اخبار البصرة
لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت

الدكتور سلمى عبد الحميد حسين الهاشمي


الإهداء

إى روحِ والدِي...
امرحوم السيّد عبد احميد حُسن اهاشميّ...
الَذِي كَنَفَنِي ظِلّهُ، وَغَذّانِ بِسِرتِهِ وَمّتِهِ
عِرفَاناً باجَمِيلِ واامتِنَانِ ، وَسُقياً له مِن شآبيبِ رمةِ الدَيان
أُهدِي عَمَِل امتواضِعَ هذا

مقدمة الناشر

بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيْمِ

  الحمدُ للهِ رب العَالمينَ، والصّلاةُ والسَلامُ عَلىَ خَاتَمِ النَبيّنَ محمّدٍ وآلِهِ الطيّبنَ الطَاهرينَ، وبه نستعينُ.
  وبعد...
  مِن القِيَم الواضحةِ في حياةِ العلم تدوينُه، وحفظُه، ونشرُه، وقد أكّدت الشريعة الإسلاميّة هذه القِيَم الفطريّة، بوصفها دين الفطرة، فقد رُوي عَن رسول الله (ص) : (اكتُبُوا العِلمَ قَبلَ ذَهابِ العُلماَءِ، وإنمّا ذَهابُ العِلْمِ بموتِ العُلماءِ) (1) .
  كما أكّد هذا المعنى بابُ مدينةِ علمِ رسولِ الله (ص) الإمام أميرِ المؤمنينَ علي بن أبي طالبٍ (ع) في أحاديثَ كثرةٍ منها، قولُهُ (ع) : (الكُتُبُ بساتينُ العلماءِ) (2) ، وقوله (ع) : (الكِتابُ أحدُ المحدِثين) (3) ، وقوله (ع) : (الكتابُ تُرجمانُ النِيّة) (4) ، و (نِعْمَ المحدِث) (5) ، إلى غير ذلك مِن أقوالِ الأئمّة (ع) ، في بيانِ شأنِ الكتابِ والكتابةِ وحفظِ العِلمِ .
  وقد عَمَدَ جملةٌ من أهلِ العلم إلى تدوين معارفِهم وإخراجِها كتباً كان لها الدورُ في تطويرِ حركة العلوم واتّساعها، لكنّ الكتابَ شأنُه شأنُ الآثار الثمينة، فهي قد تتعرّض إلى ظروفٍ استثنائيّةٍ قاهرةٍ تهدّدُ بقاءَها، وتعجّل فناءَها، وهذا ما عاناهُ الكتابُ الإسلاميُ

*************************************************
(1) كنز العال : 28733
(2) غُرر احكم : 991 .
(3) م . ن : 1615 .
(4) م . ن : 298 .
(5) م . ن : 9948


اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 2 ـ

  الحُرّ إذْ تعرّض إلى العديدِ مِنَ الإرهاصاتِ، فمِنَ الجهلِ بالكتابِ إلى التعصّبِ بأنواعِهِ واتجاهاتِهِ، إلى السَياسة والجَورِ، وإلى اضطهادِ العُلماءِ وترويعِهم وإفقارِهم، فضلاً عن الظروفِ الطبيعيّةِ مِنَ الأغبرةِ والأمطارِ والقوارضِ والأرَضَةِ، وغيرِها، عواملُ شتّى هدّدَت كثيراً مِنَ الكُتُبِ التي ألّفَهَا العلماءُ وتسببّت في ضَياعِ كثيرٍ مِنَ التراثِ الثَرِّ.
  مِن هنا حَرَصَ العديدُ من الباحثينَ على تبنّي إعادةِ ما فُقدَ مِنَ التراثِ الإسلامي المكتوبِ الذي كتبته أيادي العلماء وأضاعته الظروفُ المختلفةُ، فكانت وسيلتُهم إلى هذا الأمر الذي يكاد أن يكونَ مستحيلاً هو ما عثروا عليه من ظلالٍ لتلك الكُتب في المُؤلَفات المتداولة والموجودة، إذْ عمدُوا إلى جمع ما وقع بينَ أيدِيهم مِن رواياتٍ عن تلكَ الكتبِ وتقديمها ضمن منهجٍ علميٍ مدروس ، لتحقيق نسبتها إلى ذلك الكتاب أو المؤلَف.
  وقد كان من نماذج تلك المحاولات ما قام به العلاّمة محمّد هادي الأمينيّ في كتاب السّقيفة وفدك، لأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ البصريّ (ت 323 هـ) ، إذْ إنّ هذا الكِتاب قَدْ عَرَتْهُ يدُ الإتلاف، فما يزالُ عندَ القِلَة القليلةِ مِن العُلماء حتّى وصل إلى يدِ ابن أبي الحديد المعتزليّ (ت 656 هـ)، إذْ أكثَرَ من النقل عنه حتّى غدت صورةُ الكِتابِ واضحةً في شرح نهج البلاغة، ما دَفَعَ قلم العلاّمة محمّد هادي الأميني إلى تتبّعه وجمعه في كتابٍ ليَخْرُجَ إلى النُور صورةً شِبه الأصل عماّ كتبه المؤلف .
  ويأتي الكتاب الذي نرجو نشره (أخبارُ البصرة لعُمَر بن شبّة النُميَري (ليثبت محاولةً أُخرى في هذه السّبيل، والكتابُ من الأهميّة بمكان مِن عدّة جهاتٍ :
  الأولى : مِن خلالِ ملاحظةِ كثرةِ النُقولِ عنه في المجالات المختلفة، على الرُغم مِن عدمِ كونِهِ أوّلَ ما صُنف في مجاله، ما يَظهرُ أنّ الكتابَ عُمدةٌ في بابه، ومرجعٌ مُهِمٌ

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 3 ـ

  للكثير من العلماء والكتّاب ، نظراً إلى كثرةِ معلوماتِهِ وتنوعها وأهميتها ، وهو شيءٌ لا يُمكنُ إغفالُهُ.
  الثانية : قلّة المصادر عن أخبار البصرة وعدم وفرتها، بل تكادُ تكونُ معدومةً، إذْ إنَ جميعَ المؤلَفات التي صُنيفت في تاريخ البصرةِ وأخبارِ أهلِهَا قد فُقِدَ، ولم يصل منها إلا إشاراتٌ بسيطةٌ .
  الثالثة : إنَ المؤلف كانَ مِنَ المؤرخين المشهورينَ والمعروفنَ بنقل الأخبار والآثار، ما أعطى آراءَه وكتاباتِه أهميةً عند العلماء.
  من هنا جاءت الدراسةُ في بابين، البابُ الأّوّلُ : في حياتِهِ ودراسةِ كتابِه أخبار البصرة، وقد ضمَ فصولاً ومباحثَ تناولت حياتَه العلميّة، وآثارَه، وكتابَه، وأسبابَ ضياعِه (العامّة والخاصّة والطبيعيّة) ، ثمَ نُقُولُ المؤرخينَ وكتّابِ الترّاجمِ والأدباءِ والجغرافييّن عنه الذي انتظم فصلاً ثانياً ضمن البابِ الأوّل، فكانت نُقُولُ العلماءِ منه تنتهي إلى القَرن التاسعِ الهجري، وكان عُمدة مَن نَقَلَ منه في هذا القرن ابن حَجَر العسقلانيّ (ت 852 هـ)، ما يُعطي سقفاً زمنيّاً لتداول الكتاب في تلك الفترة .. ويخُتَمُ البابُ الأوّلُ بفصلٍ ثالثٍ تناول الباحث فيه منهجَ المؤلف ومواردَه وقيمةَ معلوماتِهِ وتنوّعها.
  ثمَ يستقلُ البابُ الثاني - وهو محور الكتاب- باستعراض ما جمعه الباحث مِن رواياتِ كتابِ أخبار البصرة الضَائع لعُمر بن شبّة النميريّ ، لتعطي صورةً عن الكتابِ المفقودِ لعلّها تكونُ قريبةً من الأصل.
  مِن جميعِ ذلكَ وضمن منهجية عملِهِ في تقصي كل ما هو بصريٌ أصيلٌ، تبنّى مركز تراث البصرة التابع لقسم شؤون المعارف الإسلاميّة والإنسانيّة في العتبةِ العبَاسيّةِ

