اتصل بنا مؤمنــــة البطاقات انتصار الدم مساجد البصرة واحة الصائم المرجعية الدينية الرئيسية

الخُطُوات.. الملعونة

رجوع

  الخُطوة هي: أثر القدم. أو هي: الفُرجة بين القدمين عند المشي في طريق .
  واتّباعك خُطُوات فلان .. هو أن تضع قدمك على أثر قدمه، وتمشي وراءه في الطريق .
  وحينما تَتّبع خطواتِ أحد فانك تكون قد اتّخذتَه إماماً، واتّخذتَه قائداً ، وسوف يوصلك ـ هذا الإمام القائد ـ إلى ما سيصل هو إليه بلا شك ، ولا مفرّ عندئذٍ من أن تَلقى مصيره هو ، وتكون عاقبة أمرك مثل عاقبة أمره، لانك جعلتَه قائداً لك ودليلاً، ووضعتَ أقدامك عند المسير، على آثار أقدامه .
  والآن يا أصدقاءنا ..
  أيّ خطوات في رِحلة الحياة ينبغي أن نَتّبع ؟
  وأيّة آثار ينبغي أن نضع أقدامنا في تجربة الحياة الدنيا عليها ؟
  ذلك أننا يجب أن نعرف: مَن نَتّبع، وإلى أين نسير !
  دَعُونا إذن ـ إيها الأصدقاء ـ مع جانب من جوانب حياتنا اليومية .
  دَعونا مع هذه المعايَشة اليومية من خلال آية نورانية رائعة من روائع سورة البقرة من القرآن الكريم .
  ها نحن نتلو عبارةً من كلام ربّنا الرؤوف الرحيم :
  « يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ » .
  إنّها إذن ـ يا أصدقاءنا ـ خُطُوات .
  وهي خُطوات للشيطان .
  والشيطان هو عدوّنا الذي يجهر بعداوته لنا ، ويُظهِرنا بدون استتار! هذا ما نفهمه من التعليم الإلهي الناصح الرؤوف من خلال هذه الرائعة القرآنية .
  وللشيطان.. خطوات يُمهِّدها أمامنا.. في كلّ دروب العَيش ومسالك الحياة .
  خطواتُه كثيرة متنوّعة، وآثار أقدامه مبثوثة هنا وهناك. فأيّة خطوات هذه التي تذكرها الرأفة الإلهية في هذه الآية الهادية ؟ وأيّة آثار أقدام للشيطان هذه التي يحذّرنا ربُّنا منها بإشارة الضوء الأحمر ؟
  هذه الخطوات الخادعة.. موصولة بموضوع طعامنا اليومي والشراب !
  « يا أيّها الناسُ، كُلُوا ممّا في الأرضِ حلالاً طيّباً ... » .
  هي إذَن.. الإباحةُ لنا في الأكلّ ممّا في الأرض، بشرط أن يكون ما نأكل من الحلال الطيّب .
  الحلال الطيّب.. من الكسب الحلال الطيّب .
  الحلال الطيّب.. من أنواع الطعام الحلال الطيّب .
  الحلال الطيّب.. ونحن متلبّسون بالمعتقَد الحلال الطيّب، وسالكون خلال حياتنا المسلكَ الحلال الطيّب .
  « كُلُوا ممّا في الأرض حلالاً طيّباً، ولا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشيطان » .
  لا تَتَبعوا خُطواتِ الشيطان، في كلّ اتجاه.. وفي هذا الاتجاه على نحوٍ خاص :
  كُلوا حلالاً طيّباً، وأنتم بعيدون عن خُطوات الشيطان .
  لا تأكلوا وأنتم غافلون عن ذِكر الله .
  لا تأكلوا بدافع الشهوة الخالصة للطعام ، الغافلة عن أمر الله .
  لا تأكلوا من غير همّةٍ نبيلة في تقوية الجهاز البدني لسلوك صراط الله .
  لا تأكلوا من غير هدف ذامة الصحّة والنشاط، لتجلية الروح القدسية التي تسكن في هذا الجسد، ولخدمة للغاية الكبرى الذي خُلِق من أجلها الإنسان .
  وحين نأكل في غير هذه الحالات الصالحة وأمثالها.. يكون سلوكنا في الطعام قد اقترب من أول خطوة خادعة من خطوات الشيطان .
