ويعلو التكبير والتهليل من جميع جنبات القيامة ، وترفع الأيدي بالدعاء له ، ويمنح الشاعر الكبير ، وسام الشرف لمواهبه الفذة التي صرفها في خدمة أهل البيت عليهم السلام .
ومما أمتاز به الامام أمير المؤمنين على بقية الصحابة سعة علمه ، ووفور فقهه ، ودرايته باحكام التنزيل ، وأحاطته باسرار التشريع ، فهو وارث علمي وقد فتق أبواب العلوم ، ودلل على قواعدها وأصولها بعد ما كان الناس يجهلون منها كل شيء ، ويلتفت النبي ( صلى الله عليه وآله ) الى المجموعة الهائلة من الناس فيقول لها : لقد خلّفت علياً في أمتي ليوضح لها معالم الدين , ويبني لها أحكام التنزيل ، ولو ثنيت له الوسادة من بعدي لأفتى أهل الإنجيل بانجيلهم ، واهل الزبور بزبورهم ، واهل الفرقان بفرقانهم ، وساد العلم ، وانتشرت آفاق المعرفة ، ولكن الصدر الأول من امتي حرموا أنفسهم ، وحرموا الاجيال الصاعدة من بعدهم من الانتهال من غدير علمه ، والاستفادة من مكنونات فضائله التي حباه الله بها ، وقد أعلنت لجميع المسلمين ، وقلت لهم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب . »
.
وأشدت بمواهبه وفضائله فقلت في حقه « أنا دار الحكمة وعلي بابها »
(1) ، وقد عهدت إليه أن يبين لأمتي ما اختلفت فيه من بعدي فقلت له : « أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي . . . »
(2) ، وهو أعلم أمتي بشؤون القضاء وأحكامه ، وأدرى منهم بغوامضه ، وقد قلت فيه : « علي أقضى أمتي »
(3) ، وقد رجع إليه أبو بكر في كثير من المسائل التي لا دراية له بها
(4) ، وكذلك رجع إليه عمر حتى قال : « لولا علي لهلك عمر »
(5) وقال : ( اللهم لا تنزل بي شدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي )
(6) ، وكذلك رجع إليه عثمان فيما خفي عليه من أمور القضاء وغيره
(7) ، ومع توفر علمه ، وإحاطته بشؤون الدين ، وأحكام الله ، فهل يصح لي أن أرشح غيره لمنصب الخلافة والإمامة ، والله تعالى يقول : « هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » .
زهـده :
وعلي أمير المؤمنين أزهد أمتي ، وأكثرهم إعراضاً عن مباهج الحياة وملاذّها وفتنها ، فإنّه حينما آل إليه أمر المسلمين لم يستأثر شيء من أموالهم ، ولم يضع لبنة على لبنة ، ولم يعد لبالي ثوبه اهتماماً ، قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعامه بقرصيه ، وهو في جميع أدوار حياته على سمت واحد في الاستقامة والزهد وقد خاطب دنياه بقوله : « إليكِ عني يا دنيا فحبلك على غاربك ، قد انسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك ، وأجتنبت الذهاب في مداحضك » .
-----------------------
(1) صحيح الترمذي 2 ـ 96 ، الحلية 1 ـ 64 ، كنز العمال 6 ـ 401 ، تأريخ الخطيب 11 ـ 204 .
(2) مستدرك الصحيحين 3 ـ 122 ، كنوز الحقائق ص 188 ، الحلية 1 ـ 63 .
(3) الاستيعاب 1 ـ 28 ، الرياض النضرة 2 ـ 88 .
(4) الرياض النضرة 2 ـ 224 ، كنز العمال 3 ـ 301 .
(5) فيض القدير 4 ـ 356 .
(6) كنز العمال 3 ـ 53 ، الرياض النضرة 2 ـ 194 .
