لنا : أن أهل اللغة فرقوا بين الصيغتين وبين ضميريهما (1) ولعدم قبوله (2) الوصف بالاثنين (3).
الثالث :
قوله تعالى : « لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ » [ 59 / 21 ] ، لا يقتضي نفي الاستواء في جميع الامور (4) ، لان نفي الاستواء : أعم من نفيه من كل وجه ، ومن نفيه من وجه دون وجه ، ولا دلالة للعام على الخاص (5).
(1) إن أهل اللغة : فرقوا بين التثنية والجمع ، وخصوا كل واحد منها بأمر لا يشركه فيه الآخر.
فقالوا : التثنية تكون بالالف والنون والياء والنون ، والجمع يكون : بالواو والنون والياء والنون ، ويدل على ذلك أيضا : أنهم يقولون للاثنين افعلا ـ إذا أمروهما ـ ، والجماعة افعلوا.
« العدة : 1 / 116 ـ 117 بتصرف »
(2) مرجع الضمير : الجمع ، كما في هامش المصورة : ص 21.
(3) فإن السامع : إذا سمع المتكلم يقول : رأيت رجالا ، لا يفهم من ذلك ولا يسبق إلى قلبه إلا ثلاثة ، ولا يسبق إلى قلبه اثنان أصلا.
« العدة : 1 / 117 »
(4) خلافا لبعض الشافعية ، لان المساواة تفيد الاستواء في جميع الصفات ، فنفي المساواة نفي لذلك المجموع ، ونفي المجموع من حيث هو كذلك ، يحصل بنفي بعضه ، فلا يلزم نفي المساواة من كل وجه .
« المعارج : ص 37 ـ 38 »
(5) بإحدى الدلالات الثلاث.
« غاية البادي : ص 136 »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 127 ـ الرابع :
خطاب الرسول « عليه السلام » (1) : في مثل قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ... » (2) ، لا يتناول الامة (3) ، وقيل (4) : يتناولهم
وهؤلاء !! إن زعموا أنه مستفاد من هذا اللفظ فهو خطأ فاحش ، وإن زعموا استفادته من دليل آخر فهو خروج عن هذه المسألة (5).
(1) أي : في الخطاب الوارد من الله ، المتوجه إلى النيي ـ ع ـ.
« هوامش المسلماوي : ص 29 »
(2) هذه الجملة وردت مطلعا لآيات عدة : منها الانفال 8 / 65 ، والتوبة 9 / 74.
(3) إلا بدليل منفصل ، وهو مذهب الشافعية ، وهو الحق.
« هوامش المسلماوي : ص 29 »
(4) والقائل : أبو حنيفة ، واحمد بن حنبل ، وأصحابهما.
« المصدر السابق نفسه »
(5) قال المصنف : إن أرادوا : دخول الامة في الخطاب مستفاد من اللفظ ، فهو خطأ .
لان دلالة اللفظ على المعنى : إما أن يكون ذلك اللفظ موضوعا لذلك المعنى ، أو بأن يكون داخلا فيه ، أو يكون خارجا عنه لازما له .
وهذه الدلالات منفية .
أما الاولى : فظاهر ، لان الفرض أن اللفظ يختص به .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 128 ـ الخامس :
الصيغة المتناولة للذكور والاناث عامة فيهما ، إن لم يظهر فيه علامة ، كمن وأي.
للاجماع على عتق جميع الذكور والاناث من مماليكه ، عند قوله : من دخل داري فهو حر .
وأما إن ظهر فيه علامة ـ كقوله : قام ، قاما ، قاموا ، قامت ، قامتا ، قمن ـ فالمؤنث لا يتناول المذكر إجماعا.
وفي العكس خلاف (1) ، الاقرب أنه كذلك (2) ،
وكذا الثاني والثالث : لان خطاب الامة ليس بداخل في مسمى اللفظ ولا بلازم له .
فإن أرادوا : أن ذلك مستفاد من دليل آخر ، كقوله تعالى : « وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا » ، وأمثال ذلك.
فهو خروج عن المسألة ، لان الحكم حينئذ وجب بذلك الدليل المنفصل ، لا بالخطاب الموجبة إلى النبي « ص ».
« غاية البادي : ص 137 »
(1) أي : وإن لم يظهر فيه علامة خلاف ، فلا يدخل نحو النساء في نحو الرجال ، ولا العكس إتفاقا ، ويدخل الجميع في نحو الناس إتفاقا.
واختلف في نحو المسلمين من جمع المذكر السالم ، ونحو فعلوا ، مما يغلب فيه المذكر.
فالاكثر لا يدخل النساء ظاهرا .
وقالت الحنابلة : شذوذا يدخل .
« منتهى الوصول : ص 84 بتصرف »
(2) فلا يتناول المؤنث.
