الوصيّة السادسة والتسعون :
   نقلها الشيخ محمّد بن الأشعث الكوفي في الجعفريات :
  الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن علي ( عليهم السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
  يا علي إيّاكَ واللّؤم (1) فإنَّ اللّؤمُ كفرٌ والكفر في النار ، وعليكَ بالبِرّ وبالسرّ والكَرَم فإنَّ السرَّ والكَرَم (2) يذيبُ الخطايا كما تذيبُ الشمسُ الجليدَ (3) ، إنّ اللّهَ تعالى يقولُ ، أنا اللّهُ لا إلهَ إلاّ أنا ، وعزّتي وجَلالي ، لا يدخلُ جَنّتي لئيم (4) .
  (1) لؤْم الرجل وهو لئيم أي دني الأصل شحيح النفس ، فاللؤم هو الشحّ والبُخل ، ولاحظ أحاديث ذمّ الشحّ والبخل في بابه (1) .
  (2) في المستدرك ( فإنّ البرّ والسرّ والكرم ) .
  (3) الجليد هو الثلج والماء الجامد بسبب البرد .
  (4) الجعفريات ، ص 151 ، وعنه المستدرك ، ج 7 ، ص 28 ، ب 5 ، ح 7 ، المسلسل 7558 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 73 ، ص 299 ، ب 136 ، الأحاديث .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 452 _

الوصيّة السابعة والتسعون :
   نقلها الشيخ محمّد بن الأشعث الكوفي في الجعفريات :
  الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ( عليهم السلام ) أنّ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعثَ مع علي ( عليه السلام ) ثلاثينَ فَرَساً في غزاةِ السَلاسل (1) فقال :
  يا علي ، أتلو عليكَ آيةً في نفقةِ الخيل ، ( الذّينَ يُنفقُونَ أموالَهُم باللَّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانيَةً ) (2) .
  (1) غزوة ذات السلاسل بفتح السين الاُولى كما هو المشهور ، وضبطه الجزري في النهاية بضمّ السين الاُولى (1) ، وهي الغزوة التي وقعت بوادي الرمل ، الذي يبعد عن المدينة المنوّرة بخمس مراحل وشُدّ بعض الأعداء فيه بالسلاسل (2) ، نزلت عندها سورة العاديات حين بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علياً ( عليه السلام ) إلى ذات السلاسل (3) .
  (2) سورة البقرة ، الآية 274 .

-------------------------------
(1) سفينة البحار ، ج 4 ، ص 219 .
(2) منتهى الآمال ، ج 1 ، ص 81 .
(3) مجمع البيان ، ج 10 ، ص 528 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 453 _

  يا علي ، هي النفقةُ على الخَيلِ يُنفقَ الرّجلُ سرّاً وعلانيَة (3) (4) .
  (3) وورد هذا المضمون في حديث الراوندي طيّب الله مثواه (1) ، وجاء نظيره في حديث الدعائم أنّ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال ، ( يا علي ، النفقة على الخير المرتبطة في سبيل الله هي النفقة التي قال الله عزّوجلّ : ( الّذينَ يُنفِقُونَ أموالَهُم باللّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانيَة ) ) (2) .
  (4) الجعفريات ، ص 86 ، وعنه المستدرك ، ج 8 ، ص 253 ، ب 2 ، ح 1 ، المسلسل 9377 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 21 ، ص 67 ، ب 25 ، ح 1 .
(2) دعائم الإسلام ، ج 1 ، ص 344 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 454 _

الوصيّة الثامنة والتسعون :
  نقلها الشيخ محمّد بن الأشعث الكوفي في الجعفريات :
  الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال ، لمّا بعثني رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى اليمنِ قال :
  يا علي ، لا تُقاتلَنَّ أحداً حتّى تدعُوهُ إلى الإسلامِ ، واللّهِ لئن يَهدِيَنَّ اللّهُ على يديَك رجلا خيرٌ لك ممّا طَلَعتْ عليهِ الشَّمسُ وغَرُبَت ، وَلكَ وِلاهُ (1) يا علي (2) .
  (1) أي تكون أنت وليُّه ومولاهُ كما كنتَ مرشده وهاديه فتكون الهداية والدعوة إلى الإسلام قبل المقاتلة .
  فان حصلت الهداية كان الخير الأعظم ، وكان الولاء لمولى المؤمنين ( عليه السلام ) .
  (2) الجعفريات ، ص 77 ، عنه المستدرك ، ج 11 ، ص 30 ، ب 9 ، ح 1 ، المسلسل 12357 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 455 _

الوصيّة التاسعة والتسعون :
   نقلها الشيخ محمّد بن الأشعث الكوفي في الجعفريات :
  الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه أنّ علياً ( عليه السلام ) اشتكى عينيَه فعادَهُ رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإذا علي ( عليه السلام ) يصيحُ فقال لهُ النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أجَزَعاً أم وَجَعاً ؟ فقال علي ( عليه السلام ) ، ما وجعتُ وَجَعاً قطُّ أشقّ (1) منه ، فقال :
  يا علي ، إنَّ مَلَكَ الموتِ إذا نزلَ لقبضِ روحِ الفاجر نزلَ معه بسَفّود (2) من نار ، فنزعِ روحَه فتصيحُ جهنّمُ ، فاستوى عليٌّ ( عليه السلام ) جالساً ، فقال ، يا رسولَ اللّهِ هل يصيبُ ذلكَ أحداً من اُمّتِك ؟ فقال ، نعم ، حاكمٌ جائر ، وآكلُ مالِ اليتيمِ ، وشاهدُ الزّور (3) (4) .
  (1) في المستدرك ( أشدّ ) .
  (2) سَفُّود بفتح السين وتشديد الفاء على وزن تنّور هي الحديدة التي يشوى بها اللحم ، المعروف بالصيخ (1) .
  (3) الزور هو الكذب والباطل ، مأخوذ من التزوير بمعنى التحريف .
  (4) الجعفريات ، ص 146 ، وعنه المستدرك ، ج 17 ، ص 356 ، ح 1 ، المسلسل 21569 ، وورد مع إختلاف يسير بطريق الشيخ في التهذيب ، ج 6 ، ص 224 ، ب 87 ، ح 27 ، المسلسل 537 ، والوسائل ، ج 18 ، ص 166 ، ب 12 ، ح 1 .

