كتاب اختصار الغريبين ، للهروي .
  وكتاب اختصار مغرب اللغة ، للمطرزي .
  واختصار كتاب غريب القرآن ، لمحمد بن عزيز السجستاني .
  وكتاب اختصار جوامع الجامع ، للشيخ الطبرسي .
  واختصار كتاب تفسير علي بن إبراهيم .
  واختصار زبدة البيان مختصر مجمع البيان للطبرسي ، للشيخ زين الدين البياضي .
  واختصار علل الشرائع ، للصدوق .
  واختصار القواعد الشهيدية .
  واختصار كتاب المجازات النبوية ، للسيد الرضي .
واختصار كتاب الحدود والحقائق في تفسير الالفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها ... ثم من مؤلفاته أيضا : كتاب مختصر نزهة الالباء في طبقات الادباء تأليف كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الانباري .
  وله أيضا : اختصار كتاب لسان الحاضر والنديم ، انتهى .
  وله أيضا شعر كثير وقصائد طوال وأراجيز جيدة وخطب مسجعة .
  فله القصيدة البديعية الميمية المشتملة على أنواع المحسنات الشعرية المذكورة في علم البديع اللفظية منها والمعنوية ، وقد شرحها شرحا يظهر منه كماله في الادب ، وختمها بخطبة غراء في مدح سيد البرية .
  وله قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام تبلغ 190 بيتا أنشدها عند قبره الشريف لما زاره يذكر فيها يوم الغدير .
  وله ارجوزة في 130 بيتا في الايام المستحب صومها .
  وله ارجوزة ألفية في مقتل الحسين عليه السلام وأصحابه بأسمائهم وأشعارهم ، قال في كتاب فرج الكرب وفرح القلب : لم يصنف مثلها في معناها ، مأخوذة من كتب متعددة ومظان متبددة .

محاسبة النفس _ 29 _

حول الكتاب : اسم الكتاب :
  محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة ، ولم يذكر .
  المصنف صريحا في مقدمة الكتاب ، بل أشار إليه بقوله : ... فحق على كل ذي علم ، وحتم على كل ذي حزم محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة .
  وطريقة هذا الكتاب من أحسن طرق محاسبة النفس ، أخذها المصنف من الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكرناه سابقا .
  والمصنف جمع في كتابه هذا آيات التحذير والترغيب وغيرها ونسجها نسجا لطيفا يؤثر في قلب القارئ ، واقتبس من بعض الآيات عبارات زادت الكتاب كمالا ، وأورد الاحاديث الواردة عن النبي وآله عليهم السلام من التحذير والترغيب والمواعظ والاوامر والنواهي ، وجعلها على نسق جميل من دون الاشارة إلى ذكر الحديث إلا قليلا ، وضمن كتابه الحكم والامثال ، واللطائف والآثار ، والعبارات الادبية والاشعار اللطيفة التي تناسب المقام .
  فخرج كتابه جامعا يستلذ من قراءته كل واحد ، ولا يمل من دوام مطالعته ، كالعطر كلما كررته يتضوع .
  ثم إن شيخنا الكفعمي رضوان الله عليه ألف هذا الكتاب مستقلا ـ وتاريخ تأليفه للكتاب غير معلوم ـ وبعد ذلك اختصره وأدرجه في آخر كتابه البلد الامين والدرع الحصين الذي ألفه عام 868 ه‍ ، وطبع المختصر مع كشف الريبة للشهيد الثاني ومحاسبة النفس لابن طاووس سنة 1390 ه‍ .
  قال العلامة الطهراني : محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح الكفعمي صاحب الجنة

محاسبة النفس _ 30 _

  الواقية المعروفة بمصباح الكفعمي التي فرغ منها 895 ، مشتملة على مواعظ حسنة ومخاطبة النفس بعبارات مؤثرة أولها : الحمد لله السريع حسابه الاليم عقابه ، وهو مطبوع مع كشف الريبة في 1319 ... وقد أدرجها المصنف نفسه في آخر كتابه البلد الامين والدرع الحصين الذي ألفه 868 ، الذريعة 20 : 121 .

