قال عيسى : قدّوس قدّوس مَن هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي ولم تره عيني ؟ قال : هو منك وأنت منه وهو صهرك عى أمّك ، قليل الاولاد كثير الازواج يسكن مكّة من موضع أساس وطىء إبراهيم (عليه السلام) ، نسله من مباركة وهي ضرّة أمّك في الجنة ، له شأن من الشأن ، تنام عيناه ولا ينام قلبه ، يأكل الهديّة ولا يقبل (1) الصدقة ، له حوض من شفير زمزم إلى مغرب الشمس حيث تغرب (2) فيه شرابان من الرحيق والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء مَن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً وذلك بتفضيلي إيّاه على سائر المرسلين ، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته ، فطوباه (3) وطوبى أمّته الّذين على ملّته يحيون وعلى سنّته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنّين مباركين ، يكون في زمن قحط وجدب فيدعون فترخي السماء غَزَاليَها (4) ، حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها ، وأبارك فيما يضع يده فيه.
  قال : إلهي سمّه.
  قال : نعم هو أحمد (5) وهو محمد رسولي إلى الخلق كافّة ، أقربهم منّي منزلة وأخصّهم منّي شفاعة ، لا يأمر إلاّ بما أحبّ ولا ينهى إلاّ عمّا

--------------------
(1) ب : ولا يأكل.
(2) حاشية ع . ض : حيث تغرف.
(3) ع . ض : فطوبى.
(4) أرسلت السماء غَزَاليَهَا : إشارة الى شدّة وقع المطر ، على التشبيه بنزوله من أفواه المزدلفات.
المصباح المنير : 408.
(5) هو أحمد ، ليس في ع . ض.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 80 _

  أكره قال له صاحبه : فأنّى تقدم على مَن هذه صفته بنا ؟ .
  قال : نشهد أقواله وننظر آياته ، فان يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة بأموالنا (1) عن أهـل ديننـا من حيث لا يشعـر بنا ، وإن يكن كذّاباً كفيناه بكذبه على الله.
  قال له صاحبه : ولم إذا رأيت الحقّ (2) لا تتبعه ؟
  قال : ما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم مكرّمونا (3) ومولّونا ونصبوا لنا كنائساً (4) وأعلوا فيها ذكرنا ، فكيف تطيب النفس بدين (5) يستوي فيه الشريف والوضيع ؟ !
  فلمّا قدموا المدينة قال مَن يراهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما رأينا وفداً من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء لهم شعور وعليهم ثياب الحبر ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متناء عن المسجد ، فحضرت صلاتهم فقاموا يصلّون في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلقاء المشرق ، فهمّ رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمنعهم ، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : ( دعوهم ) ، فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا : يا أبا القاسم حاجّنا في عيسى.

--------------------
(1) ب : ونكفه بأموالنا.
(2) حاشية ع : العلامة.
(3) ب : كرمونا.
(4) ع . ط : كنائسنا.
(5) حاشية ع : بالدخول في دين.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 81 _

  فقال : ( عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) .
  فقال أحدهم : بل هو ولده وثاني اثنين ، وقال آخر : بل ثالث ثلاثة أب وابن وروح قدس ، وقد سمعنا في قرآن نزل عليك يقول : فعلنا وجعلنا وخلقنا ، ولو كان واحداً لقال : خلقت وجعلت وفعلت.
  فتغشّى النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين (1) منها : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيِهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْم فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ونِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) ، فقصّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصة وتلى عليهم القرآن.
  فقال بعضهم لبعض : قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم وقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( إن الله قد أمرني بمباهلتكم ).
  فقالوا : إذا كان غداً باهلناك ، فقال القوم بعضهم لبعض : حتّى ننظر مَن يباهلنا غداً بكثرة أتباعه من أدناس (3) الناس ، أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة ، فإنّهم وشيج الانبياء وموضع بهلهم.
  فلمّا كان من غد ، غدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيمينه عليّ وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليهم السلام) عليهم الحلل النجرانية وعلى كتف رسول الله(صلى الله عليه وآله) كساءاً

