في جميع الموارد المذكورة .
مسألة (354) : الأظهر أن صحة التيمم لأحد المسوغات المذكورة ، بل وجوب اختياره في بعضها حذراً عن مخالفة تكليف إلزامي لا ينافي صحة الطهارة المائية مع توفر شرائطها ، و هذا يجري في جميع المسوغات المتقدمة عدا الثالث منها ، فإن الظاهر بطلان الوضوء و الغسل فيما يكون استعمال الماء بنفسه ضررياً و إن لم يكن بمرتبة محرمة ، و أما في غيره فالأظهر الصحة حتى فيما يجب فيه حفظ الماء كما في المسوغ السادس .
مسألة (355) : إذا وجب التيمم لفقد بعض شرائط الوضوء أو الغسل ، فتوضأ أو اغتسل لنسيان أو غفلة أو جهل لم يصح ، نعم في الوضوء و الغسل بالماء المغصوب تفصيل قد تقدم في المسألة ( 132 ) .
مسألة (356) : إذا آوى إلى فراشه و ذكر أنه ليس على وضوء جاز له التيمم رجاء و إن تمكن من استعمال الماء ، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء و إدراك الصلاة ، بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء .
الفصل الثاني :
فيما يتيمم به
الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضا ، سواء أ كان تراباً ، أم رملاً ، أو مدراً ، أم حصى ، أم صخراً ، و منه أرض الجص و النورة ، قبل الإحراق ، و إن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان ، و الأحوط لو لم يكن أقوى اعتبار علوق شيء مما يتيمم به باليد فلا يجزئ التيمم على مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه .
مسألة (357) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض و إن كان أصله منها ، كرماد غير الأرض ، و النبات ، و بعض المعادن كالذهب
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 127 ـ
و الفضة، و أما العقيق و الفيروزج و نحوهما من الأحجار الكريمة فالأظهر جواز التيمم بها مع تحقق العلوق ، و كذلك الخزف و الجص و النورة بعد الإحراق و إن كان
الأحوط تقديم غيرها عليها .
مسألة (358) : لا يجوز التيمم بالنجس ، و لا المغصوب ، و لا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض ، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً ، و لو أكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمم على أرضه و لكن يقتصر فيه على وضع اليدين و لا يضرب بهما عليها .
مسألة (359) : إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما ، و إذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح ، بل يجب ذلك مع الانحصار ، و كذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس .
مسألة (360) : الغبار المجتمع على الثوب و نحوه إذا عد تراباً دقيقاً بأن كان له جرم بنظر العرف جاز التيمم به على الأظهر و إن كان الأحوط تقديم غيره عليه ، و إذا كان
الغبار كامنا في الثوب مثلاً وأمكن نفضه و جمعه بحيث يصدق عليه التراب تعين ذلك إذا لم يتيسر غيره .
مسألة (361) : إذا تعذر التيمم بالأرض و ما يلحق بها من الغبار تعين التيمم بالوحل و هو الطين الذي يلصق باليد ، و لا يجوز إزالة جميعه بل الأحوط عدم إزالة شيء منه
إلا ما يتوقف على إزالته صدق المسح باليد ، و لو أمكن تجفيفه و التيمم به تعين ذلك و لا يجوز التيمم بالوحل حينئذ .
ولو تعذر التيمم بكل ما تقدم تعين التيمم بالشيء المغبر أي ما يكون الغبار كامناً فيه أو لا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق كما تقدم .
مسألة (362) : إذا عجز عن الأرض ، و الغبار ، و الوحل و الشيء المغبر ، كان فاقداً للطهور ، و الأظهر حينئذ سقوط الصلاة في الوقت و وجوب القضاء
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 128 ـ
في خارجه .
وإذا تمكن المكلف من الثلج و أمكنه إذابته و الوضوء به ، أو أمكنه مسح الوجه و اليدين به على نحو يتحقق مسمى الغسل مع مسح الرأس و الرجلين بنداوة اليد تعين ذلك و لم يجز له التيمم ، و إما إذا لم يتمكن من المسح به إلا على نحو لا يتحقق الغسل فالظاهر تعيين التيمم و إن كان الأحوط استحباباً له الجمع بين التيمم و المسح به و الصلاة في الوقت .
مسألة (363) : الأحوط استحباباً نفض اليدين بعد الضرب ، و الأحوط وجوباً أن يكون ما يتيمم به نظيفاً عرفاً ، و يستحب أن يكون من ربى الأرض و عواليها ، و يكره أن يكون من مهابطها ، و أن يكون من تراب الطريق .
الفصل الثالث
كيفية التيمم
كيفية التيمم أن يضرب بباطن يديه على الأرض و لا يبعد كفاية الوضع أيضا ـ و الأحوط وجوبا أن يفعل ذلك دفعة واحدة ـ ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته و كذا جبينيه على الأحوط من قصاص الشعر إلى الحاجبين و إلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة ، و الأحوط الأولى مسح الحاجبين أيضاً، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى ، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى .
مسألة (364) : لا يجب المسح بتمام كل من الكفين ، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة و كذا الجبينين على ما تقدم .
مسألة (365) : المراد من الجبهة الموضع المستوي ، والمراد من
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 129 ـ
الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر .
مسألة (366) : الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلاً عن الغسل أو الوضوء ، و إن كان الأحوط استحباباً تعدد الضرب فيضرب ضربة للوجه و ضربة للكفين ، ويكفي
في الاحتياط أن يمسح الكفين مع الوجه في الضربة الأولى ، ثم يضرب ضربة ثانية فيمسح كفيه ، و كذا الحال في الوضع .
مسألة (367) : إذا تعذر الضرب و الوضع ثم المسح بالباطن انتقل إلى الظاهر ، و كذا إذا كان نجساً نجاسة متعدية إلى ما يتيمم به و لم تمكن الإزالة ، أما إذا لم تكن متعدية ضرب به أو وضع عليه و مسح ، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح و الممسوح مطلقا ، و إذا كان على الممسوح حائل كالجبيرة لا تمكن إزالته مسح عليه ، أما إذا كان ذلك على الباطن الماسح فمع عدم الاستيعاب يمسح بالباقي و أما معه فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح به و المسح بالظاهر بعد الضرب أو الوضع .
مسألة (368) : المحدث بالأصغر يتيمم بدلاً عن الوضوء .
و الجنب يتيمم بدلاً عن الغسل ، و المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل و إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً فالأحوط استحباباً أن يتوضأ ، و إن لم يتمكن من الوضوء يتيمم بدلاً عنه ، و إذا تمكن من الغسل أتى به ، و هو يغني عن الوضوء إلا في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فإن لم تتمكن تيممت عنه ، و إن لم تتمكن من الغسل أيضاً فالأظهر كفاية تيمم واحد بدلاً عنهما جميعاً .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 130 ـ الفصل الرابع :
شروط التيمم
يشترط في التيمم النية على ما تقدم في الوضوء ، مقارناً بها الضرب أو الوضع على الأحوط .
مسألة (369) : لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل ، بل تكفي نية القربة فقط ، نعم مع الإتيان بتيممين بدلاً عن الغسل و الوضوء ـ و لو احتياطا ـ فلا بد من التمييز بينهما بوجه و يكفي التمييز بنية البدلية .
مسألة (370) : الأقوى أن التيمم رافع للحدث ما لم يتحقق أحد نواقضه ، و لا تجب فيه نية الرفع و لا نية الاستباحة للصلاة مثلاً .
مسألة (371) : يشترط فيه المباشرة و كذا الموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل ، و يشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم ، و الأحوط وجوباً البدأة من الأعلى و المسح منه إلى الأسفل .
مسألة (372) : من قطعت إحدى كفيه أو كلتاهما يتيمم بالذراع ، و من قطعت إحدى يديه من المرفق يكتفي بضرب الأخرى أو وضعها و المسح بها على الجبهة ثم مسح ظهرها بالأرض ، و أما أقطع اليدين من المرفق فيكفيه مسح جبهته بالأرض و قد مر حكم ذي الجبيرة و الحائل في المسألة 367 ، و يجري هنا ما تقدم في الوضوء في حكم اللحم الزائد و اليد الزائدة .
مسألة (373) : إذا لم يتمكن من المباشرة إلا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في ضرب يديه أو وضعهما على ما يتيمم به ثم وضعهما على جبهته و يديه مع تصديه هو للمسح بهما تعين ذلك و هو الذي يتولى النية حينئذ ، و إن لم يتمكن من المباشرة و لو على هذا النحو طلب من غيره أن ييممه فيضرب بيدي العاجز و يمسح بهما مع الإمكان ، و مع العجز يضرب المتولي بيدي
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 131 ـ
نفسه و يمسح بهما ، و الأحوط في الصورتين أن يتولى النية كل منهما .
مسألة (374) : الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته ، و أما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه .
مسألة (375) : إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و إن كانت لجهل أو نسيان ، أما لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب .
مسألة (376) : الخاتم حائل يجب نزعه حال المسح على اليد .
مسألة (377) : يعتبر إباحة التراب الذي يتيمم به كما مر ، و الأحوط الأولى إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم و الظرف الذي يشتمل على ما يتيمم به بأن لا يكون مغصوبا مثلاً .
مسألة (378) : إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت ، و لكن الشك إذا كان في الجزء الأخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في عمل آخر من صلاة و نحوها فالأحوط
وجوباً الالتفات إلى الشك ، و لو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت و إن كان الأحوط استحباباً التدارك.
الفصل الخامس :
أحكام التيمم
لا يجوز التيمم للصلاة الموقتة مع العلم بارتفاع العذر و التمكن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت ، بل لا يجوز التيمم مع عدم اليأس عن زوال العذر أيضاً، و أما مع اليأس منه فلا إشكال في جواز البدار ، و لو صلى معه فالأظهر عدم وجوب إعادتها حتى مع زوال العذر في الوقت .
مسألة (379) : إذا تيمم لصلاة فريضة ، أو نافلة ، لعذر فصلاها ثم دخل وقت أخرى فمع عدم رجاء زوال العذر و التمكن من الطهارة المائية تجوز له
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 132 ـ
المبادرة إليها في سعة وقتها ، و لا يجب عليه إعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك ، و أما مع رجاء زوال العذر فالأحوط لزوماً التأخير .
مسألة (380) : لو وجد الماء في أثناء الصلاة فريضة كانت أو نافلة مضى في صلاته و صحت مطلقاً على الأقوى ، و إن كان الأحوط الأولى الاستئناف بعد الطهارة المائية إذا كان الوجدان قبل الركوع بل أو بعده ما لم يتم الركعة الثانية .
