يا علي ، أربعٌ من كنّ فيه بنى اللّهُ تعالى له بيتاً في الجنّة ، من آوى (85) اليتيم ، ورحِمَ الضعيف ، وأشفَقَ (86) على والديه ، ورفق (87) بمملوكه .
يا علي ، ثلاثٌ من لقى اللّه عزّوجلّ بهنّ (88) فهو من أفضلِ الناس ، من أتى اللّهَ بما افترضَ عليه فهو من أعبدِ الناس (89) ،
الزَبَن وهو الدفع .
(85) الإيواء هو الإسكان ، والمأوى هو المنزل ... أي اسكن اليتيم في مسكن ومنزل .
(86) من الشفقة بمعنى الحنان ... أي حنَّ على والديه .
(87) الرفق ، لين الجانب وهو ضدّ العنف ، أي يليّن الجانب ويحسن العمل ولا يخرق بمملوكه .
(88) أي أتى في حياته بهذه الخصال حتّى مات عليها ولقى الله تعالى بها .
(89) أي يأتي بالواجبات التي فرضها الله تعالى عليه فيُعدّ من أعبد الناس ، حيث يكون أعبد ممّن يفعل المستحبّات ويترك بعض الواجبات ... ومن المعلوم انّ الفرائض هي أحبّ إلى الله تعالى وأحقّ بأن يتعبّد بها ... وقد ورد في الحديث ، عن أبي حمزة الثمالي قال ، قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما ، ( من عمل بما إفترض الله عليه فهو من خير الناس ) .
وعن السكوني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( إعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس ) .
وعن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال الله تبارك وتعالى ، ( ما
ومن ورِعَ عن محارمِ اللّهِ عزّوجلّ فهو من أورعِ الناس (90) ، ومن قنع بما رزقُه اللّهُ فهو من أغنى الناسِ (91) .
تحبّب إليَّ عبدي بأحبّ ممّا إفترضت عليه )
(1) .
(90) الورع في أصل اللغة بمعنى الكفّ عن المحارم والتحرّز منها ثمّ إستعمل للكفّ المطلق ... فإذا كفّ الإنسان عن المحرّمات عُدّ أورع الناس ، ويكون أورع ممّن يجتنب المكروهات مع إجترائه على المحرّمات ... والمحارم أولى بالترك فيكون تاركها أورع ... وقد ورد بهذا أحاديث عديدة .
فعن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ، قال الله عزّوجلّ : ( إبن آدم إجتنب ما حرَّمت عليك ، تكن من أورع الناس ) .
وعن الفضيل بن يسار قال ، قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، ( إنّ أشدّ العبادة الورع ) .
وعن يزيد بن خليفة قال ، وعظنا أبو عبدالله ( عليه السلام ) فأمر وزهَّد ، ثمّ قال ، ( عليكم بالورع ، فإنّه لا ينال ما عند الله إلاّ بالورع )
(2) .
(91) القناعة بفتح القاف هو الرضا بما رزقه الله تعالى وإن كان يسيراً ، والقانع برزقه من أغنى الناس لأنّ الغناء هو عدم الحاجة والقانع بما رزقه الله لا يحتاج إلى السؤال عن غير الله تعالى فيكون من أغنى الناس .
فعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر أو أبي عبدالله ( عليهما السلام ) قال ، ( من قنَع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس ) .
وعن الهيثم بن واقد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( من رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل )
(3) .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 81 ، باب أداء الفرائض ، الأحاديث 1 و 4 و 5 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 77 ، باب الورع ، الأحاديث 7 و 5 و 3 .
(3) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 137 ، باب القناعة ، الأحاديث 3 و 9 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 37 _
يا علي ، ثلاثٌ لا تطيقُها هذه الاُمّة (92) ، المواساةُ للأخ في مالِه (93) ، وإنصافُ الناسِ من نفسِه (94) ، وذكرُ اللّهِ على كلِّ حال ، وليس هو سبحانَ اللّهِ والحمدُ للّه ولا إلَه إلاّ اللّهُ واللّهُ أكبر ، ولكن إذا وَرَدَ على ما يحرمُ عليه خافَ اللّهَ عزّوجلّ عندَه وتَرَكَه (95) .
(92) وفي نسخة البحار ، ( لا يطيقها أحد من هذه الاُمّة ) أي لا يطيقونها لصعوبتها فلابدّ من بذل الجهد فيها والإهتمام بها .
لذلك ورد في حديث الحسن البزاز قال ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، ( ألا اُخبرك بأشدِّ ما فرض الله على خلقه [ ثلاث ] ؟ قلت ، بلى قال ، إنصاف الناس من نفسك ، ومؤاساتك أخاك ، وذكر الله في كلّ موطن ، أما إنّي لا أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله اكبر وإن كان هذا من ذاك ولكن ذكر الله جلّ وعزّ في كلّ موطن ، إذا هجمت على طاعة أو على معصية )
(1) .
(93) مواساة الأخ هو تشريكه وإسهامه في الرزق والمعاش والمساواة معه .
(94) الإنصاف هي المعاملة بالقسط والعدل ، وإنصاف الناس من نفسه هو أن يعترف بالحقّ فيما له أو عليه ، حتّى أنّه لا يرضى لنفسه بشيء إلاّ رضي لهم مثله .
(95) فانّ ذكر الله تعالى حسن في كلّ حال وبكلّ ذكر ، وهو كثير وفير كما تلاحظه مجموعاً في السفينة
(2) إلاّ أنّ الذكر الذي لا تطيقه الاُمّة من حيث الصعوبة هو أن يذكر الله تعالى عند ما يهمّ بالمعصية وتسوّل له نفسه اللذّة المحرّمة فيتركها ، فهذا يكون ذكراً لله تعالى .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 145 ، باب الإنصاف والعدل ، ح 8 .
(2) سفينة البحار ، ج 3 ، ص 200 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 38 _
يا علي ، ثلاثةٌ إن أنصفتَهم ظلمُوك (96) ، السفلةُ (97) وأهلُك وخادمُك ، وثلاثةٌ لا ينتصفونَ من ثلاثة (98) ، حرٌّ من عَبد ، وعالمٌ من جاهل ، وقويٌّ من ضَعيف (99) .
يا علي سبعةٌ من كنّ فيه فقد استكملَ حقيقةَ الإيمان وأبوابَ الجنّة مفتّحةٌ له ، من أَسَبغَ وضوءَه (100) .
