وسبيل الله ، نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة ، مثل المساجد ، و منازل الزوار و المدارس ، و الكتب و نحوها .
مسألة (1151) : يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً ، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار ، وفي تحديد الاضطرار إشكال ، و قد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية وهو أيضاً مشكل ، و الأحوط لزوماً تحديده بعدم كفاية الخمس ، و سائر الوجوه والاقتصار في الأخذ على قدر الضرورة يوماً فيوماً ، مع الإمكان .
مسألة (1152) : الهاشمي هو المنتسب ـ شرعاً ـ إلى هاشم بالأب دون الأم ، و أما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي ، و كذا الخمس و إن كان الأقرب المنع في الأول و الجواز في الثاني .
مسألة (1153) : المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة .
أما الصدقات المندوبة فليست محرمة ، بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ، و رد المظالم ، و مجهول المالك ، و اللقطة و منذور الصدقة ، و الموصى به للفقراء .
مسألة (1154) : يثبت كونه هاشمياً بالعلم ، و البينة ، و باشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي أو ما بحكمه و لا يكفي مجرد الدعوى و في براءة ذمة المالك ـ إذا دفع الزكاة إليه حينئذ ـ إشكال و الأظهر عدم البراءة .
فصل :
في بقية أحكام الزكاة
مسألة (1155) : لا يجب على المالك البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى و لا على أفراد صنف واحد ، و لا مراعاة أقل الجمع فيجوز له
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 377 ـ
إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد .
مسألة (1156) : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤونة النقل عليه ، و إن تلفت بالنقل يضمن ، و لا ضمان مع التلف بغير تفريط ، إذا لم يكن في البلد مستحق ، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه ، فقبضها ثم نقلها بأمره ، و أجرة النقل حينئذ على الزكاة .
مسألة (1157) : إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده ، و لو مع وجود المستحق فيه ، و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة ، إذا كان فقيراً ، و لا إشكال في شيء من ذلك .
مسألة (1158) : إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية برئت ذمة المالك ، و إن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه ، أو دفعها إلى غير المستحق .
مسألة (1159) : لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب ، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب ، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره ، و يبقى ما في ذمة الفقير قرضاً ، و إذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك ، و كذلك النقص عليه إذا نقص .
مسألة (1160) : إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن ، و للحاكم الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف ، و إن رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 378 ـ
مسألة (1161) : يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحق أو الحاكم الشرعي أو العامل المنصوب من قبله ، و إن أدى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعينه و إجزاؤه و إن أثم .
مسألة (1162) : يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى المستحق ، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل و الأحوط استحباباً استمرارها إلى حين الدفع إلى المستحق .
مسألة (1163) : يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً ، و تبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل و إن تلفت في يده .
مسألة (1164) : الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة ، و إن كان هو الأحوط استحباباً ، نعم تقدم أنه لا ولاية للمالك في صرفها في جملة من مصارفها كالمصرف الثالث و الرابع و السابع ، فلو كان هناك ما يوجب صرف الزكاة في شيء منها وجب أما دفعها إلى الحاكم الشرعي أو الاستئذان منه في ذلك .
مسألة (1165) : تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة ، وكذا الخمس ، وسائر الحقوق الواجبة ، وإذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته .
مسألة (1166) : الأحوط استحباباً عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة و هو 625 / 2 من المثقال و عما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب ، و هو 375 0/0 من المثقال و إن كان الأقوى الجواز .
مسألة (1167) : يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك ، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير ، بل هو الأحوط ـ استحباباً ـ في الفقيه الذي
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 379 ـ
يأخذه بالولاية .
مسألة (1168) : يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم ، و من لا يسأل على من يسأل ، و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل ، و هذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم و أرجح .
