لقد آن لهذا الفارس أن يترجل بعد أن حاز قصب السبق في ميدان الإيمان ، لقد كان أروع مثل للعبقرية التي تنجبها أمة فكان ( سابق فارس ) نحو الإيمان ورائدها نحو الأسلام ، قضى عمره المديد مجداً في طلب الحق حتى كان له ما أراد ، وقد شاء الله له أن يعود من حيث أتى ، إلى وطنه وأهله وعشيرته دالاًّ لهم ومرشداً ، وأمير عدل يحكم بينهم بالحق .
ومضت سنين أحسبها تنوف على ربع قرن ، كان سلمان خلالها ينفض عن نفسه غبار هذه الدنيا الزائفة مزمعاً الرحيل نحو العالم الخالد ... عالم الآخرة . لينعم هناك برضوان الله ورحمته في جنته الخالدة مع الأنبياء والشهداء والصديقين .
قال الأصبغ بن نباته : كنت مع سلمان الفارسي رحمة الله عليه وهو أمير المدائن ، فأتيته يوماً وقد مرض مرضه الذي مات فيه ... فلم أزل أعوده في مرضه حتى اشتد به الأمر ، فالتفت إلي وقال : يا أصبغ ، عهدي برسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : يا سلمان ، سيكلمك ميت إذا دنت وفاتك .
وبينما هو في مرضه إذ دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده ، فبكى سلمان ، ( فقال له سعد : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ توفي رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو عنك راضٍ ، وترد عليه الحوض .
فقال سلمان : أما اني لا أبكي جزعاً من الموت ، ولا حرصاً على الدنيا ، ولكن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهد إلينا فقال : ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب ، وحولي هذه الأساود .
وإنما حوله إجانة ، وجفنة ، ومطهرة
(1) واشتد به المرض ، فمر على المقابر ـ وكأنه أراد أن يستعلم أمره ـ فقال : السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين ، يا أهل الدار هل علمتم أن اليوم جمعة .
وحين عاد إلى مقره استلقى على فراشه ، فغفى ونام ( فأتاه آتٍ فقال : وعليكم السلام يا أبا عبد الله ، تكلمت فسمعنا ، وسلمت فرددنا ، وقلت : هل تعلمون أن اليوم جمعة ، وقد علمنا ما تقول الطير في يوم الجمعة : قدوس ... قدوس ... ربنا الرحمن الملك ... )
(2) وأفاق سلمان من غفوته ، ثم التفت إلى من حوله قائلاً لهم : أسندوني ، فلما أسندوه رمق السماء بطرفه وقال :
( يا من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ، وهو يجير ولا يجار عليه بك آمنتُ ، ولنبيك إتبعت ، وبكتابك صدقتُ ، وقد أتاني ما وعدتني ، يا من لا يُخلف الميعاد إقبضني إلى رحمتك ، وانزلني دار كرامتك ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )
(3) والتفت إلى من حوله قائلاً :
---------------------------
(1) نفس المصدر / 381 خبر معروف .
(2) سلمان الفارسي / 138 ـ 139 .
(3) البحار 22 / 379 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 157 _
( قال لي رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إذا حضرك أو أخذك الموت ، حضر أقوام يجدون الريح ولا يأكلون الطعام ـ يعني الملائكة ـ ) ثم أخرج صرةً من مسك ، فقال : هبة أعطانيها رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ... ثم بلّها ونضحها حوله ، ثم قال لإمرأته : قومي أجيفي الباب )
(1)
( قالت زوجته : ففعلت ، وجلست هنيئة ، فسمعت هسهسةً ، فصعدت ، فإذا هو قد مات وكأنما هو نائم ) .
(2)
( تجهيـزه ودفـنه )
قالوا : وإن الذي قام بتجهيزه هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) !وكيفية ذلك هو ما رواه الأصبغ بن نباتة ، قال ، ( فبينما نحن كذلك ـ منشغلين بموت سلمان ـ إذ أتى رجل على بغلة شهباء متلثماً ، فسلم علينا ، فرردنا السلام عليه ) .
