وكان من دعائه عليه السلام في اللجوء
(1) الى اللّه تعالى
اءللهم ان تشاء تعف عنا فبفضلك ، وان تشاء تعذبنا فبعدلك ، فسهل لنا عفوك بمنك وأجرنا من عذابك بتجاوزك ، فانه لاطاقة لنا بعدلك ، ولا نجاة لاحد منا دون عفوك.
يا غني الاغنياء ، ها نحن عبادك بين يديك ، وأنا أفقر الفقراء
اليك ، فاجبر فاقتنا
(2) بوسعك ، ولا تقطع رجائنا بمنعك ، فتكون قد أشقيت من استسعد بك ، وحرمت من
(3) استرفد فضلك ، فالى من حينئذ منقلبنا عنك ؟ ، والى أين مذهبنا عن بابك ؟ سبحانك
(4) نحن المضطرون الذين أوجبت اجابتهم
(5) ، وأهل السوء الذين وعدت الكشف عنهم ، أشبه الاشياء بمشيتك ، وأولى الامور بك في عظمتك .. رحمة من استرحمك ، وغوث من استغاث بك ، فارحم تضرعنا اليك ، وأغننا اذ طرحنا أنفسنا بين يديك .
اءللهم ان الشيطان قد شمت بنا اذ شايعناه
(6) على
معصيتك ، فصل على محمد وآله ، ولا تشمته بنا بعد تركنا اياه لك ورغبتنا عنه اليك.
**************************************************************
(1) اللجوء : الالتجاء من .. اللجوء اليه : اي .. لاذ اليه واعتصم به.
(2) فاقتنا : فقرنا .
(3) استرفد : استعطى.
(4) سبحانك : انزهك عما لا يليق بك تنزيها .
(5) نحن المضطرون الذين اوجبت اجابتهم : حيث قلت في القرآن الحكيم : امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء.
(6) شايعناه : تابعناه .
وكان من دعائه عليه السلام بخواتم الخير
(1) يا من ذكره شرف للذاكرين ، ويا من شكره فوز للشاكرين ، ويا من طاعته نجاة للمطيعين .. صل على محمد وآله ، واشغل قلوبنا بذكرك عن كل ذكر ، وألسنتنا بشكرك عن كل شكر ، وجوارحنا بطاعتك عن كل طاعة ، فان قدرت لنا فراغا منشغل فاجعله فراغ سلامة ، لا تدركنا فيه تبعة
(2) ، ولا تلحقنا فيه سئمة
(3) ، حتى ينصرف عنا كتاب السيئات بصحيفة خالية من ذكر سيئاتنا ، ويتولى كتاب
الحسنات عنا مسرورين بما كتبوا من حسناتنا.
واذا انقضت أيام حياتنا ، وتصرمت مدد أعمارنا ، واستحضرتنا دعوتك التي لا بد منها ومن اجابتها .. فصل على محمد وآله ، واجعل ختام
ماتحصي علينا كتبة أعمالنا .. توبة مقبولة لا توقفنا
(4) بعدها على ذنب اجترحناه
(5) ولا معصية اقترفناها
(6) ، ولا تكشف عنا سترا سترته على
رؤوس الاشهاد .. يوم تبلو أخبار عبادك
(7) ، انك رحيم بمن دعاك ، مستجيب لمن ناداك.
**************************************************************
(1) بخواتم الخير : بان تكون العاقبة وخاتمة الحياة في الدنيا .. على خير .
(2) تبعة : شر وضرر.
(3) سئمة : ملل وضجر.
(4) لا توقفنا : لا تؤنبنا .
(5) اجترحناه : اكتسبناه.
(6) اقترفناها : عملناها.
(7) يوم تبلو اخبار عبادك : المراد به .. يوم القيامة.
وكان من دعائه عليه السلام في الاعتراف وطلب التوبة الى
اللّه تعالى اءللهم انه يحجبني
(1) عن مسائلتك خلال
(2) ثلاث ، وتحدوني
(3) عليها خلة واحدة ، يحجبني أمراء مرت به . . فأبطأت عنه ، ونهي نهيتني عنه .. فأسرعت اليه ، ونعمة أنعمت بها علي .. فقصرت في شكرها ، ويحدوني على مسائلتك .. تفضلك على من أقبل بوجهه اليك ، ووفد بحسن ظنه اليك ، اذ جميع احسانك تفضل ، واذ كل نعمك ابتداء.