(96) ليس معنى هذا الدعوة إلى عدم الإنصاف ... بل المستفاد منه بيان الحقيقة والواقع من روحيات مثل الأهل والخادم والسفلة بأنّهم حتّى إن أنصفتهم ولم تظلمهم ظلموك ولم ينصفوك .
ويشهد له أنّ في نسخة من البحار ، ( وإن أنصفتهم ظلموك ) .
(97) السِفلة بكسر السين وسكون الفاء أو فتحه هو الساقط من الناس كما ذكره في المجمع
(1) ، ثمّ نقل عن الفقيه أنّه جاءت الأخبار في السفلة على وجوه منها ، أنّ السفلة هو الذي لا يبالي بما قال ولا ما قيل له ، ومنها ، أنّه هو من يضرب بالطنبور ، ومنها ، أنّه هو من لم يسره الإحسان ولم تسؤه الإسائة ، ومنها ، أنّه هو من ادّعى الإمامة بغير حقّ.
(98) الإنتصاف هو أخذ الحقّ كاملا يقال ، إنتصفت منه وتنصّفت ، أخذت حقّي كَمَلا
(2) .
(99) أي أنّ هذه الأصناف ينبغي أن لا ينتصف منهم ولا يقابلوا بما اجترموا بل يُعفى عنهم لعدم التكافؤ .
(100) إسباغ الوضوء ، إتمامه وإكماله ، فيأتي بالوضوء التامّ الكامل ... وفسّره
-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، مادّة سفل ، ص 478 .
(2) المحيط في اللغة ، ج 8 ، ص 157 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 39 _
وأحسنَ صلاته (101) ، وأدّى زكاةَ مالِه ، وكفَّ غضبَه (102) ،
في المجمع
(1) بقوله ، إتمامه على ما فرض الله تعالى ، وإكماله على ما سَنَّهُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومنه أسبغوا الوضوء بفتح الهمزة أي أبلغوه مواضعه وأوفوا كلّ عضوحقَّه .
(101) برعاية واجباتها ومندوباتها والإخلاص بها وحضور القلب عندها والخشوع فيها كما في الصلاة الجامعة التي صلاّها الإمام الصادق ( عليه السلام ) التي وردت في صحيحة حمّاد البيانية
(2) فلاحظها فانّها ممّا ينبغي ملاحظتها والتدبّر فيها .
(102) كفّ الغضب ، منعه ، والغضب مفتاح كلّ شرّ ومفسد للإيمان ... فيكون تركه موجباً لإستكمال حقيقة الإيمان فيمنع غضبه ويسكن فورته بمثل العفو عن المسيء وتبديل الحال .
ففي حديث حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ، ( مكتوب في التوراة فيما ناجى الله عزّوجلّ به موسى ( عليه السلام ) ، يا موسى أمسك غضبك عمّن ملّكتُك عليه أكفُّ عنك غضبي ) .
وفي حديث ميسر قال ، ذُكر الغضب عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال ، ( إنّ الرّجل ليغضب فما يرضى أبداً حتّى يدخل النار ، فأيّما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك ، فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان ، وأيّما رجل غضب على ذي رحم فليَدْنُ منه فليمسّه ، فانَّ الرَّحم إذا مُسَّت سكنت )
(3) .
-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، مادّة سبغ ، ص 397 .
(2) وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 673 ، ب 1 ، ح 1 .
(3) اُصول الكافي ، ج 7 ، ص 303 ، باب الغضب ، الأحاديث 2 و 7 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 40 _
وسَجَنَ لسانَه (103) ، واستغفَر لذنبِه (104) ،
(103) أي سجن لسانه وحفظه عن الباطل وعمّا لا يعنيه وعن الكذب والغيبة والنميمة والفحش ، فإنّ اللسان قد يكون مفتاحاً للشرّ ووسيلةً لسفك الدم أو نهب المال أو هتك العرض ، فيلزم على الإنسان أن يختم لسانه بختم الحفاظ كي يحفظ إيمانه ...
ولذلك ورد في الحديث ، ( أنّه جاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال ، يا رسول الله أوصني ، فقال ، إحفظ لسانك ، قال ، يا رسول الله أوصني ، قال ، احفظ لسانك ، قال ، يا رسول الله أوصني ، قال ، إحفظ لسانك ، ويحك وهل يكبُّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم )
(1) .
(104) بأن يستغفر لساناً ويندم قلباً ويتدارك ما كان يلزم فيه التدارك عملا ... والله هو الغفور الرحيم يستر عليه ذنبه ، ويمحو سيّئته ، وتُرفع صحيفة عمله بيضاء نقيّة ، فانّ الإستغفار من الحسنات التي تذهب بالسيّئات عن المؤمن .
ويحسن ملاحظة صيغ الإستغفار الواردة في الأحاديث الشريفة ومنها :
(1) ( أستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه ) .
(2) ( أستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم ) ثلاث مرّات .
(3) ( أستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام وأسأله أن يصلّي على محمّد وآل محمّد وأن يتوب عليّ ) .
(4) ( اللّهمّ إنّي أستغفرك ممّا تبت إليك منه ) .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 115 ، باب الصمت وحفظ اللسان ، ح 14 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 41 _
وأدّى النصيحَة لأهلِ بيتِ نبيِّه (105) .
يا عليُّ ، لَعَنَ اللّهُ ثلاثةً (106) ، آكل زادِه وحدَه ، وراكب الفلاتِ وحدَه ، والنائم في بيت وحدَه .
يا عليُّ ، ثلاثة يُتخوَّفُ منهنَّ الجنون ، التغوُّطُ بين القبور .
5 ـ الإستغفارات المفصّلة التي تلاحظها في كتب الأدعية الشريفة ، كالإستغفارات السبعين لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد ركعتي الفجر الواردة في البلد الأمين
(1) .
(105) النصح ، ضدّ الغشّ ، وأصل النصيحة في اللغة هو الخلوص ، وأهل البيت هم أهل آية التطهير وأولادهم الأئمّة المعصومون ( عليهم السلام ) ، وأداء النصح لهم هو مودّتهم ومعرفة أنّهم منصورون من قبل الله تعالى وأنّهم معصومون وأنّ طاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، وأنّهم أولى بنا من أنفسنا
(2) والإنقياد لهم في أوامرهم ونواهيهم وآدابهم وأعمالهم وحفظ شرائعهم وإجراء أحكامهم وعدم الخروج عليهم سلام الله عليهم
(3) .
