قال أبو جعفر ـ رحمه الله ـ : باب الاعتقاد في العصمة
(1) .
قال الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ
(2) : العصمة من الله تعالى لحججه
(3) هي التوفيق واللطف والاعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط في دين الله تعالى ، والعصمة [ تفضل من الله ]
(4) تعالى على من علم أنه يتمسك بعصمته ،
والاعتصام فعل المعتصم ، وليست العصمة مانعة من القدرة
(5) على القبيح ، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن ، ولا ملجئة له إليه ، بل هي الشئ الذي يعلم الله تعالى أنه إذا فعله بعبد من عبيده لم يؤثر معه معصيته له ، وليس كل الخلق يعلم هذا من حاله ، بل المعلوم منهم ذلك هم الصفوة والأخيار .
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 96 .
(2) بحار الأنوار 17 : 96 .
(3) قال المصنف قده في رسالة ( النكت الاعتقادية ـ ص 45 ـ 46 ط 2 بغداد ) فإن قيل ما حد العصمة .
والجواب ـ العصمة لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما .
فإن قيل ما الدليل على أنه معصوم من أول عمره إلى آخره .
والجواب ـ الدليل على ذلك أنه لو عهد منه السهو والنسيان لارتفع الوثوق منه عند اخباراته ولو عهد منه خطيئة * لتنفرت العقول من متابعته فتبطل فائدة البعثة ، چ .
(4) (ز) من تفضل الله .
(5) (ز) : المقدرة .
*أما بعض الآيات وشواذ الأخبار المتضمنة نسبة الخطايا والمعامي إلى الأنبياء أو إلى نبينا عليه وعليهم السلام فقد أجاب عنها تلميذ المصنف أعني الشريف المرتضى في كتاب ( تنزيه الأنبياء ـ ط إيران ونجف ) ، هبة الدين الحسيني ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 129 _
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى )
(1) الآية ،
وقال سبحانه : ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ )
(2)
وقال سبحانه : ( وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ )
(3) .
والأنبياء والأئمة ـ عليهم السلام ـ
(4) من بعدهم معصومون في حال نبوتهم وإمامتهم من الكبائر كلها والصغائر ، والعقل يجوز عليهم ترك مندوب إليه على غير التعمد للتقصير والعصيان ، ولا يجوز عليهم ترك مفترض إلا أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة ـ عليهم السلام ـ من بعده كانوا سالمين من ترك المندوب ، والمفترض قبل حال إمامتهم وبعدها .
فصل (5) : فأما الوصف لهم بالكمال في كل أحوالهم ، فإن المقطوع به كمالهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججا لله تعالى على خلقه .
---------------------------
(1) الأنبياء : 101 .
(2) الدخان : 32 .
(3) ص 47 .
(4) قال المصنف قده في رسالة ( النكت الاعتقادية ـ ص 48 ـ 49 ط 2 ) :
فإن قيل ما الدليل على أن الإمام يجب أن يكون معصوما .
والجواب ـ الدليل على ذلك من وجوه :
الأول : إنه لو جاز عليه الخطاء لافتقر إلى إمام آخر يسدده ثم ننقل الكلام إليه ويتسلسل أو يثبت المطلوب .
الثاني : إنه لو جاز عليه فعل الخطيئة ( فإن ) وجب الانكار عليه سقط محله من القلوب فلا يتبع ، والغرض من نصبه اتباعه ( فيتنقض الغرض ) وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب النهي عن المنكر وهو باطل .
الثالث : إنه حافظ للشرع فلو لم يكن معصوما لم تؤمن منه الزيادة والنقصان ، چ .
(5) قال المؤلف ـ قدس ـ في جواب المسألة السادسة والثلاثين من المسائل العكبرية : إن الطاعة في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له من جهة الإمامة دون غيره ، والأمر له خاصة دون من سواه ، =>
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 130 _
وقد جاء الخبر بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة ـ عليهم السلام ـ من ذريته كانوا حججا لله تعالى منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم ، ولم يكن لهم قبل أحوال التكليف أحوال نقص وجهل ، فإنهم يجرون مجرى عيسى ويحيى ـ عليهما السلام ـ في حصول الكمال لهم مع صغر السن وقبل بلوغ الحلم .
وهذا أمر تجوزه العقول ولا تنكره ، وليس إلى تكذيب الأخبار سبيل ، والوجه أن نقطع على كمالهم ـ عليهم السلام ـ في العلم والعصمة في أحوال النبوة والامامة ، ونتوقف فيما قبل ذلك ، وهل كانت أحوال نبوة وإمامة أم لا
(1) ونقطع على أن العصمة لازمة لهم منذ أكمل الله تعالى عقولهم إلى أن قبضهم ـ عليهم السلام ـ
(2) .
---------------------------
=> فلما قبض صلى الله عليه وآله وسلم صارت الإمامة من بعده لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ومن عداه من الناس كافة رعية له ، فلما قبض ـ عليه السلام ـ صارت الإمامة للحسن بن علي ، والحسين ـ عليه السلام ـ إذ ذاك رعية
لأخيه الحسن ـ عليه السلام ـ ، فلما قبض الحسن ـ عليه السلام ـ صار الحسين إماما مفترض الطاعة على الإمام . وهكذا حكم كل إمام وخليفة في زمانه ، ولم تشترك الجماعة في الإمامة معا ، وكانوا فيها على الترتيب الذي ذكرناه .
فصل : وقد ذهب قوم من أصحابنا الإمامية إلى أن الإمامة كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ في وقت واحد ، إلا أن النطق والأمر والتدبير كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم
مدة حياته دونهم ، وكذلك كان الأمر والتدبير لأمير المؤمنين دون الحسن والحسين ، وجعل الإمام في وقت صاحبه صامتا وجعل الأول ناطقا . وهذا خلاف في العبارة ، والأصل ما قدمناه . چ
(1) في هذه العبارة تأمل عن غموض ، ويحتمل أن يكون عطفا على ( فيما قبل ذلك ) فيكون المراد التوقف في أمرين:
الأول : الحكم بكمال العلم والعصمة قبل البعثة وتصدي الإمامة .