عملنا في الكتاب :
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ للمكتبة الرضوية ـ على صاحبها آلاف التحية والسلام ـ وهي :
  1 ـ نسخة كاملة تاريخ كتابتها عام 989 جاء في آخرها : علي يد الفقير الحقير حافظ محمد علي أصفهاني سنة 989 ، وهي نسخة كثيرة الاغلاط وقد أورد الكاتب بعض تعاليق المصنف على الكتاب داخل المتن ، فأدرجناها في الهامش ، وجعلنا حرف (أ) رمزا لها .
  2 ـ نسخة كاملة أيضا إلا ورقتين سقطت من وسط الكتاب والمناجاة من آخره ، وهي بدون تاريخ ، سيئة الخط ، وجعلنا حرف (ب) رمزا لها .
  3 ـ نسخة مختصرة ملحقة بالبلد الامين ، تاريخ كتابتها عام 1082 ، وهي نسخة جيدة الخط قليلة الاخطاء ، وجعلنا حرف (ج) رمزا لها .
  4 ـ نسخة مختصرة أيضا ملحقة بالبلد الامين ، جيدة الخط أيضا قليلة الاخطاء ، وهي بدون تاريخ ، وجعلنا حرف (د) رمزا لها ، فضبطت الكتاب على هذه النسخ الاربع مع الاشارة إلى الاختلافات التي لها وجه في الهامش ، وتخريج الآيات القرآنية ، وشرح الكلمات التي يعسر على العرف العام فهمها من كتب اللغة ، وشكل بعض الكلمات التي تحتاج إلى إعراب ، ولم أخرج الاحاديث لما أشرت إليه قبل قليل من أن أكثر عبارات الكتاب هي نصوص الاحاديث نسجها المصنف في كتابه من دون الاشارة إلى ذكر الحديث ، وما أشار إليه قليل جدا ، علما بأن بعض الكلمات لم نستطع قراءتها فتركنا في محلها بياضا ، وبعض

محاسبة النفس _ 31 _

  الكلمات لم نستطيع الوصول إلى معناها من كتب اللغة فتركناها كما هي .
  وفي الختام أتقدم بجزيل الشكر والثناء إلى كل من ساعدني في تحقيق هذا الكتاب ونشره ، وأخص بالذكر الاستاذ المحقق الشيخ أسد مولوي ، لمراجعته الكتاب من أوله إلى آخره ، وإبداء ملاحظاته القيمة حوله .
  سائلا المولى الجليل أن يوفق كل العاملين لخدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام .
   مؤسسة قائم آل محمد (عج) حرم أهل البيت ـ قم 15 شعبان المعظم ـ 1408 ه‍ ذكرى مولد قائم آل محمد المهدي فارس تبريزيان

محاسبة النفس _ 33 _

محاسبة النفس :

محاسبة النفس _ 35 _

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله السريع حسابه ، الاليم عقابه .
  وأشهد أن لا إله إلا الله ، شهادة تؤمن صاحبها من عظائم الجرائم وجرائم العظائم ، ولا يخاف في الله لومة لائم (1) .
  وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الذي جعله الله على كافة أمته شهيدا (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) (2) .
  وبعد : فإنه قد أجمعت (3) الانبياء والمرسلون ، والائمة الراشدوق ، أنه تعالى لجميع العباد بالمرصاد (4) ، وأنهم سيناقشون يوم المعاد ، وبطالبون بمثاقيل

--------------------------------
(1) اقتباس من قوله تعالى (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) المائدة 5 : 54 .
(2) آل عمران 3 : 30 .
(3) في أ ، ب : اجتمعت ، وفي د : جمعت ، وما أثبتناه من ج ، وهو الانسب .
(4) إشارة إلى قوله تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) الفجر 89 : 14 .