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 4 ـ

  المقدَسةِ نشَرَْ هذا الكتاب، لما فيه من الأهمّيةِ في تقديمِ كتابٍ يتضمّن أخبارَ البصرة بصورةٍ مستقّلةٍ، وحسب ما أسعفت به المصادرُ التاريخيّة، فمِن هُنا نشدُ على أيدِي الباحثينَ مواصلةِ الجهودِ الحثيثةِ في هذه السّبيلِ وغيرها ممّا يتعلّق بالبصرة، فكما لا يخفى ما لتوريخ الأحداثِ الجاريةِ -سواء لبلدةٍ أم أمَةٍ- مِن الأهمّية الكبيرة ، لما في ذلك من إبقائها حيّةً بتسجيلِ حوادثها وحفظِ حقائقِها وتقديمها مادّةً وتجربةً واقعيّةً للأجيالِ الاّحقةِ مِن أجلِ تعرّفهم على عُمْقِ ماضِيهم، واستفادةِ العبِرةِ منه، ومِن هنا نرى المرجعيّةَ الدينيّةَ تؤكدُ ضرورةَ تدوينِ الحوادثِ الجاريةِ في أيَامنا وحفظها، خصوصاً ونحنُ نمرُ بفترةٍ حَرِجَةٍ فيها الكثر ممّا قد يُتناوَلُ بأقلامٍ غيرِ سليمةٍ، ومِن أهم ما يمكنُ أن نرفِدَهُ لمدينتِنَا الفيحاء في أيّامنا هذه هو تدوينُ حركةِ الجهادِ، بدءاً بدراسةِ فتوى المرجعيَةِ ومدى أثرِها على المجتمع البصري، واستجابة أبنائِها لها – التي كانت استجابةً مظفَرةً ومشهوداً لها – إلى مواكبتِهم في ساحاتِ المواجهةِ وتدوين معجمٍ يحفَظ السيرةَ الذاتيّةَ والقتاليَةَ لشهدائهم، فإنَ ما نشهدُهُ اليومَ سيكونُ حتماً تأريخاً لغدٍ نأمَلُ أن يكونَ مشُرِقاً.
  وأخيراً وليس آخِراً نثمن الجهود التي بذها المؤلف في إبراز هذا الكِتاب خدمةً للبصرة الفيحاء، داعينَ له بدوامِ التوفيقِ، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ رب العالمينَ.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 5 ـ
المقدَمة

  زَخَر تراثُنا الإسلاميُ بأعدادٍ كيبرةٍ من الكُتُب المصنّفة التي قيل إنهّا : (أكثر من أن تحصى وأجَلُ من أن تحصرَ) (1) ، ولا نبالغُ إذا قلنا : إنّ مدينة البصرة كانت الرائدة في مضمار التصنيف، إذْ عُدّ العالم سعيد بن أبي عروبة (2) أوّل مَن صنَف (3) ، كما أنّ علماءها فاقُوا غيرهم من علماء العالم الإسلاميّ في كثرة التصنيف، وفي مجالات العِلم والمعرفة كافّة، ولا سيمَا التصنيف في تاريخ مدينتهم وذكر فضائلها وأخبار أهلها، إلا أنَ ما يؤسَف عليه أنّ جميع تلك المصنّفات الخاصّة بتاريخِ البصرةِ وأخبارِها لم تسلَم من نوائب الزمن، وأصبحت في عداد المفقودات، إذْ لم يبقَ لبعضها سوى ذكر أسمائها فقط، والبعض الآخر وصلت منها نصوصٌ لبعض الروايات المتناثرة هنا وهناك في بطون عددٍ من كتب التاريخ والأدب والتراجم والبلدانيّات.
  وقد دأبَ العلاّمة الدكتور عبد الجبّار ناجي الياسريّ في الكشف عن تلك المصنّفات والوقوف على محتواها ومنهجيّة مؤلّفيها وأميّتها (4) ، وهذا أمرٌ دفعنا إلى استكمال ما بدأ به من خلال التركيز على واحدٍ من أهم الكتب التي صُنفت في تاريخ البصرة، ألا وهو

*************************************************
(1) القلقشنديّ : صبح الأعشى في كتابة الإنشا (حقيق : عبد القادر زكّار، وزارة الثقافة – دمشق - 1981 ) : ج 1 ص 538 .
(2) سعيد بن أي عروبة الإمام أبو النضّر العدويّ، شيخ البصرة وعاملها، وأوّل مَن دوَن العِلم بها، توفيّ سنة ( 156 هـ ). ينظر : الذهبيّ، العبِر في خبر مَن غبر (تحقيق : د. صلاح الدين المنجد، ط 2 ، مطبعة حكومة الكويت - 1984 ) : ج 1، ص 225 .
(3) ينظر : الذهبيّ، العبِر : ج 1، ص 225 ، وتاريخ الإسلام : ج 9، ص 405 ، السيوطي، تاريخ الخلفاء : ص 2 .
(4) ينظر : إسهامات مؤرخي البصرة في الكتابة التاريخيّة حتى القرن الرابع الهجريّ، ط 1، دار الشؤون الثقافيّة العامّة – بغداد- 1990

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 6 ـ

  كتاب (أخبارُ البصرة) الضائع، للمؤرّخ البصريّ عمر بن شبّة النُميَرْيّ (ت 262 هـ - 875 م)، ليس أنّه أوّل كتابٍ صُنف في تاريخ البصرة، وإنمّا لكونه أوّل كتابٍ شاملٍ صُنف في تاريخها وأخبار أهلها ، وأنّه أصبح أكثر شهرةً وصِيتاً حتى بلغت شهرتُه آفاقَ العالمِ الإسلامي ، وعُدّ من المصنّفات التي مثّل تاريخ البصرة، فاقترن ذكر تاريخ البصرة بكتاب (أخبار البصرة) لعمر بن شبّة دون غيره من سبقه من المصنّفات.
  لقد استوجب البحث معَ نصوص روايات كتاب أخبار البصرة الضائع لعمر بن شبَة من خال تتبّع ما نُقل عنه، وإخضاعها للتحقيق والدراسة للتمكّن من الوقوف على محتويات الكتاب، وتحديد هيكليّته، ومنهجيّة مؤلفه، وموارده، وأهمّيّة كتابه، فضلاً عن تقديم دراسةٍ عن عمر بن شبَة النُميَرْيّ نفسه للوقوف على حياتِه، ومكانتِه العلميّة، وآثاره، والتركيز على كتاب (أخبار البصرة) قيد الدراسة، وتحديد عنوانه بعد استعراض مختلف العناوين التي نُسبت إليه، ومحاولة تحديد تاريخ تأليفه، ومكان وجود الكتاب وضياعه ، مِن أجل الوقوف على أسباب الضّياع وتأريخها.
  وقد ضُمن ذلك كلّه في الباب الأول من الدراسة، أمّا الباب الثاني فقد تمَ إيراد جميع ما عُثر عليه من نصوص روايات كتاب أخبار البصرة، وتنظيمها على وفق المنهج الموضوعيّ، والتسلسل التاريخيّ للأخبار، بدءاً من فتح البصرة وتمصيرها عام (635 م - هـ 14 ) ولغاية آخر رواية ضمن منتصف القرن الثالث الهجريّ، وتحقيق تلك النصوص والتعليق عليها.
  إنّ هذه الدراسة المتواضعة في الكشف عن كتاب (أخبار البصرة) الضائع لعُمر ابن شبَة النُمَيرْيّ قد تساهم في إماطة اللثام عن أحد المصنّفات المحلّية الخاصّة في تاريخ البصرة، وإعادة الرّوح إليه دون الجسد الكامل ، ولعلَ ذلك أمرٌ كُتب على مدينة البصرة تلك المدينة العريقة الموغلة في القِدم والريادة في كل مجالات الحياة أن تُطمَسَ آثارُها، وتخفى بعضُ ملامح تاريخها، إذْ لم يبقَ منها سوى جزءٍ مِن أطلال جامعِها القديم، وبقايا متناثرة مِن رُكام بعضِ أبنيتها، كما لم يبقَ لها كتابٌ مِن بين مجموعة الكُتُب التي صُنفت في تاريخها وفضائلها وخططها وأخبار أهلها ، لذا فإنَ إعدادَ هذه الدراسة عرفاناً لما قدمه النُميَرْيّ من جهدٍ، ووفاءً مدينة البصرة في إحياء أخبار أهلها وتاريخها المفقود، وللهُ مِن وراء القصد.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 7 ـ

