ثانيها : أن تكون موضوعة لمعظم الاجزاء التي تدور مدارها التسمية عرفا ، فصدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمى ، وعدم صدقه عن عدمه.
وفيه ـ مضافا إلى ما أورد على الاول أخيرا ـ أنه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمى ، فكان شيء واحد داخلا فيه تارة ، وخارجا عنه أخرى ، بل مرددا بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند إجتماع تمام الاجزاء ، وهو كما ترى ، سيما إذا لوحظ هذا مع ما عليه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات .
ثالثها : أن يكون وضعها كوضع الاعلام الشخصية ك ( زيد ) فكما لا يضر في التسمية فيها تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر ، ونقص بعض الاجزاء وزيادته ، كذلك فيها .
وفيه : أن الاعلام إنما تكون موضوعة للاشخاص ، والتشخص إنما يكون بالوجود الخاص ، ويكون الشخص حقيقة باقيا مادام وجوده باقيا ، وإن تغيرت عوارضه من الزيادة والنقصان ، وغيرهما من الحالات والكيفيات ، فكما لا يضر اختلافها في التشخص ، لا يضر اختلافها في التسمية ، وهذا بخلاف مثل ألفاظ العبادات مما كانت موضوعة للمركبات والمقيدات ، ولا يكاد يكون موضوعا له ، إلا ما كان جامعا لشتاتها وحاويا لمتفرقاتها ، كما عرفت في الصحيح منها .
رابعها : إن ما وضعت له الالفاظ إبتداء هو الصحيح التام الواجد لتمام الاجزاء والشرائط ، إلا أن العرف يتسامحون ـ كما هو ديدنهم ـ ويطلقون تلك الالفاظ على الفاقد للبعض ، تنزيلا له منزلة الواجد ، فلا يكون مجازا في الكلمة ـ على ما ذهب إليه السكاكي (1) في الاستعارة ـ بل يمكن دعوى
(1) مفتاح العلوم / 156 ، الفصل الثالث في الاستعارة.
كفاية الأصول ـ 27 ـ
صيرورته حقيقة فيه ، بعد الاستعمال فيه كذلك دفعة أو دفعات ، من دون حاجة إلى الكثرة والشهرة ، للانس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة ، أو المشاركة في التأثير ، كما في أسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لخصوص مركبات واجدة لاجزاء خاصة ، حيث يصح إطلاقها على الفاقد لبعض الاجزاء المشابه له صورة ، والمشارك في المهم أثرا تنزيلا أو حقيقة .
وفيه : إنه إنما يتم في مثل أسامي المعاجين ، وسائر المركبات الخارجية مما يكون الموضوع له (1) فيها ابتداء مركبا ، خاصا ، ولا يكاد يتم في مثل العبادات ، التي عرفت أن الصحيح منها يختلف حسب إختلاف الحالات ، وكون الصحيح بحسب حالة فاسدا (2) بحسب حالة أخرى ، كما لا يخفى ، فتأمل جيدا .
خامسها : أن يكون حالها حال أسامي المقادير والاوزان ، مثل المثقال ، والحقة ، والوزنة إلى غير ذلك ، مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة ، فإن الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصا ، إلا أنه لم يضع له بخصوصه ، بل للاعم منه ومن الزائد والناقص ، أو أنه وإن خص به أولا ، إلا أنه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية أنهما منه ، قد صار حقيقة في الاعم ثانيا .
وفيه : إن الصحيح ـ كما عرفت في الوجه السابق ـ يختلف زيادة ونقيصة ، فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس عليه ، كي يوضع اللفظ لما هو الاعم ، فتدبر جيدا .
ومنها : ان الظاهر أن يكون الوضع والموضوع له ـ في ألفاظ العبادات ـ عامين ، واحتمال كون الموضوع له خاصا بعيد جدا ، لاستلزامه كون
(1) في ( ب ) : الموضوع فيها .
(2) في ( أ و ب ) : فاسد .
كفاية الأصول ـ 28 ـ
استعمالها في الجامع ، في مثل : ( الصلاة تنهى عن الفحشاء ) و ( الصلاة معراج المؤمن ) و [ ( عمود الدين ) ] (1) و ( الصوم جنة من النار ) مجازا ، أو منع استعمالها فيه في مثلها ، وكل منهما بعيد إلى الغاية ، كما لا يخفى على أولي النهاية.
ومنها : أن ثمرة النزاع إجمال الخطاب على القول (2) الصحيحي ، وعدم جواز الرجوع إلى إطلاقه ، في رفع ما إذا شك في جزئية شيء للمأمور به أو شرطيته أصلا ، لاحتمال دخوله في المسمى ، كما لا يخفى ، وجواز الرجوع إليه في ذلك على القول الاعمي ، في غير ما إحتمل دخوله فيه ، مما شك في جزئيته أو شرطيته ، نعم لا بد في الرجوع إليه فيما ذكر من كونه واردا مورد البيان ، كما لا بد منه في الرجوع إلى سائر المطلقات ، وبدونه لا مرجع أيضا إلا البراءة أو الاشتغال ، على الخلاف في مسألة دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين.
وقد إنقدح بذلك : إن الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال في موارد إجمال الخطاب أو إهماله على القولين ، فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع إلى البراءة على الاعم ، والاشتغال على الصحيح (3) ، ولذا ذهب المشهور إلى البراءة ، مع ذهابهم إلى الصحيح.
وربما قيل (4) بظهور الثمرة في النذر أيضا.
قلت : وإن كان تظهر فيما لو نذر لمن صلى إعطاء درهم في البرء فيما لو أعطاه لمن صلى ، ولو علم بفساد صلاته ، لاخلاله بما لا يعتبر في الاسم على الاعم ، وعدم البرء على الصحيح ، إلا أنه ليس بثمرة لمثل هذه
(1) أثبتناها من ( ب ).
(2) وفي النسخ : القول.
(3) القوانين 1 / 40 ، مبحث الصحيح والاعم.
(4) القوانين 1 / 43 ، مبحث الصحيح والاعم.
كفاية الأصول ـ 29 ـ
المسألة ، لما عرفت من أن ثمرة المسألة الاصولية ، هي أن تكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الاحكام الفرعية ، فافهم .
وكيف كان ، فقد استدل للصحيحي بوجوده :
أحدها : التبادر ، ودعوى أن المنسبق إلى الاذهان منها هو الصحيح ، ولا منافاة بين دعوى ذلك ، وبين كون الالفاظ على هذا القول مجملات ، فإن المنافاة إنما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبينة بوجه ، وقد عرفت كونها مبينة بغير وجه .
ثانيها : صحة السلب عن الفاسد ، بسبب الاخلال ببعض أجزائه ، أو شرائطه بالمداقة ، وإن صح الاطلاق عليه بالعناية.