والثاني : الحكم بفعلية الاتصاف بالنبوة والإمامة قبل ذلك ، ويحتمل أيضا أن تكون الواو زائدة أو مستأنفة وكان تعليلا .
للحكم بالتوقف في كمال العلم والعصمة ، وحاصل المعنى يلزم أن نتوقف في الحكم بكمالهم في العلم والعصمة قبل البعثة وتصدي الإمامة بعلة الشك في اتصافهم بالنبوة والامامة قبل ذلك . ج
(2) بحار الأنوار 67 : 97 ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 131 _
فصل : في الغلو والتفويض
قال أبو جعفر : باب الاعتقاد في الغلو والتفويض ... إلى آخره
(1) .
قال الشيخ المفيد ـ رحمه الله
(2) : الغلو في اللغة هو [ التجاوز عن الحد ]
(3) والخروج عن القصد .
قال الله تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ )
(4) الآية ، فنهى عن تجاوز الحد في المسيح ، وحذر من الخروج عن القصد في القول ، وجعل ما ادعته النصارى فيه غلوا لتعديه الحد على ما بيناه .
والغلاة من المتظاهرين بالاسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذريته ـ عليهم السلام ـ إلى الألوهية والنبوة ، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد ، وخرجوا عن القصد ، وهم ضلال كفار حكم فيهم أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بالقتل والتحريق بالنار ، وقضت الأئمة ـ عليهم السلام ـ عليهم بالإكفار والخروج عن الاسلام
(5).
فصل : فأما ما ذكره أبو جعفر ـ رحمه الله ـ من مضي نبينا والأئمة ـ عليهم السلام ـ بالسم والقتل ، فمنه ما ثبت ، ومنه ما لم يثبت ، والمقطوع به أن أمير المؤمنين والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ خرجوا من الدنيا بالقتل ولم يمت أحدهم
(6) حتف أنفه
(7) ،
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 97 .
(2) بحار الأنوار 25 : 344 .
(3) (أ) (ح) (ز) (ش) (ق) : تجاوز الحد .
(4) النساء : 71 .
(5) بحار الأنوار 25 : 345 .
(6) (ق) (ز) : أحد منهم .
(7) بحار الأنوار 27 : 216 ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 132 _
وممن مضى بعدهم مسموما موسى بن جعفر ـ عليه السلام ـ ويقوى في النفس أمر الرضا ـ عليه السلام ـ
(1) وإن كان فيه شك ، فلا طريق إلى الحكم فيمن عداهم بأنهم سموا أو اغتيلوا أو قتلوا صبرا ، فالخبر بذلك يجري مجرى الإرجاف
(2) ، وليس إلى تيقنه سبيل
(3) (4) .
---------------------------
(1) أنظر ( كشف الغمة ص 264 ط إيران 1294 ه ) لبهاء الدين علي بن عيسى الأربلي المتوفى سنة 692 أو 693 ، وإلى ( البحار ص 91 ـ 92 ج 12 ط كمباني ) .
قال المحدث الفقيه الرباني الشيخ يوسف البحراني ( 1107 ـ 1186 ه ) في كتابه ( الحدائق الناضرة ص 449 مجلد كتاب الحج ط تبريز ) : الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ ... وقبض بطوس في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين ، وهو ابن خمس وخمسين سنة ... وبعض الأخبار يدل على أنه قبض مسموما سمه المأمون العباسي .
وإليه ذهب الصدوق ـ رحمه الله ـ وأكثر أصحابنا لم يذكروه .
أنظر كتاب ( أعيان الشيعة ص 205 ـ 211 ج 4 ق 2 ط 1 دمشق ) للعلامة السيد محسن العاملي ـ رحمه الله .
والعدد السابع من مجلة ( مهر ـ الفارسية ـ ص 740 ط طهران 1313 ش ه ) لسنتها الثانية ، وإلى ذيل كتاب ( تاريخ مختصر إيران ص 20 ـ 24 ط طهران 1314 ش ) .
بقلم العلامة الدكتور صادق رضا زاده شفق أستاذ جامعة طهران * .
*اقرأ مختصرا من ترجمته في كتابي ( سخنوران إيران در عصر حاضر ج 2 ط هند ) و ( نثر فارسي معاصر ـ 138 ط طهران ) .
(2) أرجف : خاض في الأخبار السيئة والفتن قصد أن يهيج الناس ، أنظر ( مجمع البحرين ـ رجف ) أيضا . چ
(3) بحار الأنوار 27 : 216 .
(4) قال الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ في كتاب ( الأنساب والزيارات ) من تأليفه النفيس ( المقنعة ص 72 ـ 75 ط 1274 ه ) : وقبض ( رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) مسموما لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستين سنة .
وقبض ( أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ) قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر =>
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 133 _
والمفوضة صنف من الغلاة ، وقولهم الذي فارقوا
(1) به من سواهم من
---------------------------
=> رمضان سنة أربعين للهجرة وله يومئذ ثلاث وستون سنة .
وقبض ( الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ ) مسموما بالمدينة في صفر سنة تسع وأربعين من الهجرة ، فكان سنه ـ عليه السلام ـ يومئذ سبعا وأربعين سنة .
وقبض ( الحسين بن علي ـ عليه السلام ـ ) قتيلا بطف كربلا من أرض العراق يوم الاثنين العاشر من المحرم قبل زوال الشمس سنة إحدى وستين من الهجرة ، وله يومئذ ثماني وخمسون سنة .
وقبض ( علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ ) بالمدينة سنة خمس وتسعين وله يومئذ سبع وخمسون سنة ، وفي ( التهذيب ص 27 ت 2 ط إيران ) :
وقبض ( محمد بن علي ـ عليه السلام ـ ) بالمدينة سنة أربع عشرة ومائة ، وكان سنه يومئذ سبعا وخمسين سنة .
وقبض ( جعفر بن محمد الصادق ـ عليه السلام ـ ) بالمدينة في شوال سنة ثمانية وأربعين ومائة ، وله يومئذ خمس وستون سنة .
وقبض ( موسى بن جعفر ـ عليه السلام ـ ) قتيلا بالسم ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وكان سنه يومئذ خمسا وخمسين سنة .