محاسبة النفس _ 36 _

  الذر ، من الخير والشر (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (1) ولا ينجي من هذه الاخطار الجليلة ، إلا محاسبة (2) النفس كل يوم وليلة .
   فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة (3) حسابه ، وحضر عند السؤال جوابه ، وعظم يوم القيامة ثوابه (4) ، وحسن منقلبه وما به (5) .
   ومن لم يحاسب نفسه ، وأضاع يومه وأمسه ، وتلفع (6) بملاءة الهوى ، وتعرى من لباس التقوى ، وجب أن يطوا في عرصات القيامة مقامه ، وتدوم في مواقف يوم الطامة الامه .
  فحق على كل ذي علم ، وحتم على كل ذي حزم : محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة فإن النفس بالطبع متمردة عن الطاعات ، مستعصية عن العبادات ، فكن لها من الواعظين (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (7) .
  ففي الخبر : لا يكون الرجل من المتقين حتى يجاسب نفسه ، فيعلم طعامه وشرابه ولبسه .
  وعنه عليه السلام : قيدوا أنفسكم بمحاسبتها ، واملكوها بمخالفتها ، تأمنوا من الله الرهب ، وتدركوا عنده الرغب ، فإن الحازم من قيد نفسه

--------------------------------
(1) الزلزلة 99 : 7 و 8 .
(2) في ب : إلا بمحاسبة .
(3) في ب : يوم القيامة .
(4) جملة : وعظم يوم القيامة ثوابه ، لم ترد في أ ، ب .
(5) أي : مرجعه ، اللسان 1 : 218 أوب .
(6) أي : التحف ، والالتفاع والتلفع : الالتحاف بالثوب ، وهو أن يشتمل به حتى يجلل جسده ، اللسان 8 : 320 لفع .
(7) الذاريات 55 : 51 .

محاسبة النفس _ 37 _

  بالمحاسبة ، وملكها بالمغالبة ، وأسعد الناس من انتدب (1) لمحاسبة نفسه ، وطالبها بحقوقه (2) في يومه وأمسه .
  وعنه عليه السلام : الكيس من دان نفسه ، أي : حاسبها ، وعمل لما بعد الموت وطالبها .
  فحاسب نفسك قبل أن تحاسب ، وطالبها قبل أن تطالب ، وقل لها (3) : يا نفس : احزمي (4) أمرك ، فما لك بضاعة إلا عمرك ، فلا تفنيه في مأربك (5) ، ولذاتك ومطالبك ، لانه إذا فني رأس المال حصلت الخسارة ، ووقع اليأس عن التجارة .
  شعر :

إذ كـنت أعـلم علما iiيقينا      بأن جميع حياتي كساعة فلم
لا أكـون ضـنينا (6) iiبها      واجعلها في صلاح وطاعة 

--------------------------------
(1) في أ : من انقاد .
(2) في ب : حقوقها .
(3) في ب : يا نفس : فحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي ، وطالبيها قبل أن تطالبي ، وقولي لها : ...
(4) من الحزم ، وهو : ضبط الرجل أمره والحذر من فواته ، مجمع البحرين 6 : 39 حزم ، وفي أ : احرضي ، وفي ج ، د : اجزمي ، وما أثبتناه من ب ، وهو الانسب .
(5) أي : حاجاتك ، اللسان 1 : 208 أرب .
(6) أي : شحيحا ، مجمع البحرين 6 : 275 ضنن .

