الشك في عدد الاشواط
  مسألة (315): إذا شك في عدد الأشواط أو في صحتها بعد الفراغ من الطواف، أو بعد التجاوز من محله ، لم يعتن بالشك ، كما إذا كان شكه بعد فوات الموالاة أو بعد دخوله في صلاة الطواف.
  مسألة (316): إذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد كما إذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن، لم يعتن بالشك وصح طوافه ، إلا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط الأخير فإنّ الأظهر حينئذٍ بطلان الطواف، والأحوط إتمامه رجاءاً وإعادته.
  مسألة (317): إذا شك في نهاية الشوط أو في أثنائه بين الثلاث والأربع أو بين الخمس والست أو غير ذلك من صور النقصان، حكم ببطلان طوافه حتى فيما إذا كان شكه في نهاية الشوط بين الست والسبع على الأحوط.
  وكذا يحكم ببطلان الطواف إذا شك في الزيادة والنقصان معاً، كما إذا شك في أن شوطه الأخير هو السادس أو السابع أو الثامن.
  مسألة (318): إذا شك بين السادس والسابع وبنى على السادس جهلاً منه بالحكم وأتم طوافه ، ثم استمر جهله إلى أن فاته زمان التدارك، لم تبعد صحة طوافه.
  مسألة (319): يجوز للطائف أن يتكل على إحصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من عددها.
  مسألة (320): إذا شك في الطواف المندوب يبني على الأقل وصحّ طوافه.
  مسألة (321): إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمداً مع العلم بالحكم ، أو مع الجهل به ، ولم يتمكن من تداركه و إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة ، بطلت عمرته ، ولو كان جاهلاً وجبت عليه كفارة بدنة أيضاً على الأحوط كما تقدم ذلك كله في أول الطواف.
  وإذا ترك الطواف في الحج متعمداً ـ سواء كان عالماً بالحكم أم جاهلاً به ـ ولم يمكنه التدارك بطل حجه ، وإذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضاً.
  مسألة (322): إذا ترك الطواف نسياناً ، فإن تذكره قبل فوات الوقت تداركه وأعاد السعي بعده أيضاً على الأظهر.
  ولو تذكره بعد فوات الوقت، كما لو نسي طواف عمرة التمتع حتى وقف بعرفات ، أو نسي طواف الحج حتى خرج شهر ذي الحجة وجب عليه قضاؤه ويعيد معه السعي على الأحوط الأولى.
  وإذا تذكره في وقت لا يتيسر له القضاء بنفسه ، كما إذا كان تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة.
  مسألة (323): إذا نسي الطواف حتى رجع إلى أهله وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف الحج ، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفي في الهدي أن يكون شاة.
  مسألة (324): إذا نسي الطواف وتذكره في زمان يمكنه القضاء بنفسه ، قضاه وإن كان قد أحل من إحرامه من دون حاجة إلى تجديد الإحرام.
  نعم ، إذا كان ذلك بعد خروجه من مكة لزمه الإحرام للعود إليها إلا في الحالات التي تقدم بيانها في المسألة 141.
  مسألة (325): لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفاً عليه حـــتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.
  مسألة 326: إذا لم يتمكن من مباشرة الطواف في الوقت المحدد له ، لمرض أو كسر أو أشباه ذلك حتى مع مساعدة غيره ، وجب ان يطاف به بأن يستعين بشخص آخر ليطوفه و لو بأن يحمله على متنه أو على عربة أو نحوها ، والأحوط الأولى أن يكون بحيث يخط برجليه الأرض، وإذا لم يتمكن من ذلك أيضاً وجب ان يطاف عنه ، فيستنيب غيره مع القدرة على الاستنابة، ولو لم يقدر عليها كالمغمى عليه أتى به الولي أو غيره عنه.
  وهكذا الحال بالنسبة إلى صلاة الطواف، فيأتي المكلف بها مع التمكن، ويستنيب لها مع عدمه ،‏ ( وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف ).

صلاة الطواف
  وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع.
  وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف، وصورتها كصلاة الفجر، ولكنه مخير في قراءتها بين الجهر والإخفات ، ويجب الإتيان بها قريباً من مقام إبراهيم عليه السلام ، والأظهر لزوم الإتيان بها خلف المقام.
  فإن لم يتمكن من ذلك فالأحوط ان يجمع بين الصلاة عنده في احد جانبيه، وبين الصلاة خلفه بعيداً عنه.‏ ومع تعذر الجمع كذلك يكتفي بالممكن منهما.
  ومع تعذرهما معاً يصلي في أي مكان من المسجد مراعياً للأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط الأولى.
  ولو تيسرت له اعادة الصلاة خلف المقام قريباً منه بعد ذلك إلى ان يضيق وقت السعي أعادها على الأحوط الأولى.
  هذا في الطواف الفريضة، وأما في الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختياراً.
  مسألة (327): من ترك صلاة الطواف عالماً عامداً بطل حجّه على الأحوط.
  مسألة (328): الأحوط المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف ، بمعنى أن لا يفصل بين الطواف والصلاة عرفاً.
  مسألة (329): إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد الإتيان بالأعمال المترتبة عليها ـ كالسعي ـ اتى بها ولم تجب إعادة تلك الأعمال بعدها وان كانت الإعادة أحوط.
  نعم ، إذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى بالصلاة خلف المقام، ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع.
  وإذا ذكرها بعد خروجه من مكة فالأحوط له الرجوع والإتيان بها في محلها إذا لم يستلزم ذلك مشقة ، وإلاّ أتى بها في أي موضع ذكرها فيه ، ولا يجب عليه الرجوع لأدائها في الحرم وإن كان متمكناً من ذلك.
  وحكم التارك لصلاة الطواف جهلاً حكم الناسي، ولا فرق في الجاهل بين القاصر والمقصر.
  مسألة (330): إذا مات الشخص وعليه صلاة الطواف فالأحوط وجوباً أن يقضيها عنه ولده الأكبر مع توفر الشرائط المذكورة في باب قضاء الصلوات.
  مسألة (331): إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكناً من تصحيحها أجزأه قراءة الحمد على الوجه الملحون، إذا كان يحسن منها مقداراً معتداً به ، و إلاّ فالأحوط أن يضم إلى قراءته ملحونة قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن، وإلاّ فالتسبيح.
  وإذا ضاق الوقت عن تعلم جميعه فإن تعلم بعضه بمقدار معتد به قرأه ، وإن لم يتعلم بعضه أيضاً قرأ من سائر القرآن بمقدار يصدق عليه ( قراءة القرآن ) عرفاً ، وإن لم يعرف أجزأه أن يسبح.
  هذا في الحمد، وأما السورة فالظاهر سقوطها عن الجاهل بها مع العجز عن التعلم.
  ثم إن ما ذكر حكم كل من لم يتمكن من القراءة الصحيحة و إن كان ذلك بسوء اختياره.
  نعم ، الأحوط الأولى في هذا الفرض ان يجمع بين الإتيان بالصلاة على الوجه المتقدم والإتيان بها جماعة والاستنابة لها.
  مسألة (332): إذا كان جاهلاً باللحن في قراءته وكان معذوراً في جهله صحت صلاته، ولا حاجة إلى الإعادة وإن علم بذلك بعد الصلاة.
  وأمّا إذا لم يكن معذوراً فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح، ويجزي عليه حكم تارك صلاة الطواف نسياناً.

