وآفةُ العلمِ النِسيان (358) ، وآفةُ العبادةِ الفَترة (359) ، وآفةُ الجَمالِ الخُيَلاء (360) ، وآفةُ العلمِ الحَسد (361) .
  (358) فإنّ النسيان يوجب زوال العلم وعدم الإستفادة منه... وقد عرفت الاُمور التي توجب النسيان وينبغي إجتنابها .
  (359) أي انقطاع العبادة والضعف فيها... وهذه الفترة تحدث بواسطة عدم التوجّه وعدم حضور القلب وعدم الخشوع في العبادة ، فإنّ حضور القلب والخشوع روح العبادة وحياتها .
  (360) فُسّر الجمال بحُسن الأفعال وكمال الأوصاف ، والكمالات المعنويّة كالزهد والعبادة... والخيلاء هو التكبّر العُجب ، فالخيلاء آفةٌ لكمالات الإنسان .
  (361) هذه الآفة إنّما هي بالنسبة إلى المتّصف بالعلم والمسمّى بالعالم ، لا بالنسبة إلى نفس العلم ، والحسد من أرذل الصفات الذميمة ولا ينبغي أن يكون في العالم الربّاني الحقيقي .
  والحسد هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً فيتمنّى زوالها .
  بينما الغبطة هي أن يرى الإنسان لأخيه نعمة فيتمنّى مثلها لا زوالها ، والمؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط ، كما في الحديث الصادقي الشريف (1) .
  وإنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ، كما في الحديث الباقري الشريف (2) .
  بل في حديث داود الرقي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 307 ، ح 7 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 306 ، ح 1 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 122 _

  قال الله عزّوجلّ لموسى بن عمران ( عليه السلام ) ، يابن عمران لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدنّ عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي ، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي ) (1) .
  ومن هنا تعرف أنّ الحسد آفة ضارّة للعلم...
  وفي علاج الحسد أفاد العلاّمة المجلسي ، أنّ الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ، ولا تُداوى أمراض القلوب إلاّ بالعلم والعمل...
  والنافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أنّ الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين ولا ضرر فيه على المحسود لا في دنياه ولا في دينه بل ينتفع به المحسود دنياً وديناً...
  أمّا كونه ضرراً عليك في الدين فهو أنّك بالحسد سخطت قضاء الله ، وكرهت نعمته التي قسّمها لعباده ، وعدله الذي أقامه في ملكه واستنكرت ذلك ، وهذه جناية على التوحيد وقذىً في الإيمان .
  وأمّا كونه ضرراً عليك في الدنيا فهو أنّك تتألّم بحسدك ، وتتعذّب به ، ولا تزال في غمّ له ، وتبقى مغموماً محزوناً كما يشتهي أعداؤك لك .
  وأمّا أنّ المحسود ينتفع به في الدين فهو أنّه يكون مظلوماً من جهتك لا سيّما إذا دعاك الحسد إلى غيبته والقدح فيه وهتك ستره وكشف مساويه... فإنّك بهذا تهدي حسناتك إليه .
  وأمّا أنّ المحسود ينتفع به في الدنيا فهو أنّ من أهمّ أغراض الخلق مساءة أعدائهم وتعذيب من عاداهم ، ولا عذاب أعظم ممّا أنت فيه من ألم الحسد ، وقد فعلت

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 307 ، ح 6 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 123 _

  يا علي ، أربعةٌ يذهَبْنَ ضَياعاً (362) ، الأكلُ على الشَّبَع (363) ، والسراجُ في القمر (364) ، والزّرعُ في السَبْخة (365) ، والصنيعةُ (366) ، عند غير أهلها .
  يا علي ، مَن نسى الصلاةَ عليَّ فقد أخطأ طريقَ الجنّة (367) ، بنفسك ما هو مرادهم .
  ومهما عرفت هذا عن بصيرة لم تكن عدوّ نفسك ، وصديق عدوّك ، بل فارقت الحسد لا محالة (1) .
  (362) الضَياع ـ بالفتح ـ ، هو التلف والهلاك بلا فائدة ممّا يكون إسرافاً وتبذيراً للمال .
  (363) فلا فائدة في ذلك الأكل ، بل قد يكون سبباً للمرض .
  (364) فإنّه إهدار لذلك السراج إلاّ أن يكون لغرض عقلائي كالكتابة والمطالعة ونحوهما من الأغراض الشريفة .
  (365) السبخة ـ بالفتح ثمّ السكون ـ ، هي الأرض المالحة التي تعلوها الملوحة .
  (366) الصَّنيعة هو الإحسان ، وهو يذهب ضياعاً عند من لا يكون أهلا للإحسان إليه .
  (367) من حيث أنّه لو كان يصلّي لوصل إلى الجنّة ، فمن ترك الصلاة أخطأ طريق الجنّة .
  وفي حديث الكافي أيضاً ، ( من ذُكِرْتُ عنده فنسي أن يصلَّي عليَّ خطّأ الله به طريق الجنّة ) (2) .

-------------------------------
(1) مرآة العقول ، ج 10 ، ص 159 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 495 ، ح 20 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 124 _

  وهذا يدلّ على أنّ النسيان عقوبة له من الله على بعض أعماله الرذيلة فحرم من تلك الفضيلة ، وإن لم يكن معاقباً على النسيان لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان... ) ، ويمكن أن يكون هذا القول لبيان لزوم الإهتمام بهذا الأمر لئلاّ يقع منه النسيان فيفوت منه مثل هذه الفضيلة (1) .
  واعلم أنّ الصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) طريق الجنّة حقّاً ، وزاد الدنيا والآخرة واقعاً ومن أعظم الحسنات فائدةً كما تلاحظها في الأحاديث الشريفة التي نتبرّك منها بذكر ما يلي منها :
  (1)مارواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( لا يزال الدعاء محجوباً حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد ) (2) وفي حديث آخر ، ( من كانت له إلى الله عزّوجلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد ، فانّ الله عزّوجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذ كانت الصلاة على محمّد وآل محمّد لا تحجب عنه ) أي مقبولة أبداً .
  (2) وعن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال ، ( إذا ذكر النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأكثروا الصلاة عليه فإنّه من صلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبق شيء ممّا خلقه الله إلاّ صلّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برىء الله منه ورسوله وأهل بيته ) (3) .

