ولا يخفى أن دلالة الخاص أو العام على الاستمرار والدوام إنما هو بالاطلاق لا بالوضع ، فعلى الوجه العقلي في تقديم التقييد على التخصيص كان اللازم في هذا الدوران تقديم النسخ على التخصيص أيضا ، وإن غلبة التخصيص إنما توجب أقوائية ظهور الكلام في الاستمرار والدوام من ظهور العام في العموم إذا كانت مرتكزة في أذهان أهل المحاورة بمثابة تعد من القرائن المكتنفة بالكلام ، وإلا فهي وإن كانت مفيدة للظن بالتخصيص ، إلا أنها غير موجبة لها ، كما لا يخفى .
ثم إنه بناء على اعتبار عدم حضور وقت العمل في التخصيص ، لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، يشكل الامر في تخصيص الكتاب أو السنة بالخصوصات الصادرة عن الائمة عليهم السلام ، فإنها صادرة بعد حضور وقت العمل بعموماتهما ، والتزام نسخهما بها ولو قيل بجواز نسخهما بالرواية عنهم عليهم السلام كما ترى ، فلا محيص في حله من أن يقال : إن اعتبار ذلك حيث كان لاجل قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وكان من الواضح أن ذلك فيما إذا لم يكن هناك مصلحة في إخفاء الخصوصات أو مفسدة في إبدائها ، كإخفاء غير واحد من التكاليف في الصدر الاول ، لم يكن باس بتخصيص عموماتهما بها ، واستكشاف أن موردها كان خارجا عن حكم العام واقعا وإن كان داخلا فيه ظاهرا ، ولاجله لا بأس بالالتزام بالنسخ بمعنى رفع اليد بها عن ظهور تلك العمومات بإطلاقها في الاستمرار والدوام أيضا ، فتفطن.
فصل لا إشكال في تعيين الاظهر لو كان في البين إذا كان التعارض بين الاثنين ، وأما إذا كان بين الزائد عليهما فتعينه ربما لا يخلو عن خفاء ، ولذا وقع بعض (1) الاعلام في اشتباه وخطأ ، حيث توهم أنه إذا كان هناك عام وخصوصات وقد خصص ببعضها ، كان اللازم ملاحظة النسبة بينه وبين سائر الخصوصات بعد
(1) هو المولى النراقي ( ره ) العوائد / 119 ـ 120 ، العائدة 40.
كفاية الأصول ـ 452 ـ
تخصيصه به ، فربما تنقلب النسبة إلى عموم وخصوص من وجه ، فلابد من رعاية هذه النسبة وتقديم الراجح منه ومنها ، أو التخيير بينه وبينها لو لم يكن هناك راجح ، لا تقديمها عليه ، إلا إذا كانت النسبة بعده على حالها.
وفيه : إن النسبة إنما هي بملاحظة الظهورات ، وتخصيص العام بمخصص منفصل ولو كان قطعيا لا ينثلم به ظهوره ، وإن انثلم به حجيته ، ولذلك يكون بعد التخصيص حجة في الباقي ، لاصالة عمومه بالنسبة إليه.
لا يقال : إن العام بعد تخصيصه بالقطعي لا يكون مستعملا في العموم قطعا ، فكيف يكون ظاهرا فيه ؟
فإنه يقال : إن المعلوم عدم إرادة العموم ، لا عدم استعماله فيه لافادة القاعدة الكلية ، فيعمل بعمومها ما لم يعلم بتخصيصها ، وإلا لم يكن وجه في حجيته في تمام الباقي ، لجواز استعماله حينئذ فيه وفي غيره من المراتب التي يجوز أن ينتهي إليها التخصيص ، وأصالة عدم مخصص آخر لا يوجب إنعقاد ظهور له ، لا فيه ولا في غيره من المراتب ، لعدم الوضع ولا القرينة المعينة لمرتبة منها ، كما لا يخفى ، لجواز إرادتها وعدم نصب قرينة عليها.
نعم ربما يكون عدم نصب قرينة مع كون العام في مقام البيان قرينة على إرادة التمام ، وهو غير ظهور العام فيه في كل مقام .
فانقدح بذلك أنه لا بد من تخصيص العام بكل واحد من الخصوصات مطلقا ، ولو كان بعضها مقدما أو قطعيا ، ما لم يلزم منه محذور انتهائه إلى ما لا يجوز الانتهاء إليه عرفا ، ولو لم يكن مستوعبة لافراده ، فضلا عما إذا كانت مستوعبة لها ، فلا بد حينئذ من معاملة التباين بينه وبين مجموعها ومن ملاحظة الترجيح بينهما وعدمه ، فلو رجح جانبها أو اختير فيما لم يكن هناك ترجيح فلا مجال للعمل به أصلا ، بخلاف ما لو رجح طرفه أو قدم تخييرا ، فلا يطرح منها إلا خصوص ما لا يلزم مع طرحة المحذور من التخصيص بغيره ، فإن التباين إنما كان بينه وبين
كفاية الأصول ـ 453 ـ
مجموعها لا جميعها ، وحينئذ فربما يقع التعارض بين الخصوصات فيخصص ببعضها ترجيحا أو تخييرا ، فلا تغفل .
هذا فيما كانت النسبة بين المتعارضات متحدة ، وقد ظهر منه حالها فيما كانت النسبة بينها متعددة ، كما إذا ورد هناك عامان من وجه مع ما هو أخص مطلقا من أحدهما ، وأنه لابد من تقديم الخاص على العام ومعاملة العموم من وجه بين العامين من الترجيح والتخيير بينهما ، وإن انقلبت النسبة بينهما إلى العموم المطلق بعد تخصيص أحدهما ، لما عرفت من أنه لا وجه إلا لملاحظة النسبة قبل العلاج.
نعم لو لم يكن الباقي تحته بعد تخصيصه إلا ما لا يجوز أن يجوز عنه التخصيص أو كان بعيدا جدا ، لقدم على العام الآخر ، لا لانقلاب النسبة بينهما ، بل لكونه كالنص فيه ، فيقدم على الآخر الظاهر فيه بعمومه ، كما لا يخفي .
فصل لا يخفي أن المزايا المرجحة لاحد المتعارضين الموجبة للاخذ به وطرح الآخر ـ بناء على وجوب الترجيح ـ وإن كانت على أنحاء مختلفة ومواردها متعددة ، من راوي الخبر ونفسه ووجه صدوره ومتنه ومضمونه مثل : الوثاقة والفقاهة والشهرة ومخالفة العامة والفصاحة وموافقة الكتاب والموافقة لفتوى الاصحاب ، إلى غير ذلك مما يوجب مزية في طرف من أطرافه ، خصوصا لو قيل بالتعدي من المزايا المنصوصة ، إلا أنها موجبة لتقديم أحد السندين وترجيحه وطرح الآخر ، فإن أخبار العلاج دلت على تقديم رواية ذات مزية في أحد أطرافها ونواحيها فجميع هذه من مرجحات السند حتى موافقة الخبر للتقية ، فإنها أيضا مما يوجب ترجيح أحد السندين وحجيته فعلا وطرح الآخر راسا ، وكونها في مقطوعي الصدور متمحضة في ترجيح الجهة لا يوجب كونها كذلك في غيرهما ، ضرورة أنه لا معنى للتعبد بسند ما يتعين حمله على التقية ، فكيف يقاس على ما لا تعبد فيه للقطع بصدوره .
ثم إنه لا وجه لمراعاة الترتيب بين المرجحات لو قيل بالتعدي وإناطة الترجيح
كفاية الأصول ـ 454 ـ
بالظن أو بالاقربية إلى الواقع ، ضرورة أن قضية ذلك تقديم الخبر الذي ظن صدقه أو كان أقرب إلى الواقع منهما ، والتخيير بينهما إذا تساويا ، فلا وجه لاتعاب النفس في بيان أن أيها يقدم أو يؤخر إلا تعيين أن أيها يكون فيه المناط في صورة مزاحمة بعضها مع الآخر.
وأما لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فله وجه لما يتراءى من ذكرها مرتبا في المقبولة (1) والمرفوعة (2) ، مع إمكان أن يقال : إن الظاهر كونهما كسائر أخبار الترجيح بصدد بيان أن هذا مرجح وذاك مرجح ، ولذا إقتصر في غير واحد منها على ذكر مرجح واحد ، وإلا لزم تقييد جميعها على كثرتها بما في المقبولة ، وهو بعيد جدا ، وعليه فمتى وجد في أحدهما مرجح وفي الآخر آخر منها ، كان المرجع هو إطلاقات التخيير ، ولا كذلك على الاول بل لابد من ملاحظة الترتيب ، إلا إذا كانا في عرض واحد.
وانقدح بذلك أن حال المرجح الجهتي حال سائر المرجحات ، في أنه لابد في صورة مزاحمته مع بعضها من ملاحظة أن أيهما فعلا موجب للظن بصدق ذيه بمضمونه ، أو الاقربية كذلك إلى الواقع ، فيوجب ترجيحه وطرح الآخر ، أو أنه لا مزية لاحدهما على الآخر ، كما إذا كان الخبر الموافق للتقية بماله من المزية مساويا للخبر المخالف لها بحسب المناطين ، فلا بد حينئذ من التخيير بين الخبرين ، فلا وجه لتقديمه على غيره ، كما عن الوحيد البهبهاني (3) ـ قدس سره ـ وبالغ فيه
(1) التهذيب 6 / 301 ، الباب 92 ، الحديث 52 .
(2) الكافي 1 / 67 ، باب اختلاف الحديث ، الحديث 10 .
(3) راجع ملاحظات الفريد على فوائد الوحيد ( ره ) / 120 في الفائدة 21 .
المولى محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني مروج المذهب رأس الماة الثالثة تولد سنة 1118 في اصفهان وقطن برهة في بهبهان ، ثم انتقل إلى كربلا ونشر العلم هناك ، صنف ما يقرب من ستين كتابا ، منها شرحه على المفاتيح وحواشيه على المدارك وعلى المعالم وغير ذلك توفي في الحائر الشريف سنة 1208 ه ( الكنى والالقاب 2 / 97 ) .