-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، ص 210 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 456 _

الوصيّة المائة :
   نقلها الشيخ الديلمي في إرشاد القلوب :
  إرشاد القلوب ، في مرفوعة الشيخ المفيد إلى أنس بن مالك قال ، كنت أنا وأبو ذرّ وسلمان وزيد بن أرقم عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ دخل الحسن والحسين ( عليهما السلام ) فقبّلهما رسول الله ، وقام أبو ذرّ فانكبّ عليهما وقبَّل أيديهما ثمّ رجع فقعد معنا فقلنا له ، سِرٌّ يا أبا ذرّ ، أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكبّ عليهما وتقبّل أيديهما ؟ فقال ، نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفعلتم لهما أكثر ممّا فعلت أنا ، فقلت ، وما سمعت يا أبا ذرّ ، قال ، سمعته يقول لعلي ( عليه السلام ) ولهما :
  يا علي ، واللّهِ لو أنّ رجلا صلّى وصامَ حتّى يصيرُ كالشنِّ البالي ـ أي القربة الخَلِقَة ـ إذاً ما نفَعْتُه صلاتُه ولا صومُه إلاّ بحبِّكم. يا علي ، من تَوسّلَ إلى اللّهِ جلَّ شأنُه بحبِّكم ، فحقّ على اللّهِ ان لا يردَّهُ .
  يا علي ، من أحبّكم وتمسّكَ بكُم فقد تَمسّكَ بالعُروةِ الوثقى .
  قال ، ثمّ قامَ أبو ذرّ وخَرج ، فتقدَّمْنا إلى رسولِ اللّهِ فقلنا ، أخبَرَنا أبو ذرّ عنكَ بكَيت وكَيت ، فقال ، صدقَ أبو ذرّ ، وصدقَ واللّهِ أبو ذرّ ، ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ (1) على ذي لَهجة أَصدَق من أبي ذرّ .
  (1) أي ما أظلَّت السماء ولا حملت الأرض إذ تسمّى السماء بالخضراء لأنّها تعطي الخضرة في لونها ، وكذلك تسمّى الأرض بالغبراء لأنّها تعطي الغُبرة في لونها .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 457 _

  ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، خلقني اللّهُ تباركَ وتعالى وأهلَ بيتي من نور واحد قبل أن يخلقَ آدمُ ( عليه السلام ) بسبعةِ آلافِ عام ، ثمّ نقَلنا إلى صُلبِ آدمَ ( عليه السلام ) ثمّ نقَلنا من صُلبِه إلى أصلابِ الطاهرينَ إلى أرحامِ الطاهراتِ ، فقلنا ، يا رسولَ اللّهِ فأينَ كُنتم وعلى أي مثال كنتم ، قال ، أشباحاً من نُور (2) تحتَ العرشِ نسبّحُ اللّهَ تعالى ونقدّسُه ونمجّدُه (3) .
  (2) أي أبدانٌ نورانية بل أرواح ، فقد خلقهم الله تعالى أنواراً ، وجعلهم بعرشه محدقين ، وقد تظافرت وتواترت الأحاديث الشريفة في خلقتهم النورانية فلاحظ (1) .
  (3) إرشاد القلوب ، ص 415 .

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 1 ، ص 389 ، باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم ( عليهم السلام ) ، وبحار الأنوار ، ج 25 ، ص 1 ، باب 1 ، المشتمل على 46 حديثاً .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 458 _

الوصيّة المائة والواحدة :
   نقلها الشيخ الديلمي في إرشاد القلوب :
  إرشاد القلوب ، جاء في حديث حذيفة بن اليمان أنّه :
  أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خادمةً لاُمّ سلمة فقال ، اجمعي لي هؤلاء يعني نسائه فجمعتُهنّ له في منزل اُمّ سلمة ، فقال لهنّ ، اسمعن ما أقول لكُنّ :
  وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال لهنّ ، هذا أخي ووصيي ووارثي والقائم فيكُنَّ وفي الاُمّة من بعدي ، فأَطِعْنَه فيما يأمركُنَّ به ، ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته ، ثمّ قال :
  يا علي ، اُوصيكَ بهنَّ فأمسِكْهنَّ ما أطعنَ اللّهَ وأطعْنَكَ ، وأنفِقْ عليهنَّ من مالكَ ، وامُرهُنَّ بأمركَ ، وانهنَّ عمّا يُريبك ، وخلِّ سبيلهنَّ إن عصينَك ، فقال علي ( عليه السلام ) ، يا رسولَ اللّهِ إنّهُنَّ نساء ، وفيهن الوهن وضعفُ الرأي ، فقال ، ارفقْ بهنَّ ما كان الرفُق أمْثَل .
   فمن عصاكَ منهنَّ فطلّقْها طلاقاً يَبْرأ اللّهُ ورسولُهُ منها (1) .
  (1) وهذا من مختصاته صلوات الله عليه وآله .
  وقد روي حتّى من طرق العامّة أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعل طلاق نسائه إلى علي ( عليه السلام ) فيما رواه أبو الدرعل ، المرادي وصالح مولى التومة عن عائشة (1) .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 38 ، ص 74 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 459 _

