الشيخ ابراهيم الكفعمي


  محاسبة النفس تأليف العلامة الشيخ تقي الدين ابراهيم بن علي الكفعمي من أعلام القرن التاسع الهجري تحقيق الشيخ فارس الحسون

محاسبة النفس _ 2 _

  جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة قائم آل محمد (عج) ايران ـ قم ـ ص ، ب 556 / 37185 الكتاب .
  محاسبة النفس المؤلف : الشيخ الكفعمي تحقيق .
  الشيخ فارس الحسون .
  نشر : مؤسسة قائم آل محمد (عج) ـ قم الفلم والالواح الحساسة (الزنك) : ليتوكرافي تيزهوش ـ قم .
  الطبعة : الاولى ـ 1413 ه‍ المطبعة : نمونه ـ قم الكمية : 1000 نسخة السعر : 1500 ريال .

محاسبة النفس _ 3 _

الاهداء :
  إلى أبواب الامام المهدي المنتظر (عج) : عثمان بن سعيد محمد بن عثمان الحسين بن روح أبي الحسن السمرى أهدي هذا الجهد المتواضع ... راجيا منهم القبول والدعاء العبد فارس

محاسبة النفس _ 7 _

مقدمة المحقق :
بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف أنبياء الله محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .
  الانسان ما دام يحمل معه صفة الانسانية ويجعلها كالقطب من الرحافي حياته ، فهو دائما يفكر في أنه فاقد لشئ عظيم لا بد وأن يصل إليه ليكمل ما فرضه على نفسه من حمل الانسانية ، ألا وهو الوصول إلى الكمال والجمال الروحي والعرفان الحقيقي .
  فعلى قدر ما يحمله الانسان من الانسانية يكون تفكيره للوصول إلى الكمال والجمال ، إذ نستطيع أن نقول وبكل صراحة : إن بين الانسانية وبين الكمال تساويا ، فلا يفرق لنا أن نقول : إنسانية ، أو كمال .
  لكن هنا سؤال يتبادر إلى ذهن كل طالب للحقيقة ، وهو : كيف يمكن الوصول إلى هذه المرتبة التي هي أمنية كل حر صاحب قلب طاهر نقي ، وفي هذا العالم ال‍ ... سؤال في محله ... لكن تكل الالسن عن جوابه ، تتحير الاقلام عن الكتابة

محاسبة النفس _ 8 _

  عنه وتكبو ، بل تنكسر ... فكيف يمكن أن يصل الانسان إلى مرحلة العشق الحقيقي للحق ؟ مع وجود الموانع الكثيرة في زماننا هذا وعدم وجود المربي الروحي ، ا إذ الاكثر ـ إن لم نقل الكل ـ يريد أن يصل إلى مرحلة من العلم من دون أن يمزجه بالعمل والتقوى ، فهل يا ترى علمه هذا ينفعه ، ومن النار يخلصه ؟ من دون التقوى ، من دون أن يسلك مسلك عرفان أهل البيت عليهم السلام ، من دون أن يجد حلاوة العشق ولذة المناجاة ! نعم ، كيف يمكن أن يصل الانسان إلى مرحلة الانسانية وهو واقع في زمن لا يوجد من يوصله إلى حكم الله الواقعي ؟ ! مع وجود الشبهات الكثيرة التي هي أحد الموانع الرئيسية المانعة من الوصول إلى الحقيقة والحق ، إلى السعادة الابدية ، هذا كله مع وجود إبليس الرجيم الذي ينتهز الفرص لكي ينشب مخالبه في كل شئ ... وهنا سؤال آخر يفرض وجوده على أذهان العشاق والمحبين الذين يسألون من هذا وذاك كي يصلوا إلى الكمال والجمال .
  وهو : إذن ماذا نعمل ؟ وهل توجد طريقة نستطيع بواسطتها أن نصل إلى الكمال أو نحوم حوله ؟ نعم يبقى شيئان يستطيع الانسان بواسطتهما أن يبقى له رجاء للوصول إلى مراده وهدفه العالي ، وهما : أولا : الالتجاء والتوسل بمن وجد الوجود لاجلهم ، بمن قدمهم الانبياء والاولياء في دعواتهم وتوسلاتهم ، ألا وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، هم الذين توسل بهم آدم فتاب الله عليه ، هم سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وغرق ، هم باب حطة الذي من دخله كان من الآمنين ، هم آل يس ، هم الذكر ، هم الراسخون في العلم ، هم آيات الله وبيناته وكتابه ، هم اولو الامر ، هم أنوار الله ، هم المؤمنون ، هم الابرار والمتقون والسابقون والمقربون ، هم السبيل والصراط ، هم الصادقون والصديقون والشهداء والصالحون ، هم نعمة الله وفضله ورحمته ، هم حبل الله المتين والعروة الوثقى ، هم الصافون والمسبحون ، هم

محاسبة النفس _ 9 _

  البحر واللؤلؤ والمرجان ، هم السبع المثاني ، هم العلماء ، هم الشجرة الطيبة ، هم الهداية والهدى ...