كفاية الأصول ـ 455 ـ
بعض (1) أعاظم المعاصرين ـ أعلى الله درجته ـ ولا لتقديم غيره عليه ، كما يظهر من شيخنا العلامة (2) ـ أعلى الله مقامه ـ قال :
( أما لو زاحم الترجيح بالصدور الترجيح من حيث جهة الصدور ، بأن كان الارجح صدورا موافقا للعامة ، فالظاهر تقديمه على غيره وإن كان مخالفا للعامة ، بناء على تعليل الترجيح بخالفة العامة بإحتمال التقية في الموافق ، لان هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما قطعا كما في المتواترين ، أو تعبدا كما في الخبرين بعد عدم إمكان التعبد بصدور أحدهما وترك التعبد بصدور الآخر ، وفيما نحن فيه يمكن ذلك بمقتضى أدلة الترجيح من حيث الصدور.
إن قلت : إن الاصل في الخبرين الصدور ، فإذا تعبدنا بصدورهما إقتضى ذلك الحكم بصدور الموافق تقية ، كما يقتضي ذلك الحكم بإرادة خلاف الظاهر في أضعفهما ، فيكون هذا المرجح نظير الترجيح بحسب الدلالة مقدما على الترجيح بحسب الصدور.
قلت : لا معنى للتعبد بصدورهما مع وجوب حمل أحدهما المعين على التقية ، لانه إلغاء لاحدهما في الحقيقة ).
وقال بعد جملة من الكلام :
( فمورد هذا الترجيح تساوي الخبرين من حيث الصدور ، إما علما كما في المتواترين ، أو تعبدا كما في المتكافئين من الاخبار ، وأما ما وجب فيه التعبد بصدور أحدهما المعين دون الآخر فلا وجه لاعمال هذا المرجح فيه ، لان جهة الصدور متفرع على أصل الصدور ) إنتهى موضع الحاجة من كلامه ، زيد في علو مقامه .
وفيه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أن حديث فرعية جهة الصدور على أصله إنما يفيد
(1) هو صاحب البدائع في البدائع / 455 و 457 ، المقام الرابع في ترتيب المرجحات.
(2) فرائد الاصول / 468.
كفاية الأصول ـ 456 ـ
إذا لم يكن المرجح الجهتي من مرجحات أصل الصدور بل من مرجحاتها ، وأما إذا كان من مرجحاته بأحد المناطين ، فأي فرق بينه وبين سائر المرجحات ؟ ولم يقم دليل بعد في الخبرين المتعارضين على وجوب التعبد بصدور الراجح منهما من حيث غير الجهة ، مع كون الآخر راجحا بحسبها ، بل هو أول الكلام ، كما لا يخفى ، فلا محيص من ملاحظة الراجح من المرجحين بحسب أحد المناطين ، أو من دلالة أخبار العلاج ، على الترجيح بينهما مع المزاحمة ، ومع عدم الدلالة ولو لعدم التعرض لهذه الصورة فالمحكم هو إطلاق التخيير ، فلا تغفل .
وقد أورد بعض أعاظم تلاميذه (1) عليه بإنتقاضه بالمتكافئين من حيث الصدور ، فإنه لو لم يعقل التعبد بصدور المتخالفين من حيث الصدور ، مع حمل أحدهما على التقية ، لم يعقل التعبد بصدورهما مع حمل أحدهما عليها ، لانه إلغاء لاحدهما أيضا في الحقيقة.
وفيه ما لا يخفى من الغفلة ، وحسبان أنه التزم ـ قدس سره ـ في مورد الترجيح بحسب الجهة باعتبار تساويهما من حيث الصدور ، إما للعلم بصدورهما ، وإما للتعبد به فعلا ، مع بداهة أن غرضه من التساوي من حيث الصدور تعبدا تساويهما بحسب دليل التعبد بالصدور قطعا ، ضرورة أن دليل حجية الخبر لا يقتضي التعبد فعلا بالمتعارضين ، بل ولا بأحدهما ، وقضية دليل العلاج ليس إلا التعبد بأحدهما تخييرا أو ترجيحا .
والعجب كل العجب أنه رحمه الله لم يكتف بما أورده من النقض ، حتى ادعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح على الترجيح به ، وبرهن عليه بما حاصله امتناع التعبد بصدور الموافق ، لدوران أمره بين عدم صدوره من أصله ، وبين صدوره تقية ، ولا يعقل التعبد به على التقديرين بداهة ، كما أنه لا يعقل التعبد بالقطعي الصدور الموافق ، بل الامر في الظني الصدور أهون ، لاحتمال عدم
(1) وهو الشيخ المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي ( طاب ثراه ) ، راجع بدائع الافكار / 457.
كفاية الأصول ـ 457 ـ
صدوره ، بخلافه ، ثم قال : فاحتمال تقديم المرجحات السندية على مخالفة العامة ، مع نص الامام ـ عليه السلام ـ على طرح موافقهم ، من العجائب والغرائب التي لم يعهد صدورها من ذي مسكة ، فضلا عمن هو تالي العصمة علما وعملا .
ثم قال : وليت شعري ، إن هذه الغفلة الواضحة كيف صدرت منه ؟ مع أنه في جودة النظر يأتي بما يقرب من شق القمر.
وأنت خبير بوضوح فساد برهانه ، ضرورة عدم دوران أمر الموافق بين الصدور تقية وعدم الصدور رأسا ، لاحتمال صدوره لبيان حكم الله واقعا ، وعدم صدور المخالف المعارض له أصلا ، ولا يكاد يحتاچ في التعبد إلى أزيد من احتمال صدور الخبر لبيان ذلك بداهة ، وإنما دار احتمال الموافق بين الاثنين إذا كان المخالف قطعيا صدورا وجهة ودلالة ، ضرورة دوران معارضه حينئذ بين عدم صدوره وصدوره تقية ، وفي غير هذه الصورة كان دوران أمره بين الثلاثة لا محالة ، لاحتمال صدوره لبيان الحكم الواقعي حينئذ أيضا.
ومنه قد إنقدح إمكان التعبد بصدور الموافق القطعي لبيان الحكم الواقعي أيضا ، وإنما لم يكن التعبد بصدوره لذلك إذا كان معارضه المخالف قطعيا بحسب السند والدلالة ، لتعيين حمله على التقية حينئذ لا محالة ، ولعمري إن ما ذكرنا أوضح من أن يخفى على مثله ، إلا أن الخطأ والنسيان كالطبيعة الثانية للانسان ، عصمنا الله من زلل الاقدام والاقلام في كل ورطة ومقام .
ثم إن هذا كله إنما هو بملاحظة أن هذا المرجح مرجح من حيث الجهة ، وأما بما هو موجب لاقوائية دلالة ذيه من معارضه ، لاحتمال التورية في المعارض المحتمل فيه التقية دونه ، فهو مقدم على جميع مرجحات الصدور ، بناء على ما هو المشهور من تقدم التوفيق ـ بحمل الظاهر على الاظهر ـ على الترجيح بها ، اللهم إلا أن يقال : أن باب احتمال التورية وإن كان مفتوحا فيما احتمل فيه التقية ، إلا أنه
كفاية الأصول ـ 458 ـ
حيث كان بالتأمل والنظر لم يوجب أن يكون معارضه أظهر ، بحيث يكون قرينة على التصرف عرفا في الآخر ، فتدبر .
فصل موافقة الخبر لما يوجب الظن بمضمونه ولو نوعا من المرجحات في الجملة ـ بناء على لزوم الترجيح ـ لو قيل بالتعدي من المرجحات المنصوصة ، أو قيل بدخوله في القاعدة المجمع عليها كما ادعي (1) ، وهي لزوم العمل بأقوى الدليلين ، وقد عرفت أن التعدي محل نظر بل منع ، وأن الظاهر من القاعدة هو ما كان الاقوائية من حيث الدليلية والكشفية ، ومضمون أحدهما مظنونا ، لاجل مساعدة أمارة ظنية عليه ، لا يوجب قوة فيه من هذه الحيثية ، بل هو على ما هو عليه من القوة لو لا مساعدتها ، كما لا يخفى ، ومطابقة أحد الخبرين لها لا يكون لازمه الطن بوجود خلل في الآخر ، إما من حيث الصدور ، أو من حيث جهته ، كيف ؟ وقد اجتمع مع القطع بوجود جميع ما اعتبر في حجية المخالف لولا معارضة الموافق ، والصدق واقعا لا يكاد يعتبر في الحجية ، كما لا يكاد يضر بها الكذب كذلك ، فافهم. هذا حال الامارة الغير المعتبرة لعدم الدليل على اعتبارها.
أما ما ليس بمعتبر بالخصوص لاجل الدليل على عدم اعتباره بالخصوص كالقياس ، فهو وإن كان كالغير المعتبر لعدم الدليل ، بحسب ما يقتضي الترجيح به من الاخبار بناء على التعدي ، والقاعدة بناء على دخول مظنون المضمون في أقوى الدليلين ، إلا أن الاخبار الناهية عن القياس (2) وأن السنة إذا قيست محق الدين (3) ، مانعة عن الترجيح به ، ضرورة أن استعماله في ترجيح أحد الخبرين
(1) راجع فرائد الاصول / 469.
(2) الكافي 1 : 46 باب البدع والرأي والمقاييس ، الاحاديث 13 و 16.
(3) المصدر المتقدم ، الحديث 15 والكافي 7 : 299 ، كتاب الديات ، باب الرجل يقتل المرأة و ... الخ ، الحديث 6.
وللمزيد راجع جامع أحاديث الشيعة 1 : 269 ، الباب 7 عدم حجية القياس والرأي و ... الخ.
كفاية الأصول ـ 459 ـ
استعمال له في المسألة الشرعية الاصولية ، وخطره ليس بأقل من استعماله في المسألة الفرعية.
