افهمنا حتى نفهم فقال اقول اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني فأنه لا يحل لكم قتلي ولا انتهاك حرمتي فاني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم ولعله قد بلغكم قول نبيكم الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة (1) ( وفي رواية ) انه دعاء الحسين براحلته فركبها ونادي يا علي صوته يا هل العراق وكلهم (وجلهم خ ل) يسمعون فقال ايها الناس اسمعوا قولي ولا تجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي وحتي اعذر اليكم فان اعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد وان لم تعطوني النصف عن انفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين فلما سمع اخواته وبناته كلامه هذا صحن وبكين وارتفعت اصواتهن فارسل اليهن اخاه العباس وابنه عليا وقال اسكتاهن فلعمري ليكتثرن بكاؤهن ثم انه حمد الله واثني عليه وذكره بما هو اهله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ملائكته وانبيائه وقال مالا يحصي كثرة فلم يسمع متكلم قط قبله ولابعده ابلغ في منطق منه له
من علي في الحروف شجاعة      ومن  احمد عند الخطابة iiقيل

------------------
(1) وسيأتي تمام كلامه عليه السلام في الرواية الاتية بعد هذا ( منه عفي عنه )

لواعج الاشجان _ 127 _

  ثم قال اما بعد فانسبوني فانظروا من اناثم ارجعوا إلى انفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح ويحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي الست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه واول المؤمنين بالله والمصدق برسول الله صلى الله عليه وآله وبما جاء به من عند ربه اوليس حمزة سيد الشهداء عمي اوليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي اولم يبلغكم ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولاخي هذان سيدا شباب اهل الجنة فان صدقتموني بما اقول وهو الحق والله ما تعمدت كذبا مذ علمت ان الله يمقت عليه اهله وان كذبتموني فأن فيكم من أن سألتموه عن ذلك اخبركم سلوا جابر بن عبد الله الانصاري وابا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي والبرآء بن عازب (1) وزيدا بن ارقم وانس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولاخي اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبد الله على حرف ان كان يدري ما تقول ( فقال ) له حبيب بن مظاهر والله اني لاراك تعبد الله على سبعين حرفا (سبعين الف حرف خ ل) وانا اشهد انك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك ( ثم قال ) لهم الحسين عليه السلام فان كنتم في شك من هذا افتشكون في اني

------------------
(1) البراء موجود في مقتل ابن نما خاصة ( منه ).

لواعج الاشجان _ 128 _

  ابن بنت نبيكم فوالله مابين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة فاخذوا لا يكلمونه ( فنادي ) يا شبث بن ربعي ويا حجار بن ابجر ويا قيس بن الاشعث ويا يزيد ابن الحارث الم تكتبوا إلى ان قد اينعت الثمار واخضرت الجنان وانما تقدم على جندلك مجند فقال له قيس بن الاشعث ما ندري ما تقول ولكن نزل علي حكم بني عمك فانهم لن يروك الا ما تجب ( فقال ) له الحسين عليه السلام لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا افر فرار (اقر اقرار خ ل) العبيد ثم نادي يا عباد الله اني عذت بربي وربكم ان ترجمون اعوذ بربي وربكم من كل متكبر لايؤمي من بيوم الحساب ( ثم ) انه اناخ راحلته وامر عقبة بن سمعان فعقلها ثم ركب فرسه وتهيأ للقتال ( وفي رواية ) انه عليه السلام ركب ناقته وقيل فرسه وخرج إلى الناس فاستنصتهم فابوا ان ينصتوا (1) حتى قال لهم ويلكم ما عليكم ان تنصتوا لي فتسمعوا قولي وانما ادعو كم إلى سبيل الرشاد فمن اطاعني كان من المرشدين ومن عصاني كان من المهلكين

------------------
(1) رواية ابن طاوس في اللهوف فاستنصتهم فانصتوا ويمكن حملها على انهم انصتوا بعد ان قال لهم ما ذكر ان ابن طاوس ( ره ) كثير الاختصار ( منه ).

لواعج الاشجان _ 129 _

  وكلكم عاص لامري غير مستمع قولي فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع علي قلوبكم ويلكم الا تنصتون الا تسمعون فتلاوم اصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا انصتوا له فحمد الله واثني عليه وذكره بما هو اهله وصلى على محمد ( ص ) وعلى الملائكة والانبياء والرسل وابلغ في المقال ثم قال تبا (1) لكم ايتها الجماعة وترحا (2) احين استصر ختمونا والهين (3) (ولهين متحيرين خ ل) فاصرخنا كم موجفين (4) (مؤدين (5) مستعدين خ ل) سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم (6) علينا نارا قدحناها (اججناها خ ل) على عدوكم وعدونا فاصبحتم البا (7) على اوليائكم ويدا عليهم لاعدائكم بغير عدل افشوه فيكم ولا امل اصبح لكم فيهم الا الحرام من الدنيا انالو كم وخسيس عيش طمعتم فيه من ير حدث كان منا ولا رأي تفيل (8) لنا فهلا لكم الويلات اذكرهتمونا وتركتمونا تجهزتموها (9)