وقبض ( علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ ) بطوس من أرض خراسان في صفر سنة ثلاث ومائتين ، وهو يومئذ ابن خمس وخمسين سنة .
وقبض ( محمد بن علي ـ عليه السلام ـ ) ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين ، وله يومئذ خمس وعشرون سنة .
وقبض ( علي بن محمد ـ عليه السلام ـ ) بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وسبعة أشهر .
وقبض ( الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ ) بسر من رأى لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين ، وكان سنه يومئذ ثمانيا وعشرين سنة ، انتهى ملخصا .
هذا وقد قال المصنف ـ رحمه الله ـ في كتابه ( الارشاد ) في هذا الموضوع ـ أعني كيفية وفاة الأئمة الطاهرين ومدة أعمارهم ـ بمثل ما قاله في كتابه ( المقنعة ) عينا بدون تفاوت قيد شعرة معنى ، فتدبر جيدا . چ
(1) (ق) : خالفوا ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 134 _
الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي القدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم
(1) ، ودعواهم أن الله سبحانه وتعالى تفرد بخلقهم خاصة ، وأنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال .
والحلاجية ضرب من أصحاب التصوف ، وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول ، ولم يكن
(2) الحلاج
(3) يتخصص بإظهار التشيع وإن كان ظاهر أمره التصوف ، وهم قوم ملحدة وزنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم ، ويدعون للحلاج الأباطيل ، ويجرون في ذلك مجرى المجوس
(4) في دعواهم لزرادشت
---------------------------
(1) بحار الأنوار 25 : 345 .
(2) في المطبوعة : وكان .
(3) أنظر ( الفهرست ص 269 ـ 272 ط مصر ) لابن النديم . چ
(4) قال العلامة الكبير والأستاذ الشهير صاحب الفخامة مولانا أبو الكلام آزاد وزير معارف الهند المعظم في مجلة ( ثقافة الهند ص 13 ، سبتمبر 1950 م ) الجليلة طي مقالته الممتعة حول ( شخصية ذي القرنين المذكورة في القرآن ) ـ التي حررت بغاية التحقيق ، وينبغي بل يلزم لأصحاب النظر والعلم أن يرجعوا إليه ـ ما نصه : وهنا ينبغي أن ننبه على خطأ شائع : نطقوا كلمة ( موغوش ) في اللغة العربية ( مجوسا ) وأطلقوها على أتباع الدين الزردشتي ، ولم يكن في
الأصل اسما لهم ، فقد ثبت الآن بلا ريب أنه كان اسما يعرف به أتباع الدين الذي كان شائعا في مادا قبل زردشت ، فقد وردت الكلمة في أوستا كذلك ، واستعملت في شأن معارضي زردشت ، ولكن لما كان اشتهر أهل مادا في بلاد العرب والشام باسم موغوش ، أخذوا يسمون به أتباع زردشت كذلك .
وقال أيضا في ص 11 من المجلة : النطق الصحيح لاسم زردشت في اللغة البهلوية ( زاراتهسترا ) ... إلى آخر مقاله القيم ، أنظر ( البحار ص 379 ج 5 ط كمباني ) و ( أعيان الشيعة ص 150 ـ 151 ج 2 ط 2 دمشق ) ، چ (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 135 _
المعجزات ، ومجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات
(1) ، والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم ، وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس .
فصل : فأما نص أبي جعفر ـ رحمه الله ـ
(2) بالغلو على من نسب مشايخ القميين وعلمائهم إلى التقصير ، فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس ، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصرا ، وإنما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحقين إلى التقصير ، سواء كانوا من أهل قم أم
(3) غيرها من البلاد وسائر الناس .
وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد ـ رحمه الله ـ لم نجد لها دافعا في التقصير ، وهي ما حكي عنه أنه قال : أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإمام
(4) ـ عليه السلام ـ فإن صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنه من علماء القميين ومشيختهم .
وقد وجدنا جماعة وردوا
(5) إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين ،
---------------------------
(1) بحار الأنوار 25 : 345 .
(2) بحار الأنوار 25 : 345 .
(3) (ز) : أو من ، (ح) : أو .
(4) أنظر ذيل كتاب ( أوائل المقالات طبع 1371 ـ ص 36 ) و ( مجمع البيان ـ ص 317 ج 2 ط صيدا ) للشيخ الطبرسي ، وكتاب ( الوافي ـ ص 143 ج 5 ط 1364 ه ) للمحدث القاشاني ، چ .
(5) (ح) : وردت ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 136 _
وينزلون الأئمة ـ عليهم السلام ـ عن مراتبهم ، ويزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية
(1) حتى ينكت
(2) في قلوبهم ، ورأينا من يقول إنهم كانوا يلتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون
(3) ، ويدعون مع ذلك أنهم من العلماء ، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه .
ويكفي في علامة الغلو نفي القائل به عن الأئمة سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهية والقدم ، [ إذ قالوا بما ]
(4) يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر وما ليس بمقدور العباد من الأعراض ، ولا يحتاج مع ذلك إلى الحكم عليهم وتحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر سمة للغلو
(5) على كل حال
(6) .
---------------------------
(1) (ق) : الشرعية .
(2) وفي حديث وصف أهل البيت ع من جملة علومهم نكت في القلوب و ... أما النكت في القلوب بإلهام ... ( مجمع البحرين ـ نكت ) ، چ .
(3) (ق) : والفتوى .
(4) (ق) (أ) : أو ، (ح) (ز) : إذا ما .
(5) في بقية النسخ : في الغلو .
(6) بحار الأنوار 25 : 346 ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 137 _
فصل : في التقية
قال أبو جعفر : باب التقية ... إلى آخره
(1) .
قال الشيخ المفيد : التقية : كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو
(2) الدنيا
(3) ، وفرض ذلك إذا علم بالضرورة أو قوي في الظن ، فمتى لم يعلم ضررا بإظهار الحق ولا قوي في الظن ذلك لم يجب فرض التقية .
وقد أمر الصادقون ـ عليهم السلام ـ جماعة من أشياعهم بالكف
(4) والامساك عن إظهار الحق ، والمباطنة والستر له عن أعداء الدين ، والمظاهرة لهم بما يزيل الريب عنهم
(5) في خلافهم .