فقال : يا أصبغ جدوا في أمر سلمان ، وأردنا أن نأخذ في أمره ، فأخذ معه حنوطاً وكفناً فقال : هلموا ، فان عندي ما ينوب عنه ، فأتيناه بماءٍ ومِغسل ، فلم يزل يغسِّلُه بيده حتى فرغ ، وكفَّنهُ وصلينا عليه ودفنَّاه ولحدَّه علي ( عليه السلام ) بيده ، فلما فرغ من دفنه وهمَّ بالإنصراف تعلقت بثوبه ، وقلت له : يا أمير المؤمنين ، كيف كان مجيئك ؟ ومن أعلمك بموت سلمان ؟
قال : فالتفت عليه السلام إلي وقال : آخذُ عليك ـ يا أصبغ ـ عهد الله وميثاقه أنك لا تحدث به أحداً ما دمتُ حياً في دار الدنيا .
فقلت : يا أمير المؤمنين ، أموت قبلك ؟ فقال : لا يا أصبغ ، بل يطول عمرك !
---------------------------
(1) نفس المصدر / 283 ومعجم رجال الحديث 8 / 195 .
(2) سلمان الفارسي / 139 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 158 _
قلت يا أمير المؤمنين ، خذ علي عهداً وميثاقاً ، فإني لك سامع مطيع ، اني لا أحدث به حتى يقضي الله من أمرك ما يقضي ، وهو على كل شيء قدير .
فقال لي : يا أصبغ ، بهذا عهدني رسول الله ، فاني قد صليت هذه الساعة بالكوفة ، وقد خرجت أريد منزلي ، فلما وصلت إلى منزلي إضطجعت ، فأتاني آتٍ في منامي وقال : يا علي ، إن سلمان قد قضى نحبه ! فركبت وأخذت معي ما يصلح للموتى ، فجعلت أسير ، فقّرب الله لي البعيد ، فجئت كما تراني ، وبهذا أخبرني رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
قال الأصبغ : ثم إنه دفنه وواراه ، فلم أرَ صعد إلى السماء ، أم في الأرض نزل ، فأتى الكوفة والمنادي ينادي لصلاة المغرب .
(1)
رواية ثانية عن ( مناقب ابن شهر اشوب ) روى حبيب بن حسن العتكي ، عن جابر الأنصاري قال : صلى بنا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) صلاة الصبح ، ثم أقبل علينا فقال : معاشر الناس ، أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان ، فقالوا في ذلك ـ أي صاروا بين مصدق ومكذب ـ فلبس عمامة رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودراعته ، وأخذ قضيبه وسيفه ، وركب على العضباء
(2) وقال لقنبر
(3) : عدَّ عشراً ! قال : ففعلت ، فإذا نحن على باب سلمان .
قال زاذان : فلما أدركت سلمان الوفاة قلت له : من المغسل لك ؟ قال : من غسل رسول الله ، ( يعني علياً ) ، فقلت : انك بالمدائن وهو بالمدينة !
---------------------------
)1) البحار 22 / 380 .
(2) ناقة النبي .
(3) خادم الإمام .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 159 _
فقال : يا زاذان ، إذا شددت لحيي ، تسمع الوجبة ! فلما شددت لحييه سمعت الوجبة ، وأدركت الباب ، فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : يا زاذان ، قضى أبو عبد الله سلمان ؟ قلت : نعم يا سيدي ، فدخل وكشف الرداء عن وجهه ... الخ الرواية
(1) ، وهناك رواية أخرى بنفس المضمون ، لكنها تشير إلى أن ذلك حدث في خلافة عمر بن الخطاب .
ومن الواضح أن هذه الروايات يناقض بعضها بعضاً ، فالأولى تقول : أنه ـ يعني علياً ـ كان في الكوفة ، والثانية تقول : أنه جاء من المدينة ، والثالثة : أن ذلك تم في خلافة عمر ، إلى غير ذلك .
