سهواً ـ وعليه سجدتا السهو للسلام الزائد على الأحوط ـ وإذا ذكرها بعده بطلت صلاته .
مسألة (845) : إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح ، أو في التشهد سهواً مضى و الأحوط استحباباً تدارك القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة ، و كذا إذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه فإن الأحوط الأولى إعادة الذكر .
مسألة (846) : إذا نسي الجهر و الإخفات و ذكر لم يلتفت و مضى سواء أ كان الذكر في أثناء القراءة ، أم التسبيح ، أم بعدهما ، و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك .
فصل :
في الشك
مسألة (847) : من شك و لم يدر أنه صلى أم لا ، فإن كان في الوقت صلى ، و إن كان بعد خروج الوقت لم يلتفت ، و الظن بفعل الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور ، و إذا شك في بقاء الوقت بنى على بقائه ، و حكم الوسواسي في الإتيان بالصلاة و عدمه أن لا يعتني بشكه فيبني على الإتيان بها و إن كان في الوقت و الأظهر إلحاق كثير الشك به في ذلك ، و إذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بنى على وقوع الظهر و أتى بالعصر ، و إذا شك و قد بقي من الوقت مقدار أداء ركعة أتى بالصلاة ، و إذا كان أقل لم يلتفت ، و إذا شك في فعل الظهر و هو في العصر فإن كان في الوقت المختص بالعصر بنى على الإتيان بها ، و إن كان في الوقت المشترك أتمها عصراً ثم أتى بالظهر بعدها .
مسألة (848) : إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 277 ـ
يلتفت ، و إذا شك في التسليم فإن كان شكه في صحته لم يلتفت و كذا إن كان شكه في وجوده و قد أتى بالمنافي حتى مع السهو أو فاتت الموالاة ، و أما إذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشك .
مسألة (849) : كثير الشك لا يعتني بشكه ، سواء أ كان الشك في عدد الركعات ، أم في الأفعال ، أم في الشرائط ، فيبني على وقوع المشكوك فيه إلا إذا كان وجوده مفسداً أو موجباً لكلفة زائدة كسجود السهو فيبني على عدمه ، كما لو شك بين الأربع و الخمس بعد الدخول في الركوع ، أو شك في أنه أتى بركوع أو ركوعين مثلاً ـ فيما يشتمل على ركوع واحد في كل ركعة لا مثل صلاة الآيات ـ فإن البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه .
مسألة (850) : كثرة الشك إن اختصت بموضع بأن كانت من خواصه و سماته فلابد من أن يعمل فيما عداه بوظيفة الشاك كغيره من المكلفين ، مثلاً .
إذا كانت كثرة شكه في خصوص الركعات لم يعتن بشكه فيها ، فإذا شك في الإتيان بالركوع أو السجود أو غير ذلك مما لم يكثر شكه فيه لزمه الإتيان به إذا كان الشك قبل الدخول في الغير ، و أما إذا لم يكن كذلك كما إذا تحقق مسمى الكثرة في فعل معين كالركوع ثم شك في فعل آخر أيضاً كالسجود فالظاهر عدم الاعتناء به أيضاً .
مسألة (851) : المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف و الظاهر صدقها بعروض الشك أزيد مما يتعارف عروضه للمشاركين مع صاحبه في اغتشاش الحواس و عدمه زيادة معتداً بها عرفاًً ، فإذا كان الشخص في الحالات العادية لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلا و يشك في واحدة منها فهو من أفراد كثير الشك .
مسألة (852) : إذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جرى عليه حكم وجوده ، فإن كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد ، و إن كان موجباً للتدارك تدارك ،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 278 ـ
وإن كان مما يجب قضاؤه قضاه ، و هكذا .
مسألة (853) : لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصى أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك .
مسألة (854) : لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فإذا شك في أنه ركع أو لا ، لا يجوز أن يركع و إلا بطلت صلاته على الأحوط نعم في الشك في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكه و أتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به .
مسألة (855) : لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بنى على العدم ، كما أنه إذا صار كثير الشك ثم شك في زوال هذه الحالة بنى على بقائها إذا لم يكن شكه من جهة الشبهة المفهومية .
مسألة (856) : إذا شك إمام الجماعة في عدد الركعات رجع إلى المأموم الحافظ ، عادلاً كان أو فاسقاً ، ذكراً أو أنثى ، و كذلك إذا شك المأموم فإنه يرجع إلى الإمام الحافظ ، و الظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك إليه ، و إن اختلف المأمومون لم يرجع إلى بعضهم ، وإذا كان بعضهم شاكاً و بعضهم حافظاً رجع الإمام إلى الحافظ و عمل الشاك منهم بشكه إلا مع حصول الظن للإمام فيرجع إليه .
والظاهر أن جواز رجوع المأموم إلى الإمام و بالعكس لا يختص بالشك في الركعات ، بل يعم الشك في الأفعال أيضا ، فإذا علم المأموم أنه لم يتخلف عن الإمام و شك في أنه سجد سجدتين أم واحدة و الإمام جازم بالإتيان بهما رجع المأموم إليه و لم يعتن بشكه .