مسألة (1169) : يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة ، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به و لا كراهة ، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري ، من ميراث وغيره .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 380 ـ المقصد الرابع :
زكاة الفطرة
ويشترط في وجوبها البلوغ و العقل و عدم الإغماء و الغنى ، و الحرية في غير المكاتب ، و أما فيه فالأحوط لزوماً عدم الاشتراط فلا تجب على الصبي و المملوك و المجنون و المغمى عليه ، و الفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلاً أو قوة ، كما تقدم في زكاة الأموال ، والمشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب ، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة ، أو مقارناً للغروب لم تجب و كذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب لكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب بل بعده أيضا ما دام وقتها باقياً .
مسألة (1170) : يستحب للفقير إخراجها أيضاً ، و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله ، ثم هو على آخر يديرونها بينهم ، و الأحوط استحباباً عند إنتهاء الدور التصدق على الأجنبي ، كما أن الأحوط استحباباً إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه .
مسألة (1171) : إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه و لا تسقط عن المخالف إذا اختار مذهبنا ، و تجب فيها النية على النهج المعتبر في زكاة المال .
مسألة (1172) : يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به ، واجب النفقة كان أم غيره ، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً ، صغيراً أم كبيراً ، بل الظاهر الاكتفاء بكونه ممن يعوله و لو في وقت يسير ، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 381 ـ
عنده ، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً ، و أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال ، و لم تجب فطرته على من دعاه .
مسألة (1173) : إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكف ذلك في صدق كونه عياله ، فيعتبر في العيال نوع من التابعية بمعنى كونه تحت كفالته في معيشته و لو في مدة قصيرة .
مسألة (1174) : من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه ، و إن كان الأحوط ـ وجوباً ـ عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه عصياناً أو نسياناً ، و إذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب .
مسألة (1175) : إذا ولد له ولد بعد الغروب ، لم تجب عليه فطرته ، و أما إذا ولد له قبل الغروب ، أو ملك مملوكاً أو تزوج امرأة ، فإن كانوا عيالاً وجبت عليه فطرتهم ، و إلا فعلى من عال بهم ، و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط و لم تجب على المولود و المملوك .
مسألة (1176) : إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع ، و مع فقر أحدهما تسقط عنه ، والأحوط عدم سقوط حصة الآخر ، و مع فقرهما تسقط عنهما ، فتجب على العيال إن جمع الشرائط .
مسألة (1177) : الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد يتعارف عندهم التغذي به و إن لم يقتصروا عليه سواء أ كان من الأجناس الأربعة ( الحنطة والشعير و التمر و الزبيب ) أم من غيرها كالأرز و الذرة ، و أما ما لا يكون كذلك فالأحوط عدم إخراج الفطرة منه و إن كان من الأجناس الأربعة كما إن الأحوط أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان ، و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب ، و بلد الإخراج لا بلد المكلف .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 382 ـ
مسألة (1178) : المقدار الواجب صاع و هو أربعة أمداد و قد تقدم أن تحديد المد بالوزن لا يخلو عن إشكال و لكن يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو فيكون مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات .
ولا يجزي ما دون الصاع من الجيد و إن كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد ، كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين ، و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله ، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر . فصل
تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور و يجوز تأخيرها إلى زوال الشمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد و الأحوط لزوماً عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها ، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي ، كما مر في زكاة الأموال ، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط ـ وجوباً ـ الإتيان بها بقصد القربة المطلقة .
مسألة (1179) : الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان ، و إن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض .
مسألة (1180) : يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس أو من النقود بقيمتها و في جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركاً بينه و بين الزكاة إشكال ، و كذا جواز عزلها في مال مشترك بينه و بين غيره و إن كان ماله بقدرها .
مسألة (1181) : إذا عزلها تعينت ، فلا يجوز تبديلها ، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 383 ـ
مسألة (1182) : يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام عليه السلام أو نائبه و إن كان في البلد من يستحقها ، و الأحوط لزوماً عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، نعم إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر . فصل
الأحوط لزوما اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء و المساكين مع استجماع الشرائط المتقدمة في زكاة المال .
مسألة (1183) : تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي ، و تحل فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره ، و العبرة على المعيل دون العيال ، فلو كان العيال هاشمياً دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي ، و إذا كان المعيل هاشمياً و العيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي .
مسألة (1184) : إذا لم يكن في البلد من يستحق الفطرة من المؤمنين يجوز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ، و لا يجوز إعطاؤها للناصب .
مسألة (1185) : يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه ، و الأحوط استحباباً و الأفضل دفعها إلى الفقيه .
مسألة (1186) : الأحوط ـ استحباباً ـ أن لا يدفع للفقير أقل من صاع إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ، و يجوز أن يعطى الواحد أصواعاً .
مسألة (1187) : يستحب تقديم الأرحام والجيران على سائر الفقراء ، و ينبغي الترجيح بالعلم ، والدين ، و الفضل .
والله سبحانه أعلم ، والحمد لله رب العالمين
الأول : الغنائم
المنقولة وغير المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم إذا كان القتال بإذن الإمام عليه السلام ، و أما إذا لم يكن بإذنه فالغنيمة كلها للإمام ، سواء كان القتال بنحو الغزو ـ للدعاء إلى الإسلام أو لغيره ـ أم كان دفاعاً لهم عند هجومهم على المسلمين ، و يستثنى من الغنيمة فيما إذا كان القتال بإذن الإمام عليه السلام ما يصطفيه منها لنفسه و كذا قطائع الملوك لخواصهم و ما يكون للملوك أنفسهم فإن جميع ذلك مختص به عليه السلام كما أن الأراضي التي ليست من الأنفال فئ للمسلمين مطلقاً .
مسألة (1188) : ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة ، أو سرقة أو نحو ذلك ـ مما لا يرتبط بالحرب و شؤونها ـ ليس فيه خمس الغنيمة بل خمس الفائدة ـ كما سيأتي ـ هذا إذا كان الأخذ جائزاً و إلا ـ كما إذا كان غدراً و نقضاً للأمان ـ فيلزم رده إليهم على الأحوط .
مسألة (1189) : لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصح ، نعم يعتبر أن لا تكون لمسلم ، أو غيره ممن هو محترم المال ، و إلا وجب ردها على مالكها ، أما إذا كان في أيديهم مال للحربي
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 388 ـ
بطريق الغصب ، أو الأمانة ، أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم .
مسألة (1190) : في جواز تملك المؤمن مال الناصب و أداء خمسه إشكال .
الثاني : المعدن
كالذهب ، والفضة ، والرصاص ، والنحاس ، والعقيق ، والفيروزج ، و الياقوت ، والكحل ، و الملح ، و القير ، والنفط ، و الكبريت ، ونحوها .
والأحوط وجوباً إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها بما تقدم ، و الأظهر أن المعدن من الأنفال و إن لم تكن أرضه منها . و لكن يثبت الخمس في المستخرج منه و يكون الباقي للمخرج على تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى .
مسألة (1191) : يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب و هو قيمة ( خمسة عشر مثقالاً صيرفياً من الذهب المسكوك ) سواء أ كان المعدن ذهباً أم فضة أو غيرهما ، و الأقوى اعتبار بلوغ المقدار المذكور في حال الإخراج بعد استثناء مؤونته دون مؤونة التصفية ، نعم إنما يجب إخراج الخمس من الباقي بعد استثناء مؤونة التصفية ، و سائر المؤن الأخرى .
مسألة (1192) : إذا أخرجه دفعات كفى بلوغ المجموع النصاب و إن أعرض في الأثناء ثم رجع ، نعم إذا أهمله فترة طويلة و لو لمانع خارجي ـ بحيث لم يعد عرفاً عاملاً في المعدن ـ لا يضم اللاحق إلى السابق .
مسألة (1193) : إذا اشترك جماعة في الإخراج و لم يبلغ حصة كل واحد منهم النصاب لم يجب الخمس فيه و إن بلغ المجموع نصاباً .