ثالثها : الاخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات مثل ( الصلاة عمود الدين ) (1) أو ( معراج المؤمن ) (2) و ( الصوم جنة من النار ) (3) إلى غير ذلك ، أو نفي ماهيتها وطبائعها ، مثل ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) (4) ونحوه ، مما كان ظاهرا في نفي الحقيقة ، بمجرد فقد ما يعتبر في الصحة شطرا أو شرطا ، وإرادة خصوص الصحيح من الطائفة الاولى ، ونفي الصحة من الثانية ، لشيوع إستعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحة أو الكمال خلاف الظاهر ، لا يصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه ، واستعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع ، حتى في مثل ( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ) (5) مما يعلم أن المراد نفي الكمال ، بدعوى استعماله
(1) دعائم الاسلام 1 : 133 ، جامع الاخبار / 85 ، الكافي 3 / 99 باب النفساء الحديث 4 غوالي اللآلي 1 / 322 الحديث 55 .
(2) لم نجده في كتب الحديث ، ولكن أورده في جواهر الكلام 7 / 2.
(3) الفقيه 2 / 44 باب فضل الصيام ، الحديث 1 و 5 ، الكافي 4 / 62 باب ما جاء في فضل الصوم والصائم الحديث 1 .
(4) غوالي اللآلي 1 : 196 ، الحديث 2 وغوالي اللآلي 2 : 218 الحديث 13 .
(5) دعائم الاسلام 1 : 148 ، التهذيب 3 : 261 باب 25 فضل المساجد والصلاة فيها ،
كفاية الأصول ـ 30 ـ
في نفي الحقيقة ، في مثله أيضا بنحو من العناية ، لا على الحقيقة ، وإلا لما دل على المبالغة ، فافهم (1) .
رابعها : دعوى القطع بأن طريقة الواضعين وديدنهم ، وضع الالفاظ للمركبات التامة ، كما هو قضية الحكمة الداعية إليه ، والحاجة وإن دعت أحيانا إلى إستعمالها في الناقص أيضا ، إلا أنه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة ، بل ولو كان مسامحة ، تنزيلا للفاقد منزلة الواجد .
والظاهر أن الشارع غير متخط عن هذه الطريقة.
ولا يخفى أن هذه الدعوى وإن كانت غير بعيدة ، إلا أنها قابلة للمنع ، فتأمل .
وقد إستدل للاعمي أيضا ، بوجوه :
منها : تبادر الاعم.
وفيه : أنه قد عرفت الاشكال في تصوير الجامع الذي لا بد منه ، فكيف يصح معه دعوى التبادر .
ومنها : عدم صحة السلب عن الفاسد .
وفيه منع ، لما عرفت .
ومنها : صحة التقسيم إلى الصحيح والسقيم .
وفيه أنه إنما يشهد على أنها للاعم ، لو لم تكن هناك دلالة على كونها موضوعة للصحيح ، وقد عرفتها ، فلا بد أن يكون التقسيم بملاحظة ما يستعمل فيه اللفظ ، ولو بالعناية .
الحديث 55 وسائل الشيعة 3 / 478 الباب 2 من أبواب أحكام المساجد ، الحديث 1 .
(1) إشارة إلى أن الاخبار المثبتة للآثار وإن كانت ظاهرة في ذلك ـ لمكان أصالة الحقيقة ، ولازم ذلك كون الموضوع له للاسماء هو الصحيح ، ضرورة اختصاص تلك الآثار به ـ إلا أنه لا يثبت بأصالتها كما لا يخفى ، لاجرائها العقلاء في إثبات المراد ، لا في أنه على نحو الحقيقة لا المجاز ، فتأمل جيدا ، منه قدس سره .
كفاية الأصول ـ 31 ـ
ومنها : استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الاخبار في الفاسدة ، كقوله عليه الصلاة والسلام ( بني الاسلام على خمس : الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية ، ولم يناد أحد بشيء كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع ، وتركوا هذه ، فلو أن أحدا صام نهاره وقام ليله ، ومات بغير ولاية ، لم يقبل له صوم ولا صلاة ) (1) ، فإن الاخذ بالاربع ، لا يكون بناء على بطلان عبادات تاركي الولاية ، إلا إذا كانت أسامي للاعم ، وقوله عليه السلام : ( دعي الصلاة أيام اقرائك ) (2) ضرورة أنه لو لم يكن المراد منها الفاسدة ، لزم عدم صحة النهي عنها ، لعدم قدرة الحائض على الصحيحة منها .
وفيه : أن الاستعمال أعم من الحقيقة ، مع أن المراد في الرواية الاولى ، هو خصوص الصحيح بقرينة أنها مما بني عليها الاسلام ، ولا ينافي ذلك بطلان عبادة منكري الولاية ، إذ لعل أخذهم بها إنما كان بحسب اعتقادهم لا حقيقة ، وذلك لا يقتضي استعمالها في الفاسد أو الاعم ، والاستعمال في قوله : ( فلو أن أحدا صام نهاره ) [ إلى آخره ] (3) ، كان كذلك ـ أي بحسب اعتقادهم ـ أو للمشابهة والمشاكلة.
وفي الرواية الثانية ، الارشاد (4) إلى عدم القدرة على الصلاة ، وإلا كان الاتيان بالاركان ، وسائر ما يعتبر في الصلاة ، بل بما يسمى في العرف بها ،
(1) الكافي 2 / 15 باب 13 دعائم الاسلام ـ الخصال / 277 باب الخمسة ، الحديث 21 غوالي اللآلي 1 / 82 ، الفصل الخامس ، الحديث 4 .
(2) التهذيب 1 / 384 باب 19 الحيض والاستحاضة والنفاس ، الحديث 6 ـ الكافي 3 / 88 باب جامع في الحائض والمستحاضة الحديث 1 ، غوالي اللآلي 2 / 207 باب الطهارة الحديث 124 .
(3) أثبتنا هذه العبارة من ( ب ) .
(4) وفي بعض النسخ المطبوعة ( النهي للارشاد ) .
كفاية الأصول ـ 32 ـ
ولو أخل بمالا يضر الاخلال به بالتسمية عرفا. محرما على الحائض ذاتا ، وإن لم تقصد به القربة.
ولا أظن أن يلتزم به المستدل بالرواية ، فتأمل جيدا.
ومنها : أنه لا شبهة (1) في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه. وحصول الحنث بفعلها ، ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة ، لا يكاد يحصل به الحنث أصلا ، لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها ، كما لا يخفى ، بل يلزم المحال ، فإن النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها ، ولا يكاد يكون معه صحيحة ، وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال.