--------------------
(1) أي : الاية الستين من سورة آل عمران.
(2) آل عمران 3 / 61.
(3) ط : أوباش.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 82 _

  قطواني (1) رقيق خشن ليس بكثيف ولا ليّن ، فأمر بشجرتين فكسح ما) بينهما (2) ونشر الكساء عليهم وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء معتمداً على قوسه النبع (3) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون.
  واصفرّ لون السيد والعاقب وزلزلا حتّى كاد أن تطيش عقولهما ، فقال أحدهما لصاحبه : أنباهله ؟ قال : أو ما علمت أنّه ما باهل قوم قطّ نبيّاً فنشأ صغيرهم وبقي (4) كبيرهم ، ولكن أرِه إنّك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإنّ الرجل محارب ، وقل له : أبهؤلاء تباهلنا ، لئلاّ يرى أنّه قد تقدّمت معرفتنا بفضله وفضل (5) أهل بيته.
  فلمّا رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء للمباهلة ، قال أحدهما لصاحبه : وأيّ رهبانية ؟ دارك الرجل فإنّه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال.
  فقالا : يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا ؟
  قال : نعم ، هؤلاء أوجه مَن على وجه الارض بعدي إلى الله وجهة وأقربهم إليه وسيلة.
  قال فبصبصا ـ يعني ارتعدا وكرّا ـ وقالا له : يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كلّ عام على أنّ الدرع والسيف والحجف

--------------------
(1) ط : فوطي ، ع . ض : قوطني ، والمثبت من حاشية ع . حاشية ض.
(2) ع . ض : فأمر بشجرتين بعضهن فكسح ما فيها ، والمثبت من ب.
(3) ع : الينع ، ض : اليسع ، والمثبت من ط.
(4) ع : أو بقي.
(5) ع . ض : في فضل.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 83 _

  عندك إعارة حتّى يأتي شيء من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالّذي رأينا وشاهدنا فيكون الامر على ملا (1) منهم ، فإمّا الاسلام وإمّا الجزية والمقاطعة في كلّ عام.
  فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ( قد قبلت منكما ) (2) ، أما والّذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عليكم الوادي ناراً تأجّج ثمّ يساقها إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين فحرقتهم تأجّجاً ).
  فهبط عليه جبرئيل الروح الامين فقال : يامحمدالله يقرئك السلام ويقول لك : وعزّتي وجلالي لو باهلتَ بمن تحت الكساء أهل السماء وأهل الارض لتساقطت عليهم السماء كسفاً مهافتة ولقطعت الارضون زبراً (3) فلم يستقرّ عليها بعد ذلك.
  فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) يديه حتّى روئي بياض أبطيه ثمّ قال : ( على مَن ظلمكم حقّكم وبخسني الاجر الّذي افترضه الله عليهم (4) فيكم بَهْلَةُ الله تتابع إلى يوم القيامة ) (5).

--------------------
(1) ع . ض : على في ملاء.
(2) حاشية ع : ذلك منكما.
(3) ب : زبراً سايحة.
(4) ع : عليكم.
(5) سعد السعود : 184 ـ 190 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : الاختصاص : 56 و 112 ، الطرائف : 44 ـ 45 ، مجمع البيان 2/452 ، الامالي للطوسي 1/313 ، صحيح مسلم 4 / 1871 ، مسند أحمد 1/185 ، مناقب الخوارزمي : 59 ، الامالي للصدوق : 423 ، تفسير العياشي 1 / 177 ، مناقب المغازلي : 263 ، شواهد التنزيل 1 / 122.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 84 _

  ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) :
  6 ـ حدّثنا محمد بن القاسم المحاربي ، قال : حدّثنا عباد بن يعقوب ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن المسعودي عبد الله (1) بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن حباب (2) بن الحارث الازدي ، عن الربيع بن جميل الصيني ، عن مالك بن ضمرة الرواسي (3) ، عن أبي ذرّ الغفاري : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : ( ترد عليّ أمّتي على خمس رايات ... ) فذكر الحديث إلى أن قال : ( ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وقائد الغرّ المجّلين ، فأقوم فآخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه.
  فأقول : بما خلّفتموني في الثقلين بعدي ؟
  فيقولون : اتبعنا الاكبر وصدقناه ووازرنا الاصغر ونصرناه وقتلنا معه.
  فأقول : ردّوا (4) رواءً مرويّين ، فيشربون شربة لا يظمأون بعدها ، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء ) .
  قال أبو ذرّ لعليّ والمقداد وعمار وحذيفة وابن مسعود ـ وكانوا شيّعوه لمّا سيرَ ـ : ألستم تشهدون عليّ ذلك ؟
  قالوا : بلى.

--------------------
(1) ب : وهو عبد الله.
(2) ر : حنان (جناب خ ل) ، ب : حنان.
(3) ب : الدوسي.
(4) ر : رَوّوا.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 85 _

  قال : وأنا على ذلك من الشاهدين (1) .

--------------------
(1) اليقين : 280 ـ 281.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : تفسير القمي 1 / 109.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 86 _

سورة النساء
  ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) (69) :
  7 ـ قال عليّ (عليه السلام) : ( يا رسول الله هل نقدر أن نزورك في الجنّة كلّما أردنا ؟ ).
  قال : ( يا عليّ إنّ لكلّ نبيّ رفيقاً أول من أسلم من أمّته ) .
  فنزلت هذه الاية : ( أُولَئكَ مَعَ الَّذيِنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً فقال له : ( إنّ الله قد أنزل بيان ما سألت فجعلك رفيقي لانّك أول مَن أسلم وأنت الصدّيق الاكبر ) (1).

--------------------
(1) كشف الغمة 1 / 87.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : كفاية الاثر : 182 ، تفسير العياشي 1 / 256 رقم 190 ، المناقب لابن شهرآشوب 3 / 89 ، تفسير القمي 1 / 142.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 87 _
سورة المائدة
  ( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقيِمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (55) :
  8 ـ قال السيد ابن طاووس : إنّما ذكرتُ هذه الاية الشريفة مع شهرة أنّها نزلت في مولانا علي ، لانني وجدتُ صاحب هذا الكتاب ( محمد بن العباس بن مروان ) قد رواها بزيادات عما كنّا وقفنا عليه ، وهو أنّه رواها من تسعين طريقاً بأسانيد متّصلة كلّها أو جلّها من رجال المخالفين لاهل البيت (عليهم السلام).
  أقول : وممن سمّى صاحب الكتاب (1) من رواة هذا الحديث : مولانّا عليّ (عليه السلام) ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الله بن العباس ، وأبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وجابر بن عبد الله الانصاري ، وأبو ذر ، والخليل بن مرّة ، وعليّ بن الحسين (عليه السلام) ، وأبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) ، وجعفر ابن محمد (2) ، وأبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ، ومجاهد بن جبير

--------------------
(1) الكتاب ، لم يرد في ع . ض.
(2) ب : وعلي بن الحسين والباقر والصادق (عليهم السلام).

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 88 _
  المكي ، ومحمد بن سيرين (1) ، وعطاء بن السائب ، ومحمد بن السائب ، وعبد الرزاق (2).
  9 ـ أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) : حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي ، قال : حدّثنا يحيى بن هاشم المغاني (3) ، حدّثني محمد بن عبيد الله بن عليّ بن أبي رافع ، عن عون بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن جدّه أبي رافع قال : دخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم أو يوحى إليه ، فإذا حيّة في جانب البيت ، فكرهتُ أن أقتلها فأوقظه (4) ، وظننتُ أنّه يوحى إليه ، فاضطجعت بينه وبين الحيّة لئن كان منها سوء يكون فيّ (5) دونه.
  قال : فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يتلو هذه الاية : ( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقيِمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهمْ رَاكِعُونَ ).
  ثم قال : ( الحمد لله الذي أكمل لعليّ نعمه ، وهنيئاً لعليّ بتفضيل الله إيّاه ) قال : ثمّ التفت إليّ فقال : ( ما يضجعك ها هنا ؟ ) ، فأخبرته الخبر.
  فقال لي : ( قم إليها فاقتلها ) ، قال : فقتلتها .

