بعثني رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ حين اُنزلت براءة (1) ـ بأربع :
لا يطوفُ بالبيتِ عُريان ، ولا يقربِ المسجدَ الحرامَ مُشركٌ بعدَ عامِهم هذا ، ومَن كانَ بينَهُ وبينَ رسولِ اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهدٌ فهو إلى مُدَّتِه (2) ، ولا يدخُلِ الجنَّةَ إلاّ نَفْسٌ مسلِمة (3) (4) .
(1) أي حينما نزلت سورة براءة ، وأمر النبي بأن يبلّغها علي بن أبي طالب بعد إسترجاعها من أبي بكر ، فبلّغها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد الظهر من يوم عيد الأضحى في يوم الحجّ الأكبر .
(2) أي أنّ أيّ مشرك كان له مع رسول الله عهد إلى مدّة معيّنة فهو باق إلى مدّته ، ومن لم يكن له عهد فمدّته أربعة أشهر .
.
(4) جامع الأحاديث للشيخ الفقيه جعفر بن أحمد القمّي المعاصر للصدوق ( قدس سره ) ، ص 284 ، ورواه في الهامش عن مستدرك الحاكم ، ج 4 ، ص 178 .
الوصيّة المائة والرابعة والعشرون :
نقلها الشيخ الصدوق في فضائل الشيعة :
فضائل الشيعة ، حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رحمه الله ) ، قال ، حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) عن أبيه عن جدّه ( عليهم السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
يا علي ، لقد مُثّلَتْ إليّ أُمّتي في الطينِ (1) حينَ رأيتُ صغيرَهم وكبيرَهم أرواحاً قبلَ أنْ تُخلَقَ أجسادُهم (2) ، وإنّي مررتُ بكَ وشيعتِك فاستغفرتُ لكُم .
فقال علي ( عليه السلام ) ، يا نبيَّ اللّهِ زدني فيهم .
قال ، نعم ، يا علي تخرجُ أنتَ وشيعتُكَ من قبورِكُم ، ووجوهُكُم كالقمرِ ليلةَ البدرِ ، وقد فُرّجَتْ عنكُم الشّدائدُ ، وذهَبَتْ عنكُم الأحزانُ ، تستظلّونَ تحتَ العرشِ ، تخافُ الناسُ ولا تخافُون ، وتحزَنُ الناسُ ولا تحزَنُونَ ، وتُوضعُ لكُم مائدةٌ والناسُ في المحاسَبة (3) .
(1) أي حين خلقتهم الاُولى ، فقد خُلق الإنسان من سلالة من طين ، كما صرّح به القرآن الكريم في سورة المؤمنون الآية 12 .
(2) فإنّه خلقت الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثمّ ركبت في الأبدان ، كما في حديث جابر الجعفي ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، فلاحظ تفصيل أحاديث الباب
(1) .
(3) فضائل الشيعة للشيخ الجليل الصدوق ، ص 31 ، من الطبعة المترجمة .
-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 132 ، ب 43 ، ح 5 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 502 _
الوصيّة المائة والخامسة والعشرون :
نقلها الشيخ الصدوق في علل الشرائع :
علل الشرائع ، حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبدالوهاب القرشي ، قال ، حدّثنا منصور بن عبدالله بن إبراهيم الإصفهاني ، قال ، حدّثنا علي بن عبدالله الإسكندراني قال ، حدّثنا عبّاس بن العبّاس القانعي ، قال ، حدّثنا سعيد الكندي ، عن عبدالله بن حازم الخزاعي ، عن إبراهيم بن موسى الجهني ، عن سلمان الفارسي قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
يا علي ، تختَّمْ باليَمينِ تكُنْ من المقرَّبينَ (1) .
قال ، يا رسولَ اللّهِ وما المقرّبُونَ ؟
قال ، جبرئيلُ وميكائيلُ .
قال ، بِمَ أتختّمُ يا رسولَ اللّه ؟
قال ، بالعقيقِ الأحمرَ (2) .
فإنَّه أَقرَّ للّهِ عزَّوجَلَّ بالوَحدانيّةِ ، ولي بالنبوَّةِ ، ولكَ يا علي بالوَصيّةِ ، ولوُلدكَ بالإمامةِ ، ولمحبّيكَ بالجنّةِ ، ولشيعةِ وُلدِك ...
