الفصل الثاني : في الذباحة والنحر
  مسألة (838) : يشترط في ذكاة الذبيحة أُمور:
   الاَوّل: ان يكون الذابح مسلماً أو من بحكمه كالمتولد منه .
   فلا تحل ذبيحة الكافـر مشركاً كان أو غيره حتى الكتابي وان سمّى على الاحوط، ولا يشترط فيه الايمان فتحل ذبيحة جميع فرق المسلمين عدا المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ممن مر ذكرهم في كتاب الطهارة.
  مسألة (839) : لا يشترط في الذابح الذكورة ولا البلوغ ولا غير ذلك.
   فتحل ذبيحة المرأة والصبي المميز اذا احسن التذكية، وكذا الاعمى والاغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق وولد الزنا، كما تحل ذبيحة المكره وان كان اكراهه بغير حـق .
   الثاني: ان يكون الذبح بالحديد مع الامكان، فلو ذبح بغيره مع التمكن منه لم يحل وان كان من المعادن المنطبعة كالصفر والنحاس والذهب والفضة والرصاص وغيرها.
   نعم اذا لم يوجد الحديد جاز الذبح بكل ما يقطع الاوداج وان لم تكن هناك ضرورة تدعو الى الاستعجال في الذبح ـ كالخوف من تلف الحيوان بالتأخير ـ ولا فرق في ذلك بين القصب والليطة والحجارة الحادة والزجاجة وغيرها.
   نعم في جواز الذبح بالسن والظفر حتى مع عدم توفر الحديد اشكال

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 277 ـ
   والاحتياط لا يترك، ولا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل ونحوه مما يقطع الاوداج ولو بصعوبة وان كان الاحوط الاقتصار على حال الضرورة.
  مسألة (840) : جواز الذبح بالحديد المخلوط بالكروم المسمى بـ (الاستيل) لا يخلو عن اشكال، واشكل منه الذبح بالحديد المطلي بالكروم .
   الثالث: قصد الذبح بفري الاوداج، فلو وقع السكين من يد أحد على مذبح الحيوان فقطعها لم يحل وان سّمى حين اصابها، وكذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً آخر غير الذبح فقطع الاعضاء أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو نائماً أو صبياً أو مجنوناً غير مميزين ، واما الصبي والمجنون المميزان فالاظهر الاجتزاء بذبحهما .
   الرابع: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح الى القبلة، فان أخل بالاستقبال عالماً عامداً حرمت، وان كان نسياناً أو للجهل بالاشتراط أو خطأً منه في جهة القبلة بان وجهها الى جهة معتقداً انها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك ، وكذا اذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجيهها اليها ولو بالاستعانة بالغير واضطر الى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو المتردي في البئر ونحوه.
  مسألة (841) : اذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها الى جهة القبلة فالظاهر عدم لزومه .
  مسألة (842) : لا يشترط في الذبح استقبال الذابح نفسه وان كان ذلك أحوط.
  مسألة (843) : يتحقق استقبال الحيوان فيما اذا كان قائماً أو قاعداً بما

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 278 ـ
   يتحقق به استقبال الانسان حال الصلاة في الحالتين، واما اذا كان مضطجعاً على الايمن أو الايسر فيتحقق باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال الوجه واليدين والرجلين .
   الخامس: تسمية الذابح عليها حين الشروع في الذبح أو متصلاً به عرفاً ، فلا يجزىَ تسمية غير الذابح عليها، كما لا يجزىَ الاتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح، ولو اخل بالتسمية عمداً حرمت وان كان نسياناً لم تحرم والاحوط الاولى الاتيان بها عند الذكر، ولو تركها جهلاً بالحكم فالظاهر الحرمة.
  مسألة (844) : يعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد ايّ بعنوان كونها على الذبيحة من جهة الذبح فلا تجزىَ التسمية الاتفاقية أوالصادرة لغرض آخر، ولا يعتبر ان يكون الذابح ممن يعتقد وجوبها في الذبح فيجوز ذبح غيره اذا كان قد سمّى.
  مسألة (845) : يجوز ذبح الاخرس، وتسميته تحريك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفظ بها مع ضم الاشارة بالاصبع إليه، هذا في الاخرس الاصم من الاَول، واما الاخرس لعارض مع التفاته الى لفظها فيأتي به على قدر ما يمكنه ، فان عجز حرك لسانه وشفتيه حين اخطاره بقلبه واشار باصبعه إليه على نحو يناسب تمثيل لفظها اذا تمكن منها على هذا النحو وإلاّ فبايّ وجه ممكن.
  مسألة (846) : لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة وان يكون في ضمن البسملة، بل المدار على صدق ذكر اسم الله وحده عليها ، فيكفي ان يقول : «بسم الله» أو « الله أكبر » أو « الحمد ل له» أو « لا اله إلاّ الله» ونحو ذلك، وفي

