
(5) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 57 ، 117 ، أبو عبيد البكري ، معجم ما استعجم : ج 4 ، ص 1244 .
(6) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 130 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 140 ـ

  وغيرهم (1) ، وعن وضع النحو من أبي الأسود الدؤلي (2) ، وأخبار العديد من شعراء البصرة وخطبائها، كالفرزدق، وشبيب بن شيبة، وإبان اللاّحقيّ، ورؤبة بن العجّاج، وابن مناذر، وابن قيس الرقيّات، والسّيد الحميريّ، وغيرهم، وتضمّن الكتاب العديد من الأبيات الشعريّة التي نُظمت في مختلف المناسبات، ومختلف الأسباب، في المدح والوصف والهجاء والرثاء (3) .
  ثالثاً : إنّ سعةَ معلوماتِ عمر بن شبَة في كتابه أخبار البصرة وتنوّعها تجلّت من خلال ورود معلوماتٍ عن بعض المدن والولايات التي تمَ التطرّق إليها من خلال ذكره أخبار البصرة، كالمناطق التي كانت تابعة عسكريّاً وإداريّاً للبصرة، أمثال ولاية خراسان على سبيل المثال (4) ، أو معلومات عن الكوفة حينما جمعت إدارتها مع البصرة في بعض الأوقات (5) ، أو معلومات أُخَر عن المدينة المنورة، أو واسط، أو الأهواز وفارس (6 ) ،

*************************************************
(1) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 82 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 5، ص 204 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 4، ص 607 .
(2) أبو هال العسكريّ، اأوائل: ص 296 - 297 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 4، ص 84 ، ابن حَجَر العسقلاني، لسان الميزان : ج 3، ص 158 .
(3) ابن أبي الدنيا، مكارم الأخلاق، ص 142 ، وكيع، أخبار البصرة : ج 2، ص 62 ، 108 ، 147 - 148 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 179 ، 215 - 216 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 7 ، ص 202 ، ج 18 ، ص 40 ، 182 ، 192 ، 194 ، ج 20 ، ص 367 ، 370 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 274 - 279 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 165 ، 169 ، 170 ، 221 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 4 ، ص 362 ، ج 18 ، ص 264 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 167 ، 174 ، 214 ، 217 ، 219 ، 226 ، 227 .
(6) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 367 ، 368 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 93 ، 130 ، 172 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 14 ، ص 373 ، مقاتل : ص 217 ، 219 ، 220 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 411 ، 439 ، 431 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 141 ـ

  وردت عرضاً ضمن استطراداته المذكورة آنفاً.
  رابعاً : نظراً إلى أهميّة كتاب أخبار البصرة وقيمة معلوماته وشهرته فقد أصبح مصدراً مهماًّ للعديد من المؤرّخين، وكتاب التراجم، والأدباء، والجغرافييّن المعاصرين، أو الذين جاءوا بعده، وكذلك المتأخّرين منهم، إذْ أغنت معلوماته المتنوعة مختلف الجوانب، ورفدت مختلف المصنّفات، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك ضمن الحديث عن النُقولات من كتاب أخبار البصرة (1) .

*************************************************
(1) ينظر الفصل الثاني (نقول المؤرّخين وكتّاب التراجم والأدباء والجغرافييّن).

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 142 ـ

البابُ الثاني : رواياتٌ مِن كتاب (أخبار البصرة) الضّائع لعُمَر بنِ شبَّة النُّمَيْريّ
(14 هـ - لغاية ما بعد الرّبع الأوّل من القَرن الثالث الهجريّ)


فتحُ البصرة وتمصيرها (14 هـ - 635 م)