(1) ومن علائم المؤمن التختّم باليمين ، وقد تقدّم ما يقرب من هذا الحديث الشريف في وصيّة الفقيه المتقدّمة .
(2) وهو جبل معروف باليمن يتّخذ منه الفصوص ، وبعض الأحجار المتّخذة من العقيق أبيض ، وبعضه أصفر ، والأحمر أفضل اُمر بالتختّم به في هذه الوصيّة
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 503 _
بالفردوس (3) (4) .
الشريفة .
(3) وقد تقدّم في الوصيّة رقم 25 الإشارة إلى حديث ابن عبّاس وأحاديث عرض المودّة والولاية على السماوات والأرضين المتّفق عليها بين الفريقين الخاصّة والعامّة فراجع .
ولا استغراب في أن يكون للحجر بقدرة الله تعالى إيمان وتصديق وإقرار ... فإنّ له كسائر الأشياء من هذا الكون الوسيع ذكر وتسبيح بحسب حاله ، وإن كنّا لا نسمع ذلك .
قال عزّ إسمه ، ( وإنْ مِنْ شَيء إلاّ يُسبّحُ بِحَمْدِهِ ولكنْ لا تَفْقَهُونَ تَسبِيحَهُم )
(1) .
ويجدر ملاحظة فضل العقيق أيضاً في أحاديثه المباركة منها :
قوله ( عليه السلام ) ، ( ركعتان بالعقيق أفضل من ألف بغيره ) .
وقوله ( عليه السلام ) ، ( العقيق حرز في السفر ) .
وقوله ( عليه السلام ) ، ( وتختّموا بالعقيق يبارك عليكم ، وتكونوا في أمن من البلاء ) .
(4) علل الشرائع ، ص 158 ، ب 127 ، ح 3 ، وعنه البحار ، ج 27 ، ص 280 ، ب 17 ، ح 1 ، وقريب منه في مناقب آل أبي طالب ، ج 3 ، ص 301 ، وعنه المستدرك ، ج 3 ، ص 295 ، ب 32 ، ح 2 ، المسلسل 3620 .
-------------------------------
(1) سورة الإسراء ، الآية 44 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 504 _
الوصيّة المائة والسادسة والعشرون :
نقلها الشيخ الطوسي في الغيبة :
الشيخ الطوسي في الغيبة ، عن ابن أبي الجيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن أبي سمينة ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن جابر بن عبدالله ، وعبدالله بن عبّاس قالا ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وصيّته لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
يا علي إنّ قريشاً ستُظاهرُ عليكَ (1) ، وتجتمعُ كلمتُهم على ظُلمِكَ وقَهرِك ، فإنْ وَجَدتَ أعواناً فجاهِدهُم ، وإن لمْ تجْدِ أعواناً فكُفَّ يَدَكَ واحقِن دَمَكَ (2) فإنَّ الشّهادةَ من وراءِكَ .
(1) أي تتعاون على إيذائك والإساءة إليك ، من المظاهرة بمعنى المعاونة .
(2) وإلى هذا العهد أشار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كتابه الشريف المفصّل ، الذي كتبه بعد منصرفه من النهروان ، وأمر عبيدالله بن أبي رافع بقراءته على الناس ، وإستشهد معه عشرة من ثقاته ، كما تلاحظه في كشف المحجّة للسيّد ابن طاووس
(1) نقلا عن كتاب الرسائل لثقة الإسلام الكليني ( قدس سره ) ... فقد جاء في هذا الكتاب قوله ( عليه السلام ) ، ( ... وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عَهِدَ إليّ عهداً ... ) ثمّ ذكر هذا العهد الشريف .
وقد تقدّم في الوصيّة رقم 11 كلامه ( عليه السلام ) في التشكّي والتظلّم من قريش في
-------------------------------
(1) كشف المحجّة ، ص 235 و 248 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 505 _
لعنَ اللّهُ قاتلَك (3) .
نهج البلاغة فلاحظ .