--------------------
(1) ض : سري ، ط : السري.
(2) سعد السعود : 192 ـ 193 الطبعة المحققة.
(3) حاشية ع : الغساني ، ط : المعالي.
(4) ع . ض . ب : فأوقظته ، والمثبت من حاشية ع.
(5) ع : لي ، ط : إليّ.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 89 _
  ثمّ أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي فقال : ( يا أبا رافع ليكوننّ عليّ منك بمنزلتي غير أنّه لا نبيّ بعدي ، إنّه سيقاتله قوم يكون حقّاً في الله جهادهم ، فمن لم يستطع جهادهم بيده فجاهدهم بلسانه ، فإن لم يستطع بلسانه فجاهدهم بقلبه ، ليس وراء ذلك شيء ، وهو على الحقّ وهم على الباطل ) .
  قال : ثم خرج وقال : ( أيها الناس مَن كان يحبّ أن ينظر إلى أميني فهذا أميني ) ، يعني أبا رافع.
  قال محمد بن عبيد الله : فلمّا بويع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وسار طلحة والزبير إلى البصرة (1) وخالفه معاوية وأهل الشام ، قال أبو رافع : هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( إنّه سيقاتل عليّاً قوم يكون حقاً في الله جهادهم ، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ، ليس وراء ذلك شيء ) .
  فباع أبو رافع داره وأرضه بخيبر ، ثمّ خرج مع عليّ (عليه السلام) بقبيلته وعياله وهو شيخ كبير ابن خمس وثمانين سنة ، ثمّ قال : الحمد لله لقد أصبحتُ وما أعلم أحداً بمنزلتي : لقد بايعت البعتين ـ بيعة العقبة وبيعة الرضوان ـ ولقد صلّيت القبلتين وهاجرتُ الهجر الثلاث.
  فقيل له : وما الهجر الثلاث ؟
  قال : هجرة مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي إذ بعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهجرة إلى المدينة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهذه هجرة مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الكوفة.
  ثمّ لم يزل معه حتّى استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أبو رافع مع الحسن (عليه السلام) إلى المدينة ولا دار له ولا أرض ، فقسم له الحسن (عليه السلام) دار عليّ بن أبي طالب نصفين وأعطاه بينبع أرضاً أقطعها إيّاه ، فباعها عبيد الله بن أبي رافع بعد من معاوية بمائتي ألف درهم وستّين ألفاً (2).

--------------------
(1) ع . ض : البصيرة.
(2) سعد السعود : 193 ـ 195 الطبعة المحققة.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 90 _
  10 ـ ماروي في نقش الخاتم الذي تصدّق به عليّ (عليه السلام) وهوراكع : حدّثنا عليّ بن زهير الصيرفي ، قال : حدّثنا أحمد بن منصور ، قال : حدّثنا عبد الرزاق ، قال : كان خاتم عليّ (عليه السلام) الذي تصدّق به وهو راكع حلقة فضة فيها مثقال عليها منقوش الملك لله (1).
  11 ـ حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال : حدّثنا جدّي يحيى ابن الحسن ، قال : حدّثنا أبو بريد (2) أحمد بن يزيد ، قال : حدّثنا عبد الوهّاب بن حازم ، عن مخلّد بن الحسن ، عن المبارك ، عن الحسن (3) ، قال : قال عمر بن الخطاب : أخرجتُ من مالي (4) صدقة يتصدّق بها عنّي وأنا راكع أربعاً وعشرين مرّة على أن ينزل فيّ ما نزل في عليّ ، فما نزل !! (5).