السعي
  وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع.
  ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ولا يعتبر فيه ستر العورة، ولا الطهارة من الحدث أو الخبث، والأولى رعاية الطهارة فيه.
  مسألة (333): محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته ، فلو قدمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الإعادة بعدهما ، وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد سعيه.
  مسألة (334): يعتبر في نية السعي التعيين، بأن يأتي به للعمرة إن كان في العمرة، وللحج إن كان في الحج.
  مسألة (335): السعي سبعة أشواط، يبتدئ الشوط الأول من الصفا وينتهي بالمروة، والشوط الثاني عكس ذلك ، والشوط الثالث مثل الأول، وهكذا إلى أن يتم السعي في الشوط السابع بالمروة.
  ويعتبر فيه استيعاب تمام المسافة الواقعة بين الجبلين في كل شوط ، ولا يجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط.
  والأحوط مراعاة الاستيعاب الحقيقي بان يبدأ الشوط الاول مثلاً من أول جزء من الصفا ثم يذهب إلى ان يصل إلى أول جزء من المروة، وهكذا.
  مسألة (336): لو بدأ بالمروة قبل الصفا ولو سهواً ألغى ما أتى به واستأنف السعي من الأول.
  مسألة (337): لا يعتبر في السعي أن يكون ماشياً ، فيجوز السعي راكباً على حيوان أو غيره، ولكن المشي أفضل.
  مسألة (338): يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه ـ فيما بين الصفا والمروة ـ من الطريق المتعارف فلا يجزئ الذهاب أو الإياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر، نعم لا يعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم.
  مسألة (339): يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها ، كما يجب استقبال الصف عند الرجوع من المروة إليه ، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة لم يجزئه ذلك ، ولا بأس بالالتفات بصفحة الوجه إلى اليمن واليسار أو الخلف عند الذهاب أو الإياب .
  مسألة (340): الأحوط مراعاة الموالاة العرفية في السعي كالطواف، نعم لا بأس بالجلوس في أثنائه على الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة، وإن كان الأحوط ترك الجلوس فيما بينهما إلاّ لمن جهد.
  كما لا بأس بقطعه لدرك وقت فضيلة الفريضة ثم البناء عليه من موضع القطع بعد الفراغ منها.
  ويجوز أيضاً قطع السعي لحاجة ، بل مطلقاً ، ولكن الأحوط ـ مع فوات الموالاة ـ ان يجمع بين تكميله وإعادته.

احكام السعي
  السعي من اركان الحج، فمن تركه عمداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لا يمكنه إتمام اعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه ، وكان حكمه حكم من ترك الطواف كذلك ، وقد تقدم في أول الطواف.
  مسألة (341) : لو ترك السعي نسياناً اتى به متى ما ذكره وإن كان تذكره بعد فراغه من اعمال الحج، ولو لم يتمكن منه مباشرة ، أو كان فيها حرج ومشقة إستناب غيره، ويصح حجه في كلتا الصورتين.
  مسألة (342) : من لم يتمكن من مباشرة السعي في الوقت المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر، وجب ان يستعين بغيره ليسعى به ، ولو بان يحمله على متنه أو على عربة أو نحوها ، وإن لم يتمكن من هذا ايضاً استناب غيره، ومع عدم القدرة على الإستنابة كالمغمى عليه يسعى عنه وليه أو غيره ويصح حجه.
  مسألة (343) : الاحوط المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته، وإن كان الظاهر جواز تاخيره إلى الليل لرفع التعب أو للتخفيف من شدة الحر، بل مطلقاً على الاقوى، نعم لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال الاختيار.
  مسألة (344) : حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد على ما تقدم في الطواف.
  نعم ، إذا كان جاهلاً بالحكم فالاظهر عـــدم بطلان السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة احوط.
  مسألة (345) : إذا زاد في سعيه خطأً صح سعيه ، ولكن الزائد إذا كان شوطاً أو ازيد يستحب له ان يكمله سبعة اشواط ليكون سعياً كاملاً غير سعيه الاول، فيكون إنتهاؤه إلى الصفا.
  مسألة (346) : إذا نقص من اشواط السعي عامداً ـ عالماً بالحكم أو جاهلاً به ـ فحكمه حكم من ترك السعي كذلك وقد تقدم.
  وامّا إذا كان النقص نسياناص فيجب عليه تدارك المنسي متى ما تذكر سواء كان شوطاً واحداً ام ازيد على الاظهر.
  ولو كان تذكره بعد مضي وقته ـ بان تذكر وقوع النقص في سعي عمرة التمتع وهو بعرفات، أو التفت إلى وقوع النقص في سعي الحج بعد مضي شهر ذي الحجة ـ فالاحوط ان يعيد السعي بعد التدارك، وإذا لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج عليه استناب غيره، والاحوط ان يجمع النائب بين تدارك الاشواط المنسية واعادة السعي.
  مسألة (347) : إذا نقص شيئاً من السعي في عمرة التمتع نسياناً فأحّل لاعتقاد الفراغ من السعي فالاحوط لزوم التكفير عن ذلك ببقرة ، ويلزمه اتمام السعي على النحو الذي ذكرناه.

الشك في السعي
  لا اعتبار بالشك في عدد اشواط السعي أو في صحتها بعد التجاوز عن محله ، كما لو كان الشك فيه في عمرة التمتع بعد التقصير أو في الحج بعد الشروع في طواف النساء.
  ولو شك في عدد الاشواط بعد الانصراف من السعي، فإن كان شكه في الزيادة بنى على الصحة، وإن كان شكه في النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه، وكذا إذا كان بعده على الاحوط.
  مسألة (348) : إذا شك في الزيادة في نهاية الشوط، كما لو شك وهو على المروة في إن شوطه الاخير كان هو السابع أو هو ألتاسع فلا أعتبار بشكه ويصح سعيه ، وإذا كان هذا الشكّ أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف.
  مسألة (349) : حكم ألشك في عدد ألأشواط في أثناء السعي حكم الشك في عدد أشواط ألطواف في أثنائه، فيبطل السعي به مطلقأ.