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 129 ـ
لان الجمع تضعيف الواحد ، والواحد لا يتناول المؤنث ، فكذا الجمع.
السادس :
حكاية الحال لا تعم .
لان قولنا : فلان فعل ، يكفي في صدقه صدور الفعل عن الفاعل ، مرة .
وهو : إخراج بعض ما تناوله الخطاب عنه (1).
وهو : إما بمتصل ، أو منفصل .
فالاول : الاستثناء (2) ، والشرط (3) ، والصفة (4) ،
(1) كما قال أبو الحسين ، نقلا عن منتهى الوصول : ص 87.
(2) مثل : جاء القوم إلا زيدا.
(3) وهو ضربان : مؤكد ، كقوله : قم إن استطعت ، ومبين : كقوله اكرمه إن فعل .
« المعارج : ص 40 »
(4) كقولك : اكرم الرجال الطوال.
« المعارج : ص 40 »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 130 ـ
والغاية (1).
والثاني : عقلي (2) وسمعي (3).
والفرق بينه وبين النسخ : أنه لا يصح إلا في اللفظ ، والنسخ يصح فيما علم بالدليل إرادته ... ولان نسخ الشريعة بمثلها جائز ، بخلاف التخصيص ... ولان النسخ يجب فيه التراخي دون التخصيص.
والحق !! إن التخصيص جنس للنسخ ، والاستثناء ، وغيرهما.
ويصح إطلاق العام وإرادة الخاص ، في الخبر والامر ، كقوله تعالى : « اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ » [ 13 / 17 ] ، وقوله : « فَاقْتُلُواْ (4) الْمُشْرِكِينَ » [ 9 / 6 ].
(1) كقوله تعالى : « وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ».
« المعارج : ص 40 »
(2) لانا نخرج الصبي والمجنون ، من قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ».
هذا في حال كونهما كذلك ، وإن كانا عند البلوغ والعقل مخاطبين بالعبادة بتلك العبارة.
« المعارج : ص 44 »
(3) سيأتي بيانه في البحث السابع من هذا الفصل.
(4) هكذا في القرآن الكريم ، وفي المصورة : ص 22 ، « اقتلوا » عارية عن الفاء ، الظاهر سببه النسخ أو الاختصار.
الحق !! أنه مجاز إن خص بمنفصل (1) ، عقليا كان أو نقليا (2).
وحقيقة : إن كان متصلا .
ويجوز التمسك به : إن لم يكن التخصيص مجملا (3) ،
(1) ذهب كثير من أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة ، إلى أن العموم مع الدليل الذي خص به ، حقيقة فيما عدا ما خص منه ، سواء كان ذلك الدليل ، لفظا ـ متصلا أو منفصلا ـ أو غير اللفظ.
وذهب أبو عبد الله البصري : إلى أنه إن كان ذلك الدليل لفظا متصلا ، من إستثناء وغيره ، كان حقيقة ، فأما إذا لم يكن متصلا ، فإنه يصير مجازا .
وذهب أبو علي وأبو هاشم ومن تبعهما واكثر المتكلمين وباقي الفقهاء ، إلى أنه يصير مجازا بأي دليل خاص ، وهو الصحيح.
« العدة : 1 / 120 »
(2) العقلي : كالذي مر في هامش 2 من الصحفة السابقة.
والنقلي : كتخصيص آية المواريث ، بقوله « ع » : « القاتل لا يرث »
« المعارج : ص 4(4) 45 بتصرف »
(3) المخصص : إما أن يكون مجملا وإما أن يكون مبينا .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 132 ـ
وإلا فلا (1).
لان كونه حجة في بعض موارده ، لا يتوقف على كونه حجة في الاخرى ، وإلا دار أو لزم الترجيح من غير مرجح
فإذا خرج عن كونه حجة في بعض الموارد ، لم يزل عنه كونه حجة في الاخرين.
ولان أكثر العمومات مخصوصة ، مع إحتجاج العلماء كافة بها .
وهو : إخراج بعض الجملة منها ، بلفظ « إلا » أو ما يقوم مقامها (2) ، ويجب اتصالها بالمستثنى منه عادة (3).
فالاول : كقول القائل : أحسن إلى الناس ، ويقول عقب ذلك : لا تحسن إلى بعضهم ، أو يقول هذا العام مخصوص .
والثاني : كقوله أحسن إلى الناس ، ويقول : لا تحسن إلا لمن يحسن إليك.
« أصول الخضري : ص 201 »
(1) وهو من رأي المحقق أيضا ، كما في المعارج ص 47 ، إلا أنه قيده بالاطلاق.
(2) كما جاء في منتهى الوصول : ص 89.
(3) ولا يجوز إنفصاله عنه ، والذي يدل على صحة ما قلناه : أن
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 133 ـ
وهو قسمان : حقيقة ، وهو الاستثناء من الجنس ... ومجاز : وهو الاستثناء من غيره (1).