(7) موطأ الإمام مالك ص 36 ، سنن البهيقي 7 ـ 419 .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_36_
وقد صمم على أن لا ينقاد لدواعي الهوى والغرور فقال : « وأيم الله يميناً استثنى فيها ـ بمشيئة الله ـ لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً ، وتقنع بالملح
مأدوماً ، ولأدعن مقلتي كعين ماء نَضبَ معينها مستفرغة دموعها . . . »
(1)لقد عاش أمير المؤمنين عيشة الفقراء البائسين مقتدياً بهداي ومستناً بسنتي لم يتحل من دنياه بطائل إلا بغمر الناهل
(2) وروعة سورة الساغب
(3) فهل من العدل أن أُرشح غيره لمنصب الخلافة ؟ وهل من المنطق أن يؤتمن على دماء المسلمين ، وأموالهم وسائر إمكانياتهم غير الاعفِاء المتحرجين في دينهم الزاهدين في دنياهم ؟ وقد علم المسلمون ما حل بهم من الأحداث والخطوب من جراء ما آل اليه أمر الخلافة إلى اللصوص والسفاكين من ملوك بني أمية وبني العباس ،لقد احتطت لأمتي ، ووضعت لها المنهاج السليم الذي يقيها من الفتن والإنحراف ، ويحميها من الإنقلاب والزيغ فجعلت عترتي ولاة الأمر من بعدي ، ودللت عليهم فقلت : « إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم لن تضلّوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقاحتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » .
-----------------------------
(1) نهج البلاغة محمد عبده 3 ـ 82 ـ 83 .
(2) غمرة الناهل : أي ري الظمآن .
(3) روعة سورة الساغب : كسر شدة الجوع .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_37_
وقلت فيهم :
(1) « إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حِطة في بني اسرائيل من دخله غفر له . . »
(2) ، وقلت : « من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوالي علياً من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي »
(3) .
وقلت أكثر من ذلك في حقهم ، ولكن القوم قد أعاروا قولي أُذناً صماء ، فقد خدعتهم الدنيا إلى قهر أهل بيتي وظلمهم .
عـدلـه :
والإمام أمير المؤمنين من أروع مظاهر العدل ، فهو أول حاكم في المسلمين صمد في وجه الأعاصير لم تخدعه السلطة ، ولم يغره السلطان عن تطبيق العدل حتى قال كلمته الخالدة : « ولا تزيدني كثرة الناس حولي عزّة ، ولا تفرقهم عنّي وحشة ، وما أكره الموت على الحق » ، ـ لقد طبّق العدل ، ورفع مناره في أيام حكمه ومن مظاهر عدله أن أخاه عقيل قد جائه من يثرب تحف به صبيته ، قد كساهم الفقر بروداً من ألبسته البغيضة فتركتهم أشباحاً علاهم الأسى والذبول كأنما سودت وجوههم بالعظلم ، قد قادوا أباهم وقد أحاطت به الهواجس وألّمت به الشجون ، وقل ظن أن امير المؤمنين سوف ينفق عليه من اموال المسلمين ويملأ جيوبه بالأموال ويزخر له بالعطاء ، فما كان من ابن ابي طالب رائد العدالة الكبرى الا ان احمى له حديدة جعلته يئن من ألمها ويضجر من حدها ، فخار تحتها كما يخور الثور تحت جازره ، وهرب عقيل تاركاً أخاه يفتش عن مغنم يحوز به الثراء .
------------------------
(1) صحيح الترمذي 2 ـ 308 ، أسد الغابة 2 ـ 12 .
(2) مجمع الزوائد 9 ـ 168 ، مستدرك الحاكم .
(3) كنز العمال 6 ـ 217 .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_38_
لقد تنكر امير المؤمنين لجميع العواطف والأهواء التي يخضع لها الناس في سبيل إقامة العدل ، وتشييد صروحه ، وقد قصده عبد الله بن جعفر ختنه على زينب ابنة فاطمة الزهراء حبيبتي وبضعتي قاصداً من يثرب لأجل ان يوفر له في العطاء ، ويمنحه الأموال فزجره ، ولم يعن به ، إن امير المؤمنين ينبوع العدل ، ومفجر طاقاته ، وليس في تأريخ الإسلام حاكم مثله في عدله ومساواته ، وقد اراد ان ينعش القلوب البائسة الحزينة بمساواته ، وينصف المظلومين بعدله ، ويقيم حكم الله في ارضه ،لم يكن يبغي السلطة لذاتها ولا لاطماعها ، واندفاعتها ، وإنما كان يرومها ليؤسس معالم العدل ، ويقيم معاهد التربية الصالحة للانسان ، إن ابن ابي طالب صديق المحرومين والبائسين ، وملجأ المظلومين والمضطهدين ، ورفيق المثكولين ، وحميم المعذبين ، وملاذ المنكوبين ، يقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وقد نصبته على امتي خليفة من بعدي لتزدهر به حياة المسلمين ، ويأمن المظلومون ، وتقام به حدود الله على المعتدين ، وليس في امتي شخص احرص من ابن ابي طالب على إقامة العدل وتوطيد اركان المساواة ، ورفع مستوى الأمة في جميع مجالاتها .