وكان ذلك هو الأصلح لهم ، وأمروا طائفة أخرى من شيعتهم بمكالمة الخصوم ومظاهرتهم ودعائهم إلى الحق ، لعلمهم بإنه لا ضرر عليهم في ذلك ، فالتقية تجب بحسب ما ذكرناه ، ويسقط فرضها في مواضع أخرى ـ على ما قدمناه ـ وأبو جعفر
أجمل القول في هذا
(6) ولم يفصله ـ على ما بيناه ـ وقضى بما أطلقه فيه من غير تقية على نفسه لتضييع الغرض في التقية ، وحكم
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 107 .
(2) في بقية النسخ : و .
(3) أنظر ( أوائل المقالات ـ ص 96 ) ، چ .
(4) (ق) : بالكتم .
(5) (ح) (ش) : منهم .
(6) في المطبوعة : ذلك ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 138 _
بترك الواجب في معناها ، إذ قد كشف نفسه فيما اعتقده من الحق بمجالسه المشهورة ، ومقاماته التي كانت معروفة ، وتصنيفاته التي سارت في الآفاق ، ولم يشعر [ بمناقضته بين أقواله وأفعاله ، ولو وضع القول في التقية موضعه ، وقيد من
لفظه فيه ما أطلقه لسلم من المناقضة ، وتبين للمسترشدين حقيقة الأمر فيها ، ولم يرتج عليهم بابها ، ويشكل بما ورد فيها معناها ، لكنه على مذهب أصحاب الحديث في العمل على ظواهر الألفاظ ، والعدول عن طريق الاعتبار . وهذا رأي يضر صاحبه في دينه ، ويمنعه المقام عليه عن الاستبصار .
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 139 _
في أن آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا موحدين قال أبو جعفر في آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اعتقادنا فيهم أنهم مسلمون
(1) (2) .
قال الشيخ المفيد : آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم ـ عليه السلام ـ كانوا موحدين على الإيمان بالله ، حسب ما ذكره أبو جعفر ـ رحمه الله ـ وعليه إجماع عصابة الحق .
قال الله تعالى : ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ )
(3) يريد به : تنقله في أصلاب الموحدين .
وقال نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ( ما زلت أتنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات ، حتى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا ) فدل على أن آباءه كلهم كانوا مؤمنين ، إذ لو كان فيهم كافر لما استحق الوصف بالطهارة ، لقول الله تعالى :
( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )
(4) فحكم على الكفار بالنجاسة ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطهارة آبائه كلهم ووصفهم بذلك ، دل على أنهم كانوا مؤمنين .
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 110 .
(2) عنه في البحار 15 : 17 .
(3) الشعراء : 218 ـ 219 .
(4) التوبة : 28 ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 140 _
في تفسير آية : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ) الآية قال أبو جعفر ـ رحمه الله ـ : إن الله تعالى جعل أجر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على أداء الرسالة وإرشاد البرية مودة أهل بيته ـ عليهم السلام ـ واستشهد على هذا بقوله تعالى : ( الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )
(1) (2) (3) .
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : لا يصح القول بأن الله تعالى جعل أجر نبيه مودة أهل بيته ـ عليهم السلام ـ ولا أنه جعل ذلك من أجره ـ عليه السلام ـ لأن أجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التقرب إلى الله تعالى هو الثواب الدائم ، وهو مستحق على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه ، وليس المستحق على الأعمال يتعلق بالعباد ، لأن العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصا ، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره .
هذا مع أن الله تعالى يقول
(4) : ( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 111 .
(2) الشورى : 23 .
(3) أنظر ( مجمع البيان ـ ص 28 ـ 29 ج 5 ط صيدا ) وإلى تفسير آية : ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) في المجمع ـ ص 396 ج 4 ط صيدا ، للشيخ الطبرسي ـ ره ـ . چ .
(4) وقال الله تعالى في سورة الشعراء : ( 109 ، 127 ، 145 ، 164 ، 180 ) : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ، چ ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 141 _
عَلَى اللّهِ )
(1) وفي موضع آخر : ( يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي )
(2) فلو كان الأجر على ما ظنه أبو جعفر في معنى الآية لتناقض القرآن ، وذلك أنه كان تقدير الآية : قل لا أسألكم عليه أجرا ، بل أسألكم عليه أجرا ، ويكون أيضا : إن أجري إلا على الله ، بل أجري على الله وعلى غيره ، وهذا محال لا يصح حمل القرآن عليه .
فإن قال قائل : فما معنى قوله : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) أو ليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى لأجره على الأداء ؟ قيل له : ليس الأمر على ما ظننت ـ لما قدمناه من حجة العقل والقرآن ـ والاستثناء في هذا المكان ليس
هو من الجملة ، لكنه استثناء منقطع ، ومعناه : قل لا أسألكم عليه أجرا ، لكن ألزمكم المودة في القربى وأسألكموها ، فيكون قوله : قل لا أسألكم عليه أجرا ، كلاما تاما قد استوفى معناه ، ويكون قوله : إلا المودة في القربى ، كلاما مبتدأ ، فائدته :
لكن المودة في القربى سألتكموها ، وهذا كقوله : ( فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ )
(3) والمعنى فيه : لكن إبليس ، وليس باستثناء من جملة
(4) ، وكقوله : ( فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ )
(5) (6) معناه : لكن رب العالمين ليس بعدو لي ، قال الشاعر :
---------------------------
(1) هود : 29 .
(2) هود : 51 .
(3) الحجر : 30 ـ 31 .
(4) أنظر ( أوائل المقالات طبع 1371 ـ ص 110 ) ، چ .
(5) الشعراء : 77 .
(6) أنظر ( مجمع البيان ـ ص 193 ج 4 ط صيدا ) ، چ ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 142 _
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
(1) وكان المعنى في قوله : وبلدة ليس بها أنيس ، على تمام الكلام واستيفاء معناه ، وقوله : إلا اليعافير ، كلام مبتدأ معناه : لكن اليعافير والعيس فيها ، وهذا بين لا يخفى الكلام فيه على أحد ممن عرف طرفا من اللسان ، والأمر فيه عند أهل اللغة أشهر من أن يحتاج معه إلى استشهاد .