هـم  الـنور نـور الله جـل iiجلاله      هـم  التين والزيتون والشفع iiوالوتر
مـهابط  وحـي الله خـزان iiعـلمه      مـيامين فـي أبـياتهم نـزل iiالذكر
وأسـماؤهم مـكتوبة فـوق عـرشه      ومـكنونة مـن قـبل أن يخلق iiالذر
ولـولا  هـم لـم يـخلق الله iiآدمـا      ولا كـان زيـد في الانام ولا iiعمرو
ولا  سـطحت أرض ولا رفعت iiسما      ولا طـلعت شـمس ولا أشرق البدر
ونـوح  بـه فـي الفلك لما دعا iiنجا      وغـيض  بـه طوفانه وقضي iiالامر
ولـولا  هـم نـار الخليل لما iiغدت      سـلاما وبـرداوانطفى ذلـك iiالجمر
ولـولا  هـم يـعقوب ما زال حزنه      ولا كـان عـن أيوب ينكشف iiالضر
ولان لــداود الـحـديد iiبـسـرهم      فـقدر  فـي سـرد يـحير به iiالفكر
ولـما سـليمان الـبساط بـه iiسرى      أسـيلت لـه عـين يفيض له iiالقطر
وسـخرت الـريح الـرخاء iiبـأمره      فـغـدوتها  شـهر ورو iiحـتهاشهر
وهم سرموسى والعصى عندما عصى      أوامـز فـرعون والـتقف iiالـسحر
ولـولا  هـم ما كان عيسى بن مريم      لـعازر مـن طـي الـلحود له نشر
سـرى  سرهم في الكائنات iiوفضلهم      وكـل  نـبي فـيه مـن سرهم iiسر
  فلا بد لكل من يريد الوصول إلى المراتب الراقية من أن يقدم هؤلاء الكرام في دعواته إلى الله ويتوسل بهم ، فإنه السبب الاساسي الذي يبقي للانسان الرجاء للوصول إلى أمنيته السامية ، وأحسن ما يذكرهم به هو زيارتهم بالزيارة الجامعة الكبيرة ، وزيارة عاشواء مع اللعن والسلام الكامل مع صلاة النافلة كما أكد عليه قائم آل محمد عليه وعليهم السلام في قصة السيد الرشتي المشهورة .
  ثانيا : محاسبة النفس كل يوم وليلة ، بل كل آن ولحظة ، لان النفس أمارة بالسوء تتبع الهوى بل تتخذه إلها ، فبالمحاسبة ينجو الغارق ويتدارك المفرط عثراته

محاسبة النفس _ 10 _

  ويتذكر فارط زلاته ، وبالمحاسبة يستطيع الشخص الذي يريد أن يصل إلى أمنيته الشاقة المصعد والمرتقى أن يبقى له رجاء للوصول إليها أو الحوم حولها .
  فالمحاسبة لها دور فعال وأساسي في تربية الروح وتصفية القلب ، وفضلها لا يكاد ينكره ذو لب ، وقد وردت عدة أحاديث عن النبي وآله عليهم السلام في فضلها والتأكيد عليها .
  فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه بعث بسرية ، فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر .
  قيل : يا رسول الله وما الجهاد الاكبر ؟ قال : جهاد النفس (1) .
  وعن علي عليه السلام في وصيته عند وفاته ، وهي طويلة وفيها : والله الله في الجهاد للانفس فهي أعدى العدو ، فإنه قال الله تبارك وتعالى : ( إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) (2) ، وإن أول المعاصي تصديق النفس والركون إلى الهوى (3) .
  وعن الباقر عليه السلام أنه قال في وصيته لجابر الجعفي ـ رضوان الله عليه ـ : ... إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها ، فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله ، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها ، فينعشه الله فينتعش ويقيل الله عثرته فيتذكر ، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف ... ولا فضلية كالجهاد ولا جهاد كمجاهدة الهوى ... (4) .

--------------------------------
(1) الكافي 5 : 12 حديث 3 ، معاني الاخبار : 160 ، وفيه : وقال عليه السلام : أفضل الجهاد من جاهد نفسه .
(2) يوسف 12 : 53 .
(3) دعائم الاسلام 2 : 352 حديث 1297 .
(4) تحف العقول : 284 .