مواقفـه المشرفـة :
ووقف الإمام أمير المؤمنين يدافع عن الاسلام ، ويحمي جانبي وليس في عموم اصحابي مثله في اندفاعه ، وانطلاقه في ميادين الجهاد ، فقد قذف نفسه في لهوات الحروب ، وخوض الغمرات لرفع كلمة الله ، فما من راية رُفِعَت للجاهلية إلا حطّمها علي بسيفه ، وما من جيش انبرى ليطفىء نور الإسلام إلا انبرى إليه أمير المؤمنين ففل عروشه ، وجندل أبطاله ، ويتلو النبي ( صلى الله عليه وآله ) المواقف الرائعة التي وقفها الإمام في الذب عن حياض الاسلام وهي.
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_39_
واقعـة بـدر :
وكان للإمام أمير المؤمنين عليه السلام في وقعة بدر القدح المعلى ، والنصيب الأوفى ، وكان لي نصيراً ، وللاسلام عزّاً وللمسلمين وقاية وجُنًة ، فكان الفتح على يده وكانت أكثرية القتلى بسيفه، لقد أظهر أمير المؤمنين في واقعة بدر من البطولة والجلد ، ما يبهر الألباب ، فقد أذل قريشاً ، وأعز الاسلام ، وأبلى بلاء حسناً فكان المسلمون في هذه المعركة ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، ومعهم فرسان ، وسبعون بعيراً ، وكان المشركون تسعمائة وخمسين مقاتلا يقودون معهم مائتي فرس وسبعمائة بعير ، فجندل على أصحاب الألوية ، وقتل من المشركين خمسة وثلاثين وشارك المسلمين وأعانهم على قتل من قتلوه ، وقد قتل من الأمويين حنظلة بن أبي سفيان ، والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية ، والوليد بن عتبة صهرهم أخي هند زوج أبي سفيان ، وعقبة بن أبي معيط أبي الوليد أخي عثمان لأمه ، وقتل من بني مخزوم سيدهم وزعيمهم أبا جهل الحكم بن هشام ، يقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وقد أبصرت جماعة من مشركي قريش فقلت له : احمل عليهم فحمل عليهم ففرق جمعهم ، وقتل عمرو بن عبد الله الجهمي ، وأبصرت جماعة آخرين من مشركي قريش فقلت له : احمل عليهم فحمل عليهم وفرقهم وقتل شيبة بن مالك ، فقال جبرائيل مبتهراً : « يا رسول الله إن هذه المواساة » فقلت له : « إنه مني ، وأنا منه » ، فقال جبرائيل : ( وأنا منكما ) .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_40_
ونادى ملك في السماء « لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي »
(1) ، لقد نازل علي أقوى قرومهم ، وثل عروشهم ، وحطم جبروتهم ، وأنصرفوا يجرون رداء الخيبة والخسران منهزمين قد عراهم الذل ، وعلاهم الخزي والأنكسار ، ويقوم الازري فيتلو على أهل المحشر مقطوعته الرائعة التي يصف بها بطولة الأمام ودفاعه المشرف عن الاسلام في هذه المعركة الحاسمة من تاريخه ، فيقول :
وبـه اسـتفتح الهدى يوم بدر مـن طغاة أبت سوى iiطغواها صب صوب الردى عليهم هُمام ليس يخشى عُقبى التي iiسواها يـوم جاءت وفي القلوب iiغليل فـسقاها حـسامه مـا iiسـقاها جـاء بـالسيف هـادياً iiللبرايا حـيث لـم يثنها الهدى iiفهداها مـن تـلقي يد الوليد iiبضرب حـيدري بـرى اليراع iiبراها |
ويدعو الجميع للشاعر العظيم ، ويقابل بالإكبار والتقدير ويمنح وسام الحب لآل البيت عليهم السلام .