ولكن لنا أن نقول : بأن هذا الأمر شائع بين الناس ، بل بين الخاصة إلى عصرنا الحاضر ، فالمعروف أن الذي جهز سلمان ( رضي الله عنه ) هو أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ولعل عدم اثبات المؤرخين لمثل هذا في كتبهم يرجع إلى تكذيب القصة من أساسها ، حيث أن أذهانهم لا تتحمل فكرة إنتقال الأجسام من مكان إلى مكان بسرعة غير طبيعية تفوق سرعة ( الحصان والجمل ) .
أما نحن ، فعلينا أن ننظر لهذا الأمر من زاوية فكرية متحررة ، فنقول :
إن حدوث مثل هذا الأمر ممكن عقلاً ، بل هو واقع أيضاً في عصرنا الحاضر بفضل التقنية والتقدم العلمي الذي يهيئ الوسيلة لذلك .
إذن ، يبقى السؤال : كيف وما هي الوسيلة في ذلك العصر ؟ إن قدرة الله سبحانه لا يقف دونها شيء ، فهو مسبب الأسباب ، والقادر على تهيئتها متى يشاء ، وقد ورد في كتابه الكريم مثل لما نحن في صدده ، في عرضه لقصة ( عرش بلقيس ) حيث قال تعالى : ( قال يا أيها الملأُ أيُّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريتٌ من )
---------------------------
(1) البحار 22 / 373 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 160 _
الجنّ أنا آتيكَ به قبلَ أن تقوم من مَقَامِك وإني عليه لقويُّ أمين ، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيكَ به قبل أن يرتدَّ إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ) .
(1)
وهكذا في طرفة عين كان عرش بلقيس ينقل من اليمن إلى القدس على يد صاحب سليمان ( آصف بن برخيا )
(2) الذي عنده علم من الكتاب ! فما ظنك بصاحب محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي قال فيه : أنا مدينة العلم وعلي بابها .
---------------------------
(1) النمل / 38 ـ 39 .
(2) راجع مجمع البيان 7 / 223 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 161 _
كم عاش سلمان ... ؟
مسألة ـ طول العمر ـ حيرت كثيراً من الباحثين ، وهي مسألة تترتب عليها أهمية كبرى في غير ما نحن فيه ، من حيث أنها تصل بنا إلى الحديث عن ( المهدي ) أو المخلص الذي ينتظره العالم والذي ولد منذ أكثر من ألف سنة ولا زال حياً ، تسوقنا إلى الحديث عنه مرغمين ، لذلك فإن رفض الفكرة من أساسها يعني الرفض لفكرة بقاء المهدي ، وأمثالها ، مع أن ذلك أمر تسالمت عليه الأديان وأقرته .
إذن : مسألة طول العمر مسألة ذات أهمية قصوى لما يترتب عليها من آثار جليلة ، فلا يمكن الوقوف أزاءها موقف الحيرة والتردد ، بل لا بد من البت فيها كي نريح ونستريح .
والآن : ماذا يقول المؤرخون عن عمر سلمان ؟ قال العباس بن يزيد ، قال أهل العلم : عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة ، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه .
قال أبو نعيم : كان سلمان من المعمرين ، يقال أنه أدرك عيسى بن مريم وقرأ الكتابين .
(1)
وقال ابن الأثير : وكان عمره مائتين وخمسين سنة ، هذا أقل ما قيل فيه .
---------------------------
(1) أسد الغابة 2 / 332 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 162 _
وقيل ثلاثمائة وخمسون سنة ، وكان قد أدرك بعض أصحاب المسيح عليه السلام
(1) .
وقال ابن عبد البر : يقال أنه أدرك عيسى بن مريم ، وقيل بل أدرك وصي عيسى ، ثم عقب قائلاً :
قال الذهبي : وجدت الأقوال في سنه كلها دالة على أنه تجاوز المائتين وخمسين ، والاختلاف إنما هو في الزائد ... الخ
(2).