مسألة (1194) : قد مر أن المعدن مطلقاً من الأنفال إلا أنه إذا لم يكن ظاهراً فهو على ثلاثة أقسام :
1 ـ ما إذا كان في الأرض المملوكة أو ما يلحقها حكما ، و المشهور
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 389 ـ
أنه حينئذ ملك لمالك الأرض ، فإن أخرجه غيره بدون إذنه فهو لمالكها و عليه الخمس ، و لكن هذا غير خال عن الإشكال فالأحوط لهما التراضي بصلح أو نحوه فإن لم يتراضيا فليراجعا الحاكم الشرعي في حسم النزاع بينهما .
2 ـ ما إذا كان في الأرض المفتوحة عنوة التي هي ملك للمسلمين من دون أن يكون لشخص معين حق فيها ، و الأظهر حينئذ لزوم الاستئذان في استخراجه من ولي المسلمين فإذا استخرجه بإذنه ملكه و عليه الخمس .
3 ـ ما إذا كان في الأراضي الأنفال ، و لا حاجة حينئذ إلى الاستئذان في استخراجه بل هو جائز لجميع المؤمنين ـ لولا طرو عنوان ثانوي يقتضي المنع عنه ـ فإذا استخرجه أحد وجب فيه الخمس و يكون الباقي له .
مسألة (1195) : إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط وجوباً الاختبار مع الإمكان و مع عدمه لا يجب عليه شئ ، و كذا إذا اختبره فلم يتبين له شئ .
الثالث : الكنز :
وهو المملوك المنقول الذي طرأ عليه الاستتار و الخروج عن معرضية التصرف ، من غير فرق بين أن يكون المكان المستتر فيه أرضاً أو جداراً أو غيرهما و لكن يعتبر أن يكون وجوده فيه أمراً غير متعارف ، فمن وجد الكنز يملكه بالحيازة و عليه الخمس ، و الظاهر عدم اختصاص الحكم بالذهب و الفضة المسكوكين بل يشمل غير المسكوك منها أيضاً ، و كذلك الأحجار الكريمة بل مطلق الأموال النفيسة ، و يعتبر في جواز تملكه كونه شرعاً مالاً بلا مالك أو عدم كونه لمحترم المال سواء وجد في دار الحرب أم في دار الإسلام ، مواتاً كان حال الفتح ، أم عامرة أم في خربة باد أهلها ، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن ، و يشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب ، و هو أقل نصابي الذهب و الفضة مالية في وجوب الزكاة ، و لا فرق بين الإخراج دفعة و دفعات ـ إذا لم تفصل بينها فترة طويلة ـ و يجري هنا أيضاً استثناء
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 390 ـ
المؤونة ، وحكم بلوغ النصاب بعد استثناء مؤونة الإخراج ، و حكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب كما تقدم في المعدن ، و إن علم أنه لمسلم أو ذمي موجود هو أو وارثه فإن تمكن من إيصاله إلى مالكه وجب ذلك و إن لم يتمكن من معرفته جرى عليه حكم مجهول المالك و إن لم يعرف له وارثاً جرى عليه حكم إرث من لا وارث له على الأحوط ، نعم إذا كان المالك المسلم أو الذمي قديماً بحد يعد ذلك موجباً لعدم إحراز وجود الوارث له فلا يبعد جريان حكم الكنز عليه .
مسألة (1196) : إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له فإن ملكها بالإحياء جرت عليه الأحكام المتقدمة ، و إن ملكها بالشراء و نحوه عرفه المالك السابق ـ إذا كان ذا يد عليها و احتمل كونه له احتمالاً معتداً به ـ فإن ادعاه دفعه إليه و إلا راجع من ملكها قبله كذلك ، و هكذا ، فإن نفاه الجميع جرت عليه الأحكام المتقدمة ، و كذلك الحال فيما إذا وجده في ملك غيره إذا كان تحت يده بإجارة أو نحوها .
مسألة (1197) : إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالاً كان حكمه حكم الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة في لزوم تعريف البائع على النهج المتقدم ، فإن لم يعرف له مالكاً أخرج خمسه ـ و إن لم يبلغ نصاب الكنز على الأحوط ـ و يكون الباقي له .