وتوهم أن حال القياس ها هنا ليس في تحقق الاقوائية به إلا كحاله فيما ينقح به موضوع آخر ذو حكم ، من دون اعتماد عليه في مسألة أصولية (1) ولا فرعية ، قياس مع الفارق ، لوضوح الفرق بين المقام والقياس في الموضوعات الخارجية الصرفة ، فإن القياس المعمول فيها ليس في الدين ، فيكون إفساده أكثر من إصلاحه ، وهذا بخلاف المعمول في المقام ، فإنه نحو إعمال له في الدين ، ضرورة أنه لولاه لما تعين الخبر الموافق له للحجية بعد سقوطه عن الحجية بمقتضى أدلة الاعتبار ، والتخيير بينه وبين معارضه بمقتضى أدلة العلاج ، فتأمل جيدا .
وأما ما إذا اعتضد بما كان دليلا مستقلا في نفسه ، كالكتاب والسنة القطعية ، فالمعارض المخالف لاحدهما إن كانت مخالفته بالمباينة الكلية ، فهذه الصورة خارجة عن مورد الترجيح ، لعدم حجية الخبر المخالف كذلك من أصله ، ولو مع عدم المعارض ، فإنه المتيقن من الاخبار الدالة على أنه زخرف أو باطل ، أو أنه : لم نقله ، أو غير ذلك (2).
وإن كانت مخالفته بالعموم والخصوص المطلق ، فقضية القاعدة فيها ، وإن كانت ملاحظة المرجحات بينه وبين الموافق وتخصيص الكتاب به تعيينا أو تخييرا ، لو لم يكن الترجيح في الموافق ، بناء على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، إلا أن الاخبار الدالة على أخذ الموافق من المتعارضين غير قاصرة عن العموم لهذه الصورة ، لو قيل بأنها في مقام ترجيح أحدهما لا تعيين الحجة عن اللاحجة ، كما نزلناها عليه ، ويؤيده أخبار العرض على الكتاب الدالة على عدم حجية المخالف من
(1) في ( ب ) : في مسألة الاصولية ولا فرعية .
(2) وسائل الشيعة 18 : 78 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي / الاحاديث 10 ، 11 ، 12 ، 14 ، 15 ، 18 .
كفاية الأصول ـ 460 ـ
أصله ، فإنهما تفرغان عن لسان واحد ، فلا وجه لحمل المخالفة في أحدهما على خلاف المخالفة في الاخرى ، كما لا يخفى .
اللهم إلا أن يقال : نعم ، إلا أن دعوى اختصاص هذه الطائفة بما إذا كانت المخالفة بالمباينة ـ بقرينة القطع بصدور المخالف الغير المباين عنهم عليهم السلام كثيرا ، وإباء مثل : ما خالف قول ربنا لم أقله ، أو زخرف أو باطل عن التخصيص ـ غير بعيدة ، وإن كانت المخالفة بالعموم والخصوص من وجه ، فالظاهر أنها كالمخالفة في الصورة الاولى كما لا يخفى .
وأما الترجيح بمثل الاستصحاب ، كما وقع في كلام غير واحد من الاصحاب ، فالظاهر أنه لاجل اعتباره من باب الظن والطريقية عندهم ، وأما بناء على اعتباره تعبدا من باب الاخبار وظيفة للشاك ، كما هو المختار ، كسائر الاصول العملية التي يكون كذلك عقلا أو نقلا ، فلا وجه للترجيح به أصلا ، لعدم تقوية مضمون الخبر بموافقته ، ولو بملاحظة دليل اعتباره كما لا يخفى .
هذا آخر ما اردنا إيراده ، والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا .
كفاية الأصول ـ 461 ـ الخاتمة
الاجتهاد والتقليد
كفاية الأصول ـ 463 ـ
أما الخاتمة : فهي فيما يتعلق بالاجتهاد والتقليد
فصل الاجتهاد لغة : تحمل المشقة ، واصطلاحا كما عن الحاجبي (1) والعلامة (2) : استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي ، وعن غيرهما (3) : ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الاصل فعلا أو قوة قريبة .
ولا يخفى أن اختلاف عباراتهم في بيان معناه اصطلاحا ، ليس من جهة الاختلاف في حقيقته وماهيته ، لوضوح أنهم ليسوا في مقام بيان حده أو رسمه ، بل إنما كانوا في مقام شرح اسمه والاشارة إليه بلفظ آخر وإن لم يكن مساويا له بحسب مفهومه ، كاللغوي في بيان معاني الالفاظ بتبديل لفظ بلفظ آخر ، ولو كان أخص منه مفهوما أو أعم .
ومن هنا انقدح أنه لا وقع للايراد على تعريفاته بعدم الانعكاس أو الاطراد ، كما هو الحال في تعريف جل الاشياء لولا الكل ، ضرورة عدم الاحاطة بها بكنهها ، أو بخواصها الموجبة لامتيازها عما عداها ، لغير علام الغيوب ، فافهم .
(1) راجع شرح مختصر الاصول / 460 ، عند الكلام عن الاجتهاد.
(2) التهذيب ـ مخطوط ـ .
(3) زبدة الاصول للشيخ البهائي ( ره ) / 115 المنهج الرابع في الاجتهاد والتقليد .
كفاية الأصول ـ 464 ـ
وكيف كان ، فالاولى تبديل الظن بالحكم بالحجة عليه ، فإن المناط فيه هو تحصيلها قوة أو فعلا لا الظن حتى عند العامة القائلين بحجيته مطلقا ، أو بعض الخاصة القائل بها عند انسداد باب العلم بالاحكام ، فإنه مطلقا عندهم ، أو عند الانسداد عنده من أفراد الحجة ، ولذا لا شبهة في كون استفراغ الوسع في تحصيل غيره من أفرادها ـ من العلم بالحكم أو غيره مما اعتبر من الطرق التعبدية الغير المفيدة للظن ولو نوعا ـ اجتهادا أيضا.
ومنه قد انقدح أنه لا وجه لتأبي الاخباري عن الاجتهاد بهذا المعنى ، فإنه لا محيص عنه كما لا يخفى ، غاية الامر له أن ينازع في حجية بعض ما يقول الاصولي باعتباره ويمنع عنها ، وهو غير ضائر بالاتفاق على صحة الاجتهاد بذاك المعنى ، ضرورة أنه ربما يقع بين الاخباريين ، كما وقع بينهم وبين الاصوليين.
فصل ينقسم الاجتهاد إلى مطلق وتجز ، فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة ، أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في الموارد التي لم يظفر فيها بها ، والتجزي هو ما يقتدر به على استنباط بعض الاحكام.
ثم إنه لا إشكال في إمكان المطلق وحصوله للاعلام ، وعدم التمكن من الترجيح في المسألة وتعيين حكمها والتردد منهم في بعض المسائل إنما هو بالنسبة إلى حكمها الواقعي ، لاجل عدم دليل مساعد في كل مسألة عليه ، أو عدم الظفر به بعد الفحص عنه بالمقدار اللازم ، لا لقلة الاطلاع أو قصور الباع ، وأما بالنسبة إلى حكمها الفعلي ، فلا تردد لهم أصلا.
كما لا إشكال في جواز العمل بهذا الاجتهاد لمن اتصف به ، وأما لغيره فكذا لا إشكال فيه ، إذا كان المجتهد ممن كان باب العلم أو العلمي بالاحكام مفتوحا له ـ على ما يأتي من الادلة على جواز التقليد ـ بخلاف ما إذا انسد عليه بابهما ، فجواز تقليد الغير عنه في غاية الاشكال ، فإن رجوعه إليه ليس من رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى الجاهل ،
كفاية الأصول ـ 465 ـ
وأدلة جواز التقليد إنما دلت على جواز رجوع غير العالم إلى العالم كما لا يخفى ، وقضية مقدمات الانسداد ليست إلا حجية الظن عليه لا على غيره ، فلا بد في حجية اجتهاد مثله على غيره من التماس دليل آخر غير دليل التقليد وغير دليل الانسداد الجاري في حق المجتهد ، من إجماع أو جريان مقدمات دليل الانسداد في حقه ، بحيث تكون منتجة لحجية الظن الثابت حجيته بمقدماته له أيضا ، ولا مجال لدعوى الاجماع ، ومقدماته كذلك غير جارية في حقه ، لعدم انحصار المجتهد به ، أو عدم لزوم محذور عقلي من عمله بالاحتياط وان لزم منه العسر ، إذا لم يكن له سبيل إلى إثبات عدم وجوبه مع عسره.
نعم ، لو جرت المقدمات كذلك ، بأن انحصر المجتهد ، ولزم من الاحتياط المحذور ، أو لزم منه العسر مع التمكن من إبطال وجوبه حينئذ ، كانت منتجة لحجيته في حقه أيضا ، لكن دونه خرط القتاد ، هذا على تقدير الحكومة.
وأما على تقدير الكشف وصحته ، فجواز الرجوع إليه في غاية الاشكال لعدم مساعدة أدلة التقليد على جواز الرجوع إلى من اختص حجية ظنه به ، وقضية مقدمات الانسداد اختصاص حجية الظن بمن جرت في حقه دون غيره ، ولو سلم أن قضيتها كون الظن المطلق معتبرا شرعا ، كالظنون الخاصة التي دل الدليل على اعتبارها بالخصوص ، فتأمل .
إن قلت : حجية الشيء شرعا مطلقا لا يوجب القطع بما أدى إليه من الحكم ولو ظاهرا ، كما مر تحقيقه (1) ، وأنه ليس أثره إلا تنجز الواقع مع الاصابة ، والعذر مع عدمها ، فيكون رجوعه إليه مع انفتاح باب العلمي عليه أيضا رجوعا إلى الجاهل ، فضلا عما إذا انسد عليه.
قلت : نعم ، إلا أنه عالم بموارد قيام الحجة الشرعية على الاحكام ، فيكون من رجوع الجاهل إلى العالم.
(1) في بيان الامارات غير القطعية ، ص 277.
كفاية الأصول ـ 466 ـ
إن قلت : رجوعه إليه في موارد فقد الامارة المعتبرة عنده التي يكون المرجع فيها الاصول العقلية ، ليس إلا الرجوع إلى الجاهل.