قلت : لا يخفى أنه لو صح ذلك ، لا يقتضي إلا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح ، لا عدم وضع اللفظ له شرعا ، مع أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقة ، فلا يلزم من فرض وجودها عدمها.
ومن هنا إنقدح أن حصول الحنث إنما يكون لاجل الصحة ، لولا تعلقه ، نعم لو فرض تعلقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل (2) ، لكان منع حصول الحنث بفعلها بمكان من الامكان.
بقي أمور :
الاول : إن أسامي المعاملات ، إن كانت موضوعة للمسببات فلا مجال للنزاع في كونها موضوعة للصحيحة أو للاعم ، لعدم إتصافها بهما ، كما لا يخفى ، بل بالوجود تارة وبالعدم أخرى ، وأما إن كانت موضوعة للاسباب ،
(1) في نسخة ( أ ) : لا إشكال.
(2) ولو مع النذر ، ولكن صحته كذلك مشكل ، لعدم كون الصلاة معه صحيحة مطلوبة ، فتأمل جيدا ، ( منه قدس سره ).
كفاية الأصول ـ 33 ـ
فللنزاع فيه مجال ، لكنه لا يبعد دعوى كونها موضوعة للصحيحة أيضا ، وان الموضوع له هو العقد المؤثر لاثر كذا شرعا وعرفا ، والاختلاف بين الشرع والعرف فيما يعتبر في تأثير العقد ، لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى ، بل الاختلاف في المحققات والمصاديق ، وتخطئة الشرع العرف في تخيل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره ، محققا لما هو المؤثر ، كما لا يخفى فافهم .
الثاني : إن كون ألفاظ المعاملات أسامي للصحيحة ، لا يوجب إجمالها ، كألفاظ العبادات ، كي لا يصح التمسك بإطلاقها عند الشك في اعتبار شيء في تأثيرها (1) شرعا ، وذلك لان إطلاقها ـ لو كان مسوقا في مقام البيان ـ ينزل على أن المؤثر عند الشارع ، هو المؤثر عند أهل العرف ، ولم يعتبر في تأثيره عنده ، غير ما اعتبر فيه عندهم ، كما ينزل عليه إطلاق كلام غيره ، حيث أنه منهم ، ولو اعتبر في تأثيره ما شك في اعتباره ، كان عليه البيان ونصب القرينة عليه ، وحيث لم ينصب ، بان عدم اعتباره عنده أيضا ، ولذا يتمسكون بالاطلاق في أبواب المعاملات ، مع ذهابهم إلى كون ألفاظها موضوعة للصحيح .
نعم لو شك في اعتبار شيء فيها عرفا ، فلا مجال للتمسك بإطلاقها في عدم اعتباره ، بل لابد من اعتباره ، لاصالة عدم الاثر بدونه ، فتأمل جيدا .
الثالث : إن دخل شيء وجودي أو عدمي في المأمور به :
تارة : بأن يكون داخلا فيما يأتلف منه ومن غيره ، وجعل جملته متعلقا للامر ، فيكون جزءا له وداخلا في قوامه .
وأخرى : بأن يكون خارجا عنه ، لكنه كان مما لا يحصل الخصوصية
(1) في ( أ ) : تأثيره.
كفاية الأصول ـ 34 ـ
المأخوذة فيه بدونه ، كما إذا أخذ شيء مسبوقا أو ملحوقا به أو مقارنا له ، متعلقا للامر ، فيكون من مقدماته لا مقوماته .
وثالثة : بأن يكون مما يتشخص به المأمور به ، بحيث يصدق على المتشخص به عنوانه ، وربما يحصل له بسببه مزية أو نقيصة ، ودخل هذا فيه أيضا ، طورا بنحو الشطرية وآخر بنحو الشرطية ، فيكون الاخلال بما له دخل بأحد النحوين في حقيقة المأمور به وماهيته ، موجبا لفساده لا محالة ، بخلاف ماله الدخل في تشخصه وتحققه مطلقا ، شطرا كان أو شرطا ، حيث لا يكون الاخلال به إلا إخلالا بتلك الخصوصية ، مع تحقق الماهية بخصوصية أخرى ، غير موجبة لتلك المزية ، بل كانت موجبة لنقصانها ، كما أشرنا إليه ، كالصلاة في الحمام .
ثم إنه ربما يكون الشيء مما يندب إليه فيه ، بلا دخل له أصلا ـ لا شطرا ولا شرطا ـ في حقيقته ، ولا في خصوصيته وتشخصه ، بل له دخل ظرفا في مطلوبيته ، بحيث لا يكون مطلوبا إلا إذا وقع في أثنائه ، فيكون مطلوبا نفسيا في واجب أو مستحب ، كما إذا كان مطلوبا كذلك ، قبل أحدهما أو بعده ، فلا يكون الاخلال به موجبا للاخلال به ماهية ولا تشخصا وخصوصية أصلا .
إذا عرفت هذا كله ، فلا شبهة في عدم دخل ما ندب إليه في العبادات نفسيا في التسمية بأساميها ، وكذا فيما له دخل في تشخصها مطلقا ، وأما ماله الدخل شرطا في أصل ماهيتها ، فيمكن الذهاب أيضا إلى عدم دخله في التسمية بها ، مع الذهاب إلى دخل ما له الدخل جزءا فيها ، فيكون الاخلال بالجزء مخلا بها ، دون الاخلال بالشرط ، لكنك عرفت أن الصحيح اعتبارهما فيها .
الحق وقوع الاشتراك ، للنقل والتبادر ، وعدم صحة السلب ، بالنسبة إلى معنيين أو أكثر للفظ واحد. وان أحاله بعض ، لاخلاله بالتفهم المقصود من الوضع لخفاء القرائن ، لمنع الاخلال أولا ، لامكان الاتكال على القرائن الواضحة ، ومنع كونه مخلا بالحكمة ثانيا ، لتعلق الغرض بالاجمال أحيانا ، كما أن استعمال المشترك في القرآن ليس بمحال كما توهم ، لاجل لزوم التطويل بلا طائل ، مع الاتكال على القرائن والاجمال في المقال ، لو لا الاتكال عليها ، وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى جل شأنه ، كما لا يخفى ، وذلك لعدم لزوم التطويل ، فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتي به لغرض آخر ، ومنع كون الاجمال غير لائق بكلامه تعالى ، مع كونه مما يتعلق به الغرض ، وإلا لما وقع المشتبه في كلامه ، وقد أخبر في كتابه الكريم (1) ، بوقوعه فيه قال الله تعالى ( فيه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات ) (2).
وربما توهم وجوب وقوع الاشتراك في اللغات ، لاجل عدم تناهي المعاني ، وتناهي الالفاظ المركبات ، فلابد من الاشتراك فيها.
