تأليف
السيّد أبو الحسن هاشم


  « قُم عُشُّ آلِ محمّد ، ومأوى شيعتهم »
  الإمام الكاظم ( عليه السلام )
  تاريخ قم ص98
  عنه بحار الأنوار ج60 ص214 ، ح31

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 5 _

بسم الله الرحمن الرحيم
  الحمد لله رب العالمين ، وصلٌ اللهم على خير خلقك أجمعين ، محمد سيّد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وعلى أهل بيته الأئمة الهادين ، العلماء الصادقين ، الأبرار المتقين ، دعائم دينك ، وأركان توحيدك ، وتراجمة وحيك ، وحججك على خلقك ، وخلفائك في ارضك ، الذين اخترتهم لنفسك ، واصطفيتهم وارتضيتهم لدينك ، وخصصتهم بمعرفتك ، وجللتهم بكرامتك ، وغشيتهم برحمتك ، وربيتهم بنعمتك ، وغذيتهم بحكمتك ، والبستهم نورك ، ورفعتهم في ملكوتك ، وحففتهم بملائكتك ، وشرّفتهم بنبيك صلواتك عليه واکله .
   والعن اللهم أعداءهم اجمعين إلى قيام يوم الدين .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 6 _

  هذا الكتاب .....
   أيها القارىء الكريم :
   هذه صفحاتٌ متلألئةٌ بذكر حياة سيدةٍ جليلةٍ عابدة زاهدة ... من فرع الشجرة المباركة ، ومن أطهر اُسرةٍ على وجه الأرض .
   هي إبنة إمام ... وأختُ إمام ... وعمّة إمام ... ألا وهي سيدتنا ومولاتنا فاطمة المعصومة ... بنت الإمام موسى بن جعفر ... أختُ الإمام الرضا ... عمة الإمام الجواد ، عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأزكى السّلام .

  سيدتي ومولاتي :
   هل تأذنين لي ـ أن أكتبَ عنكِ هذه الصفحات ... ؟
   إني لاَتجاوَزُ قَدْري إذا زَعَمتُ أو تَوهَّمتُ أنني قادرٌ على إيفاء حَقِّكِ وحقِّ أبائِك وأبنائهم ( عليهم السّلام ) .
   وأنْ أبلغَ القصدَ كلَّهُ ـ فأكتبُ عن بياض ذلك الطُّهْر بسواد هذه اليَد ـ مَطمَحٌ أستحي أنْ أزعُمَه .
   ولكن إيماناً بقداسة الواجب ، واعترافاً بالجميل ، وتعبيراً عن الحب والولاء ، أقدّم هذه الصفحات ، راجياً منكم الصفحَ والقبول .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 9 _

المقدمة
   كثيرون هم الذين يأتون إلى هذا العالم ويذهبون الى هذا العالم ويذهبون كما جاءوا ..... لم يخلفوا سوى خمول ذكر ، وخمود اسم ... وكثيرون هم الذين خلٌفوا لعائن الأجيال والأمم ، وان بحثت عنهم فلاتجدهم إلا في مزابل التاريخ .
   وسادةُ هذه القلّة القليلة وأشرافهم هم محمد المصطفى ، وأهل بيته سادات الورى ـ ولا يُقاس بآل محمد أحد ـ ، وما أنجب هذا البيت الطاهر من شخصيات فريدة مثل السيدة زينب ، والسيدة سُكينة ، وأبي الفضل العباس ، وعلي الاكبر ، ومسلم بن عقيل ، وغيرهم ، صلوات الله عليهم اجمعين .
   ومن الذين انجبهم هذا البيت المبارك السيدة الجليلة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم ( عليهما السّلام ) .
   وأهل بيت الوحي وأولادهم الطاهرون هم اعظم شأناً من ان تحويهم قوالب الألفاظ أو مرابع الأفكار ، بل إن الالفاظ والأفكار لتنحسر مبهوتةً من أنوارهم ، خجلى من عمظمتهم .
   ولكن ما لا يُدرك