وهكذا الحكم في الحيوان غير الدابة حتى السمكة إذا احتمل أن يكون ما في جوفها لمن سبقه كما إذا كانت تربى في موضع خاص وكان البائع أو غيره يتكفل بإطعامها دون ما إذا كان قد اصطادها من البحر أو شبهه .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 391 ـ
مسألة (1198) : يعتبر في وجوب الخمس فيما يخرج بالغوص بلوغ النصاب و هو قيمة دينار واحد فلا خمس فيما ينقص عن ذلك على الأظهر .
مسألة (1199) : إذا اشترك جماعة في الغوص و لم يبلغ نصيب كل منهم النصاب فالأظهر عدم وجوب الخمس فيه كما مر نظيره في المعدن ، كما يجري هنا ما مر فيه من اعتبار بلوغه النصاب بعد استثناء مؤونة الإخراج .
مسألة (1200) : إذا أخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه .
مسألة (1201) : الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص .
مسألة (1202) : ما تقدم من اعتبار بلوغ النصاب في تعلق الخمس يكفي فيه مجموع ما أخرج بلا فرق بين اتحاد النوع و عدمه .
مسألة (1203) : لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن أخرج بالغوص ، و الأحوط بل الأظهر وجوبه فيه إن أخذ من وجه الماء أو الساحل .
مسألة (1204) : ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه لا يدخل تحت عنوان الغوص كما إذا غرقت سفينة و تركها أربابها و أباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها ، فإن كل ذلك يدخل في الأرباح .
السادس : المال المخلوط بالحرام :
إذا لم يتميز و لم يتيسر له معرفة صاحبه و لا مقداره بحيث احتمل زيادته على الخمس و نقيصته عنه ، فإنه يحل بإخراج خمسه ، والأحوط وجوباً صرفه
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 392 ـ
بقصد الأعم من المظالم و الخمس فيمن يكون مصرفاً لهما معاً ، و إذا علم أن المقدار الحرام يزيد على الخمس أو أنه ينقص عنه لزمه التصدق عن المالك بالمقدار الذي يعلم أنه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه و إلا احتاط بالتصدق بالزائد و لو بتسليم المال كله إلى الفقير بإذن الحاكم الشرعي ـ على الأحوط ـ قاصداً به التصدق بالمقدار المجهول مالكه ثم يتصالح هو و الفقير في تعيين حصة كل منهما .
وإذا علم المقدار و لم يتيسر له معرفة المالك تصدق به عنه سواء أ كان الحرام بمقدار الخمس أم كان أقل منه أم كان أكثر منه ، و الأحوط وجوباً أن يكون بإذن الحاكم الشرعي ، و إن علم المالك و لم يتيسر له معرفة المقدار فإن أمكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو و إلا اكتفى برد المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه و إلا لزم رد المقدار الزائد أيضاً على الأحوط ، هذا إذا لم يتخاصما في تحديد المقدار أو في تعيينه و إلا تحاكما إلى الحاكم الشرعي فيفصل النزاع بينهما ، و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه و يكون التعيين بالتراضي بينهما .
مسألة (1205) : إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال ، فإن ادعاه أحدهم و أقره عليه الباقي أو اعترفوا بأنه ليس لهم سلمه إليه و يكون التعيين بالتراضي بينهما ، و إن ادعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو و إلا تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى ، و إن أظهر الجميع جهلهم بالحال و امتنعوا عن التراضي بينهم فالأظهر لزوم العمل بالقرعة ، و الأحوط تصدي الحاكم الشرعي أو وكيله لإجرائها ، و هكذا الحكم فيما إذا لم يتيسر له معرفة قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور إلا أن ما تقدم في كيفية الخروج عن عهدة المقدار الحرام في صورة الجهل به و العلم بالمالك ـ في أصل المسألة ـ
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 393 ـ
يجري هنا أيضاً .
