|
ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم (محجتكم خ ل) ومدرة (1) سنتكم الاساء ما تزرون وبعدالكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الايدي وخسرت الصفقة وبوءتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم يا اهل الكوفة اتدرون اي كبد لرسول الله صلى الله عليه واله فريتم (فرثتم خ ل) (2) واي كريمة له ابرزتم واي دم له سفكتم واي حرمة له انتهكتم لقد جئتم بها صلعا (3) عنقاء (4) سوءاء (5) فقهاء (6) نأنأء (7) وفي رواية خرقاء (8) شوهاء (9) كطلاع الارض (10) أو ملئ السماء افعجبتم ان مطرت السماء دما فلعذاب الاخرة اخزي وانتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحفزه (11) البدار ولا يخاف فوت الثار وان ربكم لبالمرصاد ( قال ) فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حياري يبكون وقد وضعوا ايديهم في افواهم ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضت لحيته وهو يقول بابي انتم وامي كهولكم خير الكهول وشبابكم
------------------
(1) المدرة بالكسر زعيم القوم والمتكلم عنهم والذي يرجعون إلى رأيه ( منه ).
(2) الفري القطع والفرث التفتيت ( منه ).
(3) الصلعاء الداهية القبيحة المكشوفة ( منه ).
(4) العنقاء الداهية ( منه ).
(5) قبيحة ( منه ).
(6) عظيمة ( منه ).
(7) النأنأة العجز والضعف ( منه ).
(8) الخرق ضد الرفق ( منه ).
(9) قبيحة ( منه ).
(10) اي ملئها ( منه ).
(11) لا يعجله ( منه ).
لواعج الاشجان _ 202 _
خير الشباب ونساؤكم خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزي ولا يبزي (1) ( وروي ) زيد بن موسى عن ابيه عن جده عليهم السلام قال خطبت فاطمة الصغرى بعد أن وردت من كربلا فقالت : (خطبة فاطمة الصغرى عليها السلام بالكوفة) الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش إلى الثرى احمده واؤ من به واتوكل عليه واشهد ان لا آله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وان اولاده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات اللهم اني اعوذ بك ان افتري عليك الكذب أو ان اقول عليك خلاف ما انزلت عليه من اخذ العهود لوصيه علي بن ابي طالب (عليه السلام) المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالامس في بيت (2) من بيوت الله فيه معشر مسلمة بالسنتهم تعسا لروءوسهم ما دفعت عنه ضيما في حياته ولا عند مماته حتى قبضته اليك محمود النقيبة (3) طيب العريكة (4) معروف المناقب مشهور المذاهب لم تأخذه فيك اللهم لومة لائم ولا عذل عاذل هديته اللهم للاسلام صغيرا وحمدت مناقبه كبيرا ولم يزل ناصحا لك ولرسولك حتى قبضته اليك زاهدا في الدنيا غير حريص عليها راغبا في الاخرة مجاهدا لك في سبيلك
------------------
(1) اي لا يغلب ولا يقهر ( منه ).
(2) متعلق بالمقتول (منه).
(3) النفس ( منه ).
(4) الطبيعة ( منه ).
لواعج الاشجان _ 203 _
رضيته فهديته إلى صراط مستقيم ( اما بعد ) يا أهل الكوفة يا اهل المكر والغدر والخيلاء فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته وحجته على الارض في بلاده لعباده اكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالا واموالنا نهبا كأنا اولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالامس وسيوفكم تقطر من دمائنا اهل البيت لحقد متقدم قرت لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم افتراء (اجتراء خ ل) على الله ومكرا مكرتم والله خير الماكرين فلا تدعونكم انفسكم إلى الجذل بما اصبتم من دمائنا ونالت ايديكم من اموالنا فان ما اصابنا من المصائب الجليلة والرزء العظيم في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذنك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال فخور تبا لكم فنتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات فتسحتكم (1) بما كسبتم (فيسحتكم بعذاب خ ل) ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الاليم يوم القيامة بما ظلمتمونا الا لعنة الله على الظالمين ويلكم اتدرون اية يدطا عنتنا
------------------
(1) سحته استأصله ( منه ).
