مسألة (634) : الظهار حرام ، وموجب لتحريم الزوجة المظاهَر منها ، ولزوم الكفارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله .
مسألة (635) : صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة : (انت عليّ كظهر اُمي) أو يقول بدل أنت: (هذه) مشيراً إليها أو (زوجتي) أو(فلانة)، ويجوز تبديل (عليّ) بقوله (منيّ) أو (عندي) أو (لدي) بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (عليّ) واشباهها اصلاً، بان يقول : (انت كظهر اُمي).
مسألة (636) : لو شبه زوجته بجزء آخر من اجزاء الام ـ كرأسها أو يدها أو بطنها ـ قاصداً به تحريمها على نفسه ففي وقوع الظهار به قولان ، اظهرهما عدم الوقوع، وان كان الاحتياط في محله .
مسألة (637) : لو شبهها بامّه جملة بان قال : (انت كاُمي) أو (أنت اُمي) قاصداً به التحريم لا علو المنزلة والتعظيم ، أو كبر السنّ وغير ذلك ، فالاظهر عدم وقوع الظهار به وان كان الاحوط خلافه .
مسألة (638) : لو شبهها باحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت والاخت والعمة والخالة فقال : (انت علىّ كظهر اختي) فالاقرب وقوع الظهار به ، وفي الحاق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة بالمحرمات النسبية في ذلك اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، ولو قال لها : (انت علىّ حرام) من غير ان يشبهها ببعض محارمه لم تحرم عليه ولم يترتب
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 202 ـ
عليه أثر اصلاً.
مسألة (639) : الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها : (انت علىّ كظهر أبي أو أخي) لم يؤثر شيئاً .
مسألة (640) : يعتبر في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهِر كالطلاق .
ويعتبر في المظاهِر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب وان لم يكن سالباً للقصد والاختيار على الاقوى.
ويعتبر في المظاهَر منها خلّوها عن الحيض والنفاس ، وكونها في طهـر لم يواقعها فيه على التفصيل المتقدم في المطلقة، وكونها مدخولاً بها على الاصح، وهل يعتبر كونها زوجة دائمية فلا يقع الظهار على المتمتع بها ؟ فيه اشكال فالاحتياط لا يترك .
مسألة (641) : لا يقع الظهار إذا قصد به الاضرار بالزوجة ، كما لا يقع في يمين بان كان غرضه زجر نفسه عن فعل كما لو قال : (ان كلمتك فانت عليّ كظهر اُمي) أو بعث نفسه على فعل كما لو قال : (ان تركت الصلاة فانتِ علىّ كظهر اُمي).
مسألة (642) : يقع الظهار على نحوين : مطلق ومعلق، والاول ما لم يكن منوطاً بوجود شيء بخلاف الثاني، ويصح التعليق على الوطء كأن يقول (انت عليّ كظهر اُمي ان قاربتك) كما يصح التعليق على غيره حتى الزمان على الاقوى كأن يقول : (انت عليّ كظهر اُمي ان جاء يوم الجمعة) نعم لا يصح التعليق على الاتيان بفعل بقصد زجر نفسه عنه أو على ترك فعل بقصد بعثها نحوه كما مر آنفاً.
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 203 ـ
مسألة (643) : لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته اشكال والاقرب البطلان.
مسألة (644) : إذا تحقق الظهار بشرائطه فان كان مطلقاً حرم على المظاهِر وطء المظاهَر منها ولا يحل له حتى يكفِّر ، فاذا كفّر حل له وطؤها ، ولا تلزمه كفارة أُخرى بعد الوطء، ولو وطئها قبل ان يكفر لزمته كفارتان احداهما للوطء والاُخرى لاِرادة العود إليه، والاظهر عدم حرمة سائر الاستمتاعات عليه قبل التكفير، واما إذا كان معلَّقاً فيحرم عليه الوطء بعد حصول المعلَّق عليه ، فلو علّقه على نفس الوطء لم يحرم الوطء المعلَّق عليه ولا تجب به الكفارة.
مسألة (645) : تتكرر الكفارة بتكرر الوطء قبل التكفير، كما انها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس، واما مع اتحاده ففيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
مسألة (646) : كفارة الظهار عتق رقبة ، وإذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، وإذا عجز عنه فاطعام ستين مسكيناً .