قلت : رجوعه إليه فيها إنما هو لاجل اطلاعه على عدم الامارة الشرعية فيها ، وهو عاجز عن الاطلاع على ذلك ، وأما تعيين ما هو حكم العقل وأنه مع عدمها هو البراءة أو الاحتياط ، فهو إنما يرجع إليه ، فالمتبع ما استقل به عقله ولو على خلاف ما ذهب إليه مجتهده ، فافهم .
وكذلك لا خلاف ولا إشكال في نفوذ حكم المجتهد المطلق إذا كان باب العلم أو العلمي له مفتوحا ، وأما إذا انسد عليه بابهما ففيه إشكال على الصحيح من تقرير المقدمات على نحو الحكومة ، فإن مثله ـ كما أشرت آنفا ـ ليس ممن يعرف الاحكام ، مع أن معرفتها معتبرة في الحاكم ، كما في المقبولة ، إلا أن يدعى عدم القول بالفصل ، وهو وإن كان غير بعيد ، إلا أنه ليس بمثابة يكون حجة على عدم الفصل ، إلا أن يقال بكفاية انفتاح باب العلم في موارد الاجماعات والضروريات من الدين أو المذهب ، والمتواترات إذا كانت جملة يعتد بها ، وإن انسد باب العلم بمعظم الفقه ، فإنه يصدق عليه حينئذ أنه ممن روى حديثهم ( علهيم السلام ) ونظر في حلالهم ( عليهم السلام ) وحرامهم عليهم السلام : وعرف أحكامهم عرفا حقيقة ، وأما قوله ( عليه السلام ) في المقبولة ( فإذا حكم بحكمنا ) فالمراد أن مثله إذا حكم كان بحكمهم حكم ، حيث كان منصوبا منهم ، كيف وحكمه غالبا يكون في الموضوعات الخارجية ، وليس مثل ملكية دار لزيد أو زوجية امرأة له من أحكامهم ( عليهم السلام ) فصحة إسناد حكمه إليهم ( عليهم السلام ) إنما هو لاجل كونه من المنصوب من قبلهم .
وأما التجزي في الاجتهاد ففيه مواضع من الكلام :
الاول : في إمكانه ، وهو وإن كان محل الخلاف بين الاعلام إلا أنه لا ينبغي الارتياب فيه ، حيث كانت أبواب الفقه مختلفة مدركا ، والمدارك متفاوتة سهولة
كفاية الأصول ـ 467 ـ
وصعوبة ، عقلية ونقلية ، مع اختلاف الاشخاص في الاطلاع عليها ، وفي طول الباع وقصوره بالنسبة إليها ، فرب شخص كثير الاطلاع وطويل الباع في مدرك باب بمهارته في النقليات أو العقليات ، وليس كذلك في آخر لعدم مهارته فيها وابتنائه عليها ، وهذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه أو لمهارة الشخص فيه مع صعوبته ، مع عدم القدرة على ما ليس كذلك ، بل يستحيل حصول اجتهاد مطلق عادة غير مسبوق بالتجزي ، للزوم الطفرة. وبساطة الملكة وعدم قبولها التجزئة ، لا تمنع من حصولها بالنسبة إلى بعض الابواب ، بحيث يتمكن بها من الاحاطة بمداركه ، كما إذا كانت هناك ملكة الاستنباط في جميعها ، ويقطع بعدم دخل ما في سائرها به أصلا ، أو لا يعتني باحتماله لاجل الفحص بالمقدار اللازم الموجب للاطمئنان بعدم دخله ، كما في الملكة المطلقة ، بداهة أنه لا يعتبر في استنباط مسألة معها من الاطلاع فعلا على مدارك جميع المسائل ، كما لا يخفى .
الثاني : في حجية ما يؤدي إليه على المتصف به ، وهو أيضا محل الخلاف ، إلا أن قضية أدلة المدارك حجيته ، لعدم اختصاصها بالمتصف بالاجتهاد المطلق ، ضرورة أن بناء العقلاء على حجية الظواهر مطلقا ، وكذا ما دل على حجية خبر الواحد ، غايته تقييده بما إذا تمكن من دفع معارضاته كما هو المفروض.
الثالث : في جواز رجوع غير المتصف به إليه في كل مسألة اجتهد فيها ، وهو أيضا محل الاشكال ، من أنه من رجوع الجاهل إلى العالم ، فتعمه أدلة جواز التقليد ، ومن دعوى عدم إطلاق فيها ، وعدم إحراز أن بناء العقلاء أو سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله أيضا ، وستعرف إن شاء الله تعالى ما هو قضية الادلة.
وأما جواز حكومته ونفوذ فصل خصومته فأشكل ، نعم لا يبعد نفوذه فيما إذا عرف جملة معتدة بها واجتهد فيها ، بحيث يصح أن يقال في حقه عرفا أنه ممن عرف
كفاية الأصول ـ 468 ـ
أحكامهم ، كما مر في المجتهد المطلق المنسد عليه باب العلم والعلمي في معظم الاحكام.
فصل لا يخفى احتياج الاجتهاد إلى معرفة العلوم العربية في الجملة ولو بأن يقدر على معرفة ما يبتني عليه الاجتهاد في المسألة ، بالرجوع إلى ما دون فيه ، ومعرفة التفسير كذلك .
وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الاصول ، ضرورة أنه ما من مسألة الا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في الاصول ، أو برهن عليها مقدمة في نفس المسألة الفرعية ، كما هو طريقة الاخباري ، وتدوين تلك القواعد المحتاج إليها على حدة لا يوجب كونها بدعة ، وعدم تدوينها في زمانهم ( عليهم السلام ) لا يوجب ذلك ، وإلا كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة .
وبالجملة لا محيص لاحد في استنباط الاحكام الفرعية من أدلتها إلا الرجوع إلى ما بنى عليه في المسائل الاصولية ، وبدونه لا يكاد يتمكن من استنباط واجتهاد ، مجتهدا كان أو أخباريا، نعم يختلف الاحتياج إليها بحسب اختلاف المسائل والازمنة والاشخاص ، ضرورة خفة مؤونة الاجتهاد في الصدر الاول ، وعدم حاجته إلى كثير مما يحتاج إليه في الازمنة اللاحقة ، مما لا يكاد يحقق ويختار عادة إلا بالرجوع إلى ما دون فيه من الكتب الاصولية.
فصل اتفقت الكلمة على التخطئة في العقليات ، واختلفت في الشرعيات ، فقال أصحابنا بالتخطئة فيها أيضا ، وأن له تبارك وتعالى في كل مسألة حكم يؤدي إليه الاجتهاد تارة وإلى غيره أخرى.
وقال مخالفونا بالتصويب ، وأن له تعالى أحكاما بعدد آراء المجتهدين ، فما
كفاية الأصول ـ 469 ـ
يؤدي إليه الاجتهاد هو حكمه تبارك وتعالى ، ولا يخفى أنه لا يكاد يعقل الاجتهاد في حكم المسألة إلا إذا كان لها حكم واقعا ، حتى صار المجتهد بصدد استنباطه من أدلته ، وتعيينه بحسبها ظاهرا ، فلو كان غرضهم من التصويب هو الالتزام بإنشاء أحكام في الواقع بعدد الآراء ـ بأن تكون الاحكام المؤدي إليها الاجتهادات أحكاما واقعية كما هي ظاهرية ـ فهو وإن كان خطأ من جهة تواتر الاخبار ، وإجماع أصحابنا الاخيار على أن له تبارك وتعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه الكل ، إلا أنه غير محال ، ولو كان غرضهم منه الالتزام بإنشاء الاحكام على وفق آراء الاعلام بعد الاجتهاد ، فهو مما لا يكاد يعقل ، فكيف يتفحص عما لا يكون له عين ولا أثر ، أو يستظهر من الآية أو الخبر ، إلا أن يراد التصويب بالنسبة إلى الحكم الفعلي ، وأن المجتهد وإن كان يتفحص عما هو الحكم واقعا وإنشاء ، إلا أن ما أدى إليه اجتهاده يكون هو حكمه الفعلي حقيقة ، وهو مما يختلف باختلاف الآراء ضرورة ، ولا يشترك فيه الجاهل والعالم بداهة ، وما يشتركان فيه ليس بحكم حقيقة بل إنشاء ، فلا استحالة في التصويب بهذا المعنى ، بل لا محيص عنه في الجملة بناء على اعتبار الاخبار من باب السببية والموضوعية كما لا يخفى ، وربما يشير إليه ما اشتهرت بيننا أن ظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم.
نعم بناء على اعتبارها من باب الطريقية ، كما هو كذلك ، فمؤديات الطرق والامارات المعتبرة ليست بأحكام حقيقية نفسية ، ولو قيل بكونها أحكاما طريقية ، وقد مر (1) غير مرة إمكان منع كونها أحكاما كذلك أيضا ، وأن قضية حجيتها ليس إلا تنجز [ تنجيز ] مؤدياتها عند إصابتها ، والعذر عند خطئها ، فلا يكون حكم أصلا إلا الحكم الواقعي ، فيصير منجزا فيما قام عليه حجة من علم أو طريق معتبر ، ويكون غير منجز بل غير فعلي فيما لم تكن هناك حجة مصيبة ، فتأمل جيدا .
(1) في دفع الايراد عن إمكان التعبد بالامارة غير القطعية / ص 277 وفي التنبية الثاني من تنبيهات الاستصحاب / ص 405.
كفاية الأصول ـ 470 ـ
فصل إذا اضمحل الاجتهاد السابق بتبدل الرأي الاول بالآخر أو بزواله بدونه ، فلا شبهة في عدم العبرة به في الاعمال اللاحقة ، ولزوم اتباع اجتهاد اللاحق مطلقا أو الاحتياط فيها ، وأما الاعمال السابقة الواقعة على وفقه المختل فيها ما اعتبر في صحتها بحسب هذا الاجتهاد ، فلا بد من معاملة البطلان معها فيما لم ينهض دليل على صحة العمل فيما إذا اختل فيه لعذر ، كما نهض في الصلاة وغيرها ، مثل : لا تعاد (1) ، وحديث الرفع (2) ، بل الاجماع على الاجزاء في العبادات على ما ادعي.