مسألة (857) : يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقل و البناء على الأكثر ، إلا أن يكون الأكثر مفسداً فيبني على الأقل ، و في جريان الحكم في الوتر إشكال فالأحوط إعادتها إذا شك فيها .
مسألة (858) : من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 279 ـ
نافلة ، أدائية كانت الفريضة أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات ، و قد دخل في غيره مما لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الإخلال بالمشكوك فيه عمداً مضى و لم يلتفت ، فمن شك في تكبيرة الإحرام و هو في الاستعاذة أو القراءة ، أو في الفاتحة و هو في السورة ، أو في الآية السابقة و هو في اللاحقة ، أو في أول الآية و هو في آخرها ، أو في القراءة و قد هوى إلى الركوع أو دخل في القنوت ، أو في الركوع و قد هوى إلى السجود ، أو شك في السجود و هو في التشهد أو في حال النهوض إلى القيام لم يلتفت ، و كذا إذا شك في الشهادتين و هو في حال الصلاة على محمد و آل محمد أو شك في مجموع التشهد أو في التصلية و هو في السلام الواجب أو في حال النهوض إلى القيام ، أو شك في السلام الواجب و هو في التعقيب أو أتى بشيء من المنافيات فإنه لا يلتفت إلى الشك في جميع هذه الفروض ، و إذا كان الشك قبل أن يدخل في الغير وجب الاعتناء بالشك فيأتي بالمشكوك فيه ، كمن شك في التكبير قبل أن يستعيذ أو يقرأ أو في القراءة قبل أن يهوي إلى الركوع أو في الركوع قبل أن يهوي إلى السجود ، أو في السجود أو في التشهد و هو جالس قبل النهوض إلى القيام ، و كذلك إذا شك في التسليم قبل أن يدخل في التعقيب أو يأتي بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً .
مسألة (859) : قد علم مما سبق أنه لا يعتبر في الغير الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة ، فيكفي أن يكون من الأجزاء المستحبة ، بل لا يعتبر أن يكون جزءاً للصلاة فيكفي كونه مقدمة له أيضاً ، فمن شك مثلاً في القراءة و قد دخل في القنوت لم يلتفت و كذا من شك في الركوع و قد هوى إلى السجود .
مسألة (860) : إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت و إن لم يدخل في غيره ، كما إذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحتها
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 280 ـ
فإنه لا يلتفت ، وكذا إذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الآية بعد الفراغ منها .
مسألة (861) : إذا أتى بالمشكوك في المحل ثم تبين أنه قد فعله أولاً لم تبطل صلاته إلا إذا كان ركناً فإنه تبطل حينئذ على ما تقدم ، و إذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله ، و إلا صحت صلاته إلا أن يكون ركناً فتبطل على ما تقدم .
مسألة (862) : إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت ما لم يتيقن أنه لم يعتن بالشك على تقدير حصوله أما غفلة أو تعمداً برجاء الإتيان بالمشكوك فيه ، و لو شك في أنه هل سها أم لا و قد جاز محل ذلك الشيء الذي شك في أنه سها عنه أو لا لم يلتفت ، نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه ، أتى به على الأصح .
مسألة (863) : إذا شك المصلي في عدد ركعات الصلاة و استقر الشك جاز له قطعها و استئنافها على الأظهر ، و لا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم يستلزم محذور فوات الوقت و إلا لم يجز له ذلك ، و الأحوط عدم الاستئناف قبل الإتيان بأحد القواطع كالاستدبار مثلاً ، و ما يذكر في هذه المسألة و المسائل الآتية في تمييز ما يقبل العلاج من الشكوك عن غيره و في بيان كيفية العلاج إنما يتعين العمل به في خصوص الصورة المتقدمة ، وإذا شك المصلي في عدد الركعات و استقر شكه فإن كان شكه في الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من الرباعية بطلت ، وإن كان في غيرها و قد أحرز الأوليين بأن دخل في السجدة الثانية من الركعة الثانية و هو يتحقق بوضع الجبهة على المسجد و إن لم يشرع في الذكر ، فهنا صور :
منها : ما لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها .
ومنها : ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 281 ـ
صور :
الأولى : الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد الدخول في السجدة الأخيرة فإنه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة و يتم صلاته ثم يحتاط بركعة قائماً على الأحوط وجوباً، وإن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط أتى بها جالساً .
الثانية : الشك بين الثلاث و الأربع في أي موضع كان ، فيبني على الأربع و يتم صلاته ، ثم يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً و الأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً ، و إن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعة جالساً .
الثالثة : الشك بين الاثنتين و الأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام ، و إن لم يتمكن منه حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس .
الرابعة : الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس ، و الأقوى تأخير الركعتين من جلوس ، و إن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالساً .
الخامسة : الشك بين الأربع و الخمس بعد الدخول في السجدة الأخيرة ، فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو ، و لا يبعد جريان هذا الحكم في كل مورد يكون الطرف الأقل هو الأربع كالشك بينها و بين الست ، كما لا يبعد في كل مورد شك فيه بين الأربع و الأقل منها و الأزيد بعد الدخول في السجدة الثانية كفاية العمل بموجب الشكين بالبناء على الأربع و الإتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة ثم بسجدتي السهو لاحتمال الزيادة .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 282 ـ
السادسة : الشك بين الأربع والخمس حال القيام ، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الأربع ، فيتم صلاته ثم يحتاط ، كما سبق في الصورة الثانية .
