|
هذه الآية « وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى » » ؟ (1)
قال : نعم .
فقال الإمام : « فنحن القربى يا شيخ ، وهل قرأت هذه الآية : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » (2) .
قال الشيخ : قد قرأت ذلك.
فقال الإمام : « نحن أهل البيت الذين خصنا الله بآية الطهارة يا شيخ ».
قال الراوي : بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به ، وقال ـ متعجباً ـ : تالله إنكم هم ؟!
فقال علي بن الحسين : « تالله إنا لنحن هم ... من غير شك ، وحق جدنا رسول الله إنا لنحن هم ».
فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد ، من الجن والإنس .
---------------------------
(1) سورة الأنفال ، الآية 41.
(2) سورة الأحزاب ، الآية 33.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 377 _
ثم قال : هل لي من توبة ؟
فقال له الإمام : « نعم ، إن تبت تاب الله عليك ، وأنت معنا ».
فقال الشيخ : أنا تائب .
فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل (1) .
---------------------------
(1) كتاب « الملهوف على قتلى الطفوف » ص 211. وكتاب « تظلم الزهراء » ، ص 278.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 379 _
الدخول في مجلس الطاغية يزيد
روي عن الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) أنه قال : « لما أرادوا الوفود بنا على يزيد بن معاوية أتونا بحبال وربطونا مثل الأغنام (1) وكان الحبل بعنقي وعنق أم كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبنيات ، وساقونا وكلما قصرنا عن المشي ضربونا ، حتى أوقفونا بين يدي يزيد ، فتقدمت إليه ـ وهو على سرير مملكته ، وقلت له : ما ظنك برسول الله لو يرانا على هذه الصفة » ؟!
فأمر بالحبال فقطعت من أعناقنا واكتافنا (2) .
وروي ـ أيضاً ـ أن الحريم لما أدخلن إلى يزيد بن
---------------------------
(1) وفي نسخة : وربقونا.
(2) كتاب « المنتخب » للطريحي ، ج 2 ص 473 ، المجلس العاشر، وكتاب « تظلم الزهراء » ص 278.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 380 _
معاوية ، كان ينظر إليهن ويسأل عن كل واحدة بعينها وهن مربطات بحبل طويل ، وكانت بينهن امرأة تستر وجهها بزندها ، لأنها لم تكن عندها ما تستر به وجهها.
فقال يزيد : من هذه ؟
قالوا : سكينة بنت الحسين.
فقال : أنت سكينة ؟
فبكت واختنقت بعبرتها ، حتى كادت تطلع روحها !!
فقال لها : وما يبكيك ؟
قالت : كيف لا تبكي من ليس لها ستر تستر وجهها ورأسها ، عنك وعن جلسائك ؟! (1)
---------------------------
(1) كتاب « المنتخب » للطريحي ، ج 2 ص 473 ، المجلس العاشر، وكتاب « تظلم الزهراء » ص 279.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 381 _
ماذا حدث في مجلس يزيد ؟
وروى الشيخ المفيد في كتاب ( الإرشاد ) : قالت فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) :
« فلما جلسنا بين يدي يزيد رق لنا ! فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر (1) فقال : « يا أمير المؤمنين ! هب لي هذه الجارية ـ وهو يعنيني ـ (2) ، وكنت جارية وضيئة (3) فأرعدت ، وظننت أن ذلك جائزلهم ، فأخذت بثياب
---------------------------
(1) رجل أحمر : أي أبيض : قال إبن منظور ـ في كتابه « لسان العرب » ـ : « ... لأن العرب لا تقول : رجل أبيض » من بياض اللون ، إنما الأبيض ـ عندهم ـ : الطاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا : أحمر.
المحقق
(2) يعنيني : يقصدني .
(3) جارية : فتاة ، وضيئة : مشرقة جميلة.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 382 _
عمتي : زينب ، ـ وكانت تعلم أن ذلك لا يكون ـ وقلت :
« يا عمتاه : أوتمت وأستخدم » ؟ (1)
فقالت زينب : « لا ، ولا كرامة لهذا الفاسق » ، وقالت ـ للشامي ـ :
« كذبت ـ والله ـ ولؤمت ، والله ما ذلك لك ولا له (2) ».
فغضب يزيد ، وقال : كذبت والله ، إن ذلك لي ! ولو شئت أن أفعل لفعلت .
قالت [ زينب ] : « كلا ، والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج عن ملتنا ، وتدين بغير ديننا » !
فاستطار يزيد غضباً ، وقال :
« إياي تستقبلن بهذا ؟ إنما خرج من الدين أبوك وأخوك » !! ؟
فقالت زينب : « بدين الله ، ودين أبي ، ودين أخي إهتديت أنت وجدك وأبوك ... إن كنت مسلماً » !
