الفهرس العام


3 ـ نظرة في المصادر :



  10 ـ عمر بن شبّة ( ت 262 هـ ) ، البصري النحوي الأخباري ، ن ـ زيل بغداد ، روى عن أبيه وجماعة منهم الأصمعي وأبي زيد الأنصاري ، وروى عنه ابن ماجة ، والبلاذري ، وابن أبي الدنيا ، وثعلب ، وأحمد بن عبد العزيز الجوهري وآخرون ، قال ابن أبي حاتم : كتبت عنه مع أبي وهو صدوق صاحب عربية وأدب ، قال الدار قطني : ثقة .
  وذكره ابن حبان في الثقات وقال : مستقيم الحديث ، وكان صاحب أدب وشعر وأخبار ومعرفة بأيام الناس .
  وقال الخطيب : كان ثقة ، عالماً بالسير وأيام الناس ، وله تصانيف كثيرة ، وكان قد نزل في آخر عمره سر من رأى وتوفي بها .
  ثم ذكر امتحانه بسر من رأى في مسألة خلق القرآن ، فقال أبو علي الغزي : امتحن عمر بن شبّه بسرّ من رأى بحضرتي فقال : القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، فقالوا له : فتقول من وقف فهو كافر ؟ فقال : لا أكفّر أحداً ، فقالوا له : أنت كافر ومزقوا كتبه ، فلزم بيته وحلف أن لا يحدث شهراً ، وكان ذلك حدثان قدومه من بغداد بعد الفتنة ، فكنت ألزمه أكتب عنه ، وما امتنع مني من جميع ما أسأله ، فأنشدني قصيدة له أنشدها في محنته :
لما   رأيت   العلم   ولّى   iiودَبَر      وقام    بالحمل    خطيب   iiفهمَر
لزمت    بيتي    معلناً   iiومستتَر      مخاطباً  خير  الورى  لمن  iiغَبر
أعني النبي المصطفى على البشر      والثاني   الصدّيق  والتالي  iiعمر
ومن  اردت  من  مصابيح  iiزُهَر      مثل   النجوم  قد  أطافت  iiبالقمر
  إلى آخر شعره ولم يسمّ فيها عثمان ولا علي ، وحمل فيه على أهل الحديث الذين سبّبوا له المحنة ، وهذا يحكي جانباً من تاريخ سرّ من رأى في ذلك العهد والحالة الاجتماعية المتردية .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 152 _

  وقال المرزباني في معجم الشعراء : عمر بن شبة أديب فقيه واسع الرواية صدوق ثقة ... نزل بغداد عند خراب البصرة ... (1) .
  11 ـ ابن قتيبة ( ت 276 هـ ) ، هو أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة كان فاضلاً ثقة ، سكن بغداد وحدّث بها عن إسحاق بن راهويه ... وأبي حاتم السجستاني وتلك الطبقة ... وتصانيفه كلها مفيدة (2) .
  وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ : ( ابن قتيبة من أوعية العلم ، لكنه قليل العمل في الحديث ) .
  وقال الحافظ السلفي : ( كان ابن قتيبة من الثقات ومن أهل السنة ) ، وقال الخطيب البغدادي : ( وكان ثقة ديّناً فاضلاً ) ، وقال ابن حزم : ( كان ابن قتيبة ثقة في دينه وعلمه ) .
  ومع هذا الثناء والاطراء فقد جرحه الدار قطني بقوله : ( كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه ، منحرفاً عن العترة ، وكلامه يدل عليه ) وكذلك البيهقي قال : ( كان ابن قتيبة يرى رأي الكرامية ، وليس بين المشبهة والكرامية كبير فرق ، فالكرامية أتباع محمّد بن كرام ، وكان يذهب إلى التجسيم والتشبيه ، وينعى على عليّ صبره على ما جرى على عثمان ) راجع بشأن هذه الأقوال مقدمة كتاب المعارف تحقيق ثروت عكاشة .
  ولمّا كانت النصوص التي سننقلها عنه من كتابيه ( المعارف ) و ( الإمامة والسياسة ) فلا مناص من التعريف بهما وما جرى عليهما ، فالأول لعبت به أيد أثيمة ، فضاعت منه بعض النصوص ، والثاني اعترت نسبته شكوك أثارها فريق من الباحثين ، وبأزائهم فريق صحح النسبة فنقل عنه معتمداً عليه ، لهذا سنبحث عن

---------------------------
(1) تهذيب التهذيب 7 : 460 / 461 .
(2) وفيات الأعيان 3 : 42 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 153 _

  الكتابين باختصار في نظرة على المصادر ، ونحيل القارئ إلى الملاحق الآتية في آخر الكتاب ( الملحق الثاني والثالث ) حيث يجد مزيداً من التحقيق .
  12 ـ البلاذري ( ت 279 هـ ) ، وهو أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي الكاتب ، ترجمه ياقوت في معجم الأدباء (1) فقال : ( حافظ أخباري علامة ) وترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق فقال : ( وكان عالماً فاضلاً نسابة متقناً ... ) ، وله تراجم في لسان الميزان لابن حجر ، وفوات الوفيات لابن شاكر ، وبغية الطلب لابن العديم وغيرها .
  13 ـ ابن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ، هو أبو جعفر محمّد بن جرير ، شيخ المفسرين وشيخ المؤرّخين .
  ترجمه ياقوت في معجم الأدباء (2) ، كما ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (3) ، وابن عساكر في تاريخه (4) ، وغيرهم وكلّهم أثنوا عليه ، ولعلّ القفطي هو أوفى من غيره فيما كتب عنه ، فقد ذكره في كتابه ( انباه الرواة ) وذكر أنّه وضع في سيرته كتاباً أسماه ( التحرير في أخبار محمّد بن جرير ) وصفه بأنّه كتاب ممتع وضاع فيما ضاع من كتبه ، وحسبنا اليوم ما كتبه محمّد أبو الفضل إبراهيم في مقدمة كتابه التاريخ طبعة دار المعارف بمصر .
  وكان ابن جرير مفسراً بارعاً ، ومؤرخاً جامعاً ، ومحدثاً نافعاً ، وكتبه نيفت على العشرين ، منها : التفسير في ثلاثين جزء ، والتاريخ في عشرة أجزاء ، وله في الحديث ( تهذيب الأثار ) في عدة أجزاء طبع منها ( مسند عمر ) و ( مسند عليّ ) و ( مسند ابن عباس ) .

