القدمين في قوله : ( وأرجلكم إلى الكعبين )(1).
   وفي نقل هذا المعنى عن ابن مسعود عناية ، اما أن يراد به أن قوله في (أرجلكم ) يرجع إلى الغسل فتصير معطوفة على الوجوه والأيدي لا علىالرؤوس ومعناه عدم امكان الاستدلال بها على المسح ، وفي هذا بحث مفصل بين الأعلام سنتعرض إليه في الجانب القرآني من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى ، ولكن المتبادر من الجملة ليس هذا .
   أو أن يراد منه أن ابن مسعود رجع إلى القول بالغسل بعد أن كان يقول بالمسح ، ولو صح هذا فأين قوله بالجواز حتى نقول انه قد رجع عنه يا ترى ؟‍ ! نعم ، إنها أقوال متناثرة لو قرن بعضها إلى بعض لحصلنا على النتيجة .
   فقد روي عن إبراهيم النخعي كرهه الإسراف في الوضوء وعدم لزوم تخليل اللحية والدلك فيها ، وكان يقول : تشديد الوضوء من الشيطان لو كان فضلاً لأوثر به أصحاب محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) (2).
   أو قوله : لم يكونوا يلطمون وجوههم بالماء ، وكانوا أشد استبقاءً للماء منكم في الوضوء ، وكانوا يرون أن ربع المد يجزي من الوضوء ، وكانوا أصدق ورعاً وأسخى نفساً وأصدق عند البأس (3).
   وفي قوله هذا تعريض بالذين يزيدون في الوضوء ويلتمسون الفضل بالغسل ! وقد قال عنهم : من رغب عن المسح ، فقد رغب عن السنة ، ولا أعلم ذلك إلاّ من الشيطان .
   وبذلك كان يريد أن يدلل على أن فعله تابع لفعل الصحابة وانه من أنصار مدرسة التعبد المحض لا الرأي والاجتهاد ، فإنه لو رأى الصحابة قد مسحوا

(1) المصنف 1 : 20 ، كنز العمال 9 : 434 (عب ، طب) والدر المنثور .
(2) انظر المغني 1 : 117 ، كنز العمال 9 : 473 | 24 ، 27 .
(3) كنز العمال 9 : 473 | 20726 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 227 ـ
  على ظفر لمسح عليها فقط ، ولا يعمم المسح إلى جميع الرجل أو يتعدى فيها إلى الغسل ، فاستمع لما رواه أبو حمزه عن إبراهيم أنه قال :
   لو أن أصحاب محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) لم يمسحوا إلاّ على ظفر ما غسلته التماس الفضل ، وحسبنا من إزراء على قوم أن نسأل عن فقههم ونخالف أمرهم (1).

الشعبيّ

   قال السيوطي : أخرج عبدالرزاق بن جاروه ، وابن أبي شيبة ـ في سننه ـ ، وعبد بن حميد ، وابن جرير في ـ تفسيره ـ ، عن الشعبي ، أنه قال : نزل جبرئيل بالمسح على القدمين ، ألا ترى أن التيمم أن تمسح ما كان غسلاً ، ويلغى ما كان مسحا (2).
   أخرج الطبري بسنده ، عن أبي خالد ، أنه : كان يقرأ الشعبي ( وأرجلكم ) بالخفض (3).
   وقال قبلها : إن جماعة من قرّاء الحجاز والعراق قرؤوا : (وأرجلكم) في الآية بخفض الأرجل ، وتأولها : إن الله إنما أمر عباده بالمسح للرجلين في الوضوء دون الغسل ... فذكر أسماءهم ، وذكر من جملتهم عامر الشعبي (4).
   وقد أخرج عبدالرزاق بسنده إلى الشعبي أنه قال : ( أما جبرئيل فقد نزل بالمسح على القدمين )(5).
   وقال النيسابوري :
   اختلف الناس في مسح الرجلين وغسلهما ، فنقل القفال في تفسيره ، عن ابن

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 6 : 274 .
(2) الدر المنثور 2 : 262 ، المصنف 1 : 30 | 7 ، تفسير الطبري 6 : 82 .
(3) تفسير الطبري 6 : 83 .
(4) تفسير الطبري 6 : 82 .
(5) المصنف لعبدالرزاق 1 : 19 | 56 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 228 ـ
  عباس ، وأنس بن مالك ، وعكرمة ، والشعبي : إن الواجب فيهما المسح ، وهو مذهب الإمامية .
   ثم قال : وحجة من أوجب المسح قراءة الجر في ( أرجلكم ) عطفاً على ( رؤوسكم ) ، ولا يمكن أن يقال : إنه كسر على الجوار ، كما في قوله :

جحر ضب خرب

   لأن ذلك لم يجئ في كلام الفصحاء ، وفي السنة وأيضاً إنه جاء : لا لبس ولا عطف بخلاف الآية (1).
   فالشعبي ـ كما قرأت ـ كان يقول بالمسح رغم كل الضغوط السياسية والاجتماعية الحاكمة آنذاك .
   فقد أخرج أبو نعيم بسنده ، عن الشعبي ، أنه قال :
   اُتي بي إلى الحجاج موثقاً ، فلما انتهيت إلى باب القصر ، لقيني يزيد بن أبي مسلم ، فقال : إنا لله يا شعبي ! لما بين دفتيك من العلم ، وليس بيوم شفاعة ، بؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك ، فبالحري أن تنجو ، ثم لقيني محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة يزيد .
   فلما دخلت عليه ، قال : وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر ؟
   قلت : أصلح الله الأمير ، أحزن بنا المنزل ...
   ثم سأله الحجاج عن الفريضة في الاُخت ، واُم الجد ؟ فأجابه الشعبي باختلاف خمسة من أصحاب الرسول فيها : عثمان ، زيد ، ابن مسعود ، علي ، ابن عباس ... ثم بدأ بشرح كلام ابن عباس .
   فقال له الحجاج : فما قال فيها أمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ ؟ فذكرها له .
   فقال الحجاج : مر القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين

(1) تفسير غرائب القرآن ( تفسير الطبري 6 ) : 73 ـ 74 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 229 ـ
  عثمان (1).
   هذه هي سياسة الحكومة ، معلنة صريحة ، فالذي يجب أن يتبعه القاضي ويفتي به في المنازعات ، هو رأي عثمان لا غير ! !
   وقول الحجاج ( وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر ) إشارة إلى أنه خرج عن طاعة السلطان وأخذ يفتي الناس ناقلاً آراء الآخرين بجنب رأي عثمان ، وقد عرفت عنه أنه كان لا يحبذ الأخذ بالرأي ، بل يؤكد على لزوم اتباع المأثور ، وإن كن يقول بها تحت ظروف خاصة ، وستقف في الفصل الاول على سياسة الحكام أكثر مما قلناه ، وأنهم كانوا لا يحبذون نقل حديث رسول الله ، بل يفضلون نقل اجتهادات الشيخين لقول عثمان عن السنة ( إلاّ ما عمل في زمن الشيخين ) ولثبات سياسة الحكام بتقوية مكانة الصحابة وعدهم عدولاً يجب الأخذ بقولهم ، وأن نقل الحديث المخالف لاجتهادات الصحابة كان مما يغضب السلطان !
   وأن كلام يزيد بن مسلم ، لما لقيه عند باب القصر ( لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم ) ، وقول الشعبي : ( انما هلكتم بأنكم تركتم الآثار ، وأخذتم بالمقاييس ) (2)إشارة إلى هذه الحقيقة ... فلو كان الشعبي قد رأى بين الآثار الموجودة عنده ما يصفه عثمان من وضوء رسول الله ، لما قال : ( نزل جبرئيل بالمسح على القدمين ) ! ولأدى ما عليه من الفضل لعبد الملك بن مروان ، الذي ثبت في التاريخ أنه كان حظياً عنده .
   إن إصرار الشعبي على المسح إذن ، دليل على أصالته ، وأنه وضوء رسول الله ، وكبار الصحابة ... لا أنه وضوء عليّ والرافضة ـ كما يدعون ـ فقط .
   بعد هذا كله ، كيف يتأتى للشعبي ـ وقد انخرط في سلك الدولة ـ أن يتوضأ

(1) حلية الأولياء 4 : 325 .
(2) حليه الأولياء 4 : 320 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 230 ـ
  بوضوء عليّ ، وهو الذي أقسم بالله بأن عليّاً دخل حفرته وما حقظ القرآن (1)..
   بل وقد كذب كل من نادى بحب عليّ وأشار إلى مناقبه وفضائله ، كما فعله مع الحارث الهمداني وغيره ؟ !

عكرمة

   أخرج الطبري في تفسيره بسنده عن يونس ، أنه قال : حدثني من صحب عكرمة إلى واسط ، قال : فما رأيته غسل رجليه [ إنما كان ] يمسح عليهما حتى خرج منها (2).
   وبسنده ، عن عبدالله العتكي ، عن عكرمة ، أنه قال : ليس على الرجلين غسل ، إنما نزل فيهما المسح (3).
   وقال القرطبي ـ بعد كلام طويل ـ : ... وكان عكرمة يمسح رجليه ، وقال : ليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح (4).
   وقال الرازي في تفسيره ( ما مضمونه ) : ذهب عكرمة إلى وجوب المسح في الرجلين دون غسلهما (5).
   وفي تفسير النيسابوري : اختلف الناس في مسح الرجلين ، والمنقول عن عكرمة : إن الواجب فيهما المسح(6).
   أخرج عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن عكرمة والحسن ، قالا في هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) قالا : تمسح

(1) القرطين لابن مطرف الكناني 1 : 158 ، وعنه في البيان للسيد الخوئي : 537 .
(2) تفسر الطبري 6 : 83 .
(3) تفسير الطبري 6 : 82 ، وانظر : المصنف لعبدالرزاق 1 : 19 | 55 .
(4) تفسير القرطبي 6 : 92 .
(5) التفسير الكبير للرازي 11 : 161 .
(6) تفسير غرائب القرآن (تفسير الطبري) 6 : 73 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 231 ـ
  الرجلين (1).
   وعنه عن ابن عباس قال : افترض الله غسلتين ومسحتين ، ألا ترى انه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين ، وقال رجل لمطر الورّاق : من كان يقول المسح على الرجلين ؟
   فقال : فقهاء كثيرون (2).
   قال الجصاص ، في أحكام القرآن : قرأ بن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وحمزة ، وابن كثير : ( وأرجلكم ) بالخفض ، وتأولوها على المسح (3).
وقد نقل الخطيب في ( الفقيه والمتفقه ) أن عكرمة أنكر مسح الخفين فقلت له : أن ابن عباس بلغني أنه كان يمسح ؟
   قال عكرمة : ابن عباس إذا خالف القرآن لم يؤخذ به (4).
   ومن هذا الكلام نفهم أصالة المسح ، ووجود ترابط بين القول بالمسح على الرجلين وإنكار المسح على الخفين !
   وعلى ضوء ما سبق استبان ان موقف عكرمة من الوضوء لدليل واضح على أن وضوء عليّ هو وضوء رسول الله ، إذ لو كان الوضوء المسحي هو وضوء علي وحده لما تبعه رجال من أمثال الشعبي وعكرمة أبداً ، لأن المعروف عن عكرمة أنه أول من نشر رأي الخوارج في المغرب ، وهو القائل بأن قوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (5)نزلت في ابي بكر ، خلافاً لجميع المفسرين (6)، وهو

(1) المصنف لعبدالرزاق 1 : 18 | 53 .
(2) المصنف لعبدالرزاق 1 : 19 | 54 .
(3) أحكام القرآن 2 : 345 .
(4) الفقيه والمتفقه 1 : 76 .
(5) المائدة : 55 .
(6) تفسير ابن كثير 2 : 119 ، تفسير القرطبي 6 : 221 ، تفسير الطبري 6 : 186 ، الكشاف 1 : 649 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 232 ـ
  القائل أيضاً بأن آية التطهير نزلت في نساء النبي ، واشتهر عنه انه كان يصيح في الأسواق : ليس كما تذهبون إليه ، إنما نزلت في نساء النبي ، كما كان يدعوالناس ـ من بغضه لعليّ وأهل بيته ـ إلى المباهلة في آية التطهير (1).
   ولم يوافقه في ذلك إلاّ مقاتل بن سليمان ونفر آخر ، وله أحاديث اُخرى كلها تدلل على بغضه وانتقاصه من عليّ .
   وقد نقل ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الاسكافي : أن عروة بن الزبير كان من الذين استخدمهم معاوية لرواية أخبار قبيحة في عليّ تقتضي الطعن فيه والبراءة منه .
   وقد مر عليك كلام الزهري في عروة وعائشة وانه يتهمهما في عليّ !
   وعليه ، فأن مجيء أسماء اُناس ، كأنس بن مالك ، والشعبي ، وعكرمة ، وعروة بن الزبير وغيرهم في سجل الوضوء الثنائي المسحي ، يقوم دليلاً على أصالة هذا الخط ، وأن هذا الوضوء هو وضوء رسول الله حقاً .