لواعج الاشجان _ 204 _
منكم واية نفس نزعت إلى قتالنا ام بأية رجل مشيتم الينا تبغون محاربتنا والله قست قلوبكم وغلظت اكبادكم وطبع على افئدتكم وختم على سمعكم وعلى بصركم غشاوة فانتم لا تهتدون فتبالكم يا اهل الكوفة اي ترات لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم وذحول له لديكم بما غدرتم باخيه علي بن ابي طالب جدي وبنيه وعترته الطيبين الاخيار وافتخر بذلك مفتخر من الظالمين فقال
نـحـن قـتـلنا عـلـيا وبـنـي iiعـلي بــسـيـوف هــنـديـة ورمـــاح وسـبـيـنا نـسـاءهم سـبـي iiتــرك ونـطـحـنـاهم فــــاي iiنــطـاح بـفـيـك ايــهـا الـقـائل iiالـكـثكث والاثـلـب (1) افـتـخرت بـقتل iiقـوم زكـــاهـــم الله iiوطــهــرهــم واذهــب عـنهم الـرجس فـاكظم (2)ii واقــع (3) كـما اقـعى ابـوك iiفـانما لـكل امـرء مـا اكـتسب وما قدمت iiيداه احـسـدتـمونا ويـلـكم عـلـى iiمــا فـضـلـنا الله عـلـيكم فـمـاذ iiنـبـنا ان جــــاش دهـــرا iiبـحـورنـا وبحرك ساج (4) ما يواري الدعا مصا (5) |
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فما له
------------------
(1) الكثكث والاثلب بالضم والكسر فيهما فتات الحجارة والتراب (منه).
(2) اسكت على غيضك (منه).
(3) الاقعاء جلوس الكلب على استه (منه).
(4) ساكن (منه).
(5) جمع دعموص وهي دويبة تغوص في الماء والبيت للاعشي (منه).
لواعج الاشجان _ 205 _
من نور (فارتفعت) الاصوات بالبكاء والنحيب وقالوا حسبك يا ابنة الطيبين فقد احرقت قلوبنا وانضجت نحورنا واضرمت اجوافنا فسكتت (وخطبت) ام كلثوم بنت علي عليهما السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت:
(خطبة ام كلثوم عليها السلام بالكوفة)
يا اهل الكوفة سوأة لكم مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبالكم وسحقا لكم اي دواه دهتكم واي وزر على ظهوركم حملتم واي دماء سفكتموها واي كريمة اصبتموها واي صبية سلبتموها وأي اموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعي النبي صلى الله عليه واله ونزعت الرحمة من قلوبكم الا ان حزب الله هم المفلحون الشيطان هم الخاسرون ثم قالت:
قتلتم اخي ظلما فويل لامكم ستجزون نارا حرها iiيتوقد سفكتم دماء حرم الله iiسفكها وحـرمها القرآن ثم iiمحمد |
فضج الناس بالبكاء والنحيب ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤسهن وخمشن وجوههن ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال فلم يرباك وباكية اكثر من ذلك اليوم ثم ان زين العابدين عليه السلام أو مأ الناس ان اسكتوا فسكتوا
لواعج الاشجان _ 206 _
فقام قائما فحمد الله واثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وآله بما هو اهله فصلى عليه ثم قال : (خطبة علي بن الحسين عليه السلام بالكوفة) ايها الناس من عرفني فقد عرفي ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي انا علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب انا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله انا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات انا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا ايها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون انكم كتبتم إلى ابي وخدعتموه واعطيتموه من انفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه فتبا لما قد متم لانفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله على وآله إذ يقول لكم قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من امتي (فارتفعت) اصوات النساء بالبكاء من كل ناحية وقال بعضهم لبعض هلكتم وما تعلمون فقال عليه السلام رحم الله امرءا قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله واهل بيته فان لنا في رسول الله اسوة حسنة ( فقالوا ) باجمعهم نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا رغبين عنك فمرنا بامرك يرحمك الله فانا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلنا ( فقال ) عليه السلام هيهات هيهات
لواعج الاشجان _ 207 _
ايها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين انفسكم اتريدون ان تأتوا الي كما اتيتم الى آبائي من قبل كلا ورب الراقصات فان الجرح لما يندمل قتل ابي بالامس واهل بيته معه ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وآله وثكل ابي وبني ابي ووجده بين لهاتي (1) ومرارته بين حناجري وحلقي وغصصه تجري في فراش (2) صدري ومسألتي ان لا تكونوا لنا ولا علينا ثم قال :
لاغروا ان قتل الحسين iiفشيخه قد كان خير من حسين iiواكرما فلا تفرحوا يا اهل كوفان بالذي اصاب حسينا كان ذلك iiاعظما قتيل بشط النهر روحي فداوءه جـزاء الـذي اراده نار جهنما |
ثم قال رضينا منكم رأسا برأس فلا يوم لنا وولا علينا ( وجاء ) سنان بن انس النخعي الى باب ابن زياد فقال
اوقر ركابي فضة أو ذهبا اني قتلت السيد iiالمحجبا قتلت خير الناس اما iiوابا وخيرهم إذ ينسبون iiنسبا |
فلم يعطه ابن زياد شيئا ( وقيل ) ان سنانا انشد هذه الابيات على باب فسطاط عمر بن سعد فحذفه بالقضيب وقال أبو مجنون انت والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك ( وقيل ) المنشد لها عند ابن
------------------
(1) اللهاة اللحمة في اقصى الفم (منه).