وذلك فيما كان بحسب الاجتهاد الاول قد حصل القطع بالحكم وقد اضمحل واضح ، بداهة أنه لا حكم معه شرعا ، غايته المعذورية في المخالفة عقلا ، وكذلك فيما كان هناك طريق معتبر شرعا عليه بحسبه ، وقد ظهر خلافه بالظفر بالمقيد أو المخصص أو قرينة المجاز أو المعارض ، بناء على ما هو التحقيق من اعتبار الامارات من باب الطريقية ، قيل بأن قضية اعتبارها إنشاء أحكام طريقية ، أم لا على ما مر منا غير مرة ، من غير فرق بين تعلقه بالاحكام أو بمتعلقاتها ، ضرورة أن كيفية اعتبارها فيهما على نهج واحد ، ولم يعلم وجه للتفصيل بينهما ، كما في الفصول (3) ، وأن المتعلقات لا تتحمل اجتهادين بخلاف الاحكام ، إلا حسبان أن الاحكام قابلة للتغير والتبدل ، بخلاف المتعلقات والموضوعات ، وأنت خبير بأن الواقع واحد فيهما ، وقد عين أولا بما ظهر خطؤه ثانيا ، ولزوم العسر والحرج والهرج والمرج المخل بالنظام والموجب للمخاصمة بين الانام ، لو قيل بعدم صحة العقود والايقاعات والعبادات الواقعة على طبق الاجتهاد الاول الفاسدة بحسب الاجتهاد الثاني ،
(1) الفقيه : 1 / 225 ، الباب 49 ، الحديث 8 والباب 42 ، الحديث 17 والتهذيب 2 / 152 ، الباب 9 ، الحديث 55 .
(2) راجع ص 339 ، في الاستدلال على البراءة بالسنة.
(3) الفصول : 409 ، في فصل رجوع المجتهد عن الفتوى.
كفاية الأصول ـ 471 ـ
ووجوب العمل على طبق الثاني ، من عدم ترتيب الاثر على المعاملة وإعادة العبادة ، لا يكون إلا أحيانا ، وأدلة نفي العسر لا ينفي إلا خصوص ما لزم منه العسر فعلا ، مع عدم اختصاص ذلك بالمتعلقات ، ولزوم العسر في الاحكام كذلك أيضا لو قيل بلزوم ترتيب الاثر على طبق الاجتهاد الثاني في الاعمال السابقة ، وباب الهرج والمرج ينسد بالحكومة وفصل الخصومة.
وبالجملة لا يكون التفاوت بين الاحكام ومتعلقاتها ، بتحمل الاجتهادين وعدم التحمل بينا ولا مبينا ، بما يرجع إلى محصل في كلامه ـ زيد في علو مقامه ـ فراجع وتأمل.
وأما بناء على اعتبارها من باب السببية والموضوعية ، فلا محيص عن القول بصحة العمل على طبق الاجتهاد الاول ، عبادة كان أو معاملة ، وكون مؤداه ـ ما لم يضمحل ـ حكما حقيقة ، وكذلك الحال إذا كان بحسب الاجتهاد الاول مجرى الاستصحاب أو البراءة النقلية ، وقد ظفر في الاجتهاد الثاني بدليل على الخلاف ، فإنه عمل بما هو وظيفته على تلك الحال ، وقد مر في مبحث الاجزاء تحقيق المقال ، فراجع هناك .
وهو أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيات ، أو للالتزام به في الاعتقاديات تعبدا ، بلا مطالبة دليل على رأيه ، ولا يخفى أنه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ، ضرورة سبقه عليه ، وإلا كان بلا تقليد ، فافهم .
ثم إنه لا يذهب عليك أن جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة ، يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى دليل ، وإلا لزم سد باب العلم به على العامي مطلقا غالبا ، لعجزه عن معرفة ما دل عليه كتابا وسنة ، ولا يجوز التقليد فيه أيضا ، وإلا لدار أو تسلسل ، بل هذه هي العمدة في أدلته ، وأغلب ما عداه قابل للمناقشة ، لبعد تحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة ، مما يمكن أن يكون القول فيه لاجل كونه من الامور الفطرية الارتكازية ، والمنقول منه غير حجة في مثلها ، ولو قيل بحجيتها في غيرها ، لوهنه بذلك.
ومنه قد انقدح إمكان القدح في دعوى كونه من ضروريات الدين ، لاحتمال أن يكون من ضروريات العقل وفطرياته لا من ضرورياته ، وكذا القدح في دعوى (1) سيرة المتدينين.
(1) الفصول : 411 في فصل جواز التقليد.
كفاية الأصول ـ 473 ـ
وأما الآيات ، فلعدم دلالة آية النفر (1) والسؤال (2) على جوازه ، لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا للاخذ تعبدا ، مع أن المسؤول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها ، أو أهل بيت العصمة الاطهار كما فسر به في الاخبار (3).
نعم لا بأس بدلالة الاخبار عليه بالمطابقة أو الملازمة ، حيث دل بعضها (4) على وجوب اتباع قول العلماء ، وبعضها (5) على أن للعوام تقليد العلماء ، وبعضها (6) على جواز الافتاء مفهوما مثل ما دل على المنع عن الفتوى بغير علم ، أو منطوقا مثل (7) مادل على إظهاره ( عليه السلام ) المحبة لان يرى في أصحابه من يفتي الناس بالحلال والحرام .
لا يقال : إن مجرد إظهار الفتوى للغير لا يدل على جواز أخذه واتباعه .
فإنه يقال : إن الملازمة العرفية بين جواز الافتاء وجواز اتباعه واضحة ، وهذا غير وجوب إظهار الحق والواقع ، حيث لا ملازمة بينه وبين وجوب أخذه تعبدا ، فافهم وتأمل .
وهذه الاخبار على اختلاف مضامينها وتعدد أسانيدها ، لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها ، فيكون دليلا قاطعا على جواز التقليد ، وإن لم يكن كل واحد
(1) التوبة : 122.
(2) النحل : 43.
(3) الكافي : 1 / 163 ، كتاب الحجة الباب 20 ، الاحاديث.
(4) الوسائل : 18 / 98 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الاحاديث : 4 و 5 و 9 و 15 و 23 و 27 و 33 و 42 و 45 والباب 12 ، الحديث 54.
(5) الاحتجاج : 2 / 457 في احتجاجات أبي محمد العسكري وجاء في الوسائل : 18 / 94 الباب 10 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 20.
(6) الوسائل : 18 / 9 ، الباب 4 من أبواب صفات القاضي ، الاحاديث : 1 و 2 و 3 و 31 و 33 والباب 6 ، الحديث 48 ، والباب 9 ، الحديث 23 والباب 11 ، الحديث 12.
(7) الوسائل : 18 / 108 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 36.
كفاية الأصول ـ 474 ـ
بحجة ، فيكون مخصصا لما دل على عدم جواز اتباع غير العلم والذم على التقليد ، من الآيات والروايات. قال الله تبارك وتعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) (1) وقوله تعالى : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) (2) مع احتمال أن الذم إنما كان على تقليدهم للجاهل ، أو في الاصول الاعتقادية التي لابد فيها من اليقين ، وأما قياس المسائل الفرعية على الاصول الاعتقادية ، في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها كذلك لا يجوز فيها بالطريق الاولى لسهولتها ، فباطل ، مع أنه مع الفارق ، ضرورة أن الاصول الاعتقادية مسائل معدودة ، بخلافها فإنه مما لا تعد ولا تحصى ، ولا يكاد يتيسر من الاجتهاد فيها فعلا طول العمر إلا للاوحدي في كلياتها ، كما لا يخفى .
فصل إذا علم المقلد اختلاف الاحياء في الفتوى مع اختلافهم في العلم والفقاهة ، فلابد من الرجوع إلى الافضل إذا احتمل تعينه ، للقطع بحجيته والشك في حجية غيره ، ولا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده ، إلا على نحو دائر.
نعم لا بأس برجوعه إليه إذا استقل عقله بالتساوي ، وجواز الرجوع إليه أيضا ، أو جوز له الافضل بعد رجوعه إليه ، هذا حال العاجر عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الادلة في هذه المسألة.
وأما غيره ، فقد اختلفوا في جواز تقليد (3) المفضول وعدم جوازه ، ذهب بعضهم إلى الجواز ، والمعروف بين الاصحاب ـ على ما قيل ـ عدمه وهو الاقوى ،
(1) الاسراء : 36.
(2) الزخرف : 23.
(3) في ( ب ) : تقديم.
كفاية الأصول ـ 475 ـ
للاصل ، وعدم دليل على خلافه ، ولا إطلاق في أدلة التقليد بعد الغض عن نهوضها على مشروعية أصله ، لوضوح أنها إنما تكون بصدد بيان أصل جواز الاخذ بقول العالم لا في كل حال ، من غير تعرض أصلا لصورة معارضته بقول الفاضل ، كما هو شأن سائر الطرق والامارات على ما لا يخفى .
ودعوى (1) السيرة على الاخذ بفتوى أحد المخالفين في الفتوى من دون فحص عن أعلميته مع العلم بأعلمية أحدهما ، ممنوعة .
ولا عسر في تقليد الاعلم ، لا عليه لاخذ فتاواه من رسائله وكتبه ، ولا لمقلديه لذلك أيضا ، وليس تشخيص الاعلمية بأشكل من تشخيص أصل الاجتهاد ، مع أن قضية نفي العسر الاقتصار على موضع العسر ، فيجب فيما لا يلزم منه عسر ، فتأمل جيدا.
وقد استدل للمنع أيضا بوجوه :
أحدها (2) : نقل الاجماع على تعين تقليد الافضل.
ثانيها (3) : الاخبار الدالة على ترجيحه مع المعارضة ، كما في المقبولة (4) وغيرها (5) ، أو على اختياره للحكم بين الناس ، كما دل عليه المنقول (6) عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك ).
ثالثها (7) : إن قول الافضل أقرب من غيره جزما ، فيجب الاخذ به عند
(1) راجع شرح مختصر الاصول / 484.