فها أنا ذا .. يا الهي .. واقف بباب عزك وقوف المستسلم الذليل ، وسائلك على الحياء مني سؤال البائس
(4) المعيل
(5)، مقر لك بأني لم أستسلم وقت احسانك الا بالاقلاع عن عصيانك ،
(6) ولم أخل في الحالات كلها من امتنانك
(7) ، فهل ينفعني يا الهي اقراري عندك بسوء ما اكتسبت ؟! وهل ينجيني منك اعترافي لك بقبيح ما ارتكبت ؟! أم أوجبت لي في مقامي هذا سخطك ؟ أم لزمني في وقت دعائي مقتك ؟.
سبحانك لا أيأس منك وقد فتحت لي باب التوبة اليك ، بل أقول مقال العبد الذليل الظالم لنفسه ، المستخف بحرمة ربه ، الذي عظمت ذنوبه فجلت ، وأدبرت أيامه فولت .
حتى اذا ر اى مدة العمل قد انقضت ، وغاية العمر قد انتهت ،
وأيقن أنه لا محيص
(8) له منك ، ولا مهرب له عنك .. تلقاك بالانابة
(9) ، وأخلص لك التوبة ، فقام اليك بقلب طاهر نقي ، ثم دعاك بصوت حائل
(10) خفي ، قد تطأطأ لك فانحنى ، ونكس رأسه فانثنى ، قد أرعشت خشيته رجليه ، وغرقت دموعه خديه .. يدعوك : بيا أرحم الراحمين ، ويا أرحم من انتابه
(11) المسترحمون ، ويا أعطف من أطاف به المستغفرون ، ويا منعفوه أكثر من نقمته ، ويا من رضاه أوفر من سخطه ، ويا من تحمد الى خلقه بحسن التجاوز ، ويا من عود عباده قبول الانابة ، ويا من استصلح فاسدهم بالتوبة ، ويا من رضي من فعلهم باليسير ، ويا من كافى قليلهم بالكثير ، ويا من ضمن لهم اجابة الدعاء ، ويا من وعدهم على نفسه بتفضله .. حسن الجزاء.
ما أنا بأعصى من عصاك فغفرت له ، وما أنا بألوم من اعتذر اليك
(12) فقبلت منه ، وما أنا بأظلم من تاب اليك فعدت عليه.
أتوب اليك في مقامي هذا .. توبة نادم على ما فرط منه ، مشفق
(13) مما اجتمع عليه ، خالص الحياء
(14) مما وقع فيه ، عالم بأن العفو عن الذنب العظيم لا يتعاظمك ، وأن التجاوز عن الاثم الجليل لا يستصعبك ، وأن احتمال الجنايات الفاحشة
(15) لا يتكأدك
(16) ، وأن أحب عبادك
اليك من ترك الاستكبار عليك ، وجانب الاصرار ، ولزم الاستغفار ، وأنا أبرء اليك من أن أستكبر ، وأعوذ بك من أن اصر ، وأستغفرك لما قصرت فيه ، وأستعين بك على ماعجزت عنه.
اءللهم صل على محمد وآله ، وهب لي ما يجب علي لك ، وعافني مما أستوجبه منك
(17) ، وأجرني مما يخافه أهل الاساءة ، فانك مليء بالعفو ، مرجو للمغفرة ، معروف بالتجاوز ، ليس لحاجتي مطلب سواك ، ولا لذنبي غافر غيرك ، حاشاك ، ولا أخاف على نفسي الا اياك ، انك أهل
التقوى وأهل المغفرة ، صل على محمد وآل محمد ، واقض حاجتي ، وأنجح طلبتي ، واغفر ذنبي ، وآمن خوف نفسي ، انك على كل شيء قدير ، وذلك عليك يسير ، آمين رب العالمين.
**************************************************************
(1) يحجبني : يمنعني .
(2) خلال : خصال .. حالات .
(3) تحدوني : تبعثني وتسوقني .
(4) البائس : الفقير الشديد الحاجة.
(5) المعيل : الكثير العيال.
(6) اخل : افرغ.
(7) امتنانك : انعامك واحسانك .
(8) لا محيص : لا ملجا .
(9) تلقاك بالانابة : جاء اليك تائبا .
(10) حائل : متغير .. ضعيف .
(11) انتابه : اتاه مرة بعد اخرى.
(12) بالوم من اعتذر اليك : باكثر المعتذرين ملومية ..