التقصير
  وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع.
  ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ويتحقق بقص شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، ولا يكفي فيه النتف بدلاً عن القص على الاظهر، والمشهور تحققه باخذ شيء من ظفر اليد أو الرجل ايضاً، ولكن الاحوط عدم الإكتفاء به وتأخير الإتيان به عن الاخذ من الشعر.
  مسألة (350) : يتعين التقصير في إحلال عمرة التمتع ولا يجزئه عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالماً عامداً، بل مطلقاً على الاحوط الاولى.
  مسألة (351) : إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير، فإن كان عالماً عامدا فعليه كفارة بدنة ـ كما تقدم في تروك الإحرام ـ وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه على الأظهر.
  مسألة (352) : محل التقصير بعد السعي، فلا يجوز الإتيان به قبل الفراغ منه.
  مسألة (353) : لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي، ويجوز فعله في اي محل شاء، سواء كان في المسعى ام في منزله أم في غيرهما.
  مسألة (354) : إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحج ، فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجه إلى الإفراد، فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكن ، والاحوط إعادة الحج في سنة اخرى أيضاً.
  مسألة (355) : إذا ترك التقصير نسياناً فاحرم للحج صحت عمرته وصح إحرامه، والاحوط الاولى التكفير عن ذلك بشاة.
  مسألة (356) : إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حل له جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق على الاظهر، وإن كان الاحوط تركه بعد مضي ثلاثين يوماً من يوم عيد الفطر، ولو فعله عن علم وعمد فالاحوط الاولى التكفير عنه بدم.
  مسألة (357) : لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع، ولا باس بالإتيان به رجاءاً.

إحرام الحج
  تقدم في الصفحة (70) ان واجبات الحج ثلاثة عشر، ذكرناها مجملة، وإليك تفصيلها :
  الاول : الإحرام، وافضل أوقاته يوم التروية عند الزوال، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض إذا خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس، كما يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحج على الوقوفين كالمرأة التي تخاف الحيض.
  وقد تقدم جواز الخروج من مكة محرماً بالحج لحاجة بعد الفراغ من عمرة التمتع في اي وقت كان.
  ويجوز التقديم في غير ما ذكر ايضاً بثلاثة ايام، بل بأكثر على الاظهر.
  مسألة (358) : كما لا يجوز للمعتمر عمرة التمتع ان يحرك للحج قبل التقصير، كذلك لا يجوز للحاج ان يحرم للعمرة المفردة قبل ان يحل من إحرامه وإن لم يبق عليه سوى طواف النساء على الاحوط.
  مسألة (359) : من يتمكن من إدراك الوقوف بعرفات يوم عرفة في تمام الوقت الإختياري لا يجوز له تاخير الإحرام إلى زمان يفوت منه ذلك.
  مسألة (360) : يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته وواجباته ومحرماته ، والإختلاف بينهما انما هو في النية فقط.
  مسألة (361) : يجب الإحرام من مكة المكرمة ـ كما تقدم في بحث المواقيت ـ وافضل مواضعها المسجد الحرام، ويستحب الإتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام ابراهيم أو في حجر اسماعيل عليهما السلام.
  مسألة (362) : من ترك الإحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم إلى ان خرج من مكة، ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع إلى مكة ـ ولو من عرفات ـ والإحرام منها ـ فإن لم يتمكن من الرجوع، لضيق الوقت أو لعذر آخر، يحرم من الموضع الذي هو فيه .
  وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن تمكن من العود إلى مكة والإحرام منها.
  ولو لم يتذكر أو لم يعلم بالحكم إلى ان فرغ من الحج صح حجه.
  مسألة (363) : من ترك الإحرام عالماً عامداً حتى فاته الوقوف الإختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجه ، ولو تداركه قبل ان يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثماً.
  مسألة (364) : الاحوط ان لا يطوف المتمتع بعد إحرام الحج قبل الخروج إلى عرفات طوافاً مندوباً ، فلو طاف جدد التلبية بعد الطواف على الاحوط الاولى.

الوقوف بعرفات
  الثاني ـ من واجبات حج التمتع : الوقوف بعرفات بقصد القربة والخلوص ، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين ان يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو متحركاً.
  مسألة (365) : حد عرفات من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى اقصى الموقف، وهذه حدود عرفات وهي خارجة عن الموقف.
  مسألة (366) : الظاهر ان جبل الرحمة موقف ، ولكن الافضل الوقوف على الارض في السفح من ميسرة الجبل.
  مسألة (367) : يعتبر في الوقوف ان يكون عن قصد ، ولو قصد الوقوف في أول الوقت ـ مثلاً ـ ثم نام أو غشي عليه إلى آخره كفى ، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت غير مسبوق بالقصد لم يتحقق منه الوقوف، وإن كان مسبوقاً به ففيه إشكال.
  مسألة (368) : يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة مستوعباً من أول الزوال على الاحوط إلى الغروب، والاظهر جواز تاخيره عن الزوال بمقدار الإتيان بالغسل واداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً.
  والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً ياثم المكلف بتركها إختياراً، إلاّ إنه ليس من الاركان، بمعنى ان من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجه.
  نعم ، لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجه، فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.
  مسألة (369) : من لم يدرك الوقوف الإختياري بعرفات (الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه ، أو لغيرهما من الاعذار، لزمه الوقوف الإضطراري فيه (الوقوف برهة من ليلة العيد ) وصح حجه ، فإن تركه متعمداً فسد حجه.
  هذا إذا امكنه إدراك الوقوف الإضطراري على وجه لا يفوت معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، واما مع خوف فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الإقتصار على الوقوف بالمشعر ويصح حجه.
  مسألة (370) : تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً، لكنها لا تفسد الحج، فإذا رجع إلى عرفات فلا شيء عليه، وإلاّ كانت عليه كفارة بدنة ينحرها يوم النحر، والاحوط ان يكون بمنى دون مكة، فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق أو عند أهله، والاحوط الاولى ان تكون متواليات.
  ويجري هذا الحكم في من افاض من عرفات نسياناً أو جهلاً منه بالحكم ، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكر، فإن لم يرجع حينئذٍ فعليه الكفارة على الاحوط.
  مسألة (371) : إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى ، بما ان لها أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة المكلف ان يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها.
  وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه ، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجية حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من الوقوفين وغيرهما.
  فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوماً بالفساد.
  بل قد يقال بالإجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقية الجري على وفقه.
  ولكن كلا القولين في غاية الإشكال، وعلى هذا فإن تيسر للمكلف اداء اعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال واتى بها صح حجه مطلقاً على الاظهر.
  وإن لم يات بها كذلك ـ ولو لعذر ـ فإن ترك ايضاً اتباع رأي القاضي في الوقفين فلا شك في فساد حجه ، واما مع اتباعه ففي صحة حجه إشكال.