وهو فاسد لوضوح (3) امتناع الاشتراك في هذه المعاني ، لاستدعائه الاوضاع الغير المتناهية ، ولو سلم لم يكد يجدي إلا في مقدار متناه ، مضافا إلى تناهي المعاني الكلية ، وجزئياتها وإن كانت غير متناهية ، إلا أن وضع الالفاظ بإزاء كلياتها ، يغنى عن وضع لفظ بإزائها ، كما لا يخفى ، مع أن المجاز باب واسع ، فافهم .
(1) لا توجد كلمة ( الكريم ) في نسخة ( أ ).
(2) آل عمران / 7.
(3) في ( ب ) : بوضوح.
إنه قد اختلفو في جواز استعمال اللفظ ، في أكثر من معنى على سبيل الانفراد والاستقلال ، بأن يراد منه كل واحد ، كما إذا لم يستعمل إلا فيه ، على أقوال (1) :
أظهرها عدم جواز الاستعمال في الاكثر عقلا.
وبيانه : إن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لارادة المعنى ، بل جعله وجها وعنوانا له ، بل بوجه نفسه كأنه الملقى ، ولذا يسري إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى ، ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك ، إلا لمعنى واحد ، ضرورة أن لحاظه هكذا في إرادة معنى ، ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر ، حيث أن لحاظه كذلك ، لا يكاد يكون إلا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه ، فناء الوجه في ذي الوجه ، والعنوان في المعنون ، ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد ، ومع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال.
وبالجملة (2) : لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد ، لحاظه وجها لمعنيين وفانيا في الاثنين ، إلا أن يكون اللاحظ أحول العينين.
فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا ـ مفردا كان أو غيره ـ في أكثر من معنى بنحو الحقيقة أو المجاز ، ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه فإن اعتبار الوحدة في الموضوع له واضح المنع.
وكون (3) الوضع في حال وحدة المعنى ، وتوقيفيته لا يقتضي عدم
(1) القوانين 1 / 67 ، في بيان الاشتراك ، معالم الدين في الاصول / 32.
(2) في ( أ ) : وفي الجملة.
(3) هذا رد على المحقق القمي ، القوانين 1 / 67.
كفاية الأصول ـ 37 ـ
الجواز ، بعد ما لم تكن الوحدة قيدا للوضع ، ولا للموضوع له ، كما لا يخفى.
ثم لو تنزلنا عن ذلك ، فلا وجه للتفصيل (1) بالجواز على نحو الحقيقة في التثنية والجمع ، وعلى نحو المجاز في المفرد ، مستدلا على كونه بنحو الحقيقة فيهما ، لكونهما بمنزلة تكرار اللفظ وبنحو المجاز فيه ، لكونه موضوعا للمعنى بقيد الوحدة ، فإذا استعمل في الاكثر لزم إلغاء قيد الوحدة ، فيكون مستعملا في جزء المعنى ، بعلاقة الكل والجزء ، فيكون مجازا ، وذلك لوضوح أن الالفاظ لا تكون موضوعة إلا لنفس المعاني ، بلا ملاحظة قيد الوحدة ، وإلا لما جاز الاستعمال في الاكثر ، لان الاكثر ليس جزء المقيد بالوحدة ، بل يباينه مباينة الشيء بشرط شيء ، والشيء بشرط لا ، كما لا يخفى .
والتثنية والجمع وإن كانا بمنزلة التكرار في اللفظ ، إلا أن الظاهر أن اللفظ فيهما كأنه كرر وأريد من كل لفظ فرد من أفراد معناه ، لا أنه أريد منه معنى من معانيه ، فإذا قيل مثلا : ( جئني بعينين ) أريد فردان من العين الجارية ، لا العين الجارية والعين الباكية ، والتثنية والجمع في الاعلام ، إنما هو بتأويل المفرد إلى المسمى بها ، مع أنه لو قيل بعدم التأويل ، وكفاية الاتحاد في اللفظ ، في استعمالهما حقيقة ، بحيث جاز إرادة عين جارية وعين باكية من تثنية العين حقيقة ، لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الاكثر ، لان هيئتهما إنما تدل على إرادة المتعدد مما يراد من مفردهما ، فيكون استعمالهما وإرادة المتعدد من معانيه ، استعمالهما في معنى واحد ، كما إذا استعملا وأريد المتعدد من معنى واحد منهما ، كما لا يخفى .
نعم لو أريد مثلا من عينين ، فردان من الجارية ، وفردان من الباكية ، كان من استعمال العينين في المعنيين ، إلا أن حديث التكرار لا يكاد يجدي في ذلك أصلا ، فإن فيه إلغاء قيد الوحدة المعتبرة أيضا ، ضرورة أن التثنية
(1) المفصل هو صاحب المعالم ، معالم الدين / 32.
كفاية الأصول ـ 38 ـ
عنده إنما يكون لمعنيين ، أو لفردين بقيد الوحدة ، والفرق بينهما وبين المفرد إنما يكون في أنه موضوع للطبيعة ، وهي موضوعة لفردين منها أو معنيين ، كما هو أوضح من أن يخفى.
وهم ودفع :
لعلك تتوهم أن الاخبار الدالة على أن للقرآن بطونا ـ سبعة أو سبعين ـ تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، فضلا عن جوازه ، ولكنك غفلت عن أنه لا دلالة لها أصلا على أن إرادتها كان من باب إرادة المعنى من اللفظ ، فلعله كان بارادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى ، لا من اللفظ ، كما إذا استعمل فيها ، أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ ، وإن كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها.
إنه اختلفوا في أن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدأ في الحال ، أو فيما يعمه وما انقضى عنه على أقوال ، بعد الاتفاق على كونه مجازا فيما يتلبس به في الاستقبال ، وقبل الخوض في المسألة ، وتفصيل الاقوال فيها ، وبيان الاستدلال عليها ، ينبغي تقديم أمور :
أحدها : إن المراد بالمشتق هاهنا ليس مطلق المشتقات ، بل خصوص ما يجري منها على الذوات ، مما يكون مقهومه منتزعا عن الذات ، بملاحظة اتصافها بالمبدأ ، واتحادها معه بنحو من الاتحاد ، كان بنحو الحلول أو الانتزاع أو الصدور والايجاد (1) ، كأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهات ، بل وصيغ المبالغة ، وأسماء الازمنة والامكنة والآلات ، كما هو ظاهر العنوانات ، وصريح بعض المحققين ، مع عدم صلاحية ما يوجب
(1) وفي بعض النسخ المطبوعة : أو الايجاد.
كفاية الأصول ـ 39 ـ
اختصاص النزاع بالبعض إلا التمثيل به ، وهو غير صالح ، كما هو واضح.