  وجاء في الحديث المروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) انّه ، ( لمّا كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والله ما أراني إلاّ مطلّقها ، فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ، يا علي ، أمر نسائي بيدك من بعدي ، لما قام فشهد ؟
   فقال : فقام ثلاثة عشر رجلا فيهم بدريان فشهدوا ، أنّهم سمعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، يا علي ، أمر نسائي بيدك من بعدي ، قال ، فبكت عائشة عند ذلك حتّى سمعوا بكاءها ، فقال علي ( عليه السلام ) ، لقد أنبأني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بنبأ فقال ، إنّ الله تعالى يمدّك يا علي يوم الجمل بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين ) (1) .
  ومعنى تطليقهنّ بعد وفاة النبي هو إسقاطهنّ من شرف الاُمومة ، مضافاً إلى تبري الله ورسوله منهنّ كما يستفاد من أسئلة سعد بن عبدالله الأشعري القمّي من مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه .
  ففي حديث الشيخ الصدوق ، عن محمّد بن علي بن محمّد النوفلي ، عن الوشاء ، عن أحمد بن طاهر القمّي ، عن الشيباني ، عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبدالله القمّي ، قال ، سألت الحجّة القائم ( عليه السلام ) ...
  قلت ، فأخبرني يابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوّض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حكمه إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟
  قال ، إنّ الله ( تقدّس إسمه ) عظّم شأن نساء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فخصّهنّ بشرف الاُمّهات ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، يا أبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دُمْن لله

-------------------------------
(1) الإحتجاج ، ج 1 ، ص 240 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 460 _

  قال ، كلُّ نساءِ النبيّ قد صَمَتْن فما يَقُلْنَ شيئاً ، فتكلَّمَتْ عائشة فقالت ، يا رسولَ اللّه ما كنّا لتأمرنا بشَيء فنخالفَه إلى ما سواه ، فقال لها ، بلى قد خالفتِ أمْري أشدَّ خلاف وأيْمُ اللّه لتخالفين قولي هذا ، ولتعصينَّهُ بعدي ، ولتخرجينَ من البيتِ الذي أُخلُفكِ فيه ، متبرّجةً فيه قد حَفَّ بكِ فئاتٌ من الناسِ ، فتخالفينَهُ ظالمةً له ، عاصيةً لربّكِ ، ولتنبحنَّك في طريقك كلابُ الحَوْأبِ (2) ألا إنّ ذلكَ كائن ، ثمَّ قال ، قُمْنَ فانصرِفنَ إلى منازلكُنّ ، فقُمنَ فانصَرَفْن (3) .
  على الطاعة ، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف اُمومة المؤمنين ... (1) .
  (2) الحوأب بفتح الحاء وسكون الواو وهمزة مفتوحة موضع في طريق البصرة محاذي البصرة ... موضع بئر نبحت كلابه على عائشة (2) .
  (3) إرشاد القلوب ، ص 337 ، وتلاحظ نهي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عائشة عن الخروج وإعلامها بنبح كلاب الحوأب إيّاها ، وخروج الفساد منها في طرق العامّة المتظافرة مجموعةً في السبعة من السلف ، ص 173 .
  وتلاحظ أحاديث تأنيب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لها على ذلك من أحاديث العامّة مجموعة في هامش تلخيص الشافي ، ج 2 ، ص 133 .
  ومن المناسب ملاحظة إستدلال الشيخ الطوسي ( قدس سره ) على كفر من حارب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إستدلالا بإجماع الفرقة المحقّة ، وبحديث ( حربك يا علي حربي وسلمك يا علي سلمي ) المتّفق عليه بين الفريقين (3) .

-------------------------------
(1) إكمال الدين ، ص 459 ، ب 43 ، ح 21 .
(2) معجم البلدان ، ج 2 ، ص 314 .
(3) تلخيص الشافي ، ج 4 ، ص 131 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 461 _

الوصيّة المائة والإثنين :
   نقلها الشيخ الديلمي في إرشاد القلوب :
  إرشاد القلوب ، في حديث سلمان الفارسي أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقبل على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له :
  يا أخي ، إنّك ستبقى بَعدي ، وستلقى من قريش شدّةً من تظاهرِهم عليك (1) وظلمِهم لكَ ، فإن وَجدْتَ عليهم أعواناً فقاتِل من خالَفكَ بمن أطاعَكَ ووافقكَ ، وإن لم تجدْ أعواناً فاصبر وكُفَّ يدَك ولا تُلقِ بها إلى التهلكةِ ، فإنّكَ منّي بمنزلةِ هارونَ من موسى ، ولكَ بهارونَ اُسوةٌ حسنَة إذ استضعفُه قومَه وكادُوا يقتلونَه ، فاصبِر لظلِم قريش وإيّاكَ وتظاهرهِم عليكَ ، فإنّك بمنزلةِ هارونَ من موسى ومَن تَبِعهُ ، وهُم بمنزلةِ العِجْل ومَن تَبِعَه (2) .
  يا علي ، إنَّ اللّهَ تباركَ وتعالى قد قضى الفُرقةَ والإختلافَ على هذهِ الاُمّةِ (3) ولو شاء لَجَمعهُم على الهُدى ...
  (1) أي من تعاونهم وتعاضدهم على إيذائك .
  (2) أي بمنزلة عجل السامري ومن تبعه من بني إسرائيل الذين خالفوا أمر موسى وعبدوا العجل .
  (3) وذلك بسبب سوء إختيارهم أنفسهم ، لا بإجبار من الله تعالى .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 462 _

  حتّى لا يختلفَ إثنان من هذِه الاُمّةِ ولا يُنازعَ في شيء من أمرِه ، ولا يجحَد المفضولُ ، إذ الفضلُ فضلُه ولو شاءَ لعجَّلَ النقمةَ .
  وكان منهُ التغييرُ حتّى يكذّبَ الظالمُ ويَعلمَ الحقُّ أين مصيرُه .
  ولكنّه جعلَ الدنيا دارَ الأعمالِ ، والآخرةَ دارَ القرارِ ليجزيَ الذّين أساؤُا بما عملُوا ويجزي الّذين أحسنُوا بالحُسنى (4) ، فقال ( عليه السلام ) ، الحمدُ للّهِ ، وشُكراً على نَعمائِه ، وصَبراً على بلائِه (5) .
  (4) فكان بهذا الإمهال إمتحان الخلق وإختبار نواياهم وإظهار أعمالهم ، إتماماً للحجّة عليهم ولله تعالى الحجّة البالغة .
  (5) إرشاد القلوب ، ص 420 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 463 _

