اللبن، وقد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع وبين ابوي صاحب اللبن والمرضعة الرضاعيين، وقد تحصل برضاعات متعددة ، فاذا كان لصاحب اللبن مثلاً أب من جهة الرضاع وكان لذلك الاب الرضاعي ايضاً أب من الرضاع وكان للاخير ايضاً أب من الرضاع، وهكذا الى عشرة آباء أو اكثر كان الجميع اجداداً رضاعيين للمرتضع والمرتضعة الاخيرين، وجميع المرضعات جدات لهما ، فتحرم جميع الجدات على المرتضع كما تحرم المرتضعة على جميع الاجداد، بل لو كان للجد الرضاعي الاعلى مثلاً اخت رضاعية حرمت على المرتضع الاخير ، لكونها عمته العليا من الرضاع ولو كانت للجدة العليا للمرتضع اخت حرمت عليه ، لكونها خالته العليا من الرضاع.
مسألة (136) : قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد صاحب اللبن، ويتفرع على ذلك مراعاة هذا الشرط في العمومة والخؤولة الحاصلتين بالرضاع ايضاً، لان العم والعمة اخ واخت للاب ، والخال والخالة اخ واخت للام ، فلو ارتضع ابو الشخص أو امه مع صبية من امرأة فان اتحد صاحب اللبن كانت الصبية عمة ذلك الشخص أو خالته من الرضاعة، واما إذا لم يتحد صاحب اللبن فحيث لم تحصل الاخوة الرضاعية بين ابيه أو امه مع الصبية لم تكن هي عمته أو خالته فلم تحرم عليه .
مسألة (137) : إذا حرمت مرتضعة على مرتضع بسبب ارتضاعهما من لبن منتسب الى رجل واحد لم يؤد ذلك الى حرمة اخوات كل منهما على اخوة الآخر.
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 52 ـ
مسألة (138) : لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع سابقاً على العقد وما إذا كان لاحقاً له ، مثلاً إذا تزوج الرجل صغيرة فارضعتها بنته أو امه أو اخته، أو بنت اخيه أو بنت اخته أو زوجة اخيه بلبنه، رضاعاً كاملاً بطل العقد، وحرمت الصغيرة عليه ، لاَنها تصير بالرضاع بنتاً أو اختاً أو بنت اخ أو بنت اخت له .
مسألة (139) : إذا ارضعت الزوجة الكبيرة ضرّتها الرضيعة فالمشهور بين الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ انه يؤدي الى حرمتها على زوجها حرمة مؤبدة وتبقى زوجية الرضيعة إذا لم تكن المرضعة مدخولاً بها ولم يكن الرضاع بلبن زوجها وإلاّ تحرم هي ايضاً مؤبدة .
ولكن حرمة الكبيرة المرضعة مؤبدة محل اشكال مطلقاً ، وكذا ابقاء زوجية الرضيعة في الصورة الاولى، فانه يحتمل فيها حرمتهما معاً حرمة جمعية ، فلا تترك مراعاة الاحتياط بالاجتناب عن الكبيرة وتجديد العقد على الرضيعة.
مسألة (140) : ذكر بعض الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ انه يمكن لاحد الاخوين ان يجعل نفسه محرماً لزوجة الاخر عن طريق الرضاع وذلك بان يتزوج طفلة ثم تُرضَع من زوجة اخيه لتصير المرضعة ام زوجته ، وبذلك تندرج في محارمه فيجوز له النظر اليها فيما يجوز النظر الى المحارم، ولا يجب عليها التستر عنه كما يلزمها التستر عن الاجنبي، ولكن هذا محل اشكال الا اذا كان الرضاع بلبن رجل آخر غير الاخ فانه يحقق الغرض المذكور بلا فرق حينئذ بين تقدم الزواج على الرضاع وتاخره عنه فلو كان للمرأة زوج سابق قد اُرضِعت صبية بلبنه فتزوجها اخو زوجها الثاني حرمت
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 53 ـ
عليه المرضعة اي زوجة الاخ ، لانها اصبحت ام زوجته من الرضاعة.
مسألة (141) : إذا ارضعت امرأة طفلاً لزوج بنتها حرمت البنت على زوجها مؤبداً وبطل نكاحها ، سواء أرضعته بلبن ابي البنت ام بلبن غيره ، وسواء أكان الطفل من بنتها ام من ضرتها ، لان زوج البنت اب للمرتضع وزوجته بنت للمرضعة وقد مرّ انه يحرم على ابي المرتضع ان ينكح في اولاد المرضعة النسبيين، فاذا منع منه سابقاً ابطله لاحقاً .
مسألة (142) : إذا ارضعت زوجة الرجل بلبنه طفلاً لزوج بنته سواء أكان الطفل من بنته أم من ضرتها ، فالمشهور بين الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ بطلان عقد البنت وحرمتها مؤبداً على زوجها بناءً منهم على حرمة نكاح ابي المرتضع في اولاد صاحب اللبن ـ كما مر ـ فلا تترك مراعاة الاحتياط في ذلك .
مسألة (143) : بناء على ما تقدم إذا تم الرضاع في مفروض المسألتين السابقتين بعد طلاق البنت لم يجز للزوج تجديد العقد عليها ، ولو تم الرضاع بعد وفاتها لم يجز له ان يعقد على اخواتها كما كان الحكم كذلك لو تم الرضاع قبل وفاتها .
مسألة (144) : إذا ارضعت المرأة طفلاً لابنها لم يترتب عليه نظير الاَثر المتقدم ـ وهو حرمة زوجة الابن عليه ـ ولكن يترتب عليه سائر الاثار كحرمة المرتضع أو المرتضعة على اولاد عمه وعمته ، لصيرورته عماً أو عمة لاَولاد عمه وخالاً أو خالة لاَولاد عمته .