-----------------------
(1) تاريخ الطبري 2 ـ 197 ، الرياض النضرة 2 ـ 190 .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_41 _
معركـة أحـد :
وواجه الاسلام بعد معركة بدر قوى قريش الحاقدة على الاسلام فقد خفت لتثأر لقتلاها في يوم بدر ، وتمحو عنها عار الهزيمة التي أصابتها ، ويقص النبي ( صلى الله عليه وآله ) صورة موجزة عن تلك الواقعة الرهيبة ، فيقول لهم : كنت نزلت يوم أحد بأصحابي وهم سبعمائة في عدوة الوادي وجعلت ظهري الى الجبل ، وكان المشركون ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ، ومائتا فارس ، وكان معهم خمسة عشر أمرأة ، وفي المسلمين مائتا دارع وفارسان ، وقبل أن يتهيأ الجيشان للقتال صنعت خطة حكيمة فيها النصر للمسلمين والهزيمة للقوى الغادرة ، فقد تركت أحداً خلف ظهري ، وجعلت ورائي الرماة وهم خمسون رامياً ، وقلت لهم : انضخوا عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا . واثبتوا مكانكم ، إن كانت لنا أو كانت علينا فإنا إنما نؤتى من هذا الشعب .
وخرج صاحب لواء المشركين ينادي : يا أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فلم يجيبه أحد من المسلمين سوى علي فانبرى إليه ، فضربه فقطع رجله ، وانكشفت عورته ، فناشده الله ، فتركه ، فصار يخور بدمه ، حتى هلك ، ولما رأيت ذلك كبّرت وقلت : ( كبش الكتيبة ) وكبّرالمسلمون بتكبيري وقلت لعلي ـ ما منعك أن تجهز عليه ؟ ـ ناشدني الله والرحم فاستحييت منه ، واندفع شجعان المشركين حاملين اللواء فأبادهم علي واحداً بعد واحد ، وبقي اللواء مطروحاً لا يدنو منه أحد فانطلقت إليه امرأة حارثية فرفعته ، فاجتمعت قريش حوله ، وأخذه عبد لبني عبد الدار كان من أشد الناس قوة ، وفتكاً ، فبرز إليه علي فضربه ضربة تركه يعالج مصرعه ومنيته ، واقتتل الناس قتالاً شديداً ، وقد أبلى علي وعمي حمزة ، وأبو دجانة الأنصاري بلاء حسناً ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وكانت الهزيمة الساحقة للمشركين ، وانعطف عليهم المسلمون ينهبون أمتعتهم ، فلما نظر إليهم إخوانهم المجاهدون الذين أقمتهم في الجبل وألزمتهم أن لا يريحوا عنه ، آثروا النهب على البقاء ، ونسوا ما أمرتهم به .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_42_
وحينما رأى خالد بن الوليد قلة من بقي من الرماة حمل عليهم فقتلهم ، وشد بمن معه على أصحابي من خلفهم ، وتبادر المنهزمون من المشركين بنشاط بالغ مستأنفين للقتال يحاولون أن يمحوا عنهم عار الهزيمة ، فحملوا على المسلمين فقتلواسيداً من أبطالهم وهو أسد الله وأسد رسوله عمي حمزة بن عبد المطلب ، وانهزم المسلمون شر هزيمة ، ولم أجد بداً من ان أقاتل بنفسي فرميتُ بالنبل حتى فني ، وانكسرت سجنة قوسي ، وانقطع وتره ، واصبت بجرح في وجنتي ، وآخر في جبهتي ، وكسرت رباعيتي السفلى ، وشقت شفتي ، وعلاني ابن قمئة بالسيف ، وكنت ادعو المسلمين إلى الثبات وعدم الفرار قائلاً لهم : « من كرَ فله الجنة » ولكنهم لا يلوون على احد وكان من المنهزمين عثمان بن عفان ، وجاشت نفس عمر من الوجل والرعب ، ومعه طلحة ، فرغبا ان يأتيهم عبد الله بن ابي سلول بأمان من ابي سفيان قبل ان يقتلوهم فقال لهم انس بن النضر ، وهو من خِيار أصحابي : « يا قوم إن كان محمد قد قتل ، فإن رب محمد لم يقتل ، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد ، اللهم إني اعتذر إليك مما يقول هؤلاء » .