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 279 ـ
   الاكتفاء بلفظة « الله» من دون ان يقرن بما يصير به كلاماً تاماً دالاً على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد اشكال، وكذلك التعدي من لفظة «الله» الى سائر اسمائه الحسنى كالرحمن والرحيم والخالق وغيرها، وكذا التعدي الى ما يرادف هذه اللفظة المباركة في سائر اللغات، وان كان الاكتفاء في الجميع لا يخلو من قوة.
   السادس: قطع الاعضاء الاربعة، وهي: (المرىَ) وهو مجرى الطعام، و(الحلقوم) وهو مجرى النفس ومحله فوق المرىَ، و(الودجان) وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمرىَ، وفي الاجتزاء بشقها من دون قطع اشكال وكذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده.
  مسألة (847) : الظاهر ان قطع تمام الاعضاء الاربعة يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا بـ (الجوزة) في العنق، فلو بقي شيء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها ، ولا يعتبر ان يكون قطع الاعضاء في اعلى الرقبة بل يجوز ان يكون في وسطها أو من اسفلها.
  مسألة (848) : يعتبر في قطع الاوداج الاربعة ان يكون في حال الحياة، فلو قطع الذابح بعضها وارسلها فمات لم يؤثر قطع الباقي ، ولا يعتبر فيه التتابع، فلو قطع الاوداج قبل زهوق روح الحيوان إلاّ انه فصل بينها بما هو خارج عن المتعارف المعتاد فالاظهر حليته.
  مسألة (849) : لو اخطأ الذابح وذبح من فوق الجوزة ثم التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل ان تموت حل لحمها .
  مسألة (850) : لو قطعت الاوداج الاربعة على غير النهج الشرعي كأن ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضها الذئب فقطعها باسنانه أو غير ذلك

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 280 ـ
   وبقيت الحياة، فان لم يبق شيء من الاوداج اصلاً لم يحل اكل الحيوان، وكذا اذا لم يبق شيء من الحلقوم على الاظهر وكذلك اذا بقي مقدار من الجميع معلقاً بالرأس أو متصلاً بالبدن على الاحوط، نعم اذا كان المقطوع غير المذبح وكان الحيوان حياً حلّ أكله بالذبح .
   السابع: خروج الدم المتعارف منها حال الذبح، فلو لم يخرج منها الدم أو كان الخارج قليلاً ـ بالاضافة إلى نوعها ـ بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه لم تحل، واما اذا كانت قلته لاجل سبق نزيف الذبيحة ـ لجرح مثلاً ـ لم يضر ذلك بتذكيتها .
   الثامن: ان تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بان تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها ، هذا فيما اذا شك في حياتها حال الذبح وإلاّ فلا تعتبر الحركة اصلاً.
  مسألة (851) : يحرم ـ على الاحوط ـ ابانة رأس الذبيحة عمداً قبل خروج الروح منها وان كان الاظهر حليتها حينئذٍ، بلا فرق في ذلك بين الطيور وغيرها ، ولا بأس بالابانة إذا كانت عن غفلة أو استندت الى حدة السكين وسبقه مثلاً ، وهكذا الحال في كسر رقبة الذبيحة أو اصابة نخاعها عمداً قبل ان تموت ، والنخاع هو الخيط الابيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة الى الذنب.
  مسألة (852) : الاحوط الاولى ان يكون الذبح في المذبح من القدام وان حلّ المذبوح من القفا أيضاً، كما ان الاحوط الاولى وضع السكين على المذبح ثم قطع الاوداج وان كان يكفي ايضاً ادخال السكين تحت الاوداج ثم قطعها من فوق .

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 281 ـ
  مسألة (853) : لا يشترط في حلّ الذبيحة استقرار حياتها قبل الذبح بمعنى امكان ان يعيش مثلها اليوم أو نصف اليوم، وانما يشترط حياتها حال قطع الاعضاء وان كانت على شرف الموت، فالمنتزع امعاؤه بشق بطنه والمتكسر عظامه بالسقوط من شاهق وما اكل السبع بعض ما به حياته والمذبوح من قفاه الباقية أوداجه والمضروب بالسيف أو الطلقات النارية المشرف على الموت اذا ذبح قبل ان يموت يحل لحمه مع توفر الشروط السابقة.
  مسألة (854) : لو اخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع امعائه مقارناً للذبح فالظاهر حل لحمه ، وكذا الحكم في كل فعل يزهق اذا كان مقارناً للذبح ولكن الاحتياط أحسن.
  مسألة (855) : لا يشترط في حلية لحم الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حياً ان يكون خروج روحها بذلك الذبح، فلو وقع عليه الذبح الشرعي ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت الى الارض من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم ، وليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد المذكور عن التذكية بالذبح من هذه الجهة.
  مسألة (856) : لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بان يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معاً ، أو يقطع احدهما بعض الاعضاء والآخر الباقي دفعة أو على وجه التدريج بان يقطع احدهما بعض الاعضاء ثم يقطع الآخر الباقي، وتجب التسمية منهما معاً ولا يجتزأ بتسمية احدهما على الاقوى.
  مسألة (857) : تختص الابل من بين البهائم بان تذكيتها بالنحر، ولا