(2) مطارح الانظار / 303 ، في التنبيه السادس ، عند استدلاله على القول بوجوب تقليد الافضل.
(3) مفاتيح الاصول / 627.
(4) التهذيب 6 : 301 ، الباب 92 ، الحديث 6 ـ الكافي 1 : 54. باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم ، الحديث 10.
(5) التهذيب 6 / 301 ، الباب 92 ، الحديث 50 و 51 ـ الفقيه 3 : 5 الباب 9 الحديث 1 و 2.
(6) نهج البلاغة الجزء الثالث : 104 في كتابه ( عليه السلام ) للاشتر النخعي.
(7) الذريعة 2 : 801 ، في باب الاجتهاد ، فصل صفة المفتي والمستفتي.
كفاية الأصول ـ 476 ـ
المعارضة عقلا.
ولا يخفى ضعفها :
أما الاول : فلقوة احتمال أن يكون وجه القول بالتعيين للكل أو الجل هو الاصل ، فلا مجال لتحصيل الاجماع مع الظفر بالاتفاق ، فيكون نقله موهونا ، مع عدم حجية نقله ولو مع عدم وهنه.
وأما الثاني : فلان الترجيح مع المعارضة في مقام الحكومة ، لاجل رفع الخصومة التي لا تكاد ترتفع إلا به ، لا يستلزم الترجيح في مقام الفتوى ، كما لا يخفى .
وأما الثالث : فممنوع صغرى وكبرى ، أما الصغرى فلاجل أن فتوى غير الافضل ربما يكون أقرب من فتواه ، لموافقته لفتوى من هو أفضل منه ممن مات ، ولا يصغى إلى أن فتوى الافضل أقرب في نفسه ، فإنه لو سلم أنه كذلك إلا أنه ليس بصغري لما ادعى عقلا من الكبرى ، بداهة أن العقل لا يرى تفاوتا بين أن تكون الاقربية في الامارة لنفسها ، أو لاجل موافقتها لامارة أخرى ، كما لا يخفى .
وأما الكبرى فلان ملاك حجية قول الغير تعبدا ولو على نحو الطريقية ، لم يعلم أنه القرب من الواقع ، فلعله يكون ما هو في الافضل وغيره سيان ، ولم يكن لزيادة القرب في أحدهما دخل أصلا. نعم لو كان تمام الملاك هو القرب ، كما إذا كان حجة بنظر العقل ، لتعين الاقرب قطعا ، فافهم.
فصل اختلفوا في اشتراط الحياة في المفتي ، والمعروف بين الاصحاب (1) الاشتراط
(1) المعالم / 241 ، في ( أصل : يعتبر في المفتي ... الخ ) من المطلب التاسع، راجع مسالك الافهام 1 : 127 ، في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقواعد الاحكام 119
كفاية الأصول ـ 477 ـ
وبين العامة (1) عدمه ، وهو خيرة الاخباريين (2) ، وبعض المجتهدين (3) من أصحابنا ، وربما نقل تفاصيل :
منها (4) : التفصيل بين البدوي فيشترط ، والاستمراري فلا يشترط ، والمختار ما هو المعروف بين الاصحاب ، للشك في جواز تقليد الميت ، والاصل عدم جوازه ، ولا مخرج عن هذا الاصل ، إلا ما استدل به المجوز على الجواز من وجوه ضعيفة .
منها (5) : استصحاب جواز تقليده في حال حياته ، ولا يذهب عليك أنه لا مجال له ، لعدم بقاء موضوعه عرفا ، لعدم بقاء الرأي معه ، فإنه متقوم بالحياة بنظر العرف ، وإن لم يكن كذلك واقعا ، حيث أن الموت عند أهله موجب لانعدام الميت ورأيه ، ولا ينافي ذلك صحة استصحاب بعض أحكام حال حياته ، كطهارته ونجاسته وجواز نظر زوجته إليه ، فإن ذلك إنما يكون فيما لا يتقوم بحياته عرفا بحسبان بقائه ببدنه الباقي بعد موته ، وإن احتمل أن يكون للحياة دخل في عروضه واقعا ، وبقاء الرأي لابد منه في جواز التقليد قطعا ، ولذا لا يجوز التقليد فيما إذا تبدل الرأي أو ارتفع ، لمرض أو هرم إجماعا.
وبالجملة يكو انتفاء الرأي بالموت بنظر العرف بانعدام موضوعه ، ويكون حشره في القيامة إنما هو من باب إعادة المعدوم ، وإن لم يكن كذلك حقيقة ، لبقاء موضوعه ، وهو النفس الناطقة الباقية حال الموت لتجرده ، وقد عرفت في باب الاستصحاب أن المدار في بقاء الموضوع وعدمه هو العرف ، فلا يجدي بقاء النفس
كتاب الجهاد ، في المقصد الخامس.
(1) شرح البدخشي 3 : 287 والابهاج في شرح المنهاج 3 : 268 وفواتح الرحموت 2 : 407.
(2) الفوائد المدنية 149.
(3) كالمحقق القمي ، قوانين الاصول 2.
(4) راجع مفاتيح الاصول / 624.
(5) راجع مفاتيح الاصول / 624 ، في التنبيه الاول من تقليد الميت.
كفاية الأصول ـ 478 ـ
عقلا في صحة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه ، وحسبان أهله أنها غير باقية وإنما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها ، فتأمل جيدا .
لا يقال : نعم ، الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه ، إلا أن حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته ، كما هو الحال في الرواية .
فإنه يقال : لا شبهة في أنه لا بد في جوازه من بقاء الرأي والاعتقاد ، ولذا لو زال بجنون أو تبدل ونحوهما لما جاز قطعا ، كما أشير إليه آنفا ، هذا بالنسبة إلى التقليد الابتدائي .
وأما الاستمراري ، فربما يقال بأنه قضية استصحاب الاحكام التي قلده فيها ، فإن رأيه وإن كان مناطا لعروضها وحدوثها ، إلا أنه عرفا من أسباب العروض لا من مقومات الموضوع والمعروض .
ولكنه لا يخفى أنه لا يقين بالحكم شرعا سابقا ، فإن جواز التقليد إن كان بحكم العقل وقضية الفطرة كما عرفت فواضح ، فإنه لا يقتضي أزيد من تنجز ما أصابه من التكليف والعذر فيما أخطأ ، وهو واضح ، وإن كان بالنقل فكذلك ، على ما هو التحقيق من أن قضية الحجية شرعا ليس إلا ذلك ، لانشاء أحكام شرعية على طبق مؤداها ، فلا مجال لاستصحاب ما قلده ، لعدم القطع به سابقا ، إلا على ما تكلفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب (1) ، فراجع ، ولا دليل على حجية رأيه السابق في اللاحق.
وأما بناء على ما هو المعروف بينهم ، من كون قضية الحجية الشرعية جعل مثل ما أدت إليه من الاحكام الواقعية التكليفية أو الوضعية شرعا في الظاهر ، فلاستصحاب ما قلده من الاحكام وإن كان مجال ، بدعوى بقاء الموضوع عرفا ، لاجل كون الرأي عند أهل العرف من أسباب العروض لا من مقومات المعروض ، إلا أن الانصاف عدم كون الدعوى خالية عن الجزاف ، فإنه من المحتمل ـ لولا
(1) التنبيه الثاني / ص 405 .
كفاية الأصول ـ 479 ـ
المقطوع ـ أن الاحكام التقليدية عندهم أيضا ليست أحكاما لموضوعاتها بقول مطلق ، بحيث عد من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه ، بسبب تبدل الرأي ونحوه ، بل إنما كانت أحكاما لها بحسب رأيه ، بحيث عد من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدل ، ومجرد احتمال ذلك يكفي في عدم صحة استصحابها ، لاعتبار إحراز بقاء الموضوع ولو عرفا ، فتأمل جيدا .
هذا كله مع إمكان دعوى أنه إذا لم يجز البقاء على التقليد بعد زوال الرأي ، بسبب الهرم أو المرض إجماعا ، لم يجز في حال الموت بنحو أولى قطعا ، فتأمل .
ومنها : إطلاق الآيات (1) الدالة على التقليد ، وفيه ـ مضافا إلى ما أشرنا إليه من عدم دلالتها عليه ـ منع إطلاقها على تقدير دلالتها ، وإنما هو مسوق لبيان أصل تشريعه كما لا يخفى ، ومنه انقدح حال إطلاق ما دل من الروايات على التقليد (2) ، مع إمكان دعوى الانسياق إلى حال الحياة فيها .
ومنها : دعوى (3) أنه لا دليل على التقليد إلا دليل الانسداد ، وقضيته جواز تقليد الميت كالحي بلا تفاوت بينهما أصلا ، كما لا يخفى .
وفيه أنه لا يكاد تصل النوبة إليه ، لما عرفت من دليل العقل والنقل عليه .
ومنها (4) : دعوى السيرة على البقاء ، فإن المعلوم من أصحاب الائمة
(1) آية النفر / التوبة : 122 وآية السؤال / النحل : 43 وآية الكتمان / البقرة : 159 وآية النبأ / الحجرات : 5.
(2) إكمال الدين وإتمام النعمة : 2 / 483 ، باب ذكر التوقيعات ، الحديث 4 وللمزيد راجع الوسائل : 18 / 101 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 9.
(3) استدل به المحقق القمي ( ره ) قوانين الاصول : 2 / 265 في قانون عدم اشتراط مشافهة المفتي ، عند قوله : بل الدليل عليه هو ما ذكرنا من البرهان ... الخ.
(4) مطارح الانظار : 295 في أدلة القائلين بجواز الاستمرار على تقليد الميت.
كفاية الأصول ـ 480 ـ
( عليهم السلام ) عدم رجوعهم عما أخذوه تقليدا بعد موت المفتي.