محاسبة النفس _ 38 _

  يا نفس : وهذا يوم جديد ، وهو عليك شهيد ، فاعملي فيه لله بطاعته ، وإياك إياك من إضاعته ، فإن كل نفس من الانفاس ، وحاسة من الحواس ، جوهرة عظيمة ، ليس لها من قيمة .
  شعر :
أولى الذخائر في iiالحماية      والـرعايه  iiوالـحراسة
عـمر الفتى فهو iiالنهاية      فـي  الـجلالة والنفاسة
وحـذار  مـن iiتضييعه      إن كنت من أهل الكياسة
  يا نفس : إن اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة ، فاشتغلي فيها بالطاعة ، فقد ورد في الخبر ، عن سيد البشر : أنه ينشر (1) للعبد كل يوم أربع وعشرون خزانة ، بعضها فارغة وبعضها ملانة : فإذا فتحت له خزانة الحسنات ، والمراضي والمثوبات ، ناله من الفرح والسرور ، والبهجة والحبور ، بمشاهدة تلك الانوار ، التي هي وسيلة عند الملك الجبار ، ما لو وزع على أهل النار ، لادهشهم ذلك الفرح عن ألم السعار (2) .

--------------------------------
(1) في ب : ينثر .
(2) في أ : السعار بالضم : حر النار وشدة الجوع أيضا ، وسعرناهم بالنبل : أحرقناهم ، قاله الجوهري .

محاسبة النفس _ 39 _

  وإن فتحت له خزانة العصيان ، والغيبة والبهتان ، غشاه من نتنها وظلامها ، وأصابه من شرها وآلامها ، ما لو قسم على أهل النعيم ، لنغص (1) عليهم التنعيم .
  وإن فتحت الفارغة من الاعمال ، الموصوفة بالتكاسل والاهمال ، لحقه (2) الحزن العظيم ، على خلوها من الثواب الدائم المقيم .
  يا نفس : فاملئي تلك الساعات من الحسنات ، واشحنيها بما شق من العبادات والقربات ، ولا تميلي إلى الكسل والاستراحة ، فما ملا الراحة من استوطأ الراحة (3) .
  وهب كنت مسيئة قد عفي عن جريرتك ، وستر (4) على سريرتك ، أليس قد فاتك ثواب المحسنين ، ودرجات الابرار في عليين ؟ !
  يا نفس : إن كنت في معصية الله ممن يعلم اطلاعه ، فلقد اجترأت على أمر عظيم الشناعه ، لجعلك إياه أهون الناظرين ، وأخف المطلعين ، وإن كنت تظنين أنه الصحاح 2 : 684 سعر .

--------------------------------
(1) في أ : لبغض ، وفي ب : لنقص ، والمثبت من ج ، د ، وهو الانسب .
(2) في ج : لحفه .
(3) قيل : الراحة الاولى بمعنى الكف والجمع الراح ، والثانية من الاستراحة ، وفي ب : ما ملا الراحة من استواطأ الزاحة .
(4) في أ : وسر .

محاسبة النفس _ 40 _

  لا يراك ، فلقد كفرت بمولاك .
  يا نفس : أترين لو أن أحدا من جلسائك ، أو عبيدك وإمائك ، واجهك بما تمقتينه ، أو عاملك بما تكرهينه ، لقلمت منه الاظفار ، وأحللت به دار البوار فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وعذابه ، وشدة نكاله وعقابه ؟ وقربي إصبعك من الحميم ، إن ألفاك البطر عن النظر في عقابه الاليم .
  يا نفس : ويحك بل ويلك من العذاب ، كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب ، أتظنين أنك إذا مت انفلت ، وإذا حشرت رددت ؟ ! هيهات هيهات ، كل ما توعدين لآت (1) .
  شعر :
ولـو  أنـا إذا متنا iiتركنا      لكان الموت راحة كل حي
ولـكنا  إذا مـتنا iiبـعثنا      ونـسال بعده عن كل شئ
  يا نفس : إنك تقدمين على ما قدمت ، وتجازين على ما أسلفت ، فلا تخد عنك دنيا دنية ، عن مراتب جنات علية ، فإن لكل حسنة ثوابا ، ولكل سيئة عقابا ، وإنه

--------------------------------
(1) اقتباس من قوله تعالى : (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجرين) الانعام 6 : 134 .

