الاحداث التاريخية
( شهر شوال )

عيد الفطر
  أول يوم من شوال ، هو يوم عيد الفطر .
  قال المفيد : وإنما كان عيداً للمؤمنين بمسرتهم بقبول أعمالهم ، وتكفير سيئاتهم ، ومغفرة ذنوبهم ، وما جائتهم من البشارة من عند ربهم ـ جل اسمه ـ من عظيم الثواب لهم على صيامهم ، وقربهم واجتهادهم .
  وفي هذا اليوم غسل ، وهو علامة التطهير من الذنوب ، والتوجه لله تعالى في طلب الحوائج ، ومسألة القبول .
  ومن السنة فيه الطيب ، ولبس أجمل الثياب ، والخروج الى الصحراء ، والبروز الى للصلاة تحت السماء .
  ويستحب أن يتناول الانسان فيه شيئاً من المأكول قبل التوجه الى الصلاة ، وأفضل ذلك السكر ، ويستحب تناول شيئ من تربة الحسين ( عليه السلام ) ، فأن فيه شفاء من كل داء ، ويكون مما يأخذ مبلغاً يسيراً .
  ويسمى هذا اليوم بيوم الرحمة ، ويستحب في زيارة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ، وكذا في ليلته .
  وفي عجائب المخلوقات قال : ليوم عيد الفطر : ( يوم الرحمة ) اذا اوحى الله تعالى فيه الى النحل صنع العسل ، فبين سبحانه أن النحل أعظم إعتبار ، وهو حيوان فهيم ذو كيس وشجاعة ، ونضرة في العواقب ، ومعرفه بفصول السنة ، وأوقات المطر ، وتدبير المراتع والمطاعم ، والطاعة الكبيرة ، والاستطانة لاميره وقائده ، وبديع الصنعة ، وعجيب الفطرة .

إستحباب زيارة الحسين ( عليه السلام )
  ويستحب زيارة الحسين ( عليه السلام ) في ليلة الفطر ، وروي في ذلك فضل كبير .
  فعت أن عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال : من زار الحسين ( عليه السلام ) في ليلة من ثلاث غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقيل : أي الليالي جعلت فداك ؟ قال : ليلة الفطر ، أو ليلة الاضحى ، أو ليلة النصف من شعبان .

هلاك عمرو بن العاص
  وفي اليوم ( 1 شوال المكرم ) سنة ( 41 هـ ) ، ( وقيل : 43 هـ ) أهلك الله تعالى أحد فراعنة هذه الامة عمرو بن العاص ، وعمره 90 سنة . أبو العاص بن وائل السهمي ، وهو الأبتر بنص الذكر الحميد ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر ) ، وعليه اغلب اقوال المفسرين .
  روي أن اباه العاص بن وائل اذا ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : دعوه فأنما هو رجل ابتر لا عقب له ، لو قد مات لانقطع ذكره وأسترحتم منه ، فأنزل الله ( عز وجل ) في ذلك : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر ) .
  وقيل : أن عمرواً قال ذلك أيضاً رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  فقد روي إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دخل المسجد وفيه عمرو بن العاص ، والحكم بن أبي العاص ، فقال عمرو : يا أبا الأبتر ـ وكان الرجل في الجاهلية واذ لم يكن له ولد سمي أبتر ـ ثم قال عمرو : لأشنأ محمداً ـ أي أبعضه ـ فأنزل الله على رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) أي مبغضك عمرو بن العاص هو الابتر ، أي لا دين له ولا نسب . ولذلك سماه أمير المؤنين ( عليه السلام ) : الأبتر بن الأبتر ، وذلك في كتاب منه ( عليه السلام ) اليه ، قال : من عبد الله علي أمي ر المؤمنين ( عليه السلام ) : الأبتر بن الأبتر عمرو بون العاص بن وائل ، شانئ محمد في الجاهلية والاسلام . . وقوله ( عليه السلام ) يخاطب اهل الكوفة : أما بعد ، فقد بلغني أن عمرو بن العاص بن الأبتر بن لأبتر بايع معاوية على الطلب بهدم عثمان وحضهم عليه .
  أما أمه : فهي النابغة ، فقد كانت أمة لرجل من عنزة ، فسبيت فاشتراها عبد الله بن جدعان التيمي بمكة ، بن خلف الجمحي ، وهشام بن المغيرة المخزومي ، وأبو سفيان بن حرب ، والعاص بن وائل السهمي في طهر واحد ، فولدت عمراً ، فادعاه كلهم ، فحكمت فيه امه فقالت : هو من العاص بن الوائل ، وذلك لأن العاص بن وائل كان ينفق عليها كثيراً . وهو الذي أشار على معاوية برفع المصاحف لما رأى انكسار أهل الشام وهزيمتهم امام جيش أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان من امر الحكمين ما كان .
  وأشهر ما ذكره المؤرخون حوله في صفين هو ابداؤه لعروته أمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حينما أراد قتله .