مسألة (1206) : إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس ، فإن علم جنسه و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه ، و إن لم يعرفه ، فإن كان في عدد محصور ، فالأحوط ـ وجوباً ـ استرضاء الجميع ، و إن لم يمكن عمل بالقرعة ، و إن كان في عدد غير محصور تصدق به عنه ، و الأحوط ـ وجوباً ـ أن يكون بإذن الحاكم الشرعي ، و إن علم جنسه و لم يتيسر له معرفة مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل إذا لم يكن منشأ الجهل به الشك في التفريغ و عدمه ، و إلا لزمه الأكثر ، و كذا إذا كان مقصراً في طرو الجهل به على الأحوط ، و على كل حال فإن عرف المالك رده إليه و إلا فإن كان في عدد محصور ، فالأحوط ـ وجوباً ـ استرضاء الجميع ، فإن لم يمكن رجع إلى القرعة ، و إلا تصدق به عن المالك ، و الأحوط ـ وجوباً ـ أن يكون بإذن الحاكم ، و إن لم يعرف جنسه و كان قيمياً و كانت قيمته في الذمة فالحكم كما لو عرف جنسه ، و إلا ـ كأن كان ما في الذمة مردداً بين أجناس مختلفة قيمياً كان الجميع أو مثلياً أو مختلفاً ـ فكذلك إذ يرجع حينئذ إلى القيمة على الأقوى إن لم يمكن القطع بتفريغ الذمة على نحو لا يلزم ضرر أو حرج و إلا كان هو المتعين .
مسألة (1207) : إذا تبين المالك بعد دفع الخمس كان ضامناً له على الأحوط .
مسألة (1208) : إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضاً ، و إذا علم أنه أنقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام على الأحوط .
مسألة (1209) : إذا كان الحرام المختلط من الخمس ، أو الزكاة أو الوقف العام ، أو الخاص لا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس ، بل يجري عليه حكم معلوم المالك ، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة ، أو الوقف
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 394 ـ
على أحد الوجوه السابقة .
مسألة (1210) : إذا كان الحلال الذي اختلط به الحرام قد تعلق به الخمس ، فالأحوط لزوماً إخراج خمس التحليل أولاً ثم إخراج خمس الباقي فإذا كان عنده خمسة و سبعون ديناراً خمسه ثم خمس الباقي فيبقى له من مجموع المال ثمانية و أربعون ديناراً .
مسألة (1211) : إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه ، بالإتلاف سقط الخمس ، و جرى عليه حكم رد المظالم ـ المتقدم في المسألة 1206 ـ على الأقوى .
السابع : ما يفضل عن مؤونة سنته
له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات ، و التجارات ، و الإجارات و حيازة المباحات ، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية ، و الجائزة ، و المال الموصى به ، و نماء الوقف الخاص أو العام إذا صار ملكاً طلقاً للموقوف عليه ، و الظاهر عدم وجوبه في المهر ، و في عوض الخلع و في ديات الأعضاء و فيما يملك بالإرث عدا ما يملكه المؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب ، و الأحوط لزوماً إخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب و الابن .
مسألة (1212) : لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة على الأظهر ، و الأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ إخراج خمس ما زاد عن مؤونته مما ملكه بالصدقات المندوبة أو الواجبة ـ غير الزكاة ـ كالكفارات و رد المظالم و نحوهما .
مسألة (1213) : إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها ، و قد أداه فنمت ، و زادت زيادة منفصلة ، أو ما بحكمها عرفاً كالولد ، و الثمر ، و اللبن ، و الصوف ، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع و نحوها فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة ، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 395 ـ
أيضاً ، إذا عدت عرفاً مصداقاً لزيادة المال كسمن الحيوان المعد للاستفادة من لحمه كدجاج اللحم ، و أما إذا ارتفعت قيمتها السوقية ـ و لو لزيادة متصلة لا على النحو المتقدم ـ فإن كان الأصل قد أعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور ، إذا أمكن بيعه و أخذ قيمته ، و إن لم يكن قد أعده لها لم يجب الخمس في الارتفاع ، و إذا باعه بالسعر الزائد لم يجب الخمس في الزائد من الثمن ، إذا لم يكن مما انتقل إليه بعوض و إلا وجب الخمس فيه ، مثلاً إذا ورث من أبيه بستاناً قيمته مائة دينار و لم يعده للتجارة فزادت قيمته ، فوصلت إلى مائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة و إن باعه بالمائتين و كذا إذا كان قد اشتراه بمائة دينار ، و لم يعده للتجارة فزادت قيمته ، و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة ، نعم إذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة ، و تكون من أرباح سنة البيع .
