الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (1) .
  قال صاحب تفسير الميزان : آيات راجعة إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأمره أولا " : أن ينبئهن أن ليس لهن من الدنيا وزينتها إلا العفاف والكفاف إن اخترن زوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم تخاطبهن ثانيا " : إنهن واقفات في موقف صعب على ما فيه من العلو والشرف ، فإن اتقين الله يؤتين أجرهن مرتين .
  وإن أتين بفاحشة مبينة يضاعف لهن العذاب ضعفين ، ويأمرهن بالعفة ولزوم بيوتهن من غير تبرج ، والصلاة والزكاة وذكر ما يتلى في بيوتهن من الآيات والحكمة ، ثم يعد مطلق الصالحين من الرجال والنساء وعدا بالمغفرة والأجر العظيم فقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ ) إلى تمام الآيتين .
  أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يخيرهن بين أن يفارقنه ولهن ما يردن ، وبين أن يبقين عنده ولهن ما هن عليه من الوضع الموجود ، وقد ردد أمرهن بين أن يردن الحياة الدنيا وزينتها ، وبين أن يردن الله ورسوله والدار الآخرة .
  وهذا الترديد يدل : أن الجمع بين سعة العيش وصفائها بالتمتع مع الحياة وزينتها وزوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والعيشة في بيته مما لا يجتمعان ، ونتبين من الآيات أن ليس لزوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث هي زوجية كرامة عند الله تعالى ، وإنما الكرامة المقارنة لزوجيته المقارنة للإحسان والتقوى .
  ولذلك لما ذكر سبحانه ثانيا علو منزلتهن ، قيده أيضا بالتقوى فقال تعالى ( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) وهذا كقوله في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) ، إلى ان قال عز وجل ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )

---------------------------
(1) سورة الأحزاب آيات : 28 ـ 33 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 27 _

  حيث مدحهم عامة بظاهر أعمالهم أولا " ، ثم قيد وعدهم الأجر العظيم بالإيمان والعمل الصالح (1) .
  وقال ابن كثير لدى تفسيره الآية : هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها ، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ، ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل (2) .
  وقال في الميزان في قوله تعالى ( فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) التمتيع إعطاؤهن عند التطليق ما لا يتمتعن به ، والتسريح هو التطليق ، والسراح الجميل : هو الطلاق من غير خصومة ومشاجرة بين الزوجين (3) .
  وقوله تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) الآية ، عدلي سبحانه عن مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهن ، إلى مخاطبتهن أنفسهن لتسجيل ما لهن من التكليف وزيادة التوكيد .
  وقوله ( مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ) الفاحشة : الفعلة المبالغة في الشناعة والقبح وهي الكبيرة ، كإيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والافتراء والغيبة وغير ذلك ، والمبينة : هي الظاهرة .
  وقوله تعالى ( وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ) الآية ، القنوت : الخضوع ، وقيل : الطاعة ، وقيل : لزوم الطاعة مع الخضوع ، والاعتداد ، التهيئة ، والرزق الكريم مصداقه الجنة ، والمعنى : ومن يخضع منكن لله ورسوله ، أو لزم طاعة الله ورسوله مع الخضوع ، ويعمل عملا ( صالحا ) نعطها أجرها مرتين . وهيأنا لها رزقا ( كريما ) وهى الجنة .

---------------------------
(1) تفسير الميزان : 306 / 16 .
(2) تفسير ابن كثير : 480 / 3 .
(3) تفسير الميزان :306 / 16 ، ابن كثير 481 / 3

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 28 _

  وقوله تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) الآية ، فالآية تنفي مساواتهن لسائر النساء إن اتقين ، وترفع منزلتهن على غيرهن ، ثم تذكر أشياء من النهي والأمر ، متفرعة على كونهن لسن كسائر النساء كما يدل عليه قوله تعالى ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) وقوله ( وَقَرْنَ ) وقوله ( وَلَا تَبَرَّجْنَ ) الخ ، وهي خصال مشتركة بين نساء النبي صلى الله عليه وآله .
  وسائر النساء ، فتصدير الكلام بقوله ( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) ثم تفريع هذه التكاليف المشتركة عليه ، يفيد يؤكد هذه التكاليف عليهن ، كأنه قيل : لستن كغيركن ، فيجب عليكن أن تبالغن في امتثال هذه التكاليف ، وتحتطن في دين الله أكثر من سائر النساء ، وتؤيد بل تدل على تأكد تكاليفهن ، مضاعفة جزائهن ، خيرا ( وشرا ) ، كما دلت عليها الآية السابقة ، فإن مضاعفة الجزاء لا تنفك عن تأكد التكليف .
  وقوله تعالى ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) بعد ما بين علو منزلتهن ورفعة قدرهن لمكانهن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وشرط في ذلك التقوى فبين أن فضيلتهن بالتقوى لا بالاتصال بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، نهاهم عن الخضوع في القول ، وهو ترقيق الكلام وتليينه مع الرجال ، بحيث يدعو إلى الريبة وتثير الشهوة ، فيطمع الذي في قلبه مرض ، وهو فقدانه قوة الإيمان . التي تردعه عن الميل إلى الفحشاء .
  وقوله تعالى ( وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) أي كلاما ( معمولا ) مستقيما يعرفه الشرع والعرف الإسلامي ، وهو القول الذي لا يشير بلحنه إلى أزيد من مدلوله ، وقوله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 29 _