(2) الفراش كل عظم رقيق يقال فراش وفراشة كسحاب وسحابة (منه).
لواعج الاشجان _ 208 _
سعد هو الشمر ( وقيل ) ان قاتل الحسين عليه السلام انشدها عند يزيد لعنه الله والله اعلم (ثم) ان ابن زياد لعنه الله جلس في قصر الامارة واذن للناس اذنا عاما وامر باحضار رأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسم وكان في يده قضيب فجعل يضرب به ثناياه ويقول انه كان حسن الثغر (وفي) رواية انه قال لقد اسرع الشيب اليك يا ابا عبد الله ثم قال يوم بيوم بدر ( وكان ) عنده انس بنمالك فبكى وقال كان اشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وكان مخضوبا بالوسمه ( وكان ) الى جانبه زيد بن ارقم صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو شيخ كبير فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا آله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله مالا احصيه كثرة يقبلهما ثم انتحب باكيا فقال له ابن زياد ابكى الله عينيك اتبكي لفتح الله والله لو لا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بنارقم من بين يديه وصار الى منزله (وفي رواية) انه نهض وهو يقول ايها الناس انتم العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وامرتم ابن مرجانة والل ليقتلن خياركم وليستعبدن شراركم فبعدا لمن رضي بالذل والعار ثم قال يا ابن زياد لاحدثنك حديثا اغلظ عليك من هذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
لواعج الاشجان _ 209 _
اقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على فخذه اليسري ثم وضع يده على يافو خيهما ثم قال اللههم اني استودعك اياهما وصالح المؤمنين فكيف كانت وديعة رسول الله صلى الله عليه وآله عندك يا ابن زياد ( وادخل ) نساء الحسين عليه السلام وصبيانه على ابن زياد فلبست زينب عليها السلام ارذل ثيابها وتنكرت ومضت حتى جلست ناحية من القصر وحف بها اماؤها فقال ابن زياد من هذه فلم تجبه فاعاد الكلام ثانيا وثالثا يسأل عنها فلم تجبه فقال له بعض امائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فاقبل عليها ابن زياد فقال لها الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احد وثتكم فقالت زينب الحمد لله الذي اكرمنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وطهرنا من الرجس تطهيرا انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا فقال كيف رأيت فعل الله ياخيك واهل بيتك فقالت ما رأيت الا جميلا هاؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم (فتتحاجون إليه وتختصمون عنده خ ل) فانظر لمن الفلج يومئذ هبلتك امك يا ابن مرجانة فغضب ابن زياد واستشاط وكأنه هم بها فقال عمرو بن حريث ايها الامير انها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها ولا تذم على خطائها فقال لها ابن زياد لقد شفى الله قلبي (نفسي خ ل)
لواعج الاشجان _ 210 _
من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من اهل بيتك فرقت زينب وبكت وقالت له لعمري لقد قتلت كهلي وابرزت اهلي وقطعت فرعي واجتثثت اصلي فان كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة (1) ولعمري لقد كان ابوها سجاعا شاعرا فقالت ما للمرأة والسجاعة ان لي عن السجاعة لشغلا ولكن صدري نفث بما قلت ولنعم ما قال الشاعر
تصان بنت الدعي في كلل iiالملك وبـنـت رسـول الله iiتـبتذل يرجي رضى المصطفي فواعجبا تـقـتـل اولاده ويـحـتـمل |
( وعرض ) عليه علي بن الحسين عليهما السلام فقال من انت فقال انا علي بن الحسين فقال اليس قد قتل الله عليا بن الحسين فقال له علي قد كان لي اخ يسمى عليا قتله الناس فقال بل الله قتله فقال علي ابن الحسين الله يتوفى الانفس حين موتها فغضب ابن زياد وقال وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للرد علي اذهبوا به فاضربوا عنقه فتعلقت به عمته زينب وقالت يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت لا والله لا افارقه فان قتلته فاقتلني معه فنظر ابن زياد إليها واليه ساعة ثم قال عجب للرحم والله اني لا ظنها ودت اني قتلتها معه
------------------
(1) في نسخة شجاعة بالشين والمعجمة وكذا ما بعدها (منه) .
