.
وإن كان دون ذلك احتيج معه إلى الشرح والتفصيل والاعادة للمقام والتكرار ، حالا بعد حال ، وبحسب الثقة به في الطاعة أيضا ، والسكون إلى سداده يختلف ما ذكرناه . فهذا بين يتفق عليه كافة أهل النظر وجمهور العقلاء ، فلا حاجة بنا إلى تكليف دليل عليه ، لما
وصفعناه .
فإذا كان الامر فيه على ما قدمناه لم ينكر أن يكون النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) أطلق الامر بقتل القبطي ـ وإن كان الشرط لازما ـ لعلمه بأن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يعرف ذلك ولا يحتاج فيه إلى ذكره له في نفس الكلام .
الشرط فيه ظاهرا ، ولم يجد عنه محيصا .
ولترك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التقييد في الامر فائدة في الابانة عن فضل أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ على الجماعة ، باظهار الاشتراط فيه والاستخبار عن المراد ، لتعلم الجماعة انه قد عرف من باطن الحال ما كشفها لهم بالسؤال .
ولامير المؤمنين ـ عليه السلام ـ به فضيلة من جهة
(1) أخرى : وهي رفع الشبهة عمن لا بصيرة له بحق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنزلته من الله في غلطه ، وإقدامه عل قتل من هو برئ محقون الدم عند الله ، ليبين له مراده في الاشتراط ، ويعلمه أنه ـ وإن أطلق الامر ـ فانما قصد به ما ظهر فيه بالبيان ، ولو كان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) اشترط في الكلام ما كان فيه في الجواب لم
(2) يبين لامير المؤمنين ( عليه السلام ) الفضل الذي ابانه
(3) الاشتراط والاستفهام .
ولو ترك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الاشتراط والاستفهام وعمل على علم بالباطن وكف عن قتل القبطي لمشاهدته الحال ، لم يبن
(4) من فضل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للكافة ما أبانه الاستفهام ، ولظن كثير من الناس أنه ( عليه السلام ) أخطا في الامر المطلق بقتل الرجل ، وان عليا أصاب في خلافه الظاهر بشاهد الحال ، وكان في إطلاق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الامر لعلي ( عليه السلام ) ، واستفهام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) له عن المراد وكشفه لذلك ما استنبطه من الكلام ، من الفوائد في فضلهما وعصمتهما ونطقهما عن الله ـ عز وجل ـ ما بيناه عنه
(5) وأوضحناه ، ولم يبق لمخالف الحق طريق معه إلى إثبات شئ من الشبه التي تعلق بها فيما حكيناه .
ووجه آخر : وهو انه قد كان جايزا من الله تعالى أن يامر نبيه ـ صلوات الله عليه ـ بقتل القبطي على جميع الاحوال ، لدخوله بيت النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) بغير إذنه له في ذلك ، وعلى غير اختيار منه له ورأي ، فاستفهمه
---------------------------
(1) ، من جهة ، ليس في م ، س ، ى وب .
(2) و : ثم لم ، ب : ثم .
(3) ، الفضل الذي أبانه " ليس في : م ، س وط .
(4) ط : لم يبين .
(5) ب ، ى ، س وم : ما بينا عنه ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 23 _
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لهذه الحال ، فأخبره بما عرف الحكم فيه وأنه غير مباح دمه على كل حال .
ويجوز ويمكن ان يكون الحكم فيه مفوضا إليه
(1) ( عليه السلام ) فلما استفهمه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بان له حال التفويض إليه ، فقال : إن شاهدته بريئا ، فلك فيه الرأي ، الان اقتضت الحال التي تشاهدها منه قتله أو العفو عنه فذلك إليك
(2) ]
(3) ، وقد فوضت ما فوض إلي إليك ، فاعمل فيه بما تراه .
وهذا ـ أيضا ـ مما دل الله ـ تعالى ـ به الانام على مشاكلة أمير المؤمنين لنبيه ـ صلوات الله عليهما ـ في العصمة والكمال ، ومشابهته
(4) له في تدبير الدين والحكم في العباد . ولو لم يقع الاطلاق في الامر والاشتراط من أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ لما عرف ذلك ، حسب ما بيناه ، والله الموفق للصواب .
فقال السائل : هذا قد فهمته ، وهو كلام واضح البيان في معناه ، فما القول في نقض شبه من قدمت ذكره في الضلال ؟
فقلت له : ثبوته على الوجه الذي أوضحت ، كافي في إبطال جميع تلك الشبهات ، إذ يهي دعاوى مجردة من بيان ، لجا أصحابها في التعلق بها إلى الاضطرار إليها ، لعدم الحجة بما ذكرناه لهم
(5) فيها على زعمهم وتوهمهم الفاسد وظنهم المحال .