قال : كذبت يا عدوة الله !!
قالت له : « أنت أمير تشتم ظالماً ، وتقهر
---------------------------
(1) أوتمت وأستخدم ؟ : أي صرت يتيمة خادمة أيضاً ؟
(2) اي : ولا ليزيد .
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 383 _
بسلطانك ».
فكأنه استحيى وسكت ، فعاد الشامي فقال : هب لي هذه الجارية ؟
فقال يزيد : « أعزب ! وهب الله لك حتفاً قاضياً » !
فقال الشامي : من هذه الجارية ؟
قال يزيد : هذه فاطمة بنت الحسين ، وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب !!
فقال الشامي : الحسين بن فاطمة ... وعلي بن أبي طالب ؟!
قال : نعم .
فقال الشامي : لعنك الله ـ يا يزيد ـ اتقتل عترة نبيك ، وتسبي ذريته ؟ والله ما توهمت إلا أنهم سبي الروم.
فقال يزيد : والله لألحقنك بهم .
ثم أمر به فضرب عنقه (1) .
---------------------------
(1) الإرشاد ، ص 246 ، وقد حكى ذلك المازندراني في « معالي السبطين » عن الإرشاد ، مع بعض الفروق في الكلمات ، ونحن جمعنا بين النسختين ، وجاء ذلك ـ أيضاً ـ في تاريخ الطبرى ج 5 ص 461.
المحقق
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 385 _
رأس الإمام الحسين ( عليه السلام ) في مجلس الطاغية يزيد
وجاء في التاريخ : ثم وضع رأس الحسين ( عليه السلام ) بين يدي يزيد ، وأمر بالنساء أن يجلس خلفه ، لئلا ينظرن إلى الرأس ، لكن زينب لما رأت الرأس الشريف هاج بها الحزن ، فأهوت إلى جيبها فشقته ثم نادت ـ بصوت حزين يقرح القلوب ـ : « يا حسيناه !
يا حبيب رسول الله !
يابن مكة ومنى !
يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء !
يابن المصطفى » ! (1)
---------------------------
(1) كتاب « الملهوف على قتلى الطفوف » ص 213.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 386 _
قال الراوي : فأبكت ـ والله ـ كل من كان حاضراً في المجلس ، ويزيد ساكت !
ثم دعى يزيد بقضيب خيزران ، فجعل ينكت به ثنايا الإمام الحسين عليه السلام.
فأقبل عليه أبو برزة الأسلمي وقال : ويحك يا يزيد ! أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة ؟! أشهد لقد رأيت النبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ويقول : « أنتما سيدا شباب أهل الجنة ، قتل الله قاتليكما ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا ».
فغضب يزيد وأمر بإخراجه ، فأخرج سحباً . (1)
وجعل يزيد يقول :
لـيت أشـياخي ببدر iiشهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لأهـلوا و اسـتهلوا فـرحا ثـم قـالوا : يا يزيد لا iiتشل |
|
---------------------------
(1) كتاب « الملهوف » ص 214.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 387 _
قـد قتلنا القرم (1) من iiساداتهم و عـدلـناه بـبـدر iiفـاعتدل لـعـبت هـاشم بـالملك فـلا خـبر جـاء ولا وحـي iiنزل لست من خندف إن لم أنتقم (2) من بني أحمد ما كان فعل (3) ii |
---------------------------
(1) القرم : السيد المعظم، كما في المعجم الوسيط، وفي نسخة : « قد قتلنا القوم من ساداتهم ».
(2) خندف : إسم واحدة من جدات معاوية .
(3) كتاب « الملهوف » لابن طاووس ص 214.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 389 _
الفصل السادس عشر
لماذا خطبت السيدة زينب في مجلس يزيد ؟
خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس الطاغية يزيد
شرح خطبة السيدة زينب في مجلس يزيد
نص خطبة السيدة زينب
على رواية أخرى
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 391 _
لماذا خطبت السيدة زينب
في مجلس يزيد ؟
لقد شاهدت السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) في مجلس يزيد مشاهد وقضايا ، وسمعت من يزيد كلمات تعتبر من أشد أنواع الإهانة والإستخفاف بالمقدسات ، وأقبح أشكال الإستهزاء بالمعتقدات الدينية ، وأبشع مظاهر الدناءة واللؤم ... في تصرفاته الحاقدة !!
مظاهر وكلمات ينكشف منها إلحاد يزيد وزندقته وإنكاره لأهم المعتقدات الإسلامية.