محاسبة النفس _ 11 _

  وعن أبي حمزة الثمالي ـ رضوان الله عليه ـ أنه قال : كان علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يقول : ابن آدم ، إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة لها من همك ، وما كان الخوف لك شعارا والحزن لك دثارا ، إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزوجل ، فأعد جوابا (1) .
  وعن علي عليه السلام أنه قال : النفس مجبولة على سوء الادب ، والعبد مأمور بملازمة حسن الادب ، والنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة ، والعبد يجهد بردها عن سوء المطالبة ، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها ، ومن أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه (2) .
  وروي أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل اسمه مجاشع .
  فقال : يا رسول كيف الطريق إلى معرفة الحق ؟ فقال عليه السلام : معرفة النفس .
  فقال : يا رسول الله كيف الطريق إلى موافقة الحق ؟ قال : سخط النفس .
  فقال : يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق ؟ قال : هجر النفس .
  فقال : يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق ؟ قال : عصيان النفس .
  فقال : يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق ؟ قال : نسيان النفس .

--------------------------------
(1) أمالي المفيد : 110 .
(2) مشكاة الانوار : 247 .

محاسبة النفس _ 12 _

  فقال : يا رسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحق ؟ قال : التباعد عن النفس . فقال : يا رسول الله فكيف الطريق إلى أنس الحق ؟ قال : الوحشة من النفس .
  فقال : يا رسول الله كيف الطريق إلى ذلك ؟ فقال : الاستعانة بالحق على النفس (1) .
  وعن الصادق عليه السلام أنه قال : من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى وإذا غضب ، حرم الله جسده على النار (2) .
  وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ، ولا الغنى إلا بالغصب والبخل ، ولا المحبة إلا باستخراج الدين وأتباع الهوى ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى ، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة ، وصبر على الذل وهو يقدر على العز ، آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي (3) .
  وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن الناس عليك ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى ! إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لاحد رجلين : رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا ، ورجل يتدارك منيته بالتوبة ، وأنى له بالتوبة ؟ فو الله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عزوجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف

--------------------------------
(1) عوالي اللآلي 1 : 246 حديث 1 .
(2) ثواب الاعمال : 192 .
(3) الكا في 2 : 91 حديث 12 .

محاسبة النفس _ 13 _

  حقنا أو رجا الثواب بنا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما يستر عورته وما أكن به رأسه ، وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ، ودوا أنه حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله عزوجل حيث يقول : (والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة) (1) ما الذي أتوا ؟ أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية ، وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا ... (2) .
  فتبين لنا من هذه الاحاديث أهمية المحاسبة لمن يريد الوصول إلى كمال الانسانية والعرفان الحقيقي والروح الصافية ، وعدم إمكان الاستغناء عنها .
  لكن يختلج في الذهن سؤال لطيف ، وهو : كيف نحاسب أنفسنا ؟ روي عن أبي عبد الله عليه السلام في وصيته لابن جندب ـ رضوان الله تعالى عليه ـ : ... يا ابن جندب حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه ، فيكون محاسب نفسه ، فإن رأى حسنة استزاد منها ، وإن رأى سيئة استغفر منها ، لئلا يخزى يوم القيامة (3) .
  وروي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : أكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت .
  فقال رجل : يا أمير المؤمنين كيف يجاسب نفسه ؟ قال : إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال : يا نفسي إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا ، والله يسألك عنه : بما أفنيته ؟ فها الذي عملت فيه ؟ أذكرت الله أم حمدته ؟ أقضيت حوائج مؤمن فيه ؟ أنفست عنه كربة ؟ أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده ؟ أحفظته بعد الموت في

--------------------------------
(1) المؤمنون 23 : 60 .
(2) الكافي 8 : 128 حديث 98 .
(3) تحف العقول : 301 .

محاسبة النفس _ 14 _

  مخلفيه ؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن ؟ أ أعنت مسلما ؟ ما الذي صنعت فيه ؟ فيذكر ما كان منه ، فإن ذكر أنه جرى منه خير حمد الله وكبره على توفيقه ، وإن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله وعزم على ترك معاودته (1) .
  فلا بد للعاقل أن يقسم وقته : فوقت يناجي فيه ربه ، وآخر يتفكر فيه في صنع الله ، ووقت يخلو فيه بحظ نفسه من الحلال ، وآخر يحاسب نفسه فيه .
  فيعين وقتا خاصا يتكلم فيه مع نفسه ويخاطبها وينبهها ويحثها ويؤنبها ويوبخها كما ورد في الحديث السابق .
  وهذه الطريقة من أحسن طرق محاسبة النفس ، ولها الاثر البالغ السريع .
  وأول من اقتفى هذه الطريقة ـ حسب تفحصي ـ هو شيخنا الامير الزاهد ورام بن أبي فراس الاشتري ، حيث ذكر في مجموعته : فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضة الصبح ينبغي أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النفس ـ كما أن التاجر عند تسليم البضاعة إلى شريك يفرغ المجلس لمشارطته ت فيقول للنفس : ما لي بضاعة إلا العمر ، ومهما فني رأس المال حصلت الخسارة ، ووقع اليأس من التجارة ، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله تعالى فيه ، وأنسأني أجلي وأنعم علي به ، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوما واحدا ، حتى أعمل فيه صالحا ، فاحسبي أنك توفيت ، ثم رددت ، فإياك ثم إياك أن تضيعي هذا اليوم ، فإن كل نفس من الانفاس جوهرة لا قيمة لها ... (2) .
  وقال شيخنا النوري الطبرسي في كتابه دار السلام بعد ذكر حديث الصير في (3) :