مسألة (145) : لو زوّج ابنه الصغير بابنة اخيه الصغيرة ثم ارضعت جدتهما من طرف الاب أو الام احدهما انفسخ نكاحهما، لان المرتضع ان
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 54 ـ
كان هو الذكر فان ارضعته جدته من طرف الاب صار عمّاً لزوجته ، وان ارضعته جدته من طرف الام صار خالاً لزوجته. وان كان هو الانثى صارت هي عمة لزوجها على الاول وخالة له على الثاني، فيبطل النكاح على اي حال .
مسألة (146) : إذا حصل الرضاع الطارىء المبطل للنكاح ، فاما ان يبطل نكاح المرضعة بارضاعها كما إذا ارضعت الزوجة زوجها الرضيع، وإما ان يبطل نكاح المرتضعة كما إذا ارضعت الزوجة الكبيرة المدخول بها ضرتها الرضيعة، واما ان يبطل نكاح غيرهما كما إذا ارضعت المرأة طفلاً لزوج بنتها ، ولا يبعد بقاء استحقاق الزوجة للمهر في الجميع على اشكال في الصورة الاولى فيما إذا كان الارضاع وانفساخ العقد قبل الدخول فلا تترك مراعاة الاحتياط فيها ، وهل تضمن المرضعة ما يغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فيما إذا كان ارضاعها مبطلاً لنكاح غيرها؟ قولان ، اقواهما العدم، والاحوط التصالح.
مسألة (147) : قد عرفت سابقاً ان الرضاع لا يكون محِّرماً إذا لم يتحقق به احد العناوين السبعة المعروفة وان حصل به عنوان خاص لو كان حاصلاً بالولادة لكان ملازماً مع احد تلك العناوين السبعة، ويتفرع على ذلك انه لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا ارضعت بلبنه :
1 ـ اخاها أو اختها، وان صارت بذلك اختاً لولد زوجها .
2 ـ ولد اخيها أو اختها، وان صارت بذلك عمة أو خالة لولد زوجها .
3 ـ ولد ولدها ، وان صارت بذلك جدة لولد زوجها ، ومثله ان ترضع احدى زوجتي الشخص ولد ولد الاخرى، فان الاخرى تصير جدة لولد زوجها .
4 ـ عمها أو عمتها، وان صار الزوج بذلك اباً لعمها أو عمتها .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 55 ـ
5 ـ خالها أو خالتها، وان صار الزوج بذلك اباً لخالها أو خالتها .
6 ـ ولد عمها أو خالها، وان صار الزوج بذلك اباً لابن عمها أو ابن خالها ، واما لو ارضعت ولد عمتها أو خالتها فلا تحرم عليه بلا اشكال، لان الزوج يصبح أباً لابن عمتها أو لابن خالتها فيكون بمنزلة زوج عمتها أو خالتها وزوج العمة أوالخالة غير محرم على المرأة ذاتاً .
7 ـ اخا الزوج أو اخته، وان صارت بذلك اماً لاخي زوجها أو اخته.
8 ـ ولد ابن الزوج، وان صارت بذلك اماً لولد ابنه.
9 ـ ولد بنت الزوج، وان صارت بذلك اماً لولد بنته .
10 ـ ولد اخت زوجها، وان صارت بذلك اماً لولد اخته، واما لو ارضعت ولد اخي زوجها فلا تحرم عليه بلا اشكال لانها تصبح اماً لولد اخيه فتكون بمنزلة زوجة اخيه، وزوجة الاخ غير محرمة على الزوج ذاتاً.
11 ـ عم الزوج أو عمته ، وان صارت بذلك اُم عم الزوج أو عمته .
12 ـ خال الزوج أو خالته ، وان صارت بذلك اُم خال الزوج أو خالته .
مسألة (148) : لا يجوز للزوجة ارضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق زوجها ما لم يأذن زوجها لها في ذلك.
مسألة (149) : إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة اجنبية عليه بسبب الرضاع وامكن صدقه لم يسعه ان يتزوجها .
واذا ادعى حرمة المرأة عليه ـ بعد ان عقد عليها ـ وصدقته المرأة حكم ببطلان العقد وثبت لها مهر المثل إذا كان قد دخل بها ولم تكن عالمة بالحرمة وقتئذٍ ، واما إذا لم يكن قد دخل بها أو كان قد دخل بها مع علمها بالحرمة فلا مهر لها .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 56 ـ
ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد أو بعده فيجري فيه التفصيل الآنف الذكر.
مسألة (150) : الاولى منع النساء من الاسترسال في ارضاع الاطفال حذراً من نسيانهن وحصول الزواج المحرم بلا التفات الى العلاقة الرضاعية.
مسألة (151) : يثبت الرضاع المحرم بامرين :
الاول : اخبار شخص أو اكثر يوجب العلم أو الاطمئنان بوقوعه .
الثاني : شهادة عدلين على وقوعه ، وفي ثبوته بشهادة رجل مع امرأتين أو بشهادة نساء اربع اشكال.
مسألة (152) : لا تقبل الشهادة على الرضاع إلاّ مفصلة، بان يشهد الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة رضعة متواليات مثلاً، الى آخر ما تقدم من الشروط.
ولا تكفي الشهادة المطلقة والمجملة بان ، يشهد على وقوع الرضاع المحرِّم، أو يشهد مثلاً على ان فلاناً وَلدُ فلانة أو فلانة بنتُ فلانٍ من الرضاع، بل يسأل منه التفصيل.
مسألة (153) : لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية مثلاً بنى على العدم، وان كان الاحتياط مع الظن بوقوعه جامعاً للشرائط ـ بل مع احتماله ـ حسناً .
مسألة (154) : ينبغي ان يختار لرضاع الولد المرضعة المسلمة العاقلة ذات الصفات الحميدة خَلقاً وخُلقاً ، ففي الخبر عن امير المؤمنين عليه السلام: (انظروا من يرضع اولادكم فان الولد يشب عليه) ولا ينبغي ان تسترضع
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 57 ـ
الكافرة والحمقاء والعشماء وقبيحة الوجه، كما يكره استرضاع الزانية من اللبن الحاصل من الزنا أو المرأة المتولدة من الزنا.