  إلى قوله ( وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، قال المفسرون : أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة ، لأن المرأة أقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها (1) وقيل : ( قرن ) من قر يقر ، إذا أثبت ، وأصله : أقررن ، حذفت إحدى الرائين ، أو من قار ، يقار : فإذا اجتمع ، كناية عن ثباتهن في بيوتهن ولزومهن لها ، والتبرج : الظهور للناس كظهور البروج لناظريها ، وقوله ( الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) قيل : الجاهلية الأولى قبل البعثة ، فالمراد الجاهلية القديمة .
  وقوله تعالى ( وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) أمر بامتثال الأوامر الدينية ، وقد أفرد الصلاة والزكاة بالذكر من بينها ، لكونهما ركنين في العبادات والمعاملات ، ثم جمع الجميع في قوله تعالى ( وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) وطاعة الله هي امتثال تكاليفه الشرعية ، وطاعة رسوله فيما يأمر به وينهى بالولاية المجعولة له عند الله ، كما قال تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) (2) .

  الألقاب والمعاني :
  وضعت الشريعة نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دائرة الأمومة ، بمعنى : إن كل امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحمل لقب ( أم المؤمنين ) فيقال : أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين أم سلمة وأم المؤمنين حفصة وأم المؤمنين صفية وأم المؤمنين مارية ... إلخ .
  قال تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (3) .
  قال صاحب الميزان : فمعنى كون النبي أولى بهم من أنفسهم ، إنه

---------------------------
(1) تفسير ابن كثير : 482 / 3 .
(2) تفسير الميزان : 309 / 16 .
(3) سورة الأحزاب آية : 6 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 30 _

  أولى بهم منهم ، ومعنى الأولوية هو رجحان الجانب إذا دار الأمر بينه وبين ما هو أولى منه ، فالمحصل أن ما يراه المؤمن لنفسه من الحفظ والمحبة والكرامة واستجابة الدعوة ، فالنبي أولى بذلك من نفسه ، ولو دار الأمر بين النبي وبين نفسه في شئ من ذلك ، كان جانب النبي أرجح من جانب نفسه ، ففيما إذا توجه شئ من المخاطر إلى نفس النبي ، فليقه المؤمن بنفسه ويفده نفسه وليكن النبي أحب إليه من نفسه ، وأكرم عنده من نفسه ، ولو دعته نفسه إلى شئ ، والنبي إلى خلافة ، أو أرادت نفسه منه شيئا " وأراد النبي خلافه ، كان المتعين استجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وطاعته وتقديمه على نفسه (1) .
  وقال ابن كثير : في الصحيح : قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله ووالده والناس أجمعين (2) .
  وروى البخاري عن عبد الله قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شئ إلا نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال عمر : فإنه الآن يا رسول الله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر (3) .
  وقال صاحب الميزان : وقوله تعالى ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) جعل تشريعي ، أي : أنهن منهم ، بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والتنزيل إنما هو في بعض آثار الأمومة ، لا في جميع الآثار كالتوارث بينهن وبين المؤمنين والنظر في وجوههن كالأمهات وحرمة بناتهن على المؤمنين لصيرورتهن أخوات لهم .

---------------------------
(1) الميزان : 276 / 16 .
(2) تفسير ابن كثير : 468 / 3 .
(3) رواه البخاري ك الإيمان ، وأنظر ابن كثير : 467 / 3 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 31 _

  وكصيرورة آبائهن وأمهاتهن أجدادا " وجدات ، وإخوتهن وأخواتهن أخوالا وخالات للمؤمنين (1) .
  وقال ابن كثير في تفسير الآية : ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام ، ولكن لا تجوز الخلوة بهن ، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع (2) .
  وعلى خلفية ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين ووجوب تعظيم أمهات المؤمنين وحرمة نكاحهم بعد النبي صلى الله عليه وآله .
  حذر تعالى من التعدي بإيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن حرمة نكاح أزواجه ، قال تعالى ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) (3) .
  قال صاحب الميزان : والمعنى : أي ليس لكم إيذاؤه بمخالفة ما أمرتم به في نسائه وفي غير ذلك ، وليس لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ( إِنَّ ذَلِكُمْ ) أي نكاحكم أزواجه من بعده كان عند الله عظيما ، وفي الآية إشعار بأن بعضهم ذكر ما يشير إلى نكاحهم أزواجه بعده .
  وقوله تعالى ( إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) معناه ظاهر ، وهو في الحقيقة تنبيه تهديدي لمن كان يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو يذكر نكاح أزواجه من بعده (4) .
  وقال ابن كثير في تفسيره : عن سفيان عن ابن عباس في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ) قال : نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده ، قال رجل لسفيان : أهي

---------------------------
(1) تفسير الميزان : 277 / 16 .
(2) ابن كثير : 468 / 3 .
(3) سورة الأحزاب آية : 53 .
(4) الميزان : 337 / 4

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 32 _

  عائشة ؟ قال : قد ذكروا ذلك ، وكذا قال مقاتل بن حيان ، وعبد الرحمن بن زيد ، وذكر بسنده عن السدي : إن الذي عزم على ذلك طلحة بن عبيد الله حتى نزل التنبيه على تحريم ذلك (1) .