ثم قاتل حتى استشهد ، ومضى القتال حامياً عنيداً ، وقد أحيط بي ، فانبرى علي ومعه خمسة من خيار الأنصار يذبون عني ، وقد استشهدوا ، وتترسني أبو دجانة بنفسه ، وجعل نفسه وقاية دوني فكان يقع النبل على ظهره وهو منحني عليَّ ، وقاتل دوني مصعب
بن عمير فاستشهد ، قتله ابن قمئة الليثي ، هو يظنه إياي فرجع إلى قريش رافعاً عقيرته ، وهو يقول : قُتل محمد . . . قُتل محمد ، فلما سمع المسلمون أوغلو في الهرب على غير هدى ورشد ، وكان أول من عرفني كعب بن مالك فنادى بأعلى صوته « يا معشر المسلمين : هذا رسول الله حي لم يقتل » ، فأشرت إليه بالسكوت مخافة أن يسمع العدو فيهجم عليَّ ونهض سليل هاشم وفتى الاسلام علي ، ومعه جماعة حتى خلصوا بي إلى الشعب ، فتحصنت به ، وهم يحيطون بي ، ويدافعون عني .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_43_
وأبصرت وأنا في الشعب جماعة من المشركين يترقبون الوقيعة بي فقلت : لعلي احمل عليهم فحمل عليهم ، وفرقهم ، وقتل منهم جماعة ، وأبصرت جماعة أخرى تريد الوقيعة بي فقلت لعلي اكفنيهم فحمل عليهم فانهزموا ، وقتل منهم جماعة ، وبهر جبرائيل بهذه المواساة الهائلة التي أبداها بطل الإسلام ، فقال :
« يا رسول الله هذه المواساة ! ! » فقلت له : « إنه مني ، وأنا منه . . » ، فقال جبرائيل : وأنا منكما ، وسمع صوت يهتف : « لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي »، وقد أصابت علياً في تلك الوقعة ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه إلى الأرض فما كان يرفعه إلا جبرائيل ، وبعد ما وضعت الحرب أوزارها تقدمت النساء المسلمات يداوين الجرحى ، فاحطن به يداوين جراحاته الصعبة ، وقلن لي : « يا رسول الله لا نعالج منه جرحاً إلا انفتق جرح آخر » ، فاقتربت منه فرأيت جراحاته تشخب دما، فقلت فيه : « إن رجلا لقي هذا كله في سبيل الله لقد أبلى وأعذر » ، لقد وقف علي في موقعة أُحد بجأش ثابت ، وبنفس جياشة لم يدخله خوف ولا رعب ، مشمراً كادحاً ، قد وهب حياته لله ، ولنصرة هذا الدين ، ولما انتهت الحرب فتشت عن عمي حمزة ، فأخبرت بأنه قد استشهد ، فهرعت إليه فرأيته ، وقد مثلت به هند فأخذت من أذنيه ،
وأنفه ، وأصابع يديه ، ورجليه ، ومذاكيره فجعلتها قلائد ، ومعاضد ، وبقرت كبده فلاكتها إلا أنها لم تسغها ، وكذلك فعلن
صويحباتها مع الشهداء ، وقد أظهر أبو سفيان خبث سريرته ، فقد طعن أسد الله وهو ميت .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_44_
ويعم البكاء والأسى جميع أهل المحشر ، وتعلو الصرخة على ما لاقاه سيد الشهداء من التمثيل والتنكيل ، وينطلق الأزري ، وهو رافع عقيرته ليتلو على أهل المحشر رائعته التي يصف بها جهاد أمير المؤمنين ، وعظيم بلائه في موقعة أُحد فيقول :
وبـأحد كـم فـل آحاد iiشوس كـلما أوقـدوا الـوغى iiأطفاها يـوم دارت بـلا ثـوابت iiإلا أسـد الله كـان قـطب iiرحاها كـيف لـلأرض بالتمكن iiلولا أنـه قـابض عـلى أرجـاها ربّ سمر القنا وبيض المواضي سـبَّحت بـاسم بـأسه iiهيجاها يـوم خـانت نبالة القوم iiعهداً لـنبي الـهدى فـخاب iiرجاها وتـراءت لـهم غـنائم iiشـتى فـاقتفى الأكـثرون إثر iiثراها وجـدت أنـجم الـسعود عليه دائـرات ومـا دَرَت iiعـقباها فـئة ما لوت من الرعب iiجيداً إذ دعـاها الـرسول في اخرها وأحـاطت بـه مذاكي iiالأعادي بـعدما أشـرفت على iiاستيلاها |
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_45_
