(وكذا ذكره عمر بن شبَة) (1) ، أو (ذكر عمر بن شبَة) (2) ، وقوله : (روى عمر بن شبَة) (3) ، ومواضيع تلك الرّوايات تتعلّق بفتح البصرة وما يجاورها من المناطق، وعن زوجة عتبة ابن غزوان، وعن قضيّة المغيرة، وعن معركة الجمَل، وعن ولاية عثمان بن أبي العاص، وحول أم عبد الله بن عامر بن كريز، وعن ولاية مصعب. وفي تهذيب التهذيب نقل ابن حَجَر العسقلاني ( 13 ) روايةً مستعملاً الصيَغ السّابقة نفسَها التي تؤكدُ نقلَه من كتاب أخبار البصرة لابن شبَة، كقوله : (فرأيتُ في أخبار البصرة لعمر بن شبَة) (4) ، وقوله : (وبه جزم عمر بن شبَة في تاريخه) (5) ، أو قوله : (ذكر عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (6) ، أو (ذكر عمر بن شبَة في أخبار البصرة) (7) ، أو (حكى عمر بن شبَة في أخبار البصرة) (8) . أو من خلال اعتماده صيغاً تدُلُ على النقل من كتاب أخبار البصرة لابن شبَة، كقوله : (قال عمر بن شبَة) (9) ، و (ذكر عمر بن شبَة) (10) ، و (ذكره عمر بن شبَة) (11) ، أو بقوله : (عمر بن شبَة) (12) ، دون أي لفظةٍ، أو عبارةٍ تسبقها، بما يشير إلى الاستمرار ************************************************* (1) المصدر نفسه : ج 2، ص 155 . (2) المصدر نفسه : ج 7، ص 327 ، ج 8، ص 126 . (3) المصدر نفسه : ج 3، ص 372 . (4) تهذيب التهذيب : ج 7، ص 387 . (5) المصدر نفسه : ج 6، ص 381 . (6) المصدر نفسه : ج 7، ص 8 . (7) المصدر نفسه : ج 5، ص 239 ، ج 9، ص 245 . (8) المصدر نفسه : ج 11 ، ص 311 . (9) المصدر نفسه : ج 2، ص 26 ، ج 6، ص 123 ، 380 ، ج 7 ، ص 379 . (10) المصدر نفسه : ج 4، ص 212 . (11) المصدر نفسه : ج 10 ، ص 35 ، 338 . (12) تهذيب التهذيب : ج 10 ، ص 36 .
بالنقل عن كتاب أخبار البصرة لابن شبَة، الذي صرّح في أكثر من موضعٍ بالنقل عنه كما مرَ بنا. ومواضيع الروايات بشأن استخلاف جاشع بن مسعود على البصرة، ووفاة عمر ابن الخطّاب، وعن معركة الجمَل، وعن أم عبد الله بن عامر، واستخلاف سنان بن سلمة على البصرة من قبل مصعب، وعن ولاة وعماّل البصرة بعد الحجّاج، وعن أخبار القاضي عبد الرحمن بن أُذينة، وعبد الملك بن يعلى، وعمر بن حبيب، وعبيد الله بن الحسن العنبريّ، ومحمّد الأنصاريّ، وعن ولاية إسماعيل بن عليّ على البصرة. واقتبس ابن حَجَر العسقلاني روايتين فقط في كتابه لسان الميزان مصرّحاً بنقلها عن كتاب البصرة لعمر بن شبَة، بقوله : (وكذا قال عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (1) ، وقوله : (ذكره عمر بن شبَة في أهل البصرة) (2) ، والرّوايتان بصدد جمع الولاية والقضاء لسوار ووفاته، وعن أحد أخباريّي ومؤرّخي البصرة. ونقل ابن حَجَر العسقلاني روايةً واحدةً في كتابِهِ تلخيص الخبير مؤكداً نقلها عن كتاب البصرة لابن شبَة، إذْ أدلى قائلاً : (فأخرجها عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (3) ، وهي بشأن نصب قبلة البصرة من قبل عتبة بن غزوان. ورواية واحدة أيضاً في كتاب الدّراية صرّح ابن حَجَر العسقلاني بنقلها عن كتاب عمر بن شبَة، بقوله : (أخرجه عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (4) ، وموضوعها عن وضع العشر على أرض البصرة. ************************************************* (1) لسان الميزان : ج 3، ص 127 . (2) المصدر نفسه : ج 3، ص 158 . (3) تلخيص الحبير : ج 3، ص 223 . (4) الدراية في خريج أحاديث الهداية : ج 2، ص 131 .
ومن المؤرّخين الذين انتفعوا من كتاب عمر بن شبَة، العينيّ (ت 855 هـ - 1451 م) ، إذْ نقل روايةً بقوله : (وذكر عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (1) ، وموضوع الرواية عن أمّ أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. وقد تمَ العثور على روايات كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة في مصنّفات المؤرّخين المتأخّرين، ومنهم الخزرجيّ الأنصاريّ (توفيّ في القرن العاشر الهجريّ / السادس عشر الميلاديّ) ، الذي نقل عنه روايتين بصدد القاضي بلال، وعبد الرحّمن بن أُذينة، مشيراً إليه بعبارة : (قال عمر بن شبَة) (2) ونقل الشوكانيّ (ت 1255 هـ - 1839 م) روايتين أدلى مصرّحاً بنقلها من كتاب البصرة لابن شبَة، بقوله : (قال عمر بن شبَة في تاريخ البصرة) (3) ، وقوله : (عمر بن شبَة في كتاب أخبار البصرة) (4) ، تتعلّق الرواية الأولى بأم أبي بردة، والثانية بشأن النهي عن سبّ الأموات بالإشارة إلى ترك عائشة لعن رجلٍ حارَبَ ضِدّها في الجمل. ************************************************* (1) عمدة القارئ : ج 8، ص 93 . (2) خاصة تذهيب تهذيب الكمال : ص 53 ، 223 . (3) نيل الأوطار : ج 4، ص 156 . (4) المصدر نفسه : ج 4، ص 163 .