(106) اللعن من الله تعالى هو الطرد والإبعاد من الرحمة ... وفعل المكروه يُبعِّد الإنسان من رحمة الله تعالى لذلك ورد اللعن في الطوائف الثلاثة الآتية لأنّها تفعل المكروه ، والزاد هو الطعام ، والفلات هي الصحراء القفر التي لا ماء فيها ، والبيت واحد البيوت وهي المساكن .
-------------------------------
(1) البلد الأمين ، ص 38 .
(2) لاحظ روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 104 .
(3) مرآة العقول ، ج 9 ، ص 142 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 42 _
والمشيُ في خُفّ واحد ، والرّجلُ ينام وحدَه (107) .
يا علي ، ثلاثٌ يحسن فيهنّ الكذب ، المكيدةُ في الحرب ، وعِدَتُك زوجتَك ، والإصلاحُ بينَ الناس (108) ،
(107) جاء هذا الحديث في فروع الكافي
(1) أيضاً في باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده وهذه الخصال منهيٌّ عنها لعلّة مخوفة وجاء في نظيره من أحاديث الباب بيان أنّ الشيطان أسرع ما يكون إلى الإنسان وهو على بعض هذه الحالات ... وأنّه يهمّ به الشيطان .
(108) فإنّه وإن كان أصل الكذب من المعاصي الكبائر بل ممّا عدّ من مخرّبات الإيمان إلاّ أنّه استثنيت هذه الموارد الثلاثة لما لها من أهميّة المصلحة وأقوائية الملاك وإرتكاب أقلّ القبيحين عند التزاحم فيتغيّر حكمه وتزول حرمته ويحكم العقل بحسنه ويرفع الشارع عقوبته .
فيكيد في الحرب لنصرة الدين ، ويُعِد زوجته ليرضيها ولا يفي بوَعده ليتخلّص من الحرام أو الإسراف ، ويكذب للإصلاح بين المؤمنين.
وجاء في اُصول الكافي
(2) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، ( كلّ كذب مسؤول عنه صاحبه يوماً إلاّ في ثلاثة ) ؛ وعدّ هذه الموارد وأفاد في مرآة العقول
(3) ، انّ مضمون هذا الحديث متّفق عليه بين الخاصّة والعامّة ... ثمّ نقل عن بعض الإتيان بالكذب في هذه الموارد بصورة التورية مثل أن يعد زوجته بأن يفعل لها ويحسن إليها بنيّة أنّه إن
-------------------------------
(1) فروع الكافي ، ج 6 ، باب كراهية أن يبيت الإنسان وحده ... ص 533 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 342 ، باب الكذب ، ح 18 .
(3) مرآة العقول ، ج 10 ، ص 341 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 43 _
وثلاثةٌ مجالستُهم تُميتُ القلب (109) ، مجالسةُ الأنذال (110) ، ومجالسةُ الأغنياء ، والحديثُ مع النساء .
يا عليُّ ، ثلاثٌ من حقائقِ الإيمان (111) ، الإنفاقُ من الإقتار (112) ، وإنصافُك الناسَ من نفسِك (113) ، وبذلُ العلمَ للمتعلّم (114) .
قدّر الله ذلك ، أو يقول لعدوّه في مكيدة الحرب ، انحلّ حزام سرجك ويريد فيما مضى ، وهكذا .
(109) فتؤثّر في الروح وتوجب زوال حيويّتها ونورانيّتها بواسطة التوجّه إلى الاُمور الدنيويّة الخسيسة والإنصراف عن الاُمور الربانيّة الخالصة .
(110) الأنذال جمع نذل بسكون الذال وهو الخسيس المحتَقَر من الناس في جميع أحواله .
(111) أي لهنّ مدخليّة في حقيقة الإيمان ، بحيث إنّ الإيمان الحقيقي لا يحصل إلاّ بوجود هذه الخصال .
(112) الإقتار هي القلّة والتضييق على الإنسان في الرزق ... فينفق على المستحقّ مع الإقتار على نفسه ، ويؤثرِ المستحقّين على نفسه ولو كان به خصاصة .
(113) الإنصاف هي المعاملة بالقسط والعدل ... وفي حديث عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، سيّد الأعمال ثلاثة ، وعَدَّ منها ، ( إنصاف الناس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلاّ رضيت لهم مثله ... )
(1) .
(114) حيث إنّه قد أخذ به العهد وهو زكاة العلم ، كما في الأحاديث
(2) .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 144 ، باب الإنصاف والعدل ، ح 3 .
(2) اُصول الكافي ، ج 1 ، ص 41 ، باب بذل العلم ، الأحاديث .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 44 _
يا عليُّ ، ثلاثٌ من لم يكنّ فيه لم يتمّ عملُه (115) ، ورعٌ يحجزُه عن معاصي اللّه ، وخُلُقٌ يداري به الناسَ ، وحِلمٌ يردُّ به جهلَ الجاهل (116) .
يا عليُّ ، ثلاثُ فرحات للمؤمن في الدنيا (117) ، لقاءُ الاخوان ، وتفطيرُ الصائم ، والتهجّدُ من آخرِ الليل (118) .
يا عليُّ ، أنهاكَ عن ثلاثِ خصال (119) ، الحسد (120) ،
(115) أي كانت أعماله ناقصة غير كاملة ، أو غير مقبولة ... فالورع مؤثّر في قبول الطاعات ، كما وأنّ صفتي الحلم والمدارات الأخلاقية مؤثّرتان في كمال ومقبوليّة الأعمال في المعاشرات .
(116) أي سفاهته ، وفي بعض النسخ ، ( وحلم يردّ به جهل الجهّال ) .
(117) حيث يعلم المؤمن عظيم ثوابها وفوائدها فيكون مسروراً بها .
(118) أي التيقّض فيه بالعبادة وقراءة القرآن وصلاة الليل ، وفي بعض النسخ ، ( والتهجّد في آخر الليل ) .
(119) لعلّ تخصيصها بالذكر من بين الصفات الذميمة من حيث كونها من اُمّهات الرذائل ومن أعظم الكبائر وهي آفة الدين وقد توجب الكفر بربّ العالمين ... وقد وردت في ذمّها أحاديث كثيرة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم نشير إليها فيما يلي عند ذكرها .