---------------------------
(1) معجم الأدباء 2 : 128 .
(2) معجم الأدباء 18 : 48 / 65 .
(3) تاريخ بغداد 2 : 164 / 166 .
(4) تاريخ ابن عساكر 18 : 351 / 356 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 154 _

  ومن تآليفه ( أحاديث غدير خم في مجلدين ) رآه ابن كثير ، ونصّ عليه غيره باسم كتاب ( الولاية ) فهذا ما قرأناه عنه ولم نعلم أين استقر به الثوى .
  14 ـ ابن عبد ربه الأندلسي ( ت 328 هـ ) ، هو أحمد بن محمّد بن عبد ربه الأندلسي ، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان (1) : ( كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع على أخبار الناس ، وصنّف كتابه العقد ، وهو من الكتب الممتعة ، حوى من كلّ شيء ... ) .
  وترجمه الذهبي في جملة من كتبه ، فله ترجمة في سير أعلام النبلاء (2) ، كما أثنى عليه في العبر وغيره وقال : ( وكان موثقاً نبيلاً بليغاً شاعراً ، عاش 82 سنة وتوفي سنة 328 هـ ) .
  أقول : ومن المؤاخذات على الذهبي وعلى غيره ممّن ترجم لابن عبد ربه ، إغضاؤهم عن نصبه ، فلم يذكروا _ ولو على نحو الاشارة ـ إلى ذلك ، فقد كان ناصبياً معلناً ذلك في ارجوزته في الخلفاء ، حيث ذكر الثلاثة ثم ربّع بمعاوية ، ولم يذكر الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ولا الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وذلك ما حدا بالقاضي منذر بن سعيد أن يغضب فيسب ابن عبد ربه .
  فقد روى المقري في نفح الطيب (3) نقلاً عن كتاب التكملة لابن الأبار (4) بسنده عن أبي عبيد القاسم بن خلف الجبيري الفقيد الطرطوشي قال : نزل القاضي منذر بن سعيد على أبي بطرطوشة ، وهو يومئذٍ يتولّى القضاء في الثغور الشرقية ... فأنزله أبي في بيته الذي يسكنه ، فكان إذا تفرغ نظر في كتب أبي ، فمر

---------------------------
(1) وفيات الأعيان 1 : 110 .
(2) سير أعلام النبلاء 15 : 283 .
(3) نفح الطيب 3 : 266 / 267 .
(4) التكملة 1 : 293 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 155 _

  على يديه كتاب ( ارجوزة ابن عبد ربه ) يذكر فيه الخلفاء ويجعل معاوية رابعهم ، ولم يذكر علياً فيهم ، ثم وصل بذكر الخلفاء من بني مروان إلى عبد الرحمن بن محمّد ، فلما رأى ذلك منذر غضب وسبّ ابن عبد ربّه ، وكتب في حاشية الكتاب :
أو  عليّ  لا  برحت  iiملعّناً      يابن  الخبيثة  عندكم  iiبإمام
رب الكساء وخير آل محمّد      داني  الولاء  مقدّم  الإسلام
  قال أبو عبيد : والأبيات بخطه في حاشية كتب أبي إلى الساعة .
  أقول : وقد ذكر ابن عبد ربه في آخر الجزء الرابع من العقد ( بتصحيح أحمد أمين وأحمد الزين وإبراهيم الأبياري ) أرجوزته في فتوحات عبد الرحمن بن محمّد الأموي ، وهذه غير تلك التي رآها القاضي منذر بن سعيد وكتب في حاشيتها ما تقدم .
  ومع نصبه فقد ذكر ما سيأتي نصاً فيه الإدانة لرموز الخيانة جاء فيه : ( وأما عليّ والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة ، فقالت : يابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم أوتدخلوا ما دخلت فيه الأمة ) .
  15 ـ المسعودي ( ت سنة 346 هـ ) ، هو أبو الحسن عليّ بن الحسين المسعودي صاحب ( مروج الذهب ) من شيوخ المؤرخين ، وكتابه ( مروج الذهب ) من خيرة المصادر ، وقد ذكر في أوله مآخذه ، فكانت نخبة المؤلفات المعتمدة في عصره ، لذلك صار كتابه مقبولاً تاريخياً ، على ما فيه مما لا يخلو منه كتاب غير كتاب الله سبحانه وتعالى الذي : ( لا يَأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْن ِيَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) (1) .

---------------------------
(1) فصلت : 42 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 156 _

  وعَلَمية المسعودي تغني عن الإطناب في ترجمته ، ولقد ترجمه السبكي في طبقات الشافعية (1) وذكر أخذه وحضوره عند أبي العباس بن سريج ـ شيخ الشافعية في وقته ـ وهو الذي علّق عنه ( رسالة البيان عن أصول الأحكام ) قال السبكي : وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة .
  كما لم تخل كتب التراجم الشيعية من ذكره وعده من الشيعة ، ولعله كان عامياً ثم استبصر ، وكتب كتابه ( اثبات الوصية ) وإلاّ ففي مروج الذهب ما يمكن الاستدلال به على عاميته .
  16 ـ الطبراني ( ت 360 هـ ) ، هو الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني الحافظ الثبت المعمر ، لا ينكر له التفرد في سعة ما روى ، عاش مئة سنة ، وسمع وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وبقي إلى سنة ستين وثلاثمائة ، وكان واسع العلم كثير التصانيف ، وقيل : ذهبت عيناه في آخر عمره .
  وللحافظ ابن مندة جزء فيه ذكر الطبراني وبعض مناقبه ومولده ووفاته وعدد تصانيفه ، حقّقه حمدي السلفي وألحقه بالمجلد الخامس والعشرين من المعجم الكبير للطبراني ، وذكر في آخره ما وجد من تصانيفه فبلغت ( 106 ) مصنفاً بينها المعاجم الثلاثة ، الكبير والأوسط والصغير ، وهي في عدة أجزاء ، وقد طبعت جميعها كما طبع له غيرها .
  17 ـ الجوهري ( كان حياً سنة 322 ، حيث قرئ عليه كتابه السقيفة ) (2) هو أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري صاحب ( كتاب السقيفة ) ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء ، وهو معاصر لأبي الفرج الاصبهاني ( ت 356 هـ ) ، وقد روى عنه في كتاب الأغاني قريباً من ثمانين رواية ، فقال : ( حدثني أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ) (3) .

