لقد منعت يا أبا بكر سهم ذي القربى ، وقد نصَّ الله عليه في كتابه قال تعالى : « وما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير » ، وكنت اختص بسهم من الخمس ، واخص بني هاشم بسهم آخر ، وقد جعل الله الخمس حقاً شرعياً لأربابه المذكورين في الآية ، وحذر الطامعين عن صرفه عنهم وذلك بما وصفهم بعدم الإيمان بالله ، ولما التحقت بالرفيق الأعلى منعت بني هاشم من الخمس ، وجعلتهم كغيرهم من المسلمين
، وقد ارسلت اليك سيدة نساء العالمين بضعتي فاطمة تسألك ان تدفع لها ما بقي من خمس خيبر ، فأبيت ان تدفع إليها منه شيئاً ، فتألمت واحاط بها الشجى والحزن ، فوجدت عليك ، وهجرتك في المدة التي عاشتها بعدي ، وقدبلغ من عظيم وجدها عليك انها اوصت علياً ان يدفنها في غلس الليل، البهيم لئلا تحضر انت وحزبك الصلاة عليها ، ولا دفنها
اعتـذار أبي بكر :
ويعتذر ابو بكر ، ويقر بأنه قد ارتكب شططاً تجاه بضعة النبي وريحانته فيقول : بلى يا رسول الله إننا قد اخطأنا ، واسأنا إلى وديعتك وبضعتك فاطمة ، فانطلقت انا وعمر ، واستأذنا عليها فأبت أن تأذن لنا ، وذلك لعظيم وجدها علينا ، واستأذنا مرة اخرى فأبت ان تأذن لنا ، فسرنا إلى علي ، والححنا عليه أن يستأذن لنا عليها ، فقبل علي ذلك ، وتناسى اخذنا لحقه واستبدادنا بالأمر دونه ، ودخل على فاطمة فترجاها في ان تسمح لنا بزيارتها ، فقبلت ، ودخلنا عليها ، فسلمنا عليها فلم تجب ، وتقدمنا فقعدنا امامها ، فأشاحت بوجهها عنا ، ورحنا نلحق في الرجاء ان تمنحنا رضاها ، وأن تجعلنا في حل مما وقع منا من تفريط تجاهها ، فقلت لها : « يا حبيبة الرسول . . والله إن قرابة رسول الله احب إلي من قرابتي ، وانك أحب إلي من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات ابوك اني مت ، ولا ابقى بعده . . أفتراني أعرفك واعرف فضلك وشرفك ، وامنعك حقك ، وميراثك من رسول الله . . » ، « لا نورّث ما تركناه فهو صدقة »،
فخاطبتني فاطمة ، واشركت معي في الخطاب عمر بن الخطاب ،
« أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله تعرفانه ، وتعملون به » ،أجبتها أنا وصاحبي ، « نعم » .
فراحت تقول لنا بفؤاد مكلوم ، ونفس مُترعة بالألم والجزع ، « نشدتكما الله . . ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة ، فقد أسخطني » ،
اجبنا مؤمنين بقولها ، ومصدقين لما سمعناه منك في حقها قائلين :
« أجل قد سمعنا ذلك من رسول الله » ، فرمقت وجهها وكفيها الى السماء وراحت تقول في حرارة وألم ممض ،« فإني أُشهِد الله ، وملائكته إنكما أسخطتماني ، وما أرضيتماني ولئن لقيت رسول الله لأشكوكما إليه »
(1).
وغادرنا الدار ، وقد خبا أملنا في رضا بضعتك ، وعلمنا مدى الغضب الذي أثرناه في قلبها ، ومدى السخط الذي بئنا به ، أما عمر فقد عاوده ثانية ندمه على ما فرّط في حقها فثاب الى الدمع يلوذ به ، عساه أن يلهمه الراحة ، وأما أنا فقد أحسست كأنما الدنيا قد ضاقت عليَّ حتى لا أرى فيها مقاما ، وكرهت بعد ذلك الموقف أن يصيبني من الحياة شيء أو أصيب منها ، وبحسبي أن استطيع الانطواء على نفسي في داري لاعالج همي بعد أن حرمت رضا فاطمة الذي هو من رضاء الله
(2) والذي هو نفحة عاطرة من رضاك يا رسول الله ، فحينئذ أسرعت الى الناس أن يقيلوني بيعتهم فلم يسمحوا لي بذلك .
-----------------------------
(1) الامامة والسياسة 1 / 14 ؛ اعلام النساء 3 / 1214 ، الامام علي 1 / 217 .