السابعة : الشك بين الثلاث والخمس حال القيام ، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الأربع ، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة .
الثامنة : الشك بين الثلاث والأربع و الخمس حال القيام ، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع ، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة .
التاسعة : الشك بين الخمس و الست حال القيام ، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الأربع و الخمس ، و يتم صلاته و يسجد للسهو ، و الأحوط الأولى في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً .
مسألة (864) : إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثم ضم إليها ركعة وسلم وشك في أن بناءه على الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملاً بالشك ، فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط عليه و إن كان أحوط ، و إذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين و شك بعد التسليم أنه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه وغفلة عن العمل بالشك صحت صلاته ولا شيء عليه .
مسألة (865) : الظن بالركعات كاليقين ، أما الظن بالأفعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك فإذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الإتيان به و إذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضى و ليس له أن يرجع و يتداركه ، و الأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين .
مسألة (866) : في الشكوك المعتبر فيها الدخول في السجدة الثانية
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 283 ـ
كالشك بين الاثنتين و الثلاث ، و الشك بين الاثنتين و الأربع ، و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع : إذا شك مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد ـ والأول في المثال الأول بلحاظ ما قبل القيام و الثاني في المثالين الأخيرين بلحاظ حالته الفعلية ـ بطلت صلاته ، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكه قبل الدخول في السجدة الثانية ، و إن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل .
مسألة (867) : إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكاً ، و لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة وبعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكاً أو ظناً يبنى على حالته الفعلية و يجري على ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي ، و كذا لو شك في شيء ثم انقلب شكه إلى الظن ، أو ظن به ثم انقلب ظنه إلى الشك ، فإنه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها ، فلو شك بين الثلاث والأربع مثلاً فبنى على الأربع ، ثم انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه وأتى بالرابعة ، و إذا ظن بالثلاث ثم تبدل ظنه إلى الشك بينها و بين الأربع بنى على الأربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط .
مسألة (868) : الأقوى جواز ترك صلاة الاحتياط و استئناف الصلاة بعد الإتيان بالمنافي .
مسألة (869) : يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط فلا بد فيها من النية ، و التكبير للإحرام ، و قراءة الفاتحة ، و الركوع و السجود و التشهد و التسليم ، و الأحوط أن يخفت في قراءة الفاتحة و إن كانت الصلاة الأصلية جهرية ، و الأحوط الأولى الخفوت في البسملة أيضاً، و لا تجب فيها سورة ، وإذا تخلل المنافي بينها و بين الصلاة فالأحوط إعادة الصلاة و لا حاجة معها إلى
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 284 ـ
صلاة الاحتياط على الأظهر .
مسألة (870) : إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها ، و إن كان في الأثناء جاز تركها و إتمامها نافلة ركعتين .
مسألة (871) : إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط جرى عليه حكم من سلم على النقص من وجوب ضم الناقص و الإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط ، و إن تبين ذلك في أثناء صلاة الاحتياط ألغاها فإن كان تبين النقص قبل الدخول في الركوع أتم ما نقص متصلاً و اجتزأ به و لو كان بعده فالأحوط إعادة الصلاة و عدم الاكتفاء بالتتميم ، و إذا تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولاً ، أما إذا تبين النقص أزيد مما كان محتملاً كما إذا شك بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعة واحدة قائماً للاحتياط ، ثم تبين له قبل الإتيان بالمنافي أن النقص كان ركعتين فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط و لا تتميم ما نقص متصلاً على الأحوط فتجب إعادة الصلاة ، و كذا لو تبينت الزيادة عما كان محتملاً كما إذا شك بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع و أتى بركعتين للاحتياط فتبين كون صلاته ثلاث ركعات .
مسألة (872) : يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة ، والشك في المحل ، أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك ، و إذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلا أن يكون مفسداً فيبني على الأقل .
مسألة (873) : إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلا إذا كان بعد خروج الوقت ، و لو كان بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً فالأحوط استئناف الصلاة .
مسألة (874) : إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً و لم يتمكن من تداركه
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 285 ـ
أعاد الصلاة ، و كذلك إذا زاد ركعة بل ركوعاً أو سجدتين في ركعة على الأحوط .
فصل :
في قضاء الأجزاء المنسية
مسألة (875) : إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة ، و الأحوط أن يكون بعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه ، و كذا يقضي التشهد إذا نسيه و لم يذكره إلا بعد الركوع على الأحوط الأولى ، ويجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الأخيرة و لم يذكر إلا بعد التسليم و الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً ، و أما إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي والاتيان بالتشهد والتسليم ثم الاتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً، ولا يقضي غير السجدة و التشهد من الأجزاء ويجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط كما يجب فيه نية البدلية ، ولا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة على الأحوط ، و إذا فصل فالأقوى جواز الاكتفاء بقضائه ، و الأحوط إعادة الصلاة أيضاً .