البابُ الأوَلُ : عُمَر بن شبَة النُميَرْيّ، حياتُه ودراسةُ كتابِهِ أخبار البصَرة
الفصل الاول : عُمر بنُ شبة النميري
حياته وآثاره العلمية



المبحث الاول
اسمه ونسبه ومولده

  هو أبو زيد عمر بن شبَة، واسم شبَة زيد بن عبيدة بن ريطة (1) ، وقيل ابن رائطة بن أبي مُعاذ البصريّ النُميَرْيّ (2) ، وقد عُرف واشتُهِر بابن شبَة، وإنما سُمّي شبَة ، لأنّ أمّه كانت ترقصُهُ وتقول (3) :

*************************************************
(1) ابن حِبّان البستيّ : الثّقات (ط 1، حيدر آباد الدكن- 1973 ) : ج 8، ص 446 ، ابن النديم : الفهرست (تحقيق : رضا – جدّد، قم- د. ت) : ص 125 ، الخطيب البغداديّ : تاريخ بغداد ، (دراسة وتحقيق : مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - 1997 ) : ج 11 ص 208 ، السمعايّ : الأنساب (تقديم وتعليق : عبد الله عمر الباروديّ، دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت- 1988 ) : ج 3، ص 400 ، ياقوت الحمويّ : معجم الأدباء (ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت- 1991 ) : ج 4، ص 465 ، ابن الأثير : اللُباب في تهذيب الأنساب (دار صادر- بيروت - د . ت) : ج 2، ص 185 ، الصفديّ : الوافي بالوفيات (تحقيق : أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت- 2000 ) : ج 22 ، ص 301 ، السيوطيّ : بغية . الوعاة (تحقيق : حمّد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، لبنان – صيدا -د. ت) : ج 2، ص 218
(2) المزيّّ : تهذيب الكمال (تحقيق : د. بشار عواد معروف، ط 1، مؤسّسة الرسالة، بيروت - 1992 ) ج 21 ، ص 386 ، ابن حَجَر العسقاي : تهذيب التهذيب (ط 1، دار الفكر للطباعة والنشر، . بيروت- 1984 ) : ج 7، ص 404
(3) ابن النديم : الفهرست : ص 125 ، السمعايّ، الأنساب : ج 3، ص 400 ، ابن الجوزيّ : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (تحقيق : محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، صحّحهُ : نعيم زرزور، ط 1 – دار الكتب العلمية، بيروت- 1992 ) : ج 12 ، ص 184 ، ياقوت الحمويّ، معجم الأدباء : ج 4، ص 465 ، ابن الأثر، اللُباب : ج 2، ص 185 ، الذهبيّ : سر أعام النباء (أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه : شعيب الأرنؤوط، ط 9، مؤسّسة الرسالة – بيروت- 1993) :

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 8 ـ

يـا  بأي iiوشبَا      وعاش حتّى دبَا
شيخاً كبيراً iiخبّا

  عُرف بنزيل بغداد ، لأنّه قدِم بغداد وعاش فيها ردحاً من الزمن (1) ، كما عرف بنزيل سامراء (2) ، لنزوله في آخر عمره في مدينة سامراء (3) ، سيأتي تفصيل ذلك لحقاً.
  أمّا بصدد ولادته فقد أجمعت المصادر على أنّه ولد في مدينة البصرة في يوم الأحد اول يوم من رجب عام (153 هـ - 770 م) (4) ، وانفرد ابن الجوزي في القول إنّه ولد عام (هـ 173 - 789 م) (5)

*************************************************
ج 12 ص 371 ، الصفديّ، الوافي : ج 22 ص 301 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب التهذيب : ج 7 ص 405 ، السيوطيّ، بغية الوعاة : ج 2، ص 218 ، ابن العماد الحنبليّ : شذرات الذهب في أخبار من ذهب (تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط، ط 1، دار بن كثر، دمشق - 1406 هـ) : ج 2، ص 146
(1) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 369 ، ابن حَجَر العسقلاني : تقريب التهذيب (دراسة وتحقيق : مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت- 1995 ) : ج 1، ص 719 ، تهذيب التهذيب : ج 7، ص 404 ، السيوطيّ : طبقات احفاظ، (ط 1، دار الكتب العلمية، . بيروت- 1403 هـ) : ج 1، ص 229
(2) ابن أبي حاتم : الجرح والتعديل (ط 1، حيدر آباد الدكن، الهند- 1952) : ج 6، ص 116 ، السمعانيّ، الأنساب : ج 3، ص 401 ، ابن الأثير، اللُباب : ج 2، ص 185
(3) ابن الأثير، اللُباب : ج 2، ص 185 ، الذهبيّ، سر أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 271 ، المزيّّ، تهذيب الكمال : ج 21 ، ص 389 ، الصّفديّ، الوافي : ج 22 ، ص 301 ، ابن حَجَر العسقاي، تهذيب التهذيب : ج 7، ص 405 .
(4) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 210 ، ابن خلّكان : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (تحقيق : إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت - د . ت) : ج 3، ص 440 ، الذهبيّ، سر أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 371 ، المزّي هذيب الكمال : ج 21 ، ص 390 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 7، ص 405 ، البغداديّ، هديّة العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنيفن (استانبول- 1951) : ج 1، ص 780 .
(5) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (الدار الوطنية، بغداد- 1990) : ج 5، ص 41 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 9 ـ