---------------------------
(1) اليعفور : الغزال ـ العيس : الإبل البيض يخالط بياضها سواد خفيف ، الواحد عيس والواحدة عيساء ، چ ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 143 _
في الحظر والاباحة
قال أبو جعفر في الحظر والاباحة : الأشياء كلها مطلقة ... إلخ
(1) .
قال الشيخ المفيد : الأشياء في أحكام العقول على ضربين :
أحدهما : معلوم حظره بالعقل ، وهو ما قبحه العقل وزجر عنه وبعد منه كالظلم والسفه والعبث .
والضرب الآخر : موقوف في العقل لا يقضي على حظر ولا إباحة إلا بالسمع ، وهو ما جاز أن يكون للخلق بفعله مفسدة تارة ومصلحة أخرى ، وهذا الضرب مختص بالعادات من الشرائع التي يتطرق إليها النسخ والتبديل ، فأما بعد استقرار
الشرائع ، فالحكم أن كل شئ لا نص في حظره فإنه على الإطلاق ، لأن الشرائع ثبتت الحدود وميزت المحظور على حظره ، فوجب أن يكون ما عداه بخلاف حكمه ]
(2) .
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 114 .
(2) ما تقدم بين المعقوفتين ساقط من جميع النسخ سوى المطبوعة ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 144 _
في الطب
قال أبو جعفر : اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطب
(1) .
قال الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ
(2) : الطب صحيح ، والعلم به ثابت ، وطريقه الوحي ، وإنما أخذه العلماء به عن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وذلك أنه لا طريق إلى علم حقيقة الداء إلا بالسمع ، ولا سبيل إلى معرفة الدواء إلا بالتوقيف
(3) ، فثبت أن طريق ذلك هو السمع عن العالم بالخفيات تعالى .
والأخبار الواردة عن الصادقين ـ عليهم السلام ـ مفسرة بقول أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : ( المعدة بيت الأدواء ، والحمية رأس الدواء ) و ( عود كل بدن ما اعتاد )
(4) وقد ينجع في بعض أهل البلاد من الدواء من مرض يعرض لهم ما يهلك من استعمله لذلك المرض من غير أهل تلك البلاد ، ويصلح لقوم ذوي عادة ما لا يصلح لمن خالفهم في العادة .
وكان الصادقون ـ عليهم السلام ـ يأمرون بعض أصحاب الأمراض باستعمال ما يضر بمن كان به
(5) المرض فلا يضرهم ، وذلك لعلمهم ـ عليهم السلام ـ بانقطاع سبب
---------------------------
(1) الاعتقادات ص 115 .
(2) بحار الأنوار 59 : 75 .
(3) (ق) : التوقيف .
(4) (ز) : اعتاده .
(5) (ز) : فيه هذا ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 145 _
المرض ، فإذا استعمل الإنسان ما يستعمله كان مستعملا له مع الصحة من حيث لا يشعر بذلك ، وكان علمهم بذلك من قبل الله تعالى على سبيل المعجز
(1) لهم والبرهان لتخصيصهم به وخرق العادة بمعناه ، فظن قوم أن ذلك الاستعمال إذا حصل مع مادة المرض نفع فغلطوا فيه واستضروا به .
وهذا قسم لم يورده أبو جعفر ، وهو معتمد
(2) في هذا الباب ، والوجوه التي ذكرها من بعد فهي على ما ذكره ، والأحاديث محتملة لما وصفه حسب ما ذكرناه
(3) .
---------------------------
(1) في المطبوعة : المعجزة .
(2) (ز) : المعتمد .
(3) بحار الأنوار 59 : 76 ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 146 _
فصل : في الأحاديث المختلفة (*)
قال أبو جعفر في الحديثين المختلفين ... إلى آخره
(1) .
قال الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ : لم يوضح أبو جعفر ـ رحمه الله ـ عن الطريق التي توصل إلى علم ما يجب العمل عليه مما لا يجب ، بل أجمل القول في ذلك إجمالا مع صدق الحاجة إلى التفصيل والتفرقة بين ما يلزم مما لا يلزم بما يتميز به كل واحد منهما ويعرف بذلك حق الحديث من باطله .
والذي أثبته أبو جعفر ـ رحمه الله ـ من مجمل القول فيه لم يجد نفعا ، وقد تكلمنا على اختلاف الأحاديث وبينا فرق ما بين صحيحها
(2) من سقيمها
(3) ، وحقها من باطلها ، وما عليه العمل منها مما لا يعمل عليه ، وما تتفق معانيه مع اختلاف
ألفاظه ، وما خرج مخرج التقية في الفتيا ، وما الظاهر منه كالباطن في مواضع من كتبنا وأمالينا
(4) ، وبينا ذلك بيانا يرفع
(5) الاشكال فيه لمن تأمل
(6) ، والمنة لله تعالى ، فمن أراد معرفة هذا الباب فليرجع إلى كتابنا المعروف بـ
---------------------------
(*) وقد أشار المصنف إلى هذا الباب عند جوابه عن المسألة الثامنة من المسائل السروية إشارة إجمالية ، وانظر جواب المسألة التاسعة منها أيضا ، چ .
(1) الاعتقادات ص 117 .
(2) (أ) (ح) ( ش ) : صحتها .
(3) (أ) (ح) ( ش ) : سقمها .
(4) (ق) : ورسائلنا .
(5) في المطبوعة : يرتفع .
(6) (ح) : تأمله ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 147 _
( التمهيد ) وإلى كتاب ( مصابيح النور ، وأجوبة مسائل أصحابنا من
(1) الآفاق ، يجد ذلك على ما ذكرناه .
فصل :
وجملة الأمر أنه ليس كل حديث عزي إلى الصادقين ـ عليهم السلام ـ حقا عليهم
(2) ، وقد أضيف إليهم ما ليس بحق عنهم [ ومن لا معرفة له لا يفرق ]
(3) بين الحق والباطل
(4) .