محمد بن علي الباقر

   أخرج الكليني بسنده ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ) ؟
   فقلنا : بلى .
   فدعا بقعب فيه شيء من ماء ، فوضعه بين يديه ، ثم حسر عن ذرعيه ، ثم غمس فيه كفه اليمنى ، ثم قال : ( هكذا ، إذا كانت الكف طاهرة ) ، ثم غرف ملأها ماء ، فوضعها على جبينه ، ثم قال : ( بسم الله ) وسدله على أطراف لحيته ، ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه ، مرة واحدة ، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها

(1) تفسير الطبري 22 : 7 ـ 8 ، تفسير القرطبي 14 : 182 ـ 184 ، المعارف لابن قتيبة : 258 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 233 ـ
  ملأها ، ثم وضعه على مرفقه اليمنى ، فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ثم غرف بيمينه ملأها ، فوضعه على مرفقه اليسرى ، فأمر على كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ومسح مقدم رأسه ، وظهر قدميه ، ببلة يساره ، وبقية بلة يمناه (1).
   وفيه ، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة وبكير ، أنهما سألا أبا جعفر ( عليه السلام ) عن وضوء رسول الله ... فدعا بطست ، أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى ، فغرف بها غرفة ، فصبها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثم غمس كفه اليسرى ، فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف ، لا يردها إلى المرافق ، ثم غسل كفه اليمنى ، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق ، وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثم مسح رأسه ، وقدميه ، ببلل كفه ، لم يحدث لهما ماءً جديداً ، ثم قال : ( ولا يدخل أصابعه تحت الشراك ) .
   قال : ثم قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) فليس له أن يدع شيئاً من وجهه إلاّ غسله ، وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين ، فليس له أن يدع من يديه إلى المرفقين شيئاً إلا غسله ، لأن الله تعالى يقول : ( فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ثم قال : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ، ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع ، فقد أجزأه ) .
   قال : فقلنا : أين الكعبان ؟
   قال : ها هنا ... يعني : المفصل دون عظم الساق .
   فقلنا : هذا ما هو؟
   فقال : هذا عظم الساق ، والكعب أسف من ذلك(2).

(1) الكافي 3 : 25 | 4 .
(2) الكافي 3 : 25 | 5 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 234 ـ
   ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار مع اختلاف في بعض الألفاظ(1).
   وأخرج الطوسي بسنده ، عن ميسر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ؟ ... ثم أخذ كفاً من ماء فصبها على وجهه ، ثم أخذ كفاً فصبها على ذراعه ، ثم أخذ كفاً آخر فصبها على ذراعه الاُخرى ، ثم مسح رأسه وقدميه ، ثم وضع يده على ظهر القدم ، ثم قال : ( هذا هو الكعب ) ... قال : راوياً بيده إلى أسف العرقوب ، ثم قال : ( إن هذا هو الظنبوب ) (2).
   وأخرج الكليني بسنده ، عن محمد بن مسلم ، عن الباقر ( عليه السلام ) ، أنه قال : ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ؟
   قلت : بلى .
   قال : فأدخل يده في الإناء ولم يغسل يده ، فأخذ كفاً من ماء فصبه على وجهه ، ثم مسح جانبه حتى مسحه كله ، ثم أخذ كفاً آخر بيمينه فصبه على يساره ، ثم غسل به ذراعه الأيمن ، ثم أخذ كفاً آخر فغسل به ذراعه الأيسر ، ثم مسح رأسه ورجليه بما بقي في يديه(3).
   وبسنده عن زرارة : قال : حكى لنا أبو جعفر ( عليه السلام ) وضوء رسول الله ... فدعا بقدح ، فأخذ كفاً من ماء فأسدله على وجهه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعاً ، ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأسدلها على يده اليمنى ثم مسح جوانبها ، ثم أعاد اليمنى في الإناء فصبها على اليسرى ، ثم صنع بها كما صنع باليمنى ، ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه ، ولم يعدهما في الإناء (4).

(1) التهذيب 1 : 56 | 158 ، الاستبصار 1 : 57 | 168 .
(2) التهذيب 1 : 75 | 190 .
(3) الكافي 3 : 24 | 3 .
(4) الكافي 3 : 24 | 1 ، التهذيب 1 : 55 | 157 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 235 ـ
تلخّص

   توقفنا النصوص السابقة على أمرين :
  1 ـ استمرار اختلاف المسلمين في صفة وضوء رسول الله حتى عهد الإمام الباقر( الذي توفى سنة 114 هـ ) ، إذ نرى زرارة وبكيراً يسألانه حتى وضوء رسول الله ، أو نرى الباقر يحكي لهم ذلك الوضوء ( حكى لنا أبو جعفر وضوء رسول الله ) أو قوله ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ) ... ففي الجملتين دلالة على أهمية طرح هذا الوضوء في ذلك العصر الذي ضاعت فيه تعاليم السماء فقد كان أنس وغيره من الصحابة يبكون على حال الشريعة ! ... لأن الناس ـ وعلى مر الأيام ـ أخذوا يتطبعون شيئاً فشيئاً بسيرة الحكام ، رغبةً أو رهبةً ، إذ ليس بين المتبقين من الصحابة من بإمكانه الوقوف أمام اجتهادات الحكام ، بل أخذ الناس في تدوين السنة حسبما يرتضيه الحكام ! وقد أراد الإمام محمد بن علي الباقر أن يحكي وضوء رسول الله لبعض أصحابه ، لتبقى وثيقة تاريخية تشريعية في تاريخ المسألة ، وليرتفع اللبس والخلط بين الناس ، بوقوفهم على حقيقة صفة وضوء رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) وسيرة أهل بيته فيه ! !
  2 ـ عرفنا على ضوء ما تقدم أن للوضوء الثنائي المسحي أصالة ...إذ نرى أنس بن مالك والشعبي وعكرمة وعروة ـ رغم مخالفتهم لعليّ بن أبي طالب ـ ، قد رووا هذا الوضوء عن الرسول ، ورأوه أنه هو المنزل من السماء لا غير ، وأن الحكام ـ رغم اتباعهم سياسة العنف في ترسيخ الشريعة التي يرغبون تطبيقها ( من قال برأسه كذا ، قلنا بسفنا كذا ) ـ لم يتمكنوا من مجابهة الوضوء المسحي ، ولا نرى ( التقية ) تعمل ـ في الوضوء ـ عند أئمة أهل البيت حتى أواخر عهد الأمويين ، ومن يراجع مرويات الباقر في الكتب الحديثية الأربعة يجد الإمام يصف وضوء رسول الله وهو غير مكترث بما قيل أو يقال ، وأن الأمويين كانوا يجاملون الصحابة والتابعين ، كأنس بن مالك ومحمد بن علي الباقر وعبدالله بن