-------------------------------
(1) مرآة العقول ، ج 12 ، ص 106 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 491 ، ح (1) 16 .
(3) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 492 ، ح 6 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 125 _

  (3) وعن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الصلاة عليَّ وعلى أهل بيتي تذهب بالنفاق ) ، وفي حديث آخر ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فانّها تذهب بالنفاق ) (1) .
  (4) وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( من قال ، ياربّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة قضيت له مائة حاجة ثلاثون للدنيا [ والباقي للآخرة ] ) (2) .
  (5) وعن إسحاق بن فروخ مولى آل طلحة قال ، قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) ، ( يا إسحاق بن فروخ من صلّى على محمّد وآل محمّد عشراً صلّى الله عليه وملائكته مائة مرّة ، ومن صلّى على محمّد وآل محمّد مائة [ مرّة ] صلّى الله عليه وملائكته ألفاً ، أما تسمع قول الله عزّوجلّ ، ( هُوَ الَّذِي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلَماتِ إلَى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) (3) ) (4) .
  (6) وعن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال ، ( ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ، وإنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به فيُخرج ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجّح ) (5) .
  (7) وعن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( سمع أبي رجلا متعلّقاً بالبيت وهو يقول ، اللّهمّ صلّ على محمّد ، فقال له أبي ، ياعبَد الله ! لا تبترها لا تظلمنا

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 492 ، ح 8 ـ 13 .
(2) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 493 ، ح 9 .
(3) سورة الأحزاب ، الآية 43 .
(4) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 493 ، ح 14 .
(5) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 494 ، ح 15 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 126 _

  حقّنا قل ، اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته ) (1) .
  (8) ما رواه شيخ المحدّثين الصدوق بسنده عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) فكيف نصلّي على محمّد وآل محمّد ؟ قال ، ( تقولون ، ( صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمّد وآل محمّد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ) .
  قال ، فقلت ، فما ثواب من صلّى على النبي وآله بهذه الصلاة ؟ قال ، الخروج من الذنوب والله كهيئته يوم ولدته اُمّه ) (2) .
  (9) ما رواه أيضاً بسنده عن الحسن بن فضّال قال ، قال الرضا ( عليه السلام ) ، ( من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمّد وآله فإنّها تهدم الذنوب هدماً ) (3) .
  (10) ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه قال ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، من قال ، صلّى الله على محمّد وآله قال الله جلّ جلاله ، صلّى الله عليك ، فليكثر من ذلك .
  ومن قال ، صلّى الله على محمّد ولم يصلّ على آله لم يجد ريح الجنّة ، وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام ) (4) .
  (11) ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالعظيم الحسني قال ، ( سمعت علي بن محمّد

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 495 ، ح 21 .
(2) معاني الأخبار ، ص 367 ، ح 1 .
(3) عيون الأخبار ، ج 1 ، ص 294 .
(4) أمالي الصدوق ، ص 228 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 127 _

  العسكري ( عليه السلام ) يقول ، إنّما اتّخذ الله عزّوجلّ إبراهيم خليلا ، لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم ) (1) .
  (12) ما رواه أيضاً بسنده عن الصباح بن سيّابة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، ( ألا اُعلمك شيئاً يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم ؟ قال ، قلت ، بلى ، قال ، قل بعد الفجر ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم ) (2) .
  (13) ما رواه شيخ الطائفة الطوسي بسنده عن محمّد بن مروان ، عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) قال ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم ) (3) .
  (14) ما رواه الشيخ الجليل ابن فهد الحلّي ، عن عبدالله بن نعيم قال ، ( قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) ، إنّي دخلت البيت ـ أي الكعبة ـ ولم يحضرني شيء من الدعاء إلاّ الصلاة على محمّد وآله ؟ فقال ، أما إنّه لم يخرج أحد بأفضل ممّا خرجت به ) (4) .
  (15) ما رواه الشيخ السبزواري من الأحاديث العديدة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قوله ، ( من صلّى علَيَّ مرّة فتح الله عليه باباً من العافية ، والصلاة عليَّ نور على الصراط ومن كان له على الصراط من النور لم يكن من أهل النار ، والصلاة على النبي وآله أمحق للخطايا من الماء للنار ، ومن صلّى عليَّ مرّة لم يبق من ذنوبه ذرّة ، وأولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة ، ومن صلّى عليَّ كلّ يوم أو كلّ

-------------------------------
(1) علل الشرايع ، ص 34 ، باب 32 ، ح 3 .
(2) ثواب الأعمال ، ص 186 ، ح 1 .
(3) أمالي الشيخ الطوسي ، ص 215 ، ح 376 .
(4) عدّة الداعي ، ص 150 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 128 _

  ليلة وجبت له شفاعتي ولو كان من أهل الكبائر ، وما من أحد من اُمّتي يذكرني ثمّ صلّى عليّ إلاّ غفر الله له ذنوبه وان كان أكثر من رمل عالج ، ومن صلّى عليّ في يوم الجمعة ألف مرّة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنّة ، ولن يلج النار من صلّى عليَّ ) (1) .
  (16) ما رواه البرقي بسنده عن حمّاد بن عثمان أنّه سأل أبا عبدالله ( عليه السلام ) قال ، أَخْبِرْنا عن أفضل الأعمال ؟ فقال ، ( الصلاة على محمّد وآل محمّد مائة مرّة بعد العصر ، وما زدت فهو أفضل ) (2) .
  (17)ما رواه ابن إدريس ( قدس سره ) في مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) ، ( من قال بعد العصر يوم الجمعة ، ( اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته ) كان له مثل ثواب عمل الثقلين في ذلك اليوم ) (3) .
  وأورد هذه الصلوات المحدّث القمّي في أعمال نهار الجمعة في المفاتيح (4) ، ثمّ أفاد أنّ هذه الصلوات مرويّة بما لها من الفضل الكثير في كتب مشايخ الحديث بأسناد معتبرة جدّاً ، والأفضل أن يكرّرها سبع مرّات ، وأفضل منه عشر مرّات .
  فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه من صلّى بهذه الصلوات حين يصلّي العصر يوم الجمعة قبل أن ينفتل من صلاته ـ أي ينصرف عنها ـ عشر مرّات صلّت عليه

-------------------------------
(1) جامع الأخبار ، ص 153 .
(2) المحاسن ، ص 59 .
(3) السرائر ، ج 3 ، ص 577 .
(4) مفاتيح الجنان ، ص 50 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 129 _

  الملائكة من تلك الجمعة إلى الجمعة المقبلة في تلك الساعة .
  وروى الثقة الكليني في الكافي أنّه إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل ، ( اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ) فإنّ مَنْ قالها بعد العصر كتب الله عزّوجلّ له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيّئة ، وقضى له بها مائة ألف حاجة ، ورفع له بها مائة ألف درجة .
  (18) ما رواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن الحسين بن زيد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزّوجلّ ولم يصلّوا على نبيّهم إلاّ كان ذلك المجلس حسرةً ووبالا عليهم ) (1) .
  (19) ما رواه شيخ المحدّثين الصدوق بسنده عن الأعمش في حديث شرائع الإسلام عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) جاء فيه ، ( والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واجبة في كلّ المواطن ، وعند العطاس ، والرياح ، وغير ذلك ) (2) .
  (20) ما رواه أيضاً بسنده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عن آبائه الطيّبين ، عن أمير المؤمنين سلام الله عليه في حديث الأربعمائة الشريف حيث علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه ، جاء فيه ، ( صلّوا على محمّد وآل محمّد فانّ الله عزّوجلّ يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد ودعائكم له وحفظكم إيّاه ) (3) .