--------------------
(1) سعد السعود : 195 الطبعة المحققة.
(2) ع : أبو يزيد.
(3) ب : عن مخلّد عن المبارك عن الحسن.
(4) ض. ب : مال.
(5) سعد السعود : 196 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : مجمع البيان 3 / 325 ، الامالي للشيخ الصدوق : 107رقم4 ، الكافي 1 / 288 رقم 3 و 1 / 354 رقم 77 ، الاحتجاج 1 / 66 و 210 ، أحكام القرآن 4/102 ، مناقب الخوارزمي : 186 ، شواهد التنزيل 1 / 181 رقم 237 ، فرائد السمطين 1 / 189 رقم 150 ، تفسير العياشي 1 / 327 ، الدرّ المنثور 3 / 105.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 91 _
  ( يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَّ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ) (67) :
  12 ـ قال السيد ابن طاووس : وقد رواه (1) محمد بن العباس بن مروان من أحد وثلاثين طريقاً (2).

--------------------
(1) أي : نزول هذه الاية في استخلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير وقول النبي (صلى الله عليه وآله) : ( مَن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال مَن والاه وعاد مَن عاداه ).
(2) سعد السعود : 145 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : الامالي للصدوق : 399 رقم 13 ، الاحتجاج 1/66 ، الكافي 1/ 229 رقم 6 ، تفسير العياشي 1/331 رقم 152 ، شواهد التنزيل 1/1 92 رقم 249.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 92 _
سورة الاعراف
  ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) (172) :
  13 ـ حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى ، قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الرازي ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي زكريا الموصلي المعروف بكوكب الدم ، عن جابر الجعفي ، قال : حدّثني وصيّ الوصيّين ووارث علم النبيّين وابن سيّد المرسلين أبو جعفر محمد بن علي باقر علم النبيين ، عن أبيه ، عن جدّه(عليهم السلام) قال : إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ (عليه السلام) : ( أنت الذي احتجّ الله بك في ابتداء الخلق حيث أقامهم فقال : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) فـ ( قَالُوا بَلَى ) ، فقال : ومحمد رسول الله؟ فقالوا جميعاً : بلى ، فقال : وعلي أمير المؤمنين ؟ فقال الخلق جميعاً : لا ، استكباراً وعتوّاً عن ولايتك ، إلاّ نفر قليل ، وهم أقلّ القليل ، وهم أصحاب اليمين ) (1).
  14 ـ حدّثنا علي بن العباس البجلي ، قال : حدّثنا محمد بن مروان الغزّال ، قال : حدّثنا زيد بن المعدّل ، عن أبان بن عثمان ، عن خالد بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( لو أنّ جهّال هذه الامة يعلمون متى سُمّي عليّ أمير المؤمنين لم ينكروا

--------------------
(1) اليقين : 282.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 93 _
  ولايته وطاعته ) .
  قلت : متى سُمّي أمير المؤمنين ؟
  قال : ( حيث أخذ الله ميثاق ذرّية آدم (عليه السلام) ، كذا نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ ) وأنّ محمداً رسولي وأنّ عليّاً أمير المؤمنين (1) ؟ ( قَالُوا بَلَى ) ) ثمّ قال أبو جعفر (عليه السلام) : ( والله لقد سمّاه الله باسم ما سمّى به أحداً قبله ) (2).
  15 ـ حدّثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، قال : حدّثنا عبد الله بن حماد الانصاري ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( لو علم الناس متى سمّي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته ) .
  قلت : ومتى سمّي أمير المؤمنين ؟
  قال : ( يوم أخذ الله ميثاق بني آدم من ظهورهم ذرّياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم ؟ قالوا : بلى ، وأنّ محمّداً رسولي وأنّ عليّاً أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى ) .
  ثمّ قال أبو جعفر (عليه السلام) : ( ولقد سمّاه الله باسم ما سمّى به أحداً قبله ) (3).