وشرطه : عدم الاستغراق ، ويجوز أن يكون المستثنى اكثر من الباقي (2).
أهل اللغة ، لا يعدون ما انفصل عن الكلام استثناء.
« عدة الاصول : 1 / 123 »
(1) من قبيل قولهم : ما في الدار أحد إلا وتد ، وقول الشاعر : وبلدة ليس بها انيس إلا اليعافير وإلا العيس، ووتد ليس من أحد ، ولا اليعافير من جملة الانيس.
والذي يدل على ما قلناه : أنا قد بينا أن من حق الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته ، ونحن نعلم أن القائل لو قال ما في الدار أحد ولم يستثن ، لم يفهم من ذلك إلا نفي العقلاء ، ولا يفهم منه نفي الاوتاد.
فإذا قال الا وتد ، فينبغي أن لا يكون استثناء حقيقة ، ويكون مجازا ، لانه لم يدخل في الكلام الاول.
فكذلك لو قال : بلدة ليس لها أنيس وسكت ، لم يفهم من ذلك إلا أنه ليس بها إنسان ، ولم يفهم من ذلك أنه ليس بها بهائم .
فكذلك إذا قال إلا اليعافير وإلا العيس ، يجب أن يكون مجازا .
« العدة : 1 / 12(4) 125 بتصرف »
(2) الاستثناء المستغرق باطل بإتفاق .
والاكثرون : على جواز المساوي والاكثر ، وقالت الحنابلة والقاضي في أحد قوليه : بمنعهما .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 134 ـ
وإذا ورد عقيب الاثبات ، أفاد النفي إجماعا.
وإذا ورد عقيب النفي ، أفاد الاثبات ، خلافا لابي حنيفة (1).
لنا : لو لم يكن كذلك !! لم يكن قولنا : لا إله إلا الله ، موجبا لثبوت الالهية (2) له تعالى ، وبالاجماع دل على تمام الاسلام به (3).
وإذا تعدد الاستثناء (4) : فإن كان بحرف عطف ، كان
وقال ابن درستويه والقاضي أيضا : بمنعه في الاكثر خاصة .
وقيل : إن كان العدد صريحا ، اعتبر الاكثر ، وإلا لم يعتبر.
وقيل : يمتنع في العقد الصحيح ، كمائة إلا عشرة. بخلاف خمسة.
« منتهى الوصول : ص 91 »
(1) الاستثناء من الاثبات نفي بالاجماع ، كقوله تعالى : « قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ».
فيكون لبث خمسين عاما منتفيا .
وكذلك الاستثناء من النفي إثبات ، كقوله تعالى : « إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ » ، فيكون سلطانه على الغاوين مثبتا ، خلافا لابي حنيفة .
« غاية البادي : ص 15(4) 155 »
(2) هكذا في المصورة : ص 23 ، ولا كن الصحيح اليوم إملائيا ، أن تكتب بهاذا الشكل : « ألالهية ».
(3) أي : دل إجماع المسلمين على تمام إسلام من قال « لا إله الا الله » ، بعد تمام هذي اللفظة.
« هوامش المسلماوي : ص 32 »
(4) أي : إذا تعدد المستثنى مع اتحاد الجملة.
« غاية البادي : ص 56 بتصرف »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 135 ـ
الجميع راجعا إلى المستثنى منه (1).
وإن كان بغيره : فكذلك (2) ، إن كان الثاني أكثر من الاول (3) أو مساويا له (4).
وإلا !! عاد إلى الاول (5) ، لقربه (6).
(1) نحو قولك : لفلان علي عشرة إلا أربعة وإلا ثلاثة .
« هوامش المسلماوي : ص 32 »
(2) أي : يعود إلى المستثنى منه ، لتعذر عوده إلى المستثنى.
« هوامش المسلماوي : ص 32 »
(3) أي : إن كان المستثنى الثاني أكثر من المستثنى الاول ، نحو قولك : له علي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة.
« هوامش المسلماوي : ص 32 بتصرف »
(4) نحو قولك : له علي عشرة الا ثلاثة الا ثلاثة
« هوامش المسلماوي : ص 32 »
(5) أي : المستثنى الاول ، كما في هامش المصورة : ص 24.
(6) أي : وان لم تكن الاستثناءات متعاطفة ، أو يكون الآخر أقل من الاستثناء الاول ، فالعود إلى الاول ، لانه استثناء أقرب من الاستثناء الآخر ، وللقرب رجحان ، علم ذلك من استقراء كلام العرب.
اللهم الا إذا كان له قرينة ، دالة على رجوعه إلى المستثنى منه .
« هوامش المسلماوي : ص 32 »
وللتوسع !! وتطبيق الحكم الفرعي على هذا المبحث ، يراجع شرائع الاسلام ، كتاب الاقرار ، 3 / 149 ـ 152 ، « بتحقيقنا ».