--------------------------------
(1) وسائل الشيعة 11 : 379 حديث 8 نقلا عن التفسير المنسوب للامام العسكري عليه السلام .
(2) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1 : 233 .
(3) روي عن سدير الصير في أنه قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، فرأيناه جالسا على التراب ، وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب .

محاسبة النفس _ 15 _

  فإذا كان هذا حال الامام عليه السلام في حزنه على ما يرد على الشيعة في غيبته ، فبالحري للمؤمن المبتلى بتلك الهلكة أن يطول حزنه ولا ينام في ليلته ، ويتأسف دائما في غيبة إمامه ، ويتحسر لفراقه في آناء ليله وأطراف أيامه ، ويناجي ربه تارة ويقو ل : ... ويخاطب نفسه مرة ويقول : ويحك يا نفس ، إن كنت قد حرمت عن النظرة إلى تلك الطلعة الرشيدة ، والغرة الحميدة ، ومنعت عن الاقتباس من أنوار علومه الالهية ، وحكمته المحمدية ، بمرأى من الناس ومسمع منهم ، ومحضر من الخلق ومشهد لهم ، لمصالح وحكم تدور
  مقصر الكمين ، وهو يبكي بكاء الوالهة الثكلى ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغيير في عارضيه وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول : سيدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وابتزت مني راحة فؤادي .
  سيدي ، غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الابد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد ، فما أحس بدمعة ترقى من عيني .
  وأنين يفتر من صدري ، عن دوارج الرزايا ، وسوالف البلايا ، إلا ما مثل بعيني من غوابر أعظمها وأفظمها ، وبواقي اشدها وانكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك .
  قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدعت قلوبنا جزعا ، من ذلك الخطب الهائل ، والحادث الغائل ، وظننا أنه سمت لمكروهة قازعة ، أو حلت به من الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى الله يا ابن الورى عينيك ، من أية حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك ؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم ؟
  قال : فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتد عنها خوفه ، وقال : ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم .
  وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الذي خص الله به محمدا والائمة من بعده عليهم السلام .
   وتأملت فيه مولد قائمنا ، وغيبته ، وابطاءه ، وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم وخلعهم ربقة الاسلام عن أعناقهم التي قال الله : (وكل إنسان ألزمناه طائرة في عنقه) ـ يعني الولاية ـ فأخذتني الرقة ، واستولت علي الاحزان ... كمال الدين : 352 ـ 354 .

محاسبة النفس _ 16 _

  عليها نظام العالم ، لكن أبواب الوصول إليه مفتوحة ، ومناهل الظماء لديه مترعة ، دخلها قوم لم يسلكوا غير طريقتهم ، وشرب منها زمرة لم يشربوا من غير آنيتهم ، فارجعي البصر كرتين [ ترينهم ] بين الناس مختفين ، وقد أشرنا إلى بعضهم في مطاوي هذا الكتاب ، ولعل الله يوفقنا لاستقصاء جماعة منهم في رسالة منفرده تحن إليها قلوب أولي الالباب ، فلو شابهتهم في الاعمال والاقوال ، وصرت كأحدهم في الافعال والاحوال ، كنت معهم عند تقسيم هذا النوال ، لكنك تدثرت بجلباب أعدائه ، وأنخت راحلتك بغير فنائه ، تصبحين وتمسين ولا يجري ذكره على قلبك ولسانك ، وتبتغين مرضاة رب العالمين وفضله ولا تقدميه في امامك ، فاتخذته وراءك ظهريا ، فكأنه عليه السلام صار نسيا منسيا ، فصرت محرومة من خصائص لطفه ، ونفحات رحمته ، فابك طويلا ، فقد عظم المصاب ، وطال العذاب ، وإلى الله المشتكى من اتصال الغغلة وسوء المآب (1) .
  وشيخنا الكفعمي ـ مؤلف هذا الكتاب ـ أيضا أخذ هذه الطريقة وانتهجها ، لما فيها من الاثر الوضعي في القلب وتقوية الروح ، فجعل كتابه مخاطبة للنفس وتنبيها لها ، فالكتاب حوار بين القوة العقلائية والقوة الشهوانية ، بين القلب والهوى ، بين الروح الطاهرة والنفس الامارة .
  فعلى كل من يريد الوصول إلى الحق والحقيقة والجمال الروحي أن يحاسب نفسه الامارة ويخاطبها بهذه العبارات ، حتى يصرعها ويجعلها خاضعة إلى القوة العقلائية ، ويجعلها مسيرة لا مسيرة ، فحينئذ يشملها الخطاب الرباني : (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) (2) .