الفصل الثالث : منهجُهُ ومَوارِدُهُ وقِيْمَة مَعلوماتِ كِتَابِهِ نظراً إلى ضَياع جميع أجزاء كتاب (أخبار البصرة) لعمر بن شبَة النُميَرْيّ أصبح من الصّعب تحديد المنهج الذي اتّبعه وموارده وقيمة معلوماتِهِ، كما أنَ ضياع بقيّة مؤلَفاته الأُخَر التي صنّفها في تواريخ المدن ولا سيمَا كتاب (أخبار الكوفة) ، ساهم أيضاً في صعوبة تلمُس بعض النقاط التي يمكن من خلالها الكشف عن المنهجيّة العامّة التي اتّبعها عمر بن شبَة في مؤلَفاته تلك. وعلى الرغم من وصول كتاب (تاريخ المدينة المنورة، أو أخبار المدينة) إلاّ أنّه لم يقدّم صورةً واضحةً يمكن الإفادة منها في تحديد منهجيّة ابن شبَة في كتابه عن البصرة ، لعدم وجود نقاط تشابه كبيرة بين البصرة ومدينة رسول الله (ص) من حيث النشأة والتمصير والتخطيط والإدارة ومجمل الأحداث العامة الأُخَر، وهي أمورٌ تكاد تتشابه أو تلتقي - في بعض جوانبها - مدينة البصرة مع مدينة الكوفة، كما أكّد ذلك ابن حوقل بقوله : (ومدينة الكوفة قريبةُ الأوصاف من البصرة، وبناؤها كبناء البصرة) (1) . وهذا يدفعُنا إلى القول : إنَ كتاب (أخبار الكوفة) لو قُدر له البقاء وسلِم من نوائب الزّمن لكان من الممكن أن يساعدَ في الكشف عن جوانب مهمّة من كتاب البصرة لعمر ابن شبَة والعكس هو الصحيح، فلو كان كتاب البصرة قد وصل لتمكّنا من خلاله التعرّف على جوانب من كتاب الكوفة لابن شبَة. إنّ ضياعَ كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة دفع أحد الباحثين إلى القول بأنَ ************************************************* (1) صورة الأرض : ص 239 .
النّصوص المتفرّقة للكتاب لا تكفي لتكوين فكرةٍ واضحةٍ عن الكتاب، إذْ إنَ المؤرّخينَ اقتبسوا ما ينسجمُ واهتماماتهم والموضوعات التي طرقوها في كتبهم، وأدلى قائلاً : (ولعلّه ذكر عن البصرة خاصّة معلومات وافية، ولكنَ المؤرّخين لم ينقلوا عنها، وفضّلُوا عليها روايات القَحذميّ في إقطاعات البصرة، وهي معلوماتٌ مستمدَةٌ من الديوان ، لأنّ جدَه قَحذم عمل أمداً طويلاً فيه) (1) . وعلى الرُغم من صحّة ما ذكره ذلك الباحث بأنَ الرواياتِ المبعثرة المتبقّية من كتاب (أخبار البصرة) مجردُ نصوصٍ انتقاها المؤرخون واقتطعوها بما يلائم حاجتهم منها، إلاّ إنّنا لا نتّفق معه في القول بأنّ تلك النصوص لا تكفي لتكوين فكرةٍ واضحةٍ عن الكتاب، إذْ أسهمت مجموعةُ النصوص التي تمَ جمعها في الكشف عن بعض الجوانب والخطوط العامّة، كتحديد عنوان الكتاب، ومحتوياته، وامتداده الزمنيّ، وأسلوبه في التأليف، وبعض الموارد التي اعتمد عليها عمر بن شبَة، ومن خلال تلك النصوص يمكن رسم صورة عن هيكليّة الكتاب. ويمكن القول إنّ نصوص الروايات التي تمَ جمعها ساهمت في إعادة الروح للكتاب، إلاّ أنهّا لم تسهم في إعادة كامل الجسد، وهذا أمرٌ طبيعيٌ في مثل هذا النوع من الدراسات عن المصنّفات الضائعة. ************************************************* (1) العبيدي، عمر بن شبَة : ص 339 - 400 .
المبحثُ الأوّلُ : منهجُه في عرض المعلومات اتّبع عمر بن شبَة مَنهجاً دقيقاً ومنظمّاً في تأليف كتابه (أخبار البصرة) يمكن إيجازه بالنقاط الآتية : أوّلاً : يظهر أنّ الامتداد الزمنيّ للكتاب يبدأ من سنة ( 14 هـ - 635 م) ، وهي سنة تمصير مدينة البصرة، وامتدّ حتى منتصف القرن الثالث الهجريّ - أي إلى وقتٍ قريبٍ من وفاته 262 هـ - إذْ إنَ آخرَ روايةٍ عن أهل البصرة نقلاً عن عمر بن شبَة النُميَرْيّ تمَ العثور عليها تخصُ أخبار جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ البصريّ (ت 258 هـ - 871 م) ، والرواية تتحدّث عن علاقة جعفر بن عبد الواحد بالمنتصر بالله العبّاسيّ ودخوله عليه، وكلامه معه قبل وفاته سنة ( 248 هـ - 862 م) ببضعة أيام (1) . وما يجدر ذكره أنّ هناك روايةً عن عمر بن شبَة تتعلّق بأخبار الكوفة التي قد تكون ضمن روايات كتابه (أخبار الكوفة) تعود زمنيّاً إلى عهد المتوكّل (ت 247 هـ - 861 م) ، جاء فيها : (كان أيّوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليم عاملاً على الصلاة بالكوفة وأحداثها للمتوكّل، وجعفر بن محمّد بن عماّر على قضاتها) (2) ،وهذا الأمر يدفعنا إلى القول إنَ الكتابين - أخبار البصرة وأخبار الكوفة - تضمّنا أخباراً حتى ************************************************* (1) الخطيب البغداديّ : تاريخ بغداد، ج 2، ص 119 ، ابن الجوزي، المنتظم : ج 12 ، ص 107 . (2) التنوخيّ، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (تحقيق : عبود الشالجي المحامي - 1973 ) : ج 6 ، ص 52 .