فلا وجه لما زعمه بعض الاجلة (1) ، من الاختصاص باسم الفاعل وما بمعناه من الصفات المشبهة وما يلحق بها ، وخروج سائر الصفات ، ولعل منشأه توهم كون ما ذكره لكل منها من المعنى ، مما اتفق عليه الكل ، وهو كما ترى ، واختلاف انحاء التلبسات حسب تفاوت مبادي المشتقات ، بحسب الفعلية والشأنية والصناعة والملكة ـ حسبما نشير إليه (2) ـ لا يوجب تفاوتا في المهم من محل النزاع ها هنا ، كما لا يخفى.
ثم إنه لا يبعد أن يراد بالمشتق في محل النزاع ، مطلق ما كان مفهومه ومعناه جاريا على الذات ومنتزعا عنها ، بملاحظة اتصافها بعرض أو عرضي ولو كان جامدا ، كالزوج والزوجة والرق والحر.
وإن (3) ابيت إلا عن اختصاص النزاع المعروف بالمشتق ، كما هو قضية الجمود على ظاهر لفظه ، فهذا القسم من الجوامد أيضا محل النزاع. كما يشهد به ما عن الايضاح (4) في باب الرضاع ، في مسألة من كانت له زوجتان كبيرتان ، أرضعتا زوجته الصغيرة ، ما هذا لفظه : ( تحرم المرضعة الاولى والصغيرة مع الدخول ب [ إحدى ] (5) الكبيرتين [ بالإجماع ] وأما المرضعة الاخرى (6) ففي تحريمها خلاف ، فاختار والدي المصنف ( رحمه الله ) (7) وابن ادريس تحريمها لان هذه يصدق عليها [ انها ] اُم زوجته ، لانه لا يشترط في [ صدق ] المشتق بقاء [ المعنى ] المشتق منه فكذا (8)
(1) صاحب الفصول ، الفصول / 60 ، في المشتق.
(2) إشارة إلى ما سيأتي من تفصيل الكلام في الامر الرابع صفحة 43.
(3) في ( ب ) : فإن أبيت.
(4) إيضاح الفوائد 3 : 52 ، أحكام الرضاع.
(5) وردت الزيارات في المصدر.
(6) في الايضاح ( الأخيرة ) ، وفي النسخ ( الآخرة ).
(7) لم يوجد في الايضاح.
(8) هكذا في المصدر وفي النسخ ( هكذا هاهنا ).
كفاية الأصول ـ 40 ـ
هنا ) ، وما عن المسالك في هذه المسألة ، من ابتناء الحكم فيها على الخلاف في مسألة المشتق .
فعليه كلما كان مفهومه منتزعا من الذات ، بملاحظة اتصافها بالصفات الخارجة عن الذاتيات ـ كانت عرضا أو عرضيا ـ كالزوجية والرقية والحرية وغيرها من الاعتبارات والاضات ، كان محل النزاع وإن كان جامدا ، وهذا بخلاف ما كان مفهومه منتزعا عن مقام الذات والذاتيات ، فإنه لا نزاع في كونه حقيقة في خصوص ما إذا كانت الذات باقية بذاتياتها .
ثانيها : قد عرفت أنه لا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقات الجارية على الذوات ، إلا أنه ربما يشكل بعدم إمكان جريانه في اسم الزمان ، لان الذات فيه وهي الزمان بنفسه ينقضي وينصرم ، فكيف يمكن أن يقع النزاع في أن الوصف الجاري عليه حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدأ في الحال ، أو فيما يعم المتلبس به في المضي ؟
ويمكن حل الاشكال بأن انحصار مفهوم عام بفرد ـ كما في المقام ـ لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العام ، وإلا لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة ، مع أن الواجب موضوع للمفهوم العام ، مع انحصاره فيه تبارك وتعالى .
ثالثها : إنه من الواضح خروج الافعال والمصادر المزيد فيها عن حريم النزاع ، لكونها غير جارية على الذوات ، ضرورة أن المصادر المزيد فيها كالمجردة ، في الدلالة على ما يتصف به الذوات ويقوم بها ـ كما لا يخفى ـ وإن الافعال إنما تدل على قيام المبادي بها قيام صدور أو حلول أو طلب فعلها أو تركها منها ، على اختلافها .
إزاحة شبهة :
قد اشتهر في ألسنة النحاة دلالة الفعل على الزمان ، حتى أخذوا
كفاية الأصول ـ 41 ـ
الاقتران بها في تعريفه ، وهو اشتباه ، ضرورة عدم دلالة الامر ولا النهي عليه ، بل على إنشاء طلب الفعل أو الترك ، غاية الامر نفس الانشاء بهما في الحال ، كما هو الحال في الاخبار بالماضي أو المستقبل أو بغيرهما ، كما لا يخفى ، بل يمكن منع دلالة غيرهما من الافعال على الزمان إلا بالاطلاق والاسناد إلى الزمانيات ، وإلا لزم القول بالمجاز والتجريد ، عند الاسناد إلى غيرها من نفس الزمان والمجردات .
نعم لا يبعد أن يكون لكل من الماضي والمضارع ـ بحسب المعنى ـ خصوصية أخرى موجبة للدلالة على وقوع النسبة ، في الزمان الماضي في الماضي ، وفي الحال أو الاستقبال في المضارع ، فيما كان الفاعل من الزمانيات ، ويؤيده أن المضارع يكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال ، ولا معنى له إلا أن يكون له خصوص معنى صح انطباقه على كل منهما ، إلا أنه يدل على مفهوم زمان يعمهما ، كما أن الجملة الاسمية ك ( زيد ضارب ) يكون لها معنى صح انطباقه على كل واحد من الازمنة ، مع عدم دلالتها على واحد منها أصلا ، فكانت الجملة الفعلية مثلها .
وربما يؤيد ذلك أن الزمان الماضي في فعله ، وزمان الحال أو الاستقبال في المضارع ، لا يكون ماضيا أو مستقبلا حقيقة لا محالة ، بل ربما يكون في الماضي مستقبلا حقيقة ، وفي المضارع ماضيا كذلك ، وإنما يكون ماضيا أو مستقبلا في فعلهما بالاضافة ، كما يظهر من مثل قوله : يجيئني زيد بعد عام ، وقد ضرب قبله بأيام ، وقوله : جاء زيد في شهر كذا ، وهو يضرب في ذلك الوقت ، أو فيما بعده مما مضى ، فتأمل جيدا .
ثم لا باس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه ، بما يناسب المقام ، لاجل الاطراد في الاستطراد في تمام الاقسام .