استحقاق عذل .. لاتيان ما ليس جائزا.
(13) مشفق : خائف .
(14) خالص الحياء : كون الحياء من اللّه تعالى .. لا من مطلع
غيره .
(15) احتمال الجنايات الفاحشة : احتمال معاصي العباد
الشديدة القبح.
(16) لا يتكادك : لا يصعب عليك.
(17) وعافني مما استوجبه منك : اعفني من العقاب الذي
استحقه منك بسبب اخطائي.
الصحيفة السجادية
ـ 39 ـ
13 ـ في طلب الحوائج الى اللّه تعالى
وكان من دعائه عليه السلام في طلب الحوائج الى اللّه تعالى
اءللهم يا منتهى مطلب الحاجات ، ويا من عنده نيل الطلبات ، ويا من لا يبيع نعمه بالاثمان ، ويا من لا يكدر عطاياه بالامتنان ، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه ، ويا من يرغب اليه ولا يرغب عنه ، ويا من لا تفني خزآئنه المسائل ، ويا منلا تبدل حكمته الوسائل
(1) ، ويا من لا تنقطع عنه حوآئج المحتاجين ، ويا من لا يعنيه
(2) دعاء الداعين .. تمدحت بالغنآء عن خلقك وأنت أهل الغنى عنهم ، ونسبتهم الى الفقر وهم أهل الفقر اليك ، فمن حاول سدخلته
(3) من عندك ورام
(4) ، صرف الفقر عن نفسه بك .. فقد طلب حاجته في مظانها ، وأتى طلبته من وجهها ، ومن توجه بحاجته الى أحد من خلقك أو جعله سبب نجحها دونك .. فقد تعرض للحرمان ، واستحق من عندك فوت الاحسان.
اءللهم ولي اليك حاجة قد قصر عنها جهدي ، وتقطعت دونها
حيلي ، وسولت
(5) لي نفسي رفعها الى من يرفع حوائجه اليك ، ولا يستغني في طلباته عنك ، وهي زلة من زلل الخاطئين ، وعثرة من عثرات المذنبين ، ثم انتبهت بتذكيرك لي من غفلتي ، ونهضت بتوفيقك من زلتي ، ورجعت ونكصت
(6) بتسديدك عن عثرتي ، وقلت : سبحان ربي ، كيف يسأل محتاج محتاجا ؟ وأنى يرغب معدم الى معدم ؟.
فقصدتك ، يا الهي .. بالرغبة ، وأوفدت عليك رجئي .. بالثقة بك ، وعلمت أن كثير ما أسألك يسير في وجدك ، وأن خطير ما
إستوهبك
(7) حقير في وسعك ، وأن كرمك لا يضيق عن سؤال أحد ، وأن يدك بالعطايا أعلى من كل يد .
اءللهم فصل على محمد وآله ، واحملني بكرمك على التفضل ،
ولا تحملني بعدلك على الاستحقاق ، فما أنا بأول راغب رغب اليك فأعطيته وهو يستحق المنع ، ولا بأول سائل سألك فأفضلت عليه وهو يستوجب الحرمان.
اءللهم صل على محمد وآله ، وكن لدعائي مجيبا ، ومن ندآئي
قريبا ، ولتضرعي راحما ، ولصوتي سامعا ، ولا تقطع رجائيعنك ، ولا تبت سببي منك ، ولا توجهني في حاجتي هذه وغيرها الى سواك ، وتولني بنجح طلبتي وقضاء حاجتي ونيل سؤلي قبل زوالي عن موقفي هذا .. بتيسيرك لي العسير وحسن تقديرك لي في جميع الامور .. وصل على محمد وآله .. صلاة دائمة نامية ، لا انقطاع لابدها ولا منتهى لامدها ، واجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي ، انك واسع كريم ، ومن حاجتي يا رب ( كذا وكذا ، وتذكر حاجتك ثم
تسجد وتقول في سجودك ) : فضلك آنسني ، واحسانك دلني ، فأسألك بك وبمحمد وآله صلواتك عليهم ، أن لا تردني خآئبا.
**************************************************************
(1) يا من لا تبدل حكمته الوسائل : يا من حكمته نافذة ، لا
تغيرها الاعمال التي يتوسل بها اليه.
(2) لا يعنيه : لا يشق عليه.
(3) سد خلته : اصلاح فقره وحاجته.
(4) رام : طلب .