الوصيّة المائة والثالثة :
   نقلها الشيخ الديلمي في إرشاد القلوب :
  إرشاد القلوب ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ، عليكَ بالبُكاءِ من خَشيةِ اللّه ، يُبنى لكَ بكُلِّ قَطرة بَيتاً في الجَنَّة (1) (2) .
  (1) فللبكاء من خشية الله تعالى فضائل كثيرة وردت في الأحاديث الشريفة منها ، أنّه لا تبكي يوم القيامة عين بكت من خشية الله ، وأنّ القطرة منها تطفىء بحاراً من نار ، وأنّه تُرحم الاُمّة ببكائه ، وأنّه يكون في الرفيق الأعلى كما تلاحظه في كتاب الدعاء (1) .
  ولقد كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المثل الأعلى في هذا البكاء ، حتّى كان من شدّة البكاء يضع يده على الحائط ويصير شبيه الواله كما تلاحظه في حديث حبّة العرني ونوف البكالي (2) ، ويكفينا وصف ضرار بن ضمرة النهشلي له في حديثه المعروف الذي جاء فيه ، ( ولو رأيته إذ مَثُلَ في محرابه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ... ) (3) .
  (2) إرشاد القلوب للشيخ الجليل أبي محمّد الحسن بن محمّد الديلمي ، ص 87 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 93 ، ص 335 ، ب 19 ، الأحاديث .
(2) بحار الأنوار ، ج 41 ، ص 23 ، ب 101 ، ح 13 .
(3) بحار الأنوار ، ج 41 ، ص 15 ، ب 101 ، ح 6 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 464 _

الوصيّة المائة والرابعة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه سأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن تفسير الأذان (1) ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي ، الأذانُ حُجّةٌ على أُمّتي (2) .
  وتفسيرُه ، إذا قالَ المُؤذّنُ ، اللّهُ أكبَرُ ، اللّهُ أكبرُ ، فإنّه يقولُ ، اللّهمَّ أنتَ الشاهدُ على ما أقولُ ، يا اُمَّةَ أحمد (3) قد حَضَرتْ الصَّلاةُ فتهيّؤُوا ودَعُوا عنكُم شُغلَ الدّنيا .
  وإذا قالَ ، أشهدُ أنْ لا إلَه إلاّ اللّهُ ، فإنّه يقولُ ، يااُمّةَ أحمد اُشهِدُ اللّهَ واُشهِدُ ملائكتَه أنّي أخبرتُكم بوقتِ الصلاةِ فتَفرّغُوا لها .
  وإذا قالَ ، أشهدُ أنَّ محمّداً رسولُ اللّهِ ، فإنّهُ يقولُ ، يَعلمِ اللّهُ ويعلمُ ملائكتُه أنّي قد أخبرتُكُم بوقتِ الصَّلاةِ ، فتفرّغُوا لها فانَّهُ خيرٌ لكم .
  (1) التفسير هو كشف المراد وإيضاح المعنى ، وتفسير الأذان هنا بمعنى بيان المراد من فصوله وإيضاح بطونه ، لا تفسير ألفاظه .
  (2) أي ممّا يحتجّ به الله تعالى على الاُمّة .
  (3) في البحار هكذا ، وفي جامع الأخبار بدل أحمد في جميع هذا الحديث جاء ، محمّد .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 465 _

  وإذا قالَ ، حيَّ على الصّلاةِ ، فإنّه يقولُ ، يااُمّةَ أحمد ، دينٌ قد أظهرُه اللّهُ لكُم ورسولُه فلا تُضيّعوه ، ولكنْ تَعاهُدوا (4) يغفِر اللّهُ لكم ، تَفرّغوا لصلاتِكم فإنّها عِمادُ دينِكم .
  وإذا قال ، حَيَّ على الفَلاحِ ، فإنّهُ يقولُ ، يا اُمَّةَ أحمد ، قد فتَحَ اللّهُ عليكم أبوابَ الرَّحمةِ ، فقومُوا وخذُوا نصيبَكم من الرّحمةِ تَربحُوا الدُنيا والآخرةِ .
  وإذا قالَ ، حَيَّ على خَيرِ العَمل (5) ، فإنّه يقولُ ، ترحَّمُوا على أنفسِكم ، فإنَّه لا أعلمُ لكُم عملا أفضلَ من هذِه ، فتفرّغُوا لصلاتِكم قبلَ النَّدامةِ .
  وإذا قالَ ، لا إلَه إلاّ اللّهُ ، فإنّهُ يقولُ ، يا اُمَّة أحمد إعلمُوا أنّي جعلتُ أمانةَ سبعِ سَماوات وسبعِ أرضين في أعناقِكم ، فإنْ شئتُم فاقبلُوا وإنْ شئتُم فأدبِرُوا ، فمَن أجابني فقد رَبِح ومَن لم يُجْبني فلا يضرُّني. ثمّ قالَ ، يا علي ، الأذانُ نورٌ ، فمن أجابَ (6) نجا .
  (4) أي تعاهدوا هذا الدين وتحفّظوا عليه .
  (5) هكذا في البحار والمستدرك ، وقد أثبتناه هنا وإن كان في المصدر ، وإذا قال الله أكبر ، الله أكبر .
  (6) أي أجاب دعوات الأذان المتقدّمة في تفسير الأذان ، وأجاب دعواته إلى الصلاة والفلاح وخير العمل بواسطة قوله ، حيّ على الصلاة ، وعلى الفلاح ، وعلى خير العمل .
  فإنّ كلمة حيّ معناها هلُمَّ وأَقبِل ، وهي دعوة ممّن يدعو إلى الله وهو المؤذّن فتستدعي الجواب .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 466 _