--------------------------------
(1) دار السلام 4 : 92 / 94 .
(2) الفجر 89 : 27 / 30 .

محاسبة النفس _ 17 _

ترجمة المؤلف :
  الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل ، الكفعمي مولدا ، اللويزي محتدا ، الجبعي أبا (1) .
  أحد أعيان القرن التاسع ، الجامعين بين العلم والادب ، والكمال والعرفان ، والزهد والعبادة ، ويحكى في كثرة عبادته : أنه كان يقوم بجميع العبادات المذكورة في مصباحه ، وتقوم زوجته بما لا يتسع له وقته منها .
  مشايخ إجازته الذين يروي عنهم : يروي الشيخ الكفعمي عن : والده الشيخ زين الدين علي بن الحسن ، وكان من أعاظم الفقهاء والورعين ، وقد ينقل عنه في كتابيه الكبيرين ، معبرا عنه : بالفقيه الاعظم الاورع .
  أخيه الشيخ شمس الدين محمد صاحب كتاب زبدة البيان في عمل شهر رمضان .
  السيد الشريف الفاضل حسين بن مساعد الحسيني الحائري صاحب كتاب

--------------------------------
(1) الكفعي : نسبة إلى كفر عيما ، قرية من ناحية الشقيف في جبل عامل قرب جبشيت ، واقعة في سفح الجبل مشرفة على البحر ، واللويزي : نسبة إلى اللويزة ، قرية في جبل عامل ، ويقال : اللويزاوي أيضا من باب زيادات النسب ، والجبعي نسبة إلى جبع ، ويقال : جباع بالمد ، وهي قرية على رأس جبل عامل ، ويقال أيضا : الجباعي من باب زيادات النسب .

محاسبة النفس _ 18 _

  تحفة الابرار في مناقب الائمة الاطهار .
  الشيخ زين الدين البياضي صاحب كتاب الصراط المستقيم .
  السيد الحسيب علي بن عبد الحسين الموسوي الحسيني صاحب كتاب رفع الملامة عن علي في ترك الامامة ، وكان بينهما مكاتبات ومراسلات بالنظم والنثر .
  أقوال العلماء في حقه : المحدث الحر العاملي : كان ثقة فاضلا شاعرا عابدا زاهدا ورعا ، أمل الآمل 1 : 28 .
  العلامة المجلسي : من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء المتورعين .
  أعيان الشيعة 2 : 185 ، نقلا عن تكملة الرجال لعبد النبي الكاظمي ، حيث ذكر أنه نقله عن خط الشيخ المجلسي .
  العلامة المجلسي : وكتب الكفعمي أغنانا اشتهارها وفضل مؤلفها عن التعرض لحالها وحاله ، البحار 1 : 34 .
  المولى عبد الله الافندي : العالم الفاضل الكامل الفقيه المعروف بالكفعمي ، من أجلة علماء الاصحاب ... له يد طولى في أنواع العلوم سيما العربية والادب ، جامع حافل كثير التتبع في الكتب ، رياض العلماء 1 : 21 .
  العلامة الخوانساري : الشيخ العالم الباذل الورع الامين والثقة النقة الاديب الماهر المتقن المتين .
  روضات الجنات 1 : 20 المحدث القمي : كان ثقة فاضلا أديبا شاعرا عابدا زاهدا ورعا .
  الكنى والالقاب 3 : 95 العلامة المامقاني : من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء والمتورعين ، وكان

محاسبة النفس _ 19 _

  بين زماني الشهيدين رحمهما الله ، ووصفه في فهرست الوسائل بالورع ، وعدالته لا تكاد تحتاج إلى بيان ، تنقيح المقال 1 : 27 .
  السيد الامين : وكان واسع الاطلاع طويل الباع في الادب سريع البديهة في الشعر والنثر كما يظهر من مصنفاته خصوما من شرح بديعيته ، حسن الخط .
  أعيان الشيعة 2 : 185 . السيد الصدر : هو العالم الكامل المعروف بالكفعمي ، تكملة الامل : 76 .
  العلامة الاميني : أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والادب الناشرين لالوية الحديث والمستخرجين كنوز الفوائد والنوادر ، وقد استفاد الناس بمؤلفاته الجمة وأحاديثه المخرجة وفضله الكثير ، كل ذلك مشفوع منه بورع موصوف وتقوى في ذات الله إلى ملكات فاضلة ونفسيات كريمة ، حلى جيد زمنه بقلائدها الذهبية ، وزين معصمه بأسورتها ، وجلل هيكله بأبرادها القشيبة ، وقبل ذلك كله نسبه الزاهي بأنوار الولاية المنتهي إلى التابعي العظيم الحارث بن عبد الله الاعور الهمداني ، ذلك العلوي المذهب ، العلي شأنه ، الجلي برهانه ، الذي هو من فقهاء الشيعة ... الغدير 11 : 213 ، المقري : وما رأيت مثله في سعة الحفظ .
  أعيان الشيعة 2 : 185 ، نقلا عن نفح الطيب 4 : 397 ، الزركلي : أديب من فضلاء الامامية ... له نظم ونثر ، الاعلام 1 : 53 . كحالة : مفسر محدث فقيه أديب وشاعر ، معجم المؤلفين 1 : 65 =