فـترى ذلك النفير كما iiتخب ط في ظلمة الدجى iiعشواها يـتمنى الـفتى ورود iiالمنايا والمنايا لو تشترى لا شتراها قد أرتها في ذلك اليوم iiضربا لو رأته الشبان شابت iiلحاها وكـساها العار الذميم iiبطعن من حلى الكبرياء قد أعراها يوم سالت سيل الرمال iiولكن هـب فـيها نـسيمه فذراها ذاك يـوم جـبريل أنشد فيه مـدحاً ذو الـعلى له iiأثناها لا فـتى في الوجود إلا iiعلي ذاك شـخص بمثله الله iiباها لا تـرم وصـفه ففيه iiمعان لـم يـصفها إلا الذي iiسوّها |
وتعلو عاصفة من التهليل ، وترفع الأكف بالدعاء إلى الشاعر الكبير ، وتضاف إلى أوسمته وسام آخر .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_46_
واقعـة الخندق :
لقد خرجت قريش بعد واقعة أُحد وهي ظافرة منتصرة ، وقد طمعت في محاربة المسلمين حرب إبادة وقضاء لتقلع جذور العار الذي لاحقها يوم بدر ، وتضيف إلى انتصارها إنتصاراً آخر . وقد صممت على قلع جذور الاسلام ومحو سطوره ، فقد تجمعت أحزاب قريش وأحابيشها ، وانضم إليها أحلافها من يهود يثرب فكان عدد الجميع أربعاً وعشرين ألفاً تحت قيادة أبي سفيان ، وحينما علمت بتوجههم إلى يثرب جمعت أصحابي وعرضت عليهم الخطر المحدق بنا فأشار سلمان الفارسي وهو من خيرة أصحابي ورعاً وتقوى ، واصالة رأي وعمق في التفكير فأشار عليَّ بحفر الخندق ، ولم تكن هذه الوسيلة معروفة في الجزيرة العربية ، فشرع أصحابي في حفر الخندق ، وقد أنجزوا هذا العمل المجهد الشاق في ستة أيام ، وكان علي من أكثرهم عناء وجهداً في هذا العمل العظيم .
ولما انتهى المسلمون من عملهم أقبلت قريش بأحلافها وأحزابها ، فنزلت بمجتمع الأسيال ، ونزلت غطفان ومن تَبِعهم من أهل نجد في جانب أحد ، وكان الخندق أمامهم ، وقد استحال عليهم عبور الخندق ، وقد نقض اليهود عهدهم معي ، وقد حوصرت المدينة ، وطال الحصار ، وقد ضاق بعض فرسان المشركين طوال البقاء فانبرت طائفة من شجعانهم لعبور الخندق ، ومناجزة المسلمين ، وكان أول من عبر الخندق عمرو بن عبد ود فارس المشركين ، وبطلهم المعُلّم ، ومعه عكرمة بن أبي جهل ، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة ، وهبيرة بن أبي وهب ، ومنية بن عثمان ، وضرار بن الخطاب الفهري ، وقد اختاروا من الخندق موضعاً ضيقاً فأكرهوا خيولهم على اقتحامه فلما صاروا إلى ساحة المعركة ، أخذوا يجولون فيها وينادون : « يا أصحاب محمد هل من مبارز » ؟وكان من أشدهم حماساً واندفاعاً إلى الحرب عمرو بن ود ، فقد ملأ الفضاء بصوته يطلب المبارزة من المسلمين فكانت كلماته كنداء الموت فما سمعها أحد إلا رجف قلبه وانهارت قواه ، ولم يلبّ نداءه إلا ربيب الوحي ، والسابق للاسلام الأمام أمير المؤمنين ، وكان حدث السن في غضارة الشباب ، ولما برز إليه علي قلت : « برز الإيمان كله إلى الشرك كله » .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_47_
وانطلق إليه علي فقال له : قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعوك رجل إلى خصلتين إلا قبلت أحدهما،فأجابه عمرو : أجل ، فأجابه أمير المؤمنين إني أدعوك إلى الله عزّ وجلّ ، وإلى رسوله ، وإلى الاسلام، فأخذته العزّة بالاثم فرد على أمير المؤمنين قائلا : ولا حاجة لي في ذلك » ، فطلب منه علي الخصلة الثانية فقال له : فإني أدعوك إلى البراز ، ـ يا ابن أخي لمَّ ؟ فوالله ما أحب أن أقتلك ،ـ ولكني والله أحب أن أقتلك وتصاول أسد الله وربيب الوحي مع بطل الجزيرة ، فضرب عمرو علياً فأتقاها بدرقته فضرب الدرقة ففلقها وأثبت فيها وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي على حبل العاتق فأرداه صريعاً يخور بدمه ، وعلا صوت علي بالتكبير والتهليل وتلاه هتاف آلاف من معسكر المسلمين ، وقلت في تلك المبارزة الخالدة التي كُتِبت فيها الهزيمة لجيش المشركين ، واندحار قواهم : « لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة . . »
(1)