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 282 ـ
   يجوز ذلك في غيرها ، فلو ذبح الابل بدلاً عن نحرها أو نحر الشاة أو البقر أو نحوهما بدلاً عن ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها ، نعم لو قطع الاوداج الاربعة من الابل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلاً ثم ذبحها قبل ان تموت حلّ لحمهما وحكم بطهارتهما .
  مسألة (858) : كيفية النحر ان يدخل الآلة من سكين أو غيره من الآلات الحادة الحديدية فى لبتها ، وهي الموضع المنخفض الواقع في اعلى الصدر متصلاً بالعنق ، والشروط المعتبرة في الذبح تعتبر نظائرها في النحر ـ عدا الشرط السادس ـ فيعتبر في الناحر ان يكون مسلماً أو من بحكمه وان يكون النحر بالحديد وان يكون النحر مقصوداً للناحر، والاستقبال بالمنحور الى القبلة، والتسمية حين النحر، وخروج الدم المتعارف بالمعنى المتقدم، وتحرّك المنحور بعد تمامية النحر مع الشك في حياته عند النحر.
  مسألة (859) : يجوز نحر الابل قائمة وباركة وساقطة على جنبها والاولى نحرها قائمة .
  مسألة (860) : اذاتعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه في بئر أو موضع ضيق على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره وخيف موته هناك جاز ان يعقره في غير موضع الذكاة برمح أو بسكين أو نحوهما مما يجرحه ويقتله ، فاذا مات بذلك العقر طهر وحلّ اكله وتسقط فيه شرطية الاستقبال، نعم لا بُدّ من توفر سائر الشروط المعتبرة في التذكية.
   وقد مرّ في فصل الصيد جواز عقر المستعصي والصائل بالكلب أيضاً.
  مسألة (861) : ذكاة الجنين ذكاة أمّه، فاذا ماتت أمّه بدون تذكية فان

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 283 ـ
   مات هو في جوفها حرم أكله، وكذا اذا أُخرج منها حياً فمات بلا تذكية ، واما اذا أُخرج حياً فذكّي حلّ أكله، واذا ذكّيت أُمّه فمات في جوفها حلّ اكله، واذا اخرج حياً فان ذكّي حل اكله وان لم يذكّ حرم .
  مسألة (862) : اذا ذكيت أُمّه فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالاقوى حرمته، واما اذا ماتت أُمّه بلا تذكية فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا اشكال في حرمته .
  مسألة (863) : الظاهر وجوب المبادرة الى شق بطن الحيوان واخراج الجنين منه على الوجه المتعارف، فلو توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فادّى ذلك الى موت الجنين حرم أكله.
  مسألة (864) : يشترط في حلّ الجنين بذكاة أُمّه ان يكون تام الخلقة بان يكون قد اشعر أو اوبر وان فرض عدم ولوج الروح فيه ، فان لم يكن تام الخلقة لم يحل بذكاة أمّه، فحلّية الجنين اذا خرج ميتاً من بطن أمّه المذكاة مشروطة بامور : تمام خلقته ، وعدم سبق موته على تذكية أُمّه، وعدم استناد موته الى التواني في اخراجه على النحو المتعارف.
  مسألة (865) : لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة أُمّه بين محلل الاَكل ومحرمه اذا كان مما يقبل التذكية.
  مسألة (866) : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم انه يستحب عند ذبح الغنم ان تربط يداه واحدى رجليه ، وتطلق الاخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد .
   وعند ذبح البقر ان تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه.
   وعند نحر الابل ان تربط يداها ما بين الخفين الى الركبتين أو الى

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 284 ـ
   الابطين وتطلق رجلاها، هذا اذا نحرت باركة، اما اذا نحرت قائمة فينبغي ان تكون يدها اليسرى معقولة .
   وعند ذبح الطير ان يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف .
   ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل ان يذبح أو ينحر .
   ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره بنحو لا يوجب أذاه وتعذيبه بان يحدّ الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة ، ويجد في الاسراع، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم « ان الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شيء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة، واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة، وليحدّ احدكم شفرته ، وليرح ذبيحته » ، وفي خبر آخر بانه صلى الله عليه وآله وسلم (أمر أن تحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم).
  مسألة (867) : يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أمور: منها سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها ، ومنها ان تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة ، ومنها ان تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه ، ومنها ان يذبح ما ربّاه بيده من النعم.