  نظرات في دوائر الترغيب والترهيب :
  كان تعدد الزوجات سنة جارية في غالب الأمم القديمة ، وذكرت التوراة الحاضرة أن سليمان الملك تزوج مئات من النساء ، ولما كان الدين الخاتم الذي بعث به النبي صلى الله عليه وآله وسلم دين يعتني بتهذيب الأخلاق وتنظيم جميع نواحي الحياة الإنسانية ، وإيجاد حلول للأرامل واليتامى والمساكين .
  ولما كان من مقاصد الشريعة تكثير نسل المسلمين وعمارة الأرض بين مجتمع مسلم عمارة صالحة ترفع الشرك والفساد ، فإن الإسلام أمر بالازدواج فأحل النكاح وحرم الزنا والسفاح ، وشرع الإسلام الازدواج بواحدة وأنفذ التكثير إلى اربع ، والإسلام لم يشرع تعدد الزوجات على نحو الواجب والفرض على كل رجل مسلم ، بمعنى أنه لم يأمر بأن على كل مسلم أن يتزوج بأربع زوجات ، وإنما قيد التعدد بوثوق الرجل إنه سيقسط بينهن ويعدل .
  قال تعالى :
  ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً . . . ) الآية (2) .
  قال في الميزان : قوله تعالى ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) أي : فأنكحوا واحدة لا أزيد ، وقد علقه الله تعالى على الخوف ، وقال تعالى ( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) (3) .

---------------------------
(1) تفسير ابن كثير : 506 / 3 .
(2) سورة النساء آية : 3 .
(3) سورة النساء آية : 129 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 33 _

  قال في الميزان : الآية : بيان الحكم العدل بين النساء الذي شرع لهن على الرجال في قوله تعالى في أول السورة ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) والعدل هو الوسط بين الأفراط والتفريط ، ومن الصعب المستصعب تشخيصه ، وخاصة من حيث تعلق القلوب تعلق الحب بهن ، فإن الحب القلبي مما لا يتطرق إليه الإختيار دائما ، فبين تعالى إن العدل بين النساء بحقيقة معناه ، وهو إتخاذ الوسط حقيقة ، مما لا يستطاع للإنسان ولو حرص عليه ، وإنما يجب على الرجل أن لا يميل كل الميل إلى أحد الطرفين ، وخاصة طرف التفريط ، فيذر المرأة كالمعلقة لا هي ذات زوج فتستفيد من زوجها ، ولا أرملة فتزوج أو تذهب لشأنها فالجواب على الرجل من العدل بين النساء أن يسوي بينهن عملا بإيتائهن حقوقهن من غير تطرف ، والمندوب عليه أن يحسن إليهن ، ولا يظهر الكراهة لمعاشرتهن ولا يسئ إليهن خلقا " ، وكذلك كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) .
  ولما كانت الشريعة قد أنفذت التعدد إلى أربع ، بمعنى أن الأمة وقفت في تعدد الزوجات عند أربع ، وانتقال الرجل من واحدة إلى أكثر مقيد بالعدل والقسط بين النساء ، فإن ازدواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من أربع نسوة فيه دلائل على نبوته صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه ازدواجه بين العدل في جميع نواحي الحياة الزوجية وما يتفرع منها ، وكما هو معروف أن التشريع لا بد له أن يحيط بجميع نواحي الحياة لتقوم به حجة الله على عباده .
  لهذا كان ازدواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من أربع من خصوصياته لأنه صلى الله عليه وآله وسلم الداعي إلى الله الذي صانه الله من الخطأ والغفلة في تلقي الوحي من الله وحفظه وتبليغه .
  وبالجملة : كان في إزدواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من أربع

---------------------------
(1) تفسير الميزان : 102 / 5 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 34 _