الامر الثالث: المصاهرة وما يلحق بها
المصاهرة علاقة بين احد الزوجين مع اقرباء الاخر موجبة لحرمة النكاح اما عيناً أو جمعاً على تفصيل يذكر في المسائل التالية:
مسألة (155) : تحرم على الابن زوجة ابيه وجده وان علا ـ لاب كان أم لاُم ـ حرمة دائمية ، سواء أكان الزواج دائمياً ام منقطعاً ، وسواء دخل الاب أو الجد بزوجته ام لا ، وسواء أكانا نسبيين أم رضاعيين.
مسألة (156) : تحرم على الاب زوجة ابنه ، وعلى الجد ـ لاب كان أم لاُم ـ زوجة حفيده وسبطه وان نزل حرمة دائمية ، سواء أكان النكاح دواماً أم انقطاعاً، وسواء دخل الابن أو الحفيد أو السبط بزوجته أم لا ، وسواء أكانوا نسبيين أم رضاعيين .
مسألة (157) : تحرم على الزوج أم زوجته وجداتها وان علون ـ لاب كنّ أم لاُم، نسباً ورضاعاً ـ حرمة دائمية ، سواء دخل بزوجته أم لا ، وسواء كان العقد دواماً أم انقطاعاً ، وسواء كانت الزوجة صغيرة أم كبيرة .
مسألة (158) : تحرم على الزوج بنت زوجته المدخول بها وان نزلت ، من بنت كانت أو من ابن، ولا تحرم البنت على ابن الزوج ولا على ابيه، كما لا تحرم عليه بنت زوجته غير المدخول بها عيناً ، وانما تحرم عليه جمعاً على الاحوط، اي يجوز له الزواج منها إذا خرجت امها عن عصمته بموت أو طلاق أو غيرهما، واما قبل ذلك فيحتاط بعدم الزواج منها ، ولو
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 58 ـ
فعل لم يحكم بصحة زواج البنت ولا ببقاء زوجية الام.
مسألة (159) : لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين ان تكون في حجر الزوج أو لا ، ولا بين ان تكون موجودة في زمان زوجية الام أو ولدت بعد خروجها عن الزوجية، فلو عقد على امرأة ودخل بها ثم طلقها ثم تزوجت وولدت من الزوج الثاني بنتاً تحرم هذه البنت على الزوج الاول.
مسألة (160) : لا فرق في الدخول بين القبل والدبر ، ولا يكفي الانزال على فرجها من غير دخول وان حبلت به ، وكذا لا فرق في الدخول بين ان يكون في حال اليقظة أو النوم اختياراً أو جبراً منه أو منها.
مسألة (161) : لا يصح نكاح بنت الاخ على العمة وبنت الاخت على الخالة إلاّ باذنهما من غير فرق بين كون النكاحين دائمين أو منقطعين أو مختلفين ، ولا بين علم العمة والخالة حال العقد وجهلهما ، ولا بين اطلاعهما على ذلك وعدم اطلاعهما ابداً، فلو تزوجهما عليهما بدون اذنهما توقفت صحته على اجازتهما، فان اجازتا جاز وإلاّ بطل ، وان علمتا بالتزويج فسكتتا ثم اجازتاه صح ايضاً.
مسألة (162) : يجوز نكاح العمة والخالة على بنتي الاخ والاخت وان كانت العمة والخالة جاهلتين ، وليس لهما الخيار لا في فسخ عقد انفسهما ولا في فسخ عقد بنتي الاخ والاخت على الاقوى.
مسألة (163) : الظاهر انه لا فرق في العمة والخالة بين الدنيا منهما والعليا ، كما انه لا فرق بين النسبيتين منهما والرضاعيتين.
مسألة (164) : إذا اذنتا ثم رجعتا عن الاذن، فان كان رجوعهما بعد العقد لم يؤثر في البطلان، وان كان قبله بطل الاذن السابق، فلو لم يبلغه
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 59 ـ
الرجوع وتزوج اعتماداً عليه توقفت صحته على الاجازة اللاحقة.
مسألة (165) : الظاهر ان اعتبار اذنهما ليس حقاً لهما كالخيار حتى يسقط بالاسقاط ، فلو اشترط في ضمن عقدهما ان لا يكون لهما ذلك بطل الشرط ولم يؤثر شيئاً ، ولو اشترط عليهما ان يكون له العقد على بنت الاخ أو الاخت فرضيتا كان ذلك بنفسه اذناً منهما في ذلك ، ولكن لهما الرجوع عنه قبل اجرائه، ولو اشترط عليهما الاذن في العقد عليهما وجب عليهما الوفاء بالشرط ولكن تخلفهما عنه لا يستتبع سوى الاثم ولا يصح العقد ان لم تأذنا .
مسألة (166) : إذا تزوج بالعمة وابنة اخيها وشك في السابق منهما حكم بصحة العقدين، وكذلك فيما إذا تزوج بنت الاخ أو الاخت وشك في انه هل كان عن اذن من العمة أو الخالة ام لا حكم بالصحة وحصول الاذن منهما .
مسألة (167) : إذا طلق العمة أو الخالة، فان كان بائناً صح العقد على بنتي الاخ والاخت بمجرد الطلاق ، وان كان رجعياً لم يجز ذلك من دون اذنهما إلاّ بعد انقضاء العدة.
مسألة (168) : إذا زنى بخالته أو عمته قبل ان يعقد على بنتها حرمت عليه البنت على الاحوط لزوماً ، ولو زنى بامرأة اجنبية فالاحوط الاولى ان لا يتزوج بنتها .
مسألة (169) : إذا زنى بامرأة فالاحوط الاولى ان لا يتزوج بها ابوه وان علا ، ولا ابنه وان نزل .