لواعج الاشجان _ 211 _
دعوه فاني اراه لما به (1) ( وفي رواية ) ان عليا بن الحسين عليهما السلام قال لعمته اسكتي يا عمه حتى اكلمه ثم اقبل عليه فقال ابالقتل تهددني يا ابن زياد اما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة ثم امر ابن زياد بعلي بن الحسين (عليه السلام) واهل بيته فحملوا الى دار بجنب المسجد الاعظم فقالت زينب بنت علي عليهما السلام لا تدخلن علينا عربية الا ام ولداو مملوكة فانهن سبين كما سبينا (قال) ابن الاثير قال بعض حجاب ابن زياد دخلت معه القصر حين قتل الحسين عليه السلام فاضطرم في وجهه نارا فقال بكمه هكذا على وجهه وقال لا تحدثن بهذا احدا ثم ان ابن زياد قام من مجلسه ودخل المسجد فصعد المنبر فقال الحمد لله الذي اظهر الحق واهله ونصر امير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذاب بن الكذاب وشعيته فما زاد على هذا الكلام شيئا حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الازدي وكان من خيار الشيعة وزهادها وكانت عينه اليسري ذهبت في يوم الجمل والاخرى في يوم صفين وكان يلازم المسجد الاعظم يصلي فيه الى الليل ثم ينصرفه فقال يا ابن مرجانة ان الكذاب ابن الكذاب انت وابوك ومن استعملك وابوه يا عدو الله اتقتلون ابناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين ( فغضب ) ابن زياد وقال من هذا التكلم
------------------
(1) اي هو شديد المرض (منه).
لواعج الاشجان _ 212 _
فقال انا المتكلم يا عدو الله اتقتل الذرية الطاهرة التي قد اذهب الله عنها الرجس وطهرهم تطهيرا وتزعم انك على دين الاسلام واغوثاه اين اولاد المهاجرين والانصار ينتقمون منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين " فزداد " غضب ابن زياد حتى انتفخت اوداجه وقال علي بن فتبادرت إليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه فنادى بشعار الازد يا مبرور وفي الكوفة يومئذ من الازد سبعمائة مقاتل فاجتمعوا وانتزعوه من الجلاوزة وقيل وثب إليه فتيان منهم وقيل قامت الاشراف من الازد من بني عمه فلصوه منهم واخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به الى منزله ( فقال ) ابن زياد اذهبوا الى هذا الاعمي اعمى الازد اعمى الله قلبه كما اعمى عينيه فأتوني به فلما بلغ ذلك الازد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم وبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم الى محمد بن الاشعث وامره بقتال القوم فاقتتوا قتالا شديدا حتى قتل بينهم جماعة من العرب ووصل اصحاب ابن زياد الى دار عبد الله بن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه فصاحت ابنته اتاك القوم من حيث تحذر فقال لا عليك ناوليني سيفي فناولته اياه فجعل يذب عن نفسه ويقول
انا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر عـفيف شـيخي وابن ام iiعامر |
لواعج الاشجان _ 213 _
كم دارع من قومكم وحاسر وبـطل جـدلته iiمـغاور |
وجعلت ابنته تقول يا ابت كنت رجلا اخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة .
وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة وهو يذب عن نفسه فليس يقدم عليه احد وكلما جاءوه من جهة قالت ابنته يا ابه جاءوك من جهة كذا حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به فقالت ابنته واذ لا هيحاط بابي وليس له ناصر يستعين به فجعل يدير سيسه ويقول
اقـسم لـو يفسح لي عن iiبصري ضاق عليكم موردي ومصدري (1) |
فقال له ابن زياد يا عدو الله ما تقول في عثمان بن عفان قال يا عبد بني علاج يا ابن مرجانة وشتمه ما انت وعثمان اساءه ام احسن واصلح ام افسد والله تبارك وتعالى ولي خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحق ولكن سلني عن ابيك وعنك وعن يزيد وابيه فقال ابن زياد والله لا اسألك عن شئ أو تذوق الموت غصة بعد غصة فقال عبد الله بن عفيف الحمد لله رب العالمين اما اني قد كنت اسأل الله ربي ان يرزقني الشهادة من قبل ان تلدك امك وسألت الله ان يجعل ذلك على يد العن خلقه وابغضهم إليه فلما كف بصري يئست من الشهادة الى الان فالحمد لله الذي رزقنيها بعد الياس منها وعرفني الاجابة منه في قديم فقال ابن زياد اضربوا عنقه فضربت
------------------
(1) هذه العبارة من متن الكتاب: قال فما زالوا به حتى اخذوه ثم حمل فأدخل على ابن زياد فلما رآه قال الحمد لله الذي اخزاك فقال له عبد الله يا عدو الله وبماذا اخزاني والله لو فرج لي عن بصري ضاق عليكم وردي ومصدري .