وقد جاء عنهم ـ عليهم السلام ـ ألفاظ مختلفة في معان مخصوصة ، فمنها ما تتلازم معانيه وإن اختلفت ألفاظه ، لدخول الخصوص فيه والعموم والندب والايجاب ، ولكون بعضه على أسباب لا يتعداها
(5) الحكم إلى غيرها ، والتعريض في بعضها بمجاز الكلام لموضع التقية والمداراة ، وكل من ذلك مقترن بدليله
(6) ، غير خال من برهانه ، والمنة لله سبحانه .
وتفصيل هذه الجملة يصح ويظهر عند إثبات الأحاديث المختلفة ، والكلام عليها ما قدمناه ، والحكم في معانيها ما وصفناه ، إلا أن المكذوب منها لا ينتشر بكثرة الأسانيد انتشار الصحيح المصدوق على الأئمة ـ عليهم السلام ـ فيه ، وما
---------------------------
(1) (ز) : في .
(2) في المطبوعة : عنهم .
(3) (ز) وذلك غير خفي على من له معرفة تفرق به ما ، (أ) : وقد اشتبه على من لا معرفة له الفرق ما ، ( ح ) : فيثبته على من لا معرفة له يفرق ما .
(4) (أ) زيادة : منها .
(5) (ق) : يتعدى .
(6) (ح) : بدليل ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 148 _
خرج للتقية لا تكثر روايته عنهم كما تكثر رواية المعمول به ، بل لا بد من الرجحان في أحد الطرفين على الآخر من جهة الرواة حسب ما ذكرناه ، ولم تجمع العصابة على شئ كان الحكم فيه تقية ، ولا شئ دلس
(1) فيه ووضع متخرصا
(2) عليهم وكذب في إضافته إليهم .
فإذا وجدنا أحد الحديثين متفقا على العمل به دون الآخر علمنا أن الذي اتفق على العمل به هو الحق في ظاهره وباطنه ، وأن الآخر غير معمول به ، إما للقول فيه على وجه التقية ، أو لوقوع الكذب فيه .
وإذا
(3) وجدنا حديثا يرويه عشرة من أصحاب الأئمة ـ عليهم السلام ـ يخالفه حديث آخر في لفظه ومعناه ولا يصح الجمع بينهما على حال
(4) رواه اثنان أو ثلاثة ، قضينا بما رواه
(5) العشرة ونحوهم على الحديث الذي رواه
(6) الاثنان أو الثلاثة ، وحملنا ما رواه القليل على وجه التقية أو توهم
(7) ناقله .
وإذا وجدنا حديثا قد تكرر العمل به من خاصة أصحاب الأئمة ـ عليهم السلام ـ في زمان بعد زمان وعصر إمام بعد إمام قضينا به على ما رواه غيرهم من خلافه ما لم تتكرر الرواية به والعمل بمقتضاه حسب ما ذكرناه ، فإذا وجدنا حديثا رواه شيوخ العصابة ولم يرووا
(8) على أنفسهم خلافه
---------------------------
(1) في بعض النسخ : دس .
(2) في بعض النسخ : مخروصا ، وفي بعض آخر تخرصا .
(3) (ز) : فإذا .
(4) (أ) زيادة : وإن .
(5) (ز) : روته .
(7) (ح) : لوهم .
(8) في بعض النسخ : يوردوا ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 149 _
علمنا أنه ثابت ، وإن روى غيرهم ممن ليس في العدد
(1) وفي التخصيص بالأئمة ـ عليهم السلام ـ مثلهم إذ ذاك علامة الحق فيه ، وفرق ما بين الباطل وبين الحق في معناه ، وأنه لا يجوز أن يفتي الإمام ـ عليه السلام ـ على وجه التقية في
حادثة فيسمع ذلك المختصون بعلم الدين من أصحابهم ولا يعلمون مخرجه على أي وجه كان القول فيه ، ولو ذهب عن واحد منهم لم يذهب عن الجماعة ، لا سيما وهم المعروفون بالفتيا
(2) والحلال والحرام ، ونقل الفرائض والسنن والأحكام .
ومتى وجدنا حديثا يخالفه الكتاب ولا يصح وفاقه له على حال أطرحناه ، لقضاء الكتاب بذلك وإجماع [ الأئمة ـ عليهم السلام ـ ]
(3) عليه .
وكذلك إن وجدنا حديثا يخالف أحكام العقول أطرحناه لقضية العقل
(4) بفساده ، ثم الحكم بذلك على أنه صحيح خرج
(5) مخرج التقية أو باطل أضيف إليهم موقوف على لفظه ، وما تجوز الشريعة فيه القول بالتقية وتحظره وتقضي العادات بذلك أو تنكره .
فهذه جملة ما انطوت عليه من التفصيل تدل على الحق في الأخبار المختلفة ، والصريح فيها لا يتم إلا بعد إيراد الأحاديث ، والقول في كل واحد منها ما بينا طريقه .
وأما ما تعلق به أبو جعفر ـ رحمه الله ـ من حديث سليم الذي رجع فيه إلى الكتاب المضاف
(6) إليه برواية أبان بن أبي عياش ، فالمعنى فيه صحيح ، غير أن هذا الكتاب غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه ، ولا يعول على جملته
---------------------------
(1) في المطبوعة : العداد .
(2) (ز) : في .
(3) (ز) : الأمة .
(4) في المطبوعة : العقول .
(5) في بعض النسخ : أخرج .
(6) (ز) : مضافا ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 150 _
والتقليد لرواته
(1) وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه
(2) على الصحيح منها والفاسد ، والله الموفق للصواب .
[ تمت وبالخير ختمت ، قد فرغت من تحرير هذه الرسالة المتعلقة على اعتقادات ابن بابويه ـ رحمه الله ـ لشيخنا الإمام العلامة السعيد المفيد
(3) ـ طاب ثراه ـ في اليوم التاسع من شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمانين بعد الألف ( 1580 )
من الهجرة المصطفوية ـ على مشرفها وآله ألف تحية ـ وكتبها لنفسه ولمن يشاء الله من بعده العبد أحمد بن عبد العالي الميسي العاملي ـ تجاوز الله عن سيئاته ، وحشره مع ساداته الأئمة الأطهار ، صلوات الله عليهم أجمعين ـ آمين رب العالمين ، بمنه وكرمه .