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 497 ، ح 5 .
(2) الخصال ، أبواب المائة فما فوقها ، ص 607 ، ح 9 .
(3) الخصال ، باب المائة فما فوقها ، ص 613 ، ح 10 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 130 _

  (21)ما رواه أيضاً بسنده عن ابن المغيرة قال ، سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) يقول ، من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلّم أحداً ، ( إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي ياأيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً. اللهمّ صلّ على محمّد النبي وذرّيته ) قضى الله له مائة حاجة سبعون في الدنيا وثلاثون في الآخرة .
  قال ، قلت له ، ما معنى صلاة الله وصلاة ملائكته وصلاة المؤمنين ؟ قال ، صلاة الله رحمة من الله ، وصلاة ملائكته تزكية منهم له ، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له .
  ومِنْ سِرِّ آل محمّد في الصلاه على النبي وآله ( اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد في الأوّلين ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في الآخرين وصلّ على محمّد وآل محمّد في الملأ الأعلى ، وصلّ على محمّد وآل محمّد في المرسلين ، اللهمّ أعط محمّداً [ وآل محمّد ] الوسيلة والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة ، اللهمّ إنّي آمنت بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم أره ، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته ، وارزقني صحبته ، وتوفّني على ملّته ، واسقني من حوضه مشرباً رويّاً سائغاً هنيئاً لا أظمأ بعده أبداً إنّك على كلّ شيء قدير ، اللهمّ كما آمنت بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم أره فعرّفني في الجنان وجهه ، اللهمّ بلّغ روح محمّد عنّي تحيّة كثيرة وسلاماً ) .
  فإنّ من صلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذه الصلوات هُدمت ذنوبه ومحيت خطاياه ، ودام سروره واستجيبت دعاؤه ، واُعطي أمله ، وبسط له في رزقه ، واُعين على عدوّه ، وهيّىء له سبب أنواع الخير ، ويجعل من رفقاء نبيّه في الجنان الأعلى. يقولهنّ ثلاث مرّات غدوة ، وثلاث مرّات عشيّة ) (1) .

-------------------------------
(1) ثواب الأعمال ، ص 187 ، ح 1 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 131 _

  (22) ما رواه أيضاً بسنده عن عبدالله بن سنان ويأتي في الوصايا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذات يوم لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ألا اُبشّرك ؟ قال ، بلى بأبي أنت واُمّي فإنّك لم تزل مبشّراً بكلِّ خير ، فقال ، أخبرني جبرئيل آنفاً بالعجب ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وما الذي أخبرك يا رسول الله ؟ قال ، أخبرني أنّ الرجل من اُمّتي إذا صلّى عليَّ وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء ، وصلّت عليه الملائكة سبعين صلاة وإنّه للذَّنب حطّاً (1) ، ثمّ تحاتُّ عنه الذنوب كما تحاتُّ الورق من الشجر ، ويقول الله تبارك وتعالى ، لبّيك عبدي وسعديك ، يا ملائكتي أنتم تصلّون عليه سبعين صلاة وأنا اُصلّي عليه سبعمائة صلاة ، فإذا صلّى عليَّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً ويقول الله جلّ جلاله ، لا لبّيك ولا سعديك ، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءَه إلاّ أن يلحق بالنبي عترته ، فلا يزال محجوباً حتّى يلحق بي أهل بيتي (2) .
  (23) روى الشيخ الصدوق باسناده إلى الإمام الباقر ( عليه السلام ) انّه سئل عن أفضل الأعمال يوم الجمعة ؟ قال ، ( لا أعلم عملا أفضل من الصلاة على محمّد وآل محمّد ) (3) .
  (24) روى الشيخ المفيد عن الإمام أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) انّه قال ، ( إذا كانت عشيّة الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء معها أقلام من الذهب

-------------------------------
(1) في الأمالي للشيخ الصدوق ، ص 519 ، وان كان مذنباً خطّاءً ، وفي نسخة اُخرى ، وإنّه لمذنب خطّاء .
(2) ثواب الأعمال ، ص 188 ، ح 1 .
(3) كنز الدقائق ، ج 10 ، ص 438 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 132 _

  وصحف من الفضّة ، لا يكتبون إلاّ الصلاة على النبي وآله إلى أن تغيب الشمس من يوم الجمعة ) (1) .
  (25) روى الشيخ المفيد أيضاً ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( الصلاة على محمّد وآله يوم الجمعة بألف من الحسنات ، ويحطّ الله فيها ألفاً من السيّئات ، ويرفع فيها ألفاً من الدرجات ...
  وانّ المصلّي على محمّد وآله في ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة ، وانّ ملائكة الله عزّوجلّ في السماوات ليستغفرون له ، وليستغفر له الملك الموكّل بقبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن تقوم الساعة ) (2) .
  (26) روى الشيخ الصدوق باسناده إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) انّه قال ، ( الصلاة على محمّد وآله تعدل عند الله عزّوجلّ التسبيح والتهليل والتكبير ) (3) .
  (27) روى الحميري بسنده عن أحدهما ( عليهما السلام ) انّه قال ، ( أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد وعلى أهل بيته ) (4) .
  (28) روى انّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قيل له ، يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى ، ( إنَّ اللّهَ وَمَلاَئكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبِيِّ ) كيف هو ؟
  فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( هذا من العلم المكنون ، ولولا أنّكم سألتموني ما أخبرتكم ، إنّ الله تعالى وكّل بي ملكين فلا أُذكر عند مسلم فيصلّي عليّ إلاّ قال له ذلك الملكان ، غفر

-------------------------------
(1) المقنعة من الينابيع الفقهية ، ج 3 ، ص 130 .
(2) المقنعة من الينابيع الفقهية ، ج 3 ، ص 129 .
(3) أمالي الصدوق ، ص 65 ، المجلس السابع عشر .
(4) قرب الاسناد ، ص 14 ، ح 45 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 133 _