مضافاً إلى ذلك ... أن يزيد قام بجريمة كبرى ، وهي أنه وضع رأس الإمام الحسين ( عليه السلام ) أمامه وبدأ يضرب بالعصا على شفتيه وأسنانه ، وهو ـ حينذاك ـ يشرب الخمر !!
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 392 _
فهل يصح ويجوز للسيدة زينب أن تسكت ، وهي إبنة صاحب الشريعة الإسلامية ، الرسول الأقدس سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟!
كيف تسكت ... وهي تعلم أن بإمكانها أن تزيف تلك الدعاوى وتفند تلك الأباطيل ، لأنها مسلحة بسلاح المنطق المفحم ، والدليل القاطع ، وقدرة البيان وقوة الحجة ؟!
ولعل التكليف الشرعي فرض عليها أن تكشف الغطاء عن الحقائق المخفية عن الحاضرين في ذلك المجلس الرهيب ، لأن المجلس كان يحتوي على شخصيات عسكرية ومدنية ، وعلى شتى طبقات الناس. فقد كان يزيد قد أذن للناس إذناً عاماً لدخول ذلك المجلس ، فمن الطبيعي أن تموج الجماهير في ذلك المكان وحول ذلك المكان ، وقد خدعتهم الدعايات الأموية ، وجعلت على أعينهم أنواعاً من الغشاوة ، فصاروا لا يعرفون الحق من الباطل ، منذ أربعين سنة طيلة أيام حكم معاوية بن أبي سفيان على تلك البلاد.
وعلامات الفرح والسرور تبدو على الوجوه بسبب إنتصار السلطة على عصابة عرفتهم أجهزة الدعاية الأموية بصورة مشوهة .
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 393 _
وقد تعود أهل الشام على مشاهدة قوافل الأسرى التي كانت تجلب إلى دمشق بعد الفتوحات.
أما ينبغي لحفيدة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن تنتهز هذه الفرصة ، وتجازف بحياتها في سبيل الله ، وتنفض الغبار عن الحق والحقيقة ، وتعرف الباطل بكل صراحة ووضوح ؟
بالرغم من أنها كانت أجل شأناً ، وأرفع قدراً من أن تخطب في مجلس ملوث لا يليق بها ، لأنها سيدة المخدرات والمحجبات !
ولكن الضرورة أباحت لها أن توقظ تلك الضمائر التي عاشت في سبات ، وتعيد الحياة الى القلوب التي أماتتها الشهوات ، وغمرتها أنواع الفجور ، والإنحراف عن الفطرة ، فباتت وهي لم تسمع كلمة موعظة من واعظ ، ولا نصيحة من ناصح .
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 395 _
خطبة السيدة زينب عليها السلام
في مجلس الطاغية يزيد
لقد روى الشيخ الطبرسي في كتاب « الإحتجاج » خطبة السيدة زينب الكبرى ( عليها السلام ) ، ورواها ـ أيضاً ـ السيد ابن طاووس في كتاب « الملهوف ».
وبين الروايتين بعض الفروق والإضافات المهمة ، ونحن نذكر ـ أولاً ـ نص الخطبة على رواية الطبرسي ، ثم نذكر شرحاً متواضعاً للخطبة ... وبعد الفراغ من شرحها ، نذكر نصاً آخر للخطبة على رواية أخرى من دون أن نشرح كلمات النص الثاني.
ونكتفي بذكر توضيحات مختصرة لبعض كلمات الخطبة ـ على رواية ابن طاووس ـ في هامش الصفحة ، والله المستعان.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 396 _
روى الشيخ الطبرسي في كتاب « الإحتجاج » ما يلي :
« إحتجاج زينب بنت علي بن أبي طالب ، حين رأت يزيد ( لعنه الله ) يضرب ثنايا الحسين عليه السلام بالمخصرة (1) .
« روى شيخ صدوق من مشايخ بني هاشم ، وغيره من الناس : أنه لما دخل علي بن الحسين ( عليه السلام ) وحرمه على يزيد ، وجيء برأس الحسين ( عليه السلام ) ووضع بين يديه في طست ، فجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده ، وهو يقول :
لـعبت هـاشم بـالملك iiفلا خـبر جـاء ولا وحي iiنزل لـيت أشـياخي ببدر iiشهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل لأهـلوا و اسـتهلوا فـرحا و لـقالوا : يا يزيد : لا iiتشل |
---------------------------
(1) المخصرة ـ على وزن مكنسة ـ : عصا أو شبهها ، يتوكأ عليها ... ويأخذها الملك بيده ليشير بها إلى ما يريد ، وقيل : هي عصا في رأسها حديدة محددة ، مثل حديدة رأس السهم.