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 236 ـ
  عباس في وضوئهم ولم يواجهوهم بالعنف ، كما كانوا يواجهون الآخرين ، وقد وقفت على حديث أبي مالك الأشعري ، وكيف كان خائفاً من بيان وضوء النبي أو صلاته لقومه .
   حتى وصل الأمر بالناس ـ في الوضوء ـ أن يعترضوا على فقهاء الدولة لمنعهم مسح الرجلين ، متخذين اعتقاد الغالبية بمشروعيته اُسلوباً في المواجهة .
   فقد أخرج عبدالرزاق عن ابن جريح ، قال : قلت لعطاء : لم لا أمسح بالقدمين كما أمسح بالرأس ، وقد قالها جميعاً ؟
   قال : لا أراه إلاّ مسح الرأس وغسل القدمين ، اني سمعت أبا هريرة يقول : ويل للأعقاب من النار .
   قال عطاء : وان اُناساً ليقولون هو المسح ، وأما أنا فأغسلهما (1) .
   وأخرج الطحاوي عن عبدالملك قال : قلت لعطاء : أبلغك عن أحد من أصحاب رسول الله انه مسح القدمين ؟
   قال : لا (2) .
   وترى عطاء يبت في أن ( الكعبين ) داخلان في الغسل ، مع علمه بأن هذا يخالف جمعاً غفيراً من الصحابة ، لسؤالهم إياه : لم لا أمسح بالقدمين كما أمسح بالرأس ، وقد قالها جميعاً ؟
   فيقول لأبي جريح عندما سأله : قوله ( وأرجلكم إلى الكعبين ) ترى الكعبين فيما يغسل من القدمين ؟
   قال : نعم ، لا شك فيه (3).
   وقد أخرج عبدالرزاق عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن

(1) المصنف لعبدالرزاق 1 : 20 | 58 .
(2) شرح معاني الآثار 1 : 41 | 220 .
(3) المصنف لعبدالرزاق 1 : 25 | 78 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 237 ـ
  عثمان ابن أبي سويد انه ذكر لعمربن عبدالعزيز المسح على القدمين فقال : لقد بلغني عن ثلاثة من أصحاب محمد ، أدناهم ابن عمك المغيرة بن شعبة ، أن النبي غسل قدميه (1).
   وهناك نصوص كثيرة من هذا القبيل تدل جميعاً على وجود خيوط ومؤشرات لكلا الاتجاهين ، وأن الخلفاء ومن يدور في مدارهم كانوا يؤكدون على الغسل ويعدونه سنة رسول الله ، أما الناس فكانوا يعترضون على عطاء ، ـ فقيه الحكومة ـ ويذكرون مشروعية المسح على القدمين عند عمر بن عبد العزيز ـ خليفة المسلمين ـ .
   هذا ، وان حالة المداراة للصحابة أو التابعين في الوضوء لم تستمر كثيراً بل نرى سياسة الحكام تتغير في العهد العباسي ، إذ نرى ظاهرة التقية تجري في بعض روايات الصادق والكاظم ، وهذا ينبئ بأن الحكام قد اتخذوا سياسةً جديدةً في العهد العباسي ، وستقف ـ بعد قليل ـ على اُصول تلك السياسة .
   وبذلك ... فقد عرفنا مشروعيّة المسح ، وأن جمعاً غفيراً من الصحابة والتابعين كانوا يمسحون على أرجله ناسبين ذلك الفعل إلى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) وليس إلى عليّ ! وقد ذكرنا أسماء عشرة منهم ، وها نحن نضيف إليهم آخرين :
  11 ـ أبو مالك الأشعري .
  12 ـ عباد بن تميم المازني .
  13 ـ تميم بن زيد المازني .
  14 ـ عبدالله بن زيد المازني (2)
  15 ـ عروة بن الزبير .

(1) المصنف لعبدالرزاق 1 : 21 | 61 ، والكنز تحت رقم 2197 .
(2) حسبما رواه ابن أخيه عنه في شرح معاني الآثار ، وما جاء عنه في المصنف لابن أبي شيبة .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 238 ـ
  16 ـ الحسن البصري .
  17 ـ إبراهيم النخعي .
  18 ـ علقمة بن قيس .
  19 ـ عبدالله بن مسعود .
  20 ـ أوس بن أبي أوس الثقفي .
  21 ـ رفاعة بن رافع .
  22 ـ الشعبي .
  23 ـ عكرمة .
  24 ـ محمد بن علي الباقر .
  وهنا ... نعاود السؤال : لماذا يرمى القائلون بالمسح بالزندقة ، إن كان ذلك الفعل صحيح بالنسبة إلى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) وأتى به كبار الصحابة والتابعين ؟ !
   وما يعني هذا التهجم على الرافضة أو الشيعة ... ألم يكونوا معذورين في فعلهم باتباعهم سنة النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ؟ !
   ولم يرمونهم بالضلالة والبدعة ... أتقديراً لثباتهم على خط السنة النبوية ، أم استنصاراً للعصبية وطاعة للسلطة ؟ !