------------------
(1) التب الهلاك ( منه ).
(2) الترح محركة الهم (منه).
(3) الوله بالتحريك الحزن ( منه ).
(4) وجيف الفرس والبعير عدوه واوجفته اعديته ( منه ).
(5) يقال آدي للسفر بالمد اي تهيأ فهو مؤدو آداه على كذا اعانه وفلان مؤداي شاك في السلاح ( منه ).
(6) اوقدتم ( منه ).
(7) مجتمعين ( منه ).
(8) اي ضعف وأخطأ ( منه ).
(9) الضمير للحرب أو الفتنة والتجهز التهيؤ اي هلا اظهرتم ارادة الحرب من اول الامر حيث كانت الحال قابلة للتدارك وكان القياس تجهزتم لها لان تجهز لا يتعدي

لواعج الاشجان _ 130 _

  والسيف مشيم (1) (لم يشهر خ ل) والجاش (2) طامن (3) والرأي لما يستحصف (4) ولكن اسرعتم إليها كطيرة الدبا (5) وتداعيتم إليها كتداعي (كتهافت خ ل) الفراش فسحقا (فقبحا خ ل) لكم يا عبيد الامة (فانما انتم من طواغيت الامة خ ل) وشذاذ (6) الاحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الاثام ومحرفي الكتاب (الكلم خ ل) ومطفئي السنن وقتلة اولاد الانبياء ومبيدي عترة الاوصياء وملحقي العهار (7) بالنسب ومؤذي المؤمنين وصراخ ائمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عصين ولبئس ما قدمت لهم انفسهم وفي العذاب هم خالدون وانتم ابن حرب واشياعه تعضدون (أهاوء لاء تعضدون خ ل) وعنا تخاذلون اجل والله الخذل فيكم معروف (غدر فيكم قديم خ ل) وشجت عليه اصولكم وتأزرت عليه فروعكم (وشجت عليه عروقكم وتوارثته اصولكم وفروعكم خ ل) وثبتت عليه قلوبكم وغشيت صدوركم فكنتم اخبث ثمر (شئ خ ل) شجا للناظر واكلة

------------------
= بنفسه ولم صحت روايتها عنه عليه السلام لكفي بها شاهدا على الجواز لكن احتمال الخطأ من النساخ موجود ( منه ).
(1) مغمد ( منه ).
(2) الجأش بالهمز والجاش بدونه رواغ القلب إذا اضطرب عند الفزع ونفس الانسان ( منه ).
(3) مطمئن ( منه ).
(4) استحصف الرأي استحكم ( منه ).
(5) الدبا بالفتح الجراد قبل ان يطير ( منه ).
(6) شذاذ الناس الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم ( منه ).
(7) عاهرها عهارا تاها للفجور ( منه ).

لواعج الاشجان _ 131 _

  للغاصب الالعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فانتم والله هم الا ان المدعي ابن الدعي قدر كزبين اثنتين بين السلة (1) والذلة وهيهات منا الذلة (وهيهات ما آخذ الدنية خ ل) يأبي الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وجدود (وحجور خ ل) طابت وحجور (وحجر خ ل) طهرت وانوف حمية ونفوس ابية لا تؤثر (من ان توثر خ ل) طاعة اللئام على مصارع الكرام الا قد اعذرت وانذرت الا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد (العتاد خ ل) وكثرة العدو وخذلان الناصر (وخذلة الاصحاب (الناصر خ ل) ثم وصل عليه السلام كلامه بابيات فروة بن مسيك المرادي فقال
فـان نـهزم فهزامون iiقدما      وان نغلب فغير مغلبينا (2)ii
وما إن طبنا (3) جبن ولكن      مـنايانا  ودولـة iiآخـرينا
إذا ما الموت رفع عن اناس      كـلا كله (4) اناخ iiبآخرينا
فـافنى ذلكم سروات iiقومي      كـما  افني القرون iiالاولينا
فـلو خلد الملوك اذن iiخلدنا      ولـو  بقي الكرام اذن iiبقينا
فـقل  لـلشامتين بنا iiافيقوا      سـيلقى  الشامتون كما لقينا

------------------
(1) السلة بالفتح والكسرا ستلال السيوف ( منه ).
(2) وان نهزم فغير مهزمينا خ ل.
(3) بالكسر عادتنا ( منه ).
(4) جمع كلكل وهو الصدر ( منه ) (*) .