(120) الحسد هو تمنّي زوال النعمة عن صاحبها ...بينما الغبطة تمنّي النعمة لنفسه مثل ما لصاحبها مع عدم إرادة زوالها عنه وتلاحظ باب أحاديث ذمّ الحسد في اُصول الكافي
(1) .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 306 ، باب الحسد .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 45 _
والحِرص (121) ، والكِبر (122) .
من ذلك الحديث الثاني من الباب عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال ، ( إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ) .
(121) الحرص هو الحثّ على شيء من اُمور الدنيا وطلب الزيادة عمّا يكفيه ، وتلاحظ أحاديث ذمّه في اُصول الكافي
(1) .
منها الحديث الأوّل من الباب عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( رأس كلّ خطيئة حبُّ الدنيا ) .
(122) الكبر بكسر الكاف وسكون الباء مصدر مجرد للتكبّر والإستكبار الذي هو في اللغة بمعنى طلب الترفّع
(2) ، وهي الحالة التي يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه ، ويرى نفسه أكبر من غيره ...
(3) .
وأعظم التكبّر هو التكبّر على الله تعالى بالإمتناع من قبول الحقّ والإذعان له بالعبادة . .
وبعده التكبّر على الرسل والأوصياء ( عليهم السلام ) بعدم الإيمان بهم .
وبعده التكبّر على العباد بأن يستعظم نفسه ويستحقر غيره فتأبى نفسه عن الإنقياد لهم ، وتدعوه نفسه إلى الترفّع عليهم فيزدريهم ويستصغرهم ويأنف عن مساواتهم ويتقدّم عليهم في مضائق الطرق ويرتفع عليهم في المحافل وينتظر أن يبدؤوه بالسلام ، وإن وُعظ أنف من القبول ، وإن وَعظَ عَنَّف في النصح ، وإن رُدّ عليه شيء غضب ، وإن عَلَّمَ لم يرفق بالمتعلّمين واستذلّهم وانتهرهم وامْتَنّ عليهم
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 315 ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها .
(2) مجمع البحرين ، مادّة كبر ، ص 298 .
(3) سفينة البحار ، ج 7 ، ص 401 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 46 _
يا عليُّ ، أربعُ خصال من الشَقاوة (123) ، جمودُ العين (124) ، وقساوةُ القلب (125) ، وبُعدُ الأمل (126) ، وحبُّ البقاء (127) .
واستخدمهم ... وتلاحظ أحاديث ذمّ التكبّر في اُصول الكافي
(1) .
ومنها الحديث الثالث من الباب المروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( العزّ رداء الله والكبر إزارُه فمن تناول شيئاً منه أكبّه الله في جهنّم ) .
(123) الشقاوة بفتح الشين خلاف السعادة ، وهذه الخصال الذميمة توجب أن يكون المتّصف بها شقيّاً غير سعيد ، وسيأتي تفصيل معنى الشقي في وصيّة ابن القاساني الآتية عند قوله ، وللشقي ثلاث خصال ...
(124) جمود العين قلّة مائها وعدم الدمع فيها ... بمعنى عدم البكاء وهو ملازم لقسوة القلب ... كما أنّ في عكسه يكون البكاء ملازماً لرقّة القلب .
(125) القساوة بفتح القاف ، والإسم منها القسوة وهي غلظة القلب وصلابته وقلّة الرحمة فيه وهذه الصفات توجب القساوة وعدم خشوع القلب وعدم قبول المواعظ وعدم الخوف من الله تعالى ، بل توجب البُعد من الله تعالى ، ففي حديث فيما ناجى الله عزّوجلّ موسى ( عليه السلام ) ، ( يا موسى لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك والقاسي القلب منّي بعيد )
(2) .
(126) أي طول الأمل في الدنيا والاُمور الدنيوية فإنّه ينسي الآخرة ... وهو ملازم للقساوة أيضاً .
(127) أي حبّ البقاء في هذه الدنيا الدنيّة بحيث لا يشتاق إلى جوار الله ورحمته .
-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 309 ، باب الكبر .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 329 ، باب القسوة ، ح 1 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 47 _
يا عليُّ ، ثلاثٌ درجات ، وثلاثٌ كفّارات ، وثلاثٌ مهلكات ، وثلاثٌ منجيات ، فأمّا الدرجات (128) ، فإسباغُ الوضوءِ في الَسبِرات (129) ، وإنتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاة (130) ، والمشيُ بالليلِ والنهارِ إلى الجماعات (131) ، وأمّا الكفّارات (132) ، فإفشاءُ السَّلام (133) ، وإطعامُ الطعام ، والتهجّدُ بالليلِ والناسُ نيام (134) ، وأمّا المهلكات (135) .
(128) أي الاُمور التي توجب إرتفاع كمالات الإنسان في الدنيا وإرتقاء مقاماته في الآخرة .
(129) إسباغ الوضوء إتمامه وإكماله وإيفاء كلّ عضو حقّه كما مضى ، والسبرات جمع سبرة بسكون الباء هي شدّة البرد .
(130) كانتظار الفريضة بعد إتيان النافلة ، أو إنتظار الفريضة الثانية بعد أداء الفريضة الاُولى .
(131) أي المشي إلى صلاة الجماعة في الصلوات الليلية والنهارية .
(132) أي الاُمور التي تكفّر الذنوب يعني تسترها وتمحوها وتغطّيها مأخوذة من الكفر بفتح الكاف وهي التغطية .
(133) ورد الإفشاء في اللغة بمعنى الإظهار والإكثار والإنتشار ، وإستظهر في معنى إفشاء السلام بأن يسلّم الإنسان على كلّ مسلم ، ويُسمع سلامه المسلَّم عليه ، ويجهر بسلامه .
(134) مرّ أنّ التهجّد هو التيقّض في الليل بالعبادة وتلاوة القرآن وصلاة الليل .
(135) أي الاُمور التي توجب الهلاك والعطب والفساد في الإنسان ، وتوجب إستحقاقه العقاب والبعد من رحمة الله تعالى .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 48 _
فشُحٌّ مُطاع (136) ، وهَوىً مُتّبع (137) .
(136) الشُحّ ، بضمّ الشين هو البخل مع الحرص فيكون أشدّ من البخل ، لأنّ البخل يكون في المال بينما الشحّ يكون في المال وفعل المعروف ، ومنه قوله تعالى : ( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ )
(1) ، وعليه فالشحّ هو اللؤم وكون النفس حريصة على المنع
(2) ، والشحّ المطاع هو اللؤم في النفس يطيعه الإنسان ويعمل به ... وأمّا إذا خالفه فهو من الطاعات .