---------------------------
(1) أي إلى أمر المؤمنين ( عليه السلام ) .
(2) س : إليه .
(3) ما بين المعقوفين ليس في ط .
(4) م ، ى ، ط وب : مساهمته .
(5) ليس في ى ، س ، م وب ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 24 _
فإذا ثبت لمضمون
(1) الخبر من الاوجه الصحيحة ما أثبتناه ، وكان في الامكان على ما ذكرناه ، لم يكن للعدول
(2) عنه طريق الا التحكم
(3) بالاماني الخائبات ، والحمد لله .
فقال السائل : هو كذلك ، ولا ينبغي للعاقل أن يظلم نفسه بمكابرة الحق واللجاج .
وبالله التوفيق وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين .
---------------------------
(1) س ، م وب : بمضمون ، ط : مضمون .
(2) ى ، م وب : العدل .
(3) س : للتحكيم بالامال ، م وب : المتحكم بالامالى ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 25 _
قال العلامة السيد جعفر مرتضى في كتاب حديث الافك :
قضية مارية بين الاخذ والرد مع الاجواء لقضية مارية .
دور عمر في قضية ماريه : تبرئة أو اتهاما ، براءة مارية ... كلام السيد المرتضى .
أما نحن فنقول :
رسالة حول خبر مارية
_ 26 _
مع الاجواء الطبيعية لقضية مارية وهكذا ... فقد رأينا أن النصوص عند جميع المسلمين تكاد تكون ... متفقة على صورة قضية الافك على مارية ...
ورأينا أيضا : أن ما رواه الحاكم في مستدركه ، والسيوطي عن ابن ، مردويه غير ذلك مما تقدم يقرب لنا : أن عائشة قد غارت من مارية ، ونفت شبه ابراهيم بأبيه ( ص ) ، رغم إصرار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على خلافها ورغم أنه كان أشبه الخلق به كما في الرواية الاتية عن الطبراني ... مما يعنى : انها تؤكد على نفيه ، منه ، وحصول خيانة من مارية فيه ... وكان الحامل لمما على ذلك هو غيرتها الشديدة ، حسب اعتراف عائشة نفسها ... ومما يجعلنا نطمئن إلى صحة ذلك الحوار ، وأن عائشة قد حاولت أن تلقي شبهة على طهارة مارية هو ما قالته عائشة نفسها عن حالتها مع مارية : ... ما غرت على إمرأة إلا دون ما غرت على مارية ، وذلك أنها كانت جميلة جعدة ، وأعجب : بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن قالت : وفرغنا لها فجزعت ، فحولها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى العالية ، فكان يختلف إليها هناك ، فكان ذلك أشد علينا ، ثم رزقها الله الولد وحرمناه
(1) ... ، وعن أبي جعفر : ... وكانت ثقلت على نساء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وغرن عليها ، ولامثل عائشة
(2) .
---------------------------
(1) طبقات ابن سعد 8 ص 153 ، والاصابة ج 4 ص 405 ووفاء الوفاء للسمهودي ج 3 ص 826 ،
ولتراجع البداية والنهاية ج 3 ص 303 ، 304 .
(2) طبقات ابن سعد ج 1 ص 86 ، والسير الحلبية ج 3 ص 309 . (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 27 _
ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي عن موقف عائشة حين موت ابراهيم ( ع ) " . ... ثم مات ابراهيم ، فأبطنت شماتة وإن أظهرت كآبة ... )
(1) .
وبعد كل ما تقدم ... فاننا نعرف أن أم المومنين قد ساهمت في اثارة الشكوك والشبهات حول مارية ، وولدها ابراهيم ، ولعلنا نستطيع أن نفهم أيضا من رواية السيوطي عن ابن مردويه : أن حفصة أيضا قد شاركت في تأليب رأي النبي ( صلى الله عليه آله وسلم ) ضد مارية ... وأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد حرم مارية على نفسه بعد المحاورة التي جرت بينه وبين عائشة ... وبعد جزعهما ، وعتاب حفصة له في شأنها ... ويفهم أيضا من رواية الحاكم أن تكثير النساء ، على مارية كان بعد المحاورة المشار إليها بين النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعائشة ... وكل ذلك يجعلنا نطمئن إلى أن سبب تحريم مارية هو ، ذكرهن الشبهات حولها ، لا مجرد أنه وطأها في بيت حفصة أو عائشة ... ولا سيما بملاحظة : أن آيات التحريم ، في سورة التحريم تدل على أن مما ارتكبوه كان أمرأ عضيما جدا ، لا مجرد قول حفصة : يارسول الله في بيتي وعلى فراشي ، فإن هذا كلام طبيعي وليس فيه أي إسائة أدب ، أو خروج عن الجادة أصلا ... ولا يستحق هذا التأنيب العظيم الوارد في الآيات ... وعلى هذا ... فإن الظاهر هو أن آيات
تحريم مارية في سورة التحريم قد نزلت في قضية الشبهات حول مارية حينما حرمها النبي ( ص ) على نفسه لذلك ، وأما ، آية الافك فنزلت في الافك عليها أيضا .