والذي أعتقده أن هذه النصوص كافية في إقتناعنا بالنسبة لعمر سلمان الذي تجاوز المائتين وخمسين سنة ، ولكن يبقى سؤال : هل هناك مانع من أن يعيش الإنسان فترات طويلة ربما تجاوزت الألف سنة أو أكثر ؟ والجواب هو بالنفي القاطع ، فلا مانع من ذلك البتة ، بل كل الشواهد الدينية والعلمية تقر ذلك وتؤيده ، وكذلك الحسية .
الشواهد الدينية ، تؤكد أن الخضر عليه السلام لا زال حياً منذ عهد موسى عليه السلام ، وأن نوح عليه السلام لبث في قومه 950 سنة بنص الآية الكريمة : ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ) وقصة أصحاب الكهف : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) فيها دليل كافٍ ، إلى ما هنالك .
الشواهد العلمية : وهي تتلخص بنظرية أن الإنسان ( قابل للبقاء إلى حد بعيد ) وأن السؤال المحير هو : ( لماذا الموت ؟ ) لا ( لماذا الحياة ) فإن الأنسجة الرئيسية في جسم الكائن الحي قابلة للإستمرار إلى ما لا نهاية له ما لم يعرض لها ما يقطع حياتها .
فقد أصبح من المقرر لدى علماء الحياة أن لا مانع للإنسان من حياةٍ طويلة إذا تيسرت له جميع الظروف المناسبة ، بل لقد قرروا أن الأجزاء الأولية
---------------------------
(1) الكامل 3 / 287 .
(2) الإصابة 2 / 62 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 163 _
للأنسجة يمكن أن تبقى حيةً نامية ما دام يتوفر لها الغذاء اللازم والمناخ الملائم وما دامت في منأىً عن العوارض الخارجية المعيقة للنمو والحياة
(1).
إذن فلنفتش عن سر الموت ، لماذا يموت الإنسان ؟ هناك ما يقرب من مائتي إجابة عن هذا السؤال الخطير الذي كثيراً ما يطرح في المجالس العلمية ، والذي دافعه حلم الإنسان بالخلود ، وقد يطرح بعضهم أجوبةً لهذا السؤال : منها : ( فقدان الجسم لفاعليته ) ، ( وانتهاء عملية الأجزاء التركيبية ) ، ( تجمد الأنسجة العصبية ) ، ( حلول المواد الزلالية القليلة الحركة ، محل الكثير منها ) ، ( ضعف الأنسجة الرابطة ) ، ( انتشار سموم ) ( بكتريا ) الأمعاء في الجسم ) وما إلى ذلك .
وربما كان القول ( بفقدان الجسم لفاعليته ) قولاً جذاباً ، فان الآلات الحديدية والأقمشة والأخشاب كلها تفقد فاعليتها بعد أجل محدود كذلك أجسامنا أيضاً تبلى وتفقد فاعليتها كالجلود التي نلبسها في موسم الشتاء .
لكن العلم الحديث لا يؤيدنا في ذلك ، لأن المشاهدة العلمية للجسم الإنساني تؤكد أنه ليس كالجلود الحيوانية والآلات الحديدية ، وليس كالجبال . . وإن أقرب شيء يمكن تشبيهه به ، هو ذلك ( النهر ) الذي لا يزال يجري منذ آلاف السنين على ظهر الأرض ، فمن الذي يستطيع القول بأن النهر الجاري يبلى ويهن ويعجز .
بناءً على هذا الأساس ، يعتقد الدكتور ( لنس بالنج * ) أن الإنسان أبدي إلى حد كبير ، نظرياً ، فان خلايا جسمه آلات تقوم بإصلاح ما فيه من الأمراض ومعالجتها تلقائياً ! وبرغم ذلك فإن الإنسان يعجز ويموت ؛ ولا تزال علل هذه الظاهرة أسراراً تحير العلماء .
---------------------------
(1) يوم الخلاص / 113 .