  (حكى عمر بن شبَة عن شيوخه من أهل الأخبار أنَ المثنّى بن حارثة (1) كان يُغيِرُ على أهل فارس بالسّواد، فبلغ أبا بكر والمسلمين خبرُه، فقال عمر : مَن هذا الذي تأتينا وقائعُه قبل معرفة نسبِه، فقال له قيس بن عاصِم (1) : أمَا إنّه غيرُ خاملِ الذكر ولا مجهول النّسب، ولا قليلَ العَدد، ولا ذليلَ العمِارة، ذلك المثنّى بن حارثة الشيبانيّ، ثمَ إنَ المثنى قدم على أبي بكر، فقال له : يا خليفة رسول الله ابعثني في قومي فإنَ فيهم إسلاماً أقاتل بهم أهل فارس، وأكفِكَ أهلَ ناحيتي من العدو، ففعل ذلك أبو بكر، فقدم المثنّى العراق، فقاتل وأغار على أهل فارس ونواحي السّواد حولاً محرّماً، ثمَ بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبي بكر يسأله المدد، ويقول : إنّك إن أمددتني وسمِعَت بذلك العرب أسرعوا إليّ وأذلَ اللهُ المشركين، مع أنيّ أخبرك يا خليفة رسول الله أنّ الأعاجم تخافنا وتتّقينا، فقال له عمر : يا خليفة رسول الله ابعث خالد بن الوليد (3) مدداً للمثنّى بن حارثة يكونُ

*************************************************
(1) المثنّى بن حارثة الشيبانيّ أسلم وقدم على الرسول (ص) سنة 9 هـ ، وقيل 10 هـ ، وبعثه أبو بكر سنة 11 هـ إلى العراق، وكان المثنّى شجاعاً شهماً أبلى في حروب العراق بلاءً حسناً، وكان المثنّى بسواد الكوفة، فخرج إلى خالد، وقدم معه البصرة، وتوفي في سنة 14 هـ . ينظر : ابن عبد البر النُميَرْيّ، الاستيعاب : ج 4، ص 1456 .
(2) قيس بن عاصم بن سنان بن خالد المنقريّ، وفد على الرسول (ص) مع وفد تميم، فقال عنه : (هذا سيّدُ أهل الوبر) ، وكان سيّداً جواداً، ومن سادات الصحابة، وجلّة من اختطَ بالبصرة، وتوفيّ بها . يُنظر ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 37 ، ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علاء الأمصار : ص 68 .
(3) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله القرشي المخزوميّ، قيل : هاجر بعد الحديبية، وقيل : كان إسلامه بين الحديبية وخيبر، وقيل غير ذلك، توفيّ في حمص، وقيل بالمدينة سنة 21 هـ . ابن عبد البرَ النُمَيرْيّ ، الاستيعاب : ج 2 ، 427 ، 431 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 143 ـ

  قريباً من أهل الشّام، فإن استغنى عنه أهلُ الشام ألحَ على أهل العراق حتّى يفتحِ الله عليه، قال فهذا الذي هاج أبا بكر رحمه الله على أن يبعث خالد بن الوليد إلى العراق) (1) .
  (وروى عمر بن شبَة من طريق قتادة، قال : كان قطبة بن قتادة (2) كتب إلى عمر يستمدُه، فوَجَهَ بشريح بن عامر السعديّ (3) ، من بني سعد بن بكر، فقال له : كن ردءاً للمسلمين، فأقبل إلى البصرة، ثمَ سار إلى الأهواز، فقتلوه بها، وهو جدُ القاسم بن سليمان) (4) .
  (فحدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد عن أبي مخنف عن مجالدٍ عن الشَعْبيّ، قال : قتل مهران سنة أربعة عشر في صفر، فقال عمر لعتبة (5) يعني ابن غزوان : قد فتح اللهُ عزّ وجل على إخوانكم الحيِرة وما حولها، وقُتِل عظيمٌ من عظمائها، ولست آمن أن يمدُوهم إخوانهم من أهل فارس، فإنيّ أريد أوجّهك إلى أرض الهند، لتمنع أهل