  الله لك ، وقال الله وملائكته آمين ، ولا أُذكر عند مسلم فلا يصلّي عليّ إلاّ قال له الملكان ، لا غفر الله لك ، وقال الله وملائكته ، آمين ) (1) .
  (29) عن ابن عبّاس قال ، قال لي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( رأيت في ما يرى النائم عمّي حمزة بن عبدالمطلّب ، وأخي جعفر بن أبي طالب وبين يديهما طبق من نبق فأكلا ساعة ، فتحوّل النبق عنباً فأكلا ساعة ، فتحوّل العنب لهما رطباً فأكلا ساعة ، فدنوت منهما وقلت ، بأبي أنتما أيُّ الأعمال وجدتما أفضل ؟ قالا ، فديناك بالآباء والاُمّهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك ، وسقي الماء ، وحبّ علي بن أبي طالب ) .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( أكثروا الصلاة عليَّ ، فانّ الصلاة عليّ نور في القبر ، ونور على الصراط ، ونور في الجنّة ) (2) .
  (30) عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال ، ( من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة لتستغفر له ما دام إسمي في ذلك الكتاب ) (3) .
  هذا واعلم إنّ فضل الصلاة على النبي وآله وردت حتّى من طريق العامّة كالبخاري ومسلم وابن المغازلي والسمعاني وغيرهم كما تلاحظ إحصاء أحاديثهم في البحار (4) .
  وبهذا يظهر بوضوح أنّ الصلوات أجلّ الدعوات المقبولات ... فيلزم على

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 68 ، ب 29 ، ح 57 .
(2) بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 70 ، ب 29 ، ح 63 .
(3) بحار الأنوار ، ج 94 ، ص 71 ، ب 29 ، ح 65 .
(4) بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 257 ، باب 15 ، الأحاديث .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 134 _

  الإنسان تحصيلا لخير دنياه وآخرته أن يصلّي على محمّد وعترته ... بل ينبغي بعد الصلاة عليهم أن يلعن أعداءهم ومبغضيهم ... تمسّكاً بكلا الركنين التولّي لأولياء الدين ، والتبرّي من أعداء الدين .
  وقد أورد شيخ الإسلام المجلسي أحاديث ثواب لعن أعدائهم (1) .
  من ذلك حديث تفسير الإمام العسكري (2) ( عليه السلام ) عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال له رجل ، يابن رسول الله إنّي عاجز ببدني عن نصرتكم ، ولست أملك إلاّ البراءة من أعدائكم واللعن عليهم ، فكيف حالي ؟
  فقال له الصادق ( عليه السلام ) ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن رسول الله صلوات الله عليهم أنّه قال ، ( من ضعف عن نصرتنا ولعن في خلواته أعدائنا بلّغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش ... فكلّما لعن هذا الرجل أعدائنا لعناً ساعدوه ، ولعنوا من يلعنه ، ثمّ ثنّوا فقالوا ، اللّهمّ صلّ على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه ولو قدر على أكثر منه لفعل ... فإذا النداء من قبل الله عزّوجلّ ، قد أجبت دعاءَكم وسمعت نداءَكم وصلّيت على روحه في الأرواح وجعلته عندي من المصطفين الأخيار ) .
  وجاء أيضاً هذا الحديث في المكيال (3) نقلا عن علي بن عاصم الكوفي ، عن مولانا العسكري ( عليه السلام ) ... وفيه ، ( فكلّما لعن أحدكم أعداءَنا ساعدته الملائكة ولعنوا من لا يلعنهم ) .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 218 ـ 239 ، باب 10 ، الأحاديث .
(2) بحار الأنوار ، ج 27 ، ص 222 ، باب 10 ، ح 11 .
(3) مكيال المكارم ، ج 2 ، ص 67 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 135 _

  يا علي ، إيّاك ونَقرةِ الغُراب (368) وفريشةِ الأسد (369) .
  يا علي ، لأن أُدخِلَ يدي في فمِ التِنّين (370) إلى المرفقِ...
  وما أحسن الصلاة على الرسول (ص) والآل الكرام ، واللعن على أعداءهم اللئام إمتثالا لهذه الأحاديث المتظافرة ، ومصداقاً للتولّي والتبرّي اللذين هما من دعائم الدين الفاخرة (1) .
  فصلوات الله تعالى على محمّد وآله الطاهرين ، ولعنته على أعدائهم إلى يوم الدين .
  (368) كناية عن تخفيف السجود ـ في الصلاة ـ وأنّه لا يمكث فيه إلاّ مقدار وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله (2) .
  (369) أي في السجود ... وهو أن يسجد الإنسان ويبسط ذراعيه على الأرض ... إذ المستحبّ هو أن يجنّح ذراعيه حين السجود ، مع التجافي أيضاً إلاّ في سجدة الشكر التي يستحبّ فيها أن يوصل صدره وذراعيه بالأرض كما اُفيد في الفقه. وفي بعض النسخ فرشة الأسد .
  (370) التنّين على وزن سكّين ... ضرب من الحيّات العظيمة جدّاً ، تعيش في إفريقية والهند ... سُمّي بالتنّين لأنّه يترك البرّ ويدخل البحر ... من التَّنن بمعنى ترك الأصدقاء ، أو لأنّه يشبه بعض الكواكب ... من التِنَّن بمعنى الشبيه .
   وذكر بعض أنّ صغار التنانين تبلغ خمسة أذرع وكبارها تبلغ ثلاثين ذراعاً .
  وفي فمّ التنّين أنياب مثل أسنّة الرماح ، وهو أحمر العينيّن ، واسع الفمّ (3) .

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 18 ، ح 3 / 10 .
(2) مجمع البحرين ، مادّة نقر ، ص 307 .
(3) المعجم الزوولوجي ، ج 2 ، ص 254 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 136 _

  أحبُّ إليَّ من أن أسألَ من لم يكنْ ثمّ كان (371) .
  يا علي ، [ إنّ ] أعتى الناسِ (372) على اللّهِ عزّوجلّ القاتلُ غيرَ قاتلهِ والضاربُ غيرَ ضاربه (373) ، ومن تَولّى غيرَ مواليه (374) فقد كفَرَ بما أنزل اللّهُ عزّوجلّ [ عَلَيَّ ] .
  يا علي ، تَخَتَّمْ باليَمينِ (375)... وبهذا يتبيّن مشقّة إدخال اليد في فم التنّين ، لكن مع ذلك هذه المشقّة أهون من سؤال من لم يكن ثمّ كان .
  (371) أي لم يكن له مال ثمّ حصل له المال ، فإنّ الغالب في أمثالهم الخسّة والبخل وردّ السائل بخلاف من نشأ في المال والخيرات (1) .
  (372) من العتوّ بمعنى التكبّر والتجبّر والتجاوز عن الحدّ .
  (373) فإنّهما جناية على غير المستحقّ ، وظلم للبريء .
  (374) أي الذين جعلهم الله مواليه في كتابه ، وعلى لسان نبيّه .
  في مثل قوله تعالى : ( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وهُمْ راكِعُونَ ) (2) .
  وفي مثل حديث الغدير الشريف الذي نقلته واتّفقت عليه الخاصّة والعامّة بطرقها المتواترة ، وقد جاءت رواياتها بثلاثة وأربعين طريقاً من الخاصّة ، وتسعة وثمانين طريقاً من العامّة كما تلاحظها بأسانيدها ومتونها في غاية المرام (3) .
  (375) ففي حديث محمّد بن أبي عمير قال ، قلت لأبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ،