مسألة (876) : إذا شك في فعله بنى على العدم ، و إن كان الشك بعد الإتيان بالمنافي عمداً و سهواً أو بعد خروج الوقت على الأحوط ، و إذا شك في موجبه بنى على العدم .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 286 ـ فصل :
في سجود السهو
مسألة (877) : يجب سجود السهو للكلام ساهياً ، و للسلام في غير محله على الأحوط فيهما ، و للشك بين الأربع و الخمس أو ما بحكمه كما تقدم ، و لنسيان التشهد ، و كذا يجب فيما إذا علم إجمالاً بعد الصلاة أنه زاد فيها أو نقص مع كون صلاته محكومة بالصحة فإنه يسجد سجدتي السهو على الأحوط ، و الأحوط الأولى سجود السهو لنسيان السجدة الواحدة و للقيام في موضع الجلوس ، أو الجلوس في موضع القيام سهواً ، بل الأولى سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة .
مسألة (878) : يتعدد السجود بتعدد موجبه ، و لا يتعدد بتعدد الكلام إلا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو ، أما إذا تكلم كثيراً و كان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير .
مسألة (879) : لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب .
مسألة (880) : يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط ، و كذا عن الأجزاء المقضية على الأحوط ، و يجب المبادرة إليه بعد الصلاة ، و الأحوط لزوماً عدم الفصل بينهما بالمنافي ، و إذا أخره عن الصلاة أو فصله بالمنافي لم تبطل صلاته و لم يسقط وجوبه على الأحوط فيأتي به فوراً ففوراً ، و إذا أخره نسياناً أتى به متى تذكر ، ولو تذكره وهو في أثناء صلاة أخرى أتم صلاته و أتى به بعدها .
مسألة 881 : سجود السهو سجدتان متواليتان و تجب فيه نية القربة و لا يجب فيه تكبير ، و الأحوط فيه وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه و الأحوط الأولى وضع سائر المساجد أيضاً و مراعاة جميع ما يعتبر في سجود
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 287 ـ
الصلاة من الطهارة و الاستقبال ، والستر و غير ذلك ، و الأحوط استحباباً الإتيان بالذكر في كل واحد منهما ، والأولى في صورته :
« بسم الله و بالله السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته » و يجب فيه التشهد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية ، ثم التسليم ، و الأحوط لزوماً اختيار التشهد المتعارف دون الطويل .
مسألة (882) ـ إذا شك في موجبه لم يلتفت ، و إذا شك في عدد الموجب بنى على الأقل ، و إذا شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به و إن كان شكه بعد فوات المبادرة على الأحوط ، و إذا اعتقد تحقق الموجب ـ و بعد السلام شك فيه ـ لم يلتفت ، كما أنه إذا شك في الموجب ، و بعد ذلك علم به أتى به على ما مر ، و إذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقل ، إلا إذا دخل في التشهد ، و إذا شك أنه أتى بسجدتين أو ثلاث لم يعتن به سواء أ شك قبل دخوله في التشهد أم شك بعده ، و إذا علم أنه أتى بثلاث أعاد سجدتي السهو على الأحوط ، و لو نسي سجدة واحدة فإن أمكنه التدارك بأن ذكرها قبل تحقق الفصل الطويل تداركها و إلا أتى بسجدتي السهو من جديد .
مسألة (883) : تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به ، و إذا شك بعد تجاوز المحل لا يعتني به ، و في أن نقصان الركن مبطل لها و في أنه إذا نسي جزءاً لزم تداركه مع الالتفات إليه قبل الدخول في ركن بعده ، و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقل والأكثر ـ كما تقدم ـ و أنه لا سجود للسهو فيها ، و أنه لا قضاء للجزء المنسي فيها ـ إذا كان يقضى في الفريضة ـ و أن زيادة الركن سهواً غير قادحة فيها بلا إشكال و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضاً .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 288 ـ الفصل الأول
تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط :
الأول : قصد قطع المسافة ـ بمعنى إحراز قطعها و لو من غير إرادة ـ و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً أو ملفقة من الثمانية ذهاباً و إياباً ، سواء اتصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر ، في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة ، ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية .
مسألة (884) : الفرسخ ثلاثة أميال ، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد ، و هو من المرفق إلى طرف الأصابع ، فتكون المسافة أربعاً و أربعين كيلو متراً تقريباً .
مسألة (885) : إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيراً بقي على التمام ، و كذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور ، أو ظن بذلك .
مسألة (886) : تثبت المسافة بالعلم ، وبالبينة الشرعية و بالشياع و ما في حكمه مما يفيد الاطمئنان وفي ثبوتها بخبر العدل الواحد إشكال بل منع ما لم يوجب الوثوق ، وإذا تعارضت البينتان تساقطتا و وجب التمام ، و لا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج ، بل مطلقاً ، وإذا شك العامي في مقدار المسافة
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 289 ـ
ـ شرعاً ـ وجب عليه إما الرجوع إلى المجتهد و العمل على فتواه ، أو الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام ، وإذا اقتصر على أحدهما و انكشف مطابقته للواقع أجزأه .