لواعج الاشجان _ 132 _

  ( ثم ) قال اما والله لا تلبثون بعدها الاكريث (1) ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور (2) عهد عهده الي ابي عن جدي فاجمعوا امركم وشركائكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون (ثم كيدوني جميعا فلا تنظرون خ ل) اني توكلت على الله ربي وربكم مامن دابة الاهو آخذ بناصيتا ان ربي على صراط مستقيم اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسني يوسف وسلط عليهم غلام ثقيف (3) يسقيهم كاسا مصبرة ولا يدع فيهم احدا الا قتلة بقتلة وضربة بضربة ينتقم لي ولا وليائي واهل بيتي واشياعي منهم فانهم غرونا وكذبونا وخذلونا وانت ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير ثم قال ادعوا لي عمر بن سعد فدعي له وكان كارها لا يجب ان يأتيه فقال يا عمر أنت تقتلني وتزعم ان يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان والله لاتتهني بذلك ابدا عهدا معهودا فاصنع ما انت صانع فانك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ولكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضا بينهم فاغتاظ ابن سعد من كلامه ثم صرف بوجهه عنه ونادي باصحابه ما تنتظرون به احملوا باجمعكم انما هي اكلة واحدة

------------------
(1) كمقدار ( مئة ).
(2) المحور كمنبر العود الذي تدور عليه البكرة وربما كان من حديد ( منه ).
(3) هو المختار بن ابي عبيدة الثقفي ( منه ).

لواعج الاشجان _ 133 _

  ( ثم ) ان الحسين عليه السلام نزل عن راحلته ودعا بفرس رسول الله صلى الله عليه وآله المرتجز فركبه ( وخرج ) زهير بن القين على فرس له ذنوب شاك في السلاح فقال يا اهل الكوفة بدار (نذار خ ل) لكم من عذاب الله بدار (نذار خ ل) ان حقا على المسلم نصيحة المسلم ونحن حتى الان اخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنا نحن امة وانتم امة ان الله قد ابتلانا (1) واياكم بذرية محمد صلى الله عليه وآله لينظر ما نحن وانتم عاملون انا ندعوكم إلى نصره وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد فسبوه واثنوا على ابن زياد فقال لهم يا عباد الله ان ولد فاطمة احق بالود والنصر من ابن سمية فان كنتم لم تنصروهم فاعيذكم بالله ان تقتلوهم فلعمري ان يزيد يرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه السلام فرماه شمر بسهم وقال اسكت اسكت الله نامتك (2) ابر متنا (3) بكثرة كلامك فقال زهير يا ابن البوال على عقبيه ما ايكاك اخاطب انما انت بهيمة والله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين وابشر بالخزي يوم القيمة والعذاب الاليم فقال شمر ان الله قاتلك وصاحبك عن ساعة قال افبالموت تخوفني والله لموت معه احب الي من الخلد معكم ثم رفع صوته

------------------
(1) اختبرنا ( منه ).
(2) في الصحاح قولهم اسكت الله نامته اي ماينم عليه من حركته ( منه ) .
(3) يقال ابرمه اي امله واضجره ( منه ) .

لواعج الاشجان _ 134 _

  وقال عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي فوالله لا تنال شفاعة محمد قوما اهرقوا دماء ذريته واهل بيته وقتوا من نصرهم وذب عن حريمهم فأمره الحسين عليه السلام فرجع ( ولما ) رأى الحر ابن يزيد ان القوم قد صمموا على قتال الحسين عليه السلام قال لعمر ابن سعدا مقاتل انت هذا الرجل قال اي والله قتالا ايسره ان تسقط الرؤس وتطيح الايدي قال فمالكم فيما عرضه عليكم رضى قال اما لو كان الامر الي لفعلت ولكن اميرك قد ابي فاقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال له يا قرة هل سقيت فرسك اليوم قال لا قال فما تريد ان تسقيه قال قرة فظننت والله انه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال فكره ان اراه حين يصنع ذلك فقلت له لم اسقه وانا منطلق فاسقيه فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه فوالله لو اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين عليه السلام فاخذ الحر يدنو من الحسين عليه السلام قليلا قليلا فقال له المهاجر بن اوس ما تريد يا ابن يزيد أتريد ان تحمل فلم يحبه واخذه مثل الا فكل وهي الرعده فقال له المهاجر ان امرك لمريب والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ولو قيل لي من اشجع اهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي ارى منك فقال الحر اني والله اخير نفسي بين الجنة والنار فو الله اني لاختار على الجنة

لواعج الاشجان _ 135 _

  شيئا ولو قطعت وحرقت ثم ضرب فرسه قاصدا إلى الحسين عليه السلام ويده على رأسه وهو يقول اللهم اليك انيب فتب علي فقد ارعبت قلوب اوليائك واولاد بنت نبيك وقال للحسين عليه السلام جعلت فداك يا ابن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطرق وجعجعت بك في (إلى خ ل) هذا المكان وما ظننت ان القوم يردون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة والله لو علمت انهم ينتهون بك إلى ما ارى ماركتب مثل الذي ركتب واني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي مواسيا لك بنفسي حتى اموت بين يديك فهل ترى لي من توبة فقال له الحسين عليه السلام نعم يتوب الله عليك فانزل قال انا لك فارسا خير مني واجلا اقاتلهم علي فرسه ساعة والى النزول يصير آخر امري فقال له الحسين عليه السلام فاصنع يرحمك الله مابدا لك فاستقدم امام الحسين عليه السلام فقال يا اهل الكوفة لامكم الهبل (1) والعبر ادعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاء كم اسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ثم عدوتم عليه لقتلوه وامسكم بنفسه واخذتم بكظمه واحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه في بلاد الله العريضة فصار كالاسير في ايديكم لا يملك لنفسه نفعنا ولا يدفع

------------------
(1) الهبل الثكل ( منه ).