مسألة (170) : لا فرق في الاحكام المذكورة بين الزناء في القبل والدبر .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 60 ـ
مسألة (171) : لا يلحق بالزناء الوطء عن شبهة ولا التقبيل أو اللمس أو النظر بشهوة ونحوها ، فلو قبلّ خالته أو عمته أو لمسها أو نظر اليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها .
مسألة (172) : الزناء الطارىء على العقد لا يوجب التحريم، فلو زنى بعمته أو خالته بعد العقد على البنت والدخول بها لم تحرم عليه ، وكذلك فيما إذا كان الزناء بعد العقد وقبل الدخول على الاظهر.
مسألة (173) : إذا علم بالزناء وشك في كونه سابقاً على العقد أو طارئاً بنى على الثاني.
مسألة (174) : لا يجوز الجمع في النكاح بين الاختين نسبيتين كانتا ام رضاعيتين دواماً أو انقطاعاً أو بالاختلاف ، فلو تزوج باحدى الاختين ثم تزوج بالاخرى بطل العقد الثاني دون الاول، سواء دخل بالاولى أم لا ، ولو اقترن عقدهما ـ بان تزوجهما بعقد واحد أو عقد هو على احداهما ووكيله على الاخرى في زمان واحد مثلاً ـ بطلا معاً .
مسألة (175) : إذا عقد على الاختين وجهل تاريخ احد العقدين أو كليهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معاً ، وان لم يحتمل التقارن ولكن لم يعلم السابق من اللاحق فقد علم اجمالاً بصحة احدهما وبطلان الآخر فلا يجوز التعامل مع ايتهما معاملة الزوجة مادام الاشتباه، وحينئذٍ فان طلقهما أو طلق الزوجة الواقعية منهما أو رضيتا بالصبر على هذا الحال ـ مع الانفاق أو بدونه ـ بلا حق المعاشرة الثابت للزوجة على زوجها فلا اشكال، وان لم يطلق ولم ترضيا بالصبر اجبره الحاكم الشرعي على الطلاق ولو بان يطلق احداهما معينة، ويجدد العقد على الاخرى برضاها بعد انقضاء عدة
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 61 ـ
الاولى إذا كانت مدخولاً بها، واما مع عدم الدخول فيجوز له العقد على الثانية بعد الطلاق مباشرة .
مسألة (176) : إذا طلقهما والحال هذه ، فان كان قبل الدخول فعليه للزوجة الواقعية نصف مهرها ، وان كان بعد الدخول فلها عليه تمام مهرها ، فان كان المهران كلّيين في الذمة واتفقا في الجنس وسائر الخصوصيات فقد علم الحق وانما الاشتباه فيمن له الحق، وفي غير ذلك يكون الاشتباه في الحق ايضاً، فان تراضوا بصلح أو غيره فهو وإلاّ فالاظهر الرجوع الى القرعة، فمن خرجت باسمها من الاختين كان لها نصف مهرها المسمى أو تمامه ولم تستحق الاخرى شيئاً ، نعم مع الدخول بها فيه تفصيل لا يسعه المقام.
مسألة (177) : إذا طلّق زوجته فان كان الطلاق رجعياً فلا يجوز ولا يصح نكاح اختها ما لم تنقض عدّتها ، وان كان بائناً كالطلاق الثالث أو كانت المطلقة ممن لا عدّة لها كالصغيرة وغير المدخولة واليائسة جاز له نكاح اختها في الحال، نعم لو كانت متمتعاً بها وانقضت مدّتها أو وهب المدة فالاحوط لزوماً له عدم الزواج من اختها قبل انقضاء العدة وان كانت بائنة .
مسألة (178) : يجوز الجمع بين الفاطميتين في النكاح وان كان الاحوط استحباباً تركه .
مسألة (179) : لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها ، وان كانت مصرة على ذلك ، والاولى ـ مع عدم التوبة ـ ان يطلقها الزوج.
مسألة (180) : إذا زنى بذات بعل حرمت عليه ابداً على الاحوط، فلا يجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 62 ـ
مدة أو غيرها ، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها ، والمسلمة والكافرة، والصغيرة والكبيرة ، والمدخول بها وغيرها، والعالمة والجاهلة ، ولا في البعل بين الصغير والكبير ، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل والجاهل بذلك ، والمكره على الزناء وغيره .
مسألة (181) : إذا زنى بامرأة فُقدَ زوجها ثم تبين موته قبل وقوع الزناء لم تحرم عليه فيجوز له الزواج منها بعد انقضاء عدتها، واما ان لم تتبين الحال وشك في وقوع الزناء قبل موت الزوج أو بعده فلا يجوز له الزواج منها على الاحوط.
مسألة (182) : إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابداً على الاحوط، واما الزناء بذات العدة غير الرجعية ـ كعدة البائنة وعدة الوفاة وعدة المتعة والوطء شبهة ـ فلا يوجب حرمة المزني بها ، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدتها.
مسألة (183) : لو علم بانها كانت في العدة ولم يعلم بانها كانت رجعية أو بائنة فلا حرمة مادام باقياً على الشك، نعم لو علم بأنها كانت في عدة رجعية وشك في انقضائها فالظاهر الحرمة.
مسألة (184) : لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليست بذات عدة فالاحوط لزوماً ان لا يتزوجها إلاّ بعد توبتها ، ويجوز لغيره ان يتزوجها قبل ذلك إلاّ ان تكون امرأة مشهورة بالزناء ، فان الاحوط لزوماً عدم الزواج بها قبل ان تتوب ، كما ان الاحوط لزوماً عدم التزوج بالرجل المشهور بالزناء إلاّ بعد توبته ، والاحوط الاولى استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل التزوج بها سواء ذلك بالنسبة الى الزاني ام غيره .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 63 ـ
مسألة (185) : إذا لاط البالغ بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت عليه ابداً اُم الملوط وإن علت، وبنته وإن نزلت ، واخته ، ولا فرق في ذلك بين النسبيات منهن والرضاعيات ، والاحوط لزوماً جريان الحكم المذكور فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو لم يكن الملوط غلاماً .