وضوء الزيدية

   لرب سائل يسأل : كيف يمكن الاطمئنان إلى استناجكم ، ونحن نرى الزيدية يتوضؤون وفق ما رووه عن الإمام زيد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن رسول الله : وأن رسول الله توضأ وفق ما حكاه عثمان بن عفان .
   فلو صح تحليلكم ، وكان وضوء الخليفة عثمان بن عثمان عبارة عن تشريع سياسي ، فكيف يتوضأ الإمام زيد بوضوئهم ؟

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 239 ـ
وحدة المرويات عند العلويين

  ثبت في التاريخ أن بني علي بن أبي طالب ـ الحسنيين منهم والحسينيين سواء ـ كانوا على فقه واحد ، ولم يختلفوا في الأحكام وكان فقههم غير فقه الحكام ، وإليك بعض النصوص :

1 ـ وقت العصر عند الطالبيين :
   جاء في مقاتل الطالبيين : بأن رجلاً عرض على الرشيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ، نصيحة !
   فقال لهرثمة : إسمع ما يقول !
   قال الرجل : يا أمير المؤمنين ، إنها في أسرار الخلافة .
   فأمره أن لا يبرح ، ثم خلا به واستمع إلى خبره ...
   قال الرجل : كنت في خان من خانات حلوان ، فإذا بيحيى بن عبدالله بن الحسن ابن عليّ في دراعة صوف غليظة ، وكساء صوف أحمر غليظ ، ومعه جماعات ينزلون إذا نزل ، ويرتحلون إذا ارتحل ، ويكونون معه ناحية ، فيوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه ، وهم أعوانه ! مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به إن عرض له .
   قال : أو تعرف يحيى ؟
   قال : قديماً ، وذلك الذي حقق معرفتي بالأمس له .
   قال : فصفه لي .
   قال : مربوع ، أسمر ، حلو السمرة ، أجلح ، حسن العينين ، عظيم البطن .
   قال : هو ذاك ، فما سمعته يقول ؟
   قال : ما سمعته يقول شيئاً ، غير أني رأيته ورأيت غلاماً له أعرفه ، لما حضر وقت صلاته ، أتاه بثوب غسيل ، فألقاه في عنقه ، ونزع جبته الصوف ليغسلها ،

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 240 ـ
  فلما كان بعد الزوال ، صلى ظننتها العصر ، أطال في الأولتين ، وحذف الأخيرتين .
   فقال له الرشيد : لله أبوك ! لجاد ما حفظت ؟ ... تلك صلاة العصر ، وذلك وقتها عند القوم ، أحسن الله جزاءك ، وشكر سعيك ، فما أنت ؟ وما أصلك ؟
   فقال : أنا رجل من أبناء هذه الدولة ، وأصلي مرو ، ومنزلي بمدينة دار السلام ، فأطرق مليّاً ، ثم قال ... (1)ـ الخبر ـ .
   يفهم هذا النص أن الخلاف الفقهي بين الخليفة وبني الحسن كان هو المعيار الشاخص في معرفتهم للطالبيين ، وخصوصاً في الظروف السياسية والوقائع الاجتماعية ، وإنك ستتعرف لدى حديثنا عن العهد العباسي على كيفية استخدام الحكام المذهب كوسيلة لعزل أبناء عليّ بن أبي طالب عن المسلمين ، بل عدّهم مارقين وخارجين عن الإسلام ! في حين أن الاُصول لتؤكد على أنهم لا يقولون بشيء إلاّ وكانوا قد توارثوه كابر عن كابر ، وأن أغلب حديثهم هو عن رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) .
   إن أشاعة الخلاف المذهبي بين أوساط الاُمة ، إنما حركته النوازع والغايات السياسية ، وما وجاء إلاّ لعزل الشيعة عن غيرهم ، فقول الرشيد للرجل : ( لله أبوك ! لجاد ما حفظت ؟ تلك صلاة العصر ، وذلك وقتها عند القوم ) ليؤكد تلك الحقيقة .
   وبهذا ، فلا يمكن أن يختلف أبناء عليّ في حكم ضروري يمارسه المسلم عدة مرات في اليوم .
   ولو تابعنا رأي الإمام زيد في وقت العصر لرأيناه نفس رأي الإمام الصادق وعبدالله بن عباس وغيرهم من أهل البيت .

(1) مقاتل الطالبيين : 466 ـ 467 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 241 ـ
  جاء في مسند الإمام زيد ـ باب أوقات الصلاة ـ : حدثني زيد بن عليّ ، عن أبيه ، عن جده ( رضي الله عنهم ) ، عن علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) : قال رسول الله : ( إنه سيأتي على الناس أئمة بعدي يميتون الصلاة كميتة الأبدان ، فإذا أدركتم ذلك فصلّو الصلاة لوقتها ، ولتكن صلاتكم مع القوم نافلة ، فإن ترك الصلاة عن وقتها كفر ) (1).
   وفيه كذلك : سمعت الإمام الشهيد أبا الحسين زيد بن عليّ رضي الله عنه ـ وقد سئل عن قوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ... ) ـ فقال رضي الله عنه : دلوك الشمس زوالها ، وغسق الليل ثلثه حتى يذهب البياض من أسفل السماء ، ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار .
   وقال زيد به عليّ رضي الله عنه : ( أفضل الأوقات أولها ، وإن أخرت فلا بأس ) (2).
   فالإمام زيد يريد الإشارة إلى أن أوقات الصلاة ثلاثة كما قال سبحانه في محكم كتابه وكما يعمل به شيعة عليّ .
   وأن وقت فضيلة صلاة العصر ، هو بعد الانتهاء من صلاة الظهر ، وهو ما يذهب إليه الإمامان الباقر والصادق .
   ويحتمل أن يكون قول الإمام زيد في الخبر الأول ( فإن ترك الصلاة عن وقتها كفر ) إشارة إلى فعل الأمويين ودورهم في تغيير أوقات الصلاة ولزوم دعوة المؤمنين وإصرارهم لإتيانها في أوقاتها ، لما ورد في فضلية الصلاة لوقتها ، ودحضاً لعمل المحدثين في الشريعة واستجابة لما أخبر به النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) : سيكون عليكم اُمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة حتى يؤخّروها ، فصلوها لوقتها (3).