مسألة (887) : إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد ، و أما إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه .
مسألة (888) : إذا شك في كونه مسافة ، أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر و إن لم يكن الباقي مسافة .
مسألة (889) : إذا كان للبلد طريقان ، و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب ، فإن سلك الأبعد قصر ، ، و إن سلك الأقرب أتم ، و لا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره .
مسألة (890) : إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة قصر ، و كذا في جميع صور التلفيق ، إذا كان الذهاب و الإياب بمجموعهما ثمانية فراسخ .
مسألة (891) : تحتسب المسافة من الموضع الذي يعد الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً ، و ربما يكون آخر الحي أو المحلة في بعض البلاد الكبيرة جداً .
مسألة (892) : لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف ، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة و لو في أيام كثيرة ، نعم لو كان يقطع في كل يوم شيئاً يسيراً جداً للتنزه أو نحوه فالأحوط الجمع بين القصر و التمام .
مسألة (893) ـ يجب القصر في المسافة المستديرة إذا كان مجموع الذهاب و الإياب ثمانية فراسخ ، و لا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد أو كانت مستديرة على البلد .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 290 ـ
مسألة (894) ـ لابد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضا ، و هكذا وجب التمام و إن قطع مسافات ، نعم إذا قصد ما دون المسافة عازماً على الرجوع و كان المجموع يبلغ ثمانية فراسخ لزمه التقصير ، فطالب الضالة أو الغريم أو الآبق و نحوهم يتمون ، إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة من الذهاب و الإياب .
مسألة (895) : إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة ـ إن تيسروا سافر معهم و إلا رجع ـ أتم ، و كذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول ، نعم إذا كان مطمئناً بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر .
مسألة (896) : لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاً ، فإذا كان تابعاً لغيره كالزوجة و الخادم و الأسير وجب التقصير ، إذا كان قاصداً للمسافة تبعاً لقصد المتبوع ، و إذا شك في قصد المتبوع بقي على التمام ، و الأحوط ـ استحباباً ـ الاستخبار من المتبوع ، و لكن لا يجب عليه الإخبار ، و إذا علم في الأثناء قصد المتبوع ، فإن كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر ، و إلا بقي على التمام .
مسألة (897) : إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع ـ قبل بلوغ المسافة ـ أو متردداً في ذلك بقي على التمام ، و كذا إذا كان عازماً على المفارقة ، على تقدير حصول أمر محتمل الحصول ـ سواء أ كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق ، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقق المقتضي له و شرطه ـ فإذا قصد المسافة و احتمل احتمالاً عقلائياً لا يطمئن بخلافه حدوث مانع عن سفره أتم صلاته ، و إن انكشف بعد ذلك عدم المانع .
مسألة (898) : الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما إذا
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 291 ـ
ألقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة ، و هو يعلم ببلوغه المسافة ، أما إذا كان نائماً أو مغمى عليه مثلاً و سافر به شخص من غير سبق التفات فلا تقصير عليه .
الثاني : استمرار القصد و لو حكماً فلا ينافيه إلا العدول أو التردد ، فإذا عدل ـ قبل بلوغه الأربعة ـ إلى قصد الرجوع ، أو تردد في ذلك وجب التمام ، و الأحوط ـ لزوماً ـ إعادة ما صلاه قصراً إذا كان العدول قبل خروج الوقت و قضاؤه إن كان بعد خروجه و الإمساك في بقية النهار و إن كان قد أفطر قبل ذلك ، و إذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة ، و كان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر و استمر على الإفطار .
مسألة (899) : يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر و إن عدل عن الشخص الخاص ، كما إذا قصد السفر إلى مكان و في الأثناء عدل إلى غيره ، إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة ، فإنه يقصر على الأصح ، و كذا إذا كان من أول الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين ، من دون تعيين أحدهما ، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ المسافة .
مسألة (900) : إذا تردد في الأثناء ، ثم عاد إلى الجزم ، فإن كان ما بقي مسافة و لو ملفقة قصر في صلاته ، و كذا إذا لم يكن الباقي مسافة و لكنه يبلغها بضم مسيره الأول إليه ، و إن كان الأحوط في هذه الصورة أن يجمع بين القصر و الإتمام .
الثالث : أن لا يكون ناوياً في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة ، أو يكون متردداً في ذلك ، و إلا أتم من أول السفر ، و كذا إذا كان ناوياً المرور بوطنه أو مقره مع النزول فيه أو كان متردداً في ذلك ، فإذا كان قاصداً السفر المستمر ، لكن احتمل احتمالاً لا يطمئن بخلافه عروض ما يوجب تبدل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة ، أو المرور بالوطن
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 292 ـ
والنزول فيه ، أتم صلاته ، و إن لم يعرض ما احتمل عروضه .