الوقوف في المزدلفة
  وهو الثالث من واجبات حج التمتع.
  والمزدلفة إسم لمكان يقال له : المشعر الحرام، وحد الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر.
  وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام وضيق الموقف، فإنه يجوز حينئذٍ الإرتفاع إلى المأزمين.
  مسألة (372) : يجب على الحاج ـ بعد الإفاضة من عرفات ـ أن يبيت شطراً من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح بها، والأحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس، وإن كان الأظهر جواز الإفاضة منها إلى وادي محسر قبل الطلوع بقليل.
  نعم ، لا يجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع الشمس.
  مسألة (373) : الوقوف في تمام الوقت المذكور وأن كان واجباً في حال الإختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في الجملة.
  فإذا وقف بالمزدلفة مقداراً من ليلة العيد ثم أفاض قبل طلوع الفجر صح حجه على الأظهر وعليه كفارة شاة أن كان عالماً، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه.
  وإذا وقف مقداراً مما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمداً صح حجه أيضاً ولا كفارة عليه وإن كان آثماً.
  مسألة (374) : يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار المتقدم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء ـ كالشيوخ والمرضى ـ ومن يتولى شؤونهم ، فإنه يجوز لهؤلاء الإكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى قبل طلوع الفجر.
  مسألة (375) : يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نية القربة والخلوص ، كما يعتبر فيه أن يكون عن قصد نظير ما مر في الوقوف بعرفات.
  مسألة (376) : من لم يدرك الوقوف الإختياري ( الوقوف في الليل والوقوف فيما بين الطلوعين ) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر أجزأه الوقوف الإضطراري ( الوقوف قليلاً فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها يوم العيد )، ولو تركه عمداً فسد حجه .

إدراك الوقوفين أو أحدهما
  تقدم أن كلا من الوقوفين ـ الوقوف في عرفات والوقوف في المزدلفة ـ ينقسم إلى قسمين : إختياري وإضطراري ، فإن أدرك المكلف الإختياري من الوقوفين كليهما فلا إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور : الأولى : أن لا يدرك شيئاً من الوقوفين ـ الإختياري منهما والإضطراري ـ أصلاً ، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب عليه الإتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج.
  وإذا كان حجه حجة الإسلام وجب عليه أداء الحج بعد ذلك فيما إذا كانت إستطاعته باقية أو كان الحج مستقراً في ذمته.
  الثانية : أن يدرك الوقوف الإختياري في عرفات والإضطراري في المزدلفة.
  الثالثة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في عرفات والإختياري في المزدلفة.
  ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا إشكال.
  الرابعة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في كل من عرفات والمزدلفة ، والأظهر في هذه الصورة صحة حجه ، وإن كان الأحوط إعادته بعد ذلك كما في الحالة المتقدمة في الصورة الأولى.
  الخامسة : أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط، ففي هذه الصورة يصح حجه أيضا.
  السادسة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في المزدلفة فقط، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وانقلابه إلى عمرة مفردة.
  السادسة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في المزدلفة فقط، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وانقلابه إلى عمرة مفردة.
  السابعة : أن يدرك الوقوف الإختياري في عرفات فقط، والأظهر في هذه الصورة أيضاً بطلان الحج فينقلب حجه إلى العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مر بمزدلفة في الوقت الإختياري في طريقه إلى منى ، ولكن لم يقصد الوقوف بها جهلاً منه بالحكم ، فإنه لا يبعد صحة حج الثامنة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في عرفات فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجه وينقلب إلى العمرة المفردة.

منى وواجباتها
  يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة إلى منى، لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي ـ كما نذكرها تفصيلاً ـ ثلاثة :

‏1 ـ رمي جمرة العقبة
  الرابع ـ من واجبات الحج : رمي جمرة العقبة يوم النحر، ويعتبر فيه أمور :
  (1) نية القربة والخلوص.
  (2) أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزئ الأقل من ذلك، كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
  (3) أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة، فلا يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.
  (4) أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب ما لا يصل.
  (5) أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزئ وضعها عليها.
  (6) أن يكون كل من الإصابة والرمي بفعله ، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه حيوان أو إنسان والقيت إلى الجمرة لم يكف، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو إنسان فتحرك فحصلت الإصابة بحركته.
  نعم ، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئاً ثم أصابت الجمرة ـ ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت فأصابتها ـ فالظاهر الإجزاء.
  (7) أن يكون الرمي بيده، فلو رمى الحصيات بفمه أو رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة ـ كالمقلاع ـ على الأحوط.
  (8) أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجزئ للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل ( ليلة العيد ).
  مسألة (377) : إذا شك في الإصابة وعدمها بنى على العدم إلا مع التجاوز عن المحل، كما إذا كان الشك بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل.
  مسألة (378) : يعتبر في الحصيات أمران :
  (1) أن تكون من الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف ، والأفضل أخذها من المشعر.
  (2) أن تكون أبكاراً على الأحوط، بمعنى أن لا تكون مستعملة في الرمي قبل ذلك ،‏ ويستحب فيها أن تكون ملونة ومنقطة ورخوة ، وإن يكون حجمها بمقدار أنملة.
  وإن يكون الرامي راجلاً ، وعلى طهارة.
  مسألة (379) : إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الإجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط أن يرمي المقدار الذي كان سابقاً، فإن لم يتمكن من ذلك رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصاً آخر لرمي المقدار المزيد عليه ، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي.
  مسألة (380) : إذا لم يرم يوم العيد لعارض من نسيان أو جهل بالحكم أو غيرهما لزمه التدارك متى ارتفع العارض، ولو كان ارتفاعه في الليل أخر التدارك إلى النهار، إذا لم يكن ممن رخص له الرمي ليلاً كما سيأتي في رمي الجمار.
  والظاهر وجوب التدارك عند ارتفاع العارض ما دام الحاج بمنى ، بل وفي مكة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر ، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه أن لم يحج.
  وأما إذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكة فلا يجب عليه الرجوع ، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الأحوط الأولى.
  مسألة (381) : إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلاً ، فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف، وإن كانت الإعادة أحوط.
  وأما إذا كان الترك لعارض آخر ـ سوى الجهل أو النسيان ـ فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي.