لواعج الاشجان _ 136 _

  عنها ضرا وحلا تموه ونساءه وصبيته واهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصاري والمجوس وتتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه فهاهم قد صرعهم العطش بئس ما خلفتم محمدا في ذريته لاسقاكم الله يوم الظلما فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل فرجع حتى وقف امام الحسين عليه السلام ( وروى ) ابن نما انه قال للحسين عليه السلام لما وجهني عبيدالله اليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي ابشر يا حر بخير فالتفت فلم ار احدا فقلت والله ما هذه بشارة وانا اسير إلى، الحسين عليه السلام وما كنت احدث نفسي باتباعك فقال لقد اصبت اجرا وخيرا ( ونادي ) عمر بن سعد يا دريد ادن رايتك فادناها ثم وضع سهما في كبد قوسه فرمى به نحو عسكر الحسين عليه السلام وقال اشهدوا لي عند الامير اني اول من رمي واقبلت السهام من القوم كأنها القطر فلم يبق من اصحاب الحسين عليه السلام احد الا اصابه من سهامهم فقال ( عليه السلام لاصحابه قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه فان هذه السهام رسل القوم اليكم فاقتتلوا ساعة من النهار حملة وحملة حتى قتل من اصحاب الحسين عليه السلام جماعة فعندها ضرب الحسين عليه السلام يده على لحيته وجعل يقول اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا واشتد غضبه على النصاري إذ جعلوه ثالث ثلاثة واشتد غضبه على المجوس

لواعج الاشجان _ 137 _

  إذ عبدوا الشمس والقمر دونه واشتد غضبه على قوم التفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم اما والله لا اجيبهم إلى شئ مما يريدون حتى القي الله تعالى وانا مخضب بدمي ( فروي ) عن مولانا الصادق عليه السلام انه قال سمعت ابي يقول لما التقي الحسين عليه السلام وعمر بن سعد وقامت الحرب على ساق النزل الله النصر حتى رفرف على رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر على اعدائه وبين لقاء الله فاختار لقاء الله ثم صاح الحسين عليه السلام اما من مغيث يغيثنا لوجه الله اما من ذاب يذب عن حرم رسول الله (ص) ( وكان ) يزيد بن زياد بن المهاجر (مهاصر خ ل) الكندي ويكني ابا الشعثاء في اصحاب ابن سعد فلما ردوا على الحسين عليه السلام ما عرضه عليهم عدل إليه فقاتل بين يديه وجعل يرتجز ويقول
انا يزيد وابي الماجر (1)ii      اشجع من ليث بغيل خادر
يا رب اني للحسين ناصر      ولابن  سعد تارك iiوهاجر
  وجثا بين يدي الحسين عليه السلام فرمى بمأة سهم ما سقط منها خمسة اسهم وكان راميا وكلما رمى يقول له الحسين عليه السلام اللهم سدد رميته واجعل ثوابه الجنة فقتل خمسة من اصحاب عمر بالنشاب وكان اول من قتل (ثم) ارتمي الناس وتبار زوا فكان اصحاب

------------------
(1) (مهاصر خ ل) .

لواعج الاشجان _ 138 _

  الحسين عليه السلام كما قيل فيهم
قــوم إذا نـودوا لـدفع iiمـلمة      والـخيل بـين مدعس iiومكردس
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا      يـتهافتون  عـلى ذهاب iiالانفس
  ( فرز ) يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد وقالا من يبارز فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير فقال لهما الحسين عليه السلام اجلسا فقام عبد الله بن عمير الكلبي فاستأذن الحسين عليه السلام في مبارزتهما وكان طويلا بعيد مابين المنكبين فنظر إليه الحسين عليه السلام وقال اني احسبه للاقران قتالا واذن له وكان قد خرج من الكوفة ليلا ومعه امرأته ام وهب إلى الحسين عليه السلام لانه لما رأي العساكر تعرض بالنخيلة لتسير إلى حرب الحسين عليه السلام قال والله لقد كنت على جهاد اهل الشرك حريصا واني لارجو ان لا يكون جهاد هاولاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم اقل ثوابا عند الله من جهاد المشركين فاخبر زوجته فقالت اصبت اخرج واخرجني معك فلما برز قال له يسار من انت فانتسب له فقال له لست اعرفك ليخرج الي زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو بريربن خضير فقال له ابن عمير يا ابن الفاعلة وبك رغبة عن مبارزة احد من الناس ولا يبرز اليك احد الا وهو خير منك ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد وهو اول من قتل من اصحاب ابن سعد فانه لمشتغل بضربه