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 285 ـ
  تكميل في ما تقع عليه التذكية من الحيوانات
  مسألة (868) : تقع التذكية على كل حيوان حل اكله ذاتاً وان حرم بالعارض كالجلاّل والموطوء، بحرياً كان أم برياً وحشياً كان ام اهلياً طيراً كان أم غيره وان اختلفت في كيفية تذكيتها على ما سبق تفصيلها .
   وأثر التذكية فيها ان كانت ذات نفس سائلة : حليّة أكل لحمها لو لم يحرم بالعارض ، وطهارتها لحماً ، وجلداً ، وجواز بيعها بناءً على عدم جواز بيع الميتة النجسة كما هو الاحوط.
   واما ان لم تكن لها نفس سائلة كالسمك فأثر التذكية فيها حليّة لحمها فقط ، لان ميتتها طاهرة فيجوز استعمالها فيما تعتبر فيه الطهارة، كما يجوز بيعها ، لجواز بيع الميتة الطاهرة على الاقوى.
  مسألة (869) : غير المأكول من الحيوان ان لم تكن له نفس سائلة كالحية لم تقع عليه التذكية، اذ لا اثر لها بالنسبة إليه لا من حيث الطهارة وجواز البيع ولا من حيث الحليّة، لانه طاهر ومحرم أكله على كل حال .
   واما اذا كان ذا نفس سائلة فما كان نجس العين كالكلب والخنزير فلا يقبل التذكية، وكذا الحشرات مطلقاً على الاظهر وهي الدواب الصغار التي تسكن باطن الارض كالضب والفار وابن عرس فانها اذا ذبحت مثلاً لم يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
   واما غير نجس العين والحشرات فتقع عليها التذكية سواء السباع ـ وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحــم كالاسد والنمر والفهد والثعلب وابن

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 286 ـ
   آوى والصقر والبازي والباشق ـ وغيرها حتى القرد والفيل والدب على الاظهر، فتطهر لحومها وجلودها بالتذكية ، ويحل الانتفاع بها فيما تعتبر فيه الطهارة، بان تجعل وعاءً للمشروبات أو المأكولات كأن تجعل قربة ماء أو عكة سمن أو دبة دهن ونحوها وان لم تدبغ على الاقوى وان كان الاحوط ان لا تستعمل في ذلك ما لم تدبغ .
  مسألة (870) : تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرّم أكله يكون : بالذبح مع الشروط المعتبرة في ذبح الحيوان المحلل، وكذا بالاصطياد بالسلاح في خصوص الممتنع منها كالمحلل ، وفي تذكيتها بالاصطياد بالكلب المعلم اشكال كما تقدم .
  مسألة (871) : اذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم يعلم انه مذكى أم لا يبنى على عدم تذكيته ، فلا يجوز اكل لحمه ولا استعمال جلده فيما يفرض اعتبار التذكية فيه ، ولكن لا يحكم بنجاسته حتى اذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم انه ميتة، ويستثنى عن الحكم المذكور ما اذا وجدت عليه احدى امارات التذكية وهي :
   الاُولى: يد المسلم، فانّ ما يوجد في يده من اللحــوم والشحوم والجلود اذا لم يعلم كونها من غير المذكى فهو محكوم بالتذكية ظاهراً ، ولكن بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية كعرض اللحم والشحم للاكل ، واعداد الجلد للّبس والفرش ، واما مع عدم اقترانها بما يناسب التذكية كما اذا رأينا بيده لحماً لا يدرى انه يريد اكله أو وضعه لسباع الطير مثلاً فلا يحكم عليه بالتذكية، وكذا اذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلاً .

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 287 ـ
   الثانية: سوق المسلمين، فان ما يوجد فيها من اللحوم والشحوم والجلود محكوم بالتذكية ظاهراً سواء أكان بيد المسلم أم مجهول الحال.
   الثالثة: الصنع في بلاد الاسلام، فان ما يصّنع فيها من اللحم كاللحوم المعلّبة أو من جلود الحيوانات كبعض انواع الحزام والاحذية وغيرها محكوم بالتذكية ظاهراً من دون حاجة الى الفحص عن حاله .
  مسألة (872) : لا فرق في الحكم بتذكية ما قامت عليه احدى الامارات المتقدمة بين صورة العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه وغيرها اذا احتمل ان ذا اليد المسلم أو المأخوذ منه في سوق المسلمين أو المتصدي لصنعه في بلد الاسلام قد احرز تذكيته على الوجه الشرعي.
  مسألة (873) : ما يوجد مطروحاً في ارض المسلمين مما يشك في تذكيته وان كان محكوماً بالطهارة على الاظهر ولكن الحكم بتذكيته وحلية اكله محل اشكال، ما لم يحرز سبق احدى الامارات المتقدمة عليه .
  مسألة (874) : لا فرق في المسلم الذي تكون يده امارة على التذكية بين المؤمن والمخالف ، وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره ، وبين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية ـ كالاستقبال والتسمية وكون الذابح مسلماً وقطع الاعضاء الاربعة وغير ذلك ـ ومن لا يعتبرها اذا احتمل تذكيته على وفق الشروط المعتبرة عندنا وان لم يلزم رعايتها عنده، بل الظاهر ان اخلاله بالاستقبال ـ اعتقاداً منه بعدم لزومه ـ لا يضر بذكاة ذبيحته .
  مسألة (875) : المدار في كون البلد منسوباً الى الاسلام غلبة السكان المسلمين فيه بحيث ينسب عرفاً إليه ولو كانوا تحت سلطنة الكفار، كما ان هذا هو المدار في بلد الكفر، ولو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 288 ـ
   فحكمه حكم بلد الكفر.
  مسألة (876) : ما يوجد في يد الكافر من لحم وشحم وجلد اذا احتمل كونه مأخذواً من المذكى يحكم بطهارته وكذا بجواز الصلاة فيه على الاظهر، ولكن لا يحكم بتذكيته وحلية اكله ما لم يحرز ذلك ، ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً باحدى الامارات الثلاث المتقدمة، ولا يجدي في الحكم بتذكيته اخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى ، كما لا يجدي كونه في بلاد المسلمين، ومن ذلك يظهر ان زيت السمك ـ مثلاً ـ المجلوب من بلاد الكفار المأخوذ من ايديهم لا يجوز أكله من دون ضرورة إلاّ اذا احرز ان السمك المأخوذ منه كان ذا فلس وانه قد اُخذ خارج الماء حياً أو مات في شبكة الصياد أو حظيرته .

كتاب الاَطعمـة والاَشـربة

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 291 ـ
   وفيـه فصـلان :

الفصـل الاَول : في الحيوان
   وهو على ثلاثة أقسام :

  1 ـ حيوان البحر
  مسألة (877) : لا يحلّ من حيوان البحر إلاّ السمك، فيحرم غيره من أنواع حيوانه حتى المسمّى باسم ما يؤكل من حيوان البرّ كبقره وفرسه ، وكذا ما كان ذا حياتين كالضفدع والسرطان والسلحفاة على الاقوى، نعم الطيور والمساة بطيور البحر ـ من السابحة والغائصة وغيرهما ـ يحل منها ما يحل مثلها من طيور البرّ.
  مسألة (878) : لا يحل من السمك إلاّ ما كان له فلس ولو بالاصل فلا يضر زواله بالعارض فيحل الكنعت والربيثا والبز والبني والشبوط والقطان والطبراني والابلامي وغيرها حتى الاربيان المسمى في زماننا هذا بـ (الروبيان)، ولا يحل ما ليس له فلس في الاصل كالجري والزمير والزهو

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 292 ـ
  والمارماهي ، وإذا شك في وجود الفلس وعدمه بنى على العدم.
  مسألة (879) : ذكر جمع من الفقهاء انه يحل من السمك الميت ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحاً ، ولكن هذا محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه ، واما ما تقذفه السمكة الحية من السمك فلا يحلّ إلاّ أن يضطرب ويؤخذ حياً خارج الماء والاَحوط الاولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.
  مسألة (880) : بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال وان كان املس وبيض المحرم حرام وان كان خشناً ، وإذا اشتبه انه من المحلل أو من المحرّم فلا بد من الاجتناب عنه .

  2 ـ البهائم ونحوها
  مسألة (881) : البهائم البرية من الحيوان صنفان: اهلية ووحشية:
  أما الاهلية فيحل منها جميع أصناف الغنم والبقر والابل ويكره الخيل والبغال والحمير ، ويحرم منها الكلب والهر ونحوهما .
   واما الوحشية فتحل منها الظباء والغزلان والبقر والكباش الجبلية واليحامير والحمر الوحشية.
   وتحرم منها السباع، وهي ما كان مفترساً وله ظفر أو ناب قوياً كان كالاسد والنمر والفهد والذئب أو ضعيفاً كالثعلب والضبع وابن آوى، وكذا يحرم الارنب وان لم يكن من السباع، كما تحرم المسوخ ومنها الخنزير والقرد والفيل والدب.
  مسألة (882) : تحرم الحشرات ويقصد بها الدواب الصغار التي تسكن

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 293 ـ
   باطن الاَرض كالضب والفار واليربوع والقنفذ والحية ونحوها ، كما يحرم القمل والبرغوث والجعل ودودة القز بل مطلق الديدان، نعم في حرمة خصوص ديدان الفواكه ونحوها من الثمار اشكال، ولا يبعد حليتها إذا اكلت معها بان تؤكل الفاكهة مثلاً بدودها الا مع تيسّر ازالتها فانه لا يترك الاحتياط عندئذ بالاجتناب عنها .

