عليك (43) ، ورجلٌ عاهدتَه على أمر فوفيت له وغدرَ بك (44) ، ورجلٌ وَصَل قرابتَه فقطعوه .
يا علي ، من استولى عليه الضجَر رحلت عنهُ الرّاحة .
يا علي ، إثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجلِ المسلمِ أن يتعلّمها على المائدة ، أربعٌ منها فريضة ، وأربعٌ منها سنّة ، وأربعٌ منها أدَب (45) ، فأمّا الفريضةُ ، فالمعرفةُ بما يأكل (46) والتسميةُ والشكرُ والرضا ، وأمّا السنّةُ ، فالجلوسُ على الرِّجْلِ اليُسرى ، والأكلُ بثلاثِ أصابع ، وأن يأكلَ ممّا يليه ، ومصُّ الأصابع ، وأمّا الأدبُ ، فتصغيرُ اللقمةِ ، والمضغُ الشديدُ ، وقلّةُ النظرِ في وجوهِ الناس ، وغسلُ اليدين .
يا علي ، خَلَقَ اللّه عزّوجلّ الجنّةَ من لبنتين ، لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، وجعل حيطانَها الياقوت وسقفَها الزَّبرجد ، وحصاها اللؤلؤ ، وترابُها الزعفران والمسكُ الأذفر (47) ، ثمّ قال لها ، تكلّمي فقالت .
(43) من البغي بمعنى الظلم والفساد والتجاوز والإعتداء .
(44) الغدر ، نقض العهد وترك الوفاء .
(45) أي من محاسن الأخلاق والسجايا الطيّبة .
(46) فيلزم أن يعرف أنّه ممّا يحلّ له أكله ويجوز له تناوله ، ويكون طيّباً غير خبيث ، وطاهراً غير نجس ، وحكي عن بعض النسخ [ فالمعرفة ] بدون قوله ، بما يأكل ، وفسّر بمعرفة المنعم أو الحلال والحرام .
(47) المسك هو الطيب المعروف والأذفر بمعنى الجيّد ... وهو المسك الذي تفوح منه الرائحة الطيّبة الشديدة ... من الذَفَر بمعنى شدّة ذكاء الرائحة .
لا إله إلاّ اللّهُ الحيُّ القيّومُ قد سَعَدَ من يدخلني ، قال اللّهُ جلّ جلالُه ، وعزّتي وجَلالي لا يدخُلها مدمنُ خمر (48) ، ولا نمّام (49) ، ولا دَيّوث (50) ، ولا شُرطيُّ (51) ، ولا مُخنّث (52) ، ولا نَبّاش (53) ، ولا عَشّار (54) ، ولا قاطعُ رَحِم (55) ، ولا قَدَري (56) .
(48) يقال ، فلان مدمن خمر أي مداوم على شربها ، وفي الحديث ، ( ليس مدمن الخمر الذي يشربها كلّ يوم ولكن يوطّنُ نفسه إذا وجدها شربها )
(1) .
(49) من النميمة وهي نقل الحديث من شخص إلى شخص أو من قوم إلى قوم على وجه السعاية والإفساد والفتنة .
(50) الديّوث هو الذي تزني امرأته وهو يعلم بها ، ومن يدخل الرجل على زوجته ، ومن لا غيرة له على أهله .
(51) الشرطي هو المنسوب إلى الشرطة وهم أعوان الظلمة والسلاطين والولاة .
(52) المخنّث هو من يوطىءُ في دبره ... مأخوذ من الإنخناث بمعنى اللين والتكسّر .
(53) أي من ينبش القبور ويسرق من الموتى .
(54) هو آخذ العُشر من أموال الناس بأمر الظالم .
(55) أي من لا يصل أرحامه وأقاربه ويأتي إن شاء الله تعالى بيان معنى الرحم وصلته وقطعه عند قوله ( عليه السلام )
(2) ، ( سرّ سنة صل رحمك ) .
(56) القدريّة هم الذين يقولون ، أنّ العبد مستقل بنفسه في الأفعال ولا مَدْخل لتوفيق الله تعالى فيها فكانوا بضلالتهم من المفوّضة .