لواعج الاشجان _ 139 _

  إذ شد عليه سالم مولى عبيدالله فصاحوا به قد رهقك العبد فلم يعبأ به حتى غشيه فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسري فاطارت اصابع كفه ثم شد عليه ابن عمير فضربه حتى قتله فرجع وقد قتلهما جميعا وهو يرتجز ويقول
ان تـنـكروني فـانا ابـن iiكـلب      حـسبي  بـبيتي فـي عليم iiحسبي
اني امرو ذو مرة (1) وعضب (2)      ولست بالخوار (3) عند النكب (4)ii
انـي زعـيم (5) لـك ام iiوهـب      بالطعن  فيهم صادقا (6) iiوالضرب
  ضرب غلام مؤمن بالرب ثم قاتل قتالا شديدا حتى قتل رجلين آخرين فقتله هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التيمي وخرجت امرأته فجلست عند راسه تمسح التراب عن وجهه وتقول هنيئا لك الجنة فامر شمر غلاما له يقال له رستم فضرب رأسها بالعمود فماتت مكانها (7) ( وبرز ) عمر بن

------------------
(1) المرة بالكسر قوة الخلق وشدته والعقل ؟ والاحكام والقوة ( منه )
(2) العضب الطعن والضرب ( منه ).
(3) الخوار الضعيف ( منه ).
(4) النكب المصيبة ( منه ).
(5) كفيل ( منه ).
(6) (مقدما خ ل).
(7) الظاهر انه وقع خلط من المؤرخين بين قصة وهب بن حباب الكلبي الاتي ذكره وقصة عبيد الله هذا كما يظهر من التتبع فاطبري وابن الاثير نسبا قتل غلام شمر للمرأة إلى زوجة عبيدالله كما ذكرناه هنا وبعض نسبه إلى زوجة وهب ونسبا ايضا اخذ العمود إلى آخر القصة الاتية عند ذكر وهب بن حباب إلى .

لواعج الاشجان _ 140 _

  خالد الصيداوي فقال له الحسين عليه السلام تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة فحمل هو وسعد مولاه وجبار بن الحارث السلماني ومجمع بن عبيد الله العائذي فاوغلوا في اصحاب عمر بن سعد فعطف عليهم اصحاب ابن سعد فقطعوهم عن اصحابهم فحمل العباس بن علي عليهما السلام فاستنقذهم وقد جرحوا ثم حملوا فقاتلوا حتى قتلوا في مكان واحد وحمل عمرو بن الحجاج على ميمنة اصحاب الحسين عليه السلام فيمن كان معه من اهل الكوفة فلما دنا من اصحاب الحسين عليه السلام جثوا له على الركب واشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم على

------------------
= زوجة عبيد ، وابن طاوس وغيره يسبوا اخذ العمود إلى زوجة وهب والطبري وابن الاثير قالا ان زوجة عبيد الله اسمها ام وهب فيحتمل الاشتباه بام وهب ابن حباب وان يكونا اخذا ذلك من بعض الاراجيز المنسوبة لعبيد الله وفيها اني زعيم لك ام وهب ، كما نقلناه هنا ، والمفيد لم يذكر في رجز عبيدالله اني زعيم البيت وحسبي بيتي الخ واقتصر على الباقي ولعله اقرب إلى الصواب والطبري نسب إلى عبيدالله الرجز كما نسبناه هنا وعنه نقلناه وكذا ابن نما عدا الشطر الاخير، وبعضهم نسب إلى وهب انه ارتجز وقال
انـي  زعـيم لك ام iiوهب      بالطعن فيهم تارة iiوالضرب
ضرب  غلام مؤمن iiبالرب      حتى يذيق القوم مر iiالحرب
اني امروء ذو مرة وعضب      ولست  بالخوار قبل iiالنكب
حسبي الهي من عليم حسبي مع ان اكثر ذلك هو في الرجز المنسوب إلى عبيد الله والله اعلم ( منه ).

لواعج الاشجان _ 141 _

  الرماح فذهب الخيل ترجع فرشقهم اصحاب الحسين عليه السلام بالنبل فصرعوا منهم رجالا وجرجوا آخرين ( وجاء ) رجل من بني تميم يقال له عبد الله بن حوزة فقال يا حسين ابشر بالنار فقال له الحسين عليه السلام كذبت بل اقدم على رب رحيم وشفيع مطاع ثم رفع الحسين عليه السلام يديه فقال اللهم حزه (جره خ ل) إلى النار فاضطرب به فرسه في جدول فوقع وتعلقت رجله اليسري بالركاب وارتفعت اليمنى فشد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني فطارت وعدابه فرسه يضرب رأسه بكل حجر ومدر حتى مات وعجل الله بروحه إلى النار ( وكان ) مسروق بن وائل الحضرمي قد خرج مع ابن سعد وقال لعلي اصيب رأس الحسين فاصيب به منزلة عند ابن زياد فلما رأي ما صنع بابن حوزة بدعاء الحسين عليه السلام رجع وقال لقد رأيت من اهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم ابدا ( ونشب ) القتال ( فخرج ) برير بن خضير الهمداني وكان زاهدا عابدا وكان اقرأ اهل زمانه وكان يقال له سيد القراء وهو يقول
انـا بـرير وابي خضير      لاخير فيمن ليس فيه خير
  ( وجعل ) يحمل على القوم وهو يقول اقتربوا مني ياقتلة المؤمنين اقتربوا مني يا قتلة اولاد البدريين اقتربوا مني يا قتلة اولاد رسول رب العاملين وذرية الباقين فخرج إليه يزيد بن معقل لبرير هل تذكر