-------------------------------
(1) روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 253 .
(2) سورة المائدة ، الآية 55 .
(3) غاية المرام ، ص 79 ـ 90 ، باب 16 و 17 ، الأحاديث .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 137 _

  فإنّها فضيلةٌ من اللّهِ عزّوجلَّ للمقرَّبين (376) ، قال ، بم أتختمُ يا رسولَ اللّه ؟ قال ، بالعقيقِ الأحمَر (377) ...
  ( أخبرني عن تختّم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بيمينه لأيّ شيء كان ؟ فقال ، إنّما كان يتختّم بيمينه لأنّه كان إمام أصحاب اليمين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد مدح الله أصحاب اليمين ، وذمّ أصحاب الشمال ... وقد كان يتختّم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيمينه ، وهو علامة لشيعتنا يُعرَفون به وبالمحافظة على أوقات الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ومواساة الإخوان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ) (1) .
  (376) وفُسِّر ( المقرّبون ) بجبرئيل وميكائيل في حديث سلمان الفارسي قال ، ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) ، يا علي تختّم باليمين تكن من المقرّبين .
   قال ، يا رسول الله وما المقرّبون ؟ قال ، جبرئيل وميكائيل ... ) (2) .
   (377) وهو الحجر الكريم المبارك المعروف الذي يتّخذ منه فصوص الخواتيم .
  وقد ورد في فضله أحاديث كثيرة منها مفصّل حديث سليمان بن مهران الأعمش (3) قال ، ( كنت مع جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) على باب أبي جعفر المنصور ، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط ، فقال لي ، يا سليمان انظر ما فصّ خاتمه ؟ فقلت ، يابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فصّه غير عقيق .
  فقال ، يا سليمان أما انّه لو كان عقيقاً لما جُلِد بالسوط. قلت ، يابن رسول الله زدني .

-------------------------------
(1) علل الشرايع ، ص 158 ، باب 127 ، ح 1 .
(2) علل الشرايع ، ص 158 ، باب 127 ، ح 3 .
(3) مكارم الأخلاق ، ج 1 ، ص 200 ، ح 597 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 138 _

  فإنّه أوّلُ جَبَل أقرَّ للّهِ تعالى بالربُوبيّةِ ، ولي بالنُبوّةِ ، ولكَ بالوصيّةِ ، ولُولدِك بالإمامةِ ، ولشيعتِك بالجنَّةِ ، ولأعدائِك بِالنّار .
  يا علي ، إنّ اللّهَ عزّوجلّ أشرفَ على [ أهلِ ] الدنيا فاختارني منها على رجالِ العالَمين ، ثمّ اطلَع الثانيةَ فاختارَك على رجالِ العالَمين ، ثمّ أطلع الثالثَة فاختار الأئمَّةَ من وُلدِك على رجالِ العالَمين ، ثمّ أطلَع الرابعة فاختار فاطمةَ على نساءِ العالمين (378) .
  قال ، يا سليمان هو أمان من قطع اليد ، قلت ، يابن رسول الله زدني .
  قال ، يا سليمان هو أمان من الدم ، قلت ، يابن رسول الله زدني .
  قال ، يا سليمان إنّ الله عزّوجلّ يحبّ أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فصّ عقيق ، قلت ، يابن رسول الله زدني .
  قال ، يا سليمان العجب كلّ العجب من يد فيها فصّ عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم .
  قلت ، يابن رسول الله زدني ، قال ، يا سليمان إنّه حرز من كلِّ بلاء .
  قلت ، يابن رسول الله زدني. قال ، يا سليمان هو أمان من الفقر .
  قلت ، يابن رسول الله اُحدّث بها عن جدّك الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟ قال ، نعم ) .
  (378) إعلم أنّ إختيار الله تعالى هذه الأنوار الطيّبة اتّفقت عليها أحاديث الخاصّة والعامّة ، بل تواترت فيه الأخبار ، ويكفيك في ذلك هذا الحديث الذي نقله القاضي نور الله ( قدس سره ) عن العامّة سنداً ومتناً في كتاب الإحقاق (1) انّه رواه ابن

-------------------------------
(1) إحقاق الحقّ ، ج 4 ، ص 104 / 111 ، و ج 9 ، ص 478 ، و ج 20 ، ص 495 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 139 _

   يا علي ، إنّي رأيتُ اسمَك مقروناً باسمي في ثلاثةِ مواطِن (379) فآنستُ بالنظر إليه ، إنّي لمّا بلغتُ بيتَ المقدَّس في معراجي إلى السماءِ وجدتُ على صخرتِها ( لا إلَه إلاّ اللّهُ ، محمّدٌ رسولُ اللّه ، أيّدتُه بوزِيره ، ونصرتُه بوزيره ) فقلتُ لجبرئيل ( عليه السلام ) ، مَن وزيري ؟ فقال ، عليُّ بن أبي طالب ، فلمّا انتهيتُ إلى سِدرةِ المنتهى وجدتُ مكتوباً عليها ...
  المغازلي في مناقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأخطب خوارزم في المناقب والمقتل ، وابن حسنويه في درّ بحر المناقب ، ومحبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى ، والحمويني في فرائد السمطين ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، والسمهودي في جواهر العقدين ، والسيوطي في ذيل اللئالي ، والمتّقي الهندي في منتخب كنز العمال ، والترمذي في المناقب المرتضوية ، والقندوزي في ينابيع المودّة ، والبدخشي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا ، والحضرمي في وسيلة المآل ، وحسام الدين المروي في آل محمّد ، كما تلاحظ متون وأسناد أحاديثهم في الإحقاق .
  (379) وهذه المواضع هي من أشرف المواضع التي لا ينالها الأوّلون والآخرون ... وقد بلغها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتزيّنت بوصيّه ووزيره وخليفته وناصره وأخيه ونفسه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) واعلم أنّ الموجود هنا ثلاثة مواطن ، وفي مكارم الأخلاق أربعة مواطن ، لكن لم يذكر الرابع .
  إلاّ أنّه في الخصال ذكر الرابع ، كما جاء في هامش بعض نسخ الفقيه ، والرابع بعد قوله بوزيره ، فلمّا رفعت رأسي وجدت على بطنان العرش مكتوباً ( أنا الله لا إله إلاّ أنا وحدي ، محمّد عبدي ورسولي ، أيّدته بوزيري ونصرته بوزيري ) (1) .