  ومن عَجزَ خَسَف (7) ، وكنتُ لهُ خصماً بينَ يدي اللّهِ تعالى ، ومَن كنتُ له خصماً فما أسوءَ حالُه (8) (9) .
  (7) أي من لم يجب خسف وهلك ، والخسف هو سبب الهلاك ، ويأتي بمعنى الذلّ والهوان .
  (8) واعلم أنّ للأذان فضلا كثيراً وثواباً جزيلا ، وتلاحظ عظيم مرغوبيته ، وأكيد إستحبابه ، مع فضيلة الشهادة بالتوحيد والرسالة والولاية فيه في مجامع الأحاديث (1) .
  ويحسن مراجعة فضل ( الأذان ومضامينه العالية ) في كتاب سياسة الحسين ( عليه السلام ) (2) .
  وقد ذكرنا رجحان الشهادة بالولاية في الأذان ودليله مفصّلا في كتاب شرح الزيارة الجامعة الشريفة تحت فقرة ( وأبواب الإيمان ) فذكرنا أدلّةً ستّة في رجحان الشهادة الثالثة في الأذان لا بقصد الجزئية ، مضافاً إلى فتوى الفقهاء المائة بالإستحباب والرجحان التي جمعها السيّد المقرّم أعلى الله مقامه في كتاب الشهادة الثالثة .
  (9) جامع الأخبار للشيخ السبزواري من أعلام القرن السابع الهجري ، ص 171 ، الفصل الحادي والثلاثون ، ح 3 ، المسلسل 405 ، ومنه البحار ، ج 84 ، ص 153 ، ب 35 ، ح 49 ، والمستدرك ، ج 4 ، ص 55 ، ب 34 ، ح 1 ، المسلسل 4169 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 84 ، ص 103 / 172 ، ب 35 ، المشتمل على ستّة وسبعين حديثاً .
(2) سياسة الحسين ( عليه السلام ) ، ص 102 / 111 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 467 _

الوصيّة المائة والخامسة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، عن علي ( عليه السلام ) قال :
  دخل علينا رسولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفاطمةُ ( عليها السلام ) جالسةٌ عند القِدْرِ وأنا أُنقِّي العَدَس (1) .
  قال ، يا أبا الحسن قُلتُ ، لَبّيكَ يا رسولَ اللّه ، قال ، إسمَعْ منّي ، وما أقولُ إلاّ ما أمَر ربّي ، ما مِن رجل يُعينُ امرأتَه في بيتِها إلاّ كانَ لهُ بكلِّ شَعْرة على بدنِه عبادةُ سنَة ، صيامُ نهارِها وقيامُ ليلِها ، وأعطاهُ اللّهُ من الثَّوابِ ما أعطاهُ اللّهُ [ الصابرينَ و ] داودَ النبيّ ويعقوبَ وعيسى ( عليهم السلام ) .
  (1) إعانةً لسيّدة النساء سلام الله عليها ، وهي غاية الكرامة والرفعة لما في إعانة المؤمن من الفضل والثواب كما تلاحظه في أحاديث العِشْرة (1) ، فكيف إذا كان من يعينه زوجةً له ، وكيف إذا كانت تلك الزوجة صدّيقة معصومة رضاها رضا الله تعالى ، فهي خدمة لله تعالى ، وذلك من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي يكون فعله درساً للمؤمنين بل لكافّة الناس أجمعين .
  وهذه الخدمة من وسائل سعادة الاُسرة ، وتماسك العائلة ، وحسن المعاشرة فحبّذا لو كانت قدوة واُسوة .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 74 ، ص 320 ، ب 20 ، ح 84 وغيره .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 468 _

  يا علي ، مَن كانَ في خِدمةِ العيالِ في البيتِ ولم يأنَفْ (2) كتبَ اللّهُ تعالى إسمَه في ديوانِ الشّهداءِ ، وكتبَ اللّهُ لهُ بكلِّ يوم وليلة ثوابَ ألفِ شهيد ، وكتب لهُ بكلِّ قَدَم ثوابَ حجّة وعُمرة ، وأعطاهُ اللّهُ تعالى بكلِّ عِرق في جسدِه مدينةً في الجنّةِ .
  يا علي ، ساعةٌ في خدمةِ العيالِ خيرٌ مِن عِبادةِ ألفِ سنة ، وألفِ حجّة ، وألفِ عُمرة ، وخيرٌ من عتقِ ألفِ رقَبَة ، وألفِ غَزوْة ، وألفِ مريض عادَهُ (3) ، وألفِ جُمعة (4) ، وألفِ جَنازة ، وألفِ جائع يُشبِعُهم ، وألفِ عار يكسُوهم ، وألفِ فَرَس يوجّهها في سبيلِ اللّهِ ، وخيرٌ لهُ من ألفِ دينار يَتصدَّقُ على المساكينِ ، وخيرٌ لهُ من أن يقرأَ التَّوراةَ والإنجيلَ والزبورَ والفرقانَ ، ومن ألفِ أسير أُسرَ فأعتَقَهم (5) ، وخيرٌ لهُ من ألفِ بَدَنة (6) يعطي للمساكين .
  (2) أي لم يستنكف ولم يستكبر ، يقال ، أَنِفَ من الشيء أي استنكف منه وهو الإستكبار .
  فلا وجه للإستكبار عن خدمة العيال والزوجة فإنّها مثل الزوج في الإيمان والإنسانية ، وكلّنا من آدم ( عليه السلام ) وآدم من تراب ، مضافاً إلى أنّها محسنةٌ إلى الزوج في خدمات البيت ، وهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان .
  (3) أي خير له من عيادة ألف مريض .
  (4) أي خير له من حضور ألف صلاة جمعة .
  (5) في المستدرك ، ( ومن ألف أسير إشتراها فأعتقها ) .
  (6) البدنة هي الإبل تطلق على الجمل والناقة ، سمّيت بذلك لعظم بدنها وسمنها ، وعن بعض المحقّقين في تعريفه ، ما له خمس سنين ودخل في السادسة (1) .