مسألة (381) : إذا تيمم المحدث بالاكبر ـ من جنابة أو غيرها ـ لعذر ثم أحدث بالأصغر لم ينتقض تيممه فيتوضأ إن أمكن و إلا فيتيمم بدلاً عن الوضوء ، و الأحوط الأولى أن يجمع بين التيمم بدلاً عن الغسل و بين الوضوء مع التمكن و إن يأتي بتيممه بقصد ما في الذمة إذا لم يتمكن من الوضوء .
مسألة (382) : لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء ، أو الغسل بعد دخول الوقت ، بل لا تجوز ـ على الأحوط ـ إراقته قبل دخول الوقت مع العلم بعدم وجدانه بعد الدخول ، و إذا تعمد إراقة الماء وجب عليه التيمم مع عدم رجاء وجدانه فيصلي متيمماً ، و لو تمكن منه بعد ذلك لم تجب عليه إعادة الصلاة و لا قضاؤها على الأظهر ، و لو كان على وضوء لا يجوز إبطاله على الأحوط إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه ، و لو أبطله و الحال هذه تيمم و صلى و تجزي أيضاً على ما مر .
مسألة (383) : يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل ، و كذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل ، كقراءة القرآن ، و الكون في المساجد و نحو ذلك و في مشروعيته للكون على الطهارة إشكال ، و الظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به ـ كمس القرآن و مس اسم الله تعالى ـ كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 133 ـ
مسألة (384) : إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية و صحت منه ، فإذا تيمم للصلاة جاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك مما يتوقف صحته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائية .
وإذا تيمم لضيق الوقت جاز له في حال الصلاة كل غاية كمس كتابة القرآن و قراءة العزائم و نحوهما .
مسألة (385) : ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية و إن تعذرت عليه بعد ذلك ، إلا إذا كان التمكن منها في أثناء الصلاة فقط فإنه لا ينتقض تيممه حينئذ كما تقدم .
وإذا وجد من تيمم تيممين ـ احتياطا ـ بدلاً عن الوضوء و الغسل ما يكفيه من الماء لوضوئه انتقض تيممه الذي هو بدل عنه ، و إن وجد ما يكفيه للغسل انتقضا معاً سواء أ كفى للجمع بينه و بين الوضوء أم لا ، و يكفيه الغسل حينئذ .
هذا في غير المستحاضة المتوسطة و أما هي ففي الفرض الأول من الصورة الأخيرة تحتاط بالغسل ثم تتوضأ ، و في الفرض الثاني تتوضأ و تتيمم بدلاً عن الغسل على
الأحوط ، و من ذلك يظهر حكم ما إذا فقد الماء الكافي للغسل قبل استعماله و إن حكمه حكم ما قبل التيممين .
مسألة (386) : إذا وجد جماعة متيممون ماءً مباحاً لا يكفى إلا لأحدهم ، فإن تسابقوا إليه فوراً فحازه الجميع لم يبطل تيمم أي منهم بشرط عدم تمكن كل واحد من تحصيل جواز التصرف في حصص الباقين و لو بعوض و إلا بطل تيمم المتمكن خاصة ، و إن تسابق الجميع فسبق أحدهم بطل تيممه ، و إن تركوا الاستباق أو تأخروا فيه فمن مضى عليه منهم زمان يتمكن فيه من حيازة الماء بكامله و استعماله في الغسل أو الوضوء بطل تيممه ، و أما من لم يمض عليه مثل هذا الزمان ـ و لو لعلمه بأن غيره لا يبقي له مجالاً
لحيازته أو لاستعماله على تقدير الحيازة ـ فلا يبطل تيممه ، و من هذا
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 134 ـ
يظهر حكم ما لو كان الماء مملوكاً و أباحه المالك للجميع ، و إن أباحه لبعضهم بطل تيمم ذلك البعض لا غير .
مسألة (387) : حكم التداخل الذي مر سابقاً في الأغسال يجري في التيمم أيضا ، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل ، يكفي تيمم واحد عن الجميع ، و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة ، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمم بدلاً عنه ، و إلا فالأحوط الأولى الإتيان بالوضوء أو تيمم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً ، نعم إذا كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسطة فحيث أن وجوبه مبني على الاحتياط كما تقدم فاللازم ضم الوضوء إلى التيمم البديل عنه مع وجدان الماء بمقداره .
مسألة (388) : إذا اجتمع جنب و محدث بالأصغر و من يجب عليه تغسيل ميت ـ كوليه ـ و كان هناك ماء لا يكفي إلا لواحد منهم فقط فإن اختص أحدهم بجواز التصرف فيه تعين عليه صرفه فيما هو وظيفته ، و إلا فمن تمكن منهم من تحصيل الاختصاص به و لو بالتسابق إليه أو ببذل عوض تعين عليه ذلك و إلا وجب عليه التيمم ، نعم من كان محدثا
و وجب عليه تغسيل ميت أيضاً فمع عدم كفاية الماء للأمرين فالأحوط لزوماً صرفه في رفع حدث نفسه .
مسألة (389) : إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم .
الفصل الأول :
في الأعيان النجسة
وهي عشرة :
الأول و الثاني : البول و الغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل بالأصل أو بالعارض ، كالجلال و الموطوء ، أما محلل الأكل فبوله و خرؤه طاهران ، و كذا خرؤ ما ليست له نفس سائلة من محرم الأكل ، و لا يترك الاحتياط ، بالاجتناب عن بوله إذا عد ذا لحم عرفا .