تمت المقابلة على نسخة حجة الاسلام السيد هبة الدين الحسيني ، ببغداد ، العراق ] .
---------------------------
(1) في المطبوعة : لراويه .
(2) ( ح ) ( ش ) : ليفقهوه .
(3) استدراك ـ قال الحافظ الذهبي
*( المتوفى سنة 748 ه ) في كتابه ( دول الاسلام ـ ص 180 ج 1 ط 2 هند 1364 ه ) ما نصه : وفيها ( يعني في سنة 413 ) مات ... وشيخ علماء الرافضة أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي المعلم ويلقب بالشيخ المفيد
وكان ذا جلالة عظيمة في دولة بني بويه وكان عضد الدولة ـ ينزل إليه ، عاش ستا وسبعين سنة وله مصنفات كثيرة وكان خاشعا متعبدا متألها شيعه ثمانون ألفا من الرافضة لا بارك الله فيهم ، چ .
*تلميذ الحافظ أحمد بن تيمية الحراني المتوفى سنة 728 ه عن 67 سنة ، مؤلف كتاب الرد على المنطقيين ، ذلك الكتاب الفلسفي الذي قام بطبعه ونشره للمرة الأولى الأستاذ المفضال عبد الصمد شرف الدين الكتبي سنة 1368 ه ببمباي ـ الهند
، وكان طبعه في مطبعته القيمة في قالب قشيب جميل عن نسخة وحيدة كتب عليها المصنف بخطه مصدرا بمقدمة له وكلمة للدكتور السيد سليمان الندوي مدير مجلة ( معارف ) المحترم .
أنظر ( العرفان الأغر ـ ص 34 ـ 37 ج 1 مج 38 ط صيدا ) ، چ ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 151 _
وإليه المرجع والمآب ، والحمد لله على الهداية ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله
(1) ، ربيع الأول 1358 ه .
وأنا الأقل : السيد أحمد السيد هادي الحائري الشهرستاني ـ عفي عنه .
---------------------------
(1) جاء في آخر النسخ المعتمدة ما يلي :
(أ) : قد فرغت من تحرير هذه الرسالة المتعلقة على اعتقادات ابن بابويه ـ رحمه الله تعالى ـ لشيخنا الإمام العلامة السعيد المفيد ـ طاب ثراه ـ في اليوم التاسع من شهر محرم الحرام ، من شهور سنة ثمانين بعد الألف من الهجرة النبوية
ـ على مشرفها ألف ألف تحية ـ وكتبها لنفسه ولمن يشاء الله تعالى من بعده : أحمد بن عبد العالي الميسي العاملي ـ تجاوز الله عن سيئاته ، وحشره مع ساداته الأئمة الأطهار الأبرار صلوات الله عليهم أجمعين ـ آمين .
[ ثم قال الناسخ عنها ] : وأنا قد فرغت بعون الله وتوفيقه من تحريره في اليوم السادس من شهر محرم الحرام سنة أربع وخمسين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية ، وأنا العبد الأحقر الجاني الحسن بن محمد الخياباني التبريزي .
(ح) : تم شرح الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ على اعتقادات الشيخ أبي جعفر ابن بابويه القمي ـ رحمه الله ـ يوم الأحد التاسع وعشرون من شهر ربيع الثاني سنة تسع وسبعين بعد الألف ، على يدي المذنب المحتاج إلى عفو مولاه مصطفى قلي ـ أعطاه الله العظيم بالنبي والوصي وآلهما الكرام ... إلى الله الرحيم .
(ز) : يقول الفقير إلى الله الغني ، ابن زين العابدين محمد حسين الأرموي النجفي : هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه منها واتفق لي الفراغ في آخر يوم من صفر سنة ألف ثلاثمائة واثنا وخمسين الهجري ـ على هاجرها ألف سلام وتحية ـ وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
(ش) : قد فرغت من تحرير هذه الرسالة المتعلقة على اعتقادات ابن بابويه ـ رحمه الله ـ لشيخنا الإمام العلامة السعيد المفيد ـ طاب ثراه ـ إلا في بعض المواضع التي كانت ساقطة من المنتسخ .
يسر الله حصولها ، بيمين الفقير المذنب المحتاج إلى رحمة الله المعين شاه محمد بن زين العابدين ، في بندر السورت من بنادر الهند ، في غرة جمادى الثانية في السنة الثانية بعد الأربعين وألف ، حامدا مصليا مسلما .
(م) : وقع الفراغ من تسويد هذه النسخة الشريفة ليلة الاثنين تاسع شهر جمادى الأخرى ، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية ـ على هاجرها الصلاة والتحية ـ في شريعة الكوفة ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 153 _
( ختامه مسك ) ولنختم الكتاب بعون الله الملك الوهاب بنشر الإجازة التي دبجها يراع سماحة العلامة الإمام آية الله في الأنام حضرة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ـ متع الله العلم والدين بطول حياته ـ بمقتضى لطفه وعطفه نحو الناشر المخلص ليكون ختامه مسكا .
هذا ومما هو جدير بالتسطير : أن سماحة مفخرة الطائفة قد غادر النجف الأشرف في 12 جمادى الأولى 1371 ق ـ 19 / 12 / 30 ش إلى عاصمة الباكستان ( كراتشي ـ كراچي ) على الطائر الميمون حسب دعوة اخواننا الباكستانيين من أعلام المسلمين وعلمائهم في عاصمتها وإصرارهم على مغادرة سماحته الغري لقاعدتها للحضور إلى مؤتمر إسلامي كانوا قد اعتزموا إذ ذاك على عقده هناك باجتماع رجال الاسلام للمداولة في شؤون المسلمين .
وقد انعقد المؤتمر ـ على ما نشرته الصحف ـ بكراتشي يوم الخميس 17 ج 1 ـ 24 / 12 / 30 برئاسة سماحة مفتي فلسطين الأعظم الحاج السيد أمين الحسيني ، متع الله المسلمين بطول حياة الإمام وأسعف الأعلام بالنتائج المثمرة للاسلام .