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 136 ـ
وإذا ورد عقيب الجمل (1) : اختص بالاخيرة (2).
وقال الشافعي (3) : يعود إلى الجميع.
وقال السيد المرتضى : بالاشتراك (4).
لنا : أنه على خلاف الاصل ، فترك العمل به في الاخير لدفع محذور الهذرية ، وللقرب ، فيبقى الباقي على الاصل (5).
(1) مثال قوله تعالى : « وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ... ».
(2) كما قالت الحنفية.
« منتهى الوصول : ص 92 »
(3) محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي ، أبو عبد الله أحد الائمة الاربعة عند أهل السنة ، وإليه نسبة الشافعية كافة .
ولد في غزة « بفلسطين » ، سنة 150 ه ، وتوفي في القاهرة سنة 204 ه.
له تصانيف كثيرة : أشهرها كتاب « الام ـ ط » في الفقه و « الرسالة ـ ط » في أصول الفقه.
« أعلام الزركلي : 6 / 249 ـ 250 بتصرف واختصار »
(4) أي : لا يتعين وضعه للجملة الاخيرة أو للكل ، بل هو لهما على سبيل الاشتراك ، لانه ورد استعماله على الوجهين ، والاستعمال يدل على الحقيقة.
والجواب : أن الاصل عدم الاشتراك ، وقد مر أن المجاز أولى منه .
« جمعا بين غاية البادي : ص 57 وهوامش المسلماوي : ص 33 »
(5) اختار المصنف مذهب أبي حنيفة ، واستدل عليه بأدلة ثلاثة :
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 137 ـ
ولان الاستثناء عقيب مثله ، يعود إليه دون المستثنى منه (1)
ولان الظاهر عدم الانتقال من الجملة قبل استيفائها (2).
الشرط : ما يتوقف عليه تأثير المؤثر (3).
وله صيغتان : إن ، ويختص بالمحتمل (4) ... وإذا ، ويدخل
وتقرير الاول : أن الاستثناء على خلاف الاصل ، لان الاصل إجراء العام على عمومه ، خالفنا هذا الاصل في الجملة الاخيرة ، لئلا يكون الاستثناء هذرا ، ويبقى الباقي على أصله ، وخصصنا بالاخيرة ، لما ثبت في علم العربية اعتبار القرب ... « غاية البادي : ص 57 ـ 58 »
(1) أي : أن الاستثناء عقيب الاستثناء يرجع إلى المستثنى دون المستثنى منه ، إذا كان أقل منه ، كما تقدم .
فيجب أن يكون هاهنا أيضا كذلك ، قياسا عليه ودفعا للاشتراك .
« غاية البادي : ص 58 بتصرف »
(2) يعنى أن الانتقال من الجملة إلى الاخرى من دون الاستثناء ، يدل على تمام الجملة الاولى ، كما أن السكوت بعد الجملة يدل على تمامها .
« هوامش المسلماوي : ص 33 »
(3) كما في منتهى الوصول : ص 93 .
(4) كقول القائل : اكرمه إن أكرمك .
« منتهى الوصول : ص 94 بتصرف »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 138 ـ
عليه وعلى المتحقق (1).
وإذا تعقب الجمل (2) : رجع إلى الجميع (3).
وقيل : يختص بالاخيرة (4).
والاولى : تقديمه لفظا ، وإن جاز تأخيره (5).
(1) نحو : « فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف » ، فإن نفي الجناح عام ، لانه نكرة في سياق النفي ، ولكن هذا النفي مشروط بشرط ، هو تسليم ما آتوهن بالمعروف .
« أصول الفقه للخضري : ص 195 »
(2) لا يمتنع أن يجعل الشرط الواحد شرطا في اشياء كثيرة ، كما لا يمتنع أن يكون الشيء الواحد مشروطا بشروط كثيرة .
وذلك مثل قول القائل : من دخل داري وأكل طعامي وشرب شرابي فله درهم ، فإنه يستحق الدرهم إذا دخل الدار وأكل وشرب ، فأما بواحد منها فلا يستحق ذلك.
وكذلك يصح أن يقول : إن دخلت الدار فلك خلعة ودراهم وطعام فإنه متى دخل استحق لجميع ذلك.
فتارة يكون الشرط واحدا والمشروط اشياء ، وتارة يكون الشرط أشياء والمشروط واحدا ، وكل ذلك جائز .
« العدة : 1 / 128 »
(3) كما نقل عن الشافعي وأبي حنيفة .
« منتهى الوصول : ص 94 »
(4) وقال بعض الادباء : انه يعود إلى ما يليه ، حتى انه لو قدم يعود أيضا إلى ما يليه .