محاسبة النفس _ 41 _

  لا بد لك في قبرك من قرين ، فإن كان صالحا فبه تستأنسين ، وإن كان طالحا فمنه تستوحشين .
أترجى نجاة من حياة سقيمة      وسهم  المنايا للخليقة iiراشق
فمن حسنت أفعاله فهو iiفائز      ومـن  قـبحت أفعاله (1)ii
فهو زاهق لقد شقيت نفس تخالف ربها= وتعرض عن إرشادها وتشاقق يا نفس : ما هذه الحيرة والسبيل واضح ، وما هذه الغفلة والمشير ناصح ، إلى كم تجمعين ولا تقنعين ، ولوارثك تودعين ؟ !
وأنت كمن يبني (2)بناء وغيره      يـعالجه  فـي هـدمه ويسابق
ويـنسج  آمـالا طـوالا بعيدة      ويـعلم  أن الدهر للنسج خارق
  يا نفس : أتفرحين بنعيم زائل ، وسرور راحل ؟ ! غفلت وأغفلت ، وعلمت فأهملت ، إلى كم مواظبتك على الذنوب ، وأنت بعين علام الغيوب ؟ فجمعك في هذه

--------------------------------
(1) في ب : أعماله .
(2) في أ : أبنى .

محاسبة النفس _ 42 _

  الدنيا إلى تفريق ، وسعتك (1) إلى ضيق ، فما هذه الطمأنينة وأنت مزعجة ، وما هذا الولوج وأنت مخرجة ؟ ! شعر :
أتـرجى  نـجاة بعد سبعين حجة      ولا  بـد مـن يوم تعقك iiالعوائق
(2)ومـن طرقته الغاديات iiبويلها      فلا بد ما يأتيه فيها (3) الصواعق
  وليس أبناء السبعين ، بأحق بالحذر من أبناء العشرين ، لان طالبها وهو الموت واحد ، وليس عن (4) الطلب براقد ، واعملي لما أمامك من الهول ، ودعي عنك زخرف القول .
  يا نفس : أما رأيك فعازب ، وأما رشدك فغائب ، داؤك لا يرجى له دواء ، وأملك ليس له انتهاء ، قد فتنت بعملك ، وخضت في بحار زللك ، فقدمي التوبة ، قبل أن تبلغك النوبة ، واعملي للخلاص ، قبل الاخذ بالنواص .
  شعر :
إذ  نصب الميزان للفصل iiوالقضا      وأبلس (5) محجاج واخرس ناطق


--------------------------------
(1) في ب : وسعيك .
(2) قال الجوهري في الصحاح 4 : 1534 عوق : عاقه عن كذا عوقا واعتاقه أي : حبسه وصرفه عنه ، وعوائق الدهر : الشواغل من أحداثه .
(3) في ب : فلابد ما بلته فيه .
(4) في ب : وليس عند .
(5) أبلس : سكت ، اللسان 6 : 29 بلس .

محاسبة النفس _ 43 _

واججت  النيران واشتد iiغيظها      وقد فتحت (1) أبوابها والمغالق
وقطعت  الاسباب من كل iiظالم      وقـامت بـه أسراره iiوالعلائق
  يا نفس : لا جرم أنه تعالى (2) تكفل في الدنيا بإصلاح أحوالك ، فعلام كذبتيه بأفعالك ؟ وأصبحت تتكالبين (3) على طلب (4) الدنيا تكالب المدهوش المستهتر ، وأعرضت عن الآخرة إعراض المغرور المستحقر (5) ، ما هذا من علامات من يتبع السنة ، أو يبتغي الجنة .
  شعر (6) :
فـحـبك  هــذا مـن أدل iiدلالـة      عـلى  أنك في غمرة الجهل iiتسبحي
تـروحي وتـغدي في غرور iiوغفلة      وأنت بغير الحق في الارض تمرحي
فـعاصي  هـواك واتـق الله iiوحده      عـساكي  فـي يـوم القيامة iiتفلحي


--------------------------------
(1) في ب : وفتحت .
(2) في ب : ان الله تعالى .
(3) قال الجوهري في الصحاح 1 : 215 كلب : والمكالبة : المشاره وكذلك التكالب ، تقول منه : هم ينكالبون على كذا أي : يتواثبون عليه ، وفي ج ، د : تكالبين .
(4) في ب : في طلب .
(5) في ب : المستهتر .
(6) في أ : الكفعمي شعر .