  وهذا أمرٌ بعيدٌ عن الصّحة، إذ أكّدت المؤرّخون ومنهم ابن الجوزيّ نفسُه أنّه مات عام (262 هـ - 875 م) عن عمرٍ ناهز التاسعة والثمانين (1) ، مّا يشر إلى وجود خطأ ما، أو تصحيف (2) ، وقيل إنّه بلغ التسعين من العمر (3) ، فلو كانت ولادتُه عام ( 153 هـ) لكان عمرُه حين وفاته مائة وتسع سنوات.
  ومن جهةٍ أخرى روي عن ابن شبَة قوله : (قدم وكيع بن الجراح (4) عبادان فمُنِعتُ من الخروج إليه لحداثتي) (5) . ولا نعلم تاريخ قدوم ابن الجرّاح لعبادان، وقد قدّر أحد الباحثين أنّه لو كان قدم عبادان قبل عشر سنوات من وفاته فإنّ عمر بن شبَة سيكون
*************************************************
(1) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 210 ، ابن الجوزيّ، المنتظم : ج 5، ص 41 ، ابن خلّكان، وفيات الأعيان : ج 3، ص 440 ، الذهبيّ : تذكرة احفّاظ ( دار إحياء التراث العربي، بيروت - د. ت) : ج 2، ص 517 ، سر أعام النباء : ج 12 ، ص 371 ، الكاشف في معرفة من له راوية في كتب السُنة (قدّم له وعلّق عليه : محمّد عوامة، ط 1، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدّة - 1992 ) : ج 2، ص 63 ، ابن العماد الحنبليّ، شذرات الذهب : ج 2، ص 146 ، الخزرجيّ الأنصاريّ : خاصة تذهيب تهذيب الكمال (قدّم له : عبد الفتاح أبو غدة، ط 4، دار البشائر . الإسلامية، حلب- 1411 ) : ص 283 ، البغداديّ، هديّة العارفين : ج 1، ص 780.
(2) أشار محققا كتاب المنتظم بأنّ ولادة عمر بن شبَة هي سنة ( 173 هـ) وفق النسخة الأصلية التي اعتمدا عليها في التحقيق، وورد في النسخة (ك) وهي نسخة كوبرلي أنّ ولادته سنة ( 153 هـ) ، وقاما بتصحيح الخطأ الوارد وفقاً ما جاء في النسخة الأصلية. ينظر : المنتظم (ط، دار الكتب العلمية، بيروت- 1992 ) : ج 12 ، ص 184 الهامش.
(3) ابن النديم، الفهرست : ص 125 ، السمعانيّ، الأنساب : ج 3، ص 401 ، ياقوت الحمويّ، معجم الأدباء : ج 4، ص 465 ، الصفديّ، الوافي بالوفيات : ج 22 ، ص 301 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 7، ص 405 ، تقريب : ج 1، ص 719 ، السيوطيّ، طبقات الحفّاظ : ج 1، ص 230.
(4) وكيع بن الجرّاح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان، فقيه، محدث، حافظ، مفسر، صوفي، وُلد بالكوفة، وتفقّه وحفِظ الحديث، توفيّ مصنرفاً من الحجّ بُعيد عام 196 هـ ، الزركليّ، خير الدين : الأعلام ( دار العلم للملايين، بيروت- 1980 ) : ج 8، ص 117.
(5) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 209 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 10 ـ

  عمره حوالي ( 28 ) سنة على اعتبار أنّ وفاة وكيع بن الجرّاح عام (196 هـ) .
  وهذا يناقض قول ابن شبَة في سبب منعه من الخروج لحداثتِه، أي أنّه كان في عمرٍ صغيرٍ لم يصل سنَ البلوغ ( 15 ) سنة (1) ، أمّا لو كانت ولادتُه عام ( 173 هـ - 789 م ) فعمرُه آنذاك حدود ( 13 ) سنة بما يلائم وصفَه بالحداثة (2) .

*************************************************
(1) روى عبد الله بن عمر، قال : (عرفني رسول الله (ص) يوم أحد وأنا ابنُ أربع عشرة سنة، فلَم يجزني ، ثمَ عرفني يوم الخندق وأنا ابنُ خمس عشرة فأجازي، فحدّثت به عمر بن عبد العزيز، فقال : إنَ هذا الحدّ ما بين الصغير والكبير، وكتب إلى عماّله ما دون ذلك في العيال) . ينظر : الرامهرمزيّ : المحدِّثُ الفاصل بين الراوي والواعي (تحقيق : محمّد عجاج الخطيب، ط 3، دار الفكر ، بيروت - 1404 ) : ص 189 .
(2) العبيديّ، حمود عبد الله إبراهيم : عمر بن شبَة ومكانتُه في كتابة التاريخ العربيّ الإسلاميّ (أطروحة دكتوراه، كلّيّة الآداب – جامعة بغداد- 1988 ) : ص 20 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 11 ـ

المبحثُ الثاني : نشأتُه ومكانتُه العلميّةُ

  اوّلاً : نشأتُهُ

  نشأ عمر بن شبَة في مدينة البصرة في أحضان أسرةٍ كان لها اهتمامٌ بالعلم، فقد كان جدّه عبيدة بن زيد محدثاً روى عن الحسن البصريّ (1) ، وهو شيخ حمَاد بن زيد (2) ، وروى عنه ابنه شبَة -زيد بن عبيدة- وهو والد عمر بن شبَة (3) ، الذي أبدى رعايةً لولديه (عمر ومعاذ) فروَيا عنه (4) .
  فكانت المحطّةُ الأولى في مسيرة عمر بن شبَة ونشأتِهِ العلميّةِ هي أسرتُه، كما كانت مدينة البصرة نقطة الانطلاق لعمر بن شبَة، إذْ تلقّى علومَه فيها على يد كبار علمائها، إذ كانت انطلاقتُه مبكّرة وهو لا يزال صبيّاً غير بالغ، كما ورد ذلك في قوله عن سبب

*************************************************
(1) البخاريّ، التاريخ الكبر (المكتبة الإسلاميّة، ديار بكر – تركيا - د. ت) : ج 6، ص 84 ، ابن أبي حاتم، بيان خطأ البخاريّ (المكتبة الإسلاميّة، ديار بكر – تركيا - د. ت) : ص 56 ، ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 7، ص 164 .
(2) ابن ناصر الدين : توضيح المشتبه (تحقيق : محمّد نعيم العرقسوسي، ط 1 – بروت- 1993 ) : ج 6، ص 131 .
(3) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 4، ص 385 .
(4) ابن ماكولا : إكمال الإكمال (دار الكتاب الإسلامي للطباعة والنشر، القاهرة - د . ت) : ج 5، ص 33 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 12 ـ

  منعه من الخروج إلى وكيع بن الجرّاح حين قدومه عبادان كان (لحداثتي) (1) وجاء تقدير عمرِهِ آنذاك بـ ( 13 ) سنة كما مرَ بنا .
  وربمّا كان عمرُهُ أصغر، ويمكن تقديره ما بين ( 10 - 13 ) سنة على اعتبار أنَ أهل البصرة كانوا قد ميزوا بطلب العلم ورواية الحديث بعمرٍ مبكرٍ، إذْ ذُكر أنّ أهل البصرة كانُوا يبدأون التحميل في سنّ العاشرة بينما كان أهلُ الكوفة لا يُرِجُون أولادَهم في طلبِ العِلم صغاراً حتّى يستكملوا عشرينَ سنة، وقيل : إنَ هذا الأمر يعودُ إلى العادة، أي إلى ما اعتادَ عليه النّاس هناك (2) .
  وهذا ربمّا يفسر سببَ منع عمر بن شبَة من الخروج لوكيع بن الجرّاح الكوفيّ، إذ لا يسمحُ أهل الكوفة من دون العشرين في الخروج لطلب العلم، وبما أنّ عمر بن شبَة كان بصريّاً فإنَ عادة أهل البصرة طلبُ العلم في العاشرة، فعمر بن شبَة بدأ مشواره في سنّ العاشرة أيضاً، سيَما أنّّه ينحدر من أسرةٍ علميّةٍ، وهذا بلا شكٍ ساعد في نبوغِه وشغفِه المبكّر في طلبِ العِلم.

ثانياً : شيوخُهُ

  إلى جانب رواية عمر بن شبَة عن أبيه وأخيه معاذ كما أسلفنا، فإنَه تتلمذ على يد عددٍ من كبار علماء البصرة في مختلف العلوم، كالفِقهِ والحديثِ واللُغةِ والأدبِ وروايةِ الأخبارِ والنَسَبِ، نذكرُ منهم :
  1 ـ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المعروف بغندور (ت 194 هـ - 809 م) ، محدثٌ بصريٌ، نَقَلَ ابنُ أبي حاتم توثيقَهُ (3) .
  