---------------------------
(1) طبقات الشافعية 3 : 426 .
(2) راجع كشف الغمة 1 : 453 .
(3) الأغاني 2 : 244 ، وكذلك في بقية الأجزاء .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 157 _

  وروى عنه المرزباني ( ت 384 هـ ) في كتابه الموشح (1) ، وروى عنه أبو هلال العسكري ( ت 382 هـ ) في كتابه الأوائل كثيراً ، وفي كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف (2) ، وقال : قرأت على أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وكان ضابطاً صحيح العلم .
وروى عنه الطبراني ( ت 360 هـ ) في المعجم الصغير (3) .
  أما ابن أبي الحديد فقد نقل في شرح النهج كثيراً من النصوص من كتبه : السقيفة ، والذيل على السقيفة ، وفدك وعرفه فقال : ( الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لامن كتب الشيعة ورجالهم ، لأنّا مشترطون على أنفسنا ألاّ نحفل بذلك ، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك ، وما وقع من الاختلاف والاضطراب عقب وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث ، كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه مصنفاته ) (4) .
  ولم يكن هذا من ابن أبي الحديد فقط ، قال أيضاً : ( واعلم أنّا إنّما نذكر في هذا الفصل ما رواه رجال الحديث وثقاتهم ، وما أودعه أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه ، وهو من الثقات الأمناء عند أصحاب الحديث ... ) (5) .
  18 ـ ابن عبد البر المالكي ( ت 463 هـ ) ، صاحب ( الاستيعاب ) و ( التمهيد ) و ( الاستذكار ) هو أبو عمر يوسف بن عبد البر الأندلسي المالكي ، أثنى عليه كلّ

---------------------------
(1) الموشح : 28 ، 47 .
(2) شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف : 457 .
(3) المعجم الصغير 1 : 59 .
(4) شرح النهج 16 : 209 / 210 .
(5) المصدر نفسه 16 : 234 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 158 _

  من ترجمه من المشارقة والمغاربة ، وحسبنا قول الذهبي في تاريخ الاسلام فيما حكاه عن شيخه محمّد بن أبي الفتح قال :
  ( كان أبو عمر ابن عبد البر أعلم من بالأندلس في السنن والآثار واختلاف علماء الأمصار ، كان في أوّل زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة ، ثم رجع عن ذلك إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد ، إلاّ أنّه كان كثيراً ما يميل إلى مذهب الشافعي ( رحمه الله ) ) (1) .
  وقال في سير أعلام النبلاء : ( كان إماماً ديناً ثقة علامة متبحراً ، صاحب سنة واتباع ، وكان أولاً أثرياً ظاهرياً فيما قيل ، ثم تحوّل مالكياً مع ميل إلى فقه الشافعي في مسائل ، ولا ينكر له ذلك ، فإنّه ممّن بلغ مرتبة الأئمة المجتهدين ، ومن ينظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم ، وقوة الفهم ، وسيلان الذهن ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلاّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ، ونغطي معارفه ، بل نستغفر له ونعتذر عنه ... ) (2) .
  أقول : حبّذا لو صدقت الأحلام في جميع رجال الاسلام ، لكن ازدواجية المعايير تذهب بالعير والنفير .
  19 ـ الشهرستاني صاحب الملل والنحل ( ت 549 هـ ) ، هو أبو الفتح عبد الكريم ( شيخ أهل الكلام والحكمة صاحب التصانيف ، برع في الفقه على الإمام أحمد الكوفي الشافعي ، وقرأ الأصول على أبي نصر القشيري ... وكان كثير المحفوظ ، قوي الفهم ، مليح الوعظ ... ) .
  هكذا وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء (3) .

---------------------------
(1) تاريخ الإسلام .
(2) سير أعلام النبلاء 13 : 525 .
(3) سير أعلام النبلاء 5 : 86 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 159 _

  وقال السمعاني (1) : ( كان إماماً فاضلاً متكلماً أصولياً ، عارفاً بالأدب والعلوم المهجورة ، وهو متّهم بالإلحاد والميل اليهم ، غال في التشيع ... ) ؟ !
  أقول : لا ينقضي عجبي من السمعاني حيث اتهم الرجل بالإلحاد ، مع ما سبق له من الثناء عليه ووصفه له بالفضل والإمامة ... والغريب أيضاً قوله فيه : ( غال في التشيع ) وما أدري كيف اجتمع الالحاد والتشيع في شخص الشهرستاني الذي تظهر شخصيته العقائدية في كتابيه ( الملل والنحل ) و ( نهاية الأقدام في علم الكلام ) طافحة بأشعريته المعلنة ، وعلى ذلك وصف بها في وفيات الأعيان ومرآت الجنان .
  نعم ، ورد في لسان الميزان لابن حجر نقلاً عن ابن السمعاني ، وقد دافع ابن السبكي في طبقات الشافعية (2) عن الشهرستاني بنفي التهمة وقال : ( وما أدري من أين ذلك لابن السمعاني ، فإن تصانيف أبي الفتح دالة على خلاف ذلك ... ) .
  20 _ أبو السعادات ابن الأثير الجزري ( ت 606 هـ ) ، هو المبارك بن محمّد بن محمّد ... الشيباني الشافعي مجد الدين ، عالم أديب ناثر مشارك في تفسير القرآن والنحو واللغة والحديث والفقه وغير ذلك .

---------------------------
(1) التحبير 2 : 160 .
(2) طبقات الشافعية 6 : 130 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 160 _

  ترجمه ابن خلكان في الوفيات ، والسبكي في طبقات الشافعية ، وياقوت في معجم الأدباء وغيرهم ، وأثنوا عليه ثناءاً بالغاً ، وطبع من تصانيفه النهاية في غريب الحديث ، وجامع الأصول .
  21 ـ أبو الحسن ابن الأثير الجزري ( ت 630 هـ ) ، هو عليّ بن محمّد بن محمّد ... الشيباني أخو السابق ، وهو صاحب كتاب ( الكامل في التاريخ ) و ( اُسد الغابة في معرفة الصحابة ) و ( اللباب في تهذيب الأنساب ) وكلّها مطبوعة مكرراً ، ترجمه ابن خلكان في الوفيات ، والسبكي في طبقات الشافعية ، والذهبي في سير أعلام النبلاء وغيرهم .
  22 ـ الكلاعي ( ت 634 هـ ) ، أبو الربيع سليمان بن موسى الحميري المعروف بابن سالم ، وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء (1) بقوله : ( الإمام العلامة الحافظ المجوّد الأديب البليغ ، شيخ الحديث والبلاغة بالأندلس ) .
  وساق في ترجمته ما قاله ابن الأبار وغيره في اطرائه وذكر تصانيفه ، ومنها كتابه الاكتفاء في مغازي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومغازي الخلفاء ، ولم يذكر علياً ( عليه السلام ) لعدم الفتوحات في عصره ، هكذا في هامش السير .
  23 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي ( ت 656 هـ ) ، هو عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد ، ترجمه معاصره ابن الفوطي الحنبلي في ( تلخيص مجمع الأداب في معجم الألقاب ) (2) فقال : ( الكاتب الأصولي ... كان أديباً فاضلاً حكيماً كاتباً ... ) وترجمه اليونيني في ذيل مرآة الجنان (3) ، والصفدي في الغيث المسجم (4) ، وابن شاكر في فوات الوفيات (5) ، والاتابكي في المنهل الصافي (6) ، وابن خلكان في وفيات الأعيان (7) ضمن ترجمة ابن الأثير ، وغير هؤلاء آخرون ، وكلّهم وصفوه بأنّه كان كاتباً أديباً فقيهاً فاضلاً ، ونقل في هامش فوات الوفيات (8) بأنّه كان شافعياً في الفقه .