-------------------------------
(1) الخصال ، ص 207 ، ح 26 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 140 _

  ( إنّي أنا اللّهُ لا إلَه إلاّ أنا وَحْدي ، محمّدْ صفوتي من خلقي ، أيّدتُه بوزيره ، ونصرتُه بوزيره ) فقلت لجبرئيل ( عليه السلام ) ، مَن وزيري ؟ فقال ، عليُّ بن أبي طالب ، فلمّا جاوزتُ سدرَة المنتهى انتهيتُ إلى عَرش ربِّ العالمين جلَّ جلالُه فوجدتُ مكتوباً على قوائمِه ( إنّي أنا اللّهُ لا إلَه إلاّ أنا وَحْدي ، محمّدٌ حبيبي ، أيّدتُه بوزيره ، ونصرتُه بوزيره ) .
  يا علي ، إنّ اللّه تبارك وتعالى أعطاني فيك سبعَ خصال (380) ، أنت أوّلُ من يَنشقُّ عنهُ القبرُ معي ، (380) وقد وردت إلى هنا أيضاً في الخصال (1) ، وتلاحظ أنّه ليس فيه جميع الخصال السبعة ، ويستفاد مكمّلها من حديث محمّد بن العبّاس قال ، حدّثنا أحمد بن محمّد مولى بني هاشم ، عن جعفر بن عيينة ، عن جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن بكر ، عن عبدالله بن عقيل ، عن جابر بن عبدالله قال ، ( قام فينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأخذ بضبعي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حتّى رُأي بياض إبطيه وقال : إنّ الله ابتدأني فيك بسبع خصال ، قال جابر ، فقلت ، بأبي واُمّي يا رسول الله وما السبع الذي ابتدأك بهنّ ؟ قال ، أنا أوّل من يخرج من قبره وعلي معي ، وأنا أوّل من يجوز على الصراط وعلي معي ، وأنا أوّل من يقرع باب الجنّة وعلي معي ، وأنا أوّل من يسكن عليّين (2) وعلي معي ، وأنا أوّل من يُزَوَّج من الحور العين وعلي معي ، وأنا أوّل من يُسقى من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك وعلي معي ) (3) .

-------------------------------
(1) الخصال ، ص 342 ، ح 5 .
(2) تفسير البرهان ، ج 2 ، ص 1179 .
(3) مجمع البيان ، ج 10 ، ص 456 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 141 _

  وأنتَ أوّلُ من يقفُ على الصراطِ معي ، وأنت أوّلُ من يُكسى إذا كُسيت ، ويحيى إذا حييتُ ، وأنت أوّلُ من يسكنُ معي في علّيّين (381) ، وأنت أوّلُ من يشربُ معي من الرحيقِ (382) المختومِ الذي ختامُه مِسك (383) (384) .
  (381) وهي المراتب العالية ، والدرجات السامية ، المحفوفة بالجلالة والرفعة في الجنّة .
  (382) الرحيق هي الخمر الصافية الخالصة من كلّ غشّ (1) ، والمختوم بمعنى ختم أوانيها بالمسك ، وختامه مسك بمعنى أنّ آخر ما يجدون منها هي رائحة المسك .
  (383) أي إذا شربه الشارب وجد رائحة المسك فيه (2) .
  أي انّه له ختامٌ وعاقبة إذا رفع الشارب فاه عن آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك ... فهي أفضل خمر خالصة خالية عن الغول والتأثيم ... مع أفضل رائحة عبقة بالمسك ... أوّل من يتهنّأ بها هو نبيّنا أفضل النبيّين وأفضل الخلق بعده أمير المؤمنين .
  وهي إشارة إلى قوله عزّ إسمه ، ( إنَّ الأبرَارَ لَفِي نَعِيم * عَلَى الأرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَّحِيق مَخْتُوم * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنافِسُونَ ) (3) .
  وهذا مسك ختام هذه الوصيّة النبوية لمقام الولاية العليّة التي رواها الشيخ الصدوق ( قدس سره ) وغيره .

-------------------------------
(1) مجمع البيان ، ج 10 ، ص 456 .
(2) تفسير القمّي ، ج 2 ، ص 411 .
(3) سورة المطفّفين ، الآيات 22 / 26 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 142 _

  (384) روى شيخ المحدّثين الصدوق ( قدس سره ) هذا الحديث كمسك الختام في آخر كتابه الجامع من لا يحضره الفقيه ، ج 4 ، ص 352 ، باب النوادر ، الحديث 1 ، المسلسل 5762. ورواه أيضاً الشيخ الطبرسي في مكارم الأخلاق ، ج 2 ، ص 319 ، الفصل الثالث ، الحديث 1 ، المسلسل 2656. ورواه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ، ج 77 ، ص 46 ، الباب 3 ، الحديث 3. وشَرَحَهُ التقي المجلسي في روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 260 ، ذاكراً في أوّله أنّ الصدوق أعلى الله مقامه حكم بصحّته إمّا لتواتره عنده أو لتواتر مضمونه ... فإنّ أكثر مسائله ورد في الأخبار المتواترة أو المستفيضة أو الصحيحة المأثورة عن الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين ، وجاء كثير منها في الأبواب المعنونة في الأحاديث المسندة الواردة في كتاب الخصال .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 143 _

الوصيّة الثانية :
  نقلها الشيخ علي بن أحمد المشهدي الغروي المعروف بإبن القاساني في : رسالة وصايا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ):
  رسالة الوصايا ، روى الشيخ العالم علي بن أحمد المشهدي الغروي المعروف بابن القاساني في رسالة وصايا النبي (1) ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن شيخه المولى أبي الفضل محمّد بن قطب الدين الراوندي ( ببلدة ريّ بمحلّ باب المصالح في شهور سني ستّة وتسعين وخمسمائة ) قال ، حدّثني والدي ( في سنة إثنتين وأربعين وخمسمائة ) ، قال ، أخبرني الشيخ العفيف أبو عبدالله جعفر بن محمّد بن أحمد بن العبّاس الدورسي ( في مسجد المأذنة في شهور سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة ) ، عن الشيخ الحافظ جعفر بن علي ابن موسى القمّي عن مشايخه ، عن أبي سعيد الخدري قال ، أوصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) سمعته وأنا أكتب مخافة أن أنسى ، وكان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إذا سمع لا ينسى ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وصيّة ، (1) هذه النسخة خطيّة في مكتبة جامعة طهران مرقّمة برقم 10/1812 ضمن مجموعة ( ش ـ 2936) رسالة ـ رقم 14 من صفحة 333 إلى صفحة 338 في المجموعة .
  صدّرت أوّل الرسالة بقوله ، الحمد لله حقّ حمده ، وصلاته على خير خلقه محمّد وصفوة ذرّيته الأئمّة الأطهار ، يقول العبد الضعيف المذنب الفقير إلى رحمة اللّه تعالى علي بن أحمد المشهدي الغروي المعبِّر المعروف بابن القاشاني أحسن الله عاقبته بمحمّد وآله الطاهرين ... حدّثني الشيخ المولى أبي الفضل ... الخ .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 144 _