وفيه منع السيرة فيما هو محل الكلام ، وأصحابهم ( عليهم السلام ) إنما لم يرجعوا عما أخذوه من الاحكام لاجل أنهم غالبا إنما كانوا يأخذونها ممن ينقلها عنهم ( عليهم السلام ) بلا واسطة أحد ، أو معها من دون دخل رأي الناقل فيه أصلا ، وهو ليس بتقليد كما لا يخفى ، ولم يعلم إلى الآن حال من تعبد بقول غيره ورأيه ، أنه كان قد رجع أو لم يرجع بعد موته .
[ ومنها (1) : غير ذلك مما لا يليق بأن يسطر أو يذكر ] (2).
(1) راجع مفاتيح الاصول للسيد المجاهد : 622 في مفتاح : اختلفوا في جواز تقليد المجتهد الميت عند ذكره أدلة المجوزين.
(2) أثبتناها في ( ب ) وشطب عليها المصنف في ( أ ).
1 ـ الابهاج في شرح المنهاج : تأليف علي بن عبد الكافي السبكي ـ نشر دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ، لبنان.
2 ـ الاتقان في علوم القرآن : تأليف عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ـ تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم ـ منشورات الرضي ـ قم ، إيران.
3 ـ أجوبة السيد عن مسائل التباينات ( رسائل الشريف المرتضى ) : تأليف السيّد المرتضى ـ المجموعة الأولى ـ نشر دار القرآن الكريم ـ قم ، إيران.
4 ـ الاحتجاج : تأليف الشيخ أحمد بن علي الطبرسي ـ تحقيق محمد باقر الموسوي الخرسان ـ مشهد ، إيران.
5 ـ الأحكام في أًصول الأحكام : تأليف علي بن ابي علي بن محمد الآمدي ـ نشر دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ، لبنان.
6 ـ ارشاد الأذهان : تأليف العلامة الحسن بن يوسف بن علي الحلي ـ نشر مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام ) ـ قم ، إيران.
7 ـ ارشاد المفيد : تأليف الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي ـ نشر مكتبة بصيرتي قم ، إيران.
8 ـ الاستبصار : تأليف الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ـ تحقيق حسن الموسوي الخرسان ـ نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، إيران.
9 ـ الإشارات والتنبيهات : تأليف الحسين بن عبدالله بن سينا ـ مصر.
10 ـ اعلام الزركلي : تأليف خير الدين الزركلي ـ نشر دار العلم للملايين ـ الطبعة السادسة ـ بيروت ، لبنان.
11 ـ اعيان الشيعة : تأليف السيد محسن الأمين ـ نشر دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت ، لبنان.
12 ـ اكمال الدين واتمام النعمة : تأليف الشيخ محمد بن علي بن الحسين القمي ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم ـ قم ، إيران.
13 ـ امالي الصدوق : تأليف الشيخ محمد بن الحسن العاملي ـ تحقيق أحمد الحسيني ـ نشر دار الكتاب الإسلامي ـ قم ، إيران.
14 ـ امل الآمل : تأليف الشيخ محمد بن الحسن العاملي ـ تحقيق أحمد الحسيني ـ نشر دار الكتاب الإسلامي ـ قم ، إيران.
15 ـ أنوار التنزيل : تأليف عبدالله بن عمر البيضاوي ـ نشر محمد محمود الحلبي وشركاؤه ـ مصر.
16 ـ الايضاح ( ايضاح الفوائد ) : تأليف الشيخ محمد بن الحسين بن يوسف بن المطهر الحلي ـ الطبعة الأولى ـ قم ، إيران.
17 ـ بحر الفوائد في شرح الفوائد : تأليف ميرزا حسن الآشتياني ـ نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، إيران.
18 ـ بدائع الأفكار : تأليف الشيخ حبيب الله الرشتي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
19 ـ بغية الوعاة : تأليف عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ـ نشر دار الفكر.
20 ـ التبيان : تأليف الشيخ محمد بن الحسين الطوسي ـ تحقيق أحمد القصير ـ نشر دار أحياء التراث العربي ـ بيروت ، لبنان.
21 ـ تذكرة الحفاظ : تأليف محمد الذهبي ـ نشر دار أحياء التراث العربي ـ بيروت ، لبنان.
22 ـ تشريح الأصول : تأليف علي بن فتح الله النهاوندي ـ طبع سنة 1320 هـ.
23 ـ تفسير الصافي : تأليف الشيخ محمد محسن بن مرتضى ( الفيض ) الكاشاني ـ نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ، لبنان.
24 ـ تفسير العياشي : تأليف محمّد بن مسعود العياشي السمرقندي. نشر المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران ، إيران.
25 ـ التفسير الكبير : تأليف الفخر الرازي.
26 ـ التقرير والتحبير : تأليف ابن أمير الحاج ـ نشر دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ بولاق ، مصر.
27 ـ تمهيد القواعد : تأليف زين الدين بن علي العاملي ـ طبع سنة 1274 هـ.
28 ـ التهذيب : تأليف الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ـ تحقيق حسن الموسوي الخرسان ـ نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، إيران.
29 ـ تهذيب الأسماء واللغات : تأليف محيي الدين بن شرف النووي ـ نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت ، لبنان.
30 ـ توحيد الصدوق : تأليف الشيخ محمد بن علي بن الحسين القمي ـ تحقيق هاشم الحسيني الطهراني ـ نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسي بقم ـ قم ، إيران.
31 ـ تيسير التحرير : تأليف محمد أمين ( أمير بادشاه ) ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ، لبنان.
32 ـ جامع أحاديث الشيعة : تأليف آية الله السيد البروجردي ـ قم ، إيران.
33 ـ جامع الأخبار : تأليف محمّد بن محمّد الشعيري ـ منشورات الرضي ـ قم ، إيران.
34 ـ الجرح والتعديل : تأليف عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ـ نشر دار أحياء التراث العربي أفست على الطبعة الأولى ـ بيروت ، لبنان.
35 ـ الجوامع الفقهية : تأليف جماعة من العلماء ـ نشر مكتبة آية الله السيد المرعشي ـ قم ، إيران.
36 ـ جواهر الكلام : تأليف الشيخ محمد حسن بن باقر النجفي ـ نشر دار أحياء التراث العربي ـ بيروت ، لبنان.
37 ـ الجوهر النضيد في شرح التجريد : تأليف الحسن بن يوسف الحلي ـ نشر منشورات بيدار ـ قم ، إيران.
38 ـ حاشية العضدي : تأليف عبد الرحمن بن أحمد العضدي ـ طبعة حسن حلمي سنة 1307 هـ.
39 ـ حاشية الشريف على شرح المطالع : تأليف محمّد شريف بن حسن علي ـ انتشارات كتبي نجفي.
40 ـ حاشية القزويني على القوانين : تأليف محمّد بن جعفر القزويني.
41 ـ حاشية المصنف على فرائد الأصول : تأليف الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني ـ نشر منشورات بصيرتي ـ قم ، إيران.
42 ـ حاشية المعالم : نشر المكتبة العلمية الإسلامية ـ طبع سنة 1363 هـ.
43 ـ الحبل المتين : تأليف بهاد الدين العاملي : منشورات بصيرتي ـ قم ، إيران.
44 ـ الحدائق الناضرة : تأليف الشيخ يوسف البحراني ـ نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم ، إيران.
45 ـ حقائق الأصول : تأليف آية الله السيد محسن الحكيم ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
46 ـ الخصال : تأليف الشيخ محمد بن علي بن الحسين القمي ـ تحقيق على أكبر الغفاري ـ نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم ، إيران.
47 ـ الخلاف : تأليف محمّد بن الحسن الطوسي ـ تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
48 ـ دعائم الإسلام : تأليف الشيخ النعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي ـ تحقيق آصف بن علي آصغر فيضي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
49 ـ ذخيرة المعاد : تأليف محمد باقر السبزواري ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
50 ـ الذريعة إلى أصول الشريعة : تأليف السيد علي بن الحسين الموسوي ( المرتضى ) ـ تحقيق ابوالقاسم الكرجي ـ نشر جامعة طهران ـ طهران ، إيران.
51 ـ رسائل السيد المرتضى : تأليف السيد علي بن الحسين الموسوي ـ نشر دار القرآن الكريم ـ قم ، إيران.
52 ـ رسالة في إبطال العمل بالخبر الواحد ( رسائل الشريف المرتضى ) ـ المجموعة الثالثة ـ نشر دار القرآن الكريم ـ قم ، إيران.
53 ـ رسالة قاعدة لا ضرر : تأليف شيخ الشريعة الإصفهاني ـ تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت ـ قم ، إيران.
54 ـ روض الجنان : تأليف الشيخ زين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني ـ نشر مؤسسة آل البيت (ع ) ـ قم ، إيران.
55 ـ روضات الجنات : تأليف السيد محمد باقر الموسوي الخوانساري ـ نشر مكتبة اسماعيليان ـ قم ، إيران.
56 ـ الروضة البهية : تأليف زين الدين بن علي العاملي ـ تصحيح محمّد كلانتر.
57 ـ رياض المسائل : تأليف علي الطباطبائي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ـ إيران.
58 ـ زبدة الأصول : تأليف بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي ، مخطوط.
59 ـ السرائر : تأليف الشيخ محمد بن ادريس العجلي الحلي ـ نشر انتشارات المعارف الإسلامية ـ طهران ، إيران.
60 ـ شرح الارشاد وللأردبيلي ( مجمع الفائدة والبرهان ) ـ نشرم جماعة المدرسين ـ قم ، إيران.
61 ـ شرح البدخشي : تأليف محمد بن الحسن البدخشي ـ نشر دار الكتب العلمية ـ الطبعة الاولى ـ بيروت ، لبنان.
62 ـ شرح تجريد العقائد للقوشجي : تأليف علي بن محمد القوشجي ـ نشر مكتبة الرضي ، بيدار ، عزيزي ـ قم ، إيران.
63 ـ شرح تنقيح الفصول :
64 ـ شرح الشرائع = مدارك الأحكام.
65 ـ شرح العضدي على مختصر المنتهى : تأليف عبدالرحمن بن أحمد العضدي ـ طبعة حسن حلمي ـ طبع سنة 1307 هـ.