مسألة (186) : إذا تزوج امرأة ثم لاط بابيها أو اخيها أو ابنها حرمت عليه على الاحوط.
مسألة (187) : إذا شك في تحقق الايقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم، وكذا لو ظن بتحققه .
مسألة (188) : لا تحرم على اللائط بنت اخت الملوط ولا بنت اخيه، كما لا تحرم على الملوط أم اللائط ولا بنته ولا اخته على الاظهر.
الامر الرابع: الاعتداد وما بحكمه
مسألة (189) : يحرم الزواج بالمرأة دواماً أو متعة في عدتها من الغير، رجعية كانت أو بائنة عدة الوفاة أو غيرها، من نكاح دائم أو منقطع أو من وطء شبهة أو غيرها، فلو علم الرجل أو المرأة بانها في العدة وبحرمة الزواج فيها وتزوج بها حرمت عليه ابداً وان لم يدخل بها بعد العقد، واذا كانا جاهلين بانها في العدة أو بحرمة الزواج فيها وتزوج بها بطل العقد، فان كان قد دخل بها ـ ولو دبراً ـ حرمت عليه مؤبداً ايضاً وإلاّ جاز الزواج بها بعد تمام العدة.
مسألة (190) : إذا وكلّ احداً في تزويج امرأة له ولم يعيّن الزوجة، فزوّجه امرأة ذات عدة ، وقع العقد فضولياً ، لانصراف وكالته الى العقد
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 64 ـ
الصحيح، وحينئذٍ فان امضاه قبل خروجها من العدة فلا يبعد ان يكون ذلك بحكم الزواج منها في عدتها فيجري عليه التفصيل الآنف ذكره، وإلاّ كان لغواً ولا يوجب التحريم على الاظهر، وهكذا الحال لو زوّج الصغير وليه من امرأة ذات عدة فانه لا يوجب الحرمة إلاّ إذا امضاه بعد البلوغ والرشد قبل انقضاء عدتها على التفصيل المذكور، ولا فرق في ذلك بين علم الوكيل والولي بالحال وجهلهما به .
مسألة (191) : إذا وكله في تزويج امرأة معينة في وقت معين فزوجه اياها في ذلك الوقت وهي ذات عدة، فان كان الموكِّل عالماً بالحكم والموضوع حرمت عليه ابداً على الاظهر وان كان الوكيل جاهلاً بهما ، بخلاف ما لو كان الموكِّل جاهلاً بهما وان كان الوكيل عالماً بهما فانها لا تحرم عليه إلاّ مع الدخول بها أو علمها بالحال .
مسألة (192) : لا يلحق بالزواج في العدة وطء الشبهة أو الزنى بالمعتدة ، فلو وطىء شبهة أو زنى بالمرأة في حال عدتها لم يؤثر في الحرمة الابدية أية عدة كانت إلاّ العدة الرجعية إذا زنى بها فيها فانه يوجب الحرمه على الاحوط كما مر .
مسألة (193) : إذا كانت المرأة في عدة الرجل لم يمنعه ذلك من العقد عليها في الحال فلا يلزمه الانتظار حتى انقضاء عدتها ، نعم فيما إذا كانت معتدة له بالعدة الرجعية يبطل منه العقد عليها لكونها زوجة له حقيقة أو حكماً ولا يصح عقد الزوج على زوجته ، فلو كانت عنده زوجة منقطعة واراد ان يجعل عقدها دواماً جاز ان يهب مدتها ويعقد عليها عقد الدوام في الحال، بخلاف ما اذا كانت عنده زوجة دائمة واراد ان يجعلها منقطعة
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 65 ـ
فطلقها لذلك طلاقاً غير بائن، فانه لا يجوز له ايقاع عقد الانقطاع عليها إلاّ بعد خروجها من العدة.
مسألة (194) : هل يعتبر في الدخول ـ الذي هو شرط للحرمة الابديةـ في صورة الجهل ان يكون في العدة، أو يكفي وقوع العقد في العدة وان كان الدخول واقعاً بعد انقضائها ؟ قولان ، احوطهما الثاني، واقواهما الاول.
مسألة (195) : إذا شك في انها معتدة ام لا حكم بالعدم وجاز له الزواج بها ، ولا يجب عليه الفحص عن حالها ، وكذا لو شك في انقضاء عدتها واخبرت هي بالانقضاء فانها تصدَّق ويجوز الزواج بها ما لم تكن متهمة ، والاّ فالاحوط لزوماً تركه ما لم يتحقق من صدقها .
مسألة (196) : إذا علم ان التزويج كان في العدة مع الجهل ـ موضوعاً أو حكماً ـ ولكن شك في انه قد دخل بها حتى تحرم عليه ابداً أو لا ، بنى على عدم الدخول فلا تحرم عليه .
وكذا لو علم بعدم الدخول لكن شك في ان احدهما هل كان عالماً ام لا ، فيبني على عدم العلم ولا يحكم بالحرمة الابدية.
مسألة (197) : لو تزوج بامرأة عالماً بانها ذات بعل حرمت عليه مؤبداً دخل بها ام لم يدخل ، ولو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه لو لم يدخل بها حتى مع علم الزوجة بالحال ، واما لو دخل بها فتحرم عليه مؤبداً على الاحوط.
مسألة (198) : إذا تزوج بامرأة عليها عدة ولم تشرع فيها لعدم تحقق مبدأها ، كما إذا تزوج بالمتوفى عنها زوجها في الفترة الفاصلة بين وفاته وبلوغها خبر الوفاة ـ فان مبدأ عدتها من حين بلوغ الخبر كما سيأتي ـ بطل
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 66 ـ
العقد، ولكن هل يجري عليه حكم التزويج في العدة لتحرم عليه مؤبداً مع العلم بالحكم والموضوع أو الدخول، ام لا فله تجديد العقد عليها بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدة بعده ؟ قولان ، ارجحهما الثاني وان كان الاحتياط في محله .