---------------------------
(1) سير أعلام النبلاء 16 : 403 .
(2) تلخيص مجمع الأداب في معجم الألقاب 4 ق 1 : 190 .
(3) ذيل مرآة الجنان 1 : 62 .
(4) الغيث المسجم 2 : 91 .
(5) فوات الوفيات 2 : 259 .
(6) المنهل الصافي 7 : 149 .
(7) وفيات الأعيان 2 : 91 .
(8) فوات الوفيات 2 : 259 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 161 _

  وببالي أنّي رأيت في بعض الكتب أنّه كان حنفياً ، ومهما كان مذهبه الفقهي ، فهو معتزلي الأصول ، وصرح بذلك في قوله :
ورأيت دين الاعتزال وإنني      أهوى لأجلك كل من iiيتشيّع
  نعم ، كان معتزلياً ولم يكن من معتدلي المعتزلة كشيوخه البغداديين ، وإن كانت بغداد سكناه ومدفنه ، فهو في شرحه نهج البلاغة كان سنياً صلباً ، ومتعصباً جداً ، ومجنّداً كل طاقاته في الدفاع عن شيوخ السلف ، وخاصة عن الشيخين بما لا يُحسنا هما الدفاع بمثله عن أنفسهما لو كانا حيين ، وسيأتي بعض ما يدلّ على ذلك في مواقف علماء التبرير ، وتعجبني كلمة صاحب ( نسمة السحر في من تشيع وشعر ) (1) حين ذكر ترجمته فقال : ( وكانت حالة عز الدين المذكور عجباً بيّناً ، هو شيعي متعصب كما في القصائد المشار إليها _ السبع العلويات _ إذ صار معتزلياً جاحظياً (2) أو أصمعياً (3) كما في أكثر شرحه ) .

---------------------------
(1) نسمة السحر 1 : 340 / 345 .
(2) هو أبو عثمان الجاحظ من معتزلة البصرة ، وهم أشد تعصباً للسلف من معتزلة بغداد ، حتى كان بينهما نقد ورد خصوصاً مع الجاحظ في عثمانيته ، فرد عليه الاسكافي في نقض رسالته ، وكلاهما مطبوعان بمصر ، وقد تعرض ابن أبي الحديد في شرح النهج لنقد الجاحظ ، راجع 13 : 219 / 220 و 235 و 243 و 253 و 278 و 285 وغيرها .
(3) نسبة إلى الأصمعي وهو عبد الملك بن قريب الأصمعي ، كان من المنحرفين عن الأمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، روى الخطيب في تاريخ بغداد 10 : 419 عن أبي العيناء ، قال : كنّا في جنازة الأصمعي سنة ( 215 هـ ) ، فحدثني أبو قلابة الجرمي الشاعر وأنشدني لنفسه :
لعن    الله   أعظماً   iiحملوه      نحو  دار البلى على iiخشبات
أعظماً تبغض النبي وأهل ال      بيت   والطيبين   iiوالطيبات
  وفي معجم الأدباء 12 : 153 : عن أبي العيناء ، قال لي المتوكل : بلغني أنك رافضي ؟ فقلت : ياأمير المؤمنين وكيف أكون رافضياً وبلدي البصرة ، ومنشأي مسجد جامعها ، واستاذي الأصمعي .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 162 _

  أقول : فمن يقرأ قوله في عينيته من السبع العلويات يجده جاز حد التعصب ، بل وحتى حد الغلو والارتفاع ، وإليك قوله :
يا  برق  إن جئت الغريّ فقل iiله      أتراك  تعلم  مَن  بأرضك iiمودع
فيك   ابن  عمران  الكليم  وبعده      عيسى    يقفيه    وأحمد    iiيتبع
بل  فيك  جبريل  وميكال  iiوإس      رافيل   والملأ   المقدس   iiأجمع
بل   فيك  نور  الله  جل  iiجلاله      لذوي  البصائر  يستشفّ  iiويلمع
فيك  الإمام  المرتضى  فيك  iiالو      صي المجتبى فيك البطين الأنزع
  إلى أن يقول :
لو لا حدوثك قلت انّك جاعل الأ      رواح  في  الأشباح iiوالمستنزع
لو  لا مماتك قلت إنّك باسط iiالأ      رزاق  تقدر  في العطاء iiوتوسع
  24 ـ المحب الطبري ( ت 694 هـ ) أبو العباس أحمد بن عبد الله شيخ الحرم المكي ، قال الذهبي : الفقيه الزاهد المحدّث كان شيخ الشافعية ومحدّث الحجاز .
وقال غيره : له تصانيف كثيرة في غاية الحسن منها : الرياض النضرة في فضائل العشرة ، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين ، وغير ذلك .
  25 ـ أبو الفدا صاحب حَماه ( ت 732 هـ ) ، هو الملك إسماعيل بن عليّ المعروف بأبي الفدا ، أثنى عليه ابن شاكر في فوات الوفيات (1) فقال : ( الملك المؤيد صاحب حَماه ، إسماعيل بن عليّ ، الإمام العالم الفاضل السلطان ... فيه مكارم وفضيلة تامة من فقه وطب وحكمة وغير ذلك ... ) أما ابن الوردي الذي

---------------------------
(1) فوات الوفيات 1 : 183 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 163 _

  ذيل على تاريخه فقال في تتمة المختصر : ( ... وكان سخياً محباً للعلم والعلماء ، ومتفنناً يعرف علوماً ، وقد رأيت جماعة من ذوي الفضل يزعمون أنّه ليس في الملوك بعد المأمون أفضل منه ) .
  26 ـ النويري ( ت 733 هـ ) ، هو أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبادة البكري النويري الشافعي ، شهاب الدين ، مؤرخ أديب مشارك في علوم كثيرة ، من تصانيفه ( نهاية الأرب في فنون الأدب ) في ثلاثين مجلداً ، ترجمه ابن حجر في الدرر الكامنة (1) ، وابن كثير في البداية والنهاية (2) والسيوطي في حسن المحاضرة (3) وآخرون .
  27 ـ الذهبي ( ت 748 هـ ) ، هو شمس الدين أبو عبد الله ، ترجمه ابن شاكر في فوات الوفيات (4) ، فقال : ( الشيخ الإمام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي ، حافظ لا يجارى ، ولافظ لا يبارى ، أتقن الحديث ورجاله ، ونظر علله وأحواله ، وعرف تراجم الناس ، وأزال الابهام في تواريخهم والإلباس ، جمع الكثير ، ونفع الجم الغفير ، وأكثر من التصنيف ... ) .
  وقال السيوطي في طبقات الحفاظ (5) : ( الذهبي الإمام الحافظ ، محدّث العصر ، وخاتمة الحفاظ ، ومؤرخ الإسلام ، وفرد العصر ... ) .
  أقول : ومع ما قيل فيه من جمل الإطراء والثناء ، فهو شديد في تسننه ونصبه كشيخه ابن تيمية ، إن لم يزد عليه فهو مثله في تكذيب أحداث