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 10 _

  كله لا يُترك كله .
   ومن شديد الأسف أنّ التاريخ ظلم هذه السيدة الطاهرة كما ظلم آباءها وأبناءهم ـ سلام الله عليهم ـ فلم يكتب عنهم إلا القليل القليل .
   ولذا كنت استنطق التاريخ ، وأبحث وأنقب في الكتب ... علٌني أجد كلمة او قصة تزيدنا معرفة بهذه السيدة المباركة .
   ومما تجمٌعَ عندي من معلومات ـ على قلتها ـ كان هذا الكتاب .
   ومن شديد الأسف أنّ التاريخ ظلم هذه السيدة الطاهرة كما ظلم آباءها وأبناءهم ـ سلام الله عليهم ـ فلم يكتب عنهم إلا القليل القليل .
   ولذا كنت استنطق التاريخ ، وأبحث وأنقب في الكتب ... علٌني أجد كلمة أو قصة تزيدنا معرفةً بهذه ا لسيدة المباركة . ومما تجمٌع عندي من معلومات ـ على قلٌتها ـ كان هذا الكتاب .
   ولا يفوتني أن أشكر كل من آزرني بمشورة ، أو ساعدني في فكرة أو إبداء ملاحظة ، فشكراً جزيلاً لهم ، ولكل من ساهَمَ في إخراج هذا الكتاب الى عالم النور .
   لماذا عش آل محمد » ؟
   قبل أن نشرع في هذه الرحلة الممتعة والقصيرة ...
   فهي ممتعة لأنها عن حياة إحدى بنات الوحي والامامة ... وهي قصيرة لان التاريخ بخل علينا فظلمها فلم يذكر عنها إلا النزر اليسير ، كما هو ديدنه مع سائر أهل ذلك البيت الطاهر .
   قبل ذلك كلّه نطرح هذا السؤال :
   لماذا سميت « قم » ب « عش آل محمد » ؟
   الجواب : العش في اللغة هو المكان الذي تصنعه الطيور ، فتضع فيه بيضها ليفقس عن افراخ صغار ، تظل ترعاهم وتزفهم الطعام حتى يكبروا ، وعندها تستطيع الافراخ الطيران والتحليق في الجو .
   كذلك « قم » بالنسبة ل « آل محمد » فهي المكان الذي كان ولا يزال يحتضن شيعة أهل البيت ويزقهم العلم الصحيح فيتربون فيها على

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 11 _

  تعاليم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ويترعرعون عليها حتى يتخرجوا من هذه المدرسة المقدسة ، عندها ينتشرون في أنحاء الأرض وأرجائها ، فيبثون ما تعلموه من علوم آل محمد ، وينشرونها .
   ولذلك تخرٌج من مدينة « م » الكثير الكثير من العلماء والمحدّثين ونحوهم .
   فكانت « قم » ـ حقيقةً ـ عشا ومأوى لهذه البذور الطيبة .
   فلعل هذا هو وجه تسميتها ب « عش آل محمد » .
   وكانت السيدة الطاهرة فاطمة المعصومة ( عليها السلام ) سيدة هذا العش وراعيته والقائمة عليه والمأوى والملاذ فيه ، ولذلك كان عنوان هذا الكتاب الذي بين أيديكم :
   « سيدة عش آل محمد » .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 13 _

1 ـ ولادتها ونشأتها
   1 ـ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ينتخب ام اولاده .
   ب ـ السيدة تُكتم
   ج ـ متى ولدت السيدة المعصومة ؟
   د ـ إخوتها

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 15 _

(1) الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ينتخب أم أولاده
كانت السيدة المعصومة اختاً للإمام الرضا لامه ، فأمهما واحدة (1) .
  فمن كانت امهما ؟ وكيف اختارها الإمام الكاظم لتكون أمّاً لاولاده ؟ هذا ما ستقراه في الحديث التالي : ـ قال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لهشام بن احمد (2) : هل علمت احدا من اهل المغرب قدم ؟ قال : لا .
  فقال (عليه السّلام) : بلى قد قدم رجل أحمر (3) ، فانطلق بنا . قال هشام : فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق (4) .