-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، ص 549 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 469 _

  ولا يَخرُجُ من الدّنيا حتّى يَرى مكانَه مِن الجَنّةِ (7) .
  يا علي ، مَن لم يأنَفْ من خدمةِ العيالِ دخَل الجنَّةَ بغيرِ حساب (8) .
  يا علي ، خدمةُ العيالِ كفّارةٌ للكبائِرِ ، وتُطفيءُ غضبَ الرَّبِّ ، ومهوُر الحورِ العينِ (9) ، وتزيدُ في الحسناتِ والدَّرَجاتِ .
  يا علي ، لا يخدمُ العيالَ إلاّ صدّيقٌ أو شهيدٌ أو رجلٌ يريدُ اللّهُ بهِ خَير الدُّنيا والآخرةِ (10) .
  (7) ففي حديث العياشي عن عبدالرحيم قال ، قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، أما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ، ينزل عليه ملك الموت فيقول له :
  أما ما كنت ترجو فقد اُعطيته ، وأمّا ما كنت تخافه فقد أمنت منه ، ويُفتح له باب إلى منزله في الجنّة ويقال له ، اُنظر إلى مسكنك من الجنّة ، وانظر هذا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) رفقاؤك وهو قول الله عزّوجلّ ، ( الّذينَ آمَنوُا وكانُوا يتّقُونَ لهُم البُشرى في الحَياةِ الدُّنيا وفي الآخِرةِ ) (1) .
  (8) وهذا منتهى الفضل والثواب في تيسير دخول الجنّة بلا حساب ، كما يسَّر هو لزوجته في بيته الحياة الخالية عن الأتعاب .
  (9) فيزوّجه الله تعالى لخدمته أهله من الحور العين ، وتكون خدمته في الحقيقة مهور تلك الحور .
  (10) جامع الأخبار ، ص 275 ، الفصل 59 ، الحديث 1 ، المسلسل 751 .
   ومنه بحار الأنوار ، ج 104 ، ص 132 ، ب 6 ، ح 1 ، والمستدرك ، ج 13 ، ص 48 ، ب 17 ، ح 2 ، المسلسل 14706 .

-------------------------------
(1) سورة يونس الآية 64 ، تفسير العيّاشي ، ج 2 ، ص 124 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 470 _

الوصيّة المائة والسادسة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) في وصيّته :
  يا علي ، إنَّ العبدَ المسلم إذا أتى عليهِ أربعُونَ سنة أَذْهَبَ اللّهُ عنه البلاءَ والجُنونَ والجُذامَ والبَرصَ ، وإذا أتى عليهِ خمسونَ سنة أحبّهُ أهلُ السَّمواتِ السبعِ ، وإذا أتى عليه ستّونَ سنة كتَب اللّهُ حسناتِه ومحى عنهُ سيّئاتِه ، وإذا أتى عليهِ سبعونَ سنة غَفَر لهُ ما مضى من ذنوبه ، وإذا أتى عليه ثمانونَ سنة شفَّعهُ اللّهُ يومَ القيامةِ في جميع أهل بيته ، وإذا أتى عليه تسعون سنة كتبَ اللّهُ إسمَه عندَ أهلِ السّماءِ أسيرُ اللّهِ في الأرض (1) (2) .
  (1) فيكون مورد اللطف والرفق الأكثر كلّما صار في العمر أكبر ، إجلالا لعبوديته وإسلامه وشيخوخته .
  (2) جامع الأخبار ، ص 329 ، الفصل السادس والسبعون ، ح 3 ، المسلسل 923 ، ونقله في الهامش عن الكافي ، ج 8 ، ص 107 ، ح 83 ، والخصال ، ص 546 ، ح 25 ، ومجمع البيان ، ج 5 ، ص 511 ، ومشكاة الأنوار ، ج 169. وأمالي ابن الشجري ، ج 2 ، ص 242 ، بتفاوت في المصادر .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 471 _

الوصيّة المائة والسابعة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، [ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ] :
  يا علي ، إنَّ أخبثَ الناسِ سرقةً من يَسرَقُ من صلاتِه .
  فقال علي ( عليه السلام ) ، فكيف ذلكَ يا رسولَ اللّه ؟
  قال ، الذي لا يُتمُّ ركوعَه ولا سجودَه فهو سارقُ صلاتِه ، مَمْحُوقٌ عندَ اللّهِ في دينِه (1) (2) .
  (1) محق الدين هلاكه وفناؤه ، ويقال ، مَحَقَهُ محقاً أي نقصه وأذهب عنه البركة ، والمحقّ ذهاب الشيء حتّى لا يُرى له أثر (1) فيلزم إتمام الركوع والسجود ، وإتيانهما كاملين بدون نقص ، وإلاّ كان سرقة من الصلاة ، وهي تمحق دين الإنسان وتنقصه وتفنيه .
  (2) جامع الأخبار ، ص 187 ، الفصل الرابع والثلاثون ، ح 13 ، المسلسل 465 ، ونقله في الهامش عن الغايات ، ص 86 ، والكبائر ، ص 26 ، والترغيب والترهيب ، ج 1 ، ص 335 ، ح 3 .