(1) مسند الإمام زيد : 88 ، وقد أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة نحوه .
(2) مسند الإمام زيد : 88 .
(3) مسند أحمد 5 : 315 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 242 ـ
   وجاء في الأنساب للبلاذري أن أهل مصر أرسلوا وفداً لعثمان بسبب تلاعب ابن أبي سرح بمواقيت الصلاة .
   وفي تاريخ المدينة لابن شبّة : فخرج من أهل مصر سبعمائة إلى المدينة فنزلوا المسجد ، وشكوا إلى أصحاب النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم (1).
   وقد ثبت في التاريخ أن سليمان بن عبدالملك أعاد الصلاة إلى أوقاتها (2)، وفي نقل هذا الخبر عن الخليفة إشارة إلى أن اعتراض المسلمين على الحكام ـ في مسألة أوقات الصلوات ـ كان جماهيرياً ، وأن الخليفة قد استجاب لطلبهم حين رأى مصلحته في ذلك .
   وقد أخرج البخاري في صحيحه ـ باب تضييع الصلاة عن وقتها ـ حديثين عن أنس ، أحدهما عن غيلان عن أنس قال : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي !
   قيل : الصلاة ؟ !
   قال : أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها !
   والآخر عن عثمان بن أبي رواد قال : سمعت الزهري يقول : دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي .
   فقلت : ما يُبكيك ؟
   فقال : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلاّ هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضيعت (3).
   هذا ، وقد رُوِيَ عن الإمام الصادق قوله :

(1) تاريخ المدينة 4 : 1158 .
(2) راجع : البداية والنهاية 9 : 187 ، وغيره من كتب التاريخ .
(3) صحيح البخاري 1 : 141 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 243 ـ
  لكل صلاة وقتان ، وأول الوقتين أفضلهما ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً ، ولكنه وقت من شُغل ، أونسي ، أو سها ، أو نام ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلاّ من عذر ، أو علة (1).
   وسأل عبيد بن زرارة الصادق عن وقت الطهر والعصر ، فقال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعاً ، إلاّ أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس (2).
   وقد أيد موقف أهل البيت بعض الصحابة منهم ابن عباس (3).
   وعائشة وانها قالت : كان رسول الله يصلي العصر والشمس لم تخرج من حجرتها .
   وفي آخر : إن رسول الله صلى العصر والشمس في حجرتها ، لم يظر الفيء من حجرتها .
   وفي ثالث : كان النبي يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي لم يظهر الفيء بعد (4).
   وأخرج البخاري ـ في باب وقت العصر ـ قال : سمعت أبا أمامة يقول : صلينا مع عمر بن عبدالعزيز الظهر ، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك ، فوجدناه يصلي العصر .
   فقلت : يا عم ! ما هذه الصلاة التي صليت ؟
   قال : العصر ، وهذه صلاة رسول الله التي كنا نصلي معه (5).

(1) تهذيب الأحكام 2 : 39 | 123 ، الاستبصار 1 : 276 | 1003 .
(2) تهذيب الأحكام 2 : 24 | 68 و 26 : 73 ، الاستبصار 1 : 246 | 881 ، من لا يحضره الفقيه 1 : 139 | 647 .
(3) أنظر مسند أحمد 1 : 221 ، 283 ، شرح معاني الآثار 1 : 160 | 966 ، 967 ، صحيح البخاري 1 : 143 و 147 .
الموطأ 1 : 144 | 4 ، سنن أبي داود 2 : 6 | 1210 ، صحيح مسلم 1 : 489 | 49 ، 490 | 54 ، 491 و 492 | 57 ، 58 .
(4) صحيح البخاري 1 : 144 ، الموطأ 1 : 4 | 2 .
(5) صحيح البخاري 1 : 144 ، 145 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 244 ـ
   وغيرها الكثير وجاء في مقاتل الطالبين ، عن الحسن بن الحسين ، قال : دخلت أنا والقاسم بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين ، نغسل أبا الفوارس عبدالله بن إبراهيم بن الحسين ، وقد صلينا الظهر .
   فقال لي القاسم : هل نصلي العصر ؟ ... فإنا نخشى أن نبطئ في غسل الرجل [ يعني به أبا الفوارس ] .
   فصليت معه ... فلما فرغنا من غُسله ، خرجت أقيس الشمس ، فإذا ذلك أول وقت العصر ، فأعدت العصر ... فأتاني آتٍ في النوم ، فقال : أعدت الصلاة وقد صليت خلف القاسم ؟ !
   قلت : صليت في غير الوقت !
   قال : قلبُ القاسم أهدى من قلبك (1).
   فاتضح مما سبق أن موقف الطالبيين ـ سواء الحسني منهم أو الحسيني ـ وكذا بعض الصحابة كعبدالله بن عباس ( حبر الاٌمة ) وأنس بن مالك ( خادم الرسول ) وعائشة ( زوج النبي ) وغيرهم ، كان هو الجمع ، أو نراهم يقررون الجمع .

2 ـ المسح على الخفين :
   1 ـ أخرج أبو الفج الأصفهاني أخبار بعض المندسين في صفوف يحيى بن عبدالله بن الحسن ، فقال : صحبه جماعة من أهل الكوفة ، فيهم ابن الحسن بن صالح بن حي .. كان يذهب مذهب الزيدية البترية في تفضيل أبي بكر وعمر وعثمان في ست سنين من إمارته ، وإلى القول بكفره في باقي عمره ، يشرب النبيذ ، ويمسح على الخفين ..وكان يخالف يحيى في أمره ، ويفسد أصحابه .