  3 ـ الطـيور
  مسألة (883) : كل طائر ذي ريش يحل أكل لحمه إلاّ السباع، فيحل الحمام بجميع اصنافه كالقمري والدبسي والورشان وويحلّ الدراج والقبج والقطا والطيهوج والبط والكروان والحباري والكركي ، كما يحل الدجاج بجميع اقسامه والعصفور بجميع انواعه ومنه البلبل والزرزور والقبرة، ويحل الهدهد والخطاف والشقراق والصرد والصوام وان كان يكره قتلها ، وتحل النعامة والطاووس على الاقوى.
   وأما السباع وهي كل ذي مخلب سواء أكان قوياً يقوى به على افتراس الطير ـ كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق ـ أو ضعيفاً لا يقوى به على ذلك كالنسر والبغاث فهي محرمة الاكل، وكذا الغراب بجميع انواعه حتى الزاغ على الاحوط لزوماً ، ويحرم ايضاً كل ما يطير وليس له ريش كالخفاش وكذا الزنبور والبق والفراشة وغيرها من الحشرات الطائرة ـ عدا الجراد ـ على الاَحوط لزوماً .
  مسألة (884) : الظاهر ان كل طائر يكون صفيفه اكثر من دفيفه ـ أي بسط جناحيه عند الطيران أكثر من تحريكهما ـ أي تحريكهما عنده ـ يكون ذا مخلب فيحرم

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 294 ـ
   لحمه ، بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فانه محلل اللحم .
   وعلى هذا فيتميز المحرم من الطيور عن غيره بملاحظة كيفية طيرانها، كما يتميز ما لا يعرف طيرانه بوجود (الحوصلة أو القانصة أو الصيصية) فيه، فما يكون له أحدى الثلاث يحل أكله دون غيره.
   والحوصلة ما يجتمع فيه الحب وغيره من المأكول عند الحلق ، والقانصة ما يجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير ، والصيصية شوكة في رجل الطير خارجة عن الكف.
  مسألة (885) : قد علم مما تقدم ان الطير الذي يكون صفيفه أكثر من دفيفه محرم الاكل وان وجد فيه أحد الاعضاء الثلاثة أو جميعها ، فمورد الرجوع الى هذه العلامة الطير الذي له صفيف ودفيف ولم يتبين أيهما أكثر ـ ولو من جهة اختلاف المشاهدين لطيرانه كما هو الحال في اللقلق ـ وكذا الطير المذبوح إذا لم يعرف حاله .
  مسألة (886) : لو فرض تساوي الصفيف والدفيف في الطير فالمشهور حليته ، ولكنه محل إشكال فالاحوط لزوماً الرجوع الى العلامة المذكورة، فان وجد فيه أحد الاعضاء الثلاثة حل أكله وإلا حرم .
  مسألة (887) : بيض الطير تابع له في الحلّ والحرمة فبيض المحلل حلال وبيض المحرّم حرام ، وما اشتبه أنه من المحلل أو المحرّم يؤكل ما اختلف طرفاه وتميز اعلاه من أسفله مثل بيض الدجاج، دون ما اتفق وتساوى طرفاه .
  مسألة (888) : تتساوى طيور الماء مع غيرها في الضابطين المتقدمين للحّل والحرمة ، فما كان منها صفيفه أكثر من دفيفه حرم أكله، وما كان دفيفه

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 295 ـ
   أكثر حل أكله وان كان يأكل السمك، وإذا لم يعرف كيفية طيرانه فالعبرة في حليته بوجود أحد الاعضاء الثلاثة فيه أي (الحوصلة والقانصة والصيصية).
  مسألة (889) : تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالاصل بامور:
   (الاَمر الاَوّل): الجلل، وهو ان يتغذى الحيوان بعذرة الانسان بحيث يصدق عرفاً انها غذاؤه ، ولا يلحق بعذرة الاِنسان عذرة غيره ولا سائر النجاسات، ويتحقق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها مدة معتداً بها، فلو كان يتغذى بها مع غيرها لم يتحقق الصدق فلم يحرم ، إلاّ ان يكون تغذيه بغيرها نادراً جداً بحيث يكون في النظر العرفي بحكم العدم، وكذا إذا انحصر غذاؤه بها فترة قصيرة كيوم وليلة ، بل لا بد من الاستمرار يومين فما زاد .
  مسألة (890) : يعم حكم الجلل كل حيوان محلّل حتى الطير والسمك .
  مسألة (891) : كما يحرم لحم الحيوان الجلاّل يحرم لبنه وبيضه ويحلاّن بما يحل به لحمه، فحكم الحيوان المحرّم بالعارض حكم الحيوان المحرّم بالاَصل قبل ان يُستبرأ ويزول حكمه
  مسألة (892) : الجلل ليس مانعاً عن تذكية الحيوان، فيذكى الجلال بما يذكى به غيره ، ويترتب عليها طهارة لحمه وجلده كسائر الحيوان المحرم بالاصل القابل للتذكية .
  مسألة (893) : تزول حرمة الجلال بالاستبراء وهو أن يمنع الحيوان عن أكل العذرة لمدة يخرج بها عن صدق الجلال عليه، والاَحوط الاولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضي المدة المعينة لها في بعض الاخبار وهي : للدجاجة ثلاثة ايام، وللبطة خمسة ، وللغنم عشرة ، وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوماً ، وللسمك يوم وليلة .