« غاية البادي : ص 61 »
(5) وذهب النحويون : إلى أنه متى تأخر ، فالمراد به المتقدم ،
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 139 ـ
وأما الصفة (1) : فإن كانت عقيب جملة واحدة ، عادت إليها (2). وإن كانت عقيب أكثر : فإن تعلقت إحديهما (3) بالاخرى عادت إليهما معا ، وإلا فالاقرب عودها إلى الاخيرة
وأما الغاية : فهي نهاية الشيء.
وصيغتها : « حتى » (4) و « إلى » (5).
لان له صدر الكلام.
« العدة : 1 / 128 »
(1) المقصود بالصفة هنا : ما يعم النعت وغيره ، فيشمل الحال والتمييز ونحوهما ، مما يصلح أن يكون قيدا لموضوع التكليف.
كما أنه يختص بما إذا كان متعمدا على موصوف ، فلا يشمل ما إذا كان الوصف نفسه موضوعا للحكم ، نحو « وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا » فإن مثل هذا يدخل في باب مفهوم اللقب.
والسر في ذلك : أن الدلالة على انتفاء الوصف ، لابد فيها من فرض موضوع ثابت للحكم ، يقيد بالوصف مرة ، ويتجرد عنه اخرى حتى يمكن فرض نفي الحكم عنه .
« أصول الفقه للمظفر : 1 / 120 »
(2) نحو : « الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ » ، فالصفة : جعلت حكم المنطوق ، وهو اثبات الحل للفتيات المؤمنات.
« أصول الفقه للخضري : ص 196 »
(3) هكذا في المصورة : ص 24 ، وهو المألوف قديما في كتابة مثل هاذه الكلمات ، ولكن الصحيح اليوم ، كتابتها بهذا الشكل « إحداهما »
(4) نحو : « كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه ».
« أصول المظفر : 1 / 124 »
(5) نحو : « أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ».
« أصول المظفر : 1 / 124 »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 140 ـ
والحكم فيما بعدها : مخالف لحكم ما قبلها ، إن كانت منفصلة بمنفصل محسوس ، وإلا فلا (1).
(1) قال المصنف : إن الغاية إن كانت منفصلة عن ذي الغاية بمنفصل محسوس ، كقوله تعالى « ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ » ، وجب أن لا يدخل .
وإن لم تكن منفصلة كقوله تعالى : « فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ » ، وجب أن يدخل .
لانه لما لم يكن المرفق منفصلا عن اليد بمفصل حسي ، لم يكن تعيين بعض المفاصل أولى من بعض ، فوجب دخوله لرفع التحكم.
« غاية البادي : ص 6(2) 63 »
هذا !! وقلنا أن المراد به أفعال نفسه ، لما دل الدليل على أن الواحد منا فاعل ومحدث.
فضلا عن أن العقل قاض ضرورة ، باستحالة كون القديم الواجب بذاته ، مخلوقا ومقدورا.
« جمعا بين العدة : 1 / 133 ، ومنتهى الوصول : ص 94 بتصرف »
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 141 ـ
وأما بالنقل :
فله أقسام : أحدها :
تخصيص الكتاب بالكتاب !! وهو جائز ، خلافا للظاهرية (1)
لقوله تعالى : « وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ » [ 2 / 229 ] مع قوله : « وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ » [ 65 / 5 ].
الثاني :
تخصيصه بالسنة المتواترة جائز !! خلافا لبعض الشافعية (2).
لقوله « ع » : « القاتل لا يرث » (3) ، في تخصيص قوله
(1) وهي : مدرسة فقهية ، أسسها في العراق داود بن علي الاصفهاني ( + 270 ه ) ، وكانت تقوم على رفض الرأي والقياس ، وقصر الاجماع على إجماع الصحابة ، والتمسك بظاهر الكتاب والسنة تمسكا شديدا ، وهم بذلك يعاكسون كل حركة ترمي إلى تحكيم الرأي ، وتلجأ إلى التأويل ، كحركة الاعتزال.
« المعتزلة : 25(3) 254 بتصرف »
(2) الشافعية : نسبة تمثل رواد مدرسة فقهية ، في فروع الدين ، تعتمد الحديث في إستناط الاحكام ، مؤسسها محمد بن ادريس المعروف بالشافعي ، في أواخر القرن الثاني الهجري ، وبداية القرن الثالث منه .
« المنجد : ص 283 ، وغيره من المصادر »
(3) وسائل الحر العاملي : 17 / 388 ـ 390 « بالمضمون » ومسند
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 142 ـ
تعالى : « يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ » [ 4 / 12 ] (1) وكتخصيص آية الجلد (2) ، برجم المحصن (3). الثالث :
تخصيصه بالاجماع !! وهو جائز .
للاجماع على تخصيص العبد ، من آية الميراث ومن آية الجلد (4).