66 ـ الشرح على مواقف القاضي عضد الايجي : المير سيد علي بن محمد بن علي الخسيني الاسترابادي ( المحقق الشريف ).
67 ـ شرح مبادئ الأصول : تأليف فخر المحققين أبو طالب محمد بن جمال الدين حسن بن يوسف المطهر الحلّي.
68 ـ شرح المطالع : تاليف محمّد بن محمّد الرازي البويهي : انتشارات كتبي نجفي.
69 ـ شرخ الوافية : تأليف صدر الدني الرضوي القمي.
70 ـ الشفاء : تأليف الحسين بن عبدالله بن سينا ـ نشر مكتبة آية المرعشي النجفي ـ قم ، إيران.
71 ـ شهداء الفضيلة : تأليف عبدالحسين الاميني ـ نشر دار الشهاب ـ قم ، إيران.
72 ـ صحيح مسلم : تأليف مسلم بن الحجاج النيشابوري ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ، لبنان.
73 ـ طبقات اعلام الشيعة : تأليف آغا بزرك الطهراني ـ نشر دار الكتاب العربي ـ بيروت ، لبنان.
74 ـ العبر في خبر من غبر : تأليف محمّد بن أحمد الذهبي ـ نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت ، لبنان.
75 ـ عدة الأصول : تأليف الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ـ تحقيق محمد مهدي نجف ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) الطبعة المحققة الأولى ـ قم ، إيران.
76 ـ العناوين : تأليف مير فتاح ـ طبعة حجرية.
77 ـ العوائد ـ النراقي ـ : تأليف الشيخ أحمد بن محمد مهدي النراقي ـ نشر منشورات بصيرتي ـ قم ، إيران.
78 ـ عوالي اللآلي : تأليف محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي ـ تحقيق مجتبى العراقي ـ الطبعة الأولى ـ قم ، إيران.
79 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام : تأليف محمد بن علي بن الحسين القمي ـ تحقيق مهدي الحسيني اللاجوردي ـ نشر رضا مشهدي ( كتاب فروشي طوس ) ـ قم ، إيران.
80 ـ غاية المسؤول في علم الأصول : تأليف محمد حسين الشهرستاني ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
81 ـ الغنائم : تأليف أبوالقاسم القمي ـ طهران ، إيران.
82 ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : تأليف ابن زهرة الحلبي ـ نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، إيران.
83 ـ فرائد الأصول : تأليف مرتضى بن محمد أمين الأنصاري. طبعة رحمة الله.
84 ـ الفصول الغروية : تأليف محمّد بن حسين بن محمد رحيم الطهراني ـ طهران ، إيران.
85 ـ الفوائد المدنية : تأليف محمد أمين الأستر آبادي ـ نشر دار النشر لأهل البيت (ع) ـ إيران.
86 ـ فوائد المصنف : تأليف الأخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني.
87 ـ الفوائد للوحيد البهبهاني : الوحيد البهبهاني.
88 ـ فواتح الرحموت : تأليف عبدالعلي محمّد بن نظام الدين الأنصاري ـ منشورات الرضي ـ قم ، إيران.
89 ـ القاموس المحيط : تأليف محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ، لبنان.
90 ـ القانون في الطب : تأليف الحسين بن عبدالله بن سينا ـ مصر.
91 ـ قواعد الأحكام : تأليف الحسين بن يوسف الحلي ـ منشورات الرضي ـ قم ، إيران.
92 ـ قوانين الأصول : تأليف أبوالقاسم القمي ـ نشر دار الطباعة ـ طبع سنة 1303 هـ.
93 ـ كاشف الظلام في علم الكلام : تأليف ميرزا حبيب الله الرشتي.
94 ـ الكافي : تأليف محمد بن يعقوب الكليني ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، إيران.
95 ـ كامل الزيارات : تأليف جعفر بن محمد بن قولويه ـ افست على طبعة النجف ـ إيران.
96 ـ كشف الغطاء تأليف جعفر بن خضر الجناجي النجفي ـ الطبعة الحجرية.
97 ـ كشف القناع : تأليف أسدالله التستري ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
98 ـ الكنى والألقاب : تأليف عباس القمي ـ انتشارات بيدار ـ قم ، إيران.ر
99 ـ مبادئ الأصول : تأليف الحسن بن يوسف الحلي.
100 ـ المبسوط : تأليف محمّد بن الحسن الطوسي ـ نشر المكتبة المرتضوية ـ طبع سنة 1315 ش.
101 ـ مجمع البحرين : تأليف فخر الدين الطريحي ـ نشر المكتبة المرتضوية ـ طهران ، إيران.
102 ـ مجمع البيان :تأليف الفضل بن الحسن الطبرسي ـ نشر مكتبة آية الله السيد المرعشي ـ قم ، إيران.
103 ـ مجمع الفائدة والبرهان : تأليف أحمد الأردبيلي ـ تحقيق مجتبى العراقي وعلي بناه الاشتهاردي وحسين اليزدي الاصفهاني ـ نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم ، إيران.
104 ـ المحاسن : تأليف أحمد بن محمد خالد البرقي ـ تحقيق جلال الدين الحسيني ـ نشر دار الكتب الإسلامية ـ قم ، إيران.
105 ـ مختصر الأصول : تأليف ابن الحاجب ـ طبعة حسن حلمي ـ طبع سنة 1307 هـ.
106 ـ مختصر التبيان : تأليف ابن أدريس الحلي ـ مخطوط.
107 ـ مختصر المنتهى : تأليف ابن الحاجب ـ طبعة حسن حلمي ـ طبع سنة 1307 هـ.
108 ـ مدارك الأحكام : تأليف محمّد بن علي الطباطبائي : طهران ، إيران.
109 ـ مسالك الافهام : تأليف زين الدين بن علي العاملي ـ نشر دار الهدى ـ قم ، إيران.
110 ـ مستدرك الوسائل : تأليف الشيخ حسين النوري الطبرسي الطبعة الحجرية ، إيران.
111 ـ المستصفى : تأليف محمّد بن محمّد الغزالي ـ الطبعة الأولى ـ بولاق ، مصر.
112 ـ مسند أحمد : تأليف أحمد بن حنبل ـ نشر دار الفكر ـ بيروت ، لبنان.
113 ـ مشارق الشموس : تأليف حسين بن محمّد الخوانساري ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
114 ـ مطارح الأنظار ـ التقريرات ـ : تأليف أبوالقاسم الكلانتري ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
115 ـ المطالع : تأليف محمود بن أبي بكر الأرموي ـ انتشارات كتبي نجفي.
116 ـ معارج الأصول : تأليف جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ الطبعة الأولى ـ قم ، إيران.
117 ـ معالم الأصول : تأليف الحسن بن زين الدين العاملي ـ نشر المكتبة العلمية ـ طهران ، إيران.
118 ـ معالم الدين في الأصول : تأليف حسن بن زين الدين العاملي ـ نشر المكتبة العلمية الإسلامية ـ الطبعة الأولى ـ طهران ، إيران.
119 ـ معاني الأخبار : تأليف محمد بن علي بن الحسين القمي ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم ، إيران.
120 ـ المعتمد : تأليف محمد بن علي بن الطيب البصري ـ نشر دار الكتب العلمية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ، لبنان.
121 ـ مفاتيح الأصول : تأليف السيد محمد الطباطبائي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
122 ـ مفتاح العلوم : تأليف يوسف السكاكي ـ نشر دار الكتب العلمية.
123 ـ مفتاح الكرامة : تأليف محمد جواد الحسين العاملي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
124 ـ المقنع ( الجوامع الفقهية ) : تأليف محمّد بن علي بن بابويه اقمي ـ نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، إيران.
125 ـ المكاسب : تأليف مرتضى الانصاري ـ تبريز ، إيران.
126 ـ ملاحظات الفريد : تأليف الفريد الكلبايكاني.
127 ـ مناهج الأحكام : تأليف أحمد بن مهدي النراقي ـ طهران ، إيران.
128 ـ المناهل : تأليف محمّد الطباطبائي ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
129 ـ منتقى الجمان : تأليف الحسن بن زين الدين بن علي العاملي ـ نشر مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم ، إيران.
130 ـ منتهى الدراية : تأليف محمد جعفر الجزائري المروج ـ أفست على الطبعة الأولى المطبوعة في النجف الأشرف.
131 ـ المنخول : تأليف محمّد بن محمّد الغزالي.
132 ـ من لا يحضره الفقيه : تأليف محمّد بن علي بن الحسين القمي ـ نشر دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، إيران.
133 ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : تأليف علي بن الحسين الموسوي ـ نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، إيران.
134 ـ النافع يوم الحشر : تأليف المقداد السيوري.
135 ـ النجاة : تأليف الحسين بن عبدالل بن سينا ـ طهران ، إيران.
136 ـ النهاية : تأليف المبارك بن محمد الجزري ـ نشر المكتبة الإسلامية.
137 ـ نهاية الأصول = نهاية الوصول : تأليف الحسن بن يوسف الحلي ـ مخطوط.
138 ـ نهاية الدراية : تأليف محمد حسين الاصفهاني ـ تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ الطبعة الأولى ـ قم ، إيران.
139 ـ نهاية السؤول : تأليف جمال الدّين الأسنوي ـ نشر دار الكتب العلمية.
140 ـ نهج البلاغة : شرح محمد عبدة ـ مطبعة الإستقامة.
141 ـ هداية المسترشدين : تأليف محمد تقي الاصفهاني ـ نشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ـ قم ، إيران.
142 ـ الوافي : تأليف محمد محسن بن مرتضى الكاشاني ـ نشر مكتبة آية الله السيد المرعشي ـ قم ، إيران.
143 ـ الوافية : تأليف الفاضل التوني ـ طبعة بمبي ـ طبع سنة 1301 هـ.
144 ـ وسائل الشيعة : تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي ـ تحقيق عبدالرحيم الشيرازي الرباني ـ نشر دار أحياء الترث العربي ـ بيروت ، لبنان.
145 ـ وفيات الأعيان : تأليف أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ـ نشر دار صادر ـ بيروت ، لبنان.