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 296 ـ
  مسألة (894) : لا يشترط فيما يكون غذاء الحيوان في مدة الاستبراء من الجلل ان يكون طاهراً بل يكفي تغذّيه فيها بغير ما أوجب الجلل مطلقاً وان كان متنجساً أو نجساً على الاقوى.
  مسألة (895) : يستحب ربط الدجاجة التي يراد اكلها اياماً ثم ذبحها وان لم يعلم جللها .
   (الامر الثاني) ـ مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالاصل ـ: ان يطأه الانسان قبلاً أو دبراً وان لم ينزل فانه يحرم بذلك لحمه وكذا لبنه ونسله المتجدد بعد الوطء على الاَحوط ، ولا فرق في الواطىَ بين الصغير والكبير على الاَحوط، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والعالم والجاهل والمختار والمكره ، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والانثى ، ولا يحرم الحمل إذا كان متكوناً قبل الوطء كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً ، والاَظهر اختصاص الحكم المذكور بالبهائم فلا تحرم بالوطء سائر أنواع الحيوان.
  مسألة (896) : الحيوان الموطوء ان كان مما يُطلب لحمه كالغنم والبقر يجب أن يذبح ثم يحرق ، فان كان لغير الواطىَ وجب عليه ان يغرم قيمته لمالكه .
   واما إذا كان مما يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر، ويغرم الواطىَ ـ إذا كان غير المالك ـ قيمته ويكون الثمن لنفس الواطىَ.
   وأما إذا كان مما يطلب لحمه ويركب ظهره معاً كالابل لحقه حكم القسم الاول على الاظهر.
  مسألة (897) : إذا وطىَ انسان بهيمة يطلب لحمها واشتبه الموطوء بين عدة أفراد اخرج بالقرعة .
   (الاَمر الثالث) ـ مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالاَصـل ـ:

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 297 ـ
   الرضاع من الخنزيرة، فانه إذا رضع الجدي ـ وهو ولد المعز ـ من لبن خنزيرة واشتد لحمه وعظمه من ذلك حرم لحمه ونسله ولبنهما أيضاً، ويلحق بالجدي العجل وأولاد سائر الحيوانات المحلل لحمها على الاَحوط لزوماً ، ولا تلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة، وفي تعميم الحكم للشرب من دون رضاع وللرضاع بعد ما كبر وفطم اشكال بل منع .
   هذا إذا اشتد لحم الحيوان وعظمه بالرضاع، واما إذا لم يشتد فالاحوط أن يستبرأ سبعة أيام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنياً عن الرضاع، وإلاّ استبرىَ بالعلف والشعير ونحوهما ثم يحل بعد ذلك.
  مسألة (898) : لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر فذبح في تلك الحال جاز أكل لحمه ولكن لا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها ، ولا يؤكل ما في جوفه من الاَمعاء والكرش والقلب والكبد وغيرها وان غسل على الاحوط، ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات ثم ذبح عقيب الشرب لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه .
  مسألة (899) : لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن أمرأة حتى فطم وكبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه .
  مسألة (900) : تحرم من الحيوان المحلل وان ذكي عدة اشياء، وهي ما يلي:
   الدم ، والروث ، والقضيب ، والفرج ظاهره وباطنه، والمشيمة وهي موضع الولد، والغدة وهي كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق، والبيضتان ، وخرزة الدماغ وهي حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ، والنخاع وهو خيط ابيض كالمخ في وسط فقار الظهر، والعلباوان ـ على

