وأوردَ أخباراً عن ثورة الإمام الحسين (ع) (1) ، وربمّا كان قد أورد ذلك ضمن كتابه في أخبار الكوفة المفقود . وبذلك نصبح أمام رأيين لا ثالث لهما، فأمّا أن يكونَ على مذهب أهل السُنّة، أو أنّه كان شيعيّاً يخُفي مذهبَه في التشيُع، وإن كان على مذهب أهل السُنّة فإنَه برغم ذلك كان محبَاً للإمامِ عليّ بن أبي طالب (ع) وموالياً لآل بيت رسول الله (ص) ، وإنّه كان موضوعيّاً أميناً في نقل الأخبار الخاصّةِ بهم . ************************************************* (1) ينظر أبو مخنف : مقتل الحسين (ع) (تحقيق : حسين الغفاريّ، المطبعة العلميّة، قم - د. ت) : ص 28 ، ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين (ع) ، (تحقيق : الشيخ محمّد باقر المحموديّ، قم - 1414 ) : ص 272 ، 299.
المبحثُ الثالثُ : تلاميذُهُ كان لارتقاء مكانة عمر بن شبَة النُمَيرْيّ العلميّة أن أصبحَ مقصداً للعديد من طلبة العلم الذين واكبوا حضور مجالسه وملازمة حلقات درسه في صنوف العلوم التي برع فيها كافّة، وقد ظلَ عمر بن شبَة مضيئاً مِعطاءً حتى أواخر حياته، فقد روى الخطيبُ البغداديّ أنّ تلامذته كانوا يحرصون كلَ الحرص على القدوم إليه في منزله للسمّاعِ والروايةِ عنه، وهو شيخٌ كبيرٌ قد تجاوز الثمانين مِن عمره، لا يقوى على الخروج من منزلِه (1) وبحقٍ نقول : إنَ عمر بن شبَة النُميَرْيّ كان مدرسةً تخرّج منها عدد كبير من كبار العلماء المسلمين الذين ذاع صيتُهم، وعلت منزلتُهم، وحسُنت سمعتُهم العلميّة، نذكر منهم على سبيل المثال : 1 ـ ابن ماجة، أبو عبد الله محمّد بن يزيد بن ماجة الربعيّ القزوينيّ (ت 273 هـ - 886 م) ، الحافظُ الكبير، والمفسرُ والمحدث، له معرفة وحفظ، من أهل قزوين، ورحل إلى العراق (2) ، وذُكر أنّ ابن ماجة حدَث عن عُمر بن شبَة بحديثين (3) . 2 ـ أبو حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر الرازيّ (ت 277 هـ - 890 م) ، أحد الأئمة ************************************************* (1) ينظر : تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 209 . (2) الذهبيّ، تذكرة الحفّاظ : ج 2، ص 636 . (3) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 370.
الحفّاظ الأثبات، مشهورٌ بالعلم مذكورٌ بالفضل، ثبْتٌ (1) ، وقد أكّد ابن أبي حاتم رواية أبيه عن عمر بن شبَة النُميَرْيّ (2) . 3 ـ أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ البغداديّ الكاتب (ت 279 هـ - 892 م) ، كان كاتباً بارعاً، وشاعراً، وراويةً للأخبار، أحد البُلغاء، وُصف بأنّه كان ثقةً مأموناً (3) . 4 ـ ابن أبي الدنيا أبي بكر بن عبد الله بن محمّد بن عبيد القرشيّ، مولاهم البغداديّ المؤدب (ت 281 هـ - 894 م) ، صاحب التصانيف المشهورة، كان ثقةً صدوقاً (4) 5 ـ ثعلب، أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن زيد الشيبانيّ (ت 291هـ - 903 م) ، إمام الكوفييّن في النّحو واللُغة، ثقةٌ، حُجّةٌ، دَيناً، صاحاً، مشهوراً بالحِفظ وصِدق اللَهجة والمعرفة بالغريب ورواية الشّعر القديم، عاش في بغداد وتوفيّ بها (5) . 6 ـ أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد الأمويّ الحرّاي المؤدب (ت 295 هـ - 907 م) ،استوطن بغداد وحدَث بها حتى وفاته، قيل عنه : (ثقةٌ مأمونٌ) (6) . 7 ـ أبو نعيم عبد الملك بن محمّد بن عدي الجرجانيّ (ت 310 هـ - 922 م) ، قيل عنه : (أحد الأئمّة المسلمين، ومن الحفّاظ لشرائع الدّين مع صدقٍ وتورّعٍ وضبطٍ وتيقّظٍ، قدم بغداد وحدَث بها حتى وفاته) (7) . ************************************************* (1) ينظر : الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 2، ص 70 ، 73 ، 74 . (2) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 6، ص 116 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 370 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 7، ص 405. (3) الذهبيّ، تاريخ الإسلام : ج 13 ، ص 162 . (4) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 13 ، ص 397 . (5) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 5، ص 414 ، 421 ، الذهبيّ، تذكرة الحفّاظ : ج 2، ص 666. (6) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 9، ص 441 - 443 . (7) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 10 ، ص 427 - 428 .