مسألة (199) : لا يجوز التصريح بالخطبة ـ اي الدعوة الى الزواج صريحاً ـ ولا التعريض بها لذات البعل ولا لذات العدة الرجعية مع عدم الامن من كونه سبباً لنشوزها على زوجها بل مطلقاً على الاحوط لزوماً ، واما ذات العدة البائنة سواء أكانت عدة الوفاة ام غيرها فيجوز ـ لمن لامانع شرعاً من زواجه منها لولا كونها معتدة ـ التعريض لها بالخطبة بغير الالفاظ المستهجنة المنافية للحياء ، بل لا يبعد جواز التصريح لها بذلك ولو من غير زوجها السابق.
الامر الخامس: استيفاء العدد وما يلحق به
مسألة (200) : من كانت عنده اربع زوجات دائمة تحرم عليه الخامسة مادامت الاربع في عصمته، فلو طلق احداهن طلاقاً رجعياً لم يجز له الزواج باخرى إلاّ بعد خروجها من العدة وانقطاع العصمة بينهما ، واما لو طلقها بائناً فالمشهور جواز التزوج بالخامسة قبل انقضاء عدتها ، ولكنه محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالصبر الى انتهاء عدتها ايضاً، وهكذا الحال لو ماتت احداهن فان الاحوط وجوب الصبر عليه أربعة اشهر وعشرة أيام قبل زواجه من الخامسة، واما لو فارق احداهن بالفسخ أو الانفساخ فالاظهر عدم وجوب الصبر الى انقضاء عدتها .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 67 ـ
ولو لم تكن عليها منه عدة كغير المدخول بها واليائسة فلا موضوع لوجوب الصبر.
مسألة (201) : إذا عقد ذو الزوجات الثلاث على إثنتين مرتباً بطل الثاني.
ولو عقد عليهما في وقت واحد قيل : يختار ايتّهما شاء ، وكذا لو عقد على خمس في وقت واحد قيل : يختار اربعاً منهن ، ولكن الاقرب في الصورتين بطلان العقد.
مسألة (202) : يجوز الجمع بين الزوجات المنقطعات بما شاء وان كانت عنده اربع دائمات.
مسألة (203) : إذا طلّق الرجل زوجته الحرة ثلاث طلقات تخلل بينها رجعتان او ما بحكمهما ولم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه ، ولايجوز له نكاحها حتى تنكح زوجاً غيره بالشروط الآتية في كتاب الطلاق.
مسألة (204) : إذا طلق الرجل زوجته تسعاً للعدة بينها نكاحان لرجل آخر حرمت عليه ابداً، بل الاحوط لزوماً تحريم المطلقة تسعاً مطلقاً وان لم يكن الطلاق عدّياً ، وسيأتي معنى الطلاق العدّي في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى .
الامر السادس: الكفر وعدم الكفاءة
مسألة 205 : لا يجوز للمسلمة ان تتزوج الكافر دواماً أو متعة سواء أكان اصلياً كتابياً كان أو غيره، ام كان مرتداً عن فطرة كان أو عن ملة ، وكذا لا يجوز للمسلم أن يتزوج غير الكتابية من اصناف الكفار ولا المرتدة عن
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 68 ـ
فطرة كانت أو ملة ، واما النصرانية واليهودية فالاظهر جواز التزوج بها متعة ، والاحوط لزوماً ترك نكاحها دواماً.
مسألة (206) : في جواز زواج المسلم من المجوسية ولو متعة اشكال والاحوط لزوماً الترك، واما الصابئة فلم يتحقق عندنا حقيقة دينهم ، وقد يقال : انهم على قسمين ، فمنهم الصابئة الحرانيين وهم من الوثنية فلا يجوز نكاحهم ، ومنهم الصابئة المندلائيين وهم طائفة من النصارى فيلحقهم حكمهم ، فان ثبت ذلك كان الحكم ما ذكر ، والا فالاحوط الترك مطلقاً .
مسألة (207) : لا يجوز الزواج بالكتابية ولو انقطاعاً على المسلمة من دون اذنها، واما الزواج انقطاعاً باذنها ففيه اشكال أيضاً والاحوط لزوماً تركه.
مسألة (208) : العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحاً عندهم وعلى طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا، سواء أكان الزوجان كتابيين ام غير كتابيين ام مختلفين ، حتى انه لو أسلما معاً دفعة اقرا على نكاحهما الاول ولم يحتج الى عقد جديد على طبق مذهبنا ، بل وكذا لو أسلم احدهما ايضاً في بعض الصور الآتية، نعم لو كان نكاحهم مشتملاً على ما يقتضي الفساد ابتداءً واستدامة ـ كنكاح احدى المحرمات عيناً أو جمعاًـ جرى عليه بعد الاِسلام حكم الاِسلام.
مسألة (209) : إذا اسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الاول، سواء أكان كتابياً ام غيره ، وسواء أكان إسلامه قبل الدخول ام بعده ، واذا أسلم زوج غير الكتابية كتابياً كان ام غيره فان كان إسلامه قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وان كان بعده يفرَّق بينهما وينتظر الى انقضاء العدة فان اسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما ، وإلاّ انفسخ بمعنى انه يتبين
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 69 ـ
انفساخه من حين اسلام الزوج.
مسألة (210) : إذا اسلمت زوجة غير المسلم كتابية كانت ام غيرها فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وان كان بعده فالمشهور توقفه على انقضاء العدة فان اسلم قبل انقضائها فهي امرأته وإلاّ انكشف انها بانت منه حين إسلامها، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال فالاحوط لزوماً ان يفترقا بالطلاق أو يجدّد العقد إذا اسلم قبل انقضاء العدة.