*************************************************
(1) ابن عبد البر النُميَرْيّ، الاستيعاب : ج 4، ص 1457 ، الكلاعيّ، الاكتفاء : ص 372 .
(2) قطبة بن قتادة بن جرير السدوسي الشيبانيّ، أبو حويصلة، من بكر بن وائل، أسلم بعد فتح مكّة، استخلفه خالد بن الوليد على البصرة سنة (12 هـ)، ثمَ سار إلى السّواد . ينظر : ابن عبد البرَ النُميَرْيّ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب : ج 3، ص 1282 .
(3) شريح بن عامر بن قيس بن عامر بن عمر السعديّ، من بني سعد بن بكر، ولاّه عمر البصرة، ابن حَجَر العسقلاني، لسان الميزان : ج 3، ص 272 .
(4) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 3، ص 272 - 273 .
(5) عتبة بن غزوان بن الحارث بن وهب المازني، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا غزوان، كان إسلامه بعد ستّة رجال، هاجر إلى الحبشة، وهو ابن أربعين سنة، ثمّ قدم على النبيّ (ص) وأقام معه في مكّة حتى هاجر إلى المدينة، ثمّ شهد بدراً والمشاهد كلّها، وكان أوّل من نزل البصرة من المسلمين، وهو الذي اختطّها، فافتتح الأُبُلّة، ثمّ اختطّ مسجد البصرة، ثمّ خرج حاجّاً حتى مات سنة 17 هـ ، وهو منصرفٌ من مكّة إلى البصرة، ويقال مات بالرّبذة، وقيل مات سنة 15 هـ بالمدينة . ينظر : ابن عبد البرَ النُميَرْيّ، الاستيعاب : ج 3 ، 1026 - 1027 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 144 ـ

  تلك الجيزة (1) من إمداد إخوانهم على إخوانكم، وتقاتلهم، لعلَ الله أن يفتحَ عليكم، فسرِْ على بركةِ الله، واتّقِ الله ما استطعت، واحكُم بالعدل، وصَل الصلاة لوقتها، وأكثر ذكر الله، فأقبل عتبة في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وضوى إليه قومٌ من الأعراب وأهل البوادي، فقدِم البصرةَ في خمسمائةٍ يزيدون قليلاً، أو ينقصون قليلاً، فنزلها في شهر ربيع الأوّل، أو الآخر سنة أربعة عشر، والبصرة يومئذٍ تُدعى أرض الهند، فيها حجارةٌ بيض خُشْن، فنزل الخُريبة وليس بها إلا سبعُ دساكر (2) بالزّابوقة (3) والخُريبة (4) ، وموضع بني تميم والأزد، ثنتان بالخُريبة، وثنتان بالأزد، وثنتان في موضع بني تميم، وواحدة بالزّابوقة، فكتب إلى عمر ووصف له منزله، فكتب إليه عمر : اجمعْ للنّاس موضعاً واحداً ولا تفرّقهم، فأقام عتبة أشهراً لا يغزو ولا يلقى أحداً) (5) .
  (حدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثنا عليّ، قال : حدّثنا أبو إسماعيل الهمدانيّ وأبو مخنف عن مجالد بن سعيد عن الشَعبيّ، قال : قدم عتبة بن غزوان البصرة في ثلاثمائة، فلماّ رأى منبت القصب وسمع نقيق الضّفادع، قال : إنَ أمير المؤمنين أمرني أن أنزلَ أقصى البرَ من أرض العرب، وأدنى أرض الرّيف من أرض العَجم ،

*************************************************
(1) الجيزة الناحية والجانب . ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 5، ص 330 .
(2) الدسكرة : بناءٌ على هيئة القصر، فيه منازل بيوت للخدم والحشم، كلمة ليست عربية، والدسكرة الصومعة . ينظر : ابن منظور، المصدر نفسه : ج 4، ص 286 .
(3) الزّابوقة : موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل، وهو مدينة المسامعة بنت ربيعة بالبصرة، ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 463 .
(4) الخُريبة : تصغر خَرِبة موضع بالبصرة، سُميت بذلك ، أنَ المرزبان كان قد ابتنى بها قصراً وخُرّب بعده، فلماّ نزل المسلمونَ البصرة ابتنوا عنده، وفيه أبنية وسمَوها الخُريبة، وقيل مدينة عتيقة، وأنّ المثنّى بن حارثة خرّبها بشن الغارات عليها، فلماّ قدمت العرب البصرة سمَوها الخُريبة. ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 3، ص 228 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 90 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 145 ـ