محاسبة النفس _ 44 _

  يا نفس : أتحسبين أن تتركي سدى ، ألم تكوني نطفة من مني يمنى ، ثم كنت علقة فخلق فسوى ، أليس ذلك بقادر [ على ] أن يحيي الموتى (1) ؟ ! .
  فما لك لا تعرفين قدرك ، ولا تأخذين حذرك ؟ فإن كنت قد أمنت في الحشر بسؤالك ، وعرفت جميع ذلك هنالك ، فما بالك تسوفين بالعمل (2) ، وقد دنى الاجل ، ولعله يختطفك من غير مهل ؟ ! شعر :
وكانا الموت ركب مخبون (3)      ســراع لـمـنهل iiمـورود
  يا نفس : لو عزمت (4) على سفر ، لقضاء الوطر ، ترتجين فيه نيل الظفر ، والامن من الضرر ، فلقيت (5) في طريقك شخصا ، أخبرك أنه رأى أمامك لصا ، يأخذ الاقفال ، ويستبيح النفس والمال ، لرجعت عن ذلك الطريق المخوف (6) ، حذرا

--------------------------------
(1) إشارة إلى قوله تعالى : (أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من منى يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والانثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) القيامة 75 : 36 / 40 .
(2) في أ : العمل .
(3) في ب : مخنون ، وفي ج ، د : مجنون ، وما أثبتناه من أ ، هو الانسب .
(4) في ب : لو عرضت .
(5) في أ : فلقيك .
(6) في أ : يقال طريق مخوف ، لانه لا يخيف بل يخيف فيه قاطع الطريق ، قاله الجوهري .

محاسبة النفس _ 45 _

  من اللص العسوف (1) .
  أفكان قول التوراة والانجيل ، والزبور والتنزيل ، بإخبارهم بأخاويف القيامة ، وأهاويل يوم الطامة ، أقل من مخبرك صدقا ، وأنذر منه حقا ؟ ! ولعل المخبر غير صادق ، بل أكذب من بارق ! ! (2) .
  يا نفس : لو أن طبيبا يهوديا ، أو حكيما نصرانيا ، أخبرك في ألذ أطعمتك بدائه ، وعدم دوائه ، ثم أمرك بالاحتماء ، عن بعض الغذاء ، لصبرت عنه وتركته ، وجاهدت نفسك فيه .
  أفكان قول القران المبين ، والانبياء والمرسلين ، أقل تأثيرا من قول يهودي يخبر عن تخمين ، أو نصراني ينبى عن غير يقين ؟ ! .
  والعجب لمن (3) يحتمي عن الطعام لاذيته ، كيف لا يحتمي عن الذنب لاليم عقوبته ؟ !
  شعر :
جـمسك  بالحمية iiوقيته      مخافة البارد والحار (4)
  الصحاح 4 : 1359 خوف .

--------------------------------
(1) العسوف : الظلوم ، الصحاح 4 : 1403 عسف .
(2) في أ : في أمثالهم : أكذب من بارق ، وهو : السحاب الذي يكون فيه البرق ولا ماء فيه ، قال : بلوته أكذب من يلمع أو بارق يلمع في خلب ، ويلمع يحتمل أن يراد به السراب لان اسمه يلمع ، ويحتمل أن يراد به البرق الذي لا مطر معه لان اسمه يلمع أيضا ، وإنما قيل للسراب يلمع لانه يسير إلى المطر ولا مطر معه .
(3) في ب : يا نفس والعجب .
(4) في ب : مخافة الضار .