---------------------------
(1) دلائل الامامة : ص 309 .
(2) هشام بن أحمد : من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ولعلّه هشام بن أحمر وصُحف كما في أصول الكافي : ج1 ص 486 ح1 ، حيث ذكر نفس هذا الحديث .
(3) أي رجل أحمر البشرة ، وهو عادة لون بشرة بعض أهل المغرب وما والاها من أوربا .
(4) أي عبيد أو جواري أو كليهما .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 16 _

   فقال ( عليه السلام ) : أعرض علينا (1) .
   فعرض علينا تسع جوار ، كل ذلك وأبو الحسن يقول له : لا حاجة لي فيها .
   ثم قال له : اعرض علينا .
   قال : ما عندي شيء .
   فقال ( عليه السلام ) : بلى ، اعرض علينا .
   قال : لا والله ! ما عندي إلا جارية مريضة .
   فقال له : ما عليك أن تعرضها ؟
   فأبى عليه صاحب الرقيق ، ثم انصرف ( عليه السلام ) .
   قال هشام : ثم إنه ( عليه السلام ) أرسلني من الغد إليه ...
   وقال لي : قل له كم غايتك فيها ؟ فإذا قال : كذا وكذا . فقُل : قد أخذتها . ( قال هشام : ) .
   فاتيتُه .....
   قلتُ : كم غايتُك فيها ؟
   فقال : ما أريد أن اُنقصها من كذا (2) .
   فقلت : قد أخذتها .
   فقال : هي لك ، ولكن مَن الرجل الذي كان معك بالأمس ؟
   فقلت : قد أخذتها .
   فقال : هي لك ، ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس ؟
   فقلت : رجل من بني هاشم .
   فقلت : من نقبائهم (3) .

---------------------------
(1) أي أعرض علينا ما عندك من الرقيق .
(2) أي لا اريد أن تنقص قيمة الجارية عن المبلغ الكذائي .
(3) فلما سمع النخاس ذلك طمع في مزيد من المال .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 17 _

   فقال : أريد اكثر .
   فقلت : ما عندي اكثر من هذا .
   فقال : أخبرك عن هذه الوصيفة (1) ؟ إنّي اشتريتها من اقصى بلاد المغرب ، فلقيتني امرأه من أهل الكتاب ...
   فقالت : ما هذه الوصيفة معك ؟
   فقلت : اشتريتها لنفسي .
   فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه الوصيفة عند مثلك ! ! إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض ، فلا تلبث عنده إلا قليلاً حتى تلد منه علاماً يدين له شرق الارض وغربها .
  قال هشام : فأتيت الإمام ( عليه السلام ) بالجارية (2) .
   وكانت لهذه الجارية عدة اسماء منها : نجمة وتكتم (3) .
   وقد كانت بكراً حين شرائها (4) .
   والظاهر أن الإمام ( عليه السلام ) اشتراها ـ ابتداءً ـ لامّه حميدة المصفّاة .
   وكانت السيدة تُكتم من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة حتى انها ما جلست بين يديها إجلالاً لها (5) .

---------------------------
(1) قد يكون بمعنى الاستفهام وقد يكون بمعنى الإخبار ولعل الثاني اظهر . أي : أريد ان اخبرك عن هذه الوصيفة . والوصيفة هنا أي الجارية .
(2) عيون أخبار الرضا : ج1 بص 17 .
(3) المصدر السابق : ج1 ص 16 ، ص 17 .
(4) المصدر السابق : ج1 ص 17 .
(5) عيون أخبار الرضا : ج1 بص 14 .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 18 _

   ثم إن السيدة حميدة ذكرت انّها رأت في المنام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لها : يا حميدة ! هبي نجمة لابنك موسى ، فإنّه سيولد له منها خير أهل الارض (1) .
   فقالت لابنها موسى ( عليه السلام ) : يا بني ! إن تُكتم جارية ما رايت جارية قط افضل منها ... وقد وهبتها لك (2) .
   فقالت لابنها موسى ( عليه السلام ) ـ لمّا أتى بها ـ قد جمع أصحابه وأخبرهم بأنّه ما اشتراها الا بامر من الله ووحيه ...
   قال (عليه السّلام) : بينا انا نائم ، إذا أتاني جدّي رسول الله وأبي ( عليهما السلام ) ومعهما شقّة حرير (3) ، فنشراها فإذا قميص وفيه صورة هذه الجارية .
   فقالا : يا موسى ! ليكونن لك من هذه الجارية خير اهل الارض بعدك . ثم أمراني أن أسمه عليا .
   وقالا لي : إن الله تعالى يظهر به العدل والرافة ، طوبى لمن صدقه وويل لمن عاداه وجحده (4) .
   ولما ولدت (السيدة تكتم) الامام الرضا ( عليه السلام ) قالت : اعينوني بمرضعة ! ! فقيل لها : انقص الدر (5) ؟