وإليك أيها القارئ الكريم : نص إجازة الإمام :
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 154 _
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء ، وفضل مدادهم على دماء الشهداء ، وأجاز لهم من المواهب ما أجاز وصلى الله على محمد وآله مجاز الحقيقة وحقيقة المجاز ، وبعد .
فإن جناب العالم المحدث فخر الخطباء وخطيب العلماء ، فارس المنابر ومصداق كم ترك الأول للآخر ، الحاج ميرزا عباسقلي التبريزي جرندابي أيده الله وأدام فيوضاته في المحافل والنوادي للحاضر والبادي قد استجازني على طريقة السلف الصالح وأساطين الدين من المتقدمين والمتأخرين ، وحيث إني على سابق من فضله ونبله وسعة باعه وغزير اطلاعه ، بما وصلنا من مؤلفاته الجليلة لذلك أجزته أن يروي عني جميع ما صحت لي روايته عن مشايخي الأعلام وأساتيذي العظام ، أذكر منها طريقا واحدا : فقد أجازني أستاذي في الحديث الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي صاحب المستدرك عن شيخنا المرتضى أعلى الله مقامه عن الشيخ علي عن أخيه الشيخ موسى عن أبيه الشيخ الكبير كاشف الغطاء عن الاقا البهبهاني عن أبيه محمد أكمل عن جمال الدين الخونساري عن الشيخ جعفر القاضي
عن المجلسي عن أبيه المجلسي الأول عن الشيخ البهائي عن أبيه حسين بن عبد الصمد عن الشهيد الثاني عن علي بن عبد العالي الميسي عن ابن المؤذن محمد بن داود عن ضياء الدين علي عن أبيه الشهيد الأول عن فخر المحققين عن أبيه العلامة
عن المحقق جعفر بن السعيد عن ابن نما عن ابن إدريس عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي عن الشيخ الياس الحائري عن الشيخ أبي علي عن أبيه شيخ الطائفة عن المفيد عن الصدوق عن الكليني رضوان الله عليهم جميعا بسنده عن الأئمة
المعصومين سلام الله عليهم عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عن الباري جلت عظمته .
ورجائي أن لا ينساني من صالح دعواته كما لا أنساه والله يحفظه ويرعاه بدعاء .
صدر من مدرستنا العلمية بالنجف الأشرف محمد الحسين 7 جمادى الأولى 1371 آل كاشف الغطاء
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 155 _
( كلمة غالية ) للعماد الاصبهاني قال العلامة الخبير والكاتب الكبير عماد الدين أبو عبد الله محمد بن حامد الاصبهاني المتوفى سنة 597 ه بدمشق : ( إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده : لو غير هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر ) ، چرندابي .
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 156 _
( كلمة قيمة حول الذكر الحكيم ) ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه ، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
قال الدكتور شبلي شميل
(1) اللبناني المصري المادي الشهير ( المتوفى سنة 1335 ه ـ 1917 م ) : ( إن في القرآن أحوالا اجتماعية عامة وفيها من المرونة ما يجعلها صالحة للأخذ بها في كل زمان ومكان حتى في أمر النساء فإنه كلفهن بأن
يكن محجوبات عن الريب والفواحش ، وأوجب على الرجال أن يتزوج بواحدة عند عدم إمكان العدل ، وإن القرآن فتح أمام البشر أبواب العمل للدنيا والآخرة وترقية الروح والجسد بعد أن أوصد غيره من الأديان تلك الأبواب فقصر وظيفة البشرية على الزهد والتخلي عن العالم الفاني ) .
وقال الدكتور المادي الأنف الذكر في كلمته الأخرى التي مدح بها القرآن الكريم وجلالة صاحب الرسالة العظيم ( محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مخاطبا بها العلامة الأستاذ السيد محمد رشيد رضا
(2) ( 1282 ـ 1354 ه ) نثرا ونظما ، ما
---------------------------
(1) إقرأ ترجمته الضافية في ( معجم أدباء الأطباء ـ ص 191 ـ 195 ط نجف ) و ( أعلام المقتطف ـ ص 288 ـ 292 ط مصر ) ، چ .
(2) مؤلف تفسير القرآن الكريم الشهير بتفسير المنار فسر به 12 جزء من الذكر الحكيم في 12 مجلدا ، وآخر ما وصل إليه في التفسير من الجزء الثالث عشر الآية الكريمة المرقومة بمائة وواحد من سورة يوسف ـ عليه السلام ـ : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ) الآية .
واقرأ أيها القارئ الكريم ترجمته المسهبة في كتاب ( السيد رشيد رضا ـ أو ـ اخاء أربعين سنة ط دمشق ) لأمير البيان شكيب أرسلان ( 1870 ـ 1946 م ) ، راجع كتاب ( ذكرى الأمير شكيب أرسلان ط مصر ) ، چ ، (*)
تصحيح اعتقاد الإمامية
_ 157 _
لفظه : إلى غزالي عصره السيد محمد رشيد رضا صاحب ( المنار ) أنت تنظر إلى محمد كنبي وتجعله عظيما وأنا أنظر إليه كرجل وأجعله أعظم ، ونحن وإن كنا في الاعتقاد على طرفي نقيض فالجامع بيننا العقل الواسع والاخلاص في القول وذلك أوثق لنا لعرى المودة ( الحق أولى أن يقال )
دع مـن مـحمد في صدى iiقرآنه مـا قـد نـحاه لـلحمة iiالـغايات إنـي وإن أك قـد كـفرت بـدينه هـل أكـفرن بـمحكم الآيـات ii؟ أو مـا حوت في ناصع الألفاظ iiمن حـكـم روادع لـلهوى iiوعـظات وشـرائع لـو أنـهم عـقلوا iiبها مـا قـيدوا الـعمران بالعادات ii؟ نـعـم الـمدبر والـحكيم iiوإنـه رب الـفصاحة مـصطفى الكلمات رجل الحجى رجل السياسة iiوالدهاء بـطل حـليف النصر في iiالغارات بـبلاغة الـقرآن قـد خلب iiالنهى وبـسيفه أنـحى عـلى iiالـهامات مـن دونه الأبطال في كل iiالورى من سابق أو غائب أو آت چرندابي |