فأقسام ما زادت قيمته ثلاثة :
الأول : ما يجب فيه الخمس في الزيادة ، و إن لم يبعه ، و هو ما أعده للتجارة .
الثاني : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة ، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالإرث و نحوه ، مما لم يتعلق به الخمس و لم يعده للتجارة ، و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة مما كان متعلقاً للخمس و لكن قد أداه من نفس المال و أما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال و يجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالمعاوضة .
الثالث : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة ، إلا إذا باعه ، و هو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء و نحوه ، بقصد الاقتناء لا التجارة .
مسألة (1214) : الذين يملكون الغنم يجب عليهم ـ في آخر السنة ـ
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 396 ـ
إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم من نماء الغنم من الصوف ، و السمن ، و اللبن ، و السخال المتولدة منها ، و إذا بيع شئ من ذلك في أثناء السنة و بقي شئ من ثمنه أو عوض ثمنه وجب إخراج خمسه أيضاً ، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات ، فإنه يجب تخميس ما يتولد منها ، إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو ثمنه .
مسألة (1215) : إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً و شجراً للاتجار بثمره لم يجب إخراج خمسه ، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس كالموروث ، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة ، أو مالاً فيه الخمس ـ كأرباح السنة السابقة ـ و لم يخرج خمسه ، كأن اشترى ما غرسه فيه في الذمة و وفى ثمنه مما يجب فيه الخمس ، نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه ، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة ـ قبل تمام السنة ـ وجب إخراج خمس نفس ما غرسه و أحدثه بعد استثناء مؤونة السنة ، و على أي تقدير يجب الخمس في نمائه المنفصل ، أو ما بحكمه من الثمر ، و السعف ، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع ، بل في نمائه المتصل أيضاً إذا عد مصداقاً لزيادة المال على ما عرفت ، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية ، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل : ( التال ) الذي ينبت فيقلعه و يغرسه ، و كذا إذا نبت جديداً لا بفعله ، كالفسيل و غيره ، إذا كان له مالية ، و بالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته ، بعد استثناء مؤونة سنته ، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمة البستان في هذه الصورة ، نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل ، و أجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد ، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع ، و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 397 ـ
آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت .
مسألة (1216) : إذا اشترى عيناً للتكسب بها فزادت قيمتها في أثناء السنة ، و لم يبعها غفلة ، أو طلباً للزيادة ، أو لغرض آخر ثم رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة نعم إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة ، و أمكنه بيعها و أخذ قيمتها فلم يفعل و بعدها نقصت قيمتها ضمن خمس النقص على الأحوط .
مسألة (1217) : المؤونة المستثناة من الأرباح ، و التي لا يجب فيها الخمس أمران : مؤونة تحصيل الربح ، و مؤونة سنته ، و المراد من مؤونة التحصيل كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح ، كأجرة الحمال ، و الدلال ، و الكاتب ، و الحارس ، و الدكان ، و ضرائب السلطان ، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح ، ثم يخمس الباقي ، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع ، و السيارات ، و آلات الصناعة ، و الخياطة ، و الزراعة ، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح ، مثلاً إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار ، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين ، و المائتان الباقيتان من المؤونة ، و المراد من مؤونة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله ، أم في صدقاته و زياراته ، و هداياه و جوائزه المناسبة له ، أم في ضيافة أضيافه ، أم وفاءً بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة ، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ ، أو فيما يحتاج إليه من سيارة و خادم و كتب و أثاث ، أو في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك ، فالمؤونة كل مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه على نحو الوجوب ، أم الاستحباب ، أم الإباحة ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 398 ـ
أم الكراهة ، نعم لابد في المؤونة المستثناة من الصرف فعلاً فإذا قتر على نفسه لم يحسب له ، كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المؤونة ، و أيضاً لابد أن يكون الصرف على النحو المتعارف فإن زاد عليه وجب خمس التفاوت ، و إذا كان المصرف سفهاً و تبذيراً لا يستثنى المقدار المصروف ، بل يجب فيه الخمس ، بل إذا كان المصرف راجحاً شرعاً و لكنه كان غير متعارف من مثل المالك كما إذا صرف جميع أرباح سنته في عمارة المساجد ، و الإنفاق على الفقراء و نحو ذلك ففي استثناء ذلك من وجوب الخمس إشكال .