* ـ حائز على جائزة نوبل للعلوم .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 164 _
إن جسمنا هذا في تجدد دائم ، وإن المواد الزلالية التي توجد في خلايا دمائنا تتلف كذلك ثم تتجدد ، ومثلها جميع خلايا الجسم تموت وتحل مكانها خلايا جديدة ، اللهم إلا الخلايا العصبية ، وتفيد البحوث العلمية : أن دم الإنسان يتجدد تجدداً كلياً خلال ما يقرب من أربع سنين ، كما تتغير جميع ذرات الجسم الإنساني في بضع سنين ، ونخرج من هذا بأن الجسم الإنساني ليس كهيكل ، وإنما هو كالنهر الجاري أي أنه ذو عمل مستمر .
(1)
شواهد حسية :
بعد هذا فليس بعجيب أن يطول عمر بعض الناس إذا توفرت الظروف الصالحة ـ كما نرى بالبديهة في عصرنا الحاضر ـ فقد عمَّر كثيرون من سكان منطقة خوزستان إلى ما فوق المئتي سنة ، ووصل أفراد منهم إلى ربع الألف وزادوا
(2) كما أجرت بعض وسائل الإعلام مقابلات معهم منذ أربع سنوات .
الإستقراء :
وهو شاهد رابع يضاف إلى تلك الشواهد ، فقد دون المؤرخون الشيء الكثير عن أخبار المعمرين وأحوالهم ، وأفرد بعضهم كتباً خاصةً لذلك ـ ونذكر من هؤلاء المعمرين ما يلي .
1 ـ لقمان بن عاد ، قال في مجمع البحرين ، أنه عاش ألف سنة ، وقيل أنه عاش عمر سبعة أنسر ، فكان يأخذ النسر وهو فرخ ويجعله في الجبل ، فإذا مات أخذ غيره ، حتى كان آخرها ( لُبَد ) وكانت أطولها عمراً ، فقيل : طال الأمد على لبد ، ولما رأى هلاكه قال : اهلكتني يا لبد ، وفيه يقول الأعشى :
لـنفسك أن تـختار سـبعة iiأنسر إذا مـا مضى نسر خلوت إلى iiنسر فـعمر حـتى خـال أن iiنـسوره خلود وهل تبقى النفوس على الدهر وقـال لأدنـاهن إذ حـل iiريـشه هـلكت وأهلكت ابن عادٍ ولا iiتدري |
---------------------------
(1) راجع الإسلام يتحدى / 80 .
(2) يوم الخلاص / 113 .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 165 _
2 ـ ربيع بن ضبع بن وهب ، قيل : انه عاش ثلاثمائة وأربعين سنة وأدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يسلم ، وهو الذي يقول ، وقد جاوز المئتين :
ألا أبـلغ بـنّي بَني iiربيع وأشـرار البنين لهم iiفداء بأني قد كبرت ودق iiعظمي فـلا يشغلكم عني النساء إذا كـان الشتاء iiفأدفئوني فان الشيخ يهدمه iiالشتاء وأمـا حـين يذهب كل iiقر فـسربال خـفيف أو iiرداء إذا عاش الفتى مئتين عاماً فـقد ذهب اللذادة iiوالفتاء |
3 ـ أكثم بن صيفي الأسدي التميمي ، ( قيل أنه عاش ثلاثمئة وثلاثين سنة . )
(1) وكانت العرب لا تفضل عليه أحداً ، وهو القائل :
وإن إمرىءٍ قد عاش تسعين حجةً إلـى مئةٍ لم يسئم العيش ، iiجاهل خـلت مـائتان غير ست iiواربع وذلـك مـن عـد الـليالي قلائل |
وقد أدرك الإسلام وكتب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتاباً يقول فيه : باسمك اللهم ، من العبد إلى العبد فانا بلغنا ما بلغك ، وأتانا عنك خبر ، ما أصله ؟ فإن كنت رأيت فأرنا ، وإن كنت علمت ، فعلمنا ، وأشركنا في كنزك ، والسلام .
فكتب إليه رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى أكثم بن صيفي ، أحمد الله إليك ، إن الله أمرني أن أقول لا إله إلا الله ، أقولها وآمر الناس بها ، الخلق خلق الله والأمر كله لله ، خلقهم وأماتهم ، وهو ينشرهم وإليه المصير ، أدبتكم بآداب المرسلين ، ولتسئلن عن النبأ العظيم ، ولتعلمن نبأه بعد حين .