مسألة (647) : إذا عجز عن الاُمور الثلاثة صام ثمانية عشر يوماً، وان عجز عنه لم يجزئه الاستغفار على الاحوط لزوماً .
مسألة (648) : إذا ظاهر من زوجته ثم طلقها رجعياً لم يحل له وطؤها حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها بعد انقضاء عدتها أو كان الطـلاق بائناً وتزوجها في العدة فانه يسقط حكم الظهار ويجوز له وطؤها بلا تكفير ، ولو ارتد احدهما فان كان قبل الدخول او كانت المرأة يائسة أو صغيرة أو كان المرتد هو الرجل عن فطرة ثم تاب المرتد وتزوجها سقط حكم الظهار
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 204 ـ
وجاز له وطؤها بلا تكفير ، واما لو كان الارتداد بعد الدخول ولم تكن المرأة يائسة ولا صغيرة وكان المرتد هو الرجل عن ملة أو هي ـ المرأة ـ مطلقاً فحكمه حكم الطلاق الرجعي، فان تاب المرتد في العدة لم يجز له ان يطأها حتى يكفِّر ، وان انقضت عدتها ثم تزوجها جاز له وطؤها من دون كفارة، ولو ظاهر من زوجته ثم مات احدهما لم تثبت الكفارة.
مسألة (649) : إذا صبرت المظاهر منها على ترك وطئها فلا اعتراض، وان لم تصبر رفعت امرها إلى الحاكم، فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فان اختار احدهما وإلاّ انظره ثلاثة اشهر من حين المرافعة، فان انقضت المدة ولم يختر احد الامرين حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على خصوص احدهما، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم على الاقوى.
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 207 ـ
مسألة (650) : الايلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة قُبلاً إما أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر لغرض الاضرار بها ، فلا يتحقق الايلاء بالحلف على ترك وطء المتمتع بها ، ولا بالحلف على ترك وطء الدائمة مدة لا تزيد على أربعة أشهر، ولا فيما إذا كان لدفع ضـرر الوطء عن نفسه أو عنها أو لنحو ذلك ، كما يعتبر فيه ايضاً ان تكون الزوجة مدخولاً بها ولو دبراً فلا يتحقق بالحلف على ترك وطء غير المدخول بها نعم تنعقد اليمين في جميع ذلك وتترتب عليها آثارها مع اجتماع شروطه .
مسألة (651) : يعتبر في المؤلي أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً، فلا يقع الايلاء من الصغير والمجنون والمكره والهازل والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، وهل يعتبر أن يكون قادراً على الايلاج فلا يقع من العنين والمجبوب ؟ فيه وجهان اقربهما الاَوّل.
مسألة (652) : لا ينعقد الايلاء ـ كمطلق اليمين ـ الا باسم الله تعالى المختص به أو ما ينصرف اطلاقه اليه ولو في مقام الحلف، ولا يعتبر فيه العربية، ولا اللفط الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع قُبلاً ، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ ظاهر فيه ، فيكفي قوله : (لا أطأُكِ) أو (لا اُجامِعُكِ) أو (لا أمسُّكِ) بل وقوله : (لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدة) إذا قصد به ترك الجماع.
مسألة (653) : إذا تم الايلاء بشرائطه فان صبرت المرأة مع امتناعه عن
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 208 ـ
المواقعة فهو ، وإلاّ فلها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعي فينظره الحاكم أربعة أشهر، فان رجع وواقعها في هذه المدة فهو ، وإلاّ الزمه باحد الامرين اما الرجوع أو الطلاق، فان فعل احدهما وإلاّ حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار احدهما، ولا يجبره على احدهما معيناً ، وان امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، ولو طلق وقع الطلاق رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده .
مسألة (654) : إذا عجز المؤلي عن الوطء كان رجوعه باظهار العزم على الوطء على تقدير القدرة عليه .
مسألة (655) : المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم ان الاَشهر الاَربعة ـ التي ينظر فيها المؤلي ثم يجبر على احد الامرين بعدها ـ تبدأ من حين الترافع إلى الحاكم، وقيل : من حين الايلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة الزمه الحاكم باحد الامرين من دون امهال وانتظار مدة ، وهذا القول لا يخلو من قوة ، ولكن مع ذلك لا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك .
مسألة (656) : اذا اختلفا في الرجوع والوطء فادعاهما المؤلي وانكرت هي فالقول قوله بيمينه .