(2) اشارة الى الحديث المتواتر « ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك » جاء الحديث في مستدرك الحاكم 3 / 153 ، أسد الغابة 5 / 522 ، تهذيب التهذيب 12 / 441 ، ميزان الاعتدال 2 / 72 ، كنز العمال 6 / 219 .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_70_
جواب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا أبا بكر ان ذلك كان من خداعك ، وفذلكتك ، إنك إن أخذت فدكا من فاطمة ، ومنعتها من الخمس والفيء كان ذلك بحجّة شرعية فلا موجب للاعتذار ، ولا وجه لجزعك وجزع صاحبك ، ولكنك من دون شك أردت ان توهم على المسلمين بأنك نلت رضا فاطمة لتضفي على خلافتك ثوباً شرعياً ، لكن سيدة النساء لم يخف عليها أمرك فقابلتك بالغضب ، ولم تمنحك الرضا ، وقد عززت ذلك بوصيتها إلى أمير المؤمنين أن يواري جثمانها في غلس الليل البهيم حتى لا تحضر جنازتها والصلاة عليها ، حتى يستبين ذلك لجميع أمتي في جميع مراحل تأريخها ، وقد بوركت هذه الخطة الرشيدة فإنها لم تدع لك ولا لحزبك مجالا في الاعتذار ، وقد بقيت وصمة عليك لا تمحى ، ولاتنسى .
يا أبا بكر : كان عليك أن تعلم ان فدك لم يكن لها أية أهمية ، عند بضعتي ، فانها قد نهجت نهجي وعاشت مطبوعة بطباعي ، وسارت على منوالي في العزوف عن عرض الدنيا ، ونشب الحياة ، ولكنها أرادت في واقع الحال ارجاع الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السلام ليسير بين المسلمين بسيرة قوامها العدل الخالص ، والحق المحض ، وحتى يستبين هدي الاسلام ، وتعم رحمته ، ونوره جميع ارجاء الارض ، ولكنها الاطماع ، وحب الدنيا قد صدتكم عن وعي ذلك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_71_
سهم المؤلفة قلوبهم :
يا أبا بكر : لقد فرض الله تعالى سهما من الزكاة للمؤلفة قلوبهم ، قال تعالى : « إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ »
(1)، وقد دلت هذه الآية بوضوح على أن للمؤلفة قلوبهم سهما وحصة في الزكاة ، وقد كنت أجريها عليهم ، وقد اعطيت بعض أصنافهم من سدس الخمس الذي يرجع لي ، وقد استمرت سيرتي على ذلك حتى لحقت بالرفيق الأعلى ، ولم أعهد الى أحد من بعدي باسقاط هذا السهم ، ولكنك لما وليت الامر جائتك المؤلفة قلوبهم لاستيفاء سهمهم جريا على عادتهم . . فكتبت لهم بذلك ، فذهبوا الى خليفتك عمر ليأخذوا حصتهم منه ، فعرضوا عليه كتابك فخرقه ، وقال لهم : لا حاجة لنا بكم فقد أَعز الله الاسلام ، وأغنى عنكم ، فان اسلمتم وإلا فالسيف بيننا وبينكم ، فهرعوا اليك ، وهم يتعثرون برداء الفشل والذل فقالوا لك : « أأنت الخليفة أم هو ؟ » .
فقلت لهم : بل هو إن شاء الله تعالى
(2) ، وأمضيت فعل عمر ، واستقر الأمر لديكما على ذلك ، فاية غاية وفائدة قد جنيتها من تلاعبك بنص كتاب الله ، وهو اجتهاد منك في قِبال النص ، وهو من دون شك تغيير وتصرف في احكام الله ، يوم مالك بن نويرة :يا أبا بكر :يا خليفة المسلمين أهكذا يكون التمسك بالاعوان والانصار ، والمحسوبين ؟ أهكذا تعمل الحزبية ؟ ما يوم البطاح ؟ فقد انتهكت فيه كرامة الاسلام ، واستُحِل فيه ما حرمه الله ، واستبيحت أعراض المسلمين ودمائهم ، وأموالهم ، لقد ارتكب خالد كل موبقة واثم مع مالك بن نويرة التميمي .
---------------------------
(1) سورة التوبة : آية 61 .
(2) النص والاجتهاد للامام شرف الدين نقله عن الجواهر النيرة على مختصر القدوري في الفقه الحنفي ص 164 من جزئه الاول .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_72_
كان مالك في بني تميم هامة الشرف ، وعرنين المجد ، ومن تضرب الامثال بفتوته نجدة ، وكرما ، وحفيظة ، وشجاعة ، وقد قيل فيه « لا فتى إلا كمالك »، وهو من أرداف الملوك أسلم ، وأسلم بنو يربوع باسلامه : ووليته على صدقات قومه ، ثقة به واعتماداً عليه ، ولما أنتقلت الى دار الحق أبى النزول على حكمك في أمر الزكاة وغيرها ، ولم يكن ذلك منه عن ارتياب في الدين ، أو شق لعصا الطاعة بين المسلمين ، ولا لابتغاء فتنة ، وانما كان باحثا عن تكليفه الشرعي في ذلك ليؤديه حسب ما شرع الله ورسوله ، فقد عرف أني نصبت عليا خليفة على المسلمين ، ودللتهم عليه ، وقد سأل عن ذلك فقيل له الامر يحدث بعده الامر فاترعت نفسه بالشكوك من حكومتك .