---------------------------
(1) عيون اخبار الرضا : ص 17 .
(2) المصدر السابق : ص 14 .
(3) أي قطعة حرير .
(4) إثبات الوصيّة : ص 170 .
(5) أي : هل نقص لبن الرضاع ؟

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 19 _

   قالت : ما أكذب . ما نقص الدّر ، ولكن علي ورد (1) من صلاتي وتسبيحي ، وقد نقص منذ ولدت (2) .
   وهذا مما يدل على حرصها على عبادتها ووردها وانقطاعها إلى الله تعالى .

---------------------------
(1) الورد : أي المندوب والمستحب في مقابل الواجب ، وجمعه أوراد .
(2) عيون اخبار الرضا : ج1 ص15 .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 21 _

(ب) السيدة تكتم
   قد ذكرت للسيدة تكتم اسماء اخرى ، منها : نجمة ، أروى ، سمان ، سكن أو سكنى (1) ...
   وتكتم هو ما استقر عليه اسمها حين ملكها ابو الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) (2) .
   فلما ولدت له الإمام الرضا ( عليه السلام ) سمّاها الطاهرة (3) .
  وكانت تكنى : أم البنين (4) .
   والمستفاد من الروايات أن لها أسماء أخرى نذكرها فيما يلي :
   1 ـ نجمة :
   روي عن أبي بصير ، قال : لمّا حضر أبا جعفر ـ محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) ـ الوفاة ، دعا بابنه الصادق ( عليه السلام ) ليعهد إليه عهداً ... ثم دعا بجابر بن عبدالله الانصاري .

---------------------------
(1) عيون أخبار الرضا : ج1 ص 16 ، ص 17 .
(2) المصدر نفسه : ص 14 .
(3) المصدر نفسه : ص 15 ، ص 17 .
(4) أصول الكافي : ج1 ص 486 ، وعيون أخبار الرضا : ج1 ص 16 .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 22 _

   فقال : يا جابر ! حدّثنا بما عاينت من الصحيفة ؟
   فقال له جابر : نعم يا أبا جعفر ، دخلتُ على مولاتي فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) لاهنئها بولادة الحسين ( عليه السلام ) ، فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درة .
   فقلت : يا سيدة النسوان ! ما هذه الصحيفة التي أراها معك .
   قالت : فيها أسماء الأئمة من ولدي .
   قلت لها : ناوليني لانظر فيها !
   قالت : يا جابر ! لولا النهي لكنت افعل ، ولكنه قد نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي أو أهل بيت نبي ، ولكنه مأذون لك أن تنظر إلى باطنها من ظاهرها .
   قال جابر : فقرأت ، فإذا فيها :
   أبو ا لقاسم محمد بن عبدالله المصطفى ، أمه : آمنة .
   أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى ، أمه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
   أبو محمد الحسن بن علي البر .
   أبو عبدالله الحسين بن علي ، أمهما : فاطمة بنت محمد .
   أبو محمد علي بن الحسين العدل ، أمه : شهربانو (يه) بنت يزدجر .
   أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، أمّه : أم عبدالله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب .
   أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، وأمه : أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 23 _

   أبو إبراهيم موسى بن جعفر ، أمه جارية إسمها : حميدة المصفاة .
   أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، أمه جارية إسمها : نجمة ..... » (1) الحديث .
   فالسيدة نجمة ، نجمة تألقت في سماء بيت الإمامة حيث إنها ولدت الإمام الرضا ( عليه السلام ) .
   2 ـ طاهرة :
   عندما اشترت أم الإمام موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) هذه الجارية ـ نجمة ـ ، ذكرت حميدة انها رأت في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لها : يا حميدة ! هبي نجمة لابنك موسى ، فإنه سيولد له منها خير أهل الارض ... فلمّا ولدت له الرضا ( عليه السلام ) سمّاها الطاهرة (2) .
   ومن قبلها كانت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) تسمى بالطاهرة ، كما وأن أمها خديجة ( عليها السلام ) كانت أيضاً تدعى بالطاهرة .
   3 ـ تُكْتَم :
   وتكتم آخر أسمائها ، وعليه استقر اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) (3) .

