(اليوم الرابع)

مقتل المتوكل العباسي
  في ليلة ( 4 شوال المكرم ) سنة ( 274 هـ ) ، كان مقتل المتوكل العباسي ، بأمر ابنه محمد المنتصر بالله . وكانت مدة خلافته 14 سنة وعشرة اشهر وثلاثة ايام ، وعمره 41 سنة .

سيرته وسبب مقتله
  كان التوكل العباسي كلفاً يشرب الخمر والغناء واللهو والطرب ، كان مجلس الخلافة لا يخلو ليلة من تلك الفضائح والفجائع ، وكان اللعين شديد البغض لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ولإهل بيته ، شديد الوطأة على آل أبي طالب وشديد الغيض والحقد عليهم ، ولو سمع احداً يتولى علياً واهل بيته بأمر ياخذ ماله والهدم .
  وكان يسهزئ بعلي ( عليه السلام ) ويسخر منه ، وكان من جلة ندمائه ( عبادة المخنث ) ، وكان يحضره في الطرب ، ويشد على بطنه تحت ثيابه مخدة ويكشف رأسه وهو أصلع ، ويرقص بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون :
قد أقبل الأصلع البطين        خـليفة  iiلـلمسلمين
  ويحكي بذلك علياً ( عليه السلام ) ، والمتوكل يشرب ويضحك ، فعل ذلك يوماً والمنتصر ابنه حاضراً ، فأومأ الى عبادة يتهدده ، فسكت خوفاً منه ، فقال المتوكل : ما حالك ؟ ، فأخبره . فقال المنتصر : يا أمير المؤمنين ، ان الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه هو ابن عمك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك ، فكل لحمة انت ما شئت ولا تطعم هذا الكلب وامثاله منه .
  فقال المتوكل للمغنين غنواً جميعاً .
غـار الفتى لابن iiعمه        رأسا الفتى في حر أمه
  فهذا احد الاسباب التي استحل به المنتصر قتل المتوكل .
  أستعمل على المدينة ومكة عمرو بن الفرج الرجحي ، وتقدم إليه بالاسائة الى آل أبي طالب ، ومنهم الناس من برهم ، ولا يبلغه احداً براً أحدا منهم بشيئ وان قل الا أذاقه عقوبته .
  واشتد الفقر والفاقه بآل علي ( عليه السلام ) والعلويات حتى لم يبق لهن الا قميص واحد يكون بين الجماعة والعلويات يصلين فيه واحدة بعدة واحدة ، ثم ينزعه ويجلس لى مغازلهن عواري حواسر الى أن اقتل المتوكل ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم ، ووجه بمال وفرقة فيهم .
  أن النتصر بالله سمع أباه يشتم فاطمة ( عليه السلام ) ، فسأل رجلاً من الناس عن ذلك ، فقال له : قد وجبة عليه القتل ، الا انه من قتل اباه لم يطل عمره ، قال :
  ما ابالي اذ أطعت الله بقتله ان لا يطول لي عمر ، فقتله وعاش سبعة اشهر .

دعاء الإمام الهادي ( عليه السلام ) عليه
  وروى زرافة حاجب المتوكل ـ وكان شيعياً ، قال : كان المتوكل ولحظوة الفتح بن خاقان عنده وقربه منه دون الناس جميعاً ودون ولده وأهله ، أراد أن يبين موضعه عنده ، فأمر جميع مملكته من الاشراف من أهله وغيرهم ، والوزراء والامراء والقواد وسائر العساكر ووجوه الناس أن يزينوا بأحسن التزيين ويظهروا في أفخر عددهم وذخائرهم ، ويخرجوا مشاة بين يديه ، وأن لا يركب احدا الاهو والفتح بين خاقان خاصة بسر من رأى ، وأخرجوا في جملة الاشراف أبا الحسن علي بن محمد ( عليه السلام ) ، وشق عليه ما لقيه من الحّر والزحمة .
  قال زرافة : فأقبلت إليه وقلت له : ياسيدي يعز والله علي ما تلغى من هذه الطغاة وما قد تكلفته من المشقة ، وأخذت بيديه ، فتوكأ علي وقال : يا زرافة ما ناقة صالح عند الله بأكرم مني ، أو قال : بأعظم قدر مني ، ولم ازل اسئله واستفيد منه واحادثه الى أن نزل المتوكل من الركوب وأمر الناس بالانصراف . . .
   وانصرفت إلى داري ، ولولدي مؤدب يتشيع من اهل العلم والفضل . . . وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد ( عليهما السلام ) وما سمعته من قوله : ( ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدراً مني ) ، وكان المؤدب يأكل معي ، فرفع يده فقال لي : بالله أنك سمعت هذا اللفظ منه ؟ فقلت له : والله إني سمعته يقول ، فقال لي : إعلم ان المتوكل لا يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام ، ويهلك ، فقلت من أين لك ذلك ؟ فذالك ؟ فقال : اما قرأت القرآن في قصة صالح والناقة ، وقوله تعالى : ( تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ) ، ولا يجوز أن تبطل في قول الإمام .
  قال زرافة : فو الله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغا ووصيف والأتراك على المتوكل فقتلوه وقطعوه والفتح بن خاقان جميعاً حتى لم يعرف أحدهما من الآخر .