لواعج الاشجان _ 142 _

  وانت تقول ان فلانا كان على نفسه مسرفا وان معوية ضال مضل وان امام الهدي والحق علي بن أبي طالب فقال له برير اشهد ان هذا ارأيي وقولي فقال يزيد اشهد انك من الضالين فقال له برير هلم ابا هلك ولندع الله ان يلعن الكاذب منا وان يقتل المحق منا المبطل فتباهلا ثم تبارزوا فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة فلم يضره شيئا وضربه برير ضربة قدت المغفر ووصلت إلى دماغه فسقط والسيف في رأسه فحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا واعتركا ساعة ثم ان بريرا رمي به إلى الارض وقعد على صدره فحمل كعب بن جابر الازدي على برير وطعنه بالرمح في ظهره فنزل برير عن ابن منقذ بعد ان عض انفه فقطعه واقبل إليه كعب بن جابر فضربه بسيفه حتى قتله رضوان الله عليه ( وفي ) بعض الروايات ان بريرا قتل ثلاثين رجلا فلما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أعنت على ابن فاطمة وقتلت بريرا سيد القراء لا اكلمك ابدا ( وقيل ) ان الذي قتل بريرا رجل يقال له بحير بن اوس الضبي فلما قتله يقول وقيل بل قالها كعب بن جابر
سـلي  تخبري عني وانت iiذميمة      غـداة  حـسين والرماح iiشوارع
الم آت اقصى ما كرهت ولم يخل      غداة الوغي والروع ما انا iiصانع
فـي  ؟ يـزني لم تخنه كلوبه ii؟      وابيض مشحوذ الخراء لان iiقاطع

لواعج الاشجان _ 143 _

فـجردته  فـي عصبة ليس iiدينهم      كـديني وانـي بعد ذاك (1) iiلقانع
ولـم  تـر عيني مثلهم في iiزمانهم      ولا قـبلهم فـي الناس إذا انا iiيافع
اشـد  قراعا بالسيوف لدى iiالوغى      الاكـل  مـن يحمي الذمار iiمقارع
وقد صبروا للطعن والضرب حسرا      وقـد  جـالدوا لـو ان ذلـك نافع
فـابـلغ عـبيد الله إذ مـا iiلـقيته      بـانـي مـطيع لـلخليفة iiسـامع
قـتلت بـريرا ثـم جـلت بـهمة      غـداة  الـوغى لما دعا من iiيقارع
(قـتلت  بـريرا ثـم حملت iiنعمة      ابـا مـنقذ لـما دعـا من iiيماصع
  خ ل) ( ثم ) ذكر له بعد ذلك ان بريرا كان من عباد الله الصالحين ( وجاء ) ابن عم له وقال ويحك يا بحير قتلت بريرا بن خضير فبأي وجه تلقى ربك غدا فندم الشقي وقيل ان رضي بن منقذا جاب كعب بن جابر فقال
فـلو شـاء ربي ما شهدت iiقتالهم      ولا  جعل النعماء عندي ابن جابر
لـقد  كـان ذا عـارا علي وسبة      يـعيرها الابـناء عـند iiالمعاشر
فياليت اني كنت في الرحم حيضة      ويـوم حسين كنت ضمن iiالمقابر
فـيا  سـوأتا مـاذا اقول iiلخالقي      ومـا حجتي يوم الحساب القماطر
  ( ثم برز ) وهب بن حباب الكلبي (2) ويقال انه كان نصرانيا فاسلم

------------------
(1) (بابن حرب خ ل).
(2) قد عرفت ان الظاهر وقوع خلط من المؤرخين بين قصة الكلبي هذا وعبيد الله الكلبي المتقدم قاتل يسار وسالم فراجع (منه).