فلما وصل كتاب رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) جمع بني تميم ووعظهم وحثهم على المسير إليه ، وعرفهم وجوب ذلك عليهم ، فلم يجيبوه ، فسار هو
---------------------------
(1) الإصابة 1 / 112 راجع للتفصيل .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 166 _
وبنوه ، وبنو بنيه ، فمات قبل أن يصل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعاش بعده حفيده صيفي بن رياح مئتين وسبعين سنة ، ولم ينكر من عقله شيء .
6 ـ عمرو بن جمحة الدوسي . قيل : انه عاش أربعمئة سنة ، وهو الذي يقول :
كـبرت فطال العمر حتى كأنني سـيم أفـاعٍ ليله غير iiمهجع فما الموت أفناني ولكن iiتتابعت علي سنون من مصيف ومربع ثـلاث مئين قد مررن iiكواملاً وهـا أنا بعد أرتجي مر iiأربع |
7 ـ عبيد بن شريد الجرهمي ،
(1) قيل : إنه عاش ثلاثمئة وخمسين سنة ، وقيل أقل من ذلك ، وقد أدرك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وحسن إسلامه وبقي بعده إلى أيام معاوية ، وقدم عليه فقال له معاوية : أخبرني يا عبيد عما رأيت وسمعت ؟ ومن أدركت ؟ وكيف الدهر ؟ فقال : أما الدهر فرأيت ليلاً يشبه ليلا ، ونهاراً يشبه نهارا ، ومولوداً يولد ، وحياً يموت ، ولم أدرك أهل زمان إلا وهم يذمون زمانهم ، وأدركت من قد عاش ألف سنة وحدثني عمن عاش قبله ألفي سنة ... الخ .
9 ـ العوام بن المنذر ، عاش دهراً طويلاً ، وأدرك خلافة عمر بن عبد العزيز ، فأدخل عليه وقد اختلفت ترقوتاه ، فقيل له : ما أدركت ؟ فقال :
فـوالله مـا أدري أأدركـت iiأمـةً على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما مـتى تكشفوا عني القميص iiتبينوا جـناحي لـم يكسين لحماً ولا iiدما |
10 ـ معد يكرب الحميري ، عاش مائتين وخمسين سنة .
---------------------------
(1) في الإصابة 3 / ص 101 رقم 6395 عبيد بن شرية ... أحد المعمرين ... قال عاش مائتين وأربعين سنة ، وقيل ثلاثمائة سنة الخ ... راجع .
سَـلمـان سـابق فـارس
_ 167 _
(11) جعفر بن فرط الجهني
(1) عاش ثلاثمائة سنة ، وأدرك النبي ) صلى الله عليه وآله وسلم ) وأسلم .
(12) عوف بن كنانة الكلبي ، عاش ثلاثمائة سنة .
(13) هبل بن عبد الله بن كنانة ، عاش ستمائة وسبعين سنة .
(14) قس بن ساعدة الأيادي ، قيل أنه عاش ستمائة سنة ، وقيل أقل من ذلك .
(2)
(15) ذو القرنين ـ 3000 سنة .
(16) الضحاك ( بيورسب ) 1200 سنة .
(17) أفريدون بن اثـفيان الذي ملك 500 سنة عاش 1000 سنة .
(18) ملك فارس الذي أحدث عيد النيروز 2500 سنة وقيل استتر عن قومه 600 سنة ، الخ
(3)
بعد هذا يمكننا بكل طمأنينة أن نقول :
(19) سلمان الفارسي عاش 250 سنة وقيل أكثر من ذلك . وقيل أنه أدرك بعض أوصياء المسيح عليه السلام وهو غير بعيد .
---------------------------
(1) في الإصابة 1 / 261 رقم الصحابي 1290 جعفر بن قرط العامري ذكره أبو حاتم السجستاني في المعمرين وقال 300 سنة .
(2) حقائق الإيمان .
(3) يوم الخلاص ص 118 وقد ذكر أرقاماً لا داعي لذكرهما هنا .