المحقق
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 397 _
فـجزيناه بـبدر مـثلاً (1) ii و أقـمنا مـثل بـدر iiفاعتدل لـست من خندف إن لم iiأنتقم من بني أحمد ما كان فعل (2) |
قالوا : فلما رأت زينب ذلك أهوت إلى جيبها فشقته (3) ، ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب : « يا حسيناه ! يا حبيب رسول الله ، يا بن مكة ومنى ، يا بن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، يا بن محمد المصطفى ».
---------------------------
(1) وفي نسخة : قد قتلنا القوم من ساداتهم.
(2) خندف : لقب امرأة في الجاهلية وإلى لقبها إنتمت قبيلتها .
كما يستفاد ذلك من كتاب « لسان العرب » لإبن منظور ، وقيل : هي من جدات معاوية .
المحقق
(3) جيب القميص : ما يدخل منه الرأس عند لبس القميص، كما في « المعجم الوسيط » .
قال بعض المحققين من الخطباء « كانت المرأة المحجبة تلبس أكثر من ثوب ـ في ذلك الزمان ـ ، فإذا هاج بها الحزن لدرجة كبيرة ، تشق جيبها كرد فعل طبيعي للحزن الشديد الذي صار يعصر قلبها بكيفية خطرة ، ويبقى عليها أكثر من ثوب غير الثوب الذي شقت جيبه .
المحقق
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 398 _
قال : فأبكت ـ والله ـ كل من كان ، ويزيد ساكت ، ثم قامت على قدميها ، وأشرفت على المجلس ، وشرعت في الخطبة ، إظهاراً لكمالات محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإعلاناً بأنا نصبر لرضى الله ، لا لخوف ولا دهشة ، فقامت إليه زينب بنت علي ، وأمها فاطمة بنت رسول الله ، وقالت :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على جدي سيد المرسلين.
صدق الله سبحانه ، كذلك يقول : « ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون ». (1)
أظننت ـ يا يزيد ـ حين أخذت علينا أقطار الأرض (2) ، وضيقت علينا آفاق السماء ، فأصبحنا لك في إسار ، نساق إليك سوقاً في قطار ، وأنت علينا ذواقتدار ، أن بنا من الله هواناً ، وعليك منه كرامةً
---------------------------
(1) سورة الروم ، الآية 10.
(2) وفي نسخة : حيث أخذت...
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 399 _
وامتنانا (1) ، وأن ذلك لعظم خطرك وجلالة قدرك ، فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، تضرب أصدريك فرحاً ، وتنفض مذرويك مرحاً ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة (2) والأمور لديك متسقة ، وحين صفى لك ملكنا ، وخلص لك سلطاننا ، فمهلاً مهلا ، لا تطش جهلاً ، أنسيت قول الله ( عزوجل ) : « ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ، إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ، ولهم عذاب مهين » (3) .
أمن العدل ـ يابن الطلقاء ـ تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدوا بهن الأعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهن أهل المناقل ، ويتبرزن لأهل المناهل ، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد ، والشريف والوضيع ، والدنيئ والرفيع ، ليس معهن
---------------------------
(1) وفي نسخة : ولك عليه كرامةً وامتنانا.
المحقق
(2) لعل الأصح : مستوثقة .
المحقق
(3) سورة آل عمران ، الآية 178.
زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد _ 400 _
من رجالهن ولي ، ولا من حماتهن حمي ، عتواً منك على الله ، وجحوداً لرسول الله ، ودفعاً لما جاء به من عند الله.
ولا غرو منك ولا عجب من فعلك ، وأنى ترتجى مراقبة إبن من لفظ فوه أكباد الشهداء ، ونبت لحمه بدماء السعداء ، ونصب الحرب لسيد الأنبياء ، وجمع الأحزاب ، وشهر الحراب ، وهز السيوف في وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أشد العرب لله جحوداً ، وأنكرهم له رسولاً ، وأظهرهم له عدواناً ، وأعتاهم على الرب كفراً وطغياناً.
ألا إنها نتيجة خلال الكفر ، وضب يجرجر في الصدر لقتلى يوم بدر .
فلا يستبطى في بغضنا ـ أهل البيت ـ من كان نظره إلينا شنفاً وإحناً وأضغانا ، يظهر كفره برسول الله ، ويفصح ذلك بلسانه وهو يقول ـ فرحاً بقتل ولده وسبي ذريته ، غير متحوب ولا مستعظم ، يهتف بأشياخه ـ :
لأهـلوا واسـتهلوا iiفرحاً ولقالوا : يا يزيد : لا تشل |
|