لواعج الاشجان _ 144 _

  على يدي الحسين عليه السلام وكانت معه امه وزوجته فقالت امه قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال افعل يا اماه ولا اقصر فبرز وهو يقول
ان  تـنكروني فانا ابن iiالكلبي      سوف  تروني وترون iiضربي
وحملتي  وصولتي في iiالحرب      ادرك ثـاري بعد ثار iiصحبي
وادفـع  الـكرب امام iiالكرب      ليس جهادي في الوغي باللعب
  ( ثم ) حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة ثم رجع إلى امرأته وامه وقال يا اماه ارضيت فقالت ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين عليه السلام فقالت امرأته بالله عليك لا تفجعني بنفسك فقالت له امه يا بني اعزب عن قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيمة فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه واخذت امرأته عمودا واقبلت نحوه وهي تقول فداك ابي وامي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فاقبل كي يردها إلى النساء فاخذت بجانب ثوبه وقالت لن اعود دون ان اموت معك فقال الحسين عليه السلام جزيتم من اهل بيت خيرا ارجعي إلى النساء رحمك الله فانصرفت اليهن ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه ( وقال ) الحر للحسين عليه السلام فإذا كنت اول من خرج عليك فأذن لي ان اكون اول قتيل بين

لواعج الاشجان _ 145 _

  يديك (1) لعلي اكون ممن يصافح جدك محمدا صلى الله عليه وآله غدا في القيمة فحمل على اصحاب عمر بن سعد وهو يتمثل بقول عنترة
ما  زلت ارميهم بغرة iiوجهه      ولبانه (2) حتى تسربل بالدم
  ثم جعل يرتجز ويقول
انـي  انا الحر ومأوي iiالضيف      اضرب في اعناقكم (3) بالسيف
عن خير من حل بارض iiالخيف      اضـربكم ولا ارى مـن iiحيف
  وروى انه كان يرتجز ايضا ويقول
آلـيـت  لاأقـتـل حـتى iiاقـتلا      ولـن  اصـاب الـيوم الا iiمـقبلا
اضربهم بالسيف ضربا معضلا (4)      لانـاكـلا عـنهم ولا مـعللا (5)ii
لا  عـاجـزا عـنـهم ولا مـبدلا      احـمي الـحسين الـماجد iiالـمؤلا
  وقاتل قتالا شديدا ( فروي ) انه لما لحق بالحسين عليه السلام قال رجل من بني تميم بني تميم الحرث يقال له يزيد بن سفيان اما والله

------------------
(1) لا يخفى ان مقتضى بعض الروايات انه قتل جماعة قبل الحر وهو المستفاد من تاريخ ابن الاثير فلذلك حمل على ان المراد اول قتيل من المبارزين ويمكن كون الحر اول المقتولين وعدم صحة مادل على خلاف ذلك كما لعله يفهم من تاريخ المفيد فأنه لم يذكر ان احدا تقدم الحر في القتل سوى ان ابن عوسجه صرع قبله ( منه ).
(2) اللبان الصدر ( منه ).
(3) اعراضكم خ ل.
(4) (مقصلا خ ل).
(5) مهللا خ ل.

لواعج الاشجان _ 146 _

  لو لحقته لاتبعته السنان فبينما الحر يقاتل وان فرسه لمضروب على اذنيه وحاجبيه وان الدماء لتسيل إذ قال الحصين يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه قال نعم فما لبث الحر ان قتله وقتل اربعين فارسا وراجلا حتى عقر فرسه فقاتلهم راجلا قتالا شديدا وهو يقول
ان تعقروا بي فانا ابن الحر      اشـجع  من ذي لبد iiهزبر
  وفي رواية انه كان يرتجز ويقول
اني انا الحر ونجل الحر      اشجع من ذي لبد iiهزبز
ولست بالجبان عند iiالكر      لكنني  الوقاف عند iiالفر
  وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل نيفا واربعين رجلا ( وفي ) رواية ثمانية عشر رجلا ( وكان ) يحمل هو وزهير بن القين فإذا حمل احدهما وغاص فيهم حمل الاخر حتى يخلصه ففعلا ذلك ساعة وفي ذلك يقول عبيدالله بن عمرو البدائي من بني البداء وهم من كندة سعيد بن عبد الله لاتنسينه * ولا الحراذ آسى زهيرا على قسر ( ثم ) حملت الرجالة على الحر وتكاثروا عليه فاشترك في قتله ايوب ابن مسرح ورجل آخر من فرسان اهل الكوفة فاحتمله اصحاب الحسين عليه السلام حتى وضعوه بين يدي الحسين عليه السلام وبه رمق فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول انت الحر كما سمتك امك حر في الدنيا والاخرة ( وروي ) انه اتاه

لواعج الاشجان _ 147 _

  الحسين عليه السلام ودمه يشخب فقال بخ بخ لك يا حر انت حر كما سميت في الدنيا والاخرة ( وخرج ) من اصحاب الحسين عليه السلام نافع بن هلال البجلي وقيل هلالي بن نافع قتالا شديدا وجعل يقول
انا ابن هلال البجلي      انـا علي دين iiعلي
وديـنه ديـن iiالنبي
  ( فبرز ) إليه رجل من بني فظيعة يقال له مزاحم (واجم خ ل) بن حريث فحمل عليه نافع فقتله وكان قد كتب اسمه على فوق (1) نبله وكانت مسمومة فقتل بها اثني عشرا وثلاثة عشر رجلا سوى من جرح فجعل يقول
ارمـي  بها معلمة iiافواقها      والـنفس لا ينفعها iiاشفاقها
مسمومة تجري بها اخفاقها      لـيملان ارضـها iiرشاقها
  فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه ثم ضرب يده إلى سيفه فأشتبله وجعل يقول
انـا الـغلام اليمني iiالبجلي      ديني على دين حسين وعلي
ان اقـتل الـيوم فهذا iiاملي      فـذلك  رأيي والاقي iiعملي
  فكسروا عضديه واخذ اسيرا فأخذه شمر واتي به إلى ابن سعد فقال له ابن سعد ويحك يا نافع ما حملك على ما صنعت بنفسك قال

------------------
(1) الفوق بالضم موضع الوتر من السهم والجمع افواق ( منه ).