وعندئذ فرَّ المشركون ناكصين لم يلووا على شيء متلفعين بعار الهزيمة والخزي ، ويقوم الأزري فيتلو على المجتمع ما نظمه في
هذه المناسبة الخالدة يقول :
-------------------------
(1) تاريخ الطبري 2 ـ 197 ، الرياض النضرة 2 ـ 190 .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_48_
يـوم غصت بجيش عمرو بن ود لـهوات الـفلا وضـاق iiفضاها وتـخطى إلـى الـمدينة iiفـرداً بـسـرايا عـزائـم iiسـاراهـا فـدعاهم وهـم ألـوف iiولـكن يـنظرون الـذي يـشب iiلظاها أي أنـتم عـن قـسور iiعامري تـتقي الأسـد بـأسه في شراها فـابتدى الـمصطفى يُحدّث iiعما يـؤجر الـصابرون فـي iiأخرها قـائـلا إن لـلـجليل جـنـاناً لـيس غـير الـمجاهدين iiيراها أيـن من نفسه تتوق إلى الجنات أو يــورد الـجـحيم iiعـداها مـن لعمرو وقد ضمنت على iiالله لــه مــن جـنـانه iiأعـلاها فـالتووا عـن جـوابه iiكـسوام لا تـراها مـجيبة مـن iiدعـاها وإذا هــم بـفـارس iiقـرشي تـرجف الأرض خيفة إذ iiيطاها قـائلا مـا لـها سـواي iiكـفيل هــذه ذمــة عـلـى iiوفـاها ومـشى يـطلب الـصفوف كما تمشي خماص الحشى إلى مرعاها فـانـتضي مـشـرفيه iiفـتلقى سـاق عـمرو بـضربة iiفبراها وإلـى الـحشر رنة السيف iiمنه يـملأ الـخافقين رجـع iiصداها يـا لـها ضربة حوت iiمكرمات لـم يـزن ثـقل أجـرها iiثقلاها هـذه مـن علاها إحدى iiالمعالي وعـلى هـذه فـقس مـا iiسواها |
وتقابل هذه الرائعة بكثير من الاستحسان ، ويدعو له الجميع بالمغفرة والرضوان .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_49_
غزوة خيـبر :
وتجمع اليهود بعد الهزمات التي لاحقتهم في حصن خيبر ، وهو من أقوى حصونهم ، وأمنعها ، ففيه البساتين ، والزروع ،وفيه الأبطال والأفراس ، وأخذوا يكيدون للمسلمين ، وينفقون الأموال
سراً للمشركين على مناهضة الاسلام ، فهبط الوحي عليَّ بدك هذا الحصن ، وبغزو اليهود . حتى تفلل هذه القاعدة التي هي من أخطر القواعد العسكرية على الإسلام ، ويأخذ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يتلو على أهل المحشر كيفية فتح هذا الحصن على يد بطل الاسلام ، وأسد الله الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فيقول : لقد بعثت أبا بكر ومعه الجند لفتح هذا الحصن فلم يلو أن رجع منهزماً لم يستطع أن يثلم في أسواره ثلمة ، ورجع ملىء إهابه الخوف والفزع ، فندبت في اليوم الثاني عمر بن الخطاب ، وعقدت له لواء الحرب ، فرجع منهزماً قد استولى عليه الذهول والفزع ، ولم يُصب من الحصن شيئا ، فقلت للجيوش الحافلة من المسلمين: « لأُعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه . . » فتطلع المسلمون إلى أي فتى أو بطل تعطى الراية ، ولم يدُر في خلَدِهم أني سأعطيها إلى علي لأنه كان أرمد العين .
ولما أصبح الصبح هرع المسلمون يتطلعون إلى معرفة ذلك البطل الذي أمنحه الراية ، ويكون الفتح على يده ، وبعد أن تم عدد الجيش واستوت صفوفهم قلت : « أين علي بن أبي طالب ؟ »، فانبرى إليّ قائلاً : « ها أنا ذا يا رسول الله » ،وأقبل علي وهو يشكو رمد العين ، فبللت يدي من ريقي ومسست بها عينه ، ودعيت بالراية ، وقلت له : « خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك » ، وانطلق علي نحو الحصن تحف به جنود المسلمين ، فلما رأته اليهود دخلوا الحصن ، وأغلقوه باحكام ، وقد تركوا خارج الحصن أبطالهم وحماتهم يحمونه ، وفي طليعتهم مرحب فارسهم المعُلّم فشدَّ عليهم علي ، وصار ينثر الموت بينهم ، وهم يهوون صرعى بين يديه ، ورأى علي أن لا درع معه ، فاندفع نحو باب الحصن ، وكانت من حجر الرحى يغلقها ويفتحها أربع وأربعون فاقتلعها ، وجعلها ترساً له .