(137) أي ما تميل إليه النفس وتحبّه ، يطيعه الإنسان ويعمل به فيكون هوىً متّبعاً وهو يصدّ عن الحقّ ويضلّ عن سبيل الله تعالى ... والهوى ، ميل النفس إلى الشهوة ، ويقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة ، وقيل ، سمّي بذلك لأنّه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كلّ داهية وفي الآخرة إلى الهاوية ...
(3) .
وقد عقد له ثقة الإسلام الكليني ( قدس سره ) باباً في أحاديثه فلاحظ
(4) .
واعلم أنّه قد أوضح العلاّمة المجلسي
(5) ، أنّ ما تهواه النفس ليس كلّه مذموماً وما لا تهواه النفس ليس كلّه ممدوحاً ...
بل المعيار هو أنّ كلّ ما يرتكبه الإنسان لمحض الشهوة النفسانية واللذّة الجسمانية والمقاصد الدنيوية الفانية ولم يكن الله مقصوداً له في ذلك بل كان تابعاً للنفس الأمّارة بالسوء فهو من الهوى المذموم ...
-------------------------------
(1) سورة الأحزاب ، الآية 19 .
(2) مجمع البحرين ، مادّة شحح ، ص 180 .
(3) المفردات ، ص 548 .
(4) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 335 ، باب اتّباع الهوى .
(5) مرآة العقول ، ج 10 ، ص 311 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 49 _
وإعجابُ المرءِ بنفسه (138) .
وأمّا ما يرتكبه الإنسان لإطاعة أمر الله تعالى وتحصيل رضاه وإنْ كان ممّا تشتهيه نفسه وتهواه فليس من الهوى المذموم كمن يأكل ويشرب لأمره تعالى بهما أو لتحصيل القوّة على العبادة ، وكذا من يجامع لتحصيل الأولاد الصالحين أو لئلاّ يبتلى بالحرام ، فهذه لذّة لا يلزم إجتنابها ، بل كثير من العلماء يلتذّون بعلمهم أكثر ممّا يلتذّ الفسّاق بفسقهم ... فليس كلّ ما تهواه النفس مذموماً ...
وفي مقابل ذلك ليس كلّ ما لا تهواه النفس ممدوحاً يحسن إرتكابه كأكل القاذورات أو الزنا بالجارية القبيحة فذمّ الهوى مطلقاً امّا مبني على انّ الغالب فيما تشتهيه الأنفس مخالفة لما ترتضيه العقول .
أو على أنّ المراد بالنفس هي النفس الأمّارة بالسوء الداعية إلى الشرّ .
أو على أنّ الهوى صار حقيقة شرعية في الاُمور القبيحة والمعاصي التي تدعو النفس إليها .
(138) بأن تروقه نفسه ، ويرى نفسه خارجاً عن حدّ التقصير .
والعُجب إستعظام العمل الصالح وإستكثاره والإبتهاج له والإدلال به ... وأمّا السرور به مع التواضع لله تعالى وشكره على التوفيق لذلك وطلب الإستزادة منه فهو حسن ممدوح .
والمعجب بنفسه يغترّ بنفسه ويأمن من مكر الله وعذابه ، ويظنّ أنّ له على الله منّة وحقّاً بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطيّة من عطاياه .
والعجب يفسد الطاعات ويدعو إلى نسيان الذنوب والإستنكاف عن الإستفادة والإستشارة وسؤال من هو أعلم إلى غير ذلك من الآفات الكثيرة
(1) .
-------------------------------
(1) مرآة العقول ، ج 10 ، ص 218 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 50 _
وأمّا المنجيات (139) ، فخوفُ اللّهِ في السرِّ والعلانية ، والقصدُ في الغنى والفقر (140) ، وكلمةُ العدلِ في الرضا والسَخَط (141) .
يا عليُّ ، لا رضاعَ بعد فِطام (142) ، ولا يُتْمَ بعد إحتلام (143) .
(139) أي الاُمور التي تنجي من الهلاك وتوجب الخلاص وتقتضي النجاة من المعاصي والعقوبات .
(140) القصد هو الإعتدال والتوسّط بين التبذير والتقتير ، وعدم الإفراط والتفريط .
(141) العدل خلاف الجور ، ومن المنجيات أن لا يجور الإنسان في كلامه في كلتا حالتي الرضا والسخط .
(142) من الفطم وهو فصل الولد عن الرضاع وفَسّر هذا الحديث ثقة الإسلام الكليني بقوله ، فمعنى قوله ، ( لا رضاع بعد فطام ) أنّ الولد إذا شرب من لبن المرأة بعد ما تفطمه لا يحرّم ذلك الرضاع التناكح .
ذكر هذا بعد القواعد الفقهية الشريفة الواردة في حديث منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( لا رضاع بعد فطام ، ولا وصال في صيام ، ولا يُتْمَ بعد إحتلام ، ولا صمت يوم إلى الليل ، ولا تعرُّب بعد الهجرة ، ولا هجرة بعد الفتح ، ولا طلاق قبل النكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يمين للولد مع والده ولا للمملوك مع مولاه ولا للمرأة مع زوجها ، ولا نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة )
(1) .
(143) أي لا يترتّب أحكام اليتم على اليتيم أي فاقد الأب بعد إحتلامه فينقطع اليتم بعد بلوغ الحُلُم .
-------------------------------
(1) فروع الكافي ، ج 5 ، ص 443 / 444 ، باب أنّه لا رضاع بعد فطام ، ح 5 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 51 _
يا علي ، سِرْ سنتَين برَّ والديك (144) ، سِر سنةً صِل رحمك ، سِر ميلا عُدْ مريضاً ، سِر ميلين شيّعْ جنازة ، سِرْ ثلاثةَ أميال أجبْ دعوة ، سِر أربعةَ أميال زُرْ أخاً في اللّه ، سِرْ خمسةَ أميال أجبْ المَلهوف (145) ، سِرْ ستّة أميال أُنصر المظلوم ، وعليكَ بالإستغفار .
يا عليُّ ، للمؤمن (146) ثلاثُ علامات ، الصلاةُ والزكاةُ والصيامُ ، وللمتكلِّف (147) ثلاث علامات ، يتملّقُ إذا حضر (148) ، ويغتابُ إذا غاب ، ويشمتُ بالمصيبةِ ، وللظالم ثلاث علامات ، يَقْهرُ من دونَه بالغلبة ومن فوقَه بالمعصية ، ويُظاهرُ الظَلَمة (149) .