لواعج الاشجان _ 214 _
عنقه وصلب في السبخه ثم دعا ابن زياد بجندب بن عبد الله الازدي وكان شيخا فقال يا عدو الله الست صاحب ابي تراب قال بلى لا اعتذر منه قال ما اراني الا متقربا الى الله بدمك قال اذن لا يقربك الله منه بل يباعدك قال شيخ قد ذهب عقله وخلى سبيله (ولما) اصبح ابن زياد امر برأس الحسين عليه السلام فطيف به في سكك الكوفة كلها وقبائلها " فروي " عن زيد بن ارقم انه قال مر به علي وهو على رمح وانا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ (ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) فقف والله شعري وناديت رأسك والله يا ابن رسول الله اعجب واعجب ولما فرغ القوم من التطواف به في الكوفة ردوه الى باب القصر ويحق التمثل هن بقول بعض الشعراء يرثي قتيلا من آل رسول الله صلى الله عليه وآله
رأس ابن بنت محمد iiووصيه لـلناظرين عـلى قناة iiيرفع والـمسلمون بمنظر iiوبسمع لا مـنكر مـنهم ولا iiمتفجع كحلت بمنظرك العيون iiعماية واصم رزوءك كل اذن iiتسمع ايقظت اجفانا وكنت لها iiكرى وانت عينا لم تكن بك iiتهجع مـا روضـة الا تمنت iiانها لك حفرة ولخط قبرك مضجع |
ثم ان ابن زياد نصب الرؤوس كلها بالكوفة على الخشب وهي اول روءوس نصبت في الاسلام بعد رأس مسلم بن عقيل
لواعج الاشجان _ 215 _
بالكوفة .
(وكتب) ابن زياد الى يزيد يخبروه بقتل الحسين عليه السلام وخبر اهل بيته ( وتقدم ) الى عبد الملك بن الحارث السلمي فقال انطلق حتى تاتي عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة (وكان اميرا عليها وهو من بني امية) فتبشره بقتل الحسين عليه السلام وقال لا يسبقنك الخبر إليه قال عبد الملك فركبت راحلتي وسرت نحو المدينة فلقيني رجل من قريش فقال ما الخبر قلت الخبر عند الامير تسمعه قال انا لله وانا إليه راجعون قتل والله الحسين ( ولما ) دخلت على عمرو بن سعيد قال ما وراءك فقلت ما يسر الامير قتل الحسين بن علي فقال اخرج فناد بقتله فناديت فلم اسمع واعية قط مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين بن علي حين سمعوا النداء بقتله فدخلت على عمرو بن سعيد فلما رآني تبسم الي ضاحكا ثم تمثل بقول عمرو بن معديكرب الزبيدي وقيل انه لم سمع اصوات نساء بني هاشم ضحك وتمثل بذلك فقال
عـجت نـساء بني زياد iiعجة كعجيج نسوتنا غداة الارنب (1) |
( ثم ) قال عمرو هذه واعية عثمان ثم صعد المنبر وخطب الناس واعلمهم قتل الحسين عليه السلام وقال في خطبته انها الدمة بلدمة وصدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة وموعظة بعد موعظة حكمة
------------------
(1) الارنب وقعة كانت لبني زبيد علي بني زياد من بني الحارث بن كعب ( منه ).