  فهذا حيث واجب علينا فيه طاعة إمامنا، فنزل الخُريبة، وبالأُبُلّة (1) خمسمائة من الأساورة (2) يحمُونها، وكانت مرفأ السُفن من الصين وما دونها، فسار عُتبة فنزل دون الإجّانة (3) ، فأقام نحواً من شهر، ثمّ خرج إليه أهل الأُبُلّة فناهضهم، وجعل قطبة بن قتادة السّدوسيّ، وقسامة (4) بن زهير المازنيّ في عشرة فوارس، وقال لهما : كونا في ظهرنا فتردّان المنهزم، وتمنعان من أرادنا من ورائنا.
  ثمَ التقوا فما اقتتلوا مقدار جزرِ جزورٍ (5) وقسمها حتى منحهم الله أكتافهم، وولّوا منهزمين حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره، فأقاموا أيّاماً، وألقى اللهُ في قلوبهم الرُعب، فخرجوا عن المدينة، وحملوا ما خفَ لهم، وعبروا الفرات، وخلّوا المدينة، فدخلها المسلمون، فأصابوا متاعاً وسلاحاً وسبياً وعيناً (6) ، فاقتسمُوا العيَن، فأصاب كلَ رجلٍ منهم درهمان.
  وولىّ عتبةُ نافعَ بن الحارث (7) أقباض الأُبُلّة، فأخرج خمسه، ثمَ قسّم الباقي بين من

*************************************************
(1) الأُبُلّة : بلدةٌ على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج، الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة. ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 1، ص 72 .
(2) الأساورة : جماعةٌ من الفرس نزلوا في بني تميم بالبصرة، واختطُوا بها خِطّة، وانتموا إليهم . ينظر : ياقوت الحمويّ، المصدر نفسه : ج 1، ص 156 .
(3) الإجّانة : غور واسعة تسمّى في الجاهليّة الإجّانة، وسمَته العرب في الإسلام الجزارة، وهو على مقدار ثلاثة فراسخ من البصرة . ينظر : البلاذريّ، فتوح البلدان (تحقيق : د. صلاح الدين المنجد، القاهرة - 1957 ) : ج 2، ص 427 .
(4) قسامة بن زهير المازنيّ من بني تميم، توفّي في ولاية الحجّاج بن يوسف الثقفيّ على العراق، ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 152 .
(5) الجزر، الجزور من الإبل يقع على الذكر والأنثى، ويقال تركوهم جزراً إذا قتلوهم . الرازي، مختار الصحاح (تحقيق : محمود خاطر، بيروت - 1995 ) : ج 1، ص 43 .
(6) العيَن : الدينار، والعيَن المال الناضُ. ينظر : الرازيّ، مختار الصحاح : ج 1 ، 195 .
(7) أبو عبد الله نافع بن الحارث بن كلدة، انتقل إلى البصرة، وافتلى بها الخيل، وكان من رقيق أهل

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 146 ـ

  أفاءه اللهُ عليه، وكتب بذلك مع نافع بن الحارث، وعن بشير بن عبيد الله قال : قتل نافع بن الحارث يوم الأُبُلّة تسعة، وأبو بكرة (1) ستّة) (2) .

خبرُ قسامة بن زهير المازني

  (ذكر عمر بن شبَة في أخبار البصرة أنّه كان مّن افتتح الأُبُلَة مع عتبة بن غزوان، وكان رأساً في تلك الحروب، وله حديثٌ مرسَلٌ) (3) .
  (روي أنّ الصّحابة وضعوا العشر على أرض البصرة، لم أجده هكذا، وقد ذكره أبو عمر، قلتُ : قد أخرجه عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (4) .