(144) أي أنّه إن كان برّ الوالدين يتوقّف على طيّ مسافة تقطع في سنتين فسِر هذه المسافة وبرّ والديك ... وكذا في البواقي .
(145) الملهوف واللهفان واللاهف هو المضطرب الذي يستغيث .
(146) أي المؤمن الحقيقي ، ومقابله المتكلِّف الذي يأتي ذكره وهو من ليس إيمانه حقيقيّاً .
(147) المتكلِّف هو الذي يدّعي الشيء وليس بذاك الشيء كمن يدّعي العلم وليس بعالم ... والمتكلّف هنا هو من يدّعي الإيمان الحقيقي ... وليس بمؤمن حقيقي .
(148) التملُّق هو إظهار المحبّة والمودّة الكاذبة ... والمتملِّق هو من يعطي بلسانه ما ليس في قلبه .
فالمتكلّف يتملَّق للإنسان إذا حضر عنده ، بينما يغتابه إذا غاب عنه ، ويشمت به ويفرح إذا أصابته مصيبة .
(149) أي يعين الظالمين ، من المظاهرة بمعنى المعاونة ... والظهير هو المعين .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 52 _
وللمرائي (150) ثلاث علامات ، يَنْشط إذا كان عندَ الناس ، ويكسَلْ إذا كانَ وحدَه ، ويُحبُّ أن يُحْمَدَ في جميع اُمورِه ، وللمنافق (151) ثلاث علامات ، ...
(150) وهو المتّصف بصفة الرياء المعبَّر عنه بالشرك الأصغر المبطل للعمل والمنافي للإخلاص والمقرون بالخدعة .
وعن بعض المحقّقين أنّ الرياء مشتقّ من الرؤية ، وأصل الرياء طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس بإرائتهم خصال الخير ... ويجب التحرّز عنه فإنّه يلحق العمل بالمعاصي
(1) .
ونبّه الشهيد الأوّل على أنّ كلّ عبادة اُريد بها غير الله تعالى ليراه الناس فهي مشتملة على الرياء سواء اُريد مع ذلك القرب إلى الله تعالى بها أم لا ...
وأمّا إذا كان للعمل غاية دنيويّة شرعيّة أو اُخرويّة فأراده الإنسان مع القربة فإنّه لا يُسمّى رياءً كطلب الغازي الجهاد لله وللغنيمة ، وقراءة الإمام للصلاة وللتعليم ، والصيام لله وللصحّة ، والوضوء للقربة والتبرّد
(2) .
ثمّ إنّ نشاط المرائي في هذا الحديث بمعنى نشاطه في العمل فيعمل كثيراً بطيب النفس إذا كان أمام الناس
(3) .
(151) أفاد المحدّث القمّي
(4) أنّ المنافق يطلق على معان ، منها أن يظهر الإيمان ويبطن الكفر وهو معناه المشهور ، ومنها أن يظهر الحبّ ويكون في الباطن عدوّاً ،
-------------------------------
(1) مرآة العقول ، ج 10 ، ص 87 .
(2) القواعد والفوائد ، ص 248 ، القاعدة 196 .
(3) روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 138 .
(4) سفينة البحار ، ج 8 ، ص 306 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 53 _
إذا حَدّثَ كَذِب ، وإذا وَعَدَ أخلَف ، وإذا ائتُمِنَ خان .
يا عليُّ ، تسعةُ أشياء تورث النِسيان (152) ، أكلُ التفاحِ الحامض ، وأكلُ الكُزْبُرة (153) ،
ومنها أن يُظهر الصلاح ويكون في الباطن فاسقاً ، ومنها أن يدّعي الإيمان ولم يعمل بمقتضاه ولم يتّصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها فكان باطنه مخالفاً لظاهره وكأنّ هذا المعنى الأخير هو المراد هنا في مثل هذا الحديث ...
وأفاد الشيخ الطريحي
(1) ، أنّ المنافق مأخوذ من النَّفْق وهو السرب في الأرض خفية ، وقيل ، مأخوذ من نافَقَ اليربوع ، إذا طُلب من النافقاء خرج من القاصعاء وبالعكس ، وهما جُحرتا اليربوع .
(152) النسيان ، بكسر النون ضدّ الذُكْر والحفظ ... وهي الحالة التي تعرض على الإنسان فلا يضبط ما استودع .
(153) الكُزْبُرة ، بضمّ الكاف وسكون الزاء وضمّ الباء ، وقد تفتح الكاف والباء ، عربية أو معربة من كزبرناء بالسرياينة وهي بالفارسية ( گشنيز ) ، كما قاله في القرابادين
(2) ، ذاكراً أنّ الإكثار منها يورث النسيان وإختلاط الذهن ، بل في المعتمد ، أنّ بذرها أيضاً إذا شرب منه شيء كثير خلط الذهن فينبغي أن يُحترز من إدمانه والإستكثار منه
(3) .
وقال العلاّمة المجلسي ، أنّه إختلف الأطباء في طبعها فقيل بارد ... وقيل إنّها مركّبة القوى ، وذكروا لها فوائد كثيرة شرباً وضماداً ، لكن ذكروا أنّ إدمانها
-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، مادّة نفق ، ص 446 .
(2) القرابادين ، ص 358 .
(3) المعتمد ، ص 423 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 54 _
والجُبُن (154) ، وسؤُر الفأرة ، وقراءةُ كتابةِ القبور ، والمشيُ بين امرأتين ، وطرحُ القُمّلة (155) ، والحجامةُ في النُقرة (156) ،
والإكثار منها يخلِّط الذهن ، ويظلم العين ، ويجفِّف المني ، ويسكِّن الباه ، ويورث النسيان ، ولا يبعد حمل الأخبار المستفاد منها الذمّ على الإكثار
(1) .
(154) في المصباح ، أنّ الجبن المأكول فيه ثلاث لغات رواها أبو عبيدة عن يونس بن حبيب سماعاً ، عن العرب أجودها سكون الباء ـ أي مع ضمّ الجيم ـ ، والثانية ضمّها للاتباع ، والثالثة وهي أقلّها التثقيل ... ومنهم من يجعل التثقيل من ضرورة الشعر
(2) .