  بيان للقسط وللعدل وعلى خلفيته شقت الدعوة طريقها في عهد البعثة وسط القبائل ، وعلى هذه الخلفية إلتقى التشريع والحركة في خطوة واحدة .
  ولما كان التشريع الذي وراء ازدواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه بيان لإقامة المجتمع الصالح الذي تعتبر الأسرة نواته الأولى ، ولأن هذا التشريع في حقيقته حجة على العباد ليتميز منهم الصالح والطالح ، وعلى هذه الخلفية يكون الثواب والعقاب يوم القيامة ، فإن الدين أمر زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأوامر ونهاهن بنواهي ، وبين أن زوجية الأنبياء والرسل من حيث هي زوجية ، ليس لها كرامة عند الله ، وإنما الكرامة المقارنة لزوجية الأنبياء والرسل ، هي المقارنة للإيمان وللإحسان والتقوى .
  ولقد أخبر القرآن الكريم بسيرة امرأة نوح وامرأة لوط ، وبين أنهما لم يلتزما بخط النبوة والدعوة ، ونتيجة لذلك لم ينفعهما زوجيتهما للنبيين الكريمين شيئا " ففلكتا في ضمن الهالكين من غير أدنى تمييز وكرامة .
  وبالجملة : فالدعوة لم تستثنى أحدا ( من التكاليف الشرعية ، فكما أن حجة التكاليف تحيط بالأمة فهي أيضا ) تحيط بأزواج النبي صلى الله عليه وآله لأنهن ضمن نسيج الأمة ، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه جل وعلا .
  وبين عليه الصلاة والسلام طريق الأمن والأمان فيما يستقبل الناس من فتن ، والباحث المتعمق في أحاديث الأخبار بالغيب لا يسعه إلا أن يقر أن هذه الأحاديث حجة لله على عباده حتى قيام الساعة ، وأن هذه الحجة المستمرة من دلائل النبوة الخاتمة .
  وكما حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأمة مما يستقبلها من مهلكات الفتن ، حذر أمهات المؤمنين من الفتن وبين لهن أسباب النجاة منها ، وأخبر أن الله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون بعد أن أقيمت عليهم الحجة في أنفسهم وعلى امتداد المسيرة

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 35 _

  في الماضي والحاضر والمستقبل ، ومن الأحاديث التي حذر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال ( سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن ؟ ماذا أنزل من الخزائن ؟ من يوقظ صواحب الحجرات ؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة (1) .
  قال صاحب تحفة الأحوازي : إن النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه ما سيقع بعده من الفتن ، وقوله ( من يوقظ صواحب الحجرات ) يعنى : أزواجه ، وإنما خصهم بالإيقاظ لأنهن الحاضرات ، وأشار إلى موجب استيقاظ أزواجه ، أن لا ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدون على كونهن أزواج النبي .
  وقال الحافظ : واختلف في المراد بقوله ( كاسية وعارية ) ، على أوجه : ( أحدهما ) كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى ، عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا ( ثانيهما ) كاسية من نعم الله ، عارية من الشكل الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب ، فأراد صلى الله عليه وسلم تحذير أزواجه من ذلك كله ، وكذا غيرهن ممن بلغه ذلك (2) .
  وبعد أن أحكمت الدعوة حجتها في هذا الباب ، قامت بتنظيم حركة الأمة نحو بيت النبوة ، ومن ذلك إنها حذرت من الافتراء ، وبينت أن الافتراء يكون عظيما " إذا كان متعلقا " بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن الافتراء العظيم الطعن في نزاهة بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن ذلك يؤدي إلى فضحه بين الناس .
  وعلى هذه الخلفية تلتبس الأمور وتكون سببا لقلب الدين من رأس ، وأخبرت الدعوة الخاتمة ، إن المجتمع الصالح من سعادته أن يتميز فيه أهل الزيغ والفساد ليكونوا على بصيرة من أمرهم وينهضوا لإصلاح ما

---------------------------
(1) رواه الإمام أحمد والبخاري والترمذي ( تحفة الأحوازي 440 / 6 ) .
(2) تحفة الأحوازي شرح جامع الترمذي 440 / 6 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 36 _

  فسد من أعضائهم ، وأمرت الدعوة المؤمنين بها أن يقفوا صفا ( واحدا ) كنفس واحدة متلبسة بالإيمان ولوازمه وآثاره ، وأن لا يظنوا بأنفسهم إلا خيرا ( فأمام هذا التكاتف وحده يسقط أصحاب البهتان العظيم ، لأنهم أصحاب الخبر الذي لا علم لمخبره ، وأصحاب الدعوى التي لا بينة لمدعيها عليها ، ولو كانوا صادقين فيما يقولون ويرمون به بيت النبوة ، لأقاموا على ما يقولون الشهادة ، وهي في الزنا بأربعة شهداء ، فإن لم يأتوا بالشهداء ، فهم محكومون شرعا ) بالكذب ، لأن الدعوى من غير بينة كذب وإفك ، وتنظيم الحركة نحو بيت النبوة في هذا الباب ، كان فيه تحصين للدعوة ورفع من أمامها الكثير من المعوقات ، وفي حركة أخرى .
  قامت الدعوة بتحريم زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعده ، فبينت أن زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن وراء ذلك حكمة ومن وراء الحكمة هدفا ، من ذلك إن نكاحهن غير النبي بعد الوحي والتشريع لازم ان الازدواج سيكون من رجال لا علاقة لهم بالوحي والتشريع .
  وربما يجد البعض في حركة هذا الازدواج ـ وهي حركة في مجملها غير معصومة ـ ما تشتهيه أنفسهم فيتخذون هذا ذريعة لقلب التشريع في هذا الباب من رأس ، فلهذا ولغيره أغلقت الدعوة المنافذ ونظمت الحركة في إتجاه بيت النبوة ، وأمرت المؤمنين بها أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة لهم في حركته وسكونه وفي قوله وفعله ، لأنه وحده حجة على الناس في هذا الباب وفي غيره .
  وهكذا أقامت الدعوة الخاتمة حجتها وبينت أن السعادة الحقيقية إنما هي بالإخلاص لله ولرسوله وحسن الطاعة ، وإتماما ( للفائدة وإكمالا )