  وصفُ مناخ البصرة :

  (وقرأتُ في أخبار البصرة، عيشُنا في البصرة عيشٌ ظريفٌ، إن هبّت شمالٌ فنحنُ في طيبٍ وريف، وإن كانت جنوب فإنّا في كنيفٍ (5) ، ورأيتُهم إذا كانت جنوب في ضيقِ

*************************************************
الطائف، أمُه مولاة للحارث، واعترف الحارث أنّه ولدهُ فنُسِبَ إليه . ينظر : ابن سعد، الطبقات : ج 5، ص 507 ، الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 352 .
(1) أبو بكرة، واسمُه نفيع بن مسروق، وقيل مسروح، وأمّه سُمَيّة، وهو أخو زياد بن أبيه أمه، وكان عبداً بالطائف، فلماّ حاصر رسول الله (ص) الطائف، قال : (أيمُا حُرّ نزل إلينا فهو آمنٌ، وأيمُا عبدٌ نزل إلينا فهو حرّ) ، فنزل إليه عدّةٌ من عبيد أهل الطائف، فيهم أبو بكرة، فكنّوه أبا بكرة، فكان يقول : أنا مولى رسول الله (ص) كان رجلاً ورِعاً شهِد على المغيرة، فضرُب الحدّ، فحُمِل إلى أخيه زياد، فلماّ ادّعى معاوية زياداً نهاه أبو بكرة عن ذلك فأبى، مات أبو بكرة في حكم معاوية في البصرة في ولاية زياد . ينظر : ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 16 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 92 - 93 .
(3) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 5، ص 397 .
(4) ابن حَجَر العسقلاني، الدّراية في تخريج أحاديث الهداية : ج 2، ص 131 .
(5) الكنيف هو الساتر، والكنيف حظيرة من شجر تجعل للإبل . الجوهريّ : الصّحاح (تحقيق : أحمد

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 147 ـ

  صدرٍ، يلقى الرجلُ صاحبَه، فيقولُ : ألا ترى ما نحنُ فيه ؟ ، فيجيبُهُ نرجو من اللهِ الفَرَج، وربمّا نزل عليهم شبيه الدبس باللَيل، وحُلوان (1) معتدلةُ الهواء، والبطائحُ (2) نعوذُ بالله منها، ومَن شاهدها في الصّيف رأى العجب، إنّما ينامونَ في الكِلَل (3) ، وثَمَ بقٌ له حِمّةٌ (4) كالإبرةِ إنمّا هي نَحرةٌ (5) ) (6) .

أخبارُ عُتبة بن غزوان

  خبر نصب قبلة البصرة : (إنّ عتبة بن غزوان هو الذي نَصَبَ قبلةَ البصرة ... أخرجها عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (7) .
  خبر زواج صفيّة بنت الحارث من عتبة بن غزوان : (صفيّة بنت الحارث بن كلّدة الثقفيّة، زوج الصحابيّ الشهير أمير البصرة عتبة بن غزوان، ذكرها عمر بن شبَة في

