تمهيد:
من القواعد المعروفة بين فقهاء المسلمين قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وعلى المسلك المشهور في تفسيرها من أن مفادها نفي الحكم الضرري تترتب عليها آثار مهمة في الكثير من الفروع الفقهية، حتى ادعى بعض العامة
(1) ان الفقه يدور على خمسة احاديث احدها حديث لا ضرر ولا ضرا ر .
وقد أصبحت هذه القاعدة موردأ لاهتمام علمائنا لا سيما في العصر الاخير حيث عني بها الشيخ الاعظم الانصاري قدس سره عناية خاصة، وتطرق الى البحث عنها في رسائله فانتظمت بذلك في سلك علم الأصول ، وأشبع البحث فيها لدى المتأخرين .
وحديثنا عن هذه القاعدة يقع في ضمن فصول ثلاثة :
الفصل الأول : في تحقيق موارد ذكر حديث لا ضرر ولا ضرار في الروايات وتشخيص متنه .
الفصل الثاني : في تحقيق مفاده .
الفصل الثالث : في أمور شاع التعرض لها بعنوان تنبيهات القاعدة، وهي اما مكملة للبحث عنها أومتضمنة لبعض تطبيقاتها.
ويلاحظ انا قد تركنا البحث عن سند اصل الحديث لأنه لا اشكال في
 |
(1) نقله السيوطي في تنوير الحوالك 2|122 عن أبي الفتوح الطائي في الأربعين عن أبي د اود .
|
قاعدة لا ضرر و لا ضرار
ـ 10 ـ
وروده بطريق معتبر (1)، عن طريق زرارة كما سيأتي .
كما أن اسانيده ومصادره من كتب العامة والخاصة تظهر مما سنذكره في الفصل الاول ان شاء الله تعالى .
 |
(1) حكى الشيخ الانصاري عن فخر المحققين (قدهما) انه ادعى تواتر حديث نفي الضرر في باب الرهن من الايضاح ، ويظهرمن الشيخ (ره ) قبوله لذلك ، ولكنه غيرواضح لأنه لم يرد هذا الحديث من طرق الخاصة مسنداً إلا عن راوين في الطبقة الأولى وهما زرارة وعقبة ، وفي ساثر الطبقات ربما يكون عدد الرواة ثلاثة أو أ ربعة، وهذا المقدار لا يكفي في عدّ الحديث مستفيضاً فضلاً عن أن يعد متواتراً ، وربما يظن ان دعوى التواتر تستند الى الاطلاع على اخبار اخرى لم تصل الينا لفقد اكثر كتب الحديث في عصرنا ولكنه ضعيف ، ولعل الأوجه ان يقال :إن نظره (قده ) الى مجموع أخبار الخاصة والعامة فان العامة كما سيأتي في الفصل الاول قد رووا هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، فيمكن عدّ الحديث متواترأ بلحاظ ذلك وهو محل تأمل أيضاً .
|
قاعدة لا ضرر و لا ضرار
ـ 11 ـ