--------------------
(1) هذا محمول على التأويل عند الشيعة ، أي : أن جبرئيل (عليه السلام) نزل بهذه الاية على محمّد (صلى الله عليه وآله) مع بيان التأويل والتفسير ، وإن لم يتحمل الحديث التأويل فالشيعة لا تعمل به وبأمثاله وترجع علمه إلى أهله.
(2) اليقين : 284.
(3) اليقين : 283.
ومن قوله : قالوا بلى ... إلى هنا ، من ب . ك ، ولم يرد في ر . ل.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : الكافي 1 / 340 رقم 4 و 2/6 رقم 1 ، تفسير القمي 1/246 و 247 ، بصائر الدرجات : 91 رقم 6 ، خصائص الائمة : 87 ، تفسير العياشي 2 / 41 ، الفردوس 3/354 رقم 5066.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 95 _
سورة التوبة
  ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْ ثُمْ مِنَ الْمُشْرِكِين ) (1) :
  16 ـ قال السيد ابن طاووس : ورويت حديث براءة وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بها عن محمد بن العباس ابن مروان بأسانيد في كتابه من مائة وعشرين طريقاً (1).
  ( وَقُلِ اعْمَلُوافَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (105) :
  17 ـ روى باسناده إلى يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجل : ( وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) ؟

--------------------
(1) سعد السعود : 146 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : معاني الاخبار : 298 ، تفسير القمي 1 / 281 و 282 ، تفسير العياشي 2/73 و 74 و 75 ، مسند أحمد 2 / 75 رقم 9 ، شواهد الننزيل 1 / 237 رقم 319.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 96 _
  قال (عليه السلام) : ( هم الائمة (عليهم السلام) ) (1).
  18 ـ روى بإسناده إلى بريد (2) بن معاوية العجلي ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى : ( وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) ؟ قال (عليه السلام) : ( إيّانا عَنا ) (3).
  19 ـ أخبرنا عبد الله بن أبي العلاء المذاري (4) ، قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن شمّون ، قال : حدّثنا عثمان بن رشيد البصري (5) ، عن الحسن بن عبد الله الارجاني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري أنّ عمّاربن ياسر (6) قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : وددتُ أنّك عمّرتَ فينا عمر نوح (عليه السلام).
  فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( يا عمّار حياتي خير لكم ووفاتي ليس بشرّ لكم ، أمّا

--------------------
(1) محاسبة النفس : 356 ط مجلة تراثنا.
(2) ح : يزيد ، والمثبت من ب.
(3) محاسبة النفس : 356 ط مجلة تراثنا.
(4) ع . ض : عبد الله بن العلاء المذاري ، والمثبت من حاشية ع.
وراجع ترجمته في : رجال العلامة الحلي : 111 رقم 43.
(5) ض : النضري.
(6) ح : أن عماراً.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 97 _
  في حياتي فتحدثون وأستغفر الله لكم (1) ، وأمّا بعد وفاتي فاتّقوا الله وأحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي ، وإنكم (2) تعرضون عليّ بأسمائكم وأسماء آبائكم وأنسابكم وقبائلكم ، فإن يكن خيراً حمدتُ الله وإن يكن سوى ذلك استغفرت (3) الله لذنوبكم ) (4).
  فقال المنافقون والشكّاك والّذين في قلوبهم مرض : يزعم أنّ الاعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم (5) ، إن هذا لهو الافك.
  فأنزل (6) الله عزّ وجلّ : ( وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) .
  فقيل له : ومَن المؤمنون ؟
  قال : ( عامَّة وخاصّة ، أمّا الّذين قال الله جلّ وعزّ : ( وَالْمُؤْمِنُونَ ) فهم آل محمد الائمة منهم ، ثمّ قال : ( وَسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) من طاعة ومعصية ) (7).

--------------------
(1) ح : واستغفر لكم.
(2) ع . ح : فانكم.
(3) ح : وإن يكن سوءاً أستغفر.
(4) ع . ض : لكم بربكم ، والمثبت من ط. ح.
(5) ح : ورجالهم وقبائلهم.
(6) ع . ض : فأمر ، والمثبت من ط . ح.
(7) سعد السعود : 196 ـ 198 الطبعة المحققة ، محاسبة النفس : 356 ـ 357 ط مجلة تراثنا ، وفيه : روى بإسناده من طريق الجمهور ليكون أبلغ في الحجة للاتفاق عليه الى أبي سعيد الخدري ....