مسألة (657) : يزول حكم الايلاء بالطلاق البائن وان عقد عليها في العدة بخلاف الطلاق الرجعي فانه وان خرج به من حقها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم، لكن لا يزول حكم الايلاء إلاّ بانقضاء عدتها، فلو راجعها في العدة عاد إلى الحكم الاَوّل فلها المطالبة بحقها والمرافعة إلى الحاكم.
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 209 ـ
مسألة (658) : متى وطئها الزوج بعد الايلاء لزمته الكفارة سواء أكان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة ، لانه قد حنث اليمين على كل حال وان جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة ومطالبتها وامر الحاكم به تخييراً بينه وبين الطلاق.
وبهذا تمتاز هذه اليمين عن سائر الايمان، كما انها تمتاز عن غيرها بانه لا يعتبر فيها ما يعتبر في غيرها من كون متعلقها راجحاً شرعاً أو كونه غير مرجوح شرعاً مع رجحانه بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو اشتماله على مصلحة دنيوية شخصية .
مسألة (659) : إذا آلى من زوجته مدة معينة فدافع عن الرجوع والطلاق إلى ان انقضت المدة لم تجب عليه الكفارة ولو وطئها قبله لزمته الكفارة.
مسألة (660) : لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 213 ـ
مسألة (661) : اللعان مباهلة خاصة بين الزوجين أثرها دفع حدّ أو نفي ولد ، ويثبت في موردين :
المورد الاَول: فيما اذا رمى الزوج زوجته بالزنى .
مسألة (662) : لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنى مع الريبة ولا مع غلبة الظن ببعض الاسباب المريبة، بل ولا بالشياع ولا باخبار شخص ثقة ، نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يُصدّق اذا لم تعترف به الزوجة ولم يكن له بينة ، بل يحدّ حـدّ القذف مع مطالبتها إلاّ إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الاتية فيدرأ عنه الحـدّ.
مسألة (663) : يشترط في ثبوت اللعان بالقذف ان يدعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها ومن لم يتمكن منها كالاعمى فيحدّان مع عدم البينّة، كما يشترط في ثبوته ان لا تكون له بينة على دعواه ، فان كانت له بينة تعين اقامتها لنفي الحـدّ ولا لعان .
مسألة (664) : يشترط في ثبوت اللعان في القذف ان يكون القاذف بالغاً عاقلاً وان تكون المقذوفة بالغة عاقلة وأيضاً سالمة عن الصمم والخرس ، كما يشترط فيها ان تكون زوجة دائمة فلا لعان في قذف الاجنبية بل يحـدّ القاذف مع عدم البينة وكذا في المتمتع بها على الاقوى، ويشترط فيها أيضاً ان تكون مدخولاً بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها ، وان تكون غير مشهورة بالزنى وإلاّ فلا لعان بل ولا حـدّ حتى يدفع باللعان ، نعم عليه
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 214 ـ
التعزير في غير المتجاهرة بالزنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة .
المورد الثاني: فيما إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً .
مسألة (665) : لا يجوز للزوج ان يُنكر ولدّية من تولد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً بان دخل بامه وانزل في فرجها ولو احتمالاً، أو انزل على فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه ، وكان قد مضى على ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز اقصى مدة الحمل، فانه لا يجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه وان كان قد فجر احد بامه فضلاً عما إذا اتهمها بالفجور بل يجب عليه الاقرار بولدّيته .
نعم يجوز له ان ينفيه ـ ولو باللعان ـ مع علمه بعدم تكوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به ، بل يجب عليه نفيه إذا كان يلحق به بحسب ظاهر الشرع لولا نفيه ، مع كونه في معرض ترتب احكام الولد عليه من الميراث والنكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك .
مسألة (666) : إذا نفى ولدّية من ولد على فراشه فان علم انه قد أتى بما يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع، أو اقرّ هو بذلك ومع ذلك نفاه لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره .
واما لو لم يعلم ذلك ولم يقرّ به وقد نفاه اما مجرداً عن ذكر السبب بان قال : (هذا ليس ولدي) واما مع ذكر السبب بان قال : (اني لم اباشر امه منذ ما يزيد على عام قبل ولادته) فحينئذٍ وان لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن ينتفي عنه باللعان .