لواعج الاشجان _ 216 _
بالغة فما النذر والله لوددت أن رأسه في بدنه وروحه في جسده احيانا كان يسبنا ونمدحه ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته ولم يكن من امره ما كان ولكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد قتلنا الا ان ندفعه عن انفسنا ( فقام ) عبد الله بن السائب فقال لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين عليه السلام لبكت عليه فجبهه عمرو بن سعيد وقال نحن احق بفاطمة منك ابوها عمنا وزوجها اخونا وابنها ابننا لو كانت فاطمة حية لبكت عينها وحرت كبدها وما لامت من قتله ودفعه عن نفسه ( وخرجت ) ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب حين سمعت نعي الحسين عليه السلام حاسرة ومعها اخواتها ام هاني واسماء ورمله وزينب بنات عقيل بن ابي طالب تبكي قتلاها بالطف وهي تقول
مـاذا تـقولون ان قال النبي iiلكم مـاذا فـعلتم وانـتم آخـر iiالامم بـعترتي وبـاهلي بـعد iiمفتقدي مـنهم اساري وقتلى ضرجوا iiبدم ما كان هذا جزائي إذ نصحت iiلكم ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي |
( فلما ) كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمرو بن سعيد سمع اهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته ولا يرون شخصه ايها
الـقاتلون جـهلا iiحـسينا ابـشروا بالعذاب iiواتنكيل كل اهل السماء يدعو عليكم مـن نـبي ومـلاك وقبيل |
لواعج الاشجان _ 217 _
قد لعنتم على لسان ابن داود ومـوسى وصاحب الانجيل |
رواه الطبري وغيره ( ودخل ) بعض موالي عبد الله بن جعفر فنعي إليه ابنيه عونا وجعفرا فاسترجع وجعل الناس يعزونه فقال مولى له يسمى أبو السلاسل هذا ما لقينا من الحسين فحذفه عبد الله ابن جعفر بنعله ثم قال يا ابن اللخناء اللحسين تقول هذا والله لو شهدته لاحببت ان لا افارقه حتى اقتل معه والله انه لمما يسخي نفسي ظ عنهما ويهون علي المصاب بهما انهما اصيبا مع اخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه ( ثم ) اقبل على جلسائه فقال الحمد لله عز علي مصرع الحسين ان لا اكن آسيت حسينا بيدي فقد آساه ولداي (ولدي خ ل) ( وقال ) شهر بن حوشب بينما انا عند ام سلمة إذ دخلت صارخة تصرخ وقالت قتل الحسين (عليه السلام) قالت ام سلمه فعلوها ملا الله قبورهم نارا ووقعت مغشيا عليها ( واما يزيد ) فأنه لما وصله كتاب ابن زياد اجابه عليه يأمره بجمل راس الحسين عليه السلام ورؤوس من قتل معه وحمل اثقاله ونسائه وعياله ( فارسل ) ابن زياد الرؤوس مع زجر بن قيس وانفذ معه ابا بردة بن عوف الازدي وطارق بن ابي ظبيان في جماعة من اهل الكوفة الى يزيد ( ثم ) امر ابن زياد بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجهزوا وأمر بعلي بن الحسين عليهما السلام فغل بغل الى عنقه ( وفي رواية ) في يديه ورقبته ثم سرح بهم في اثر الرؤوس
لواعج الاشجان _ 218 _
مع محفر (1) بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن وحملهم على الاقتاب وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس فلم يكلم علي بن الحسين عليه السلام احدا منهم في لا طريق بكلمة حتى بلغوا الشام ( فلما ) انتهوا الى باب يزيد رفع محفر بن ثعلبة صوته فقال هذا محفر بن ثعلبة اتى امير المؤمنين باللثام الفجرة فاجابه علي بن الحسين عليهما السلام ما ولدت ام محفر اشروا الام ( وعن ) الزهري انه لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة على جيرون فانشد لنفسه
لـما بـدت تـلك الـحمول iiواشرقت تـلك الـشموس عـلى ربـي جيرون نعب الغراب فقلت صح اولا تصح (2) فـلقد قـضيت مـن الـغريم iiديـوني |
ولما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر فقالت له لي اليك حاجة فقال ما حاجتك قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال فأمر في جواب سؤالها ان تجعل الرؤوس على الرماح في اوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى
------------------
(1) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الفاء المكسورة وآخره راء كذا في الكامل لابن الاثير ( منه ).
(2) نح اولا تنح ( منه ) .