(5) سولت : زينت.
(6) نكصت : احجمت.
(7) خطير ما استوهبك : الشيء العظيم الذي اطلبه منك .
وكان من دعائه عليه السلام اذا اعتدي عليه او راى من
الظالمين ما لا يحب يا من لا يخفى عليه أنباء المتظلمين ، ويا من لا يحتاج في قصصهم الى شهادات الشاهدين ، ويا من قربت نصرته من المظلومين ، ويا من بعد عونه عن الظالمين .. قد علمت ، يا الهي ، ما نالني من ( فلان بن فلان ) مما حظرت
(1) ، وانتهكه
(2) مني مما حجزت
(3) عليه ، بطرا
(4) في نعمتك عنده ، واغترارا بنكيرك عليه ، اءللهم فصل على محمد وآله ، وخذ ظالمي وعدوي عن ظلمي بقوتك ، وافلل حده عني بقدرتك ، واجعل له شغلا فيما يليه
(5) ، وعجزا عما يناويه
(6).
اءللهم وصل على محمد وآله ، ولا تسوغ له ظلمي
(7) ، وأحسن عليه عوني ، واعصمني من مثل أفعاله ، ولا تجعلني في مثل حاله .
اءللهم صل على محمد وآله ، وأعدني عليه عدوى حاضرة
(8) ، تكون من غيظي به شفاء ، ومن حنقي عليه وفاء.
اءللهم صل على محمد وآله ، وعوضني من ظلمه لي عفوك ،
وأبدلني بسوء صنيعه بي رحمتك ، فكل مكروه جلل . . دون سخطك ، وكل مرزئة
(9) سواء .. مع موجدتك .
اءللهم فكما كرهت الي أن اظلم .. فقني من أن أظلم ، اءللهم
لا أشكو الى أحد سواك ، ولا أستعين بحاكم غيرك ، حاشاك ، فصل على محمد وآله ، وصل دعئي بالاجابة ، واقرن شكايتي بالتغيير
(10).
اءللهم لا تفتني
(11) بالقنوط من انصافك
(12) ، ولا تفتنه بالامن من انكارك ، فيصر على ظلمي ، ويحاضرني بحقي ، وعرفه عما قليل ما أوعدت الظالمين ، وعرفني ما وعدت من اجابة المضطرين.
اءللهم صل على محمد وآله ، ووفقني لقبول ما قضيت لي وعلي ، ورضني بما أخذت لي ومني ، واهدني للتي هي أقوم ، واستعملني بما هو أسلم.
اءللهم وان كانت الخيرة لي عندك في تأخير الاخذ لي وترك
الانتقام ممن ظلمني الى يوم الفصل ومجمع الخصم .. فصل على محمد وآله ، وأيدني منك بنية صادقة وصبر دائم ، وأعذني
(13) من سوء الرغبة وهلع
(14) أهل الحرص
(15) ، وصور في قلبي مثال ما ادخرت لي من ثوابك ، وأعددت لخصمي من جزائك وعقابك ، واجعل ذلك سببا لقناعتي بما قضيت ، وثقتي بما تخيرت ، آمين رب العالمين ، انك ذو الفضل العظيم ، وأنت على كل
شيء قدير .
**************************************************************
(1) حظرت : منعت .
(2) انتهكه : اذهب حرمته .. وتناوله بما لا يحل .
(3) حجزت : منعت .
(4) بطرا : طغيانا بالنعمة .
(5) واجعل له شغلا فيما يليه : واجعل له شغلا فيما يقرب منه ، ليشتغل به عن ايذائي.
(6) يناويه : يحاوله ويطلبه .
(7) لا تسوغ له ظلمي : لا تسهل ظلمي عليه .. اجعل ظلمي غير ميسر له .
(8) واعدني عليه عدوى حاضرة : اعني عليه اعانة حاضرة .. حاصلة الان.
(9) مرزئة : مصيبة .
(10) واقرن شكايتي بالتغيير : واجعل شكايتي متصلة بازالة الشكوى .. بلا تاخير .
(11) لا تفتني : لا تمتحني .
(12) بالقنوط من انصافك : بالياس من انصافك لي من عدوي وظالمي .. عند تاخير الاجابة .
(13) اعذني : اعصمني .
(14) هلع : جزع وقلة صبر .
(15) الحرص : الاجتهاد في الطلب والرغبة المذمومة وشدة التمسك والبخل بالمرغوب .