( اليوم الخامس عشر )

غزوة أحد وشهادة الحمزة
  في اليوم ( 15 شوال المكرم ) سنة ( 3 هـ ) ، كانت وقعة أحد بين المسلمين والمشركين ، وقيل : في 7 شوال ، وقيل : في 17 شوال ، والاول هو الارجح .
  وكان غزوة أحد أن قريش لما رجعت من بدر الى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والاسر ، لانه قتل منهم سبعون ، وأسر منهم سبعون ، فلما رجعوا الى مكة قال ابو سفيان : يا معشر قريش لا تدعوا النساء تبكي على قتلاكم ، فأن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ويشمت بنا أصحاب محمد . . . فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، واخرج أبو سفيان هند بت عتبة ، وخرجت معهم عمرة بنت علقمة الحارثية .
  فلما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أن قريشاً تجمعت تريد المدينة ، وحث أصحابه وأخبروهم أن قريشاً تجمعت تريد المدينة ، وحث أصحابه على الجهاد والخروج ، فقال عبد الله بن اُبي وقوم :
  يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزاقتها ، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والامة على أفواه السكك وعلى السطوح ، فلما أردنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا ، وما خرجنا الا أعدائنا قط إلا كان الضفر لهم علينا .
  فقام سعد بن معاذ وغيره من الاوس ، فقالوا : يا رسول الله ما طمع فينا احد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام ، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا ، لا حتى نخرج إليهم فنقاتلهم ، فمن قتل فينا كان شهيداً ، ومن نجا فينا جاهد في سبيل الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله .
  ولم يزل الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلبس لامته . . . ثم خرج عليهم ، وقد قدموا الناس وقالوا : استكرهنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يكن لنا ذلك ، فأن شئت فأعقد ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما ينبغي النبي اذا لبسة لامته أن يضعها حتى يقاتل .
  وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع نفر من أصحابه يتبوؤن موضع للقتال ، وقعد عنه عبد عبد الله بن اُبي سلول وجماعة من الخزرج إتبعوا رأيه .
  ووافت قريش أحد ـ وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عبأ أصحابه ، وكانوا 700 رجل ـ ووضع عبد الله بن جبير في 50 من الرماة على باب الشعب ، وأشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان ، فقال لعبد الله بن جبير وأصحابه : أن رأيتمونا قد هزمناهم حتى ادخلناهم مكة فلا تربحوا من هذا المكان ، وأن رأيتمونا هزمنا حتى أدخلونا الى المدينة فلا تربحوا والزموا مراكزكم .
  ووضع أبو سفيان الخالد بن الوليد في مائتي فرس كمينا ـ وقال : اذا رأيتونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا ورائهم . وعبأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أصحابه ، ودفع الراية الى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحمل الأنصار على مشركي قريش هزيمة قبيحة ، ووقع أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سوادهم . .
  ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينتهبون سواد القوم ، فقالو لعبد لله بن جبير : قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة ، فقالو لهم : أتقوا الله فان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد تقدم ألينا الا أن نبرح ، فلم يقبلوا منه ، وأقبلوا ينسل رجل فرجل حتى أخلو مراكزهم ، وبقي عبد الله بن جبير في اثني وعشر رجلاًَ .
  وكانت راية قريش مع طلحة العبدري ـ من بني عبد الدار ، فقتله علي ( عليه السلام ) وأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية ، . . . حتى قتل . . . تسعة نفر منة بني عبد الدار ، حتى صار لوائهم الى عبد لهم أسود . . فأنتهى إليه علي فقطع يده اليمنى ، فأخذ اللواء باليسرى ، فضرب يسراه فقطعها . . . فضربه على رأسه فقتله ، وسقط اللواء ، فأخذتها عمر بنت علقمة الكنانية فرفعتها .
  وانحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وقد أصحاب وبقي في نفر قليل ، فقتلهم على باب الشعب ، ثم أتى المسلمين من أدبارهم . . . وأنهزم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هزيمة عظيمة ، وأقبلوا يصعدون الجبال وفي كل وجه .

استشهاد الحمزة ( عليه السلام )
  وكان حمزة يحمل على القوم ، فإذا رأوه إنهزموا ولم يثبت له أحد ، وكانت هند بنت عتبة عليها اللعنة قد أعطت وحشياً عهداً لئن قتلت محمداً أو علياً أو حمزة لأعطينك رضاك ، وكان وحشي عبداَ لجبير بن مطعم حبشياً ، فقال وحشي : أما محمد فلا أقدر عليه ، فأما علي فرأيته رجلاً حذراً كثير الألتفات فلم أطمع فيه ، فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هداً ، فمر بي فوطئ على جرف نهر ، فسقط فأخذت حربتي فهززتها ورميتها فوقعت في خاصرته من مثانته ، فسقط فأتيته فشققت بطنه ، فأخذة كبدة ، وجئت بها إلى هند . . فأخذتها في فمها فلاكتها ، فجعلها الله فيها من الداغصة ، فلفظتها ورمت بها ، فبعث الله ملكاَ فحمله فرده إلى بدنه .
  قال ابو عبد الله ( عليه السلام ) : أبى الله أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار .
  فجائت إليه فقطعت مذاكيره ، وقطعت أذنيه ، وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها ، وقطعت يديه ورجليه .

موقف نسيبة بنت كعب في أحد وثباتها
  كانت نسيبة بنت كعب المازنية ممن ثبت في أحد ، وبقية مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  . . ، وكان أبنها معها ، فأراد أن ينهزم ويتراجع ، فحملت عليه فقالت : يا بني الى أين تفر ؟ عن الله ورسوله ؟ فردته فحمل علينه رجلاً فقلته ، فأخذت سيف أبنها ، فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( بارك الله عليك يا نسيبة ) .
  وكانت تقي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ضهره وهو في الهزيمة ، فناداه : ( يا صاحب الترس ألق ترسك ومر إلى النار ) فرمى بترسه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا نسيبة خذي الترس ، فأخذت الترس ، وكانت تقاتل المشركين . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لمقام نسيبه أفضل من مقام فلان وفلان وفلان ) .