وفي القرابادين
(3) ، ذكر له فوائد ومضارّ وأفاد أنّه يصلحه الجوز ...
بل في الحديث عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( الجبن والجوز إذا اجتمعا في كلّ واحد منهما شفاء ، وإن افترقا كان في كلّ واحد منهما داء ).
وعنه ( عليه السلام ) في الجبن ، ( هو ضارّ بالغداة ، نافع بالعشيّ )
(4) .
(155) الطرح ، بفتح الطاء وسكون الراء هو الرمي يقال ، طرحته أي رميته ، والقُمَّل بضمّ القاف وتشديد الميم المفتوحة هو الحيوان المعروف ، وفُسِّر بطرح القمل والقاءه حيّاً على الأرض .
(156) النقرة ، بضمّ النون وسكون القاف هي الحفرة خلف الرأس تقرب من أصل الرقبة .
-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 244 .
(2) المصباح المنير ، مادّة جَبَنَ .
(3) القرابادين ، ص 152 .
(4) طبّ الأئمّة للسيّد الشبّر ، ص 190 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 55 _
والبول في الماءِ الراكد (157) .
يا عليُّ ، العيشُ في ثلاثة ، دار قَوراء (158) ، وجارية حَسناء ، وفرس قَبّاء (159) .
(157) ذكر المحقّق الطوسي ، أنّ ممّا يورث النسيان أيضاً ، المعاصي ، وكثرة الهموم والأحزان في اُمور الدنيا ، وكثرة الإشتغال والعلائق الدنيوية ، والنظر إلى المصلوب ، والمرور بين قطار الجمل ، وكلّ ما يزيد في البلغم
(1) .
(158) القوراء ، بفتح القاف يعني الواسعة مؤنث الأقور بمعنى الواسع .
(159) القباء ، بفتح القاف وتشديد الباء ... الفرس الاُنثى الضامر بطنها ، وضمور البطن من محاسن الفرس وممّا يساعده على سرعة العَدْوِ في السير ...
وللشيخ الصدوق هنا كلامٌ مفسّر للقباء بهذا الضمور إستشهاداً بالشعر .
قال ( رحمه الله ) ، [ سمعت رجلا من أهل المعرفة باللغة بالكوفة يقول ، الفرس القبّاء ، الضامر البطن ، يقال ، فرس أقبّ وقبّاء ، لأنّ الفرس يذكّر ويؤنّث ، ويقال للاُنثى ، قبّاء لا غير ، قال ذو الرمّة
(2) : تَنَصّبَتْ حولَه يوماً تراقبُه صُحرٌ سماحيج في أحشائِها قِبَبُ
الصحر ، جمع أصحر وهو الذي يضرب لونه إلى الحمرة ، وهذا اللون يكون في الحمار الوحشي ، والسماحيج الطوال ، واحدها سمحج
(3) ، والقبب الضمر ] .
-------------------------------
(1) آداب المتعلّمين ، ص 133 .
(2) ذو الرِّمة ، هو أبو حرث غيلان بن عقبة أحد فحول الشعراء العرب قيل في حقّه ، فُتح الشعر بامرىء القيس وخُتم بذي الرِّمة ، لاحظ الكنى والألقاب ، ج 2 ، ص 227 .
(3) السمحج ، الأتان الطويلة الظهر وكذلك الفرس ولا يقال للذكر ، كذا قاله الجوهري، مجمع البحرين ، مادّة سمحج ، ص 166 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 56 _
يا عليُّ ، واللّهِ لو أنّ الوضيعَ في قعرِ بئر لبعثَ اللّهُ عزّوجلّ إليه ريحاً ترفعه فوقَ الأخيار في دولةِ الأشرار (160) .
يا عليُّ ، من انتمى إلى غير مواليه (161) فعليه لعنةُ اللّه ، ومن منع أجيراً أجرَه فعليه لعنةُ اللّه ، ومن أحدَثَ حَدَثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنةُ اللّه ، فقيل ، يا رسولَ اللّهِ وما ذلكَ الحَدَث ؟ قال ، القَتْل .
يا علي ، المؤمنُ مَن أمنهُ المسلمون على أموالِهم ودمائِهم ، والمسلمُ مَن سَلِمَ المسلمونَ من يدِه ولسانِه ، والمهاجرُ مَن هَجَر السيّئات (162) .
يا عليُّ ، أوثقُ عرى الإيمان (163) الحبُّ في اللّهِ ، والبغضُ في اللّه .
يا عليُّ ، من أطاعَ امرأتَه أكبَّهُ اللّهُ عزّوجلّ على وجهِه في النار .
(160) الوضيع من الناس هو الدني الذي فيه خسّة وضعة ... وهذا بيان ترفع الأدنياء على الأخيار في دولة الأشرار وترفيع الأدنين الساقطين في دولتهم .
(161) أي إنتسب إلى غير مواليه الذين جعلهم الله تعالى مواليه الذين هم الهداة المعصومون أهل الدين صلوات الله عليهم أجمعين ، كما يستفاد من حديث المعاني
(1) .
(162) هذا بيان المهاجرة الكاملة الحقيقيّة التي ينبغي أن يكون عليها المؤمن المسلم المهاجر في سبيل الله تعالى .
(163) العُرى ، جمع عروة ... وهي التي يتمسّك بها ... وهذا على التشبيه بالعروة التي يتمسّك بها ، وعروتا الإيمان هما الحبّ في الله والبغض في الله فيلزم التمسّك والأخذ بهما وأن يكون في المؤمن كلاهما .
-------------------------------
(1) معاني الأخبار ، ص 379 ، ح 3 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 57 _
فقال علي ( عليه السلام ) ، وما تلكَ الطاعة ؟ قال ، يأذن لها في الذهاب إلى الحمّاماتِ والعرساتِ والنائحاتِ ، ولبسِ الثيابِ الرِّقاق (164) .
يا عليُّ ، إنَّ اللّهَ تباركَ وتعالى قد أذهبَ بالإسلام نَخوةَ .
(165) الجاهلية وتفاخرَها بَآبائِها (166) ، ألا إنّ الناسَ من آدم وآدم من تراب .
(164) أي الثياب الرقيقة التي تشفّ عمّا تحتها ، وقد حمل المحدّث الحرّ العاملي حرمة ذلك على صورة الريبة والتهمة والمفسدة كما يستفاد من عنوان ذلك في بابه في الوسائل
(1) ، فلاحظ .