-------------------------------
(1) مجمع البحرين ، ص 445 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 472 _

الوصيّة المائة والثمانية :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
   جامع الأخبار ، روى جابر بن عبدالله الأنصاري قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( في حديث طويل ) جاء فيه :
  يا علي ، إنَّ محبّيكَ يكونونَ على مَنابرَ من نور ، مُبْيضَّةً وُجوهُهم ، أشفعُ لهم ، ويكونونَ في الجنَّةِ جيراني (1) (2) .
  (1) كما تلاحظه في دعاء الندبة الشريفة ، ووردت في أحاديث أعلام القوم أيضاً كالترمذي والهيثمي والقندوزي والخوارزمي والمنّاوي والسيوطي كما تلاحظ نقلها في إحقاق الحقّ (1) وهذه غاية رفعة الدرجة ، وعظيم المنزلة في مجاورة الرسول (ص) ، والإحتفاف بهالة النور .
  ولا عجب في تلك فانّ حبّ علي إيمان ، ومُكافئة للجنان ، وأمان من النيران. ولاحظ أحاديث فضل حبّه مجموعة في السفينة (2) .
  (2) جامع الأخبار ، ص 513 ، الفصل الحادي والأربعون والمائة ، ح 51 ، المسلسل 1440 ، ونقل نحوه في الهامش عن المناقب لابن شهر آشوب ، ج 3 ، ص 232 .

-------------------------------
(1) إحقاق الحقّ ، ج 7 ، ص 321 ، ب 253 ، الأحاديث .
(2) سفينة البحار ، ج 2 ، ص 18 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 473 _

الوصيّة المائة والتاسعة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الوصية :
  يا علي ، مَن خافَ النّاسُ لسانَه فهو مِن أهلِ النّار (1) (2) .
  (1) حيث يكون هذا الشخص الذي يخافه الناس مؤذياً وضارّاً وعاصياً بلسانه .
  ومن المعلوم أنّ كثيراً من المعاصي تتحقّق بواسطة اللسان ، فإنّه يُسفك به الدم ، وينتهب به المال ، وتنتهك به الحرمات ، فيكون موجباً لدخول النار وحمل الأوزار .
  فيُذم من كان لسانه لسان شرّ يخاف منه الناس ويلزم الختم عليه وإمساكه حتّى يأمنه الناس ، وإلاّ كان أشدّ الأعضاء عقوبةً يوم القيامة .
  وما أحلى كلمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقوله ، ( اللسان سَبُعٌ إن خُلّيَ عنه عَقَر ) (1) .
  (2) جامع الأخبار ، ص 248 ، الفصل الثاني والخمسون ، ح 10 ، المسلسل 637 ، ونقله في الهامش عن الفقيه ، ج 4 ، ص 254 ، ح 821 ، وتنبيه الخواطر ، ج 2 ، ص 154 ، ومكارم الأخلاق ، ص 432 .

-------------------------------
(1) نهج البلاغة ، كلمة الحكمة 60 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 474 _

الوصيّة المائة والعشرة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، [ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ] :
  يا علي ، أكرِمِ الجارَ ولو كانَ كافراً ، وأكرمِ الضّيفَ ولو كان كافراً ، وأطِعِ الوالدينَ وإنْ كانا كافرَيْن ، ولا تَرُدّ السّائلَ وإنْ كانَ كافراً (1) (2) .
  (1) ممّا يستفاد أنّ نفس عنوان الجوار ، والضيافة ، والاُبوّة ، والاُمومة ، والسؤال بمجرّدها مستدعية للإكرام وعدم الجفاء ، حتّى لو تحقّقت هذه العناوين في أفراد غير مسلمين وإطاعة الوالدين ، وإكرام الجار والضيف والسائل من الفضيلة الإسلامية ، والمكارم الأخلاقية ، التي نُدب إليها بتأكيد في شريعتنا المقدّسة .
  (2) جامع الأخبار ، ص 214 ، الفصل الأربعون ، ح 10 ، المسلسل 528 ، ونقله في الهامش عن تنبيه الخواطر ، ج 2 ، ص 121 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 475 _

الوصيّة المائة والحادية عشرة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
  يا علي ، رِضا اللّهِ كُلُّهُ في رِضا الوالدين ، وسَخَطُ اللّهِ في سَخَطِهما (1) (2) .
  (1) فإنّه قد دلّ النقل والعقل والكتاب والسنّة على لزوم الإحسان إلى الوالدين ، وبرّهما ، وتحصيل رضاهما وعدم عقوقهما أو إيذائهما ، أو الإساءة إليهما ، وحيث كان في رضاهما رضا الله تعالى كان تحصيله نعمة كبرى ، لأنّ رضا الله هي الغاية القصوى ، وسبيل الدرجات العُلى ، وتلاحظ مفصّل الأدلّة في التأكيد على برّ الوالدين ، وعدم الرخصة من ترك برّهما ، ولزوم تحصيل رضاهما ، وعدم جواز عقوقهما وبغضهما حتّى إذا كان الأبوان ظالمين للولد فكيف إذا كانا بارّين في باب العِشرة (1) .
  (2) جامع الأخبار ، ص 214 ، الفصل الأربعون ، ح 5 ، المسلسل 523 ، ونقله في الهامش عن روضة الواعظين ، ج 2 ، ص 368 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 74 ، ص 22 / 86 ، ب 2 ، الأحاديث المائة والواحد .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 476 _

الوصيّة المائة والثانية عشرة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، أوصى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
  يا علي ، ولا تَسكن الرُّستاق (1) فإنَّ شيوخَهم جَهَلَة ، وشبّانَهم عَرَمَة (2) ، ونسوانَهم كَشَفَة ، والعالمُ بينَهم كالجيفةِ بينَ الكلابِ (3) (4) .
  (1) الرُستاق بضمّ الراء ، هي القرية ، وجمعه رساتيق ، وهو فارسي معرّب ، وأصله في الفارسية ، الرُسداق والرُزداق بمعنى البيوت المجتمعة ، كما ذكره في المعرّب وهامشه (1) .
  وعن بعضهم ، الرستاق مولّد ، وصوابه رزداق (2) .
  (2) عَرَمة ، جمع عارم ، وهو الإنسان الشَرِسْ يعني ، سييء الخُلُق .
  (3) من حيث تهارشهم عليه ، وإزدحامهم له مع عدم إعتنائهم ، وضياع العالِم بينهم ، فتكون السكنى بينهم بلاءً للعالِم .
  نعم يلزم على العالِم السفر إليهم لتعليمهم معالم دينهم ، لكن بدون أن يتّخذ الرستاق مسكناً .
  وقد نقل في جامع الأخبار بعد هذه الوصيّة الشريفة أخباراً عن الرستاق فقال