مسألة (211) : إذا اسلم الزوج على اكثر من اربع غير كتابيات وأسلمن فاختار اربعاً انفسخ نكاح البواقي، ولو اسلم على اربع كتابيات ثبت عقده عليهن، ولو كنّ اكثر تخيّر اربعاً وبطل نكاح البواقي.
مسألة (212) : إذا ارتد الزوج عن ملة أو ارتدت الزوجة عن ملة أو فطرة، فان كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة أو صغيرة بطل نكاحها ولم تكن عليها عدة، واما إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سن من تحيض وجب عليها ان تعتد عدة الطلاق ـ الآتي بيانها في كتاب الطلاق ـ والمشهور توقف بطلان نكاحها على انقضاء العدة، فاذا رجع المرتد منهما عن ارتداده الى الاسلام قبل انقضائها بقي الزواج على حاله ، وإلاّ انكشف بطلانه عند الارتداد، وهذا وان كان لا يخلو عن اشكال إلاّ انه هو الاقرب.
مسألة (213) : إذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته ووجب عليها ان تعتد عدة الوفاة، وثبوت العدة حينئذٍ على غير المدخول بها واليائسة والصغيرة مبني على الاحتياط اللزومي، ولا تنفع توبته ورجوعه الى الاسلام في اثناء العدة في بقاء زوجيتها على المشهور، ولكنه لا يخلو عن
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 70 ـ
شوب اشكال فالاَحوط لزوماً عدم ترتيب اثر الزوجية او الفراق الا بعد تجديد العقد او الطلاق ويأتي مقدار عدة الوفاة في كتاب الطلاق.
مسألة (214) : لا يجوز للمؤمن أو المؤمنة ان ينكح دواماً أو متعة بعض المنتحلين لدين الاسلام ممن يحكم بنجاستهم كالنواصب وغيرهم ممن تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة.
مسألة (215) : يجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية، كما يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي على كراهة، نعم إذا خيف عليه أو عليها الضلال حرم.
مسألة (216) : لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة، نعم لو زوّج الصغيرة وليها بغير القادر عليها وكان في ذلك مفسدة بالنسبة الى الصغيرة من دون مزاحمتها بمصلحة غالبة وقع العقد فضولياً فيتوقف على اجازتها بعد كمالها .
مسألة (217) : التمكن من النفقة وان لم يكن شرطاً لصحة العقد ولا للزومه ، فلا يثبت الخيار للمرأة لو تبين عدم تمكنه منها حين العقد فضلاً عما لو تجدد عجزه عنها بعد ذلك ، ولكن لو دلّس الرجل نفسه على المرأة باظهار اليسار قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ووقع العقد مبنياً عليه ثم تبين خلافه فلا يبعد ثبوت الخيار لها فضلاً عما لو ذكر اليسار بنحو الاشتراط أو التوصيف في متن العقد ثم تبين عدمه، كما سيأتي في الفصل السادس.
مسألة (218) : يصح نكاح المريض في المرض المتصل بموته بشرط الدخول، فاذا لم يدخل بها حتى مات في مرضه بطل العقد ولا مهر للمرأة ولا ميراث ولا عدة عليها بموته ، وكذا لو ماتت المرأة في مرضه ذلك
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 71 ـ
المتصل بموته قبل الدخول فانه يبطل نكاحها على الاظهر، والظاهر عدم الفرق في الدخول بين القبل والدبر.
مسألة (219) : لا يبعد اختصاص الحكم المذكور بالمرض المتصل بالموت الذي يكون المريض معه في معرض الهلاك، فلا يشمل مثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف العادة.
وهل يختص الحكم بالمرض الذي يؤدي الى الموت ام يعّم غيره، فلو مات في مرضه قبل الدخول بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو مرض آخر فهل يوجب ذلك بطلان نكاحه أم لا ؟ فيه وجهان فلا تترك مراعاة الاحتياط.
مسألة (220) : عموم الحكم المذكور للامراض التي تستمر باصحابها فترة طويلة محل اشكال، إلاّ فيما يقع في أواخرها القريبة من الموت، فلا تترك مراعاة الاحتياط في غيره .
مسألة (221) : المسلم كفؤ المسلمة والمؤمن كفؤ المؤمنة شرعاً ، فيجوز تزويج العربية بالعجمي ، والهاشمية بغير الهاشمي وبالعكس ، وكذا ذوات البيوتات الشريفة باصحاب الصنائع الدنيئة كالكناس ونحوه.
الامر السابع: الاحرام
مسألة (222) : يحرم التزويج دواماً ومتعة حال الاحرام ـ وان لم تكن المرأة محرمة ـ سواء أكان ايقاع التزويج له بمباشرته أم بتوكيل الغير، محرماً كان الوكيل أو محِّلاً ، كان التوكيل قبل الاحرام أو حاله ، ويفسد العقد في جميع الصور المذكورة حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ، واما مع
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 72 ـ
علمه بالحرمة فتحرم عليه مؤبداً .
مسألة (223) : لا فرق فيما ذكر ـ من التحريم المؤبد مع العلم والبطلان مع الجهل ـ بين أن يكون الاحرام لحج واجب ، أو مندوب ، أو لعمرة واجبة ، أو مندوبة ، ولا بين أن يكون حجه وعمرته لنفسه أو نيابة عن غيره.
مسألة (224) : لا يجوز للمحرمة ان تتزوج ولو كان الرجل محلاً ، ولو فعلت بطل العقد مطلقاً ، ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبداً على الاحوط.
مسألة (225) : لو تزوج في حال الاحرام ولكن كان باطلاً من غير جهة الاحرام ـ كالزواج باخت الزوجة أو الخامسة ـ فهل يوجب التحريم أو لا؟ فيه اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، نعم لو كان بطلانه لفقد بعض الاركان بحيث لا يصدق عليه الزواج لم يوجب الحرمة.