---------------------------
(1) الدرر الكامنة 1 : 197 .
(2) البداية والنهاية 14 : 164 .
(3) حسن المحاضرة 1 : 320 .
(4) فوات الوفيات 2 : 183 .
(5) طبقات الحفاظ : 521 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 164 _

  الهجوم والإسقاط ، كما سيأتي ذلك عنه في الفصل الثالث في ( نصوص ثابتة يجب أن تقرأ بامعان ) كما يأتي عنه ما ينسف تكذيبه من روايته قول محمّد بن أحمد بن حماد الكوفي ، في ابن أبي دارم الكوفي وقد حضره ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن ، ولم يعقب عليه بشيء .
  28 ـ الصفدي ( ت 764 هـ ) ، هو الصلاح خليل بن أيبك الصفدي ، ترجمه ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة (1) ترجمة وافية ، فذكر فيها شيوخه ومنهم الذهبي وابن كثير والحسيني ، ونقل عن الذهبي أنّه قال في حقه : ( الأديب البارع الكاتب ، شارك في الفنون ، وتقدم في الإنشاء ، وجمع وصنف ) ، وقال أيضاً : ( سمع منّي وسمعت منه ، وله تواليف وكتب وبلاغة ) إلى غير ذلك مما حكاه ابن حجر في ترجمته .
  والصفدي ذكر باختصار ما كان يجري في مجلس الحافظ البلخي في كتابه الوافي بالوفيات (2) ، وسيأتي ذلك في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى .
  29 ـ ابن كثير ( ت 774 هـ ) ، هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي الشافعي ، محدث ، مؤرّخ ، مفسر ، فقيه ، تأثر بشيخه ابن تيمية كثيراً ، فكان معه حياً ودفن معه ميتاً .
  له عدة تصانيف منها : تفسير القرآن العظيم وهو مطبوع ، وله البداية والنهاية في التاريخ مطبوع في 14 مجلداً ، وله نهاية النهاية في جزئين ، وله جامع المسانيد وهو كتاب كبير جمع فيه أحاديث الكتب الستة والمسانيد الأربعة ، وله السيرة

---------------------------
(1) الدرر الكامنة 2 : 87 .
(2) الوافي بالوفيات 3 : 344 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 165 _

  النبوية في أربعة أجزاء مطبوعة إلى غير ذلك ، وقد ترجمه ابن حجر في الدرر الكامنة (1) ، وابن العماد الحنفي في شذرات الذهب (2) وغير ذلك .
  وهذا له مواقف ناصبية معلنة في أحداث السقيفة وما بعدها ، ستأتي بعض النصوص نقلاً عن كتابه البداية والنهاية في الفصل الثالث ، وكذا عن كتابه السيرة النبوية .
  30 ـ نور الدين الهيثمي ( ت 807 هـ ) ، هو أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي الشافعي ، محدث حافظ ، رافق الحافظ العراقي في السماع ولازمه ، له عدة تصانيف منها : ( موارد الظمآن في رواية صحيح ابن حبان ) وهو مطبوع ، و ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ) أيضاً مطبوع ، و ( البغية في ترتيب أحاديث الحلية ) مطبوع .
  31 ـ ابن الشحنة ( ت 815 هـ ) ، هو أبو الوليد محمّد بن محمّد بن محمّد بن محمود الحلبي الحنفي المعروف بابن الشحنة ، فقيه ، أصولي ، مفسر ، فرضي ، أديب ، ناظم ، نحوي ، مؤرّخ ، أفتى ودرس وتولّى قضاء الحنفية بحلب ثم بدمشق ، له عدة مؤلّفات منها : ( روض المناظر في علم الأوائل والأواخر ) مطبوع على هامش تاريخ الكامل لابن الاثير (3) ط بولاق بمصر .
ترجمه السخاوي في الضوء اللامع (4) ، وابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (5) ، والشوكاني في البدر الطالع (6) وغيرهم .
  32 ـ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ، قال الشوكاني في البدر الطالع (7) : ( الحافظ الكبير الشهير ، الإمام المتفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة

---------------------------
(1) الدرر الكامنة 1 : 373 / 374 .
(2) شذرات الذهب 6 : 231 / 232 .
(3) الكامل لابن الأثير : 11 / 12 .
(4) الضوء اللامع 10 : 3 / 6 .
(5) شذرات الذهب 7 : 113 / 114 .
(6) البدر الطالع 2 : 264 / 265 .
(7) المصدر نفسه 1 : 87 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 166 _

  المتأخرة ... وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد ، والعدو والصديق ، حتى صار اطلاق لفظ ( الحافظ ) عليه كلمة اجماع ... ) .
  وقد كتب تلميذه السخاوي كتاباً في ترجمته سمّاه ( الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ) .
وقال السيوطي في طبقات الحفاظ (1) : ( ابن حجر شيخ الإسلام ، وإمام الحفاظ في زمانه ، حافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقاً ... وقد غلق بعده الباب ) .
  هذا شيء عن ترجمته ، وقد زاد على الذهبي فيما ذكره في ترجمة ابن أبي دارم بما ذكره في ترجمة محمّد بن عبد الله الواعظ البلخي ، وسيأتي ذلك في الفصل الثالث في نصوص يجب أن تقرأ بإمعان .
  33 ـ جلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ ) ، هو أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمّد بن أبي بكر ، الخضيري الأصل الطولوني المصري الشافعي ، عالم مشارك في أنواع من العلوم .
  له مؤلفات كثيرة ، استقصى الداودي مؤلفاته فنافت عدتها على خمسمائة مؤلّف ، فمنها ما بلغ عدة أجزاء كالجامع الكبير ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ومنها ما لم يتجاوز عدة أوراق ، راجع مصادر ترجمته في معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (2) .
  34 ـ المتقي الهندي ( ت 975 هـ ) ، وهو عليّ بن حسام الدين بن عبد الملك الجونيوري الهندي ، فقيه ، محدث ، واعظ ، مشارك في بعض العلوم ، أقام بمكة ومات بها ، له تصانيف منها كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، طبع في الهند وغيرها مكرراً ، وله المنتخب منه طبع بهامش مسند أحمد بن حنبل ( الطبعة الأولى بمصر ) وله غير ذلك .