محاسبة النفس _ 20 _

مولده ووفاته :
  لم يذكر أحد ممن ترجم الشيخ الكفعمي من الاوائل تاريخ ولادته ووفاته ، على عادة أصحابنا في التهاون بتاريخ المولد والوفاة ومعرفة الطبقات بل مطلق التاريخ ، مع محافظة غيرهم على ذلك ، مع ما فيه من الفوائد .
  وما حدده بعض العلماء من تاريخ ولادته ووفاته استنادا إلى بعض القرائن ، فهو إلى الحدس أقرب منه إلى الحس .
  بل ما ذكره السيد الامين في الاعيان 2 : 184 : من أنه ولد سنة 840 كما استفيد من ارجوزة له في علم البديع ذكر فيها أنه نظمها في سن الثلاثين ، وكان الفراغ من الارجوزة سنة 870 .
  فهو بعيد عن الصواب جدا ، لان السيد الامين نفسه قال في الاعيان 2 : 185 : وجد بخطه ـ أي : الكفعمي ـ كتاب دروس الشهيد قدس سره فرغ من كتابته سنة 850 ، وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله ، وعد في صفحة 186 : من تآليفه كتاب حياة الارواح ، وقال : فرغ من تأليفه سنة 843 .
  قال السيد حسن الصدر في تكملة الامل : 81 : وفرغ من نسخ كتاب الدروس للشهيد ـ وهو عندي بخطه وعليه قراءته وبعض حواشيه ـ 850 ، ولا أظنه ينقص عن الثلاثين عند فراغه من الدروس ، فيكون يوم فراغه من المصباح في حدود 75 .
  وقال المولى الافندي في الرياض 1 : 22 : وله مجموعة كثيرة الفوائد مشتملة على مؤلفات عديدة رأيتها بخطه في بلدة إيروان من بلاد آذربايجان ، وكان تاريخ إتمام كتابة بعضها سنة 848 لخمس بقين من شهر رمضان ، وتاريخ بعضها سنة 849 ، وتاريخ بعضها 852 .
  وعلى قول السيد الامين يكون الشيخ الكفعمي عند فراغه من تأليف المصباح ابن 55 سنة ، مع أنا نراه في قصيدته الرائية في مدح أمير المؤمنين عليه السلام المذكورة في المصباح : 710 ، يقول :

محاسبة النفس _ 21 _

بـحقك مولاي فاشفع iiلمن      أتاك  بمدح شفاء iiالصدور
هـو الجبعي المسئ الفقير      إلى رحمات الرحيم الغفور
مـن  الحسنات خلا iiقدحه      فما  من فتيل ولا من iiنقير
خطاياه  تحكي رمال iiالفلاة      ووزن الـلكام واحد iiوثور
وشـيخ كـبير لـه iiلـمة      كساها  التعمر ثوب iiالقتير
  فمجموع ما ذكرناه يعطينا خبرا أن المترجم له كان في سنة 843 مؤلفا صاحب رأي ونظر يثني على تآليفه الاساتذة الفطاحل ، وأنه حينما ألف المصباح سنة 894 كان شيخا هرما كبيرا .
  وما استظهره العلامة الطهراني من القرائن في الذريعة 3 : 73 و 143 : من أنه ولد سنة 828 ، فلا يخلو من بعد .
  وذكر الحاج خليفة في كشف الظنون 2 : 1982 : أنه توفي سنة 905 ، وكذا ذكره العلامة الطهراني في الذريعة 7 : 115 و 3 : 73 و 143 ، تبعا لصاحب كشف الظنون ، وفي الاعيان 2 : 184 : وفي الطليعة أنه توفي في سنة 900 . وعلى كل حال فالقدر المتيقن أنه ولد أوائل القرن التاسع في قرية كفر عيما .
  وأقام الشيخ الكفعمي مدة في كربلاء المقدسة ، وعمل لنفسه في كربلاء أزجا لدفنه بأرض الحسين عليه السلام التي تسمى عقيرا ، فأنشد ـ وهو وصية منه إلى أهله وإخوانه ـ في ذلك :
سـألـتـكم بالله أن iiتـدفـنـوفي      إذا مـت فـي قـبر بأرض iiعقير
فـإني بـه جـار الـشهيد iiبكربلا      سـليل  رسـول الله خـير iiمجير
فـإني بـه في حفرتي غير iiخائف      بـلا مـرية مـن مـنكر ونـكير
أمـنت  بـه فـي موقفي iiوقيامتي      إذا الـناس خافوا من لظى iiوسعير
فـإئي  رأيت العرب تحمي iiنزيلها      وتـمنعه  مـن أن يـنال بـضير
فكيف بسبط المصطفى أن يذود من      بـحـائره ثــاو بـغير iiنـصير