لواعج الاشجان _ 219 _
اتى بهم باب دمشق ( فوقفوا ) على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي ( وجاء ) شيخ فدنا من نساء الحسين عليه السلام عياله وقال الحمد لله الذي اهلككم وقتلكم واراح البلاد من رجالكم وامكن امير المؤمنين منكم فقال له علي بن الحسين يا شيخ هل قرأت القرآن قال نعم قال فهل عرفت هذه الاية قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى قال قد قرأت ذلك فقال له علي فنحن القربى يا شيخ فهل قرأت في بني اسرائيل وآت ذا القربى حقه فقال قد قرأت ذلك فقال علي فنحن القربى يا شيخ فهل قرإت هذه الاية واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى قال نعم فقال له علي فنحن القربى يا شيخ ولكن هل قرأت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا قال قد قرأت ذلك فقال علي فنحن اهل البيت الذين اختصنا الله بآية الطهارة يا شيخ قال فبقي الشيخ ساكتا نادما على ما تكلم به وقال بالله انكم هم فقال علي بن الحسين عليهما السلام تالله انا لنحن هم من غير شك وحق جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انا لنحن هم فبكى الشيخ ورمي عمامته ثم رفع رأسه الى السماء وقال اللهم اني ابرأ اليك من عدو آل محمد من جن وانس ثم قال هل لي من توبة فقال له نعم ان تبت تاب الله عليك وانت معنا فقال انا تائب
لواعج الاشجان _ 220 _
فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فامر به فقتل ( وعن ) سهل بن سعد انه قال خرجت الى بيت المقدس حتى توسطت الشام فإذا انا بمدينة مطردة الانهار كثيرة الاشجار وقد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول فقلت في نفسي ترى لاهل الشام عيدا لا نعرفه نحن فرأيت قوما يتحدثون فقلت يا قوم لكم بالشام عيدا لا نعرفه نحن قالوا يا شيخ فذاك غريبا فقلت انا سهل بن سعد قد رأيت محمدا صلى الله عليه واله قالوا يا سهل ما اجعبك السماء لا تمطر دما والارض لا يخفف باهلها قلت ولم ذاك فالوا هذا رأس الحسين عترة محمد صلى الله عليه وآله واهله يهدي من ارض العراق فقلت واعجبا يهدي رأس الحسين عليه السلام والناس يفرحون قلت من اي باب يدخل فأشاروا الى باب يقال له باب الساعات فبينا انا كذلك حتى رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان عليه رأس من اشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وآله فإذا من ورائه نسوة على جمال بغير وطاء فدنوت من اولهن فقلت يا جارية من انت فقالت انا سكينة بنت الحسين فقلت لها الك حاجة الي فانا سهل بن سعد ممن رأى جدك وسمعت حديثه قالت يا سهل قل لصاحب هذا الرأس ان يقدم الرأس امامنا حتى يشتغل الناس
لواعج الاشجان _ 221 _
بالنظر إليه ولا ينظروا الى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله قال سهل فدنوت من صاحب الرأس فقلت له هل لك ان تقتلني حاجتي وتأخذ مني أربعمائة دينار قال ما هي قلت تقدم الرأس امام الحرم ففعل ذلك ودفعت إليه ما وعدته ( وروي ) ان بعض فضلاء التابعين وهو خالد بن معدان لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام اخفى نفسه شهرا من جميع اصحابه فلما وجدوه بعد إذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك فقال ألا ترون ما نزل بنا ثم انشأ يقول
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد مـتـرملا بـدمـائه iiتـرميلا وكـأنما بك يا ابن بنت iiمحمد قـتلوا جـهارا عامدين iiرسولا قـتلوك عـطاشانا ولما iiيرقبوا فـي قـتلك التأويل iiوالتنزيلا ويـكبرون بـان قـتلت iiوانما قـتلوا بـك الـتكبير iiوالتهليلا |
ثم ادخل ثقل الحسين عليه السلام ونساوءه ومن تخلف من اهله على يزيد وهم مقرنون في الحبال وزين العابدين عليه السلام مغلول فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال قال له علي بن الحسين عليه السلام انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وآله لو رآنا على هذه الصفة فلم يبق في القوم احد الا وبكى فأمر يزيد بالجبال فقطعت وامر بفك الغل عن زين العابدين عليه السلام ( ثم ) وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه واجلس النساء
لواعج الاشجان _ 222 _
خلفه لئلا ينظرن إليه ( وفى رواية ) انه لما ادخل نساء الحسين عليه السلام على يزيد والرأس بين يديه جعلت فاطمة وسكينته يتطاولان لينظران الى الرأس وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس فلما رأين الرأس صحن فصاح نساء يزيد وولولت بنات معاوية فقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام ابنات رسول الله سبايا يا يزيد فبكى الناس وبكى اهل داره حتى علت الاصوات ورآه على بن الحسين عليهما السلام فلم ياكل الرؤوس بعد ذلك ابدا ( واما ) زينب عليها السلام فانها لما رأته اهوت الى جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب يا حسيناه يا حبيب رسول الله يا ابن مكة ومنى يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفى فابكت والله كل من كان حاضرا في المجلس ويزيد ساكت ثم جعلت امرأة من بني هاشم كانت في دار يزيد تندب الحسين عليه السلام وتنادي يا حبيباه يا سيد اهل بيتاه يا ابن محمداه يا ربيع الارامل واليتامى يا قتيل اولاد الادعياء فابتكت كل من سمعها ( وكان ) في السبايا الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين عليه السلام وهي ام سكينة بنت الحسين (عليه السلام) وهي التي يقول فيها الحسين (عليه السلام).