*************************************************
(1) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 209
(2) الرامهرمزيّ، المحدث الفاصل بين الراوي والواعي : ص 186 ، 187 .
(3) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 7، ص 221.
.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 13 ـ

  2 ـ أبو محمّد عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصَلت الثقفيّ (ت 194 هـ - 809 م) محدثٌ، وثّقهُ ابن أبي حاتم (1) ، ووصِف بأنّه ( من أهل الإتقان في الأخبار والضَبط للآثار ) (2)
  3 ـ أبو المثنى معاذ بن معاذ العنريّ البصريّ (ت 196 هـ - 811 م) وهو فقيهٌ ومحدثٌ، كان على قضاء البصرة، ومن الحفَاظ (3)
  4 ـ أبو سعيد يحيى بن سعيد القطّان (ت 198 هـ - 813 م) الذي وصِف بأنّه من أثبتِ الشيوخ البصريّن (4) ، ثقةٌ مأمونٌ حُجّةٌ (5) .
  5 ـ أبو عاصم الضحّاك بن مخلّد الشيبانيّ مولاهم البصريّ، المعروف بأبي عاصم النبيل (ت 212 هـ - (6) - 827 م) ، قال عنه الذهبي : (الإمام الحافظ شيخ المحدثين الأثبات) (7) ، وقال عنه ابنُ سعد في الطبقات : (كان ثقةً فقيهاً ماتَ في البصرة) (8) .
  6 ـ أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهليّ الأصمعيّ (ت 213 أو 215 هـ ، 828 او

*************************************************
(1) ابن أي حاتم، المصدر نفسه : ج 6، ص 71 .
(2) ابن حِبّان البستيّ : مشاهر علماء الأمصار (تحقيق : مرزوق علي إبراهيم، ط 1، دار الوفاء للطباعة والنشر ، المنصورة - 1411) : ص 253.
(3) ابن سعد : الطبقات الكبرى (دار صادر، بيروت - د . ت) : ج 7، ص 14 ، ابن حِبّان البستيّ، مشاهر علماء الأمصار : ص 253 .
(4) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 1، ص 248 .
(5) ابن سعد، الطبقات الكبرى : ج 7، ص 14 .
(6) ابن سعد، الصدر نفسه : ج 7، ص 295 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 9، ص 480 .
(7) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 9، ص 480 - 481 .
(8) ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 295 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 14 ـ

  830 م) (1) ، عالمُ اللُغة والأدب، ومِن رُواة الأخبار (2) .
  7 ـ محمّد بن عبد الله الأنصاريّ (ت 215 هـ - 828 م) ، محدثٌ، تولىّ قضاء البصرة مرّتين، كانَ صدوقاً، قضى أواخر حياته في البصرة يحدث حتى وفاته (3) .
  8 ـ خلاّد بن يزيد الباهليّ الأرقط البصريّ (ت 220 هـ - 835 م) ، أحد شيوخ عمر ابن شبَة، عدّه ابن حبّان في الثقات (4) .
  9 ـ أبو عبد الرحمن الوليد بن هشام بن قَحذم القَحذميّ البصريّ، (ت 222 هـ - 836 م) ، أخباريٌ ثقةٌ (5) .
  10 ـ أبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكيّ (ت 223 هـ - 837 م) ، قال عنه ابنُ سعد : كان ثقةً، كثرَ الحديث، وقال عنه العجليُ : بصريٌ ثِقةٌ (6) .
  11 ـ أبو بحر عبد الواحد بن غياث البصريّ (ت 238 هـ - 852 م) ، محدثٌ وأخباري من أهل البصرة (7) .
  12 ـ أبو بكر محمّد بن خلاّد بن كثر الباهليّ البصريّ (ت 240 هـ - 854 م) ، نقل

*************************************************
(1) ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 8، ص 389 ، ابن النديم، الفهرست : ص 60 - 61 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 10 ، ص 175 ، 181 .
(2) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 10 ، ص 175
(3) ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 294 - 295 ، وكيع : أخبار القضاة (علّق عليه وصحّحه وخرّج أحاديثه عبد العزيز المراغي، بيروت - د . ت) : ج 2، ص 154 ،155 ، 157 .
(4) الذهبيّ، ميزان الاعتدال (تحقيق : علي محمّد البجّاوي، ط 1، بيروت- 1963 ) : ج 1، ص 657 .
(5) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 9، ص 20 ، ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 7، ص 555 - 556 .
(6) ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 306 ، العجليّ : معرفة الثّقات (ط 1، مكتبة الدار ، امدينة امنورة - 1405) : ج 2، ص 303 .
(7) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 6، ص 23 ، ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 8، ص 426.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 15 ـ

  .توثيقَهُ ابن حجر في التقريب (1)
  وعددٌ آخر غيرهم من علماء البصرة، أمثال الفقيه والمحدث عبد الله بن سوار العنبريّ البصري ، (ت 288 هـ - 842 م) (2) ، وأبو صفوان نصر بن قديد اللَيثيّ البصريّ (3) وغيرهم.
  وقد ذهب أحدُ الباحثين إلى أنَ عمر بن شبَة طاف البلاد برحلاتٍ علميّة شملت بغداد وسامراء، واستدلَ من خلال الألفاظ الواردة في كتابه عن تاريخ المدينة المنوّرة أنّه رحل إلى المدينة المنوّرة أيضاً، ونوَهَ ذلك الباحث عل عددٍ من شيوخ عمر بن شبَة الذين حملوا ألقابَ بعضِ مدنِ البلادِ الإسلامية (كاليمانيّ، الرقيّ، الدمشقيّ، الواسطيّ، المصريّ)، بما يشير إلى رحلة عمر بن شبَة نحو تلك المدن والبلدان، ثمَ تراجع مؤكداً أنّ ذلك (أمرٌ صعبٌ الاجتهادُ فيه ) (4) .
  في الواقع إنّ المصادر التي ترجمت لعُمر بن شبَة لم تشُرِ مِن قريبٍ أو مِن بعيدٍ عن قيامِه برحلاتٍ علميّةٍ خارج العِراق، كاليَمن، أو الرقّة، أو مصِر، أو دِمشق، ولعلّه كان قد التقَى أولئكَ العُلماء داخلَ العراق، ولا سِيمَا بغداد التي أصبحت حاضرة الخلافة، ومركزاً فكريّاً، وكعبةً استقطبت كِبار العُلماء من أرجاء البلاد الإسلامية كافّة منذ منتصف القرن الثاني الهجريّ (5) ، أو في سامراء التي استوطن فيها عمر بن شبَة كما مرَ بنا.

*************************************************
(1) ابن حَجَر العسقلاني، تقريب : ج 2، ص 73 .
(2) ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 8، ص 350 .
(3) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 8، ص 472 .
(4) العبيديّ، عمر بن شبَة ومكانته في كتابة التاريخ : ص 23 .
(5) ينظر : الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 1، ص 22 (مقدّمة المحقّق).