‏2 ـ الذبح أو النحر في منى
  وهو الخامس من واجبات حج التمتع.
  ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، وعدم تقديمه على نهار يوم العيد إلا للخائف ، فإنه يجوز له الذبح والنحر في ليلته ، ويجب الإتيان به بعد الرمي على الأحوط، ولكن لو قدمه عليه جهلاً أو نسياناً صح ولم يحتج إلى الإعادة.
  ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى، وإن لم يمكن ذلك لكثرة الحجاج وضيق منى عن إستيعاب جميعهم ، فلا يبعد جواز الذبح أو النحر بوادي محسر ، وإن كان الأحوط تركه ما لم يحرز عدم التمكن من الذبح أو النحر بمنى إلى آخر أيام التشريق.
  مسألة (382) : الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق، والأحوط عدم الذبح في الليل مطلقاً حتى الليالي المتوسطات بين أيام التشريق إلا للخائف.
  مسألة (383) : لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد مع التمكن منه باستقلاله، وأما مع عدم التمكن كذلك فسيأتي حكمه في المسألة 396.
  مسألة (384) : يجب أن يكون الهدي من الإبل، أو البقر، أو الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما أكمل الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا يجزئ من الضأن إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن ، والأحوط أن يكون قد أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية .
  وإذا تبين له بعد ذبح الهدي أنه لم يبـــلغ السن المعتبر فيه لم يجزئه ذلك، ولزمته الإعادة.
  ويعتبر في الهدي أن يكون تام الاعضاء فلا يجزئ الاعور، والأعرج ، والمقطوع أذنه، والمكسور قرنه الداخل، ونحو ذلك.‏ والأظهر عدم كفاية الخصي أيضاً إلا مع عدم تيسر غيره.
  ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً ، والأحوط الأولى أن لا يكون مريضا ولا موجوءاً ، ولا مرضوض الخصيتين، ولا كبيراً لا مخّ له.
  ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان الأحوط اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا يكون الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته.
  مسألة (385) : إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته فبان معيباً بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الإكتفاء به.
  مسألة (386) : إذا لم يجد شيئاً من الأنعام الثلاثة واجداً للشرائط المتقدمة في أيام النحر ( يوم العيد وأيام التشريق ) فالأحوط الجمع بين الفاقد لها وبين الصوم بدلاً عن الهدي.
  وكذلك الحال فيما إذا لم يجد إلا ثمن الفاقد.‏ وإذا تيسر له تحصيل التامّ في بقية ذي الحجة فالأحوط ضمه إلى ما تقدم.
  مسألة (387) : إذا إشترى هدياً على أنه سمين فبان مهزولاً أجزأه، سواء كان ذلك قبل الذبح أم بعده.
  وأما إذا كان عنده كبش مثلاً فذبحه بزعم أنه سمين فبان مهزولا لم يجزئه على الأحوط.
  مسألة (388) : إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجداً للشرائط لم يعتن بشكه ، ومنه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان بمنى أم كان في محل آخر.
  وأما إذا شك في أصل الذبح، فإن كان الشك بعد تجاوز محله ، كما إذا كان بعد الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه ، وإلا لزم الإتيان به .
  وإذا شك في هزال الهدي فذبحه برجاء أن لا يكون مهزولاً مع قصد القربة، ثم ظهر له بعد الذبح أنه لم يكن مهزولاً اجتزأ به.
  مسألة (389) : إذا اشترى هدياً سليماً لحج التمتع فمرض بعد ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب ففي الإجتزاء به إشكال بل منع، والأحوط أن يذبحه أيضاً، ويتصدق بثمنه لو باعه.
  مسألة (390) : لو اشترى هدياً فضل فلم يجده ، ولم يعلم بذبحه عنه ، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه ، فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو بالخيار في الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه، وهو كسائر أمواله، والأحوط الأولى ذبحه أيضاً، وإن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الاول ايضاً على الاحوط.
  مسألة (391) : لو وجد أحد كبشاً مثلاً وعلم بكونه هدياً ضل عن صاحبه جاز له أن يذبحه عنه ، وإذا علم بذلك صاحبه اجتزأ به ، والأحوط للواجد أن يعرفه قبل ذبحه إلى عصر اليوم الثاني عشر.
  مسألة (392) : من لم يجد الهدي في أيام النحر وكان عنده ثمنه فالأحوط أن يجمع بين الصوم بدلاً عنه وبين الذبح في بقية ذي الحجة إن أمكن ـ ولو بإيداع ثمنه عند من يطمئن به ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجة، فإن مضى الشهر ذبحه في السنة القادمة ـ ولا يبعد جواز الاكتفاء بالصوم وسقوط الهدي بمضيّ أيّام التشريق .
  مسألة (393) : إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام ـ بدلاً عنه ـ عشرة أيام، يأتي بثلاثة منها في شهر ذي الحجة ـ والأحوط أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن والتاسع ولا يقدمه عليها ـ ويأتي بالسبعة المتبقية إذا رجع إلى بلده ، ولا يجزئه الإتيان بها في مكة أو في الطريق.
  وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك.
  ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في السبعة وإن كان أحوط.
  كما يعتبر في الثلاثة الإتيان بها بعد التلبس بإحرام عمرة التمتع، فلو صامها قبل ذلك لم يجزئه.
  مسألة (394) : المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج، إذا فاته صوم جميعها قبل يوم العيد لم يجزئه ـ على الأحوط ـ أن يصومها في اليوم الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد رجوعه إلى منى ، والأفضل أن لا يبدأ بها إلا بعد إنقضاء أيام التشريق، وإن كان يجوز له البدء من اليوم الثالث عشر اذا كان رجوعه من منى قبله ، بل وان كان رجوعه فيه على الاظهر.
  والأحوط الأولى المبادرة إلى الصوم بعد أيام التشريق وعدم تأخيره من دون عذر.
  وإذا لم يتمكن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في الطريق أو صامها في بلده أيضاً، ولكن الأحوط الأولى أن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهل هلال محرم سقط الصوم وتعين الهدي للسنة القادمة.
  مسألة (395) : من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه وصام ثلاثة أيام في الحج، ثم تمكن منه قبل مضي أيام النحر، وجب عليه الهدي على الأحوط.
  مسألة (396) : إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله ، وتمكن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط الجمع بين الشركة في الهدي والصوم على الترتيب المذكور.
  مسألة (397) : إذا استناب غيره في الذبح عنه ثم شك في أنه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه ، وفي كفاية إخباره بذلك ما لم يوجب الإطمئنان إشكال.
  مسألة (398) : ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط إعتبارها فيه.
  مسألة (399) : الذبح أو النحر الواجب هدياً أو كفارة لا تعتبر فيه المباشرة، بل يجوز ذلك بالإستنابة ولو في حال الإختيار، ولا بد أن تكون النية من النائب، ولا يشترط نية صاحب الهدي وإن كانت أحوط، ويعتبر في النائب أن يكون مسلماً.