الرابع : أن يكون السفر مباحا ، فإذا كان حراماً لم يقصر سواءاً أ كان حراماً لنفسه ، كإباق العبد ، أم لغايته ، كالسفر لقتل النفس المحترمة ، أم للسرقة ، أم للزنا أم لإعانة الظالم في ظلمه ، و نحو ذلك ، و يلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب ، كما إذا كان مديوناً و سافر مع مطالبة الدائن و استحقاق الدين ، و إمكان الأداء في الحضر دون السفر ، فإنه يجب فيه التمام ، إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب ، أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثناءه ، كالغيبة و شرب الخمر و ترك الصلاة و نحو ذلك ، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر .
مسألة (901) : إذا سافر على الدابة المغصوبة مثلاً بقصد الفرار بها عن المالك أتم صلاته ، و كذا إذا سافر في الأرض المغصوبة على الأظهر .
مسألة (902) : إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة ، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً ـ و في الأثناء قصد المعصية ـ أتم حينئذ ، و أما ما صلاه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته ، و إذا رجع إلى قصد المباح قصر في صلاته و إن لم يكن الباقي مسافة .
مسألة (903) : إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح ، قصر في صلاته سواء أ كان الباقي مسافة أم لا على الأظهر .
مسألة (904) : الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان الرجوع مسافة و لم يكن بنفسه من سفر المعصية ، و لا فرق في هذا بين من تاب عن معصيته و من لم يتب .
مسافة 905 : إذا سافر لغاية ملفقة من أمر مباح و آخر حرام أتم صلاته ، إلا إذا كان الحرام تابعاً غير صالح للاستقلال في تحقق السفر فإنه يقصر .
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 293 ـ
مسألة (906) : إذا سافر للصيد ـ لهواً ـ كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه ، و قصر في إيابه إذا كان وحده مسافة و لم يكن كالذهاب للصيد لهواً ، أما إذا كان الصيد لقوته و قوت عياله قصر ، و كذلك إذا كان للتجارة ، على الأظهر ، و لا فرق في ذلك بين صيد البر و البحر .
مسألة (907) : التابع للجائر ، إذا كان مكرهاً ، أو بقصد غرض صحيح ، كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر ، و إلا فإن كان على وجه يعد من أتباعه و أعوانه في جوره يتم ، و إن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر .
مسألة (908) : إذا شك في كون السفر معصية أو لا ، مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة فيقصر ، إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة ، أو كان هناك أصل موضوعي يحرز به الحرمة فلا يقصر .
مسألة (909) : إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة ، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار ، و إن كان العدول بعد الزوال ، و كان في شهر رمضان فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يتمه ، ثم يقضيه ، و لو انعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء ، و عدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يصوم ثم يقضيه سواء أ كان ذلك قبل الزوال أم بعده ، نعم لو كان ذلك بعد فعل المفطر وجب عليه الإتمام و القضاء .
الخامس : أن لا يكون السفر إلى المسافة فما زاد عملاً له عرفاً أما باتخاذ عمل سفري مهنة له أو بتكرر السفر منه خارجاً ، فالمكاري ، و الملاح و الساعي ، و الراعي ، و التاجر الذي يدور في تجارته ، و غيرهم ممن تكون مهنته سفرية أو يكون السفر مقدمة لمهنته يتمون الصلاة في سفرهم ، و إن استعملوه لأنفسهم ، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر ، و كما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة ، كذلك العامل الذي يدور في
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 294 ـ
عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود ، و البناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع ، و الحداد الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات و إصلاحها ، و النقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى ، و أمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد و القرى و الرساتيق للاشتغال و الأعمال ، مع صدق الدوران في حقهم ، لكون مدة الإقامة للعمل قليلة غالبا ، و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها إلى البلد ، فإنهم يتمون الصلاة ، و كذلك من كانت إقامته في مكان و تجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر فيسافر إليه يوميا أو بين يوم و يوم مثلا ، و الحاصل أن العبرة في لزوم التمام بكثرة السفر ، و لكن تكفي الكثرة التقديرية في المهن السفرية كالسياقة و الملاحة و نحوهما ، فالسائق و نحوه يتم الصلاة و إن لم يكثر السفر منه بعد إذا كان عازماً على ذلك ـ كما سيجيء ـ و أما في غيرها فتعتبر الكثرة الفعلية من غير فرق بين من يكون السفر مقدمة لمهنته و من يتكرر السفر منه لغرض آخر كما سيأتي في المسألة ( 916 ) .
مسألة (910) : إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصر إن اتفق له السفر إلى المسافة ، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معينة كالمكاري من النجف إلى كربلاء ، فاتفق له كري دوابه إلى غيرها فإنه يتم حينئذ .
مسألة (911) : لا يعتبر في وجوب التمام على من اتخذ العمل السفري مهنة له تكرر السفر منه ثلاث مرات ، بل متى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه يجب عليه التمام ، نعم إذا توقف صدقه على تكرار السفر يجب التقصير قبله .
مسألة (912) : إذا سافر من اتخذ العمل السفري مهنة له سفرا ليس من
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 295 ـ
عمله و لا متعلقاً به ـ كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج ـ وجب عليه القصر ، و مثله ما إذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع إلى أهله فإنه يقصر في سفر الرجوع ، و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع إلى أهله ، نعم إذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فإنه يتم في رجوعه ، فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله ، أو متعلق بعمله ، هذا مع عدم تحقق الكثرة الفعلية في حقه و إلا فحكمه التمام و لو في السفر الذي لا يتعلق بعمله .