محاسبة النفس _ 22 _

  ثم عاد إلى جبل عامل وتوفي فيها ، ووفاته إما في آخر القرن التاسع أو أوائل القرن العاشر ، والله أعلم .
  ودفن في قرية جبشيت من قرى جبل عامل ، ثم خربت القرية فنزح أهلها منها وأصبحت محرثا ، فلما خربت اختفى قبره بما تراكم عليه من التراب ، ولم يزل مستورا بالتراب إلى ما بعد المائة الحادية عشرة لا يعرفه أحد ، فظهر عند حرث تلك الارض وعرف بما كتب عليه ، وهو : ( هذا قبر الشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي رحمه الله ) .
  قال المولى الافندي في الرياض 1 : 22 : وحكى لي بعض أفاضل الثقات من سادات جبل عامل ـ متعنا الله بدوام عمره وإفضاله ـ عن بعض ثقات أهل تلك النواحي من عجيب ما اتفق فيهم قريبا من هذه الاعصار ، أن حراثا منهم كان يكرب الارض بثوره ، فاتفق أن اتصل رأس جارته حين الكراب بصخرة عظيمة اقتلعها من الارض ، فإذا هو من تحتها بجثمان مكفون قد رفع رأسه من التراب كالمتحير الفرق المستوحش ، ينظر مرة عن يمينه وأخرى عن شماله ويسأل من كان عنده : هل قامت القيامة ؟ ثم سقط على وجهه في موضعه ، فأغمي على الراعي من عظم الواقعة ، فلما أفاق من غشيته وجعل يبحث عن حقيقة الامر رأى مكتوبا على وجه تلك الصخرة صفة صاحب العنوان : هذا [ قبر ] إبراهيم بن علي الكفعمي رحمه الله .
  وقال السيد حسن الصدر في تكملة الامل : 76 : وحدثني بعض الاجلة الثقات أن قبره كان مخفيا وظفر به في المائة الحادية عشرة ، وله حكاية غريبة مشهورة ، وأيضا قد روى هذه الحكاية سيدنا آية الله العلامة صدر الدين العاملي عن بعض الثقات من أهل البلاد .
  وقال السيد الامين في الاعيان 2 : 184 : وبعض الناس يروي لظهوره حديثا لا يصح ، وهو : أن رجلا كان يحرث فعلقت جارته بصخرة فانقلعت فظهر من تحتها الكفعمي بكفنه غضا طريا ، فرفع رأسه من القبر كالمدهوش والتفت يمينا وشمالا ، وقال : هل قامت القيامة ؟ ثم سقط ، فأغمي على الحارث ، فلما أفاق أخبر أهل القرية

محاسبة النفس _ 23 _

  فوجدوه قبر الكفعمي وعمروه ، وقد سرى تصديق هذه القصة إلى بعض مشاهير علماء العراق ، والحقيقة ما ذكرناه ، ويمكن أن يكون الحارث الذي عثر على القبر زاد هذه الزيادة من نفسه فصدقوه عليها ، انتهى .
  وحكمه هذا ـ أي : عدم صحة الواقعة ، وإمكان أن يكون الحارث زاد هذه الزيادة من نفسه ـ في غير محله ، إذ لا استبعاد من وقوع مثل هذه الواقعة ، بالاخص من الشيخ الكفعمي شيخ العارفين ، فهل يستبعد العقل أن يجعل الله هذه الكرامة للشيخ الكفعمي ليبين فضله للناس ؟ وما حاجة الحارث إلى اختلاق هذه القصة ؟ ! آثاره : قال المولى الافندي في الرياض 1 : 21 : ثم له ـ عفا الله عنه ـ يد طولى في أنواع العلوم سيما العربية والادب ، جامع حافل كثير التتبع في الكتب ، وكان عنده كتب كثيرة جدا ، وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة ، وسماعي أنه قدس سره ورد المشهد الغروي وأقام به وطالع في كتب خزانة الحضرة الغروية ، ومن تلك الكتب ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم المشتملة على غرائب الاخبار ، وبذلك صرح في بعض مجاميعه التي رأيتها بخطه ، انتهى .