مصرف هدي التمتّع
  الأحوط الأولى أن يأكل المتمتع من هديه ، ولو قليلاً مع عدم الضرر، ويجوز له تخصيص ثلثه لنفسه أو إطعام أهله به ، كما يجوز له أن يهدي ثلثاً منه إلى من يحب من المسلمين، وأما الثلث الآخر فالأحوط وجوباً أن يتصدق به على فقراء المسلمين.
  وإذا تعذر التصدق به أو كان حرجياً سقط ، ولا يعتبر ايصاله إلى الفقير نفسه، بل يجوز الإعطاء إلى وكيله (وإن كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي ) ويتصرف الوكيل فيه حسب إجازة موكله من الهبة أو البيع أو الإعراض، أو غير ذلك.
  ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة الموجودين فيها إليه.
  مسألة (400) : لا يعتبر الإفراز في ثلث الصدقة ولا في ثلث الهدي، ولكن يعتبر فيهما القبض، فلو تصدق بثلثه المشاع وأقبضه الفقير ـ ولو بقبض الكل ـ كفى ، وكذلك الحال في ثلث الهدية.
  مسألة (401) : يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء ، فلا بأس بتمليكه غير المسلم.
  مسألة (402) : إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه قهراً قبل التصدق فلا ضمان على صاحب الهدي بلا إشكال، ولو أتلفه هو باختياره ولو بإعطائه لغير اهله ضمن حصة الفقراء لهم على الأحوط.

‏3 ـ الحلق أو التقصير
  وهو الواجب السادس من واجبات الحج.
  ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يجوز ايقاعه قبل يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف ، والأحوط تأخيره عن رمي جمرة العقبة، وعن تحصيل الهدي بمنى، والأحوط الأولى تأخيره من الذبح والنحر أيضاً، وعدم تأخيره عن نهار يوم العيد، ولو قدمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسياناً أو جهلاً منه بالحكم أجزأه ولم يحتج إلى الإعادة .
  مسألة (403) : لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين عليهن التقصير.
  مسألة (404) : يتخير الرجل بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل إلا من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفه ، أو كان صرورة ، فإن الأحوط وجوباً لهؤلاء إختيار الحلق.
  مسألة (405) : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه بالموسى لم يجز له الحلق به، بل يحلق بالماكينة الناعمة جداً، أو يقصر أولاً ثم يحلق بالموسى ـ إن شاء ـ إذا كان مخيرا بين الحلق والتقصير، ولو خالف أجزأه وإن كان آثماً.
  مسألة (406) : الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبّداً أو معقوصاً أو صرورة ، وإلا لزمه التقصير أولاً وضم اليه الحلق بعده أيضاً على الأحوط.
  مسألة (407) : إذا حلق المحرم أو قصر حل له جميع ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء والطيب ، بل والصيد أيضاً على الأحوط.
  والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق أو التقصير لا يختص بالجماع، بل يعم سائر الإستمتاعات التي حرمت عليه بالإحرام.
  نعم ، يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه على الأقوى.
  مسألة (408) : يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى ، فإذا لم يقصر ولم يحلق فيها متعمداً أو جهلاً منه بالحكم حتى نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه ، وهكذا الحكم في الناسي على الأحوط.
  وإذا تعذر عليه الرجوع أو تعسر ، حلق أو قصر في مكانه ، ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك.
  ومن حلق رأسه في غير منى ـ ولو متعمداً ـ يجتزئ به ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه أليها مع الإمكان.
  مسألة (409) : إذا لم يقصر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً فذكره ، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه ، ولم تجب عليه إعادة الطواف والسعي على الأظهر، وإن كانت الإعادة أحوط.

طواف الحج وصلاته والسعي

الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج :
  الطواف وصلاته والسعي .
  مسألة (410) : كيفية طواف الحج وصلاته والسعي و شرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها .
  مسألة (411) : يستحب الإتيان بطواف الحج في يوم النحر ، والأحوط عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر ، وإن كان الظاهر جوازه ، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلاً بل إلى آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة .
  مسألة (412) : الأحوط عدم تقديم طواف الحج وصلاته والسعي على الوقوفين في حج التمتع ، ولو قدمها جهلاً ففي الإجتزاء بها إشكال ، وإن كان لا يخلو عن وجه ، ويستثنى من الحكم المذكور :
  أ ـ المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس .
  ب ـ كبير السن والمريض والعليل وغيرهم ممن يعسر عليه الرجوع إلى مكة ، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة الزحام و نحوها .
  ج ـ من يخاف أمراً لا يتهيأ له معه الرجوع إلى مكة .
  فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بعد الإحرام للحج ، والأحوط الأولى إعادتها مع التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجة .
  مسألة (413) : من يأتي بطواف الحج بعد الوقوفين يلزمه تأخيره عن الحلق والتقصير ، فلو قدمه عالماً عامداً وجبت إعادته بعده ، ولزمته كفارة شاة .
  مسألة (414) : العاجز في الحج عن مباشرة الطواف وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة التمتع ، وقد تقدم في المسألتين 326 و 342 .
  والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولا يتيسر لها المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الإستنابة للطواف وصلاته ، ثم تأتي بالسعي بنفسها بعد طواف النائب .
  مسألة (415) : إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء ـ بالحد المتقدم ـ بل والصيد أيضاً على الأحوط .
  مسألة (416) : من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .

طواف النساء
  الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج : طواف النساء وصلاته .
  وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما ليسا أركان الحج ، فتركهما ـ ولو عمداً ـ لا يوجب فساد الحج .
  مسألة (417) : كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء ، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء ، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال ، والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه .
  مسألة (418) : طواف النساء وصلاته كطواف الحج وصلاته في الكيفية والشرائط ، وإنّما الاختلاف بينهما في النية .
  مسألة (419) : حكم العاجز عن الإتيان بنفسه بطواف النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة وصلاته ، وقد تقدم في المسألة 326 .
  مسألة (420) : من ترك طواف النساء سواء أكان متعمّداً ـ مع العلم بالحكم أو الجهل به ـ أم كان ناسياً وجب عليه تداركه ، ولا تحلّ له النساء قبل ذلك .
  ومع تعذر المباشرة أو تعسرها تجوز له الإستنابة ، فإذا طـــاف النائب عنه حلت له النساء .
  فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليه أو غيره فلا إشكال ، وإلاّ فالأحوط أن يقضى من تركته من حصص كبار الورثة برضاهم .
  مسألة (421) : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعي ، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الأظهر ، وإن كانت الإعادة أحوط .
  مسألة (422) : يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين للطوائف المذكورة في المسألة 412 ، ولكن لا تحل لهم النساء قبل الإتيان بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .
  مسألة (423) : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها ولم تستطع التخلف عنها ، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة ، والأحوط حينئذٍ أن تستنيب لطوافها ولصلاته .
  وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء ، جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة ، والأحوط الإستنابة لبقية الطواف ولصلاته .
  مسألة (424) : نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف العمرة ، وقد تقدم حكمه في المسألة ‏329 .
  مسألة (425) : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حل لها الرجال ، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط ، وبعده يحل المحرم من كل ما أحرم منه ، وأما محرمات الحرم فقد تقدم في الصفحة (139) أن حرمتها تعمّ المحرم والمحل.