مسألة (226) : يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية، وكذا يجوز له ان يوكل مُحلاً في ان يعقد له بعد احلاله، بل وكذا ان يوكل محرماً في ان يعقد له بعد احلالهما.
الامر الثامن: اللعان وما بحكمه
مسألة (227) : إذا تلاعن الزوجان امام الحاكم الشرعي ـ بالشروط الآتية في كتاب اللعان ـ انفصلا وحرمت المرأة على الرجل مؤبداً .
مسألة (228) : إذا قذف الزوج امرأته الخرساء بالزنى حرمت عليه مؤبداً ، وفي ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء اشكال فالاحوط لزوماً ترك الزواج منها .
الفصل الخامس :
في النكاح المنقطع
ويقال له (المتعة) و(النكاح المؤجل) ايضاً.
مسألة (229) : النكاح المنقطع كالنكاح الدائم في توقفه على عقد مشتمل على ايجاب وقبول لفظيين ، فلا يكفي في وقوعه مجرد الرضا القلبي من الطرفين، كما لا تكفي المعاطاة ولا الكتابة ولا الاشارة من غير الاخرس، والاحوط لزوماً ان يكون باللغة العربية لمن يتمكن منها، ويكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعناه في حق غير المتمكن منها وان تمكن من التوكيل.
مسألة (230) : الفاظ الايجاب في هذا العقد ثلاثة : (متعّت) و (زوجّتُ) و (انكحتُ) فايها حصل وقع الايجاب به ، ولا ينعقد بغيرها كلفظ التمليك والهبة والاجارة.
ويتحقق القبول بكل لفظ دال على انشاء الرضا بذلك الايجاب كقوله: (قبلتُ المتعةَ أو التزويجَ أو النكاحَ)، ولو قال : (قبلتُ) أو (رضيتُ) واقتصر كفى.
ولو بدأ بالقبول كأن يقول الرجل: (أتزوجُكِ في المدة المعلومة على المهر المعلوم) فتقول المرأة: (نعم)، أو يقول الرجل: (قبلتُ التزوّج بكِ في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (زوجتُكَ نفسي) صحّ.
مسألة (231) : إذا باشر الزوجان العقد المنقطع وبعد تعيين المدة
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 74 ـ
والمهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنكحتُكَ نفسي ، أو أنكحتُ نفسي منكَ أو لكَ ، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ النكاح) صحّ العقد، وكذا إذا قالت المرأة: (زوجتُكَ نفسي ، أو زوجتُ نفسي منكَ أو بكَ، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ التزويج)، وهكذا إذا قالت المرأة: (متعتُكَ نفسي الى الاجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ المتعة).
ولو وكلاّ غيرهما وكان إسم الرجل أحمد وإسم المرأة فاطمة مثلاً فقال وكيل المرأة: (أنكحتُ موكِلَكَ أحمد موكلتي فاطمة ، أو انكحت موكلتي فاطمة موكِلَكَ ، أو من موكِلَكَ، أو لموكِلَكَ أحمد، في المدة المعينة على الصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلتُ النكاحَ لموكِلي أحمد في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) صحّ العقد، وكذا لو قال وكيلها : (زوجتُ موكِلَكَ أحمد موكِلَتي فاطمة ، أو زوجت موكِلَتي فاطمة موكِلَكَ ، أو من موكِلِكَ ، أو بموكِلِكَ أحمد، في المدة المعينة على الصداق المعلوم) فقال وكيله : (قبلتُ التزويجَ لموكِلِي أحمد في المدة المعينة على الصداق المعلوم)، وهكذا لو قال وكيلها: (متعتُ موكِلَكَ أحمد موكِلَتي فاطمة الى الاجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلتُ المتعةَ لموكِلِي أحمد الى الاجل المعلوم بالصداق المعلوم).
ولو كان المباشر للعقد وليهّما، فقال ولي المرأة: (أنكحتُ ابنَكَ أو حَفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة ، أو أنكحتُ ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنَكَ أو حفيدَكَ ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ، أو لابنِكَ أو حفيدِك أحمد، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم)، أو قال ولي المرأة:
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 75 ـ
(زوجتُ ابنَكَ أو حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة ، أو زوجتُ ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنكَ أو حفيدكَ ، أو من ابنِكَ أو حفيدِكَ ، أو بابنِكَ أو حفيدِكَ أحمد، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم)، أو قال ولي المرأة: (متعتُ ابنكَ أو حفيدَكَ أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة الى الاجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وليّ الزوج: (قبلتُ النكاحَ أو التزويجَ أو المتعةَ لابني أو لحفيدي أحمد في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) صحّ العقد.
وتعرف كيفية ايقاع العقد لو كان المباشر له في احد الطرفين اصيلاً وفي الاخر وكيلاً أو ولياً ، أو في احد الطرفين ولياً وفي الآخر وكيلاً مما تقدم فلا حاجة الى التفصيل.
مسألة (232) : كل من لا يجوز نكاحها دواماً ـ عيناً أو جمعاً ، ذاتاً أو لعارضٍ ـ لا يجوز نكاحها متعة ، حتى بنت اخ الزوجة أو اختها فلا يجوز التمتع بهما من دون اذن الزوجة التي هي عمتها أو خالتها ، نعم لابأس بالتمتع بالنصرانية واليهودية وان كان لا يجوز نكاحهما دواماً على الاحوط كما مر .
مسألة (233) : يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر، فلو عقد بلا ذكره في العقد عمداً أو جهلاً أو نسياناً أو غفلة أو لغير ذلك بطل ، وكذا لو جعل المهر مما لايملكه المسلم كالخمر والخنزير ، وكذا لو جعله من مال الغير مع عدم اذنه ورده بعد العقد.
مسألة (234) : يصح ان يجعل المهر عيناً خارجية وكلّياً في الذمة، كما يصح ان يجعل منفعة أو عملاً محللاً صالحاً للعوضية ، بل وحقاً من