بهذا لا بسواه تريث مالك في دفع الزكاة باحثاً عن براءة ذمته فيمن يدفعها إليه ، ولم يكن منكراً للزكاة ، ولا ممن يستحل ماحرم الله،فبم استحللت دمه ، وأبحت لخالد بن الوليد أن يغدر به ويسفك دمه ، لقد زحف اليهم خالد فلما دنا منهم أذن مؤذن خالد ، وأقام للصلاة فاقتدى به مالك مع قومه ، وبعد الفراغ من الصلاة خفوا على أسلحتهم وشدوا وثاقهم ، وجيء بهم أسرى إلى خالد ، وكانت فيهم زوجة مالك ليلى بنت المنهال ، وكانت من أشهر نساء العرب بجمالها ، فافتتن بها خالد ، وقد تجادل في الكلاممع مالك ، وهي واقفة الى جنبه فكان مما قاله خالد له : ـ اني قاتلك،ـ أو بذلك أمرك صاحبك ؟ ـ والله لأقتلنك .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_73_
وكان عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري حاضرين ، فكلما نهيا خالدا في أمره فلم يستجب لقولهما ، فالتفت مالك قائلا « إبعثنا الى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا فقد بعثت إليه غيرنا ممن جرمه أكبر من جرمنا » ، وألّح عبد الله بن عمر وأبو قتادة بأن يبعثهم اليك فأبى خالد ، وقال : لا أقالني الله إن لم أقتله ، وأوعز الى ضرار بن الازور الاسدي شارب الخمر ، وصاحب الفجور
(1)، أن ينفذ حكم الاعدام في مالك ، وعرف مالك أن السبب في اصرار خالد على قتله فتنته بزوجته ، فقال له : ـ هذه ـ وأشار الى زوجته ـ هي التي قتلتني ـ بل الله قتلك برجوعك عن الاسلام، ـ إني على الاسلام .
فلم يعتن بذلك ، وقام الجلاد الاثيم فأطاح برأس مالك وتركه جثة هامدة يتخبط بدمه ، وانبرى الى زوجته فبنى بها في تلك الليلة ، وفي ذلك يقول أبو نمير السعدي :
ألا قـل لـحي أوطئوا iiبالسنابك تـطاول هذا الليل من بعد iiمالك قـضى خـالد بغيا عليه لعُرسه وكـان لـه فيها هوى قبل iiذلك فـأمضى هواه خالد غير iiعاطف عـنان الـهوى عنها ولا متمالك وأصـبح ذا أهـل وأصبح iiمالك على غير شيء هالك في الهوالك فـمن لـليتامى والأرامـل iiبعده ومن للرجال المعدمين iiالصعالك أصـيبت تـميم غـثها iiوسمينها بفارسها المرجو سحب iiالحوالك(2) |
--------------------------
(1) تاريخ ابن عساكر 7 / 30 ، الاصابة 2 / 209 .
(2) تأريخ ابن شحنة هامش الكامل 7 / 165 ، تأريخ أبي الفداء 1 / 158 .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_74_
وجعل رأسه اثفية القدر ، ولم يكتف بذلك وأنما سبى النساء المسلمات واستباح ما حرم الله من أموالهم وفروجهم ، وكنت اعلنت للملأ وأنت من بينهم مراراً وتكراراً بحرمة الدماء والاموال ، والأعراض ، وكان آخر تصريح لي في منى ان قلت : « إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم ، وأعراضكم كحرمة يومكم في شهركم هذا ، في بلدكم هذا » ولما قفل خالد راجعاً الى يثرب دخل المسجد في عدة الحرب مرتاداً قباءاً له عليه صدأ الحديد ، وقد غرز في عمامته اسهما فثار في وجهه عمر ونزع الأسهم من رأسه ، وحطمها وهو يقول : « قتلت أمرءاً مسلماً ثم نزوت على أمرأته ، والله لأرجمنك بالاحجار . . » ومشت الرعدة في أوصاله ، فدخل عليك ، وقص عليك قصته مع خالد ، فهدأت روعه ، وعفوت عنه ، فانطلق اليك عمر قائلاً : « إن خالداً قد زنى ، فاجلده » ، فرددت عليه قائلا له : « إنه تأول فاخطأ » فقال لك : « إنه قتل مسلماً » فلم تعتن بكلامه ، وقلت له :« ما كنت لأغمد سيفاً سله الله عليهم . . »
(1) ، بأي كتاب أم باية سُنّة ساغ لك تعطيل الحدود ، والعفو على المجرمين .