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 98 _
  20 ـ قال السيد ابن طاووس : وروى محمد بن العباس بن مروان أخبار جماعة في ذلك (1).
  روى ( محمد بن العباس بن مروان ) من اثني عشر طريقاً : أنّ الاعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته ، وفي عدّة روايات منها : أنّ المؤمنين المذكورين في الاية الّذين تعرض الاعمال عليهم هم الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم (2).

--------------------
(1) محاسبة النفس : 358 ط مجلة تراثنا.
(2) سعد السعود : 196 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : بصائر الدرجات : 444 و 447 و 448 ، الكافي 1 / 170 و 171 ، مجمع البيان 5 / 69 ، معاني الاخبار : 392 ، تفسير القمي 1 / 304 ، الامالي للطوسي 2 / 23 ، تفسير العياشي 2 / 108 و 109 و 110.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 99 _
سورة هود
  ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ... ) (17) :
  21 ـ قال السيد ابن طاووس : وقد روي أنّ المقصود بقوله جل جلاله : ( شَاهِدٌ مِنْهُ ) هو (1) علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، محمد بن العباس بن مروان في كتابه من ستة وستين طريقاً بأسانيدها (2).

--------------------
(1) حاشية ع : أنه.
(2) سعد السعود : 149 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : مجمع البيان 5 / 150 ، تفسير القمي 1 / 324 ، الكافي 1/147 رقم 3 ، بصائر الدرجات : 152 رقم 2 ، الامالي للطوسي 1 / 381 و 2/174 ، الامالي للمفيد : 145 ، شواهد التنزيل 1 / 276 ، منتخب كنز العمال 1 / 449 ، كتاب سليم : 163 ، تفسير العياشي 2 / 142 ، تفسير الطبري 12 / 11 ، فرائد السمطين 1/340 ، الدرّ المنثور 4 / 409.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 100 _
سورة الرعد
  ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) (7) :
  22 ـ قال السيد ابن طاووس : إنّما ذكرنا هذه الاية مع ظهور أنّ المراد بالهادي مولانا علي صلوات الله عليه ... لانّ صاحب هذا الكتاب (1) روى أنّ الهادي عليّ (عليه السلام) ، روى ذلك من خمسين طريقاً (2).
  23 ـ حدّثنا إسحاق بن محمد بن مروان ، حدّثنا أبي ، حدّثنا إسحاق بن بريد ، عن سهل بن سليمان ، عن محمد بن سعد (3) ، عن الاصبغ بن نباتة قال : خطب عليّ (عليه السلام) الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ( يا أيها الناس ، سلوني قبل أن تفقدوني ، أنا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين وخاتم الوصيين ووارث الورّاث ، أنا قسيم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض ، وليس منّا أحد إلاّ وهو عالم بجميع

--------------------
(1) أي : محمد بن العباس بن مروان.
(2) سعد السعود : 199 الطبعة المحققة.
(3) ب : سعيد.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 101 _
  أهل ولايته ، وذلك قوله جلّ وعزّ : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) (1).
  24 ـ حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا حسن بن عبد الواحد ، حدّثنا حسن بن حسين ، عن محمد بن بكر ويحيى بن مساور ، عن أبي الجارود الهمداني ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي بردة (2) الاسلمي ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُـلِّ قَـوْم هَاد ) ، قال : فوضع يده على منكب عليّ فقال : ( هذا الهادي من بعدي ) (3).
  ( طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب ) (29) :
  25 ـ حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي وجعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد بن الحسين البزاز ، قال (4) : حدّثنا عيسى بن مهران ، قال : أخبرنا محمد بن بكّار الهمداني ، عن يوسف السراج ، قال : حدّثني أبو هبيرة العماري من ولد عمّار بن ياسر ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قال : ( ولمّا نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