مسألة (913) : إذا اتخذ السفر عملاً له في شهور معينة من السنة أو فصل معين منها ، كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف جرى عليه الحكم ، و أتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة ، أما في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتفق له السفر .
مسألة (914) : الحملدارية الذين يسافرون إلى مكة في أيام الحج في كل سنة ، و يقيمون في بلادهم بقية أيام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم ، فالأحوط لزوماً لهم الجمع بين القصر و التمام ، بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلاً ـ كثلاثة أسابيع مثلاً ـ ، كما هو الغالب في من يسافر جواً في عصرنا الحاضر .
مسألة (915) : الظاهر توقف صدق عنوان السائق مثلاً على العزم على مزاولة مهنة السياقة مرة بعد أخرى على نحو لا يكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ تلك المهنة عملاً له ، و تختلف الفترة طولاً و قصراً بحسب اختلاف الموارد ، فالذي يسوق سيارته في كل شهر مرة من النجف إلى خراسان يصدق أن عمله السياقة ، و أما الذي يسوق سيارته في كل ليلة جمعة من النجف إلى كربلاء فلا يصدق في حقه ذلك ، و هذا الاختلاف ناشئ من
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 296 ـ
اختلاف أنواع السفر ، و المدار العزم على توالي السفر من دون تخلل فترة تضر بصدق عنوان السائق أو الملاح أو نحوهما . هذا فيمن اتخذ العمل السفري مهنة له ، و أما غيره ممن يتكرر منه السفر خارجاً لكونه مقدمة لمهنته أو لغرض آخر فتتحقق كثرة السفر في حقه إذا كان يسافر في كل يوم و يرجع إلى أهله ، أو يحضر يوماً و يسافر يوماً ، أو يحضر يومين و يسافر يومين ، أو يحضر ثلاثة أيام و يسافر ثلاثة أيام ، أو يحضر أربعة أيام و يسافر ثلاثة أيام ، و إذا كان يحضر خمسة و يسافر يومين كالخميس و الجمعة فالأحوط له لزوماً الجمع بين القصر و التمام ، و أما إذا كان لا يتفق له السفر إلا مرة في الأسبوع أو الأسبوعين فوظيفته القصر لأنه لا يعد بذلك كثير السفر عرفاً .
مسألة (916) : إذا لم يتخذ العمل السفري عملاً و حرفة له و لم يكن السفر مقدمة لمهنته و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة ـ مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه أو لعلاج مرض ، أو لزيارة إمام ، أو نحو ذلك ـ بحيث يعد كثير السفر عرفاً فالأظهر وجوب التمام عليه .
مسألة (917) : إذا أقام من عمله السفر في بلده عشرة أيام لم ينقطع حكم عملية السفر فيتم الصلاة بعده حتى في سفره الأول على الأظهر ، و كذلك إذا أقام في غير بلده عشرة منوية ، و لا يبعد جريان هذا الحكم حتى في المكاري و إن كان لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع بين القصر و الإتمام في سفره الأول .
السادس : أن لا يكون ممن بيته معه بأن لا يكون له مسكن يستقر فيه و إلا أتم صلاته و يكون بيته بمنزلة الوطن ، و لو كانت له حالتان كأن يكون له مقر في الشتاء يستقر فيه و رحلة في الصيف يطلب فيها العشب و الكلأ مثلاً ـ كما هو الحال في بعض أهل البوادي ـ كان لكل منهما حكمه فيقصر لو خرج إلى حد المسافة في الحالة الأولى و يتم في الحالة الثانية ، نعم إذا سافر من
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 297 ـ
بيته لمقصد آخر كحج أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر ، و كذا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب و الماء ، أما إذا سافر لهذه الغايات و معه بيته أتم .
مسألة (918) : السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطناً منها يتم و كذا إذا كان له وطن و خرج معرضاً عنه و لم يتخذ وطناً آخر بحيث عد ممن بيته معه ، و إلا وجب عليه القصر .
السابع : أن يصل إلى حد الترخص ، و هو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أنظار أهل البلد بسبب ابتعاده عنهم ، و علامة ذلك غالباً أنه لا يرى أهل بلده ، و مثله على المشهور المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع .
ولا يلحق محل الإقامة و المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً بالوطن ، فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر ، و إن كان الأحوط فيهما ـ استحباباً ـ الجمع بين القصر و التمام فيما بين البلد و حد الترخص .
مسألة (919) : المدار في عين الرائي و صفاء الجو بالمتعارف مع عدم الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الأماكن البعيدة .
مسألة (920) : المشهور اعتبار حد الترخص في الإياب كما يعتبر في الذهاب ، و لكن لا يبعد عدم اعتباره فيه ، فالمسافر يقصر في صلاته حتى يدخل بلده و لا عبرة بوصوله إلى حد الترخص ، و إن كان الأولى رعاية الاحتياط بتأخير الصلاة إلى حين الدخول في البلد أو الجمع بين القصر و التمام إذا صلى بعد الوصول إلى حد الترخص .