-----------------------------
(1) يراجع في تأريخ الحادث المؤسف تأريخ ابن الاثير 3 / 149 ، تاريخ ابن عساكر 5 / 115 ، تأريخ ابن كثير 6 / 221 ، تأريخ ابي الفداء 1 / 185 ، تأريخ الخميس 2 / 133 .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_75_
ما ذنب أولئك المسلمين الذين قتلهم خالد صبراً ، وسبى ذراريهم ، فهل اكتسبوا إثماً او اقترفوا جرماً ، ألم يعلن مالك ، وقد شهر عليه السيف بأنه مسلم ، ومؤمن بما جئت له من عند الله ، وقد قلت : « لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله ، وإني رسول الله إلا باحدى ثلاث ، النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة »
(1) ، ومتى كان خالد سيفا من سيوف الله أفي هجومه عليَّ يوم بيَّتُ علي على فراشي ، أم في واقعة أُحد ، حينما هجم على المسلمين فأوسع فيهم قتلا ؟ وهل أن سيف الله تنهتك به حرمات المسلمين ، وينزو على المرأة المسلمة وهي في عدتها ،
إن اعراضك عن خالد وتأويلك لجريمته انما كان جزاءاً له على مسارعته لبيعتك في سقيفة بني ساعدة ، وارغامه الناس على ذلك ، وسوقه عليا بالعنف لأخذ البيعة منه ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون .
سرية أسامة :
لقد نبذت يا أبا بكر أمري ، وتأولت قولي فتخلفت عن جيش أُسامة ، وقد كنت مهتما به إهتماماً بالغاً ، فقد عبأته بنفسي ، وعقدت اللواء بيدي ، وقد عبأتك ووجوه المهاجرين والأنصار ، وقلت لاسامة : « اغزو باسم الله ، وقاتل من كفر بالله »
فتثاقلت من الالتحاق أنت وحزبك ، ولما علمت ذلك جعلت أكرر قولي في الالتحاق بجيش أسامة وألعن المتخلف عنه قائلاً : « نفذوا جيش اسامة لعن الله من تخلف عن جيش أسامة » .
----------------------------
(1) صحيح مسلم 2 / 37 ، سنن ابن ماجة 2 ـ 457 ، خصائص النسائي ص 27 .
الرَّسُولُ الأعْظَم
صلى الله عليه وآله
مَع خُلفَائِهِ
_76_
ولم يرهف عزيمتك هذا الاهتمام ، والتشديد ، فرحت تحكم قواعد سياستك ، وتضع المخططات لصرف الخلافة عن أهل البيت .
لقد كنت أريد أن تخلو منكم عاصمتي حتى يصفو الأمر من بعدي لعلي بسهولة ، فشعرتم بذلك فتأخرتم عن الألتحاق بالجيش مخافة أن يتم الامر بعدكم لعلي فيصعب عليكم حل الخلافة وإِحداث الشغب والنزاع ، وهكذا نبذت أنت وحزبك قولي ، والقيتم الأمة في شر عظيم ونسفتم جميع المخططات التي وضعتها لسعادة الامة ونجاحها .
عهدك لعمر :
وعهدت يا أبا بكر بالخلافة من بعدك الى عمر ، كأنها ملك لك وأنت تعهد بها إلى من شئت وقد زعمت أني تركت الامة بلا خليفة لانه اصلاح لها ، فلماذا لم تتركها أنت من بعدك كذلك لتختار هي من تشاءه من المسلمين ، وهل لك الوالية عليهم حتى تُعين صاحبك ، لقد نسيت او تناسيت عهدي بالخلافة إلى علي ، ثم من بعده الى الأئمة من ولده فإنهم سفن النجاة ، وعدلاء الذكر الحكيم . لا يضل من تمسك بهما ، ولا يهتدي الى الحق من لم ينهج في الدين نهجهما ، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، وقد جعلت العترة أمانا لأهل الأرض من العذاب ، وشبهتهم بسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى و كباب حِطة من دخله غفر له ، فقد أبعدت عترتي ، وتأولت النصوص الصريحة التي أوجبت لهم الحق بالخلافة من بعدي .، ويسكت أبو بكر ، ولا يجد مجالا للدفاع عن نفسه ، فقد دانه النبي صلى الله عليه وآله بما قدم له من الحقائق التي لا مجال للشك فيها وبهذا ينتهي المطاف عن حديث ابي بكر .