--------------------
(1) اليقين : 489.
(2) ع . ض : عن أبي آلاء ، والمثبت من حاشية ع.
(3) سعد السعود : 199 ـ 200 الطبعة المحققة.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : الطرائف : 79 ، تفسير القمي 1 / 359 ، الكافي 1 / 147 و 148 ، مجمع البيان 6 / 278 ، شواهد التنزيل 1 / 300 ، كفاية الاثر : 162 ، بصائر الدرجات 49 و 50 و 51 ، الامالي للصدوق : 227 ، كمال الدين : 667 ، الامالي للطوسي 2 / 282 ، تفسير العياشي 2 / 203 و 204 ، روضة الواعظين : 104 و 116.
(4) ط : قالوا.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 102 _
  ( طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب ) قام (1) المقداد بن الاسود الكندي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله وما ( طُوبَى ) ؟
  قال : ( شجرة في الجنة لو سار (2) الراكب الجواد لسار في ظلها (3) مائة عام قبل أن يقطعها ، ورقها برود خضر ، وزهرها رياض صفر ، وأفناؤها سندس واستبرق ، وثمرها حلل خضر ، وصمغها (4) زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر ، وزمردها أخضر (5) ، وترابها مسك وعنبر ، وحشيشها زعفران ينيع ، والارجوان (6) يتأجّج من غير وقود ويتفجّر من أصلها السلسبيل والرحيق والمعين ، وظلّها مجلس من مجالس شيعة عليّ بن أبي طالب يجمعهم (7) .
  فبينما هم يوماً في ظلّها يتحدّثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجباً قد جبلت من الياقوت ، لم ينفح فيها الروح (8) ، مزمومة بسلاسل (9) من ذهب ،

--------------------
(1) ب : أتى.
(2) حاشية ع : لو يسير.
(3) حاشية ع : طلبها.
(4) ب : وطعمها.
(5) ط : وزمرد أخضر.
(6) كذا في ط ، وفي ع . ض : والانجوح ، وفي ب : والنوم ، وفي مورد آخر من ب : وألنجوح ، وفي تفسير فرات : والخوخ.
(7) حاشية ع : يألفونه.
(8) ب : ثمّ نفخ الروح فيها.
(9) ع . ص : بسلاهل.

تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم _ 103 _
  كأنّ وجوهها المصابيح نضارة وحسناً وبرها خزّ أحمر ومرعزاً (1) أبيضاً مختلطان لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسناً وبهاءاً من غير مهانة تجب من غير رياضة ، عليها رحال ألوآنها (2) من الدرّ والياقوت مفضّضة باللؤلؤ والمرجان صفائحها من الذهب الاحمر ملبّسة بالعبقريّ والارجوان.
  فأناخوا تلك النجاتي (3) إليهم ، ثمّ قالوا لهم : ربّكم يقرئكم السلام فتزورونه فينظر إليكم ويجيبكم (4) ويزيدكم من فضله وسعته فإنّه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم.
  قال : فيتحوّل (5) كلّ رجل منهم على راحلته ، فينطلقون صفّاً واحداً معتدلاً لا يفوت منهم شيء شيئاً ولا يفوت أذن ناقة ناقتها ولا بركة ناقة بركتها ، ولا يمرّون بشجرة من شجرة (6) الجنة إلاّ أتحفتهم بثمارها ورحلت لهم عن طريقهم كراهية أن تنثلم طريقهم وأن تفرّق بين الرجل ورفيقه.
  فلمّا رفعوا إلى الجبّار تبارك وتعالى قالوا : ربّنا أنت السلام ومنك السلام

--------------------
(1) حاشية ع : ومرطها خرّ أحمر ومرعزاً ، ب : وبرها حشو أحمر ومرعز ، وفي تفسير فرات : وبرها خزّ أحمر ومرعزيّ أبيض.
(2) ب : ألواحها.
(3) ب : النجائب.
(4) ع : ويحييكم ، ب : ويحبكم وتحبونه.
(5) ب : فيحمل.
(6) حاشية ع : أشجار.