احمد بن حنبل : ص 46 « بالنص » ، ومصادر أخر مذكورة في مفتاح كنوز السنة : ص 521
(1) وهذه الآية تسمى بآية المواريث ، كما في الناسخ والمنسوخ لابن العتائفي : ص 30 بتحقيق عبد الهادي الفضلي.
(2) وهي قوله تعالى في سورة النور ، الآية 3 : « الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدة ... »
(3) كما في قول الصادق « عليه السلام » : « الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مأة جلدة ، فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم » ، كما في التذهيب : 10 / 3.
علما بأن هذا الحكم ورد في كثير من المصادر الاخرى ، من قبيل : اللمعة الدمشقية 9 / 85 ، والكافي 7 / 177.
والتبيان 7 / 405 ، ومجمع البيان 7 / 124 ، والصافي 2 / 152 والخلاف 2 / 438.
(4) أما تخصيص الكتاب بالاجماع ، فيصح أيضا بمثل ما قدمناه من الادلة.
وقد وقع أيضا في مواضع كثيرة : نحو إتفاقهم على أن العبد لا يرث فخص بذلك آية المواريث ، ونحو إجماعهم على أن العبد كالامة في
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 143 ـ الرابع :
تخصيصه بفعله « عليه السلام » (1) !! إن كان حكم العام متناولا له ، وثبت أن حكم غيره مثل حكمه .
وإن كان غير متناول له ، كان مخصوصا في حق غيره إن ثبت أن حكم غيره حكمه .
وإلا فلا (2).
الخامس :
تخصيصه بخبر الواحد جائز (3) !! لانهما دليلان تعارضا ،
تنصيف الحد ، فخص به قوله تعالى : « الزانية والزاني ... » وغير ذلك ،
« العدة : 1 / 135 »
(1) لان الدليل قد دل : على أن فعله كقوله ، في وجوب الرجوع إليه في معرفة الاحكام.
فإذا ورد الكتاب بتحريم اشياء ، ثم وجدناه « ع » فاعلا لبعضها ، علمنا بفعله خصوص الكتاب.
ولذلك خص قوله تعالى « الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ماءة جلدة » ، برجمه « ع » ماعزا .
وتخصيص قوله « ع » بفعله ، صحيح أيضا بمثل ما قلناه .
« العدة : 1 / 135 »
(2) أي : « وإن لم يثبت لم يكن ذلك الفعل مختصصا البتة.
« غاية البادي : ص 66 »
(3) والائمة الاربعة على الجواز كذلك .
وقال ابن أبان : يجوز إن كان قد خص بدليل قطعي ، وإلا فلا .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 144 ـ
فقدم الاخص ، جمعا بين الدليلين.
وقد وقع كما في تخصيص : « فَاقْتُلُواْ (1) الْمُشْرِكِينَ » [ 9 / 6 ] ، بقوله : « سنوا بهم سنة أهل الكتاب » (2).
والسيد المرتضى منع من ذلك ، لان خبر الواحد ليس بحجة عنده .
السادس :
لا يجوز تخصيصه بالقياس (3).
لان القياس عندنا باطل على ما يأتي ، فيكف إذا عارض القرآن ؟
السابع :
يجوز تخصيص السنة المتواترة بمثلها .
لان العمل بهما وتركهما وترك الخاص ، باطل بالاجماع ، فتعين ما قلناه .
وقال الكرخي : إن كان قد خص بدليل منفصل .
وقال القاضي : بالوقف ، « منتهى الوصول : ص 96 بتصرف »
(1) هكذا في القرآن الكريم ، وفي المصورة : ص 25 ، « اقتلوا » عارية عن الفاء ، الظاهر منشأه الاختصار.
(2) المنتفي لابن تيمية : 2 / 836 ، « الطبعة الاولى 1351 ه ».
(3) ومن أثبت القياس : فإن فيهم من أجاز تخصيص العموم به على كل حال ، إذا صح القياس بشروطه ، وهو مذهب اكثر الفقهاء ، والشافعي ، والمحكي عن أبي الحسن ، وإليه ذهب أبو هاشم أخيرا.
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 145 ـ فائدة
إذا ورد خبران : عام وخاص واقترنا ، كان الخاص مخصصا للعام .
وكذا إن ورد الخاص متأخرا قبل حضور وقت العمل بالعام (1).
وإن كان بعده كان نسخا .
وإن تأخر العام : فعند أبي الحسين (2) ، يبنى العام على الخاص ، لان الخاص أقوى دلالة .
وعند أبي حنيفة (3) :
ومنهم : من أبى تخصيص العموم به على كل وجه ، وهو مذهب أبي علي ، وبه قال أبو هاشم أولا ، كما وقد قال به بعض الفقهاء.
ومنهم من قال : يخص بالقياس الجلي ولا يخص بالخفي ، وهو مذهب بعض أصحاب الشافعي.