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 16 ـ

  وما يؤكد صحّةَ كونِ عمر بن شبَة قد تتلمذ على يد العديد من علماء العالم الإسلاميّ داخل العراق، ما جاء -على سبيل المثال- بشأنِ أبي الوليد القرشيّ الدمشقيّ أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار أنّه سكن في بغداد وحدَث بها، وذكر أنّه مات ببغداد عام (246 هـ - 860 م) وقيل مات بسامراء عام (248 هـ - 862 م) (1) وما ورد بشأن يعقوب ابن إسحاق الحضرميّ أنّه كان بالبصرة ومات فيها سنة (211 هـ - 826 م) (2) ، وغيرهم آخرون سيتمُ ذكرهم لاحقاً.
  أمّا بالنسبة لرحلتِه نحو المدينة المنوّرة فهو أمرٌ لا يُمكن إنكارُه ولا يحتاج إلى دليل، فمِن الطبيعي أن يتوجّه عمر بن شبَة إلى مدينة رسول الله (ص) لأداء فريضة الحجّ، وقد حرص علماء المسلمين على استثمار فريضة الحجّ للالتقاء والتواصل العلميّ مع العلماء الوافدين من مختلف أنحاء العالم الإسلاميّ إلى مكّة والمدينة، فتنشط مجالس العلم والدرس والمناظرات، كما أنّ عمر بن شبَة ألَف في تاريخ المدينة ومكّة، فكان لا بُدَ له من الإلتقاء بعلمائهم وحادثتهم والأخذ منهم بما يعينه على تأليف كتابه.
  وكان توجّه عمر بن شبَة نحو بغداد وسامراء من أجل العيش والاستقرار فيهما، فهي ليست رحلة وإنمّا هجرة، إذْ ترك البصرة ولم يعُد إليها حتّى وفاته، وفي تاريخ نزوح عمر بن شبَة لبغداد ذكر ابن حَجَر العسقلاني رواية أكّد فيها أنّه توجّه للعيش في بغداد عند خراب البصرة (3) ، والمعروف أنّ خراب البصرة كان بسبب هجمات الزنج (255 - 270 هـ / 868 - 883 م) وأدّى ذلك إلى إلحاق الخراب والتدمير والقتل في

*************************************************
(1) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 4، ص 465 - 466 .
(2) ابن سعد، الطبقات الكبرى : ج 7، ص 304.
(3) تهذيب التهذيب : ج 7، ص 205 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 17 ـ

  أرجاء البصرة (1) ، كما هجرها العديد من العلماء (2)
  وفي روايةٍ أخرى أنَ عمر بن شبَة توجّه من بغداد إلى سامراء بعد الفتنة (3) ، وهنا لابُدَ من الوقوف على حادثة الفتنة وتاريخ وقوعها لنتمكّن من معرفة وقت إقامتِه في بغداد، ومن ثَمَ تحديد وقت ذهابه إلى سامراء.
  وما يجدر ذكره أنَ صفة (الفتنة) أطلقت على العديد من اأحداث التارييّة، وأشهرها ما وقع من خلاف بين الأمين والمأمون والحرب الأهليّة التي أسفرت عن قتل الأمين عام ( 198 هـ - 813 م ) (4) ، كما وصفت محنة خلق القرآن التي حدثت عام (218 هـ - 833 م) بالفتنة أيضاً، إذْ أمر المأمون العبّاسيّ بامتحان العلماء بخلق القرآن، فكانت يومها محنة كبيرة تعرّض لها العلماء (5) ، وجرى امتحان العلماء في خلق القرآن مرّةً أخرى عام (231 هـ - 845 م) ، أي في عهد الواثق، إذْ بعث بامتحان الأئمة والمؤذّنين بخلق القرآن، وكان قد سار على نهج أبيه (6) ، وورد التأكيد على وصف محنة خلق القرآن أيّام الواثق بالفتنة، فيما ذُكر عن العالم المصريّ يوسف بن يحيى البويطيّ (ت 232 هـ -

*************************************************
(1) ينظر : الطبريّ، تاريخ الأمم والملُوك (مراجعة وتصحيح وضبط نخبة من العلماء الأجلاء ، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات، بيروت - 1983 ) : ج 8، ص 73 ، الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 8، ص 448 ، ج 12 ، ص 138 ، الذهبيّ تذكرة الحفاظ : ج 2، ص 540 ، تاريخ الإسلام (تحقيق د . عمر عبد السلام تدمريّ، ط 1، دار الكتاب العربي، بيروت - 1987 ) : ج 19 ، ص 24
(2) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 22 ، ص 199 .
(3) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 11 ، ص 209 .
(4) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي (دار صادر، بيروت - د . ت ) : ج 2، ص 241 ، ابن الأثر، الكامل في التاريخ (تحقيق : عبد الله القاضي، ط 2، دار الكتب العلميّة، بيروت - 1415 هـ) : ج 5، ص 393 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 7، ص 195 ، الذهبيّ، العِبر : ج 1، ص 372 .
(6) الذهبيّ، العبر : ج 1، ص 408 ، اليافعيّ : مرآة الجنان وعِبرة اليقظان (دار الكتاب الإسلاميّ، القاهرة - 1993 ) : ج 2، ص 101.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 18 ـ

  846 م) الذي قيل عنه إنّه حمُل من مصر إلى العراق أيّام الفتنة والمحنة بالقرآن (فأرادوه على الفتنة فامتنع) (1) .
  وروي في أحداث عام (251 هـ - 865 م) ، أنْ هاجت الفتنةُ ووقعت الحرب بين أهل بغداد من جهةٍ والجند الأتراك الذين كانوا بسامراء من جهةٍ ثانية، فبايع مَن كان بسامراء منهم المعتز، وأقام من ببغداد على الوفاء ببيعة المستعين (2) .
  فتواريخُ الأحداث الوارد ذكرها أعلاه هي الأحداث المعاصرة لعمر بن شبَة، إلا أنّ بعضها لا يتلاءم مع ما ورد بشأن حياة عمر بن شبَة، فبالنسبة للفتنة بين المعتز والمستعين عام ( 250 هـ )، فإهّا بعيدةٌ ، أنَ عمر بن شبَة كان في سامراء قبل هذا التاريخ فقد امتحن بخلق القرآن في عهد الواثق، أي عام (231 هـ - 846 م) (3) ، وهذا يعني انه لم ينتقل من بغداد إلى سامراء بعد عام (231 هـ) ، لأنّه أصلاً كان موجوداً بسامراء آنذاك.
  وبالنّسبة للفتنة بين الأمين والمأمون عام (194 -198 هـ / 809 -813 م) فهذه بعيدةٌ كلَ البُعد ، أنَ سامراء لم يتمَ بناؤها آنذاك، وإنمّا اكتمل بناؤها عام (221 هـ - 835 م) (4) فكيف يكون ابن شبَة قد انتقل من بغداد إلى سامراء ؟ .
  ويبقى ما ورد في الفتنة الخاصّة بمحنة خلق القرآن عام (218 هـ - 833 م) ، فإنْ كان عمر بن شبَة قد غادر بغداد إلى سامراء بعدها فهذا يعني أنّ ذلك كان بعد عام (221 هـ) تزامناً مع بناء مدينة سامراء، ولم يكن ذلك في عام (218 هـ) تحديداً كما أدلى

*************************************************
(1) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 14 ، ص 305 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 7، ص 438 .
(3) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 209.
(4) ياقوت الحمويّ، معجم البلدان (قدم له : محمّد عبد الرحمن المرعشليّ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت - 2008) : ج 5، ص 11 ، الذهبيّ، تاريخ الإسلام : ج 16 ، ص 6 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 19 ـ