مسألة (1218) : رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطاها في معاشه و حصلت له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها فمتى حصلت جاز له صرفها في المؤن اللاحقة إلى عام كامل ، و أما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب ، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق ، و إذا كان للشخص أنواع مختلفة من الاكتساب كالتجارة و الإجارة و الزراعة جاز له أن يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة و يخمس ما زاد على مؤونته ، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة ، فيخمس ما زاد عن مؤونته في آخر تلك السنة .
مسألة (1219) : الظاهر أن رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب إخراج خمسه إذا اتخذه من أرباحه و إن كان مساوياً لمؤونة سنته نعم إذا كان بحيث لا يفي الباقي بعد إخراج الخمس بمؤونته اللائقة بحاله فلا يبعد حينئذ عدم ثبوت الخمس فيه ، و في حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من آلات الصناعة و الزارع من آلات الزراعة و هكذا .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 399 ـ
مسألة (1220) : كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر ، و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد ، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج معدن استثنى ذلك من المخرج و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح ، و من ذلك النقص الوارد على المصانع ، و السيارات ، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح .
مسألة (1221) : لا فرق في مؤونة السنة بين ما يصرف عينه ، مثل المأكول و المشروب ، و ما ينتفع به ـ مع بقاء عينه ـ مثل الدار و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها في تعيشه فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح ، و إن بقيت للسنين الآتية ، نعم إذا كان عنده شئ منها قبل الاكتساب ، لا يجوز استثناء قيمته ، بل حاله حال من لم يكن محتاجاً إليها .
مسألة (1222) : يجوز إخراج المؤونة من الربح ، و إن كان له مال لا خمس فيه بأن لم يتعلق به أو تعلق و أخرجه فلا يجب إخراجها من ذلك المال ، و لا التوزيع عليهما .
مسألة (1223) : إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة ، و الشعير ، و السمن ، و السكر ، و غيرها وجب عليه إخراج خمسه ، أما المؤن التي يحتاج إليها ـ مع بقاء عينها ـ إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها ، إذا كان الاستغناء عنها بعد السنة ، كما في حلي النساء الذي يستغنى عنه في عصر الشيب ، أما إذا كان الاستغناء عنها في أثناء السنة ، فإن كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية ، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة ، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها أيضاً و إلا وجب أداء خمسها على الأحوط .
مسألة (1224) : إذا كانت الأعيان المصروفة في مؤونة السنة قد اشتراها
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 400 ـ
من ماله المخمس فزادت قيمتها ـ حين الاستهلاك في أثناء السنة ـ لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك على الأحوط ، بل يستثنى قيمة الشراء .
مسألة (1225) : ما يدخره من المؤن ، كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شئ إلى السنة الثانية ـ و كان أصله مخمساً ـ لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته ، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح .
مسألة (1226) : إذا اشترى بعين الربح شيئاً ، فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه ، و الأحوط ـ استحباباً ـ مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال ، و كذا إذا اشتراه عالماً بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة ، و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة ، و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة بنمائهما ، فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها ، بل قيمتها و إن كانت أقل منه ، و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة ، ثم وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ في الجميع ملاحظة الثمن .
مسألة (1227) : من جملة المؤن مصارف الحج واجباً كان أو مستحباً و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج ـ و لو عصياناً ـ وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له ، و إذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية ، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا ، أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه ، نعم إذا لم يحج ـ و لو عصيانا ـ وجب إخراج خمسه .
مسألة (1228) : إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار ، و في الثانية خشباً و حديداً ، و في الثالثة آجراً مثلاً ، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة ، لأنه مؤونة للسنين