منتصف القرن الثالث الهجريّ، أو بعد ذلك ببضع سنوات. ثانياً : اعتمد عمر بن شبَة في تأليف كتابه المنهجَ الموضوعيَ، ولعلّ عنوانه أخبار البصرة دليلٌ على صحّة هذا القول، إذْ كانت أخبار البصرة هي العناوين الرئيسة للكتاب وهذا الأمر نجده متّبعاً في الكتب التي حملت عنوان (أخبار)، مثل الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوريّ (ت 276 هـ - 889 م) ، وكتاب أخبار الدولة العبّاسيّة لمؤلّفٍ مجهولٍ من القرن الثالث الهجريّ، وغيرها. لقد كشفت نصوص كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة ما يدُلُ على اتّباعه المنهجَ الموضوعيَ، وأنّ المواضيع التي تطرّق إليها جاءت وفق عنوان (اخر)، أو (الأخبار) فقد أشار ابن حَجَر العسقلاني خلال نقله معلومات عن وقْعة الجمل، قائلاً : (وأخرج عمر بن شبَة في أخبار البصرة في ذكر وقْعة الجمل هذا الخبر) (1) ، فربمَا كان قد حدّد عنوان (ذكر خبر واقعة الجمل) ، لذلك فقد أصبح موضوع واقعة الجمل وكأنّه كتابٌ داخل كتابٍ، وفي خبر هجاء ابن مُفرغ لعبّاد بن زياد ورد (قال عمر بن شبَة في خبره) (2) . وعلى الرُغم من اعتماد عمر بن شبَة المنهجَ الموضوعيَ إلا أنّه كان حريصاً على نقل الأخبار وفق التسلسل الزمنيّ، إذْ نجد في نصوص بعض الروايات إشارة إلى تحديد وقوع الخبر أو الحدث، فمثلاً جاء ضمن عرض أخبار واقعة الجمل (ذكر عمر بن شبَة بسندٍ جيّدٍ أنهّم توجّهوا من مكّة بعد أن أهَلَت السّنة، وذكر بسند له آخر أنّ الوقْعة بينهم كانت في النصف من جمادى الآخر سنة ستّ وثلاثين) (3) . وهنا نجد تحديد السّنة واليوم والشهر للخبر. ************************************************* (1) فتح الباري : ج 8، ص 71 . (2) أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 18 ، ص 274 ، 279 . (3) ابن حَجَر العسقلاني، فتح الباري : ج 13 ، ص 47 .
وكذلك كان عمر بن شبَة يهتمُ بذكر تواريخ وفيات بعض الشخصيّات (1) ، أو
تاريخ توليه أو عزل بعض الأمراء أو القضاة (2) ، وبذلك يظهر بجلاء أنّ عمر بن شبَة
كان قد جمع بين المنهجين، الموضوعيّ والحولي معاً. ثالثاً : حرص عمر بن شبَة على نقل معلوماتٍ دقيقةٍ مفصّلةٍ في تحديد أوصاف بعض الشخصيّات، أو في نقل بعض الأخبار، فقد أعطى وصفاً دقيقاً لابن سيرين بوصفه (قصيراً، عظيمَ البَطن، له وفرةٌ، يَفرُقُ شعرَه، كثر المزاح والضّحك، يخَضِبُ بالحنّاء) (3) ، وفي وصف القاضي زرارة بن أوفى، قال : (خرج وعليه ثوبان أصفران، إزار ورداء ... يخضب بالحنّاء) (4) ، وكذلك التدقيق في ذكر أعداد المقاتلين، فقد قدم عتبة بن غزوان البصرة في ( 300 ) وبضعة عشر رجلاً، وكان بالأُبُلّة ( 500 ) من الأساورة (5) ، وخرج جيش الإمام عليّ (ع) من المدينة في ( 700 ) رجلٍ، ومن الكوفة ( 700 )، وانضمّ إليهم من حول الكوفة ( 2000 ) رجلٍ، أكثرهم من بكر بن وائل (6) ، ومقدار رزق القاضي عبيد الله بن الحسن العنبريّ في اليوم ثلاثة عشر درهماً ودانقين (7) . ************************************************* (1) ينظر : أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 10 ، ص 390 ، ابن خلّكان، وفيات والأعيان : ج 2 ، ص 53 ، المزّيّ، تهذيب الكمال : ج 6، ص 51 ، 123 ، 380 - 381 ، ابن كثير ، البداية : ج 9 ، ص 109 ، ابن حَجَر العسقلاني، فتح الباري : ج 13 ، ص 125 ، لسان الميزان : ج 3، ص 127 . (2 ) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 216 ، المزّي، تهذيب الكمال : ج 4، ص 407 ، ابن حَجَر العسقلاني ، الإصابة، ج 3، ص 202 ، لسان الميزان : ج 3، ص 127 ، فتح الباري : ج 13 ، ص 125 ، 223 ، التهذيب : ج 2، ص 26 ، ج 4، ص 212 ، ج 7، ص 8 ، ج 9، ص 245 . (3) الذهبيّ، سير أعلام : ج 4، ص 607 - 608 . (4) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 294 . (5) الطبريّ، تاريخ : ج 3 ، 90 ، 93 . (6) المصدر نفسه : ج 3، ص 517 . (7) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 108 .