---------------------------
(1) طبقات الحفاظ : 552 .
(2) معجم المؤلفين 5 : 129 / 121 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 167 _

3 ـ نظرة في المصادر :

  إنّما يكون اعتماد الباحث على المصدر الذي يرجع إليه في التصديق لما فيه ، إما من توثيق خارجي كأن يوثقه أهل الخبرة من الاعلام ، أو من اتساق بين مرويّاته مع مرويات الآخرين ممّن يوثق بهم ، فتحصل القناعة الكافية بصحة المروي في المصدر .
  ونحن الآن إذا رجعنا إلى المصادر التي ذكرت الأحداث التي صاحبت سقوط المحسن السبط السقط ، نجد الإتساق بين مروياتها جميعاً إجمالاً ، وإن تفاوتت في التفصيل ، كما سيأتي عرض النصوص المنقولة عنها في الفصل الثالث ، والإتساق والاتفاق عنصر مهم في توثيق الحَدَث ، وربما كان أقوى من توثيق عالم واحد لكتاب واحد ، فالاتساق مضموناً يعني الاتفاق رواية ، وتصديق بعضٍ بعضاً .
  بقي علينا التحقق من صحة نسخة المصدر ونسبتها إلى صاحبه ، ليتم التوثيق والاتساق ، وحينئذٍ تحصل الثقة فيتم الاستدلال .
  والآن إلى مرور عابر على بعض المصادر التي سنقتطف منها نصوصاً نستدل بها على فظاعة الأحداث يوم سقوط ( المحسن السبط السقط ) أول ضحايا العنف في أحداث السقيفة ، أو اختلفت روايتها عن مؤلفيها ، لوقوع ذلك في ضمن جملة من المصادر ، وعلى سبيل المثال كصحيح البخاري ، وحسبنا " دليلاً ظاهراً " ، الاطلاع على طبعة بولاق التي سودت هوامشها باختلاف النسخ حسب رموز رواتها ، وهذا ما يسبب عناء للباحث ، ويثير الشكوك ، ويرفع أصابع الإتهام مشيرة إلى أكثر من واحد ، إلى الراوي ؟ إلى الناسخ ؟ إلى المحقق ؟ إلى الناشر ؟ وكل

المحسن السبط مولود أم سقط _ 168 _

  هؤلاء أطراف تحوم حولهم الشبهة ، ولذلك كان علينا أن نلقي نظرة عابرة على بعض المصادر التي سننقل عنها بعض النصوص في رسالتنا هذه عن السيد ( المحسن السبط ) .
  1 ـ كتاب سيرة ابن هشام ، فقد اختان صاحبها ضميره حين أخفى ـ رهبة أو رغبة ـ بعض الحقائق ، وقد مرّت الإشارة إلى حذفه اسم العباس من قائمة أسرى بدر ، وما صنعه ابن هشام في سيرة ابن إسحاق .
  2 ـ كتاب طبقات ابن سعد ، وهذا الكتاب لم يصل إلينا كاملاً في طبعاته الأولى ، ومع ذلك فثمّة فيه نصوص نافعة ستأتي في الفصل الثالث .
  3 ـ كتاب ( المصنف ) لابن أبي شيبة ، وهذا الكتاب تلاعبت الأهواء في المنقول عنه في جملة من المصادر التي روت الحدث بسنده ، كما ستأتي الإشارة إليه .
  4 ـ كتاب ( المعارف ) لابن قتيبة ، تلاعبت رواته عن مؤلفه ، فاختلفت رواية تلاميذ ابن قتيبة لكتابه ( المعارف ) فضاعت منه نصوص منقولة عنه ، ولم نقف عليها فيما وصلت إلينا من نسخه ، إلاّ أنّ مصادر ثانوية نقلت ذلك أو أشارت إليه .
  وسيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الرسالة في الملحق الثاني ، وفيما يتعلّق بموضوع رسالتنا ( المحسن السبط مولود أم سقط ) وجدنا ابن قتيبة معدوداً في كل فصل من الفصول الثلاثة من الباب الثاني كما مر .
  ففي الفصل الأول : كان معدوداً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) ولم يذكروا عن موته شيئاً ، فقد ورد في كتاب المعارف (1) ذكره معدوداً مولوداً .
  وفي الفصل الثاني صار ابن قتيبة مذكوراً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) مولوداً ومات صغيراً ، كما مرّ لما ورد في كتاب المعارف أيضاً (2) .

---------------------------
(1) كتاب المعارف : 210 .
(2) المصدر نفسه : 211 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 169 _

  وفي الفصل الثالث كان ابن قتيبة معدوداً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) وأنه مات سقطاً ، كما مر ، وهذا ما لم نجده في المطبوع من كتاب المعارف سواء المحقق منه أو غير المحقق ، فمن الذي غص بذكر النص فابتلعه على مضض ؟ !   ولدى التحقيق وجدنا الرواة لكتاب المعارف عن مؤلفه ابن قتيبة ، هم الّذين يتحملون قسطاً من الوزر في موضوع ( المحسن ) ، كما ستأتي الاشارة إليه في الملحق الخاص بكتاب ( المعارف ) أما من الذي يتحمل الوزر في حذف النص الآتي في اسقاط ( المحسن ) فذلك ما لم أقف عليه فعلاً .
  والذي يجب التنبيه عليه في المقام هو توثيق ما نقل من نص في اسقاط ( المحسن ) ، لقد روى لنا الحافظ ابن شهرآشوب السروي ( ت 588 هـ ) ، عن كتاب المعارف النص التالي : ( وفي معارف القتبي : أن محسناً فسد من زحم قنفذ العدوي ) .
  وهذا ما خلت عنه نسخ ( المعارف ) المطبوعة ، فبين يدي طبعتان من الكتاب ، الأولى مطبوعة سنة 1253 هبدون تحقيق ، والثانية مطبوعة سنة 1960 م بتحقيق الدكتور ثروت عكاشة ، وليس فيها النص المحكي عن المعارف ، ولمّا كان النص ذا دلالة واضحة وصريحة في الإدانة ، فليس متوقعاً أن يسلم من أيدي الخيانة .
  وقد ينطق سائل : كيف نثق بصحة رواية الحافظ ابن شهرآشوب السروي وهو من شيوخ الشيعة ؟ والجواب ببساطة هو أن نقرأ توثيق الرجل على لسان غير الشيعة : كالصفدي ، وابن حجر ، والسيوطي ، والداودي وغيرهم ، فكلّهم أثنوا عليه بما هو أهله ، ولنقرأ ما قاله الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات (1) :
  ( أحد شيوخ الشيعة ، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ، ثم تقدم في علم القرآن والغريب