-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، مادّة دَين ، ص 557 .
(2) الآتي في صفحة 48 من هذا الكتاب .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 29 _
يا علي ، كَفَرَ باللّهِ العظيم (57) من هذه الاُمّة عشرةٌ ، القتّاتُ (58) ، والساحرُ ، والديّوثُ ، وناكحُ المرأةِ حراماً في دبرِها (59) ، وناكحُ البهيمةِ ، ومن نكح ذاتَ مَحْرم ، والساعي في الفتنةِ (60) ، وبايعُ السلاحِ من أهلِ الحربِ ، ومانعُ الزكاةِ ، ومَن وجدَ سعةً فمات ولم يَحجُّ .
يا علي ، لا وليمة (61) إلاّ في خمس :
(57) الكفر في هذه الموارد يكون مع الإستحلال أو الجحود ... بأن يرى حليّة النميمة مثلا أو يجحد وجوب الحجّ فرضاً كما يستفاد من الشيخ الطوسي
(1) في تفسير قوله تعالى : ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلا وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمَينَ )
(2) .
وقال والد المجلسي ( قدس سره ) ، ( الظاهر أنّه كفر الكبائر وإطلاقه عليه شائع )
(3) .
(58) وهو النمّام وقد تقدّم معناه كما تقدّم معنى الديّوث أيضاً .
(59) التقييد بالدبر لعلّه لدفع توهّم أنّ الوطي في الدبر ليس بزنا ، ولأجل كونه أقبح بواسطة إجتماع الحرمة والكراهة فيه وتخيّل الواطىء الحليّة كان كفراً بالإستحلال .
(60) أي الساعي في الشرّ والفساد والعداوة بين المؤمنين .
(61) الوليمة في اللغة تطلق على طعام العرس ، وكلّ إطعام سُنّة لدعوة وغيرها ، وكلّ طعام يتّخذ لجمع ونحوه .
-------------------------------
(1) التبيان ، ج 2 ، ص 537 .
(2) سورة آل عمران ، الآية 97 .
(3) روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 63 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 30 _
في عِرس أو خُرس أو عذار أو وكار أو ركاز ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار في بناء الدار وشرائها ، والركاز الرجل يقدم من مكّة (62) .
يا علي ، لا ينبغي للعاقلِ أن يكونَ ظاعناً (63) إلاّ في ثَلاث ، مرمّةٌ لمعاش (64) .
(62) أفاد الشيخ الصدوق هنا ما نصّه ، ( قال مصنّف هذا الكتاب ( رحمه الله ) ، سمعت بعض أهل اللغة يقول في معنى الوكار ، يقال للطعام الذي يدعى إليه الناس عند بناء الدار أو شرائها ، ( الوكيرة ) والوكار منه ، والطعام الذي يتّخذ للقدوم من السفر يقال له ، ( النقيعة ) ويقال له ، ( الركاز ) أيضاً ، والرِّكاز الغنيمة كأنّه يريد أنّ في اتّخاذ الطعام للقدوم من مكّة غنيمة لصاحبه من الثواب الجزيل ومنه قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) )
(1) .
وجاء هذا الكلام منه في معاني الأخبار وأضاف عليه ما يلي ، ( وقال أهل العراق ، الركاز ، المعادن كلّها ، وقال أهل الحجاز ، الركاز ، المال المدفون خاصّة ممّا كنزه بنو آدم قبل الإسلام ، كذلك ذكره أبو عبيدة ... أخبرنا بذلك أبو الحسين محمّد ابن هارون الزنجاني فيما كتب إليّ عن علي بن عبدالعزيز ، عن أبي عبيدة القاسم بن سلام )
(2) .
(63) الظعن على وزن نفع هو السير والإرتحال ... والظاعن هو السائر في السفر وغيره .
(64) رممت الشيء بمعنى أصلحته ومرمّة المعاش هو إصلاح المعيشة واُمورها .
-------------------------------
(1) من لا يحضره الفقيه ، ج 4 ، ص 356 .
(2) معاني الأخبار ، ص 272 .