---------------------------
(1) عيون أخبار الرضا : ج1 ص 40 ، وإكمال الدين : ج1 ص 305 .
(2) عيون أخبار الرضا : ج1 ص 16 .
(3) المصدر السابق : ج1 ص14 ، ص 17 .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 24 _

   قال الصولي : والدليل على أن اسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا ( عليه السلام ) :

ألا إن خير الناس نفساً iiووالداً      ورهطاً واجداداً (عليُّ) المعظم
أتـتنا  بـه للعلم والحلم iiثامنا      إماما يؤدي حجة الله تُكتم  (1) ii
   ولا بأس بصرف عنان الكلام إلى البحث في معنى كلمة ( تكتم ) ، ووجه تسمية السيدة بهذا الإسم الجميل : ـ
طـاف الخيالان فهاجا iiسقما      خيال تُكنى وخيال تكتما  (2)
   وفي القاموس المحيط : « تكتم : ـ على ما لم يسم فاعله (3) ـ إمرأة ، واسم بئر زمزم » (4) .
   وفي لسان العرب : « في حديث زمزم : أن عبد المطلب رأى في المنام قيل له : إحفر تكتم بين الفرث والدم ؛ تكتم : إسم بئر زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت ا ندفنت بعد ( جرهم ) (5) فصارت مكتومة حتى أظهرها عبد المطلب » (6) .

---------------------------
(1) ( تكتم ) : فاعل (أتتنا) ، والمعنى : أتننا تكتم به ، عيون أخبار الرضا : ج1 ص 15 .
(2) أي مبني للمجهول ، فيضم اوله ويفتح ما قبل آخره ، وهو علم على وزن الفعل .
(3) أي مبني للمجهول ، فيضم اوله ويفتح ما قبل خره ، وهو على وزن الفعل .
(4) القاموس المحيط : ج4 ص 239 باب الميم فصل الكاف .
(5) أي قبيلة جرهم : إحدى القبائل العربية .
(6) لسان العرب : ج12 ص 508 باب الميم فصل الكاف .

سَيِّدةُ عُشِّ آل مُحمَّد _ 25 _

فلماذا سميت السيدة بهذا الإسم ؟
   هل ـ يا ترى ـ من مناسبة لذلك ؟
   إن التسمية ـ عادة ـ إنما تكون لسبب أو مناسبة ، فمثلاً : الإمامان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) إبنا وصي نبي الإسلام سميا باسم ابني هارون وصي موسى ( عليهما السلام ) ، وسيدتنا ومولاتنا الزهراء سميت بفاطمة لأن الله فطمها وولدها ومحبيهم من النار ، وهكذا فما هي المناسبة في تسمية السيدة نجمة بـ ( تكتم ) ؟
   وهل هناك وجه شبه بين تسمية السيدة بـ ( تكتم ) وبين تسمية بئر زمزم بهذا الإسم ؟
   الجواب : يمكن أن يكون السبب أحد الأوجه التالية :

الوجه الأوّل :
   عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : « ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض ..... » (1) .
   وفي حديث آخر : « خير ماء ينبع على وجه ا لأرض ماء زمزم ... » (2) .
   وقد مرٌ عليكم الخبر المروي عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) أنه رأى في المنام جدّه رسول الله واباه (صلوات الله عليهما) يقولان له : « يا موسى ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك » (3) .
   والسيدة حميدة المصفّاة ذكرت أنّها رأت في المنام رسول الله

---------------------------
(1) وسائل الشيعة : ج25 كتاب الاطعمة والاشربة : ص 260 باب 16 ح1 .
(2) مستدرك الوسائل : ج17 كتاب الأطعمة والأشربة : ص 18 باب 13 ح3 .
(3) إثبات الوصية : ص 170 .