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 37 _

  للغرض ، نقدم بعضا من سيرة أمهات المؤمنين .
  وسنلقى الضوء على هذه السيرة إذا كان الحدث متعلقا ( بحركة الدعوة ، بمعنى إذا كان مقدمة جاءت عليها نتيجة أو قامت عليها حجة ، وإذا كان عرضي للأحداث سيكون مختصر ) ، إلا إنه لن يخلو مما يشير إلى معالم الصبر والرحمة والوفاء والزهد والصدقة وحب المساكين ، ولن يخلو من المعنى الذي يحمل معالم سنة الامتحان والابتلاء الإلهي التي لا يستثنى الله منها أحدا من عباده ، فتحت هذه السنة الإلهية ، ينظر الله تعالى إلى عباده كيف يعملون ، وعلى العمل يكون الثواب أو العقاب ، والله هو التواب الرحيم ، وهو الغفور الكريم .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 38 _

  1 ـ السيدة خديجة بنت خويلد زواجها :
  خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب ، وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة ، وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمرو وذكر الطبراني : أنها ولدت لعتيق هند بن عتيق ، ثم خلف عليها أبو هالة مالك بن بناش فولدت له هندا وهالة ، فهند بن عتيق بن عابد ، وهند وهالة ابنا أبي هالة مالك بن بناش ، أخو ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خديجة بنت خويلد ، من أمهم (1) .
  وروي عن ابن عباس أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب ، فلم يتركن شيئا ( من إكبار ذلك العيد إلا أتينه ، فبينما هن في عيدهن تمثل لهن رجل ، فلما صار منهن قريبا ) نادى بأعلى صوته : يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد ، يبعث برسالة الله ، فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا فلتفعل ، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له ، وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء (2) .

---------------------------
(1) رواه الطبراني : ( مجمع الزوائد 219 / 9 ) ، الإستيعاب / ابن عبد البر : 280 / 4 .
(2) الطبقات الكبرى ابن سعد : 15 / 7 ، الإصابة ابن حجر : 60 / 8 (8) .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) ـ 39 ـ

  وروى عن نفيسة بنت أمية أنها قالت : كانت خديجة ذات شرف ومال كثير ، وتجارة تبعث إلى الشام فيكون غيرها كعامة غير الشام ، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وعشرين سنة ، وليس له اسم بمكة إلا الأمين ، أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت : أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله ، وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج ، واشترى غيرها ، وقدم بقا فربحت ضعف ما كانت تربح ، فأضعفت لرسول الله صلى الله عليه وآله ضعف ما سمت له ، فم أرسلتني إليه أعرض عليه نكاحها ففعل (1) .
  وروى صاحب الإصابة : إن سبب رغبتها فيه صلى الله عليه وآله وسلم ، ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهد من علامات النبوة ومما سمعه من بحيرا الراهب في حقه (2) .
  وقال صاحب الإستيعاب : وكانت خديجة إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة (3) .
  وقال أبو عمر : وأجمع أهل العلم أن خديجة ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات هن : زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم ، وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم ، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم ، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم ، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا يسمى الطاهر ، وقال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وولدت له بناته الأربع ، وقيل : ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، القاسم وبه يكنى وعبد الله وهو الطيب والطاهر وولدت له بناته الأربع .
  وقال أبو عمر : وقول الزبير وأكثر

---------------------------
(1) الطبقات الكبرى : 16 / 7 .
(2) الإصابة : 60 / 8 .
(3) الإستيعاب : 280 / 4 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 40 _

  أهل النسب : إن عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو : الطيب وهو الطاهر ، له ثلاثة اسماء (1) .
  ولا يختلف أهل العلم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يتزوج قبل البعثة غير خديجة ، ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت (2) .