-------------------------------
(1) المعرّب للجواليقي ، ص 206 .
(2) مجمع البحرين ، ص 431 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 477 _

  في ذلك :
  روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال ، من لم يتورّع في دين الله تعالى إبتلاه الله تعالى بثلاث خصال ، إمّا أنْ يميته شابّاً ، أو يوقعه في خدمة السلطان ، أو يسكنه في الرساتيق. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ستّة يدخلون النار قبل الحساب بستّة ـ أي بستّة أسباب ـ قيل ، من هم يا رسول الله ؟ قال ، الاُمراء بالجور ، والعرب بالعصبية ، والدهاقين بالكبر ، والتجّار بالخيانة ، وأهل الرساتيق بالجهالة ، والعلماء بالحسد .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، من ترستق شهراً يمحق دهراً .
  (4) جامع الأخبار ، ص 391 ، الفصل المائة ، ح 2 ، المسلسل 1091 ، وعنه بحار الأنوار ، ج 76 ، ص 156 ، ب 27 ، ح 1 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 478 _

الوصيّة المائة والثالثة عشرة :
  نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا دخل المسجد (1) يضع رجله اليمنى ويقول ، بسمِ اللّهِ ، وعلى اللّهِ توكّلتُ ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاّ باللّهِ ، وإذا خرج يضع رجله اليسرى ويقول ، بسمِ اللّهِ ، أعوذُ باللّهِ من الشيطان الرجيم. ثمَّ قال :
  يا علي ، مَن دخلَ المسجدَ وقال كما قلتُ تَقبَّلَ اللّهُ [ صلاتَه ] ، وكتبَ لهُ بكلِّ ركعة صلاّها فضلُ مائةِ ركعة .
  فإذا خرَج وقال مثلَ ما قلتُ غفرَ اللّهُ لهُ الذنوبَ ، ورفعَ لهُ بكلِّ قَدَم درجةً ، وكتَب اللّهُ لهُ بكلِّ قَدَم مائةَ حَسَنة (2) (3) .
  (1) في المستدرك ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إذا دخل المسجد أحدكم يضع ... ) .
  (2) وقد اُمرنا أيضاً بالصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم عند الدخول إلى المسجد والخروج منه ، مع ما هناك من الآداب وما فيه الفضل والثواب ممّا تلاحظه مفصّلا في بابه الخاص المشتمل على ثمانية وتسعين حديثاً (1) .
  وتلاحظ أحكام المساجد في أحاديث أبواب أحكام المساجد (2) .
  (3) جامع الأخبار للسبزواري ، ص 175 ، الفصل الثاني والثلاثون ، ح 3 ، المسلسل 417 ، وعنه البحار ، ج 84 ، ص 26 ، ب 31 ، ح 19 .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 83 ، ص 339 ، ب 8 ، الأحاديث .
(2) وسائل الشيعة ، ج 3 ، ص 477 ، أبواب أحكام المساجد المشتملة على سبعين باباً .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 479 _

الوصيّة المائة والأربعة عشرة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
  يا علي ، إذا توضّأتَ فقُل ، بسم اللّهِ ، اللّهمَّ إنّي أسألُكَ تَمامَ الوضوءِ ، وتَمامَ الصّلاةِ ، وتَمامَ رضوانِك ، وتَمامَ مغفرتِك ، فهذا تَمامُ الوُضوء (1) (2) .
  (1) في بعض النسخ وكذا في المستدرك ( فهذا زكاة الوضوء ) أي يوجب تزكية الوضوء ونماءه ، وامّا التمام فهو بمعنى ما يوجب كمال الوضوء ويكون مكمّلا له ، فانّ هذا الدعاء سؤال التمامية للوضوء وما يشترط به وهي الصلاة ، مع رضوان الله تعالى ومغفرته .
  (2) جامع الأخبار للسبزواري ، ص 165 ، الفصل التاسع والعشرون ، ح 8 ، المسلسل 394 ، وعنه المستدرك ، ج 1 ، ص 322 ، ب 24 ، ح 9 ، المسلسل 727 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 480 _

الوصيّة المائة والخمسة عشرة :
   نقلها المحدّث السبزواري في جامع الأخبار :
  جامع الأخبار ، قال النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
  يا علي ، إنَّ في جهنَّمَ رَحى من حَديد تُطحنُ بها رؤوسُ القرّاءِ والعلماءِ المُجرمين (1) (2) .
  (1) فإنّه إذا كان العالم مجرماً وتاركاً للعمل بعلمه كان علمه وَبالا عليه ، وكانت الحجّة عليه أتمّ ، وعقابه أعظم وكذا قارىء القرآن إذا فجر وفسق مع تلاوته ومعرفته بالقرآن ، فربّ تال للقرآن والقرآن يلعنه .
  وقد ورد من طريق الفريقين الأمر بقراءة القرآن بلحون العرب وترك ألحان أهل الفسوق .
   ففي الكافي لثقة الإسلام الكليني (1) ، وكذا في ربيع الأبرار للزمخشري (2) حديث حذيفة بن اليمان قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق ، وأهل الكبائر ، وسيجيىء قوم من بعدي يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ، لا يجاوز حناجرهم ، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم ) .

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 450 ، ح 3 .
(2) ربيع الأبرار ، ج 3 ، ص 555 .