مسألة (667) : انما يشرع اللعان لنفي الولد فيما اذا كان الزوج عاقلاً
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 215 ـ
والمرأة عاقلة، وفي اعتبار سلامتها من الصمم والخرس اشكال وان كان الاعتبار اظهر، ويعتبر أيضاً ان تكون منكوحة بالعقد الدائم، واما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان وان لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء ، ولو عُلم انه اتى بما يوجب اللحوق به في ظاهر الشرع ـ كالدخول بامه مع احتمال الانزال ـ أو اقرّ بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدائمة.
مسألة (668) : يعتبر في اللعان لنفي الولد ان تكون المرأة مدخولاً بها ، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فانكر الدخول فاقامت بينة على ارخاء الستر فالاقرب ثبوت اللعان.
مسألة (669) : لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملاً أو منفصلاً .
مسألة (670) : من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنى لاحتمال كونه عن وطء شبهة أو غيره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وان جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه ـ على ما سبق ـ لكن لا يجوز له ان يرمي امه بالزنى وينسب ولدها الى الزنى ما لم يتيقن ذلك .
مسألة (671) : إذا أقر بالولد لم يسمع انكاره له بعد ذلك سواء أكان اقراره بالصريح أو بالكناية مثل ان يبشر به ويقال له : (بارك الله لك في مولودك) فيقول : (امين) أو (ان شاء الله تعالى) بل قيل : انه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له انكاره بعد ذلك ، ولكنه محل اشكال بل منع .
مسألة (672) : لا يقع اللعان إلاّ عند الحاكم الشرعي وفي وقوعه عند
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 216 ـ
المنصوب من قبله لذلك اشكال، وصورة اللعان ان يبدأ الرجل ويقول بعد قذفها أو نفي ولدها : (اشهد بالله اني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها) يقول ذلك اربع مرات ، ثم يقول مرة واحدة : (لعنة الله عليّ أن كنت من الكاذبين) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات : (اشهد بالله انه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد) ثم تقول مرة واحدة : (أن غضب الله عليّ ان كان من الصادقين).
مسألة (673) : يجب ان تكون الشهادة واللعن بالالفاظ المذكورة، فلو قال أو قالت: (أحلف) أو (أُقسم) أو (شهدت) أو (انا شاهد) أو أبدلا لفظ الجلالة بـ(الرحمن) أو بـ (خالق البشر) أو بـ (صانع الموجودات) أو قال الرجل: (اني صادق) أو (لصادق) أو (من الصادقين) من غير ذكر اللام، أو قالت المرأة: (إنه لكذاب) أو (كاذب) أو (من الكاذبين) لم يقع، وكذا لو ابدل الرجل اللعنة بالغضب والمرأة بالعكس .
مسألة (674) : يجب أن تكون المرأة معينة ، وان يبدأ الرجل بشهادته ، وأن تكون البدأة في الرجل بالشهادة ثم باللعن وفي المرأة بالشهادة ثم بالغضب .
مسألة (675) : يجب أن يكون اتيان كل منهما باللعان بعد طلب الحاكم منه ذلك ، فلو بادر قبل ان يأمر الحاكم به لم يقع .
مسألة (676) : الاحوط ان يكون النطق بالعربية مع القدرة عليها ، ويجوز بغيرها مع التعذر.
مسألة (677) : يجب ان يكونا قائمين عند التلفظ بالفاظهما الخمسة، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 217 ـ
عند تلفظه بما يخصه ؟ وجهان ولا تترك مراعاة الاحتياط.
مسألة (678) : يستحب ان يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل على يمينه وتقف المرأة على يساره ، ويحضر من يستمع اللعان، ويعظهما الحاكم قبل اللعن والغضب.
مسألة (679) : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه احكام اربعة:
1 ـ انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما
2 ـ الحرمة الابدية، فلا تحل له ابداً ولو بعقد جديد ، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
3 ـ سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حد الزناء عن الزوجة بلعانها ، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل عن حدّ القذف وتحدّ المرأة حد الزانية، لان لعان الزوج بمنزلة البينة على زناء الزوجة.
4 ـ انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة ان تلاعنا لنفيه ، بمعنى انه لو نفاه وادعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد ، فلا يرث احدهما الاخر، وكذا لا توارث بين الولد وكل من انتسب اليه بالابوة كالجد والجدة والاخ والاخت للاب وكذا الاعمام والعمات بخلاف الام ومن انتسب اليه بها حتى ان الاخوة للاب والام بحكم الاخوة للام .