رابعاً : الاستطراد، يظهر من خلال ما ورد في عدد من نصوص روايات كتاب (أخبار البصرة) أنّ عمر بن شبَة كان قد استطرد في نقل بعض المعلومات، إذْ إنَه خرج عن نطاق الموضوع الرئيس إلى مواضيع أُخَر، فدفعه ذلك إلى الانتقال إلى مدّة زمنيّة متقدّمة، وإن كان الاستطراد في بعض الأحيان يؤدّي إلى قطع سياق الخبر والابتعاد عنه، إلاّ أنّه في الوقت ذاته يُساهم في نقل معلوماتٍ غاية في الأهمية تأتي عرضاً، فمثلاً أورد أخبار القاضي ثمامة بن أنس بن مالك، فاستطرد في ذكر أخبار أنس بن مالك، وعن مشاركته في وقعة بدر (1) وضمن موضوع فتح تستر أورد الإشارة إلى سؤال عمر بن الخطاب لقتادة بالصلاة إذا حضر القتال، وخلال إيراده أخبار محقبة بن النعمان العتكيّ في من شهد فتح تستر مع أبي موسى الأشعريّ، ذكر أنّه كان شاعرَ الأزد، وقد أنشد أبياتاً خاطب بها عَمْرو بن العاص لمّا خاف على نفسه أيّام الردة، يشجعه ويؤمنه فيها (2) . وخلال نقله أخبار القاضي كعب بن سور أورد ذكر بعض القضايا التي أثبت نجاحاً في حلها في المدينة بحضور عمر بن الخطاب قبل إرساله لتوليّ قضاء البصرة (3) . وعند تطرّقه لخبر علاقة المغيرة بن شعبة بأم جميل، وأنّ عمر كان يردّ شهادة المغيرة بأثر ذلك، أورد عمر بن شبَة رواية عن قدوم العبّاس بن عبد المطّلب لعمر بن الخطاب مطالباً بالبحرين التي أقطعها إيّاه الرسول (ص) ، وأكّد العبّاس أنّ الشاهد على صِحّة قوله هو المغيرة بن شعبة، فرفض عمرُ إجازةَ شهادةِ المغيرة (4) . ************************************************* (1) ابن كثير، البداية : ج 3، ص 384 . (2) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 6، ص 220 . (3) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 276 - 277 ، عبد الرّحمن بن قدامة، الشرح الكبير : ج 8 ، ص 136 ، ابن قيّم الجوزيّة، الطرق الحكيمة : ج 1، ص 98 . (4) ابن شاذان، الإيضاح : ص 554 - 555 ، الطبريّ الشيعيّ، المسرشد : ص 163 ، ابن خلّكان ،
وعندما ذكر نصّ كتاب عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعريّ حينما ولاّه قضاء البصرة يحثُه فيه على التسوية بين النّاس في النظر والمجلس والإشارة، استطرد لإيراد ما قاله الرسول (ص) فيمن يلي القضاء بين المسلمين في المساواة بين الخصوم (1) . وضمن أخبار والي البصرة عبد الله بن عامر بن كريز أورد ابن شبَة ذكر اسم أمه (دجاجة بنت الصَلْت) ، واستطرد في نقل رواية بصدد فتح الرسول (ص) مكّة عام (8 هـ / 629 م) فوجد عند عميرة بن قتادة اللَيثيّ خمس نسوة، فأمره أن يُطلّق إحداهنّ ، فطلّق دجاجة، فتزوّجها عامر بن كريز، وأنجبت له عبد الله، وحدّد ابن شبَة مقدار عُمْر عبد الله بن عامر بن كريز بحدود السنتين حينما توفيّ رسول الله (ص) (2) . خامساً : الإسهاب والإطالة، يبدو من خلال نصوص الروايات الخاصّة بكتاب أخبار البصرة أنّ لمؤلفه كان يُطيلُ في بعض الأحيان في إيراد الأخبار والأحداث إلى حد الإسهاب، سواء كان ذلك فيما يتعلّق بسرد تفاصيل المعلومات، أو بذكر التباين في الرّوايات وفي سندها، ويمكن تلمُس هذه السمة في منهجيّة عمر بن شبَة من خلال ما ورد في أخبار المغيرة بن شعبة وجريمة الزنا التي اقترفها مع أمّ جميل، إذْ نقلت المصادر تفاصيل تلك القضيّة وما يحيط بها عن ابن شبَة بالتحديد (3) ، لأنّه كما يبدو كان قد فصّل وأطال في ذكرها بشكلٍ يفوق غيره، وجاء تأكيد ذلك عند أبي الفرج الأصفهانيّّ عند نقله ************************************************* وفيات الأعيان : ج 6، ص 367 . (1) عبد الله بن قدامة، المغني : ج 11 ، ص 441 . (2) ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 5، ص 14 ، تهذيب : ج 5، ص 239 . (3) ينظر : الطبريّ الشيعيّ، المسترشد : ص 162 (الهامش) ، الجوهريّ، السقيفة وفدك : ص 92 ، 94 ، 95 ، أبو الفرج الاصفهاني ، الأغاني : ج 16 ، ص 103 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109 ، 110 ، 111 ، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة : ج 12 ، ص 234 ، 236 ، 237 ، 238 ، ابن خلّكان، وفيات الأعيان : ج 6، ص 366 ، 367 ، ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 2، ص 98 ، فتح الباري : ج 5 ، ص 187.