محاسبة النفس _ 46 _

قد كان أولى بك أن تحتمي      عـن المعاصي حذر iiالنار
  يا نفس : ومن العجب أنه لو أخبرك طفل : بأن عقربا في جيبك لرميت بثوبك ، أو حية في إزارك لرميت بأطمارك (1) .
  أفكان قول الانبياء والابدال ، أقل عندك من قول الاطفال ؟ ! أم صار حر نار جهنم وزقومها ، أحقر عندك من العقرب وسمومها ؟ ! ولا جرم فلو انكشف للبهائم علانيتك وسريرتك ، لضحكوا من غفلة سيرتك .
  يا نفس : من لا يطعم الدابة إلا في الحضيض (2) لا يقدر على قطع العقبة ؟ ! ومن لا يملك قيراطا من المال كيف يفك الرقبة ؟ ! (3) وكيف بك إذا أمرت بالصعود ، على عقبة كؤود (4) ، وطرسك (5) موفور من السيئات ، وظهرك موقور (6) من التبعات ، وأنت مع ذلك عارية (7) عطشانة ، حافية غرثانة ؟ ! (8) فلا شك هنالك

--------------------------------
(1) قال الجوهري في الصحاح 2 : 726 طمر : والطمر : الثوب الخلق ، والجمع الاطهار .
(2) الحضيض : القرار من الارض عند منقطع الجبل ، الصحاح 3 : 1071 حضض .
(3) في ج : لا يفك الرقبة .
(4) عقبة كؤود : شاقة المصعد صعبة المرتقى ، اللسان 3 : 374 كأد .
(5) الطرس : الصحيفة ، الصحاح 3 : 943 طرس .
(6) أي : محمول ، الصحاح 2 : 848 وقر ، وفي أ : موفور .
(7) في أ : عادية .
(8) من الغرث وهو الجوع ، الصحاح 1 : 288 غرث .

محاسبة النفس _ 47 _

  أن المستريح ، أحسن حالا من الطليح (1) ، ولا جرم أن المبطئين ، أقبح حالا من المسرعين ، فاستعدي للآخرة ، على قدر هول أرض الساهرة ، ولا تكوني ممن يعجز عن شكر ما أوتي ، ويبغي الزيادة فيما بقي ، وينهى الناس ولا ينتهي .
  يا نفس : ما المانع لك من المبادرة إلى صالح الاعمال ، وما الباعث لك على التسويف والاهمال ، وهل سببه إلا عجزك عن مخالفة شهوتك ، وضعفك عن مؤالفة أئمتك ؟ وهب أن الجهد في آخر العمر نافع ، وأنه مرق إلى أسعد المطالع ، فلعل اليوم آخر عمرك ، ونهاية دهرك .
  شعر :
ولا ترج فعل الصالحات إلى غد      لـعل غـدا يـأتي وأنـت فقيد
  يا نفس : غالبي الشهوة قبل قوة طراوتها (2) ، فإنها إن قويت لم تقدري على مقاومتها ، ومثل ذلك : أن الشهوة كالشجرة النابتة ، والصخرة الثابتة ، التي تعبد العبد بقلعها أو امر (3) بنزعها ، فمن ترك قلعها وعجز عن نزعها ، كان كمن

--------------------------------
(1) قال الجوهري في الصحاح 1 : 388 طلح : وطلح البعير : أعيى ، فهو طليح ... وناقة طليح أسفار : إذا جهدها السير وهزلها .
(2) قال الجوهري في الصحاح 6 : 2412 طرا : شئ طري أي : غض بين الطراوة ، وفي أ : ضراوتها ، وفي ب : ضر أوقاتها ، وما أثبتناه من ج ، د ، وهو الانسب .
(3) في أ : وامر .