المبيت في منى
  الواجب الثاني عشر من واجبات الحج : المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر .
  ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع لبييت في منى ، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً ، وكذلك من أتى النساء على الأحوط .
  وتجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر ، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً إلى طلوع الفجر .
  مسألة (426) : إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه ، فإن أمكنه المبيت وجب ذلك ، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجياً جاز له الخروج ، وعليه دم شاة على الأحوط .
  مسألة (427) : لا يعتبر في المبيت بمنى البقاء فيها تمام الليل إلا في المورد المتقدم ، فإذا مكث فيها من أول الليل إلى منتصفه جاز له الخروج بعده .
  وإذا خرج منها أول الليل أو قبله لزمه الرجوع إليها قبل طلوع الفجر ، بل قبل انتصاف الليل على الأحوط .
  والأحوط الأولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر .
  مسألة (428) : يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة طوائف .
  (1) من يشق عليه المبيت بها أو يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله إذا بات فيها .
  (2) من خرج من منى أول الليل أو قبله ، وشغله عن العود إليها قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الإشتغال بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة ، إلا فيما يستغرقه الإتيان بحوائجه الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما .
  (3) من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين ، فإنه يجوز له أن ينام في الطريق قبل أن يصل إلى منى .
  (4) أهل سقاية الحاج بمكة .
  مسألة (429) : من ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة عن كل ليلة ، ولا دم على الطائفة الثانية والثالثة والرابعة ممن تقدم ، والأحوط ثبوت الدم على الطائفة الأولى ، وكذا على من ترك المبيت نسياناً أو جهلاً منه بالحكم .
  مسألة (430) : من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشرة لحاجة ، لم يجب عليه المبيت بها .

رمي الجمار
  الثالث عشر من واجبات الحج : رمي الجمــرات الثلاث :
  الأولى والوسطى وجمرة العقبة .
  ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأحوط .
  ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة ، فلا تجوز الإستنابة اختياراً .
  مسألة (431) : يجب الإبتداء برمي الجمرة الأولى ، ثم الجمرة الوسطى ، ثم جمرة العقبة ، ولو خالف وجب الرجوع إلى ما يحصل به الترتيب ، ولـو كان المخالفة عن جهل أو نسيان .
  نعم ، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأه إكمالها سبعا ، ولا يجب عليه إعادة رمي اللاحقة.
  مسألة (432) : ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في الصفحة ( 192 ) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها .
  مسألة (433) : يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار ، ويستثنى من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى نهاراً لخوف أو مرض أو علة أخرى ، فيجوز له رمي كل نهار في ليلته ، ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة .
  مسألة (434) : من ترك الرمي في اليوم الحادي عشر نسياناً أو جهلاً وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر ، ومن تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر ، والمتعمد بحكم الناسي والجاهل على الأحوط .
  والأحوط أن يفرق بين الأداء والقضاء ، وإن يقدم القضاء على الأداء ، والأحوط الأولى أن يكون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال .
  مسألة (435) : من ترك رمي الجمار نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها ، وإذا كان المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالأحوط أن يقدم الأقدم فواتا ، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بمقدار من الوقت .
  وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع لتداركه ، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة القادمة بنفسه أن حج أو بنائبه أن لم يحج .
  مسألة (436) : المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه ـ كالمريض ـ يستنيب غيره ، والأولى أن يحضر عند الجمار مع الإمكان ويرمي النائب بمشهد منه ، وإذا رمى عنه مع عدم اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله فالأحوط أن يرمي بنفسه أيضاً ، ومن لم يكن قادرا على الاستنابة ـ كالمغمى عليه ـ يرمي عنه وليّه او غيره .
  مسألة (437) : من ترك رمي الجمار في أيام التشريق متعمداً لم يبطل حجه ، والأحوط أن يقضيه في العام القابل بنفسه أن حج أو بنائبه أن لم يحج .

أحكام المصدود
  مسألة (438) : المصدود : هو الذي يمنعه العدو أو نحوه من الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة بعد تلبسه بالإحرام .
  مسألة (439) : المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقاً للهدي جاز له التحلل من إحرامه بذبح هديه أو نحره في موضع الصد .
  وإذا لم يكن سائقا وأراد التحلل لزمه تحصيل الهدي وذبحه أو نحره ، ولا يتحلل بدونه على الأحوط .
  والأحوط لزوماً ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح أو النحر في كلتا الصورتين .
  وأما المصدود في عمرة التمتع ، فإن كان مصدودا عن الحج أيضا فحكمه ما تقدم ، وإلا ـ كما لو منع من الوصول إلى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة ـ فلا يبعد انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .
  مسألة (440) : المصدود في حج التمتع إن كان مصدوداً عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة ، فالأحوط أن يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاة فيتحلل من إحرامه .
  وإن كان مصدوداً عن الطواف والسعي فقط ـ بأن منع من الذهاب إلى المطاف والمسعى ـ فعندئذٍ أن لم يكن متمكناً من الإستنابة وأراد التحلل ، فالأحوط أن يذبح أو ينحر هدياً ويضم إليه الحلق أو التقصير .
  وإن كان متمكناً من الإستنابة فلا يبعد جواز الإكتفاء بها ، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.
  وإن كان مصدوداً عن الوصول إلى منى لأداء مناسكها فوقتئذٍ أن كان متمكناً من الإستنابة استناب للرمي والذبح أو النحر ، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع الإمكان ، ويأتي ببقية المناسك .
  وإن لم يكن متمكناً من الإستنابة سقط عنه الذبح والنحر فيصوم بدلاً عن الهدي ، كما يسقط عنه الرمي أيضاً ـ وإن كان الأحوط الإتيان به في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج ـ ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو التقصير وأعمال مكة ، فيتحلل بعد هذه كلها من جميع ما يحرم عليه حتى النساء من دون حاجة إلى شيء آخر .
  مسألة (441) : المصدود من الحج أو العمرة إذا تحلل من إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فصد عنها وتحلل بذبح الهدي ، وجب عليه الإتيان بها لاحقاً إذا بقيت إستطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته .
  مسألة (442) : إذا صد عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار لم يضر ذلك بصحة حجه ، ولا يجري عليه حكم المصدود ، فيستنيب للرمي إن أمكنه في سنته ، وإلا قضاه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج على الأحوط الأولى .
  مسألة (443) : لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة ، ولو لم يتمكن منه فالأحوط أن يصوم بدلاً عنه عشرة أيام .
  مسألة (444) : إذا جامع المحرم للحج امرأته قبل الوقوف بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته ـ كما سبق في تروك الإحرام ـ ثم صد عن الإتمام جرى عليه حكم المصدود ، ولكن تلزمه كفارة الجماع زائدا على هدي التحلل .