  يا علي ، لا مروّةَ لكَذُوب (2) ، ولا راحةَ لحسُود (3) ، ولا صديقَ لنمّام (4) .
  ذكر المولى محمّد بن قطب الدين الراوندي إلى آخر السند المتقدّم ونقل به هذه الوصيّة الشريفة .
  (2) حيث إنّ الصدق أمانة والكذب خيانة ، والكذوب يكون كثير الخيانة فلا يتّصف بصفة المروّة التي تقتضي تنزيه النفس عن الدناءة والخيانة .
  (3) فإنّ الحسود يضرّ نفسه أكثر ممّا يضرّ المحسود فلا يكون في راحة ، ولذلك ورد في الحديث العلوي ، ( ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد ، نَفَس دائم ، وقلب هائم ، وحزن لازم ) (1) .
  وجاء في نهج البلاغة قوله ( عليه السلام ) ، ( صحّة الجسد من قلّة الحسد ) (2) .
  (4) النميمة هي نقل كلام الغير إلى المقول فيه على وجه السعاية والإفساد وإيقاع الفتنة ... ويقال لفاعله نمّام وقتّات ... ولو بأن يقول ، فلان تكلّم فيك بكذا .
  والنميمة من المعاصي الكبائر المذمومة في الكتاب والسنّة كما تلاحظ بيانها في الروايات المباركة (3) .
  منها ما عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انّه قال لأصحابه ، ( ألا اُخبركم بشراركم ؟ قالوا ، بلى يا رسول الله ، قال ، المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة ، الباغون للبُراء العيب ) .
  ومنها ما عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( ثلاثة لا يدخلون الجنّة ، السفّاك

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 73 ، ص 256 ، باب 131 ، ح 29 .
(2) نهج البلاغة ، رقم الحكمة 256 .
(3) بحار الأنوار ، ج 75 ، ص 263 ، باب 67 ، الأحاديث .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 145 _

  ولا أمانةَ لبخيل (5) ، ولا وفاءَ لشَحيح (6) ، للدم ، وشارب الخمر ، ومشّاء بالنميمة ). ومن مساوي هذه النميمة أنّها توجب عدم الصديق للنّمام كما في هذه الوصيّة ... من حيث أنّه سرعان ما ينكشف أمره ، ويتباعد عنه أصدقاؤه ، ويتركه أحبّاؤه ، وفي الحديث (1) ، ( إنّ من أكبر السحر النميمة ، يُفَرَّق بها بين المتحابّين ، ويجلب العداوة على المتصافّين ، ويسفك بها الدماء ، ويهدم بها الدور ، ويكشف الستور ، والنمّام شرّ من وطىء الأرض بقدم ) .
  (5) البخل هي صفة شحّ النفس المذمومة ، وهي صفة خسيسة قد تدعو إلى ترك الواجب ومنها ترك أداء الأمانة ، فالبخيل يبخل حتّى عن ردّ مال الناس إليهم فلا أمانة له .
  قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ( البخل جامع لمساوىء العيوب ، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوء ) (2) .
  وعن الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( البخيل من بخل بما افترض الله عليه ) (3) .
  (6) الشحّ هو البخل مع الحرص فهو أشدّ من البخل ... لأنّ البخل في المال ، والشحّ يكون في المال والمعروف ، ومنه قوله تعالى : ( أَشِحَّةً عَلَى الخَيْرِ ) (4) ، فالشحّ هو اللؤم وأن تكون النفس حريصة على المنع (5)...

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 10 ، ص 169 ، باب 13 ، ح 2 .
(2) نهج البلاغة ، رقم الحكمة 378 .
(3) بحار الأنوار ، ج 73 ، ص 305 ، باب 136 ، ح 26 .
(4) سورة الأحزاب ، الآية 19 .
(5) مجمع البحرين ، مادّة شحح ، ص 180 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 146 _

  ولا كنزَ أنفعُ من العِلم (7) ، والشحّ بمعناه المعروف يكون مانعاً من الوفاء والأداء... فلا يكون وفاء لشحيح .
  ... وفي الحديث عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عن أبيه ( عليه السلام ) ، أنّ عليّاً ( عليه السلام ) سمع رجلا يقول ، الشحيح أعذر من الظالم ، فقال ( عليه السلام ) ، ( كذبت ، إنّ الظالم يتوب ويستغفر الله ويردّ الظُلامة على أهلها ، والشحيح إذا شَحَّ منع الزكاة ، والصدقة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف. والنفقة في سبيل الله ، وأبواب البرّ ، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح ) (1) .
  وفي حديث الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ( إنّما الشحيح من منع حقّ الله ، وأنفق في غير حقّ الله عزّوجلّ ) (2) .
  (7) الكنز في الأصل هو المال المدفون لعاقبة ، ثمّ اتّسع واستعمل في كلّ ما يتّخذه الإنسان ويدّخره .
  وخير ما يدّخره الإنسان لنفعه هو العلم ، إذ هو أشرف وأنفع من المال كما تلاحظ فضله كتاباً وسنّةً في كتب أحاديث فضل العلم .
  وقد أطلق الكنز في كتاب الله تعالى على صفحة العلم المذخورة في قضيّة موسى والخضر في سورة الكهف .
  ففي حديث علي بن أسباط قال ، سمعت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) يقول ، ( كان في الكنز الذي قال الله عزّوجلّ : ( وَكانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُما ) (3) كان فيه ، ( بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يركن إليها ، وينبغي لمن عقل عن الله

-------------------------------
(1) قرب الإسناد ، ص 72 ، مسلسل الحديث 233 .
(2) بحار الأنوار ، ج 73 ، ص 305 ، باب 136 ، ح 25 .
(3) سورة الكهف ، الآية 82 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 147 _

  ولا مالَ أربحُ من الحِلم (8) ، ولا حَسَبَ أرفعُ من الأدَب (9) ، أن لا يتّهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه ) .
   فقلت ، جعلت فداك اُريد أن أكتبه ، قال ، فقرّب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدي ، فتناولتُ يده فقبّلتها وأخذتُ الدواة فكتبته ) (1) .
  (8) الحلم ـ بكسر وسكون اللام ـ ، هو ضبط النفس عن هيجان الغضب (2) ، أو الأناة والتثبّت في الاُمور (3) .
  ومن المعلوم أنّ خلاف الحلم أي الغضب يوجب أكبر الخسران ، بل الغضب لغير الله تعالى مفتاح الشرّ والضرر ، فيكون الحلم الذي يكبحه موجباً لأكبر النفع والربح ...
  وفي حديث زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال ، كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول ، ( إنّه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمُه عند غضبه ) (4) .
  (9) الحسب بفتحتين هي الشرافة بالآباء وما يُعد من مفاخرهم ... وهذه الشرافة تضيع فيمن قلّ أدبه ... بينما تزيد فيمن كثر أدبه ... وإن لم يعل حسبه ... فالأدب إذن أبلغ من الحسب .
  فإذا تأدّب الإنسان بالآداب الدينية والأخلاق المرضيّة نال أرفع الحسب لأنّ الأدب يغني عن الحسب ، وحسن الأدب ينوب عن الحسب كما في الحديث