*************************************************
عبد الغفور العطّار، ط 4، دار العلم للملايين، بيروت - 1987 م) : ج 4، ص 1424 .
(1) حُلوان : سُميت بذلك ، لأنّ معناه حافظ حدّ السّهل ، لأن حُلوان أوّل العراق وآخر حدّ الجبل . أبو عبيد البكريّ، معجم ما استعجم : ج 2، ص 462 .
(2) البطائح : وهي أرضٌ واسعةٌ بين واسط والبصرة، وكانت قديماً قرىً متّصلةً وأرضاً عامرة، فاتّفق في أيّام كسرى إبرويز زادت دجلة زيادةً مفرطةً، وزاد الفرات أيضاً، بخلاف العادة، فعجز عن سدّها فتبطّحت الماء في تلك الديار، فطَرَدَ أهلَها عنها، فلماّ نقص الماء وأراد العمارة أدركته المنيّة، إلى أن جاء الإسلام فانشغلوا بالحرب، فلماّ توقفت الحروب استفحل أمر البطحاء، وانفسدت مواضع البثوق، وتغلّب الماء على النواحي . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 2، ص 356 .
(3) الكِلل جمع كِلّة، وهي الستّر الرقيق، يخُاط كالبيت، يُتوقّى فيه من البَقّ . ينظر : الرازي، مختار الصحاح : ج 1، ص 240 .
(4) الحِمّة : حِمّةُ العقرب سمُها وذرُها. ينظر : الرازي، المصدر نفسه : ج 1، ص 66 .
(5) نحره : من النحر وهو الذّبح، والمنحر : موضع القلادة من الصدر، والمنحرُ : موضعُ نحر الهدي . الرازي، المصدر نفسه : ج 1، ص 270 .
(6) المقدسي، أحسن التقاسيم : ج 1، ص 122 .
(7) ابن حَجَر العسقلاني، تلخيص الحبير : ج 3، ص 223 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 149 ـ

  أخبار البصرة عن أبي الحسن المدائنيّ) (1) .

أخبارُ القاضي أبي مريم الحنفي (2) اياس بن صبيح (14 هـ - 635 م)

  (ذكر عمر بن شبَة أنّ تاريخ فتح رامْهُرْمُز (3) كان على يديه) (4) .
  (وأخبرني عبيد الله بن الحسن المؤدب عن النُميَرْيّ عن الضحّاك بن مخلّد عن ابن عوف، عن محمّد، قال : خرج عمر من الخلاء وهو يذاكرُ شيئاً من القرآن، فقال له رجلٌ (5) : إنّك خرجت من الخلاء، فقال : أمر فينا مُسليمة ؟.
  هذا وكانوا يقولون في عمر : عليه شدّة، وكانوا يقولون : قتل زيد (6) بن الخطاب يوم اليمامة (7) ، فلما كان بعدُ، كان يقول : إنَ الله أكرم زيداً بيدي، ولم يهُني بيده (8) .

*************************************************
(1) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 8، ص 210 .
(2) ذُكر أنّ أبي مريم الحنفيّ هو أوّل من تولّى قضاء البصرة أيّام عتبة بن غزوان في خلافة عمر بن الخطاب سنة ( 14 هـ) . ينظر : وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 269 .
(3) رامهرمز : مدينة مشهورة بنواحي خوزستان، والعامّة يسمُونها رامزكسلا . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 382 .
(4) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 7، ص 327 .
(5) الرجل هو أبو مريم احنفيّ. ينظر: وكيع، أخبار القضاة: ج 1، ص 270 - 271 .
(6) زيد بن الخطّاب بن نُفيل بن عبد العزّى القرشي العدويّ، أخو عمر بن الخطاب لأبيه، يكنى أبا عبد الرحّمن، وكان أسنَ من عمر، وأسلم قبله، شهِد بدراً وأُحداً والخندق وما بعدها، وقُتل باليمامة سنة 12 هـ . ينظر ابن عبد البر النُميَرْيّ، الاستيعاب : ج 2، ص 550 ، ابن عساكر، تاريخ . مدينة دمشق : ج 19 ، ص 482 .
(7) يوم اليمامة : اليمامة مدينة على مرحلتين من الطائف، ويوم اليمامة هو اليوم الذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين وبين بني حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب، وكانت في ربيع الأول من سنة ( 12 هـ ) في أيّام أبي بكر . ينظر : العينيّ، عمدة القارئ : ج 14 ، ص 138 .
(8) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 270 - 271 ، وأكمل أبو هلالٍ العسكريّ نصَ الرواية بعد (ولم يهُنّي بيده) ، ورد : (قال له عمر : أقتلته ؟ لا أحبّك حتى تحبَ الأرضُ الدمَ، قال أو يمنعني ذلك