  أحد الباحثين بقوله : (استقرّ في سامراء، إذْ كان موجوداً فيها سنة 218 هـ ، وحتى عام 261 هـ) (1) .
  وإن كان قد انتقل للعيش في سامراء بعد عام (221 هـ) فهذا يعني أنّه قبل ذلك كان في بغداد، وهذا القول يفند رواية ابن حَجَر العسقلاني في أنّ عمر بن شبَة كان قد غادر البصرة بعد خرابها، أي بعد عام (257 هـ / 870 م) وهو تاريخ خراب البصرة على يد الزنج كما أسلفنا، إذْ لم يرد وقوع خراب البصرة في مطلع القرن الثاني الهجريّ، فلو كان ابن شبَة بالبصرة لغاية عام (257 هـ) فمتى ذهب إلى بغداد وعاش بها ؟ ثمَ متى رحل إلى سامراء ؟ وكيف يكون قد امتُحن بخلق القرآن في سامراء أيّام الواثق عام (231 هـ) ؟
  وقد ورد أنّ ابن شبَة كان على صِلةٍ بالحسن بن مخلّد الذي كان كاتباً لضِياع المتوكل عام (243 هـ - 857 م) في سامراء (2)
  ونخلُص إلى القول إنّ عمر بن شبَة كان موجوداً في بغداد لغاية عام (220 هـ - 835 م) وربمّا كان قدومه من البصرة إلى بغداد بعد عام (204 هـ - 819 م) ، أي بعد قدوم المأمون إلى بغداد من خراسان، إذْ شهد عهده تطوّراً ملحوظاً في الحركةِ الفكريّة وأبدى رعايةً للعلماء، واحتضن العديد منهم (3) .
  وخلال إقامة عمر بن شبَة في بغداد إلتقى بعددٍ من العلماء، سواء كانوا من أهل بغداد أم من الوافدينَ إليها الذين حدَثوا بها، نذكرُ منهم :
  1 ـ أبو خالد يزيد بن هارون السّلميّ (ت 206 هـ - 821 م) ، المحدث الثَبْت من

*************************************************
(1) العبيديّ، عمر بن شبَة ومكانته في كتابة التاريخ : ص 23.
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 7، ص 381 ، ابن الأثير، الكامل : ج 6، ص 128 .
(3) ابن طيفور : بغداد في تاريخ الخلافة العبّاسية (القاهرة - 1968) : ص 30

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 20 ـ

  أهل واسط، قدِم بغداد، وحدَث بها، ثُمَ عاد إلى واسط فمات بها (1) .
  2 ـ أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفيّ (ت 218 هـ - 833 م) ، أحد شيوخ عمر بن شبَة، قال عنه ابن سعد : كان ثقةً، مأموناً، كثيرَ الحديث (2) ، قدِم بغداد، ونُصب له كرسيٌ فجلس عليه ليحدث، وعاد للكوفة فمات بها (3) .
  3 ـ أبو أيوب سليمان بن داود الهاشميّ (ت 219 هـ - 834 م) ،محدثٌ، نَقَلَ الخطيب البغداديّ توثيقَه، وكان يسكُن بغداد (4) .
  4 ـ أبو خيثمة زهر بن حرب (ت 234 هـ - 848 م) ، من أهل نسا، قدم بغداد وتوفيّ بها، وُصِفَ بأنّه كان ثقةً ثَبْتاً (5) ، وقيل : كان متقِناً ضابطاً (6) .
  5 ـ أبو بشر حيان بن بشر القاضي الأسديّ (ت 237 أو 238 هـ / 851 - 852 م) ، فقيهٌ ومحدث لا بأس به، وكان من كبار أصحاب الرأي، قدِم بغداد وتولىّ قضاء الشرقيّة في عهد المتوكّل (7) .
  6 ـ أبو حسان الزياديّ الحسن بن عثمان بن مخلّد (ت 242 هـ - 856 م) . أحد العلماء

*************************************************
(1) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 14 ، ص 338 - 339 ، 342 ، 347 .
(2) ابن سعد، الطبقات : ج 6، ص 400 - 401 ، الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 12 ، 348 ، 352.
(3) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 12 ، ص 346 .
(4) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 9، ص 32 - 33 .
(5) ابن سعد، الطبقات : ج 7، ص 354 .
(6) ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 8، ص 256 - 257 ، ابن حَجَر العسقلاني، تقريب : ج 1، ص 315 .
(7) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 8، ص 279 - 280 ، الذهبيّ : تاريخ الإسلام : ج 17 ، ص 147 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 21 ـ

  الأفاضل من أهل المعرفة والثّقة والأمانة، كانت له معرفةٌ بأيّام النّاس (1) .
  وأخذ عمر بن شبَة عن عددٍ آخر من علماء بغداد (2)
  وفي سامراء التقى عمر بن شبَة بأبي بكر أحمد بن معاوية الباهليّ البصريّ، سكن سامراء وحدَث بها، وكان صاحب أخبارٍ وروايةٍ للآداب، وقيل عنه لم يكن به بأس، وقد وردَ تأكيدُ روايةِ عمر بن شبَة عنه (3) ، كما تتلمذ على يد أبي علي الحسن بن عرفة بن يزيد العبديّ (ت 257 هـ - 870 م) (4) .

ثالثاً : آراءُ العُلماء فيه

  برع عمر بن شبَة في أكثر من علمٍ وفَنٍ، فقد كان شاعراً وأديباً (5) ، وعالماً بالسيّر والمغازي وأيّام النّاس (6) ، ومحدثاً فقيهاً، عُرف بالحافظ العلاّمة الأخباريّ الثقة (7) ، كما وصف بالنحويّ الأخباريّ (8) ، وأطلق عليه الذهبيُ لقب (احُجّة) (9) ، وقيل عنه : (كان أبو زيد راويةً للأخبار، عالماً بالآثار، أديباً فقيهاً صدوقاً) (10) .

*************************************************
(1) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 7، ص 368 ، 369 ، 372.
(2) ينظر : الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 208 ، المزّيّ، تهذيب الكمال : ج 21 ، ص 386 - 389 ، الذهبيّ، سير أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 370 ، السخاويّ : التّحفة اللّطيفة في تاريخ المدينة الشريفة (ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت - 1993 ) : ج 2، ص 85 .
(3) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 5، ص 370 - 371 .
(4) الخطيب البغداديّ، المصدر نفسه : ج 7، ص 406 .
(5) ابن النديم، الفهرست : ص 125 .
(6) الذهبي ّ: تذكرة الحفاظ : ج 2 ، 517 .
(7) الذهبيّ، العبر : ج 2، ص 31 ، ابن العماد الحنبليّ، شذرات الذهب : ج 2، ص 146 .
(8) المزيّ، تهذيب الكمال : ج 21 ، ص 386 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 7، ص 404 .
(9) سير أعلام النبلاء : ج 12 ، ص 369 .
(10) ياقوت الحمويّ، معجم الأدباء : ج 4، ص 465 ، السيوطيّ : بغية الوعاة : ج 2، ص 219 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 22 ـ

  وقد أثنى عليه امرزبايُ بقوله : (أديبٌ، فقيهٌ، واسعُ الرواية، صدوقٌ، ثِقةٌ) (1) .
  واتّفق على توثيقه علماء الجرح والتعديل (2) ، وأدى ابن حَجَر العسقلاني في وصفه بأنّه كان (أكثر النّاس حديثاً وخيراً، وكان صدوقاً ذكيّاً) (3) ، ويظهر أنّه كان عالماً بالتفسير أيضاً (4) .