8 ـ أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغويّ (ت 317 هـ - 929 م) ، الحافظ الكبير، كان ثقةً ثبْتاً فَهِماً عارفاً (1) . 9 ـ أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسّان التنوخيّ (ت 317 هـ - 929 م) ، من أهل الأخبار عاش في بغداد وحدّث بها، كان ثقةً مأموناً، جيّد الضّبط، عظيمَ القدر، وحسن الفصاحة، تولّى قضاء مدينة المنصور عشرين عاماً (2) . 10 ـ أبو محمّد يحيى بن محمّد بن صاعد البغداديّ مولى المنصور (ت 318 هـ - 930 م) ، الإمام الحافظ، محدث العراق، عالم بالعلل والرجال، فاقَ أهلَ زمانه في الحفظ (3) . 11 ـ أبو علي إسماعيل بن العبّاس بن عمر الورّاق (ت 323 هـ - 934 م) ، محدثٌ نَقَلَ الخطيبُ البغداديُ توثيقَه، وذكر أنّه مّن سمع من عمر بن شبَة (4) . 12 ـ أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ (ت 323 هـ - 934 م) ، عالم محدث كثير الأدب، ثقةٌ، ورعٌ، أثنى عليه المحدثون (5) . 13 ـ ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمّد بن إدريس الرازيّ (ت 327 هـ - 938 م) ، قال عنه الذهبي : (الحافظ الثبْت، ابن الحافظ الثبْت، ... مع علوَ الرواية ومعرفة الفن) (6) ، ************************************************* (1) ابن النديم، الفهرست : ص 288 - 289 ، الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 10 ، ص 110 - 111 . (2) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 4، ص 250 - 251 . (3) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 14 ، ص 501 . (4) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد : ج 6، ص 297 . (5) الطوسي : الفهرست (تحقيق : الشيخ جواد القيّومي، (ط 1، مؤسّسة النشر الإسلامي – 1417) ، ص 83 ، القمّي، عباس : الكنى والألقاب : ج 2، ص 163 . (6) الذهبيّ : ميزان العتدال : ج 2، ص 587 . |
لـمّا رأيـتُ الـعِلمَ ولـىّ لـزمتُ بـيتي مـعلناً ومـستتر مـخاطباً خـير الورى لمن غبر أعني النبيَ المصطفى على البشر والـثاني الـصدّيق والتالي عمر ومَـن أردت مـن مصابيح زُهَر مـثلِ الـنجومِ قد أطافت بالقمر فـأنا فـيهم فـي رياض وغدر وفي عظاتٍ جمّةٍ وفي عبر (2) فــإن أردت عـالِمينَ بـالخبر رواةَ أشـعـارٍ قـديماتٍ غُـرر ومـن أحـاديثِ الملوك والسَمر فـهم حـوالَيَ كـنوز في الزبر | ودَثَر وقـام بـالجهل خـطيبٌ فـهمر
آخــذ مـن هـذا وهـذا فـذاك أولـى من مقاماتٍ الحُمر مـن الـطُغام والـرُعاع والنشر أهـؤاؤهم شتّى المجال والصدر مـختلفين فـي الـقرآن والقدر إن خـولفوا قـالوا تردّى وكفر وكـان أصحاب الحديث والأثر أحـجم قـومٌ عـن سُبابٍ وهتَر فأصبحوا فُوضى الشهادات الكُبر بـالكفر سحَاً مثلَ تَسكاب المطر فـالحمدُ لـلَهِ الـعلي الـمقتدر حـمدَ مُـقِرٍ لا بـشيء يـعتذر لا بـل بـتقصيرٍ وتـفريطٍ مُقِر | وأذر أحوي الذي يصفُو وأرمي ما كدَر
ضاعت لديك حقوقٌ واستهنت بها والـحُرُ يـألم من هذا ويمتعضُ إنـيّ سـأشكر نُعمى منك سالفةً وإن تـخوَها مِـن حادثٍ عرضُ |
وقـائلةٍ لـم يـبقَ لـلنّاس | سيّدٌ فقلتُ : بلى، عبد الرحيم بن جعفر
أشُـدُ مـن نفSي وما أيّــام تـترى ولـيالٍ بـعدُ كــأنَ أيّـام الـحياة تـعدُو | تشتدُ وقد مضت ثمانون لي تعدُ (2)
أشُـدُ مـن نـفسي وما | تشتدُ وقد مضت ثمانونَ لي تعد (4)