---------------------------
(1) الوافي بالوفيات 4 : 146 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 170 _

  والنحو ، وعظ على المنبر أيام المقتفي ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه ، وكان بهيّ المنظر ، حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح العبارة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجد ، لا يكون إلاّ على وضوء ، أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيراً ... ) .
  ولم نذكر باقي الترجمة لطولها ، كما لا نذكر ما قاله عنه ابن حجر في لسان الميزان (1) ، والسيوطي في بغية الوعاة (2) ، والداودي في طبقات المفسرين (3) ، فكلّهم أثنوا عليه ثناءاً عاطراً حسناً فراجع .
  إذن فمن كان بهذه المثابة من الدين والعلم ، لا يتطرق إليه الريب في حكايته ما وجده في كتاب معارف القتبي ـ كما سماه ـ من زحم قنفذ وسقوط المحسن .
ويزيدنا إيماناً بصحة ما حكاه ذلك الشيخ الجليل ، أنّ الحافظ الكنجي الشافعي (4) صاحب كتاب ( كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ) قد أكّد خبر الإسقاط نقلاً عن ابن قتيبة فقال : ( وهذا _ الإسقاط ـ شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلاّ عند ابن قتيبة ) .
  ولمّا لم يذكر الحافظ الكنجي اسم الكتاب الذي ذكر فيه ابن قتيبة ذلك ، كان من المرجح عندي هو كتاب ( المعارف ) الذي سبق للحافظ ابن شهرآشوب النقل عنه .

---------------------------
(1) لسان الميزان 5 : 310 .
(2) بغية الوعاة : 77 .
(3) طبقات المفسرين 2 : 210 .
(4) لمزيد من المعرفة بالحافظ الكنجي الشافعي تحسن مراجعة مقدمة كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) لمحمد مهدي الخرسان، فهي مقدمة ضافية ، كما في طبعة النجف بمطبعة النعمان ، وأوفى منها في طبعة بيروت منشورات دار الهادي .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 171 _

  5 ـ كتاب ( الإمامة والسياسة ) لابن قتيبة ، وشهرة نسبة الكتاب ـ أيّ كتاب كان ـ إلى مؤلف ما ، تستبعد عنها كثيراً من الاحتمالات المشككة ، فإذا كانت هناك مؤشرات ثبوتية بتوثيقه يقوي بعضها بعضاً تحصل القناعة لدى من يرى صحة النسبة ، أما الّذين تستحكم عندهم الشبهة ، فيبقون عند رأيهم ، وعليهم البحث حتى يثبت لهم وجه الحق ، والناس أحرارٌ في آرائهم .
  ولمّا كان كتاب ( الإمامة والسياسة = تاريخ الخلفاء الراشدين ) من الكتب التي حامت حوله الشبهات ، وكادت تلفه غياهب الظلمات ، فشك غير واحد في صحة نسبته إلى ابن قتيبة ، وخلص إلى النفي بعد أن ساق عدة ملاحظات تمسك بها المشككون ، وجلّها لا بل كلّها لا تخلو من مناقشة .
  وستأتي تلك الملاحظات مع المناقشات في آخر الرسالة في الملحق الثالث ، حيث ستكون النتيجة اعتماد الكتاب بعد صحة نسبته إلى ابن قتيبة ، ولا مانع من أخذ النص منه في الأحداث التي أصابت المسلمين بهلع وفزع بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وتزامنت مع سقوط ( المحسن السبط ) لاتساق ما ورد في الكتاب مع ما ورد في المصادر الأخرى .
  6 ـ كتاب ( الاستيعاب ) لأبي عمر ابن عبد البر المالكي ، ويعتبر من أمّهات كتب التاريخ لمعرفة الصحابة ، وقد اعتمده كلّ من ابن الأثير في كتابه ( أسد الغابة ) وابن حجر في كتابه ( الإصابة ) وغيرهما ممّن بحث في تاريخ الصحابة ، وقد قال هو عن كتابه : ( ومن وقف على ما ذكرنا في كتابنا هذا من أسماء الصحابة وما تضمنه من عيون أخبارهم ، فقد أخذ بحظ من علم الخبر ومعرفة الحديث ... ) (1) .

---------------------------
(1) الاستيعاب : 1973 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 172 _

  ومع هذا كلّه فالكتاب لا يخلو من هفوات وأكثر من هنات ، ومهما أحسنّا الظن بمؤلّفه الذي مرّت ترجمته ، وما قرأناه من وصفه ( كان ديّناً ثقة ... ) لكن يبقى في النفس من وصفه بذلك ريب ، إذ أنّه روى خبر التهديد بالاحراق عن زيد بن أسلم عن أبيه ... وأبوه كان مولى لعمر بن الخطاب ، وممّن حمل معه الحطب في النفر الذي أتوا إلى بيت فاطمة ( عليها السلام ) ، فهو من شهود الواقعة ، وعنصر المشاهدة في الرواية يزيدنا وثوقاً بها .
  أقول : روى ابن عبد البر هذا الخبر عن زيد بن أسلم عن أبيه في الاستيعاب (1) ، وفيه قول عمر لفاطمة ( عليها السلام ) : ( ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولئن يبلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ ) هكذا رواه ولم يذكر التهديد بالإحراق صريحاً ، بل كتم ذلك وكنى عنه بقوله : ( لأفعلنّ ولأفعلنّ ) وإذا رجعنا إلى بقية المصادر التي ذكرت التهديد بالإحراق صراحة ، نجدها تنقل ذلك برواية زيد بن أسلم عن أبيه ، فقد روى ذلك ابن أبي شيبة في كتابه ( المصنف ) (2) ولفظه : ( وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت ... ) ، ورواه غيره كما ستأتي مصادره في الفصل الثالث في نصوص يجب أن تقرأ بإمعان .
فلماذا انقلب التهديد الصريح إلى تهديد مبطّن عند ابن عبد البر ، الذي أثبت بفعله مكذوب الثناء عليه ( كان ديّناً ثقة ... ) فما كان في فعله ذلك برّاً ولا تقياً .
  7 ـ كتاب ( الأموال ) لأبي عبيد ( ت 224 هـ ) ، فقد تعمد الإيهام والاستبهام في كتابه ذلك حين روى خبر عبد الرحمن بن عوف مع أبي بكر قبل موته بخمس عشرة ليلة ، وفيه مثلثات أبي بكر نادماً على ما فعل وما لم يفعل ، فكان من