(165) النخوة ـ بفتح النون وسكون الخاء ـ ، الإفتخار والتعظّم وادّعاء العظمة والكبر والشرف .
(166) فإنّه مذموم مردوع وكفى واعظاً وزاجراً عنه ما يلي :
قول الله تعالى ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُم )
(2) .
وقول سيّدنا الإمام الباقر في الحديث الذي رواه عقبة بن بشير الأسدي قال ، قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) ، أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضخم من قومي ، قال ، فقال ، ( ما تمنّ علينا بحسبك ، إنّ الله رفع بالإيمان مَن كان الناسِ يسمّونه وضيعاً إذا كان مؤمناً ، ووضع بالكفر مَن كان الناس يسمّونه شريفاً إذا كان كافراً ، فليس لأحد فضل على أحد إلاّ بالتقوى )
(3) .
-------------------------------
(1) وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 375 ، باب 16 .
(2) سورة الحجرات ، الآية 13 .
(3) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 328 ، باب الفخر والكبر ، ح 3 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 58 _
وأكرمُهم عندَ اللّهِ أتقاهُم .
يا عليُّ ، من السُحْتِ (167) ثمنُ الميتة ، وثمنُ الكلب (168) ، وثمنُ الخَمر ، ومهرُ الزانية (169) ، والرشوةُ في الحكم (170) .
(167) السحت ـ بضمّ السين وسكون الحاء ـ ، وكذلك يقرأ بضمّتين ، يطلق على المحظور الذي يلزم صاحبه العار كأنّه يسحت دينه ومروئته
(1) .
وهو كلّ ما لا يحلّ كسبه ، وإشتقاقه من السَحْت وهو الإستيصال ، يقال ، سَحَته وأسحَته أي استأصله ، ويسمّى الحرام به لأنّه يعقّب عذاب الإستيصال ، وقيل ، لأنّه لا بركة فيه ، وقيل ، لأنّه يسحت أي يستأصل مروّة الإنسان
(2) .
(168) أي كلب الهراش كما حمل عليه وفسّر به بقرينة الأحاديث الاُخرى التي استثنت من حرمة البيع بيع مثل كلب الصيد كحديث العامري قال ، سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن ثمن الكلب الذي لا يصيد ؟ فقال ، ( سُحت ، وأمّا الصيود فلا بأس به )
(3) .
وقد اُفيد الإجماع على إستثناء كلب الصيد ، وفي الجواهر ، أنّ الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي من اللاخلاف والإجماع في المسألة مستفيض أو متواتر كالنصوص .
(169) أي اُجرة الزانية التي تأخذها على فجورها .
(170) الرشوة ـ مثلثة الراء وساكنة الشين ـ ، هي ما يعطيه الشخص للحاكم
-------------------------------
(1) مفردات الراغب ، ص 225 .
(2) مجمع البحرين ، مادّة سَحَتَ ، ص 145 .
(3) وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 83 ، باب 14 ، ح 1 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 59 _
وأجرُ الكاهن (171) .
وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريده ، وأصلها من الرشاء يعني الحبل الذي يتوصّل به إلى الماء كما أفاده الشيخ الطريحي
(1) ، أو من رشا الفرخ إذا أمدّ رأسه إلى اُمّه لتزقّه كما نقله ابن منظور عن أبي العبّاس المبرّد
(2) .
وفسّر في الفقه بالمال الذي يجعله المتحاكمين للحاكم ، كما يستفاد من المحقّق الثاني
(3) .
وأفاد الشيخ الأنصاري ، أنّه لا تختصّ الرشوة بما يُبذل على خصوص الحكم بالباطل ، بل يعمّ ما يبذل لحصول غرضه وهو الحكم بنفعه حقّاً كان أو باطلا
(4) .
وقطع بالعموم الميرزا الآشتياني في كتاب القضاء
(5) ، والمحقّق الكني في قضائه
(6) ، بل نسبه السيّد الجواد إلى الأصحاب في المفتاح
(7) .
(171) الكاهن ويسمّى بالعرّاف أيضاً هو فاعل الكهانة ...
والكهانة ـ بالفتح والكسر ـ ، تعاطي الإخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان وادّعاء معرفة الأسرار
(8) .
وقد اُفيد فقهاً حرمتها بإجماع المسلمين بل في حديث أبي بصير ، عن أبي
-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، مادّة رشا ، ص 38 .
(2) تاج العروس ، ج 10 ، ص 150 .
(3) جامع المقاصد ، ج 1 ، ص 206 .
(4) المكاسب ، ج 2 ، ص 396 .
(5) كتاب القضاء للآشتياني ، ص 39 .
(6) كتاب القضاء للكني ، ص 11 .
(7) مفتاح الكرامة ، ج 4 ، ص 91 .
(8) مجمع البحرين ، مادّة كَهَنَ ، ص 569 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 60 _
عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( من تكهَّن أو تُكهِّن له فقد برىء من دين محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) )
(1) .
وقد إختلفت الأقوال في منشأ إخبارات الكاهن ... والقول الحقّ في منشئها هو ما جاء في حديث الإحتجاج ، قال ( عليه السلام ) :
( إنّ الكهانة كانت في الجاهلية في كلّ حين فترة من الرسل ، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الاُمور بينهم ، فيخبرهم عن أشياء تحدث ، وذلك من وجوه شتّى ، فراسة العين ، وذكاء القلب ، ووسوسة النفس ، وفتنة الروح ، مع قذف في قلبه ، لأنّ ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤدّيه إلى الكاهن ، ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف .
وأمّا أخبار السماء فإنّ الشياطين كانت تقعد مقاعد إستراق السمع إذ ذاك ، وهي لا تُحجب ، ولا تُرجم بالنجوم ، وإنّما مُنعت من إستراق السمع لئلاّ يقع في الأرض سبب يُشاكل الوحي من خبر السماء ، فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله ، لإثبات الحجّة ، ونفي الشبهة .
وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ، ثمّ يهبط بها إلى الأرض ، فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده ، فيخلط الحقّ بالباطل ، فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به فهو ما أدّاه إليه الشيطان لما سمعه ، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه .
فمنذ مُنعت الشياطين عن إستراق السمع إنقطعت الكهانة ، واليوم إنّما تؤدّي الشياطين إلى كهّانها أخباراً للناس بما يتحدّثون به ، وما يحدثونه ، والشياطين
-------------------------------
(1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 108 ، باب 26 ، ح 2 .