(1) مقاتل الطالبيين : 617 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 245 ـ
   قال يحيى بن عبدالله : فأذن المؤذن يوماً ، وتشاغلت بطهوري ، واُقيمت الصلاة ، فلم ينتظرني وصلى بأصحابي فخرجت ، فلما رأيته يصلي ، قمت اُصلي ناحية ، ولم أصل معه ، لعلمي انه يمسح على الخفين ... فلما صلى ، قال لأصحابه : علام نقتل انفسنا مع رجل لا يرى الصلاة معنا ، ونحن عنده في حال من لا يرضى مذهبه ؟ (1).
  2 ـ وروى زيد بن عليّ ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن عليّ (رضي الله عنهما) ، قال : إنا ولد فاطمة (رضي الله عنها) لا نمسح على الخفين ولا العمامة ولاكُمه ولا خمار ولا جهاز (2).
   وروى قول جده علي بن أبي طالب : ( سبق الكتاب الخفين ) (3)... وقد مر عليك كلامه في عهد عمر .
  3 ـ وروى ابن مصقلة ، عن الإمام الباقر ، أنه قال : فقلت : ما تقول في المسح على الخفين ؟
   فقال : ( كان عمر يراه ثلاثاً للمسافر ، ويوماً وليلة للمقيم ، وكان أبي لا يراه في سفر ولا حضر ) ... فلما خرجت من عنده ، وقفت على عتبة الباب ، فقال لي : ( أقبل ) ... فأقبلت عليه ... فقال : ( إن القوم كانوا يقولون برأيهم فيخطئون ويصيبون ، وكان أبي لا يقول برأيه ) .
   وقد أيد موقف أهل البيت كل من ابن عباس ، وعائشة إذا المنقول عنهما انهما قالا : لئن تقطع قدماي أحب إلي من أن أمسح على الخفين ، و : لأن أمسح على جلد حمار ، أحبُ إليَّ من أن أمسح على الخفين ، وغيرهما ... (4).
   أما فيما يخص ابن عمر ، فقد قال عطاء : كان ابن عمر يخالف الناس في المسح

(1) مقاتل الطالبيين : 468 .
(2) مسند الإمام زيد : 74 .
(3) مسند الإمام زيد : 75 .
(4) انظر : التفسير الكبير 11 : 163 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 246 ـ
  على الخفين ، لكنه لم يمت حتى وافقهم(1).
   وبهذا تبين لنا أن فقه بني الحسن الإمام زيد والإمام الباقر ، وحتى عبدالله ابن عباس ... كان واحداً في المسح على الخفين ، وأنه لم يكن بينهم أدنى اختلاف ، لكن متفقهة الحاكمين ينسبون إلى عليّ وبنيه القول بالمسح على الخفين ... وحتى في جزئيات مسائله .

3 ـ حي على خير العمل :
   روى أبو الفرج الأصفهاني أن إسحاق بن عيسى بن عليّ ولي المدينة ، في أيام موسى الهادي ، فاستخلف عليها رجلاً من ولد عمر بن الخطاب ، يعرف بعبدالعزيز بن عبدالله ، فحمل على الطالبيّين ، وأساء إليهم ، وأفرط في التحامل عليهم ، وطالبهم بالعرض عليه كل يوم وكانوا يعرضون في المقصورة ، وأخذ كل واحد بكفالة قريبه ونسيبه فضمن الحسين بن عليّ ، ويحيى بن عبدالله بن الحسن : الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن ... ثم عرضهم يوم الجمعة ... فدعا باسم الحسن بن محمد ، فلم يحضر ، فقال ليحيى والحسين بن عليّ : لتأتياني به أو لأحبسنكما ، فإن له ثلاثة أيام لم يحضر العرض ، ولقد خرج وتغيب ، أريد أن تأتياني بالحسن بن محمد .
فقال له الحسين : لا نقدر عليه ، هو في بعض ما يكون فيه الناس ، فابعث إلى أل عمر بن الخطاب ، فاجمعهم كما جمعتنا ، ثم أعرضهم رجلاً رجلاً ، فإن لم تجد فيهم من غاب أكثر من غيبة الحسن عنك ، فقد أنصفتنا .
   فحلف العمري بطلاق زوجته وحرمة مماليكه ، ليضربنَّ الحسين ألف سوط ، وليركبنَّ إلى سويقة فيخربها ، و ...
   فوثب يحيى مغضباً ، وأعطاه العهد بأن يأتيه إليه ... فبعث إلى الحسن بن

(1) التفسير الكبير 11 : 164 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 247 ـ
  محمد أن يأتي ، فجاء يحيى ، وسليمان ، وإدريس ـ بنو عبدالله بن الحسن ـ وعبد الله بن الحسن الأفطس ، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا ، وعمر بن الحسن بن عليّ بن الحسن بن الحسين بن الحسن ، وعبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن عليّ ، وعبدالله بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ... وأرسلوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم ، فاجتمعوا ..ستة وعشرين رجلاً من ولد عليّ ، وعشرة من الحاج ، ونفر من الموالي .
   فلما أذن المؤذن للصبح ... دخلوا المسجد ، ثم نادوا : ( أحد ، أحد ) ، وصعد عبد الله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، عند موضع الجنائز ، فقال للمؤذن : أذن بـ ( حي على خير العمل ) ... فلما نظر إلى السيف في يده أذن بها .
   وسمعه العمري ، فأحس بالشر ، ودهش وولى هارباً ، فصلى الحسين بالناس الصبح ، ودعا الشهود العدول الذين كان العمري أشهدهم عليه أن يأتي بالحسن إليه ، ودعا بالحسن ، وقال للشهود : ( هذا الحسن قد جئت به ، فهاتوا العمري وإلاّ والله خرجت من يميني ، ومما عَلَيَّ ) .
   ولم يتخلف عنه أحد من الطالبيين إلاّ الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن ، فإنه استعفاه فلم يكرهه ، وموسى بن جعفر بن محمد ، فقال له : أنت في سعة (1).
   وجاء في مسند الإمام زيد :
   حدثني زيد بن علي (رضي الله عنه) ، عن أبيه علي بن الحسين ( رضي الله عنه ) ، إنه كان يقول في أذانه : ( حيّ على خير العمل ، حي على خير العمل ) (2).
   وروى عن الحسين بن عليّ ـ صاحب فخ ـ أنه قد أذن بها(3).
   قال القوشجي ، في شرحه للتجريد ـ في مبحث الإمامة ـ : إن عمر قال وهو

(1) مقاتل الطالبيين : 443 ـ 447 مختصراً .
(2) مسند الإمام زيد : 83 .
(3) انظر : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 1 : 276 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 248 ـ
  على المنبر : إيها الناس ! ثلاث كن على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهن ، وأحرّمهنَّ ، واُعاقب عليهن : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحي على خير العمل .
   ثم اعتذر القوشجي عن الخليفة بقوله : إن ذلك ليس مما يوجب قدحاً فيه ، فأن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع لكن اعتداءه عن الخلفية لا معنى له ! لانه لو كان معذوراً فلم يُوجب على نفسه العقوبة إذن ؟ أولم يقل : ( واُعاقب عليهن ) ؟ !
   وإذا كان الإتيان بها غير جائز ، فلم كان ابن عمر وأمامة بن سهل وغيرهما يقولون في أذانهم ( حي على خير العمل ) ، كما حكاه ابن حزم في المحلى(1)؟ !
   وبهذا ... عرفنا كذلك أن الطالبيين جميعاً كانوا يتحينون الفرص المناسبة للدعوة إلى السنة الشريفة ، وإرجاع الناس إليها ... وإن ابن النباح كان يقول في أذانه : حي على خير العمل ، حي على خير العمل ... فإذا رآه عليّ ، قال : ( مرحباً بالقائلين عدلاً ، وبالصلاة مرحباً وأهلاً ) (2).
   ويدل هذا النص ، وغيره ، على أن أتباع السنة النبوية كانوا قلة في عهده ، إذ إن معظمهم قد أخذوا بكلام الخليفة عمر بن الخطاب وسيرته ، واعتادوا على ذلك ، سوى أهل البيت وبعض الصحابة !