-------------------------------
(1) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 59 ، ح 9 .
(2) مجمع البحرين ، ص 512 .
(3) مرآة الأنوار ، ص 89 .
(4) اُصول الكافي ، ج 2 ، ص 112 ، ح 3 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 148 _

  ولا نسبَ أوضعُ من الجَهل (10) ، ولا معيشةَ أهنأُ من العافية (11) ، العلوي الشريف (1) .
  وقد بيّن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كلّ الأدب في كلمته الجامعة على وجازتها وإختصارها في قوله ( عليه السلام ) ، ( كفاك أدباً لنفسك إجتناب ما تكرهه من غيرك ) (2) .
  (10) النسب هو الإنتساب إلى ما يوضّح ويميّز المنسوب ... كالإنتساب إلى الأب أو الاُمّ أو القبيلة أو الصناعة وغيرها .
  وبما أنّ الجهل أوضع الأشياء تكون النسبة إليه أيضاً أوضع النسب ... ويدلّك على وضاعة الجهل ... الصفات الخسيسة التي تنشأ منه كالجور ، والقسوة ، والتكبّر ، والقطيعة ، والغَدر ، والخيانة ، والعصيان ونحوها من الصفات الذميمة .
  (11) العافية هي دفاع الله الأسقام أو البلايا عن العبد (3) .
  وهي من النعم الإلهيّة التي يهنأ بها العيش ، بل لا معيشة أهنأ منها ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ( نعمتان مكفورتان ، الأمن والعافية ) (4) .
  وفي حديث محمّد بن حرب الهلالي ، سمعت الصادق جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) يقول ، ( العافية نعمة خفيّة ... إذا وُجدت نُسيت ، وإذا فُقدت ذُكرت ) (5) وتلاحظ أحاديث فضل العافية مجموعةً في البحار (6) .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 75 ، ص 68 ، باب 44 ، ح 8 .
(2) نهج البلاغة ، رقم الحكمة 412 .
(3) مجمع البحرين ، مادّة عفا ، ص 62 .
(4) الخصال ، ص 34 ، ح 5 .
(5) أمالي الصدوق ، ص 138 .
(6) بحار الأنوار ، ج 81 ، ص 170 ، باب 1 ، الأحاديث .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 149 _

  ولا رفيقَ أزينُ من العَقل (12) ، ولا رسولَ أَعدلُ من الحَقّ (13) ، ولا حسنَة أعلى من الصَبر (14) .
  (12) الزينة هي ما يتزيّن به الإنسان من حُلي ولباس ممّا يوجب زيادة جماله وحُسنه ... ولا حلية أغلى من العقل ولا زينة أغنى من هذا الجوهر النفيس ... فيكون العقل أزين شيء يرافق الإنسان ، بل لا رفيق أزين منه .
  لذلك ورد في الحديث عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ( عقول النساء في جمالهنّ ، وجمال الرجال في عقولهم ) (1) .
  وعن الإمام العسكري ( عليه السلام ) أنّه قال ، ( حسن الصورة جمالٌ ظاهر ، وحسن العقل جمالٌ باطن ) (2) .
  (13) فالرسول (ص) هو السفير المبعوث ، والسفير هو المصلح بين القوم ... والإصلاح يلزم أن يكون بعدل ... وأعدل مصلح هو الحقّ والكلمة الحقّة ... فلا رسول أعدل منه .
  وفي حديث أبي ذرّ قال ، ( أوصاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن أقول الحقّ وإنْ كان مُرّاً ) (3) .
  (14) الصبر ، حبس النفس على المكروه إمتثالا لأمر الله تعالى (4) .
  وهو يمنع الباطن عن الإضطراب ، واللسان عن الشكاية ، والأعضاء عن الحركات غير المعتادة كما أفاده المحقّق الطوسي ( قدس سره ) (5) .

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 1 ، ص 82 ، باب 1 ، ح 1 .
(2) بحار الأنوار ، ج 1 ، ص 95 ، باب 1 ، ح 27 .
(3) بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 106 ، باب 48 ، ح 3 .
(4) مجمع البيان ، ص 272 .
(5) سفينة البحار ، ج 5 ، ص 15 .

وصايا الرسول (ص) لزوج البتول _ 150 _

  ولا سيّئَة أسْرى من العُجب (15) ، وهو من مكارم الأخلاق ، ومعالي السجايا ، ومحاسن الصفات .
  وقد أمر به الكتاب الكريم ، وحثّت عليه أحاديث المعصومين ( عليهم السلام ) ، وجعلته رأس الإيمان ، وأنّ من لا يعدّ الصبر لنوائب الدهر يعجز ، وأنّ أهل الصبر يدخلون الجنّة بغير حساب ، وأنّ الصبر عند المصيبة حسنٌ جميل ، وأحسن منه الصبر على ما حرّم الله تعالى ، كما تلاحظها في أحاديث باب الصبر (1) .
  بل بلغ الصبر من الأهميّة أنّه أُخذ عليه العهد والميثاق ... ففي حديث داود بن كثير الرقي ، عن الإمام أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) ، ( أنّ الله تبارك وتعالى لمّا خلق نبيّه ووصيّه وإبنته وإبنيه وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتّقوا الله ... وأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على جميع الأئمّة وشيعتهم الميثاق بذلك ... ) (2) .
  هذا بالإضافة إلى ما في الصبر من الفرج الدنيوي ، والأجر الاُخروي الذي يجعله أعلى حسنة ، بل لا حسنة أعلى منه .
  (15) العُجب هو إستعظام العمل الصالح وإستكثاره والإبتهاج له والإدلال به وأن يرى نفسه خارجاً عن حدّ التقصير ...
  وأمّا السرور بالعمل الصالح مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق لذلك فهو حسن ممدوح (3) .
  والعُجب من ذنوب القلب ... ويستفاد من بعض الأحاديث أنّه أشدّ من

-------------------------------
(1) بحار الأنوار ، ج 71 ، باب 62 ، ص 56 ـ 67 .
(2) اُصول الكافي ، ج 1 ، ص 451 ، ح 39 .
(3) سفينة البحار ، ج 6 ، ص 152 .