رابعاً : مذهبُهُ


  من خلال متابعة سيرة عمر بن شبَة تبينَ لنا أمران يتعلّقان بمذهبِه، فقد جاء ضمن الحديث عن تشيّع الشاعر السيّد الحميريّ (5) وحبَه الكبير للإمام علي بن أبي طالب (ع)

*************************************************
(1) ذكر ابن حَجَر العسقلاني أنّ المرزباني قال ذلك في معجم الشعراء . ينظر : تهذيب، ج 7، ص 405 ، وما يجدر ذكره أنّ ترجمة عمر بن شبَة ضمن الأجزاء المفقودة من كتاب المرزبانيّ، معجم الشعراء .
(2) ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل : ج 6، ص 116 ، ابن حِبّان البستيّ، الثّقات : ج 8، ص 446 ، الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 210 ، ابن الجوزيّ، المنتظم : ج 3، ص 468 ، النوويّ : تهذيب الأسماء واللُغات (تحقيق : مكتب البحوث والدراسات، ط 1، دار الفكر، بيروت - 1996 ) : ج 2، ص 335 ، الذهبيّ : الكاشف في معرفة مَن له رواية : ج 2، ص 63 ، ابن حَجَر العسقلاني، تهذيب : ج 7، ص 405 ، تقريب : ج 1، ص 719 ، الخزرجيّ الأنصاريّ، خلاصة تذهيب : ص 2.
(3) تهذيب : ج 7، ص 4 .
(4) تمَ الاعتماد على أقواله في تفسير العديد من الآيات القرآنيّة وتوضيح أسباب النزول. ينظر على سبيل المثال، الطبريّ : جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تقديم الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج : صدقي جميل العطّار، بيروت - 1995 ) : ج 3، ص 156 ، ج 15 ، ص 182 ، ج 29 ص 51 ، ابن أبي حاتم : تفسير القرآن العظيم (تحقيق : أسعد حمّد الطبيب، دار الفكر، بيروت - د. ت) : ج 1، ص 226 ، ج 4، ص 1160 ، 1333 ، ج 5 ، ص 1449 ، 1566 ، ج 7 ، ص 2228 ، ج 10 ، ص 2337 .
(5) السيّد الحميريّ هو إسماعيل بن محمّد بن يزيد بن ربيعة بن مُفرغ الحميريّ، ويكنّى أبا هاشم ، والسّيّد لقبٌ أُطلِق عليه لذكائِه، إذْ قيلَ إنّه سيكونُ سيّداً فعلِق هذا اللّقب به، وقيل أيضاً أنّ الإمام الصادق (ع) هو الذي أطلق عليه هذا اللّقب قائلاً : (سمّتك أمُك سيّداً ووفقت في ذلك، أنت.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 23 ـ

  ما يدُلُ على تشيّع عمر بن شبَة هو الآخر، أو على أقل تقديرٍ ما يشير إلى ميوله العلويّة، إذْ روى ابنُ شبَة نفسُهُ أنّه أتى شيخه أبا عبيدة مَعمر بن المثنّى التيميّ (1) (ت 209 أو 210 هـ / 824 - 825 م) فوجد عنده رجلاً من بني هاشم كان يقرأ عليه كتاباً، فلماّ رأى ذلك الرجلُ ابنَ شبَة صمت وأطبق الكتاب، فقال له أبو عبيدة : إنّ أبا زيدٍ ليس ممّن يحُتَشَمُ منه فاقرأ ... فاطمئنّ الرجلُ الهاشميُ وأكملَ القِراءةَ، فإذا هو يقرأ أبياتاً شعريّةً للسيّد الحميريّ، فجعل أبو عبيدةَ يستحسنُ ذلك الكتاب، وكانَ يرويه (2)
  فالروايةُ كما يبدو تكشفُ عن تشيّع عمر بن شبَة، وإنّ ذلك الأمر كان بشكلٍ سرّيٍ خوفاً من ملاحقة السّلطة وبطشها. وفي روايةٍ أخرى بصددِ امتحان عمر بن شبَة في أيّام الواثق وتكفيره فإنَه عوقب فلزِم بيتَه، وورد عن أحد تلامذة ابن شبَة أنّ شيخه - ابن شبَة - كان قد أنشد قصيدةً نظمها في محنتِه جاء فيها قوله (3) :
لـمّا رأيـتُ الـعِلم ولـىّ iiودثر      وقـام بـالجهل خـطيبٌ iiفـهمر
لـزِمتُ بـيتي مُـعلناً iiومُـستتر      مـخاطباً خـير الورى لمن iiغَبر
أعني النبيَ المصطفى على البَشر      والـثاني الـصدِّيق والتالي iiعمر

*************************************************
سيّد الشعراء) ولد سنة 105 هـ، وتوفي سنة 173 هـ، كان بارعاً في الشعر . ينظر : المرزبانيّ : أخبار السيّد الحميريّ (تحقيق : محمّد هادي الأمين، النجف - 1965 ) : ص 19 ، القمّيّ : الكنى والألقاب (مكتبة الصدر، طهران - د. ت) : ج 2، ص 334 .
(1) أبو عبيدة معمر بن المثنّى التيميّ، تيم قريش مولى لهم كان عالماً بأبيات العرب وأخبارها، له العديد من المصنّفات. ينظر، الزبيديّ، طبقات النحوين واللّغوين (تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم، ط 2، دار المعارف، مصر - 1973) : ص 175.
(2) ينظر : أبو الفرج الأصفهايّ، الأغاني (تحقيق : علي مهنا وسمير جابر، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت - د. ت) : ج 7، ص 255 ، الأمين، السيّد محسن : أعيان الشيعة (تحقيق : حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت - د. ت) : ج 3 ، 407 .
(3) الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 11 ، ص 209

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 24 ـ

  إنَ الأبيات أعلاه تشير إلى أنَ عمر بن شبَة كان على مذهب أهل السُنّة، كما أنَ علماء الجرح والتعديل وكتّاب التراجم لم يشيروا خلال ترجمتِهم له بأنّه كان شيعيّاً، أو له ميولٌ علويّةٌ على الرغم من اهتامه بنقل أخبار الإمام علي (ع) ووقائع الجمل بالتفصيل ، وأوردَ معلوماتٍ لم يتجرّأ على ذكرها أغلب رواة الأخبار، كقول الرسول (ص) : (لن يُفلِحَ قومٌ تملِكُهُم امرأةٌ) (1) ، وقول زيد بن صوحان (2) : (رحِمَ اللهُ أمَ المؤمنين أُمِرت أن تلتزمَ بيتها، وأُمِرنَا أن نقاتلَ، فتركَت ما أُمِرَت به وأمرتنا به، وصنعت ما أُمرنا به ونهتْنَا عنه) (3) ، وعن نكثِ طلحةَ والزيبر البيعة للإمام علي (ع) ، وتذكيرِ الإمامِ عليٍ الزبير بحديث رسول الله (ص) : (لتقاتِلَنَهُ وأنتَ له ظالمٌ) (4) ، فضلا عن إيرادِه أخباراً عن الهجوم على دار السيّدة فاطمة الزهراء (ع) ، وإجبار الإمام عليٍ (ع) تقديم البيعة لأبي بكر (5) ، وقضيّة مطالبة الزهراء (ع) بميراثِها (6) ، وورد أنّه صنّف كتاباً عن صفين والنّهروان (7) ،

*************************************************
(1) ابن حَجَر العسقلاني : فتح الباري (ط 2، دار امعرفة للطباعة والنشر، بيروت - د. ت) : ج 13 ، ص 47.
(2) أبو سليمان زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس، قال عنه رسول الله (ص) : (تقطع يده في سبيل الله، ثمّ يُتبِعُ الله آخرَ جسدِه بأوّلِه) ، فقطعت يدُه يوم جلولاء، وقُتل يوم الجمل . ابن سعد ، الطبقات : ج 6، ص 123.
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 492 .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 524 .
(5) ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة (تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية ، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه - 1962 ) : ج 2، ص 47 ، الشيرازيّ، محمّد طاهر القُمّي : كتاب الأربعين (تحقيق : السيّد مهدي الرجائي، ط 1، مطبعة أمير - 1418 ) : ص 150 _ 151 .
(6) ينظر ابن شبَة النُميَرْيّ، عمر بن شبَة : تاريخ المدينة المنورة (تحقيق : فهيم شلتوت، مطبعة القدس، قم - 1410 ) : ج 1، ص 210 ـ 211.
(7) ابن عبد البرَ النُميَرْيّ، التمهيد (تحقيق : مصطفى بن أحمد العلويّ، ومحمّد عبد الكبير البكريّ، ط 1، مطبعة المغرب - 1387 ) : ج 23 ، ص 335 .