مسألة (390) : بول الطير و ذرقه طاهران ، و إن كان غير مأكول اللحم كالخفاش و نحوه .
مسألة (391) : ما يشك في أن له لم نفس سائلة، محكوم بطهارة خرئه و يحتاط بالاجتناب عن بوله ـ كما تقدم ـ و أما ما يشك في أنه محلل الأكل ، أو محرمه فيحكم بطهارة بوله و خرئه .
الثالث : المني من كل حيوان له نفس سائلة و إن حل أكل لحمه على
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 136 ـ
الأحوط ، و أما مني ما لا نفس له سائلة فطاهر .
الرابع : ميتة الإنسان و كل حيوان ذي نفس سائلة و إن كان محلل الأكل و كذا أجزاؤها المبانة منها و إن كانت صغاراً ، و ربما يستثنى منها الشهيد و من اغتسل لإجراء الحد عليه أو القصاص منه و لا يخلو عن وجه .
مسألة (392) : الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة ، و يستثنى من ذلك : الثالول ، و البثور ، و ما يعلو الشفة ، و القروح و نحوها عند البرء ، و قشور الجرب و
نحوه المتصل بما ينفصل من شعره ، و ما ينفصل بالحك و نحوه من بعض الأبدان ، فإن ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي .
مسألة (393) : أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة ، و هي :
الصوف ، و الشعر ، و الوبر ، والعظم، والقرن، والمنقار، والظفر، والمخلب، والريش، والظلف، و السن ، و البيضة إذا اكتست القشر الأعلى و إن لم يتصلب ، سواء أ كان ذلك كله مأخوذاً من الحيوان الحلال أم الحرام ، و سواء أخذ بجز ، أم نتف ، أم غيرهما ، نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة ، و يلحق بالمذكورات الأنفحة ، و كذلك اللبن في الضرع و لا ينجس بملاقاة الضرع النجس ، و إن كان الأحوط استحباباً اجتنابه و لا سيما إذا كان من غير مأكول اللحم .
هذا كله في ميتة طاهرة العين ، أما ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء .
مسألة (394) : فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحي و لو بعلاج بعد صيرورتها معدة للانفصال بزوال الحياة عنها ، و في حكمها المبانة من الميتة ، و أما المبانة من المذكى فطاهرة مطلقا ، و مع الشك في حالها يبنى على الطهارة ، و أما المسك فطاهر في نفسه ، نعم لو علم ملاقاته للنجس مع الرطوبة المسرية حكم بنجاسته .
مسألة (395) : ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة ، كالوزغ و العقرب
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 137 ـ
و السمك ، و منه الخفاش على ما ثبت بالاختبار ، و كذا ميتة ما يشك في أن له نفساً سائلة أم لا .
مسألة (396) : المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي .
مسألة (397) : ما يؤخذ من يد المسلم من اللحم و الشحم و الجلد إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة و الحلية ظاهراً ، بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرفه فيه تصرفا يناسب التذكية ، و في حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، و ما يؤخذ من سوق المسلمين ـ إذا لم يعلم أن المأخوذ منه غير مسلم ـ و لا
فرق في الثلاثة بين العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه و عدمه إذا احتمل أن ذا اليد المسلم أو المأخوذ منه في سوق المسلمين أو المتصدي لصنعه في بلد الإسلام قد أحرز
تذكيته على الوجه الشرعي .
وأما ما يوجد مطروحا في أرض المسلمين فلا يبعد الحكم بطهارته ، و أما حليته ـ مع عدم الاطمئنان بسبق أحد الأمور الثلاثة ـ فمحل إشكال .
مسألة (398) : المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين و احتمل كونها مأخوذة من المذكى فلا يبعد الحكم بطهارتها و كذا بجواز الصلاة فيها ، و لكن لا يجوز أكلها ما لم يحرز أخذها من المذكى و لو من جهة العلم بكونها مسبوقة بأحد الأمور الثلاثة المتقدمة .
مسألة (399) : السقط قبل ولوج الروح نجس على الأحوط ، و أما الفرخ في البيض فالأظهر فيه الطهارة .
مسألة (400) : الأنفحة ـ و هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي ، أو السخل قبل أن يأكل ـ محكومة بالطهارة و أن أخذت من الميتة كما تقدم ـ و لكن يجب غسل ظاهرها لملاقاته أجزاء الميتة مع الرطوبة .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 138 ـ
الخامس : الدم من الحيوان ذي النفس السائلة ، أما دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك و نحوه فإنه طاهر .
مسألة (401) : إذا وجد في ثوبه مثلاً دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بنى على طهارته .
مسألة (402) : دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس على الأحوط ، و أما الدم الذي يكون في البيضة فطاهر على الأقوى .
مسألة (403) : الدم المتخلف في الحيوان المذكى بالنحر أو الذبح بعد خروج ما يعتبر خروجه في تذكيته ـ كما سيأتي بيانه ـ محكوم بالطهارة إلا أن يتنجس بنجاسة خارجية مثل السكين التي يذبح بها .
مسألة (404) : إذا خرج من الجرح ، أو الدمل شيء أصفر يشك في أنه دم أم لا يحكم بطهارته ، و كذا إذا شك من جهة الظلمة أنه دم أم قيح ، و لا يجب عليه الاستعلام ، و كذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها .
مسألة (405) : الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجس له .
السادس و السابع : الكلب و الخنزير البريان ، بجميع أجزائهما و فضلاتهما و رطوبتهما دون البحريين .
الثامن : الخمر ، و يلحق بها كل مسكر مائع بالأصالة على الأحوط الأولى ، و أما الجامد كالحشيشة ـ و إن غلى و صار مائعا بالعارض ـ فهو طاهر لكن الجميع حرام بلا
إشكال ، و أما السبيرتو المتخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخر فالظاهر طهارته بجميع أقسامه .
مسألة (406) : العصير العنبي إذا غلى ـ بالنار أو بغيرها ـ فالظاهر بقاؤه على الطهارة و إن صار حراما ، فإذا ذهب ثلثاه صار حلالاً إذا لم يحرز
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 139 ـ
صيرورته مسكراً ـ كما أدعي فيما إذا غلى بنفسه ـ و إلا فلا يحل إلا بالتخليل .
مسألة (407) : العصير الزبيبي و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان ، فيجوز وضع التمر ، و الزبيب ، و الكشمش في المطبوخات مثل المرق ، و المحشي ، و الطبيخ و غيرها ، و كذا دبس التمر المسمى بدبس الدمعة .
مسألة (408) : الفقاع ـ و هو شراب مخصوص متخذ من الشعير غالباً، و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء ـ يحرم شربه بلا إشكال و الأحوط أن يعامل معه معاملة
النجس .
التاسع : الكافر ، و هو من لم ينتخل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة و لو في الجملة بأن يرجع إلى تكذيب النبي صلى الله عليه و آله في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد ـ كالمعاد ـ أو في غيرها كالأحكام الفرعية ، و أما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بعده عن محيط المسلمين و جهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره ، و أما الفرق الضالة المنتحلة للإسلام فتختلف الحال فيهم .
فمنهم : الغلاة : و هم على طوائف مختلفة العقائد ، فمن كان منهم يذهب في غلوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون غيره .
ومنهم : النواصب : و هم المعلنون بعداوة أهل البيت عليهم السلام و لا إشكال في نجاستهم .
ومنهم : الخوارج و هم على قسمين : ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيت عليهم السلام فيندرج في النواصب ، و فيهم من لا يكون كذلك و إن عد منهم ـ لاتباعه فقههم ـ فلا يحكم بنجاسته .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 140 ـ
هذا كله في غير الكافر الكتابي و المرتد .
وأما الكتابي فالمشهور نجاسته و لكن لا يبعد الحكم بطهارته و إن كان الاحتياط حسنا ، و أما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها .
مسألة (409) : عرق الجنب من الحرام طاهر و تجوز الصلاة فيه على الأظهر و إن كان الأحوط الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه كالزنا ، واللواط ، و الاستمناء ، و وطء الحائض ـ مع العلم بحالها ـ دون ما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم ، أو مخالفة النذر ، و نحو ذلك .
العاشر : عرق الإبل الجلالة و غيرها من الحيوان الجلال .
الفصل الثاني :
في كيفية سراية النجاسة إلى الملاقي
مسألة (410) : الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه ، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية و يقصد بها ما يقابل مجرد النداوة التي تعد من
الأعراض عرفا و إن فرض سرايتها لطول المدة ، فالمناط في الانفعال رطوبة أحد المتلاقيين ، و إن كان لا يعتبر فيه نفوذ النجاسة و لا بقاء أثرها ، و أما إذا كانا يابسين ، أو
نديين جافين فلا يتنجس الطاهر بالملاقاة . و كذا لو كان أحدهما مائعاً بلا رطوبة كالذهب و الفضة ، و نحوهما من الفلزات ، فإنها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تنجس .
مسألة (411) : الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس و إن سرت رطوبة الأرض إليه و صار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً ، فإن مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة ، و كذلك جدران
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 141 ـ
المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف و نحوه فإن الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية ، و لا موجبة لتنجسها و إن كانت مؤثرة في الجدار على نحو قد تؤدي إلى الخراب .
مسألة (412) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات ، أن لا يكون المائع متدافعاً إلى النجاسة ، و إلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة و لا تسري إلى ما اتصل به من الأجزاء ، فإن صب الماء من الإبريق على شيء نجس لا تسري النجاسة إلى العمود فضلاً عما في الإبريق ، و كذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في الفوارة .
مسألة (413) : الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال ، أما غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه ، و إن كانت
الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم ، فالخيار أو البطيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير ، و كذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ـ و لو كان
كثيراً ـ فإنه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غيره ، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنه ينجسه أيضاً .
مسألة (414) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا ، و إلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير ، فالدبس الغليظ إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه بل يتنجس موضع الاتصال لا غير ، و كذا الحكم في اللبن الغليظ .
نعم إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى تمام أجزائه ، كالسمن ، و العسل ، و الدبس ،
في أيام الصيف ، بخلاف أيام البرد ، فإن الغلظ مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء .
و الحد في الغلظ و الرقة ، هو أن المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء بقى مكانه خالياً حين الأخذ ـ و إن امتلأ بعد ذلك ـ فهو غليظ و إن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 142 ـ
فهو رقيق .