قضيّة المغيرة والشهود عن عمر بن شبَة، بقوله : (فرواه عن جماعةٌ من رجاله بحكايات متفرّقة) (1) ، وأدى ابن حَجَر العسقلاني خلال نقله قصّة المغيرة، قائلاً : (أخرجه عمر ابن شبَة في أخبار البصرة من هذا الوجه، وساق قصّة المغيرة هذه من طرق كثيرة) (2) . وكذلك نجد إسهاباً وإطالةً في إيراد عمر بن شبَة أخبار واقعة الجمل في البصرة، فإلى جانب الاعتماد الكبير مِن المؤرّخين في نقل تفاصيل المعركة عن عمر بن شبَة ... (3) ، فقد ذكر ابن حَجَر العسقلاني (لقد جمع عمر بن شبَة في كتاب أخبار البصرة قصّة الجمل مطوّلةً، وها أنا ألخصها، واقتصر على ما أورده بسندٍ صحيحٍ أو حسن ...) (4) . ************************************************* (1) الأغاني : ج 16 ، ص 103 . (2) فتح الباري : ج 5، ص 187 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 485 ، 492 ، 513 - 514 ، 517 ، 521 - 522 ، 527 - 528 ، 529 ، 530 - 532 ، 547 ، ج 4 ، م 84 - 86 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 18 ، ص 415 ، ابن العديم، بغية الطلب : ج 8، ص 3671 ، ابن حَجَر العسقلاني، فتح الباري : ج 8، ص 71 ، 425 ، ج 13 ، ص 45 - 46 ، 47 ، تهذيب : ج 10 ، ص 35 . (4) فتح الباري : ج 13 ، ص 45 .
المبحث الثاني : مواردُهُ تنوعّت موارد عمر بن شبَة ومنابع معلوماته التي دوَنها في كتابه أخبار البصرة بالاعتماد على بعض المصنّفات التي أُلّفت قبله، أو بالاعتماد في نقل بعض المعلومات على الرُواة الثقات من خلال المحادثة الشفويّة، كما أنّه اعتمد على روايته الخاصّة للأحداث التي عاصرها، أو شاهدها بنفسه، ومن أهم موارده نذكر : اولاً : الكتُب المصنفة : انتفع عمر بن شبَة من بعض المؤلَفات التي صُنفت من عددٍ من المؤرخين الذين سبقوه، ولا سيمَا تلك التي صُنفت عن البصرة بالتحديد، وكالآتي : 1 ـ مصنّفات أبي عبيدة مَعمر بن المثنّى التَيمِيّ أكّدت المصادر أنّ لأبي عبيدة أكثر من كتابٍ عن البصرة، وفي مقدَمتها كتاب قضاة البصرة، وكتاب عن تاريخ البصرة - كما أسلفنا -، ومن خلال اعتماد عمر بن شبَة نقلَ بعض الأخبار عن أبي عبيدة لا سيمَا التي تتعلّق بأخبار قضاتها ما يشير إلى نقله إيّاها من كتاب قضاة البصرة على وجه التحديد، والمعلومات التي تتعلّق بأخبار البصرة الأُخَر من الأرجح أنّه نقلها من كتاب البصرة لأبي عبيدة، ومن خلال ما تمَ العثور عليه من نصوص روايات عمر بن شبَة عن أخبار البصرة، ظهر أنّه نقل ( 11 ) روايةً عن أبي عبيدة، ثلاث منها من كتاب قضاة البصرة ، و ( 8 ) روايات من كتاب تاريخ البصرة، كما
في الجدول أدناه :
*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 177 ، المزّي، تهذيب الكمال : ج 3، ص 437 ، ج 4، ص 407 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 109 ، المزّي، المصدر نفسه : ج 3، ص 439 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 109. (4) الشريف المرتضى، الأمالي : ج 1، ص 93 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 16 ، ص 115 . (5) الشريف المرتضى، المصدر نفسه : ج 2، ص 150 . (6) ابن الجوزيّ، المنتظم : ج 6، ص 97 . (7) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 287 .
2 ـ مصنّفات المدائنيّ لأبي الحسن المدائنيّ أكثر من كتابٍ عن البصرة، منها كتاب قضاة أهل البصرة، وكتاب زكَن إياس بن معاوية، وكتاب خبر البصرة وفتوحها، فضلاً عن مصنّفاته الخاصّة ببعض رجالات البصرة سالفةِ الذكر. ومن خلال متابعة النصوص الخاصّة بكتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة ظهر أنّه اعتمد النقلَ عن المدائنيّ بشكلٍ كبيرٍ إلا أنّه من الصّعب الجزم بمقدار أو عدد الرّوايات التي أخذها عمر بن شبَة عن المدائنيّ، نظراً إلى ضياع أصل الكتاب، ولم يبق سوى نصوص متناثرةٍ، يمكنُ من خلالها الكشف -فقط- عن اعتماد ابن شبَة على المدائنيّ، ومن جانب آخر من الصّعب أن نحدد عناوين مؤلَفات المدائنيّ التي اقتبس منها ابن شبَة وبشكلٍ دقيق، أي من الصّعب أن نقول : إنَ ابن شبَة نقل معلوماتٍ معيّنةً من كتاب (قضاة أهل البصرة) للمدائنيّ على وجه التحديد، أو مِن كتاب (زكّن إياس)، أو مِن كتاب (خبر البصرة وفتوحها) ، أنّ ابن شبَة لم يشُر بشكلٍ صريحٍ إلى نقلِه من كتابٍ ما بعينه، وإنمّا استعملَ صِيغاً تدُلُ على نقله من إحدى تلك الكتب. ومن خلال تدقيق معلوماتِ الرّوايات ومضامينها يمكنُ التوصّل إلى تحديدٍ تقريبيٍ لأسماء وعناوين الكتب التي نقل عنها ابن شبَة، فإذا كانت المعلومات تتعلّق بقضاة البصرة فمن الطبيعي أن يكون قد نقلها من كتاب (قضاة أهل البصرة) ، والمعلومات الخاصّة بأخبار زكَن إياس فمن المؤكّد أنهّا منقولةٌ من كتاب (زكَن إياس) ، وإن كانت معلومات عن فتح البصرة وأخبارها العامّة بما يخصُ نشأتها وإدارتها والأحداث التي وقعت فيها، فعلى الأرجح أن يكونَ ابنُ شبَة قد استقاها من كتاب (خبر البصرة وفتوحها) للمدائنيّ.