أحكام المحصور
  مسألة (445) : المحصور : هو الذي يمنعه المرض أو نحوه عن الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء أعمال العمرة أو الحج بعد تلبسه بالإحرام .
  مسألة (446) : المحصور إذا كان محصوراً في العمرة المفردة أو عمرة التمتع وأراد التحلل ، فوظيفته أن يبعث هدياً أو ثمنه ويواعد اصحابه أن يذبحوه أو ينحروه بمكة في وقت معين ، فإذا جاء الوقت قصر أو حلق وتحلل في مكانه .
  وإذا لم يكن متمكنا من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من يبعثه معه ، جاز له أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل .
  وإن كان محصوراً في الحج ، فوظيفته ما تقدم ، إلا أن مكان الذبح أو النحر لهديه منى ، وزمانه يوم النحر .
  وتحلّل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير النساء ، وأما منها فلا يتحلل إلا بعد الإتيان بالطواف والسعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة .
  مسألة (447) : إذا مرض المعتمر فبعث هدياً ، ثم خف مرضه وتمكّن من مواصلة السير والوصول إلى مكة قبل أن يذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك ، فإن كانت عمرته مفردة فوظيفته إتمامها ولا شيء عليه .
  وإن كانت عمرة التمتع ، فإن تمكن من إتمام أعمالها قبل زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال ، وإلاّ فالظاهر انقلاب حجه إلى الإفراد .
  وكذلك الحال ـ في كلتا الصورتين ـ لو لم يبعث بالهدي وصبر حتى خف مرضه وتمكّن من مواصلة السير .
  مسألة (448) : إذا مرض الحاج فبعث بهديه ، وبعد ذلك خف المرض ، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق ، وحينئذٍ فإن أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة ـ حسبما تقدم ـ فقد أدرك الحج ، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح هديه .
  وإلاّ فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجه إلى العمرة المفردة ، وإن ذبح أو نحر عنه ، قصر أو حلق وتحلل من غير النساء ، وأما منها فلا يتحلل إلا أن يأتي بالطواف والسعي في حج أو عمرة .
  مسألة (449) : إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي ، بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول إلى المطاف والمسعى ، جاز له أن يستنيب لهما ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب .
  وإذا أحصر عن الذهاب إلى منى وأداء مناسكها استناب للرمي والذبح ، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع الإمكان ، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه .
  مسألة (450) : إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله ، جاز له أن يحلق ، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين ، لكل مسكين مدان .
  مسألة (451) : المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلّل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما ، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فأحصر ، فبعث بهديه وتحلّل ، وجب عليه الإتيان بها لاحقاً إذا بقيت إستطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته .
  مسألة (452) : المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام بدلاً عنه .
  مسألة (453) : إذا تعذر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير الصد والإحصار ، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه على الأحوط .
  وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك الحج أيضاً ، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد .
  وإذا كان حاجاً وقد تعذر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة ، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة مفردة .
  وإذا تعذر عليه الوصول إلى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي ، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للإتيان بمناسكها فحكمه ما تقدم في المسألة 449 .
  مسألة (454) : ذكر جماعة من الفقهاء : أن الحاج أو المعتمر إذا لم يكن سائقاً للهدي ، واشترط في إحرامه على ربه تعإلى أن يحله حيث حبسه ، فعرض له عارض ـ من عدو أو مرض أو غيرهما ـ حبسه عن الوصول إلى البيت الحرام أو الموقفين ، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما أحرم منه ، ولا يجب عليه الهدي ولا الحلق أو التقصير للتحلل من احرامه ، كما لا يجب عليه الطواف والسعي للتحلل من النساء اذا كان محصورا .
  وهذا القول وإن كان لا يخلو من وجه ، إلا أن الأحوط لزوماً مراعاة ما سبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلل عند الحصر والصدّ ، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلل .
  إلى هنا فرغنا من واجبات الحج ، فلنشرع الآن في آدابه ، وقد ذكر الفقهاء من الآداب ما لا تسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها .
  وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتن على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، فلا بد من الإتيان بها برجاء المطلوبية لا بقصد الورود ، وكذا الحال في المكروهات .

مستحبات الإحرام
  يستحب في الإحرام أمور :
  (1) تنظيف الجسد ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب ، وإزالة الشعر من الإبطين والعانة ، كل ذلك قبل الإحرام .
  (‏(2 تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن أراد الحج ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة .
  وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك ، وهذا القول وإن كان ضعيفا إلا أنه أحوط .
  (‏(3 الغسل للإحرام في الميقات ،‏ ويصح من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر ،‏ وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدمه عليه ، فإن وجد الماء في الميقات أعاده .
  وإذا إغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم على المحرم أعاد غسله ، ويجزئ الغسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية ، ويجزئ الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي .
  (4) أن يدع عند الغسل ـ على ما ذكره الصدوق ( ره ) ويقول :
  ( بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كل خوف ، وشفاء من كل داءٍ وسقم ، اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبتك ، ومدحتك ، والثناء عليك ، فإنه لا قوة لي إلا بك ، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك ، والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه واله ) .
  (5) أن يدعو عند لبس ثوبي الإحرام ويقول :
  ( الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي فيه فرضي ، وأعبد فيه ربي ، وأنتهي فيه إلى ما أمرني . الحمد لله الذي قصدته فبلغني ، وإردته فأعانني وقبلني ولم يقطع بي ، ووجهه أردت فسلمني ، فهو حصني ، وكهفي ، وحرزي ، وظهري ، وملاذي ، ورجائي ، ومنجاي ، وذخري ، وعدتي في شدتي ورخائي ) .
  (6) أن يكون ثوباه للإحرام من القطن .
  (7) أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر ،‏ فإن لم يتمكن فبعد فريضة أخرى ، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل ، والست أفضل ، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد ، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد ، فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ثم يقول :