مسألة (415) : المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ، ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية ، و كذلك المتنجس بملاقاة المتنجس ينجس ملاقيه فيما إذا لم تتعدد الوسائط بينه و بين عين النجس و إلا ففي تنجيسه نظر بل منع و إن كان هو الأحوط ، مثلا إذا لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجس فإذا لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة حكم بنجاستها أيضاً و كذا إذا لاقى اليد اليسرى مع الرطوبة شيء آخر كالثوب فإنه يحكم بنجاسته و لكن إذا لاقى الثوب شيء آخر مع الرطوبة سواء أ كان مائعا أم غيره فالحكم بنجاسته محل إشكال بل منع .
مسألة (416) : تثبت النجاسة بالعلم و بشهادة العدلين ـ بشرط أن يكون مورد الشهادة نفس السبب ـ و بإخبار ذي اليد إذا لم يكن متهما ، و في ثبوتها بإخبار العدل الواحد فضلاً عن مطلق الثقة إشكال ما لم يوجب الاطمئنان .
مسألة (417) : ما يؤخذ من أيدي الكافرين المحكومين بالنجاسة من الخبز ، و الزيت و العسل ، و نحوها ، من المائعات ، و الجامدات طاهر ، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية ، و كذلك ثيابهم ، و أوانيهم ، و الظن بالنجاسة لا عبرة به .
الفصل الثالث :
في أحكام النجاسة
مسألة (418) : يشترط في صحة الصلاة ـ الواجبة و المندوبة و كذلك في أجزائها المنسية ـ طهارة بدن المصلي ، و توابعه ، من شعره ، و ظفره و نحوهما و طهارة ثيابه ، من غير فرق بين الساتر و غيره .
و الطواف الواجب و المندوب ، كالصلاة في ذلك .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 143 ـ
مسألة (419) : الغطاء الذي يتغطى به المصلي إيماءاً إن كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه لباس وجب أن يكون طاهراً ، و إلا فلا .
مسألة (420) : يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود ـ و هو ما يحصل به مسمى وضع الجبهة ـ دون غيره من مواضع السجود ، و إن كان اعتبار الطهارة فيها أحوط ـ استحبابا ـ .
مسألة (421) : يجتزئ بصلاة واحدة في بعض أطراف العلم الإجمالي بنجاسة اللباس إذا كانت الشبهة غير محصورة ، و لا يجتزئ بها في الشبهة المحصورة بل يجب
تكرار الصلاة في أطرافها زائداً على المقدار المعلوم بالإجمال ليحرز وقوعها في اللباس الطاهر ، و هكذا الحال في المسجد ، و قد مر في الفصل الرابع من أقسام المياه ضابط الشبهة المحصورة و غير المحصورة .
مسألة (422) : لا فرق ـ على الأحوط ـ في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين كون المصلي عالما بشرطية الطهارة للصلاة و بان الشيء الكذائي ـ كالخمر مثلاً ـ نجس ، و بين كونه جاهلاً بذلك عن تقصير و لو لبطلان اجتهاده أو تقليده ، و أما إذا كان جاهلاً به عن قصور فالأظهر صحة صلاته .
مسألة (423) : لو كان جاهلاً بالنجاسة و لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه في الوقت ، و لا القضاء في خارجه ، هذا إذا لم يكن شاكا في النجاسة قبل الدخول في الصلاة أو شك و فحص و لم يحصل له العلم بها ، و أما الشاك غير المتفحص فتلزمه ـ على الأحوط ـ الإعادة و القضاء إذا وجد ما بعد الصلاة .
مسألة (424) : لو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة و علم بسبق حدوثها على الدخول فيها فإن كان الوقت واسعاً فالأحوط وجوباً استئنافها ، و إن كان
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 144 ـ
الوقت ضيقاً حتى عن إدراك ركعة ، فإن أمكن النزع أو التبديل أو التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك و أتم الصلاة و إلا صلى فيه ، و الأحوط استحباباً القضاء أيضاً .
مسألة (425) : لو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة و احتمل حدوثها بعد الدخول فيها فإن أمكن التجنب عنها بالتطهير ، أو التبديل أو النزع ، على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و أتم صلاته و لا إعادة عليه ، و إذا لم يمكن ذلك فإن كان الوقت واسعاً فالأحوط وجوباً استئناف الصلاة بالطهارة ، و إن كان ضيقا فمع عدم إمكان النزع ـ لبرد و نحوه و لو لعدم الأمن من الناظر ـ يتم صلاته و لا شيء عليه ، و لو أمكنه النزع و لا ساتر له غيره فالأظهر وجوب الإتمام فيه .
مسألة (426) : إذا نسي أن ثوبه نجس و صلى فيه ، فالأحوط إعادتها إن ذكر في الوقت ، و قضاؤها إن ذكر بعد خروج الوقت ، و لا فرق بين الذكر بعد الصلاة و في أثنائها مع إمكان التبديل ، أو التطهير ، و عدمه ، هذا إذا كان النسيان عن إهمال و عدم تحفظ و إلا فالأظهر أن حكمه حكم الجاهل بالموضوع و قد تقدم .
مسألة (427) : إذا طهر ثوبه النجس و صلى فيه ثم تبين أن النجاسة باقية فيه ، لم تجب الإعادة و لا القضاء لأنه كان جاهلاً بالنجاسة .
مسألة (428) : إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلى فيه بلا إشكال ، و لا يجب عليه القضاء ، و إن أمكن نزعه فالظاهر وجوب الصلاة فيه ، و الأحوط استحباباً الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عارياً .