محاسبة النفس _ 48 _

  عجز عن قلع شجرة وهو شاب قوي الهمة ، فأخرها بعد امة (1) إلى الضعف وابيضاض اللمة (2) ، مع العلم بأن طول المدة تزيد الشجرة قوة وثباتا ، وتولي القالع ضعفا وشتاتا .
  وبالجملة : ما لا يقدر عليه في الشباب لا يقدر عليه في المشيب ، لكن من التعذيب تهذيب الذيب .
  شعر :
أتروض عرسك بعد ما هرمت      ومـن  الـعناء رياضة iiالهرم
  يا نفس : ما قولك في مريض غمره الاسقام ، اشير عليه بترك الماء البارد ثلاثة أيام ، ليصح ويتهنأ بشربه مدى الشهور والاعوام ، فما مقتضى العقل في افتعال أمر الصبوة (3) ، وقضاء حق الشهوة ، أيصبر الثلاثة أيام (4) ليتنعم طول عمره ؟ أم يقضي في الحال شهوة وطره ؟ ! (5) .
  وليت شعري أألم الصبر عن الشهوات ، وكظم الغيظ عن العقوبات ، أعظم شدة ، وأطول مدة ، أم ألم النار ، وغضب الجبار ؟ ! .

--------------------------------
(1) الامة : الحين ، المحاح 5 : 1864 أمم .
(2) اللمة بالكسر : الشعر يجاوز شحمة الاذن ، الصحاح 5 : 2032 لمم .
(3) الصبوة : جهلة الفتوة واللهو من الغزل ، العين 7 : 168 صبو .
(4) في ب : أيصبر في ثلاثة أيام .
(5) الوطر : كل حاجة كان لصاحبها فيها همة . اللسان 5 : 285 وطر .

محاسبة النفس _ 49 _

  يا نفس : من لا يطيق الصبر عن قضاء الوطر ، كيف يصبر يوم العرض على حر سقر ؟ ! (1) .
  يا نفس (2) : ولرب شهوة ساعة قد أورثت حزنا طويلا ، فكم من أمنية جلبت منية .
  شعر (3) : من نال من دنياه أمنية= أسقطت الايام منها الالف (4) وإياك إياك أن ترضي غير الله وتعرضي عنه ، فإنه مانعك من الغير ولا يمنعك الغير منه ، والعجب منك كيف تذنبين والشاهد عليك الملك الجبار ؟ ! وتضحكين ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار ؟ ! (5) .

--------------------------------
(1) سقر : اسم علم لجهنم ، قال تعالى : (سأصليه سقر * وما أدرك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر) المدثر 74 : 26 / 30 ، المفرادت : 235 سقر .
(2) في ب : شعر .
(3) في ب : يا نفس .
(4) فتصير الامنية منية .
(5) القصار والمقصر : المحور للثياب ، لانه يدقها بالقصرة التي هي القطعة من الخشب ، اللسان 5 : 104 قصر .

محاسبة النفس _ 50 _

  يا نفس : ومما أعظك به من كلام أمير المؤمنين ، وسيد الوصيين : أن الفكر يهدي ، والهوى يردي ، والشهوات آفات ، واللذات مفسدات ، والرزق مقسوم ، والحريص محروم ، والدنيا تضر ، والامل يغر (1) ، والامن اغترار ، واليقظة استبصار ، والغفلة ضلالة ، والغرة (2) جهالة .
  يا نفس : مكاسب الدنيا بالانفاق ، والآخرة بالاستحقاق ، والهوى عدو العقل ، واللهو من ثمار الجهل ، والاعمال من ثمار النيات ، والصدقة أفضل الحسنات ، والطمع فقر ظاهر ، واليأس غنى حاضر .
  يا نفس : السلامة في التفرد ، والراحة في التزهد ، والساعات تكمن الآفات ، والعمر تفنيه (3) اللحظات ، والدنيا سوق الخسران ، والجنة دار الامان ، والحساب قبل العقاب ، والثواب بعد الحساب ، والدنيا دار الاشقياء ، والجنة دار الاتقياء .

--------------------------------
(1) في ب : والامل يغر والدنيا تضر .
(2) في أ : والغزة .
(3) في أ : بقية .