  والشيطان يعرف كيف يصطاد ، وكيف يمكر في الاصطياد، وسوف يتعامل معنا وفق خطة تدريجيّة خبيثة تستدرجنا ـ بدون أن نشعر ـ فيوقعنا في شِباكة الآسرة الخانقة.. حيث الهواء الأسود المتعفّن، وحيث الصحراء الموحشة القاحلة .
  إنّ الطعام الذي نتناوله ـ ونحن في سُكر الغفلة ـ سوف يفتح أمامنا أبواب المزالق، ويُكثّر بين أقدامنا المَزَلاّت. وشيئاً فشيئاً.. تقوى في دواخلنا نوازع تستهويها آثار أقدام الشيطان .
  وسوف يكون ما نأكل من غذاء.. غداءً يقوّي فينا الاندفاع إلى خطواته الذميمة المُضِلّة، ومِن ثَمّ: تَضعُف في قلوبنا مصابيح النور الإلهي.. التي كان يجب أن يتوقّد نورها باستمرار .
  فأيّ طعامٍ هذا الذي يأكله الإنسان حين يكون غافلاً عن الله وعن نهج الصراط ؟ !
  وأي طعامٍ هذا الذي ينقل الإنسان من ولاية الله وولاية أولياء الله إلى ولاية عدوّه الشيطان الذليل الرجيم ؟ !
  وأيّة نعمة مادية يتنعّم بها المرء وهو ساهٍ عن ربّ النعمة، متعامل معها بنسيان لا يقظة فيه ؟
  إنّ الإنسان لَيتقوّى مادياً بتناول الطعام، وإنه لَيتلذّذ بنعم الحياة الموهوبة من الله.. لكنّه: من أجل ماذا يتقوّى، ومن أجل ماذا يتلذّذ ويشحذ مشاعره وأدواته الذوقية ؟
  إنّ المرء متى كان غافلاً عن ولاية الله.. كان وشيك السقوط في ولاية الشيطان. إنه ـ والحالة هذه ـ يُوجِد في نفسه قوةً طاردة عن نور أئمّة الهدى سلام الله عليهم وعن خط الصراط، ويوجِد في نفسه قوة جاذبة إلى دَنَس أئمّة الضلال وإلى الوغول في اتّباع خطوات الشيطان .
  فأيّ طعامٍ هذا الذي يقوّي الإنسانَ على الفرار من ساحة الطاعة الإلهيّة والإقبال، إلى ساحة المعصية والإدبار ؟!
  وأيّ طعامٍ هذا الذي يشدّ المرءَ شدّاً إلى خطوات أئمّة الجور والضلال ؟ !
  إنْ هو ـ عندئذٍ ـ إلاّ طعام الزَّقُّوم الذي يأكله الخاطئون !
  ولَسوف يتقّوت المرء بطعام الزقّوم هذا في الحياة القادمة الأخرى .. يوم يدخل ذليلاً مَخْزيّاً توابيت النار! نعوذ بالله من عذاب النار !
  أيجوز للمرء الضعيف أن يتلذذ بموائدِ سخاءِ سيّدٍ جوادٍ مُنعم كريم.. من أجل أن يشتدّ عُودُه وتقوى قدرتُه على الإساءة إلى سيده المنعم الكريم ؟ ! إنّها ـ إذَن ـ الدناءة والوضاعة ، وفساد الضمير ! ترى.. كيف يَسُوغ لامرئ أن يتقلّب في أنعُمِ الخالق الرازق البَرّ الرحيم.. ثمّ يمضي في طريق أئمّة الضلالة، ويسير مع الشيطان: يتبع خُطواته، ويقتفي آثاره ؟ !
  لا تَتَقوَّ ـ يا أخي ـ بنعم الله على معصيته .
  ولا تَستَعِنْ ، بما وهبك الله من طاقة عظيمة ، على الغفلة عنه والفرار من دار السلام! فإن الشيطان ـ عدوّك اللدود ـ يُزَوِّق لك خطواته ، ويُجَمِّل أمام عينيك دربَه الأسود اللعين .
  وهَبَك الله الطاقة.. للطاعة .
  وهبك عُمرَك ـ وهو في عمر الزمان: ساعة ـ وهبك إيّاه للطاعة ، فلا تغفل عن ربّك.. يا أخي الإنسان، يا مَن عمرُه قصير .. كزمان الوَرد !
Copyright © 2018 bascity Network, All rights reserved
                   BASRAHCITY.NET