(3) كتاب الغيبة ، ص 117 ، وعنه المستدرك ، ج 11 ، ص 74 ، ب 28 ، ح 3 ، المسلسل 12461 .
وأصل الحديث هو من وصايا النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبني عبدالمطّلب ، لمّا جمعهم عند موته ، وأوصاهم بحقّ علي أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء وأولادهما إلى الإمام المهدي ( عليهم السلام ) ، وتوجّه إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بوصيّته هذه .
وتجد كامل الوصيّة في كتاب سليم بن قيس الهلالي ، ج 2 ، ص 905 ، الحديث الحادي والستّون وهي وصيّة جامعة شريفة ينبغي ملاحظتها .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 506 _
الوصيّة المائة والسابعة والعشرون :
نقلها الشيخ جعفر بن أحمد القمّي في الغايات :
كتاب الغايات ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال :
شرُّ النّاسِ مَن سافرَ وحدَه ، ومنعَ رفدَه (1) ، أو أكلَ زادَه (2) وضربَ عبدَه ونزلَ وحدَه ، ثمَّ قال :
يا علي ، ألا اُنبّئُكَ بِشَرّ مِن هذا ؟ قلتُ ، بلى يا رسولَ اللّهِ قال ، من يُبغضُ النّاسَ ويُبغضُونَه (3).
ثمّ قال ، ألا اُخبرُكَ بِشَرّ منه ؟ قلتُ ، بلى ، قال ، من لا يُرجى خَيرُه ولا يُؤمنُ شَرّه (4) (5) .
(1) الرفد بكسر الراء هو العطاء والعون .
(2) أي أكل طعامه وحده ، ولم يبذل منه شيئاً لغيره .
(3) فهو خلاف الأخلاق الإسلامية وما يلزم أن يكون عليه المسلم مع أخيه المسلم مُحبّاً ومحبوباً بواسطة حُسن المعاشرة .
(4) وهو خلاف صفة المؤمن الذي يكون الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون فإذا صدر من الإنسان الشرّ كان من الأشرار ، وهو أسوء حالا ممّن يبغض الناس ويبغضونه .
(5) كتاب الغايات للشيخ الأقدم أبي محمّد جعفر بن أحمد القمّي ، ص 91 ، وعنه المستدرك ، ج 11 ، ص 375 ، ب 49 ، ح 1 ، المسلسل 13298 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 507 _
الوصيّة المائة والثمانية والعشرون :
نقلها الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال :
ثواب الأعمال ، أبي ( رحمه الله ) ، قال ، حدّثني أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عبدالله البصري يرفعه إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا علي ، إنَّ اللّهَ جعل الفقَر أمانةً عندَ خَلْقِه ، فمَن سَتَرهُ كانَ كالصّائِم القائِم (1) ، ومَن أفشاهُ إلى مَن يَقْدِرُ على قضاءِ حاجتِه فلمْ يفعلْ فقد قتَلَه ، أما إنّه ما قَتَلهُ بسيف ولا رُمح ، ولكنْ بما أنكى (2) مِن قَلبِه (3) .
(1) لعلّه من حيث الصبر والتحمّل والأجر ، فيعطى أجر الصائم القائم للفقير الذي يستر فقره ممّا يستفاد منه محبوبية ستر الفقر عن الناس والتعفّف بذلك ، بحيث يكون مصداقاً لقوله تعالى : ( يَحسَبُهُم الجاهِلُ أغنِياءَ مِنَ التَعَفُّف )
(1) .
(2) من النكاية بمعنى الجرح والوجع أي أوجع قلبه ، وأثّر فيه كتأثير الجرح .
(3) ثواب الأعمال للشيخ الجليل الأقدم الصدوق ، ص 217 ، باب ثواب كتمان الفقر ، ح 1 .
-------------------------------
(1) سورة البقرة ، الآية 273 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 508 _
الوصيّة المائة والتاسعة والعشرون :
نقلها الشيخ ورّام بن أبي فرّاس الأشتري في تنبيه الخواطر ونزهة النواظر :
تنبيه الخواطر ، عن علي ( عليه السلام ) قال ، قلتُ ، اللّهمَّ لا تحوجْني إلى أحد من خلقك ، فقال رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا علي ، لا تقولَنَّ هكذا ما مِن أَحَد إلاّ وهُو مُحتاجٌ إلى النّاسِ ، قال ، فقلتُ ، كيفَ أقولُ يا رسولَ اللّهِ ؟ قال :
قُل ، اللّهمَّ لا تُحْوِجْني إلى شِرارِ خَلقِك .