فاعلم أنه وإن اشتهر بين الاعلام ، أن الحرف ما دل على معنى في
كفاية الأصول ـ 42 ـ
غيره ، وقد بيناه في الفوائد (1) بما لا مزيد عليه ، إلا أنك عرفت فيما تقدم ، عدم الفرق بينه وبين الاسم بحسب المعنى ، وأنه فيهما ما لم يلحظ فيه الاستقلال بالمفهومية ، ولا عدم الاستقلال بها ، وإنما الفرق هو أنه وضع ليستعمل وأريد منه معناه حالة لغيره وبما هو في الغير ، ووضع غيره ليستعمل وأريد منه معناه بما هو هو .
وعليه يكون كل من الاستقلال بالمفهومية ، وعدم الاستقلال بها ، إنما اعتبر في جانب الاستعمال ، لا في المستعمل فيه ، ليكون بينهما تفاوت بحسب المعنى ، فلفظ ( الابتداء ) لو استعمل في المعنى الآلي ، ولفظة ( من ) في المعنى الاستقلالي ، لما كان مجازا واستعمالا له في غير ما وضع له ، وإن كان بغير ما وضع له ، فالمعنى في كليهما في نفسه كلي طبيعي يصدق على كثيرين ، ومقيدا باللحاظ الاستقلالي أو الآلي كلي (2) عقلي ، وإن كان بملاحظة أن لحاظه وجوده ذهنا كان جزئيا ذهنيا ، فإن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد ، وإن كان بالوجود الذهني ، فافهم وتأمل فيما وقع في المقام من الاعلام ، من الخلط والاشتباه ، وتوهم كون الموضوع له أو المستعمل فيه في الحروف خاصا ، بخلاف ما عداه فإنه عام.
وليت شعري إن كان قصد الآلية فيها موجبا لكون المعنى جزئيا ، فلم لا يكون قصد الاستقلالية فيه موجبا له ؟ وهل يكون ذلك إلا لكون هذا القصد ، ليس مما يعتبر في الموضوع له ، ولا المستعمل فيه بل في الاستعمال ، فلم لا يكون فيها كذلك ؟ كيف ، وإلا لزم أن يكون معاني المتعلقات غير منطبقة على الجزئيات الخارجية ، لكونها على هذا كليات
(1) حاشية كتاب فرائد الاصول ، كتاب الفوائد / 305.
(2) في ( أ ) : الآلي الكلي.
كفاية الأصول ـ 43 ـ
عقلية ، والكلي العقلي لا موطن له إلا الذهن ، فالسير والبصرة والكوفة (1) ، في ( سرت من البصرة إلى الكوفة ) (2) لا يكاد يصدق على السير والبصرة والكوفة (3) ، لتقيدها بما اعتبر فيه القصد فتصير عقلية ، فيستحيل انطباقها على الامور الخارجية.
وبما حققناه (4) يوفق بين جزئية المعنى الحرفي بل الاسمي ، والصدق على الكثيرين (5) ، وإن الجزئية باعتبار تقيد المعنى باللحاظ في موارد الاستعمالات آليا أو استقلاليا ، وكليته بلحاظ نفس المعنى ، ومنه ظهر عدم اختصاص الاشكال والدفع بالحرف ، بل يعم غيره ، فتأمل في المقام فإنه دقيق ومزال الاقدام للاعلام ، وقد سبق في بعض الامور بعض الكلام ، والاعادة مع ذلك لما فيها من الفائدة والافادة ، فافهم.
رابعها : إن اختلاف المشتقات في المبادئ ، وكون المبدأ في بعضها حرفة وصناعة ، وفي بعضها قوة وملكة ، وفي بعضها فعليا ، لا يوجب اختلافا في دلالتها بحسب الهيئة أصلا ، ولا تفاوتا في الجهة المبحوث عنها ، كما لا يخفى ، غاية الامر إنه يختلف التلبس به في المضي أو الحال ، فيكون التلبس به فعلا ، لو أخذ حرفة أو ملكة ، ولو لم يتلبس به إلى الحال ، أو انقضى عنه ، ويكون مما مضى أو يأتي لو أخذ فعلى ا ، فلا يتفاوت فيها أنحاء التلبسات وأنواع التعلقات ، كما أشرنا إليه (6).
خامسها : إن المراد بالحال في عنوان المسألة ، هو حال التلبس
(1 و 2 و 3) في ( أ ) : تقديم الكوفة على البصرة.
(4) في هامش ( ب ) : ثم إنه قد انقدح بما ذكرنا أن المعنى بما هو معنى اسمي ، وملحوظ استقلالي ، أو بما هو معنى حرفي وملحوظ آلي ، كلي عقلي في غير الاعلام الشخصية ، وفيها جزئي كذلك ، وبما هو هو أي بلا أحد اللحاظين ، كلي طبيعي أو جزئي خارجي ، وبه ... ( نسخة بدل ).
(5) في ( أ ) : على كثيرين .
(6) اشار إليه في الامر الاول / 39.
كفاية الأصول ـ 44 ـ
لا حال النطق ضرورة أن مثل ( كان زيد ضاربا أمس ) أو ( سيكون غدا ضاربا ) حقيقة إذا كان متلبسا بالضرب في الامس ، في المثال الاول ، ومتلبسا به في الغد في الثاني ، فجري المشتق حيث كان بلحاط حال التلبس ، وإن مضى زمانه في أحدهما ، ولم يأت بعد في آخر ، كان حقيقة بلا خلاف ، ولا ينافيه الاتفاق على أن مثل ( زيد ضارب غدا ) مجاز ، فإن الظاهر أنه فيما إذا كان الجري في الحال ، كما هو قضية الاطلاق ، والغد إنما يكون لبيان زمان التلبس ، فيكون الجري والاتصاف في الحال ، والتلبس في الاستقبال .
ومن هنا ظهر الحال في مثل ( زيد ضارب أمس ) وأنه داخل في محل الخلاف والاشكال. ولو كانت لفظة ( أمس ) أو ( غد ) قرينة على تعيين زمان النسبة والجري أيضا كان المثالان حقيقة .
وبالجملة : لا ينبغي الاشكال في كون المشتق حقيقة ، فيما إذا جرى على الذات ، بلحاظ حال التلبس ، ولو كان في المضي أو الاستقبال ، وإنما الخلاف في كونه حقيقة في خصوصه ، أو فيما يعم ما إذا جرى عليها في الحال بعد ما انقضى عنه التلبس ، بعد الفراغ عن كونه مجازا فيما إذا جرى عليها فعلا بلحاظ التلبس في الاستقبال ، ويؤيد ذلك اتفاق أهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان ، ومنه الصفات الجارية على الذوات ، ولا ينافيه اشتراط العمل في بعضها بكونه بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، ضرورة أن المراد الدلالة على أحدهما بقرينة ، كيف لا ؟ وقد اتفقوا على كونه مجازا في الاستقبال .
