ترتيب النقاط التالية حول النظام الوقائي في القرآن الكريم :
اولاً : لما كان الفم الطريق الرئيسي لدخول الطعام الى جسم الانسان حيث تجري عليه مختلف العمليات الكيميائية من هضم وامتصاص وتمثيل وبناء خلايا ، فان نوعية الطعام الداخل لابد وان تؤثر على سير عمليات الجسم البيولوجية .
ولاشك ان بعض المأكولات قد تسبب ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ امراضاً تختلف شدتها وقوة تأثيرها على الأجهزة المختلفة التي تتضافر على تسيير دفة حركة الجسم ، وعلى ضوء ذلك فقد نظم الاسلام نوعية المواد الغذائية المأكولة فحرم تناول لحوم الخنازير ، والدماء ، والميتة ، وما أهل لغير الله ، كما قال تعالى في كتابه الكريم :
( قل لا أجد فيما أوحي الي محرماً على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فانه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغٍ ولاعادٍ فان ربك غفور رحيم )(1) .
وحرمت الكلاب والسباع
(2) ، والمسوخ
(3) ، والطيور المخلبية على تفصيلٍ
(4) ، والحيوانات البحرية والاسماك التي ليس لها قشور
(5) ، وحرمت الخمرة ـ وهو مطلق ما يسكر ـ لقوله تعالى :
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) (6) ،
( إِنَّمَا الْخَمْرُ
--------------------
(1) الانعام : 145.
(2) الكافي ج 6 ص 245.
(3) الخصال ج 2 ص 88.
(4) الجواهر ج 36 ص 304.
(5) اللمعة الدمشقية للشهيد الاول ج 7 ص 300.
(6) البقرة : 219.
النظرية الاجتماعية
في القرآن الكريم
_ 127 _
وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (1) ، ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) (2) .
والاثم ـ في عرف المفسرين ـ هو الخمر ، و ( تحريم الخمر من ضروريات الدين حتى ورد أنه أكبر الكبائر وانه لو صب في أصل شجرة ما أكل من ثمرها ، ولو وقع في بئر قد بنيت عليه منارة ما أذن عليها ، ونحو ذلك من الأخبار الدالة على المبالغة في تحريمها لكثرة مفاسدها ) (3) .
وحرمت ايضاً كل الاعيان النجسة ، والسوائل المتنجسة ، وألبان الحيوانات المحرمة ، والمدار في التحريم قاعدة ( لاضرر ولاضرار في الاسلام ) (4) ؛ بمعنى ان أي طعام ينزل ضرراً معتداً به على الفرد يحرم تناوله الا في حالة الاضطرار ، كما ورد في قوله تعالى : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (5).
ثانياً : ولم توقف الاسلام على تحديد الأطعمة المحرمة ، بل اشار الى حلية الأطعمة المباحة كلحوم البهائم الاهلية مثل البقر والغنم والماعز والابل ، ولحوم البهائم البرية كالغزلان والابقار والحمير المتوحشة ، كما ورد في قوله تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ ) (6) ، ( وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) (7) .
والاسماك ذات القشور وبيوضها ، كما في قوله تعالى : ( أُحِلَّ
--------------------
(1) المائدة : 9.
(2) الاعراف : 32.
(3) قلائد الدرر للشيخ الجزائري ص 300.
(4) من لايحضره الفقيه ج 4 ص 243.
(5) البقرة : 195.
(6) المائدة : 1.
(7) الحج : 30.
النظرية الاجتماعية
في القرآن الكريم
_ 128_