ووفقاً لما ورد في الرّوايات التي جمعت في أخبار البصرة لابن شبَة ظهر أنّه نقل (89) روايةً عن المدائنيّ، ويبدو أنّه نقل أربع رواياتٍ من كتاب زكَن إياس، وأربع رواياتٍ أُخَر من كتاب قضاة أهل البصرة، وحوالي ( 77 ) روايةً من كتاب خير البصرة وفتوحها، كما في الجدول الآتي :
************************************************* (1) المزّيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 429 ، 437 . (2) المزّيّ، المصدر نفسه : ج 3، ص 438 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 407 ، ج 5، ص 3 ، 4 ، المزّيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 439 . (4) المزّيّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 273 . (5) المزّيّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 273.
************************************************* (1) أبو الفرج الأصفهانيُ، الأغاني : ج 12 ، ص 350 ، و ج 16 ، ص 110 . (2) المزيُ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 281 . (3) ابن شاذان، الإيضاح : ص 68 ، الطبريُ، تاريخ : ج 4، ص 129 ، 174 ، 215 ، 217 ، 220 ، 224 ، 227 . (4) أبو الفرج الأصفهانيُ، الأغاني : ج 6، ص 151 ، أبو هلال العسكريُ، الأوائل : ص 240 ، ابن العديم، بغية الطلب : ج 8، ص 3671 ، ابن حجر العسقلاني، الإصابة : ج 2، ص 155 .
************************************************* (1) الثقفيّ الغارات : ج 2، ص 374 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 84 ، 164 ، 174 ، 176 ، 216 ، 219 ، 226 ، 227 ، 406 ، 408 ، 557 ، 558 ، 578 ، ج 5 ، ص 3 ، 11 ، 13 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 27 ، ص 101 . (2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 127 ، الجوهريّ، السقيفة : ص 92 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 240 ، 241 ، 288 ، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة : ج 12 ، ص 234 ، 238 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 90 ، ج 4، ص 128 ، 130 ، 169 ، 186 ، 407 ، 577 ، 578 ، أبو الفرج الأصفهانيّّ، الأغاني : ج 16 ، ص 109 .
************************************************* (1) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 92 ، ج 4، ص 103 ، 164 ، 165 ، 167 ، 169 ، 170 ، 172 . (2) الطبريّ، المصدر نفسه، ج 3، ص 485 ، 492 ، 513 ، 517 ، 521 ، 522 ، 527 - 528 ، 529 - 530 ، 531 ، 547 ، ج 4 ، ص 93 ، ابن كثير، البداية والنهاية ، ج 7، ص 351 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 179 . (4) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 220 ، ج 5، ص 9 . (5) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 221 . (6) الطبريّ، تاريخ : ج 5، ص 5 .
وربمّا يكون عمر بن شبَة قد نقل عن الأصمعيّ (ت 213 هـ - 828 م) من أحد مصنّفاته، فهناك العديد من الروايات قد أوردها عمر بن شبَة عن الأصمعيّ، تتعلّق بأخبار أهل البصرة (2) ، وكذلك نقل عن الوليد بن هشام القَحذميّ (ت 222 هـ - 836 م) ، وربمّا يكون ذلك من كتابٍ له عن البصرة (3) ، منها رواية تتعلّق بخطبة عبد الله ابن عَمْرو بن غيلان على منبر البصرة، وأخرى بصدد خروج عبد الله بن زياد من البصرة متوجهاً إلى الشام، وعن مصعب بن الزبير (4) ، ويبدو أيضاً أنّه نقل من أحد مؤلَفات الواقديّ، إذْ نقل عنه بعض الأخبار (5) . ثانياً : الرواية الشفويّةُ (المحادثة) كشفت نصوص روايات أخبار البصرة اعتماد عمر بن شبَة النُميَرْيّ على المحادثة ************************************************* (1) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 12 ، ص 380 ، ابن العديم، بغية الطلب : ج 3، ص 1318 . (2) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 3 ، 136 ، 143 ، ج 8 ، ص 425 ، ج 16 ، ص 96 . (3) د . عبد الجبّار ناجي، إسهامات مؤرّخي البصرة : ص 235 - 240 . (4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 222 ، 402 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 58 ، ص 218. (5) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 16 ، ص 104 ، 110 .