---------------------------
(1) الاستيعاب : 975 .
(2) المصنف 14 : 567 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 173 _

  خبره قول أبي بكر : ( أما الثلاث التي فعلتها وودت أنّي لم أفعلها : فوددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا لخلة ذكرها ) قال أبو عبيد : لا أريد ذكرها .
  وهذا ما جعلنا نهزأ بمن يتكتم على الحق لئلاّ يظهر للناس فيعرفوا الحق لأهله ، فأبو بكر يصرّح بماذا فعله وود أنّه لم يفعله نادماً ، يأتي أبو عبيد بعد أكثر من قرنين من الزمان ، فيقول : ( لخلة ذكرها لا أريد ذكرها ) لماذا ؟ فهل أنت أحرص على أبي بكر من نفسه ؟ فهو يذكر تلك الخِلة وأنت لا تريد ذكرها ، إنّها لملكية فوق الملك ، وهذه بلية شملت آخرين من المؤرخين أشير إلى بعضهم هنا وأترك ذكر المثلثات ، إذ سيأتي تمام ذكرها في بداية الفصل الثالث في أول ( نصوص يجب أن تقرأ بإمعان ) ، موثقة رواياتها من مصادر كثيرة تناهز العشرة وربما تزيد فانتظر .
  8 ـ كتاب ( الأموال ) لحميد بن زنجويه ( ت 251 هـ ) ، وفيه ورد خبر المثلثات مرّتين ، ففي الأولى ذكر النص بسند رجال ثقات وليس في النص أيّ تلاعب ، لكن حين ذكره ثانية بسنده دون سنده في المرة الأولى ، وجدنا يكنى بـ ( كذا وكذا لشيء ذكره ؟ ! ) .
  9 ـ كتاب ( الكامل ) للمبرد ( ت 285 أو 286 هـ ) ، وهذا الكتاب من عيون الكتب الأدبية ، تتخلله نكات تاريخية ، ذات دلالة يعني الباحث بها ، ومنها ذكره خبر أبي بكر المشار إليه آنفاً من دون ذكر المثلثات ، وهذا مما يؤاخذ عليه .
  10 ـ كتاب مروج الذهب للمسعودي ، وهذا فيه مواطن تستدعي الوقوف عندها لسنا بصدد ذكرها فعلاً ، لكن ما يستدعي التنبيه عليه في خصوص ما يتعلق بالمقام ، هو رواية خبر المثلثات الآنف الذكر ، وجاء فيه :
  ( ومرض أبو بكر قبل وفاته بخمسة عشر يوماً ، ولمّا احتضر قال : ما آسى على شيء إلاّ على ثلاث فعلتها وددت أنّي تركتها ، وثلاث تركتها وددت أنّي فعلتها ،

المحسن السبط مولود أم سقط _ 174 _

  وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عنها ، فأما الثلاث التي فعلتها ووددت أنّي تركتها : فوددت أنّي لم أكن فتشت بيت فاطمة ، وذكر كلاماً كثيراً ... ) .
  فبتر المسعودي الكلام الكثير من أبي بكر ، وانّها لبلية المؤرّخ حين يعيش أزمة الضمير الخانقة ، فهو لا يقوى ـ بجرأة وشجاعة ـ على نقل الوقائع كما هي بحذافيرها وجميع حيثياتها ، إما لغلبة العاطفة بحكم الولاء والانتماء ، أو تقية من سلطان حاكم يخشى بطشه ، أو خوفاً من هياج رعاع الناس حيث لا تحتمل نفوسهم قساوة المصارحة ، ويبدو أنّ المسعودي كان يعيش تلك الدوّامة ، فأعرض عن ذكر الكلام الكثير لأبي بكر .
  وفي كتابه ما ستأتي الإشارة إليه من جناية الناشرين أو المحققين عند ذكر ما ننقله من نصوص يجب أن تقرأ بإمعان في الفصل الثالث .
  11 ـ كتاب ( إعجاز القرآن ) للباقلاني ( ت 403 هـ ) ، وهو معروف بتعصبه ، ومن يقرأ كتابه ( التمهيد ) لا يحتاج في إثبات نُصبه إلى مزيد .
  فهذا نقل في كتابه إعجاز القرآن (1) بتعليق السلفي محب الدين الخطيب : روى خبر دخول عبد الرحمن بن عوف على أبي بكر ، ولكنه بتر المثلثات كلّها جملة وتفصيلاً ، ومن الطبيعي أن لا يعلّق محب الدين الخطيب منبهاً على ذلك .
  غير أنّ الكتاب أعيد طبعه في دار المعارف بتحقيق السيد أحمد صقر ، وكان بحق صقراً حيث انقضّ على ما ذكره المبرّد في تفسير بعض جمل الخبر ، وأشار في الهامش إلى ذلك ، ولم يذكر عن المثلثات المحذوفة شيئاً (2) .
  كما لم يشر في الهامش إلى تاريخ الطبري والعقد الفريد اللذين ورد فيهما الخبر بتمامه وكماله مشتملاً على المثلثات ، وأحسبه فعل ذلك لئلاّ يحرج نفسه ويجرح عاطفة قرّائه .

---------------------------
(1) إعجاز القرآن : 116 .
(2) إعجاز القرآن : 210 / 211 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 175 _

  12 ـ كتاب ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم الأصبهاني ( ت 430 هـ ) ، أطنب مترجموه في الثناء عليه حتى قال فيه ابن مردويه : كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه ، لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه ، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده ، وكلّ يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قريب الظهر ، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزؤه ، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف ) (1) .
  وهذا الحافظ ممّن بتر المثلثات من حديث أبي بكر كما صنع في حلية الأولياء (2) .
  13 ـ وعلى سبيل من مضى جرى من أتى بعدهم حتى من الباحثين المحدثين .
  فهذا أحمد زكي صفوت ذكر في كتابه جمهرة خطب العرب (3) حديث عبد الرحمن بن عوف مع أبي بكر في مرضه الذي مات فيه ، وذكر كلام من الرجلين إلاّ مثلثات أبي بكر فقد بترها ، مع أنّه ذكر في مصادره تاريخ الطبري والعقد الفريد ، واعتمد عليهما في نقل الخبر ، لكنه فيما يبدو يعيش أزمة تاريخ في ذمة مؤرخ ، فاقتطع ما ذكره وترك ما لا يعجبه ذكره ، حفاظاً على قداسة الموروث .

---------------------------
(1) تذكرة الحفاظ 3 : 1096 .
(2) حلية الأولياء 1 : 34 .
(3) جمهرة خطب العرب 1 : 78 .