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 298 ـ
   الاحوط ـ وهما عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة الى الذنب، والمرارة ، والطحال، والمثانة ، وحدقة العين وهي الحبة الناظرة منها لا جسم العين كله .
   هذا في غير الطيور والسمك والجراد، واماالطيور فيحرم مما يوجد فيها من المذكورات (الدم والرجيع)، واما تحريم غيرهما فمبني على الاحتياط اللزومي، وكذا تحريم الرجيع والدم من السمك والرجيع من الجراد ولا يحرم غير ذلك مما يوجد فيهما من المذكورات على الاَظهر.
  مسألة (901) : يؤكل من الحيوان المذكى غير ما مر فيؤكل القلب والكبد والكرش والامعاء والغضروف والعضلات وغيرها ، نعم يكره الكليتان واذنا القلب والعروق خصوصاً الاوداج، وهل يؤكل منه الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا ؟ وجهان أظهرهما الاول والاحوط الاَولى الاجتناب، نعم لا اشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من الطيور وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور .
  مسألة (902) : يجوز أكل ما حلّ أكله نياً ومطبوخاً بل ومحروقاً إذا لم يكن مضراً ضرراً بليغاً .
  مسألة (903) : لاتحل ابوال ما لا يؤكل لحمه بل وما يؤكل لحمه أيضاً حتى الاِبل على الاحوط، نعم لا بأس بشرب أبوال الانعام الثلاثة للتداوي وان لم ينحصر العلاج بها .
  مسألة (904) : يحرم رجيع كل حيوان ولو كان مما حلّ أكله على ما تقدم، نعم الظاهر عدم حرمة فضلات الديدان الملتصقة باجواف الفواكه ونحوها ، وكذا ما في جوف السمك والجراد إذا أكل معها .

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 299 ـ
  مسألة (905) : يحرم لبن الحيوان المحرم أكله ولو لعارض كما مر، وأما لبن الاِنسان فالاحوط وجوباً ترك شربه .
  مسألة (906) : يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتى العلقة والدم في البيضة، بل وما يتخلّف في الاجزاء المأكولة من الذبيحة على الاقوى، نعم لا اشكال مع استهلاكه في المرق أو نحوه .
   وأما الدم من غير ذي النفس السائلة فما كان مما حرم أكله كالوزغ والضفدع والعقرب والخفاش فلا اشكال في حرمته .
   وأما ما كان مما حلّ أكله كالسمك الحلال ففيه اشكال، نعم لا يبعد حليته إذا أكل مع السمك بأن أكل السمك بدمه .
  مسألة (907) : تحرم الميتة وان كانت طاهرة كالسمك الطافي وكذا تحرم اجزاؤها، ويستثنى منها اللبن والانفحة والبيضة اذا اكتست القشر الاَعلى وان لم يتصلب ، وقد يستثنى منها جميع ما لا تحله الحياة مما يحكم بطهارته وان كانت الميتة نجسة ـ كالعظم والقرن والظفر ـ ولكنه محل اشكال.
  مسألة (908) : إذا اشتبه اللحم فلم يعلم انه مذكى أم لا ولم تكن عليه احدى امارات التذكية المتقدمة في المسألة (871) لم يحل أكله، وأما لو اشتبه اللحم المحرز تذكيته ـ ولو باحدى اماراتها ـ فلم يعلم ا نه من النوع الحلال أو الحرام حكم بحلّه .
  مسألة (909) : لا يحرم بلع النخامة والاخلاط الصدرية الصاعدة إلى فضاء الفم، ويحرم القيح والبلغم والنخامة ونحوها من فضلات الحيوان مما تعافه الطباع وتستخبثه النفوس.

منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 300 ـ
الفصـل الثاني : في غير الحيوان
  مسألة (910) : يحرم تناول الاعيان النجسة وكذا المتنجسة ما دامت باقية على تنجسها مائعة كانت أم جامدة .
  مسألة (911) : إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد ـ كالسمن والعسل الجامدين ـ لزم رفع النجاسة وما يكتنفها من الملاقي معها برطوبة ويحل الباقي، وإذا كان المائع غليظاً ثخيناً ـ بأن كان بحيث لو أخذ منه شيء بقي مكانه خالياً حين الاخذ وإن امتلاَ بعد ذلك ـ فهو كالجامد ، ولا تسري النجاسة الى تمام اجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض الملاقي لها ويبقى الباقي على طهارته .
  مسألة (912) : يحرم استعمال كل ما يضر ضرراً بليغاً بالانسان ، سواء أكان موجباً للهلاك كتناول السموم القاتلة وكشرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين، أم كان موجباً لتعطيل بعض الاعضاء أو فقدان بعض الحواس، كاستعمال ما يوجب شلل اليد أو عمى العين، والاَحوط عدم استعمال الرجل أو المرأة ما يجعله عقيماً لا يقدر على التناسل والانجاب وان كان جوازه في حد ذاته لا يخلو عن وجه .
  مسألة (913) : لا فرق في حرمة استعمال المضر ـ بالحدّ المتقدم ـ بين معلوم الضرر ومظنونه بل ومحتمله ايضاً إذا كان احتماله معتداً به عند العقلاء ولو بلحاظ الاهتمام بالمحتمل بحيث أوجب الخوف عندهم ، وكذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلاً أو بعد مدة .