الضَّلالة: هي العُدول عن الطريق المستقيم، وضدّها الهداية، ويُطلق (الضَّلال) على كلّ عُدول عن المنهج، عمداً كان أو سهواً، يسيراً كان أو كثيراً (1).
والإضلال في كلام العرب ضِدّ الهداية والإرشاد. يُقال: أضلَلْتُ فلاناً: إذا وجّهتُه للضَّلال عن الطريق (2).
ومن المباحث التي استأثرت باهتمام المفسّرين والمتكلّمين، بحث الإضلال الإلهيّ المعبَّر عنه في بعض الآيات الكريمة بتعبير «يُضِلّ مَن يشاء»، حتّى قالت بعض الفرق (الأشاعرة) بأنّ الهداية والضَّلال من الله تعالى، واستندوا في عقيدتهم هذه إلى الآية القرآنيّة الكريمة: فَمَن يُرِدِ اللهُ أن يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدرَهُ للإسلامِ ومَن يُردْ أن يُضِلَّه يَجعلْ صدرَه ضيِّقاً حرَجاً كأنّما يَصَّعّدُ في السماء كذلكَ يَجعَلُ اللهُ الرِّجسَ علَى الذينَ لا يُؤمنون (3).
ولا ريب أنّ الهداية والضّلال إذا كانا من قِبل الله تعالى، فإنّ التكليف سيسقط، والثواب والجزاء سيبطلان، لأنّه تعالى أعدَلُ من أن يفعل فِعلاً ثمّ يؤاخذ عليه عبدَه، وهو القائل في قرآنه الكريم: ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أخرى (4).
ورُوي أنّ الإمام الرضا عليه السّلام سئل عن هذه الآية فقال: «مَن يُرِد اللهُ أن يهديه ـ بإيمانه في الدنيا ـ إلى جنّته ودار كرامته في الآخرة، يشرح صدرَه للتسليم لله والثقة به والسكون إلى ما وعده من ثوابه، حتّى يطمئنّ إليه، ومن يُرِد أن يُضلَّه عن جنّته ودار كرامته في الآخرة لكُفره به وعصيانه له في الدنيا، يجعل صدره ضيّقاً حرجاً، حتّى يشكّ في كفره ويضطرب عن اعتقاده، حتّى يصير كأنّما يَصَّعّد في السماء، كذلك يجعل اللهُ الرِّجس على الذين لا يؤمنون» (5).
أي انّ من يُرِد الله أن يُضلّه عن ثوابه وكرامته، يجعل صدره ـ في كفره ـ ضيّقاً حرَجاً؛ عقوبةً له على تَرْك الإيمان، من غير أن يكون سبحانه مانعاً له عن الإيمان، وسالباً إيّاه القدرة عليه (6).
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
الهوامش
1 ـ المفردات، للراغب الإصفهاني 297.
2 ـ لسان العرب، لابن منظور 79:8 «ضلل».
3 ـ الأنعام: 125.
4 ـ الأنعام: 164. الإسراء: 15. فاطر: 18. الزمر: 7.
5 ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام، للشيخ الصدوق 120:1 حديث 27. تفسير الميزان، للطباطبائي 369:7.
6 ـ تفسير مجمع البيان، للطبرسي 560:4.
|