فمن مؤلفاته :
  1 ـ البلد الامين والدرع الحصين ، كتاب كبير أكبر من المصباح ألفه قبله ، ينقل منه العلامة المجلسي في البحار ، وضمنه ـ مضافا إلى الادعية والعوذ والاحراز والزيارات والسنن والآداب وغيرها ـ أدعية الصحيفة السجادية ، وألحق به عدة رسائل منها : محاسبة النفس ، والمقام الاسنى .
  2 ـ تاريخ وفيات العلماء .
  3 ـ تعليقات على كشف الغمة .
  4 ـ التلخيص في مسائل العويص ، ومسائل العويص للشيخ المفيد .

محاسبة النفس _ 24 _

  5 ـ جنة الامان الواقية وجنة الايمان الباقية ، المعروف بمصباح الكفعمي لسبقه بمصباح المتهجد للشيخ الطوسي ، وعلى منواله نسج الكفعمي ، وهو كبير كثير الفوائد ، وعليه حواش لطيفة للمصنف ، وضمنه عدة رسائل منها المقام الاسنى ، فرغ منه سنة 895 هجرية.
  6 ـ الجنة الواقية ، وهو مختصر للمصباح لطيف ، وتردد الشيخ المجلسي في نسبة الكتاب للكفعمي ، فقال في البحار 1 : 17 : وكتاب الجنة الواقية لبعض المتأخرين ، وربما ينسب إلى الكفعمي ، وكذا تأمل المولى الافندي في الرياض 5 : 23 في نسبة الكتاب للكفعمي .
  7 ـ حجلة العروس .
  8 ـ حديقة أنوار الجنان الفاخرة وحدقة أنوار الجنان الناظرة .
  9 ـ الحديقة الناضرة .
  10 ـ حياة الارواح ومشكاة المصباح ، مجموع لطيف لا يمل أحد من دوام مطالعته ، فهو بالحقيقة حياة الارواح ، مشتمل على 78 بابا في اللطائف والاخبار والآثار والآداب والمواعظ والاوامر والنواهي ، فرغ من تأليفه سنة 843 وقيل : 854 .
  11 ـ الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة .
  12 ـ زهر الربيع في شواهد البديع .
  13 ـ صفوة ـ صفو ـ الصفات في شرح دعاء السمات ، ذكر فيه سند هذا الدعاء وروايته وفضله ، ثم ذكر جملة من ألفاظ الدعاء ثم شرحها ، فرغ منه سنة 875 ، وذكر السيد الامين اسم الكتاب : سفط الصفات ، واستظهر أن صفوة الصفات تصحيف .
  14 ـ العين المبصرة .
  15 ـ فرج الكرب وفرح القلب ، في علم الادب بأقسامه يقرب من عشرين ألف بيت ـ والبيت : السطر المحتوي خمسين حرفا ـ وذكر العلامة الطهراني في الذريعة 14 : 31 : أن كتاب فرج الكرب هو شرح البديعية في مدح خير البرية لصفي

محاسبة النفس _ 25 _

  الدين الحلي ، المتوفى سنة 750 .
  16 ـ الفوائد الطريفة ـ الشريفة ـ في شرح الصحيفة .
  17 ـ قراضة النضير في التفسير ، ملخص من مجمع البيان للطبرسي .
  18 ـ الكوكب الدري ، وقيل : الكواكب الدرية .
  19 ـ اللفظ الوجيز في قراءة الكتاب العزيز .
  20 ـ لمع البرق في معرفة الفرق ، وهو نفس فروق اللغة ، كتاب جليل في موضوعه يدل على تبحر مصنفه في علم اللغة .
  21 ـ مجموع الغرائب وموضوع الرغائب ، على نمط الكشكول ، قال في آخره : جمعته من كتابنا الكبير الذي ليس له نظير ، جمعته من ألف مصنف ومؤلف .
  22 ـ محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة ، وهو هذا الكتاب الماثل بين يديك .
  23 ـ مشكاة الانوار ، وهو غير مشكاة الانوار لسبط الشيخ الطبرسي .
  24 ـ المقام الاسنى في تفسير الاسماء الحسنى ، ألحقه المصنف بالبلد الامين والمصباح .
  25 ـ ملحقات الدروع الواقية .
  26 ـ المنتقى في العوذ والرقى .
  27 ـ النخبة .
  28 ـ نهاية رب ـ الادب ـ في أمثال العرب ، كبير في مجلدين لم ير مثله في معناه .
  29 ـ نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع ، في شرح بديعيته المشهورة .
  قال المولى الافندي في الرياض 1 : 22 : وله مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد ، مشتملة على مؤلفات عديدة ، رأيتها بخطه في بلدة إيروان من بلاد آذربايجان ، وكان تاريخ إتمام كتابة بعضها سنة 848 لخمس بقين من شهر رمضان ، وتاريخ بعضها سنة 849 ، وتاريخ بعضها سنة 852 ، وكان فيها عدة كتب من مؤلفاته أيضا ، منها :