لا يقال : يمكن أن يكون المراد بالحال في العنوان زمانه ، كما هو الظاهر منه عند إطلاقه ، وادعي أنه الظاهر في المشتقات ، إما لدعوى الانسباق من الاطلاق ، أو بمعونة قرينة الحكمة .
لانا نقول : هذا الانسباق ، وإن كان مما لا ينكر ، إلا أنهم في هذا العنوان بصدد تعيين ما وضع له المشتق ، لا تعيين ما يراد بالقرينة منه .
كفاية الأصول ـ 45 ـ
سادسها : إنه لا أصل في نفس هذه المسألة يعول عليه عند الشك ، وأصالة عدم ملاحظة الخصوصية ، مع معارضتها بأصالة عدم ملاحظة العموم ، لا دليل على اعتبارها في تعيين الموضوع له .
وأما ترجيح الاشتراك المعنوي على الحقيقة والمجاز ، إذا دار الامر بينهما لاجل الغلبة ، فممنوع ، لمنع الغلبة أولا ، ومنع نهوض حجة على الترجيح بها ثانيا.
وأما الاصل العملي فيختلف في الموارد ، فأصالة البراءة في مثل ( أكرم كل عالم ) يقتضي عدم وجوب إكرام ما (1) انقضى عنه المبدأ قبل الايجاب ، كما أن قضية الاستصحاب وجوبه لو كان الايجاب قبل الانقضاء .
فإذا عرفت ما تلونا عليك ، فاعلم أن الاقوال في المسألة وإن كثرت ، إلا أنها حدثت بين المتأخرين ، بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدمين ، لاجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مباديه في المعنى ، أو بتفاوت ما يعتريه من الاحوال ، وقد مرت الاشارة (2) إلى أنه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده ، ويأتي له مزيد بيان في أثناء الاستدلال على ما هو المختار ، وهو اعتبار التلبس في الحال ، وفاقا لمتأخري الاصحاب والاشاعرة ، وخلافا لمتقدميهم والمعتزلة ، ويدل عليه تبادر خصوص المتلبس بالمبدأ في الحال ، وصحة السلب مطلقا عما انقضى عنه ، كالمتلبس به في الاستقبال ، وذلك لوضوح أن مثل : القائم والضارب والعالم ، وما يرادفها من سائر اللغات ، لا يصدق على من لم يكن متلبسا بالمبادئ ، وإن كان متلبسا بها قبل الجري والانتساب ، ويصح سلبها عنه ، كيف ؟ وما يضادها بحسب ما ارتكز من معناها في الاذهان يصدق عليه ، ضرورة صدق القاعد عليه في حال تلبسه بالقعود ، بعد انقضاء تلبسه بالقيام ، مع وضوح التضاد بين القاعد والقائم بحسب ما ارتكز لهما من المعنى ، كما لا يخفى .
(1) في ( أ ) : من انقضى.
(2) تقدم في الامر الرابع ، صفحة 43.
كفاية الأصول ـ 46 ـ
وقد يقرر هذا وجها على حدة ، ويقال (1) : لا ريب في مضادة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادة ، على ما ارتكز لها من المعاني ، فلو كان المشتق حقيقة في الاعم ، لما كان بينها مضادة بل مخالفة ، لتصادقها فيما انقضى عنه المبدأ وتلبس بالمبدأ الآخر .
ولا يرد على هذا التقرير ما أورده بعض الاجلة (2) من المعاصرين ، من عدم التضاد على القول بعدم الاشتراط ، لما عرفت من ارتكازه بينها ، كما في مبادئها .
إن قلت : لعل ارتكازها لاجل الانسباق من الاطلاق ، لا الاشتراط.
قلت : لا يكاد يكون لذلك ، لكثرة استعمال المشتق في موارد الانقضاء ، لو لم يكن بأكثر .
إن قلت : على هذا يلزم أن يكون في الغالب أو الاغلب مجازا ، وهذا بعيد ، ربما لا يلائمه حكمة الوضع .
لا يقال : كيف ؟ وقد قيل : بأن أكثر المحاورات مجازات ، فإن ذلك لو سلم ، فإنما هو لاجل تعدد المعاني المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي الواحد ، نعم ربما يتفق ذلك بالنسبة إلى معنى مجازي ، لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه ، لكن أين هذا مما إذا كان دائما كذلك ؟ فافهم .
(1) البدائع / 181 ، في المشتق.
(2) المراد من بعض الاجلة ، هو صاحب البدائع ، البدائع / 181. الشيخ الميرزا حبيب الله بن الميرزا محمد علي خان القوجاني الرشتي ، ولد عام 1234 ه ، حضر بحث صاحب الجواهر والشيخ الانصاري ، كان من أكابر علماء عصره ، أعرض عن الرئاسة ولم يرض أن يقلده أحد لشدة تورعه في الفتوى ، ولم يتصد للوجوه ، له تصانيف كثيرة منها ( بدائع الاصول ) و ( شرح الشرائع ) و ( كاشف الظلام في علم الكلام ) وغيرها ، توفي ليلة الخميس 14 / ج 2 عام 1312 ه ودفن في النجف الاشرف، ( طبقات أعلام الشيعة ، نقباء البشر 1 / 357 رقم 719 )
كفاية الأصول ـ 47 ـ
قلت : مضافا إلى أن مجرد الاستبعاد غير ضائر بالمراد ، بعد مساعدة الوجوه المتقدمة عليه ، إن ذلك إنما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبس ، مع أنه بمكان من الامكان ، فيراد من جاء الضارب أو الشارب ـ وقد انقضى عنه الضرب والشرب ـ جاء الذي كان ضاربا وشاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدأ ، لا حينه بعد الانقضاء ، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال ، وجعله معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجيئه ، ضرورة أنه لو كان للاعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين.
وبالجملة : كثرة الاستعمال في حال الانقضاء يمنع عن دعوى انسباق خصوص حال التلبس من الاطلاق ، إذ مع عموم المعنى وقابلية كونه حقيقة في المورد ـ ولو بالانطباق ـ لا وجه لملاحظة حالة أخرى ، كما لا يخفى ، بخلاف ما إذا لم يكن له العموم ، فإن استعماله ـ حينئذ ـ مجازا بلحاظ حال الانقضاء وإن كان ممكنا ، إلا أنه لما كان بلحاظ حال التلبس على نحو الحقيقة بمكان من الامكان ، فلا وجه لاستعماله وجريه على الذات مجازا وبالعناية وملاحظة العلاقة ، وهذا غير استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله فيه حقيقة ، كما لا يخفى ، فافهم .