4 ـ الصلاة على الميت :
   يختلف بنو عليّ مع الآخرين في عدد التكبيرات على الميت ، فهم يؤكدون على أنها خمس تكبيرات ، أما عمر فقد جمعهم على الأربع ، لما كانوا يختلفون فيه !

(1) انظر كذلك السيرة الحلبية 2 : 98 باب بدا الاذان ومشروعيته ، ومناظرات في الشريعة الاسلامية للدكتور عبدالمجيد تركي : 284 ، ومجلة تراثنا عدد (32) ص 324 .
والمسترشد : 517 .
(2) من لا يحضره الفقيه 1 : 187 | 890 ، وعنه في وسائل الشيعة 5 : 418 | 6973 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 249 ـ
  فقد جاء في مقاتل الطالبيين :
   حدثني يحيى بن عليّ ، وغير واحد ، قالوا : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن أبي الكرام الجعفري ، قال :
  1 ـ صلى إبراهيم بن عبدالله بن الحسن على جنازة بالبصرة ، فكبر عليها أربعاً ... فقال له عيسى بن زيد : لم نقصت واحدة ، وقد عرفت تكبير أهلك ؟ قال : إن هذا أجمع للناس ، ونحن إلى اجتماعهم محتاجون ، وليس في تكبيرة تركتها ضرر إن شاء الله .
   ففارقه عيسى واعتزله ، وبلغ أبا جعفر [ أي المنصور ] فأرسل إلى عيسى يسأله أن يخذل الزيدية عن إبراهيم ، فلم يفعل ، ولم يتم الأمر حتى قتل إبراهيم ، فاستخفى عيسى بن زيد ، فقيل لأبي جعفر : ألا تطلبه ؟
   فقال : لا والله ، لا أطلب منهم رجلاً بعد محمد وإبراهيم ، أنا أجعل لهم بعد هذا ذكراً ؟ !
   قال أبو الفرج الأصفهاني : وأظن هذا وهماً من الجعفري الذي حكاه ، لأن عيسى لم يفارق إبراهيم في وقت من الأوقات ، ولا اعتزله ، قد شهد معه باخمرى حتى قتل إبراهيم ، فتوارى عيسى إلى أن مات (1)... ثم أتى بخبر عدم مفارقة عيسى لإبراهيم في ص 413 .
   في النص المذكور عدة اُمور بنبغي التدبر فيها :
  أ ـ لم نقصت واحدة ، وقد عرفت تكبيرة أهلك :
  ب ـ إن هذا أجمع للناس ، ونحن إلى اجتماعهم محتاجون ؟
  ج ـ ليس في تكبيرة تركتها ضرر إن شاء الله ، ففارقه عيسى واعتزله .

(1) انظر : مقاتل الطالبيين : 335 و 408 إلى 413 .

وضُوء النّبيّ صلى الله عليه واله وسلّم من خلال ملابسات التّشريع ـ 250 ـ
  د ـ بلغ أبا جعفر ، فأرسل إلى عيسى يسأله أن يخذل الزيدية عن إبراهيم ، فلم يفعل ، ولما قتل إبراهيم ، اختفى .
   ويؤيد موقف عيسى الفقهي ما جاء في مسند الإمام زيد :
  2 ـ حدثني زيد بن عليّ ، عن أبيه ، عن جده عليّ ( رضي الله عنهم ) في الصلاة على الميت ، قال : تبدأ في التكبيرة الاُولى : بالحمد والثناء على الله تبارك وتعالى ، وفي الثانية : الصلاة على النبي ، وفي الثالثة : الدعاء لنفسك والمؤمنين والمؤمنات ، وفي الرابعة : الدعاء للميت ، والاستغفار له ، وفي الخامسة : تكبر وتسلم(1).
  3 ـ وما أخرجه أحمد في مسنده ، عن عبد الأعلى ، قال : صليت خلف زيد ابن أرقم على جنازة ، فكبر خمساً ... فقام إليه أبو عيسى ـ عبدالرحمن بن أبي ليلى ـ فأخذ بيده فقال : نسيت ؟ !
   قال : لا ، ولكني صليت خلف أبي القاسم خليلي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، فكبر خمساً ، فلا أتركها أبداً (2).
  4 ـ روى البغوي من طريق أيوب بن النعمان ، عن زيد بن أرقم ، مثله (3).
  5 ـ وأخرج الطحاوي بسنده ، عن يحيى بن عبدالله التميمي ، قال : صليت مع عيسى ـ مولى حذيفة بن اليمان ـ على جنازة ، فكبر عليها خمساً ... ثم التفت إلينا ، فقال : ما وهمت ، ولا نسيت ، ولكني كبرت كما كبر مولاي ، وولي نعمتي ـ يعني حذيفة بن اليمان ـ صلى على جنازة ، فكبر عليها خمساً ، ثم التفت إلينا ، فقال : ما وهمت ، ولا نيست ، ولكني كبرت كما كبر رسول الله (4).
   وبعد هذا فقد وقفت على بعض الأخبار عن ولد عليّ وأنهم كانوا لا

(1) مسند الإمام زيد : 149 .
(2) مسند الإمام أحمد بن حنبل 4 : 370 ، شرح معاني الآثار 1 : 494 | 2827 ، التلخيص : 112 رقم 257 .
(3) الإصابة 2 : 22 .
(4) شرح معاني الآثار 1 : 494 | 2828 .