مسألة (429) : إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كل منهما ، و لو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخير بين الصلاة فيه ، و الصلاة في كل منهما .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 145 ـ
مسألة (430) : إذا تنجس موضعان من بدنه ، أو من ثوبه ، و لم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معا ، لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيراً إلا مع الدوران بين الأقل و الأكثر ، أو الأخف و الأشد أو متحد العنوان و متعدده ككون أحدهما من السباع مثلاً فيختار ـ على الأحوط ـ تطهير الثاني في الجميع ، و إن كان كل من بدنه و ثوبه نجساً فالأحوط وجوبا تطهير البدن إلا إذا كانت نجاسة الثوب أكثر أو أشد أو متعدد العنوان فيتخير حينئذ في تطهير أيهما شاء .
مسألة (431) : يحرم أكل النجس و شربه ، و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة .
مسألة (432) : لا يجوز بيع الخمر ، و الخنزير ، و الكلب غير الصيود ، و كذا الميتة النجسة على الأحوط ، و لا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة و المتنجسة إذا كانت
لها منفعة محللة معتد بها عند العقلاء على نحو يبذل بإزائها المال ، و إلا فلا يجوز بيعها و إن كان لها منفعة محللة جزئية على الأحوط وجوباً .
مسألة (433) : يحرم تنجيس المساجد و بنائها ، و فراشها و سائر آلاتها التي تعد جزءً من البناء كالأبواب و الشبابيك ، و إذا تنجس شيء منها وجب تطهيره ، بل يحرم
إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد ، مثل وضع العذرة و الميتة ، و لا بأس به مع عدم الهتك ، و لا سيما فيما لا يعتد به لكونه من توابع الداخل ، مثل أن يدخل الإنسان و على ثوبه أو بدنه دم لجرح ، أو قرحة ، أو نحو ذلك .
مسألة (434) : تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد ، بل و آلاته و فراشه ، حتى لو دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدما لها على الصلاة مع سعة الوقت ، لكن لو صلى و ترك الإزالة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 146 ـ
عصى و صحت الصلاة ، أما في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدماً لها على الإزالة .
مسألة (435) : إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان يسيراً لا يعتد به ، و أما إذا كان التخريب مضراً بالوقف ففي جوازه فضلاً عن الوجوب إشكال ، حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره ، نعم إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك وجب التخريب بمقدار يرتفع به .
مسألة (436) : إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال يسير لا يعد صرفه ضرراً وجب ، إلا إذا كان بذله حرجيا في حقه و لا يضمنه من صار سبباً للتنجيس كما لا يختص وجوب إزالة النجاسة به ، نعم من صار سبباً لتنجس ما هو وقف على المسجد يكون ضامنا لنقصان قيمته إذا عد ذلك عيبا عرفا .
مسألة (437) : إذا توقف تطهير المسجد على تنجس بعض المواضع الطاهرة وجب ، إذا كان يطهر بعد ذلك .
مسألة (438) : إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد و كان بقاؤه على النجاسة مستلزماً للهتك وجب عليه إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه .
مسألة (439) : إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده و أما مع استلزام الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع موضع النجس منه إشكال ، نعم إذا كان
بقاؤه على النجاسة موجبا للهتك وجب رفعه بما هو الأقل ضرراً من الأمرين .
مسألة (440) : لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً و إن كان لا يصلي فيه أحد ما دام يصدق عليه عنوان ( المسجد ) عرفاً ، و يجب تطهيره إذا تنجس .
مسألة (441) : إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين ، أو أحد
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 147 ـ
المكانين من مسجد وجب تطهيرهما .
مسألة (442) : يلحق بالمساجد المصحف الشريف ، و المشاهد المشرفة ، و الضرائح المقدسة ، و التربة الحسينية ، بل تربة الرسول صلى الله عليه و آله و سائر الأئمة عليهم السلام المأخوذة للتبرك ، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها و تجب إزالة ما يوجبها .
مسألة (443) : إذا تغير عنوان المسجد بأن غصب و جعل طريقاً ، أو دكانا ، أو خاناً ، أو نحو ذلك ، فالأظهر عدم حرمة تنجيسه و عدم وجوب تطهيره و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه .
وأما معابد الكفار فالأظهر عدم كونها محكومة بأحكام المساجد ، نعم إذا اتخذت مسجداً بأن يتملكها ولي الأمر ثم يجعلها مسجداً ، جرى عليها جميع أحكام
المسجد .
تتميم
فيما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات
وهو أمور :
الأول : دم الجروح و القروح ، في البدن و اللباس حتى تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برء ، و منه دم البواسير إذا كانت ظاهرة ، بل الباطنة كذلك على الأظهر ، و كذا كل جرح ، أو قرح باطني خرج دمه إلى الظاهر .
و الأقوى عدم اعتبار المشقة النوعية بلزوم الإزالة أو التبديل و إن كان الأحوط اعتبارها ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به و له ثبات و استقرار و أما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها .
مسألة (444) : كما يعفى عن الدم المذكور يعفى أيضاً عن القيح المتنجس به ، و الدواء الموضوع عليه ، و العرق المتصل به ، و الأحوط ـ استحباباً ـ شده إذا كان في
موضع يتعارف شده .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 148 ـ
مسألة (445) : إذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة بحيث تعد جرحا واحداً عرفاً، جرى عليه حكم الواحد ، فلو برأ بعضها لم يجب غسله بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع .
مسألة (446) : إذا شك في دم أنه دم جرح أو قرح أو لا ، لا يعفى عنه .
الثاني : الدم في البدن و اللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم ، و يستثنى من ذلك دم الحيض على الأظهر ، و يلحق به على الأحوط دم نجس العين و الميتة و السباع بل مطلق غير مأكول اللحم على وجه ، و دم النفاس و الاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً، و لا يلحق المتنجس بالدم به في الحكم المذكور .
مسألة (447) : إذا تفشى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد ، نعم إذا كان قد تفشى من مثل الظهارة إلى البطانة ، فهو دم متعدد إلا في صورة التصاقها بحيث يعد في العرف دماً واحداً ، و يلاحظ التقدير المذكور في صورة التعدد بلحاظ المجموع ، فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفى عنه و إلا فلا .
مسألة (448) : إذا اختلط الدم بغيره من قيح ، أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه .
مسألة (449) : إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الأكثر ، بنى على العفو إلا إذا كان مسبوقا بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، و إذا كانت سعة الدم أقل من الدرهم و شك في أنه من الدم المعفو عنه أو من غيره ، بنى على العفو و لم يجب الاختبار ، و إذا انكشف بعد الصلاة أنه من غير المعفو لم تجب الإعادة .
مسألة (450) : الأحوط لزوماً الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي عقد الإبهام .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 149 ـ
الثالث : الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده ـ يعني لا يستر العورتين ـ كالخف ، و الجورب و التكة ، و القلنسوة ، و الخاتم ، و الخلخال ، و السوار ، و نحوها ، فإنه معفو عنه في الصلاة إذا كان متنجساً و لو بنجاسة السباع فضلاً عن غيرها مما لا يؤكل لحمه ، و لكن الأحوط وجوبا أن لا يكون فيه شيء من أجزائهما ، و أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة أو من نجس العين كالكلب .
الرابع : المحمول المتنجس ، فإنه معفو عنه حتى فيما كان مما تتم فيه الصلاة ، فضلاً عما إذا كان مما لا تتم به الصلاة ، كالساعة و الدراهم ، و السكين ، و المنديل الصغير و نحوها .
مسألة (451) : الأحوط عدم العفو عن المحمول المتخذ مما تحله الحياة من أجزاء الميتة و كذا ما كان من أجزاء السباع بل مطلق ما لا يؤكل لحمه ، و إن كان الأظهر العفو فيهما جميعا ، نعم يشترط في العفو عن الثاني أن لا يكون شيء منه على بدنه أو لباسه الذي تتم فيه الصلاة ـ على تفصيل يأتي في لباس المصلي ـ فلا مانع من جعله في قارورة و حملها معه في جيبه .
الخامس : كل نجاسة في البدن أو الثوب في حال الاضطرار ، بان لا يتمكن من تطهير بدنه أو تحصيل ثوب طاهر للصلاة فيه ، و لو لكون ذلك حرجيا عليه ، فيجوز له حينئذ أن يصلي مع النجاسة و إن كان ذلك في سعة الوقت إلا أن الجواز في هذه الصورة يختص بما إذا لم يحرز التمكن من إزالة النجاسة قبل انقضاء الوقت أو كون المبرر
للصلاة معها هو التقية و إلا فيجب الانتظار إلى حين التمكن من إزالتها .
والمشهور العفو عن نجاسة ثوب المربية للطفل الذكر إذا كان قد تنجس ببوله و لم يكن عندها غيره بشرط غسله في اليوم و الليلة مرة ، و لكن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 150 ـ
الأظهر إناطة العفو فيه أيضا بالحرج الشخصي فلا عفو من دونه .
الفصل الرابع :
في المطهرات
وهي أمور :
الأول : الماء ، و هو مطهر لبعض الأعيان النجسة كالميت المسلم ، فإنه يطهر بالتغسيل على ما مر في أحكام الأموات ، كما يطهر الماء المتنجس على تفصيل تقدم في أحكام المياه ، نعم لا يطهر الماء المضاف في حال كونه مضافاً و كذا غيره من المائعات .
وأما الجوامد المتنجسة فيطهرها الماء بالغسل بأن يستولي عليها على نحو تنحل فيه القذارة عرفاً ـ حقيقة أو اعتباراً ـ و تختلف كيفية تطهيرها باختلاف أقسام المياه و أنواع المتنجسات و ما تنجست به على ما سيأتي تفصيل ذلك في المسائل الآتية .
مسألة (452) : يعتبر في التطهير بالماء القليل ـ مضافاً إلى استيلاء الماء على الموضع المتنجس على النحو المتقدم ـ مروره عليه و تجاوزه عنه على النهج المتعارف بأن لا يبقى منه فيه إلا ما يعد من توابع المغسول ، و هذا ما يعبر عنه بلزوم انفصال الغسالة .
توضيح ذلك أن المتنجس على قسمين :
الأول : ما تنجس ظاهره فقط من دون وصول النجاسة إلى باطنه و عمقه سواء أ كان مما ينفذ فيه الماء و لو على نحو الرطوبة المسرية أم لا كبدن الإنسان و كثير من
الأشياء كالمصنوعات الحديدية و النحاسية و البلاستيكية و الخزفية المطلية بطلاء زجاجي .
وفي هذا القسم يكفي في تحقق الغسل استيلاء الماء على الظاهر