لعمرك انني لاحب iiدارا تحل بها سكينة iiوالرباب احبهما وابذل فوق iiجهدي وليس لعاذل عندي عتاب |
لواعج الاشجان _ 223 _
ولست لهم وان عتبوا مطيعا حـياتي أو يغيبني iiالتراب |
( فقيل ) ان الرباب اخذت الرأس ووضعته في حجرها وقبلته وقالت
واحسينا فلا نسيت حسينا اقـصدته اسـنة iiالاعداء غادروه بكربلاء iiصريعا لاسقي الله جانبي iiكربلاء |
( والرباب ) هذه بعد رجوعها إلى المدينة خطبها الاشراف من قريش فقالت والله لاكان لي حمو بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وعاشت بعد الحسين عليه السلام سنة ثم ماتت كمدا على الحسين عليه السلام ولم تستظل بعده بسقف ( ولما ) وضعت الرؤوس بين يدي يزيد وفيها رأس الحسين عليه السلام جعل يتمثل بقول الحصين بن الحمام المري
صـبرنا وكان الصبر منا iiسجية بـاسيافنا تـفرين هاما iiومعصما ابي قومنا ان ينصفونا iiفانصفت قـواضب في ايماننا تقطر الدما نـفلق (1) هاما من رجال iiاعزة علينا (2) وهم كانوا اعق واظلما |
( ودعا ) بقضيب خيزران وجعل ينكت به ثنايا الحسين عليه السلام ثم قال يوم بيوم بدر ( وكان ) عنده أبو برزة الاسلمي فقال ويحك يا يزيد اتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة اشهد لقد رأيت النبي صلى الله عليه وآله يرشف ثناياه وثنايا اخيه الحسن ويقول انتما سيدا شباب اهل الجنة فقتل الله قاتلكما ولعنه واعد له جهنم وساءت
------------------
(1) يفلقن خ ل.
(2) احبة الينا خ ل.
لواعج الاشجان _ 224 _
مصيرا فغضب يزيد وامر باخراجه فاخرج سحبا " وفي رواية " انه قال اما انك يا يزيد تجئ يوم القيمة وابن زياد شفيعك ويجي هذا ومحمد شفيعه ثم قام فولى ( وقال ) يحيى بن الحكم اخو مروان بن الحكم وكان جالسا مع يزيد
لـهام بـجنب (1) الـطف ادنـي iiقرابة من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل (2) سـمية اضـحى نـسلها عـدد iiالحصى وبـنت رسـول الله لـيس لـها نـسل |
فضرب يزيد في صدره وقال اسكت وفي رواية انه اسر إليه وقال سبحان الله افي هذا الموضع ما يسعك السكوت ( وكان ) يحيى قد سأل اهل الكوفة الذين جاءوا بالسبايا والرؤوس ما صنعتم فأخبروه فقال حجبتم عن محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة اجامعكم على امر ابدا ( وفي رواية ) ان يزيد دعا اشراف اهل الشام فاجلسهم حوله ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه فادخلوا عليه والناس ينظرون ثم قال يزيد لعلي بن الحسين عليهما السلام يا ابن الحسين ابوك قطع رحمي وجهل حقي ونازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت فقال علي بن الحسين عليهما السلام ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا
------------------
(1) بادني خ ل.
(2) الرذل.
لواعج الاشجان _ 225 _
علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال فخور فقال يزيد لابنه خالد اردد عليه فلم يدر خالد ما يرد عليه فقال له يزيد ما اصابكم من مصيبة فيما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير فقال علي بن الحسين (عليه السلام) يا ابن معاوية وهند وصخر لم تزل النبوة والامرة لآبائي واجدادي من قبل ان تولد ولقد كان جدي علي بن ابي طالب في يوم بدر واحد والاحزاب في يده راية رسول الله صلى الله عليه وآله وابوك وجدك في ايديهما رايات الكفار ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام) ويلك يا يزيد انك لو تدري ماذا صنعت وما الذي ارتكبت من ابي واهل بيتي واخي وعمومتي إذا لهربت في الجبال وافترشت الرماد ودعوت بالويل والثبور ان يكون رأس ابي الحسين بن فاطمة وعلي منصوبا على باب مدينتكم وهو وديعة رسول الله صلى الله عليه وآله عليكم فابشر بالخزي والندامة إذا اجتمع الناس ليوم القيمة ( وفي رواية ) انه لما انشد يزيد الابيات السابقة قال له علي بن الحسين عليهما السلام بل ما قال الله اولى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها فقال يزيد ما اصابكم من مصيبة فيما كسبت ايديكم ويعفو عن كثيرة ( وجعل ) يزيد يتمثل بابيات ابن الزبعري وزاد يزيد فيها البيتين الاخيرين (1)
------------------
(1) كذا رواه سبط بن الجوزي عن الشعبي وينبغي ان يكون زاد فيها البيت=
|