قلتُ ، يا رسولَ اللّهِ ومَن شِرارُ خَلقِه ؟ قال ، الّذين إذا أعطوا مَنّوا وإذا مَنّوا عابُوا (1) (2) .
(1) فتكون عطاياهم مقرونة بالمنّة على الآخذ ، والتعييب والتنقيص له ، وهذا يبطل العطيّة ، ويوجب الأذيّة ، فيكون شرّاً في البريّة وقد قال تعالى ، ( ياأيُّها الذينَ آمَنوُا لا تُبطِلُوا صَدَقاتِكُم بالمَنِّ والأذى )
(1) .
(2) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر للشيخ الجليل ورّام بن أبي فرّاس الأشتري ، ج 1 ، ص 39 ، وعنه المستدرك ، ج 5 ، ص 263 ، ب 55 ، ح 2 ، المسلسل 5831 .
-------------------------------
(1) سورة البقرة ، الآية 264 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 509 _
الوصيّة المائة والثلاثون :
نقلها السيّد الشبّر في طبّ الأئمّة ( عليهم السلام ) :
طبّ الأئمّة ( عليهم السلام ) ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) :
إذا أردتَ أن تَحفَظَ كلَّ ما تَسمع فقُل في دَبْرِ كلِّ صلاة :
( سُبحانَ مَن لا يَعتدي على أهلِ مملكتِه ، سُبحانَ من لا يأخُذُ أهلَ الأرضِ بألوانِ العذابِ ، سُبحانَ الرّؤوفِ الرَّحيم ، اللّهمَّ اجعَلْ لي في قَلبي نُوراً وبَصَراً وفَهْماً وعِلْماً انَّكَ على كلِّ شَيء قَدير ) (1) (2) .
(1) ذكر السيّد شبّر ( قدس سره ) هذه الوصيّة الشريفة في باب ما يورث الحفظ ، وأضاف بيان الروايات الواردة في أنّ ممّا يوجب الحفظ أيضاً قراءة آية الكرسي ، وأن يقول في كلّ يوم بعد صلاة الفجر قبل أن يتكلّم :
( ياحيُّ ، ياقيّوم ، فلا يفوتُ شيئاً علمه ، ولا يؤدّه ) فإنّه يكثر حفظه ويقلّ نسيانه ، وتقدّم منّا مزيد البيان في ذلك في وصيّة الفقيه المتقدّمة الاُولى تحت قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا علي ، ثلاثة يزدن في الحفظ ويُذهبن البلغم ، اللُبان ، والسواك ، وقراءة القرآن .
(2) طبّ الأئمّة ( عليهم السلام ) للعلاّمة الجليل السيّد عبدالله شبّر ، ص 388 .
وصايا الرسول (ص) لزوج البتول
_ 510 _
الوصيّة المائة والواحدة والثلاثون :
نقلها الشيخ الطبرسي سبط أمين الإسلام في مشكاة الأنوار :
مشكاة الأنوار ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال :
يا علي ، سيّدُ الأعمال (1) ثلاثُ خِصال :
إنصافُكَ من نفسِك ، ومواساةُ الأخِ في اللّهِ ، وذكرُ اللّهِ ( تباركَ وتعالى ) على كُلِّ حال (2) .
(1) أي التي تسود الأعمال الصالحة ، وتجمع الخصال الحسنة ، فتكون سيّد الأعمال .
وقد مضت هذه الخصال الثلاثة في وصيّة الفقيه تحت عنوان أنّها لا تطيقها هذه الاُمّة وتقدّم شرحها فلاحظ .
(2) مشكاة الأنوار للمولى الطبرسي سبط أمين الإسلام ، ص 55 ، وعنه المستدرك ، ج 5 ، ص 285 ، ب 1 ، ح 5 ، المسلسل 5865 .