  إسلامها :
  قال ابن إسحاق : كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق محمدا ( صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه وآزره على أمره ، فكان لا يسمع من المشركين شيئا ) يكرهه من رد عليه وتكذيب له إلا فرج الله عنه بها ، تثبته وتصدقه وتخفف عنه ، وتهون عليه ما يلقى من قومه (3) .
  وروي عن أبي رافع قال : أول من أسلم من الرجال علي بن أبي طالب ، وأول من أسلم من النساء خديجة (4) .
  وأخرج أحمد وابن سعد عن عفيف الكندي قال : جئت في الجاهلية إلى مكة ، وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، قال ، فأنا عنده ، وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت ، إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة ، فرفع رأسه إلى السماء فنظر ، ثم أستقبل الكعبة قائما ( مستقبلها ، إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه ، ثم لم يلبث إلا يسيرا ) حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما ، ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة ، ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام

---------------------------
(1) المصدر السابق : 282 / 4 .
(2) الإستيعاب : 283 / 7 ، مجمع الزوائد 220 / 9 .
(3) الإستيعاب : 283 / 7 .
(4) رواه البزار ورجاله الصحيح : ( الزوائد 220 / 9 ) .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 41 _

  رأسه ورفعت المرأة رأسها ، ثم خر الشاب ساجدا ( وخر الغلام ساجدا ) وخرت المرأة ، قال فقلت : يا عباس إني أرى أمرا ( عظيما ) ، فقال العباس : أمر عظيم ، هل تدري من هذا الشاب ؟
  قلت : ما أدري قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي ، هل تدري من هذا الغلام ؟
  قلت : لا ، ما أدري قال : هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي ، قال : هل تدري من هذه المرأة ؟
  قلت : لا ، ما أدري ، قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي هذا ، إن ابن أخي هذا الذي ترى ، حدثنا أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ، فهو عليه ، ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة ، قال عفيف : فتمنيت بعد أني كنت رابعهم (1) .
  وروى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأثنين وصلت خديجة آخر يوم الأثنين (2) .
  وروى عن ابن عباس قال : أول من صلى مع النبي بعد خديجة علي بن أبي طالب (3) .
  وعن أنس قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين وصلى علي بن أبي طالب يوم الثلاثاء (4) .

  مناقبها :
  عن ابن عباس قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط ، فقال : أتدرون ما هذا ؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال :

---------------------------
(1) رواه أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد وغيره ورجاله ثقات ( الزوائد 223 / 9 ) ورواه ابن سعد ( الطبقات 18 / 7 ) والطبراني عن ابن مسعود ( كنز العمال 467 / 13 ) ورواه ابن عبد البر ( الإستيعاب 163 / 3 ) .
(2) رواه ابن عبد البر ( الإستيعاب 283 / 4 ) .
(3) رواه أحمد وقال في الفتح الرباني 122 / 23 رجاله ثقات .
(4) رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي ( المستدرك 112 / 3 ) ورواه الترمذي .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 42 _

  أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومريم ابنة عمران وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون (1) .
  وروى الترمذي عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من نساء العالمين : مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون (2) .
  وقال صاحب التاج الجامع للأصول : أي يكفيك من فاضلات النساء كلهن هؤلاء الأربع ، وفضل مريم وآسية لما تقدم في سيرتهما ، وفضل خديجة لصبرها الجميل وجليل ما صنعته من أعمال صالحة وآثار نافعة قيمة ، وفضل فاطمة لأنها بضعة من محمد صلى الله عليه وسلم ، وأم النسل الشريف كله (3) .
  أخرج ابن السني بسند له عن خديجة : إنها خرجت تلتمس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأعلى مكة ، ومعها غداوته ، فلقيها جبريل في صورة رجل ، فسألها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فهابته وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يقتله ، فلما ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : هو جبريل ، وقد أمرني أن أقرأ عليك السلام ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (4) .
  وروى عن أبي هريرة قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب (5) ، فإذا هي أتتك ، فأقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لاصخب فيه ولانصب (6) .

---------------------------
(1) رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ( الزوائد 223 / 9 ) .
(2) رواه الترمذي بسند صحيح والنسائي والحاكم ( التاج الجامع للأصول 379 / 3 ) .
(3) التاج الجامع / منصور ناصف 379 / 3 .
(4) الإصابة 62 / 8 .
(5) شك الراوي .
(6) رواه البخاري ومسلم والترمذي ( التاج الجامع للأصول 378 / 3 ) .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 43 _

  وعن ابن أبي أوفى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال لي جبريل صلى الله عليه وسلم ، بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (1) .
  قال صاحب التاج الجامع للأصول : القصب / اللؤلؤ المجوف المنظوم بالدر والياقوت ، والصخب / الصياح ، والنصب / الهم والتعب .
  وفي رواية عندما بلغها النبي صلى الله عليه وسلم السلام من ربها جل وعلا ومن جبريل قالت : هو السلام ، ومنه السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته ، فهذه منقبة لم ترد لأحد من بنات آدم عليه السلام ، فما أعظمها مفخرة للدنيا والآخرة (2) .

  وفاتها (رضي الله عنها) :
  قال أبو عمر : قيل : توفيت قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل : بأربع سنين ، وقال قتادة : تؤفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين ، عندي أصح ، وقال : ويقال كانت وفاتها بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام (3) .
  وقال ابن إسحاق : كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد (4) .
  وكانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة ، ودفنت في الحجون (5) .
ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفرتها ، ولم تكن شرعت الصلاة على ا لجنائز (6) .

