( تتمة محرم الحرام )

كتابة الصحيفة الملعونة
  في هذا الشهر كتب المنافقون الصحيفة الملعونة الثانية ، والتي تعاقدوا عليها في الكعبة : ( إن قتل الله محمداً أومات لتزون هذا الأمر عن أهل البيت ) وكان هذا أساس الظلم لأهل بيت العصمة والطهارة ، ومقدمة لاغتصاب الخلافة وأخذ البيعة ، حيث قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب الا يوم قتل الحسين ( عليه السلام ) ، وهكذا كان في أسبق علم الله( عز وجل ) الذي أعلمه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين ( عليه السلام ) وخرج الملك من بني هاشم ، فقد كان ذلك كله .

وفاة مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
  وفيه سنة ( 15 هـ أو 16 هـ ) توفيت ماية القطبية أحد أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأم ولده إبراهيم عليه السلام .
  وكان قد أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية هي وأختها شرين مع غلام اسمه مابور ، وبغله يقال لها : الدلدل .
  وكانت مارية بيضاء جميلة ، فأنزلها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في العالية : مشربه أم أبراهيم وكان يختلف إليها هناك . . . فحملت منه هناك في ذي الحجة سنة ثمان .
  وعن عائشة قالت : ما غرت على امرأة إلا دون ماغرت على مارية ، وذلك انها كانت جميلة جعدة فأعجب بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . .

وفاة أبي قحافة
  وفيه سنة ( 14 هـ ) ، مات أبو قحافة عثمان بن عامر التميمي ، والد أبي بكر ، وعمره 67 وقيل 99 سنة .
  كان اجيراً لعبد الله بن جدعان على مائدة يطرد بها الذبان ، وقيل : كان منادياً على مائدته وأجرته أربعة دوانيق .
  أسلم يوم فتح مكة ، أتى به الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أخضبوا لحيته .
  وروى أنه لما قبض رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قال : أمر جليل فمن ولي بعده قالوا : ابنك ، قال : فهل رضيت بذالك بنو عبد مناف وبنو المغيرة ؟ قال : نعم ، قال اللهم لا واضع لما رفعت ، ولا رافع لما وضعت .
  وعاش بعد ابنه أبو بكر وورثه ، وهو أول من ورث خليفة في الأسلام .

هلاك هند بنت عتبة
  وفي هذا الشهر سنة ( 14 هـ ) ( وفي اليوم الذي مات فيه أبو قحافة ) هلكت هند بنت عتبة ، اكلة الأكباد ، أم معاوية بنت أبي سفيان .
  وكانت هند تذكر في مكة بفجور وعهر . وكان معاوية يعزى الى أربعة :
  إلى مسافر بن أبي عمرو ، وإلى عمارة بن الوليد ، وإلى العباس بن عبد المطلب ، وإلى الصباح ( مغن كان لعمارة بن الوليد ) وقد كان أبو سفيان دميماً قصيراً ، وكان الصباح عسيفاً لأبي سفيان ، شاباً وسيماً ، فدعته هند الى نفسها فغشيها .
  وقالوا : إن غتبة أبي سفيان من الصباح أيضاً ، وقالوا : إنها كرهت أن تدعها في منزلها ، فخرجت الى أجياد فوضعته هناك . وفي هذا المعنى يقول حسان أيام المهاجاة قبل عام الفتح :
لـمن الصبي بجانب البطحاء        في الترب ملقى غير ذي مهد
  وذكر هشام بن محمد الكلبي في كتاب المثالب قال : كانت هند من المغيلمات ، وكانت تميل إلى السودان من الرجال ، فكانت إذا ولدت ولداً أسود قتلته .
  وقال الشعبي : وقد أشار رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى هند يوم فتح مكة بشيئ من هذا ، فإنها لما جاءت تبايعه ـ وكان قد أهدر دمها ـ فقالت : على ما أبايعك ؟ فقال : على أن لا تزنين فقالت : وهل تزني الحرة ؟ فتبسم عمر لما جرى بينه وبينها في الجاهلية .
  وكانت ممن حضر أحد من نساء المشركين يحضرن على القتال ، وهي التي أمرت وحشياً أن يقتل حمزة ويمثل به ، ثم أرادت أن تأكل كبدة حمزة فما استطاعت ، فمثلت به بأن قطعت مذاكيره ، وقطعت أذنيه ، وجعلتها قرصين وشدتهما في عنقها ، وقطعت يديه ورجليه .