والمشافهة في نقل بعض المعلومات التي رواها عن الشيوخ الثقات، وهم على الأغلب من أهل البصرة، نذكر منهم على سبيل المثال : 1 ـ زيد بن عبيد بن ريطة (أبو عمر بن شبَة) : روى عمر بن شبَة عن أبيه زيد بن عبيد بن ريطة أخباراً بقوله : ( حدّثني أبي ...) (1) ، بشأن علاقة الشاعر ابن مناذر بالفقيه عبد المجيد بن عبد الوهاب. 2 ـ معاذ بن شبَة (أخو عمر بن شبَة) : نقل عن أخيه عدّة روايات، ففي روايةٍ جاء فيها قوله : (حدّثني أخي معاذ بن شبَة) (2) ، والرواية بصدد ثورة إبراهيم الحسنيّ ، وروايتان أخريان أشار فيها إلى النقل عن أخيه معاذ بن شبَة (3) ، وما تتعلّقان بأخبار القاضي سوّار بن عبد الله العنبريّ، وأخبار القاضي عبيد الله بن الحسن العنبريّ. 3 ـ موسى بن إسماعيل (ت 223 هـ - 837 م) : استقى منه عمر بن شبَة عدداً من الروايات مستعملاً صيغة (حدّثني) (4) ، و (حدّثنا) (5) ، و (عن موسى بن إسماعيل) (6) ، تتعلّق بأخبار بعض قضاة البصرة، كأخبار كعب بن سور، وموسى بن أنس، وإياس بن معاوية، والحسن البصريّ، وثمامة بن عبد الله، وأخبار بعض الولاة، أمثال أبي الأسود الدؤليّ، وسمُرة بن جندب، وكتاب الضحّاك بن قيس في أمر اختيار والي البصرة، وعن ************************************************* (1) أبو الفرج الأصفهاني، المصدر نفسه : ج 18 ، ص 182 . (2) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبن : ص 221 . (3) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 55 ، 113 . (4) ابن شاذان، الإيضاح، ص 68 ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 176 ، 217 ، 287 . (5) ابن أبي الدنيا، مكارم الأخلاق : ص 107 ، وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 278 ، ابن عساكر تاريخ مدينة دمشق : ج 53 ، ص 204 ، المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 432 ، 433 ، 434. (6) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 309 ، 335 ، 337 ، 341 ، 344 ، ج 2 ، ص 7 ، 10 ، 17 ، أبو هلال العسكريّ، الأوائل، ص 297 .
قول أبي الأسود الدؤليّ معاوية حول عدم أحقّيّة الطلقاء بالخلافة. 4 ـ عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفيّ (ت 194 هـ - 809 م) : اقتبس عنه عمر بن شبَة بعض الروايات، فقد ورد نقله أخبار تتعلّق بالقاضي شريح، وبلال بن أبي بردة بالإشارة إليه بصيغة (حدّثنا عبد الوهاب الثقفي) (1) ، و (عن عبد الوهاب الثقفيّّ) (2) . 5 ـ نصر بن قديد : ورد أنّ عمر بن شبَة نقل بعض أخبار ثورة عبد الله الحسنيّ في البصرة عن نصر بن قديد، بقوله (حدّثني) (3) ، و (حدّثنا) (4) . 6 ـ أبو بحر عبد الواحد بن غياث (ت 238 هـ - 852 م) : اعتمد عمر بن شبَة عبد الواحد بن غياث في نقل بعض الأخبار، بقوله (حدّثنا) (5) ، وفي عددٍ من الروايات كان تارةً يقتبس منه بالإشارة إلى اسمه (عن عبد الواحد) (6) ، أو إلى كنيته (عن أبي بحر) (7) . والروايات تتعلّق بأخبار القاضي إياس وثمامة بن أنس، وعن اختيار عبد الرَحمن المخزوميّ للقضاء، وأخبار القاضي سوار العنبريّ، وتولية عبد الله بن الحسن العنبريّ، وبعض قضاياه. 7 ـ زهير بن حرب (ت 234 هـ - 848 م) : نقل عنه عمر بن شبَة روايات تتضمّن معلومات متنوّعة تتعلّق بأخبار عددٍ من ولاة البصرة، كزياد بن أبيه، وسمُرة بن جندب، وعبيد الله بن زياد، وعبد الله بن الحارث، وعن وقائع الخوارج، كوقعة دولاب، وعن ************************************************* (1) الذهبيّ، تاريخ الإسلام : ج 24 ، ص 131 ، تذكرة الحفّاظ : ج 3، ص 818 . (2) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 297 . (3) الطبريّ، تاريخ : ج 6، ص 241 ، 246 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، مقاتل الطالبيّن : ص 212 . (4) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيّن : ص 214 . (5) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 3، ص 433 ، ج 4، ص 407 . (6) وكيع، أخبار القضاة : ج 1، ص 340 ، ج 2، ص 81 ، 91 ، 140 . (7) وكيع، المصدر نفسه : ج 2، ص 116 ، 118.
الطاعون الجارف. وقد استعمل صيغتي (حدّثنا) (1) ، و (حدّثني) (2) ، و (عن زهير بن حرب) (3) ، مشيراً إلى اسمه (زهير) ، أو لاسمه واسم أبيه (زهير بن حرب) ، وغيرهم من الرُواة الذين استقى منهم عمر بن شبَة العديد من الروايات الخاصَة بأخبار البصرة (4) . ثالثاً : السَمَاع : وهو من الأساليب المستعملة في النقل عن الشيوخ والرُواة، وقد اعتمده عمر بن شبَة في اقتباس بعض المعلومات التي كان قد سمعها عن عددٍ من الرُواة، فقد سمع بعض الأخبار عن أبيه بوصفه أحد شيوخه، ومن أعلام البصرة المعاصرين للأحداث المهمّة فيها، إذْ نقل عنه أخباراً تتعلّق بالقاضي عمر بن عامر، بقوله (سمعتُ أبي يقول) (5) . ونقل أخبار قدوم المهدي العبّاسي إلى البصرة عن شيخه الضحّاك بن مخلّد أبي عاصم النبيل (ت 212 هـ - 827 م) ، بقوله : (سمعتُ الضحّاك يقول) (6) ، وضمن أخبار القاضي ثمامة بن عبد الله أورد عمر بن شبَة روايةً عن تولية قضاء البصرة التي سمعها عن محمّد بن عبد الله الأنصاريّ (ت 215 هـ - 830 م) ، بقوله : (سمعتُ الأنصاريَ) (7) ، ورواية أخرى تتعلّق بأخبار الوفد البصريّ الذي وفد على المهديّ في أمر القاضي خالد ابن طليق، ذكرها بقوله (سمعتُ محمّد بن عبد الله الأنصاريَ) (8) . ************************************************* (1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 177 ، 214 ، 232 ، 287 ، 476 . (2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 176 ، 231 ، 292 ، 293 ، 407 ، 476 . (3) المصدر نفسه : ج 4، ص 289 . (4) ينظر الباب الثاني . (5) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 55 . (6) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 3، ص 17 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 53 ، ص 427 . (7) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 406 . (8) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 128 .
واعتمد أبي نعيم الفضل بن دكين (ت 218 هـ - 833 م) ، إذْ سمِع منه روايةً بشأن وفاة ابن عبّاس، بقوله : (سمعتُ أبا نعيم يقول) (1) ، وعن تولي ثمامة بن عبد الله القضاء ، أورد روايةً سمِعَها عن بعض العلماء، بقوله : (سمعتُ بعض علمائنا) (2) . وفيما يتعلّق بالرواية الخاصّة بمشاورات والي البصرة إسماعيل بن جعفر حول اختيار قاضٍ للبصرة، فإنَ عمر بن شبَة أوردها بالسّماع، بقوله : (سمعتُ يزيد بن عبد الملك النُميَرْيّ) (3) . رابعاً : المشاهدةُ والمعاينة عند متابعة نصوص كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبَة يظهر أنّه نقل بعض الروايات بشكلٍ مباشرٍ من خلال مشاهداته ومعاينته الأحداث التي عاصرها بنفسه، نذكر منها على سبيل المثال نقلّه أخبار أبي عاصم النبيل، قائلاً : (والله ما رأيتُ مثلَه) (4) . وعاصر عمر بن شبَة الأخباريّ البصريّ شوكر في المائة الثانية للهجرة، وأورد ذكره في كتاب أخبار البصرة، بقوله : (كان يضعُ الأخبار والأسفار) (5) ، ونقل أخبار القاضي عمر بن حبيب (ت 207 هـ - 822 م) ، ووصفه بأنّه كان في ولايته (محموداً صُلْباً سائساً، هابه الناس هيبةً لم يهابوها قاضياً) (6) ، ونقل مباشرة أخبار محمّد بن عبد الوهاب الثقفيّ وعدائه لابن مناذر الشاعر (7) . ************************************************* (1) الطبراني، المعجم الكبير : ج 10 ، ص 233 . (2) المزّيّ، تهذيب الكمال : ج 4، ص 406 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 2، ص 26 . (3) وكيع، أخبار القضاة : ج 2، ص 157 . (4) الذهبيّ، العبر : ج 1، ص 362 . (5) ابن حَجَر العسقلاني، لسان الميزان : ج 3، ص 158 . (6) ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 7، ص 379 . (7) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 18 ، ص 194 .
كما أكّد عمر بن شبَة أنّ يحيى بن أكثم عُزل عن القضاء في البصرة سنة ( 220 هـ - 835 م) ، وتولىّ بعده إسماعيل بن حمّاد، وهو حَدثٌ، عاصره ابنُ شبَة نفسُه (1) . خامساً : التساهلُ بالسَّندِ أبدى بعض المؤرخين تساهلاً في ذكر مصادر معلوماتهم، ومستند مروياتهم باستعمال صيغاً مبهمةً في الإشارة إلى نقل الروايات، كقولهم : (قيل) ، أو : (قالوا) ، او (ذُكر) ، أو (بلغني) ، وغيرها من العبارات والألفاظ المبهمة التي ربمّا كانوا قد لجأوا إلى ذلك بطلبٍ من الرُواة أنفسهم، أو خشية إثارة بعض المشاكل، أو إلحاق الحرج بالرُواة، أو إنهّم تساهلوا بالسّند بشكلٍ متعمَدٍ حتى أصبح ذلك أسلوباً خاصّاً في منهجيّتهم عند نقل المعلومات. وقد كشفت نصوص كتاب أخبار البصرة عن اعتماد عمر بن شبَة أسلوب التساهل في ذكر مصادر مرويّاته مستعملاً صيغاً وألفاظاً مختلفةً، كقوله : (بلغني) (2) ، دون أن يحددَ اسم الشخص الذي أبلغه، ومدى ثقته وصدقه، وقوله : (سمعتُ بعض علمائنا) (3) ، أيضاً دون أن يحددَ اسم أحدهم، أو قوله : (حدّثني جماعة) (4) ، أو قوله : (حُدثت) (5) ، أو (زعمُوا) (6) . ************************************************* (1) ابن خلّكان، وفيات الأعيان : ج 6، ص 149 . (2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 217 ، أبو الفرج الأصفهانيّ، الأغاني : ج 16 ، ص 96 ؛ ج 18 ، ص 192 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 10 ، ص 15 ، المزّي، تهذيب الكمال : ج 3، ص 412 . (3) ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 2، ص 26 . (4) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 108 . (5) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 70 ، ص 7 . (6) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 163 . |