---------------------------
(1) قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله ثقات ( الزوائد 224 / 9 ) .
(2) التاج الجامع : 378 / 3 .
(3) الإستيعاب : 289 / 4 .
(4) الإصابة : 62 / 8 .
(5) الإستيعاب : 289 / 4 .
(6) الطبقات : 18 / 7 ، الإصابة 62 / 8 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 44 _

  2 ـ السيدة سودة بنت زمعة إسلامها وزواجها :
  هي : سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حل بن عامر بن لؤي ، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، قال أبو عمر : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد موت خديجة وقبل العقد على عائشة ، ولا خلاف أنه لم يتزوجها إلا بعد موت خديجة ، وكانت قبل ذلك تحت ابن عم لها يقال له : السكران بن عمرو من بني عامر بن لؤي (1) .
  وقال ابن سعد : أسلم زوجها السكران بن عمرو ، وخرجا جميعا ( مهاجرين إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، وقدم السكران بن عمرو مكة من أرض الحبشة ومعه امرأته سودة بنت زمعة ، فتوفي عنها بمكة ، فلما حلت أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطبها ، فقالت : أمري إليك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مري رجلا ) من قومك يزوجك ، فأمرت حاطب بن عمرو ، فزوجها فكانت أول إمرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد خديجة (2) .

---------------------------
(1) الإستيعاب : 323 / 4 .
(2) الطبقات الكبرى : 57 / 7 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 45 _

  وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قالا : جاءت خولة بنت حكيم السلمية امرأة عثمان بن مظعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة ، فقال : أجل، كانت أم العيال وربة البيت ، قالت : أفلا أخطب عليك ؟ قال : بلى فإنكن معشر النساء أرفق بذلك . فخطبت عليه سودة بنت زمعة (1) .

  مناقبها :
  روى أبو عمر في الإستيعاب : أن سودة بنت زمعة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : أود أن أحشر في زمرة أزواجك ، وإني قد وهبت يومي لعائشة ، وإني لا أريد ما تريد النساء (2) .
  عن صالح مولى التؤمة قال : سمعت أبا هريرة يقول : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسائه عام حجة الوداع ثم قال : هذه الحجة ثم ظهور الحصر ، قال أبو هريرة : وكان كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، يحججن إلا سودة بنت زمعة ، وزينب بنت جحش ، قالتا : لا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .
  وفي رواية : كانت سودة تقول : لا أحج بعدها أبدا " (4) .
  وروي عن ابن سيرين : قالت سودة : حججت واعتمرت فأنا أقر في بيتي . كما أمرني الله عز وجل (5) .

---------------------------
(1) المصدر السابق : 57 / 7 .
(2) رواه الطبراني ( الزوائد 246 / 7 ) وسنده ضعيف ، وابن عبد البر ( الإستيعاب 323 / 4 ) .
(3) الطبقات الكبرى : 55 / 7 .
(4) الطبقات الكبرى : 55 / 7 .
(5) الطبقات الكبرى : 55 / 7

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 46 _

  روي عن محمد بن عمر ابن الخطاب بعث إلى سودة بنت زمعة بغرارة من دراهم ، فقالت : ما هذه ؟ قالوا : دراهم ، قالت : في الغرارة مثل التمر ، يا جارية بلغيني القنع : قال ، ففرقتها (1) .

  وفاتها :
  وقال أبو عمر : توفيت سودة بنت زمعة في آخر زمان عمر بن الخطاب ، وقيل : توفيت سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية (2) .

---------------------------
(1) الطبقات : 55 / 7 ، الإصابة : 339 / 4 .
(2) الطبقات : 57 / 7 ، الإصابة : 339 / 4 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 47 _

  3 ـ السيدة عائشة بنت أبي بكر زواجها :
  هي : عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، وأمها : أم رومان بنت عمير ابن عامر ، قال أبو عمر : كانت عائشة تذكر لجبير بن مطعم وتسمى له (1) .
  وروى ابن سعد عن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خطب عائشة ، قال أبو بكر : إني كنت أعطيتها مطعما لإبنه جبير ، فدعني حتى أسلها منهم ، فاستسلها منهم فطلقها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) .
  وفي وراية : إن أبا بكر إستسلها منهم قبل أن تخطبها خولة بنت حكيم السلمية امرأة عثمان بن مظعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
  وروي أن النبي صلى الله عليه وآله تزوج عائشة بمكة قبل الهجرة بسنتين وقيل : بثلاث سنين . وابتنى بها بالمدينة .
  وفي رواية : تزوجها النبي صلى الله عليه وآله في السنة الثانية أو الثالثة للهجرة وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة ، وروي عن عباد بن حمزة عن عائشة قالت : قلت يا

---------------------------
(1) الإستيعاب : 357 / 4 .
(2) الطبقات الكبرى : 59 / 7 ، الإصابة : 359 / 4 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 48 _