---------------------------
(1) شرح النهج للمعتزلي ج 9 ص 195 ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 28 _
دور عمر في قضية مارية تبرئة أو اتهاما ، ولقد احتمل بعض العلماء : أن عمر أيضا قد شارك في إثارة الشبهات حول مارية بالاضافة إلى حفصة وعائشة ... ومستنده في ذلك ما رواه الطبراني وغيره : في رواية تضمنت أن عمر هو الذي برأ مارية وأنه لما رجع إلى الرسول ، قال له الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ألا أخبرك يا عمر : إن جبرئيل أتاني فاخبرني : أن الله عز وجل ، قد برأ مارية وقريبها مما وقع في نفسي ، وبشرني : أن في بطنها ، مني غلاما ، وأنه أشبه الخلق بي ، وأمرني أن أسميه ابراهيم ...
(1)
فقد احتمل ، المظفر اسنادا إلى هذه الرواية أن لعمر بن الخطاب شأنا في إتهام مارية ، وإلا ... فلماذا يخصه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذه المقالة
(2) .
ولكننا بدورنا نقول : إن هذه الرواية محل إشكال ، لان الروايات متضافرة على أن برائة ، مارية كانت على يد علي ( عليه السلام ) ... وهذه تقول : بل كانت على يد عمر .
وأجاب العسقلاني ذلك باحتمال : أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أرسل عمر أولا ، فابطأ في العود ، لانه لما رآه ، ممسوحا اطمأن وتشاغل
---------------------------
(1) دلائل الصدق ج 3 قسم 2 ص 26 عن كنز العمال ج 6 ص 118 ، والرواية موجودة في مجمع الزوائد ج 9 ص 162 ، والسيرة الحلبية ج 3 ص 312 ، والاصابة ج 3 ص 335 عن ابن عبد الحكم 3 في فتوح مصر ...
(2) دلائل الصدق ج 3 قسم 2 ص 26 ، ( * )
رسالة حول خبر مارية
_ 29 _
ببعض الامر فارسل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا بعده ، ورجع علي فبشره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالبراءة ثم جاء عمر بعده فبشره بها
(1) ... ولكن هذا التوجيه منه يحتاج إلى إثبات وعلى الاقل إلى شواهد تؤيده ... كما أن تلكؤ عمر في اخباره النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى يذهب علي ويكشف الامر مرة ثانية .
ويرجع ، بعيد عن التصرف الطبيعي في مناسبات حادة كهذه ، وعليه ... وبملاحظة التشابه بين هذه الروابة ، وبين ما يرد عن علي عليه السلام : بملاحظة : أن تبرئة علي لها مجمع عليها : ولا شك فيها ... فنحن نرى أن عمر لم يذهب إلى مامور ، ولا شارك في تبرئه مارية ... فيبقى قولهم : ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال له : ألا أخبرك يا عمر الخ ... فهو إن صح فهو ابتداء كلام معه ، وحينئذ فيحتاج ما ذكره المظفر إلى الجواب .
براءة مارية لقد مر علينا انفا : أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخبر عمر بن الخطاب بان جبرئيل قد أخبره أن الله قد برأ مارية ... وقد يمكن أن يفهم من ذلك : أن هذا يؤيد كون آيات الافك قد نزلت في شأن مارية ... وأن الله تعالى قد برأها بواسطتها ... وإلا فما معنى تبرئة الله تعالى لها فيما سوى ذلك ... إذ ان براءتها قد ثبتت على يد على ( عليه السلام ) ... فتبرئة الله تعالى لها : لا بد وأن تكون بنحو آخر ، غير ما فعله علي ( عليه السلام )... وليس إلا نزول آيات الافك في شانها ...
---------------------------
(1) الاصابة ج 3 ص 335 ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 30 _
هذا ... ويبدو أن الشك في شان مارية قد استمر إلى حين وفاة ولده ابراهيم ، وأنه قد كان ثمة من يصر على الاتهام ولو باخفاء لها ولعها عائشة التى يقول عنها المعتزلي : أنها أظهرت كآبة ، وابطنت شماتة ... كان يهمها هذا الامر ...