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_50_
وقد قتل مرحباً ، وقتل الحارث من قبل ، وقد جعل باب خيبر جسراً يعبر عليه المسلمون ، وقد تم الفتح على يديه ، وجعل الله النصر بقيادته ، وقد انكسرت شوكة الكفر ، وانحسرت روح الوثنية بفتح هذا الحصن ، ودخل الرعب والفزع على جميع المشركين
، وكان من أقوى الأسباب لدخول المسلمين غازين وفاتحين لملكه،
وانطلق الشاعر الموهوب الازري ، وكان قريباً من النبي فطلب منه الاذن ليتلو رائعته التي وصف بها هذا الحادث الخطير .
ولـه يـوم خـيبر iiفـتكات كـبرت منظراً على من iiرآها يـوم قـال الـنبي iiلأعـطي رايـتي لـيثها وحامي iiحماها فـاستطالت أعناق كل iiفريق لـيروا أي مـاجد iiيـعطاها فـدعا أين وارث العلم iiوالحلم مـجير الأيـام مـن iiبأساها أيـن ذو النجدة الذي iiلودعته فـي الـثريا مـروعة iiلباها فـأتاه الـوصي أرمـد عين فـسقاه مـن ريـقه iiفـشفاها ومضى يطلب الصفوف فولّت عـنه عـلماً بـأنه iiأمضاها ويـرى مـرحباً بكف اقتدار أقـوياء الأقـدار من iiضعفاها ودحـا بـابها بـقوة iiبـأس لـو حمتها الأفلاك منه iiدحاها |
الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله مع خلفائه
_51_
غزوة بني قريظة :
لقد استطاع الإسلام بعد واقعة الخندق أن يسير إلى الأمام قد دخل الرعب والفزع في جميع نفوس الحاقدين عليه من اليهود والمشركين ، لقد كانت بنو قريظة قد نقضت العهد الذي كان بينها وبيني وذلك لتحريض من « حي بن أخطب » ، وأخذ النبي ( صلى الله عليه وآله ) يتلو بايجاز تفصيل هذه الغزوة فيقول : لما انتهت معركة الخندق ، وعاد المشركون قد أذلهم الله وأخزاهم ، ولما رجعت إلى يثرب أوحي إلي أن أسير إلى بني قريظة ، أمرت أن ينادي المنادي بين المسلمين « من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة » ، فسرت إليهم بجميع من كان معي ، وكان عددهم ثلاثة آلاف ، وقد عقدت الراية لعلي ، والمسلمون يتوسمون خطاه في أفواجهم الزاخرة ، فلما بلغ حصونهم سمع منهم سباً ، وقذفاً لي ، فبادر علي إلي وطلب مني أن أعسكر بعيداً عن السور إشفاقاً عليّ من سماع سبّهم وهجائهم لي، وحاصرهم علي خمسة عشر يوماً فأجهدهم الحصار ففتحوا الأبواب ، وأستولى عليهم الإمام ، ورجع وهو منتصر ظافر ، وقدأرجَعتُ أمر بني قريظة إلى سعد بن معاذ فحكم بقتل رجالهم ، وتقسيم ذراريهم ونسائهم ، وأن تكون ديارهم للمهاجرين دون الأنصار ، فأمرت علياً أن يضرب أعناقهم ، فأخرج اليهود زمراً فقتلهم ، وفيهم كعب بن أسد رئيس بني قريظة ، وحي بن أخطب رئيس بني النضير ، وقد أبادهم علي ببتاره فكانوا ستمائة شخص ، وهكذا كان أمير المؤمنين سيفاً من سيوف الله ، قد استقام به أمر الاسلام ، وبنيت قواعده ، وأسست أركانه فإنه لم يصمد أحد في تلك المعارك الرهيبة غيره ، ولم يبل احد بمثل ما ابلى به ، فقد كان دفاعه عن الاسلام مشفوعاً بروح الايمان والاخلاص لله .