مسألة (680) : إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ثم كذب نفسه بعد اللعان لم يحدّ للقذف ولم يزل التحريم، ولو كذّب في اثنائه يحدّ ولا تثبت احكام اللعان، ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنى أربعاً ففي الحد تردد والاظهر العدم.
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 218 ـ
مسألة (681) : إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه من الاحكام لا فيما له منها ، فيرثه الولد ولا يرثه الاب ولا من يتقرب به وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث ان شاء الله تعالى .
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 221 ـ
وفيه فصول :
الفصل الاَول :
في الاَيمان
مسألة (682) : اليمين ـ ويطلق عليها الحلف والقسم أيضاً ـ على ثلاثة أنواع:
الاَول: ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للاخبار عن تحقق امرٍأو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال، كما يقال : (والله جاء زيد بالامس) أو (والله هذا مالي) أو (والله يأتي عمرو غداً).
الثاني: ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على انجاح المقصود ويسمى : (يمين المناشدة) كقول السائل: (اسألك بالله ان تعطيني ديناراً).
ويقال للقائل : (الحالِف) و(المُقسِم) وللمسؤول : (المحلوف عليه) و (المُقسَم عليه).
الثالث: ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من ايقاع امر أو تركه في المستقبل، ويسمى : (يمين العقد) كقوله : (والله لاَصومنَّ غداً) أو (والله لاَتركنّ التدخين).
مسألة (683) : تنقسم اليمين من النوع الاَول المتقدم إلى قسمين :
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 222 ـ
صادقة وكاذبة ، والايمان الصادقة كلها مكروهة بحد ذاتها سواء أكانت على الماضي أو الحال أو المستقبل، واما الايمان الكاذبة فهي محرمة ـ بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس، وهي : اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ـ ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عنه أو عن سائر المؤمنين، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه ، ولكن إذا كان ملتفتاً إلى امكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالاحوط وجوباً ان يوري في كلامه بان يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه واين هو ؟ يقول (ما رايته) فيما اذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد به انه لم يره منذ دقائق .
مسألة (684) : اليمين من النوع الاَول المتقدم لا يترتب عليها أثر سوى الاثم فيما إذا كان الحالف كاذباً في اخباره عن تعمّد أو أخبر من دون علم، نعم ما تفصل بها الدعاوى والمرافعات لها احكام خاصة وتترتب عليها آثار معينة كعدم جواز المقاصة وقد مرت الاشارة إليه في المسألة (886 ج2).
مسألة (685) : الظاهر جوازاليمين بغير الله تعالى من الذوات المقدسة والاشياء المحترمة فيما إذا كان الحالف صادقاً فيما يخبر عنه ، ولكن لا يترتب عليها أثر اصلاً ولا تكون قسماً فاصلاً في الدعاوى والمرافعات .
مسألة (686) : لا تنعقد اليمين من النوع الثاني المتقدم، ولا يترتب عليها شيء من اثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح مسؤوله .
واما اليمين من النوع الثالث فهي التي تنعقد عند اجتماع الشروط
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 223 ـ
الاتية ويجب برّها والوفاء بها ويحرم حنثها وتترتب على حنثها الكفارة، وهي موضوع المسائل الآتية.
مسألة (687) : لا تنعقد اليمين إلاّ باللفظ أو ما هو بمثابته كالاشارة بالنسبة إلى الاخرس، والاظهر كفاية الكتابة للعاجز عن التكلم، بل لا يترك الاحتياط في غيره ، ولا يعتبر فيها العربية لا سيما في متعلقاتها .
مسألة (688) : لا تنعقد اليمين إلاّ إذا كان المقسم به هو الله تعالى دون غيره مطلقاً ، وذلك يحصل باحد أُمور:
1 ـ ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة، ويلحق به ما لا يطلق على غيره كالرحمن .
2 ـ ذكره باوصافه وافعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب والابصار ، والذي نفسي بيده ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، واشباه ذلك .
3 ـ ذكره بالاوصاف والافعال التي يغلب اطلاقها عليه بنحو ينصرف اليه تعالى وان شاركه فيها غيره ، كالربّ والخالق والبارىَ والرازق وامثال ذلك، بل لا يبعد ذلك فيما لا ينصرف اليه في نفسه ولكن ينصرف اليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير .
مسألة (689) : المعتبر في انعقاد اليمين ان يكون المحلوف به ذات الله تبارك وتعالى دون صفاته وما يلحق بها ، فلو قال : (وحق الله، أو بجلال الله، أو وعظمة الله، أو بكبرياء الله، أو وقدرة الله، أو وعلم الله، أو لعمر الله) لم تنعقد إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.
مسألة (690) : لا يعتبر في انعقاد اليمين ان يكون انشاء القسم بحروفه
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 224 ـ
بان يقول : (والله أو تالله لافعلَّن كذا) بل لو انشأه بصيغتي القسم والحلف كقوله : (اقسمت بالله أو حلفت بالله) انعقدت أيضاً، نعم لا يكفي لفظا (اقسمتُ) و (حلفتُ) بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته .
مسألة (691) : يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام وسائر النفوس المقدسة وبالقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الامكنة المحترمة ولكن لا تنعقد اليمين بالحلف بها ولا يترتب على مخالفتها اثم ولا كفارة .
مسألة (692) : لا تنعقد اليمين بالبراءة من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو من دينه أو من الاَئمة عليهم السلام بان يقول مثلاً : (برئت من الله، أو من دين الاسلام ان فعلت كذا ، أو ان لم افعل كذا) فلا تؤثر في ترتب الاثم على حنثها ، نعم هذه اليمين بنفسها حرام ويأثم حالفها من غير فرق بين ان يحنثها وعدمه ، والاظهر ثبوت الكفارة في حنثها وهي اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مـدّ .
ومثل يمين البراءة في عدم الانعقاد أن يقول : (ان لم افعل كذا ، أو ان لم اترك كذا فانا يهودي أو نصراني مثلاً) ولكن لا ينبغي صدورها من المسلم.
مسألة (693) : لو علَّق اليمين على مشيئة الله تعالى بان قال: (والله لافعلن كذا ان شاء الله) وكان مقصوده التعليق على مشيئته تعالى لا مجرد التبرك بهذه الكلمة لم تنعقد حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام إلاّ إذا قصد التعليق على مشيئته التشريعية، ولو علق يمينه على مشيئة غير الله عزّ وجلّ بان قال : (والله لافعلن كذا ان شاء زيد مثلاً) انعقدت على تقدير مشيئته ، فان قال زيد: (انا شئت ان تفعل كذا) انعقدت
منهاج الصالحين الجزء الثالث المعاملات ـ 225 ـ
وتحقق الحنث بتركه ، وان قال : (لم أشأ) لم تنعقد ، ولو لم يعلم أنه شاء أو لم يشأ لم يترتب عليها أثر ايضاً، وهكذا الحال لو علق على شيء آخر غير المشيئة فانه تنعقد على تقدير حصول المعلق عليه فيحنث لو لم يأت بالمحلوف عليه على ذلك التقدير.
مسألة (694) : يعتبر في انعقاد اليمين ان يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين، فلا تنعقد يمين الصغير والمجنون ولو ادوارياً إذا حلف حال جنونه ، ولا يمين المكره والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، ولا يمين المفلّس إذا تعلقت بما تعلق به حق الغرماء من امواله، ولا يمين السفيه سواء تعلقت بعين خارجية ام بما في ذمته ، ولا يعتبر في الحالف ان يكون مسلماً فتصح يمين الكافر على الاظهر.
مسألة (695) : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج، حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام على الاقرب، فلا حنث ولا كفارة عليهما في صورة مخالفتها بترك الواجب أو فعل الحرام وان ترتبت عليهما آثارهما من الاثم وغيره .
ولو حلف الولد من دون اذن الاب، أو حلفت الزوجة من دون اذن زوجها، كان للاب والزوج حلّ يمنيهما فلا حنث ولا كفارة عليهما ، وهل يعتبر اذنهما ورضاهما في انعقاد يمينهما ـ حتى انه لو لم يطلّعا على حلفهما أو لم يحلا مع علمهما لم تنعقد من اصلها ـ أو لا ، بل يكون منعهما مانعاً عن انعقادها وحلّهما رافعاً لاستمرارها ، فتصح وتنعقد في الصورتين المذكورتين؟ قولان اقواهما الثاني.