ثم إنه ربما أورد (1) على الاستدلال بصحة السلب ، بما حاصله : إنه إن أريد بصحة السلب صحته مطلقا ، فغير سديد ، وإن أريد مقيدا ، فغير مفيد ، لان علامة المجاز هي صحة السلب المطلق.
وفيه : إنه إن أريد بالتقييد ، تقييد المسلوب الذي يكون سلبه أعم من سلب المطلق ـ كما هو واضح ـ فصحة سلبه وإن لم تكن علامة على كون المطلق مجازا فيه ، إلا أن تقييده ممنوع ، وإن أريد تقييد السلب ، فغير ضائر بكونها علامة ، ضرورة صدق المطلق على أفراده على كل حال ، مع إمكان
(1) البدائع / 180 ، في المشتق.
كفاية الأصول ـ 48 ـ
منع تقييده أيضا ، بأن يلحظ حال الانقضاء في طرف الذات الجاري عليها المشتق ، فيصح سلبه مطلقا بلحاظ هذا الحال ، كما لا يصح سلبه بلحاظ حال التلبس ، فتدبر جدا.
ثم لا يخفى أنه لا يتفاوت (1) في صحة السلب عما انقضى عنه المبدأ ، بين كون المشتق لازما وكونه متعديا ، لصحة سلب الضارب عمن يكون فعلا غير متلبس بالضرب ، وكان متلبسا به سابقا ، وأما إطلاقه عليه في الحال ، فان كان بلحاظ حال التلبس ، فلا إشكال كما عرفت ، وإن كان بلحاظ الحال ، فهو وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة على كونه بنحو الحقيقة ، لكون الاستعمال أعم منها كما لا يخفى .
كما لا يتفاوت في صحة السلب عنه ، بين تلبسه بضد المبدأ وعدم تلبسه ، لما عرفت من وضوح صحته مع عدم التلبس ـ أيضا ـ وإن كان معه أوضح .
ومما ذكرنا ظهر حال كثير من التفاصيل ، فلا نطيل بذكرها على التفصيل.
حجة القول بعدم الاشتراط وجوه :
الاول : التبادر.
وقد عرفت أن المتبادر هو خصوص حال التلبس.
الثاني : عدم صحة السلب في مضروب ومقتول ، عمن انقضى عنه المبدأ.
وفيه : إن عدم صحته في مثلهما ، إنما هو لاجل أنه أريد من المبدأ معنى يكون التلبس به باقيا في الحال ، ولو مجازا ، وقد انقدح من بعض المقدمات أنه لا يتفاوت الحال فيما هو المهم في محل البحث والكلام ومورد النقض والابرام ، اختلاف ما يراد من المبدأ في كونه حقيقة أو مجازا ، وأما لو أريد منه نفس ما وقع على الذات ، مما صدر
(1) التفصيل لصاحب الفصول ، الفصول / 60 ، فصل حول إطلاق المشتق.
كفاية الأصول ـ 49 ـ
عن الفاعل ، فإنما لا يصح السلب فيما لو كان بلحاظ حال التلبس والوقوع ـ كما عرفت ـ لا بلحاظ الحال أيضا ، لوضوح صحة أن يقال : إنه ليس بمضروب الآن بل كان .
الثالث : استدلال الامام ـ عليه السلام ـ تأسيا بالنبي ـ صلوات الله عليه ـ كما عن غير واحد من الاخبار (1) بقوله ( لا ينال عهدي الظالمين ) (2) على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الامامة والخلافة ، تعريضا بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة ، ومن الواضح توقف ذلك على كون المشتق موضوعا للاعم ، وإلا لما صح التعريض ، لانقضاء تلبسهم بالظلم وعبادتهم للصنم حين التصدي للخلافة.
والجواب منع التوقف على ذلك ، بل يتم الاستدلال ولو كان موضوعا لخصوص المتلبس.
وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة ، وهي : إن الاوصاف العنوانية التي تؤخذ في موضوعات الاحكام ، تكون على أقسام :
أحدها : أن يكون أخذ العنوان لمجرد الاشارة إلى ما هو في الحقيقة موضوعا للحكم ، لمعهوديته بهذا العنوان ، من دون دخل لاتصافه به في الحكم أصلا.
ثانيها : أن يكون لاجل الاشارة إلى علية المبدأ للحكم ، مع كفاية مجرد صحة جري المشتق عليه ، ولو فيما مضى.
ثالثها : أن يكون لذلك مع عدم الكفاية ، بل كان الحكم دائرا مدار صحة الجري عليه ، واتصافه به حدوثا وبقاء.
إذا عرفت هذا فنقول : إن الاستدلال بهذا الوجه إنما يتم ، لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الاخير ، ضرورة أنه لو لم يكن المشتق
(1) الكافي 1\175 ، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة ، الحديث 1.
(2) البقرة / 124.
كفاية الأصول ـ 50 ـ
للاعم ، لما تم بعد عدم التلبس بالمبدأ ظاهرا حين التصدي ، فلابد أن يكون للاعم ، ليكون حين التصدي حقيقة من الظالمين ، ولو انقضى عنهم التلبس بالظلم ، وأما إذا كان على النحو الثاني ، فلا ، كما لا يخفى .
ولا قرينة على أنه على النحو الاول ، لو لم نقل بنهوضها على النحو الثاني ، فإن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة قدر الامامة والخلافة وعظم خطرها ، ورفعة محلها ، وإن لها خصوصية من بين المناصب الالهية ، ومن المعلوم أن المناسب لذلك ، هو أن لا يكون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا ، كما لا يخفى .
إن قلت : نعم ، ولكن الظاهر أن الامام ـ عليه السلام ـ إنما استدل بما هو قضية ظاهر العنوان وضعا ، لا بقرينة المقام مجازا ، فلا بد أن يكون للاعم ، وإلا لماتم .
قلت : لو سلم ، لم يكن يستلزم جري المشتق على النحو الثاني كونه مجازا ، بل يكون حقيقة لو كان بلحاظ حال التلبس ـ كما عرفت ـ فيكون معنى الآية ، والله العالم : من كان ظالما ولو آنا في زمان سابق (1) لا ينال عهدي أبدا ، ومن الواضح أن إرادة هذا المعنى لا تستلزم الاستعمال ، لا بلحاظ حال التلبس .
ومنه قد انقدح ما في الاستدلال على التفصيل بين المحكوم عليه والمحكوم به ، باختيار عدم الاشتراط في الاول ، بآية حد السارق والسارقة ، والزاني والزانية ، وذلك حيث ظهر أنه لا ينافي إرادة خصوص حال التلبس دلالتها على ثبوت القطع والجلد مطلقا ، ولو بعد انقضاء ، المبدأ ، مضافا إلى