ومنهم من قال : أنه يخص بذلك ، إذا دخله التخصيص ، وسوغ فيه الاجتهاد ، ولا يجوز تخصيصه إذا كان باقيا على عمومه.
« العدة : 1 / 139 »
(1) مثل قوله « عليه السلام » : « في الخيل زكاة » ، « ليس في الذكور من الخيل زكاة ».
« هامش المصورة : ص 26 »
(2) محمد بن علي الطيب البصري ، أحد أئمة المعتزلة.
ولد في البصرة ، وسكن بغداد ، وتوفي بها سنة 436 ه ، من كتبه « المعتمد » في اصول الفقه.
« أعلام الزركلي : 7 / 161 بتصرف واختصار »
(3) النعمان بن ثابت ، التيمي بالولاء ، الكوفي ، إمام الحنفية ، أحد الائمة الاربعة عند أهل السنة .
قيل : أصله من أبناء فارس ، ولد سنة 80 ه ونشأ بالكوفة ، وكان يبيع الخز ويطلب العلم في صباه ،
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 146 ـ
العام ناسخ ، لان مع التعارض يعمل بالاخير .
وإن جهل التأريخ : توقف أبو حنيفة ، لتردد الخاص بين كون منسوخا وتخصيصا وناسخا (1).
وهو سبعة :
الاول السبب !! ليس مخصصا خلافا للشافعي ، لوجود المقتضي للعموم ، وهو لفظه ، وخصوص السبب لا يصلح للمنع لانه لو صرح وقال : عليك بالعام ، كان جائزا (2).
ثم انقطع للتدريس والافتاء ، وتوفي في بغداد سنة 150 ه.
« أعلام الزركلي : 9 / (4) 5 بتصرف واختصار »
(1) قال أبو حنيفة والقاضي وإمام الحرمين : وإن جهل التأريخ ، تساقطا في موضع المقابلة.
لاحتمال تأخر العام ، فيكون ناسخا للخاص ، ولاحتمال تأخر الخاص ، فيكون مخصصا للعام ، فيتوقف في محل الخاص ، ويطلب من دليل آخر.
« أصول الخضري : ص 206 بتصرف »
(2) أما الاول : فلان المقتضي للعموم ، إنما هو اللفظ العام ، وهو قائم .
وأما الثاني : فلان المعارض ليس إلا خصوص السبب باتفاق الخصم ، ولا منافاة بين خصوص السبب وعموم الحكم ، وكذلك لو صرح الشارع
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 147 ـ
ولان الظهار واللعان وغيرهما ، وردت على أسباب خاصة مع عمومها (1).
الثاني : مذهب الراوي !! ليس بمخصص ، خلافا لابن أبان (2) لاحتمال استناده إلى ما ليس بدليل ، وقد أخطأ في ظنه (3).
الثالث : لا يجوز تخصيص العموم بذكر بعضه ، لعدم التنافي ، والمفهوم ليس بحجة ، خصوصا مع معارضة العموم (4)
بعموم الحكم ، لم يحكم بالمنافاة ، وإذا لم يكن منافيا لم يكن معارضا .
« غاية البادي : ص 73 »
(1) وعلى ذلك حمل الفقهاء خطاب الله تعالى في آية اللعان ، وإن خرجت على سب هلاك بن امية العجلاني ، إلى كل رام زوجته .
وآية القذف وردت في من تكلم في عائشة ، وحملت على الجميع.
وكذلك آية الظهار ، وردت في مسلم بن صخر ، وحملت على كل مظاهر .
« العدة : 1 / 146 »
(2) هو عيسى بن أبان بن صدقة ، القاضي أبو موسى ، تفقه على محمد بن الحسن.
استخلفه القاضي يحيى بن اكثم على قضاء العسكر وقت خروجه مع المأمون إلى قم ، ثم تولى القضاء بالبصرة ، فلم يزل عليه حتى مات ، في المحرم سنة 221 ه .
« الفوائد البهية : ص 151 »
(3) مثاله : رواية أبي هريرة « يغسل الاناء من الولوغ سبع مرات » ومذهبه مثلا وجوب الغسل بثلاثة .
« هامش المصورة : ص 27 »
(4) كقوله « عليه السلام ـ لما مر بشاة ميمونة ـ : « دباغها طهورها » ، وسمع منه قبل ذلك : « أيما إهاب دبغ فقد طهر ».
فالبعض !! وهو قوله : « دباغها طهورها » ، لا يخصص العام
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 148 ـ
الرابع : العادة (1) غير مخصصة ، إلا أن يقع في زمانه « عليه السلام » ويقرهم عليها ، لان فعل العبد ليس بحجة على الشرع (2).
وهو قوله : « أيما إهاب دبغ فقد طهر » على مذهب الشافعي.