ولذا نجد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى حين ، موت ولده ابراهيم يؤكده ، على أن ابراهيم هو ولده فقد روى في صحيح مسلم : ... لما توفي ابراهيم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن ابراهيم إبني وانه مات في الثدى ، وان له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة ...
(1) .
فليس لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن ابراهيم ابني ، أي معنى إلا أنه أراد أن يقوم بمحاولة أخيرة ، لدفع كيد الآفكين ، وشك الشاكين ...
كلام السيد المرتضى واشكل السيد المرتضى على الرواية الاخيرة من روايات الافك على مارية : بأنه كيف جاز لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الامر بقتل رجل على التهمة بغير بينة ، ولا ما يجري مجراها ؟
وأجاب : بأن من الجائز أن يكون القبطي معاهدا ، وأن النبي كان قد نهاه عن الدخول ، إلى مارية فخالف وأقام على ذلك ، وهذا نقض للعهد ، وناقض العهد من أهل الكفر مؤذن بالمحاربة ، والمؤذن بها مستحق للقتل .
وإنما جاز منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يخير بين قتله والكف عنه وتفويض ذلك إلى علي ( عليه السلام ) ، لان قتله لم يكن من الحدود والحقوق ، التي لا يجوز العفو عنها ؟
---------------------------
(1) صحيح مسلم ط مشكول ج 7 ص 77 ، وفتح الباري ج 3 ص 140 ، وتاريخ الخميس ج 2 ص 146 . (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 31 _
لان ناقض ، العهد إذا قدر عليه الامام قبل التوبه له أن يقتله ، وله أن يعفو عنه ...
وأشكل أيضا : بأنه كيف جاز لامير المؤمنين ( عليه السلام ) الكف عن القتل ، ومن أي جهة آثره لما وجده أجب ؟ وأي تأثير لكونه أجب فيما استحق به القتل ، وهو نقض العهد ؟ ! ...
وأجاب : بانه كان له ( عليه السلام ) أن يقتله مطلقا : حتى مع كونه أجب ، ولكنه ( عليه السلام ) آثر العفو عنه ، من أجل إزالة التهمة والشك الواقعين في أمر مارية ، ولانه أشفق من أن يقتله ، فيتحقق الظن ، ويلحق بذلك العار
(1) أما نحن فنقول : إن الجواب عن الاشكال الاول ... محل تأمل فقد صرحوا بان مأبورا قد أسلم في المدينة ... إلا أن يقال : أنه أسلم بعد قضية مارية ، ولكن : من القريب جدا : أن النبي لم يكن أمره بالقتل على الحقيقة ، وإنما كان ذلك مقدمة لاظهار البراءة الواقعية لمارية ، فأراد علي أن يثبت - من قصد النبي هذا فسأله بما يدل عليه وأجابه النبي بذلك أيضا ... ولعل هذا الاحتمال ... أولى مما ذكره السيد المرتضى : لان ما ذكره السيد يحتاج إلى إثبات المعاهد المأبور ... ولا مثبت ...
أما هذا فهو موافق للسنة الجارية في أمور مثل هذه يحتاج فيها إلى الكشف واليقين ورفع التهمة ولا سيما وان الآيات ـ آيات الافك ـ إنما تدل على البراءة الشرعية ، فتحتاج إلى ما يدل على البراءة الواقعية أيضا ، ويؤكد هذه البراءة الواقعية : أن مأبورا ـ كما يقولون ـ كان أخا لمارية ، وكان شيخا كبيرا
(2) .
---------------------------
(1) راجع أمالي السيد المرتضى ص 77 ـ 79 .
(2) طبقات ابن سعد ج 8 ص 153 ، والاصابة ج 4 ص 405 وج 3 ص 334 ، (*)
رسالة حول خبر مارية
_ 32 _
وقال النووي في مقام الجواب عن الاشكال المتقدم : ويل : لعله كان منافقا ، ومستحقا للقتل بطريق آخر وجعل هذا محركا لقتله بنفاقه وغيره ، لا بالزنا ... وكف عنه علي رضي الله عنه اعتمادا على أن القتل بالزنا ، وقد علم انتفاء الزنا ...
ولكن قد فات النووي : أن الزاني لا يستحق القتل أيضا ، وإنما الجلد أو الرجم ... إلا أن يقال : إن من يعتدي على حرمات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حكمه ذلك ...
وخلاصة الامر : أن إثبات نفاته أيضا يحتاج إلى مثبت ... وليس ... فلم يبق ، إلا ما أجبنا به نحن ، فانه هو الانسب والاظهر .