لواعج الاشجان _ 148 _

  ان ربي يعلم ما اردت والدماء تسيل على وجهه ولحيته وهو يقول لقد قتلت منكم اثني عشر رجلا سوى من جرحت ولو بقيت لي عضد وساعد ما اسرتموني فانتضى شمر سيفه ليقتله فقال له نافع والله لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقى الله بدمائنا فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه فقتله شمر ( وخرج ) عمرو ابن قرطة الانصاري فاستأذن الحسين عليه السلام فاذن له فبرز وهو يرتجز ويقول
قد علمت كتيبة iiالانصار      اني ساحمي حوزة الذمار
  ضرب غلام غير نكس شاري (1) دون حسين مهجتي وداري (2) فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء وبالغ في خدمة سلطان السماء حتى قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد وجمع بين سداد وجهاد وكان لا يأتي إلى الحسين عليه السلام سهم الا اتقاه بيده ولا سيف الا تلقاه بمهجته فلم يكن يصل إلى الحسين عليه السلام سوء حتى اثخن بالجراح فالتفت إلى الحسين عليه السلام وقال يا ابن رسول الله اوفيت قال نعم انت امامي في الجنة فاقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله

------------------
(1) ليس بالفرار خ ل .
(2) قال ابن نما عليه الرحمة قوله وداري اشار إلى عمر بن سعد لما التمس منه الحسين عليه السلام المهادنة فقال داري اه‍ وهو استنباط حسن ( منه ).

لواعج الاشجان _ 149 _

  عني السلام واعلمه اني في الاثر فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه ( وكان ) له اخ مع عمر بن سعد فقال للحسين عليه السلام اضللت اخي وغررته حتى قتلته فقال الحسين عليه السلام ان الله لم يضل اخاك بل هداه واضلك قال قتلني الله ان لم اقتلك أو اموت دونك فحمل واعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه نافع فصرعه فحمل اصحابه فاستقذوه ( وبرز ) جون مولى ابي ذر الغفاري وكان عبدا اسود فقال له الحسين عليه السلام انت في اذن مني فانما تبعتنا للعافية فلا تبتل بطريقتنا فقال يا ابن رسول الله انا في الرخاء الحسن قصاعكم وفي الشدة اخذ لكم والله ان ريحي لنتن وان حسبي لئيم وان لوني لاسود فتنفس علي بالجنة فيطيب رحيي ويشرف حسبي ويبيض وجهي لا والله لاافارقكم حتى يختلط هذا الدم الاسود مع دمائكم ثم برز وهو يقول
كيف ترى الكفار ضرب الاسود      بـالسيف ضربا عن بني iiمحمد
اذب عـنـهم بـاللسان iiوالـيد      ارجـوبه  الـجنة يـوم الـمو
رد   ثم قاتل حتى قتل فوقف عليه السلام فقال اللهم بيض وجهه وطيب ريحه واحشره مع الابرار وعرف بينه وبين محمد وآل محمد ( وعن ) الباقر عليه السلام ان الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى فوجدوا جونا بعد عشرة ايام تفوح منه رائحة المسك

لواعج الاشجان _ 150 _

  ( وبرز عمرو بن خالد الصيداوي فقال للحسين عليه السلام يا ابا عبد الله قد هممت ان الحق باصحابي وكرهت ان اتخلف واراك وحيدا من اهلك قتيلا فقال له الحسين عليه السلام تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة فتقدم حتى قتل ( وجاء ) حنظلة بن سعد (اسعد خ ل) الشبامي و (1) فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره فما احقه بقول عرقلة بن حسان الدمشقي
ويرد صدر السمهري بصدره      مـاذا  يـؤثر ذابل في iiيذبل
وكـأنه  والـمشرفي iiبـكفه      بحر  يكر على الكماة iiبجدول
  واخذ ينادي يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد يا قوم اني اخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من الفترى فقال له الحسين يا ابن سعد (اسعد خ ل) رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ونهضوا اليك يشتمونك واصحابك فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين قال صدقت جعلت فداك افلا نروح إلى ربنا ونلحق باخواننا قال بلى رح إلى ما هو لك خير من الدنيا وما

------------------
(1) نسبة إلى شبام بالشين المعجمة المكسورة والباء الموحدة بطن من همدان ( منه )