لنا : أن المقتضي للعموم باق وهو عموم اللفظ ، والمعارض لا يصلح للمعارضة ، إذ لا منافاة بين الكل والبعض .
احتج الخصم بأن تخصيص البعض بالذكر ، يدل على نفي ما عداه بدليل الخطاب.
والجواب : المنع من صحة دليل الخطاب ، ومع التسليم فالتمسك بالعموم أولى.
« جمعا بين هامش المصورة : ص 27 ، وغاية البادي : ص 7(5) 76 »
(1) كبيع الموزون بالعدد .
« هامش المصورة : ص 27 »
(2) الجمهور !! على أن العادة في تناول بعض خاص ، لا يكون مخصصا للعموم ، خلافا لابي حنيفة ، كما لو قال : حرمت الربا في الطعام ، وكانت عادتهم تناول البر.
لنا : أن اللفظ عام لغة وعرفا ، فوجب التمسك به حتى يثبت تخصيصه .
قالوا : كما تخصص الدابة بالعرف بذوات الاربع ، والنقد بالغالب في البلد ، وجب تخصيص ذلك .
قلنا : ذاك لتخصيص الاسم بذلك المسمى عرفا ، بخلاف هذا ، فإن العادة تناولته ، لا في غلبة الاسم عليه ، حتى لو غلب الاسم هنا لكان كذلك ، بل لو غلب الاسم على خلافه ، لخرج المعتاد تناوله .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 149 ـ
الخامس : المخاطب لا يخرج عن عموم الخطاب (1) ، كقوله تعالى : « ... وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » [ 29 / 63 ].
السادس : الخطاب المتناول للرسول « عليه السلام » والامة ، لا يختص بالامة ، لعموم اللفظ (2).
قالوا : لو قال اشتر لي لحما ، والعادة تناولت الضأن لم يفهم سواه .
قلنا : تلك قرينة في المطلق والكلام في العموم.
« منتهى الوصول : ص 97 »
(1) لا يجوز تخصيص العام بالمخاطب ، لان المقتضي لدخول المخاطب قائم ، وهو اللفظ.
وكونه مخاطبا لا يقتضي خروجه ، كقوله تعالى « وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ».
فيكون عالما بذاته ، ولايكون خارجا من مفاد العموم.
« غاية البادي : ص 77 بتصرف ، جمعا بين المتن والهامش »
(2) قد يرد في نصوص الكتاب خطابات عامة ، مثل : « يَا عِبَادِيَ !! » « يَا أَيُّهَا النَّاسُ !! » ، فهل هذه الخطابات تنتظم المأمور بالتبليغ « ص » ؟
والجواب : أن الانتظام لغة لا نزاع فيه ، أما الانتظام إرادة فهو رأي الاكثرين.
وقال بعضهم : إنه ليس مرادا بهذه الخطابات ، لان كونه مبلغا للامة ، مانع من ذلك ، وإلا كان مبلغا ومبلغا بخطاب واحد.
وهذا كلام غير وجيه ، لان المبلغ في الحقيقة هو الروح الامين ، بلغ الاحكام العامة ، إلى واسطة بين الله وبين عباده ليسمعهم إياها ، وهو منهم .
مبادئ الوصول إلى علم الاصول ـ 150 ـ
السابع : عطف الخاص على العام لا يقتضي التخصيص ، خلافا للحنفية ، لقوله « عليه السلام » : « لا يقتل المؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده » (1).
لان العطف لا يقتضي الاشتراك من كل الوجوه (2).
فلا موجب لخروجه عنهم ، مع إنتظام اللفظ له لغة .
أما ما تحقق خروجه منه ، فلدليل خاص ، ولا فرق في هذه البلاغات بين ما صدر ب « قل » وبين ما لم يصدر بها .
« أصول الفقه للخضري : ص 185 »
(1) المنتقى من أخبار المصطفى : 2 / 676.
(2) قالت الحنفية : المراد ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر ، والمراد بالكافر الثاني هو الحربي بالاتفاق ، فوجب أن يكون الكافر الاول أيضا حربيا ، تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه ، فلذلك قالوا : يقتل المسلم بالذمي .
وقالت الشافعية : لا يقتل ، فيكون ذلك تخصيص العام بعطف الخاص عليه.
والجواب : إنا لا نسلم ذلك الاضمار ، أي إضمار الكافر.
إن قالوا : ليستقيم الكلام ...
قلنا : الكلام مستقيم من دونه ، لجواز أن يكون المراد لا يقتل ذو عهد إذا كان في عهده ، ويقتل لو خرج عن عهده.
لم قلتم إن ذلك غير مراد ؟ سلمنا إضماره ، لكن لا نسلم أنه إذا كان المراد من الكافر الثاني الحربي ، يجب أن يكون الاول كذلك .
قوله : لتسوية المعطوف والمعطوف عليه ، قلنا : العطف لا يقتضي