مسألة (921) : إذا سافر من بلده و شك في الوصول إلى حد الترخص بنى على عدمه فيبقى على التمام .
مسألة (922) : إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصراً ، ثم بان أنه
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 298 ـ
لم يصل بطلت و وجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماماً ، و بعده قصراً ، فإن لم يعد وجوب عليه القضاء ، و يلاحظ فيه وظيفته حال الفوت .
مسألة (923) : إذا سافر من وطنه و جاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق رجع إلى ما دونه لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام و إذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة .
الفصل الثاني :
في قواطع السفر
وهي أمور :
الأول : الوطن ، فإن المسافر إذا مر به في سفره و نزل فيه وجب عليه الإتمام ما لم ينشئ سفراً جديداً، و أما المرور اجتيازاً من غير نزول ففي كونه قاطعاً إشكال ، والمقصود بالوطن أحد المواضع الثلاثة :
1 ـ مقره الأصلي الذي ينسب إليه و يكون مسكن أبويه و مسقط رأسه عادة .
2 ـ المكان الذي اتخذه مقراً و مسكناً لنفسه بحيث يريد أن يبقى فيه بقية عمره .
3 ـ المكان الذي اتخذه مقراً لفترة طويلة بحيث لا يصدق عليه أنه مسافر فيه و يراه العرف مقرا له حتى إذا اتخذ مسكناً موقتاً في مكان آخر لمدة عشرة أيام أو نحوها ، و لا يعتبر في الأقسام الثلاثة أن يكون للشخص ملك فيه ، بل لا يعتبر إباحة المسكن فلو غصب داراً في بلد و أراد السكنى فيها بقية عمره مثلاً يصير وطناً له .
مسألة (924) : يجوز أن يكون للإنسان وطنان كما لو اتخذ على نحو الدوام و الاستمرار مسكنين لنفسه ، فيقيم في كل سنة بعضاً منها في هذا،
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 299 ـ
وبعضها الآخر في الآخر ، و كذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين .
مسألة (925) : الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن ، بل لابد من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفاً أن البلد وطنه و مقره .
مسألة (926) : ذكر بعض الفقهاء نحواً آخر من الوطن يسمى بالوطن الشرعي و يقصد به المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلاً قد استوطنه ستة أشهر ، بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد و نية فقالوا : إنه يتم الصلاة فيه كلما دخله ، و لكن الأظهر عدم ثبوت هذا النحو .
مسألة (927) : يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعاً ، كما في الزوجة و الخادم و الأولاد .
مسألة (928) : يزول حكم الوطن بالخروج معرضاً عن السكنى فيه ، و أما إذا تردد في التوطن في المكان الذي كان وطناً له ففي بقاء الحكم إشكال ، و الأظهر البقاء ، بلا فرق في ذلك بين الوطن الأصلي و الاتخاذي .
مسألة (929) : تقدم أن من أقسام الوطن المكان الذي يتخذه الشخص مقراً له لفترة طويلة كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء و طرهم ، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في أماكن دراستهم فإذا رجعوا إليها من سفر الزيارة مثلاً أتموا و إن لم يعزموا على الإقامة فيها عشرة أيام ، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منها إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقية ، فلو كانت أقل وجب التمام ، و كذلك ينقطع السفر بالمرور فيها و النزول فيها كما هو الحال في الوطن الأصلي .
تنبيه : إذا كان الإنسان وطنه النجف مثلاً ، و كان له محل عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلاً ، فإنه لا يصدق عليه عرفاً ـ و هو في محله ـ أنه مسافر ، فإذا خرج من النجف قاصداً محل العمل و بعد
منهاج الصالحين الجزء الاول المعاملات ـ 300 ـ
الظهر ـ مثلاً ـ يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حد الترخص منه يقصر ، و إذا رجع من بغداد إلى النجف و وصل إلى محل عمله أتم ، و كذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عمل في بغداد و خرجوا منها إليه لعملهم ثم السفر إلى كربلاء مثلاً ، فإنهم يتمون فيه الصلاة ذهاباً و إياباً إذا نزلوا فيه .
الثاني : العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه و إن لم يكن باختياره ، و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الأولى و الأخيرة ، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أول يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام ، و الظاهر أن مبدأ اليوم طلوع الفجر ، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس فلا بد من نيتها إلى طلوعها من اليوم الحادي عشر .
مسألة (930) : يشترط وحدة محل الإقامة ، فإذا قصد الإقامة عشرة أيام في النجف الأشرف و مسجد الكوفة مثلاً بقي على القصر ، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد ، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته و مائه و نحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الإقامة فيها ، و أما من قصد الخروج إلى حد الترخص ، أو ما يزيد عليه إلى ما دون المسافة ـ كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة ـ فالأظهر أنه لا يضر بقصد الإقامة إذا لم يكن زمان الخروج مستوعباً للنهار أو كالمستوعب له كما لو قصد الخروج بعد الزوال و الرجوع ساعة بعد الغروب ، و لكن يشترط عدم تكرره بحد يصدق معه الإقامة في أزيد من مكان واحد .
مسألة (931) : إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين ، أو انقضاء