  رسول الله إن النساء قد إكتنين فكنني ، قال : تكنى بإبنك عبد الله بن الزبير ، يعنى ابن أختها (1) .
  من وصايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم : عن عطاء بن يسار ، إن النبي صلى الله وسلم قال لأزواجه ( أيتكن إتقت الله ولم تأت بفاحشة مبينة ولزمت ظهر مصيرها فهي زوجتي في الآخرة ) (2) .
  وأخرج ابن سعد عن عروة عن عائشة انها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة إن أردت اللحوق بي فليكفيك من الدنيا كزاد الراكب ، وإياك ومجالسة الأغنياء ، ولا تستخلفي ثوبا حتى ترقعيه (3) .
  وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه ، وبين ما يستقبل للناس من أحداث ، حتى يأخذوا بأسباب الحياة السعيدة ، لأن الله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون ، وأن العباد لا يجب عليهم إلا الأخذ بتعاليم الدين وهم يسلكون في الحياة ، وما يستقبل احدهم من أحداث ما هو إلا نتيجة لما قدموه من أعمال ، وهذه النتيجة أخبر بها الله تعالى العليم المطلق سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن أحاديث الإخبار بالغيب ما روي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير ، وتنجو بعد ما كادت قال أبو عمر في هذا الحديث : وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم (4) .
  وذلك لأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم تحقق على عهد الإمام علي بن أبي طالب .
  وروى الإمام أحمد عن قيس

---------------------------
(1) الطبقات : 63 / 7 ، الإستيعاب : 358 / 4 .
(2) ابن سعد : ( كنز العمال 142 / 12 ) .
(3) الطبقات الكبرى : 76 / 7 .
(4) الإستيعاب : 361 / 4 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 49 _

  قال : لما أقبلت عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب ، قالت : أي ماء هذا ؟
  قالوا : ماء الحوأب قالت : ما أظنني إلا إني راجعة فقال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ، قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم ( كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب ) (1) .
  وعلى هذه المقدمة كان يوم الجمل ما كان . قطوف من سيرتها رضي الله عنها : عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما ( من الأيام فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلا عجوزا ) ، فقد أبدلك الله خيرا ( منها ، فغضب ، ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا ) منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولادا ( إذ حرمني أولاد النساء ، قالت عائشة : فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا ) (2) .
  وعن عائشة ، قالت : أستأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرف إستئذان خديجة وتذكره ، فإرتاع لذلك ، فقال : اللهم هالة بنت خويلد ، فغرت ، فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش ، حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا منها (3) .
  قال صاحب التاج الجامع للأصول : هالة أخت خديجة ، إستأذنت هالة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فتذكر خديجة لشبه

---------------------------
(1) رواه أحمد وقال في الفتح الرباني قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ( الفتح 137 / 23 ) .
(2) رواه أحمد واسناده حسن ( الزوائد 224 / 9 ) وابن عبد البر ( الإستيعاب 287 / 4 ) وابن كثير ( البداية والنهاية 92 / 8 ) .
(3) رواه أحمد ( الزوائد 224 / 9 ) والبخاري ومسلم ( التاج الجامع 379 / 3 .

زوجات النبي (صلى عليه وآله وسلم) _ 50 _

   فقال : اللهم هذه هالة ، فغارت عائشة فقالت : وما تذكر إلا عجوزا ( من عجائز قريش ، حمراء الشدقين : أي سقطت أسنانها وبقيت حمرة اللثاث ، ماتت وذهبت وأبدلك الله خيرا ) منها ، تريد نفسها لصغر سنها ، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى قالت له : لا أذكرها بعد هذا إلا بخير (1) .
  وفي الصحيح عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول : أرسلوا إلي أصدقاء خديجة ، قالت عائشة ، فذكرت له يوما ، فقال : إني لأحب حبها (2) .
  وأخرج ابن سعد عن القاسم قال : كانت عائشة استقلت بالفتوى في عهد أبي بكر وعمر وعثمان (3) ومما أرسله أصحاب الحديث وأصحاب التواريخ والسير إرسال المسلمات ، أن عائشة شاركت في الحرب وقادت المعارك والرجال ، وكانت تبعث بالرسائل لرؤساء القبائل ، وكانت تأمر وتنهى ، وعمل طلحة والزبير تحت قيادتها في معركة الجمل ، ومما روي في هذه الأحداث .
  روى البيهقي عن الحسن البصري : أن الأحنف بن قيس قال لأم المؤمنين عائشة : يا أم المؤمنين هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المسير ؟ قالت : اللهم لا ، قال : فهل وجدته في شئ من كتاب الله جل ذكره ؟
  قالت : ما نقرأ إلا ما تقرؤون ، فقال : فهل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ستعان بشئ من نسائه إذا كان في قلة والمشركين في كثرة ؟ قالت : اللهم لا ، فقال الأحنف : فإذا ما هو ذنبنا (4) .
  وروي أن أبا الأسود الدؤلي قال لها : ما أنت من السوط والسيف . إنما أنت حبيس رسول الله صلى الله عليه وسلم . أمرك الله أن تقري في بيتك
---------------------------
(1) التاج الجامع : 379 / 3 .
(2) الإصابة : 62 / 8 .
(3) الطبقات : 375 / 8 .
(4) المحاسن والمساوئ البيهقي : 35 / 1 .