يا علي ، كُلْ من البيض ما اختَلَف طَرَفاه (248) ، ومن السَّمَك ما كانَ له قِشر (249) ...
ويستفاد من بعض الكلمات في المقام أنّ هذه المواضع من الأماكن المغضوب عليها ، وأنّها مواضع الخسف
.
(248) هذه الضابطة وما بعدها من الضوابط الشرعية الشريفة في باب الأطعمة ومن الأبواب العلمية المنيفة في الفقه الإسلامي ...
وحكم البيض تابع لحكم أصل الحيوان ... فبيض ما يؤكل لحمه حلال ، كما أنّ بيض ما لا يؤكل لحمه حرام بدليل حديث ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، ( أنّ البيض إذا كان ممّا يؤكل لحمه فلا بأس بأكله وهو حلال )
.
فإذا اشتبه أو لم يعلم حكم الأصل فالضابط ( أنّ كلّ ما اختلف طرفاه فحلال أكله ، وكلّ ما اتّفق واستوى طرفاه فحرام أكله ) كما يستفاد من هذه الوصيّة الشريفة ، ومن الأخبار المتظافرة الاُخرى أيضاً
.
ولا خلاف فيه ، بل الإجماع قائم عليه ، كما هو ظاهر كشف اللثام ، بل صريح الغنية ، بل هو المحقّق كما في الجواهر
.
(249) إذ المعيار في السمك هو أنّ كلّ ما كان له قشر أي فلس فيحلّ أكله ، وما لم يكن له قشر فيحرم أكله ، وقد دلّت عليه النصوص المتظافرة
ومن الطير ما دَفَّ (250) واترُكْ منه ما صَفَّ (251) وكُلْ ...
ابن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، ( كُلْ ما له قشر من السمك وما ليس له قشر فلا تأكله )
(1) ، وعليه الإجماع في الخلاف ، والغنية ، والسرائر ، كما أفاده في الجواهر
(2) .
(250) أي كُلْ من الطير ما كان دفيفه أكثر من صفيفه ...
والدفيف هو ضرب جناحيه على دفّتيه حال الطيران كما يشاهد في الحمام .
مقابل الصَّفيف وهو بسط جناحيه حال الطيران كما يشاهد في جوارح الطير مثل النسر والشاهين .
(251) أي اترك ما كان صفيفه أكثر من دفيفه .
فكلّ طير كان دفيفه أكثر حَلَّ أكله ، وكلُّ طير كان صفيفه أكثر حرم أكله .
وقد قام على ذلك النصوص العديدة الواردة في بابه من الوسائل
(3) ، منها الحديث الثاني من الباب الذي رواه سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، ( كلّما صفّ وهو ذو مخلب فهو حرام ... وكلّما دفّ فهو حلال ) .
وقد استقرّ عليه الإجماع المحصَّل والمنقول
(4) .
هذا بالنسبة إلى الطيور التي تطير في الهواء ... وأمّا بالنسبة إلى الطيور التي تكون في الماء أو تكون في البرّ فلها القاعدة التالية التي بيّنها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله ، ( وكُلْ من طير الماء ... ) .
-------------------------------
(1) وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 397 ، باب 8 ، ح 1 .
(2) جواهر الكلام ، ج 36 ، ص 244 .
(3) وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 420 ، باب 19 .
(4) جواهر الكلام ، ج 36 ، ص 304 .
تنزيه الأنبياء (عليهم السلام)
_ 89 _
من طيرِ الماءِ (252) ما كانت له قانِصَة (253) أو صِيصيَّة (254).
يا علي ، كُلُّ ذي ...
(252) ذكر في الجواهر ، أنّ الظاهر نصّاً وفتوىً عدم الفرق بين طير الماء وطير البرّ في العلامات الآتية ، أي حلّية ما كان له قانصة أو صيصيّة كما يستفاد من موثّقة مسعدة بن صدقة
(1) ، نعم ربّما كان الغالب القانصة في طير الماء ، والحوصلة في طير البرّ
(2) .
(253) القانصة للطير بمنزلة المعدة والأمعاء للإنسان ... هي لحمة غليظة يجتمع فيها كلّ ما ينقر الطير من الحَب والحصى بعد أن ينحدر من الحوصلة فتهضمه القانصة ... وتسمّى القانصة بالفارسية ( سنگدان ) .
(254) الصيصيّة هي الشوكة خلف رِجل الطائر ، بمنزلة الإبهام للإنسان .
فكلُّ طير كان له قانصة أو صيصيّة فهو محلّل ، وكلّ ما لم يكن له قانصة ولا صيصيّة فهو محرّم كما دلّت عليه النصوص المستفيضة الواردة في الوسائل
(3) ، منها الحديث الخامس من الباب الذي رواه ابن بكير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( كُلْ من الطير ما كانت له قانصة أو صيصيّة أو حوصلة ) والحوصلة هي مجمع الحبّ وغيره من المأكول في الحيوان عند الحلق ، وتسمّى الحوصلة بالفارسية ، ( چينه دان ) .
وهذه العلامات الثلاثة عليها الإجماع في صريح كلام المقدّس الأردبيلي ، وظاهر الكفاية ، كما أفاده في الرياض
(4) .
-------------------------------
(1) وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 419 ، باب 18 ، ح 4 .
(2) جواهر الكلام ، ج 36 ، ص 308 .
(3) وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 418 ، باب 18 ، الأحاديث .
(4) رياض المسائل ، ج 2 ، كتاب الأطعمة والأشربة ، قسم 3 .
تنزيه الأنبياء (عليهم السلام)
_ 90 _
ناب من السِباع (255) ومخلب من الطير (256) فحرامٌ أكلُه لا تأكلْه (257) .
يا علي ، لا قَطْعَ في ثَمَر ولا كَثَر (258) .
(255) الناب وجمعها أنياب ، الضرس الذي يكون خلف الرباعية ...
والسباع ... واحدها السبع ... هي الحيوانات الوحشية التي لها أنياب تعدو وتفترس بها ، سواء أكانت قويّة كالنمر أم ضعيفة كالثعلب وابن آوي .
(256) الِمخلب بكسر الميم وفتح اللام هو الظفر الذي يفترس به الطائر .
(257) وقد ثبت التحريم بالأدلّة المستفيضة التي تلاحظها في الوسائل
(1) ، منها الحديث الأوّل من الباب الذي رواه داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( كلّ ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ) .
وقامت عليه السيرة المستمرّة والإجماع بقسميه
(2) .
(258) الَثمَر ـ بفتح الثاء والميم ـ ، هو الرطب ما دام في رأس النخل ، فإذا قطع فهو الرطب ...
والكَثَر بفتحتين هو جُمّار النخل ، وهو شحمه الذي يكون في وسط رأس النخلة ...
ومعنى الحديث أنّه لا يقطع يد السارق في سرقة الثمر والكثر ، وهو مفسّر بما إذا لم يكونا في حرز كبستان أو دار ... بقرينة حديث إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل سرق من بستان عِذقاً قيمته درهمان ؟ قال ، ( يقطع به ) ... بناءً على أنّ الدرهمين ربع دينار ...
-------------------------------
(1) وسائل الشيعة ، ج 16 ، ص 387 ، باب 3 ، الأحاديث .
(2) جواهر الكلام ، ج 36 ، ص 294 .