مرض عمرو بن العاص وموته
  روي عبد الله بن العباس قال : دخلت على عمرو بن العاص وقد اختصر فقلت : يا أبا عبد الله ، كنت تقول لا: اشتهي أن أرى عاقلاً يموت حتى أسأله كيف تجد ؟ قال : أجد السماء كأنها على الارض وأنا بينهما ، وأراني كأنهما اتنفس من خرق إبرة . . .
  وروي أن ابن العباس دخل على عمرو بن العاص في مرضه ، فسلم عليه ، فقال : كيف أًصبحت يا أبا عبد الله ؟ قال : أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلاً ، وأفسدت من ديني كثيراً ، فلو كانت هو الذي أصلحت هو الذي أفسدت ، والذي أفسدت هو الذي أصلحت ، لفزت ولو كان ينفعني أن أطلب لطلبت ، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت ، فقد صرت كالمنخنق بين السماء والارض .
  وذكر اليعقوبي قال : ولما حضرت عمراً الوفاة قال لابنه : لود أبوك أنه كان مات في غزاة ذات السلاسل ، إني قد دخلت في أمور لا أدري ما حجتني عند الله فيها ، ثم نظر الى ماله فرأى كثرته ، فقال : يا ليته كان بعراً ، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة ، أصلحت لمعاوية دنياه ، وأفسدت ديني . . . كأني بمعاوية قد حوى مالي وأساء فيكم خلافتي .
  ثم مات عمرو ليلية الفطر . . فأقر معاوية ابنه عبد الله بن عمرو ، ثم إستصفى مال عمرو عامل ، ولم يكن يموت لمعاوية عامل الا شاطر ورثته ماله . . .

غزوة قرقرة الكدر
  وفي اليوم ( 1 شوال المكرم ) سنة ( 2هـ ) ، غزوة قرقرة الكدر ، وقيل النصف من محرم .
  وهو موضع بناحية معدن بني سليم قريب من الأرحضية ، وراء سد معونة ، وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد .
  وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بلغه أن بهذا الموضع جمعاً من سليم وغطفان ، فسار اليهم فلم يجد احداً ، وأرسل نفراً من اصحابه في أعلى الوادي ، واستقبلهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بطن الوادي ، فوجد رعاء فيهم غلام يسمى يسار ، فسأله عن الناس فقال لا : لا علم لي بهم ، إنما أورد لخمس ، وهذا يوم ربعي ، والناس قد ارتفعوا الى المياه ، ونحنُ عزاب في النعم ، فإنصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد ضفر بالنعم ، فإنحدر به الى المدينة ، وكانت النعم خمسمائة بعير ، فأخرج خمسة وقسم أربعة أخماس على المسلمين ، فأصاب كل رجل منهم بعيران ، وكانت مائتي رجل ، وصار يسار في سهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فاعتقه ، وذلك أنه راه يصلي . . .
  وكان الذي حمل لواه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .